PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : مشروع لاكبر تجمع روايات عبير واحلام المكتوبة نصا



صفحة : 1 2 3 4 [5] 6 7 8

shining tears
18-07-2007, 22:41
ضحكت بعصبية وتراجعت الى الخلف, وهي تقول :" مديحك في مثل هذا الصباح الباكر , تستحق عليه مكافأة . هل تريد ان تتناول الفطور؟"
بخطوة واحدة ,كان يقف بجانبها يضع ذراعً حول خصرها ويجذبها نحوه قائلاً :" إن هذا , يا جوانا الحلوة , يعتمد على نوع الفطور الذي لديك."
سألته :" بيض؟" لم يجب , فعادت تقول :" لدي بعض الجبن! وخبز وزبدة ؟" وتابعت بيأس :" ليس عندي وقت كاف , عليّ أن استعد للذهاب الى عملي ..."
انحنى نحوها هامساًَ :" انت يا جو ... ألم تدركي أنني أريدك أنت فطوراً لي ؟"
هنا, تصاعد رنين جرس الباب عالياً مما جعلها تقفز من مكانها بينما انتصب هو واقفاً وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة ملتوية, وهو يقول :" لقد أنقذك الجرس , يا جو ."
توجهت نحو الباب تفتحه , لتجد ساعي البريد يحمل في يده رسالة وهو يقول :" انني آسف , يا آنسة غرانت . إنها رسالة مسجلة أخرى تستدعي توقيعك."
في هذه المرة لم تكلف نفسها عناء فتح الرسالة بل القت بها على طاولة في القاعة.
سألها كلاي :" ألن تفتحي الرسالة ؟ يبدو انها مستعجلة ؟"
أجابت :" انني أعرف ممن هي. إنها من شخص ما يريد أن يشتري أسهمي التي ورثتها . وقد سبق و أخبرتهم انني لن أبيع ."
قال :" لعلهم رفعوا قيمة المبلغ في هذه الرسالة ."
قطبت حاجبيها قائلة :" أتظن هذا ؟ انني أعجب للسبب الذي يدعوهم الى الشراء؟" وتعلقت عيناها لحظة على المغلف ثم استطردت :" ربما يجب ان اعرف السبب."
قال :" انسي هذا , ان ذلك غير مهم ." ورفعت عينيه اليه فتلاشى من ذهنها كل ما يتعلق بميراثها.
أخيراً قالت :" علي ان استعد للذهاب إلى عملي , يا كلاي "
توقف برهة مقطباً حاجبيه , ثم هز كتفيه قائلاً :" طبعاً عليك ذلك , بينما أنا أعيقك عن الاستعداد" ومشى نحو الباب يمسك بقبضته بشدة وكأنه يفكر في شيء . وعندما عاد ينظر إليها كان العزم مرتسماً على ملامحه وهو يقول :" أرى أن نتناول العشاء في الكوخ هذه الليلة ."
كانت نظراته غامضة وهو يقول ذلك , ولكن لم يكن هناك وقت للتفكير فأجابت بصوت لا يكاد يسمع :" هذا جميل جداً."
بعد خروجه , وقفت في القاعة لحظة طويلة تحاول تمالك مشاعرها , ثم استدارت تستعد للذهاب إلى عملها . فوقعت عيناها على الرسالة , مدت يدها تتناولها ثم مزقت غلافها بنفاد صبر . لقد كان الحق مع كلاي فقد ارتفع المبلغ المعروض. وتفجر سرور لا معنى له في نفسها وهي تلمس صحة توقعاته.
وصل كلاي عند الساعة السابعة تماماً , وأخذ من يدها الحقيبة الجلدية .ثم اقفلت الباب خلفهما وفتحت حقيبتها لتضع فيه المفتاح , وهنا رفعت ناظريها لتراه يراقبها , سألها :" هل أحظرت كل شيء؟"
أجابت :" نعم . شكراً " وشعرت بوجنتيها تلتهبان وهي تتبعه نحو السيارة.
كان الكوخ قديماً جداً ورائع الجمال , مبنياً من القرميد . وكانت الحديقة مهملة , ولكن العمل كان قد ابتدأ في تهيئة الأحجار لعمل ممرات وإصلاح بيت الحمائم المهدم.
ساعدها على الترجل من السيارة , وقفت تنظر قائلة :" إنه جميل ."
قال :" انني مسرور لأنه أعجبك , ادخلي وانظري مالذي فعلته في الداخل ." خفق قلبها وهو يقودها نحو الكوخ ويفتح الباب , ثم افسح لها مجال الدخول إلى القاعة.
كانت أرضية المكان قد جدّدت ولمعت وفرشت بسجادة فارسية ملونة.
سألها:" هل تشعرين بالجوع؟"
هزت راسها نفيا وهي تقول:"ليس تماما, ايمكن ان تريني انحاء المكان؟"
قال ضاحكا:"الجولة الكبرى؟ انها لن تأخذ وقتا طويلا."
ازداد احمرار وجهها, وكانت في حاجة الى بعض الوقت لتتمالك نفسها,كان من الافضل لو ذهبا اولا , الى مكان اخر
قال فجأة:" هذا هو المكتب." وفتح بابا الى اليسار وقادها الى غرفة مربعة تكومت على أرضها بعض اوراق الجدران تابع "كنت ارى نوع من الورق اكثر ملاءمة."
والتقط عدة قصاصات ووضعها على الجدار, واخيرا,قالت هي مشيرة الى احداها:"لقد اعجبتني هذه" قال:"اذا, استقر الراي عليها."
نظرت حولها ثم قالت:"ولكن الراي رايك"
قال:"نعم, اعرف ذلك" وامسك بالباب لتمر منه وعندما مرا بأبواب مغلقة,قال دون اهتمام:"وهذه غرفتا المخزن والمعاطف, وهذه غرفة الصباح."
قال:"انه كوخ عالي المستوى" وابدت اعجابها باللونين الابيض والاصفر اللذين يعكسان اشعة شمس الصباح, ثم عبرت الغرفة الى باب اخر ففتحته وخرجت الى الحديقة, وهي تهتف:"انك عند النهر. انني لم ادرك هذا"
ثم نزلت مسرعة الى فسحة صغيرة معشوشبة يتوسطها حوض صغير. قال :"هنالك مرسى للزورق خلف تلك الشجيرات, لكن السقف متهدم."

shining tears
18-07-2007, 22:42
سألته:"هل ستعيد بناءه؟" اجاب:"ربما. اتظنين ان المكان دافئ الى درجة كافية لكي نتناول فيه عشاءنا؟"
قالت:"آه, نعم. لدي كنزة في حقيبتي."
قال:"اذهبي لاحضارها ريثما احضر الطعام."
قالت:"ولكنك لم تكمل الطواف بي في المكان"ثم تمنت لو لم تتفوه بكلمة , اذ قال:ط امامنا المساء بطوله فلا تكوني لجوجة ياجوانا, اعدك بأنني سأريك كل شيء"وقفت برهة في القاعة وهي تجاهد في استرداد انفاسها. من الحماقة ان تشعر بهذه العصبية والانفعال وهي في الربعة والعشرين. دخلت غرفة المعاطف حيث وجدت حوضا غسلت فيه وجهها بالماء البارد. وبدت لها عيناها بضعف حجمهما في المرآة كما كان لونهما قاتما بشكل غير طبيعي. كان قد فرش قطعة قماش تحت شجرة صفصاف تحجبهما فروعها المتدلية عن اعين الفضوليين في الزوارق المارة في النهر. قال وهي تجلس على البساط الى جانبه:"لقد قامت السيدة جونسون بعملها بشكل رائع."
قالت متسائلة:"السيدة جونسون؟"
اجاب"نعم انها تطبخ وتنظف وترعاني كما ترعى الام اطفالها."
فكرت جو في تلك المرأة التي تطبخ له ولصديقاته وتساءلت كم من المرات فعلت ذلك.
ناولها كأس شراب, وهو يقول" نخب الحب....."
قالت متسائلة:"الحب...؟"
قال:" اجلسي الآن وتذوقي طعامي."
سألها:"كيف حال تشالز ريدموند هذه الايام؟"
قطبت جبينها قائلة:" تشالز؟ لعلك تعرفه. انه يتماثل للشفاء."
قال:"اتظنين انه قد يتقاعد؟"
اجابت:"اشك في ذلك لان الشركة هي حياته." كانت مسرورة بالحديث عن الامور العاديةولم تقف لتفكر في ان شؤون رئيسها في العمل هي موضوع شاذ يتحدثان فيه ثم ابتدأت تستمتع بالطعام في النهاية بينما كانت الشمس ايار –مايو , تغيب شيئا فشيئا وراء الاشجار, ثم هبطت درجة الحرارة فجأة وضع يده حول وسطها وهو يقودها الى الداخل قائلا:"هيا, لقد ابقيتك في الخارج مدة طويلة حتى اصبحت ترتجفين من البردادخلي من هنا."
ودخل معه من باب الى اليمين ثم أضاء النور في غرفة الجلوس. كانت الارض مفروشة بسجادة سميكة زرقاء بينما كانت اريكة كبيرة مريحة قائمة امام الموقد, وخلفها كنبة من طراز القرن الثامن عشر, وبجانبها كرسي هزاز منجد بالجلد, وانحنى يوقدالدمأة وهويقول:" ادفئي نفسك ريثما اغيب عنك لحظة."
وقفت امام الدفأة الكبيرة المبنية من القرميد, تراقب اللهب المتراقص وهي تتسلءل بعصبية مفاجئة, عما اذاكانت قد تصرفت بحماقة مطلقة, ان لها من وظيفتها ومهنتها مايبقيها راضية قانعة. ولكن, هاهي الان امام خطر الوقوع في نفس الشرك.
جاءها صوته يعيدها الى وقعها:" جوانا؟ وادركت حينذاك وهي تقف الى جانبه امام الموقد, لماذا يرتكب الناس الحماقات.
نظر في عينيها, وتملكها شعور بما كانت تتوقع هز اعصابها. وفجأة اخذت ترتجف وسرعان ما وجدت نفسها بين ذراعيه وهو يهمس :" انني اريدك, ياجوانا غرانت."
مدت يدها تدفعه عنها قائلة " كلاي... يجب ان تعلم انني.... من الافضل ان اخبرك انني لم اعرف قط رجلا قبلك.." هتف مقطبا جبينه:" لم تعرفي ماذا؟"
نظرت اليه بيأس:" اردتك فقط ان تعلم انني..."
وتنحنحت ثم تابعت:" انني لم....." لماذا تجد صعوبة في نطق هذه الكلمات؟
ولكن لابد عليه ان يفهم الان ماذا تريد ان تقول.
كان يدق فيها مقطبا مابين عينيه, ليقول اخيرا:" هل تريدين ان تقولي انك لم تعرفي احدا من قبل. رغم انك في الرابعة والعشرين؟"
فأومأت برأسها وقد سادت ملامحها الاتباك"
وضعها على الاريكة. ثم انتصب واقفا وهو يقول :" لم اكن اتوقع هذا."
واجهته شاحبة الوجه قائلة:" هل يمكنني ان تصل هاتفيا لاطلب سيارة اجرة؟ من الافضل ان اعود الى البيت."
قال بصوت بان فيه الاسف البالغ:" انني اسف ياجوانا."
"ليس من الضروري الحديث عن كل هذا , ياكلاي."
كان عليها ان تعلم انه معتاد على النساء الخبيرات في كيفية معاملة الرجل. لماذا فكرت في انه يهتم بها؟
هرعت الى غرفة المعاطف التي كانت ككل الغرف الاخرى تعمها الفوضى ورائحة الدهان.كانت التركيبات الاخرى الكهربائية وغيرها كلها جديدة ولكن احجار القرميد كانت كلها ماتزال في صناديقها مرصوفة بجانب الجدران وكانت الارض عارية. لقد انتقل الى المنزل منذ مندة قربية اذ سبق وقال انه يسكن في خيمة بالقرب من الكوخ
نظرت الى نفسها في المرأة لترى وجهها مضرج تنهدت وفتحت حقبيتها تعيد تنظيم زينتها.
عندما خرجت وجدت كلاي في انتظارها فعبر القاعة بسرعة ليمسك بيدها, ولكنها تجنبت ان تدعه يلمسها وهي تسأله:" ايوجد هنا هاتف؟"
قال:" ليس من الضروري ان تذهبي ياجوانا, هل نتسطيع ان نتبادل الحديث؟"
قالت:" الحديث؟" مالذي عندهما ليتحدثا عنه؟ واستدارت مبتعدة عنه رافعة راسها بكبرياء, قبل ان يتملكها الضعف, وهي تقول:" افضل ان تستدعي سيارة لاجلي."
قالك"تبا للسيارة." وحاول ان يتقرب منها.
سألته قائلة:" الان ياكلاي؟"
كانت تخشى ان لمسها , ان تفقد سيطرتها على نفسها وتنفجر بالبكاء.
سيطر عليه التوتر لحظة, فنفرت عضلات رقبته وتقبضت يداه. ثم , كأنه صمم على شيء اومأ برأسه قليلا وهو يقول:" ربما معك حق لم يعد ثمة وقت الان. سأصطحبك بنفسي."
قالت:" لاحاجة الان تزعج نفسك."
" هناك كل الحاجة, ياجوانا فلا تجادليني."
لم تستمر في الاعتراض اذا شعرت ان ذلك لامعنى له ولكنها نفضت يده عن ذراعها عندما حاول امساكها اثر تعثرها في الممر غير الممهد في الظلام
اصر على توصيلها الى باب بيتها فتحت الباب ثم تقول:" وداعا ياكلاي." ومدت اليه يدها فقد اصبحت امنه الان وكانت الرصانة تكسو ملامحه, فأخذ يدها يمسكها بيده لحظة وكأنه يهم بأن يقول شيئا, ولكنه لم يفعل بل رفعها ومررها على شفتيه
قبل ان تستفيق من دهشتها كان قد استدار هابطا السلم
وركضت هي الى النافذه في الوقت الذي كان يصفق فيه باب السيارة بعنف, ولكن السيارة بقيت واقفه مدة طويلة جعلتها تعتقد انه سيعود فيخرج منها, ولكن مالبثت السيارة انطلقت بكل هدوء, لتتوارى في الشارع
كان يوم الاثنين , يوما سيئا للعمل. امضت عطلة نهاية الاسبوع مع اختها متجنبة التفكير في شيء وللمرة الاولى جعلت من نفسها حمقاء تماما بالنسبة الى كلاي تاكيراي وعليها ان تعيش ذكرى مذلتها تلك مدة طويلة ولكن من الافضل ان تهمل التفكير في ذلك.
غاص قلبها بين ضلوعها وهي تسمع صوتا يفاجئها قائلا:" صباح الخير ياجو"
ذلك ان زيارة من المدير كانت اخر شيء توده ذلك الصباح

shining tears
18-07-2007, 22:45
التفتت الى ذلك الشخص المتكلف الاناقة ثم تكلفت ابتسامة وهي تقول:" مرحبا يابيتر , لم اتوقع عودتك قبل الغد هل استمتعت بإجازتك؟"
اجاب:" كانت رائعة, شكرا لك لقد كانت رحلة ممتعه الى الجزر اليونانية في شهر ايار- مايو. كان يجب ان تأتي معي."
لم يكن يتحدث عابسا تماما, ولكنه كان يخفي استياءه من كونه يعمل مع امرأ’ في مركزه هذا ,متظاهرا بالغزل. هزت كتفيها منتهدة:" لابد ان يبقى من يرعى العمل وانا كتأكده ان صحبة زوجتك هي تعويض كاف , هل تريدني ان اقوم بجولة معك؟"
اجاب:"كلا, فالوقت اقترب من موعد الغذاء, لقد جئت فقط لآخذكم جميعا الى الكافتيريا لتناول المرطبات كشكر لكم لاجتهادكم في العمل اثناء غيابي.
وسأوصلك معي وامسكها بذرعها يقودها نحو سيارته.
جاهدت جو في ان تمنع نفسها من الصراخ, ليس لانه قام بشيء يستوجب الشكوى, ولكن من وضعية يده على ظهرها بشكل يسيء الى سمعهتا وكأنه يملكها وفي كل مرة يكون هناك من يراهما مما يعطي انطباعا بانها تخصه
توجهت جو نحو مائدة قرب الدفأة ولكنه قادها نحو زاوية منعزلة قائلا:" سيعلو الضجيج هناك عندما يمتلئ المكان."
سكتت حانقه بينما توجه ليحضر الشراب لم يكن يبدو عليه الاهتمام بها والا لكان عليها على الاقل ان تظهر الشكر والعرفان, لكنه كان يريد فقط ان يفهم الناس انها مفتونه به
سألها قائلا:" والان اخبريني ياعزيزتي عن كل ماحدث اثناء غيابي هل ثمة مشكلات؟"
ابتسمت قائلة: لاشيء مهما ,كان في امكانك ان تبقى ابوعا اخر في اليونان."
مال نحوها واضعا يده على يدها قائلا:"ماكنت لأستطيع البقاء كل هذا الوقت بعيدا عنك."
شعرت بالارتياح وهي ترى الباب يفتح في الزاوية لابد انهم رجال قادمون من البناية. ولكن القادم كان كلاي تاكيراي حيث وقف يسد الباب, جامدا ينظر الى المشهد الذي كان يضمهما معا. وتقابلت انظارهما لحظة, ثم تقدم كلاي خطوة الى الامام وقد ظهر الغضب على وجهه. بشكل متعمد تماما, استدارت جو نحو بيتر, وابتسمت في عينيه اللتين بان فيهما الفزع, وهي تقول :" انني مسرورة, فقد اشتقت اليك, ياعزيزي."
مالت الى الامام ثم قبلته بخفة على فمه ولابد ان ردة الفعل عنده كانت مضحكة. لم تدر قفزة اي منهما كانت اكثر عنفا, هل هو بيتر الذي قفز واقفا على قدميه دهشة, ام هي التي قفزت ذعرا لصفقة الباب العنيفة خلف كلاي تاكيراي؟ كان الوقت متأخرا, عندما عادت جو الى البيت. كانت الحقيقة انها لم تشأ العودة الى شقتها الخالية. ذلك انها اثناء العمل كان لديها مايشغلها عن التفكير على الاقل, وفي النهاية, ابتدأت صور الاشياء تتراقص امام عينيها, وخشيت ان تسقط على مكتبها نائمة. واوقفت سيارتها الميني الفضية, في موقفها, ثم صعدت السلم بهدوء.
كانت قريبة من اعلى السلم , ندما انتبهت الى شيء يسد طريقها, فبقيت لحظة تحدق في تلك الساقين الطويلتين اللتين تسدان عليها الطريق, دون ان تفهم شيئا.
ارتفع صوت كلاي يقول متهما:"لقد تأخرت, والساعة الان التاسعة."
نظرت الى ساعتها فقط لكي تحول وجهها عنه فلا يرى لمحة السرور في ملامحها لرؤيته, وقالت:" لقد تأخرت في عملي"
قال وقد توترت عضلات فكه:"لقد رايتك تعلمين في وقت الغذاء, من يكون ذلك الرجل؟"
لقد فات وقت الندم على حماقتها,فقد كان تصرفها بالغ السوء في الحقيقة, جعلها تتوقع ان يجعلها بيتر تدفع ثمن موقفها ذاك غاليا, عندما يتجاوز الصدمة ولكن لوقت لم يفت على استعادة شيء من احترامها لنفسها.
سألته:"ماذا حدث ياكلاي؟هل غيرت رأيك؟"
وقف قائلا:"ليس هذا المكان الذي يدور فيه مثل هذا الحديث."
قالت:"هذا هو المكان الوحيد الذي عليك ان تدلي فيه بأي حديث, لان عندي...." وأشاحت بوجهها كي لايرى الكذب في عينيها.
اقترب منها يأخذ وجهها بين راحتيه وهو يقول:" هل انت حقا متقلبة بهذا الشكل؟" اضطرت الى النظر اليه .فعاد يسألها:" من هو ذلك الرجل؟" ونظرت اليه لحظة, وثائرة تتحداه ان يحملها على الكلام, وازداد وهو اقتربا منها مرددا :" من هو ياهوانا؟"كان يتحدث ببطء وهودء يتناقضان مع التحدي الصارخ في عينيه.
قالت:"انه بيتر لويد مدير المشاريع."ازداد توتر فكه, وتاغمضت هي عينيها متابعة:" لقد وصل لتوه عائدا من عطلته."
"لقد بدا عليك السرور البالغ برؤيته."
"احقا كنت كذلك, كلاي؟"
قال:"ربما؟"
وتركها فجأة , لتتأرجح على قدميها, ثم تابع:"انه لم يبق هناك طويلا, لم لعله سيعود اليك الليلة؟"
اتسعت عيناها دهشة وهي تقول:" هل بقيت لكي تتجسس علي؟"
ثم لمع الغضب فيهما وهي تتابع:" كان يجب ان تبقى مدة اطول لكي ترى ان كان سيعود"
ترجع خطوة الى الوراء قائلا:"كلا ,كلا , انا لم افعل ذلك, لقد كنت غاضبا جدا فلم اثق بقدرتي على قيادة السيارة فجلست في السيارة في الموقف مدة, وهذا كل شيء فرأيته يترك المكان. وبعد ذلك بمدة قصيرة, عدتم جميعا الى العمل في البناء."
: انني لم الاحظ سيارة الاوستن في الموقف "
هز راسه قائلا:" كانت في حاجة الى بعض الاصلاحات فاستعرت سيارة من احدهم. اسمعي ياجو من الغباء ان نتحدث هنا. الايمكننا ذلك في الداخل؟"
ترددت لحظة , ثم هزت كتفيها دون اكتراث وفتحت الباب قائلة:" ولم لا؟ انا اعلم انني سأكون في امان بصحبتك."
القت بحقيبتها على الاريكة ثم استدارت تواجهه قائلة " اليس كذلك؟"

shining tears
18-07-2007, 22:49
واستميحكم عذرا لعدم كتابتي لها كاملة ولكن انشاء الله راح اكملها خلال هذا الاسبوع ومن يدري يمكن اجي نت كل يوم محد يعرف غير الله بس بجد اعذروني لولا الظروف كان كملتها والحين كنت اكتب الثانية الي هي رجل صعب او من اعالي الجبال لكم الاختيار
وان شاء الله لما اكملها راح اكيد انزلها ارجوا المعذرة لعدم التزامي لكلمتي في المرة الاولى ادعو الي انزلها عن قريب خلال هذا الاسبوع شكرا لكم

بحر الامان
18-07-2007, 22:54
ربي يسعدك
واحنا عاذرينك
ولولا محبتك ما انتظرناك كل هذا الوقت
الله يساعد
بس هاه لا تطولين
ترى نقلب الموجه
ههههههههه
امزح لا تصدقين عيني

ماهيما
19-07-2007, 18:13
الى الغاليه ماهيما..

http://wWw.ReemDubai.Com/uploader/2007/9bb34f8ee5.jpg
شكر خاص للغاليه سام على التصميم



ماري-أنطوانيت

مرحبا ماري واشكرك على اهداءك الرائع واحب اقولك اني مازعلت ابدا تقدرين تقولين تضايقت

وانا بطبعي مااحب احد يهمشني,,على العموم حصل خير وانا مسامحتك سواء قصدتي او لا

وكنت بارد عليك بوقتها بس النت كان عندي مقطوووووع عشان كذا طولت مارديت عليك..

بااااااااااااااااااااااااااااااااااي..

مسزز السريعي
20-07-2007, 14:38
السلام عليكم
ملكتنا أو أي أحد من العضوات أنا منزله رواية ( الشمس العمياء ) في ليلاس كتابة فإذا ما كانت نازلة عندكم في مكسات قولوا لي عشان أنزلها لكم كااااااااااااااااااااااملة مرة واحدة وهي رواية تجااااااااااااااااااااااااانن 00ردوا بسرعة 000000ودمتم سالمين 00

*لميس*
20-07-2007, 18:44
أتذكر أنه lovely sky

نزلت رواية الشمس العمياء في موضوع سابق نصا وكامله

عالعموم

الروايه مثل ماقلتي يامسزز السريعي

راااااائعه ومشكووووووره حبيبتي

*لميس*
20-07-2007, 18:48
مــ ـ ـ ـ ــاقلتوا لي؟؟؟:confused:


أيش رأيكم بالروايات اللي نزلتها لكم؟؟؟:confused:


ولا ماعجبتكم؟؟؟:confused:



ترا أنا خالفت قوانين المشروع ونزلتها لكم بس أحس أنه

ماحد قرأها....!!::مغتاظ:: ::مغتاظ:: ::مغتاظ::


**************************

المهم...


أشكرك حبيبتي شاينينغ تيرز ع الروايه ولاتتأخري علينا

بالتكمله...::جيد::


تحيــــــاتي

*لميس*

ماهيما
20-07-2007, 19:13
مرحبا صبايا اخباركم؟؟؟

انا حبيت اسلم عليكم وبنفس الوقت اقولكم اني مسافرة بكرى وراح اطول هالمرة:( :( :( :(

بااااااااااااااااااااااااااااي بنات.....

*لميس*
20-07-2007, 20:19
مرحبا صبايا اخباركم؟؟؟


انا حبيت اسلم عليكم وبنفس الوقت اقولكم اني مسافرة بكرى وراح اطول هالمرة:( :( :( :(


بااااااااااااااااااااااااااااي بنات.....


أهليييين ماهيما

وينك حبيبتي طولتي الغيبه!!::سعادة::


ترجعين لنا بالسلامه ياقلبي

راح نشتاقلك
::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

:
:
:
تحياتي
*لميس*

بحر الامان
21-07-2007, 00:01
ترجعين بالسلامه ماهيما

Arcando
21-07-2007, 21:03
مشكوووووووووورررررررر

*لميس*
22-07-2007, 12:59
لاتطولي علينا شاينينغ تيرز ...........!!!

بحر الامان
22-07-2007, 13:34
آآآآآآآآآآآه
شاينينغ تيرز
تاخرت علينا
وينك

*لميس*
23-07-2007, 10:28
المشروووع ((نايم علــــــى وداااااانه)))!!!!!!!!


مين تقدر تنزل روايه؟؟؟؟؟؟؟؟


على ماتنزل شاينينغ تيرز باقي الروايه


لكن


بليز شايننغ تيرز لاتتأخري أكثر

sa3et 7anan
23-07-2007, 16:19
shining

tears

اتاخرت كتير


اوىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى.

بحر الامان
23-07-2007, 22:27
يا بنات عندي روايه جديده لسع ما قريتها
توني امس ماخذتها من منتدى ليلاس
انزلها ولا لا لا لا
اذا تبغون انزلها قولوا تم
اسمها وشم الجمر ولا تسئلوني عبير او احلام
لاني بصراحه ما ادري

*لميس*
24-07-2007, 10:44
أيوا نزليها يابحر الأمان


ننتظرك

بحر الامان
24-07-2007, 11:43
لموسه حبيبتي
حنزلها على شكل مرفق اسهل
اتمنى تعجبك وتعجب الجميع
وان شاء الله ما تتاخر علينا شاينينغ تيرز اكثر من كذا

احباب الروح
24-07-2007, 12:39
مشكـــوورة حبيبتي ع الرواية الحلوه

ويعطيج العافيـه ..


ناطرين التكمله



..

*لميس*
24-07-2007, 12:45
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أبغى أنزل لكم روايه من روايات عبير مكتوبه وجاهزه...::جيد::



تبغوني أنزلها ولا أنتظر إلى ماتخلص (شاينينغ تيرز)؟؟

بحر الامان
24-07-2007, 20:51
ما زبطت معايه كمرفق لذا
وشم الجمر
إنها خائفة !… اعترفت هيلاري عارضة الأزياء المشهورة والساحرة لنفسها بذلك … ولكن لماذا ؟… ألم تقدر سنتان من الهروب على جعلها أقوى في مواجهة بروس جيلفورد وعلى تخليصها من ضعفها تجاهه .
هل ما يربطهما هو كما قال بروس ( جنون لا شفاء منه ) ؟
إذا كان الهروب لم يداو جراحها فهل تشفيها العودة إلى ناره وهو الذي يراها ( ربة الشر ذات الوجه الملائكي والروح الفاسدة ).
1_ فتاة الكهرمان الحزينة
كانت مرهقة إرهاقاً شديداً تكاد تعجز معه عن وضع المفتاح في ثقب قفل الباب الأمامي …. كانت رحلة طويلة متعبة فلقد تأخر هبوط الطائرة بسبب الضباب وأصيبت إحدى الفتيات الصغيرات بالهستيريا من جراء الخوف فكان أن جلست معها هيلاري لتهدئ روعها .
أقفلت الباب خلفها حامدة ربها ثم وقفت تنظر حولها في غرفة الجلوس كانت نظيفة مرتبة إذا اعتنت السيدة نورتون بهذا ولكن الجو عابق برائحة العفن الذي ولده عدم السكن بها … فتحت هيلاري النافذة لتسمح لهواء مساء شهر كانون الثاني بالتدفق للداخل ارتجف جسدها قليلاً فهي ما تزال تحن لشمس الكاريبي لكن عقلها المتعب رحب بلفحة الهواء البارد .
كانت كومة الرسائل البريدية تنتظرها على طاولة الطعام الصغيرة وعندما دخلت إلى المنزل التقطت المزيد من الرسائل من صندوق البريد … لكنها تستطيع الانتظار للغد إنها بحاجة للاستحمام … دخلت إلى غرفة النوم وراحت تخلع ثيابها …السرير بالانتظار والأغطية مرفوعة إلى الوراء ترحب بها وثوب نومها حاضر نظفت وجهها من المكياج وهو عمل روتيني تقوم به حتى ولو كانت على وشك الموت ورمت نفسها على السرير وغطت في نوم عميق ….. تحركت مرة أو اثنتين ثم فتحت عينيها فانزعجت من الأصوات في الشارع ولكن هذه الأصوات لم تكن السبب باستيقاظها تمطت متكاسلة متكاسلة قبل أن تجلس متثائبة ولما ألقت نظرة على الساعة وجدت أنها نامت ساعة كاملة نهضت من السرير لتدخل الحمام نظرت إلى جسمها في المرآة … لقد كانت في الويست انديز مع العارضات الأخريات للقيام بعرض مجموعة من أفخم ثياب السباحة لمجلة أزياء شهيرة .
ولكنها لم تخطط لتصبح عارضة ولم تعتبر يوماً أن مظهرها الجميل وطلتها بهية … ولكن مع ذلك كان جول أول من اقترح عليها الفكرة وهي ما تزال تلميذة في المدرسة ..
جاء ليزور ابنة عمه جوليا التي كانت أفضل صديقة لهيلاري وصحبهما للغذاء معاً يومذاك كان اسماً لامعاً بالتصوير وما كانت هيلاري لتكون من البشر لو لم يتحرك غرورها لاهتمامه بها لكن وفي الوقت ذاته رأت حياتها تسير باتجاه مختلف .
والشكر عائد لجول الذي منحها أول فرصة حين اختريت الفتاة الكهرمانية للقيام بدعاية لسلسلة أدوات تجميل غالية الثمن ولعل ما ساعدها شعرها البني الذهبي الطويل وعيناها اللوزيتان المتسعتان اللتان تصبحان خضراوين أو ذهبيتين حسب اللون الذي ترتديه وكانت تجربة مذهلة لها أزياء غريبة صممت لها ألوانها ذهبية كهرمانية صفراء وكان تأثيرها أمام لون بشرتها العسلية مذهلة وكان وجهها يبرز من المجلات وتبدو فيها عينيها وكأنهما تتسعان على الدوام بلا نهاية أما الفم الرقيق فيتكور قليلاً بمزيج من البراءة والإغراء فسرت دار الأزياء الفرنسي النشوة والسعادة لزيادة مبيعاتها .
لكن جول نصحها بعدم المضي بذلك قائلاً : سيصبح ذلك سمة لكي وسيربط الجميع بينك وبين مستحضرات الأمبر فقط …نعم لا بأس بذلك لمدة قصيرة ولكن ماذا سيحدث لو ضجرت من العمل .. أو ضجروا هم منك …………
وكان أن عملت بنصيحته وتهافتت عليها العروض ولكنها أحبت العمل مع جول وستبقى شاكرة له للأبد.
استحمت وجلست تطلب الاسترخاء أمام النار .كانت السيدة نورتون قد ملأت البراد وسلال الخضار راحت هيلاري تشوي قطعت ستيك وأعدت السلطة التي تناسبها .
بعدما أكلت ونظفت المائدة حملت قهوتها إلى الأريكة مع رسائلها وكان معظمها فواتير ثم وجدت رسالة من لورنا .
نظرت هيلاري إلى الغلاف وإلى الخط المائل المألوف أنبأتها غريزتها أن لورنا ما كانت لتراسلها لولا وجود أزمة تعاني منها …ولا شك أنه أمر لا تريد سماعه…
إلا إن كان الأمر يتعلق بهوود استحوذ عليها إحساس بالذعر … لم يكن بخير مؤخراً وهذا ما تعرفه من رسائله القليلة النادرة . ظلت نظراتها شاخصة للغلاف والقلق على هوود يتصارع مع الرغبة في تمزيق الرسالة قبل أن تقرأها فهي غير مدينة لأختها غير الشقيقة بشيء .. بل الواقع معكوس .
لكن هود لم تلقى منه غير العطف والتقدير وهي مدينة له بشيء مقابل هذا أوه ليس بسبب المال الذي يضعه في حسابها في المصرف كل فترة لأنها قادرة على رده فهي لم تلمسه يوماً.
فتحت على مضض مغلف الرسالة وأخرجت الرسالة كان خط لورنا يملأ الصفحة :
حبيبتي هيلاري … احزري ماذا سأتزوج سأذهل الجميع وأفعل الصواب ولو لمرة واحدة أما العريس فهو تشارلي إيزيربلود بالطبع …آه يكاد أبي يطير من الفرحة العرس في الشهر القادم وأريد أن تكوني وصيفتي … وماذا في الأمر ؟ أرجوك قولي أنك ستقبلين حبيبتي أرجوك تعالي للمنزل هيلاري أحتاج إليك أتوقع أن أسمع منك …. مع حبي … لورنا.
لكن الصدمة وقعت على رأسها في آخر الخطاب : بالتأكيد سيقدمني بروس إلى العريس في الكنيسة .
جلست هيلاري جامدة تحدق في الرسالة ثم أطبقت يدها بشدة عليها فحولتها إلى كرة مجعدة وقالت لا يا إلهي . أجبرت التفكير أن لورنا ستتزوج من الشاب الذي حلم هوود بأن يكون زوجها لم ترى لورنا منذ سنتين عندما كانت هيلاري في الثامنة عشر ولعل أختها قد نضجت الآن لكن عندما تذكرت لورنا أختها المجنونة وجدت أن هذا غير معقول .
حاولت أن تتذكر تشارلز إيزيربلود لقد كان موجوداً دائماً وهما تكبران فوالده يملك الأراضي المجاورة ولكنه لم يؤثر قط في هيلاري .. كان أشقراً لطيفاً وثرياً جداً إنه صيد ثمين بالنسبة لمعظم الفتيات ولكن لورنا ابنة الصناعي الثري المدللة العنيدة … لورنا الشابة الصغيرة الجميلة المتألقة ذات الشعر الأسود الكثيف الأجعد ستتزوج من أجل الحب ولا تظن أبداً أن السبب رغبة العائلتين في زواجهما … أعادت تمليس الرسالة من غير وعي منها ثم راحت تعيد قراءتها إنه أسلوب لورنا ولكن أهذه رسالة عروس تشع سعادة ؟
أغمضت عينيها فمنذ ذهاب هيلاري البالغة عشر سنوات إلى ستونكليف للعيش هناك وهي تحمي لورنا ففي الليلة الأولى على ذهابها أجفلها فتح الباب في غرفة غريبة وسمعت لورنا تقول بصراحة : تقول السيدة ستالرت أنني كبيرة كفاية لأنام دون مصباح ولكنني خائفة من الظلام أيمكنني النوم معك أرجوك هيلاري أرجوك !
أمضت هيلاري ليلة غير مريحة … إذ كان السرير لا يتسع لشخصين وفي اليوم التالي حين علم هوود بالأمر أغرق بالضحك وأمر بنقل سرير لورنا إلى غرفة هيلاري ثم ارتد إلى والدة هيلاري مبتسماً : ألم أقل لك أنهما ستصبحان أختين !
كانت أمها أوليفا أرملة منذ خمس سنوات ولم يكن لديها مهارات تساعدها وكانت مضرة لقبول أي عمل وأن تكون ممتنة للسقف الذي يأويها حتى لو كان السقف لأخت زوجها وزوجها . أدرك جوش و ميلاني جيستون أن من دماثة الخلق القبول بأوليفيا وطفلتها في منزلهما والواقع أنهما لم يكونا ملزمين بإيوائهما وهذا ما كان يؤكدانه وقد جعلا الأمر يبدوا وكأنه دلالة إحسان وحدهما هي و أوليفيا يعرفان أن أمها تدفع إيجاراً سخياً .وذلك لم يكن كافياً وكثيراً ما سمعت عمتها تتذمر من ارتفاع الأسعار والتضخم المالي وكان عليها أن تتعلم إطفاء الأنوار لئلا تذهب الكهرباء سدى وكان محسوباً عليهما كمية الماء التي تستخدمانها في الحمام ومع الأيام كانت ترى وجه أمها يزداد مع الأيام يزداد تعب وهزيمة .

بحر الامان
24-07-2007, 20:52
ثم اضطرت أوليفيا للعمل نادلة ليلية ومنذ ذاك الحين نادراً ما كانت تصل إلى المنزل قبل منتصف الليل وبما أنها بالأساس امرأة ضعيفة انهارت في النهاية وجيء بها للمنزل تذكر هيلاري غضب عمتها ولكنها اضطرت لإحضار الطبيب الذي قال أنها بحاجة للراحة وأنها بحاجة للابتعاد والراحة ولكنهما لا تملكان المال وفجأة حصلا على جائزة سندات التوفير ولم تكن ثروة كبيرة ولكنها كانت كافية لشراء تذكرة لرحلة بحرية في المتوسط بناء على نصيحة الطبيب ….
وحدث ما كان يتوقع فقد غضبت عمتها وزوجها وارتفعت الأصوات بالحديث عن الأنانية والطمع فيجب ترميم السقف ولكن أوليفيا هذه المرة لم تكن مستعدة للسماح لهما بالتسلط عليها فسارعت لحجز رحلتها البحرية ودفعت ثمنها …
وبعد أن عادت أمها ظهر في ابتسامتها عمق وبان في عينيها نظرة حالمة.
ثم وصل هوارد جيلفورد إلى المنزل كان طويلاً ضخم الجثة وجهه مربع يميزه شعر رمادي عند الفودين ابتسم لهيلاري وقال بلكنة شمالية :
مرحباً حبي … عندي فتاة أصغر منك بسنتين .
ردت هيلاري بابتسامة مترددة وأدركت أنه يريد أن تحبه لم تفهم السبب إلا بعد ابتعاد سيارته الجاكوار إذ صاحت العمة ميلاني كالعاصفة : يا للوقاحة كيف تجرؤين كيف تسمحين لهذا الرجل المغرم بك بالمجيء إلى هنا ………………
تورد وجه أوليفا لكنها ردت بهدوء : قبل أن تضيفي شيء أحب أ تعرفي أني و هوارد سنتزوج .
ارتفع صوت ميلاني لحد الصراخ : تتزوجان تتزوجين رجلاً قد إلتقيته في رحلة بحرية ؟ أنت لا تعرفين شيء عنه قد يكون متزوجاً … ولن تستفيدي بشيء
انتعش وجه أوليفيا بابتسامة : أعرف ما يلزم … إنه أرمل ماتت زوجته منذ أربع سنوات لديه ابن في الرابعة والعشرين ابنة في الثامنة …….. لعمله علاقة بالإلكترونيات ويعيش في يوركشاير ….هل من أمر آخر تريدين معرفته؟
أصبح وجه ميلاني أكثر تهجماً لعدم موافقتها على الزواج حتى يوم الزفاف وكانت ميلاني وزوجها المدعوان الوحيدين من جهة أوليفيا إلا أنه كان هناك عدد من الناس في مكتب الزواج يعرفون هوارد ويحبونه كما كان ظاهراً وقد توجهوا جميعهم إلى حفل الاستقبال الذي أقيم في فندق لندني .
وهناك كان في انتظارهما شاب أسمر طويل . فقال هوارد بسعادة : بروس .. تمكنت من المجيء !ارتد هوارد إلى أوليفا قائلاً : تعالي لأعرفك إلى ابنك الجديد كان في أمريكيا يدرس في الجامعة ولولا ذلك لإلتقيته من قبل .
قال بروس : هذا ما يظهر أنه ما كان علي أن أدير لك ظهري لحظة .
تقدم يصافح أوليفيا ولكن هيلاري المترددة في الخلف عرفت بغريزتها أن هذا الأخ الغريب لم يقل كلمته على سبيل المزاح … كان يبتسم ولكن ابتسامته لم تكد تصل إلى عينيه …. حين شد هوارد هيلاري للأمام كانت يده ثقيلة ودافئة على كتفيها . وطافت عينا بروس باكتئاب وبعداء وارتد مسرعاً تاركاً هيلاري تفكر ( أنا لا أحبه وهو لا يحبني ).
سمعت أمها تقول لزوجها : إنه يشبهك .
وأرادت هيلاري الإنكار فهما غير متشابهين أبداً .
أوه .. كانا مديدي القامة أسمرين ولكن بروس نسخة أكثر نحولاً من والده الضخم ووجهه نحيل أيضاً وخطوطه متعجرفة أما هوارد فذو وجه لطيف .. وعيناه ليستا زرقاوين كعيني أبيه بل هما رماديتان وفمه قاس .
كانت تتطلع شوقاً لرؤية ستونكليف ……… المنزل الكبير الحجري الرمادي الذي أخبرها زوج أمها الكثير عنه وأرادت أن تلتقي بلورنا أيضاً .
كان هوارد قد قال لها : تشعر بالوحدة لأنه ليس لديها من تلعب معه وأرى أنك مثلها مستوحدة .
لكن كل البهجة والترقب اللذين كانت تحس بهما أصيبا بالكلل مع وصول هذا الغريب المعادي …ولم تعد واثقة من رغبتها في الذهاب إلى الشمال إلى ستونكليف ما دام هو ذاهب إلى هناك دنت منها العمة ميلاني وهي واقفة مع أمها وبما أنهما كانتا تقفان بمفردهما اغتنمت الفرصة وقالت بصوت كالفحيح : حسناً لا بأس بما فعلت لنفسك لعمله علاقة بالإلكترونيات …… حقاً ! ولكنك أغفلت ذكر المصنع الذي يملكه ……… و أعتقد أنك مسافرة إلى الشمال بدون إلقاء نظرة للخلف أو التفكير في من أطعمك وآواك عندما كنت لا تملكين شيئاً .
رأت هيلاري أمها تشحب وكل السعادة تتلاشى عن وجهها .
قالت بصوت منخفض : ميلاني أرجوك اخفضي صوتك لا أظنك ستصدقينني لكنني لم أعرف هذا قبل اليوم أوه …. عرفت أن هوارد ليس فقيراً …. لكن كل هذا ………
وضحكت ضحكة مؤلمة : كان هذا صدمة لي ……… بمقدار ما كان لك .
سخرت ميلاني : أوه بالتأكيد عرفنا دوماً أننا لسنا من مستواك … حتى أخي المسكين … فطالما كنت معجبة بنفسك وبجمالك وبرشاقتك ….. أنت أكبر من العمل أو الحاجة … حسناً … لن تضطري إلى إزعاج نفسك بعد الآن !
انتفضت هيلاري ففي صوت العمة ضغينة حقيقية ولاحظت أن بروس واقف بالقرب منه ومما يبدوا أنه سمع أطراف الحديث وإن لم يسمعه كله رأت زوج أمها يقترب مبتسماً فتحركت العمة بعيداً وغادرت المكان مع زوجها فأحست بالارتياح لأنها لن تراهما بعد الآن .
تعبت هيلاري من الحفل والوجوه الجديدة فدخلت لغرفة النوم المجاورة .. كان هناك أريكة قرب النافذة فاحتبت عليها يهددها صوت الضحكات المتعالية في الغرفة المجاورة .
لم تدر ما أيقظها ولكنها لما فتحت عينيها وجدت أنها ليست بمفردها فمن مكان قريب تهادى لها صوت رجل يقول : كانت مفاجأة للجميع ألم يخبرك ؟
لم يقل كلمة واحدة حتى آخر لحظة وهذا ما جعلني غير قادر على القيام بشيء ….
وكان هذا صوت بروس الذي بدا مشبعاً بالغضب وهو يتابع كلامه :
يا إلهي هذا طيش وجنون يأخذ عطلة ثم يعود بسكرتيرة ****ة تسعى وراء ثروته ومعها ابنتها ….. لا يتوقع أحد منه أن يكون ناسكاً ولكن ما كان مضطراً لدفع ثمن لهوه بالزواج .
أحست هيلاري بالغثيان لم تفهم ما كان يقال ولكنها تعرفت على الازدراء البارد في كلمتي سكرتيرة وابنتها فأرادت أن تقف وأن تهرع لبروس كي تلكمه وترفسه حتى يأسف لكلامه ولكنها عدلت عن ذلك كي لا يدخل الموجودين ويسألون عن السبب ولأفسدت سعادة أمها .
إنها عائلتها الجديدة التي سيكون بروس جزءاً مهماً منها وهو لا يحبهما ولا يريدهما.
دفنت وجهها في الوسادة ووضعت يديها على أذنيها وهي ترفض سماع المزيد .
في وقت لاحق عندما جاءت أمها و هوارد لأخذها إلى ستونكليف كانت هادئة وأحست بالراحة عندما علمت أن بروس عائد لأمريكا ولن ينضم إليهما .
كان عليها بالتدريج إعطاء بروس حقه فهو لم يسبب الأذى لأمها قط وكان مضطراً للاعتراف أن أمها ووالده سعيدين وكان مؤدباً دائماً ولم يكد يلحظ هيلاري أبداً بل لم يزعج نفسه بالتفكير بأخته لورنا التي كانت تعتبره بطلها ومثالها الأعلى .

بحر الامان
24-07-2007, 20:53
لوت هيلاري شفتيها وهي تفكر لم يملك بروس أية عاطفة أخوية ……… كان له صديقات عديدات جاء ببعضهن لستونكليف حيث يمررن تحت نظرات هوود المقومة الناقدة لكن كان من الواضح أنهن للتسلية ولم يظهر أن بوس على علاقة جادة مع أية واحدة منهن .
محلياً كان بروس الفتى الذهبي المدير الإداري لمؤسسة جيلفورد التي كانت تتسع بسرعة كان هوود فخوراً به ويقول إن هذا الشبل من ذاك الأسد .
لكن هيلاري اعتقدت أن في الأمر أكثر من ذلك ففي روس قسوة هذا عدا كراهيتها له وعدم ثقتها به فهي لم ترى منه أي حنان أو عطف .
وفي السادسة عشر من عمرها توفيت أمها فجأة وهي نائمة وكان يومذاك مسافراً لكنه عاد لحضور الجنازة لكنها شعرت حتى وهو يقدم العزاء أن أفكاره في اتجاه آخر وأرادت أن تصيح في وجهه أنه ليس آسفاً أبداً . اعتمر كل العداء القديم في قلبها فردت عليه بشيء من البرودة وارتدت مبتعدة . وفكرت أنها لن تكرهه أكثر مما كرهته في تلك اللحظات لكنها الآن ترى العكس الآن .
استندت للأريكة وهي تفكر أنها يجب أن تراسل لورنا وتعتذر فلن تعود مادام بروس موجوداً .
أجفلها رنين الباب لأنها لم تتوقع زواراً . كشرت قليلاً وهي تفكر بمظهرها فوجهها خال من المكياج وشعرها معقوص للخلف ولكن الجرس رن بنفاذ صبر ولا جدوى من التظاهر أنها غير موجودة في المنزل فبمقدور أي كان رؤية الضوء من تحت عقب الباب .
دفعت الرسائل جانباً ونادت : حسناً …… أنا قادمة !
افتر ثغرها عن ابتسامة وهي تفتح الباب فمن المحتمل أن يكون الطارق ستانلي الذي هو معجب بها ومع أنها معجبة به فهي بعيدة كل البعد عن الوقوع بالحب .
بدأت : لقد فاجأتني في وقت غير مناسب ……. فأنا …….
\وتوقفت . ماتت الكلمات على شفتيها فقد رأت الطارق الواقف عند الباب بانتظار الدخول
قال بروس جيلفورد : مرحباً هيلاري )
انتهى الجزء الأول والحمد لله
وانتظروا الجزء الثاني
2_ غزو الشيطان
لم تستطع للحظات الحراك أو التفوه بكلمة شعرت أن أنفاسها مكتومة بشكل غريب ….. إنه كابوس …. لا شك أن بروس شيطان ابتدعته أفكارها … ففي الأشهر الماضية لم تسمح لنفسها التفكير به قط …ز لقد نحته بعيداً عنها ومحته من دماغها .
الآن أجبرت رسالة لورنا أبواب السد المحكمة الإغلاق على الانفتاح …. وهاهو الشيطان معها . شدت الباب تنوي صفقه في وجهه ولكن ترددها برهة أفشل حركتها فقد عرف ما تنويه ودخل الغرفة .
قال : اسمحي لي . وأغلق الباب بنفسه فأصبحا معاً .
قالت هيلاري من بين أسنانها : أخرج من هنا . رد ببرود كعادته : أخرج متى كنت مستعداً لذلك .. استرخي فكلما أسرعت في الإصغاء إلى ما جئت أقوله كلما أسرعت بالخروج وهذا ما نرغب فيه معاً .
قالت همساً : ماذا تفعل هنا بحق الله ؟
رد عليها بحدة : أنا لا أعد العدة لتنفيذ الهدف الشنيع الذي يخطر ببالك .. حباً بالله هيلاري ! اجلسي وتصرفي كإنسانة متحضرة .
بدأت ترتجف في داخلها وطوت ذراعيها على صدرها وقالت : ماذا تعرف عن التصرف المتحضر ؟ قل ما جئت من أجله واخرج من هنا . دنا من الغرفة يتجاوزها وجلس على كرسي قبالتها وقال :أنت دوماً مضيفة دمثة الأخلاق . أراك متوترة كثيراً… ما الأمر ؟ قلت إنني أزورك في وقت غير مناسب … ألديك أحد ؟ طافت عيناه عليها بوقاحة فتوردت غضباً وقالت : لا ليس لدي أحد . وكادت ترفس نفسها … ربما لو كذبت…… لرحل .
قال برقة : إذاًَ أنا محظوظ لأنني وجدتك بمفردك … فأنا أرغب في بعض القهوة .
وقفت للحظات تنظر إليه بعجز ثم ارتدت على عقبيها قاصدة المطبخ الصغير … كادت المنشفة حول شعرها تنزلق فانتزعتها بنفاذ صبر ورمتها إلى سلة الغسيل الصغيرة ثم وضعت على الصينية أكواباً من البورسلان ثم وضعت الحليب في إبريق صغير مماثل … ثم سمعت صوت صغير من ورائها فنظرت لتجد بروس واقفاً خلفها يراقبها .
قالت بصوت بارد اجتماعي : أتريد السكر ؟
رد ساخراً : ذاكرتك سيئة هيلاري … كم سنة عشنا معاً تحت سقف واحد وكم فنجان قهوة صببت لي ؟ لا … أنا لا أضيف السكر إلى القهوة وما فعلت يوماً .
تقدم إلى الأمام يحجزها بينه وبين رف المغسلة خلفها ثم مد يده يرفع ذقنها وراح ينظر إلى وجهها منتقداً
دفعت لمسته كل أطراف أعصابها للصراخ أرادت أن تضرب يده لتبعد يده عنها وتستخدم أظافرها وأسنانها للتخلص نفسها … ولكن لا فائدة إنه أقوى منها ولن يتوانى عن استخدام قوته .
قال برقة : لا تتغيرين أبداً أليس كذلك ؟ أذكرك في السنوات الماضية … مخلوقة عدوانية صغيرة كلها شعر وعينان .
ابتسمت ابتسامة جوفاء : غريب أن تقول أنت هذا كنت أفكر بالشيء ذاته بالنسبة لك … أوه لا أقصد الشعر بالتأكيد ولكن العدوانية والعينين لم تتغيرا قط ما زالتا باردتان .
ابتسم : باردتين ! أهذا هو رأيك فعلاً ؟ لا أظن .
تسارعت أنفاسها قليلاً : قد لا تحب سماع رأي الفعلي … والآن إن كنت تريد القهوة فالأفضل أن تتركني أعدها .
عندما قدمت القهوة كان جالساً قرب النار يدخن سيكار الذي كانت رائحته تعبق في أرجاء المنزل وضعت الصينية من يديها …. وسألت : ماذا حدث للسجائر ؟
لقد تخليت عنها منذ سنة ونصف …….. هل لديك اعتراض على ذلك ؟
لا ولماذا تسأل ؟ هز كتفيه : لأن السيكار لا يليق بهذا المكان إنه غزو رجولي لمحيط أنثوي بالكامل .. أو على الأقل هذا هو الذي خطر ببالي وقد أكون مخطئاً . قالت : ربما والآن أخبرني ما تريد مني .
لا شيء حبيبتي لا الآن ولا أبداً فلنؤكد هذا الأمر فلم آت للتطفل عليك لصالحي بل لصالح لورنا .
نظرت للرسالة المجعدة فتبع نظراتها فلما رأى حالة الرسالة أطبق فمه بشدة وقال : يبدو أني قمت بالرحلة سدى على أي حال سأقول ما جئت لأجله لورنا خائفة لأنها لم تتلق خبراً منك إنها يائسة فهي تريد أن تأتي لمساعدتها بالزفاف .
_ تلقيت الرسالة اليوم فقط كنت خارج البلاد ولم أعد إلا أمس .
_ لا يبدو أن الرسالة أثرت فيك .
قالت بلهجة لاذعة : انا وأنت نعرف أن لا مجال للعودة ويجب أن تقنع لورنا وأن تجد تفسيراً ما قد يرضيها .
_ لا أستطيع أن أجد تفسيراً يرضي هوود إنه لا يستطيع الانتظار لتعودي ……..

بحر الامان
24-07-2007, 20:54
لاحظت بسخرية التردد الصغير وتساءلت عما إذا كان سيقول ( تعودين للبيت ).
سألته :وكيف حاله .فلم تكن رسائله كافية ولم تكن تكشف عن شيء وكانت هي بدورها ترسل له العذر تلو العذر حول عدم عودتها إلى يوركشاير .
رد بفظاظة : لو أردت أن تعرفي فعلاً لذهبت لرؤيته . وكيف تعتقدين حاله ؟ عالق في كرسي متحرك حتى لآخر عمره !
شهقت : مقعد متحرك ماذا تعني ؟
قال بقسوة : لقد أصيب بنوبة قلبية أقعدته جزئياً …. بإمكانه السير بضع خطوات بصعوبة … وهو قادر على استخدام يد واحدة .
هزت رأسها : قال إنه ليس على ما يرام لكنه لم يلمح قط إلى ……….
_ ولماذا يلمح ؟ لو كنت تهتمين لأمره لذهبت لرؤيته .
نظرت إليه : هذا تفسيرك أنت ……… لا تفسيره .
_ ربما .. كان دائماً ليناً معك … وكان على استعداد لتلمس الأعذار لك .. لن يكتب لك ويطلب أن تعودي لأنه مذعور من الشفقة . هو رجل قوي وجد نفسه أمام عجز جسدي لم يستطع السيطرة عليه أو التغلب عليه .. لديه ممرضة تعيش معه لكنه لا يطلب العون أو الشفقة من أحد غيرها. إنه يعتمد على عرس لورنا ليعيدك إلى ستونكليف كان بإمكاني أن أقول إنه أمل خائب .
أحست بحلقها ينطبق ويثقل : هذا غير صحيح … أنا أحب هوود .
_هذا ما ادعيته دائماً … فأنت تقولين إنك لا تطلبين شيئاً أكثر من أن تكوني ابنة له وأختاً للورنا ..حسناً .. هذه هي فرصتك الآن فكوني صادقة في كلمتك . أخذت تجادل نفسها مع أنه الآن لن يعرف ذلك .
_ليس الأمر بهذه السهولة فلدي عملي …. والتزاماتي .
التوى فمه : كما أوضحت سابقاً … لكن ألا تستطيعين إقناع من أنت معه على التزام أن لديك التزاماً مع هوود ؟ إلا إن كنت لا تنظرين إلى الأمر بهذه الطريقة أما بالنسبة لعملك فأعتقد أنه لن تضيره إجازة صغيرة من عرس لورنا .
قالت غاضبة : اهزئ بي كما تريد فهذه حياتي .. وأنا سعيدة بها … ماذا تنتظر مني أن أفعل .. أن أكون سكرتيرة ****ة كأمي ؟
_صعب ذلك في وقت تستطيعين فيه الاعتماد على ما لديك ! كيف يحب الرجل الذي يعيش معك أن يشاركك مع آلاف المعجبين ؟
تعمدت أن تقوده إلى الاعتقاد بأن هناك مثل هذا الرجل : إنه يعيش .
لن يفيدها أن تصرخ في وجهه أن وجهها وجسدها ملك لها وحدها وأنها أمام الكاميرا تلعب الدور الذي يمليه جول عليها لا أكثر ولا أقل استقرت عيناه على وجهها : حتى وشعرك مشعث كأذناب الفئران .. أنت مذهلة
أحست بتقلص في داخلها … لكنه رفع يده وقال : لا تجزعي قلت أنني لا أريد شيئاً منك فأنا أعني ما أقول جل ما أريده هو تعاونك معي لبضعة أسابيع .
ثم أضاف ساخراً : ولن تخسري شيئاً خلال هذه المدة … فسأعوض عليك .
قالت من بين أسنانها : ما أقدرك على إنزال قيمة الأشياء إلى مستوى المال اللعين !أنت تعرف ماذا يمكنك أن تفعل بمالك !
قال : وفري علي سماع هذا الغضب الأخلاقي .. أعرف أن هوود يدفع لك مبلغاً محترماً لتعيشي بالمستوى الذي أصبحت معتادة عليه ولا أستطيع منعه طبعاً ! ولكن تذكري أنه سيأتي يوم يتوقف فيه قطار هذا الكسب الغير مشروع… وإلى الأبد .
فكرت هيلاري بوحشية : في ذلك اليوم ستكون راضية إلى حد لا يوصف لأنها ستعيد كل بنس من ذلك المال.
ردت بخفة مصطنعة : تخيب أملي .. اعتقدتني مؤمنة مادياً مدى الحياة .. أما الآن فيجب أن أحذر لئلا أخسر جمالي .
قال بلطف : سأعتني بك بشكل عام . وضع كوب القهوة من يده ووقف : شكراً للقهوة سأعود بسيارتي غداً إلى يوركشاير وسأمر بك في منتصف النهار .
_ شكراً .. لكن لا .. شكراً .. لدي ترتيبات أقوم بها وهناك قطارات .
_ أجل : هناك قطارات لكن هوود سيظن أن من الغرابة ألا نسافر معاً .. أنا لا أنكر جاذبيتك ولكني واثق من وجود عارضات أخريات في لندن .
قالت : ثمة كثيرات . فرد : إذاً لا مجال للاعتذار . نظر إليها بهدوء : افعلي كما أريد … هيلاري .. وسأتأكد ألا يزعجك أحد في المستقبل وبعد الزفاف عودي إلى هنا وعيشي الحياة التي تليق بأهوائك … سأراك غداً … لا تجعليني أنتظر .
أملت أن تستيقظ فتجد أنه حلم أو كابوس وتحرك فجأة بقلق فاصطدمت يدها بكوب القهوة الذي لم تشربه والذي انسكب حول المدفأة .. نظرت لحظات إلى ما فعلت وأجبرت نفسها على مواجهة الواقع .
ستعود بطريقة ما إلى ستونكليف لتساعد لورنا على ترتيب عرسها … لا غرابة إذن أن يكون بروس ناجحاً في أعماله .. فما من عقبة تبقى في مكانها تحت ضغط قوته التي لا تقاوم .
حبست هيلاري أنفاسها من فكرة شلل هوود .. فهو لطالما كان قوياً وإيجابياً لذا سيضايقه هذا الضعف الجديد كثيراً ووجدت نفسها تتساءل متى حدث هذا بالضبط .
في الوقت عينه أقنعت نفسها بأن عليها ألا تشعر بالذنب ..فلو كان لاختفائها من ستونكليف شأن بما أصابه ولو من بعيد لذكر لها بروس ذلك … التوى ثغرها بابتسامة قاسية لا رحمة فيها … يا إلهي ما أشد ما كان سيرغب في ذكر هذا !
كان هوود مريضاً وكان بحاجة إليها .. لكن لماذا لم تخبرها لورنا هزت رأسها على حماقتها فلا شك أن لورنا كانت تطيع الأوامر ولا شك أن هوود أراد منها العودة من تلقاء نفسها … ولن يقبل من أحد أن يتوسل من أجله بمن فيهم بروس .
تقدمت إلى الهاتف تطلب رقم جول فأجابت فيرا التي تدفق صوتها حالما تعرفت إلى صوت هيلاري .
_ هل استمتعت بالرحلة ؟ هل أنت متعبة ؟ تعالي إلى العشاء غداً وأخبريني كل شيء .
_ سأحب هذا .. ولكنني لن أستطيع .. أهو في مزاج رائق فيرا ؟
_تقريباً … ولكن لماذا هل من خطب ؟
قالت هيلاري : أنا مضطرة إلى السفر لبضعة أسابيع .. هذا كل شيء.
_ هذا عذر كاف .. ماذا حدث ؟ لست .. مريضة .. أو شيء ما …
عرفت هيلاري المغزى الحقيقي من وراء السؤال اللبق .
_ لا شيء من هذا القبيل .. يجب أن أسافر إلى الشمال لأنظم عرساً عائلياً .. ابنة زوج أمي على وشك الزواج وثمة ذعر قائم .
سمعت فيرا تتحدث إلى شخص آخر ثم تكلم جول بحدة : ما هذا هيلاري ؟ قالت فيرا أنك مسافرة أنت تمزحين بلا شك . أجابته هيلاري : ليتني كنت أمزح .
سرعان ما شرحت له الموقف وتابعت : لكن هناك أكثر من العرس لقد عرفت للتو أن زوج أمي أصيب بالشلل ويريد أن يراني .
_ أوه … يا إلهي . صمت للحظات … ثم : أتعلمين أن هذا وقع في وقت غير مناسب أبداً ؟
_ صدقني لو استطعت التهرب لفعلت ولكنهم عائلتي .. وأنا مدينة لهم بالكثير .
_من الواضح أنك مضطرة .. لكن حباً بالله عودي في أسرع وقت ممكن .. فالذاكرة قصيرة في مهنتنا .. قلت إنها العائلة الوحيدة … ألم يكن فيها أخ كذلك أذكر أن جوليا ذكرته لي .
أجل .. وما زال .. لكنني لا أعتبره أخاً لقد ترعرعت مع لورنا .
_ لورنا المحظوظة .. قولي لزوج أمك إنه أحسن صنعاً في تربيتك … واتصلي بي حالما تعودين .
_ إنه وعد . و أعادت السماعة إلى مكانها .
ستكتب مذكرة لجوليا وستدفع للسيدة نورتون سلفاً وتعطيها التعليمات اللازمة في الصباح فلا مشكلة هنا.
ولكن الصعوبة كيف ستواجه كل ما ينتظرها .. أولاً .. لولا العرس لعقدت اتفاقاً مع بروس قائلة : أريد العودة أريد رؤية هوود وقضاء بعض الوقت معه لكنني لن أفعل هذا إلا إن ابتعدت عن ستونكليف .
لكن بسبب شلل هوود سيقدم بروس العروس إلى العريس فهذا هو التقليد .. لذا لا مجال لعقد صفقة .
لكن بروس لا يعقد الصفقات ولكنه يتخذ القرارات وينفذها بحسب مصلحته .. فإذا فاوض توقع أن يكون الرابح وهذا ما يحدث معظم الأحيان لقد أظهر لها بقسوة أنها لا تستطيع أن تكسب شيئاً حياله وما زالت تحمل آثار الجروح العاطفية التي تثبت هذا .
لم تنم عندما آوت إلى الفراش لكنها أقنعت نفسها بأنها ما كانت لتنام على أي حال لأنها لم تمارس تمارينها المعتادة ولم تحصل على هواء نقي يساعدها على النوم .
كان أمامها الكثير في الصباح لذا لا وقت لديها للتفكير .. وضبت أمتعتها وحاولت تناول الفطور وهي تعطي للسيدة
نورتون الدهشة تعليماتها ثم وجدت برنامج رحلة جوليا وراسلتها على عنوان المسرح الذي تعمل فيه الآن شارحة لها الأمر بسرعة .
هرعت للخارج لتضع الرسالة في صندوق البريد ثم عادت ولاحظت وجود سيارة متوقفة أمام مبنى الشقة كانت تعيش
فوق محل لبيع قطع صغيرة من الأنتيكات ومن الأثاث الأثري والمجوهرات ولا شك أن السيارة لأحد الزبائن ولكنها لا تظن هذا .
كان بروس بانتظارها في أعلى السلم .. ارتد بنفاد صبر يواجهها : كدت أظن أنك هربت مني .
_ كنت أبعث برسالة .
ولكن ليس هناك ما تعتذر عنه وهي لم تتأخر هو من جاء باكراً سبقته للشقة ..
فقال : إذا كنت جاهزة أرغب أن نغادر بسرعة .. لا تنذر التكهنات بحال الطقس بخير .
دخلت لغرفتها وانتعلت مداساً عالياً من الجلد الأحمر فوق الجينز العاجي اللون الضيق … وارتدت معطفاً مماثلاً فوق كنزة سميكة من الصوف وثبتت شعرها فوق رأسها إنه طراز متزمت ولكنه يظهر عظام وجنتيها ويخفف من بروز فكيها
التقطت الحقيبة وحقيبة الكتف التي تناسبها وخرجت لغرفة الجلوس حيث يقف بروس مرت نظرته على حقيبتيها .
_أهذا كل ما ستأخذينه ؟
_ إنه كاف لقد تعلمت السفر بأحمال خفيفة .
_ لكن ليس بمفردك . في كلامه الناعم حدة أغضبتها لكنها قررت تجاهله
التقط الحقيبة وقال أنه سيضعها في السيارة ريثما تتأكد من الأقفال .
كانت تحكم رتاج النوافذ حين رن جرس الهاتف الذي تناهى منه صوت ستانلي بلاكهام واضحاً على الخط : هيلاري أخبرني جول أنك مسافرة للشمال لوقت غير محدد ماذا يجري ؟
غار قلبها بسبب نبرة الحزن في صوته ولكنها تفهم حزنه فقد التقته منذ أشهر وتوافقا فوراً تقريباً .. ثم بدأ الجميع يتحدثون عنهما وكأنهما حبيبان وراحوا يدعونهما إلى المناسبات لم تكن هيلاري واثقة أن هذا ما تريده غير أنها كانت سعيدة إلى حد ما فكان أن سمحت لكل شيء بالمضي قدماً شرط ألا يبدأ ستانلي بالمطالب التي لا يمكنها الوفاء بها .
قالت : أنها حالة عائلية طارئة وقعت على رأسي فجأة آسفة لأنه لم تتح لي الفرصة للاتصال بأحد .
_لم أعتقد أنني مجرد أحد … هل ستغيبين مدة طويلة ؟
_أرجو ألا أغيب طويلاً .. سأبقى هناك الوقت اللازم ولن أطيل لحظة أطول لدي رزقي الذي علي أن أجنيه بعرق الجبين وكما ذكرني جول لديهم ذاكرة قصيرة في عالم الأزياء .
أصبح صوته دافئاً ومرحاً قليلاً : سيتذكرونك فأنا مثلاً لا أستطيع إخراجك من رأسي ليلاً ونهاراً.
هذا ما أقلقها قليلاً لكنها ابتسمت : ليت وكالات الدعاية في البلد تشعر بما تشعر به أتظن أن العدوى تسري .
أحست أن بروس عاد ووقف بالباب يراقبها بصمت ويصغي ولم تعد تسمع ما كان ستانلي يقول فاضطرت إلى التركيز على ما يقوله إن الأسمر القاتم وراءها شوش أفكارها وعقلها .
قال ستانلي بلكنة خاصة : سيكون الطقس رهيباً في الشمال في هذا الوقت من السنة والأرصاد الجوية تنذر بجو سيئ اليوم .. هل ستعتنين بنفسك حبي ؟
_ أجل سأعتني بنفسي . تسمرت لا تقوى على الحراك عندما أدركت ما قالت .. كانت الكلمات كمفتاح سري في عقلها أو سبباً لإطلاق الكوابيس المسجونة هناك وجدت أنها تمسك بسماعة الهاتف بقوة حتى ابيضت عقد أصابعها
وأجابت ستانلي بكلمات مفردة : نعم أو لا وكانت خلال ذلك تدعو الله أن يكون كل رد هو الرد المناسب لأن كلامه كان غامضاً لها . أخيراً قالت بمرح مجنون في صوتها : اسمع علي حقاً الذهاب أراك حين أعود .
ودعها ستانلي الذي بدا خائب الأمل فقد أمل أن تعطيه العنوان الذي ستذهب إليه أو رقم الهاتف ليتصل بها .
أعادت السماعة بأصابع مرتجفة ثم ارتدت ببطء تلاقت عيناها مع عيني بروس بدت عيناه باردتين مترقبتين فعلمت أن كلماتها أثارت في نفسه الذكريات أيضاً وفي لحظات لا نهاية لها أمسك الماضي الكئيب بخناقهما .
لو تراجعت لتقدم نحوها كنمر يلحق بفريسته .. لكن لا داعي للتراجع ففي ما قالته هذه المرة حقيقة ناصعة . إنها قادرة على العناية بنفسها وستفعل .. ولن يقدر أحد بمن فيهم بروس على أذيتيها .
جلست إلى جانبه بصمت فيما السيارة تنهب الأميال فوق الطريق الرئيسية وجدت هيلاري نفسها تكرر تلك الكلمات مراراً وتكراراً كأنها تعويذة ستحفظها سالمة .

بحر الامان
24-07-2007, 21:11
3_ وشم النار
كانا قد انطلقا منذ ساعة ونصف ولكنها لم تدرك ذلك حتى شغل بروس ضوء إشارة التحذير ليبتعدا عن الطريق العام
فسألته بحدة : إلى أين تذهب ؟
_ لنأكل .. ثمة نزل أستخدمه دائماً غير بعيد عن هنا .
_ أيجب أن نتوقف أنا لست جائعة . قال ببرود : أجل أنا أنوي أن أتوقف .. فإن لم ترغبي بالانضمام لي فانتظريني بمفردك في السيارة .
ضمت هيلاري شفتيها بغضب لأنها لا تنوي أبداً الجلوس في السيارة .. فالقرية التي دخلاها أخيراً ساحرة منازلها جميلة
تتجمع حول مروج وبحيرة للبط .. أما النزل الواقع بعيداً عن الطريق قليلاً فهو عبارة عن مبنى طويل مطلي بالأبيض
حاولت فتح الباب دون جدوى فاستدار بروس وفتح لها الباب من الخارج .. كانت خائفة للحظة أن يساعدها على الترجل فهي لا تريده أن يلمسها ترجلت دون تلك الرشاقة التي اعتادت عليها فلاحظت الابتسامة الصغيرة الساخرة التي تلوي فمه.
وفيما كانا متوجهين إلى باب النزل ظهر كلب ألزاسي من وراء النزل وتوقف عندما رآهما ثم شنف أذنيه تسائلاً وحرك ذنبه قليلاً . صاحت هيلاري باندفاع ومدت يدها : ياله من كلب جميل !
تقدم الكلب يشم أصابعها ثم سمح لها بحك رأسه …….
قال بروس بفظاظة : أنت لا تتعلمين أبداً .. أليس كذلك يا هيلاري ؟
أمسك يدها وقلب راحتها لفوق ليشير إلى علامة بيضاء واهية وقال : ألم يعلمك كلب كايل نيوتن شيئاً ؟
تورد وجهها وهي تسحب يدها من يده .. حدث ذلك في أول صيف قضته في ستونكليف يوم ذاك رأت الكلب في الطريق خارج المنزل فهرعت إلى خارج البوابة تتوق لملاعبته .. حيث ارتد عليها مزمجراً وعض يدها وأدماها صرخت من الرعب أكثر منه من الألم .. بروس الذي كان في المنزل كان أول الواصلين إليها .. فارتمت عليه تنتحب وذراعاها تتعلقان به .. لكنه أبعدها عنه وصحبها بقسوة إلى سيارته ليقلها إلى المستشفى المحلي للاعتناء بالجرح وهناك حقنت بحقنة مضادة للكلب … كانت أسوء من العضة ذاتها تتذكر جلوسها باكية قربه في السيارة وتتذكر ما قاله لها بازدراء
و ببرود : ألا تعرفين أن من الخطر مد يدك إلى كلب غريب .. أيتها الحمقاء الصغيرة ؟
لم تقل يوم ذاك أنها تعرف القليل عن الكلاب فالعمة ميلاني لم تكن تملك أي نوع من الحيوانات الأليفة . كم كرهت بروس في ذلك الوقت لأنه لم يتفهمها .. إنه أسوء من ذلك الكلب !
ابتسمت للذكرى : لو كان كلباً شرساً لما تركوه يجوب المكان كما أني تعلمت الكثير عن الكلاب .. لكن الناس هم الذين لا أثق بهم .
وفيما تركت الكلب يبتعد ليرحب بالمزيد من الوافدين أضافت بعفوية :فحتى من يبدون متمدينين قد يتصرفون كالحيوانات أحياناً . عندما استرقت النظر إليه رأت أن كلماتها أصابت هدفها فقد شحب لونه فجأة وأصبحت عيناه كما الجليد عندئذ شعرت بالاكتفاء فتقدمته بالمسير .
داخل النزل وجدت أن المكان لم يتعرض لأي تغيير فالسقف ما يزال مدعوماً بعواميد خشبية ونار وحطب تشتغل بقوة في موقد حجري قديم ومقاعد من خشب السنديان الصلب المرتفعة الظهور تحيط بالمدفأة وأشار بروس إلى أنهما سيجلسان هناك .
أعطاها لائحة الطعام : ماذا تشربين ؟
_ عصير الطماطم فقط أرجوك .
كانت لائحة الطعام قصيرة وبدا أنها تتجنب الوجبات الدسمة والشواء وتركز على المعجنات والحساء الساخن البيتي
كحساء الخضار وتشكيلة من السندويشات .
قال بروس وهو يجلس إلى جانبها على المقعد :
_ الحساء هنا وجبة بحد ذاتها .. ولا شك أن هود قد طلب عشاءً للاحتفال الليلة .
ردت بلهجة تعمدت أن تكون مرحة : من أجل عودة الابنة الضالة المفضلة .. حسناً إذن سأتناول الحساء مع سندويش جبنة .
قال بروس مبتسماً للفتاة التي حملت طلباتهما وقال سأتناول مثل ما طلبته .
لاحظت هيلاري أن الفتاة ألقت عليه التحية وكأنها تعرفه خير معرفة وهذا ما فعالته زوجة صاحب المكان التي تخدم الزبائن وراء طاولة القهوة والعصير .
رشفت عصير الطماطم وحاولت تجاهل نظرات الفضول الموجهة إليها فقد أوشك الزبائن على التعرف إليها لكن لم تكن كل النظرات موجهة إليها فمعظم النساء كن ينظرن إلى بروس بإعجاب ظاهر ..ساحر حين يختار أن يظهر سحره
وهاهي النادلة الشابة واقعة تحت تأثير سحره لكن لم يرمها سوء حظها حتى الآن لترى حقيقته .. وليس لديها فكرة عما يخبئه تحت مظهره البراق المخادع سمعت هوود يوماً يقول لزميله بالعمل : بروس صديق وفي ولكنه عدو لدود أيضاً . حسناً هي خير من تعرف مدى سوء خلقه فقد كاد يحطمها .
قال لعلي لم أقاطع حديثاً مهماً عندما كنت في الشقة ؟
فتورد وجهها قليلاً : ليس بشكل خاص لقد قلنا ما نحن بحاجة لقوله قبل عودتك .
سألها : كان رجلاً ؟ ردت : أجل . قال : ذلك الرجل .. ؟ قالت : واحد منهم !
وكانت كذبة قد ترتد عليها .
_ لا تمنحين حظوتك على ما يبدو إلى شخص معين بشكل حصري ؟
أحست بالازدراء في لهجته .. لكن لماذا تهتم ؟ إنها لا تريده ولا تريد أن يحسن رأيه بها .؟
_ لا يتوقع أحد مني هذا … هل من غرض ما وراء هذا الاستجواب ؟
نظر إليها بقسوة : بالتأكيد أريد أن أشير إلى أن شقيقتي تمكنت خلال غيبتك من تحقيق الاستقرار في حياتها ولا أريد أن يكدر هذا شيء .
تسمرت هيلاري .. فقالت ببرود : لا أظن أن لي هذا القدر من التأثير في لورنا .
_ أظن أنك تقللين من قدر نفسك .
_ في هذه الحالة يذهلني أنك ضغطت علي لأعود معك .. كان يجب أن تبذل ما في وسعك لأبتعد للأبد إلى الأبد .
_ لو كان الأمر متروكاً لي وحدي لفعلت ذلك صدقيني هيلاري آخر ما أريده هو أن تعودي إلى حياتها .. إلى حياة أي من .. و أنا أعرف أنك تكرهين عودتك إلينا بمقدار ما نكره .
لم تحاول إخفاء السخرية من ردها : شكراً لك …..
_لقد بذلت جهداً كبيراً لأثني لورنا عن مراسلتك لكنها حين أشركت هوود في الأمر وقالت له أنها تحتاج إليك ولا تستطيع تدبير أمورها بدونك وجدت أن لا مجال لدي للمعارضة .
_ هذا غير عادي بالنسبة لك وأنت على حق لقد تجنبت الاتصال بك وتجنبت رؤيتك أو التكلم معك مرة أخرى لكنني ما كنت لأفسد علاقتي بأحد لو كنت مكانك بل سأفعل ما تطلبه لورنا ثم أعود إلى حياتي الخاصة .
_ طمأنني قولك هذا ولكن ماذا عن هوود هزت كتفيها : سأفكر بقصة ما ترضيه .. لا شك أنه كثيراً ما تساءل عن سبب ابتعادي كل هذه المدة فهل لي أن أعرف ما الذي قلت له هذا إذا قلت شيئاً .
_ أقل قدر ممكن ولكنه لم يكن شيئاً قريب من الحقيقة وهل تتصورين أني قادر على ذلك ؟ فضلت أن يبقى له بعض الوهم في نفس هوود عنا .. هل من شيء آخر تريدين معرفته .
_ لا شيء . لكن قلبها كان يخفق فالطريقة التي تكلم بها لا تبين لم يراهما أنهما افترقا بعنف ومرارة .. وكانت مسرورة لوصول الساقية التي حملت إليهما الحساء وسلة خبز … ولولا وجود الرجل المعادي الذي يجلس إلى جنبها
والمشاكل التي تنتظرها في يوركشاير لاستمتعت بالوجبة .
بعد صمت قصير قالت : أما تزال السيدة ستارلت تعد السلطة المطلقة في ستونكليف ؟
قدم لها طبق السندويشات ورد :إذا أحببت وصف الأمر هكذا .. لم تحبيها قط .. أليس كذلك هيلاري ؟
_ ليس كثيراً .. لكنها طالما أوضحت أن لا وقت لديها لي أو لأمي .
تقلص وجه بروس لحظات ثم قال : يجب أن تتذكري أنها مع عائلتي منذ زمن بعيد …
_من غير المحتمل أن تسمحوا لي بالنسيان .
بالعودة إلى الماضي تذكرت كم واجهت أوليفيا صعوبات في الأشهر الأولى على توليها شؤون المنزل كونها سيدة ستونكليف .. في البداية واجهت صعوبة في القبول بالتغيير وزاد من توترها السيدة ستارلت المعتادة على الاعتراض على أي اقتراح إذ كانت تقول بصوت وقح : كانت سيدة البيت تحب هذا بهذه الطريقة . .. لكن تدريجياً تعلمت الثقة بنفسها وبما أن هوود دعمها استولت بهدوء وحزم على زمام الأمور من السيدة ستارلت التي اضطرت إلى التراجع متذمرة .. لكن هيلاري بحساسيتها المفرطة أدركت أن السيدة ستارلت لن تتسامح أو تنسى بأن يحل مكانها كسيدة فعلية للمنزل . امرأة تعتبرها دخيلة .. عانت هيلاري في طفولتها بطرق كثيرة لكنها لم تكن الوحيدة فلم تكن السيدة ستارلت تهتم بلورنا أيضاً كانت تعتبر كالأطفال عوائق أمام إدارة المنزل فلورنا في مراهقتها تعرضت لنوبات اضطراب وصلت أحياناً لحد الهستيريا وتعتقد هيلاري أن ذلك عائد إلى قيام السيدة ستارلت بإجبار الطفلة على النوم في الظلام وهذا ما عرفته منذ وطئت قدماها ذاك المنزل كان الإقناع بالحسنى هو أنجح وسيلة معها لكن ما إن يحاول أحدهم فرض أي نوع من التسلط عليها حتى يأتي رد فعلها شديداً . وتتذكر هيلاري أن الشخص الوحيد الذي كانت لورنا تخاف منه هو بروس الذي طالما قلق عليها من تصرفها المتهور والذي كان مستعداً لتقديم التنازلات من أجلها في أكثر المناسبات .
إن عودة هيلاري إلى ستونكليف هي إحدى المناسبات تلك خاصة إذا أظهرت لورنا ميلاً للعودة للهستيريا وهذا سلاح لم تتردد قط في استخدامه .
تنهدت متسائلة عما إذا عرف تشارلي ايزيربلورد ما هو قادم … أم اكتشف تركيبة سحرية للسيطرة على لورنا الحب يجترح المعجزات … لكن ….أحست فجأة أن بروس يتفرس فيها عاقداً حاجبيه في عبوس واضح . قالت : آسفة أقلت شيئاً كنت أفكر .
قال بصوت جاف : بل كنت ضائعة في أفكارك التي لم تكن لطيفة على ما يبدو .. سألتك إن كنت ترغبين في القهوة .
قضمت آخر قضمة في السندويش : أجل أرغب بالقهوة .. كانت الوجبة لذيذة ما أجمل هذا المكان وما أجمل القرية فهي تبدو مثيرة للاهتمام … ما أروع الإقامة فيها !
قال ببرود : أستطيع القول إن من الممكن تدبير أمر هذا .. فلا سياحة في هذا الفصل هنا .. ولا شك أن لديهم غرفاً شاغرة .
لما تلاقت عيونهما اتسعت عيناها بعدم تصديق صريح وغزا الدم وجنتيها

بحر الامان
24-07-2007, 21:12
وقالت بصوت مرتعش : كنت أتحدث بشكل عفوي ولم أقصد بقولي أن أطلق لك دعوة .. ربما كان يجب أن أوضح لك هذا .
نظر إليها ساخراً : ربما … قد تكونين امرأة متحررة هيلاري .. ولكنك ما زلت مرغوبة وجميلة .. ولقد قلت في وقت سابق أن لا حق حصري لأحد عليك .. فهل تلومينني حقاً إن جربت ؟
كاد الغضب يهدد بخنقها ولكنها أجبرت نفسها على القول بهدوء : ألومك .. لا .. بل أحتقرك أجل والآن هل لنا أن نغير الموضوع أجد هذا الموضوع مقرفاً .
قال ساخراً هذا ما تقوله عادة العذارى المحتشمات لكننا نعرف أن هذا بعيد عن الحقيقة أليس كذلك يا هيلاري ؟
اشتدت قبضتاها بقوة وبدأ صدرها يعلو ويهبط ثم قالت متوترة : هل تذهب الآن أرجوك .. لا أرغب في القهوة .
_ كما ترغبين . أشار للساقية لتحمل إليه الفاتورة فاعتذرت هيلاري وتوجهت إلى الحمام حيث وقفت طويلاً وأصابعها تقبض على حافة المغسلة وعيناها تنظران إلى صورتها في المرآة .. ما جنته على نفسها بالموافقة على العودة لا بد أنها فقدت رشدها عندما وافقت . غسلت وجهها وسحبت نفساً عميقاً لتستعيد سيطرتها على نفسها إنها تكرهه تقرف منه فلماذا عندما ينظر إليها وإلى قدها تشعر بتحرك شيء في أعماقها ؟
أحست بالغثيان من الغدر الداخلي .. فالثقة بالنفس التي كسبتها في السنتين الماضيتين بدأت تهجرها ولكن لطالما كان لبروس القدرة على تحطيم ثقتها بنفسها لكن من المهم جداً عدم إظهار دليل على ذلك يجب أن تقنع بروس ونفسها أن ما تشعر به هو عدم الاكتراث وأن أشد ملاحظاته المؤلمة لا تؤثر فيها .
سحبت نفساً طويلاً وعادت إلى غرفة الطعام كان بروس واقفاً يتحدث لزوجة صاحب النزل ويبتسم .. وفيما كانت تنظر إليه أحست بجاذبيته لكن يجب ألا تدع نفسها تنسى الجرح الذي سببه لها منذ سنتين أبداً .
بدأ المطر يهطل إلى شكل قطرات كبيرة وباردة فبدت نذير شر .
كانت تراقب الطريق بشوق لكنها تمكنت من كبت الشوق بتذكير نفسها بأن من المستحيل أن تعود .
لكنها عادت وبصحبة الرجل الذي دفعها للهروب في هذه اللحظات فكرت أنها لا شك فقدت عقلها !
قال بروس فجأة : بإمكانك فتح عينيك الآن لقد وصلنا .
أطاعته لكنها انبهرت من الأضواء المتدفقة من الطابق الأرضي كان الباب الأمامي مفتوحاً على مصراعيه ورأت جسد لورنا النحيل يتراقص هياجاً .
_ آه هيلاري ! هيلاري ! ما أروع رؤيتك أيتها الماكرة كيف ترحلين دون أن تودعيني لقد اشتقت إليك !
عقدت ذراعها حول خصر هيلاري وأدخلتها إلى المنزل كانت السيدة ستارلت بالانتظار في الردهة وكالعادة بدت مرتبة في فستانها الكحلي أما تعابير وجهها فلم تشر إلى الترحاب ولا الرفض .
نظرت هيلاري إليها ببرود : مساء الخير سيدة ستارلت .
_ مساء الخير يا آنسة إن أحببت أن تلحقي بي لأريك غرفتك .
قاطعتها لورنا بنفاذ صبر :لا ضرورة لذلك فهي تعرف غرفتها ألا تتذكرين أنه بيتها ؟ ودادي يريد أن يراها فوراً فهو على أحر من الجمر منذ الغذاء … الحبيب المسكين .. هل أخبرك بروس بحالته .
تنهدت هيلاري : أجل لماذا لم تخبريني بذلك لورنا ؟
قالت بانفعال : لو فعلت لخنقني إنه يكره الشفقة ويكره أن يتنازل أحد من أجله يصر على القيام بأكبر قدر من حاجاته بنفسه وظنناه يبالغ في إظهار استقلاليته في البداية ولكن الطبيب قال أن لا بأس بذلك .
سحبت نفساً عميقاً وقالت : الآن أنت هنا وسيكون كل شيء على ما يرام لقد عدنا عائلة من جديد .
ردت هيلاري : حتى تتزوجي .
ضحكت لورنا مترددة : أجل …. هذا ما أعتقد لم أفكر في الأمر بهذه الطريقة .
ضغطت هيلاري على ذراعها بمحبة : حبيبتي هل أنت سعيدة ؟
ردت لورنا بخفة : كأنني في الفردوس .. فتشارلي يعبد الأرض التي أسير عليها .
_ الواضح أنه زوج مثالي .. وأرجو أن يكون هذا الإخلاص متبادلاً .
_ طبعاً و إلا ما كنت لأتزوجه .
اقتادت لورنا هيلاري من الردهة إلى غرفة الاستقبال وهناك فتحت الباب بانفعال معلنة : هذه هي دادي .
لم يكن هوارد جيلفورد في الكرسي المتحرك بل كان واقفاً بصعوبة على قدميه يسند نفسه بصعوبة على عكازين ..
قال : هيل يا فتاتي العزيزة . وهرعت إليه وحين استطاعت الوثوق بصوتها قالت : هذا ما تفعله ما إن أدير ظهري .
قال بصوت أجش : هذا ما يبدوا .
وابتسم لها لقد فقد الكثير من وزنه وعلى وجهه خطوط قلق ومعاناة .
أردف : لكنني صممت أن أرحب بك وأنا واقف على قدمي وليس في هذا الشيء اللعين .
ونظر إلى الكرسي بغضب نظرت إليها هيلاري بانتقاد وقالت : تبدو أنيقة لماذا كل هذه الآلات ألن تريني كيف تعمل نظرت لورنا إليها بامتنان أما هوود فكان يحاول العودة إلى الكرسي ونظر إليهما باعتداد : أستطيع تدبر أمري كما تريان نحن لا نحتاج إلى الممرضة لماذا لا نصرفها من العمل ؟
انحنت لورنا تقبل رأسه : لأنني و هيلاري لن نستطيع خدمتك كما يجب ليلاً ونهار أنت لا تستطيع الحراك دادي وبدل طرد المسكينة يجب أن أقنعها يومياً بالبقاء .
تمتم وقد ازدادت نظرة الاعتداد بالنفس عمقاً : المرأة بلهاء أين بروس ؟
دخل بروس الغرفة : أنا هنا كنت أنتظر حتى ينتهي اللقاء .
نظر إليه والده عابساً : أوه ..؟ حسناً لدي ما أقوله لك لكما معاً أنا لست أعمى أو غبياً وأعرف أن مشاكل وقعت بينكما قبل أن ترحل هيلاري لا أدري ما السبب ولا أريد أن أعرف أنتما ناضجان الآن ولم تعودا طفلين ومن حقكما أن تختلفا إذا أردتما هذا لكنها عادت إلينا مرة أخرى إنها في بيتها حيث تنتمي وأريد نهاية لكل ما جرى مهما كان يجب أن ينتهي وأريد أن يعم السلام بينكما .
قال بروس ببرود إذن ليكن السلام شرط أن تكون هيلاري راغبة .
عندما مد يده تركت أصابعه تلامس أصابعها للحظة سريعة بإحساس مخدر وبعدم القدرة على الكلام .
_ هذا سلام جليدي قبلها وصالحها يا رجل من يراكما يظنكما غريبين .
وقفت هيلاري مشلولة من فوقها رأت وجه بروس محفوراً كالقناع وعندما انحنى نحوها أغمضت عينيها رفضاً لكنها أحست بقبلته وكأنها وشم ساخن .
قال هوود راضياً مبتسماً : هكذا أفضل .
قال بروس : سأذهب لأضع السيارة في المرآب .
وترك الغرفة بدون أن يلتفت إليها . نظر هوود إليه وهو ينسحب : ماذا دهاه الآن ستحمل السيدة ستارلت الشاي بعد لحظات .
ضحكت لورنا وقالت بمرح : كأنه بحاجة إلى دوش بارد تعالي فلنصعد إلى فوق ولنتأكد من وجود كل ما تحتاجين إليه قبل وصول الشاي .
في الطريق إلى فوق همست لورنا : ما كان كل هذا بحق الله هل كرهت بروس حقاً .؟
هزت هيلاري كتفيها وقالت مراوغة : بطريقة ما .
_ أعرف أنه قد يكون خنزيراً قذراً لقد أشعرني أني … أنني حشرة لكن ربما تحسن قليلاً مؤخراً أو أنا أصبحت أكبر سناً إذا لم أعد أخاف منه كما كنت .. أتذكرين ؟ ردت : أذكر جيداً .
ضحكت لورنا : طالما دافعت عني أليس كذلك يا حبيبتي فلم تخافي قط من بروس إذن ما الذي قاله لك ليجعلك تتركين البيت هكذا ؟ عم تشاجرتما ؟
اختارت هيلاري كلماتها بدقة :حسناً بإمكانك القول أنا تشاجرنا بسببك .
بدت لورنا مدهوشة : بسببي أنا ؟ لكن هذا رهيب لم يكن لدي فكرة أوه هيلاري .
ضمتها هيلاري قليلاً : لا يهم حبيبتي كما قال والدك لقد انتهى كل شيء الآن .
أو هذا ما آمله فجأة شعرت بالذعر أوه لماذا كان على هوود أن يقول شيئاً ؟
تابعت لورنا بإلحاح : لكنه مهم يجب أن تخبريني ماذا جرى هيلاري لي الحق بمعرفة السبب .
فتحت الغرفة التالية بعد غرفتها تلك التي سكنتها منذ كبرا عن المشاركة بغرفة واحدة ترددت هيلاري ثم توجهت إلى السرير تفتح حقيبة زينتها لتبدأ بإخراج مواد التجميل ثم قالت ببطء : يتعلق الشجار بالحفلات التي كنت تذهبين إليها وبتلك الزمر الفظيعة التي كنت تخرجين معها كان بروس على ما يبدو يلومني .
قالت لورنا ساخطة : هذا غباء . ثم برزت فكرة صدمتها ونظرت إلى هيلاري نظرة رعب : أكان يعرف بها آه يا إلهي لكنه لم يقل كلمة ولم يلمح تلميحاً أنه يعرف حتى حين داهمت الشرطة منزل هورلي وضبطتهم يدفنون الحشيش .
ارتعشت : أشكر الله لأنني لم أكن هناك تلك الليلة .
لكنك كنت هناك في ليال أخرى رغم كل ما قلته
هزت كتفيها بعدم ارتياح : حسناً أجل يرتكب المرء هفوات في مرحلة ما في حياته .
بدا رأس هيلاري يؤلمها فانتزعت الدبابيس منه وتركته ينسدل على كتفيها سألت : ليس جميع الناس فلم يحدث أن فعلت ولا أعتقد تشارلي فعل ذلك .
ضحكت لورنا : تشارلي ؟ يا إلهي إنه رجعي لقد نال يوماً مخالفة مرور بسبب ذلك وقوفه في مكان ممنوع فتصرف وأن ذلك نهاية العالم .
نظرت إليها هيلاري بقلق في صوتها رنة سخرية لم يفتها سماعها ..
قالت بلطف : ليس عيباً أن يتقيد بالقانون تعرفين هذا يا حبي فقلة من الناس هم هكذا في هذه الأيام .

بحر الامان
24-07-2007, 21:14
أجل أعرف لكن فلنعد إلى ما جرى بينك وبين بروس هل قال إن ذهابي إلى تلك الحفلات هي غلطتك ؟
_ شيء من هذا القبيل . ردت لورنا : وتشاجرتما ؟
_يمكنك قول هذا اسمعي لورنا أفضل أن أفعل ما اقترحه هوود أن أنسى كل شيء .
اكتسى وجه لورنا الجميل تعبيراً شيطانياً : إذن سأسأل بروس .
نظرت هيلاري إليها برعب : لا ! لا لورنا يجب أن لا تسأليه إن تحدثت بهذا مع أي شخص فلن أسامحك وسأغادر البيت ولن أعود إليه ما دمت حية .
تلاشت كلماتها المقطوعة الأنفاس إلى صمت عميق وطويل ثم تكورت شفتا لورنا في صفير صامت ملؤه الذهول
قالت ببطء : أرى أنك تعنين ما تقولين أنا آسفة حبيبتي لن أقول شيئاً إذا كانت هذه رغبتك ولن أذكر الأمر مرة أخرى لكن لا تذهبي أحتاج إليك أحتاج إليك حقاً لن أتحمل ذهابك الآن .
ارتدت عنها فجأة : أراك في الأسفل بعد قليل .
وذهبت إلى غرفة نومها تقفل الباب المشترك بين الغرفتين .
أثارت المصالحة التي جرت بينها وبين بروس في الأسفل توترها ورفعت يداً إلى الخد التي لثمها عليه وكم دهشت لأنها لم تر علامة عليه تذكرت بقوة آخر مرة عانقها بقسوة غاضبة .
كل الدفاعات التي بنتها بكل حذر ضد الماضي ضد العنف وضد الألم والعذاب والبؤس بدأت تتداعى من حولها الباب السميك الذي تعلمت أن تقفله في رأسها تعطل .
هزت رأسها لتنفض عنها الصور التي بدأت تتراكم فيه لو تركت تلك الصور تأخذ مجراها لغادرت المكان حالاً وفوراً
لكن لورنا بحاجة إليها قالت لورنا إنها لن تتحمل أن تذهب مرة أخرى .
همست لنفسها بصوت مرتجف :
لكن … هل أتحمل أنا … البقاء ؟
4- الفجر الذي مات
لم يظهر بروس عندما تناولوا الشاي .. فشعرت هيلاري بالراحة ولكنها مع ذلك كانت متوترة بحيث لم تستطع إعطاء حكم جيد على بسكوت السيدة ستارلت الهش الرقيق وعلى الكايك بالليمون عبس هوود عندما رأى قلة شهيتها وأحست أن لورنا تراقبها مفكرة في أكثر من مناسبة .
أفزعها أن تعرف أنه سيقام حفل صغير على شرف عودتها إلى ستونكليف لكنها حاولت إظهار حماس مقبول فالواضح أن لورنا خططت له عن طيب نية .
سألت : من سيأتي بالضبط ؟
_ حسناً .. تشارلي بالطبع ..
شخر هوود ساخراًَ وقال يقلدها : تشارلي بالطبع .. إن كمية الطعام التي يأكلها هذا الشاب هنا تجعلني أتساءل عما إذا كان عنده بيت يأوي إليه ؟
نظر إلى لورنا بمحبة وهو يتحدث ممازحاً ولكنها ابتسمت ابتسامة المجبر على إظهار السرور وكأن ما قاله أبوها نكتة تقال دائماً ؟
ارتدت إلى هيلاري : عدا تشارلي دعوت عائلة ميدوينتر تذكرينهما أليس كذلك ؟
ميدوينتر أتقصدين جون وآغنيس يا الله خلتهما في أفريقيا يساعدان بلداً ناشئاً في الوقوف على قدميه .
ضحك هوود بصوت مرتفع :هكذا كانا حتى أصبحت تلك البلاد لا تروق لآغنيس فعادا إلى الوطن .
أضافت لورنا بعفوية : لقد اشتريا منزل هورلي القديم يعمل جون في ليدز في منزل والد أغنيس .
علقت هيلاري : بكلمات أخرى عودة إلى الضوء .
قالت لورنا بشيء من الحدة ما هذا بغلطة جون فما دامت أغنيس ممسكة بزمام الأمور المالية فستبقى قادرة على فرض الشروط التي تريدها وتعرفين هذا .
هزت هيلاري كتفيها : بالضبط لهذا يدهشني أن تدعيهما الليلة لم تكن أغنيس الشخص المفضل لديك كما أذكر ولم تكن هكذا بالنسبة لي بالتأكيد .
نظرت إلى أبيها بحنان : لكن دادي يحبها ويستمتع بمغازلتها أليس كذلك يا حبيبي ؟
ابتسم هوود بهدوء : أغنيس امرأة جذابة تجيد لعب مثل هذه الألاعيب لكن هذا أبعد ما التزم به أما جون فهو ليس رجلاً سيئاً ولم يكن قط لكنني سأحترمه أكثر لو وقف بوجه أغنيس ووالدها بعض الأحيان .
ضحكت لورنا : لا تقل ذلك أمام هيلاري كانت تشعر بشيء تجاه جون ولعلها ما زالت دون أن تدري يجب أن نراقبهما عن كثب هذه الأمسية .
التوى ثغر هيلاري وهي تفكر بجون الذي كان لفترة ما مثالاً أعلى لتلميذة بشعره الأشقر وبقسمات وجهه النسرية الرومانسية لكن زواجه من المتعجرفة المتسلطة أغنيس شفاها بسرعة من مرض الحب ثم أكمل سفرهما إلى الخارج المهمة . قالت بخفة : فلنقل إنه لمن المثير للاهتمام رؤيته مجدداً .
وفيما كانت تتكلم ارتفع بصرها إلى ما وراء لورنا فرأت بروس واقفاً بالباب لم تعرف منذ متى وهو واقف هناك ولكنها علمت أنه سمع آخر ما تحدثت به وعرف على من تنطبق تسارع الدم إلى وجه هيلاري وهو ينظر إليها أرادت أن تقف لتقول له إن لا شأن له بما تقوله وأرادت أن تصرخ بهذا بأعلى صوتها لو لزم الأمر كما رغبت أن توضح له للمرة الأخيرة أن هذه العلاقة اندثرت وماتت بسبب قسوته أرادت أن تصيح هذه غلطتك وأرادت أن توجه إصبعها إليه متهمة كل ما كان في نفسي من حب و عطاء خنقته بيديك وبدل أن أشعر بالدفء بت أشعر بالمبالاة وأنت السبب بروس .
لكنها التقطت فنجان الشاي وطلبت من لورنا بهدوء أن تصب له المزيد .
ألقت نظرة أخرى فرأت أنه ابتعد بصمت كما جاء وكانت لورنا تقول : كان والدا تشارلي مدعوان لكنهما اتفقا مسبقاً على تناول العشاء مع أصدقائهما ولكنني واثقة أن السيدة ايزيربلود ستقيم إحدى حفلاتها الشهيرة على شرفك وأننت هنا هيلاري .
_ يبدو لي هذا مخيف .
ضحكت لورنا : حقا لا أدري كيف سأعيش معها خريجة معهد الطهو العالمي ورئيسة الجمعية النسائية وصاحبة الفوز بكؤوس تقدير في تنظيم الزهور إنها لائحة لا نهاية لها .
ضحكت متأثرة : يريد مني تشارلي أن أناديها أمي لكنني لا أستطيع أن أناديها أمي فهي مهيبة بحيث أعجز عن ذلك أتتصورينها تقوم بفعل بشري كإنجاب الأطفال ؟ أعتقد أنها طلبت تشارلي و ميريام بواسطة كاتلوج بريدي .
قالت هيلاري ببطء : مهيبة ربما لكنها ستكون أفضل بكثير لو ساعدتك في التخطيط للعرس .. بدلاً مني .
سارعت لورنا إلى العبوس عنيفاً : لا أريد من هو لي من عائلتي لا من عائلته والحمد لله لأن ميريام في أميركا ولولا ذلك لاضطرت إلى تحملها وهي تسير ورائي في الممر إلى المذبح وكأنها حصان عربة .
صدها صوت هوود :لورنا هذا غير عادل ميريام فتاة طيبة وليست أكبر منك أو من هيلاري .
قالت لورنا متمردة : لا شأن للحجم بهذا .
قاطعتها هيلاري بسرعة : إلى أي حد وصلت خطط العرس ؟ أو ليس من الأفضل أن تقيمه في عيد الفصح ؟ سيمهلنا ذلك مدة كافية ويكون الطقس أخف وطأة .
هزت لورنا كتفيها : أصبح الزواج في عيد الفصح أمراً عادياً فظيعاً ليتها تثلج فأنا أحب الثلج وكم أود لو أرتدي ثوباً مخملياً .
قالت هيلاري : هذا أحد الأشياء التي يجب أن نفكر بها لا بد أنك طلبت من السيدة انغلوز أن تصنعه لك هل انتقيت القماش هل بدأت القياس لأن …….
أخذت لورنا تدير خاتم خطوبتها الزفيري والألماس في إصبعها بقلق : في الواقع لا أريد منها أن تخيطه لي هيلاري بل أفضل ذاك المحل سيكبتون فمنه أستطيع شراء الفستان .
_ لكن السيدة انغلوز تخيط فساتين كل العرائس في المنطقة أولم تجرحي كرامتها ؟
_ أوه لا أظن ذلك لديها دائماً من العمل ما يفوق طاقتها لا أظن أنها ستلاحظ تمنعي عن الذهاب إليها .
لم ترد هيلاري التجادل معها ثم فكرت أن لورنا اختارت الدعوات وأرسلتها .
قالت : لن أدعو عدداً كبيراً من الناس فلا أريد أن ينقلب عرضاً عاماً وإن قللت العدد من جهتي فهذا يعني أن ايزيربلود سيحذون حذوي .
قالت هيلاري بهدوء : فهمت .
أو على الأقل بدأت تفهم لقد أرسلت لورنا لها صيحة القلب هذه لأنها تشعر أنها في معركة مع حماتها العتيدة بشأن الترتيبات وتريد من يدعمها ولكن هذا نذير لا يبشر بالخير للمستقبل وأملت أن تتوصل لورنا والتيا ايزيربلود إلى تفاهم معاً وإلا ستكون الحياة صعبة على تشارلي الذي يحبهما معاً .
أردفت لورنا : سنقيم حفل الاستقبال هنا لكن ما من مشكلة في هذا لأنني اتفقت مع مؤسسة تقديم طعام من هاروغات وهم من سيرتب كل شيء ولقد أرسلوا إلي قائمة الطعام ولكنني لم أطلع عليها فهل تشرف عليها دادي ؟
نظرت هيلاري إليها بحيرة إنها تتكلم بعفوية وكأنها تحضر لحفلة عادية لا حفلة زفافها حاولت أن تحمل كلماتها شيئاً من التشجيع : حسناً سنضع غداً بعض اللوائح ونرى ما يجب أن نفعله فيما بعد .. أعتقد أن دراسة لوائح الطعام تلك هي أول ما قد نقوم به ثم فستانك الذي ما إن نختاره حتى يتضح أمامي ما علي ارتداؤه .
_ ستكونين جميلة حتى لو ارتديت كيساً الآن هذه الفكرة لو كانت ميريام هنا لارتديتما كيسين ولو ضعت ميريام كيسها فوق رأسها .
صاح هوود : كفى .. الفتاة شقيقة تشارلي على أي حال ويجب أن تحسني الحديث عنها على الأقل من أجله لا وفري علينا سماع الانتقادات التافهة أيها الشابة .

بحر الامان
24-07-2007, 21:15
قالت لورنا بخضوع مبالغ : حاضر بابا .
هز لها رأسه بسخط زائف وسأل : هل أخبرت هيلاري شيئاً عن الشقة ؟
_ أوه … لا … لم أخبرها .
سألت هيلاري : أي شقة ؟ هل يعني هذا أنك وجدت مكاناً تعيش فيه ؟
_ أوه لا شأن لي بهذا لكن أجل لدينا مكان خاص بنا ثمة بناء إسطبلات غير مستخدم في مؤخرة منزل المزرعة كان السيد ايزيربلود يصلحه للسكن لكن حين قررنا الزواج عرضا علينا أن نعيش فيه وكان عرضاً لم نستطع رفضه .
_ هذا رائع ! ألست سعيدة ؟
ردت لورنا بعدم حماس : بالتأكيد فذلك يعني أنني لن أضطر إلى العيش في منزل المزرعة وهذا هو البديل الوحيد .. سيكون البناء جميلاً بالتأكيد ولن نبخل عليه بشيء أنا و تشارلي محظوظان حتى الآن ستقومين بتبريجي في اليوم الكبير ..ألم تبريجيني هيلاري ؟ هل تستخدمين مستحضرات آمبر إنها جميلة أعشق العطر كلما ذهبت إلى سكولفيو أطلب من الفتاة أن ترشني من زجاجة التجربة . ضحكت : يوماً ستضطروني وسأضطر لشراء زجاجة .
_ لا داعي لكل هذا .. لدي زجاجة إضافية خذيها إن شئت
أرادت طرح المزيد من الأسئلة عن الشقة لكن بدا من الواضح أن لورنا تريد إقفال الموضوع .
بعدما ارتشفوا الشاي صعدت هيلاري إلى غرفتها تتذرع بالتعب ولكنها متعبة حقاً ومن اللطف أن تخلع نعليها وتستلقي فوق السرير لكن عقلها كان يفكر بلا كلل بحيث لم يسمح لها بالاسترخاء .
كانت قلقة من أمور لاحظتها على لورنا .. الواضح أن هناك خطباً ما وجل ما تأمله أن يكون هذا بسبب القلق التي تشعر به كل عروس .
غفت وإن بتقطع حتى حل موعد حمامها والاستعداد للعشاء .. كانت قد تعمدت حمل أقل قدر ممكن من الثياب لتبرز للجميع ولنفسها بأنها لا تنوي البقاء كثيراً لكنها جلبت معها فستاناً حريرياً بلون التوباز المتعدد الألوان طويل الأكمام ياقته مثلثة مشطت شعرها على طوله فتدلى حريرياً براقاً على كتفيها وأضافت قرطاً من حجر عين النمر إلى أذنيها وخاتماً مماثلاً في الإصبع الثالثة من يدها اليمنى .
عندما ألقت نظرة انتقادية على صورتها في المرآة شعرت بالرضى عن مظهرها ورأت أن الفتاة الكهرمانية الأمبر قد عادت مرة أخرى وأن هذه واجهة جيدة للاختباء خلفها .
لن يتعرف أحد من المدعوين في الأسفل إلى تلميذة المدرسة الخجولة التي عرفها معظمهم .. سحبت بضعة أنفاس عميقة طويلة تقوم بها عادة قبل الخروج إلى الكاميرا والمشاهدين ثم خرجت من غرفتها وتوجهت إلى غرفة الاستقبال .
الغرفة مضاءة بالمصابيح ومن الموقد الواسعة ترتفع ألسنة النار وقفت هيلاري بالباب لحظة تنظر إلى ما حولها فتعرفت إلى جون ميدونتر ما زال أشقراً جذاباً كما كان دائماً من الجهة الأخرى بدا تشارلي ايزيربلود الواقف معه كما كان دائماً ملاك الأراضي الثري المزارع الذي لا ذرة رقة في جسده أملس ممتلئ الجسم .
احتلت أغنيس ميدونتر الأريكة حيث راحت تتحدث إلى هوود بإعجاب كبير بدت أنيقة بفخامة ونحيلة رقيقة كتمثال عرض الملابس هو مظهر مخادع كلياً فأغنيس آخر من قد ينكسر .
رفع هوود نظره بعفوية ظاهرة : آه .. هيلاري عزيزتي … ادخلي … ادخلي … تعرفين الجميع هنا …
أغنيس أتذكرين ابن زوجتي ؟
_ آه أجل بالتأكيد إنها مشهورة كثيراً الآن .
بدا كلامها مشبعاً بالازدراء لكنها تقدمت مبتسمة ففي عالم أغنيس الشهرة تعني الظهور في صور المجلات في حفلات راقصة أوفي حفلات أعياد ميلاد ..
قاطعها جون : إنها أكثر من هذا … لماذا لم تحذرينا مسبقاً هيلاري أنك ستصبحين بمثل هذا الجمال .
ضحكت هيلاري التي أصبحت معتادة على مثل هذا التعليق بدون أن تعتز به أو تحرج .
_ ربما لم أكن أعرف … أو الأصح أنني أردت أن أفاجئكم جميعاً مرحباً جون .. تشارلي .. ما أروع رؤيتكما من جديد !
قال تشارلي بصراحة : إنه لمن الرائع حقاً أن نراك … وبما أنني صهرك فهل يحق لي بعناق . اتجه إليها يعانقها .
قال بروس : ماذا أجلب لك من شراب .
لم تكن حتى الآن قد ألقت نظرة أقل إحساس بوجوده لكنها عرفت أنه هناك منذ وقفت بالباب .. كانت حتى في صغرها قادرة على التقاط ذبذبات وجوده ربما هذا ما هو عليه الأمر حينما يكره المرء شخصاً آخر .. ربما قوة الكره تجعل المرء شديد الحساسية لوجود من يكره .. أو لغيابه .
طلبت عصيراً بصوت عادي غير مرتعش فذهب وعاد به .. تناولت الكأس من قاعدته لتتجنب ملامسته فرأت فمه يلتوي وكأنه عرف ما في نفسها مع أن الحفلة كلها فكرة لورنا إلا أنها وصلت متأخرة واعتذرت مبتسمة بثقة وكأن من المعتاد من ابنة هذا البيت أن تكون آخر الواصلين بدت صورة تلفت النظر بفستانها الكرزي ولكنها كانت تضع زينة كثيرة وهذا ما لاحظته عين هيلاري الخبيرة .
كان العشاء ممتازاً بطريقة عادية … حساء تبعه سمك مع صلصة بيضاء ثم لحم عجل طري مع بطاطا ذهبية .
لكن لم يعط أحد العشاء حقه غير هوود و أغنيس فتشارلي كان مشغولاً بمحادثة لورنا التي كان اهتمامها يتنقل بلا توقف من واحد إلى آخر حول مائدة العشاء جون الجالس قرب هيلاري تحدث إليها بمواضيع عديدة ولم تدر لماذا تشعر أن جون الحقيقي متوار مختبئاً في مكان آخر ربما في مكان سري من نفسه حيث لا مجال للوصول إليه .
لم يقدر شيء مما قالته أو فعلته أغنيس خلال العشاء أو قبل هذا في غرفة الاستقبال على تخفيف العداء الذي طالما أثارته في نفس هيلاري لكن هيلاري لا تعرف بالضبط السبب لمشاعرها هذه في مستهل حياتها كعارضة التقت من هم أسوء وألأم و أخبث وأثرى من أغنيس والحقيقة أنها كانت تتحملهن لكن أغنيس كانت قادرة دوماً على إثارة أعصابها .
عندما عادت النسوة الثلاث إلى غرفة الاستقبال بانتظار القهوة قالت أغنيس تسأل لورنا : هل قررتما أين ستقضيان شهر العسل ؟
هزت لورنا رأسها كتفيها : لقد ناقشنا المسألة .. ولم نتخذ قراراً ثابتاً .
ضحكت أغنيس ضحكة خافتة ضحكة لطالما كرهتها هيلاري .
_ حسناً الفراش فراش أينما كنتما حبيبتي إلى أي حال يبالغ الناس في تقدير شهر العسل أعرف أن شهر عسلي لم يكن جيداً فعندما ذهبنا إلى كاساو في شهر العسل تسمم جون من الطعام فكان أن ذهبت أستمتع بالتزلج على الماء .
قالت هيلاري بجفاء : كان ذلك ممتعاً بلا شك .
تطلعت عينا أغنيس الزرقاوان الشاحبتان إليها : ألم يكن هناك جدوى من أن نكون كلانا بائساً .
وارتدت إلى لورنا : تأكدي حبيبتي من اختيار مكان تتمكنين فيه من تسلية نفسك حتى لو كان العريس منحرف المزاج .
قالت هذا مبتسمة ولكن بسلاطة لسان ذات مغزى وكأنها تشير إلى أن تشارلي قد يخيب أمل عروسه الشابة انتظرت هيلاري من لورنا أن تهب للدفاع عنه .
لكنها لزمت الصمت وظهرت بقعتان حمراوان على خديها وزمت عيناها سخطاً وقفت هيلاري واتجهت إلى خزانة مرتفعة تحتوي على التسجيلات : هل لنا أن نسمع بعض الموسيقى ؟
ارتدت أغنيس تسند رأسها : إذا كنت راغبة بذلك .
_ هل من طلب محدد .
ردت لورنا : أحب موسيقى مندلسون ضعي لنا كهف فينغال هيلاري
_ لا أجدها فلنستمع إلى ريفال .
شغلت الموسيقى وسرعان ما صدحت الألحان الحنونة المشبوبة في أرجاء الغرفة . كانت غلطة فحالما سمعت الألحان المثيرة تعرقت يداها وغارت أسنانها داخل شفتها السفلى لم تفكر حين اختارت التسجيل أرادت التخفيف من الجو المشحون لكنها لم تنجح في غير نقل التوتر إلى نفسها .
كان شريط التسجيل شريطها وهو أحد الأشياء الكثيرة التي تركتها ورائها حين هربت من ستونكليف كان هدية عيد ميلادها السابع عشر من بروس ما زالت تتذكر دهشتها وسعادتها لأنها تلقت هدية منه مع أنها هدية شبه واجبة في عيد الميلاد أو في ذكرى مولدها وكانت المرة الأولى التي يختار فيها شيئاً يعرف أنها تريده هكذا وفي خضم سعادتها كبتت عدائها الغريزي وشكرته وهو أمر تمكنت من فعله بشيء من الارتباك والتلعثم .
كانت سنة غريبة مثيرة للاضطراب فيها كان مزاجها سيئاً يتقلب من تطرف عاطفي إلى آخر .. وكانت على استعداد للبكاء بمقدار ما هي على استعداد للضحك .
كان هوود متفهماً وقد عزا فرط حساسيتها إلى الحزن الذي مازال في نفسها بعد وفاة أمها لكنها الآن تعرف أن الأمر لم يكن بتلك البساطة .
وقتذاك أشعلت هدية بروس شيئاً عميقاً في داخلها .. شيئاً جديداً فتياً وجل ما عرفته أن إحساسها به كان يتزايد بألم فغالباً ما وجدت أنها ترهف السمع لسماع صوت سيارته وهي تدخل إلى طريق المنزل الداخلية …وما أكثر ما كانت تراقبه خلسة في الأمسيات حين يتحدث إلى هوود … وعندما كان يغيب في رحلة عمل كانت تحس بالضياع والخوف … وكأنها مرمية على طوف في بحر عاطفي .
حين اصطحب معه صديقته إلى المنزل عانت كثيراً وغدت لا تشارك لورنا بانتقاد نسائه الساخر .
خلال هذا العذاب كانت تسمع إلى التسجيل الذي أهداها إياه حتى حفظت حتى عن ظهر قلب كل نغم وكل رنة وكل إيقاع عندما كانت تصغي إلى لحن انبلاج الفجر كانت تحس وكأن الموسيقى تحتوي على كل ما تحس به وكأنها تشير إلى انبلاج فجر ما داخلها شيء رائع بل أروع من أن تفكر فيه .
الآن جلست تصغي وأظافرها تنغرز في راحتي يديها ورأسها يضج بدوار.
قال هوود بمرح عند الباب وهو يدفع نفسه للداخل : كالأيام الخوالي .
تورد وجه هيلاري حاما رأت بروس يسير وراء والده … وتقدم يقول : انبلاج الفجر في المساء ؟ لا أظن هذا .
ودنا من الجهاز يطفئه فترك بذلك صمتاً مؤلماً خلفه .. جعلها صوت عميق تدرك أن الجميع قادرون على سماع دقات قلبها البطيئة الغير منضبطة .
ثم جاءت السيدة ستارلت بالقهوة وفي هذا الوقت بدأت أغنيس بالتكلم بتشدق عن خطط والدها لتوسيع أعماله ومرت اللحظة الحرجة بأمان وصدحت الموسيقى مجدداً ولكنها في هذه المرة لم ترجع أحد لذكريات الماضي .
قالت لورنا فجأة : لو أرجعنا السجادة إلى الوراء لاستطعنا الرقص … فهل نرقص ؟
لم تشعر هيلاري بالرغبة بالرقص وكم ودت لو اعتذرت وانسحبت إلى غرفتها لتبقى هناك بهدوء حتى الصباح.. ولكن لو اعتذرت وانسحبت لانقطعت عرى الحفلة ولخاب أمل هوود هذا إن لم تقل شيئاً عن لورنا .
ما إن خلت مساحة كافية حتى عقد تشارلي ذراعه بتملك حول لورنا …
ضحكت لها أغنيس مجدداً : ما أروع أن يحب الإنسان !
ونظرت بتحد إلى بروس : حسناً حبيبي .. هل تذكر كيف كانت الأمور يوماً .

بحر الامان
24-07-2007, 21:16
أدهشتها وقاحة تصرف أغنيس فسارعت تنظر إلى جون لترى ردة فعله .. ولكنه على ما يبدو غير ملاحظ أن زوجته تتعلق بعنق رجل آخر فشعرت مرة أخرى أن عواطف جون بعيدة كل البعد عن زوجته هل نسي ؟لعله غير مهتم بماضي زوجته وبالأخص بعلاقتها مع بروس .
نادت لورنا : جون … هيلاري لا ترقص .
توردت هيلاري حرجاً وانزعاجاً لأن جون دنا منها معتذراً فقالت : لا بأس جون كان يوماً مرهقاً لذا أفضل الجلوس بهدوء مع هوود .
أبعدت لورنا نفسها عن تشارلي المعارض وتقدمت إليهما : أوه لا تفسدي علينا مرحنا حبيبتي أنت تعرفين أنك تريدين مشاركته الرقص .
وارتدت إليه : كانت مغرمة بك بقوة يوماً .
امتقع وجه هيلاري بشكل مؤلم ولكنها قالت بهدوء : أنا لا أريد أن أرقص شكراً وأنا واثقة أن جون لا يريد سماع تفاصيل مملة عن أوهام أيام الدراسة .
تشدقت لورنا : ؟أوه لا أدري قد يجدها تفاصيل ساحرة لقد نسي الإحساس الذي يشعر به المرء عندما تعتبره كل امرأة رجل حياتها .
قال جون بقلق : إذا كان هذا ما تقولينه لورنا .. هل أجلب لك القهوة هيلاري ؟
رفضت بهدوء وجلست قرب هوود بعد صمت قال هوود بصوت هامس : لا أعرف ما يدور في خلد لورنا أحياناً إنها بحاجة إلى من يشد لها أذنيها … لكن تشارلي شاب مستقيم وطيب .. وإن كان هناك من يقدر على لجمها فهو القادر على ذلك …
_ أجل ………..
لكنها تمنت لو تكون مقتنعة ولو قليلاً .
توقفت الموسيقى و تغيرت الأسطوانة .. لتعلن لورنا : يجب أن نغير الشركاء تشارلي ارقص مع أغنيس وأنت هيلاري يجب أن ترقصي هذه المرة .. أقمنا الحفلة احتفاءً بك لا يمكنك الجلوس هكذا .
ابتسمت أغنيس : ولم لا قد تستمع بالتجربة الجديدة على أي حال لا أحد يرغب أن يبقى دائماً مركزاً للاهتمام .
وقفت هيلاري على مضض وهي تفكر بقبول دعوة جون لكن لم يكن جون من تقدم إليها ليأخذ يدها ويجرها إلى الرقص بل كان بروس .. تشنجت للحظات غير قادرة على السيطرة على نفسها .. ثم أدركت أن هوود يراقبها مبتسماً .. فأجبرت نفسها على الاسترخاء .
قال بصوت منخفض ساخر : هكذا أفضل … وكيف تستمتعين بالعجل المسمن ؟
ردت من بين أسنانها : هو طبق لا أحبه .
_ لسوء الحظ .. لكنك تجيدين التمثيل . أنت تفعلين هذا يومياً أمام الكاميرا وبإمكانك التمثيل الآن إكراماً لهوود .
_ أ،ا أمثل دور اللطيفة بروس … ألم تعرف ذلك ؟
نظر إليها وشفتاه مضمومتان بشدة .. وعيناه كقطعة جليد .. قال : لقد علق والدي أن اليوم شبيه بجو الأيام الخوالي
.. لكنه مخطىء فلا مجال للعودة إلى الخطى القديمة في هذا البيت .. وقعت أمور كثيرة غير مسموح بها فلا تفكري في المحاولة ؟
رفعت ذقنها بتحد : لا تقلقن .. حقاً ! أنت تعرف سبب وجودي هنا .. وما إن يتم العرس حتى أذهب اطمئن بالاً فلن أبقى هنا لحظة واحدة أخرى مهما فعل هوود لإقناعي بالعكس .
قال متجهماً : يسرني ما أسمع ولكن لدي كلمة أخرى هي بمثابة تحذير .. كنت مغرمة بجون وأنت تلميذة ولكنه اليوم رجل متزوج و أغنيس امرأة لا تتساهل في ممتلكاتها بسهولة .. مهما كانت قيمة هذه الممتلكات صغيرة بالنسبة إليها .
ردت بحدة : شكراً للتحذير … وهل تعتبرك أغنيس من ضمن ممتلكاتها … بسبب الأيام الخوالي ؟
أجاب بلطف : لا أظن أن ذلك شأن من شأنك .
ردت ساخراً : بكلمات أخرى المقاييس مزدوجة حية وبصحة جيدة وتعيش في ستونكليف .. وهذا جيد لك بروس .. أنت قانون بحد ذاته و أغنيس أيضاً .. وعلى هذا الأساس على الأقل متناسبان .
اسود وجه بروس غضباً ولكنه لم يرد انتهت الموسيقى فتحررت من بين ذراعيه وذهبت بحثاً عن قرصين من الأسبرين .
كان الطقس بارداً في الطابق العلوي فمكثت هناك فترة حتى تفعل الأقراص فعلها .. عرفت أن عليها أن تعود و إلا أرسل هوود من يبحث عنها .. كادت تبلغ منتصف منبسط الدرج حيث يستدير الدرج العريض حين سمعت لورنا يأتي من تحتها مباشرة : أوه حبيبي … حبيبي لا أستطيع الانتظار أكثر من هذا !
توقفت هيلاري التي أدركت أن خطواتها غير مسموعة بسبب السجادة السميكة .
إنه موقف محرج تزج به نفسها لذا سارعت للعودة للأعلى لكنها كانت تحس بالراحة فلورنا تحب حباً عميقاً وستتزوج تشارلي … وتعرف هيلاري سبب إصرارها على السرعة فهي لا تريد الترتيبات الصغيرة والمراسم والتقاليد التي تقيد كل شيء .
دخلت إلى غرفتها وأقفلت الباب ورائها ثم نظرت إلى صورتها في المرآة .. فرأت ما رآه الجميع فتاة الأمبر البهية الطلة
الواثقة من نفسها الفتاة التي يقبع العالم عند قدميها .
راقبت هذه الصورة قليلاً ثم أخذت الصورة بالتواري حتى لم يبقى سوى هيلاري … الوحيدة التعسة الخائفة !
5 _ لا خيار أمامها
استيقظت وهي تشعر أنها تختنق وكأن شخصاً وضع يده على فمها يكتم أنفاسها كانت الغرفة مظلمة فحدقت للحظات إلى الظلام بارتياح ثم حاولت تكييف نفسها .. ففهمت ما حصل .
كانت متعبة حين آوت إلى الفراش فنسيت إطفاء السخان الكبير أو فتح النافذة قليلاً والنتيجة أن الغرفة أصبحت كالفرن .
دفعت عنها الأغطية متنهدة وتوجهت حافية القدمين على السجادة فعالجت أمر السخان أولاً ثم فتحت الستائر السميكة لتصل إلى قفل النافذة .. إن الغرف المفتقرة إلى الهواء تولد في نفسها خوفاً مرضياً .
كان قفل النافذة قاسياً فكافحت لتفتحه فجأة أحست بحركة في الحديقة تحتها .. فحدقت إلى الأسفل فرأت طيفاً طويلاً يسير ببطء وبريق نار السيجار أمامه .
لم يكن هناك ما يدفعه للنظر لفوق أو ما يدعوه للظن بأن هناك من يشهد سهره مع ذلك ارتدت إلى الوراء خلف الستائر خافقاً قلبها خفقان شديداً .. فلقد صدمتها رؤيته مع أن عليها عدم الشعور بالصدمة فالسير لمسافات طويلة في الظلام وهو يعمل على حل مشكلة إما عملية وإما شخصية أمر لطالما عهدته من بروس … في الواقع بسبب هذا .
جمدت هيلاري في داخلها تحاول أن تقفل الباب الذي في رأسها لتحجب الذكريات التي تدفقت لكنها تبدو الآن أقوى منها أمامها أمور كثيرة تتعامل معها .. هذا المنزل .. والموسيقى .. والآن بروس ذاته يذرع الحديقة كما فعل منذ سنتين
عادت إلى الفراش مرتعشة فاستلقت تنظر إلى الظلال في الغرفة … ثمة فروقات بالتأكيد كان يومذاك يوماً صيفياً و كانت لورنا في الفراش بالغرفة المجاورة .
منذ عادتا من المدرسة و لورنا تسبب المتاعب .. فخلال الفصل الدراسي كانت تسيء التصرف مما أدى إلى مواجهات مع عدد كبير من موظفي المدرسة وأساتذتها وبسبب سلوكها عادت يوماً وهي تطالب بأن يرسلوها إلى مكان آخر و أقسمت ألا تعود إلى المدرسة في أيلول المقبل . كانت المدرسة جيدة وذات صيت جيد فقال لها هوود أن عليها البقاء فيها ثم أضاف بلهجة جليدية أنه يتوقع تقارير أفضل من سابقتها في نهاية الفصل القادم .
لكن لورنا صاحت أمام هيلاري حين أصبحتا بمفردهما : لن أعود … أكره المكان ! لقد سئمت ارتداء ذلك الزي الغبي سئمت أن يعاملوني كطفلة و أن يجروني إلى النوم في التاسعة والنصف ..
حاولت هيلاري أن تهدئ من روعها : لم يضرنا ذلك بشيء حقاً .
لكن لورنا رفض أن تهدأ : ربما عندما كنا صغاراً .. لكنني لست صغيرة .. أنا امرأة الآن .
كان هذا ادعاء دفاعي كررته أكثر من مرة في الأسابيع التالية .. حتى أصبحت هيلاري تخاف منه .. في البداية لم تربط تزايد تمرد لورنا بأسرة هورلي .. كانت لورنا التقت لوريس هورلي في ناد تنس محلي كانت تنتمي إليه مع هيلاري أثناء العطلات ومع أن لورنا كانت أصغر من لوريس إلا أنها كانت موهوبة في اللعب والواضح أنها اغترت عندما طلبت منها الفتاة الدخول معها في بطولة الأندية كشريك ثنائي .
لم تكن أسرة هورلي قد انتقلت إلى المنطقة منذ وقت طويل .. فالأب صناعي ثري والأم مصممة أزياء تقضي معظم وقتها في لندن وبسبب وضعهما أصبح منزلهما بيد روي و لوريس اللذين كانا يديرانه كما يحلو لهما كان منزلاً كبيراً أثاثه ضخم وهو يقع في بقعة جميلة فيه ملعب تنس ومسبح سباحة يمكن تسخين ماءها ولكن هيلاري وجدته جواراً مغماً للنفس ولعل السبب شعورها بمدى تأثيرهما السيئ في لورنا .

بحر الامان
24-07-2007, 21:17
لكنها لم تجد طريقة لمنع لورنا من الذهاب إلى هناك كانت تذهب كل يوم للتمرن مع لوريس على التنس في ذلك الوقت وكتمت أمر وساوسها ولم تذكرها حتى لهوود ….
وبقيت مترددة حتى بعدما سمعت بعض الإشاعات عن أن الأخوين هورلي يقيمان حفلات صاخبة .. وماذا في هذا .. فكلاهما بلغا السن القانونية وكلاهما كبيران بحيث يحق لهما فعل ما يريدان كان محظوراً على لورنا الذهاب لحفلاتهما لأن هوود رفض أن تذهب لمنزل يغيب عنه الأبوان وطالما احتجت لورنا على هذا ولكن هوود كان مصمماً وحازماً .
أو على الأقل هذا ما كانت هيلاري تعتقده حتى أيقظها في أحد الليالي صوت وذهبت إلى غرفة لورنا لتجدها في الثالثة صباحاً في ملابسها وفي تلك اللحظة لاحظت أنها ليست بتوازنها .
_ لورنا .. أيتها الحمقاء ماذا يجري الآن ؟
ردت وعيناها غاضبتان عنيدتان : أوه لا تخترعي أغنية وترقصين عليها بما أني أبقى في ذلك السجن ثلاث أرباع العام يحق لي أن أستمتع بما تبقى من العام .
سألتها بمرارة : أهذه هي فكرتك عن المتعة ؟ التسلل للخارج والجميع نيام وخيانة ثقة أبيك فيك والعودة على هذه الحال .
ردت وبعنف : وماذا في هذا لم أصب بضرر فاصمتي إذن يا آنسة طهارة وتزمت .
_ شكراً لك . وارتدت لتذهب طارت لورنا في الغرفة تمسك ذراعها .
_ هيلاري ! آسفة .. لم أعن ما قلت .. أجل كنت أسهر ولم يحصل شيء أنا بخير حقاً و هوود لم يعترض يوماً على خروج إحدانا ..
_ في الناسبات وفي أعياد الميلاد وفي أيام الآحاد . إنما ليس حتى هذه الساعة المتأخرة .. أبداً .. أنت تحت السنة القانونية لورنا لم تبلغي السادسة عشر بعد فماذا كنت تفعلين هناك ؟
_ ليس ما تظنين هيلاري .. لن تخبري أبي .. لن تكوني شريرة إلى هذا الحد ! أردت بعض التسلية فقط وأنا أحب لوريس و إن كنت لا تحبينها لن أذهب ثانية أعدك بذلك شرط أن لا تخبري والدك
لانت هيلاري وهي تنظر إلى وجه لورنا الأحمر وإلى عينيها المشعتين .. عرفت أن عليها إخبار هوود لكنها عرفت كم سيتكدر وترددت لأنها تعرض علاقتها بلورنا للخطر كما أن لورنا وعدتها …
تنهدت : حسن جداً .. لن أقول شيئاً لدادي ولتكن المرة الأخيرة التي تقومين فيها بهذا لورنا الأخوان هورلي فاسدان وتدور حولهما شائعات وسخة .. إن عرف دادي أنك متورطة معهما سيهدم السقف على رؤوسنا .. ومن الأفضل أن تطلبي من لوريس إيجاد شريك جديد للتنس ..
دلت ابتسامة لورنا البشعة على أنها أكبر بكثير من عمرها : لا مشكلة ..ولا أظن لوريس مهتمة بالتنس على أي حال.
المشكلة أن منزل هورلي لا يبعد عن ستونكليف إلا عرض حديقتيهما المشتركتي الحدود .. لذا سهل على لورنا التسلل خارج المنزل والذهاب إلى هناك بدون أن يراها أحد .. لكن مع أن لورنا وعدت بعدم الذهاب لكن هيلاري تعتقد أن مثل هذا القرار يحتاج إلى تأكيد .
في اليوم التالي سارت هيلاري إلى المنزل أما لورنا فمكثت بالسرير مدعية أنها تلقت كمية كافية من أشعة الشمس في اليوم السابق والحقيقة أنها كانت تعاني من التعب من جراء السهر في الليلة السابقة .
شقت هيلاري طريقها حول جانب المنزل حيث المسبح الذي كانت لوريس وروي يتمددان قربه .. ومدت لوريس يدها ووضعت المنشفة على نفسها مبتسمة ابتسامة مصطنعة .
_ مرحباً ! إلام ندين بشرف هذه الزيارة ؟
قالت هيلاري بجرأة متجاهلة إشارة روي لتجلس : ما هي زيارة اجتماعية .. جئت أخبرك بأنني أعرف أن لورنا تحضر حفلاتكما و أنكما تشجعانها على أشياء يعرف الله ما هي وأقول لكي الآن إن هذا يجب أن يتوقف و إلا بلغت زوج أمي وعندئذ ستجدان نفسيكما في مشاكل لا تحلمان بها .
ابتسم روي وجرت عيناه على هيلاري بتقويم وقح : لا تخافي أيتها النمرة .. استرجعيها فهي لا تروق لمعظم الأذواق .. والآن هل تعرضين أن تحلي محلها ….
قاطعته ببرود لا … شكراً لك .
_ لا يا الأسف !
تبادل الشقيقان النظرات وتبادلا ضحكة اقشعر لها جسد هيلاري لكنها قالت بصوت أجش : شيء واحد آخر أرجو ألا تحاولا الاتصال بها بأية طريقة أو أن تقوما على تشجيعها على المجيء إلى هنا تحت أي ادعاء
قالت لوريس ساخرة : تخدعين نفسك حبيبتي إذا لم يكن حملك الوديع بحاجة للتشجيع بل الفكرة فكرتها نحن لا نقيم حفلات للأطفال والآن هل تستطيعين إيجاد طريقك إلى الخارج .
وارتدت مبتعدة .
وهي في منتصف الطريق المعشوشب الثاني بين المنزلين أحست بدافع للنظر للوراء فرأت أن روي لحق بها ووقف عند بوابة حديقتهم يراقبها ترددت قليلاً فلوح لها بيده ثم وضعها على فمه ليرسل إليها قبلة ساخرة .. فارتدت مبتعدة ببطء لأنها كانت تقاوم اندفاعاً يجعلها تريد الركض …
وعندما فتحت باب حديقتهم وخطت إلى دغلة الأشجار الشائكة وقعت يد على كتفها فصرخت لكن الراحة جعلتها تقول بضعف : أوه بروس أنت أجفلتني .
رد بصوت متجهم : هذا ما أراه .. أين كنت ؟
هزت كتفيها : أتمشى . _ وحدك ؟ . ردت طبعاً .
_ لا تكذبي علي هيلاري .. لقد رأيت وداع مرافقك من نافذتي التي تطل على الحقل .
همت بإنكار صلتها بروي حتى انتبهت أن بروس سيسألها عن سبب قيامها بزيارة ذلك المنزل الأمر الذي سيورط لورنا وهذا آخر ما تريده .
كانت عيناه كالعاصفة وهو ينظر إليها : لم أعرف أن هورلي من طرازك .
حاولت إبقاء كلامها مرحاً : في مكان مثل ستونكليف لا مجال لخيارات كثيرة .
التوى فمه بازدراء واضح : أعتقد هذا .. لكنني بدأت أعتقد أثق بعقلك ورجاحته هيلاري وأنا أسف لأني أخطأت .
ارتد مبتعداً عنها فودت بيأس أن تقول له الحقيقة ولكن في ظل هذه الظروف أصبح هذا مستحيلاً .
مرت الأسابيع الثلاثة التالية بهدوء وتغير الطقس وحل الشتاء فادعت لورنا أنها ضجرة وأن الحياة في ستونكليف أسوأ من الحياة في المدرسة الداخلية .
لكن بدا أن لورنا عند وعدها .. وعندما عرفت هيلاري من الشائعات أن الأخوين هورلي رحلا إلى لندن لزيارة أمهما شعرت بالراحة .
كانت عودة الصيف نذير خير ولم يعكر مزاج هيلاري شيء حتى سافر هوود إلى أمريكا في رحلة عمل .
تقلبت هيلاري في فراشها : ما أشد ما كانت غبية .
بدأ الكابوس بهدوء كان يوماً حاراً رطباً واعداً بالرعد وكانت لورنا فاترة الهمة تشتكي صداعاً لذا لم تدهش هيلاري حين قالت بعد العشاء أنها ستنام باكراً .
جلست هيلاري تستمع لموسيقاها المفضلة كانت غارقة بسماعها فلم تسمع صوت السيارة بل لم تدرك أنها لم تعد بمفردها حتى رفعت بصرها ووجدت بروس ينظر إليها لم تتوقع عودته قبل اليوم التالي ترجلت عن الأريكة صائحة صيحة صغيرة .
_ أوه لقد عدت لماذا لم تخبرنا لو علمنا لحضرنا لك العشاء … لكن
رفع يده متعباً : لا بأس لست جائعاً ستحمل السيدة ستارلت القهوة وبعض السندويشات للمكتبة .
استجمعت ابتسامة صغيرة : أوه إن كان هذا ما تريد .
يكفي هذا .. سأتركك الآن تستريحين … أين لورنا ؟
أحست فجأة بجفاف فمها فبللت شفتيها بلسانها : أرادت النوم باكراً .. لا داعي لتأكل بمفردك في المكتبة بروس بإمكانك أن تأكل هنا .
التوى فمه قليلاً : لم أظن أن رفقتي أمر مرحب به هكذا .
ردت بصوت هامس والرعدة تسري بجسدها : أنت من يتجنبني دوماً .
_ هذا تصرف شاذ مني هل أطلب من السيدة ستارلت إحضار الطعام لهنا ؟
_ ولم لا ؟
نظر إليها بروس نظرة طويلة غامضة ثم تقدم من الباب وخرج .
استندت هيلاري إلى وسائد الأريكة من جديد وأغمضت عينيها ولكنها شعرت بقلبها يخفق بشكل غريب لقد سبق أن كانت بمفردها مع بروس فهما يعيشان في المنزل نفسه هما جزء مت عائلة واحدة … ولكنها عرفت أن هذه المرة مختلفة .. ففي هذه المرة كان الخيار متعمداً من كليهما .
ابتلعت ريقها وأحست باندفاع الدم المجنون في شرايينها ثم وقفت لتتجه إلى الهاي فاي لتختار أسطوانة موسيقى .
عمت الموسيقى في أرجاء الغرفة فعكست التشوش العاطفي داخلها … ثم راحت تعد طاولة صغيرة قربتها من الأريكة ثم جلست تنتظر ويداها مطويتان في حضنها وقلبها يخفق بألم .
حين عاد بروس حاملاً صينية رأته في سروال رمادي و كنزة صوفية بدل تلك البذلة القاتمة التي كان يرتديها .
ارتفع حاجبيه حين شاهد الطاولة … وعلق : منظر منزلي .
تورد وجه هيلاري التي قالت بصوت منخفض : أنت تسخر مني .
وضع الصينية من يده : هذا غير مسموح ؟ حسناً .. ربما بسبب العلاقات القديمة هذا صحيح … قهوة ؟
هزت رأسها رفضاً … كانت ترتجف في أعماقها لذا ظنت أنها لن تستطيع حمل الفنجان بدون أن ينسكب منه السائل . لو كانت في أي وقت آخر لما همها الأمر أما هذا المساء فبدا أن لكل شيء أهمية بالغة .
قال بنفاذ صبر : يجب أن تتناولي شيئاً … أنت تخسرين من وزنك .
مد يده يرفع ذقنها وراح يتفرس في وجهها وكأنه لم يره من قبل : ما الأمر ؟
_ لاشيء .. أنا .. لم أكن أنام جيداً هذا كل شيء وأعتقد أن السبب هو الطقس الحار.
_ أو الضغط العصبي قلقة بشأن المدرسة ؟ بشأن المستقبل أم ماذا ؟
ابتلعت ريقها : لا … لا شيء . رد : فهمت .
صمت لحظات ثم ترك ذقنها وارتد يسكب القهوة في فنجانه ويمد يده لأحد السندويشات .
_ على أي حال … لماذا لا تسرين لي بشيء ؟ فلم أشجعك قط على هذا .
_ لا .
_ اكنني أستطيع أن أشجعك على الأكل … دجاج أم لحم ؟
تناولت سندويشاً أجبرت نفسها على أكله شعرت أنه يراقبها بعينين رماديتين باردتين مترقبتين .
حين أنهى طعامه أعاد فنجان قهوته وطبقه إلى الصينية ومال إلى الخلف مغمضاً عينيه وتحركت هيلاري لتعيد الصينية للمطبخ لكن يده أمسكت معصمها : اتركيها .. اجلسي واستريحي قليلاً .. تبدين وكأنك عالقة بين أسلاك شائكة .
عادت إلى الوسائد وراحت تعض على شفتها متوترة .. ففقد بدأت أطراف أصابعها تصرخ رعباً بسبب وجوده .
قالت وهي تحاول الحديث : أتظن أن العاصفة على وشك أن تهب ؟ إنها تهدد بهذا طوال اليوم … والهواء ثقيل .
قال بكسل : وهل تخافين من العاصفة ؟
وأخذت إصبعه تتحرك مداعبة معصمها من الداخل : ألهذا أنت متوترة ؟
جعلت المداعبة العفوية نبضاتها تتسارع بجنون … في الماضي لم يكن الجسدي بينهما … لذا لم يكن هناك سبيل لمعرفة ما إذا كان هذا تأثير لمسته الرقيقة لا …
قال برقة : أراك ترتجفين هيلاري … هل السبب قلقك من العاصفة .. أم السبب هو هذا ؟

بحر الامان
24-07-2007, 21:19
مال إليها يعانقها عناقاً خاطفاً فشهقت شهقة كانت أشبه بدعوة خرساء له فسحب نفساً حاداً وشدها إليه .
فجأة قست عينيه وسلب عناقه منها كل الوعي والتعقل .
لم تعد تشعر إلا ببروس وبيديه الممسكتان بها كان تجاوبها معه كاملاً .. إنه أمر تاقت إليه منذ أشهر طويلة دون أن تعرف هذا … أو تترف به .
كان عناقه عميقاً .. كانت كمن يسبح في مياه عميقة مليئة بالتيارات المجهولة …..
كرهته دائماً ولم تثق به قط مع ذلك فها هو يحرك أحاسيسها كلها لم تكد تستطيع التنفس أما عينيها فاتسعتا وبرقتا ببهجة … كانت تعي وهي في خضم تلاطم مشاعرها صوت الموسيقى انبلاج الفجر وهبوط الفرح .. في كل انبلاج للنهار … بين ذراعي بروس .
ثم … سمعت صوتاً آخر كان أشبه بماء بمياه باردة تسقط على رأسها … سمعت وقع أقدام السيدة ستارلت وهي تتقدم في الممر ثم تلا ذلك قرع الباب .
انكسرت العلاقة السحرية الحساسة التي كانت تربطهما وابتعد بروس لاعناً متمتماً . ممرراً أصابعه في شعره الأشعث .
قال بصوت متوحش : اجلسي جيداً ولملمي شتات مشاعرك .
وأطاعته هيلاري .. لكن السيدة ستارلت قرعت الباب مرة أخرى بنفاذ صبر أخيراً نادى بروس ادخل .
كان واقفاً قرب الباب الزجاجي ينظر للحديقة يرجع الستار بيده … دخلت السيدة ستارلت على عجل ثم توقفت : لم أعرف أن الآنسة هيلاري هنا … سيدي ؟
أحست هيلاري بتورد شديد بسبب الاستهجان الذي بدا في صوت المرأة .. رغم وجودها بطرف و بروس في طرف آخر …
قال بروس ببرود : هل هذا مهم ؟
_ المسألة أن هناك مكالمة هاتفية لها سيدي أظن أنكما لم تسمعا رنين الهاتف بسبب الموسيقى لما صعدت لغرفتها ولم أجدها اضطررت لإبلاغ المتصل أنها خرجت لتتمشى .
سألت هيلاري : من كان التكلم سيدة ستارلت ؟
_ إنه السيد روي هورلي آنسة هيلاري … طلب مني أن أقول لك أن الدعوة مازالت قائمة لهذه الليلة .
جمعت السيدة ستارلت الصينية وغادرت , فسأل بروس متجهماً : منذ متى تقبلين الدعوات من الأخوين هورلي ؟
_ أنا لا أقبلها .. ولا أدري ماذا يعني لا شك أنها مزحة سخيفة .
_لكنها واضحة لي .. من الواضح أن لديك موعداً معه الليلة .. يبدو أني أخرتك بكل أنانية عنه , أعتذر .
وقفت هيلاري : لكن هذا غير صحيح ! لست خارجة معه .. إنه لا يعجبني حتى .
_ بدا أنك على وفاق تام معه منذ أسابيع .. ومع ذلك تنكرين أية علاقة معه .. لماذا هيلاري ؟ هل السبب معرفتك أن هوود لن يوافق ؟
منذ لحظات كان معلمها الوحيد… لكنهما الآن بعيدين أميالاً أخرى … و ها قد عاد العداء القديم وعدم ثقة الواحد منهما بالآخر .
قالت غاضبة : لا بالتأكيد لن يوافق ولا أظنه يوافق على تصرفك معي قبل قليل … ولا أظنه يوافق على تصرفك معي قبل قليل .
رد ساخراً : إن هذا صحيح ! لقد جاءت السيدة ستارلت بالوقت المناسب هل من عادتك التصرف بهذا النحو ؟ إذا كان الأمر هكذا أنصحك أن تكوني أكثر حذراً خاصة مع هورلي والزمرة التي حوله .
رفعت ذقنها بتحد : شكراً للتحذير لكنه غير ضروري … لأنني قادرة على الاعتناء بنفسي .
ثم ارتدت تاركة الغرفة .
ظنت في البداية أن صوت الرعد هو الذي أيقظها .. فاستلقت في الظلام مسمرة تصغي إلى المطر وهو يقرع بشدة على نافذتها .. لقد انفجرت العاصفة ويبدوا أنها تمطر بَرداً .. كان نقر البرد على الزجاج كنقر الحصى .. وكأن شخصاً ما يرمي حفنة من الحصى الناعم .
دفعت عنها الأغطية وهبت من السرير فتحت النافذة تنظر إلى الخارج فشهقت بسبب اندفاع الهواء البارد الرطب البارد إليها … ومض البرق ..فظنت أنها رأت وجهاً بيضاوياً شاحباً يتطلع إليها بتوسل إليها .. وقبل انفجار الرعد سمعته يهمس هيلاري .
إنه صوت لورنا .. لكنها نظرت إلى فراشها في وقت سابق فرأتها فيه ..
ردت بصوت هامس : إني قادمة !
خرجت من غرفتها بدون خف أو روب ونزلت الدرج متوجهة إلى الباب الخارجي التي لاحظت أنه غير موصد بالرتاج .. حين فتحته رأت لورنا متكورة في الشرفة المسقوفة في الخارج وحولها معطف واق من المطر لكن كان وجهها مبللاً وقدماها حافتين موحلتين .
شهقت هيلاري : لورنا … ستصابين بالتهاب رئوي !
و أدخلت الفتاة المرتجفة إلى المنزل وهزتها …
_ أين كنت بحق الله ؟
نظرت إليها لورنا نظرة تثير الشفقة :
_ أوه هيلاري !
لا بأس عليك .. تعالي إلى فوق فوراً وتخلصي من هذه الملابس المبتلة … أين حذاؤك ؟
_ لقد رميته … خلعته لأستطيع الركض بشكل أسرع .. سمعت شخصاً يلحق بي فذعرت ورميته و .. كان حذائي الجديد العالي الكعب …و ..
قالت بلطف : لا بأس عليك حبي … لا بأس .. لا تتكلمي الآن فلنصعد لفوق وندفئك .
وفيما كانت تجر لورنا إلى فوق وجدت نفسها تتساءل ما الذي جعل لورنا تهرب حافية القدمين في العاصفة … أحست بيديها تتجمعان في قبضتين وهي تفكر في الأخوين هورلي .
حمدت الله لأن هوود ليس موجود بالمنزل فغرفته أقرب غرفة إليهما و لا شك أنه كان سيسمع الصوت .. فقد أجهشت لورنا بالبكاء بصوت عال .
وضعتها هيلاري في غرفتها ونزعت عنها ثيابها ثم وضعت عليها غلالة النوم و فتحت حنفية الماء الساخن في مغطس الحمام المشترك وعبأت زجاجة ماء حارة عندما حملتها إلى غرفتها أطلقت شهقة بسبب الشكل الذي لا يحرك ساكناً الملقى على فراش لورنا ..
قالت لورنا : استخدمت الوسائد الإضافية … عرفت أنك ستبحثين عني إن وجدت الفراش فارغاً .
أرجعت هيلاري الغطاء إلى الخلف ورمت الوسائد إلى الأرض : ذكية كم مرة لعبت هذه اللعبة القذرة ؟
_ إنها المرة الأولى … أعرف أنك لن تصدقيني … لكن …
_ ولماذا أصدقك ؟ لقد وعدتني ثم حنثت بوعدك .
وضعت زجاجة الماء الساخن في الفراش وأعادت الأغطية .
قالت لورنا بقلق : لم أقصد هذا .. كنت .. ضجرة .. عندما صعدت السيدة ستارلت لتقرع الباب عليك وقالت أن روي يتصل بك قررت الذهاب إلى هناك .. ولكنني لن أعيد هذا مرة أخرى .. ما جرى هناك فظيع لم تكن الزمرة العادية بل حضر أناس كبار .. لم يعجبوني .. قالوا أننا سنلعب بعض الألعاب .. وسألت أي نوع .. لأنهم بدوا لي كبار في السن فعلاًَ فضحكوا وقالوا أنها ألعاب لحفلة … وإنني سأستمتع بها .
وضعت يدها على فمها وأغمضت عينيها : حين أدركت ماذا كانوا سيفعلون .. وماذا يريدون أن أفعل .. ذعرت وهربت .. فلحق بي روي وأخذ يقول لي أشياء رهيبة . لقد إنني متزمتة سخيفة هادمة اللذات وأن علي أن أؤدي الغرامة لأنني لم أكن مدعوة .
صمتت وراحت تنظر إلى هيلاري وعيناها متسعتان .
لقد هربت .
أحست هيلاري بالغثيان لكنها ابتسمت بمرح وتشجيع وقالت بصوت هادئ : أحسنت صنعاً .. لقد انتهى الأمر الآن ولن تري أي منهما بعد الآن .
أدخلتها إلى المغطس الساخن حيث جعلتها تسترخي وبعد ذلك ساعدتها على تجفيف نفسها وكأنها طفلة صغيرة وألبستها بيجامتها .. بدت لورنا صغيرة بوجهها المتورد المتورد الممتلئ ذعراً .
قالت هيلاري : حاولي أن تستريحي حبيبتي يكاد الفجر يبزغ سأترك باب غرفتي مفتوحاً .. ناديني إذا احتجت لشيء .
أمسكت يد لورنا بيدي هيلاري بذعر : أريد شيئاً أريد حذائي … أرجوك هيلاري .. يجب أن تذهبي لتجلبي الحذاء .
_ سأجلبه ……… سأجلبه غداً .
_ لا الآن أرجوك اذهبي الآن إن تركته حتى الغد فقد يجده أحد سواك .. وقد يحمله إلينا فيعرف بروس الذي سيسارع لإخبار دادي .. أرجوك هيلاري .. أرجوك .. أحضريه لي .
أبعدت هيلاري نفسها بلطف .. لقد مرت العاصفة وانقطع المطر لكن التفكير في الذهاب إلى الخارج للبحث عن حذاء ضائع لم يرق لها البتة ..
قالت على مضض : حسن حبي … سأذهب الآن.
عادت إلى غرفتها وارتدت الفستان الذي كانت ترتديه في وقت سابق وانتعلت صندلاً له أربطة حول ساقيها .. بعد ذلك وجدت مشعلاً وارتدت معطف لورنا الواقي من المطر حول كتفيها قبل أن تنزل إلى الأسفل .
في هذه المرة وجدت الباب الجانبي مقفلاً والمزلاج عليه فعرفت أنها لم تقفله لأنها كانت مشغولة بلورنا فتحته بحذر ثم تركته مفتوحاً ستبحث بسرعة عن الحذاء وإن لم تجده ستبحث عنه بالصباح .
لكنها وجدت الحذاء دون صعوبة تذكر فعادت إلى المنزل بهدوء وأقفلت الباب مجدداً ووضعت المعطف و الحذاءين في غرفة الملابس في الأسفل وتوجهت إلى الدرج حتى أحست بيد تهبط على كتفها ..

بحر الامان
24-07-2007, 21:20
وصوت بروس يقول : أهلاً بعودتك .
كان غاضباً غضباً شديداً ولكنها رأت مع الغضب عاملاً آخر لم تستطع أن تحلله بسهولة أقلقها هذا فحاولت التراجع .. لكن قبضته اشتدت عليها حتى تأوهت ألماً .
كان يرتدي روب حمام وشعره مبلل و كأنه كان يستحم .
قال ببطء : تعجبت حين وجدت الباب الجانبي مفتوحاً غير مقفل بالمزلاج لكنني ظننت أن السيدة ستارلت نسيت إقفاله .. كان علي أن أعرف بعد تلك المخابرة .. هل استمتعت بالحفلة .. هيلاري ؟ تقول الإشاعات إنها حفلات صاخبة … لكن على أي حال لم أعتقد أنك حتى أنت ستهبطين إلى مثل هذا الدرك .
أردف بصوت لاسع : أتحاولين التفكير في قصة مقنعة إنسي الأمر هيلاري .. أقدر على رؤية بوابة الحقل من غرفتي .. ألا تذكرين ؟ رأيت مشعلك يدور فوق الأرض لماذا لم تبقي الليل كله .. أم لعل عشيقك ضجر منك بسرعة ؟
قالت : ليس لي عشيق .
التوى فمه : لا ؟ أمر عجيب فلا أظنك تفتقرين الرغبة .. أيضاً حبيبتي ؟ أنت لا تحبينني ومع ذلك تجاوبت معي بشغف .. أتعرفين ما الذي منعني عنك .. عدا السيدة ستارلت ؟ ظننتك طاهرة بريئة لا تعرفين ما الذي تفعلينه .. ولم أرغب بإفساد براءتك .
ضحك بوحشية : يا إلهي ما أغباني ! لم أستطع النوم الليلة .. فخرجت أتمشى فكل ما كنت أراه هو وجهك كنت كرجل يتضور جوعاً يراقب مائدة عامرة من بعيد ولكنك كنت طوال الوقت مع ذلك النكرة الذي جعلته يحولك إلى وجبة سائغة له .
كان يمسكها بكلتي يديه فظنت أن عظام كتفيها ستنكسر لكنها لم تترك نفسها تصرخ .
قالت : أستطيع الاعتناء بنفسي .
لان صوته ولكن أبقى فيه رنة جعلت دمها يبرد .
أنا واثق من هذا هيلاري .. لذا فلنبدأ من جديد يا حلوتي هيلاري ذات العينين البريئتين الناعستين ؟ إنما في هذه المرة لن أزعج نفسي بالتفكير ببراءتك .. دعيني أرى أي خداع مازال مختبئاً فيك .
تأوهت برعب صرف .. قالت باحتجاج :
بروس … لا ليس الأمر كما تظن حقاً .
ضحك بسخرية : لا الأمر لم يكن قط كما أظن .. لذا لا داعي للتفكير … حبيبتي .
رفعها بين ذراعيه ليحملها إلى غرفته رافساً الباب ليقفله خلفهما كانت تقاوم كالحيوان تعض وتخدش لكنه لم يلاحظ شيئاً .
_ بروس … لا … أرجوك … لا ؟
جعلته ابتسامته الساخرة يبدو كالشيطان .
قال بصوت أجش : بلى هيلاري بلى … لا خيار للفاسقات وقد خسرت خيارك وستدفعين الغرامة .
الغرامة .. تحدثت لورنا عن الغرامة وكانت مذعورة … فهربت وهي الآن مذعورة بل لم يسبق أن شعرت قط بمثل هذا الذعر …..
6 _ اكرهني أكثر
قالت : أكرهك يا إلهي كم أكرهك ؟
_ اكرهيني قدر ما تشائين .. لكنك لن تغادري هذا المكان ما لم أنتهي منك هيلاري …
حاولت رفع اليد التي أمسكت بها وكأنها حيوان مذعور … فقال : هش .. لا تقاوميني هيلاري لا تقاومي نفسك .
تصاعدت المرارة في حلقها .. يا إلهي يحب أن تبتعد عنه وعن ستونكليف .
قاومته ولم تعرف كيف استطاعت الإفلات من بين يديه فهرعت إلى الباب فلحق بها ولكنها سبقته إلى فتح الباب وخرجت لا تلوي على شيء كانت تركض وقلبها يخفق بين جنبيها بقوة لم تظن أنه يملكها لما وصلت إلى غرفتها أخيراً أوصدت الباب خلفها خشية أن يلحق بها ثم انهارت على السرير تبكي وتبكي حتى جفت مآقيها من الدمع .
منذ تلك الليلة انصب تفكيرها على أمر وهدف واحد وهو ترك ستونكليف .. لتفر إلى الأبد من بروس جيلفورد .
نجحت هذه الفكرة لفترة …. أو هكذا بدا لها لكن لم يكن هنالك مجال للهرب حقاً …
مع ذلك فقد كان الأمر ضرورياً فبعد أشهر على ترك ستونكليف كانت الذكريات تلاحقها .. وكم ليلة استيقظت خائفة من مشاعرها التي مازالت تحن إلى ذلك النذل .
كم مرة لعنت نفسها لأنها لا تقدر على نسيانه مع أنها حاولت كثيراً ومع ذلك لم تنجح فها هي الآن مستيقظة كل عصب وكل إحساس فيها موجه إلى الرجل الذي يشق طريقه وحيداً في الظلام خارجاً .
وحيداً ؟ ضحكت بازدراء … لا شك أنها وجهة نظر رومانسية للموقف .. فبروس مغرم بالسير ليلاً .. وطالما فعل فهذه المسيرات تساعده على رؤية المشاكل بوضوح .. ويمكنها أن تعرف المشكلة التي تمنع عنه النوم هذه الليلة .
تسللت من جديد تحت أغطية الفراش متنهدة . لكن .. وحيد.. ؟ لم يكن لديها قط أدنى سبب لتفكر في أنه من بين الناس جميعهم قد يكون وحيداً .. فإن لم يدع أي سيدة للعشاء معه هذه الأمسية فهذا لا يعني أن لا امرأة في حياته .
ارتدت على وجهها تغمض عينيها بشدة حتى آلمتاها .. وفكرت بائسة : يا إلهي .. اجعله يكرهني .. اجعله يحتقرني إذا أراد .. مادام ذلك السبيل الوحيد لأبقى آمنة منه !
لا بد أنها نامت بعد ذلك .. فالشيء التالي الذي وعت عليه كان نور النهار ووجه لورنا التي كانت واقفة قرب سريرها مبتسمة وفي يديها فنجان شاي .
قالت متذمرة : هذه الغرفة ككوخ في القطب الشمالي .. نسيت أنك تحبين الهواء النقي .
جلست هيلاري وتناولت منها فنجان الشاي : آسفة .. ضعي روبي حولك إن كنت باقية .
_ بالطبع باقية .
جلست على حافة السرير وبدأت تحتسي فنجانها .
_ أوه هيلاري ما أجمل عودتك إلى المنزل ! كنت بائسة في السنتين المنصرمتين .
مازحتها بلطف : بائسة ؟ وأوقعت تشارلي في حبك ؟
_ أوه .. لا أعني هذا .. لكن لم أجد من أتحدث إليه .
_ خلتك عينت أغنيس لتسري لها بأسرارك .
_ إنها ليست بالسوء الذي تظنين .
_ هذا ما أرجوه .. وماذا قصدت من وراء إيحائك للجميع بأنني كنت أموت حباً بجون ؟ تعرفين جيداً أنه كلام سخيف .
هزت لورنا كتفيها : خلت أن قولي ذاك سيجعل أغنيس أقل غروراً ولو لمرة إنها متملكة بشكل رهيب .
هزت هيلاري رأسها : وهي الآن تكرهني .. شكراً يا صديقتي .
وضعت الفنجان من يدها : والآن ما هو برنامج اليوم ؟
ابتسمت ابتسامة ماكرة : لن نفعل شيئاً كثيراً .. يجب أن نؤقلمك بهدوء بعد بقائك في الجنوب الكسول .
_ لكنني لم آت إلى هنا من أجل هذا .. المفترض بي مساعدتك على التحضير للزفاف .. ويجب أن نبدأ بالتحضيرات إلا إذا كنت تريدين تأجيل المراسم .
_ لا .. لا أريد لا تفتعلي ضجة هيلاري .. سيتم كل شيء في حينه .. إن أردت نذهب لنلقي نظرة على الشقة .. تحثني ماما ايزيربلود على إبقاء عيني على تقدم العمل .. تعتقد أن علي الإشراف على وضع كل أداء صغيرة في مكانها.
قالت هيلاري بصراحة : حسناً تحب الفتيات هذا .. ولا يحصل الجميع على بيت مفصل كما يريدون .
_ ربما .. لكنني أعتقد أن التحضيرات المنزلية أمر متعب ………
أنهت شايها ووقفت متمتمة : أترغبين في الاستحمام أولاً ؟
_ لا استحمي أنت أولاً .
عاد إلى هيلاري اضطرابها لم تعرف السبب لكنها فكرت ما أشد حماقتي .. إنهما متحابان وقد شهدت البرهان ليلة أمس لا بد من وجود ثغرة ما .. و أتمنى لو تتحدث لورنا عنها لأنها لا تجعل من الحبة قبة .
حين نزلت إلى غرفة الفطور أدهشها ألا تجد لورنا فيها .. كان هوود جالساً مع الممرضة وهي امرأة معقولة المظهر ذات شعر رمادي .. بروس هناك أيضاً .. يأكل اللحم المقلي مع الفطر والطماطم انتفضت هيلاري عندما رأته فالأحداث التي مرت بخاطرها ليلة أمس جعلتها حية وكأنها حدثت بالأمس .. لذا صدمتها رؤيته جالساً بهدوء .
نادها هوود بمرح : هاأنت إذن حبيبتي .
وارتد إلى الممرضة : لا أظنك تعرفين ابنتي .. ابنة زوجتي .. هيلاري هذه دوير التي تعتني بي والتي جعلتني أقوم بتماريني الجهنمية .
قالت الآنسة دوير : واثقة أنك لا تقول كلمات كهذه من وراء ظهري . وصافحت هيلاري .
دخلت السيدة ستارلت حاملة إبريق قهوة كبير وضعته على المائدة وسألت : هل تتناولين فطوراً مطبوخاً آنسة هيلاري ؟
_ لا شكراً سأتناول التوست والقهوة فقط .
عبست السيدة ستارلت دليل على عدم موافقتها ولكنها لم تعلق بشيء بعد ذهابها قال هوود : يجب أن تأكلي أكثر من هذا يا هيلاري .. أنت نحيلة جداً .
ابتسمت هيلاري : لن يوافقك جول الرأي أبداً .
سأل بروس وهو يلوي فمه : من هو جول ؟
ردت ببرود: إنه مصوري أو على الأقل المصور الذي أعمل معه أكثر من غيره .
علقت الآنسة دوير : ويلتقط صور رائعة … كنت آمبر غيرل فتاة الكهرمان أليس كذلك يا آنسة جيلفورد ؟
هزت هيلاري رأسها مؤكدة .. لكن بروس سارع يقول : اسمها كوارثمان .. هيلاري كوارثمان ,

بحر الامان
24-07-2007, 21:21
بدا الحرج على المرأة : بالتأكيد .. كان يجب أن أعرف ..
قال هوود بمرح : إنها شكليات ليس إلا .. هيلاري جزء من عائلة جيلفورد إلا من جهة الاسم أليس كذلك حبيبتي ؟
أجبرت هيلاري نفسها على الابتسام فقد كانت واعية لنظرة بروس الساخرة .
إذا كان هذا ما تريده هوود … هل يعرف أحد أين لورنا ؟
قال هوود هي لا ريب في الخارج تتمشى فهذا ما تقوم به دائماً قبل الفطور .
ارتفع حاجبي هيلاري عجباً … وضحكت : حقاً ! يا إلهي لقد تغيرت !
تركزت عينا بروس عليها : وماذا توقعت ؟ أن يكون كل شيء هنا في فراغ بانتظار عودتك ؟
ردت بحدة : بالتأكيد لا .. لكن التنزه في الصباح عادة لم أعهدها في لورنا … هذا كل شيء .
رفع عنه طبقه ومد يده إلى سلة التوست : ربما تعتبرين ذلك حقاً حصرياً لك أم لعلك تغيرت أنت أيضاً على الأقل في هذا المضمار .
فكرت بجنون .. كيف يجرؤ ؟ كيف يجرؤ على السخرية منها هكذا وهو يعرف أنه غير قادرة على الدفاع عن نفسها بوجود هوود والممرضة ؟
قالت بخفة متعمدة : وأنا أيضاً لم أعان من الفراغ .
التفتت عيناه إليها بقسوة وقال : لا .
في تلك اللحظة دخلت لورنا وعيناها براقتان وخداها مشرقان ودارت حول الطاولة وهي تكاد ترقص .
_ مرحباً جميعاً ……….
قبلت هوود وعانقت هيلاري : أليس يوماً جميلاً ؟
قالت الآنسة دوير : تنذر الأرصاد الجوية بهطول الأمطار .
ضحكت لورنا : لا يهمني ما يحصل فيما بعد طالما تشرق الشمس في الصباح سآخذ هيلاري لنرى الشقة .
وصبت لنفسها طبق سيريل أما بروس فابتلع آخر قضمة من التوست ووقف يقول لوالده : إن اتصل هيبورغ فقل له أنني في مدينة ليدز طوال اليوم .
هز هوود رأسه وقالت لورنا : آه بروس حبيبي .. إذا كنت باقياً في ليدز فهلا أتيت لاصطحابنا للغذاء لقد مر زمن طويل منذ فعلت ذلك .
تردد .. ولكنه لم ينظر إلى هيلاري : ليس اليوم لورنا … لدي جبل من الأعمال .. ربما في وقت آخر .
غضبت لورنا فقال هوود : لا يمكنك رفض عرض كهذا يا فتى .. عليك أن تأكل ولا شك أن تناول الغذاء مع فتاتين جميلتين سيساعد جبل العمل على الانتهاء .
تجهم وجه بروس بشدة … وقال ببرود : حسناً تعاليا إلى المقهى في الثانية عشر والنصف .. لورنا .. وسأرى ما أستطيع أن أتدبر .
_ حبيبي .. أنت أخ رائع .. أليس كذلك هيلاري ؟
وضعت هيلاري قطعة التوست من يدها وتمتمت بكلام غير مفهوم وكانت تعي نظرة بروس الساخرة ولكنها عندما رفعت رأسها لم تجده فتمكنت من الاسترخاء قليلاً .
بعد الطعام ترافقت الفتاتان إلى الكراج حيث تقف سيارة لورنا السوداء الميني ..
علقت هيلاري : رائعة ..
ضحكت لورنا : إنها مكافأة .. لم يصدق دادي أنني قد أنجح في امتحان القيادة ولكنني نجحت في المحاولة الرابعة .
عندما كانت هيلاري تراقب لورنا وهي ترجع السيارة إلى الوراء وتتقدم إلى الطريق الداخلية تساءلت إن نجحت فعلاً في المرة الرابعة فعلاً .. فقد ابتهلت إلى الله حتى تصلا سالمتين .
يقع منزل ايزيربلود بعيداً عن الطريق داخل ممر خاص مرصوف تحده بوابتان وسياج خشبي خاص بالمواشي .. كان المبنى كبيراً رحباً بني من حجارة محلية تقليدية تحيط به حديقة رسمية كبيرة كانت معظم مباني المزرعة بما فيها مخزن الغلال الذي سيتحول إلى شقة تشارلي و لورنا في مؤخرة الأملاك .. لكن لورنا لم تتوجه إلى هناك مباشرة بل توقفت أمام المنزل ثم نظرت إلى هيلاري عابسة وقالت : تعالي .. من الأفضل أن نعلن عن وصولنا إلى العمل .
أدخلتهما مدبرة المنزل ثم اصطحبتهما إلى غرفة جلوس كبيرة واسعة … وهناك وجدتا السيدة ايزيربلود جالسة وراء منضدة قرب النافذة تكتب لكنها وقفت مبتسمة ابتسامة ترحيب للفتاتين .
_ لورنا عزيزتي .. ما أروع هذا فنحن لا نراك كثيراً .. وهذه هيلاري بالتأكيد يا لنجاحك الباهر .. لقد تابعنا عملك الناجح باهتمام كبير هنا .
عندما ارتدت السيدة ايزيربلود إلى مدبرة المنزل لتطلب القهوة تمتمت لورنا همساً إلى هيلاري : أعلن الآن عن افتتاح البازار .
عبست هيلاري في وجهها مؤنبة وحضرت نفسها لما لا يقل عن نصف ساعة من الحديث عن عملها في عرض الأزياء .
قالت السيدة ايزيربلود وهن يتناولن القهوة : كنت آمل أن أتصل بك لورنا .. إذ يكاد العمال يبدؤون بتبليط المطبخ والحمام ولقد وصلتني نماذج عن البلاط التي أريد عرضها عليك لست مضطرة للاختيار منها عزيزتي فهناك كاتلوجات
كثيرة هل نظرت إلى تلك التي أعطيتك إياها عزيزتي ؟
هزت لورنا كتفيها بعدم اكتراث : لم يكن لدي الوقت … واثقة أن ما تختارينه سيكون جيداً .
_ لكنني لم أختر شيئاً عزيزتي .. الخيار خيارك وخيار تشارلي إنه منزلكما .. لقد تركت النماذج في الشقة وليس عليك إلا اتخاذ القرار و إخبار رئيس العمال به .
تنهدت : أملت أن يكون تشارلي هنا هذا الصباح لكنه اضطر للذهاب مع والده .
وضعت لورنا كوب القهوة على الطاولة : لا يهم أردت أن تلقي هيلاري نظرة على الشقة فقط تعالي هيلاري … من الأفضل أن نبدأ يجب أن نكون في ليدز في الثانية عشر والنصف لا تنسي .
وهما تسيران في فناء المنزل الخلفي قالت هيلاري : لورنا .. كدت تكونين فظة معها .
_ حسناً ما تقوله سخيف تعرف أنها هي التي ستختار نوع البلاط في النهاية تماماً كما اختارت كل شيء آخر آه .. كل شيء ساحر وجميل لكن ما يعجبني هو دائماً " ليس مناسب يا عزيزتي " ربما أنها تدفع التكاليف فقرارها هو الأخير حسناً هاقد وصلنا .
بدا تحويل المخزن إلى شقة جيداً جداً فالطابق الأرضي تحول إلى كراج وقاعة استقبال و غرفة ملابس .. وهنالك سلم من خشب السرو يفضي إلى غرفة جلوس كبيرة تشرف على منظر الوادي الخلاب أما المطبخ فبدا كبيراً لتناول الطعام فيه وإضافة إلى حمام صغير رأت غرفتي نوم مقبولتي الحجم .
نظرت لورنا إلى صندوق كرتوني موضوع أرضاًُ : أعتقد أنها النماذج التي تكلمت عنها ما رأيك هيلاري ؟
عليك إلقاء نظرة لتقرري فأنت من سيعيش معها على أي حال .
تمتمت بلهجة تكاد تكون متوحشة : أجل هذا صحيح .. سأعيش مع الجميع .
دنت من النافذة الواسعة ونظرت للخارج فلاحظت هيلاري أن بريق الصباح الذهبي قد خبا وأن غيوما ًرمادية قاتمة تتلبد في الجو .. انضمت إلى لورنا وعلقت قائلة : سيتساقط الثلج .. ياله من منظر رائع .
ضحكت لورنا : أليس كذلك ؟ والمناظر من النافذة الأخرى أفضل بكثير انظري !
قطعت الغرفة ومدت يدها بحركة مسرحية دراماتيكية .. فقالت هيلاري بعد صمت : إنه المنزل الرئيسي .
_ أجل .. المنزل الرئيسي .. هانحن .. منفصلان كلياً .. ومكتفيان كلياً ومع ذلك لا نغيب عن الأنظار أبداً ويا لها من حياة ! ضحكت بعدم ثبات .
_ هيا الآن أنت على مسافة من المنزل .
_ إنها تراقب فكلما جئت إلى هنا تراقبني وقد لوحت لي أكثر من مرة فهل تتصورين ما سيكون الأمر عندما أعيش فعلاً هنا ؟
تنهدت هيلاري : أوه لورنا إنها ملهوفة على قرانكما فهي تريد أن تساعد وأن تتأكد أن كل شيء كامل فتشارلي هو ابنها الوحيد على أي حال .
ردت لورنا بتمرد : ألا أعرف هذا ؟
وضعت هيلاري يديها على كتفي لورنا ونظرت بقلق إليها : لورنا ما دام هذا شعورك فلماذا لا تؤجلين الزفاف فترة أمهلي نفسك فترة لتتأكدي !
نفضت لورنا عنها قبضة هيلاري بلؤم تقريباً : عم تتحدثين ؟ أنا واثقة سأتزوج تشارلي في الموعد المتفق عليه المشكلة أن أمه تحبطني .
جادلتها هيلاري بلطف : وهل من المستحيل إيجاد مكان آخر تسكنان فيه؟
تقدمت لورنا إلى صندوق البلاط : لا بأس بهذا سأعتاد …………
أخرجت بعض منها : هذه مناسبة للمطبخ ما رأيك ؟ وهذه المذهبة مناسبة للحمام سأعطيها لرئيس العمال .. ثم ننطلق إلى ليدز .
تنهدت هيلاري : أترينها فكرة صائبة ؟ بدا واضحاً أن بروس لا يريد منا أن نذهب .
لوحت لورنا بيدها مستخفة : أوه قد يفيده أن ينزعج بعض الأحيان كما أنني أريد الذهاب إلى ليدز للتفتيش عن ثوب العرس .
_ ظننتك ذاهبة إلى محل معين في سيكبتون .
_ قد افعل لكن فلنفتش في ليدز أولاً .
وضعت يدها على ذراع هيلاري متوسلة : أوه حبيبتي … هل أنا مشكلة رهيبة لك ؟
ابتسمت : كالعادة .
قالت بسعادة : إذن سنعود إلى المنزل لنبدل ملابسنا سترتدين ما يصرع عيني بروس لقد آن لكما أن تعقدا الصلح بشأن كائناً ما وقع خلافكما عليه أنا واثقة أنه يهواك في سره لم يعجبه الأمر حين مازحتك بشأن جون .
_ لا أهتم بهذا .. لكن أرجوك لا تدعي خيالك يجمع بشأني وشأن بروس .. نحن هكذا سعيدان ببغضنا المتبادل .
_ لكن لا يجب أن تكونا على بغض فأنت رائعة الجمال هيلاري فصورك في كل تلك المجلات مذهلة .. و بروس مثير جداً فحتى أنا ألاحظ هذا .
بللت هيلاري شفتيها وضحكت ضحكة قصيرة متوترة : انسي يا لورنا أية معادلة تعملين عليها في عقلك لا يمكنك جمع الناس معاً والحصول على النتيجة المرغوبة والحقيقة أننا لا نتبادل الإعجاب .
قالت لورنا بعناد : لكنني أريد أن تتبادلا الإعجاب وهذه أمنية هوود أيضاً حين سمع بخبر عودتك إلى البيت وحين علم أن بروس هوود الذي سيصحبك تهلل ابتهاجاً وقال إن أغلى أمنية لديه هي أن ..
قاطعتها هيلاري بحدة : أرجوك لورنا لا أريد سماع المزيد ولا أريد مناقشة المسألة أكثر من هذا …. الأمر كله سخيف وإن أصررت فلن أرافقك إلى ليدز بل سأعود حالاً إلى لندن .
نظرت لورنا إلى هيلاري بحيرة ووعدت : حسناً لن أضيف كلمة أخرى .
حافظت لورنا على وعدها لكنها لم تكن رحلة هادئة إلى ليدز بأي حال من الأحوال فقد كانت قيادة لورنا رعناء وعاشت هيلاري على أعصابها حتى وصلا أمام أبواب مصنع جيلفورد .
سارت بثقة إلى مكتب الاستعلامات تلقي التحية على العاملة هناك وقالت من فوق كتفها وهي تتجه إلى المصعد : قولي للسيد جيلفورد إننا في الطريق إليه .
لم تتغير المكاتب في الطابق العلوي كثيراً بعد انقطاع هوود عن المجيء تذكرت هيلاري بحنين كيف كانت أوليفيا تحضرها وهي طفلة إلى هنا لتراه وتتذكر كيف كان يجلسها على كرسي دوار وتذكر أن الآنسة كرومر سكرتيرته الكبيرة في السن لأعطتها مرة بعض الحلوى من علبة في درج مكتبها وتركتها تطبع اسمها ببطء شديد على آلة طباعة إلكترونية براقة .
ما زالت هناك خزانة الملفات المرتفعة والسجادة الخضراء الكبيرة والمكاتب السنديانية الصلبة السوداء .
لكن لم تعد الآنسة كرومر موجودة وتشك هيلاري أن يكون لدي الشقراء النحيلة الجالسة وراء الكمبيوتر أي حلوى في الدرج .
كان بروس يتحدث هاتفياً فانتظراه بضع دقائق وبدأت لورنا بالتحدث مع السكرتيرة أما هيلاري فدنت من النافذة ووقفت تنظر للخارج .. في الجو ما يدل على اقتراب موعد تساقط الثلج فها هي بضع غمامات بيضاء تمر بالأجواء .. ولكنها أملت أن لا تتلبد فقيادة لورنا على الطرقات الجافة سيئة فكيف هي على طرقات يتساقط عليها الثلج .
انفتح الباب في الجهة الأخرى وقال بروس بصوت جاف : لقد حجزت مائدة في وارف كورت في الساعة الواحدة لذا يجب أن نسرع هل أنتما جاهزتان ؟
ارتدت هيلاري بسبب ظهوره المفاجئ فاصطدمت يدها بكومة ملفات تطايرت أرضاً .
صاحت محبطة : آه !
وهرعت لتلتقطها كان على الأرض أوراق وأوراق مغطاة كلها بالأرقام …
قال بروس : دعيها ستهتم بها الآنسة كارلايل .
وقفت ببطء وبوجه متورد : لم أنتبه .
_ بالتأكيد لا كنت مهتمة فقط بمصلحة العائلة وبأعمالها حسناً اطمئني بالاً فشركة جيلفورد لا تعاني أيداً من الركود الاقتصادي والمالي .
_ لم أكن أتطفل .. حقاً .. ولا شأن لي في هذا .
_ ولكنه شأن من شؤوني فأنا الذي أعمل على إيصال المصروف الذي خصك به والدي ولا داعي للحرج فالآنسة كارلايل تعرف هذا لأنها من ينظم انتقال المال إلى حسابك شهرياً .
قالت هيلاري وهي ترتجف غضباً : إذن أستطيع أن أريحها من مهمة صعبة .. أرجو أن تلغي ما خصني به هوود منذ الآن فلست بحاجة إليه .
طافت عيناه بها ساخراً : لا أعتقد أنك بحاجة له ولكنك ستجدين له طريقة للاستخدام على أي حال أضيفي إلى هذا أنها رغبة أبي لا رغبتي فإن أردت أن تتغير الترتيبات فاطلبي منه هو ذلك .
عندما لحقت به إلى الخارج كانت هيلاري مخدرة الإحساس من فرط الغضب أما لورنا فنظرت إليها بعطف وشفقة .

بحر الامان
24-07-2007, 21:22
عندما وصلوا اعترضت لورنا على الجلوس في المقعد الأمامي بحسب رغبة هيلاري : يجب أن تجلسي أنت في المقدمة فعلى أي حال أنت ضيفتنا اليوم .. وأنا شقيقته .
قال بروس بتجهم : لم أعرف أن أية واحدة منكما هي ضيفة علي اليوم فلو تكرمت إحداكما بالدخول إلى السيارة لتمكنا من الذهاب إلى الغذاء .
صعدت لورنا إلى الخلف ونظرت إلى هيلاري نظرة انتصار فكان أن رضخت للأمر الواقع وجلست في المقعد الأمامي يقع المطعم الذي يقصدونه في بقعة ساحرة وهو عبارة عن منزل ريفي جميل حول بمهارة إلى فندق ومطعم ولو كانت هيلاري بصحبة أخرى لتطلعت شوقاً إلى وجبة الطعام لكنها والحال هذه لم تعط اهتماماً للائحة الطعام وطلبت الحساء والسمك النهري المشوي وهذا ما خيب أمل كبير النادلين وكان أن طلب بروس ما طلبته ولكن لورنا رفضت الاستعجال واختارت اللحم الستيك المطهو بالفطر وأخيراً البطيخ .
قالت لورنا وهم يتوجهون إلى طاولتهم : السير مع هيلاري كالسير في موكب ملكي الرؤوس كلها تلتفت لدى مرورها .
قال بروس هذا ما لاحظته .
قالت لورنا مؤنبة : مزاجك نكد اليوم يا حبيبي أما زلت غاضباً لأننا دعونا أنفسنا إلى الغذاء ؟ لكن ليس لديك من تخرج معه فما زالت ديلسي في برمودا .. أليس كذلك ؟
قال باختصار : أجل .
فكرت هيلاري : إذن اسم السيدة الحالية ديلسي .. شقراء .. فطالما أحب بروس الشقراوات ولا شك أنها ثرية مثله فهذا هو الطراز المعتاد .
سألها بروس ببرود رسمي وكأنها امرأة غريبة مجبر على إظهار الأدب واللباقة معها : هل ذهبت إلى الشقة .
ردت هيلاري بكياسة باردة مماثلة :أجل .. وأظنها ستكون ساحرة .
هز كتفيه : إذا كان هذا ما تريده لورنا .
لكن هل هذا صحيح ؟ لماذا لا نكشف جميعاً أوراقنا لنرى ماذا تريد لورنا حقاً ؟ أنت شقيقها فلماذا لا تفضي ما بنفسها إليك ؟
لكن النادل جاء حاملاً الطبق فلزمت الصمت وبقيت صامتة .
لم تلمس من الطعام الذي أمامها سوى القليل حينما جاءت عربة الحلويات اختارت قصعة صغيرة من سلطة الفاكهة الخالية من الكريمة فضحكت لورنا : تحافظين على رشاقتك مجدداً حبي ؟ لا حاجة بك إلى هذا حقاً .
ردت هيلاري : هذا ما تظنيه أنت فلدى من أعمل معهم عين صقر فترينهم يعرفون إذا زاد وزني غراماً واحداً .
سأل بروس : بمن فيهم جول ؟
_ إنه واحد منهم . وكان ردها حاداً أكثر مما أرادت .
_ أليس متزوجاً ؟
_ أجل . وأخذت قطعة أناناس وعنب من السلطة : لكن هذا الأمر لا يضرني .
وهذا صحيح كلياً فما تفعله هو تعديل التركيز قليلاً لطالما كان جول أخاً كبيراً لها يشغل المكان الذي تخلى عنه بروس لكن هل أرادت من بروس أن يلعب دور الأخ ؟
تعرف أنها تصرفت بحماقة لكن ماذا يهم ؟ فبروس يحتقرها وطالما احتقرها وسيظل يحتقرها لذا لن يكون لما تقوله فرق كبير
مالت لورنا إلى الأمام وعيناها تبرقان مكراً : ما كل هذا ؟ هل لجون المسكين منافس ؟
ووضعت يدها على فمها عيناها تتراقصان : أوه هيلاري آسفة .. أعرف أنك طلبت مني عدم التكلم عنه .
تساءلت هيلاري كيف نسيت ميل لورنا إلى المكر قالت : ليس هذا ما قصدته .
قال بروس بلسان سليط : أعتقد أن له عدداً كبيراً من المنافسين .
و أشار للنادل أن يحمل القهوة فقالت هيلاري بخفة لم تشعر بها : يقال إن الأمان في الكثرة .
قالت لورنا لبروس : سترافقني هيلاري للتفتيش عن ثوب العرس
_ إذن من الأفضل أن أقلكما إلى مركز التسوق .. هل أنتما على استعداد ؟
_ على أتم استعداد .
ودفعت عنها فنجان القهوة وقالت لهيلاري : أليس طعمها مراً ؟
انتظرت هيلاري خروج لورنا من غرفة السيدات ولكنها انتفضت شاهقة حين أحست بيد تهوي على كتفها ..
قال بروس متجهماً : حذار هيلاري .. العبي ألعابك الوسخة في لندن ولا تلعبيها هنا لن أسمح بفضيحة محلية تزعج والدي وتشوه زفاف شقيقتي .. هل هذا مفهوم ؟
لم تحاول إخفاء مرارتها أو عدوانيتها : فهمتك نعم الفهم .
أنزل يده عنها فاتجهت إلى الباب وخرجت إلى حيث تقف السيارة .
عادت الريح تنذر بتساقط الثلج فتوقفت هيلاري قليلاً والريح تكاد تقطع أنفاسها وتجعلها تشد معطفها حولها ترنحت قليلاً فاصطدمت ببروس الذي لحق بها إلى الخارج وفي اللحظة عينها رفعت الريح شعرها المنسدل فنفخته على وجه بروس
لم يتحرك لبضع لحظات بل وقف جامداً ثم شتم شتيمة مكتومة وانتزع الخصلات عن فمه وخديه .. كان وجهه شديد الشحوب وقرب فكه عضلة تنتفض بشدة .
قال بفظاظة : اللعنة عليك هيلاري .. لماذا عدت إلى حياتنا ؟
ثم سار بسرعة نحو السيارة وتركها واقفة بمفردها في وجه الريح الباردة .
7 _كلمات تجرح
عندما وصلتا إلى قسم العرائس في مخزن البيع الكبير كانت هيلاري قد استعادت هدوءها .
لم يتحدث إليهما بروس واكتفى بأن قال للورنا بحدة أن تستقل سيارة أجرة إذا ساء الطقس كثيراً وأنه سيتدبر أمر إعادة السيارة فيما بعد لم يقل كلمة واحدة لهيلاري ولم ينظر إليها حتى .. لكنها كانت تحس به وكأنه يضمها بين ذراعيه .
كانت تلك الثواني القليلة التي استراح فيها جسمها على جسمه تجربة مدمرة .. ولكن عليها ألا تفكر في هذا فأجبرت نفسها على تأمل أقمشة الساتان و الدانتيل والشوفان الموضوعة على تماثيل بلاستيكية .
ظهرت بائعة لطيفة متوسطة العمر وعرضت خدماتها .
قالت لورنا : أريد رؤية أثواب العرس قياسي عشرة .
أدخلتا إلى غرفة فيها مرايا وهناك علقت البائعة معطف لورنا وفستانها ثم ساعدتها على نزع حذائها الطويل الساقين لتنتعل بدله حذاء من الساتان الأبيض ثم أخذت شريط القياس .. فقالت لورنا متوترة : لا داعي لهذا قلت لك إنني أرتدي قياس عشرة .
تمتمت البائعة شيئاً عن رغبتها في التأكد ومررت شريط القياس حول صدرها وخصرها وأردافها ثم اختفت .
علقت لورنا ما أسخفهم ! سنرى إن كان عندهم أثواب وصيفات .. سأختاره أخضر .
قالت هيلاري : يشاع أن اللون الأخضر لا يجلب الحظ .
عادت البائعة مع زميلة لها وهما تحملان أثواباً بيضاء .. راقبتهما لورنا مفكرة وهما تعرضان الأثواب .
_ همم .. ما رأيك هيلاري ؟
_ فستان الشوفين ساحر يعجبني الدانتيل كذلك .. لكني لا أحب الساتان ولو كنت مكانك لتجنبته .
_ إذن سأجرب الشوفين فلألق نظرة واحدة .
وبدأت تتأمله بدقة ولكنها عبست فجأة وظهر في عينيها ذلك البريق الخطير وقالت : ثمة خطأ إن مقاسه اثنا عشر وأنا قياسي عشرة .
نظرت البائعة إليها باعتذار : آسفة سيدتي . لكنني أخذت قياسك وأظن أن أوزاننا جميعاً تزداد في الشتاء بدون أن نلاحظ .. جربي الفستان.
قالت لورنا من بين أسنانها لم يزدد وزني ولن أجرب فستان مقاسه غير مناسب لمقياسي … إنها مضيعة للوقت إذا كنت لا تريدين جلب مقاسي الصحيح فقولي هذا ودعيني أذهب لمكان آخر .
تورد وجه البائعة : لا بأس يا سيدتي … سأحمل إليك قياس عشرة .
قالت هيلاري بحدة : لورنا حباً بالله أحسني التصرف ! ربما تغير مقاسك قليلاً ..
أنكرت بحرارة : لا ريب أن شريط المقاس الذي استخدمته غير صالح .
_ حسناً .. لكنني أظن أن من المؤسف ألا تسمحي للسيدة انغلواز بحياكة فستانك .. إنها خياطة رائعة و ..
كادت تضرب قدمها بالأرض وهي تقاطعها : لا.. لا أريد أن تقترب مني تلك المرأة الفضولية الثرثارة !
_ لكن الأعراس شؤون عامة .
ردت بوجه متجهم : عرسي لن يكون هكذا .
صمتت قليلاً ووضعت يدها على رأسها : المكان حار بشكل فظيع هنا ليت تلك المرأة تسرع !
نظرت هيلاري إلى ملابس لورنا الداخلية : من غير المفترض أن تشعري بالحر .
_ المكان خانق ألا تشعرين بهذا ؟
_ ليس تماماً … أوه .. ها قد جاء الفستان .
كانت البائعة تبتسم مجدداً .. ربما عزت إظهار لورنا للغضب إلى توتر العروس .
_ هذا قياس عشرة يا سيدتي .. هل لك أن ترتديه ؟ و الآن هناك سحاب خفي وصف أزرار وهمي في الخلف .. دعيني فقط ..
رفعت السحاب عدة إنشات ثم رأت هيلاري أنها تتبادل النظر مع مساعدتها قبل أن تعاود رفع السحاب .. الواضح أن الفستان ضيق فعلاً يكاد يتمزق .
قالت بسرعة : كفى شقيقتي فلنر تأثير الفستان قالت البائعة وهي تتراجع إلى الخلف : إنه رائع .. ومقاسه مناسب ..
صاحت لورنا غاضبة : إنه القياس الصحيح لم تحاولي حتى رفع السحاب تفتعلين مشكلة لأنك لا تحبين الاعتراف بخطئك .
أظهرت تعابير وجه البائعة أنها تعتبرها من يفتعل المشكلة ولكن صوتها كان رقيقاً ومؤدباً فالفستان مرتفع الثمن وقماشه في غاية الرقة لذا قد يؤدي الضغط المتزايد إلى كارثة .
صاحت لورنا غاضبة : إذن انزعيه عني .. وأبعديه .. أبعدي جميع الفساتين إنها لا تعجبني !
كانت هيلاري تهم بالاعتذار عندما أوقفتها صيحة مكتومة من المساعدة .. فارتدت في الوقت المناسب لترى لورنا بيضاء الوجه شاحبة تترنح ويدها على رأسها ثم وقعت على السجادة السميكة .
كانتا لطيفتين و كفوءتين .. فقد جلبت إحداهما كوب ماء وساعدتا في حملها إلى مقعد مغطى بالساتان جلب من غرفة العرض ..وذهبت فتاة أخرى على طلب هيلاري لاستدعاء سيارة أجرة .
ركعت هيلاري وأمسكت يد لورنا أخيراً تحرك جفناها وعاد قليل من اللون إلى وجهها ..
قالت : هيلاري .. لا أريد شراء الفستان اليوم .. أشعر أني مريضة .
_ سنعود إلى المنزل لا تحاولي الكلام .
وجف فم هيلاري فجأة .. فقد لاحظت معنى النظرة التي تبادلتها البائعة مع مساعدتها .. وفكرت .. لورنا … يا إلهي .. أهذا صحيح ؟
لم تجد الفرصة المناسبة للتحدث في سيارة الأجرة ولكن حين تصلان إلى ستونكليف ستواجهها .
ما إن توقفت السيارة أمام الباب الرئيسي حتى خرجت السيدة ستارلت التي بدت مذعورة .
آنسة لورنا … أبك خطب ؟
قالت هيلاري بصوت هادئ مطمئن : إنه دوار بسيط .. هلا عبأت زجاجة ماء ساخن لها .. أين السيد جيلفورد ؟ لا أريد أن يقلق ؟
_ إنه يستريح .. تبدو شاحبة .. هل أعد لها بعض الشاي ؟
_ أجل … رجاء .
وتساءلت إن كانت لورنا ستتذمر من مرورة الشاي كما تذمرت من القهوة وقت الغذاء . أوصلت لورنا إلى غرفتها وألقتها في السرير حيث كانت لورنا مستقلة مغمضة العينين .
قالت بلطف وثبات : حان وقت الحقيقة لورنا .. أنت حامل .. أليس كذلك ؟
فتحت لورنا عينيها بشدة وقالت بفظاظة : لا أدري عما تتحدثين .
قالت هيلاري بغير إشفاق : بل تعرفين وهذا يفسر كل شيء .. زيادة وزنك مزاجك المتقلب وافتقارك للشهية والإغماء … ثم استعجالك بالزواج .. لهذا السبب ترفضين أن تخيط لك السيدة انغلوز ثوب العرس إذ تخشين أن تشك فيك .
_ ستشك بالتأكيد لأنها شديدة الملاحظة .
أمسكت يد هيلاري بقوة : ويجب ألا تعرف .. يجب ألا يعرف أحد .. العرس قريب .. وفي بعض الأحيان يلد الطفل الأول قبل أوانه .. أليس كذلك هيلاري ؟
وتذكرت الذعر في صوتها حين قالت منذ زمن بعيد ليس هناك ما هو مخيف في الظلام .. أليس كذلك هيلاري ؟ ليس هناك غول يأتي إلي إن لم أنم ؟
توسلت لورنا مرة أخرى : ألا يأتون هكذا ؟

بحر الامان
24-07-2007, 21:24
تنهدت هيلاري : لا أعرف حبيبتي .. ربما .. وهل يهم على أي حال ؟ قد تحدث أمور كهذه ..
قالت لورنا بسرعة وهي تتعلق بيد هيلاري : لكن الأمر مهم .. لا أريد أن يعرف أحد ….
ابتسمت هيلاري مؤنبة : لكن الناس يعرفون .. فأنا عرفت .. وهناك تشارلي ..
_ لا
حدقت إليها بذهول : لا أفهم .
بللت لورنا شفتيها بطرف لسانها : أنا .. لم أخبره .
سألت بذهول : لكنه لم لا ؟ حبيبتي … له الحق أن يعرف .. يجب أن تفهمي هذا .. يجب أن تفهمي هذا وهل تظنين أن لهذا فرقاً كبيراً ؟ تعرفين أنه يحبك .
_ أجل أعرف .. ولكنني لا أريد أن يعرف … بأمر الطفل .
ارتجفت فجأة : لا أريد أن يعرف أحد سواي .
نظرت إليها هيلاري باضطراب واعتقدت أنها فهمت فقد يقول تشارلي لأمه التي ستستغرب وترفض وسيظهر هذا في تصرفها نحو لورنا والله يعرف أن الأمور متوترة بما فيه الكفاية .
انحنت تلثم وجنة لورنا : حاولي أن تنامي حبي .. وقبل أي شيء انتبهي لنفسك فهذا يضر الطفل .
اشتدت أصابع لورنا حول أصابع هيلاري لحظة ثم استرخت : هيلاري ! أنا سعيدة لأنك معي .. أنا مسرورة بعودتك .. أنا بحاجة إليك فعلاً .
ابتسمت هيلاري لها : هذا عظيم … ما أروع أن يشعر المرء بأن أحداً يحتاج إليه .
نزلت للاتصال بالمصنع بغية إخبار بروس بأن لورنا لن تأخذ سيارتها .
طلبت رقم المصنع ثم طلبت مكتب بروس كانت تتوقع سماع صوت سكرتيرته ولكنها فوجئت بصوت بروس يقول : نعم
قالت مقطوعة الأنفاس : إنها لورنا .. لقد عدنا إلى المنزل باكراً لأنها لم تكن بعافية وأعتقد أن عليك أن تعرف .
قال ساخراً : حسناً ..عرفت .. ما بال لورنا ؟
قالت كاذبة : لا أدري .. ربما أنفلونزا … إنه موسمها .
فكرت : لماذا أتحدث بأمور تافهة وهناك أشياء هامة أخرى يجب أن أقولها … ليتني أجد الكلمات المناسبة .
_ حسناً .. قولي لها ألا تقلق بخصوص السيارة .. أما السيدة ستارلت فأخبريها بأنني لن أعود إلى المنزل للعشاء .
_ سأقول لها .. وداعاً بروس .
علقت السماعة بسرعة .
مل إن ابتعدت عن الهاتف لتبلغ الرسالة حتى تساءلت لماذا لن يأتي إلى العشاء أهو موعد عمل .. أم شيء خاص ؟ وجدت نفسها تتساءل كيف سيكون الأمر لو كانت واحدة من نسائه ترى ماذا سيكون الأمر لو كانت هيلاري كوارثمان غريبة تلتقي بروس جيلفورد فجأة في حفلة فيدعوها إلى العشاء ؟ .. وما هو الإحساس بأن تكون معه بدون الحاجة إلى الخفاء ؟ أن تكون بين ذراعيه … أن تعرف السعادة بدل ألم الحب ؟
همست لنفسها : أن أعرف أنه بحاجة إلي ولو لفترة بسيطة ..
مرت الأيام التالية من دون أحداث تذكر .. واجتازت لورنا أزمتها بدون أن يلاحظ أحد شيئاً .
بعد ظهر أحد الأيام ذهبت الفتاتان إلى سيكبتون حيث اشترت لورنا فستان الزفاف في هذه المرة لاحظت هيلاري أنها طلبت قياس اثنا عشر .
كانتا تسيران في الشارع الرئيسي تشاهدان منصات السوق حيث حياهما أحدهم .. نظرت هيلاري حولها بدهشة إنه جون ميدوينتر .
تهلل وجه لورنا : جون ما أجمل أن نراك ماذا تفعل هنا ؟
أزور زبوناً .. وماذا عنكما ؟
_ نتسوق ……
وانتظرت هيلاري منها أن تذكر ثوب العرس لكنها تابعت بالقول بصوت عفوي : كنا سنتناول الشاي هل لديك وقت ؟
رد مبتسماً ووضع نفسه بينهما : دائماً .. أعتقد أنه يوم سعدي .
قالت لورنا بعد جلوسهم على طاولة الشاي :لماذا تزور الزبائن ؟ خلت أن مركزك أهم من أن تزورهم .
كشر وجهه قليلاً : اسمياً أجل .. لكن عملياً أنفذ ما يطلب مني .
اختلست إليه هيلاري النظر وهو يهذر مع لورنا إنه جذاب جداً لكن في فمه وذقنه ضعفاً أساسياً لم تلحظه من قبل .. ربما أن حياته سهلة وتذكرت جمال أغنيس ووقاحتها وفظاظتها معه ولكنها لم تكن قط مختلفة عما هي عليه الآن ولا ريب أنه عرف هذا حين تزوجها .
فكرت : يا للغرابة كيف شعرت يوماً بميل تجاهه .. ولكنها في تلك الفترة من الأيام كانت تنظر للحب من وجهة نظر مثالية ورومانسية ولكن ما فات قد مات وقد تهشمت مثالياتها إلى الأبد .
التقطت فنجان الشاي ترتشفه في محاولة لتهدئة الضيق المؤلم المفاجئ في حلقها ..
كانت غارقة في أفكارها العميقة وهم يعودون إلى موقف السيارات ولكنها انتفضت عندما سمعت صيحة لورنا : أوه اللعنة لقد نسيت قفازي على طاولة المقهى .. يجب أن أعود لأسترده .
قالت هيلاري التي لاحظت علامات التعب عليها : لا ابقي هنا في السيارة .. سأذهب أنا .
أسرعت إلى غرفة الشاي
تبحث عنه فلم تجد أثراً للقفاز أخيراً عثرت عليه في المحل حيث اشترتا الفستان .. دفعته هيلاري على عجل إلى حقيبتها ثم عادت تركض إلى موقف السيارات .
ولكنها لم تجد أثراً للمينى السوداء وبدل ذلك أبعد جون نفسه عن روفر خضراء وتقدم منها معتذراً .
_ اضطرت لورنا للذهاب .. تذكرت أنها على موعد مع القسيس لأمر يتعلق بالزهور في الكنيسة .. وطلبت مني أن أعيدك .
كادت هيلاري تصرخ غيظاً .. لكنها جمعت ابتسامة هادئة وكلمة شكر مهذبة ثم صعدت إلى سيارته لولا سخافة الفكرة التي طرأت على بالها لظنت أن لورنا ناورتها لتكون بصحبة جون .. فهذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها عن موعد القسيس .. لقد تقرر معظم التفاصيل حول مراسم الزواج وانتهى أمرها .. وبسبب ملاحظة لورنا عن حب هيلاري القديم له بدا من المحرج أن تكون في صحبته هكذا .
تبادلا أحاديث عامة منها الفرق بين السكن في يوركشاير ولندن .. بدا جون في هذا حسوداً قليلاً .. فسألت : أليس لشركة والد زوجتك فرع في لندن ؟ تستطيع الانتقال إلى هناك بالتأكيد .
_ بالسهولة التي تبدو .. إذ يعتبر الانتقال إلى هناك عادة مكافأة على تصرف جيد .. ولا أظن أنني أتأهل لهذا !
سألت : يا الله!ماذا فعلت ؟
رد بخفة : خطيئة إهمال الواجب .. على الأقل هذا ما أظنك ستسمينه والفشل في الوفاء بعملي مائة بالمائة و الأخطر فشلي في التوفير حفيد ووريث للاينر العجوز .
_ ولكن مازال الوقت باكراً على الإنجاب فلم يمض على زواجكما سنوات عديدة وقد ينتهي بكما الأمر بأن تنجبا ستة أولاد .
قال جون ساخراً : أشك كثيراً في هذا .
غيرت هيلاري دفة الموضوع بسرعة لأنها تتطفل على مسائل خاصة مع أنها لم تلق صداً من جون ولاذا بالصمت حتى وصلا إلى ستونكليف فأحست هيلاري بالسعادة لانتهاء الرحلة .. والتفتت إليه تشكره وتدعوه إلى فنجان قهوة لكنه رفض كما توقعت .
ثم سرعان ما شعرت بالصدمة فقد وصلت سيارة خلف سيارة جون .. سيارة باتت تعرف صوتها جيداً .
تمتمت بوحشية : أوه اللعنة !
ودخلت المنزل تاركة بروس و جون يتبادلان التحية ولم تكد تصل الدرج حتى ظهر بروس في الردهة السفلى فناداها بصوت حاد هامس : هيلاري ! هل لك أن تنزلي إلى هنا أرجوك ؟ أريد كلمة معك .
ترددت هيلاري .. فأضاف برقة : أرجوك لا تضطريني إلى الصعود لأنزلك هيلاري .
ارتدت على عقبيها عائدة أدراجها فمرت به ثم دخلت إلى المكتبة فلحق بها ورمى حقيبة أوراقه على الطاولة وعندما راح يتأملها بدا وجهه قاتماً ومخيفاً .
قال : أنت لا تصغين أبداً للتلميحات أو للتحذيرات كم مرة يجب أن يقال لك إن جون ميدوينتر ليس لك ؟
ارتجف صوتها وهي ترد : وكم مرة يجب أن أقول إنني لا أهتم به أبداً ؟
_ لا أظن زوجته تجد تأكيداتك مقبولة وقد تتساءل لماذا اخترت قضاء بعد ظهر اليوم معه وكيف يستطيع جون أن يجد وقتاً ليجوب الريف معك .
_ ما أسهل أن يفترض المرء ما يريد بروس لم أقض بعد الظهر معه .. كنت مع لورنا في سكيبتون إلى ما قبل النصف الساعة الأخيرة ولكنها تركتني مقطوعة هناك فوجدتني بين أمرين إما القبول بعرض جون .. أو الانتظار ساعات حتى استقل الباص .
التوى فمه بعدم تصديق : وهل التقيت به صدفة ؟ وهل قررت لورنا لعب دور كيوبيد .. عجباً .. فكرة من هذه ؟
انتفضت هيلاري .. أهذا دافع لورنا ؟ أتصدق تلك الغبية أنها لا تزال تحمل في نفسها حباً لجون ؟
رفعت ذقنها تنظر إليه بتحد : ليست فكرتي بالتأكيد .. فجون لا يؤثر في أبداً .
_ هذا مؤكد فتاة الأمبر قادرة على اختيار من تشاء .. وهو بالنسبة لمرتزقة فاسقة [محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]ة مثلك فاشلاً عديم الشأن .
صعقتها وحشية كلماته لكنها قالت ببرود : شكراً … هل لي أن أذهب الآن ؟ أم لديك بعض الإهانات الأخرى ؟
قال ساخراً : الحقيقة مؤلمة .. أليس كذلك ؟
_ الحقيقة ! وماذا تعرف عنها ؟.
_ أعرف كل ما أحتاج إليه هيلاري … تعرفين أنني درست الموضوع عن كثب سنين عدة إذا كنت تذكرين ورغم كل الدلائل كدت تخدعيني فترة حتى بدأت أظن ..
وتردد ثم شد فكيه ورأت عضلة صغيرة تنتفض بلا توقف … ثم قال : هذا غير مهم الآن .
ابيض وجهها غضباً : إنك لعلى حق … فرأيك بي لا يهم أبداً فطالما كرهتك وطالما عرفت أنك متعجرف قذر لا تهتم بشيء …
_وماذا عنك أنسيت روي هورلي ؟ أنسيت أنك استسلمت له كامرأة عديمة الأخلاق ؟
وقعت كلماته كضربات المطرقة على وعيها .. و لأنها ترفض أن تتركه يعرف مدى ألمها جعلت صوتها حلواً كالسم : ولماذا بروس .. هل تغار من روي المسكين ؟
رأت قبضته تتكور بشدة فذعرت وتساءلت ما إذا كان العنف في صوته سيتحول إلى واقع جسدي .
لكنه أجاب : لا حبيبتي .. لا أغار منه أو من أي غبي مننت عليه .. بسخاء لكنني لا أريد أن يصبح جون أحدهم فهو صديق .. ولا أظنه قادراً على التحمل حين يكتشف أن هذا غير صحيح !
_ وما هو غير صحيح ؟
كانت حمقاء لأنها طرحت هذا السؤال
_ مظهرك هيلاري … هاتان العينين البريئتان وهذا الفم الشهي … لا شك أن حواء كانت هكذا حين استيقظ آدم في الجنة فرآها قربه .. يا حلوتي .. لكنك لست حواء .. بل أنت ربة الشر الفاسقة ذات الوجه الملائكي والروح الفاسدة .
ارتفعت يده فأمسكت ذقنها بقوة حتى أنها تساءلت بذهول عما إذا كان وجهها سيصبح مكدوماً : لا آبه كم رجلاً في حياتك في لندن هيلاري ولا تهمني طبيعة الحياة التي تعيشينها هناك .. ولكنك هنا وسيكون عليك أن تحسني التصرف إذ أرفض أن يتعرض هوود أو لورنا للمعاناة بسبب المزيد من الكلام عنك .
_ مزيد من الكلام .
انتزعت نفسها منه بالقوة : هلا شرحت لي عما تتكلم ؟
قال ببرود : أتكلم عن أمر حدث قبل سنتين هل تصورت أن زياراتك للأخوين هورلي والآخرين لم يلاحظها أحد ؟ أو ظننت أن ما من أحد من المجتمع سيعرف أو يتكلم ؟ لقد قيل لي تلميحاً بأن علي أ أفتح عيني على نساء منزلي .. أتعرفين هيلاري … لم أصدق في الواقع ما يقال و أظنني ضحكت يومها وقلت أنهم مخطئين وسخرت من الشائعات والنظرات الجانبية والتلميحات المستورة حتى رأيتك بأم عيني تعودين من منزلهم في وضح النهار فحاولت أن أقنع نفسي أن الشائعات المحلية تجعل من الحبة قبة وأن البراءة في عينيك حقيقية .
أفلتت شهقة من شفتيها .. إذن رغم كل ما فعلته .. ورغم كل ما قاسته .. ما تزال هناك شائعات و أدركت أن لورنا هي المجهولة التي كان يهتم بها أدعياء الخير وأن ما من أحد منهم قد ذكر اسماً .. ولكن يا للأسف افترض بروس أنهم يشيرون إليها ! وكان الافتراض طبيعياً لأن لورنا أصغر سناً من أن يشك فيها أحد 0
أحست بالغثيان فجأة …
_ حسناً ؟ أليس لديك ما تقولينه ؟

بحر الامان
24-07-2007, 21:25
_ وهل من جدوى ؟ هل لي أن أذهب الآن ؟
_ بكل سرور … لكن أريد منك أولاً وعداً مهما كانت قيمته بأنك ستتركين جون وشأنه لا أعرف أي خداع استخدمت لإقناع لورنا بتركك معه ولكن ..
قاطعته متوترة : لو قلت لك لن تصدقني حسناً لك وعدي سأبتعد عن جون فهل اكتفيت الآن ؟
ظل صامتاً لحظات ثم ابتسم ابتسامة قاسية لا شفقة فيها وقال ساخراً يقلدها : لو قلت لك لن تصدقني .
كانت آخر سنتين قاحلتين أقنعت نفسها فيهما أن قسوة بروس المتعمدة قتلت فيها ينبوع الدفء والعطاء في داخلها … لقد استخدمت جاذبيتها وشهرتها وفتنتها لإبقاء العالم بعيداً عنها ولقد نجحت .
أما الآن فتعرف أنه نجاح واه … لقد تصرفت ببرود وأبقت معجبيها على بعد ذراع ليس لأن فيهم عيباً بل لأن حبها لبروس لم يمت .
يا إلهي … فكرت مذهولة .. ليته يلمسني … ليته يعانقني .
رأته يدنو خطوة منها ثم يتوقف وفمه يلتوي بازدراء ذاتي .
قال : سألت إذا كان بإمكانك الذهاب … فماذا تنتظرين ؟
تحركت شفتاها لتقولا بصمت كلمة : لا شيء .
ثم ارتدت على عقبيها مبتعدة .
8_ جنون لا يشفى
ذلك المساء كادت هيلاري تتشاجر مع لورنا
قالت غاضبة : ما الذي دهاك لتفعلي شيئاً كذلك لتفعلي شيئاً كهذا ؟ لقد جعلتني أبدو غبية بلهاء .. ثم ما هذا الموعد المزعوم مع القسيس ؟
هزت لورنا كتفيها بعدم اكتراث .. كانت جالسة إلى طاولة الزينة تسرح شعرها فنظرت إلى هيلاري والقلق في عينيها :
إنها مشكلة تتعلق بالتراتيل .
تراتيل ؟ ظننتها تتعلق بالزهور .
وهذه أيضاً … تعرفين كيف هي هذه الترتيبات الصغيرة …
لكن تلك الكلمات لا تخدع هيلاري .
ولم تستطيعي الانتظار خمس دقائق ؟
لقد تأخرت .. ولم يعترض جون … أنا واثقة .
أما أنا فأعترض …
وأرادت أن تضيف : وكذلك بروس لكنها أردفت : وهل أتممت كل الترتيبات في الكنيسة ؟
تلاعبت لورنا بفرشاة شعرها : ليس تماماً .. لم أجد القسيس الذي خرج لعيادة مريض لذا كان كل شيء مضيعة للوقت .
تنهدت هيلاري متعبة : حباً بالله لورنا .. ماذا تحاولين أن تفعلي ؟ لا أصدق أنك كنت تريدين مقابلة القسيس .
ران صمت قصير ثم قالت لورنا بتمرد : حسناً … شكراً لم لأقابله الحقيقة أن جون أزعجني فصعدت إلى السيارة وانطلقت غاضبة .. أنا .. أنا لم أفكر فيك إلا عندما أصبحت في منتصف الطريق .. وبدا لي من غير المجدي أن أعود فقد عرفت أن جون سيقلك .
_ حسناً شكراً على كل الأحوال .. ما الذي قاله لك حتى أثيرت حفيظتك على هذا النحو .
وضعت لورنا بعض قطرات من العطر على معصميها .
ضحكت مترددة .
لن أجادلك لأنني لا أعرفه إلى هذا الحد .. هل سيأتي تشارلي إلى العشاء الليلة ؟
_ لا .. لأنهم يتوقعون زواراً من أقاربهم وعليه أن يساعد في تسليتهم .
دهشت هيلاري : ألم يطلب منك أن تكوني هناك ؟
ردت لورنا بحدة : بلى .. طلب لكنني رفضت .. فبعد الزواج سأرى ما فيه الكفاية من أفراد عائلته الكبيرة ولم أرى سبباً يدعوني للبدء منذ الآن .
ثم ابتسمت لهيلاري ..
_ هل ننزل الآن ؟ أحب فستانك .. ليتني أرتدي هذا اللون الأخضر .. إنه لون لطيف .
عندما دخلتا إلى غرفة الجلوس حيث كان هوود بانتظارهما وجدتاه مسروراً وأعلن أن علاجه الفيزيائي قد بدأ يعطي ثماره
قال مبتسماً لهما : وقد أعود إلى حقل الغولف مجدداً … والتفتت إلى لورنا : لكنني لن أستطيع تسليمك إلى عريسك حبيبتي إلا إذ أردت تأجيل الزواج بضعة أشهر .
صاحت لورنا بعنف تقريباً : لا !
ونظر إليها والدها مستغرباً قبل أن يلتفت بروس الواقف في نهاية الغرفة قرب النافذة أجبرت لورنا نفسها على الابتسام ولكن هيلاري لاحظت أن مفاصل أصابعها المشدودة معاً كانت بيضاء من فرط التوتر .
_ أنا … آسفة دادي .
قال هوود بلطف : لا يهم حبيبتي لم أكن جاداً على أي حال .. لن أقف في وجه حب الشباب .. من المؤسف ألا يكون تشارلي هنا ليسمع صرختك اليائسة .. فلو كان موجوداً لأشتد غروراً دون شك !
تمتمت لورنا رداً ما ومرت لحظة التوتر .
أخذت الهدايا مع اقتراب موعد العرس بالوصول بكثرة .
قالت بغضب تقريباً ذات صباح وهي تنظر إلى آخر الهدايا : ليتني لا أتلقى هدية من أحد ! ليس عندي مكان لكل هذا .
قالت هيلاري : لكنك لن تقضي حياتك كلها في تلك الشقة .. حين تكبر عائلتك فستحتاجين إلى المنزل أكبر .. أما هذه الأشياء فيمكن خزنها حتى ذلك الوقت .
ارتجفت لورنا قليلاً : هذا صحيح .
سألتها هيلاري : ما الأمر حبي ؟
_ كنت أفكر .. في السنوات القادمة التي سأكون فيها زوجة تشارلي يبدو لي هذا غريباً .
نظرت هيلاري إليها بقلق فابتسمت : أنا سخيفة فقط .. أتعتقدين أن هذا ما تشعر فيه كل عروس .
_ ربما … لا أدري ..
_ لا .. ألم تفكري قط بالزواج هيلاري ؟ وبما أنك عارضة ناجحة لا فلا شك أنك قابلت العديد من الرجال ألم يكن بينهم من أعجبك ؟
_ هذا غير كاف للزواج .
وأضافت بينها وبين نفسها : أو للحب .
وابتسمت : اكتفي بزواجك حبي ولا تحاولي تزويجي أنا سعيدة بما أنا عليه .
سعيدة جعلتها الكلمة تنكمش في داخلها .. هل كانت يوماً أقل سعادة من الآن ؟ حتى العذاب البارد و الإذلال اللذين دفعاها بعيداً عن هذا المكان أصلاً .. أفضل بكثير من الجحيم الذي تجد نفسها فيه .
أخذت تتجنب بروس قدر الإمكان وكانت مهمة سهلة بسبب غيابه شبه الدائم عن المنزل .. ذات صباح تذمر هوود لأنهم لا يرونه كثيراً هذه الأيام وهذا ما جعل هيلاري تعتقد بأنه يختلق الأعذار للبقاء بعيداً .. قالت لنفسها إن عليها أن تكون شاكرة صنيعه ولكنها في الواقع كانت تبكي في داخلها .
قريباً ستتزوج لورنا وقريباً تترك ستونكليف إلى الأبد .. فعندما تعود سيكون عملها بانتظارها وسيكون ستانلي منتظراً أيضاً .
جاء الزوجان ميدوينتر إلى العشاء في بعض المناسبات و أحست هيلاري ببرودة مميزة في تصرف أغنيس نحوها لا شك أن أحداً أخبرها بأنها كانت في سيارة جون ..
لكن هيلاري لم تتوقع التطور التالي .. فقد كانت بمفردها في غرفة الجلوس ذات ظهيرة حين انفتح الباب ودخلت أغنيس ترافقها السيدة ستارلت المرتبكة المنظر ..
وضعت هيلاري الصحيفة التي كانت تقرأها من يدها ووقفت : أوه مرحباً أغنيس .. هل تريدين محادثة لورنا ؟ إنها غير موجودة .. إنها ..
قاطعتها أغنيس : لا أريدها بل أريدك أنت .
قالت هيلاري بحذر : لا أفهم .
ضحكت أغنيس ضحكة مقرفة : أوه .. بل تفهمين .
دنت بعدوانية من هيلاري ووقفت تنظر إليها : ابتعدي عن زوجي !
انفجرت هيلاري : أوه .. هيا الآن أ،ا لم أره إلا معك .
_ كذابة ! كنت معه في سيارته يوماً . أظنك تقابلينه سراً .. أنا لست غبية !
ضبطت هيلاري غضبها بجهد : نعم أنت ليست غبية .. لكن توشكين أن تجعلي من نفسك غبية وبلهاء .. لقد أوصلني جون مرة .. مرة واحدة فقط والحقيقة أننا لا نهتم ببعضنا بعضاً أبداً .
ضحكت أغنيس حكة وعدم تصديق : وتتوقعين أن أصدق قولك ؟ تغير منذ عودتك كلياً أصبح مزاجياً قلقاً ويكاد لا يرد علي بأدب .. و أصبح غير قادر على تنفيذ عمله كما يجب ولهذا غضب والدي منه .
_ ربما هو مريض .
_ ربما مريض بالحب .. هو متأثر باهتمامك به .. إنه رجل بكل ما للكلمة من معنى .. لكن لا تتصوري أن وراء هذا التأثر شيئاً آخر .ز جون هو زوجي وهو يعرف حده .. ولن يتركني .
أحست هيلاري بالقرف والقلق بسبب تعابير أغنيس السوقية .
_ هل أنت واثقة من هذا حقاً ؟ أعتقد أن زيارتك اليوم دليل على عدم الأمان .
ارتفعت يد أغنيس التي طبعت صفعة على خذ هيلاري استجابت لها بصرخة .
في هذا الوقت بالذات أتاهما صوت من ورائهما يسأل : ماذا يجري هنا بالضبط ؟
ارتدت إليه أغنيس شاكية : بروس آسفة على الفضيحة .. ولكنني لم أستطع التفاهم مع هذه الفتاة .. إنها لا تدرك مدى الأذى الذي تسببه لي ولزوجي .. جئت أتوسل إليها أن تبتعد عن زوجي ويبدوا أني فقدت أعصابي .ظ
قال بروس بصوت لطيف : أقترح أن تعودي إلى بيتك أغنيس .. لن يفيدك وجودك هنا .. سأتعامل مع هيلاري .
رافقها إلى الباب واختفيا معاً …
عندما عاد بروس كانت تغلي من الغضب فقالت بغيظ : قبل أن تتفوه بكلمة .. لا علاقة بيني وبين جون وإن كان على علاقة مع امرأة أخرى والله يعرف أني لا ألومه فعلى امرأته الفاتنة أن تبحث في مكان آخر عن شريكته .
_ أيتها الحمقاء الصغيرة ! ألم أحذرك من أغنيس ومن غيرتها ؟ الله يعلم أنك بذلت كل ما في وسعك لتصبي الزيت على النار منذ رحت تتحدثين عن حبك له في الطفولة وقبلت أن يقلك بسيارته .
أرادت أن تحتج .. فليست هي من ذكر حب الطفولة بل لورنا .. و لورنا هي التي أجبرتها على موقف اضطرت فيه للعودة مع جون إلى البيت أرادت أن تقول ذلك ولكن شيئاً ما أبقاها صامتة ..
تابع بروس بقسوة لا تلين : من الأفضل أن تشكري حظك لأنها صفعتك فقط .. فما كان سيفيد وجهك كثيراً لو استخدمت أظافرها .. وهذا ما هي قادرة على فعله عادة .
أحست بموجة من الغثيان فقد ظلت ترى وجه أغنيس متجعداً بالغضب والغيرة .. للحظات ارتفعت يدها إلى وجهها المحترق .
_ هيلاري .
في صوت بروس حدة تشبه القلق فردت عليه بصوت منخفض : أنا بخير .. دعني أجلس لحظة .
تمتم بين أنفاسه وتحرك كنمر ينقض على فريسته ورفعها بين ذراعيه ليضعها على الأريكة .
فتصلبت ذعراً : دعني وشأني !
_ اصمتي .. سأحضر لك القهوة .
_ لا أريدها .
وأجهشت بالبكاء .. تساقطت من مآقيها دموع غزيرة لم تستطع السيطرة عليها ..كانت تتدحرج على خديها الشاحبين .
_ دعني بمفردي .. أرجوك .. أوه .. لماذا أجبرتني على المجيء إلى هنا ؟ ليتني مت أولاً !
قال بصوت أجش : و أنا ؟ وماذا تتصورين شعوري ؟ أتظنين أنني لم ألعن اليوم الذي جئت فيه إلى هنا ؟ أتعلمين أنني تمنيت لو أن الماضي مات ودفن ألف مرة ؟ لكن المسألة ليست بهذه السهولة هيلاري …
وانخفض صوته حتى الهمس : أنت كالجنون داخلي .. أنت حمى لا أستطيع الشفاء منها .
دس أصابعه في شعره بقسوة حتى كاد يشده .. ثم تحولت نظرته إليها إلى وجهها الجميل.
فأضاف بصوت أجش هامس لا يكاد يسمعه أحد : يا الله ! هيلاري .. أعيدي لي راحة البال !
ومال إلى الأمام يرفعها عن الأريكة يضمها .. حاولت المقاومة ولكنه أثبتها على الوسائد فلم تقدر .. أمسك بوجهها بين يديه برقة فتلاشت تحت سيادة لمسته كل رغبة عندها بالمقاومة .
سمعت هيلاري نفسها تتأوه وانسلت يداها إليه بلهفة فطوقتا عنقه ..
فجأة غابت مرارة السنيتين وعادت مرة أخرى فتاة صغيرة يخفق قلبها بجنون وجنون من قلبها المجنون .
أدركت الآن الحقيقة فقد كانت تقول لنفسها طوال حياتها إنها تكرهه ولكن هذا غير صحيح وهذا ما تعرفه الآن .. آه ! في البداية رفضته كرهت تسلطه لكن أراءه كانت مهمة جداً عندها وكانت تتأثر بأية كلمة إطراء منه ولو عرضية ومع أنها كانت نادرة إلا أنها كانت تعتز بكل واحدة منها وعندما نتبادل المزاح مع لورنا عن فتياته كانت تشعر بذلك الألم الغريب الحاد في أعماقها .
أقنعت نفسها أن تصرفه الغاضب المزدري معها كبت أنوثتها وفرض عليها حملاً لن تستطيع معه أن تستعيد حيويتها .. وكلما كان يقترب منها أي رجل كانت تتشنج .. وها هي الآن تعرف السبب .
حملتها غريزتها كالعمياء نحو الخضوع .. وهذه هي السلطة التي يملكها عليها .. بحيث أنها وهي مجروحة الكرامة إلى أقصى مدى منه تبقى مستعدة للزحف عند قدميه من أجل كلمة حنان أو عناق .

بحر الامان
24-07-2007, 21:26
فجأة صاح متأوهاً لا . وابتعد عنها رأت ناراً تحترق في أعماقها وكانت خصلات شعره تتدلى على جبينه .. نظرت هيلاري إليه ليقرأ ما في قلبها من حب له .
همست بشوق : بروس .
هز رأسه وتمتم : يا إلهي هيلاري .. ماذا نفعل ؟ جننا بلا ريب .
نظر حوله مزدرياً نفسه : في غرفة جلوس أبي وهي غرفة ممكن أن يدخلها أي شخص ولكنك تجعلينني أنسى كل شيء حتى الإحساس بالحشمة .
أحنت هيلاري رأسها بانكسار فمد يده يمسح بها على شعرها وكأنها عادت طفلة صغيرة وبعد قليل شعرت به يرفع شعرها البني الأحمر بين يديه ويحمله إلى فمه ويدفن وجهه في أعماقه الكثيفة ارتجفت وتذكرت أنه منذ أيام ارتد بقرف لأن شعرها لامس وجهه .. ولكنه ابتعد متمتماً بشيء من بين أنفاسه وارتمى رأسها إلى الخلف على كتفه .
قال بصوت أجش : ماذا تفعلين بي ؟ أنت تدمرنني ! ثم توقف هنيهة قبل أن يردف : أخرجي قبل أن يأتي أحد .
سمعت أصواتاً تقترب من غرفة الجلوس فهبت مسرعة وخرجت من الأبواب الزجاجية إلى الهواء النقي البارد .. إنها فترة العصر ويكاد الظلام يحل والثلج لا يكاد بل بدأ بالتساقط ولكنها رغم ذلك نزلت درج الشرفة المسقوفة إلى الممر المرصوف بالحصى الذي يدور حول المنزل غير عابئة بالبرد .
لن تستطيع مواجهة أحد أو المشاركة بالحديث ومشاعرها مشتتة .
لقد اتضح لها الآن أن بروس لم يقل كلمة واحدة عن الحب تكلم عن الرغبة وعن الحمى .. وهذا كل شيء .. ارتجفت فجأة تقول لنفسها إن الثلج والريح يؤثران فيها فقررت السير ببطء حول المنزل لتحمي نفسها .
قالت لنفسها : لا تكوني حمقاء ! إنه لا يبحث عن علاقة دائمة بل عن دواء للحمى التي فيه .
وقفت تحدق أمامها بدون أن ترى شيئاً وكانت رقع الثلج على وجهها كالدموع المتحجرة .
عادت إلى المنزل من الباب الجانبي وفي نيتها التسلل إلى غرفتها بهدوء لتغير ملابسها استعداداً للعشاء لكن الردهة بدت مزدحمة على غير العادة و هوود هناك يبدو وسيماً وأنيقاً في إحدى ستراته المخملية و بروس واقف خلفه .
خفق قلبها بشدة .. وفكرت : يا إلهي كم أحبه ! أرادت منه أن ينظر إليها أن يبتسم لكنه لم يبتسم بل بدت عيناه بعيدتين متحفظتين كعيني غريب .
قالت لورنا : آه ! ها أنت يا حبيبتي .. هيلاري هل خرجت من تحت الثلج بدون معطفك ؟ ستصابين بإلتهاب رئوي لهذا لم أستطع أن أجدك !
_ وهل كنت تبحثين عني ؟
سؤال غبي .. لكن ماذا يهم ؟ فلا تريد أن تعرف إلا سبب ظهور بروس فجأة بمظهر غريب .
ضحكت لورنا : في سائر أنحاء المنزل تلقيت مخابرة هاتفية من شخص صوته مثير جداً . اسمه ستانلي ويبدو مشتاقاً إليك .
تسمرت هيلاري في أرضها وقالت : هذا مستحيل لأنني لم أذكر له المكان الذي أقصده .
ضحكت لورنا : لقد عرف عنوانك من فتاة تدعى جوليا وقال أنك ستسامحينه على هذا حسناً حبيبتي أعتقد أن عليك إبداء السرور .. أليس من الرائع وجود شخص مخلص يتشوق لعودتك ؟
لم تنظر هيلاري إلى بروس وقالت بخفة : أمر رائع والآن هل عذرتموني .. سأصعد لأغير ملابسي .
سألت لورنا : لكن ألن تتصلي به ؟
اشتدت أصابع هيلاري على خشب درابزين الدرج وقالت : فيما بعد ربما .
وتابعت الصعود بدون أن تنظر للخلف .
حين أصبحت في غرفتها فكرت في أن ستانلي كما هو واضح شرح للورنا عن تقاربهما والواضح أنه مستاء من اختفائها المفاجئ من حياته ولكنه يا للأسف اختار أسوء لحظة ليثير اهتمامها وأطلقت تنهيدة مسكين ستانلي سيستاء كثيراً حين يعرف أنها لم تفكر فيه بالأيام الأخيرة ليس له أية أهمية ف حياتها ولن يكون له أبداً وهذا أمر يجب أن يعرفه بلطف قدر المستطاع متى التقيا مجدداً .
استحمت وغيرت ملابسها .. مشطت شعرها حتى أصبح براقاً ومشعاً ووضعت قرطاً من اللؤلؤ في أذنيها .
حين نزلت إلى غرفة الجلوس وجدت تشارلي هناك ولكنها رأت أن هناك خطباً ما .. فقد وقف مع لورنا قرب النافذة يتحدث إليها همساً وبدا غاضباً و لورنا متمردة ..
غار قلب هيلاري عندما تناولت كوب عصير من بروس وشكرته بلطف رسمي فارتد صامتاً وراح يتحدث إلى هوود في الناحية الأخرى .. يا إلهي أتمنى ألا يعود إلى بروده فقلبها لا يتحمل منه الجفاء والنبذ ..
دنت من النافذة ووقفت تتطلع إلى الظلام في الخارج .. بدا أن الثلج يتساقط بسرعة فائقة ..
راقبت هيلاري لورنا أثناء العشاء وأقلقها أن ترى أنها و تشارلي لم يتبادلا الحديث إلا قليلاً وأنه يضع على وجهه ملامح الشخص المجروح ولم يكن من المستغرب بعد إدخال السيدة ستارلت للقهوة إلى غرفة الجلوس أن تعلن لورنا فجأة أن لديها صداع و أنها ستذهب لتنام ولم يكن مستغرباً بأن يختلق تشارلي عذراً واهياً بعد دقائق .. أما بروس فانسحب لمكتبه مع القهوة لإنهاء أعمال مكتبية .
حين صعدت إلى غرفة لورنا دقت بلطف على بابها آملة أن تكون مستيقظة لتتحادثا قليلاً ولكنها لم تلق جواب .
دخلت إلى غرفتها متألمة من برودة بروس وراحت تفكر في ما عليها فعله لتبعد عنه تلك البرودة والقسوة وبعد تفكير وجدت أن لا سبيل لمحادثته لتعرف ما يضايقه فآخر ما تريده في هذه المرحلة أن يسيء الظن بها أو يفسر كل ما يتعلق بها على نحو خاطئ .
خرجت من الغرفة وتوجهت نحو الدرج حين وصلت إلى الردهة رأت شعاع نور رفيع من تحت باب المكتبة ففتحت الباب ودخلت من دون أن تقرع .
كان مصباح المنضدة مشتعلاً والأوراق منثورة على سطحها الأملس المصقول لكنه لم يكن يعمل بل كان مرتداً في كرسيه إلى الوراء وقد خلع سترته وربطة عنقه أما أكمامه فمرفوعة بدون ترتيب لتكشف عن عضلات ساعديه القوية وشعره الأسود يتدلى بغير ترتيب على جبهته .
سأل بهدوء : ما الأمر هيلاري ؟
لم ترد عليه بل وقفت تنظر إليه فكرر : ما الأمر هيلاري ؟ أتريدين شيئاً ؟
فتحت يدها أمامها وكأنها تتوسل : أريد محادثتك .
_ عم تريدين التحدث ؟
_ عنا ؟ عني وعنك .
رد ببطء : لا تفسري ما حدث بعد الظهر على نحو خاطئ .. فقد محت أحداث أخرى كل شيء وأنا لا أحتاج إليك ولا أطلب وجودك هنا .
أجفلت وسألت همساً : لكن .. لماذا ؟ لماذا تفعل بي ذلك ؟
رفع كتفيه : لعدد من الأسباب لن أزعجك بها كلها فلنقل إنني أفكر في ذلك المسكين المنظر في لندن الذي يعتقد أنك تستحقين الانتظار .
_ ستانلي ؟ أتعني ستانلي ؟ لكنه لا يعني لي شيئاً لي ..
_ لا شك أنه يعني لك شيئاً ما دمت تشاركينه حياتك .
_ حياتي ؟
ثم صمتت لأنها تذكرت كيف أنها تعمدت تضليله في أنها و ستانلي يعيشان معاً .. وابتلعت ريقها بصعوبة : أوه فهمت .
يسرني أنك فهمت .
استقام في جلسته ونظر إليها من بين عينين نصف مغمضتين : وجهك جميل هيلاري وجسدك مغر لكن هذا كله مجرد واجهة فلا شيء أبداً وراء عينيك وابتسامتك لا وفاء لا إخلاص لا أنوثة ولا دفء .. ألهذا تضيعين نفسك في علاقات عابرة لأنك تعرفين أن لا عمق في طبيعتك يخولك إقامة علاقة حقيقية مع رجل ؟ لماذا لا تحطمين هذه القوقعة التي أحطت نفسك بها ؟ إذا كان ستانلي هذا يحبك قاطعته بهدوء إنه لا يحبني .. ولا أحبه .. فكما قلت إن علاقتنا عابرة .
أضافت لنفسها : لكن ليس كما تظن .. وأكملت بصوت مرتفع : بروس ما إن ينتهي العرس حتى أرحل ولن تراني مجدداً
قال بصوت أجش : أعي ذلك صدقيني .
عليها أن تجمع شتات شجاعتها : أعرف أن رأيك بي منحط ولم تردني قط أبداً عضواً في عائلتك ولم ترد أمي حتى .
_ لقد تعلمت نقبل أمك .
ووضع فنجان القهوة من يده بقوة فانسكب البن على المكتب المصقول .
قالت هيلاري لقد سكبت القهوة .. سيدبغ الخشب .. أليس معك منديل ورقي أو قطعة قماش ؟
قال ساخراً أتحاولين إقناعي بكفاءتك المنزلية ؟ لن يفيدك ذلك هيلاري .. فابتعدي عني .
عقدت ذراعيها أمامها وكأنها تحمي نفسها من الازدراء الذي في صوته ..
أرف بصوت خال من الشفقة : لقد تكلمت للتو عن أمك .. ماذا سيكون رأيها لو رأت بعضاً من صورك منشورة في المجلات ؟ ذلك المايوه المذهب مثلاً ماذا كانت ستقول لو رأت طفلتها الصغيرة مصدر فخرها وسرورها معروضة في ذلك الثوب ليراها العالم كله ؟ ألن تتساءل من أين تعلمت تلك النظرة التي توحي بأنك تعرضين الجنة في عينيك ؟
همست : كنت أنظر إليك بروس .
_ لي أنا ؟
وضحك بوحشية : ولماذا أنا .. هيلاري ؟ ما الذي جعلني مميزاً بين الكثيرين ؟
داخلت المرارة صوتها : أو ليس من التقاليد أن تتذكر الفتاة أول حب لها .
_ الحب … يا إلهي !
رمت رأسها إلى الوراء تحدق إليه : لقد تكلمت عن أمي وعما ستظنه بي وبحياتي كعارضة أزياء ..وماذا كانت ستعتبرك بروس ؟ ماذا لو عرفت بما كدت تقدم عليه تلك الليلة قبل سنتين ؟
قال ساخراً : تفكير سليم هيلاري لكنه غير مقنع فذلك الخنزير القذر روي هورلي لا يعاشر عذراء أبداً وتلك الحفلات التي يقيمها حفلات فجور وفسق ولولا مداهمة فرقة مكافحة المخدرات المنزل لقام بذلك عدد من المحليين كيف تجروءين بعد اختلاطك بنذل مثله على إدعاء البراءة .
_ ومن قال أني اختلطت به ؟ الشائعات القيل و القال الغمز واللمز ؟ لكنني أقسم أن ما من أحد ذكر اسمي .. ما من أحد قال لك إن هيلاري كوارثمان كانت في إحدى حفلات روي هورلي .. هل سمعت باسمي بروس ؟ لا أحد يستطيع لأنني لم أكن هناك قط إلا بعد ظهر ذلك اليوم الذي ذهبت فيه إلى هناك لأحذرهما ..
وصمتت لأنها أدركت أنها تخوض في منطقة خطرة .
_ تحذرينهم مم ؟ من المداهمة الوشيكة ؟ أمن فرقة الانتقام المحلية التي أنشئت ؟
هزت كتفيها بيأس : لأحذرهما فكما قلت لقد ساءت سمعتهما .
قال ساخراً : يا له من اندفاع للخدمة العامة وهل من المفترض حقاً أن أصدق هذه الخرافة ؟
حركت هيلاري يديها بقلق : وهل يهم لو صدقت ؟ ولكن مهما كانت القصة التي سأقولها فستبقى على رأيك ولن تصدق إلا أسوء الأمور عني أصبحت معتادة على هذا الآن .
وضحكت بوحشية : يا إلهي كم اعتدت على هذا كنت حمقاء لأنني صدقت أن الأمور قد تختلف !
_ إنها وجهة نظر واقعية بكل تأكيد أما بالنسبة لنا أنا و أنت فعاجلاً أم آجلاً سيتدخل ستانلي أو أي شخص سواه ولا أنوي أن أحول نفسي إلى علامة افتخار أخرى تعلقينها على حزامك .. يا حلوتي .
جاء دورها للسخرية : حذار يا حبيبي … فهذا اعتراف صريح بضعفك .
ؤد بهدوء : إن كان ما تقولينه صحيح فاعلمي أنني قادر على التغلب على هذا الضعف .. شكراً لك والآن عودي لغرفتك وغداً نتابع حياتنا كالعادة ونتظاهر بأن ذاك العناق المجنون الذي تبادلناه لم يحدث .

بحر الامان
24-07-2007, 21:28
ابتسمت ساخرة : ما ألطفك ! لكنني لا أستطيع النسيان بسهولة فأنا .. أريدك بروس .
لم تؤثر فيه كلماتها وظل جامداً كالحجر .
_ ليس الأمر بهذه البساطة بالتأكيد المسألة مسألة أولويات .. وأولوياتك في مكان آخر والآن اخرجي من هنا .
ظلت واقفة للحظات وهي غير قادرة على تقبل فشلها ونبذها مرة أخرى الأمر تقريباً ينافي العقل إنها تعرف دون أي غرور تأثيرها في معظم الرجال .. في وجه ستانلي جوع كلما نظر إليها مع ذلك و ها هي واقفة أمام بروس تخبره بمشاعرها فيرفضها ويطردها من حياته .
سوت هامتها بوقار مثير للشفقة وحاولت بصمت السيطرة على مشاعرها .
وقف بروس : حباً بالله .. اذهبي من هنا .
في صوته حدة فعلى ما يبدو أن سيطرته على نفسه بدأت تهتز ولكنها لم تتحطم وليس لها هنا سوى النبذ والرفض ..
ارتدت على عقبيها بصمت وغادرت الغرفة أحست بالخدر وهي تتسلق السلم ما عدا ضيق في حلقها و إحساس حارق وراء عينيها لكنها لن تترك نفسها تبكي لقد ذرفت الكثير من الدموع في السابق ..
فيما بعد فكرت بتحفظ إنها على الأرجح ستشعر بالعار للطريقة الفاجرة التي عرضت فيها نفسها لكن ليس الآن .
كل ما تستطيع التفكير به الآن هو أن تهرب تبتعد عن هذا المكان .. بعيداً عن هذا الرجل إلى الأبد .
9 _ ينقذها الظلام الفصل ما قبل الأخير
دخلت هيلاري إلى عتمة غرفتها ووقفت هناك تحاول لملمة شتات أفكارها التي بدت تظن في عقلها .
لكن ماذا ؟ من المستحيل أن تغادر الآن عليها الانتظار للنهار لتذهب إلى ليدز سعياً وراء أول قطار يتوجه إلى لندن وعليها أن تفكر في قصة ترضي هوود وعليها أن تقول للورنا إنها لن تستطيع البقاء حتى موعد العرس وعليها أن تجد تفسيراً مقنعاً لغيابها على ألا تكون الحقيقة بالتأكيد لأن ذلك مستحيل .
حين سمعت صوت نحيب مخنوق ظنت أنه يصدر منها فوضعت يداً على فمها .
ثم أدركت أن الصوت قادم من الغرفة الملاصقة فذعرت وحاولت إقناع نفسها بأن أذنيها تسمعان ما هو غير موجود ربما حلم مزعج فالناس يصرخون أحياناً عندما يحلمون أحلاماً مزعجة لكن حتى وهي تبرر ما سمعت أصبح صوت بكاء لورنا أكثر ارتفاعاً وأكثر إلحاحاً .
تلاشى بعض التوتر من نفس هيلاري وتصاعدت تنهيدة كبيرة في أعماقها إنها تعسة يائسة ومع ذلك فلورنا هي التي تبكي في ظلام الليل .
كان المصباح إلى جانب السرير مضاء في غرفة لورنا وكانت مستلقية على عرض السرير وجسمها يرتج وجهها مدفون في الوسادة جلست هيلاري على السرير ووضعت يداً عطوفاً على كتفها وراحت تنظر إلى ثيابها فهي ما تزال مرتدية كل ثيابها .
قالت بلطف : حبيبتي ما الأمر ؟ أرجوك قولي لي .
ردت بصوت تخنقه الآهة : لا أستطيع .. لا أستطيع إخبار أحد .
تنهدت هيلاري : ولا يمكنك المضي هكذا إلى الأبد ما الأمر ؟
صمتت تتذكر غضب تشارلي وقت العشاء والجو العاصف بينهما : هل تشاجرتما ؟
ساد صمت ثقيل .. ثم جلست لورنا التي رمت ذراعيها حول هيلاري ووضعت وجهها المبلل على كتفها .
قالت وجسدها النحيل ينتفض : أجل .. أجل آه هيلاري ! لا أستطيع التحمل لن أراه مجدداً .
عضت هيلاري شفتها : لورنا حبيبتي إنها أمور تقع أحياناً قبل موعد الزواج ولكنها لا تكون جادة رأيت أنكما غير متفقين .. لكن ..
_ لكنها جادة حقيقية قال إن علينا عدم التلاقي ثانية قال إن الأمر جنون .. كدت أخبره بأمر الطفل أردت أن أخبره لكنني لم أجد الكلمات المناسبة .
_ أتريدين أن أخبره بنفسي ؟
صمتت لورنا قليلاً ثم هزت رأسها : لا
قالت هيلاري بحدة :لكنه لا يستطيع التهرب من هذه المسؤولية هكذا موعد الزفاف قريب جداً ماذا ستقول عائلته ؟
ضحكت لورنا ضحكة متكسرة : عائلته أتقصدين ايزيربلود ؟ أتظنين أني أتكلم عن تشارلي ؟
أحست هيلاري بالبرد يسري في كل جسدها .
_ بالتأكيد أليس هذا ما تقولينه إنك تشاجرت مع تشارلي ؟
هزت لورنا رأسها نفياً وكانت عيناها مغرورقتين بالدموع وهي تنظر إلى هيلاري .
قالت والغصة في حلقها : إنه جون .. جون ميدوينتر أحبه منذ أكثر من سنة ولكنها لا تريد أن تتركه .. إنه ملك لها .. أحد ممتلكاتها التي اشترتها أموال أبيها ليس لديه شيء له حتى المنزل باسمها وهو لا يحبها فهي تعامله وكأنه تدوسه وليس كذلك فحسب بل تلومه لأنهما لم ينجبا أطفالاً .. وتقول إن العيب منه ولكنها مخطئة .
تمتمت هيلاري : يا إلهي ! لورنا .. أتقولين إن جون هو والد الطفل ؟
ردت ببساطة : أجل .
وماذا عن تشارلي .. أين مكانه في كل هذا ؟
هزت لورنا كتفيها تدافع عن نفسها : أراد أن يتزوجني .. ولأنني لا أستطيع الحصول على جون ولأنني أحتاج إلى أحد يرعاني قبلت به .
صاحت هيلاري بجنون : لكن لا يمكنك فعل هذا ألا حشمة لديك أو أخلاق ؟ أتتزوجين رجلاً لتؤمني لطفلك أباً جاهزاً ؟ إن هذا فجور .
تغير وجه لورنا إلى عبوس متمرد : لكن تشارلي يريد الزواج بي طالما دار حولي إنه سعيد فلماذا تفتعلين مشكلة ؟
_ لم يبد سعيداً الليلة .
هزت لورنا كتفيها بسرعة : أوه هذا لم يكن شيئاً مهماً فكل ما علي هو إظهار بعض اللطف له سوف يرضى سريعاً .
_ إذن بدل أن تعملي على ترتيب شقتك تقومين بلقاءاتك الغرامية المحرمة مع جون وهذا أيضاً يفسر النزهات المبكرة هل لي أن أسأل لماذا حاولت دفعي نحوه ؟
مدت لورنا شفتها السفلى إلى الأمام وبدت صغيرة فتاقت هيلاري إلى شد أذنيها .
_ بدأت الشكوك تساور أغنيس التي اتهمته بأنه على علاقة .. هكذا …
_ ففكرت أن تجعلي مني هدفاً لنوبات جنونها شكراً كثيراً لك ! لن أحسدك حين تكتشف الحقيقة .. لأنها ستمزقك إرباً
_ لن تخبريها … هيلاري عديني !
وقفت هيلاري : لن أقول كلمة .. فأنا راحلة في أول قطار في الصباح على أي حال .
_ لهذا السبب ؟
_ بل لأسباب خاصة بي .
_ لكنك لن تكوني هنا يوم الزفاف .
كانت هيلاري تهم بالخروج ولكنها عادت إلى لورنا ..
_ لورنا هل أنت مجنونة ؟ لا يمكنك المضي في هذا الزواج .. لا يمكنك أن تفعلي شيئاً كهذا إنك لا تحبين تشارلي وهذا أمر أكثر من واضح لقد حولت حياتك إلى فوضى رائعة إنما لا يمكنك جره إليها هذا عمل ظالم .
قالت لورنا بذعر : لكن لا يجب أن أتزوجه ! ماذا عن الطفل ؟ ماذا أفعل به ؟
تأوهت هيلاري وجلست مجدداً على السرير .
_ سيطري على حياتك بدل أن تسيطر عليك لا يمكنك الهرب والمراوغة والاختباء خلف الآخرين إلى الأبد .. ثم هناك وجهة نظر عملية قد يكون تشارلي مغرماً بك لكنه ليس غبياً فلن يقبل بالطفل لأنك لم تقيمي علاقة فعلية معه أليس كذلك ؟
نظرت لورنا إلى الأسفل .. ثم قالت : أجل .
كانت ترتجف وأصابعها تمسك باللحاف تشد الخيوط : هيلاري أنا خائفة ! أرجوك ساعديني ماذا أفعل ؟
قالت على مضض : رافقيني إلى لندن .. لدي متسع لك في الشقة وسأعيلك حتى تلدي الطفل على الأقل .. كان والدك يخصني بمصروف شهري لم ألمسه حتى الآن سأستخدمه من أجلك .
همست بعينين متسعتين : لا أستطيع .. سيعرف الجميع بأمري .. ولا أتحمل هذا .
_ عليك عاجلاً أم آجلاً مواجهة المسألة هل فكرت في ما سيحدث حين يعرف جون بحملك ويقوم ببعض الحسابات ؟
قالت : لن يفعل ولن أستطيع إلغاء الزفاف هيلاري يجب أن تفهمي هذا لم يستعد دادي صحته وقد تؤذيه الصدمة .
تهلل صوتها قليلاً وكأنها وجدت المبرر لنفسها .
قالت :لا أستطيع مجادلتك أكثر من هذا لورنا .. سنتحدث غداً قبل أن أسافر .. هل أستطيع الاعتماد عليك في إيصالي إلى ليدز للحاق بالقطار ؟
_ بالتأكيد .. ولكنني لن أسافر معك هيلاري .. لا أستطيع .
ابتسمت هيلاري غصباً : إذن لن أقول شيئاً آخر لكن فكري في ما قلته لك لورنا لا يمكنك تدمير حياة الناس من أجل حماية نفسك .
عادت تستلقي في سريرها لكن النوم جافاها فراحت تفكر في لورنا بدل التفكير في بروس في داخلها نبع من العذاب ينتظر فرصة للإطلاق نفسه .. ولن تستطيع السماح لهذا أن يحدث .
ربما على أي حال كانت حمايتها للورنا إساءة لها فقد كان عليها بدل تلقي اللوم أن تخبر بروس أن لورنا هي التي تسللت إلى منزل هورلي وحفلاتهم .. أرادت حماية لورنا من غضبه فجلبت الغضب على نفسها .
لو فعلت ذلك لتغير كل شيء ماذا كانت نتيجة التستر على لورنا ؟ كانت النتيجة مزرية فها هي لورنا المحمية تعتقد أنها فوق قوانين المجتمع الأخلاقية .
لقد عاملوها جميعاً بقفازات حريرية اعترفت هيلاري لنفسها بهذا بمرارة ..
ما إن انبزغ الفجر بنوره حتى وضبت حقائبها بسرعة لقد توقف هطول المطر ليلاً لكن الأرض في الخارج تبدو معادية وغريبة في ثوبها الأبيض عضت شفتها حتى أدمتها فقد خشيت ألا تتمكن من السفر ولكن بائع الحليب وصل ومن بعده وصلت الصحف وعربة البريد فاسترخت فالطرق سالكة مع أنها لا تصلح للقيادة .
انتظرت في غرفتها حتى رأت سيارة بروس تختفي نزلت إلى الأسفل لتتناول فطوراً سريعاً من القهوة و التوست وبعد ذلك قصدت غرفة هوود الذي كان مرتدياً ملابسه وجالساً في كرسيه المتحرك .
تهلل وجهه لما رآها : ها أنت حبيبتي .. سيكون عرس لورنا أبيض بأكثر من طريقة .
ردت بثبات : أجل .. صحيح ولكنني مضطرة للتخلف عنه وصلتني رسالة من مدير أعمالي هذا الصباح .. لدي عمل مهم ولن ينتظر .. وإن لم أعد إلى لندن اليوم خسرته .
بدا الحرج على هوود : وهل هذا أمر رهيب ؟
أحست هيلاري بالذنب فقالت بلطف : إنها المهنة التي تعيلني .
_ أردت مكالمتك بالموضوع لا حاجة بك إلى العمل لتعيشي هيلاري فما زلت قادراً على إعالة عائلتي ولله الحمد بالرغم من الضائقة الاقتصادية العامة .. وسيكون المنزل موحشاً بعد ذهاب لورنا .. وكنت آمل أن تبقي .
تكسر صوتها قليلاً : لا أستطيع .. أنا .. أنا يجب أن أعود إلى لندن أنا لا أنتمي إليكم هوود أنا غريبة وسأبقى غريبة أحبك وسأبقى شاكرة لك معروفك إلى آخر عمري لكن من الأفضل للجميع أن أذهب … صدقني .
غادرت الممرضة الغرفة بلباقة فمال هوود إلى الأمام وجهه قلق :ابنتي الحبيبة لا أريد التطفل هل بروس السبب ؟ إنه قاس أعرف ذلك هل جرحك ؟ سأكلمه .
_ لا أرجوك ليس بيد أي شخص حيلة .. نحن أفضل حالاً بعيدين .. هذا كل شيء .. ما كان يجب أن أعود .. آسفة .
قال بلطف : وأنا أيضاً .. آسف أسفاً لا يمكنني التعبير عنه لكن لك حياة تعيشينها هيلاري ولا أستطيع التدخل فيها هل أنت مضطرة حقاً للسفر قبل الزفاف ؟ ستتكدر لورنا .. والجميع .
_ لقد شرحت للورنا أنني لن أستطيع أن أكون موجودة وأظنها فهمت .

بحر الامان
24-07-2007, 21:29
حين عادت إلى غرفتها كانت لورنا بانتظارها أشارت إلى الحقائب ثم سألت : أنت جادة إذن ؟ أنت راحلة .. وبسببي ؟
_ لا .
نظرت لورنا إليها بلهفة متألمة : هل ودعت دادي ؟ هل .. أخبرته ؟
تنهدت هيلاري سخطاً : لا .. لا بأس عليك لورنا سرك كالعادة في بئر عميقة .
طبعت لورنا على وجنة هيلاري قبلة سريعة : أنت ملاك ! سينجح كل شيء هيلاري سترين .
قالت بمرارة : أنت موهوبة في خداع نفسك .. ولكننا لن نناقش هذا الآن أتريدين المخاطرة بتوصيلي أم أطلب سيارة أجرة ؟
ردت بإهمال : أوه الثلج لا شيء .. أليس هناك شخص آخر تريدين وداعه ؟
_ لا .. لا أحد .
هزت لورنا كتفيها : إذن .. من الأفضل أن ننطلق .
بدا صوتها مرحاً لكن نظرتها إلى هيلاري بدت قلقة .
فكرت هيلاري وهما تبتعدان عن المنزل أن لورنا سعيدة لأنها راحلة تكلمتا بكلمات مختصرة وكانت هيلاري مسرورة لأن لورنا تركز على القيادة ولا تخاطر كما حدث في مناسبات أخرى …
قالت لورنا فجأة : هذا غريب .. ها هو بروس .
استوت هيلاري جالسة : أين ؟ لا يمكن .. لقد ذهب إلى المصنع رأيته بأم عيني يغادر المنزل .
_ ربما اضطر للعودة من أجل شيء ما .
وقبل أن تستطيع قول شيء أطلقت لورنا زمور السيارة ولوحت بيدها وأضافت برضى :لقد رآنا .
كبتت هيلاري آهة وقالت بلهفة : لا تتوقفي .
_ ماذا لكنه لن يتوقف الواضح أنه يريد مكالمتنا .
_ أنا لا أريد مكالمته .. لورنا حباً بالله تابعي السير .. أرجوك .
نبضت الأحاسيس في صوتها فنظرت لورنا إليها بحيرة : آه حسناً ولكنه لن يكون راضياً .
ورفعت قدمها عن المكابح فانطلقت السيارة إلى الأمام ارتدت هيلاري إلى ظهر مقعدها لكن كلمات لورنا التالية جعلتها تستدير بسرعة : إنه يلحق بنا .
_ لكن هذا سخيف !
_ أتريدين أن نتركه في الخلف ؟ أستطيع المحاولة لو أحببت .
وداست على دواسة الوقود فانطلقت السيارة الصغيرة إلى الأمام بسرعة لكن هيلاري ارتاعت من الفكرة : لا .. لا تسرعي !
نظرت لورنا في المرآة وضحكت : إنه يومض بأنوار سيارته .. يريد منا أن نتوقف .. سنجعله يجري وراءنا .
وعادت إلى السرعة مرة أخرى فقالت هيلاري : لورنا .. أبطئي سيرك حباً بالله .
سألت بطيش : ولماذا ؟ على أي حال أنت من أردت عدم محادثته .
_ لكننا لا نستطيع التغلب على سرعة سيارته ولو كانت الطريق سالكة .
وأخذت تراقب تصاعد مؤشر السرعة بحذر ..
تنهدت لورنا : لا تفتعلي مثل هذا الضجيج الطريق غارقة بالثلج لا بالجليد .
عندما كانت تتكلم ترنحت السيارة وانزلقت جانبياً .. رأت هيلاري وجه لورنا الأبيض وتمسكها بالمقود فحاولت تحذيرها ولكن الكلمات علقت في حلقها و أحست بالسيارة ترتفع وهي تصطدم بحافة الطريق ثم تتابع الانزلاق إلى الخنق أحست بشيء يصدم رأسها ثم تحول كل شيء إلى ظلام .
أوه أصدقك في هذا لكن هناك أشياء لن تتمكني من التهرب من مسؤوليتها ودمار حياة أختي أحد تلك المسؤوليات .
_ وكيف أكون مسؤولة عن هذا ؟
أرادت أن تحتضن رأسها بين يديها ولكنها عرفت أنه سيفسر الحركة على أنها توسل للشفقة .
_ أي مثال كانت تحتذي به ؟ إنه مثالك أنت هيلاري فقط أنت كانت تؤمن بك كثيراً هل عرفت بعلاقتك مع روي هورلي ؟ هل اعتقدتها علاقة رومانسية ؟ وماذا عن تلك العلاقات الشائنة في لندن .. هل وجدتها رائعة ؟ أوه بلى يا فتاة الأمبر أنت كنت مثالها الأعلى تباً لك لقد جعلت فتاة بريئة تظن أن العبث مع الرجال هو نوع من المرح !
كانت كلماته كالسياط على قلبها .
أردف : تحطمت حياة لورنا أما أنت نجوت بخدش بسيط والنموذج يتكرر دائماً بلا نهاية أدركت الآن لماذا كنت الوحيدة التي تريد لأنك تعرفين ما تفعلين أليس كذلك هيلاري ؟ أكنت ستجدين لها وسيلة تخلصها من ورطتها .. أكنت ستؤمنين لها عيادة جيدة للإجهاض حيث لا يطرحون الكثير من الأسئلة ؟ لكن نصيحتك كانت مختلفة قلت لها تابعي مهزلة الزفاف ولتتحمل عائلة ايزيربلود النتائج .
قالت بصوت واهي : لا .
كاد فمها يحترق جفافاً ومرارة ثم تراقصت أنوار ملونة صغيرة أمام عينيها وبدا لها بروس يطل من بعيد وها هما الغضب والعتمة حوله يصلان إلى لب روحها مدت يدها تبحث عن زر الجرس ولكنها لم تجد القوة في أصابعها لتضغطه وما لبثت أن تجمعت العتمة حولها لكنها هذه المرة رحبت بها وكان آخر ما رأته قبل أن تقع صارخة بصمت في لجة فراغ عميقة المرارة في عينيه .
أحست من بعيد بصوت تبعته حركة فألم حاد سببته الحقنة التي حقنت بها ذراعها فكان أن استسلمت مجدداً إلى أحضان نوم آمن .
كان ضوء النهار ساطعاً حين فتحت عينيها إنه يوم مشرق بارد سماؤه زرقاء صافية انفتح الباب ودخلت ممرضة تحمل طشتاً ومنشفة .
قالت بمرح : هل أنت أفضل حالاً اليوم يقول الدكتور إنك باقية عندنا مدة يومين آخرين بسبب ما حدث ليلة أمس ولن يسمح لك بالزوار إذا كانوا سيزعجونك .
لامست ابتسامة مغصوبة ثغر هيلاري لأنها سمعت لهجة اللوم في صوت الممرضة وقالت : اتركي لي الطشت والماء أستطيع الاغتسال بنفسي .
_ حسناً .. نظرت الممرضة الشابة إلى ساعتها .
_ سيحين موعد جولة الأطباء كلنا اليوم متأخرين عن مواعيدنا سيأتي أحدهم ليغير لك الضمادات .
وخرجت مجدداً تاركة هيلاري تستمتع بالانتعاش الذي يبعثه الماء إلى وجهها .
كان الجرح الحقيقي في أعماقها عميقاً ووحشياً فلن يصدق بروس أبداً إلا أسوء الأمور عنها وستدينها دائماً الدلائل .
فكرت : إنه يحب لورنا ويهتم بها في هذه اللحظة عرفت أنها لم تكن في هذه اللحظة عرفت أنها لم تكن تحمي لورنا وحسب في تلك الأيام بل كانت تحمي بروس أيضاً من ألم خيبة الأمل من الشقيقة الصغرى التي يحبها لو عرف هوود و بروس الحقيقة لتألما لهذا لزمت الصمت وبسبب هذا الصمت عانت وتعاني وحدها .
تلقت الزهور في هذا اليوم من هوود ثم قالت لها الممرضة إنها تلقت مكالمات هاتفية عديدة وهي بمعظمها من الصحافين .
تأوهت هيلاري لقد نسيت أن فتاة الآمبر لا تزال تحتل الأخبار الرئيسية وسرها أن تكون أنظمة المستشفى الصارمة قد حمتها من غزو الصحافيين لقد قال لها الدكتور سولون مسروراً منها عندما قام بزيارتها المسائية أن بإمكانها العودة إلى المنزل بعد غد لكنه انزعج حين قالت له أنها ستعود إلى لندن حالما تغادر المستشفى
قال بصراحة : لا أوافق على هذه الفكرة لقد تلقيت صدمة شديدة وضربة سيئة على الرأس وتحتاجين إلى الراحة في مكان يعتني بك فيه جيداً على الأقل مدة أسبوع سأتكلم مع زوج أمك .
لم تجادله هيلاري لكنها عزمت أن لا مجال للعودة إلى ستونكليف مهما كان ضغط الطبيب أو هوود عليها .
لتغير الموضوع وسألت عن حال لورنا فقيل لها إنها بخير ولكنها لا زالت تحت التخدير وقطب الدكتور سولون قليلاً
_ جسدياً هي مستريحة لكنها لا تساعد نفسها إنها في حالة نفسية سيئة ونجد صعوبة كبيرة في معالجتها وكنت أرجو أن يساعدنا خطيبها على هذا لكن الفكرة أصابتها بنوبة جنون فلم أستطع متابعة الموضوع .
عضت هيلاري شفتها : لقد فسخت الخطوبة .
بدا الدكتور مستهجناً : هكذا إذن .
_ هل أستطيع رؤية الآنسة جيلفورد ؟
لكن الطبيب هز رأسه رافضاً : إنها نائمة معظم الوقت أضيفي إلى ذلك أننا تلقينا أوامر بألا يزورها أحد غير أفراد عائلتها والدها قادم هذا المساء .
صممت هيلاري فلا حاجة لتسأل من أصدر مثل هذه التعليمات .
في الصباح صدمتها الصحف فقد ذكرت معظمها أنها مصابة بشكل خطير وأنها ستشوه مدى الحياة .
سخرت إحدى الممرضات وهي تغير ضمادة هيلاري بأصابع بارعة : يا لهذه السخافة ! .. فلن يترك هذا الجرح الصغير أثراً أيعتقدون أننا لن نجيد الاعتناء بك ؟
لاحظت هيلاري الامتعاض في صوت الممرضة وكأنها هي نفسها مسؤولة عن الرد على ما في الصحف لا شك الآن أن كل من في المستشفى يعرف أن بروس منع هيلاري عن رؤية لورنا ولا شك أنهم يتساءلون عن السبب ..
غفت قليلاً بعد الغذاء ولكنها ما لبثت أن استيقظت على صوت خفيف فلما فتحت عينيها وجدت جون ميدوينتر واقف إلى جانب السرير وهو يحمل باقة الزهور بين يديه قدمها لها مرتبكاً .
_ أنا آسف .. لم يخبرني أحد بأنك نائمة .
جلست هيلاري وحاولت الابتسام : لم يعرفوا بأنني نائمة أشعر أنني مخادعة لأنني أستلقي هنا فقد أصبحت بخير وعافية .
رد جون رداً مهذباً ثم جلب كرسياً ليجلس قرب السرير بعد صمت قليل قالت هيلاري متحفظة : لطف منك أن تعودني ولكنني لا أعتقد أن أغنيس …
قاطعها بعنف مكبوت : فلتذهب إلى الجحيم أغنيس ..! كان يجب أن أجيء هيلاري يجب أن أعرف تاحقيقة ثمة شائعات كثيرة تدور وعلي أن أدعي أنني متباعد وغير مهتم في الوقت الذي أكاد فيه أفقد عقلي . هل صحيح أن لورنا أجهضت؟
أطرقت هيلاري رأسها ببطء .. وخرجت أنفاسه بآهة عميقة ثم قال بصوت متحشرج : آه يا إلهي ! أكان طفلي ؟ هل أخبرتك شيئاً ؟ .. عنا .. ؟
قالت هيلاري بحذر : لقد أفضت لي بسرها قبل الحادثة مباشرة كانت متكدرة قالت إنكما تشاجرتما .
ضحك بمرارة : أجل .. تشاجرنا .. حاولت أن أقول لها إن علينا التوقف عن التقابل و إن زواجها سيغير كل شيء وبدا أنها ظنت أن علاقتنا ستدوم إلى الأبد ولأنني أعرف أنها لا تحب ايزيربلود حاولت إقناعها بعدم الزواج به .
سألت ببرود : لماذا ؟ لتبقيها أنت الرجل المتزوج منفعة حصرية لك ؟ ما أروع هذا !
انتفض : أجل أعتقد أن هذا ما قصدته حتى وإن لم أكن على استعداد للاعتراف به لكنني أحبها هيلاري نحن متحابان إنها سبب حياتي .
قاطعته بسخرية : أوه يجب أن نكون حذرين لئلا يصل الخبر إلى مسامع أغنيس كيف ستشرح لها سبب زيارتك لي .. هل لي أن أسأل ؟
هز كتفيه عاجزاً : لا أدري أعرف أنك تحتقريني هيلاري .. أرى هذا في عينيك ووجهك لكنني أعلم أن خسارة الطفل غيرت نظرتي إلى العالم إنها مفارقة .. أليس كذلك ؟ لكنها الحقيقة أنا و لورنا ننتمي لبعضاً بعضاً والآن أكثر من أي وقت مضى يجب أن يكون لي الحق في مواساتها أنا بحاجة إلى هذا الحق وقسماً بالله سأحصل عليه !
_ أتعني أنك على استعداد لترك أغنيس والتخلي عن الحياة الرغيدة ؟
تورد وجهه لسخريتها : الشيء الوحيد الجيد في حياتي هو لورنا لقد اعتمدت على أغنيس لأنني لم أكن أهتم حقاً بما يحدث لي ولكنني أستطيع النجاح بمفردي كنت سعيداً حين كنا في إفريقيا كان عندي وظيفة هناك وكنت بارعاً فيها و أظن أن هذا هو سبب إصرارها على العودة إلى الوطن لأنها أرادت أن يكون لها اليد الطولى وهذا ما هي معتادة عليه حسناً جداً إن لم توافق على الطلاق فسأنتظر سنتين فأحصل عليه من دون موافقتها فلا سبب يدعو المرء للارتباط بزواج فاشل في هذه الأيام .
نظرت إله هيلاري طويلاً لم تشك أنه جاد في كلامه ولكن لماذا لم يفكر بهذا في بداية علاقته مع لورنا ؟ لا شك أن فقدان الطفل أثر هو الذي جعله يعيد التفكير بمسألة تدمير وجوده كزوج لأغنيس .
مال إلى الأمام يمسك يدها بقوة ويقول بلهفة : هيلاري أصغ إلي أيمكنك رؤية لورنا ؟ أيمكنك إيصال رسالة لها ؟
هزت هيلاري رأسها نفياً : مستحيل غير مسموح لي أن أراها وقعت الحادثة حين كانت تقلني إلى ليدز لألحق بقطار لندن ويظنون أنني الملامة .
نظر إليها بعدم تصديق : يظنون ؟ لا أصدق أن هيوارد جيلفورد بهذا الغباء فلورنا أسوء سائقة في العالم .
أحنت هيلاري رأسها : مع ذلك حظر علي بعدم رؤيتها .
بدت الخيبة على جون : إذن ماذا علي أن أفعل ؟
_ أنا واثقة أنك ستفكر بحل ما فقد أفلحتما حتى الآن بالتكتم .
بدا جون غير واع للسخرية غي صوتها : أجل سأكتب لها رسالة فقد أقنع ممرضة لتحملها إليها أما زلت مؤمنة أنني نموذج تعس ؟ لكنني سأعوض عليها كل شيء هيلاري .. أقسم على هذا ..
تكسر صوته فجأة ..وانحنى يدفن وجهه في غطاء السرير الطري و أردف قائلاً : لم أشعر قط بهذا الشعور تجاه امرأة … يجب أن تصدقيني .
نظرت هيلاري إلى رأسه بشفقة ولا مست شعره بحنان وقالت بلطف : أصدقك .
تناهى إلى مسمعيها صوت خفيف ليس أكثر من أنفاس عميقة وهذا ما حذرها إلى وجود أحد معهما رفعت نظرها مجفلة كان باب غرفتها مفتوحاً و بروس مسمراً هناك .
تلاقت عيونهما من فوق رأس جون وفي عينيها تحد وفي عينيه تعب وازدراء وعدم تصديق .
ثم ذهب كما ظهر و أقفل الباب وراءه بينهما وكأنها النهاية .

بحر الامان
24-07-2007, 21:31
10 _ العتمة والفجر الجزء الأخير
جلست فيرا وجول على جانبي سرير هيلاري ووجهاهما مشبع بالقلق والحب الذي بدأ يزيل الثلج عن قلب هيلاري .
قالت فيرا : لقد انقلب كل هذا إلى فوضى عارمة !
_ ما أروع أن أراكما ! إنها مفاجأة .
قال جون متجهماً : ليست بمقدار نصف مفاجأتي التي طالعتني حين فتحت صحف هذا الصباح لقد سارعت للاتصال بالمستشفى ألم يبلغوك الرسالة ؟
هزت رأسها : لا أظن أنني مريضتهم المفضلة الآن أنا هنا لأنه عنبر خاص ولأن زوج أمي يدفع مالاً ليعتنوا بي لكنهم يعتقدون أني سليمة وأنني أميل إلى المسكنة .
قالت فيرا ساخطة : يا للوقاحة .
_ يا للوقاحة .
نظرت إلى اللصوق على جبين هيلاري بلهفة : وماذا تحت هذا ؟
اتسعت شفتاها بابتسامة حقيقية : لا شيء كثير .
_ شكراً لله على ذلك .
مازحها جول مبتسماً لقد خسر فيك العالم ديبلوماسية رائعة حبيبتي أعتقد أن الضرر غير دائم أليس هذا ما قالوه لك ؟
بلى لقد طمأنني الطبيب سولون كثيراً وأتمنى لو كنت أهتم بهذا أكثر .
مرر جول إصبعاً على خدها : هاي ! سنهتم نحن به ركزي أنت على استعادة عافيتك أنت أحد مصادر عيشي ألا تذكرين هذا ؟
كانت فيرا تنظر حولها وأنفها يتحرك : رائحة المستشفيات متشابهة في كل مكان ..كم ستمكثين هنا ؟
هزت هيلاري رأسها : لا حاجة بي للبقاء وأظنهم سيسعدون برؤيتي أرحل .. هل أستطيع مرافقتكما إلى لندن ؟
ردا بصوت واحد : بالتأكيد ..
أضافت فيرا : كنا سنقترح عليك هذا ستقيمين معنا حتى تستعيدين صحتك حقاً .
حاولت هيلاري الاعتراض لكن فيرا كانت عازمة : أجل .. يجب .. لا أريد أن تبقي بمفردك بالشقة لقد مددت جولة جوليا وكم تحب أن تبقي معنا ..
استسلمت هيلاري لأنها تشعر بالضجر إن عادت إلى شقة فارغة .. لكن لا أحد قد يضجر بين جول وفيرا .
_ سأكلم الطبيب سولون .
_ وسنعود غداً في الصباح لتصحبك معنا .
ابتسمت فيرا لهيلاري ثم أضافت : على أي حال يجب أن تعودي معنا لأننا قلنا لبيتر إننا سنجلبك معما وقد تواجه جحيماً إن عدنا دون آنتي هيل .
_ وأين بيتر ؟
_ تركناه عند عرابته .. يعاني من الأنفلونزا لذا فضلنا عدم اصطحابه .. تعرفين ما يقال عن جليد الشمال .
ـ أحست هيلاري بسعادة عمرة بعد مغادرة فيرا و جول فنهضت من السرير وجلست قرب النافذة فترة …
دقت الجرس فلما وصلت إحدى الممرضات قالت لها إنها تاركة المستشفى في الصباح لذا تريد أن تستحم بدت الفتاة مذعورة وبدأت تهم بقول شيء عن الطبيب سولان لكن هيلاري كررت كلامها .أخيراً وافقت الفتاة على مضض .. لكنها قالت : لكن شاحبة جداً .. هل تريدين أن أساعدك ؟
قالت هيلاري بأدب : لا شكراً لك ؟
أحست بروعة الحمام .. وكم سعدت بارتداء ثيابها بدل ثوب المستشفى .
كانت الممرضة على صواب .. هذا ما فكرت فيه وهي تنظر إلى نفسها منتقدة إنها تبدو شاحبة فعلاً فلا أثر للاسمرار الكهرماني الكاريبي الذي اكتسبته في وقت مضى .
وهي في الطريق إلى الحمام توقفت أمام باب غرفة لورنا لكنها لم تحاول الدخول أو قرع الباب وقالت بصمت : وداعاً لورنا .. كوني سعيدة .. أرجوك كوني سعيدة .
وارتدت على عقبيها ……
بعد أسبوع على خروجها من المستشفى وذهابها لمنزل جول وفيرا شعرت أنها أصبحت أفضل حالاً .. كانت فيرا طباخة ماهرة سخية في سكب الطعام للمرة الثانية .. وكانت عائلتها سعيدة بهذا وصممت على أن تسعد هيلاري كذلك .
قريباً .. ستكون مستعدة لمعاودة العمل هذا ما قالته لجول ولكنه أجاب : مهلك حبيبتي …
فعرفت عندئذ أنها لم تستعد جمالها كلياً .
لقد نزعت اللصوق عن جبهتها و أخفت الأثر البسيط تحت شعرها ولكنها لم تستطع إخفاء النظرة التائهة في عينيها .. كانت موجودة و جول يعرفها لأنه مصور وفنان ومدرب على التفتيش عن هذه الأشياء ولو صورها الآن فلن تظهر كما كانت في فتاة الكهرمان ..
في هذه الأثناء سرها أن تساعد فيرا في تنظيف المنزل الفيكتوري الطراز الذي تعيش فيه واللعب مع بيتر الصغير والحديث مع فيرا وصديقاتها حين يأتين لزيارتها شعرت أنها عادت فرداً من عائلة ولكنها لم تجد في هذه العائلة اضطهاد ستونكليف وتوترها …
ما أغباها لأنها فكرت يوماً وحلمت بأن الأمور بينها وبين بروس قد تختلف وتساءلت عما كانت عليه ردة فعله حين علم أنها رحلت مع رجل متزوج إلى لندن لأن الحظ شاء أن يصل جول بمفرده ليصحبها من المستشفى .
كانت جالسة بعد ظهر أحد الأيام في المطبخ غير المرتب تراقب فيرا وهي تحضر الطعام فجأة قالت فيرا : ستانلي قادم إلى العشاء الليلة وأرجو ألا تمانعي منذ سمع بوجودك وهو يلمح لنا لندعوه .
هزت هيلاري كتفيها فستانلي آخر همومها : لا أمانع بالتأكيد .
نظرت فيرا إليها متسائلة : هذا ما ظننته مسكين ستانلي ! أم علي أن أقول مسكينة هيلاري ؟
استجمعت هيلاري ابتسامة : بل الحمقاء هيلاري .. كنت بلهاء لأنني تركت ستانلي يتسلل من بين أصابعي فجمالي لن يدوم إلى الأبد .. وعرض الأزياء هو لعبة الشباب .
لوحت فيرا بملعقة الطبخ : أوه فليذهب ستانلي إلى الجحيم فأنا مهتمة بالرجل الآخر .. ذلك الذي يجعلك تبدين كالأموات كلما فكرت فيه وأنت تظنين أن لا أحد يراقبك قد لا تعرفين هذا حبي لكنك بين الحين والآخر تغرقين في تفكير عميق ولا أصدق أن ما تفكرين فيه يجلب إليك السعادة .
عضت هيلاري شفتها السفلى من الداخل .
_ هذا صحيح وأنا لا أستطيع التحدث عنه فيرا قد يحدث ذلك ربما في يوم ما سأتمكن من الكلام .. أما الآن فلا .
ابتسمت لها فيرا بحرارة : كلي آذان صاغية يا حبي فاختاري الوقت الذي يناسبك فأنا هنا .
لم يكن ستانلي المدعو الوحيد ولكن الزوجين الآخرين المدعوين اتصلا ليقولا بأنهما يواجهان مشكلة مرافقة أطفالهما فكان أن أصبح المدعو الوحيد وصل مبتسماً حاملاً باقة ورد ولكن بدا تحت ابتسامته رجلاً حزيناً .
قال لهيلاري : مرحباً أيتها الغبية الجميلة .
وقبل خدها لكن كلماته حملت قسوة .
ردت : مرحباً ستانلي .
كان الطعام لذيذاً المفترض أن تكون مناسبة مفرحة .. ولكنها لم تكن كذلك بعد انتهاء العشاء اعتذر جول وفيرا بحجة أن عليهما تنظيف أطباق العشاء فكان أن تركا هيلاري و ستانلي بمفردهما في غرفة الجلوس في الطابق الأول .
قال ستانلي بحدة : أتستمتعين بالإقامة هنا ؟
_ كثيراً .
_ عرفت أن جول وفيرا ذهبا إلى المستشفى واصطحابك إلى هنا ألم يخطر ببالك أن تطلبي مني هذا ؟
_ بصراحة لا .. لم يخطر ببالي .
قال بمرارة : لا ..! لقد مرت أسابيع هيلاري لم أسمع فيها كلمة منك وهذا ما أظهر لي بوضوح قيمتي في حياتك .
_ لم أعرف أنك تسعى إلى شيء آخر .
لم يكن هذا صحيح كلياً .. ولكنه يعطيه فرصة للتخلص من هذا الموقف بوقار .
_ يا إلهي بل تعرفين .. لا بد أنك عرفت ما هو شعوري نحوك .. ولو طلبت مني المجيء لجئت من آخر العالم وعدت بك إلى لندن .. وكنت سأبقى حتى لو كانت تلك الروايات الشنيعة في الصحف صحيحة .
افترضت أنه صادق .. ولكن الدراما في صوته كانت محرجة ..
فسمعت نفسها تقول بصوت واهن : لم أعرف .. خلتنا مجرد صديقين ألا يمكن أن نكون صديقين ؟
_ أريد منك ما هو أكثر من الصداقة هيلاري ..
وقف وهو يتكلم فأوقع ما تبقى من قهوته على سجادة فيرا فهبت هيلاري واقفة : أوه .. يا الله من الأفضل أن أجلب قماشاً ما .
فجأة بدت غرفة الجلوس التي تجلس فيها بمفردها مع ستانلي مكاناً غير جيد لتكون فيه فقالت لنفسها ليت جول وفيرا يأتيان .
قال بعنف : دعي السجادة اللعينة فيرا وسخة لن تلاحظ .
هذا إجحاف بحق مضيفته ارتدت هيلاري إلى الوراء خطوة فتقدم هو خطوة ليعقد ذراعيه حولها ويشدها إليه كانت أنفاسه حارة فأشاحت بوجهها .
قال بصوت أجش : لا تعامليني وكأنني غريب هيلاري حاولت الظهور بمظهر بارد لأنني ظننت أنك تريدين هذا .. لكن لا يمكن أن نستمر على هذا الحال .. أنت جميلة بل خلابة وأنا أريدك .. يجب أن أحصل عليك !
وراح يعانقها فشهقت : ستانلي حباً بالله !
لكنه بدا غافلاً في مكان ما من أفكارها تناهى إليها صوت جرس الباب فدعت لله أن يكون القادم الزوجين اتكنسون المدعوين الذين قالا أنهما قد يأتيان للسهر في وقت لاحق .. على شخص ما المجيء ليخلصها من هذا الكابوس .
سمعت وقع أقدام تقترب وصوت فيرا : من هنا .
فكرت لقد وصلت النجدة !
عندما انفتح الباب تركها ستانلي فجأة فتهاوت متعثرة ثم وقفت بجهد تحدق إلى الباب قال ستانلي : من أنت بحق الله ؟
_ اسمي جيلفورد .. والواضح أني أتطفل على شيء ما .. أنا آسف سأذهب .
_ لا ..
ظنت هيلاري أنها صرخت بالكلمة .. لكنها خرجت مخنوقة : لا .. لا تذهب .. أرجوك !
تصورت كيف يبدو منظرها .. فثيابها مشعثة وشعرها الذي عقصته في بداية السهرة كان منسدلاً حول عنقها .
قال ستانلي بصوت أجش : ما هذا بحق الله ؟ جيلفورد ؟ إنه اسم العائلة التي كانت تقيم معهم هيلاري في يوركشاير .. هل أنت واحد منهم ؟
تقدم بروس إلى الداخل يراقب ستانلي بثبات ويداه على خصره : أجل .
قال ستانلي ساخراً فهمت يا إلهي فهمت كثيراً ! لا غرابة أن تمتنعي عن إرسال أي رسالة وعن الاتصال .. لا غرابة أن أصبح فجأة شخصاً لا وجود له في حياتك .
ضحك بفظاظة ثم راح يراقب تصاعد الدم المفاجئ إلى وجه هيلاري .. أردف : يا إلهي ما أغباك ! حسناً ها هي يا صديقي هيلاري كوارثمان الجميلة .. لك وليتك تحصل منها على تعويضات أكثر من التي حصلت عليها من هذه اللعينة الباردة .
ضربه بروس فتهاوى إلى الخلف ووقع على أحد المقاعد ثم وضع يده على فكه ليتحقق من سلامته ونظر إلى بروس بعدم تصديق .
قال بروس بتوتر : لا تكن هنا عندما أعود .
وأخذ هيلاري من ذراعها يجرها دون احترام إلى خارج الغرفة .. قال أين يمكن أن نتحدث .
كان المنزل كبيراً فيه غرف كثيرة وأية غرفة منها صالحة لينفردا فيها لكنها لم تستطع سوى أن تنظر إليه كالبكماء ..
قال : يا إلهي ,
فتح أقرب الأبواب ودفعها إلى الداخل ثم قدم لها كرسياً مرتفع الظهر فجلست إليه .
_ هذا هو ستانلي ؟
هزت رأسها .
_ حين دخلت كنت تقاومينه .. أو تحاولين مقاومته فماذا عن هذا وعن ملاحظته السافلة الأخيرة .. هل أفهم أنك لا تعيشين معه ؟
استعادت رباط جأشها : وهل هذا مهم كثيراً .. انظري إلي هيلاري .
كانت تنظر إلى يديها المنقبضتين فرفعت عينيها إلى وجهه .
قالت ببطء : كيف عرفت أين أنا ؟
_ لم أعرف .. لكن المستشفى أكد لي أنك رحلت إلى لندن مع جول غاميل فعندما لم أجدك في الشقة قررت أن أزوره لأسأله عنك .

بحر الامان
24-07-2007, 21:33
للحظات كان ينظر إليها ولا يصدق .. ثم أضاف بصوت قلق : هل أخفتك إلى هذه الدرجة هيلاري ؟ لقد جئت إلى هنا لأعقد صلحاً معك إذا كان ذلك ممكناً .. هل أقول أنني تفاجأت بالسيدة غاميل .. وأترك الأمر عند هذا الحد ؟
_ كما قلت من قبل وهل هذا مهم ؟ طالما أسأت الظن بي وإن شئت صدق ما تريد عني .. وعن جول .
قال : إساءة الظن بك عادة اكتسبتها .. في الباغية كانت سهلة .. لأنني كنت شاباً غبياً متعجرفاً كرهت كل من يريد أن يحل محل أمي .. لكن لا أحد قادر على أن يكره أوليفيا طويلاً ومع الوقت تعودت عليها أما أنت فكنت أمراً مختلفاً لأنك كرهتني أيضاً وكان ذلك تحدياً لي بطريقة ما .. ثم عدت يوماً ووجدتك مختلفة عن تلك الطفلة القذرة ..كنت على وشك أن تصبحي امرأة وكم بدوت جميلة كنت عند فجر ذلك الجمال لذا اشتريت لك الاسطوانة في يوم مولدك حاولت أن أقنع نفسي أني سأكون سعيداً بالحصول على أختين جميلتين ولكنني لم أنجح ومع الوقت اضطررت للتوافق مع الحقيقة حقيقة عدم رغبتي في أن أكون أخاك فلم أرد أن تكوني أي نوع من الأخت لي .
قالت ببرود ووضوح : لكنك أردتني وأظنك أثبت هذا بدون مجال للريبة وتهجمت علي ..
انتفض فأذهلتها انتفاضته : صحيح وليسامحني الله لا أتوقع تسامحيني لقد ارتكبت أغلاطاً كثيرة بتعاملي معك .
توقف هنيهة ثم قال : كان علي الاعتراف أنك طاهرة بريئة غير قادرة على إقامة علاقة مع أي رجل ولكنني تعاميت عما كان واضحاً ورحت أسيء الظن بك حين سمحت لنفسي أن أعيد التفكير أدركت أن ما من أحد يملك الخبرة التي افترضت يفر مذعوراً هكذا أمام الوحشية التي أظهرتها .
صمت قليلا ً ثم أضاف : عدت لأراك لمحاولة إجلاء كل شيء لأرى إن كان بالإمكان إصلاح الأمور بيننا لكنني لم أجدك فقد رحلت .
قالت من بين شفتين جافتين : وبالتأكيد لم تستطع أن تلحق بي .
قال بوجه متجهم : كان يمكن هذا لولا جولة المبيعات الأوربية التي التزمت بها طالما اتخذت منهجاً في حياتي وهو عدم ترك حياتي الخاصة تقف في طريق عملي والحقيقة أن الأمور لم تكن على ما يرام في الشركة وكان هوود يعمل لاهثاً في أمريكا لكنني وعدت نفسي بالبحث عنك بعد انتهاء جولتي .
_ لكنك لم تبحث عني .
عدت كنت قد أصبحت مشهورة .. فتاة الكهرمان تلك الصور اللعينة كانت في كل مكان وكنت كلما فتحت الصحيفة أجد مقالاً أو شائعة عنك تربطك برجل أو بآخر وكان علي أن أستنتج أن ما ظننته بك لم يكن خاطئاً على أي حال وكنت غاضباً لأن رحيلك آلم هوود و لورنا أحسست أنك خنتهما لقد عاملك هود وكأنك ابنته ولورنا اعتمدت عليك في كل شيء مع ذلك تركتهما .
همست : لكنني كنت مضطرة للرحيل .
تأوه : لأنني أجبرتك ؟ كنت في الطريق إلى ليدز حين خطر لي فجأة أنك قد تهربين مجدداً لم يكن هناك منطق يفسر شعوري لكنني عرفت فجأة أنني لا أستطيع السماح بحدوث هذا مرة أخرى فكان أن عدت ووجدتك في سيارة لورنا كان ذلك تكراراً لذلك الكابوس وحين قلبت السيارة في الخندق كدت أجن ..
هز رأسه متذكراً : .. سحبتكما من السيارة وكان الدم يغطي وجهك بسبب وبسبب خوفي الشديد عليك لم أدرك أن لورنا هي التي تحتاج إلى العون الطبي أكثر منك ثم لما عرفت بخطورة حالتها شعرت بالغضب منك مجدداً … لأنني ظننت أنك أجبرتها على المخاطرة والقيادة بسرعة .
أحست هيلاري وكأ،ها تحلم .. كأن كل شيء غير حقيقي أمسكت بالقش الذي يكسو المقعد وتركته يترك أثراً على لحمها .. ماذا تفعل في الغرفة ؟ كيف لها أن تكون مع بروس الذي يتكلم عن الغضب وهو غير غاضب ؟ .. أمر غير معقول ..
أحست بألم حاد على خدها فغاصت إلى الوراء شاهقة .. وقال بروس : كفى لقد كفاني من جنون لورنا في الأيام المنصرمة ما يكفيني إلى آخر العمر .
احتجت : صفعتني ؟
_ وسأعانقك تعويضاً .
أمسكت يده ذقنها ورفع وجهها ينظر إليها وكأنها وردة نادرة ..
قالت مقطوعة الأنفاس : كيف حال لورنا .. أما زالت في المستشفى ؟
_ لا .. هي الآن تنتظر جون أن يطلق زوجته لتتزوجه ويبدوا أنهما يخططان بعد زواجهما للسفر إلى أفريقيا و أتمنى أن يكون هذا سريعاً .
_ وكيف تلقى هوود الخبر ؟
_ كان وقعه عليه قاسياً ولكنه شخص قوي لذا ما زال متماسكاً رغم كل ما يشعر به ولكنه ضغط على لورنا فأخبرتنا كل شيء .
هز رأسه ببطء : بدءاً من حمايتك الدائمة لها في المدرسة وصولاً إلى تورطها مع هورلي فالطريقة التي حاولت فيها إخفاء علاقتها بجون .. كل التفاصيل بما فيها توسلك لتبطئي السرعة وقد صعب الأمر كثيراً عليه ولكن لم يدرك أبي أو لورنا الضرر الحقيقي الذي وقع .. وقع علينا .
ساد الصمت .. ثم قالت هيلاري : إذن أنت الآن تعرف .. أمن أجل هذا جئت ؟
_ ليس هذا فقط .. بل جئت أسأل لماذا ؟ لماذا تحملت الملامة عن حماقة لورنا ؟ عندما اتهمتك للمرة الأولى لماذا امتنعت عن إخباري بالحقيقة ؟
رفعت كتفاً بيأس : وهل كنت ستصدقني ؟
_ ربما ليس فوراً ولكنني كنت سأتأكد من صحة قولك والله يعرف أن لورنا كانت بحاجة عمن يوقفها عند حدها لقد تركنا لها جميعاً المجال في الماضي ربما بسبب توترها الدائم كانت تقلق هوود منذ سنوات أنا لا أحاول إيجاد أعذار لها ولكن لو اجتمعنا جميعاً منذ سنوات وكشفنا أوراقنا لكان بإمكاننا إنقاذها وإنقاذ أنفسنا من الفضيحة التي سببتها محاولتها المجرمة المتعمدة للزواج بتشارلي ايزيربلود .
تنهدت : كيف كان بإمكاني البوح بالحقيقة ؟ لقد عاملني هوود كأنني ابنته أما أنت فكنت بالنسبة لك دائماً الدخيلة الغريبة أنت و هوود و لورنا كنتم دائرة مغلقة لم أستطع خرقها ولم أستطع خرقها ولم أستطع القيام بما قد يضر هذه الدائرة .. فهل أكافئ هوود على طيبته معي بأن أحطم آماله في ابنته ؟
_ لذا وبدلاً من ذلك اخترت تدمير ثقتنا بك .. أوه .. يا إلهي ؟ يا لك من حمقاء صغيرة ! لكن لدي سبب آخر للمجيء إلى هنا .. أنا أطلب منك أن تسامحيني هيلاري على كل ما قلته وفعلته لأذيتك وعن كل سوء ظني بك وأنا مستعد لطلب الغفران و أنا جاث على قدمي إذا كان هذا ضرورياً أو إذا كان هذا ما تريدينه .. وأريد منك أن تعودي معي إلى ستونكليف هوود بحاجة إليك .
هزت هيلاري رأسها : لا أستطيع العودة إلى هناك .
صمت لحظات ثم وقف بعدما كان راكعاً قرب كرسيها وابتعد ..
قال بهدوء : إّن لا تستطيعين مسامحتي هل يؤثر في قرارك إن علمت أني على استعداد لترك المنزل ؟
عاد الألم الداخلي العميق حاداً وشرساً حتى كاد يمزقها إرباً إرباً أحنت رأسها وسمحت لشعرها الأشعث بالسقوط على وجهها : لن يكون لهذا فرق .
سمعته يتنهد : فهمت هيلاري .. أنا آسف هيلاري .. أعرف أني كدرتك كثيراً .. وهذا آخر ما أريده .. سأذهب .
فكرت والعذاب يتآكلها : سيذهب ولن أراه مجدداً سمعت صوتاً بالكاد تعرفه : قلت أنك ستعانقني تعويضاً .
كان بروس قد وصل إلى الباب ومد يده ليمسك المقبض .. ولكنه توقف مسمراً وارتد بحدة وما هي إلا خطوتين حتى أصبح قربها يرفعها عن الكرسي ويضمها إليه شوق متألم تعلقت به وسالت الدموع التي كانت تحتجزها على وجهها وهي تستجيب بكل جوارحها إلى شوقها إليه أخيراً انتزع نفسه عنها متأوهاً وأمسك وجهها بين يديه .. وقال :
لا أهتم كم رجلاً مر بحياتك هيلاري لأنني سأكون الأول والأخير .. أنت لي .. ولن أدعك تذهبين مرة أخرى سنعود إلى يوركشاير غداً .
حاولت الابتسامة : لأن هوود بحاجة إلي ؟
_ بل لأنني أنا بحاجة إليك لأننا سنتزوج .. لقد أضعنا سنتين من حياتنا وسأكون ملعوناً إن سمحت بإضاعة المزيد منها .
ضحكت بعدم ثبات : وماذا سيقول هوود ؟ و .. ديلسي ؟
التوى فمه قليلاً : ديلسي غير مهمة .. إنها صورة جميلة فاتنة فشلت كل الفشل في إبعاد تفكيري عنك .. بل لم تنجح
امرأة في هذا قط .. أما هوود .. فهو يعد العدة للاحتفال .. طلب مني عدم العودة إلى المنزل بدونك ..
شهقت : أوه .. ! إذن أنت كنت واثقاً مني كل الثقة ؟
قال بهدوء : لم أكن واثقاً ..
رأت في عينيه القلق .. وهو ضعف لم تعهده فيه فتلوى قلبها .. أضاف بل لم أثق أنك ستسمعينني ولم أعتقد أنك ستفهمين ما هو شعوري أردت أن أطلب أكثر بكثير.. بكثير من الغفران ولكنك كنت جالسة في هذا الكرسي اللعين كشبح صغير ولم تكادي تقولين كلمة .
_ كنت أنتظر الكلمة الوحيدة التي تظهر اهتمامك بي أعرف أنك أردتني لكن هذا غير كاف فطالما رغبت أن تحبني حتى في طفولتي حتى وأنا مؤمنة بكرهك لي كانت كلمة مديح واحدة منك تفرح قلبي وترقصه لهذا قلت أني لا أستطيع العودة إلى ستونكليف .. أفضل الموت مع العيش تحت سقف واحد معك مرة أخرى وعلى الأساس القديم ذاته .
قال بروس ببطء : أعرف أنني انتظرت طويلاً لأعترف هيلاري .. لكنني أحبك ومن العبث القول إن المرء يؤلم ويجرح دوماً مشاعر من يحب في حالتنا هذه القول صحيح لكنني سأعوضك عن هذا .
ابتسمت ودست ذراعيها حول عنقه : سيعجبني هذا فهي المرة الأولى التي يطلب فيها أحد يدي ..
سأل بصوت هادئ : ألم يطلب ستانلي يدك ؟
_ لم يطلب .. لم أدع أحداً قط يصل إلي .. وصلت علاقاتي دوماً إلى هذه المرحلة فقط .. ولم يكن هذا عدلاً لقد سمعت ما قاله .. إنني باردة .. حسناً بطريقة ما كان هذا صحيح .. رفضت أن يلمسني أحد .. بعدك .. وكنت ألومك على هذا .. قلت لنفسي إنك منعتني من الإحساس بمشاعري كامرأة .. لذا لن يكون هناك غيرك .. لقد أردت أن تكون الأول والأخير .. حسناً .. وستكون الأول والأخير حبيبي .. الأول والأخير والرجل الوحيد في حياتي .
نظر إليها طويلاً ثم قال بصوت أجش : لا أستحق هذا .
وعانقها بحنان ورقة فعمت قلبها البهجة .
كان في ماضيها عتمة .. ومرارة .. أما الآن فستصبح المرارة والعتمة في غياهب الزمان .
وسيبزغ فجر صيف جديد

بحر الامان
24-07-2007, 21:34
ارجو ان تتمتعوا بقرائتها
ولكم خالص اشواقي

*لميس*
25-07-2007, 12:39
مشكوووووووووووووووووووره حبيبتي بحوره


قصه رائعه

*لميس*
25-07-2007, 12:41
وأنا راح أنزل لكم روايه جديده ...أيضا::جيد::


(سيـــد الرعــــاه)

××××××××××××××××
××××

sa3et 7anan
26-07-2007, 19:25
shining tears


انت


فين


لعل المانع خير فى انتظار باقى القصة


بحر الامان


بجد


شكرا

.

بحر الامان
26-07-2007, 22:38
وينك يالموسه

عزيزتي
sa3et 7anan
اتمنى تكون عجبتك الروايه

milanodevil
27-07-2007, 17:46
شكرا
الروايات رائعة والمجهود اروع
ارجو ان تقبلوني صديقه لكم

milanodevil
28-07-2007, 06:05
شكرا رواية وشم الجمر روعة وهي اكثر رواية مفضلة عندي مع احتضنني اللهب

sa3et 7anan
29-07-2007, 16:43
بحر الامان الرواية رووووووووووووعة


لموسه العسل

من الصبح

بادور

على

سيد الرعاة

شفتيه
؟

احباب الروح
30-07-2007, 13:15
يسلمـــوو حبيبتي بحر الامان

ع الرواية الحلوووه



وناطرين لميس

وروايتها الجديده



بالتوفيق ::جيد::



..

بحر الامان
30-07-2007, 13:20
لاميس لاميس هيه هيه
وينك
تعبت وانا ادورك وادور سيد الرعاه

*لميس*
02-08-2007, 16:42
السلاااااااااااااااااااااااااااام عليكم حبايبي


حبيباتي sa3et 7ananو بحوره لاتتعبون وتدورون على [سيد الرعاة]

لأنه هو جااااااااااااااكم

:D :D :D :D :D


بس عذروني ع التأخير الغير مقصودكنت مسافره:) عشان كذا أعتذر منكم بشده لأني أنا ماأحب التأخير وإن شاءالله مايتكرر::جيد::

*لميس*
02-08-2007, 16:49
طبعا أبغى أقولكم إن اللي كتبت الروايه هي أختنا العزيزه



moon_night



::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::
::سعادة:: ::سعادة::





اللي حبت تشاركنا في كتابة الروايات ولاقدرت تنزلها بنفسها


الله يعطيك العافيه حبيبتي < مووون_نايت> ع المجهود والروايه


الرائعة وأعتذر لك ع التأخير :o

بحر الامان
02-08-2007, 16:50
هلا هلا هلا هلا هلا
يا مرحبا ترحيبا كلها لك تكسيك من راسك الى حد ماطاك
اخيرا جيتي
حمد لله على السلامه
هيا لا تطولين
بعدين اقلب المدح هجاء
خخخخخخخخخخخخخخ

*لميس*
02-08-2007, 16:56
سيد الرعاة 106
مارغريت روم
روايات عبير هارلكوين قبرص
1- الأعلان القدري
بيدين مرتجفتين، فتحت سيرينا صفحة الاعلانات في صحيفة واسعة الانتشار وراحت تبحث عن الاعلان الذي اثار مناقشات حماسية في المكتب حيث تعمل . وكان ذلك اثناء فترة الغداء .واذا بعينيها تحدقان باعلان كتب بالحروف السوداء العريضة . وتذكرت المشهد حين صرخت جوي ,صغيرة الموظفات عندما قاطعت الحديث وقالت والدهشة تملأ وجهها :
"آه ! شيء لايصدق ! انظروا الى هذا الاعلان ، هنا فوق ... في أعلى الصفحة ..."
انزعجت بولا فيكرز من هذا التصرف الوقح وهزت كتفيها وقالت بلهجة لاذعة وناعمة :
" وهل يجب عليك ان تقاطعينا كلما قرأت اعلانا عن حفلة موسيقية صاخبة ؟"
اجابت حينذاك جوي قائلة :
"تبا لموسيقى البوب الصاخبة ! في كل حال ، لايمكنك ان ترشحي نفسك ، فالمطلوب فتاة شقراء ذات عينين زرقاوين .."
سألت بولا ببرود:
"ترشيح نفسي ؟ ولأي سبب ؟"
اطلقت جوي زفرة انزعاج وقالت :
"لهذه الوظيفة ! لكن مهما كان الامر فالوظيفة لاتناسبك ."
وبفضول قوي اقتربت بقية الفتيات واعلن معا : " مالقضية ؟"
ناولتهن جوي الجريدة وقرأت احداهن ا بصوت ساخر وفي بطء الاعلان الذي يقول :
" عرض لفتاة انكليزية ، شقراء وحسب ، وظيفة تؤمن لها استقرارا مادياطيلة حياتها . يجب ان تكون حافظة سر ومطيعة ووديعة ، تقبل الطلبات لمن تبدي استعدادها لتحمل اعباء الاسرة . ولأخذ موعد الاتصال برقم الهاتف اعلاه"
بعد الدهشة ، دوت قهقهة عامة داخل المكتب . واكدت احدى الفتيات قائلة :
"في ايامنا هذه ، هذا النوع من الاعلان لايمكنه ان يخدع أي فتاة مهما كانت . لاشك ان صاحب الاعلان فقد عقله...."
قالت بولا:
" هذا رأيي ، أنا ايضا .ربما يعتقد انه بامكانه شراء كل مايريده بالمال . وربما كان صاحب الاعلان مهووسا يبحث عن فتاة شقراء ليجدد حريمه!"
اجابت فتاة اخرى:
"لا ! انها مزحة حتى المهووس لايمكنه ان يجهل ان نساء اليوم لسن ساذجات وخاصة في لندن!"
الضحك يعلو من جميع الاطراف . وجوي الحالمة كانت تحدق في سيرينا بامعان ثم قالت :
"لا اعرف ربما سيرينا تتمتع بهذه المواصفات.."
كانت سيرينا مسترسلة في افكارها فلم تلتقط من الحديث الجاري سوى القليل فاهتمامها من نوع اخر اذ كانت تتساءل بقلق كيف ستتمكن من دفع المصاريف الباهظة التي تفرضها عليها دار الحضانة حيث وضعت اختها الصغيرة ويندي.
وكانت مديرة دار الحضانة قد اعلنت لسيرينا صباح اليوم قائلة :
"اني اسفة حقا يانسة باين . نحن مضطرون ان نزيد عليك جنيها استرلينيا واحدا كل اسبوع ، وذلك ابتداء من الاسبوع المقبل .انت تعرفين ان الاسعار ترتفع في جميع الميادين ... انه التضخم المالي ...هذا يؤسفني لكنه اصبح لابد منه"
وخلال يوم بكاملة كانت سيرينا تطرح على نفسها الاسئلة المختلفة . اين ستجد هذا المبلغ الاضافي ؟ الم يسبق ان خفضت مصاريفها الى أدنى درجة وخاصة في مايتعلق بالغذاء ؟ كانت تبدو سريعة العطب من شدة نحول جسمها ، وكانت تتلقى الانتقادات بهذا الشأن من معظم العاملين معها.
فجأة تنبهت سيرينا الى مايدور حولها ، فقد ران الصمت بعد ملاحظة جوي. وشعرت بثقل النظرات الموجهه اليها ، اذ يبدو انهن ينتظرون ردها.
"كيف؟ عما تتكلمين ؟ المعذرة فلم اكن اصغي "
لم يرد احد باستثناء بولا التي هزت كتفيها بالتذكير قائلة :
"ربما انت على حق ياجوي قيل لي انه في الاسبوع الماضي لبت سيرينا دعوة الرجل الجذاب الذي يدعى جايسون .."
احمرت خدا الفتاة واعلنت بصوت برتجف غضبا: " ولم لا ؟ لقد امضيت سهرة ممتعة ، وبرهن السيد جايسون عن لطف كبير في ان يدعوني الى منزله"
قالت لورا باستغراب :
" تسمين ذلك لطفا! كانت تجول في رأسه افكار مختلفة .. لا اعرف كيف تصرفت معه ، لكن بالنسبة اليه ، كان لقاؤكما خيبة واخفاقا تامين ، حتى انه صرح في اليوم التالي انه للمره الاولى في حياته يحار في معاملة امرأة من هذا النوع المتحفظ"
احست سيرينا بقنوط وجرح شعورها لسماع ضحكات زميلاتها في المكتب ، ضحكات ساخرة هازئة ولما بدأت الفتيات بالاستعداد لممارسة عملهن من جديد بعد استراحة فترة الغداء اقتربت منها اكبرهن سنا وقالت:
"لاتتوتري لهذه الامور التافهة ربما انك ماتزالين ساذجة لكن هذة البراءة التي تتحلين بها هي مصدر قوتك.."
انها الان في بيتها وعيناها مسمرتان في الاعلان وشعرت بالاشمئزاز لتذكرها ذلك الحوار الذي جرى ظهر اليوم في مكتب عملها . وفجأة نسيت كل شئ اذ بدأت ويندي بالبكاء . اسرعت سيرينا نحو سرير الطفلة لتؤانسها بسرعة لئلا يعلو صراخها وتزعج الجيران . كانت اسنانها تبدأ بالبروز ولا شئ يسكن الامها وخاصة في الليل .
حملت الطفة وراحت تذرع الغرفة ذهابا وايابا تؤرجحها وتتحدث اليها وشوشة . ولحسن الحظ خفت حدة صراخها وتدريجيا هدأت الطفلة ، غير ان سيرينا استمرت في المشي طولا وعرضا لكن ببطء خشية ان تعود الفتاة الى الصراخ وتقلق راحة العمارة .
وراحت افكارها تأخذها بعيدا الى الوراء الى قبل سنة الفترة السعيدة حيث كان مستقبلها يبشرها بشتى الاحلام الجميلة ولم يبقى من هذة السعادة الماضية الا ذكرى بعيدة..
وراحت تتخيل تلك الليلة عندما جاءت والدتها في المساء لتخبرها بقليل من الانزعاج والخجل:
"سيرينا ، والدك وانا لدينا خبر سعيد نريد ان نزفة اليك "
"وما هو؟"
وكانت سيرينا في هذة اللحظة تتصفح الاعلان في أحدى الصحف المحلية بعد ان نالت شهادة السكرتاريا بتفوق فقالت والدتها:
" ضعي هذه الصحيفة جانبا ياصبيتي واصغي الي بامعان"
رفعت سيرينا عينيها ولاحظت ملامح والدها المنفعلة فوضعت الصحيفة جانبا وسمعت والدتها تقول لها :
"لدى والدك شئ مهم يريد ان يفصح لك به.."
قال الوالد لللوالدة:
"ل قوليه انت".
"لا انت"

*لميس*
02-08-2007, 17:01
نهضت سيرينا من مقعدها زقالت باستغراب :
" آه باسم السماء عليكما ان تقررا من منكما سيعلن النبأ أو ربما بالاحرى يمكنكما ان تعلناه معا"
وهذا مافعلاه اعلنا في صوت واحد مليء بالفخر
" اننا ننتظر مولودا سعيدا ."
وفي ذهول حقيقي حدقت سيرينا فترة طويلة في عيون والديها كأنهما اتيان من كوكب آخر كانت عائلتها الصغيرة المؤلفة من ثلاثة اشخاص على قدر واسع من الانسجام والاتحاد وظلت على ماهي مدة 19 سنة وهي الان مندهشة اذ تراها تتسع لمخلوق جديد اخر .
لكنها سرعان ماندمت على انفعالها الاناني لمجرد رؤية خيبة الامل ترتسم على وجهي والديها فأسرعت بالقول لتطمئنهما قائلة :
"هذا خبر رائع ! حلمت مرارا ان يصبح لي اخ أو اخت "
تنفست والدتها الصعداء واطلقت زفرة بكاء وفرح
فامسك والدها بكتفي زوجته وضمها اليه بحنان وقال " الم اقل انها ستسعد للخبر ؟"
غير ان هذا الفرح بدأ يتخلله بعض القلق في الاشهر اللاحقة واصبحت والدتها تزور الطبيب مرات عديدة كلما اقترب موعد الانجاب حتى افصح الطبيب مؤخرا عن تخوفة من خطورة الوضع.
ولما حان موعد الانجاب انتظرت سيرينا مع والدها في قاعة الانتظار في المستشفى ساعات طويلة والهم يكبرهما اخيرا جاء الطبيب عابس الوجه واعلن الخبر الرهيب :
" اني اسف ياسيد باين ويانسة سيرينا جهدنا باء بالفشل ... لكننا تمكننا من انقاذ الطفل ...."
لم تنس سيرينا تعبير وجه والدها الكئيب الذي ارتسم في هذه اللحظة وظل اسابيع طويلة بعد وفاة زوجته في حال تشبة الخمول يرد بالرغم منه على اشئلتها وبعد فترة غير بعيدة جاء شرطي ليعلمها بأن والدها قتل في حادث سيارة.
لم تسنح لها الفرصة لللحسرة والحداد اذ ان ويندي الصغيرة كانت بحاجة الى عناية واهتمام في كل لحظة .وبدأت المشاكل تنهمر عليها فاضطرت الى ان تبيع المنزل ومحطة الوقود حيث عمل والدها سنوات عديدة لتفي الديون والرهونات الكثيرة ولم يبقى معها الا المال الكافي لتسديد المصاريف الضرورية الى ان وجدت غرفة ضغيرة استأجرتها ودار حضانه لويندي قرب مركز عملها وهذا لم يكن باختيارها بل اضطرت الى قبولة لان الحاجة المادية بدأت تهدد استقرارها ...
وضعت سيرينا ويندي في سريرها ثم جلست على الكرسي امام الطاولة وراحت تقوم بحسابات المصاريف المتوجبة عليها.
وخرجت بنتيجة صعبة اذ عليها ان تخفف مصاريفها الى ادنى درجة لتتمكن من دفع اجرة دار الحضانة ... منذ الان لن تذهب عند المزين ولن تستعمل ادوات الزينه وستصلح احذيتها قدر امكانها حتى لاتحتاج الى شراء حذاء جديد ولحسن حظها شعرها مجعد بشكل طبيعي وليس بحاجة الى شامبو خاص بة.
لكن لايمكنها ان تحرم نفسها من الشورباء وسندويش الغداء, والا لما تمكنت من التركيز ورغم ذلك يشكو مديرها من النسيان الذي اصابها اخيرا وهي تعرف ان ذلك عائد الى تغذيتها البسيطة والزاهدة.
حالمة وجهت تظرها باتجاه ويندي وبفخر راحت تتأمل فرحة خديها البارزين الحمراوين وجسمها الممتلئ وتتبتسم فجأة عبست لدى سماعها صراخ الطفلة المتألمة وبعد بضعة لحظات دوى صراخها في ارجاء الغرفة.
"آه لا عادت الى الصراخ من جديد يالهي!"
تناولت سيرينا اختها بين ذراعيها لكن الطفلة لم تتوقف عن الصراخ الا بعد ربع ساعه بدت لها دهرا طويلا وكانت تهم بوضع الطفلة في السرير من جديد حينما سمعت طرقا على الباب فتحت سيرينا الباب وامام العتبة وقفت صاحبة الملك حمراء غضبا.
تلعثمت سيرينا وقالت في حيرة وارتباك :
" انا متأسفة سيدة كولينز.."
اعلنت صاحبة الملك في صوت قاطع :
" انا كذالك انسة باين عليك ان تغادري هذة الغرفة خلال اسبوع من الان لقد تحملت الكثير جارك ينزعج من بكاء الطفلة المستمر ويهدد بالذهاب انا اسفة صدقيني لكن سأضع هذه الغرفة برسم الايجار ابتداء من السبت المقبل !"
ادارت ظهرها وولت تاركة سيرينا من دون صوت اغلقت الفتاة الباب بهدوء الان ويندي نائمة بسلام نظرت سيرينا في امعان وحنان الى وجه اختها البريء لاغرورقت عيناها بالدموع واسرعت تضعها في السرير ثم جلست الى طاولتها وخبأت وجهها بين ذراعيها وراحت تبكي تاركة العنان لحزنها لقد صبرت كثيرا خلال هذه السنة الاخيرة وبات حزنها نهرا من الدموع القدر يتلذذ في تدميرها وتفتيت اندفاعها وانهيار اعصابها فحتى الان جابهت الامور بشجاعة لكنها اليوم تبوح بفشلها .
في احد الايام اقترحت عليها بولا ان تضع الطفلة في دار الايتام لكن تلك الفكرة كانت ترعبها اما الانفلا بد لها من الرضوخ للأمر الواقع فهي ترى ان هذه الفكرة هي الحل الاخير لمشاكلها .
وفي بطء رفعت رأسها وراحت تنظر في ارجاء الغرفة ذات الاثاث الحقير بساط بال ومقاعد مهترئة وسرير ومغسلة وغاز صغير لكن بالرغم من مأساتها كانت تمثل هذه الغرفة كل استقرارها اذ كانت تؤويها هي وويندي .. ويندي لايمكنها ان تقتنع بضرورة االتخلي عنها انه اسوأ الحلول ورفضت هذه الفكرة بقوة اليأس.
كانت الصحيفة موضوعه على الطاولة فتناولتها سيرينا وراحت تتفحصها بعين يائسة ومرة اخرى وقع نظرها على ذلك الاعلان الغامض. فجأة توقفت على جملة تحتوي كلمات قدرية :
" تقبل الطلبات للواتي يتحملن اعباء الاسرة ..."
وفي عنف امسكت الصحيفة وهبطت السلالم بسرعة وتوجهت الى حيث الهاتف وبيدين مرتجفتين اضطرت ان تدير الرقم ثلاث مراتقبل ان تنجح وبصوت عديم الثقة طلبت موعدا فاعطاها المتكلم عنوانا قبل ان يقفل الخط بقوة ظلت مسمرة النظر في الاعلان حيث كنت مسرعة : الموعد: السبت الثانية والنصف ظهرا في فندف امبريال غرفة 1005 "
كان ذلك نهار الغد!

××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

نهايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الفصل الاول

*لميس*
02-08-2007, 17:03
2- الشيخ وبلاده
لم تشعر بأي حيرة لاختيار ملابسها لانها ارتدت المجموعة الانيقة الوحيدة التي تملكها انها كناية عن تنورة وسترة ذات لون بني غامق يناقض بشرتها الفاتحة ولون شعرها الطويل الذهبي الذي ينسدل امواجا على كتفيها وارتدت تحت السترة قميصا من اللون الكريمي غير انها قطبت حاجبيها عندما نظرت في المراة لاشي في هذه البزه الكلاسيكية يلفت الانظار واذا صدق ماقالته زميلاتها من ان صاحب الاعلان ليس سوى ثري مضر سيكون حظها قد خانها .د
" اللواتي يتحملن اعباء الاسرة" . هذه الكلمات تتمايل في راسها اذا كان الرل الذي ستلتقي به يفي بوعده واذا حصلت على هذ الوظيفة الغامضة ستضمن مستقبل الطفلة . القت سيرينا نظرة الى ساعتها لم يبقى لها سوى عشرين دقيقة للوصول الى الفندق . ستصل سيارة التاكسي في أي لحظة الان وبعدما نظرت مرة اخرى الى المرأة حملت حقيبتة يدها وعلقتها بكتفيها وهبطت السلالم .أوقفها التاكسي امام باب فندق امبريال الرئيسي وكانت مبكرة فتوجهت الى مكتب الاستقبال بانفاس متقطعة من شدة الانفعال.طلبت ان يصار الى اعلام الغرفة رقم 1005
بحضورها .كان الموظف يراقبها خلسة فجأه اشتعل وجهها احمرارا لأنها انتبهت انه لاشك بان موظفي الفندق على علم بسبب وجودها هنا. وخلال بضعة دقائق بدت لها طويله جاء صبي الفندق وطلب منها ان تتبعه . شعرت بقدميها ترتخيان فجأة لكنها تمكنت من عبور البهو

المفروشة ارضه ببساط واسع مزين بالوان ورسوم فنية ولما انفتح باب المصعد من دون احداث ضجة خيل اليها انها تغادر العالم المتزن الواضح لتدخل عالما آخر غريبا ومروعا انها تنتمي الى عالم حيث لايمكن لاي انسان ان يخطر في باله شراء انسان حي حسب مايمكن الاعلان ان يفصح عنه فهناك وعد بالاستقرار " طيلة حياتها " وبالتالي فهي اسيرة سجن ذهبي .. لكن ماذا سيحصل في مقابل ذلك ؟
الغم يضغط على حنجرتها وهي تحاول جاهدة ان تنطق من دون جدوى . الطوابق تمر امامها وهي عاجزة ان تطلب من صبي الفندق ان يعيدها الى المدخل توقف المصعد وخرج الصبي امامها . تبعته وقدماها تدوسان البساط الازرق السميك بينما كانا يتوجهان نحو الغرفة القدرية.
اخيرا توقفا امام غرفة كتب على بابها رقم 1005 .
تلعثمت وهي تفتش في حقيبتها عن بعض العملة :
" شكرا .."
لكن صبي الفندق رفض البخشيش وعاد ادراجة نحو المصعد بعد ان رمقها بنظرة ازدراء . قربت سيرينا يدها لتطرق الباب ثم عدلت في اللحظة الاخيرة وفجأة تذكرت حكايات تجار الرقيق الابيض التي تداولتها رفيقاتها في العمل ... قصص الفتيات اللواتي يلبين مثل هذه الاعلانات ومصيرهن الاسود . همست لنفسها وهي تهز قدميها اضطرابا :
" سيرينا باين ، انت حقا مجنونة ! لماذا تجازفين بنفسك ؟ لاشك ان هناك وسائل اخرى للخروج من وضعك المالي في ايامنا هذه من المستحيل ان يسمح للناس ان تعيش من دون سقف: فالمساعدة الاجتماعية موجودة حقا غير انها استاءت لفكرة وضع ويندي في دور الايتام وبعد تردد طرقت الباب . وفي الحال فتح الخادم ودعاها الى الدخول بلياقة كبيرة . كانت الغرفة واسعة واثاثها فاخرا، فعادت انفاسها تتوتر هناك . مقاعد مريحه وطاولة مستديرة موضوعة فوق بساط ابيض سميك . ولوحات ونحوت ومرايا ذات اطارات مذهبة وكلها تزين الجدران المغلقة بالقماش الازرق الفاتح . وبالرغم من الشمس التي تخترق اشعتها الزجاج الواسع ، اكتشفت سيرينا بدهشة وجود مدفاة يشتعل داخلها الحطب الكبير .
اقتربت بخطى مترددة وتوقفت امام احد المقاعد بينما توارى الخادم عن الانظار . تقلصت سيرينا لاتعرف بماذا تفكر . لكنها شعرت بالارتياح وهي ترى رجلا عجوزا يدخل الغرفة ويقول : "انسة باين ؟"
كان صوته رنانا مع لكنة خفيفة في باديء الامر اعتقدت انه فرنسي الجنسية لكنها غيرت رأيها عندما سمعته يسأل في تهذيب رفيع وعزة نفس ويقول :
" هل تتفضل السنيوريتا بالجلوس ؟"
جلست سيرينا في المقعد وراحت تجوب بنظرها و جه هذا العجوز وملامحه النبيلة والرفيعه : عيناه ثاقبتان .. وتمكنت سيرينا من ان تقرأ فيهما قليلا من الاستغراب غير ان فمه يعبر عن عطف وتسامح وفكرت بأن شعره الابيض لاشك انه كان في الماضي اسود كاملا غير انه مازال يحافظ على قامته الطويلة ورشاقة رجل شاب .
انتظرت سيرينا منه ان يتابع كلامه وبدأ غمها وتخوفها وقلقها لانحسار رويدا رويدا عندما لاحظت انه يبحث عن الكلمات المناسبة ومن دون أي شك هذه خبرة ججديده على الرجل النبيل الواثق من نفسة وكي تشجعه ابتسمت له فأسرع بالقول : " قبل كل شيء ياسنيوريتا اسمحي لي بان اقدم نفسي انا الكونت البيرتو دي فالريفيا وانت تدعين سيرينا اليس كذلك ؟"
قالت بصوت غير واثق :
" نعم حضرة الكونت .."
قام بحركة سلبية وقال :
" يكفي ان تناديني دون البيرتو ياعزيزتي فانا انما افصحت عن لقبي في حال اردت ان تستعلمي عني"
قالت في عصبية خفيفة :
" شكرا دون البيرتو لكن لن اجروء ابدا ان اقوم بشيء كهذا ..."
قال رافعا حاجبيه:
" ولم لا ؟ انت لاتعرفين شيئا عني الا اني ابحث عن فتاة انكليزية وقد كتبت الاعلان في كلمات تدعو الى الغموض والالتباس الاتعرفين بذلك "
وافقت سيرينا بهزة من رأسها وخاطرت تقول :
" بالمناسبة احب ان اطرح عليك بعض الاسئلة ".
" سارد عليها بكل طيبة خاطر لكن قبل كل شيء سنفعل بما ينص علينا التقليد البريطاني ونتناول قليلا من الشاي "
رن الجرس فحضر الخادم في الحال
" شاي للانسه يابيدرو ولي ايضا .. تقليدكم هذا يدل على لطف ولباقة "
احنى الخادم راسه وخرج من الغرفة كان دون البيرتو يراقب سيرينا قليلا فقال :"سنيوريتا ارغب بمعرفة ما الذي لفت نظرك في هذا الاعلان هل هذا يعودى احتمال ان تتجردي يا من اعبائك الماديه؟"
ابتسم بسخرية وتابع يقول :

*لميس*
02-08-2007, 17:07
" خلال الايام الاخيرة جلست مكانك نساء كثيرات شابات... كلهن من الجنسية الانكليزية شقراوات طيعات ومحتشمات – حسب تصريحهن- ومن دون استثناء كل واحده صرحت ان السبب الذي من اجله طرقن هذا الباب هو الحياة المترفة والاستقرار المادي طيلة حياتهن غير اني اشعر أن الفضائل التي يتحلين بها كانت خاطئة مثل الوان شعرهن صحيح اني رجل عجوز وتقليدي لكن مازلت قادرا على الحكم اذا كان الشعر مصبوغا ام لا!"
احتجت سيرينا رافعة ذقنها في حماس وقالت:
"لون شعري طبيعي ياسنيور واريد ان تعرف شيئا مهما اذا كنت ابحث عن الحياة السهلة والاستقرار المادي فليس من اجلي ".
قال باستغراب:
" هكذا اذن ! في هذه الحال هل باستطاعتي ان اسألك من اجل من تنشدين الاستقرار"
ترددت لحظة ثم اعلنت تقول:
"ذكر الاعلان ان الطلبات مقبولة للواتي يتحملن اعباء الاسرة معي طفلة عمرها سنة واحدة وصاحبة الغرفة التي اسكنها انذرتني بضرورة مغادرتها لأن الطفلة غلبا ماتبكي لأنها تتألم من اسنانها التي بدأت تنشق. واضافة الى ذلك علمت البارحة ان مصاريف دور الحضانة حيث ارسلت ويندي ارتفعت اسعارها واخشى الااقدر على مجابهة الوضع . هذا مادفعني للمثول هنا اليوم . اني ابحث بشكل بائس عن سقف يمكنه ان يؤوينا انا وويندي . واذا لم اتكن من ايجاده ساضطر الى وضع ويندي في دار الايتام لكني مستعدة لكل شيء كي اتحاشى ذلك مستعده لكل شيء !"
وفي بطء رفعت عينيها . كان العجوز يحدق فيها ليس في تسامح بل في احتقار قطب حاجبية وقال في سخرية :
" وانا الذي اعتقدت ان ابحاثي قد اعطت ثمارها في النهاية . لقد تأكدت من النظرة الاولى انك الوحيدة التي تلائم هذه الوظيفة تبدين فتاة بريئة سليمة النية .. لكن مع طفلة بعد كل شيء!"
اطلعميقة ثم اضاف:" حتما الاخلاق تغيرت كليا"
احمرت وجنتا الفتاة ونهضت فجأة وكانت تغلي من الغيظ قائلة:
" ليست ويندي ابنتي بل شقيتي ! كيف بامكانك ان تعتقد ان..."
ظل دون البيرتو جامدا ثم هز رأسه بحزوقال:
" ياعزيزتي لم اكن انتظر منك ان تجدي عذرا لما لته."
" لكن ماتقول خطأ ولست بحاجة الى اختلاق الاعذار !"
ضربت قدمها ارضا بغضب نسيت خجلها وقالت بصوت مرتفع :
" كنت في التاسع عشرة من عمري عندما عرفت والدتي نها تنتظر مولودا سعيدا وفترة الحمل كانت قاسية وخطرة بسبب كبر سنها .. لست قادرة ان ادخل بالتفاصيل الان كل مابوسعي قوله انها ماتت في الوقت الذي انجبت خلاله ويندي وبعد اشهر قتل والدي في حادث سيارة مذ ذاك وانا اهتم باختي قدر المستطاع للأسف معاشي غير مرتفع وستحيل علي احيانا ان اوازي الدخل مع المصروف لهذا السبب انا هنا اعلانك دفع بي الى امل الخروج من هذا الوضع ربما الى حياة جديدة ستنفتح امام يندي غير اني لم آت هنا من اجل الحصول علىحياة مترفة او من اجل الارتزاق ببساطة انا ابحث عن مان يمكنني فيه من اربي ويندي من دون ان اضطر الى اسكاتها كلما بكت الىمكان حيث يمكنها ان تفتح وتعيش حياة طبيعية هذا مارغبة يا سنيور وهذا ما سأرغبه دائما ! الى اللقاء سنيور .."
ارتدت قفازيها وهي على وشك الانهيار في البكاء وانهت كلامها قائلة :
" لاسبب لاستدعاء الخادم اعرف الطريق جيدا ".
في سرعة ورشاقة بالنسبة الى رجل من سنه اقترب دون البيرتو منها وقال :
" لاتذهبي يآنسة ارجوك لقد اسأت الحكم عليك .. ارجوك ان تقبلي اعتذاري هل تتشرفين بالبقاء؟ لدي ما اقوله لك."
.. وكان دخول بيدرو المفاجئ وهو يجر طاولة صغير قد افقد من عزيمتها عن المغادرة فقال دون البيرتو بلهجة ملاطفة :
" من فضلك ابقي هنا وقدمي لي الشاي "
كان من الصعب مقاومة سحره ولم تلبث سيرينا الا ان استسلمت قائلة بعد لحظات مترددة :
" حسنا اقبل اعتذارك وسأحتسي الشاي معك "
في صو ت رنان دعاها الى الجلوس وبينما كانت تسكب الشاي العنبري في فناجين صينية شفافة راح يراقب بعينيه حركاتها الدقيقة وفي الحال اضاء بريق صغير عينيه السوداوين .
خلال الحديث بينهما استجوبها في لياقة ذكية وارغمها على البوح بكل تفاصيل حياتها الماضية من دون ان تشعر اطلاقا انها تخضع لتحقيق بل العكس كانت تشعر تجاهه بنوع من عرفان الجميل للأهتمام الذي يحمله اليها كان يستعمل سحره بسعاده اشعرتها بالاسترخاء الممتع كانها تشاطر رفقة عمها المهتم بمشاكلها والذي يدير لها اذنا صاغية شعرت بثقة تامة وراحت تقص عليه كل عذاباتها الماضية وامالها المستقبلية.
دقت الساعه الرابعه قاطعة هذا الحوار الحميم وقالت سيرينا المندهشة باستغراب :
" كيف مر الوقت بهذه السرعه ؟ لم اكن افكر اني سأتغيب اكثر من ساعة يجب ان اعود الان."
نظر اليها دون البيرتو بدهشة وقال :
"لا يمكننا ان نختصر هذا الحديث الان ونحن مازلنا في خضمه يابنتي مازلت في حاجة لان احدثك بالتفصيل عن العرض الذي كنت بصدد تقديمه اليك"
" اذن هل في نيتك ان توظفني عندك؟"
"اخترتك ولن يقع اختياري على غيرك "
ابتسم واقترب منها وقال :
" غير ان القرار النهائي عائد اليك بكل تأكيد"
استرخت سيرينا في مقعدها متأثرة بلهجة دون البيرتو الوقورة .فقد كانت على انتظار وترقب.
سألها فجأة:
"ماذا تعرفين عن شيلي ."
قالت مندهشة مستغربة.
" الشيء القليل تقع في امريكا الجنوبية اليس كذلك؟"
هز رأسه ايجابا وابتسم قائلا:
"تماما انها بلاد بشكل الفاصوليا الخضراء تقع بين الانديس والمحيط الهادي من جهة هناك الجبال وثلوجها المستمره ومن جهة اخرى البحر ورغوته العاليه انها وطني وارض بلادي وهي المكان المفضل لتربية شقيقتك هذا البلد المتنوع المناخ بسبب طوله وكذلك مناظره المختلفة ففي الشمال نرى فسحات شاسعه صحراوية حارة حيث الامطار نادرة بينما في الجنوب فالغابات رطبة جدا ولذلك ابناء شيلي يقولون في مزاح انها تمطر على الاقل 365يوما كل سنه وقمم الصلج المجلد العالية تطلق السيول والانهار والبحيرات وبين الاراضي الصحراوية في الشمال والاراضي الواسعه والبارده في اقصى الجنوب يقع السهل الاوسط الكبير وهنا اقطن في اسفل الوادي الخصب الطقس رائع الصيف حار وناشف والشتاء ممطر وناعم"
توقف دون البيرتو لحظة ثم اعاد يقول:
" اتت عائلتي الى هذه البلاد منذ القرن السادس عشر اسلافي كانوا ينتمون الى المغامرين الذين غزوا اميركا والذين جاءوا من اسبانيا متعطشين الى خوض مغامرة البحث عن الذهب لم يجدوا ماكاتوا يبغونه انا استقوا في هذه البلاد وبعد مدة غير قصيرة ارسلوا وراء عائلاتهم في البداية كان ذلك صعبا لأنهم كانوا يعيشون محاطين بالهنود العدائيين .والخسائر البشرية كانت عديدة لكن رويدا رويدا توصلوا الى التغلب على جيرانهم وقهرهم واليوم يعتبرون انفسهم من ابناء تشيلي اكثر من كونهم اسبانين اننا معجبون كثيرا بالهنود وحبهم للحرية كما اننا نعي تماما كوننا متعلقين بالتقاليد القديمة التي حملها الغزاة معهم ان هذه الفضائل التي يتمتع بها الهنود ساعدت على انشاء الامة التشيلية الاستعمار الاسباني القديم اصبح جمهورية شابة غير

*لميس*
02-08-2007, 17:13
ان موقعها الجغرافي وكونها مطوقة بالجبل والبحر والصحراء يجعلها منزلة تقريبا عن العالم الحروب والثورات المستمرة مزقتها الهزات الارضية والتيارات البحرية القوية و الماكررة ساعدت على تدمير مدن بكاملها ومازال هذا يحدث الان البراكين استيقظت من جديد وتبرز احيانا بين ليلة وضحاها ان الشباب الشيليين يشبهون تماما" الكاوبوي" رعاة البقر الاميريكيين العاملين في مزرعتي والذين يهتمون بالماشية انهم صاخبون انفعاليون وتلقائيون وهم يعكسون صورة بلادهم ."
توقف قليلا ثم تابع يقول:
" ومن اجله نشرت الاعلان في الصحف … واذا كنت ارغب في ان تأتي معي الى اخر العالم ذلك من اجل ان تصبحي زوجته!"
حدقت سيرينا به مذعوره وقالت في تلعثم:
"م.....ماذا؟"
اضاف دون البيرتو والحزن يملا وجهه:
"نعم . هذا محتوى عرضي . حفيدي في حاجة الى زوجة واعتقد اني الوحيد الذي يمكنه ان يختارها له"
اطلق زفرة وهمس بصوت يدل عن ارهاق وتعب:
"والان اصبحت رجلا عجوزا ياسنيوريتا وارغب – وهذه امنيتي الغالية- ان اغادر مزرعتي تاركا اياها في ايد صالحة عندما يتزوج يصبح حفيدي قادرا ان يفرض سلطته على رجال الاعمال الناضجين الذين يتعامل معهم ويفرض الطاعه على العمال الذين في سنه والذين مازالوا يعتبرونه واحدا منهم".
راح قلب سيرينا يخفق بسرعه وهي تهز رأسها كلمات دون البيرتو احدثت عندها نوعا من الدوار كتلة الصور تتداخل في مخيلتها وتتصادم فوق بعضها البعض قمم الجبال المثلجة والبحار الهائجة والصحاري الحارة حتى لهب الشمس والغابات الغارقة تحت المطر كل هذه الصور بدأت تتمايل امام عينيها وفي هذه الاماكن قام الغزاه الوقحون الباحثون عن كنوز الذهب بشن معارك لاترحم ضد الهنود!
الهزات الارضية المرعبه التي وردت في حديث دون البيرتو لم تحدث فيها رعبا مثلما احدث فيها عرضه غير المنتظر الزواج من حفيده! كانت مضطربه ومشوشه وكانت تجد صعوبه كبيره في السيطره على تناغم افكارها العمال الذين يشبههم برعاة البقر الاميركين هؤلاء المندفعون الصاخبون يعيشون نمط حياة مختلفة تماما عن الحياة التي تعيشها صحيح انه تسنى لها ان ترى في السنما المواشي المنتشرة على مد النظر في السهول وان تعجب بالفرسان والرعاة الذين لايعادرون احصنتهم ليلا ونهارا لكن هذه المساحات الشاسعه التي كانت تشاهدها على شاشات الصالات المظلمة كانت تبدو من صنع الخيال اكثر من كونها واقعية اضافة الى ذلك تلك الموائد التي يشترك فيها العمال في الهواء الطلق تحت ضوء القمر والنجوم حيث تشوى اللحوم بكمية ضخمة تزيد هذا الشعور خيالا وبعدا عن الواقعية فالبيض المقلي واللوبياء المسلوقة اليس هذا ماكان يتألف منه طعامها ؟ وهاهي الان في وضه يقترح عليها عجوز شيلي ان تتزوج من رجل ينتمي الى عالم اخر تجهل كل شيء عنه .
فتحت عينيها بقوة فاحدثتا عند الرجل العجوز دهشة قوية كأنها حالة صدمة ما فتمكنت من القول:
"هل انت تتكلم بجدية؟"
اجاب بلهجة قاطعة :
"نعم. انا اتكلم بجدية تامة يسنيوريتا"
اطلقت زفرة ممؤلمة وقالت :
"لكن حفيدك هذا ...ماذا يفكر بمثل هذا التدبير ؟ أي نوع من الرجال هو كي يقبل ان يختار له جده زوجة؟"
همس العجوز حالما:
"أي نوع من الرجال هو؟ انه نسخة طبق الاصل عن والده .. تألمنا لخيارته منذ سنوات عديدة كان ابني الوحيد وقتل على اثر هزة ارضية احب زوجته حبا كبيرا وهي كانت رائعة الجمال اراد يوما ان يقد لها الملابس الجديدة ومساحيق الزينه فاصطحبها معه الى المدينه وهناك وقعت المأساة كانا في الفندق عندما حدثت الهزة وسقطت الجدران عليهما كانا زوجين مثاليين متحدين بشكل لا يوصف..."
ران صمت قصير ثم تابع قوله:
"لايتذكر حفيدي شيئا عن والديه ومع مرور الزمن اصبح يذكرني كثيرا بوالده في السنوات الاخيره قبل وفاته منحني ابني الوحيد ارتياحا وتعويضات جمة وقبل وفاته ببضعة اسابيع شكرني على طريقة تربيتي له وعلى نصائحي سيشكرني حفيدي يوما ما لاني سادله على الطريق الصحيح –الطريق الوحيد لتحقيق الذات كليا لكن لا اعرف ماذا ستكون ردة فعله امام هذه المبادرة ..."
فجأة اصبح نظره باردا وغير واضح التعبير وقال:
"لكنه في الاخير سيفعل ما سأقوله له"
شعرت سيرينا بالشفقه تجاه ذلك الشاب الذي يعيش منذ سنوات عديده تحت ظل هذا العجوز السلطوي المستبد لاشك ان الثقه تنقصه وهذا ماتفهمه تماما اذ انه يثق بحكم الغير اكثر من حكمة هو لاشك ان الخجل قد شله لابد ان يكون انسان معقدا وحساسا للانتقادات ومكبوتا على ذاته.
غير انها بالرغم من الشفقه التي تشعرها تجاهه فليس واردا ان تقترن به!
اعلنت في هدوء تام :
"انا اسفه عليك ان تبحث عن زوجة لحفيدك في مكان اخر "
سألها بصوت قاطع :
"لماذا ؟هل انت مغرمة برجل اخر؟"
"لا ليس هذا هو السبب اطلاقا"
"اذا لماذا تكذبين؟الم تؤكدي لي منذ قليل انك ستفعلين أي شيء من اجل ايواء اختك؟ وما اقدمه لك ليس "أي شيء " .يبدو انك لاتفهمين ان حظا يفلق الصخر قد قدم اليك فكري
قليلا بالحياه التي تعيشينها في الوقت الحالي وبالحياه التي اقدمها اليك .."
احتجت قائلة:
"لكنك لا تفهم شيئا؟ لن اتزوج ابدا برجل اجهل عنه كل شيء ولم يسبق ان التقيت به حتى ولو مره واحدة!"
"غير انك ترغبين في الزواج يوما "
احمر وجه سيرينا وقالت :
"يعني ان..يوما ما ...اود ...نعم"
قاطعها وقال بصوت ناعم :
" انت كثيرة التفاؤل اليس كذلك ياسنيوريتا ؟آمال كثيرة من دون شك لكن هل تعتقدين حقا ان رجلا سيقبل ان يربي طفلة ليست منه؟ الرجال انانيون ويرفضون التضحيات .. هل تريدينني ان ارسم لك وضعك الذي ستواجهينه بعد بضعة سنوات ؟ سترهقين باعباء تربية طفلة لوحدك وستصبحين عجوزا قبل الاوان ستجدين نفسك وحيده عندما تصبح اختك في سن الدراسة ثم وحيدة من جديد عندما تبدأ في الخروج وسترين سن الشيخوخة يمتد امامك وستجدين نفسك غير محبوبة او مرغوبة ولاتعودين في حاجة للانتظار كي تشكرك اختك على اهتمامك بها هذا اذا كانت مختلفة وغير اعتيادية "
غمرتها قشعريرة باردة فقالت:
"انت رجل قاس ، ياسنيور!"
"واقعي ياسنيوريتا من الافضل لك ان تتبعي نصحيتي " ادار ظهره وخرج من الغرفة وبالرغم من الحرارة داخل الغرفة شعرت سيرينا بالبرد يحتلها اجتاحها خوف فوق الوصف راحت ترى نفسها وحيدة وقد فقدت اغراءها وجاذبيتها واصبحت هرمة.اليس هذا مايخيف؟
نظرت حولها وراحت تقارن محتوى الغرفة الانيقة والفاخرة بغرفتها الحقيرة شبه العارية غرفة عليها مغادرتها بعد اسبوع الى اين تذهب؟ والى متى سيدوم هذا الواقع المؤلم ؟ ربما ستشعر ويندي بعدم الاستقرار الذي سيترك اثرا ابديا.
عندما عاد دون البيرتو الى الغرفة كانت عينا سيرينا تحدقان بنار المدفأة التي يترنح لهبها باستمرار كانت تبدو هادئة جدا اقترب منها فادارت وجهها نحوه ورأت في عينيه بريق امل فابتسمت له فقال:
"هل قررت ياسنيوريتا؟"
"ننعم سنيور قررت ان اقبل العرض آمل ان يجدني حفيدك زوجة تناسبة ".

××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

نهايـــــــــــــــــــــــــــــــــة الفصل الثاني

*لميس*
02-08-2007, 17:14
إن شاء الله تستمتعوا بالفصلين


وغداً بإذن الله الفصل الثالث والرابع..!!




تحياتي

*لميس*

ماري-أنطوانيت
03-08-2007, 00:49
مراااااااااااااااااااااااااااااااحب

يا احلى واغلى عضوات في افضل مشروع

في المنتدى...

انا رجعت واخيييييييييييرا ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

والله وحشتوني مووووووووووووت

وشايفه ان المشروع ماشي ::سعادة:: ::سعادة::

الف شكر حبيبتي شاينينج تيرز وبحر الامان على الرواية الروعة

ولموسه كاتبه لنا روايه::سعادة:: ::سعادة::

اكيد راح تكون روعه

وتشكرين حبيبتي ( مون لايت ) ::جيد:: ::جيد::

*لميس*
03-08-2007, 09:08
مراااااااااااااااااااااااااااااااحب


يا احلى واغلى عضوات في افضل مشروع


في المنتدى...


انا رجعت واخيييييييييييرا ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::


والله وحشتوني مووووووووووووت


وشايفه ان المشروع ماشي ::سعادة:: ::سعادة::


الف شكر حبيبتي شاينينج تيرز وبحر الامان على الرواية الروعة


ولموسه كاتبه لنا روايه::سعادة:: ::سعادة::


اكيد راح تكون روعه


وتشكرين حبيبتي ( مون لايت ) ::جيد:: ::جيد::






ياهلا ياهلا ياهــــــــــــــــــلا والله




حمدلله ع السلامه ياأحلى ملكه وأحلى ماري



طولتي الغيــــــــــــبه وأشتقتلك كثيييييييييييييير


قلت إن شاء الله يارب أول مااجع من السفر وأدخ المنتدى ألقى


مشاركتها وتحققت أمنيتي:D


ماتتصورين قد أيش مستانسه بعودتك ووجودك ثانيه في


المشروع:D :D ::سعادة:: ::سعادة:: :p :p :مرتبك: :مرتبك: >>كل الوجوه الضاحكه:لقافة:


لأني والله العالم إني سويت فوضى في المشروع وإنشالله


ماترجع lovely وتنصدم ::مغتاظ:: >>>بتذبحني:ميت:


بتقول يالميسوه ليتك مادريتي عن مشروعنا:mad: >>>الله يستر:D


بس أنا مكمله مكمله الروايه :تدخين: :تدخين: :تدخين:


أنتظرو الفصلين الثالث والرابع اليوم إنشالله:رامبو:

*لميس*
03-08-2007, 09:12
3- بعض من هداياه
بعد ثلاثه ايام كانت سيرينا جالسه اما نافذة الفندق الذي يطل على الساحه العامه تراقب فصيلة من الحنود تقوم بمناورات حربية على صوت الابواق انه تبديل الحراس امام قصر مونيدا قصر الضيافة التابع لرئيس الدولة ويعتمر الجنود قبعات ويرتدون الدروع والسراويل الكاكية وينتعلون جزمات من الجلد الاسود تصل الى ركبهم كانوا مصطفين امام من سيحلون مكانهم وينتظرون الاوامر الضباط التابعون للفريقين يسحبون سيوفهم ويحيون بعضهم بحرككات انيقة ودقيقة ويحصل التغير اثنين اثنين الى ان تتغير الفصيلة كلها ثم تعزف الابواق موسيقى عسكرية ويمشي الجنود بعد نهاية مهمتهم في شوارع سانتياغو متجهين الى ثكنتهم. بدت العاصمة ممتدة كليا امام انظار سيرينا . انها تقع وسط سهل واسع ويعبرها نهر في جهتها الشماليه وتحدها شرقا الجبال الشاهقة التي تسد الافق وهي جبال الانديس.
كان الانطلاق من لندن منذ 24 ساعه وكانت الرحلة مريحة وموفقة واهتم دون البيرتو بالطفلة ويندي تمام كما يجب وبينما كانت في احضان سيرينا لم تكف عن النظر اليه والابتسام له.
سحرته الطفلة فأصر على حملها وتدليلها تاركا سيرينا في افكارها وهي تتساءل عن الحوافز العميقة وعن الشائعات التي ستروجها زميلاتها في المكتب
خادم دون البيرتو اهتم بكل شيء حتى اخر التفاصيل لكن الوقت كان قصيرا وشعرت سيرينا بانها لاهثة ومبهورة كانت تعي انها ترتكب جنونا حقيقيا ... ففي انزعاج كبير كانت قد اتصلت بمديرها وشرحت له انها ستقدم استقالتها من العمل.
" بسبب الظروف العائلية اضطررت للبحث عن مسكن جديد .. كما اني وجدت عملا أخر لايبعد عن المكان الذي اسكنه من الان فصاعدا .."
اجابها بلهجة لطيفة:
"اننا اسفون ان تغادرينا لكن بما اننا ندخل فترة عصيبة فغيابك لن يؤذينا بامكانك ان تتصلي بي في الوقت الذي يناسبك حتى ارسل اليك راتبك وشهادة العمل"
اتصلت سيرينا بمديرها في فترة الغداء حتى تتحاشى اسئلة زميلاتها المحرجة فهي لاتتمتع بالشجاعة الكافية لترد على اسئلتهن كانت علاقاتها مع زميلاتها في المكتب علاقات عمل وحسب وكانت تضطر الى رفض جميع الدعوات لأنها كرست كل وقتها الفارغ للاهتمام بويندي ولذلك لم تكن على صداقة حميمة مع أي من الزميلات وفكرت سيرينا في مرارة انهن سيتكلمن عنها يوما او يومين ثم سينسينها تمام كباخرة في عرض البحر تختفي في الليل ولا تترك سوى صورة هاربة .
تنفست الصعداء وابتعدت عن النافذة متوجهة نحو سريرها منذ وصولهم الى هذا الفندق تدبر لها المدير مربية ستهتم بويندي خلال مدة اقامتها القصيرة في العاصمة الشيلية.
نصحها دون البيرتو قائلا:
"حاولي ان تنامي قليلا اذا تمكنت من ذلك ياعزيزتي سنلتقي وقت الغداء في غرفة الطعام هناك اشياء كثيرة اريد ان احدثك بها قبل الذهاب الى المزرعة"
قبلت هذا الاقتراح بفرح كبير فقد تمت الاحداث بسرعة غريبة في الايام الاخيرة وهذه البلاد تبلبلها الضجيج والمناظر الجديدة والوجوه كل شيء يبدو غريبا عليها بل محيرا وكئيبا .
منهكة تمددت سيرينا على السرير تعبها ليس جسديا بل سببه التوتر النفسي السرير مريح والاغطية ناعمة ومع ذلك فلا شيء باستطاعته تهدئة اضطراب اعصابها كانت متقلصة الوجه ومشوشة الافكار .
الم تقبل الزواج من رجل لم نره في حياتها من قبل؟ وهل هي قادرة ان تكون سندا فعالا لهذا الرجل الخجول ذي الطبع اللين؟ وهل ستحل الخدمات التي ستقدمها له مكان الحب؟
لم تتوصل الى الشعور بالراحة المنشودة وظلت تتقلب في فراشها
يمنة ويسرة من دون جدوى .احتلها ارتخاء متعب وتدريجيا شعرت بثقل في جفنيها وسرعان ماغطت في نوم عميق حلمت ان رجلا ظهر في حياتها ليريحها من كل اعباء الحياة كانت ارادته لاتقهر وحماسه لايضاهى جاء ليعزيها ويواسي همومها شفى جروحها العميقة واعاد اليها الحماس وحب الحياه واخيرا اشعل في صميم قلبها الحب .. ننذ سنة تقريبا وهذا الحلم يراود لياليها .
وعندما استيقظت من نومها بعد مرور ساعها تقريبا كانت الدموع تلألأ في عينها نظرت الى ساعة يدها مازال امامها الوقت قبل ان تهيء نفسها لموعد الغداء الشمس سربت اشعتها من وراء النوافذ الخشبية المغلقة والقت نظرة حولها باستغراب انها تذكر كليا انها تركت النوافذ مفتوحة قبل ان تتمدد في سريرها لا احد غيرها موجود في الغرفة غير ان شخصا قد دخل الى غرفتها في صمت وهدوء بينما كانت نائمه واغلق النوافذ وفي سرعة توجهت الى الباب واقفلته بالمفتاح الشعور بالتجسس عليها وضعها في حالة انزعاج لكن تصرفها هذا لايجدي حتى انها اعتبرته تافها غيير انها شعرت في الوقت الحاضر انها سريعة العطب وان اقفالها الباب سيجعلها اكثر اطمئنانا.
شعرت برغبة في الاستحمام فتوجهت نحو الحمام وتوقفت فجأة حين رأت تلة من الصناديق الرمادية موضوعة في ارض الغرفة .
انها من مختلف الاحجام وكلها تحمل اسم "ميرابيل " محفورة احرفها بالذهب تناولت الصندوق الاول وهزته بحذر فصدر عنه حفيف بالكاد سمعته فأثار اهتمامها فتحته وبيدين مرتجفتين ابعدت الورقة الحريرة البنفسيجية وشاهدت قميص نوم من الدانتال الناعم . لم تتمكن من الامتناع عن اطلاق زفرة استغراب فرحة قبل ان تسحبة من العلبة وتتأمله مليا.
وواحدة بعد الاخرى فتحت جميع العلب بنوع من الاثارة جعل انفاسها تتقطع : كل صنف من الالبسة يسحر الالباب وامام عينيها غير المصدقتين انتشرت اخير مجموعة من الفساتين
وقمصان النوم والبزات والبنطولنات والحقائب اليدوية والاحذية ..لا شك ان كل هذا كلف اموالا طائلة كانت الغرفة قد امتلأت بالاوراق واغطية العلب عندما فتحت الصندوق الاخير الذي يفوق الصناديق الاخرى وجدت صعوبة لتمزق الورق الملفوف حول العلبة قبل فتحها لكنها سرعان ماطلقت صرخة اندهاش وهي تنظر الى معطف من الفرو الغامق الللون وبعد تردد بسيط راحت تلامسه في نشوة وامتنان.
وظلت برهة مفتونه امام هذه الثروات الممتده امامها حتى نجمات السينما لاتملكن مثل هذه الملابس الفاخرة .. والباهظة! وبما انهامتعودة ان تكون فتاه اقتصادية وجدت مثل هذا الاسراف غريبا وشاذا ولاتجرؤ ان تقدر قيمته.
وبعد تفكير طويل اختارت ثوبا ابيض اللون بسيطا يدخلة التطريز الانجليزي ارتدته ووقفت امام المرآه تتأمل نفسها داخل هذا الثوب فوجدت انه يليق بها اذ ان قصته ذات فن رفيع ... ان هذا الفستان يظهر شكل جسمها النحيف والممشوق ويلفت الانتباه.
مساحيق الزينة والعطورات كانت موجودة ا يضا فوضعت على شفتيها قليلا من احمر الشفاه بلون المرجان وكحلت عينيها وجفنيها وكانت في الوقت نفسه تفكر بالرجل الذي حلمت به يرافقها تذكرت دون البيرتو هذا العجوز الفريد من نوعه الذي لاشك ان ليده معرفة واسعه بالنساء ويعرف كيفية ارضائهن واثارت اهتمامهن وبث الحماس فيهن في حدس ذكي عرف ذوقها تماما بالرغم من لامبالاتها بالزينه والملابس المترفة حتى انه اكتشف قياسات جسمها وقدميها...
وبعدما تاكدت ان ويندي تنام بهدوؤ خبطت سيرينا الادراج متوجهة الى مطعم الفندق حيث كان دون البيرتو في انتظارها كان يحتسي شرابا خفيفا وهو جالس قرب النافذة نهض واقفا عندما رآها تقترب منه فشعرت سيرينا في الحال برغبة التعبير عن امتنانها فمدت له يدها لكنها اندهشت عندما رفعها الى فمه وقال في اعجاب :
" الشعلة.. الجميلة.."
قالت وهي تهز رأسها:
"شكرا جزيلا ياسنيور "
كان الوقت ظهرا والشمس التي كانت تملأ الغرفة تعكس اشعتها على جدائل شعر سيرينا الملفوفة حول رأسها.
بعد وقت قصير جلسا امام مائدة الطعام وقدم لها الخادم سلطة "بالتا" المؤلفة من القريدس والآفوكادو المتبله بعصير الحامض .
والوجبة الاساسية كانت مؤلفة من عجينة تحتوي على مجموعة من اللحوم والزيتون والبصل والفلفل الاخضر والزبيب وبينما كانا يأكلان كان الحديث يدور حول امور عادية لكنهما كانا يعرفان جيدا انهما سيشرعان بعد قليل البحث في الامور الاساسية..
بابتسامة متسامحة انتظر دون البيرتو ان تنتهي سيرينا من تناول الوجبة الاخير المؤلفة من بوظة الفراولة وان تحتسي القهوة ثم اعلن بغتة:
"صباح اليوم اتصلت لاسلكيا بحفيدي سيأتي في طائرته لملاقاتنا في مطار سانتياغو "

*لميس*
03-08-2007, 09:20
ثم القى نظرة الى ساعة واضاف:
"سيصل بعد ساعة بالضبط "
قالت سيرينا بصوت مخنوق:
"هكذا باكرا؟"
باشارة من راسة وافق دون البيرتو ثم قال:
"اريد ان اطلب منك شيئا ياسنيوريتا قبل وصول حفيدي بعد تفكير طويل توصلت الى النتيجة التالية: ارى من الافضل ان تدعية يعتقد ان ويندي ابنتك..."
ارتسم الاندهاش على وجه الفتاه فاسرع يقول بالتحديد :
"في الوقت المناسب سأفصح له بالحقيقة كلها"
"لكن لماذا تريد ان تكبده خيبة الامل هذه ياسنيور؟"
ظل ساكتا يحدق فيها بامعان كان وجهها مليئا بالبراءة والنضارة مما جعل الابتسام يرتسم على وجه دون البيرتو الذي قال :
"بما اني اعرف ذوق حفيدي لما يسمى بالالغاز فقد قررت ان اطرح علية لغزا لاشيء يوقظ التحدي مثل سر يبقى كاملا وكيف عندما يرى فتاة متحفظة وبشوشة لايمكن لاحد ان يشك انها ام لطفلة صغيرة؟ الطفلة تشبهك كثيرا وسيعتقد كما سبق واعتقدت انا انها ابنتك سيكون الامر طبيعيا..."
احمرت وجنتا سيرينا وحاولت جهدها للحفاظ على هدوئها وقالت:
"اذن ياسنيور تريدني ان ادعي بأني والدة ويندي من اجل ان تشحذ فضول حفيدك فقط لاغير اعتقد ان ذلك ليس تصرفا لائقا من جانبك ان بالنسبة الي أو بالنسبة الية"
تجهم وجه دون البيرتو وظهرت القساوة في نظرته وقال بلهجة لاذعة:
"لادخل للعواطف في هذه الصفقة التي عقدناها وليس فيها سوى الفوائد المادية التي ستحصلين عليها!"
اكفهر وجهها ,ظاهريا يبدو هذا العجوز طيبا وساحرا وكنه يخفي وراء ذلك قساوة حقيقية غير انها توافق بأن له الحق ان يذكرها بغاية هذا الاتفاق الذي تجني منه فائدتها بسعادة ساذجة .
غرفتها في فندق درجة اولى ملابسها الفاخرة كلها تظهر كرمه الحاتمي وفي الوقت الحاضر لم يعد لديها الحق في التذمر لأنها قامت باختيار سجنها الذهبي وعليها ان تسلم به وتتحمل كل المسؤولية .
"قالت خافضة الرأس:
"سافعل ما تريد ياسنيور لكن ماذا تريد مني ان اقول لحفيدك بالضبط؟ الموضوع شديد الدقة.."
"انك مسؤولة عن طفلة وعليك تحمل اعباء ذلك ببساطة"
"شيء في اعلانك اثار اهتمامي وهي الفقرة التي تتعلق بقبول طلبات اللواتي يتحملن اعباء الاسرة نادرا مايقبل اصحاب العمل ان يقيم الموظف لديهم في بيوتهم مع افراد العائلة ...اذن لماذا؟"
وبما ان سيرينا وعدت بلطف ان تفعل مايرده العجوز منها تغير مزاجه وتناول سيكارا واجاب قائلا:
"كل كلمة وردت في الاعلان كانت مدروسة في اعتناء ودقة وخاصة ماجاء فيالفقرة التي تنوهين بها الفتاه التي كنت ابحث عنها عليها ان تمتلك كل الصفات التي لاجدل فيها وخاصة ان تتحلى بحسن الواجب الذي هو اهم شيء في مظري يجب الا افقد ثقتي بها في المستقبل ... وعندما يكون المرء خاليا من هذه الصفات لايمكنه تحمل اعباء الاسرة وخاصة لفترة طويلة وهذه الطفلة تخدم خطتي تماما لايحب المرء اهله الابعدما يصبح هو ابا أم اما ايضا لذلك ان
تعيشي قرب هذه الطفلة وتهتمي بها سيعود ذلك اليها بفائدة جمة فاذا امضى حفيدي ليلة قرب سرير طفلة مريضة سيتعلم الكثير وسيجني ثمارا لايمكن لأي فلسفة نظرية ان تمنحها له.."
"قلت ان حفيدك لايتذكر والدية اطلاقا وبنظرة انت الذي لعبت دور اهلة هل هذا يعني انه تصرف نحوك بجحود ؟"
"ليس تماما لكنه يشك بصحة طريقتي وليس قادرا ان يفهم بوضوح دوافعي ربما اذا جابه بنفسه المشاكل التي تطرأ على تربية الاطفال سيعي الصعوبات التي واجهتها عندما كنت اربيه سيفهم اخير ان ما افعله يخدم مصالحه"
"وبقدر ماهذه المصالح توافق مصالحك"هذا مافكرت به سيرينا في نفسها وهي ترتعش
منذ لقائهما الاول تنبأت سيرينا ان هذه اللياقة الخارجية التي يظهر بها دون البيرتو تخفي وراءها رجلا قاسيا وحاسما يسخر بآراء غيرة ويفرض ارادته على الضعفاء وذلك في عجرفة وتعاظم ودون مراعاة وبالنتيجة ايقظ في نفس حفيده الخجول والمطيع العداء والضغينة!
انقبض قلبها حفيده انسانضعيف وواهن مثلها...ماذا يامكان هذان المهرجان ان يفعلاه اذا كانت هناك يد حديدية تعاملهما كما تشاء.
×××××××××××××××××××××××××××××××
نهــــــــــــــــاية الفصل الثالث

*لميس*
03-08-2007, 09:22
4- مهماز الغضب
في سيارة التاكسي التي تقلهم الى مطار سانتياغو لم يتكلم دون البيرتو الا قليلا كان يبدو متوترا وعصبيا لما دخلوا الى المدرج شعرت سيرينا بانقباض وتوتر ايضا.
بعد دقائق قليلة ستتعرف الى الرجل الذي وعدت الزواج منه!
كانت ويندي متكورة على صدر اختها بقوة مما جعل سيرينا تسرع لتقف قرب دون البيرتو الذي كان مسمرا العينين في الطائرة الانيقة الجاثمة على المدرج همس يقول:
"عظيم لم يتاخر في الوصول"ارتخت تقلصات شفتيه وابتسم وانتشرت حولهم حركة نشطة .
اندفع سيل من المسافرين الى الطائرات التابعة لمختلف شركات الطيران . الاقلاع والهبوط يتعاقبان في تناغم ثابت لكن سيرينا لم تكن تنظر الا الى الرجل الذي خرج من الطائرة الفاخرة وراح يتقدم نحوهم في خطى واسعة فأشار اليه دون البيرتو بيده ثم قال باستغراب وخيبة امل :
"يالهي! لماذا جئت انت ياكوستا ؟ اين حفيدي ؟"
ارخت سيرينا ضغطها على ويندي وشعرت بارتياح لأن الشاب الواقف امامها ليس حفيد دون البيرتو كان الطيار يرمقهم بنظرات استغراب وبدا منزعجا في شكل واضح ثم قال:
"طلب مني ان اعبر لكم عن اسفة لعدم قدرته المجيء ياسنيور من كثرة انشغالة لم يتمكن من ان يحرر نفسه كي يأتي ويرافقكم"
انطلق دون البيرتو غاضبا :
"تبا له ! ماذا الذي منعه من المجيء ؟لم تحدث هزة ارضية على ما اظن!"

اخذ كل واحد مكانه داخل الطائرة فجلست سيرينا قرب العجوز المتوتر الاعصاب وخلال مدة نصف ساعه ظل صامتا وعابسا بينما كانت الطائرة تتجه نحو الجنوب وغابت العاصمة وناطحات السحاب بعيدا وراءهم كانت الطائرة تحلق على ارتفاع منخفض فوق حقول مزروعة باشجار السرو والاوكاليبتوس والحور.
وقنوات مائية تصل الحقول ببعضها البعض.
قال دون البيرتو بعد ان انفرجت اسارير وجهه:
"هذه الاراضي هي افضل اراضي شيلي وبسبب الجبل الري يتم بصورة جيدة جبال الانديس والتلال المكسوة بالثلج تشكل خزانا حقيقيا لذلك فلا تنقصنا المياه حتى في الصيف الجاف"
سألت سيرينا وهي متقلصة اليدين:
"هل لديم مزروعات ياسنيور؟"
" اننا نرعى الماشية لكن لدينا بالطبع حقول مزروعة تكفي حاجتنا فقط"
ومرة اخرى غاص صمت عميق وازداد توتر سيرينا التي كانت تحدق من خلا نافذه الطيار
وترى القمح والذرة والسعير والخضار ثم قطعان الماشية وبعد قليل لم تعد ترى سوى مساحات واسعه من العشب الممتد الى مالا نهاية وحيث ألوف الابقار والاغنام والماعز لم يسبق ان رات مثل هذا التجمع الضخم وهذه القطعان . ولما بدأت الطائرة بالهبوط باتجاه احد المنازل الذي كان بالكاد مرئيا على خط الافق عرفت سيرينا انهم وصلوا الى المكان المقصود .وخلال الهبوط خارت قدماها وشعرت بخفقان قلبها على طرف المدرج كانت السيارة بانتظارهم صعدت سيرينا في المقعد الخلفي واقلعت السيارة في الحال متجهة نحو مسكن كبير يقع وسط مجموعه من اشجار الاوكاليبتوس والجدران مبينه من الحجارة الثقيلة ومطلية بالكلس الابيض اما السقف فمصنوع من صفوف القرميد الاخضر المدور البلاط الاخضر يكسو ارض الشرفة وينتشر حول بركة السباحه .
عندما دخلوا المنزل لاحطت سيرينا البلاط نفسه في الارض دعاها دون البيرتو ان تعبر المدخل وتوجه بها نحو الصالون بساط بني فاتح يفرش الارض وحول الصالون مجموعه مقاعد مستندة الى الجدار ملبسة بالقماش الهافاني وعلى الجدار رفوف بيضاء مليئة بالكتب الضخمة والمجلدة هنا وههناك لمبات رفيعه وانيقة تليق بهذا الجو مدفأه ضخمة تلفت النظر من حجر الرخام تعلوها ظهرية نحاسية تعكس الوان النار الفاقعه والمتبدله ويمكن لعشرة اشخاص ان يتجمعوا حولها.
فتنها المنظر كليا فسألها دون البيرتو الذي شعر بسعاده واطراء :
"هل اعجبك منزل لي ياسنيوريتا؟"
كانت نظراتها البراقه تفيض بجواب ايجابي فقالت:
"انه رائع للغاية ياسنيور ويحتوي على ذوق رفيع عرفت ان تدخل كل وسائل الراحه والحياه العصرية من دون ان تسيء الة الطابع الاصلي "
هزأ رأسه وكاد ان يشكرها لهذا الاطراء حين انفتح باب الصالون بعنف واطلت منه امرأه قصيرة القامه بدينه راحت تهز ذراعيها مرحبه بهم في حرارة
"المعذرة سيدي الكونت لقد اعلمني الطيار كوستا بوصولك لتوه . تأخذان بعض الشرابات المنعشة انت والسيده اليس كذلك ؟ هل اجلب حليبا للطفلة؟"
"شكرا ياكارمين انا اكيد ان ضيوفي يشعرون بالعطش مثلي لكن قبل ان تقدمي لنا الشراب ربما من الافضل ان تدلي الانسه باين الى غرفتها هل اخذتم التدابير الضرورية بما يتعلق بالطفلة حسب اوامري؟"
" نعم ياسينيور كل شيء جاهز لو تتفضل الانسه وتتبعني؟"
وقبل مغادرة الصاله سألأ دون البيرتو مستعلما:/
"والمربيه ؟ هل وجدت الممرضه المناسبة؟"
"اهتميت بالامر كذلك ياسنيور طلبت من شقيقة كوستا ان تهتم بالامر وهي تنتظر بفارغ الصبر ان تلتقي الصغيرة"
قال بامتنان ظاهري:
"رائع كل شيء تم على احسن مايرام"
ثم وجه كلامه الى سيرينا بوجه بشوش وابتسامه على الشفتين:
"عليك ان تعذريني ياسنيوريتا ستحتسين الشراب وحدك بسبب تغيبي عن المنزل تكدست الاعمال علي ...لكن في المساء سنتناول العشاء معا وامل حينذاك ان ان اعرفك الى حفيدي الذي سيعتذر بحرارة لانه لم يأتي الاستقبالك في المطار"
" لاتقلق علي ياسينيور ولاتتردد في ممارسه اعمالك التي لابد ان تكون كثيرة على ما اظن أما بالنسبة الى حفيدك فنعرف ان عذرة معه سنلتقي جميعا في المساء!"
كادت ان نفقد هدوءها لمجرد التفكير بهذا اللقاء وحاولت ان تتمالك نفسها فتبعت كارمين وهي تضم شقيقتها ويندي الى صدرها لقد حققت ماكانت تتمناه اذ وجدت المكان المناسب كي تترعرع فيه ويندي من دون ان تشعر بحاجه لأي شيء لكن عليها ان تدفع هذا الثمن حتى ولو
كان مرتفعا.
تبعت سيرينا كارمين التي قادتها الى اعلى البيت حيث تقع غرفتها وغرفة شقيقتها ويندي كانت كارمين تتكلم بسرعه دون توقف شارحه للضيفة كل مابوسعها قوله كانت الغرفتان تقعان تحت سند السقف مباشرة وقد طليت جدرانها بالابيض وبنيت الخزائن والرفوف في الزوايا العديده بذكاء واتقان وتحت النافذه علقت صفحه خشبيه طويله يمكن استعمالها كطاولة عمل.
والغرفتان متصلتان ببعضها البعض بباب داخلي في غرفة ويندي كانت النوافذ مصونه بشباك حديدي من خلاله يتسرب الهواء المليئ بأريج الزهور المختلفة وبعد وقت قصير تعرفت سيرينا الى بيللا المربيه التي اختارتها كارمين للاهتمام بالطفلة فناولتها شقيقتها النائمه بين ذراعيها والتي وضعت للحال في سريرها.
واحتلت سيرينا حاله هيام وعجب لو انها جالت انحاء المعمورة كلها لما امكنها اكتشاف هذا المكان الذي يشبه الفردوس وفي فرح وغبطه راحت تتصور شقيقتها وهي تلعب في هذه البساتين الخلابه بين الحيوانات الاليفة لاشيء في العالم يرغمها على الرحيل من هنا ..هذا ماوعدت نفسها به!
امضت سيرينا بقيه فتره بعد الظهر في التنزه حول المنزل كانت تسرح في المكان من دون هدف معين وبعد قليل وصلت امام مكان مسيج فاسندت ظهرها على الاسوار الخشبية كان المكان خاليا لا شك ان الرجال في مثل هذا الوقت يكونون في السهول المجاورة يرعون القطعان التي شاهدتها وهي في الطائرة فأكلمت تجوالها ذهابا وايابا في خطى هادئة ونظرت داخل مبنى واسع معد خصيصا للمنامه لاحساه لمن تنادي لكن بعد قليل سمعت اصوات طناجر وسكاكين فاقتربت لتكتشف مطبخا واسعا تنبعث منه رائحة اللحوم المشويه هنا يحضر طعام الرعاة البقر الذين لابد ان يعودوا في اقل من ساعه
بدأت الشمس بالهبوط فاسرعت سيرينا في العودة الى المزرعة كانت مصرة ان تبدو في افضل شكل امام الرجل سبب سعادتها وحظها كما هي على استعداد كي توقظ في هذا الرجل الخجول كل اهتمام وفضول فارتدت فستانا مخمليا ازرق ليليا ذا اكمام طويله يظهر نحافه جسمها وانتعلت حذاء رماديا فضيا ثم سرحت شعرها الطويل حتى ينسدل امواجا شقراء على كتفيها ونظرت مرة اخيرة في المرآه وشعرت بالامتنان من نفسها في الحال خرخجت من غرفتها.
وفي اعلى السلالم استجمعت كل مالديها من شجاعه كادت تقوم بالخطوة الاولى حين سمعت رعدا من الاصوات المبتهجه تنقض على المنزل وتعكر صفو هذا الهدوء الذي كان مستتبا طوال فتره النهار كان عشرات الفرسان يقفزون عن احصنتهم ويتوجهون في صخب الى المطبخ .
تسمرت سيرينا في مكانها متردده ثم سمعت خطوات ثقيليه في الشرفه مباشرة تحت النافذه احد الرعاه ولج في المدخل وسمعت بوضوح صوت المهاميز تسقط على الارض وبعد بضعه ثوان ارتفعت اصوات في الصالون في البدايه كانت عاديه لكنها سرعان مارتفعت عاليا وبدأ الضجيج والصراخ والصياح والصخب بالكاد تعرفت الى صوت دون البيرتو لأن من كان يتكلم معه كان يقاططعه باستمرار وبحقد وبلهجة انتقاميه.
في حيرة واضطراب انحنت سيرينا الى الامام محاولة ان ترى الرجل الذي يجاوب بحده وعنف على كلمات دون البيرتو من يكون هذا الرجل ليجرؤ ان يتطاول على العجوز الذي يدير المزرعه بيد من حديد ؟ لايمكنه ان يكون موظفا أو عاملا لان مثل هؤلاء لا يستطعون ان يتكلموا بهذه الوقاحه وهذا الجفاء..
اصطفق باب في عنف محدثا ارتجاجا في جدران المنزل وعاد الصمت الثقيل المقلق وعبق الجو بتوتر يشبة الكهرباء.
حاولت سيرينا السيطره على خوفها فتنفست الصعداء واطلقت زفرة طويلة فجأة انفتح باب غرفتها بقوة ودخل رجل ممشوق القامه يرتدي بزه سوداء هذا الاقتحام الفظ أرعب الفتاه فتسمرت مكانها من دون ان تحدث صوتا كانت تحدق في عينين متسائلتين.

*لميس*
03-08-2007, 09:26
كان الرجل يقيسها بامعان ووقاحه كان يتأرجح من كل جانب ويطقطقبمهمازه الفضي يرتدي سروالامن الجلد الاسود ضيقا ويظهر نحافة وركيه وطول ساقية العضليتين وكان قميصه المفتوح يظهر صدره الاسمر وشعره المشعث من شده الريح فشعره اسود كذلك عيناه اللتان تلمعان ببريق شيطاني ارتسمت على شفتيه ابتسامه ساخرة وقاسيه مظهره اسنانه البيضاء الناصعه
قال بلهجه ساخره:
"اذن انت آخر مقتنيات الكونت !كان يجب على ان افطن الى انه سيختار فتاه شقراء بارده كأنها مصنوعه من جص!"
" من انت؟ كيف تجرؤ على الدخول الى غرفتي من دون ان.."
قاطعها بعنف قائلا:
"آه ارجوك لاتبدأ] باعتباري انسانا احمق! لايليق بك ان تلعبي دور النساء الخجولات حسب رأي جدي انت مستعده تمام الاستعداد لتقاسميني السرير!"
احمرت وجنتا سيرينا اشتعالا وهمست تقول في تألم:
"اتريد ان تقول انك.."
"زوجك لااكثر ولا اقل لكني زوج عاص ومتمرد.."
احنى رأسه ساخرا واضاف يقول:
"انا دون خوان دي فالديفيا بيدق اخر في لعبة جدي.."
تلعثمت تقول:
"بيدق...لعبه...؟"
اقترب منها وقال:
"ربما لاتعرفين خطه جدي ... لاشك انه خجل ان يكلمك عن خطته اجلسي ياسنيوريتا هناك شيء عليك ان تعرفيه بشكل ضروري "
جلست سيرينا في المقعد وكتفت يديها وشدتهما الى صدرها في تشنج كأنها تريد بذلك ان تبدد خوفها الكبير من هذا الرجل الذي يشبة دون البيرتو بشراسته وهوله كان عليها ان تتخلص من اوهامها وقناعتها فخوان دي فالديفيا ليس كما وصفه لها جون البيرتو ذلك الرجل المنطوي على نفسه والورع وبدأت تفضل ان تجابه النار والطاعون واي بلاء او مصيبة ولا ان ترتبط حتى اخر حياتها بهذا السفاح البربري ونظرته الباردة وارث التوحش من اسلافهالغزاه.
قال بنظره قاتمه:
"جدي مربي ماشيه معروف قضى حياته يختار ويزاوج ويحسن مختلف الاجناس واليوم انه قادر ان ينتج –حسب الطلب- الحيوانات القويه او المؤذية او الوديعه وهو يفتخر بذلك واضافه الى هذا فهو على استعداد ان يرد للشاري كل مادفعه اذا لم يكن هذا الاخير راضيا بما يشتريه وفي الوقت الحاضر ينوي جدي ان يطبق معلوماته وخبراته على الجنس لبشري ..."
فوجئت سيرينا بما يقوله واصابتها الغصه لكن خوان دي فالديفيا لم يترك لها مجال اللاحتجاج اذا قال مؤكدا :
:"نعم ماقوله صحيح لقد سبق وفعل ذلك ونال نجاحا كبيرا ولهذا السبب يريد ان يقوم بتجربة جديده!"
صمت قليلا ثم تابع يقول:
"والدي كان مثلي رجلا عنيدا كان يفضل ان يفعل مايروق له حتى لو قام باغلاط كبيرة بدلا من ان يسمع لنصائح جدي وذات يوم ومن دون سابق انذار دخلت المزرعه فتاه جميله كانت انكليزيه شقراء ذات عينين زرقاوين وديعه ومطيعه اختيرت كي تعجب والدي وقيل لي انه وقع في غرامها وكان ذلك الحب متبادلا بينهما غير ان شككت في بادي الامر واعتقدت ان والدي وقع في حب هذها لمزرعه الغنيه اكثر من حبها لكن لللأسف هذه الهزة الارضيه لم تسمح
لجدي ان يكمل تجربته حتى النهايه ولاشك انه متأسف على ذلك وكذلك ومن دون أي شك يريد ان يقوم بتجربه جديده ياسنيوريتا ومعنا.."
رفع ذقنه وسألها في سخريه :
"ماذا لو قلت لك انه اختارك فقط من اجل ان يكون لك الاثر اللطيف علي مما يجعلين اتصرف نحو جدي بطاعه عمياء ؟ لكني احذرك ياسنيوريتا ان هذه اللخطه لن تنجح ... ولا احد بامكانه ان يجعلني اركع له!"
بدأ قلب سيرينا ينبض بسرعه بالغه فرجعت الوراء ويدها على صدرها وقالت وهي تهز رأسها:
"لست انوي ان اجعلك ان تركع لي ياسنيور كنت اعتقد انك بحاجه الي ولهذا السبب جئت الى هنا تصورت انك..."
اختنق صوتها لحظه ثم تابعت تقول:
"كنت اعتقد اني سأوجه رجلا خجول ومعقدا غير قادر ان يجد بنفسه زوجه له لكن في الوقت الحاضر بدأت ادرك ان جدك وصفك لي بطريقه خياليه ولاشيء مما قاله يوازي الحقيقه وحتى لايصار الى سوء تفاهم لن اتزوجك ياسنيور حتى ولو اضطررت ان اموت جوعا !"
اصابته في غطرسته وتفاخره فراح يرمقها بنظرات احتقار وغضب وباحتراز ابتعدت عنه وتوجهت نحو النافذه وقالت:
"والان ياسنيور اخرج من الغرفة من فضلك "
حيرة تصرف الفتاه المتعالي فاقترب منها بارتباك وامسكها بذراعها في عنف فتمالكت لئلا تصرخ فارغمها على الالتفات اليه وقال:
"اتساءل مالذي جعلك تقررين المجيء الى هنا انت فتاه جميلة ويمكنك ان تثيري اعجاب الرجل بك لذلك فانا اكيد انك لم تأتي الى هنا لانك لم تجدي رجلا يحبك ويريدك زوجة له هل قدم لك الكونت مبلغا كبيرا من المال ؟ آه اذن هذا هو السبب !"
افلت يده بسرعه وغضب توجه نحو الباب الغرفة توقف هناك واعلن بصوت قاطع مليء باحتقار مر قائلا:
"بما ان جدي هو الذي اشتراك فسيفعل بك كما يريد لم يعد لي دخل بذلك لكن ياسنيوريتا اذا اردت نصيحتي ارحلي في اسرع وقت ممكن لم نعد بحاجه اليك هنا!"
اجتاز عتبه الباب عندما بدأ صراخ ويندي يعلو من الغرفة المجاورة فأسرعت سيرينا اليها لأن الطفلة كانت وحدها وبيللا المربيه تتناول الطعام باتفاق مع سيرينا ولما وصلت الى سرير ويندي توقف البكاء وبدأـ الطفلة تزقزق بفرح:
فقالت لها سيرينا في حنان وقسوة :
"يايتها الفتاه الدلوعه ! اذا بقيت اعاملك هكذا ستصبحين فتاه مدلله فوق اللزوم "
سمعت صوتا وراءها داخل الغرفة غير المضاءة فتذكرت للحال انها لم تكن وحدها
"لمن هذه الطفلة "
كانت سيرينا تدور حول نفسها حاملة ويندي بين ذراعيها وتشبه العذراء ببراءتها وطهارتها اجابته بهدوء وافيه بالعهد الذي قطعته امام دون البيرتو
"هذه الطفلة لي"
قال غير مصدق:
"لك؟"
"نعم لي"
فرحت سيرينا لدى رؤيتها الدهشه العميقه التي ارتسمت على وجد خوان دي فالديفيا الذي قال :
"ووالدها اين هو؟"
من دون اضطراب قالت بلهجة عاديه لايمكنه ان يشك بصدقها:

"والدها مات"
القى نظرة سريعه الي يد سيرينا اليسرى فلم تكن ترتدي محبس الزواج ولم تكن تأبه بما سيفكرها عنها لم تكن تود سوى شيءوهو ان تتخلص من الرجل العدائي .
في فضول انحنى نحو يندي ذات العينين الزرقاوين الصافيتين .
فمدت له ذراعيها منتظره ان يحملها بدا مرتبكا الى درجة جعلت سيرينا تشهق ضاحكه لكنها سرعان ماوضعت الطفلة في مهدها وقالت:
"عليك ان تنامي ياصغيرتي لا لاتجلسي!"
قبلتها سيرينا وقالت :
"تصبحين على خير ياحبيبتي "
اشارت لخوان دي فالديفيا ان يخرج وراءها من الغرفة قبل ان تغلق الباب الذي يصل الغرفتين فقال الرجل في شراسه:
"هل جاء معك احد غير هذه الطفلة؟"
اجابت بصراحه بعد ان فوجئت قليلا:
"كلا بالنسبة الى ويندي والي حيثما نكون نحن معا يكون منزلنا.."
ملأ وجه سيرينا استرخاء كبير رمقها بنظره غاضبة وعضلات فمه ترتجف بقوة كأنه يحاول ان يقوم شرا مؤذيا فقال:
"هذا العجوز محتال كالشيطاطن لكن بالرغم من هذه الظروف لن اغير رأيي!"
لم يتسن لها الوقت لتساله عن تفسير وايضاح فقد اسرع نحو الباب وخرج الى الممر في خطوات واسعه تعبر عن غضبة ولم تعد تسمع الاخشخشه المهماز.
×××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

نهايــــــــة الفصل الرابـــــــــــــــــــــــــع ...^_^"







أتمنى أن تستمعوا بهذين الفصلين وغدا بإذن الله موعدنا

مع الفصل الخامس والسادس!::جيد::

بحر الامان
04-08-2007, 21:46
حيا الله ماري
الصراحه طولتي الغيبه
الحمد لله على السلامه
نور المنتدى بجيتك
وعقبال الباقين ان شاء الله يرجعون لنا بالسلامه

بحر الامان
04-08-2007, 21:48
لموسه حبيبتي
كذا ما يصير
الشوق ذبحنا
حطي الروايه كامله تكفين

*لميس*
05-08-2007, 17:51
لموسه حبيبتي
كذا ما يصير
الشوق ذبحنا
حطي الروايه كامله تكفين


عذريني بحوره:نوم:

بس أنا أنزل الروايه على حسب رغبة

حبيبتي [مون نايت]... تبغى تكون الروايه أجزاء:لقافة:

وأنا اليومين اللي راحوا كان عندي ظروف ::مغتاظ::

وماقدرت أدخل المنتدى :مذنب:

بس راح أنزلها حبيبتي لاتخافي >>>بس لاتنسي جمال

الروايه بحرق الأعصاب;) ههههه



سي يو

*لميس*
05-08-2007, 17:55
5ـ خطه الجد
فجأه دق الجرس معلنا موعد العشاء تمالكت سيرينا نفسها قليلا لئلا تهرب في الحقيقه لم تعد تنوي البقاء هنا في المزرعه غير ان مواجهه صريحه مع الكونت دون البيرتو اصبحت مهمه حتميه ولا مفر منها عليه الان ان يشرح لها الامور بوضوح وان يتصرف بنبل ويقدم اليها اعتذاره لانه رسم لها صورة كاذبة عن حفيدة بعيده كليا عن الحقيقه والواقع
هبطت السلالم بسرعه وعصبيه ولما وصلت اما باب الصالون توقفت في تردد ثم استجمعت قواها وكل ماتبقى لها من شجاعه وقررت ان تفتح الباب وتدخل قاعه الاستقبال
فوجئت بوجود دون البيرتو وحده كاكن مستغرقا في افكاره يحدق بكأسه في كآبه ولما دخلت القاعه وثق يستقبلها لم تلمح في وجهه أي اشارات للندم او تبكيت الضمير
"انت رائعه حقا ياسنيوريتا لي الشرف ان ارحب بك في بيتي واكرمك على مائدتي من زمان بعيد لم تدخل منزلنا فتاه جميله مثلك "
تقلصت سيرينا وخشيت ان تخور عزيمتها وتتخلى عن تصميمها الذي قطعته على نفسها برفض الزواج من حفيده مهما كلف الامر
"هذا لطف منك ياسنيور غير انه عليك ان تسامحني اذا قلت لك ان هذه المجاملات وهذا الافراط في المديح الذي تنعم به علي يبدو لي عديم الجدوى مثل بعض تصريحاتك الاخيرة .."
عدل جلسته وتوارى التغضن المرير عن وجهه واعلن بصراحة:
"نعم علي الاعتذار منك ياسنيوريتا ربما كان اخفاء الخطر اخطر من الكذب المتعمد ..لكن بانتظار المناقشه بكل هذا اسمحي لي ان اقدم لك شرابا منعشا بامكاننا ان نتناول العشاء بعد قليل لانه اذا وجدت نفسك في ارتياح واسترخاء ستتذوقينه افضل "
قبلت ان تتبعه الى المقعد حيث جلست ونظراتها المليئه بالخوف كانت منجذبه تلقائيا نحو الباب عرف دون البيرتو مايدور في خلدها فهمس يقول:
"استرخي ياسنيوريتا حفيدي ليس في المزرعه مساء اليوم ذهب الى المدينه برفقه بعض الرعاه ولن يعودوا قبل الفجر وستسمعين ضجتهم الاعتياديه اذا لم يكن نومك عميقا"
شعرت سيرينا بارتياح واسترحت في مقعدها وبين الوسائد المحيطه بها فابتسم دون البيرتو لرده فعلها وقال:
"اذن لقد اتيحت لك فرصه لقاء حفيدي .."
فاعترتها قشعريره باردة وقالت:
"ماحدث بيننا لم يكن ماتسميه باللقاء لقد احتجزني ووشمني للحال كما تفعلون بالماشيه!"
كان دون البيرتو منهمكا في تحضير الشراب الذي رفضته فقاطعها فجأه وردد وهو مقطب الحاجبين:
"وشمك؟"
"وشمني مثل أي امرأه سلعه ياسنيور وبرأي حفيدك انا امرأه لا مكان لها هنا ومصيرها متعلق بمن اشتراها يعني انت ايها الكونت!"
قال في غضب :
"يالهي! لو كان مايزال صبيا لقاصصته على هذا الكلام البذيء!"
"لكنه لم يعد صبيا وفي كل حال الظاهر انه على حق ان تختار بنفسك امرأه لتزوجها من حفيدك الخجول المرتاب ليس هذا بعيدا عن الخيال لكن حفيدك يدعى خوان دي فالديفيا وليس ذلك الرجل الخجول والمرتاب ومافعلته عديم الفائدة! لا يمكنك ان تجهل ان مبادرتك هذه ستجعله يغضب بعنف؟"
جلس قربها واكتفى باطلاق زفره عميقة لاشك انه نادم على ما فعله لكن علىماذا هو نادم بالتحديد ؟ على فشل مخططه ام على الضرر الذي الحقه بحفيده وبها؟
قال بلهجه متوسله:
"اذا قبلت سماع ماسأقوله سترين ان تصرفي هو اقل انانيه مما كنت تتصورين"
"ومالفائده بعد الان؟ بعدما باح به حفيدك اصبح كل شيء واضحا انت مربي ماشيه معروف ولا احد ينكر نجاحك الباهر في هذا المجال لكنك توصلت الى الاقتناع انه بامكانك تحقيق تجاربك على الكائن البشري وشيئا فشيئا توصلت الى مشروعك وهو ان تحقق اتحادا كاملا لزوجين مثاليين غير انك ارتكبت خطأ جسيما في يتعلق بنا دون خوان رجل .. غليظ وفظ واذا كان هذا غير كاف فانه يرجع كل شيء اليه .. وهذا ما اكده اكثر من أي شيء اخر!"
لمع بريق شحيح في نظرات دون البيرتو وارتسمت ابتسامه صغيرة على وجهه فوجئت سيرينا بردة فعله وانزعجت بعض الشيء ونهضت مسرعه لكنه مد اليها يده واعلن بلهجة هادئه قائلا:
"سامحيني يا عزيزتي لكن سبق وسمعت هذا الكلام من قبل وبالحماس والصدق نفسهما ذلك ان المرأه التي اصبحت كنتي كانت تتكلم مثلك تماما. وبالنسبه اليها على ان اقول صراحه اني احتجزتها في المزرعه بنيه تزويجها ابني ستقولين اني مازلت في الهاجس نفسه وابني كان رجلا ذا طباع غريبه لايمكن قهره بسهوله ولا يختلف عن حفيدي الذي شاهدته اليوم كان يفضل العمل برفقه الرعاه وكان يحسدهم على حريتهم ولم يكن هو الذي يتحمل مسؤوليه اداره وحرثة هذا المشروع الكبير الذي اعتبره دويله كبيره داخل دوله كل المسؤوليات والهموم والاعباء التي تنبثق عن هذا الثقل اتحملها وحدي انا ! وكان هناك العديد من الفتيات من العائلات الرفيعه اللواتي كن يتنين الزواج منه لكنه لم يكن مسالا الا الى النساء الاقل احتراما اللواتي يعاشرهن الرعاه في حانات المدينه وهذا ينطبق الان على حفيدي واصدقائه"
ران صمت طويل ثم تابع يقول:
،"لم اختر هذه الفتاه بنفسي لقد وصلت الى هنا بطريق الصدفة لكن يجب ان اعترف لك اني منذ رأيتها خطرت ببالي فكره جهنميه واردت ان انفذها بتسهيل اللقاء بينهما الى ابعد حد في البداية كانت اللقاءات تتم في مناخ عدائي لكني فرحت اكثر عندما علمت ان العلاقه بينهما بدأت تتوطد تدريجيا وكما توقعت اخذا يشعران تجاه بعضهما البعض بالحنان الذي تحول فيما بعد الى حب كبير وبالتاليتغيرت طباع ابني بشكل كلي وعرفا معا سعاده كبيره ياسنيوريتا ولايمكنني ان اعبر لك بالكلمات ما شعرت به عندما علمت بالمأساه .. لذلك ارغب من كل قلبي ان يقدم خوان ثمره هذا الحب على زواج سعيد وان يسعد مثل والده .. هذه هي امنيتي الفريده لايمكنك ان تلوميني ان اقدمت على تحقيق هذه الامنيه حتى ولو كنت تفكرين في اعماق انني معاذا الله اعتبر نفسي متساويا مع الخالق الكبير عز وجل"
اقتربت سيرينا من المدفأه وانحنت صوب النار المتوهجة التي انعكست على وجهها حيث ظهر تشوش عميق وارتباك وحيرة انها تشعر نحوه بالشفقه لانه يعتبر نفسه الحاكم المستبد بمملكته الصغيرة ومقتنع بقدرته الامتناهيه كان الامر مضحكا ومؤسفا في الوقت نفسه الكونت دون البيرتو ملك المزارعين! سيتقاعد املا ان تصبح هي ملكة المزرعه .. فشعرت بالتواء ياخر ومر في فمها.
غير ان ملامح وجهها حافظت على الوقار والرصانه عندما التفتت الى العجوز الذي كان جالسا في مقعده منحنيا الى الامام ويده على ذقنه لم تكن تريد ان تجرح شعورة فاعلنت بلهجة متنزنه قائلة:
"اسفه سينيور لكنني غير قادره على قبول ترتيباتك .."
هز رأسه احتجاجا فاضافت في الحال بحزم كبير :
"نعم انها ترتيبات.. كل انسان حر ان يتصرف بحياته كما يرى مناسبا ان كان هذا الانسان حفيدك ان أي شخص اخر انا متأكدة باقتناع انك لاتفعل ذلك بانانيه وانك تتمنى بكل اخلاص سعاده خوان لكن.."
توقفت لحظة ورمقت العجوز بنظره صافيهوسألت:
"هل فكرت بأن النجاح الذي احرزته في مايتعلق بابنك كان مجرد حظ وان هذا النوع من التجارب لايمكنه ان يؤدي الى النتيجة نفسها؟"

"الطبيعه الانسانيه لاتتغير سنيوريتا ! الاجيال تتلاحق والسنوات تمر والانسان مازال ينقل الى نسله الطباع والعاهات والفضائل والعيوب نفسها في عروقي يجري دم الغزاه الاول فقد ورثت عنهم حب المغامره وكراهية الخوف والانانيه والعنفوان وكان ابني يتمتع بهذه الصفات واليوم ارها عند حفيدي ولهذا السبب انامتأكد ان ماقدمت عليه ليس خاطئا ولا يقبل بالفشل"
قالت سيرينا بهدوء وهي تضم بشده يديها المرتجفتين على بعضهما :
"لكن ماحدث يؤكد استحاله مهمتك مخططك باء بالفشل لانك نسيتني بكل بساطه .. وانا ما ازال موجوده سينيور من دوني لايمكنك ان تحقق اهدافك! اني ارفض الاشتراك في هذه الترتيبات وامل ان تعفيني من تحقيق العهد الذي قطعته اتمنى العودة الى بلادي باسرع وقت ممكن ولا سبب لان ارى حفيدك بعد الان !"
وضع دون البيرتو كأسه على الطاوله بهدوء ثم اقترب منها فتهيأ لها انها خادمه امام معلمها وكادت ان تحني رأسها خضوعا كان ينظر اليها بتفصيل يقيسها مطولا ثم قال بلهجة بارده ومراعيه:
"اخشى ان يكون ماتمنيته مستحيلا اذكرك بانه سبق وعقدنا صفقه لامجال للتراجع عنها هذه الملابس التي ترتدينها وهذا المنزل الذي تسكنيه انت واختك دليل قاطع ويحق لي ان انتظر منك امتثالا وطواعيه"
توقف لحظه ثم اضاف:
"وكما لاحظت فالمزرعه مقطوعه عن العالم اذن لامجال ان تأملي في الهروب والرحيل انها اضاعه للوقت كي تخرجي من هنا عليك ان تأخذي الطائرة وتلك التينملكها لن اضعها تحت تصرفك عليك اذن ان تبقي هنا شئت ام ابيت!"
اطلقت نواحا عميقا وشحب وجهها وقالت بغضب:
"بامكانك ان تعتبرني سجينه لديك لكنك لن تتوصل ابدا لأن تجعلني اتزوج حفيدك بالقوة!"

*لميس*
05-08-2007, 17:57
اجاب دون البيرتو من دون اضطراب كأن شيئا لم يكن:
"في البدايه المرأه التي جاءت قبلك كانت تفعل مثلك في جميع تصرفاتها وردة فعلك هذه لايمكنها الا ان تؤكد لي نجاح مهمتي ولذلك انا مسرور جدا.."
القمر يلقي اشعته البيضاء على سرير سيرينا حيث ارتمت منذ ساعات بعدما هرعت راكضة من قاعة الاستقبال حانقه على دون البيرتو وخائبه لحظها السيء فقرار الكونت الذي لا رجوع عنه وضعها في حاله حزن وكآبه والان تعتبر هذا المنزل سجنا وهذه الغرفة زنزانه حيث بامكانها ان تتأسف على مصيرها وتندم شدت على معصميها وانزلقت تحت الاغطيه وراحت تنتحب باكيه وتصرخ :
"انا مجنونه حقا مجنونه لماذا لم يخطر ببالي انني بقبولي هذه الصفقه رميت نفسي في مأزق؟"
صحيح انها استعدت لقبول كل العواقب التي يتنتج عن هذا القرار لكن الرجل الذي قبلت منه لم يظهر علىحقيقته الا اليوم...
كبتت دموعها ونهضت خارج السرير وخلعت فستانها بقسوة هذا الفستان الذي هو هديه من دون البيرتو .. وشعرت سيرينا بالخجل لما فعلته برغم انها تعرف ان سبب ذلك يعود الى ويندي غير انها احست بالقرف من تصرفها.
كان ذيل قميص نومها الشفاف يمسح ارض غرفتها ذهابا ايابا ثم جلست قرب النافذه وظلت مسمره مكانها مده طويله كالبلهاء فجأه سمعتخشخشه صغيرة وبعدها عم صوت عميق ثم اقنعت نفسها بأن ماسمعته ليس سوى وهم مخيلتها لكنها سمعت الخشخشه نفسها مره ثانيه فالتفتت سيرينا حولها وفتحت عينيها جيدا تبحث في ظلمه الغرفة علها ترى شيئا فلاحظت ظلا يتحرك ويقترب منها ارتعبت ولم تجرء على القيام بأي حركه بريق معدني لفت نظرها وعلىضوء القمر الشحيح رأت البكله الفضية المعلقه بالزنار الجلدي الاسود فعرفت من يكون صاحيها واستعادت صوتهاوقالت باستغراب :
"ماذا تريد؟ كيف سمحت لنفسك بالدخول الى غرفتي من دون سابق يادون خوان!"
قهقه ضاحكا واقترب منها بترنح وشعرت بنفسها على وشك السقوط وقال ساخرا:
"انا بحاجه للحديث معك في الحقيقه فكرت مطولا بالوضع الدقيق الذي وجدنا فيه ... واعتقد انني عثرت على حل لذلك"
ادركت بانزعاج انه دائخ والعطر الخفيف الذي يرطب قميصه يدل انه لم يقض الليل وحيدا قالت:
"انا أيضا اخذت قرار نهائيا قررت ان ارحلمن هنا ... واريد ان تعدني بمساعدتي في العودة الى بلادي "
امسك كتفيها بشده وراحت ترتعش عندما بدأت يداه تمتدان الى جسمها نصف العاري لكنها ظلت جامده رافضه ان ترجوه الا يفعل ذلك
قال صارخا:
"هذا مستحيل ! انه يشوش مخططي! اليك كمانوي فعله:
ساتزوج منك ...لكن عليك الاتعتقدي اني سأفعل ذلك لاني اخضع لارادة جدي ابدا اريد ان القنه درسا وابرهن له ان زواجا مدبرا بهذه الطريقة الجهنميه لن يؤدي الا الى الفشل ... الفشل الذي سيؤلمه كثيرا صحيح ان بزواجي سأحقق له امنيته العزيزة على قلبه لكن عليه بالمقابل ان يفي بوعده "
بالكاد نطقت سيرينا قائله:
"وعد ؟أي وعد؟"
"ان يعهد الي ادارة المزرعه بكاملها لا اريد شيئا اخر لقد اشتغلت كثيرا بلا هوادة لأنني اعرف ان ملكية هذه المزرعه ستكلفني عذابات شتى ! واخيرا وضعني جدي امام الامر الواقع :الزواج ام خساره المزرعه وليس فقط الزواج وانما هو الذي سيختار العروس ! واذا رفضت سوف يحرمني من الميراث لكن ياسنيوريتا سنحتال على هذا الثعلب معا ... لندعه يعتقد انه سيد الوضع فقد اصبح عجوزا ولن تدوم عظمته الى الابد!..."
ارتعشت امام لهجته المحزنه فأضاف يقول :
"بعد بضعه سنوات سيموت وكل واحد منا يذهب في طريقة لكن الوقت الحاضر ارغب ان نتزوج سيكون الاحتفال شكليا ولن يربطنا أي قسم او يمين طبعا لن اغير تصرفي وبالنسبة اليك سينيوريتا اعتقد ان الزواج واللقب الذي ستنالينه سيكونا عزاءين كافيين سأتجرأ واسالك الست زوجه سبق وعاشت من قبل خبرة الزواج اقصد بذلك انك كنت ملكا لرجل أخر؟"
هذه الملاحظه الاخيرة كانت بالنسبة الى سيرينا صفعه حقيقيه شعرت فجأه تجاهه بقرف وحقد وضغينه الى درجة انها كادت ان تبوح له بحقيقة ويندي فقط من اجل ان يعتذر عن هذه التهمه والشتيمه غير ان غريزتها نبهتها الاتقدم على فعل كهذا وتبين لها بوضوح ان دون خوان دي فالديفيا لا يمكنه قبول زوجه قد ملكها رجل اخر قبله ولهذا السبب فهو يتعذب بانانيه وعنفوان لانه سيضطر قبول ذلك ولو بصورة شكليه...
ظلت سيرينا صامته فأسرع يقول :
"اذن مارأيك ؟ هل انت مستعده لمساعدتي لمواجهة هذا الثعلب العجوز ؟"
فسألته قائلة ببرود وحقد :
"ايمكنني الاختيار؟"
ظل دون خوان مسمرا عينيه الثاقبتين في وجه الفتاه الشاحب .
وهو مازال ممسكا بها وسيرينا تحاول جاهده ان تظل هادئة وغير مباليه اطلق ضحكه ساخرة وقال
"هذا الجمال الذي تتحلين به لايبدد ضجري ولايؤثر بي ياسينيوريتا ! في بلادنا النساء لسن باردات بالعكس انهن شغوفات حارات مضطرمات ... لذلك لاتخافي مني بصفتي زوجك في المستقبل: لن احاول أبدا ان اتقاسم فراسك! هل هناك اسوأمن عناق كتله جليد ؟"
وللحال ابعدها عنه بعنف فقالت بغضب :
"افهم اشمئزازك ياسينيور انا اشعر نحوك بالشعور نفسه! يؤلمني ان ارى نفسي في غرفتي بصحبة رجل دائخ..."
اصابته في عزة نفسه وكانت ردة فعله ان حملها من دون أي جهد وجذبها نحوه في شده قائلا واسنانه تصطك :
"آمرك ان تعتذري مني والاستندمين عما قلته!"
قالت وهي تتخبط للتخلص منه :
اتركني .. ابتعد عني!
" ليس قبل ان تعتذري على ماقلته الان "
" وعن ماذا تريدني ان اعتذر؟ لاني قلت الحقيقه؟ لم اطلب نك ان تعتذر مني عندما شتمتني انت الرجل النبيل"
ابعد رأسه الى الوراء واطلق ضحكة ساخرة ومتعجرفة وقال:
"لم اعتبر نفسي ابدا رجلا نبيلا! هذا النوع من الرجال الضعفاء الذين يمضون معظم اوقاتهم في النوح لا اعتقد انا ان هذا النوع من الرجلا يعجبك ياسنيوريتا؟"
" اني افضل الرجال الذين لا يستعملون القوة الا بعد ان يجربوا كل وسائل الاقناع الاخرى!"
" اني افكر عكس ذلك فالتصرف بهذه الرقه يرهق من دون جدوى من الافضل استعمال القوة منذ البداية!"
وكي يدعي قوله ضمها نحوه بشده وانصب عليها بغضب بارد كأنه يريد ان يقاصصها ويحقرها وتذكرت سيرينا ماقاله في مايخص نساء تلك البلاد فارغمت نفسها على البقاء جامده من جليد وهكذا ببرودها التام تؤكد له رفضها الدخول في لعبته وفي الوقت نفسه تظهر له عن كرهها واحتقراها لغلاطته .
ومن دون اظهار أي ندم ابتعد عنها وابعدها عنه ثم ابتعد بخطى فخورة ولما وصل الى الباب اعلن قائلا:
"حافظي على العناق لنفسك يا اتها الانسة الباردة! لا اعرف اذا كان واجبي الاعجاب بذلك الرجل الذي توصل ان يجعل منك امرأه كامله واما لطفلة ام يجب ان اتأسف عليه!"
××××××××××××××××××××××××××××××××/×

نهـــــاية الفصل الخامس^^"

*لميس*
05-08-2007, 17:59
6- حفل الزواج
بعد اسبوع بدأت الاستعدات للاحتفال بزواج خوان وسيرينا في كنيسه صغيرة تابعه للمزرعه واختصر عدد المدعوين الى الحفل بسبب قصر الوقت فكان الحضور مؤلفا من الاقرباء والاصدقاء المقربين.
وقام دون البيرتو بتدبير المعاملات الرسمية الضرورية فقد فوجيء بتقلب اراء خوان من جهة وباصرار سيرينا عليه من الا يبوح لحفيده بحقيقة امر شقيقتها ويندي
حينذاك قال صارخا:
"ولماذا يا صغيرتي؟ كوني انسانه طيبه وتفهميه وانتشلي هذه الشوكه من خاصرته ... لماذا لاتنقذية من الشكوك التي تزعج خواطره وتؤلمه؟"
فأجابت بجفاف:
"ليست في نيتي ان اكون طيبه معه فأنت رفضت فك ارتباطي وارغمتني على قبول هذا الزواج...لكن هناك شرط اريد منك ان تحترمه وهو الذي يتعلق بويندي فاذا بحت بهذا السر لن يتم الزواج!"
بالنسبه الى دون البيرتو كان ماقالته تفصيلا لاسيتحق التوقف عنده رأى نفسه على مقربه من تحقيق اهدافه .. وغير مستعد للتوقف عند امور تافهه بامكانها ان تفسد مخططاته.
اجابها قائلا :
"اتفقنا مادمت مصرة على ذلك.."
حك ذقنه مفكرا وسرعان ما انارت الابتسامه وجهه وقال:
"ربما تصلين الى تحقيق اهدافك اذا مازلت تصرين على هذا الشرط انت امرأة ذكيه وأنا لست بغبي بخوان بحاجه الى حجة متينه كي يقبل بالزواج... هل احس بالشفقه نحوك؟ ان انه شعر بانجذاب باطني من دون ان يعي ذلك؟ هذا ما اجهله في كل حال انا مستعد ان ارتكز على حدسك كس اضرم عواطفه واوقظ عنده المشاعر الوديه .. نعم ياعزيزتي حافظي على هذا السر مهما كلف الامر وبجميع الطرق! فآل فالديفيا يتميزون بحب التملك والغيرة وخاصة الرجال بوجود شقيقتك الصغيرة سيظل يتذكر باستمرار انك كنت في الماضي ملكا لرجل اخر..."
وبينما كانت سيرينا ترتدي ثوبها المخرم حالمه متردده ايقنت بانها ستقدو رمزا لتلك المرأه التي سبق لها ان تزوجت من قبل وهي الان على استعداد لخوض هذه المغامره مرة اخرى ورددت في ذهنها وهي تقول : اليس هذا ما كان يقصده دون البيرتو؟
ولحفل الزواج اختارت سيرينا ثوبا ابييضي واسعا مبطنا بالحرير اظهرت اكمامه الشفافه بشرتها المخمليه الناعمه ورفعت شعرها الاشقر الطويل جدائل بشكل تاج ذهبي وزينتها بالزهور البيضاء التي خففت من رصانه تسريحتها لكن عينيها الكئيبتين وملامحها المشدورده وشحوب وجهها كانت كلها تعبر عن خوف اليم وحذر عميق فلم تغادر غرفتها منذ الصباح ومن النافذه المفتوحه كانت تسمع اصوات المدعوين الذين قصدوا المزرعه من بعيد معظمهم استقلوا الطائرات .
كان المنزل يعج بالناس والاصوات تطنطن مثل وكر النحل لكن سيرينا تملكها الحذر ولم تغامر بالظهور امام الجمهور لانها تعرف جيدا انها ستكون نقطة اهتمام الحضور كما كانت متمسكه بقول قديم مفاده ان لقاء الخطيب مباشرة قبل حفل الزواج لايجلب الحظ...
بعد قليل دوت اصوات محركات السيارات المتجمعه تحت الشرفه وتوجه المدعون الى الكنيسه شعرت سيرينا بتقلص مؤلم في معدتها فلم تتناول سوى الطعام الخفيف وبعض القهوة برغم تحذيرات الخادمه ومع اخر سيارة تبتعد عن المزرعه احست سيرينا فجأه بضعف فاستندت على ظهر كرسي بجانبها وفجأه سمعت طرقا على الباب فراح قلبها يخفق بسرعه وبعد لحظات قالت متلعثمه :
"ادخل"
ظهرت كارمين الخادمه حمراء الوجه كثيرة الحماس وانحنت امامها مثل خادمات القرون الماضية وسلمتها قطعه قماش طويله من الدانتال الكيريمي اللون وقالت:
"الطرحة ياسنيوريتا ... سبق وارتدتها من قبل كل العرائس اللواتي ينتمين الى عائلة فالديفيا"
فرجعت سيرينا الى الوراء بشده وقالت:
"لا شكرا لن احتاج اليها"
فتحت كارمين عينيها السوداوين متعجبة وقالت بغضب :
"لكن ياسنيوريتا انه محرم ان تدخلي الكنيسه مكشوفة الرأس ! يجب على العروس ان تصون وجهها وتحميه من نظرات المتطفلين ... الم تري كيف تسرح عندنا النساء شعرهن وكم هن انيقات!"
وضعت كارمين الطرحه على رأس سيرينا من دون ان تترك لها مجال الاعتراض ثم سوت اطرافها المطرزه فوق الخدين الشاحبين وصرخت:
"رائعه انت هكذا ياسنيوريتا هل اعجبتك؟"
قالت الفتاة غصبا عنها:
"نعم انها طرحه جميلة لكن الن يفاجأ دون البيتو برؤيتي اعتمر هذه الطرحه الناعمة والثمينه؟"
هزت كارمين رأسها بحماس وقالت:
"لن يرفض الكونت شيئا لزوجة حفيدة الجميلة!"
الزوجة الجميلة! اغتم قلبها وتحسرت : فاضافت الخادمة المتألقة تقول:
الكونت ينتظرك لم يبقى احد هنا غيرنا"
سألتها سيرينا بصوت مخنوق:
"ودون خوان اين هو؟"
قالت كارمين وهي تكبت ضحكتها :
"في الكنيسه من دون شك لاشك ا نه في انتظارك بفارغ الصبر ...امامك دقائق معدوده لندخل الان"
هبطت سيرينا السلالم ببظء وقدماها ترتجفان وظلت متمسكه بالدرابزين لئلا تقع او تفقد توازنها المنزل كان خاليا كليا والجو مازال يعبق برائحة السكائر وعطور النساء كان دون البيرتو ينتظر بهدوء داخل الصالون وما ان سمع وقع خطوات الفتاه حتى التفت الى الوراء واعلن بلهجة دافئة :
"انت حقا رائعه ياعزيزتي وجميع اصدقاء خوان سيحسدونه عليك!"
جذبها نحو النافذة امامها تمتد الحديقة المسعه بالشمس الحارة تركها الكونت هناك بضع دقائق وراح يفتش في درج مكتبه فارتعبت سيرينا عندما سمعت صوت دون البيرتو يدخل اذنيها قائلا :
"هذه هدية العرس وسأسر لو تفضلت ووضعته خلال حفل الزواج "
فتح العلبه واخرج منها عقدا من اللؤلؤ ودعاها للاقتراب نحو المرآه
قالت بصوت حيادي:
"اشكرك انه لشيء رائع لكن بما انك الان على وشك تحقيق امنيتك العزيزة لم تعد بحاجة لتقدم لي الهدايا الثمينه لقد اعطيتني مسكنا لي ولويندي ولا اريد اكثر من هذا"
كان في الوقت الحاضر مستعدا لان ينسى كل شيء لكن ماقالته ذكره بالصفقه فقطب حاجبيه وقال:
"ارجوك ان تقبلي هذه الهديه التي ليست سوى شكر وعرفان بالجميل من قبل رجل عجوز سعيد ان يستقبلك داخل عائلته وان يجعلك واحده منها ولهذا ارغب منك ان تنادين ابويليتو مادمت ستصبحين بعد لحظات قصيرة زوجة حفيدي ويسرفني اذا اعتبرتني جدك انت وويندي وعلي ان اقول لك من دون مواريه بأن ويندي لفتت انظار ومودة الجميع في اقل من اسبوع "
ابتسامه عابرة مرت على شفتي سيرينا في الحقيقه لقد تهاتفت على ويندي المعجبون الشغوفون الذين احاطوها بالاهتمام التام وهي فهمت بطريقه سريه انها ستبقى في المزرعه بصورة دائمة وكان دون البيرتو يغتنم الفرص ليأخذ الطفلة بين ذراعيه ويكلمها والخادمتان كارميلا وبيللا تلبيان رغباتها وجميع نزواتها بينما كان خوان يرد على مبادراتها باتتسامه بطيئة.
وكلما تواجد خوان بجوارها لاتعود الطفلة تهتم الابه وتظل ترمقه بعينيها الواسعتين الزرقاوين وكانت ترسل اليه القبلات بالحاح تجعله مضطرا ان يرد عليها بالمثل او ان يهزم لها رأسه هو الذي لم يتعود على وجود اطفال بقربه غير ان سيرينا لاحظته مرة من دون معرفته بينما كان يلاعب ويندي بالطابة وبنهاية اللعب راح يداعبها بلطف وحنان ويلامسها تحت الذقن حتى كادت الطفلة تقهقه من شدة الضحك.
اصر دون خوان على ان تحضر ويندي حفل الزواج فاصطحبتها الخادمه قبل موعد الاحتفال بعشر دقائق وكانت ترتدي فستانا ناعما من الازرق يليق بلون عينيها وشريطه زرقاء تزين خصلات شعرها.
"تعالي ياعزيزتي حان لنا الوقت للذهاب"
فجأه افاقت سيرينا من احلام اليقظه لكن دون البيرتو اضاف قائلا:
"اني في غاية الامتنان لأن اسمح لنفسي ان احل في هذا اليوم مكان والدك الذي فقدته منذ فترة وجيززة "
تلألأت الدموع في عينيها لكنها تمكنت من السيطرة على انفعالها انها تخضع لسحر هذا الرجل العجوز لكن عليها ان تتذكر باستمرار قساوته نحوها كان عليها ان تشعر بالغضب نحوه لكن في هذه اللحظة بالذات لم تكن تشعر لا بالحقد ولا بالمرارة ....
خرجا الى الشرفة ومن هناك توجها نحو السيارة في هذا الوقت اسرعت ويندي نحو سيرينا وعيناها مبللتان فضمتها كارمين اليها في عاطفة كبيرة وقبلتها على الخدين وهمست لها ببعض الكلمات باللغه الاسبانيه فهذا التصرف الامومي من قبل الخادمة جعل سيرينا تضطرب بعمق لكم كانت سيرينا تتمنى ان تكون والدتها حية ترزق وتكون بجانبها في هذا اليوم التاريخي ... فاحتلها انفعال قوي واندفعت الدموع من عينيها وفكر دون البيرتو وهو يراها ان نظراتها الزرقاء الجميله قد تعكرت مثل بحيرة حين تعصف الريح وتبدأ العاصفه.
قدم لها مندسلا لكن العاصفة لم تهدأ فاضطر الى ان يذكرها قائلا:
"المدعوون بانتظارنا واعزيزتي وكذلك خوان والصبر ليس من فضائلة "
انتصب سيرينا ورفعت ذقنها بشجاعه وقالت بصوت غير مطمئن :
"المعذرة . اني مستعده الان"
اعجب دون البيرتو بقوة ارادتها واعترف في داخله ان الفتاه تتمتع بذكاء وجرأة.
ظلت كارمين تلوح بذراعها حتى اختفت السيارة عن الانظار ثم صعدت السلالم المؤديه الى الشرفة المزينه باناقة لهذه المناسبة كان عليها ان تبقى في المنزل كي تشرف على تحضيرمأدبة الغداء الذي سيقدم للمدعوين .
وفي طريقها الى الكنيسه لاحظت سيرينا وجود الشرائط الملونه المصنوعه من الورق معلقة بين الاشجار في المساء كان العشاء فاخرا سيعد للرعاه وعائلاتهم وستم هناك تحت هذه الزينه .
قال دون البيرتو بغية تشجيع الفتاه :

*لميس*
05-08-2007, 18:01
" ستحبين كنيستنا الصغيرة باعزيزتي فقد بناها اسلافنا ودخلها المؤمنون بفرح كبير وانا اراكما انت وخوان تمارسان هذا التقليد"
في لحظة كلمح البصر كادت ان تضحك منه لانه بدأ يعتبر هذا الزواج المفبرك كأنه حقيقي لاشك انه يأمل على المدى الطويل ان تتحق هواجسه واوهامه.
فجأه دوت الاصوات من جميع الجهات وظهر الفرسان من وراء غيمة غبار كثيفة واحاطوا السيارة كانوا يطلقون الصياح الصاخب وييشبهون الدراويش المولولين وفي صفوف مشدوده جاء الرعاة ليؤلفوا الموكب كانوا يرتدون معاطف البانشو المللونه ودروع الساق الجلديه السوداء المعلقة فوق الركبة وينتعلون الاحذية العالية ذات الاكعاب المرتفعه والمزينه بالمهاميز المحيكه باليد وفي ملامح وجوههم النحيلة التي لوحتها الشمس التعبير الامبالي والوقح نفسه وصلوا الى اسفل السلالم التي تؤدي الى الكنيسه وظلوا يطلقون صياحهم الثاقب.
وعندما نزلت سيرينا من السيارة خلعوا قبعاتهم العريضة في تحية ساخرة فهزت الفتاه بخجل راسها ثم دخلت الى الكنيسه متأبطة ذراع البيرتو وراح الارغن يعزف مقطوعه رائعه وفي خطى بطيئة توجها الى حيث كان خوان بانتظارهما كادت سيرينا ان تجهله بثيابه الغريبه لكن ملامح وجهه النبيله كانت تعبر عن رصانه غير اعتيادية.
لعبت سيرينا دورها بغاية الكمال وكأنها في حلم وبالكاد شاهدت الزينه الفاخرة والجمهور الغفير على المقاعد والبنوك.
الرجال ينتصبون باعتزاز قرب زوجاتهم اللواتي يرتدين الملابس الانيقة والفاخرة.
كان شبح سيرينا النحيل تغمره اشعه الشمس الملونه التي تتسرب من خلال الزجاج وبهدوء ظاهري لفظت امنياتها بصوت صارم ومن دون انفعال وفي حالة غيبوبة لم ترتجف ولم ترتعش عندما ردد خوان بربطة جأش واتزان الكلمات السريه قائلا:
"اني اقسم لك الاخلاص والحمايه والحب حتى يفرقنا الموت.."
اطلقت زفرة عميقة ليس مايقولة سوى كذبة صغيرة لان موتا اخر موت دون البيرتو هو الذي سيجعلهما احرارا من جديد فهي لاتشك بأن دون خوان سيفي بوعده بالحاح وبسرعه.
انغلقت يد خوان الطويله والقاسيه على يد سيرينا وادخل خاتم الزواج في اصبع يدها اليسرى فارتعشت رموش عينيها وتشابكت نظراتهما ولمحت سيرينا في نظرته لمعانا ساخرا فحولت عينيها بسرعه.
اقترب دون البيرتو ليقبلهما ولم تنتبه الا في هذه اللحظه بالذات ان مراسم الزواج اشرفت على نهايتها فاسترخت قليلا وبينما كانت خارجة من الكنيسه متأبطة ذراع زوجها وراحت تبتسم للجمهور.
وما ان اصبحت خارج عتبه الكنيسه حتى ارتفع صراخ التهنئة وسطعت اشعة الشمس البراقة فلم تمنع نفسها من اقفال عينيها على جفنين مرتعشين وبينما كانا يهبطان السلالم راح الجمهور يمطرها بوابل من الورود والزهور المختلفة.
ضحك خوان ودفع بسيرينا نحو السيارة لكن زوجات الرعاة ابدين اصرارا على رؤية العروس من قريب فتجمهن وراءها واذا بخوان يحملها ويدفعها داخل السيارة احمرت وجنتا سيرينا مما زاد في حماس الجمهور الذي صرخ يقول:
"قبلها سينيور! قبلها!"
وبالفعل اطاع خوان فاخرج زوجته من السيارة واوقفها في قسوة افقدتها نفسها ثم امسكها بعنقها وجذبها بنخوة نحوة ودفعها داخل السيارة من جديد ودخل وراءها وتمكن بصعوبه من اغلاق الباب بسبب الجمهور الذي انصب حولهما اقلعت السيارة وافاقت سيرينا من الارتباك والخجل من جراء هذه القبلة وحدقت بعيني خوان السوداوين وصرخت تقول:
"ليس في هذه الصفقه التي عقدناها مايسمح لك ان تتصرف على هذا النحو! ان تعاملني كالفتيات اللواتي تمضي معهن بعض الوقت في الحانات والبارات الوسخه في المدينه ... كيف تجرؤ على ذلك؟"
اختفت ابتسامه خوان وقال بجفاف:
"بدأت تذكريني بتلك الزوجات اللواتي لايكففن عن التذمر ياسنيوريتا ! يضاف الى هذا اننا لم نعقد أي صفقه لقد طلبت مني ان اتزوجك"
واضاف قائلا:
"لقد قلت لك انك ستتزوجيني غير اني اعترف ان لديك بعض الحقوق بصفتك زوجتي اذا كان خروجي الى المدينه برفقه النساء يزعجك فأني مستعد ان اتخلى عن ذلك في كل حال لم يعد هناك أي سبب كي اتمادى في هذا تبدأ الهموم مع الزواج لكن العزوبيه لاتجلب الفرح والان بما اننا متزوجان فمن واجبك ان تخففي عني هذا الحمل".
×××××××××××××××××××××××××××××××××

نهـــــــــــــــــــاية الفصل السادس...*_^

*لميس*
05-08-2007, 18:03
أخــــــــــــيراً


أتمنى لكــــــــــــــــــم أعضائاً وزواراً قراءة ممتـــــــــعــة!!^_^



ولاتنسوا موعدنا غدا ...

الفصل السابع والثامن


سي يو

بحر الامان
05-08-2007, 21:15
طيب يا لموسه ::مغتاظ::
كان كملتي شوي من الفصل السابع :مكر:
حرام عليكم انتي ومون نايت
قاعده اتوقع كل شي ممكن يصير معها:confused:
اعصابي انشدت على الاخر
لموسه حبييييييييييبتي تكفيييييييين:بكاء:
عشان بحوره
معاك من اول الصيف
لا راحت ولا جات
بس ادور وش تنزلين من علوم زينه :مكر:
قولي تم وكمليها لين الاخير
مون نايت تكفين قوليلها تكملها لين الاخير
ولا ازعل عليكم كلكم ::مغتاظ::

ماري-أنطوانيت
05-08-2007, 22:26
اي والله لموسه ومون نايت

خليتوني على اعصابي مررررره

كملوها بسرعة والا بحر الامان بتزعل:p

*لميس*
06-08-2007, 07:37
طيب يا لموسه ::مغتاظ::
كان كملتي شوي من الفصل السابع :مكر:
حرام عليكم انتي ومون نايت
قاعده اتوقع كل شي ممكن يصير معها:confused:
اعصابي انشدت على الاخر
لموسه حبييييييييييبتي تكفيييييييين:بكاء:
عشان بحوره
معاك من اول الصيف
لا راحت ولا جات
بس ادور وش تنزلين من علوم زينه :مكر:
قولي تم وكمليها لين الاخير
مون نايت تكفين قوليلها تكملها لين الاخير
ولا ازعل عليكم كلكم ::مغتاظ::



اي والله لموسه ومون نايت


خليتوني على اعصابي مررررره


كملوها بسرعة والا بحر الامان بتزعل:p






شسوي بحوره؟:confused: أنا أمس حسيت أنه الجزئين أقل من أول:مندهش:


بس [مون نايت ] طلبت مني التنزيل وماقدرت أخالف رغبتها:rolleyes:


عموماُ



ماقدر على زعلكم بحاول إني أنزلها كامله::جيد::

*لميس*
06-08-2007, 08:28
7- اقاويل الحضور
بعد قليل راح العروسان يستقبلان المدعوين على مدخل الصالون .
كان الفضول يحتلهم فراحوا يراقبون العروسين خفيه ويتلفظون بالملاحظات الخاطفة باصوات منخفضة ولدهشة سيرينا اقترب خوان من بيللا وامرها قائلا:
"اذهبي وانضمي الى اصدقائك وتمتعي بوجودك معهم مده ساعه وسنهتم نحن بالطفلة"
امسك ويندي بين ذراعيه وفي الحال اشرقت عينا الطفلة الزرقاوين وراحت تزقزق كالعصفور وتلامس بيديها خدي خوان السمراوين .
ولشدة دهشتها رأت سيرينا زوجها يتججاوب مع اهتمام اختها الملح.وخلال لحظات قصيرة تغيرت ملامح وجه خوان فمه القاسي ونظرته الساخرة ورصانته المتعاليه كلها امتلأت بحنان كبير فشعرت المرأة بارتباك لم تصدق ان هذا الرجل الفظ والعنيف والحازم بامكانه ان يتمتع بهذا الحنان وهذه النبرة اللطيفة.
ولما بدأت ويندي تلعب بشعرة الاسود المشعث راح خوان يقهيقة ضاحكا بصوت مرتفع مما لفت نظر الحضور كله وفي هذا الوقت بالذات دخل دون البيرتو الى الغرفة متأبطا ذراع امرأه عجوز ذات شعر ابيض كالثلج وقوام نحيل كانت ملامحها متعاليه ومتحفظه ومتشامخه مما سدل على انها تنتمي الى بيئة اجتماعيه كالتي ينتمي اليها رفيقها وتدريجيا عم الصمت في المكان كل انسان حبس انفاسه شعرت سيرينا باضطراب داخلي وتوتر عميقين واستعداد لتحمل هذا اللقاء .
تقدمت المرأه العجوز المتكئة على عكازها من العروسين بخطى ثقيلة وتوقفت قربها فبدأ دون البيرتو بتقديم العروس والطفلة لكنها ردعته بحركه سريعه وقالت بلهجة متحديه :
"ها انت ياخوان تتحمل اعباء عائلة بكاملها زوجه وطفلة يتهيأ لي لدى رؤياك ان هذه الطفلة ابنتك.."
ارتج الحضور وامتلأ وجه سيرينا بالاحمرار لكن خوان لم تبد عليه الصدمه فملامح وجهه مسترخيه ووجهه بشوش ومرتاح انحنى بسخرية واجابها من دون أي اضطراب:
"هذا النوع من الحدس يظهر احيانا في محله ياعمتي ايزابيللا.."
حاولت سيرينا كل جهدها ان تكبت استغرابها فرد دون خوان الوقح لاشك يتجاوب مع شكوك المدعوين بأن ويندي هي حقا ابنه خوان وان هذا الخير هذا الرجل الشريف يتحمل كل مسؤولياته في هذا النهار التاريخي حينئذ فقط فهمت سيرينا بوضوح خطه خوان بزواجه منها فهو يريد تمويه ماضية الفاسق وبالتالي لن يعود مضطرا لتحمل شفقه الناس الذين يشعرون عادة بالسفقه لمن يقبل تحمل اعباء طفلة من رجل اخر.
حتى عمة خوان ذات العينين السوداوين الحادتين انخدعت فراحت تنظر اليه مفصلا الى ان ارتسمت الابتسامه على شفتيها وقالت بهدوء:
" سامحني ياصغيري وقدم لي زوجتك"
وخلال الساعات التاليه تهيأ لسيرينا ان هذه المجموعه الصغيرة المتعلقة بالقيم التقليدية كانت تنظر اليها بعطف وتسامح كما ان كلمات خوان بدت كأنها الاعتراف الواضح المطلوب وساهمت في تهديم الحاجز بينها وبين الحضور وبينما كان العروسان يتحركان بين المدعوين اسرع احدهم بالقول:
"افهم الان لماذا كنت كتوما في مايتعلق بغيابك السنه الفائته ياخوان! وصدقنا ماكنت تقوله انك كنت تقضي اجازة ترفيهيه لا اكثر لا اقل .... لكننا ننعرف الان ياصديقي ماذا كنت تفعل هناك!"
خيمت الحيرة على الجميع لكن زالد هذا الرجل اسرع في تغيير الحديث وراح يتكلم عن امكانيه اسواق الماشيه الحالية لكن سيرينا ظلت تعاني صدمة الاهانه فاحمر وجهها وهمست باعتذار غير واضح واخذت ويندي عن ذراع خوان وغادرت الصالون بسرعه انزعج الحضور من تصرفها وتحلوا بالصمت.
من حسن حظها وجدت سيرينا بيللا في غرفة الطفلة واوكلتها بشقيقتها وبارتياح توجهت الى الغرفة المجاورة كانت تشعر بحالة قريبه من الارهاق والتعب فخلعت طرحتها ورمتها على السرير واندفعت تجلس على الكرسي المواجه لمنضدة الزينه ولمححت نظراتها في المرآه كانت عيناها تغليان غضبا وراحت تتمتم قائلة :
"تبا له وليأكله الشيطان ! كيف تجرأ..."

وقفت فجأة وراحت تخلع ثوبها وترميه على ارضا ثم ارتدت مئزرا اخضر وبدأت تسحب من شعرها الدبابيس العديده حتى انسدل على كتفيها شلالات شقراء مكسوة بالازهار البيضاء المعطرة لم تسرح شعرها بل جلست امام النافذة المفتوحه ووضعت رأسها بين يديها وراحت تشتم هذا الرجل الذي تكرهه الذي عراها من عزة نفسها وكبريائها.
لكن لم تسنح لها الفرصه للحصول على هدنه ولم يمضي الاعشر دقائق حتى انفتح الباب بقوة ودخل خوان الغرفة وقال بصوت قاطع بعد ان اخذ قراره النهائي:
"غيابك لاحظه الجميع وهم يتساءلون عن سببه ارتدي ملابسك من جديد وبسرعه سننزل معا الى الصالون"
نهضت سيرينا بسرعه وجسمها مشدود كسهم وقالت بلهجة حاسمه:
"انني اقول "لا" بكل تأكيد بامكان مدعويك ان يتلفظوا بما يريدونه ويعلقون كما يشاؤون لايهمني ذلك! لكنني لن اعود الى الصالون وارجوك ان تتركني وحدي"
اقترب منها بنظرة مهدده وقال:
"لاتعاندي والااضطررت ان اضع عليك ملابسك بنفسي! لديك خمس ثوان لتقرري...."
وقالت واسنانها تصطك :
"لن ارضخ لمطالبك!"
وامتلأت عيناها بتحد كبير واضافت تقول:
"اذا تقدمت بخطوة واحده سأبدأ بالصراخ ... وماذا سيقول المدعوون ؟"
" اذا صرخت سأرغمك على السكوت حتى ولو اضطررت الى استعمال الوسائل العنيفة"
شعرت انه مصر على قرارة ولين يتراجع عنه وبالرغم من ذلك كانت تعبر عن عناد فجأها هي بالذات ان كبرياءها يمنعها من الاستسلام لرغبات خوان ويقنعها بأن خوان لن يجرؤ على تنفيذ تهديداته فلا رجل بمركزة قادر على التصرف بقسوة من هذا النوع. رفعت في الحال ذقنها بفخر ونظرت اليه واثقة متحديه فجأه غدرها خوان وتمسك بمئزرها وشده ناجحا في خلعه عنها ثم رماه باشمئزاز على السرير بينما كانت سيرينا مصدومه من هذا العنف الرهيب ترتجف في كل انحاء اطرافها لم تقدر على اصدار اكثر من صرخه خانقة ويدا خوان انطبقتا على كتفيها العاريتين كمخالب حيوان مفترس وهمس يقول بغضب:
"الم احذرك؟"
وجذبها نحوه كأنه يريد معانقتها .... لم يسبق لها ان شعرت مثل هذا اليوم باحساس عنيف الى هذا الحد كأن موجه تجرفها وتعريها من أي حكم وتحليل لم تكن قادرة على فهم نفسها واعتبرت ان انفعالها عائد الى الكراهيه والرفض اللذين تشعر بهما نحو خوان . رفع هذا الاخير رأسه وقال:
"اذن... هل سترتدين ملابسك ام سأضطر الى...؟"
تمكنت من دفعه عنها وهو بدوره تركها فقالت وهي ترتجف :
"انت شيطان حقيقي ! لايكفيك انك تهينني كما فعلت بل تصر على معاملتي مثل بنات الشارع لشدة ماعاشرتهن.."
"هل تعتقدين انك مختلفة عن تلك النساء اللواتي ينتظرهن الرعاة في الحانتات والبارات؟ انهن يبعن انفسهن من اجل المال تماما مثلك بعضهن يعترفن بذلك وهن صادقات تجاه انفسهن لكن هناك البعض الاخر مثلك يتصرفن ببراءة ونعومه ظاهريا مايجعل الرجل يشعر تجاههن بالخجل ولايجرؤ على الاقتراب منهن الى ان يجدهن بين ذراعي رجل اخر يتظاهرون بالنعومه الملائكية لكنهن مقيتات واكثر وضاعه من سواهن"
عرفت سيرينا اهانات كثيرة لكن مثل هذه الاهانه تفوقها كلها وفهمت انه لن يتراجع امام أي شيء ليشفي غليل انتقامه لكنها حاولت الدفاع عن نفسها وهي ترتجف انفعالا وتقول:
"لست ابدا مثل هذه النساء اللواتي تقارنني بهن عندما قبلت المجيء الى هنا مع جدك "
قاطعها خوان بجفاف قائلا:
"هذا المجنون المسكين بامكانك ان تخدعيه بسهولة اكثر مني يعتبر نفسه كأنه يعيش في القرن الماضي بالنسبة اليه النساء بحاجة الى ان يدللهن الرجال ويحمونهن لاشك انك شعرت بصدمه كبيرة عندما تبين لك انني من نوع الرجال الذين لا ينساقون بسهوله وان الدموع لاتؤثر فيهم كما لاينجرفون وراء حيل النساء ... في أي حال اننا نتصرق بقلة تهذيب امام مدعوينا"
اشار باصبعه الى الفستان الممدد ارضا وقال بلؤم:
"اسرعي في ارتدائة ولا داعي ان تمشطي شعرك فلم يعد امامنا وقت "
ابتسم في سخرية واضاف:
"عندما يرى الحضور شعرك المنسدل سيعتقدون اني عانقتك بشغف وحماس"
سيرينا تتعذب كثيرا وببطء راحت تلملم فستانها وتبدأ بارتدائة انها تستسلم لأنها تخشى هذا الرجل وردات فعله غير المنتظرة ... هذا الرجل الاناني مثل الريح والقاسي كالنسر.
كانت تتوقع ان يدير ظهره لكنه لم يفعل كتف ذراعيه على صدرة وراح يتأمل كل حركة تقوم بها من دون ان يشعر بأي شفقة تجاه توترها وفي ارتباك راحت ترتدي فستانا وتزررة باصابع مرتجفة مما جعلها تستغرق وقتا مضاعفا عن العادة
ثم توجهت نحو منضدة الزينه وراحت تسرح شعرها بسرعه لا احد بامكانه ان يرغمها على ان تبدوا مشعثة الشعر امام الحضور وفي المرآه كانت تلمح في عينيه السوداوين ملامح ساخرة ولهوا مبيرا لكنهاعندما التفتت نحوه كان تعبير وجهه غامضا.
اقترب من الطاولة الصغيرة واخذ بيده عقد اللؤلؤ وقال:
"من الافضل لك ان ترتديه انه مكافأه جميلة لك لقيامك بالخدمات المطلوبه لاشك ان هذا العقد قد كلف العجوز اموالا طائلة!"
وضعته حول عنقها بارتجاف لكن في اعماقها كانت غاضبة من نفسها فاستغل خوان اضطرابها ليقو لوقاحه :
"بصورة جمالية اجدك مخيبة للأمل ومشوشه لانه كلما اقتربت منك تعدلين عن بعض مواقفك بنفور وتجفلين لكن في الحقيقة هذا التصرف لا يدهش هناك عدد كبير من النساء الخبيرات يستعملن خجلهن وسذاجتهن كحاجز واق..."
ولما دخلا الى الصالون كان بعض الضيوف يغادرون المكان وبارتباك ظاهري اضطرت سيرينا ان تسلم عليهم باليد وتبادرهم بالكلمات المحببة اللطيفة وكان نظرها يشتبك بالنظرات الساخرة المليئة بالتعجرف او بعض التسامح واحيانا قليله بالنظرات الرؤوفه ونظرات الحنان كل واحد

*لميس*
06-08-2007, 08:31
من الحضور كان يبدو مرتاحا لانتهاء الحفل وهذا الاجتماع الصغير بخاصة الرجال المسنين الذين يظهرون عن وجوههم الرصينه والغامضة تهذيبا لكنهم لم يتكبدوا مشقة الانتقال الى المزرعه الا للصداقة التي تربطهم بدون البيرتو لأنهم لم يكونوا راضين عن حفيده بنظرهم لقد وصخ هذا الاخير الصيت المعروف عن عائلة محترمة ولم يعوض عنه الا بهذا الزواج الذي جاء متاخرا لكن بالنسبة الى الزوجات فكن يشعرن بالاطمئنان لان مستقبل بناتهن لم يعد مهددا ولا احد يجهل ان دون خوان لايمكن قهره والدليل على ذلك الجهود المبذولة من قبل جده ليجعله يطيع اوامره لكن من دوم جدوى انه يشبة جوادا متوحشا يرفض فضلات الطعام...
وبين الحضور كانت الفتيات وحدهن خائبات الامل ان تربيتهن قاسية وتعود الى اجيال وقرون ماضية وبينما كن يحيين الزوجين بعيون حزينه كانت سيرينا على يقين ان هؤلاء المراهقات متى لنوجدن في غرفهن سيطلقن العنان للبكاء.
ولما غادر المدعوون المنزل اقتربت دونا ايزابيلا التي كانت تنتظر ذهابهم من سيرينا وقالت :
"تعالي واجلسي قربي يا ابنتي العزيزة لدي ماقوله لك"
غريزيا بحثت سيرينا عن خوان بنظرها لتحثة على المجيء لمساعدتها وبهزة رأسه فهمت انه لامجال لها ان تتهرب من دونا ايزابيلا
قالت المرأه العجوز بلهجة جافة وهي ترى خوان يشير بحركه في اتجاهها:
"ليس انت من اريد اني ارغب في التحدث الى زوجتك على حده"
" كما تشائين ياعمتي لكن عليك ان تحذري صحيح انها تبدو مسالمه وغير مؤذية كجميع الفتيات الانكليزيات الا انها متى احرجت تخرج مخالبها"
"انا سعيدة ان اسمع منك هذا الكلام !"
ازاحت دونا ايزابيلا طرف المقعد وربتت على الفراش مشيرة الى سيرينا ان تأتي لتجلس قربها فلبت المرأه طلبها وبدأت دونا ايزابيلا الكلام موجهه اياه الى دون خوان:
"من الاسهل التقاط الفئران بالمطرقة بدل تقديم الحلوى! ويجب على زوجتك ان تجمع في داخلها قوة هرقل وحكمة سليمان كي تستطيع مقومة تجربة الزواج مع رجل من طرازك"
رفع خوان حاجبية السوداوين وقال:
"وانت ستعلمينها كيف عليها ان تتحلى بهذه الصفات اليس كذلك ياعمتي ؟"
"ليست بحاجة الىنصائح على ماظن انها امرأه بمعنى الكلمة اريد فقط ان احذرها من جاذبيتك الشيطانيه هذا السحر الذي تستعمله منذ طفولتك "
ضحك خوان وقبل الانسحاب وظلت سيرينا تنظر اليه وهو يبتعد وتفكر بكلمات العمه التي لاشك تخفي محبة كبيرة له وما ان انغلق الباب وراءة حتى انحنت دونا ايزابيلا وهمست قائلة:
"ياله من رجل ساحر! انه يخيف اكثر من جده عندما كان في سنه هناك شيء يجب ان ابوح لك به ياعزيزتي .. لقد امسكت الجواد بلجامه على ماعتقد لكن لاتحاولي ارجوك ان تروضية"
ظلت سيرينا صامته مكتفة اليدين فوق ركبتيها كانت تحدق بطرف حذاء دونا ايزابيلا التي تابعت تقول:
"اعرف بماذا تشعرين . عندما كنت في سن المراهقة وقعتفي غرام الكونت حتى الجنون ... ان سحر آل فالديفيا شيء اسطوري في هذه المنطقة ومنذ تأسيس مجموعتنا الصغيرة تحطمت قلوب نساء عديدات لأنهن لم يفهمن ان ردة فعل ال فالديفيا قاسيه اذا ما استعملن معهم القوة انهم بحاجة ان نترك لهم الحبل في العنق.
ولاحظي انه لم يفسح لي مجال تجربة نظرياتي لانه لم تسنح لي الفرصة لذلك عندما اختار والدي شريك حياتي لم يهتم بمعرفة اذا كنت اميل اليه او احبة وهذا مازال يحدث حتى الان فآل فالديفيا اصطدموا بالاباء الذين يبحثون لبناتهم عن ازواج لا يطابقون معرفتهن او ميولهن انما يحتارون لهن رجالا يطابقون امنياتهم هم"
اكلقت زفرة ثم اضافت:
"اني احسدك ياعزيزتي لكنك ماتزالين شابة وسليمة النيه وبريئة لذلك انا ارتجف مكانك دون خوان سبب لك أذى كليا غير اني ارجو منك ان تتحلي بالصبر معه والاتعيري انتباها لملاحظاته اللاذعه وان تردي عليها بالابتسام وان تتحملي من دون خوان طبعه الغاضب والعاصف ذلك لأني اعدك بأنك ستجدين مكافأه على اعمالك في النهاية وهو ان حبا عميقا ودائما سيلد بينكما.."
ابتسمت سيرينا ابتسامه صفراء بينما كانت دونا ايزابيلا تنهض واقفه لو كانت تعرف الحقيقه! ان خوان يتمتع بحريه كبيرة وليست سيرينا على استعداد ان تعارض هذه الحرية وتحرمه اياها بامكانه ان يذهب الى الجحيم!
×××××××××××××××××××××××××××××××××××

نهـــــــــــــــــــــــاية الفصل السابع

*لميس*
06-08-2007, 08:33
8- الراقصة المثيرة
في المساء غيرت سيرينا ثيابها للاشتراك في حفلة شواء ستتم في الهواء الطلق وسط حديقة القصر فاختارت لهذه المناسبة تنورة مقلمة ذات الوان زاهيه وقميصا فلاحيا باكمام قصيرة واسعه مثلما ترتدي نساء وصديقات الرعاة ثم سرحت شعرها الطويل جيدا ورفعته بشكل ذنب الخيل فانسدل حتى خصرها ولأسباب غامضة تحلت بالشجاعه فالاحتفال الذي سيتم الليله لن يخجلها مثل حفل الصباح لأن الرعاه اقل تصنعا وعجرفة من اصدقاء دون البيرتو وبالتالي سيتقبلونها بترحاب ودفء صحيح ان هذا الزواج السريع فاجأهم هم ايضا لكنهم لن يتظاهروا بالحكم عليها مسبقا او ادانتها لقد تعودوا ان يفيدوا من كل ماتقدمه الحياة وهذه فلسفتهم وبالتالي سيتفهمونها جيدا وسيحترمون نزواتها ونظرتها الى العلم.
اما ويندي التي ارهقها اللعب والدلال فنامت بعمق عندما جاءت سيرينا لتنحني فوق سريرها وكانت تسمع الموسيقى الصاخبة والضحكات المبتهجة الاتيه من الحديقة وبخفة هبطت المرأه بخطوات نشيطه ومرحه السلالم المؤديه الى قاعه الاستقبال الصغيرة حيث كان من عادات دون البيرتو ان يجلس لتناول المقبلات قبل موعد العشاء لكن ابتسامتها اختفت عندما رأت دون خوان ممدا على احد المقاعد كان وحده ويلهو بكأس بين يديه وما ان دخلت القاعه حتى نهض لتوه لاحظ نظراتها المتسائلة فأعلن ببساطه قبل ان يدعها تطرح السؤال المتوقع قائلا:
"جدي الرزين والكتوم كالعاده قرر قضاء بضعه ايام في منزل دونا ايزابيلا هذا لطف منه اليس كذلك؟"
فتحت سيرينا عينين واسعتين اندهاشا وقالت:
"اتريد ان تقول اننا وحيدان هنا"
"نعم تماما فهناك الخدم الذي يسكنون الجناح القريب من هنا من يمنعني من اخذك بالقوة هذه الليله ... لا احد بامكانه ان يسمع صراخك وعويلك..."
تلعثمت حين قالت:
"لاتكن تافها!"
" انت مخطئة ياعزيزتي كيف بامكانك ان تكوني حازمه ومعك الجواب القاطع؟ فالليله مازالت في بدايتها ان اجهل تماما ماذا سيكون تصرفي في الساعات المقبلة"
امسك ذراعها فتقلصت ثم وضع يده على معصمها وادارها نحوه وذكرها قائلا:
"لقد تزوجنا منذ قليل ياحبيتي لذلك من المفروض ان نقدم لبعضنا العطف والمحبة والعروس عليها ان تبدو متألقة اما بالنسبة الي فسأحاول جهدي ان ابدو مغرما وسأهمس في اذنك بعض الكلمات الناعهة وسأضمك الى صدري في اوج السهره سأقطف من خدك قبلة... لنبدأ اذن بالابتسام ومن جهة ثانيه لا اريد ان ارى في عينيك ملامح الكآبه والقلق بعد الان فهمت؟"
صمت قليلا ثم اضاف قائلا:
"افهم تخوفك لكن يكون الامر غريبا عليك كما في المرة الاولى.."
من لخجته فهمت سيرينا انه يتألم في صميم كبريائة فاستعادت نشاطها وتوجهت معه الى باب الدخل حيث ينتظر الرعاة قدومهما وما ان اجتازا العتبه حتى سمعا اصواتهم الحماسية وصراخ صديقاتهم او زوجاتهم :"اهلا! اهلا !انت رائعه ياسنيورا!"
تمكنت سيرينا من مالابتسام بثقة كبيرة ادهشت خوان كليا. المشهد الذي واجههما في غياب الشمس كان ذا جمال عنيف وبدائي وضعت المشاعل حول دائرة واسعه وسطها الحركه مستمره فالتحضير لهذه السهرة بدأ منذ ساعات عديده صغار الرعاه كانوا ينحنون فوق موقد كبير حيث يوقد الحطب يتصببون عرقا ويحركون اشياشا كبيرة حيث تشوى ببطء شرائح كامله من لحم البقر والعجل والنساء اللواتي لمعت عيونهن اثارة وحماسا جلبن الصحون الى الطاولات العريضة.
انه اسراف وافراط بالطعام ."الباباس" وهي عجبة البطاطا المحشوة باللحم المفروم والبصل او الجبنه ."البانشو فيللا" أي حبوب الذرة والفاصولياء المطبوخه مع البيض المقلي والمتبله بالثوم ... ولفتت نظر سيرينا اهرامات الفاكهه والخضار المنوعه .
القناديل المعلقة تحت الاشجار تضيء اوراق الشجر السميكه واللماعه والملونه بجميع الوان قوس قزح مجموعه من الشباب خرجت من الظل على اكتافهم القيثارات وتحت اصابعهم المرنه تنبعث موسيقى ناعمة وايقاعبيه الابتسامه عريضة على شفاههم وتظهر اسنانهم البيضاء الناصعه.
كانوا يشكلون حرس الشرف حول دون خوان وزوجته فترك موظفو المزرعه اعمالهم واسرعوا نحو العروسين للتهنئة وتقديم الاحترام والولاء ففي هذا المساء يجري الاحتفال بعيد امير الرعاه دون خوان وبالتالي كأنهم يحتفلون بعيد كل واحد منهم في الوقت نفسه كانوا يشعرون انه مختلف عن بقية الرجال فلم يحملوا من قبل ان تكون رفيقتهم امرأه شقراء ذات عينين تائهتين زائقتين جميلة كما هي بعيدة متحفظة .
وبعد هذا الاستقبال الحار والرفيع بالالوان بدأ الهرج والمرج والمزاحمه جلسوا على البنوك بينما جلس خوان وسيرينا على طرف الطاولة وللحال شرعوا بتقطيع شرائح اللحم المشوي وعبق الجو بها . كان الجميع جائعين ولم يخشوا ان يستعملوا اصابعهم ليتقاسموا قطع الشواء وفي هذا الجو الغريب كانت الريح تهب بهدوء وتمشط جبال الانديس القريبه التي بدت مرئية تماما في الظلام ففي وضح النهار يتهيأ للمرء انه قادر ان يلمسها باصبعه.
كانت المأدبه تدور بفرح وضحك الابتهاج والحركه والاندفاع حررت سيرينا التي كانت تقضم باسنانها هذه اللحوم اللذيذه بنهم شبيه بنهم الرعاه .
كانت تتلقى اسئلة من حين الى اخر :
"ما رأيك؟ هل الطعام يعجبك؟"
"نعم جدا انمه رائع للغاية"
كانوا ينادونها بمختلف الصفات : المرأة الانكليزية زوجة السينيور الرائعه الجمال الشقراء الغجرية...
وبعد انتهاء العشاء ازيحت الطاولات والبنوك ليحل مكانها العازفون والموسيقيون الذين راحوا يعزفون موسيقى حماسية وتحمس الرعاة فدعوا رفيقاتهم للرقص .
انحنى خوان فوق سيرينا وقال لها :
"الكويكا رقصة الحب الشيلية"
ابتعدت عنه لكنه امسك بخصرها وشرح لها قائلا:
"منذ البدء على المرأه ان تجذب انتباه الرجل وخلال الرقصة تستميل حبة وتدخل الى قلبه"
لم تعيره سيرينا غير انتباه سطحي اذ كانت تنظر الى الراقصين الرجل والمرأة يقفان وجها لوجه ويحاولان تحويم مناديل واسعه حول رأسيهما ثم تقوم المرأه باستدارات عديده اخذه وقفات مغريه بينما الرجل يضرب بقدميه على ايقاع الموسيقى التي تزداد حماسا بشكل تدريجي ويضرب بيديه المهاميز والحضور يطلق صياح الحماس والتشجيع ثم ينضم الى الحلبة التي تتحول الى هياج ودوامه لانظير فجأه ظهرت فتاه سمراء ساحرة الجمال من وراء الاشجار ومن كيانها ينبعث السحر والاغراء كانت سيرينا تحدق بها وتتبع تحركها وهمس احدهم قربها:
"كابرييللا الهجينه انها تبحث عن رجلها.."
كانت الفتاه تتفحص الوجوه ثم ما ان رات خوان حتى اقتربت منه كانت تحدق فيه بالحاح غير مكترثة بتعليقات الرعاة همسات وفضائح كانت تسمع هنا وهناك.
وفي اناقه رشيقة توقفت امام خوان وانتصبت على رؤوس اصابعها ودعته في وقاحة ان يتأمل صدرها المثير وخصرها الرفيع وقوامها الرشيق رمقت سيرينا بنظرة اشمئزاز كأنها تريد ان تقول لها ان نحافتك وشقرة بشرتك لايمكنهما ان يثيرا عشيقي ومن دون أي انزعاج وضعت موضع الخصم والمنافس راحت سيرينا ترتعش وتقول لنفسها ان هذه الفتاه لم تبد غاضبة على خوان لانه تركها غير انها تستقل المناسبة لتتحداه وكانت كل الحظوظ بجانبها.
وبحركه كريمه دفع خوان بسلة فاكهه نحو الفتاه الجميلة ومن دون ان تحيد نظرها عنه تناولت التفاحه وعضت عليها ثم مدت ذقنها وشدت على التفاحة بين اسنانها الناصعه ودعت خوان ان يتقاسمها معها مثل حواء في جنة عدن انحنى خوان للحال ليلبي دعوتها لكن في سرعة البرق حولت رأسها عنه وراحت تضحك ثم خطت خطوة الى الوراء داعيه اياه ان يتبعها
توقف الراقصون في امكنتهم وراحوا يراقبون المشهد ظلت الفتاه تحدق بخوان وهي ترجع الى الوراء بحركه راقصة كان وجه سيرينا من رخام وخوان الذي سحرته الفتاه اقترب منها بخطى عريضة وراح الحضور يصفق بايقاع والموسيقون يعزفون بحماس على قيثاراتهم وراح خوان يضرب بقدميه ويصفع المهماز بيديه وكابريللا تدور ببطء حوله وتنورتها الطويله والواسعه تتطاير حولها مظهره قوامها الجذاب واشتدت الموسيقى وراحت سرع كما راحت خطوات كابريللا تسرع ايضا وتتظاهر امام خوان باستعرض متوحش ومثير كانت تقترب منه بدون ان تلمسه وتساءلت سيرينا :"كيف سينتهي الامر؟" الفتاه كانت منجذبة بعنف نحو خوان وهذا لاشك فيه وجاءت في يوم عرسه لتحقق هذه الرقصة المليئة شغفا كأنها تهب نفسها له ولم تمتنع سيرينا من الشعور نحوها بالشفقة لأنها مرفوضة تلقائيا لدى عائلة فالديفيا النبيلة لا شك ان كابيريللا مولعه بغرام خوان لكن هذا الاخير لا يشاطرها هذا الحب لابد انه يستحسن جمالها ومرحها واثارتها لكنه لاشك يعتبر هذه العلاقة عابرة لا اكثر ولا اقل ...
وكما يدل اسمه "دون خوان" فهو رجل ارستقراطي فاسد يينقل بسخريه ولامبالاة من مغامرة الى اخرى فكرت سيرينا بكل هذا وامتلأ قلبها مرارة كبرى.
حول دون خوان نظرة عن الراقصة لينظر نحو زوجته كانت نظراته تلمع بالسخرية وفهمت سيرينا انه لاشك عرف مايدور في ذهنها وبغضب منه ومن نفسها انتظرت حتى ادار لها ظهره ونهضت في هذا الظلام ولم يلاحظ احد رحيلها لكنها دخلت المنزل راكضة وصعدت السلالم اربعه اربعه مسرعه نحو غرفتها وبعدما صفقت الباب بشدة ظلت مستندة االيه برهة حتى تستعيد تنفسها اقفلت الباب بالمفتاح وبدأت تخلع ملابسها كانت على وشك الارهاق هذا النهار الطويل كان مليئا وخصبا بالانفعالات !
غير ان الليل مازال في بدايته بالنسبة الى الرعاة.
وبتردد فتحت سيرينا درج خزانتها لتأخذ قميص نومها لشده دهشتها كان فارغا فتحت الدرج الثاني ثم الثالث ولم تجد اثر للألبيسه الداخلية وحتى داخل الخزانه لم تجد أي لباس فاحتلها احساس بالتوتر والخوف اقتربت من السرير ورأت الفراش عاريا من الشراشف والمخدات والاغطيه سمعت سيرينا خطوات على السلالم فتناولت الغطاء الوحيد الذي يغلف السرير ووضعته حول جسمها توقفت الخطوات امام الباب فتسمرت مذعورة تحركت قبضة الباب فظلت سيرينا صامته وسمع صوت خوان الجاف قائلا:
"دعيني ادخل يازوجتي والا خلعت الباب..."
وبعد قليلي خلع الباب بالفعل ودخل ولاحظ وجود الادراج كلها مفتوحه فقال بسخرية وهو يغلق ابواب الخزانه:

*لميس*
06-08-2007, 08:35
"هل كنتتتوقعين البقاء في هذه الغرفة بعد زواجنا ؟ وكارمين المرأة العاطفية لاتتحمل ان نبقى منفصلين مدة طويلة ! فقد حملت امتعتك الى غرفتنا التي سنتقاسمها معا من الان فصاعدا"
شعرت سيرينا بارتخاء في قدميها وكادت تقع لكنها تمكنت من القول:
"لكن ماذا يعني هذا الكلام؟ الم نتفق على ان..."
قاطعها خوان ضاحكا :
"اطمئني ! انها غرفتان متصلتان بباب مشترك سننام اذن كل واحد على حده لكن كي لانوقظ شكوك الخدم علينا ان يروننا معا .. وارجوا الايكون هذا الطلب مهمة شاقة لفتاة انكليزية طاهرة؟"
"اني اقبل هذه الشروط هل بامكانك ان تريني هذه الغرفة ؟ فانا اشعر بالبرد..."
حملها بين ذراعيه وتوجه نحو الممر وهبط بها السلالم كانت يداه تحرقان جسمها فتقلصت بتوتر ابتسم خوان بوقاحه هادئة وهمس وهو يقف اما باب الغرفة:
"قولي ياعزيزتي لماذا هربت من الحفلة ؟ الا تريدين مقارنه نفسك بمنافستك ام انك غيورة ؟"
رددت بارتباك/
"غيورة؟عليك.."
كان منظرها لايصدق فغابت الابتسامه عن وجه خوان ومن دون ان يلفظ كلمه دخل الغرفة ووضع سيرينا على قدميها وبينما كانت تتخلص من ذراعيه هبط الغطاء الناعم الذي يحيط بها مظهرا كتفيها فرفعته بحركه عصبية واشتبك بنظر خوان الذي ظل صامتا وخافت سيرينا ان يكون خوان يحضر خطة جهنميه للانتقام منها.
فقال اخير باستغراب:
"لا طبعا! كيف يمكن لقطعه جليد مثلك ان تغار ؟ انه شعور تجهلينه ... ماذا اذن وراء تصرفاتك الباردة ؟ بماذا تشعرين لو كان لديك شعور من المهم ان اعرف!"
وفي عنف جذبها خوان بين ذراعيه ولم تكن قادرة على التخلص من قبضته خوفا ان ينزلق الغطاء عن جسمها ثم راح يلامسها بيديه الفضولتين .. لاتنقصه الخبرة ولاحتى كيفية التصرف وسيرينا التي كانت تتصنع اللامبالاة كانت تشعر داخليا بالرغم منها
وراح يهمس باذنها قائلا:
اهذأي ياعزيزتي "
وبعدما لامس خدها الساخن راح يعانقها بشغف وهي كانت تشعر باحاسيس عنيفة تحرق داخلها فارتعبت ولما رفع رأسه كان الامتنان مرتسما على وجهه مما جعل سيرينا تصفعه بكل قواها .
وللحال امسك خوان بمعصمها وضمها اليه وانتزع يدها المتمسكه بالغطاء الحريري وارتسم على وجه سيرينا وشاح اليم عتم قلبها . فلم تكن تريد الاستلام له وراحت تتخبط بكل طاقتها للتخلص منه فسقط الغطاء حتى قدميها.
قهقه خوان وشعرت سيرينا بالاهانه والكرهية العمياء له حتى انها تمنت لو بامكانها ان تقتله في هذه اللحظة بالذات!
قال ساخرا:
"بدأ الجليد بالذوبان كان يكفي شرارة ... وكيف احداثها!"
ظلت صامته لاتتحرك كأنها تمثال من مرمر فقد عراها روحا وجسدا ثم تمكنت من القول والدموع مخنوقه في حنجرتها:
"انت انسان فظ ومتوحش! اني اكرهك"
وتشنجت مستعدة لتحمل قهقهته الساخرة لكنه اكتفى بمراقبتها بامعان ثم قال:
"في الاقل تمكنت من خلق عواطف شغوفة لديك .. واني على يقين ان احدثت فيك انفعالا كبيرا اكبر مما احدثة والدويندي!"
ضربه من أي شيء وهذه اله الذكرى اللا ارادية لوالدها فتت قلبها فحاولت كبت بكائها لكن الدموع راحت تتلألأ من جفنيها.
فقال غير مصدق:
"اتبكين لذكرى الرجل الذي تركك ؟ هل مازتزالين تحبينه؟"
اجابت بجفاف:
"لم يتركني بل مات لكني ما ازال احبه وسأظل احبة.."
ران الصمت بضع ثوان ثم انحنى خوان والتقط الغطاء الحريري ولفه حول سيرينا كأنه يقمط طفلا صغيرا ثم حملها بين ذراعيه حتى السرير ورفعت نحوه عينين قلقتين فأسرع يقول لها:
"بامكانك ان تنامي بهدوء ياعزيزتي لست انوي محاربة شبح او خيال لكن لاتنسي شيئا مهما: اننا ننتمي الى عالم الاحياء لذلك يجب ان نفكر بهم وليس بالاموات ..ياعزيزتي ارتاحي بسلام لان الرجل لايموت اذا مانسيناه"

××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

نهـــــــــــــــــــــــــــاية لفصل الثامن

*لميس*
06-08-2007, 08:38
يلا أخليـــــكم تستمعوا بهذول الفصلين



موعدنا مع الفصل التاسع والعاشر أو الروايه كامله >>

(على حسب)

بعد حيـــــــــــن


:D :D :D :D



تحياتـــــــــــي

*لميس*

SURVIVOR
06-08-2007, 09:48
انا سعيده جدا بالمشروع ده واشتركت مخصوص علشنكم
ربنا يكون في عنكم

shining tears
06-08-2007, 17:10
ان شاء الله اصبرو علي شوي انا لسه اكتبها وان شاء الله لانزلها كاملة بس صبرو شوي وراح انزل معها روايتين كاملين بس نظرا لظروفي الصعبة ووفاة والدي اتمنى تعذروني بس والله ماني نسيتكم
المعذرة منكم جميعا

*لميس*
06-08-2007, 17:44
ان شاء الله اصبرو علي شوي انا لسه اكتبها وان شاء الله لانزلها كاملة بس صبرو شوي وراح انزل معها روايتين كاملين بس نظرا لظروفي الصعبة ووفاة والدي اتمنى تعذروني بس والله ماني نسيتكم
المعذرة منكم جميعا


مرحبا فيك حبيبتي شاينينغ تيرز


أكيد كلنا صابرين ..وإجنا منتظرينك ومنتظرين روايتك الرائعة

زيك:o



أنتي معذوره ومقدرين ظروفك


الله يعينك ياقلبي لاتشيلي هم متى ماقدرتي تشاركينا


في المشروع راح نكون متواجدين::جيد::



تحياتي
*لميس*

ماري-أنطوانيت
06-08-2007, 23:44
انا ان شاء الله راح أنزل روايه

بعد هذي الروايه الي تكتبها لميس

فخذي وقتك حبيبتي ( شاينينغ تيرز )

ولا تستعجلي ابدا...

وعظم الله اجرك في وفاة والدك

والله يصبرك حبيبتي

بحر الامان
06-08-2007, 23:52
شاينينغ تيرز
عظم الله اجرك في وفاة والدك
ولا تستعجلين حبيبتي خذي وقتك
الاخوات ما شاء الله ماهم مقصرين

بحر الامان
07-08-2007, 00:00
لموسه حبيبتي معلش
صير جميل والله المستعان
ماعندي غير الصبر والانتظاااااااااااااااااار
الاقيها منك ولا من سرعة الاتصال
بس مع كذا ياحبي لك
ان ما كملتيها المره الجايه
تدرين وش راح اسوي

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

كمان شوي

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

خليها لبكره لين اشوف وش تنزلين اجزاء ولا كامله

مفاجأه

خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ

*لميس*
07-08-2007, 08:21
لموسه حبيبتي معلش
صير جميل والله المستعان
ماعندي غير الصبر والانتظاااااااااااااااااار
الاقيها منك ولا من سرعة الاتصال
بس مع كذا ياحبي لك
ان ما كملتيها المره الجايه
تدرين وش راح اسوي

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

كمان شوي

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

^

خليها لبكره لين اشوف وش تنزلين اجزاء ولا كامله

مفاجأه

خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ





هههههههه



كنت أول اهدد غيري صار غيري يهددني...!:eek:



وخلاص ولايهمك


بنزل فصلين واحد مجاناُ.... بعد ثلاثة أيام:D :D :D


××××××××××××××××××××××××××××

*لميس*
07-08-2007, 08:27
9- فستان وقح
وخلال الاسابيع التاليه عرفت سيرينا معنى السلام والهدوء في حياة متميزه وثريه حياة لم تكن تجرؤ على الحلم بها اة تخيلها ولما عاد دون البيرتو من اقامته القصيرة في منزل دونا ايزابيلا اعلمه دون خوان بقراره وهو رفضه ادراة المزرعه الهدف الذي كان يرغب العجوز في تحقيقه ولو بالحيلة والخداع واعلمه بأنه يفضل ان يتقاسم حياة الرعاة المتعبه كما في الماضي ان يفيق قبل الفجر ويتمطي جواده طيلة النهار ويجتاز من دون توقف المسافات الشاسعه ويجمع الماشيه لوشمها..
ومن وقت الى اخر كان يضطر الى مرافقة الماشية الى مرفأ بعيد لذلك كان يتغيب اياما عديده ولدى عودته كانت ملامح وجهه مرهقق ومليئة بالغبار وكان جسمة النحيل يبدو اطول من العادة عندما يظهر قرب المنزل
كان دون البيرتو يتحمل هذا الوضع بصعوبه لكنه اخيرا لم يعد يحتمل وفي احد الايام بينما كان حفيده عائد من رحلة طويلة استدعاه لينذرة ببلاغ نهائي لاعودة عنه.
لما وصل خوان كان العجوز يأخذ حمام شمس قرب بركه السباحه ويستمتع برؤية سيرينا وويندي تلعبان في الماء كانت الطفلة بامان بين ذراعي شقيقتها تطلق صياح الفرح واحيانا صياح الخوف.
كان الطقس حارا وناعما وكانت سيرينا ترتدي ملابس سباحه بيضاء وبدا جسمها اسمر من شدة تعرضه للشمس كما ان صحتها اخذت بالتحسن وزاد وزنها راحت تقهقه بصوت مرتفع عندما تمسكت ويندي بشعرها محاولة التسلق على كتفيها خشية الوقوع في الماء. وخوان الذي كان يقترب بخطى بطيئة وثقيلة لم يقدر ان يزيح نظره عن المشهد بل كان يبدو مسحورا ومندهشا مثل واحة بقلب الصحراء صرخ دون البيرتو لدى رؤيته قائلا:
"خوان يابني اهلا وسهلا بك في المزرعه ! سيرينا انظري هذا خوان تعالي واظهري له فرحك بعودته!"
وكي تخفي اضطرابها انهمكت المرأة لحظة بويندي المتعلقة بعنقها كانت تعرف ماذا ينتظر دون البيرتو منها اقتربت من الرجل المرهق حاملة شقيقتها بين ذراعيها ..هذا الرجل الذي وجدت في غيابه الراحة والطمأنيه داخل المزرعه.
وبصورة غير منتظرة راح قلبها يخفق بسرعه ثم رفعت رأسها نحو خوان من دون خوف ودون البيرتو كان يراقب تصرفاتها بفرح.
طبع خوان على خدها قبلة سريعه فخاب امل سيرينا ثم ركز اهتمامه على الطفلة وقال:
"وكيف حال جميلتي الصغيرة اليوم؟"
اخذ الطفلة بين ذراعيه واضاف :
"اجب ان الهو معك ياحبيبتي لكنني مليء بالغبار ورائحة العرق اذهبي مع امك حتى اخذ حماما واعود اليك"
" هل تحب موافاتنا الى هنا بعد ذلك؟"
لم تصدق سيرينا ما سمعته فهي نفسها التي طرحت عليه هذا السؤال .
"اذا كان هذا ماتريدينه .اتفقنا..."
تدخل دون البيرتو بقوة وقال:
"ولماذا تظن انها لاترغب بذلك انت حقا زوج وشبح في ان واحد حتى الان سيرينا تتكيف مع هذا الوضع لكن من جهتي انا قررت ان اضع حدا لتغيبك المتواصل واني انوي ان اضعك على رأس المزرعه منذ الان ! سبعون سنه تكفي سأستقيل من دون تأخر لكن لنناقش هذه الامور بعد العشاء اذهب وخذ حمامك ثم انضم الي سيرينا لا شك ان لديكما اشياء كثيرة للقول لكن لا تنسى ماقلته لم يعد هناك وقت للتتردد والمراوغه.."
هز خوان رأسه وتوجه نحو المنزل وبانتظار عودته فكرت سيرينا ان خوان سيحقق هدفة الذي من اجله قبل زواجا سيحرمه من الحريه لبضعه سنوات.
وبينما كانت منغمسه في افكارها لم تلاحظ ان الخادمة بطلب من دون البيرتو اخذت الطفلة الى داخل المنزل ولما ظهر خوان على الشرفه ابتعد العجوز بدوره تاركا الزوجين وحدهما.
قال خوان:
"طلبت مني ان ارافقك اليس كذلك؟"
فوجئت سيرينا به وانتفضت فقال:
"هل كنت جادة في دعوتك ام انك تصنعت ذلك كم اجل ارضاء رغبات جدي؟"
حبست سيرينا انفاسها وهي تحدق فيه بقامته الممشوقة وعضلاته المتناسقة كليا وفهمت للحال سبب جاذبيته واشتبكت نظراتهما فقال بسخرية:
"اذن؟
هل ترافقيني . اشعر بحاجه كبيرة للسباحه"
فجأة شعرت برغبه قوية للمكوث بجانبه مد له يدها ليساعدها على النهوض فراحت تركض حول البركه وهي تعي تماما ان ملابس السباحة لاتخفي فتنتها ثم قفزت في الماء الشفاف واحتلت كيانها قشعريره ونوع من الاثارة البهيجة عندما لمحت خوان في فوران من الزبد ظل عدة لحظات قربها ثم تجاوزها وهو يسبح بقوة وبسرعه غريبة.
ولما وصلت سيرينا الى طرف البركه كان خوان يعوم بلا مبالاة وعيناه تحدقان بالسماء وهو ممدد على هذا السائل الاخضر كأنه فوق سرير مائي وكان يبدو متلذذا فرحا.
قال في صوت منخفض:
"انني احلم بهذه اللحظة منذ ايام وايام"
ثم التفت نحوها وتابع يقول :
"خلال هذه الرحلة الاخيرة لم الق الا المشكل فضلا عن حرارة الطقس التي وترت الحيوانات والرجال.."
قالت له بجفاف :
"لكني لا اشك في انك نلت بعض التعويضات المرحه لدى وصولك الى المدينه"
"نعم بالفعل بعض التعويضات!"
فجأة اختفى تحت سطح الماء ولما وصل قرب سيرينا شدها بكاحليها وجذبها الى اسفل البركه اعتقدت ان رئتيها ستنفجران تركها اخيرا وصعدت الى الهواء الطللق وفتحت فمها تلهث ولما شاهدت رأس خوان الاسمر يطل فوق الماء قررت الانتقام في الحال فتسلقت كتفيه وشدت ثقلها حتى انزلته تحت الماء وفي الحال اصبح ذلك لعبة مرحه وخلال ساعه تقريبا كانا يتداعبان في الماء كالاولاد بكل بساطه وبصورة غير منتظرة التقت طباعهما المختلفة في نوع من الاتفاق وراحا يتمتعاب بهذا التناسق العابر.
وبعد ذلك تمددا على المراسي الطويلة واحضرت لهما كارمين المشروبات المنعشه فاحتسيا شرابهما وهما يجففان جسميهما تحت اشعه الشمس.
وتنهدت سيرينا قائلة :
" اني احب فصل الصيف هنا انه جاف من دون ان يكون خانقا لا اصدق اننا في شهر كانون الثاني\يناير...في لندن لا شك ان الثلج منهمر الان وعلى الارصفة المنزلقه يتدافع الناس ليستقلوا الباصات متأففين من رداءة الطقس"
بكلامها لفتت اهتمام خوان الذي راح يراقبها في دقة ويسألها :
"حدثيني عنك ماذا كنت تفعلين قبل ان تلتقي جدي؟ وكيف تم هذا اللقاء؟"
نهجم وجه سيرينا فجأة ولأول مرة تشعر بارتياح وارتخاء لوجوده لكنه باسئلته هذه اعادها الى مدار الخطر
تلعثمت سيرينا وهي ترد على سؤاله قائلة :
"كنت اعمل في مكتب واعيش وع ويندي في غرفة صغيرة لاتبعد عن مركز عملي"
"وماذا كنت تفعلين بالطفلة عندما تكونين في العمل؟"
"كنت اضعها كل صباح في دار الحضانه واخذها في المساء لدى عودتي"
انها تعرف تممام عقلية الناس هنا في امريكا الجنوبية وكانت متأكدة من ردة فعل خوان المصدومه لما قالته الايعتبرون هنا في شيلي – ان وجود الام الدائم هو شيء ضروري للولد؟
اضافت لتدافع عن نفسها:
"لم يكن امامي اختيار في انكلترا انها عادة النساء ان يضعن اولادهن في دور الحضانه في كل حال فالعاملون هناك يهتمون بالاولاد كل الاهتمام والعناية"
لمعت عينا خوان السوداوين وقال:
"هكذا اذن انت تعتقدين انه بامكانهم التعويض عن حب الام؟"
قالت سيرينا وقد سئمت من هذا الحديث:
"كلا ابدا! ولهذا السبب انا هنا! كنت اشغل وقتي وعقلي كله من اجل صالح ويندي وهذا الوضع كان مزعجا لاني لم اكن اربح المال الكافي ولما ازدادت المصاريف لدار الحضانه اضطررت ان اخرجها من هناك ثم ارغمتني صاحبة الغرفة حيث كنا نسكن على الرحيل لأن صراخ ويندي يزعج الجيران كنت امر بحالة نفسية سيئة عندما شاهدت الاعلان الذي وضعه جدك فلم اتردد في اللجوء اليه..."
توقفت عن الكلام لحظة وشعرت بانزعاج يحتلها وخوان تقلص بدورة وقال في صوت فاتر:
"تابعي كلامك ..كيف كتب الاعلان ؟ هل مازلت تتذكرين الكلمات التي استعملها؟"
كادت سيرينا انتهرب بسرعه لكن نظرته القاتمه اقنعتها وراحت تتلو عليه بشكل الي قائلة:
"وظيفة لفتاه شابة انكليزية شقراء المركز يضع حياتها كلها في ملجاء من الحاجة.."
توقفت لحظة واختنق صوتها ثم اكملت:
"يجب ان تكون كتومه طيعه ووديعه.."
ابتسم خوان كارلوسفتابعت تقول:
"وتقبل طلبات من يتحملن اعباء الاسرة"
انهد قائلا:
"يالهي ! ولم يحذرك احد من مخاطر هذا الاعلان ؟ رميت بنفسك هكذا؟"
اجابت في رصانه:
"لم يعرف احد بخطتي لم يكن لدي اصدقاء بمعنى الكلمةوكنت اعاني وضعا ميؤوسا منه وكنت مستعده ان افعل أي شيء لأبقى مع ويندي"

*لميس*
07-08-2007, 08:29
نهض خوان فجأة وراح يحدق بها ويقول:
"مهما اصر جدي فلقد تزوجت الشيطان!"
فكرتسيرينا بمرارة :"كيف تنكر ذلك ." فتعبير وجهه الشيطاني شلها لكن لسبب غامض حاولت متابعة الحديث وقالت بحزم:
"كلا كلا لكن جدك سخر مني ... صحيح انه لم يكذب علي غير انه اعطاني صورة عنك لاتطابق الحقيقة فحسب قوله لي انك رجل خجول ومعقد.. وتنقصك الثقة بالذات وحسب قولة اتفق معك على ان يجد لك زوجة لو كنت اعرف اني خدعت لما كنت وافقت على اقتراحه!"
وفي صوت مخنوق راح خوان يشتم جده ولم تر الرأفة الحنان في عينيه الباردتين عندما حدقتا بها وقال:
"اذن جئت الى شيلي باعتقادك انك ستلتقين يمامه ! غير انك التقيت بنسر تشبث بك بمخالبة.. لقد خدعنا جدي معا لكننا سنثأر منه وفي الوقت المناسب بما انك على استعداد لتقبل خطتي سأسهر على ان تكوني قد اخذت تعويضك الكامل كما يجب"
ابتعد عنها لكنها احتجت وهي تقول:
"سبق واكرمني دون البيرتو كثيرا ولا ارغب بشيء اخر و.."
قاطعها قائلا:
"لاتعتقدي ان ملابس انيقة ومنزلا تسكنينه يكفيان لأن تكوني امرأة ثرية ! حتى ولو افحمك بالحلى والمجوهرات فهذا بنظري كأنك لاتملكين شيئا!"
بعد قليل من ذهابه توجهت سيرينا الى غرفتها كانت الشمس ماتزال ساطعه لكنها كانت ترتعش بردا لقد عاملها خوان باحتقار حتى اصبحت باردة كالجليد هذا التصرف من قبلة ليس جديدا فمنذ لقائهما الاول وهو لايكف عن مشاكستها لكن هذه المرة بعد هدنه الظهر في بركة السباحة دهشت سيرينا لذلك فالصدمه كانت قوية .
وبينما كانت تخلع بزة السباحة سمعت وقع خطى خلف الباب ليس امام خوان سوى باب غير مقفل ليجتازة لكنه لم يغامر في الدخول الى غرفتها منذ اليوم الاول لزواجهما فكرت بوالدي خوان اللذين لا شك تقاسما هذه الغرفة بالذات فهما ايضا اضطرا للزواج لكن حسب اقول دون البيرتو احبا بعضهما البعض بشغف كبير اغمضت عينيها وهي تفكر ان هذا الجو عليه ان يعبق من جديد بهذا الحب لكن من دون جدوى..
وضعت مئزرا وتمددت على السرير مازال امامها ساعتان قبل موعد العشاء كانت تشعر بتعب لكن الاعصاب والتوتر والاضطراب ستمنعها من النوم.
وراحت تسرح عينيها في المكان الابيض كان اللون الاساسي ثم الذهبي السقف ابيض والستائر الحريرية يدخلها الابيض كذلك البساط المزهر الجدران عارية الامن لوحة صغيرة ومرآة كبيرة همست سيرينا متعبة:"منظر عاطفي.."
ثقل جفناها فانغلقتا وغطت في نوم عميق لم تفق منه الا بعد ساعه وشعرت بالرحه ونهضت تأخذ دوشا واحست بنشاط وانتعاش في كل انحاء كيانها واختارت فستانا احمر فاقع اللون وضيقا ارتدته وشعرت بتحد سيساعدها على السيطرة على خجلها ثم وضعت حمرة فاقعه وعلقت في اذنيها زوجي اقراط عريضين ومصنوعين من الذهب وهزت رأسها لتعتاد ثقلهما
ثم وقفت امام المرآه تنظر الى نفسها عندما دخل خوان الغرفة البساط السميك خنق صوت خطواته لكنها شعرت فجأة بوجوده والتفتت نحوه محى ابتسامته في الحال كادت ان تعاتبه لدخوله المفاجيء وانتهاك حريتها واستقلالها لكنها عدلت عن ذلك فجأة كانت نظرات خوان تتفحصها بدقة : فستانها احمر ضيق يظهر جسمها بتفصيل كبير لكنها تسمرت مكانها عندما صرخ بصوت مشمئز:
"اخلعي هذا الفستان في الحال!"
رفعت رأسها في غرورا وسألته:
"لماذا ؟ انه يليق بي تماما!"
قال في سخريه:
"كما يليق جلد الذئب بالحمل ! فقط النساء القدريات يرتدين مثل هذه الملابس ياعزيزتي ! وانت لست منهن..انت تجهلين كليا معنى الاغراء!"
وبحركه عنيفة انتزع القرطين ورماهما بعيدا ثم امسكها بكتفيها وبطرف يده مسح الحمرة عن شفتيها واهملها تاركا اثارا حمراء في منتصف خدها وامرها قائلا:
"ولان اغسلي وجهك ولاتنسي ان تغير ملابسك انت امرأة غير محتشمه !"
واجهته سيرينا بغضب وقالت:
"لا يحق لك ان تتكلم عن الحشمه! رقصت كابرييلا امامك بوقاحه وانت شجعتها واقنعت الحضور انك تود الزواج منها "
قاطعها بجفاف وغضب:
"لاتدخلي كابرييلا بالموضوع!"
"لكن لديك ضمير.."
"بالطبع عندي ضمير"
وضع يده في جيب سترته الداخلية واخرج منها علبة صغيرة مخملية واضاف قائلا:
"ارفض استغلال الرعاة ومثلهم انت تستحقين الاعتبار هذه ملك والدتي جئت به اليك تعويضا لخدماتك اصر ان اراك تضعينها هذا المساء بالذات"
قتح العلبة واخرج منها عقدا من حجارة الياقوت الازرق لكن الاهانه قطبت وجه سيرينا ورفضت الاستسلام قائلة:
"كلا شكرا هذا لايليق بفستاني"
وفي اللحظة التالية كانت تتأرجح بدوانه غريبة ثم شعرت بسحابة فستانها تنسحب امسك خوان بالقماش الناعم ومزقه على طولة وقال بلهجة قاتمه :
"المشكله لم تعد مطروحة بعد الان وكي تمنعي ذلك من الحدوث في المستقبل ولتحافظي على ملابسك اعرفي ان من عاداتي ان يطيعني الاخرون من دون نقاش"
وبهدوء نظر الى ساعة يده ثم اضاف:
"يبقى امامك عشر دقائق قبل العشاء وهذا يكفي لتغير ملابسك"

××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

نهـــــــــــــــاية الفصل التاسع

*لميس*
07-08-2007, 08:31
10-وادي الجنه
تم العشاء في جو متوتر وسيرينا الشاحبة ذات النظرة الحزينه حافظت على الصمت امام نظرات دون البيرتو القلقة وخوان من جهته لايتزحزح ويناقش من دون توقف بامور شتى محاولا استيعاب انتباه جده.
سيرينا مشدودة الحنجرة كانت تشعر بصعوبة كبيرة في ابتلاع الطعام فقد اهانها خوان مرة اخرى بقسوته الاعتيادية ظل معها في غرفتها بينما تبحث في خزانتها عن فستان ترتديه وفي سرعه اختارت فستان بلون قمحي ليظهر عقد الياقوت الازرق.
وبعد ان نظر دون البيرتو مليا الى سيرينا استدار نحو خوان وقطب حاجبيه وقال:
" اريدك قبل ان تتولى ادارة المزرعه ان تقوم برحلة صغيرة رحلة بمثابة شهر العسل.."
لم يتحمس خوان ولا سيرينا لكن قبل ان يشعر بخيبة امل اضاف قائلا:
"بامكانكما ان تمضيا اسبوعين على الساحل وسيكون ذلك رائعا .. من ناحيتي انوي زيارة بعض الاصدقاء في اسبانيا لكن بعد كودتكما سيرينا اعتقد بانك ستحبين منطقة "فينا ديل مار"

هناك الشاطيء من اروع ما يكون والفنادق فاخرة والكازينو كبير يقصدة السياح من ارجاءالمعمورة"
اتقدت سيرينا ان خوان سيرفض هذا الاقتراح لذلك لم ترد لكن لشدة دهشتها قبل خوان قائلا:
"هذا اقتراح جيد وجذاب فضلا عن ان سيرينا ستكتسب من المكوث قرب شاطيء البحر كل صحة وعافية"
"رحلة شهر العسل تتم للعريس فقط والعروس وستبقى ويندي هنأ"
كانت لهجته قاطعه وكادت سيرينا ان تحتج لكن خوان سبقها قائلا:
"ربما انت على حق اتفقنا سنذهب إذا صباحا الى فينا ديل مار"
شعر دون البيرتو بارتياح وغادر المائدة بعد انتهاء الطعام تاركا الزوجين لوحدهما نوافذ غرفة الطعام كانت مفتوحة غير ان الهواء العليل الذي يدخل المنزل غير كاف لانعاش الجو الرطب والخانق فاقترح خوان في لا مبالاه وضجر:
"ما رأيك لو نخرج للنزهه ؟"
وفي بادئ الامر كانت سيرينا تريد الرفض لكنها اخذت حذرها في الحال من الافضل الخروج على البقاء في مسجونه في الداخل واشارت له بحركة ايجابية من رأسها
"سأجلب لك شيئا تلبسينه في حال شعرت بالبرد"
نهض خوان سعيدا بالتخلص من هذا الجو الثقيل وبعد لحظات ظهر من جديد حاملا شالا طويلا مطرزا وقال وهو يقترب منها:
"هذا يكفي انه من الحرير وخفيف على الجسم"
تقلصت عندما وضعه على كتفيها فلاحظ خوان ردة فعلها وقال في سخرية :
"اطمئني لست انوي تمزيقة وهذا لايعني اني على استعداد لامزق كل ماترتديه..."
"لماذا تصر على ان تكون زوجتك في مظهر محتشم الى حد كهذا؟ انت لست متحفظ وقور في مايتعلق بلباسك الخاص!"
راح يميزها مطولا وقال :
" هناك مثل يقول :"المرأه العفيفة هي امرأه مهجورة" لكن هذا المثل لايمكن ان نطبقة عليك لان ويندي هي الدليل الواضح"
شعرت بالدموع تحرق عينيها فازاحت رأسها بسرعه واجتازت ممر المدخل فكرة واحدة تعزيها فوجود شقيقتها سلاح مخيف ومروع لو كانت تعرف استعمال هذا السلاح بمهارة كافية سيشعر خوان بان غروره على المحك ويتوصل الى عدم تحمل وجود الطفلة ولن يتأخر قبل ان يطردهما معا الى انكلترا.
عبرا الشرفه قبل الدخول الى الحديقة المضيئة بنور القمر كأن الدنيا نهار وراحا يتنزهان بين ازهار الاوكاليبتوس التي تحيط بالمنزل ومن بعيد امكن رؤية البيوت الصغيرة المبنيه على جانبي الطريق والتي تؤوي عمال المزرعه واسرهم.
راح خوان يشرح لسيرينا كيف تتم عملية التوزيع في المزرعه ويقول في لامبالاة اعتيادية :
"عندما احتل المغامرون الاسبان هذه الاراضي وطلب منهم الحفاظ على القبائل الجديدة مكان سكان الهنود واخذ كل فرد حقة من الاراضي باعتبار استحقاقاته ومركزه الاجتماعي هكذا عادت المزارع الصغيرة الى الجنود والكبيرة الى الضباط"
ارتاح قليلا ثم تابع ونظره محدق بالافق:
"وآل فالديفيا الذين كانوا ينتمون الى العائلة الاسبانية القديمة النبيلة حصلوا على هذة المزرعه واداروها حسب التقاليد القديمه لبلاد المنشأ وهذا النظام مستمر حتى يومنا ... الرعاه لايعتبروننا ارباب العمل بل اعضاء نافذين في عائلة ينتمون اليها لانهم يعملون هنا ابا عن جد ونشأت بيننا علاقات حميمه وهم يكنون لنا كل احترام"
تدخلت سيرينا بلهجة قوية قائلة:
"كما يحترم البطاركه في العهود القديمه انت فرح لان عمالك لا يموتون جوعا لكن عليك الاعتراف بان احدا منهم لايمكنه ارغامك ان تعطيه اكثر من حقوقه! اني مقتنعه بانه اذا اراد احدهم مغادرة المزرعه ليعمل في مكان اخر فلن يتمكن من ايجاد عمل.."
انتفض خوان بعنف وقال:
"عمالنا احرار ان ايذهبوا متى رغبوا!"
"مثلي ؟ انت تعرف تمام ان لا احد من المالكين في المنطقة يقبل توظيفهم ربما يجدون في المدينه عملا لكنهم سيجدون صعوبه في الادخار ان آل فالديفيا كانوا ومازالوا الطغاة المستبدين ... وهذا مستمر حتى الان انتم لا تعتبرون الناس كائنات من لحم ودم بل دمى تحركونها كما تشاؤون بطرف الخيط! انتم لاتعتبرون ما يريدونه ويرغبونه فقط تهمكم رغباتكم وحدها لنأخذ مثلا اسبوعي العطلة على شاطئ البحر هل اخذتم برأي ؟ ابدا لكني لا ارغب بالسفر وخاصة معك!"
وبينما كانت تستشيط غضبا ظل خوان متعجرفا كأي ارستقراطي نبيل واعتلت وجهه ابتسامه عابرة وقال:
"الاتعجبك فكرة قضاء بضعة ايام معي ؟ انت بحاجة ماسة الى عطلة ياعزيزتي اعصابك متوترة وفي فينا ديل مار ستجدين الهدوء والاسترخاء لكن بجانب ذلك...ط
فجأة اصبح صوته قاسيا واضاف:
"يجب ان نحرص على ان يظل جدي في مزاج حسن النجاح اصبح من الان فصاعدا في قبضة يدي ... واذا اضطررنا من اجل ان نربح الجولة ان نذهب معا في رحلة شهر عسل فسنفعل ذلك! اذا كانت اقامتك معي في فينا ديل مار تقلقك سابدل الهموم من الان لن تخشي شيئا مني اني اعدك بذلك ساحاول جهدي ان اجعل اقامتك هناك ممتعه للغاية وستتذكرين ذلك وساشكرك على الخدمات التي تؤدينها لي"
وفي الصباح التالي اقلعت بهما الطائرة وكان يقودها خوان بنفسه وكالعصفور صعدت الطائرة في السماء الزرقاء الصافية بعدما استدارت فوق المزرعه وتوجهت نحو الغرب وكان خوان يبدو مرتاحا وهو يقود الطائرة وقربه كانت سيرينا تشعر ببعض القلق عندما بدأت الطائرة بالصعود عاليا ولم تعد ترى الارض كليا
ومهما كانت تفكر بهذا الرجل الغريب فهي تثق به ثقة عمياء كان يرتدي سروالا من الكتان وقميصا ذا قبعه مدورة وفي وجهه ملامح بشوشه ويبدو انه عازم على الافادة من هذه الاستراحة غير المنتظرة قدر الامكانان رافقته سيرينا ام لا.
رمقها بنظرة مواربه فكانت مستقيمة بجلستها متقلصه مكتفة اليدين تعبر عن توترها الداخلي الحذر انحنى خوان فوقها وقال:
"ما رأيك ببعض البهلوانيات؟"
لم تقدر سيرينا ان تمنع عن الارتجاف فهي تشعر انه على استعداد للقيام ببعض النزوات الشيطانيه حسب عادته
تلعثمت وهي تقول:
"لاشكرا"
فجأة ارخى الرافعه وسحب المقبض فشبت الطائرة ومقدمتها موجهه نحو السماء وراحت تصعد عموديا تسمرت سيرينا في مكانها وانقطع نفسها وشعرت بدمها ينبض في اذنيها.
لم تكن قادرة على ان تنبس بصوت ادخل خوان المقبض فاستعادت الطائرة مركزها الطبيعي اطلقت سيرينا زفرة ارتياح لكن لوقت قصير لانها بعد لحظه قصيرة كانت تعيش كابوسا حقيقيا راحت الطائرة تهبط مدومه وتشك بسرعه جهنمية نحو الارض وبدت الكارثة حتمية اغمضت سيرينا عينيها وضغطت على فكيها بانتظار ان تسمع الصدمة وراحت تصلي في داخلها الى ان شعرت ان الطائرة تنتصب من جديد بصورة تدريجية.
فتحت عينيها وكان خوان يبتسم بهدوء فصرخت به غاضبة :
"انت انسان مجنون حقا! كدت تقتلنا!"

*لميس*
07-08-2007, 08:33
قهقه ضاحكا وقال:
"نعم لكن بطريقة جميلة ياعزيزتي ما اجمل ان يختفي الانسان عن الوجود في شعله من النار كأنه يلعب بالموت"
حاولت جهدها استرجاععقلها وقالت:
"اقتل نفسك اذا كان هذا ماترغبه لكن افعل ذلك لوحدك! شخصيا افضل حياة تعيسة على موت رائع"
تمت بقية الرحلة في هدوء تام فقد ظلا صامتين حتى بدأت الطائرة تخفف من سرعتها استعدادا للهبوط وانبسطت تحتهم مدينه "فالباريزو"
قال خوان وهو يشير بذقنه نحو النافذه:
"برأيك لماذا تدعى هذه المدينه "وادي الجنه ؟"
انحنت سيرينا الى الامام ولاحظت ان هذا التكتل الواسع له شكل المنجل والخط المنحرف يحيط المرفأ حيث رأت عدد لايحصى من السفن بالكاد شاهدت الرافعات تفرغ السفن وتملأها اذ انحرف خوان فوق المطار بسرعه وهبطت الطائرة بسلام.
استقلا سيارة تاكسي اقلعت مسرعه على الطرقات الواسعه لمدينه فالباريزو. فلم تتمكن سيرينا من اخذ وقتها في النظر مليا الى هذه المدينه الجميلة وهضباتها المنفتحه على خليج واسع .
اخبرها خوان بالتفصيل ليعوض عليها مافات وقال:
"في المدينه مستويان لاحياء السكنيه تقع في المدينه العليا ومنطقة الاعمال تقع في المدينه السفلى قرب المرفأ والقطارات السلكية تصل المدينتين"
وبعد ربع ساعه وصلت بهما السيارة الى فينا ديل مار وللحال انسحرت سيرينا بطابعها الغريب الشاطئ الرملي الناعم يمتد على مد النظر صفوف من المظلات ذات الالوان الغامقه تنتشر قرب الحجرات الخاصة بالستحمين ومن جهه البحر المساكن الواسعه الفاخرة التي تعود الى بداية القرن بجانبها الفيللات الحديثة . وعربات الخيل تنتقل ذهابا وايابا بخطى الخيول الهادئة اشجار الخيل والصنوبر تحد الطرقات العريضة والمبلطه وفي كل مكان الازهار على انواعها بوفرة مدهشة.
استغربت سيرينا وقالت:
"يالوفرة الازهار ! وهذه العطور.."
قال خوان مبتسما:
"كل موطن يملك المساحه اللازمه علية بطريقة او باخرى ان يزرع فيها ازهارا وهناك قانون بلدي بهذا الصدد"
مد ذراعه وفتح باب سيارة التاكسي التي توقفت امام فندق كبير فخم
وكأنها في حلم تبعته الى مدخل الفندق ودخلا في المصعد الى الطابق الاخير فقادهما الموظف الى الجناح المخصص لهما خلال مدة اقامتها الديكور كان فاخرا وانيقا النوافذ الكبيرة تطل على المحيط الهادي الازرق في الامواج المزبده
قال لها خوان وهو يقترب منها وهي تتأمل المنظر مسحورة :
"هل يعجبك المنظر ؟"
"انه رائع يقطع الانفاس بجماله!"
التفتت نحوه متألقة وظهرت في عينيها الزرقاوين زرقة المحيط الغامقة.
بدا خوان مندهشا: هذه الصرخه النابعه من اعماق القلب اسكتته كان ينتظر ان يراها كالعاده متحفظة وعدائية ولم يعد يعرف كيف ستكون ردة فعلة حدق بها مدة طويلة فاحمرت وجنتا سيرينا واختفت الابتسامه البراقة وتيقظت. خالجه شعور انبأها الا تثق بخوان ونزواته وانفعالاته العنيفة وغير المتوقعه.
ابتعدت بعصبيه عندما اعلن بصوت لا مبال:
"اقترح عليك شيئا انسي اني رجل ومن جهتي ساعتبرك نوعا من رفيقة سئمت حرب الجنس لنضع اسلحتنا ولنعتبر هذه العطلة هدنه ما رأيك؟"
كيف با مكانها ان تنسى مثل هذا الشيء!انه يطلب منها المستحيل! غير انها هزت رأسها ايجابا فاجابها بابتسامه عريضة قائلا:
"عظيم ! مارأيك لو نغتسل ونوضب اشياءنا ؟ وبعدها نذهب للنزهة في المدينه "
الحمام يقع بين الغرفتين دعا خوان زوجته ان تدخلة اولا وبعد دقائق من خروجها من الحمام راحت ترتدي فستانا من القطن الابيض وتسمع الماء ينهمر في الدخل وصوت خوان يرنم اغنيه معروف
سرحت سيرينا شعرها ورفعته كذنب الحصان وفجأة شعرت بيديها ترتجفان ماذا يجري في داخلها؟ اثارة؟ خوف ؟ لكنها اقتنعت اخيرا ان مجرد قضاء 15 يوما في هذا المكان الاسطوري ايقظت في داخلها انفعالات غريبه من نوعها لكن عليها ان تظل حذرة فلا يجب ان تنسى ذلك.
طرق خوان الباب ثم بدخل الى غرفة سيرينا كان يرتدي سروالا اسود وقميصا سوداء كان وسيما كشيطان فر من الجحيم !
" هل انت مستعده؟"
مد لها يده وراح يفصلها من رأسها حتى اخمص قدميها وكان الاكتفاء باديا على وجهه اعطته سيرينا يدها ولاول مرة منذ شهور عدة تشعر بالسعادة
ولمدة ساعه تقريبا راحا يتنزهان امام واجهه البحر كان الجو مرحا . السباحون يتداعبون مع الامواج اكلا بعض فاكهة البحر الطازجة ليخففا من حدة الجوع ثم جلسا على السد ينظران حلمين الى البواخر الراسية ومن وقت الى اخر كانا يزغردان ضاحكين عندما يشاهدان النوارس وهي تشك بطريقة بهلوانيه باحثة عن بقايا الطعام ثم تأبطا ذراع بعضهما البعض وعادا الى الفندق امام نظرات المتسكعين الذين اعتبروهما عاشقين
كان الطقس شديد الحرارة ولما دخلت سيرينا الصالون الصغير في جناحهما بدأ العرق يتصبب من كل انحاء جسمها كانت متعبة وفي الوقت نفسة فرحه وبينما كان خوان يحضر الشراب المنعش شعرت برغبة في ان تشكرة.
قالت وهي تجلس باسترخاء على المقعد المريح:
"كان نهارا رائعا! افضل ان تكون رفيقي بدلا من ان تكون زوجي"
من دون انفعال او تأثر قدم خوان لها كأسا قبل ان يفرغ كأسه. وبينما كانت تراقب جوزة العنق عنده تصعد وتنزل في رقبته السمراء تساءلت سيرينا اذا كان خوان قد غير رايه فقط من اجل تهدئة تنبهها وتيقظها ويوهمها بشعور الامان الخادع انه رجل مزاج ناري ولا شك انه لم ير كابرييلا منذ وقت طويل..
ابتسم لها بصراحه وقال:
"الصداقة ياعزيزتي هي مثل الثمرة انها بحاجة للنضج لكن الصداقة التي تجمعنا مازالت خضراء عجرة وبحاجة الى وقت طويل لتنضج"
اعادت له سيرينا الابتسام بابتسامه صريحة وامسكت اليد التي مدها اليها فقال وهو يلاحظ السماء التي عمها الظلام بسرعه :
"حان الوقت كي تهيئي نفسك للعشاء من الافضل ان نتناول الطعام باكرا ياصديقتي وهكذا سنتمكن من الافادة قدر الامكان بمتع "وادي الجنه"

×××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

نهــــــــــــــــــــــــــاية الفصل العاشر

*لميس*
07-08-2007, 08:35
11- اخر الرقص عناق
لم تعرف سيرينا مالذي كانت تأكله من اطعمه وضعت على المائدة هي وخوان كانا منغمسين في الحديث لدرجة انهما لم يعيا نظرات المعجبين من جميع انحاء المطعم
سالها خوان:
"حدثيني عن طفولتك هل كنت سعيدة ؟"
لمعان انار عينيها الشفافتين وراحت تقص علية بعضا من سيرة حياتها :
"والداي كانا زوجين رائعين ومثاليين دلعاني كثيرا ولم يكن لديهما غيري الا ان"
توقفت فجأة واحمرت وجنتاها قطب خوان حاجبية وسألها محتارا:
"نعم؟ الا ان.."
تلعثمت وقالت:
"الا انهما .. توفيا"
"هل ماتا معا مثل والدي ؟"
" ليس تماما لكني خسرتهما في مدة سته اشهر"
"ربما ما كان يجب علي ان اطرح عليك هذه الاسئلة انه موضوع مؤلم .. احيانا افكر انك لم تكوني باستمرار الفتاه الباردة المتحفظة اسف اني لم التق بك قبل المحن والمتاعب التي اثرت بك كثيرا"
صمت قليلا ثم اضاف:
"ما كانت اراء والدتك تجاه والد ويندي فالامهات احيانا متحيزات ووالدتك الم تر فيه ذلك الرجل المتطفل الدخيل؟"
احمر وجه سيريناوقالت :
"كانت تحبة حتى العبادة"
استغرب قائلا:
"آه ! وحسب رأيك ماذا كانت وجهة نظرها لو عرفتني؟"
هذا السؤال طرحته على نفسها مرارا من دون ان تجد الجواب المناسب لا شك انه كان اوحى اليها بفضول والخشية في ان واحد لكانت اعطت حكما قاسيا على عائلة فالديفيا المتعجرفة ذات التصرف المستبد لكنها كانت لاشك اعترفت بأنهما يشكلان اسرة غير اعتيادية.
كان خوان فارغ الصبر امام سكوت سيرينا التي تنفست بعمق قبل ان تعلن قائلة :
"كانت والدتي امرأة شديدة الحساسية كمعظم الامهات وخاصة امام الجمال الشكلي والجاذبية وسحر الحديث وختى الاطراء لكن.."
"نعم تابعي كلامك"
قالت بعصبية:
"لاشك انها لم تكن ستعجب بتصرفاتك تجاه كابرييللا بالاضافة الى انه لايمكنها اعتبار السعادة كنتيجة للغنى والمال"
"اذن لكانت فضلت رجلا فقيرا مثل والد ويندي اهذا ما تريدين قولة؟"
وفي لحظة البرق استعادت وجه والدها في مخيلتها وبحنان اجابت:
"مرة سمعت والدتي تقول انه يملك الثروة الحقيقية الوحيدة وهي ثروة القلب."
نهض خوان فجأة على وشك الاستسلام للغضب العنيف
ثم قال :
"انا لا استغرب ان تكوني خائبة الامل! واعتقد ان لولدتك قسطا كبيرا من المسؤولية في هذه القضية واعتقد انهااساءت الحكم الاشخاص العاطفيون يخدعون بسهولة فحساسيتهم المرهفة تجعلهم عميان امام الحقيقة!"
لم يتسن لسيرينا الوقت للاحتجاج فامسك خوان بذراعها ودعاها لاجتياز غرفة الطعام والممر الى الخارج فسألته ونفسها متقطع:
"الى اين تصطحبني؟"
اشار الى سيارة تاكسي فتوقفت قرب الرصيف فدفعها الى المقعد الخلفي ودخل قربها وقال للسائق:
"الى الكازينو من فضلك"
ثم التفت الي سيرينا واضاف بسخرية:
"برمز الثروات المزيفة"
وبرغم ان الوقت كان باكرا كان الكازينو يعج بالناس من جميع الجنسيات النساء الانيقات كن يضعن المجوهرات والحلى وحول الطاولات تزاحم اللاعبون في السقف تدلت ثريات الكريستال التي تنير الغرفة بنور براق بالنسبة الي سيرينا كان هذا الجو خرافيا وساحرا اخذ خوان مكانه امام الطاولة قرب اللاعبين بينما سيرينا اقتربت من الروليت ووجدت مكانا فارغا فجلست فيه فارتعشت عندما انحنى خوان قائلا :
"اختاري رقما وضعي احجارك او بعضا منها علية كما تشائين"
وضعت كل حجارتها على رقم 9 فأديرت الاقراص ثم توقفت امام الرقم 9 وهتف مدير الطاولة :
"احمر تسعه!"
صرخت سيرينا مستغربة:
"رحت ياخوان ربحت"
"تابعي اللعب"
"لا افضل ان اتوقف الان هل رحت ثروة كبيرة ؟"
"مايعادل الفي جنيه السترليني"
"يا الهي كل هذا! لم يسبق ان امتلكت اكثر من مئة جنية"
"صحيح ؟مادام الامر هكذا لا اريد ان يتهجم وجهك المتألق دعينا نحتفل بالامر"
صرف خوان الحجارة واستعاد المال بقيمته واقترب من سيرينا قائلا:
"سأحتفظ بالمال معي"
في هذه اللحظة بالذات عرفت سيرينا معنى هذه الثروة الصغيرة. بامكانها ان تستعيد حريتها العزيزة على قلبها بامكانها ان تشتري بطاقة سفر الى انكلترا وبطاقة لويندي. ان تستأجر لها غرفة وتعيش كيما تجد تجد لها وظيفة محترمه قالت لاهثة:
"كلا افضل ان تعطيني المال حقيبتي الصغيرة بامكانها ان تسع كل هذه الاموال "
اعطاها المال قائلا:
"كما تريدين"
ولما خرجا من الكازينو استقلا سيارة التاكسي وتوجها الى ناد ليلي حيث اختار خوان انهاء السهرة لم يكن المكان بيعدا ولم يستغرق الا دقائق قليلة...
كان شبة ظلام ناعم يعم المكان والديكور يذكر بحجرة صياد .الشباك الواسعه معلقة على الجدران والسقف وبعض الاصداف البحرية. وحول حلبة الرقص حيث يعزف الموسيقيون الالحان الخلابة وضعت الطاولات والكراسي من القش.
جلست سيرينا وراحت تنظر الى الازواج الذين يرقصون على نغم الموسيقى بينما راح خوان يطلب الشراب .بعد قليل جاء الخادم يحمل صينيه عليها المشروب وقطع الثلج وبعض المقبلات.
قال خوان ساخرا :
"يبدوا انك تفكرين افكارا غامضة يا عزيزتي الا تعدين خطة جهنميه للتخلص مني؟"
فوجئت وراحت ترتجف وتقول:
"لا ابدا"
بطريقة ما كان خوان يقرأ ما يدور في خلدها عليها اذن ان تضلله والا تبخرت آمالها سدى قررت ان تغير الخطة فربما نجحت؟
فاشتبك نظرها بنظره الحاد وهمست قائلة:
"هل تدعوني الى الرقص"
بريق التقاء قصير ظهر في العينين السوداوين

*لميس*
07-08-2007, 08:37
فأجاب خوان بطريقته الرجوليه:
"طبعا بكل سرور!"
وبينما كانت بين ذراعيه ادركت انه لم يسبق ان وجدت في حلبة الرقص برفقة رجل في مقامه.
كان خوان يضمها اليه بقوة فاحمرت وجنتا سيرينا وهمس في اذنيها:
"اهدأي وعدتني ان تحاولي جهدك كي تنسي زوجك الاولهل مازلت تتذكرين؟"
استرخت وتذكرت ان عليها ان تكون محببة ومتساهلة راضية اذا ما ارادت الوصول الى تحقيق هدفها بعدئذ وجدت متعة في الرقص مع الاخرين برفقة خوان الراقص البارع واخيرا عندما اعادها الى الطاولة كان وجهه يشع سعادة
اخذ يدها وقال:
"لأول مرة هذا المساء ارى فيك امرأة جميلة وليس زوجة ارغمت على الزواج منها مازال وجهك يحتفظ بطفولته برغم المحن التي اعترضت حياتك.. والان افهم سبب تصرف جدي تجاهك يريد ان يحميك عيناك الكيرتان البريئتان تعكسان براءة لاشك فيها لكن حواء الطاهرة والساذجة في جنة عدن توصلت الى اغراء آدم الجبار برغم كونه الاقوى"
احتجت سيرينا قائلة :
"لا انوي بتاتا تقليد حواء!"
شعرت بالاحمرار يعلو وجهها اليس هدفها الوحيد ان تنسيه هذه الثروة التي تملأ حقيبة يدها ... هذا المبلغ الذي يمكنها بواسطته ان تتدبر امرها؟
قال خوان بصوت هادئ:
"انا اصدقك ياعزيزتي"
امضيا بقية السهرة في الرقص والكلام من جديد وبعد مضي وقت عبر خوان عن لطفه الزائد ولما قررا العودة الى الفندق بدأت سيرينا تخشى على مقدرتها في مراقبة خطتها كما ان خوان بحاجة الى جهد كبير ليفي بوعده ومعاملتها كصديقة فحسب لذلك كانت قلقة للغاية.
سيارة التاكسي التي اعادتهما الى الفندق كانت تجتاز الطرقات المهجورة بسرعه وسيرينا الجالسة بارتخاء في المقعد الخلفي تركت رأسها يرتاح على كتف خوان الذي كان يمسك بخصرها لم يتبادلا الكلام طيلة الطريق وبالرغم من المظاهر كان الجو متوترا كل واحد يشعر ان هذه الانفعالات والعواطف التي يحاولان كبتها ستنتهي بالتحرر وماذا ستكون العواقب؟
وما ان دخلا الى جناحهما حتى همست سيرينا واحتلها الخوف :
"الساعة متأخرة ارجو ان تعذرني سأذهب الى فراشي في الحال"
"لا ليس في الحال سنأخذ كأسا اخيرة"
"لا اريد ان اشرب شيئا بعد الان دعني ارجوك"
جذبها نحوه بعنف وقال:
"لايمكنك ان تنسحبي الى غرفتك الان !لنبقى معا حبيبتي ستكون هذه الليلة ليلة شهر العسل وستكون ليلة رائعه لم يفرضها علينا احد ولا حتى جدي.."
وبينما ارادت ان تحتج راح يعانقها بعنف لكن سيرينا أشمأزت منه وراحت تتخبط كحيوان جريح لكن جهودها باءت بالفشل .
"تعالي ياحبيبتي استسلمي لي وسأنتزع الشبح الذي يهدد ذاكرتك سأبعد ذكرى هذا الرجل الذي لم يعرف ان يفعمك حبا لاتخافي من الشر يازوجتي الجميلة!"
توصلت في الاخير الى دفعه عنها بضعة خطوات الى الوراء ترتجف في كل انحاء جسمها وراحت تقول في سخرية مرة:
"الم تنسى وعدك ياسنيور؟"
"شيء مالم اعد اسيطر علية بعد ان قدمت لي سحرك واغريتني في المكان الراقص بدأت تلعبين العذراء المهانه .. الم تتعلمي من مغامراتك السابقة؟ عليك ان تعرفي ان الانسان لا يبدأ بعمل ما اذا كان يريد الوصول الى نهايته!"
" لم ارتكب أي خطيئة ياسنيور لكن تعلمت درسا كبيرا اذا صدف واحببت انسانا من جديد يجب علي قبل كل شيء ان اعرف الثمن الذي سأدفعه"
حدق بها لحظه وقال:
"كنت مجنونا لأني نسيت انك في كل الظروف ستظلين محافظه على موقف ثابت"
×××××××××××××××××××××××××

نهــــــــــــــاية الفصل الحادي عشر

*لميس*
07-08-2007, 08:40
12- الهرب نحو العودة
في صباح اليوم التالي تناولا فطور الصباح معا وشعرت سيرينا بارتياح لأن خوان لم ينوه بالحوار الذي جرى بينهما امس غير انه كان متحفظا ومختصرا وما ان انهيا الطعام حتى قال خوان بلهجة باردة:
"انا خارج وسأعود في المساء وانني اكيد بأنك ستملأين وقتك لهوا واستراحه اليس كذلك؟"
هزت رأسها فتوجه نحو الباب وفجأة شعرت بالخجل الم تشجعهعلى المغامرة ؟ غير ان هدفها مازال هو نفسه وهو ان تعود الى انكلترا.
ارتدت سيرينا ملابسها بسرعه ثم توجهت الى مكتب الاستقبال وطلبت من الموظف هناك عنوان وكالة سفريات واسرعت الى العنوان يبدوا ان خوان نسي كليا المبلغ الذي بحوزتها ربما لم يدرك انها بهذا المبلغ يمكن ان تتخلص من سلطته.
بقي حاجز اساسي وهو وجود ويندي في المزرعه لكنها فضلت عدم التفكير بهذا الامر ووضعته جانبا لأنها تريد التاكيد بأنها تملك المال الكافي ثمن بطاقتي طائرة باتجاه انجلترا
خرجت من وكالة السفريات مبتهجة الوجه وتحمل البطاقتين وبقي معها حسب تعليمات الموظف مايعادل 1500 جنيه استرليني.
ثم راحت تمشي في الطريق بحثا عن مكان هاديء فذهنها متوتر وهي تريد الهدوء لتنظيم الافكار داخل رأسها اخيرا وجدت مكانا يطل على المحيط.
راحت تستعرض موضوع ويندي ولم تجد الحل المنشود فكرت ان تبرق لدون البيرتو وتقدم له حجة ما كي يرسل اليها ويندي الى فينا ديل مار ماديا هذا معقول جدا فآل فالديفيا لديهم طيارتان تحت تصرفهم
قالت لنفسها بصوت مرتفع:
"ولنفرض اني اقنعت دون البيرتو بارسال ويندي لكن هل سأوقظ بالوقت نفسه الشكوك عند خوان؟"
ولما حان وقت الغداء تعبت سيرينا من التحليل وقررت العودة الى الفندق وبينما كانت تمر بقرب مكتب الاستقبال نادها الموظفقائلا:
"لحظة ياسنيورا! برقية لك وللسينيور..."
لم تعير انتباها لاهمية البرقية بل تناولتها منه بلا مبالاة وبينما كانت في المصعد القت نظره سريعه الى محتواها وفكرت انها مرسلة اليه من المزرعه
فتحت البرقية بسرعه وشعرت بصدمه: امنيتها العزيزة ستتحقق .اعادت قراءة بعض الجمل التي كانت تقول:
"ويندي لم تتوقف عن البكاء بغيابكما سنرسلها اليكما ستصل الطائرة الى فالباريز في تمام الساعه الثانية بعد الظهر"
نظرت الى ساعه يدها الموعد يقترب وبلا تردد أوقفت المصعد ثم هبطت فيه بعد ان كبست على زر الطابق الارضي وخرجت الى الطريق باحثة عن سيارة تاكسي لكن لسوء حظها كانت سيارات التاكسي كلها مليئة بالركاب
استعادت سيينا تعقلها وراحت تحلل الوضع انها بحاجة الى ربع ساعه كي تصل الي المطار لذا لديها الوقت الكافي لتحضير حقيبتها وهكذا لن تكون بحاجة للعودة الى الفندق بعد لقاء ويندي وحتى تصل ويندي تستقل تاكسي الى مطار سانتياغو الدولي وهناك تنتظر موعد طائرتها الى انكلترا..
عادت الى الفندق وفي اقل من 20 دقيقة جمعت ماتحتاج اليه وحملت حقيبتها بيدها ودخلت المصعد من جديد وبهدوء كبير اجتازت الممر وخرجت ..هذه المرة الحظ كان معها ووجدت سيارة تاكسي من دون أي انتظار
قالت للسائق ا:
"الى المطار اسرع من فضلك"
وبعد ربع ساعه وصلت الى المطار دفعت للسائق وتوجهت الى الشرفة المطلة على المدرج حيث بامكانها ان ترى طائرة فالديفيا وبدأ الانتظار الذي بدا لها بلا نهاية بعصبية كانت تسترق النظر الى ساعه يدها بشكل متقطع.
فكرت بخوان الذي لن يعرف اين تكون غير ان القلق بدأ يحتلها اذ كانت تخشى ان يظهر هذا الرجل الشيطان في أي لحظة
من بعيد هبطت طائرة فالديفيا فاسرعت الى المدرج نزلت بيللا من الطائرة حاملة ويندي بين ذراعيها شكرتها سيرينا لاهتمامها بويندي فأكدت لها بيللا قائلة:
"لاشيء ياسنيورا! الطفلة بكت كثيرا في غيابك ولا احد تمكن من مؤانستها حتى الكونت نفسه وهو الذي قرر نهائيا ان يرسلها اليك"
حملت سيرينا ويندي بين ذراعيها وقالت متعبة:
"حبيبتي الصغيرة المسكينه!"
فجأة لمعت عينا الطفلة المبللتيان وارتسمت ابتسامه على وجهها
كأن شعاع شمس يخترق الغيوم ضمتها سيرينا الى صدرها وراحت تداعب خصلات شعرها الشقراء ثم همست تقول :
"لن اتركك ابدا بعد الان اعدك بذلك من الان صاعدا سنبقى معا دائما!"
لوح الطيار بيدرو باشارة من يده الى سيرينا فردت عليه بالابتسام ثم لاحظت انه لم يغادر الطائرة فسألت:
"ماهي التعليمات يابيللا؟"
"انا تحت تصرفك سينيورا اذا كنت بحاجة الي سأبقى والا سأعود الى المزرعه"
"اشكرك لكن بامكانك العودة "
غياب خوان اقلقالخادمة ظاهريا لكنها لن تجروء على طرح السؤال فصعدت الى الطائرة وادار بيدرو المحرك وبعد قليل راحت الطائرة تسرسع وانتظرت سيرينا اقلاعها قبل ان تعود الى المطار
فجأة شعرت بقدميها تخوران
عليها ان تحمل ويندي والحقيبة وتتوجه الى محطة سيارات التاكسي
جاء السائق ليساعدها فتلعثمت وهي تقول:
"الى مطار سانتياغو"
وبينما كان يضع الحقيبة في الصندوق جلست سيرينا في المقعد الخلفي وضمت ويندي الى صدرها بشدة كانت فارغة الصبر لكن السائق لم يكن مسرعا في الاقلاع لسؤ حظها وقعت على سائق بطيء ! واقلع اخيرا استرخت سيرينا واختفت التجاعيد من جبينها وقالت وهي تضم اختها:
"بعد قليل ياويندي نصبح بعيدين عن آل فالديفيا وليس بوسع احدهم ان يطالنا"
بعد ان غادر الساحل دخلالسائق الى قلب الاراضي شعرت سيرينا باستقرار داخلي واطلقت العنان لمخيلتها بعد قليل ستتمتع بالحرية المنشودة ... حتى ولو اضطرت للبقاء حتى نهار غد قبل ان تستقل ططائرتها لكنها ستصل انكلترا بعد اقل من 24 ساعه ! ومتى وصلت بلدها ستعمل جاهدة لابطال زواجها دليل عدم اتمامه وهكذا تكون قد دمرت السلسلة وبامكانها ان تحلم كما تشاء بالرجل المثالي الذي تأمل ان تلقاه يوما من الايام..
ومرة اخرى راحت تتخيل رجل احلامها لم تتمكن من تخيل مظهرة الخارجي فملامح وجهه غامضة كأنها غارقة في ضباب كثيف ذا طابع قاسي وارادة لاتتزعزع
وبلحظة البرق راحت صورة خوان تتراقص امام عينيها لكنه كان مختلفا كليا عن رجل احلامها عند خوان السخرية والعجرفة والانانية تتغلب على مزايا القلب ومثل آل فالديفيا فالحنان عديم الوجود
بعد ساعتين وجدت نفسها في بهو مطار سانتياغو سجلت حقائبها والبطاقات بيدها فلم يبقى لها الا الانتظار حسب تعليمات موظف مكتب الاستعلامات الرحلة المقبلة الى لندن ستعلن عما قريب
وبما ان ويندي بدأت تشعر منذ برهة بانزعاج راح يقوى مع مرور الوقت تنبهت سيرينا في خجل ان شقيقتها جائعه اما هي فلم تكن تشعر بالجوع بتاتا...
قالت لها وهي تلامس خصلات شعر ويندي الشقراء :
"لو تعرفين كم احسدك بالنسبة اليك الحياة سهلة تعالي سآخذك الى المطعم"
ولءلا تلفت الانتباه اختارت سيرينا مكانا في زاوية المطعم وبعدما طلبت احضار البيض المقلي راحت تنتظر عودة الخادم بفارغ الصبر ومن حسن حظها كان بامكانها الاختباء وراء ستار من اشجار النخيل المزروعه في انية فخارية اخيرا وصل الطعام لكن سيرينا لم تتذوقة بسبب شدة توترها كانت يداها ترتجفان واهتمت باطعام ويندي فوجئت سيرينا عندما اعلن المذيع داعيا ركاب لندن للتوجه الى قاعه الاقلاع
"يالهي !حان الوقت للذهاب"
اخذت ويندي بين ذراعيها وخرجت بسرعه من المطعم واخذت طريق الركاب الذين شكلوا صفا طويلا بعد ساعات وتصل الى انكلترا الهادئة التي ماكان يجب ان تغادرها
قدمت البطاقتين للمضيفة المبتسمة وكانت على وشك اختراق الحاجز عندما شعرت بيد قوية تمسك بكتفها وسمعت صوت خوان وراءها يقول للموظفة:
"زوجتي غيرت رأيها لن تأخذ هذه الطائرة"
ذعرت سيرينا وشاهدت رحيل المسافرين المفاجأة اخرستها فقال خوان بعد قليل في وجه متهجم:
"لم اكن اعتبرك امرأة ذات شأن كبير لم اكن اعرف انك ستحاولين خداعي بهذه الطريقة لقد تصرفت تصرفا شنيعا!"
التفتت سيرينا اليه وقالت:
"لماذا لم تدعني ارحل؟"
"هذا لايغير الامر لو لم الحق بك في الوقت المناسب لقلبت الدنيا حتى اجدك في انكلترا نفسها!"
كانت مضطربة لدرجة انها لم تلاحظ شحوب وجهه والنار في عينيه
... وعادوا الى فالباريزو ولما وصلوا الى الفندق في فينا ديل مار كانت ويندي نائمه في احضان سيرينا فطلب خوان من مكتب الاستقبال ان يضعوا سريرا صغيرا في غرفة سيرينا ووضعا الطفلة فيه
ثم امسك خوان بمعصم سيرينا بشدة مرغما اياها ان تنظر اليه ثم قال:
"إذن ! اعتقد ان عليك ان تشرحي لي سبب تصرفك القبيح هذا.."
دفعها الى الصالون واجلسها بقوة على المقعد وقال:
"تستحقين العقاب !كيف تجرأت انت زوجتي انت تقومي بهذا العمل؟ ماذا سأشرح لاصدقائي في المزرعه ؟هل اقول لهمانك هجرتني من السأم ؟"
"لست بزوجتك!"
بحركة من رأسها ابعدت شعرها الى الوراء واضافت:
"وانا اسخر بما يفكر به اصدقاؤك ياسنيور!"

*لميس*
07-08-2007, 08:44
امسكها بكتفيها ورفعهاعن المقعد من جديد وقال بلهجة تهديد:
"لقد كفح بي الكيل يازوجتي الجميلة ارى اني كنت متسامحا معك.. اعطيتك الوقت الكافي كي تنسي والد ويندي لكنك لم تقدري موقفي.."
لما تركها انتصبت واقفة وقالت وهي ترتجف كليا:
"ماذا يعني ذلك؟ أي عذاب ستكبدني؟"
"لاشيء سنتناول العشاء هنا في الصالون انت وانا ثم نقضي السهرة معا كي نتعرف على بعضنا البعض بالتفصيل ! لذا اطلب منك ان تذهبي الى غرفتك وتغتسلي وتغيري ملابسك بامكانك ان مثلا ان ترتدي الفستان القمحي وتضعي عقد الياقوت حتى اتذكر ان مالآخذه سبق ودفعت ثمنه!"
ادار خوان ظهرة وانسحب الى غرفته وظلت سيرينا مكانها مدة طويلة من دون حراك بعد الان لاشي يمنع زوجها من التأر منها قاتمه الوجه توجهت الى الحمام وراحت تحضر نفسها كما طلب منها وبعد قليل لما وافاها الى غرفتها لاحظت سيرينا ان مزاجه لم يتغير .وللمناسبة كان يرتدي ستره بيضاء ذات اناقة رفيعه تظهر كتفيه العريضتين
قال في قسوة :
"هل انت حاضرة؟"
اجابت كأنها ذاهبه الى حبل المشنقه:
"نعم"
الطعام بدا لها اليآ وراحت ترغم نفسها للتحدث عن اشياء سخيفة مع خوان وبعدما تناولا القهوة راحت سيرينا ترتجف في كل انحاء جسمها مثل عصفور سجين سألها خوان وهو يلمس كتفيها العاري:
"هل تشعرين بالبرد؟"
"كلا"
"اذن هذا سيسهل علي مهمتي "
جذبها نحوه وراح يعانقها بقوة رهيبة كأنه يريد اهانتها لم تستسلم سيرينا له لكن خوان تصرف بحنان فجأة مما غير ردة فعلها وراحت تعانقة وتهمس الكلمات الحنونه في اذنه بهض وحملها بين ذراعيه حتى غرفته ثم اغلق الباب برجلة ومن دون تردد وضعت يديها حول عنقه وهو راح يضمها بشغف اليه وكما وعدها فتح لها ابواب الجنه.
بعد ساعات استيقظت سيرينا وبهدوء توجهت الى سريرها حيث ظلت ممددة تحدق بسقف الغرفة حتى الفجر.
×××××××××××××××××××××××××××××××××


نهـــــــــــــــاية الفصل الثاني عشر

*لميس*
07-08-2007, 08:47
أخليكم الحين مع الفصول الأربعه... قراءه ممتعه


وبعد شوي أكمل ....




سي يو

*لميس*
07-08-2007, 18:38
13- رحلة الجد
في اليوم التالي افاقت ويندي باكرا وشعرت سييرنا بارتياح لكونها ستنصرف الى القيام بمهمات غير اعتيادية فكان عقلها وذهنها منصبين على الطفلة لذلك لم تفكر بشيء اخر وبعدما غسلت شقيقتها واطعمتها نزلت الى بهو الفندق ثم خرجت بها الى نزهة في الحديقة المحيطة بالفندق الازهار المرطبة بالندى تملأ المكان ويفوح اريجها حتى القلوب لم يكن هناك وجود لاحد وراحت سيرينا تفكر بهدوء في احداث مساء امس
لكنها كانت تشعر بانزعاج يحتلها كلما فكرت بأنها ستلتقي بعد قليل بخوان الاكتفاء الذي ستراه على وجهه سيملأها خجلا...
قبل ان تفيق ويندي اخذت سيرينا دوشا بادرا علها تطفي النار المشتعلة بداخلها وكلما فكرت بالدفء والنشاط والاضطرام التي احست بها عندما استسلمت لمداعبته الشغوفه يراودها ندم كبير كانت ترغب في الهرب بعيدا ورمي نفسها في المحيط لتغتسل من كل هذه الاهانات...
لكن هناك ويندي ...من اجلها على سيرينا ان تواجه الحقيقة اين خوان في هذا الوقت ربما كان خوان في صالون جناحهما ينتظرها كي يتناول فطور الصباح بدأت تسمع الاصوات من مطابخ الفندق وبخطى بطيئة دخلت الى بهو الفندق وصعدت الى جناحهما وما ان كادت تدفع باب الصالون حتى انفتح الباب بعنف وظهر من ورائه خوان بعصبية حرك يده في شعره وقال بلهجة قاطعه:
"اين كنت اذن؟"
"كنت.. اخذت الطفلة في نزهة قصيرة .. في حديقة الفندق"
لم تجرؤ على التحديق بوجهه لئلا يشتبك نظرها بنظره ولم تجرؤ حتى على التحديق بازرار قميصة
"سنعود الى المزرعه حالا بعد الفطور من فضلك كوني جاهزة باسرع مايمكن"
قالت وهي تدخل الصالون:
"اتفقنا"
كانت تريد التوجه الى غرفتها لولا ويندي التي راحت تزقزق كالعصفور وتضرب بيديها تطلب الذهاب عند خوان ابتسم لها خوان واقترب منها وقال:
"صباح الخير ياطفلتي الجميلة!يسرني ان ارى في العائلة من لا يعاملني باحتقار الايمكنك ان تقنعي امك ان تتصرف مثلك..."
لم تقدر سيرينا ان تمتنع عن الارتجاف داخليا لقد شدد خوان على كلمة "امك" من المستحيل ان يكون قد عرف الحقيقة!
تناولا الفطور في جو متوتر وفي نهايته دفع خوان صحنه جانبا وراح يشرح لسيرينا مايتوقعه منها:
"متى نعود الى المزرعه ستحاولين جهدك ان تخفي الكراهية العميقة التي تشعرين بها تجاهي في المساء تكلمت مع جدي في اللاسلكي واكد لي سفرة الى اسبانيا كما كان هذا متوقعا حصوله بعد عودتنا وبعد ان يغادر المزرعه بامكانك ان تتصرفي بتحفظ وبرود كما تشائين .. لكن قبل ذلك عليك ان تبدي بشوشه لقد افهمني بوضوح انه ينوي ان يراني ادير المزرعه وحاليا رجال القانون يضعون صيغه قانونيه كي يصبح الارث رسميا وحالما تصبح المزرعه بتصرفي وحسب الصفقه التي عقدناها لن يعود هناك سبب لوجودك..."
توقف لحظه ثم تابع يقول:
"وبطبيعه الحال لايمكنك ان تستعيدي حريتك في الحال لا يجب ان نخيب ظن جدي في الايام الاخيرة من حياتهولا يجب ان ندعه يعرف اننا خدعناه"
همست سيرينا بصوت مخنوق بعد ان سمعت مايقوله محنيه الرأس:
"هل هذا أمر ياسنيور؟"
ثم استجمعت شجاعتها وقالت:
"لست انت من يعطيني الاوامر... ان تحقيق مخططتك لايتم الا بإرادتي!"
وافق خوان على ماقالته بنظرة جليدية واجاب:
"صحيح لكن لن ترتكبي جنونا في الوقوف ضدي ومقاومتي"
لم تكن سيرينا تجهل انه با مكان خوان ان يكون عدوا لا يضاهى. الم يجبرها على الركوع له جسديا؟ لكن هل بامكانه معاكسة قلبها وروحها...
انتهت سيرينا بالقول بمرارة:
"سأفعل ما تريد ليس امامي أي اختيار مادمت حذقا اكثر مني"
"انت حقا عديمة المهارة ان كل العاملين بالفندق عرفوا انك استلمت اخبارا مهمة وخرجت حاملة حقيبتك لقد اعلموني في الحال بغيابك وكان من الصعب علي ان اعرف مكان وجودك في كل حال كل هذا كان بسبب خطأي ... كان يجب ان اعرف انك ستستعملين المال لتنفيذ مخططتك لكن لم اعرف انك تبحثين عن الهرب وتضليلي "
رفعت سيرينا عينيها ورأت الاكتفاء مرتسما على وجه خوان لكن لم تكتشف القناع الذي لا تعبير فيه
واعتذرت وغادرت الطاولة وكادت تدخل الغرفة عندما سمعت صوت خوان وراء ظهرها يقول:
"قولي قبل ان تذهبي .. اليس هناك ما اجهله وتعرفينه انت وحدك؟"
التفتت سيرينا فجأة باندهاش وظهرت على وجهها ملامح قلق فاجابت :
"كلا ...لماذا تسأل هذا؟"
راخ خوان يفصلها بنظراته فشعرت بالذنب ولم تقدر ان تخفي اضطرابها فاحمرت وجنتاها فقال:
"انت تحمرين ...هل لأني اشك فيك خطأ ام لانك تشعرين بالخجل ؟ هذا ما اتساءلة"
ثم ادار ظهرة واختفى
خلال الرحلة ظلا صامتين ولما هبطا من الطائرة كان دون البيرتو في المدرج يستقبلهما.
"آه سيرينا ! لقد ارسلت ويندي مجبرا لكن آمل الا يكون هذا سبب اختصار اقامتك؟"
"كنا قد قررنا قبل وصولها موعد عودتنا في الواقع لسنا بحاجة الى عطلة فالحياة هنا في المزرعه مريحة ومفرحه.."
انار وجه دون البيرتو الذي قال :
"كم انا سعيد ان اسمع منك ذلك ياعزيزتي لكن هل كانت اقامتك في فينا ديل مار ممتعه؟"
التفت الى خوان الذي قال:
"صحيح ان الاقامة كانت قصيرة لكنها كانت حقا رحلة شهر عسل موفقه"
احمرت وجنتا سيرينا فضحك دون البيرتو وقال:
"حسنا! والان بامكاننا ان نتكلم في امورالعمل !"
ثم وجه كلامه الى سيرينا قائلا:
"ارجوك ان تعذرينا لكن علينا ان نختلي لبعض الوقت كاتب العدل هنا وبانتظار تواقيعنا لن يأخذ ذلك وقتا طويلا لكني سأبقى مع خوان بعض الوقت فهناك امور عديده اريد ان اناقشها معه قبل رحيلي لقد حددت سفري غدا بعد "الروديو" هذه الرحلة تعز على قلبي وليس هناك مجال لتأخيرها بعد الان!"
اكتشفت سيرينا بعد ذلك مايعني الروديو اذ كان الموضوع الاساسي المتداول حاليا في المزرعه كارمين وبيللا اعلمتاها ان الروديو كناية عن مظاهرة ذات اهمية كبرى فيها يقوم الرعاة بالتمارين الخطرة على ظهور خيل لم تدرب بعد واكدت لها بيللا قائلة:
"يجب ان يكون المرء شجاعا وقويا وماهرا اني احب الروديو الناس يأكلون ويشربون ويغنون ويعم المكان الصياح كذلك هناك العازفون وقيثاراتهم والاكورديون و.."
تنفست الصعداء ثم اضافت:
"لكن ما احبه اكثر شيء آخر هو عندما يدخل الثور في الحلبة!"
غير ان سيرينا لم تكن تصغي الى تعليقات الخادمة الاباذنين شاردتين كانت تفكر في المستقبل ان غياب دون البيرتو الطويل سيكون له الاثر على حساتها لاشك ان خوان سيعود الى تشرده الليلي فهي تشعر بذلك في صميم قلبها وترى ان وجود كابرييلا يعم الجو ويحيط بالمنزل بطريقة سرية.
"لتحفظه وانا اباركها" لاحظت سيرينا فجأة انها تضغط بشدة على معصميها وان فكها يتقلص فوجئت بعنف ردة فعلها وقالت بصوت مخنوق:
"لكن باسم السماء انسي هذا الرجلّ"
انتفضت ويندي وراحت شفتاها ترتجفان اسرعت سيرينا لمؤاساتها وراحت تقول لها:
"لاتبكي ياحبيبتي انا غاضبة حقا.. لكن.....لا افهم ماذا الذي ترينه في هذا الرجل وتنظرين اليه بعينين ملتهبتين"
غصت ويندي فراحت سيرينا تقهقهة ضاحكة

*لميس*
07-08-2007, 18:42
في المكتب الواقع تحت غرفة سيرينا كان دون البيرتو رافع الرأس يسمع ضحكتها وفي حركه انيقة وقع على المستند امام كاتب العدل ثم التفت الى خوان وابتسم له قائلا:
"يبدو ان زوجتك سعيدة هذه القهقهات تؤكد قناعتي الان يابني عليك ان تعترف انني لم اخطئ في جلب هذه الفتاه الى هنا انتما تشكلان زوجين مناسبين.."
فضل خوان الموافقه على كلام جده برغم معرفته ان ضحكات سيرينا سيتبعها البكاء والنواح
"انا اخضع لمهارتك لايوجد انسان غيرك قادر على اختيار الزوجة المناسبة للرجل المناسب هذا واقع اكيد امل ان احقق الثقة التي وضعتها بي وان اكون وريثك الكفؤ"
"في المساء سنحتفل بسفري واصر ان يكون هذا العشاء محفورا في ذاكرتي ...هذا سيعزيني خلال غيابي"
هز خوان رأسه موافقا وقال:
"طلبت من سيرينا ان ترتدي اجمل فستان لديها"
اطاعت سيرينا تعليماته حرفيا وفي المساء كانت ترتدي فستان من الموسلين الازرق الناعم فبدت كأنها عائمة على غيمة .
قال لها خوان :
"دعينا نتصرف بلياقة نقنع جدي بأننا اخيرا وقعنا في غرام بعضنا البعض سيذهب مرتاح البال وسعيدا لاتستغربي اذا تصرفت معك بطريقة حميميه وعائلية... واذا رأيت ان هذا التصرف في غير مكانه رددي لنفسك انها المرة الاخيرة التي سأتصرف بها هكذا وهكذا يمون بامكانك تحملها اكثر"
وتذكرت هذا الكلام وهي تدخل الصالون حيث كان دون البيرتو يتناول المقبلات مع خوان ولما رأى سيرينا قام خوان بوضع كأسه جانبا وراح للقائها قبلها وامسكها بالخاصرة فراحت ترتجف منفعلة وهمس في اذنها قائلا:
"انت رائعه يازوجتي الحبيبة"
كان يلفظ هذا الاطراء بصوت عال كي يسمعه جده ثم انحنى وعانقها ببطء وشغف وفكرت سيرينا :"اذا كان هذاالعناق مقدمة لما سيحل هذا المساء فماذا تبقى لاخر السهرة؟"
ضمها اليه وتقدم من دون البيرتو مبتسما بفخر واعتزاز وقف الجد بدوره وقبل سيرينا وقال:
"الان يابني انا اسعد رجل في العالم"
ابتسمت له وردت على قبلته بقبلة وقالت:
"انت الرجل المتفهم والقادر لم اتعرف على مثلك من قبل"
"لم تندمي لأنك تزوجت من حفيدي اليس كذلك؟ لكن هذا السؤال في غير محلة يكفي النظر اليكما كأنكما عاشقان فتيان!"
قاطع خوان الحديث قائلا:
"ماذا تحبين ان تشربي ياحبيبتي ؟ شراب الورود المنعش مشروبك المفضل اليس كذلك؟"
"اتذكر ياحبيبي اخر مرة شربنا منه؟ كنت قد ربحت مبلغا من المال في الكازينو وذهبنا بعد ذلك للرقص كان عاطفيا .. ولما عدنا للفندق كنت كأني اعيش حلما.."
" وتلك الليلة التي قضيناها معا لا يمكنني ان انساها اطلاقا انها في ذاكرتي الى الابد مثل حواء كنت ساحرة ورائعة .. وسرية"
ابتسما لبعضهما البعض ببرود بينما كان دون البيرتو يقهقه ضاحكا اضاء وجهه ثم قال:
"الم اعدك بذلك يابنتي؟ عندما يواجه حفيدي لغزا يريد معرفته في الحال وهذا الحب في الالغاز يعود الى طفولته النضرة ومازال محتفظا به حتى الان والان لنتناول العشاء ان اشعر بسعادة كبيرة تفتح القابلية على الطعام انوي الافاجة قدر الامكان من هذه الوجبه العائلية الاخيرة"
خلال العشاء بذلت سيرينا كل جهدها ان ترد على كلمات خوان المبطنه ولم يشك دون البيرتو بصخة هذه الكلمات لكن شيئا فشيئا اصبح الجومتوترا واعصاب المحاربين بدأت بالانهيار الا ان دون البيرتو المتعب نام في مقعده واغتنمت سيرينا نوم دون البيرتو فراحت تعبر عن غضبها قائلة لخوان:
"لم اعد احتمل كل هذا الكذب سأعود الى غرفتي!"
"يكون ذلك اصدق مافعلته في هذه السهرة"
ادارت له ظهرها وكادت ان تنسحب عندما امسك بها خوان من خصرها وكاد ان يغمس عينيه السوداوين المشرقتين في عينيها الزرقاوين فارتعشت فقال:
"لقد لعبت دورك باتقان انت ماهرة عندما تريدين خداع الغير الان ارجوك ان ترحلي!"
كادتتعثر وهي مارة قرب دون البيرتو الذي كان يغط في نوم عميق .
بعد ساعات قليلة أي في حوالي منتصف الليل سمعت بوضوح اصوات خطوات على الشرفة مباشرة تحت نافذة غرفتها
طقطقة مهاميز وصوت احذية كان الرجل يتوجه نحو الاسطبل . انتصبت سيرينا وراحت تصغي بعد قليل سمعت اقدام جواد يخرج لتوه من اسطبله امتطاه الرجل وولى به بعيدا
اسندت سيرينا رأسها على الوسائد فريسه انزعاج عميق لايفسر غثيان له علاقة بكون خوان ربما سمع نداء وراح يلبي النداء.
××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

نهــــــــــــــــــــــاية الفصل الثالث عشر

*لميس*
07-08-2007, 18:45
14- روديو

في الفجر افاقت سيرينا على اصوات اتيه من الخارج كان الرعاة قد انهمكوا في تحضير الحلبة الاسيجة الطويلة البيضاء المغلقة بالقش تذكر بسلة الغسيل الكبيرة وتدريجيا بدأ الفرسان يجتمعون حول السياج كانوا يرتدون لهذه المناسبة البانشو والقبعات العريضة والسروايل الجلدية السوداء والاحذية العالية وكانوا يمتطون افراسهم بفخر.
بعد قليل رأت سيرينا جمهور من المشاهدين يزداد ليحيط الحلبة وبرغم انهماكهم قام الرعاة بتحية المرأة الانكليزيه وويندي التي تشبه والدتها بشعرها الاشقر وعينيها الزرقاوين ومن المزارع المجاورة بدأ تهافت الفرسان الجدد الذين يشتركون بكل احتفالات الروديو في المناطق المجاورة ويأتون من كل انحاء المنطقة السيارات ملأت الساحه وكان جيران دون البيرتو وعائلاتهم ومعظمهم من الملاكين الكبار يتهافتون باعداد كبيرة لحضور الاحتفال
غير ان خوان لم يظهر بعد قرب موعد الاحتفال وبدأ الاعلان بالعرض الاول وجاء دون البيرتو ليستعلم قرب سيرينا عن تغيب حفيدة لكنها لم تقدر ان تفيده بشيء
تلعثمت وهي تقول :
"ربما كان في الجوار ربما يهتم بالمبارزين ؟ هناك امور كثيرة بحاجة الى تنظيم ربما.."
قال دون البيرتو بسخرية:
"ليس من مهمة خوان ان ينظم الاحتفال!"
وبينما كانت تتظاهر باللامبالاة كانت سيرينا تفتش الجممهور بنظرها علها تلمحه بينهم لكنها اقتنعت اخيرا ان خوان ليس موجودا هنا قررت الاتفكر فيه وتلقي اهتمامها كليا على الحلبة حيث بدأ العرض الاول وكان كناية عن دعوة للرعاة ان يلتقطوا عجلا ويمددوه ارضا ويربطوه بقوائمه الاربعه
والعرض الثاني كان اكثر اهمية من الاول وهو امتطاء الخيل من دون سرج توجهت سيرينا برفقة دون البيرتو الى ممر ضيق مبني من حواجز عالية معدنيه حيث يربط الحصان قبل ان يطلق داخل الحلبة .يكون الحصان معصوب العينين بمنديل وبالتالي لايمكن ان يرجع الى الوراء مما سيجعله يقوم برفسات عنيفة.
تسلق احد المنافسين الحواجز وشد الحبل بقوة وقفز على ظهر الحصان في الحال خلع احد مساعديه الرباط عن عيني الحصان وفتح الباب بواسطة حبل فركض الحصان بعنف في المساحة امامه آخذا فارسه في عجلة رهيبة بالكاد تمكنت سيرينا من رؤية المنافس الاول لأنه اجتاز الساحه بسرعه واصبح من الجهة الثانيه من الحلبة
صراخ فرح صدر عن الحضور واحتل الحماس كل واحد منهم
شعرت سيرينا فجأة بجفاف في حلقها هذا الفارس الوقح الذي يقوم بكل جهده كي يبقى على ظهر الحصان كان...خوان بالذات! وراحت تنظر اليه بعينين قلقتين وهو يحاول جهده كي يحافظ على توازنه مثل عقرب يرتخي الى أمام ثم الى وراء لكنه كان مسيطرا على الوضع تماما.
ثم اطلق الجمهور صرخه كبيرة لان الحصان بعد ان قفز قفزه هائلة وقع ارضا بكل زخمه سيرينا اخفت وجهها بيديها خائفة ان ترى خوان مدعوسا تحت الحصان غير ان التصفيق صعق اذنيها فتحلت بالجرأة وفتحت عينيها كان خوان مايزال راكبا على الحصان محاطا بفرسين آخرين وكان يحيي الحضور ويبتسم مظهر شجاعته الخارقة وبهدوء خرج من الحلبة
كانت سيرينا ترتجف في كل انحاء جسمها فابتعدت عن الحلبة وقدماها خائرتان وعلى بعد خطوات من الحلبة لاحظت وجود مقعد فارغ فجلست علية بثقل ثم اجلست ويندي على العشب تحت قدميها كانت مضطربه حتى اعمق اعماقها فريسة غموض كبير وحاولت جهدها ان ترتب افكارها وخاصة ان تحلل ماحدث الان منذ قليل وان تقاوم نفسها بقوة القدر...
انها تحب الرجل الذي كانت تعتقد حتى اليوم انها تكرهه ! هذا الرجل المثالي الذي مازالت ملامحه غارقة في ضباب كثيف اصبح له الان وجها وفما ساحرا وانفا رفيعا وعيني سوداوين دافئتين وخدين لوحتهما الشمس وابتسامه لاتضاهي وتكاد تذيبها اما صوته فهو منخفض ورنان ومازالت سيرينا تحفظ في اذنيها كلماته الناعمه التي راح يهمس بها قرب عنقها وحنجرتها تلك الليلة التي امضياها في فينا ديل مار
اطلقت زفرة نائحة وشدت يدها على جبينها كيف كانت جاهلة حقيقة مشاعرها وراحت تخلط الكره بالحب؟
منذ متى احبته؟
راحت تبحث في اعماق ذكرياتها وادركت بذعر انها منذ اللقاء الاول شعرت نحوه ببعض الانجذاب اقوى واكبر ينمو تحت غطاء من العدائية الواضحه وكان يكفي ان يهدد حياة خوان خطر ما كي تعي سيرينا حقيقة مشاعرها تجاهه وفي الوقت الحاضر تخاف الاتعرف سعادة الحب من جديد
ولدى انغماسها في افكارها نسيت مراقبة ويندي التي زحفت على العشب حتى وصت الى حاجز القش الذي يحيط بالحلبة ولما ادركت سيرينا الامر كان قد فات الاوان ... فقد اختفت ويندي داخل فتحة صغيرة تطل على الحلبة ارادت سيرينا ان الصراخ لكن صوتها ظل داخل حنجرتها اسرعت نحو الحلبة وراحت تحاول الدخول اليها من وراء الحاجز اصوات مرعبة صعدت من الحضور ولدى رؤية المنظر امامها راح قلبها يخفق بسرعه
وسط الحلبة كان خوان ممتطيا حصانا ويواجه ثورا وحشيا وفي هذا الاستعراض كان عليه ان يبرهن عن شجاعه ومرونه ليرغم الحيوان ان يلتفت حول بيرق غرز على الجهة الثانيه من الحاجز
لكن في هذا الوقت بالذات لم يكن المتفرجون مهتمين بمهارة خوان انما مثل سيرينا كانوا مذعورين ويحدقون بالطفلة التي تجتاز الحلبة وهي تحبو لم تكن الطفلة تعي الخطر انما تريد لفت نظر خوان اليها لكن خوان كان منغمسا بمهمته ومديرا اليها ظهره
اطلقت سيرينا صرخه ثاقبة فالتفت خوان وصرخ:
"يالهي!"
هذه الصرخه المؤلمه مزقت صمت الموت الذي كان يعم الحلبة قفز خوان عن الحصان واسرع نحو ويندي التي كانت تزحف بهدوء وفي هذا الوقت بالذات هجم عليه الثور سيرينا اغمضت عينيها وفقدت وعيها
ركض الرعاة الى الحلبة فترك الثور فريسته وهجم بصورة عمياء نحو الجمهور الملتف حولة تجمع الناس حول سيرينا وحملها موظفو دةن البيرتو الى المنزل ووضعوها في سريرها ثم وضعوا على جبينها المناشف المبللة وراحوا يرغمونها على التنفس ولما عادت سيرينا الى وعيها اطلقت زفرة اليمه من شفتيها الشاحبتين قائلة:
"خوان"
اجابها بصوت مختنق:
"انا هنا ياحبيبتي"
بالنسبة الى سيرينا التي كانت مقتنعه انها خسرت اعز انسان في حياتها كان صوته صدى آت من الفردوس كأنها ترنيمة الملائكة فتحت جفنيها بصعوبة ولم تفكر بكبت فرحها بل ان بريقا قويا مزق الوشاح الذي كان يعتم نظرها
اضاف خوان بهدوء وهو ينحني فوق سريرها:
"انت بحاجة الى الراحة الصدمه كانت قوية عليك ..مازلت ضعيفة سآتي لاراك بعد قليل"
بيللا وكارمين احاطاها بحنان لكن سيرينا فضلت الصمت .حمل خوان ونيدي بين ذراعية وتوجه نحو الباب وقبل ان يجتاز العتبة مرة اخرى التفت مرة اخيرة الى سيرينا ثم دخل الممر ولم تعد تسمع الاطقطقة مهمازة
هذا الصوت ظل يرن في اذنيها مطولا حتى غطت في نوم عمييق ولما افاقت بعد ساعات عاد الخوف يهددها نهضت من سريرها ووضعت مئزرا عليها وراحت تفكر كم سيسخر منها خوان لأنه لا يمكنه ان يتجاهل طبيعة عواطفها تجاه وهذا سيقوي عزيمته على الثأر منها
وفي اواخر الظهيرة جاء خوان يتفقدها كانت جالسة امام النافذة المفتوحه على مصراعيها تتمتع بالريح المنعشة المليئة برائحة الزهور . سمعته يدخل لكنها لم تقم باي حركه اقترب منها فشمت رائحة عطرة لاشك انه استحم لتوه
حدثها بصوت منخفض حتى لا تفاجأ لم تفاجأ بل ظلت محدقة في المنظر امامها
"قالت لي كارمين انك في تحسن كبير لكن اذا كنت لا ترغبين بالكلام اعود بعد قليل"
تنفست سيرينا الصعداء وقالت:
"بامكانك البقاء اذا شئت اجلس من فضلك"
جلس خوان على طرف النافذه في مواجهة سيرينا توترت ورفضت ان تنظر اليه ولم ترفع نظرها الى اعلى من عنقه ضغطت على معصميها غارزة اظافر يديها
"لا شك انك شعرت بصدمه كي تفقد وعيك هكذا ...لم تصب الطفلة بأي اذى اليس كذلك؟"
وفي ذعر ادركت انها اهتمت بمصير خوان اكثر من ويندي في حال الخطر هذه ارتعشت فأسرع خوان الى القول:
"لكن ستصابين ببرد! هذا المئزر خفيف! تريدين شالا سميكا اضعه عليك؟"
كتفت ذراعيها فوق صدرها وقالت :
"كلا شكرا لا شيء سوى اني تذكرت كاحدث بعد ظهر اليوم اخافني الحيوان بضخامته"
"لست وحدك من فكر هكذا"
"انت تعرف اليس كذلك؟ لماذا تخفي علي..."
اقترب منها بسرعه وسألها :
"ماذا تعنين بالضبط ياحبيبتي؟ ماذا بامكاني ان اعرف؟"
"انت تعرف .. اني احبك!"
ساعدها خوان على النهوض وجذبها نحوه وقال :
"سيرينا اليس هناك شيء اخر يجب علي ان اعرفه؟"
ارخت سيرينا رأسها على كتفيه وراحت تسمع دقات قلبة بوضوح انه واثق من نفسة راح ينتظر جوابها لقد افصحت له عن حبها لكنه لم يكتف بذلك ..يريد منها خضوعا! كاملا !رفعت سيينا ذقنها وصرخت قائلة:

*لميس*
07-08-2007, 18:48
"بطريقة او بأخرى عرفت اني كذبت عليك ويندي ليست ابنتي بل شقيقتي اردت ان اصيب غرورك فاستعملت هذه الخدعه اني اسفة"
"ياشيطانتي الصغيرة انت حقا آسفة!"
انحنى فوقها وغمس نظرته اللماعه في عينها وقال:
"آه ياحبيبتي لقد جازيتني تعذبت كثيرا لكن كيف باستطاعتي الا ان اسامحك ياحياتي؟ لايمكنني ان اعيش من دونك؟"
عانقها وعانقته ولم تصدق مدى سعادتها
همس خوان باذنيها في سحر ومداعبة:
"اني احبك حتى العبادة كنت كالمجنون منذ ليلة امس وخوفا من استسلم لنزواتي كما حدث في فينا ديل مار امتطيتجوادي ورحت اهيم الصحراء"
الدموع تنهمر من عيني سيرينا وهو يعانقها بشغف وحنان ثم قال :
"هل تسامحينني لأن جعلتك تستسلمين لي بالقوة؟ لقد تصرفت بسوء انت التي كنت عذراء.."
اذن اكتشف سرها منذ ذلك اليوم لامت سذاجتها لا نها اعتقدت ان عدم خبرتها بالامر ستمر من دون ان ينتبه لها تعلقت سييرنا بعنقة لتقنع نفسها انها لاتعيش حلما بل حقيقة ثم خبأت وجهها في صدره
"اذن لماذا ارغمتني على التصريح لك مادمت تعرف ذلك ؟"
مازال هناكسؤال يحيرها فتحلت بالشجاعه وسألته بخجل:
"كنت صريحه معك وارجو ان تكون صريحا معي ماهي نواياك تجاه كابرييلا؟ هل مازلت تراها؟ ام تود ذلك؟"
دفعها بلطف واستغرب قائلا:
"كابرييلا؟ في حياتي تعرفت الى كثيرات مثلها لكنهن كن عابرات كظلال في الليل انت وحدك ياحياتي عرفت ان تحتفظي بي والى الابد"
تأثرت سيرينا بكلامه وظلت صامته ثم ارادت ان تناوشه فقالت :
"هل كان يزعجك حقا لو كانت ويندي..ابنتي؟"
"طبعا !كنت اموت غيظا!"
صمتا وراحا يعانقان بعضهما البعض وبعد ساعات عديده كانا واقفين اما الباب ينظران الى القمر الذي كان يضيء منزل آل فالديفيا اطلقت سيرينا زفرة ارتياح فقال خوان:
"اذا كنت ترغبين ان اكف عن عناقك فسأفعل اني اشعر بأني قادر ان اعيل عائلتي الصغيرة حتى ولو اضطررت الى البدء من الصفر"
ابتعدت سيرينا قليلا ثم همست:
"وويندي ..هل تقبل انتكون جزءا من هذه العائلة؟"
"احب هذه الطفلة الجميلة حبا كبيرا وسأظل احبها مثل اولادي لكن لم تردي على سؤالي ياحبيبتي؟ هل تريدين برهان حب؟ سوف اذهب لرؤية جدي واقول له بلطف اني اتخلى عن جميع حقوقي في المزرعه"
قالت له بلطف:
"كلا لنفكر بجدك ايضا... فهذا القرار سيحطم قلبه ومن جهة ثانيه.."
توقفت عن الكلام لان خوان وضع يده تحت صدرها منجهة القلب واحس قلبها الذي كان يخفق بسرعه هائلة لكنها كملت جملتها:
".....النسر بحاجة الى مساحة كبيرة ليبسط جناحية في تحليق قوي . سنبني عشنا في هذا الوادي وادي فردوسنا السعيد!"

×××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××× ×××


تــــــــــــــــــمــــــــــــــت

*لميس*
07-08-2007, 19:02
::سعادة:: الســــــــــــــلام::سعادة::


كيف حـــــــــــاااال الجميع؟؟؟:لقافة:


الكل بخير إن شاء الله...:مرتبك: :مرتبك: :مرتبك:


اليوم الحمدلله أكتملت رواية[سيد الرعاة]اللي أنزلها::جيد::

أتمنى إنها حازت على رضاكم وإستحسانكم::جيد::

وأتمنى لكم قراءه ممتعه::جيد:: ...ونوماً هنيئاُ>>>[للي كان على أعصابه ويبغى يذبحني]:مرتبك: !!!!

:D :D :D :D :D


والله يعطيك العافيه يا[مون نايت] ع الروايه::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::


أنتظر رواية ملكتنا[مــــــاري_أنــطـــوانيـــت] بفارغ الصبر::سعادة::



تحيـــــــــاتي القلبيه لكل أعضاء وزوار المشروع


*لميس*

بحر الامان
07-08-2007, 19:09
لموسه حبيبت قلبي انتي
اول ما دخلت دورت كلمة النهايه
ويوم شفتها قلت
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
ناس ما تجي غير بالعين
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
^
الحمراء بس حمراء شوي مو كثير

خخخخخخخخخخخخخخخ
كل الحب والتقدير لك عزيزتي
واعذرينا اذا عصبنا عليك شوي
تسلمين
باكمل الروايه الحين وانا عارفه اني بانتهي منها
بوسه كبيره للموسه الحلوه

ماري-أنطوانيت
07-08-2007, 22:51
الروايه رووووعه..::سعادة:: ::سعادة::

والحين دوري ان شاء الله

في تنزيل الروايه. وهي بعنوان

~~ أرياف العذاب~~ لكاتبتها ~~ آن ميثر ~~

وهي من روايات عبير القديييييمه

ان شاء الله راح ابدأ انزلها بكره

بحر الامان
07-08-2007, 23:18
رائعه جدا
تسلمين لموسه
بانتظار العزيزه ماري
بس هاه الله الله بالسرعه لا تطولين علينا
اقسميها على يومين وبس
هاه تراني حذرت من البدايه
علشان ما احد يقول ليش معصبه
خخخخخخخ خخخخخخخ :) :) :)
مع خالص حبي وتقديري للجميع :D :D :D

*لميس*
08-08-2007, 08:50
~~ أرياف العذاب~~ لكاتبتها ~~ آن ميثر ~~







بالإنتظـــــــــــــــــــــــــــــار::سعادة:: ::جيد:: ::سعادة:: ::جيد::





بس هاه الله الله بالسرعه لا تطولين علينا
اقسميها على يومين وبس
هاه تراني حذرت من البدايه
علشان ما احد يقول ليش معصبه
خخخخخخخ خخخخخخخ


مثل ماقالت بحوره >>>الله الله بالسرعه:رامبو:

ترانا عصبين ومانحب التأخير خخخ:D :D :D

أنا أقول نزليها بيوم!!!!:rolleyes: :rolleyes: :D :D

هههه لاتزعلين علي ياميمي نزليها براحتك:مرتبك:

:
:
:

تحياتــــــــــي

*لميس*

ماري-أنطوانيت
08-08-2007, 14:09
***~~~ أرياف العذاب~~~***





الملخص:

رياح الحب تمر بالانسان وتحمله معها الى الاعالي....
ولكن احيانا يأتي الحب مع ندى الصباح هادئنا حنونا خجولا
مقنعا بقشرة لا تلبث ان تتكسر على شاطئ العواطف والمشاعر المتأججة.
جايك هوارد الجذاب ورجل الاعمال الناجح الذي يكتسح الاخضر واليابس في سبيل مجده وتوفقه
اختار هيلين الجميلة صاحبة النسب العريق ليتمم نجاحه ونصفه الاخر
((اشتراها)) في ظروف مادية صعبة كانت تمر بها.
ومضى قطار الزواج عدة سنوات مغلفا بسعادة زائفة امام المجتمع.....
الاذلال والتحقير اللذان يعاملها بهما جايك وهذا الكابوس المرعب
الذي اسمه النجاح والمال لم تعد هيلين تتحمله....
استفاقت مشاعرها في اول عطلة تمضيها مع زوجها
فأبت العودة الى الوراء والعيش في ظل الظروف الماضية.
اتبقى معه وهو الذي يرفضها فتلملم حبها وتسكت؟
وما هو موقف جايك حين تطلب الطلاق?

ماري-أنطوانيت
08-08-2007, 14:16
1- مرآة الذاكرة

كان القطار السريع يقترب من محطة كينغز كروس في لندن تحيط به على الجانبين ابنية سكنية عالية ليست محببة ابدا الى قلوب مخططي المدينة وضواحيها. كانت ناطحات السحاب الشاهقة الارتفاع اكثر توافقا مع متطلبات العصر الحديث وبالتالي اكثر ازعاجا لمشاعر الذين خططوا في الماضي لكي لا يرتفع اي مبنى في عاصمة الضباب او ضواحيها عن طابقين او ثلاثة.
رفع جايك هوارد نظره عن الاوراق المبعثرة امامه ولاحظ باستغراب انه لم يشعر بانقضاء ساعتين ونصف الساعة تقريبا على مغادرته يورك. كم اصبح التنقل سهلا هذه الايام! كان بامكانه طبعا ان يستقل الطائرة من يورك الى لندن ولكنه يفضل القطار السريع لانه يستمتع كثيرا بالرحلة والسبب الاهم لذلك ان رحلة القطار تذكره بأيام شبابه وبانطباعته الاولى عن المدن الكبيرة وبأنه كان شابا طري العود لم يختبر الحياة ويجربها.
نقر احد مضيفي القطار باصبعه على باب مقصورته الخاصة وحياه بتهذيب وعندما اشار اليه جايك بالدخول فتح المضيف الباب وقال بأدب:
" ربع ساعة فقط يا سيد هوارد ونصل الى كينغز كروس. هل هناك اي شئ اخر تحتاجه يا سيدي؟ هل احضر لك شرابا اخر مثلا؟ "
هز جايك برأسه وتناول من جيبه ورقة الخمس جنيهات وقال للمضيف وهو يعطيه اياها:
" لا شئ شكرا. ولكن يمكنك تأمين ارسال حقائبيالى السيارة لدى وصولنا "
" طبعا يا سيدي. ارجو ان تكون استمتعت بهذه الرحلة "
استوى في مقعده وقال بعظمة مفتعلة:
" الى حد ما شكرا "
ابتسم المضيف بتهذيب واحنى رأسه مودعا ثم غادر المقصورة. اما جايك فقد بدأ بجمع اوراقه المبعثرة على الطاولة امامه ويضعها في حقيبته. وكان خلال هذه الرحلة من يورك الى لندن يقيم ويدرس صفقة هافيلاند التي عقدها في الاونة الاخيرة وشعر جايك من خلال تقييمه بأنه واثق من عدم وجود عثرات او عوائق مفاجئة. فشركة هافيلاند للكيماويات ستصبح قريبا جزءا من مؤسسة هوارد العملاقة. انهى جمع اوراقه وتوضيبها في الحقيبة واشعل سيكارا فخما واخذ يقارن بين الفرق الشاسع بين الطقس الحار في الساحل الغربي للولايات المتحدة والطقس البارد في انجلترا وابتسم جايك قائلا في نفسه انه حقا برنامج غريب وفريد للعودة من كاليفورنيا الى لندن عبر غلاسكو في سكتلندا ومحطة السكة الحديدية في يورك. ولكن هذا هوخط سيره المعتاد فهودائما يمضي الليلة الاولى لعودته الى انجلترا مع امه التي تقيم في سلبي بمقاطعة يوركشاير ولذلك كان يستقل الطائرة من لوس انجلوس في كليفورنيا الى مطار بريستويك في غلاسكو ومن هناك يتجه جنوبا.
وتحولت افكاره الى لندن ةالى اللحظات المزعجة التي يمضيها بين الانتقال في القطار الى سيارته الفخمة التي يقودها سائقه الخاص. وكذلك الى وصوله في نهاية الامر الى منزله الرائع في ميدان كيرسلاند الراقي والى.....هيلين زوجته. . .
برقت عيناه عندما فكر بهيلين من المؤكد انها استلمت الورود الحمراء التي ارسلها اليها من غلاسكو ومن دون شك ستكون مستعدة لاستقباله والترحيب به. وتذكر بسرور تلك الامسيات الرائعة التي كان يمضيها مع زوجته بعد كل رحلة الى الخارج وكيف يمتعها ويبهجها طوال السهرة بأخبار تلك الرحلة وتفاصيلها ووعد نفسه بليلة مماثلة تصغي فيها هيلين الى انباء رحلته الاخيرة. هيلين دائما تصغي. وشعر جايك مرة اخرى بالاستغراب والحيره ذاتهما اللذين شعر بهما قبل ثلاث سنوات عندما قبلت عرضه للزواج منه. ولكنه بعد ذلك بفترة قصيرة بدأ يحتقرها ويزدريها. هورجل كافح وجاهد طوال حياته لتحقيق النجاح. والده كان حائكا صاحب دخل متواضع فاضطر للعمل بكد وتعب حتى يصل الى اي مركز او منصب وكان يمضي جميع ايامه ولياليه ايضا في العمل ومتابعة الدراسة كان مستعدا للذهاب الى اي ابعاد محتملة للوصول الى هدفه ومبتغاه: (( النجاح ))
كان جذابا بشخصيته ساحرا باسلوبه الفذ وكلامه المنمق....وهومستعد في اي وقت لاستخدام هذه الصفات ليصل الى مبتغاه ويحصل على ما يريد. لم يتردد ابدا في اطراء شخص لم يكن يحبه او التملق الى اخر يمقته ويعتبره جديرا بالازدراء. وضمن له ذكاءه الفطري ووعيه المكتسب تجاوز المشاكل والصعاب. ولم يكن جايك كوالده مهتما بالحياكة او بذلك المعمل الصغير والاته القديمة بل كان منذ حداثة سنه مهتما بالكيماويات تبهره دراسة المواد وكيفية تركبيها وكانت شهادة الكيمياء التي نالها من جامعة ليدز اول خطوة رئيسية في انطلاقته العلمية والعملية وساعده الحظ فوجد وظيفة كمساعد مختبر في معمل صغير للكيميائيات قرب سلبي. اعتقد الاصدقاء والاقارب آنذاك انه يرتكب حماقة كبيرة في دفن مواهبه داخل مختبر محلي صغير في حين انه كان قادرا على ايجاد وظيفة افضل في شركة اكبر وانجح ولكن جايك كان بعيد النظر وطموحا للغاية فبالعمل المتواصل والمثمر جعله احدى الركائز الاساسية للشركة وشخصا لا يمكن الاستغناء عنه مطلقا وبتهذيبه الفائق وجاذبيته الساحرة مع زوجة صاحب المؤسسة تمكن جايك بعد فترة قصيرة نسبيا من الوصول الى ادارة الشركة ومن ثم الى ملكيتها .
نفض جايك رماد سيكاره في المنفضة المثبتة قربه وعاد مرة اخرى بذكرياته الى تلك الايام السابقة وشعر بشئ من الخجل بسبب الكيفية التي سيطر بها على تلك الشركة ولانه لم يتردد آنذاك للدوس على تلك المؤسسة الصغيرة ليحصل على مقعد في مجلس ادارة اكبر وتذكر ايضا انه بعد تلك الخطوة الرئيسية في حياته العملية آنذاك اصبحت الخطوات اللاحقة انجح واسهل مع انها فقدت الى حد ما طعم الاكتفاء بالذات ولذة الوصول الى الهدف بالعرق والدم. منذ البداية تعود جايك هوارد على استخدام عقله ودماغه بكل طاقتهما وقدراتهما ومع انه يملك في الوقت الحاضر مؤسسة كبرى واكثر من مليون جنيه استرليني من الاسهم والسندات المالية فهو لم يقرر بعد انتداب احد كبار موظفيه لاستلام اي من مهامه او مسؤولياته اليومية.
عندما كان يبحث منذ ثلاثة اعوام على زوجة تلائمه وتليق به التقى هيلين. كانمحاطا بالنساء طوال فترة صعوده الى القمة موظفات وعارضات ازياء وحتى زوجات بعض زملائه الموظفين كن جميعا يظهرن له استعداد واضحا للزواج منه. الكمية كانت متوفرة بكثرة ولكن النوعية التي يبحث عنها كانت نادرة. جايك لن يقبل الا بالافضل كما في اي مجال اخر ثم....التقى هيلين فورسايث.
كان يعرف والدها جيرارد فورسايث منذ سنوات ويعتبره احد الاوجه الطيفة والمحببة في المجتمع اللندني الراقي مع انه كان يجده انسانا بسيطا وشبه متخاذل. والده ادوين كان يحمل لقب سيد وقد اورثه مع الاسف لشقيق جيرارد الاكبر ومع كل هذا فان لجيرارد كل ما كان سيختاره جايك لنفسه لو سمحت له الظروف بذلك. فهناك العراقة والجاه والاصالة.... والانساب دون عناء الى المجتمع المخملي. ولم يعر جايك اي اهتمام لموضع تبديد جيرارد الاموال التي خلفها له والده مع انه تخيل اكثر من مرة الامكانيات والمجالات الواسعة التي يمكنه هو استخدام تلك الاموال فيها فيما لوكانت له عوضا عن

ماري-أنطوانيت
08-08-2007, 14:18
تبديدها وتبذيرها. ولكن افلاس جيرارد لم يغير اي شئ في وضعه الاجتماعي.
وعندما مات جيرارد بحادث سيارة بعد ليلة سيئة جدا من المراهنة والمقامرة وجدت هيلين نفسها وحيدة شبه مفلسة وهي لم تتجاوزالثالثة والعشرين من عمرها ولاحظ جايك انه كان بامكانها طبعا ايجاد عمل تعيش من دخله ولكنها حتى وفاة ابيها والفضيحة التي اثارتها تلك الحادثة ومسبباتها من ميسر وتبذير واستهتار كانت هيلين على وشك الزواج من كيث مانرينغ ابن المحامي المشهور جفري مانرينغ لا تهتم بشئ الا بنفسها ومتعتها. كانت هناك اسابيع تزلج في منتجع سان موريتز السويسري واسابيع سباحة في جزر الباهما بالمحيط الاطلسي واسبوع صيد هنا واسبوع تسوق هناك اما احتمال تحولها اضطرارا اوطوعا الى نمط حياة مختلف فكان امرا لم يرد في تفكيرها على الاطلاق.
ولما توفي والدها وبدأ كيث يتهرب منها بشكل مطول و ملحوظ شعرت بالضيق المادي والنفسي الى ابعد حدود اذ لم يعد لديها سوى دخل بسيط ورثته عن جدتها لامها. كانت هيلين جامعية مثقفة تتقن عدة لغات اجنبية وتتحدث بها بطلاقة الا انها لم تعمل شيئا بحياتها باستثناء تنظيم حفلات عشاء او السهر على راحة الضيوف.
التقى بها جايك صدفة في مسرح شافتسبري كان وبعض اصدقاءه يشربون كأسا اثناء الاستراحة عندما دخلت برفقة زوجين شابين مدعوة من الزوجة التي كانت لفترة طويلة زميلة الدراسة وبما ان الزوج لم يكن الا جايلز سانتجون وهو صديق حميم لجايك ويتعامل معه تجاريا فقد كان من الطبيعي ان يعرفهما على بعضهما.
كان جايك في تلك الليلة بصحبة فتاة برتغالية فاتنة ولاحظ باعجاب مدى برودة اعصاب هيلين عندما حاولت فتاته التمسك به وافهمها انه لها...ولها وحدها. واخذ يتخيل ان هذه الفتاة الانجليزية الشقراء ذات الجمال الهادئ والجسد الطويل النحيل والعينين الزرقاوين الحالمتين يمكن ات تتصرف كزوجة لائقة.
لم يكن وضع هيلين غريبا عنه فالجميع في مجتمعه ومحيطه يعرفون قصتها واوضاعها وعندما تطلع اليها اكثر من مرة تلك الليلة تصور انه شاهد في عينيها نظرات تشبه التحدي ولم يكن جايك معتادا على مثل تلك النظرات فالنساء عادة كن يجدنه رجلا ذو جاذبية ساحرة ولكن هيلين كانت تنظر اليه كنوع من الحيوانات النادرة والبشعة التي احضرت لها لتكشف عليها وتعطي فيها رأيها.
اتصل فيها في اليوم الثاني معربا عن رغبته في مشاهدتها مرة اخرى. رفضت تلك الدعوات...ودعوات مماثلة وجهها خلال الاسابيع التي تلت اللقاء الاول. وفي احد الايام الاحقة عاود الاتصال فشعر بنبرة صوتها ان مشكلة ما قد حدثت وقبلت دعوته لتناول العشاء وعلم منها اثناء الحديث ان المنزل الذي تقيم فيه سوف يعرض للبيع وشكلت تلك المسألة محطة عذاب جديدة في طريقها فدخلها القليل لا يسمح لها بشراء او استأجار شقة لائقة. فماذا تفعل والى اين تذهب؟ عائلة فورسايث نبذت والدها جيرارد بسبب تصرفاته الرعناء واساليبه المتهورة واللامسؤلة وبالتالي فانها ترفض حتى مجرد الاتصال بالعائلة طلبا للمساعدة. اصغى اليها جايك بانتباه وهي تحدثه عنمشاكلها وقد لها بعض النصائح واعر لها عن مدى تأثره وتعاطفه واكتفى بذلك.
اخذ يتصل بها مرة كل يوم طوال الايام الاربعة عشر التي تلت لقاء العشاء وكان يدعوها احيانا للخروج معه فيما يكتفي احيانا اخرى بمجرد السؤال عن صحتها وشعورها ثم بدأ جايك يلاحظ تغيرا واضحا في تصرفاتها وهي انها بدأت تعتمد على تلك الاتصالات الهاتفية اليومية وتتوقعها فتوقف عن الاتصال بها لمدة اسبوع. كانت المسألة بالنسبة اليه كصفقةتجاريةتتطلب استراتجية معينة ومواقف تتراوح بين المد والجزر.
ولم يكترث في انه هذه المرةيتعامل مع انسان وليس مع شركة اومؤسسة. عندما اتصل بها بعد انتهاء فترة المقاطعة كانت تعيسة وبائسة وكرجل الاعمال الذي يستغل مواقف الضعف عند الاخرين ليوجه ضربته عرض عليها جايك الزواج....فقبلت. لم يكن يحبها بل لم تكنتجذبه على الاطلاق كانت باردة وجامدة جدا لا تروق له ولطبيعته التي تعشق الدفء والحركة ولكنها كانت.....مثالية بالنسبة للمواصفات التي حددها لزوجة المستقبل.
اذهلتها طريقة عرضه واثار استغرابها الاسلوب فمع ان فكرةالزواج منه لم ترد في بالها الا انها على ما يبدولم تجد فيها سببا للاعتراض التام والاحتجاج المشدد اما الاسلوب والطريقة فكانا مثار للدهشة فقد اوضح لها بكل هدوء وبرودة اعصاب بأنه لا يريد زوجة الا بالاسم يريدها جزءا من ممتلكاته....يزين بها طاولة الطعام الفخمة وتهتم بالضيوف عن الحاجة وتكون دليلا ممتعا على حسن ذوقه في اختيار النساء.

ماري-أنطوانيت
08-08-2007, 14:19
كان لعرضه والاسلوب الذي قدمه فيه تأثير واحد مؤكد فقد جمد موقفها منه بعد ان كان الثلج قد بدأ بالذوبان وعادت مرة اخرى تلك الفتاة الباردة والغير مهتمة التي تعرف عليها في مقهى مسرح شافتسيري. ولكنها...قبلت كما كان يتوقع ولذلك بدأ يحترقها ويزدريها كانتنظرته اليها ستختلف كثيرا لو انها رفضته لو انها اظهرت شيئا من عزة النفس وبدأت تعمل على تنظيم حياتها وشؤونها ولكن بمجرد ان قبلت وبدون اعتراض رأى فيها تلك المخلوقة التعيسة الضعيفة التي كانت على استعداد للقبول برجل من الواضح انها لا تحبه عوضا عن ايجاد عمل تعيش منه بكرامة وعزة نفس.
صعقت والدته عندما ابلغها بعزمه على الزواج من هيلين. والده توفي اثناء تسلق سلم الشهرة والنجاح وامه رفضت طلباته المتكررة للانتقال الى لندن والعيش معه لانها فضلت البقاء في المنزل الذي عاشت فيه سنوات عديدة من الحب والسعادة مع زوجها وعلى الرغم من الاختلافات الواضحة والعديدة في نظرتيهما للحياةوالمبادئ والمثل وفي وضعيهما المادي والاجتماعي فان جايك ظل يعتبر امه افضل واروع سيدة تعرف اليها في حياته.
التقت هيلين بوالدة جايك اثناء حفلة الزفاف التي كانت رائعةومترفة والتي حضرها جميع اصدقائها السابقين ولاحظ جايك انه كان يبدو عليها بوضوح انها تزوجته لتعود الى ذلك المجتمع الذي تعتبر فيه الممتلكات والاموال اهم وافضل بكثير من قوة الشخصية والذكاء والتضحية. وكانت والدة جايك كما توقع كطائر خارج سربه وكانت هيلين ايضا بالنسبة الى السيدةهوارد امرأة غير جديرة بأبنها وبما ان الوالدة لم تكن متملقة اومعسولة اللسان فقد اوضحت ابنها بصراحة جارحة ومؤلمة انه كان بامكانه اختيار زوجة افضل بكثير من هيلين. وثارت مثلها وقيمها العليا احتجاجا على ما يخطط له ابنها لانها احست بأنه لا يشعر بأي محبة او اهتمام جدي بهذه الانسانة الباردة التي لا تعرف من الحياة سوى القشور التافهة.
ومع ذلك فقد نجح الاتفاق كما وضع اسسه جايك وهاهما بعد ثلاث سنوات يعيشان وفقا لما اتفقا عليه. هو سعيد بملكيته الجميلة الجديدة وهي سعيدة بحياة الترف والغنى واللامسؤولية التي تعودت عليها ولا تعرف غيرها.
اعماله كانت تضطره للسفر كثيرا للخارج وبالتالي فانهما لا يمضيان سوية سوى فترات قصيرة متقطعة لاتزيد في مجملها عن ثلاثة اشهر ولكن هيلين كانت دائما مستعدة وجاهزة عندما يحتاجها لاي مناسبة اجتماعية كحضور حفلة او مسرحية او لاستضافه المتزوجين من الاصدقاء ورجال الاعمال وشخصيات المجتمع. ومع ان علاقتهما لم تكن تتعد حدود اللياقة والتهذيب المتبادلين بين الغرباء فانهما يتصرفان مع بعضهما برقي وانسانية....وهو تصرف مفقود بين معظم معارفهما.
اكتشف جايك ان لهيلين ذوقا رفيعا جدا في التأثيث والديكور فأطلق يدها للقيام بما تراه مناسبا وكانت عند حسن ظنه فقد جعلت من ذلك المنزل الجميل في بلغرافيا متحفا رائعا ومحط انظار الذواقة من شخصيات المجتمع. ولاحظ جايك بارتياح ان اصدقاءه يعتبرونه رجلا محظوظا جدا لان لديه زوجة تتمتع بهذا القدر من الذوق والحس الجمالي المرهف.
تنبه جايك الى ان القطار بدأ يدخل محطة كنغس كروس فهب واقفا وارتدى سترته البنية الجميلة وتهيأ للخروج. كان رجلا ضخم الجثة طويلا وعريض المنكبين ولكنه يتحرك بخفة الفهود ومع انه لم يكن وسيما الا ان الفتيات كن يجدنه جذابا الى ابعد الحدود وكان ذكيا ويعرف أن ثروته الكبيرة تشكل احد العوامل الرئيسية في تلك الجاذبية ونجاحها.
توقف القطار فحمل جايك حقيبته وغادر المقصورة باتجاه الباب الامامي. كان سائقه الخاص لايتمر ينتظره على رصيف المحطة وبمجرد نزوله من القطار حياه لايتمر باحترام وتهذيب فائقيين قائلا:
" اسعدت مساء يا سيدي...هل كانت رحله جيدة؟ "
" لا بأس, شكرا. كيف حالك انت يا لايتمر وكيف هي زوجتك؟ "
وكان الترحيب المعتاد والكلمات القليلة التي تتكرر هي نفسها تقريبا مع كل رحلة وكل عودة. دخل جايك السيارة الكبيرة الفخمة وجلس خلف مقود القيادة ينفث دخان سيكاره الفاخر وينتظر بعصبية انتهاء سائقه من من توضيب الحقائب في صندوق السيارة انه الان في لندن ويتحرق للوصل الى لبيته بعد ان غاب عنه لاكثر من ثلاثة اشهر. صعد لايتمر الى جانب رب عمله الذي انطلق بالسيارة بمجرد سماعه صوت اغلاق الباب. كان جايك يحب قيادة سيارته بنفسه في اوقات فراغه. وفجأةتطلع بسائقه وسأله:
" كيف حال السيده هاورد يا لايتمر؟ هل استلمت الزهور التي ارسلتها لها من غلاسكو؟ "
" نعم يا سيدي وصلت الزهور. واعتقد ان السيدة بخير والحمد لله ولكنها اصيب كغيرها عندما برد الطقس بزكام خفيف وسعال متقطع "
هز جايك برأسه ثم سأله:
" وعائلتك يا لايتمر؟ هل الجميع بخير؟ كيف حال ابنك هذه الايام اعني الابن الموجود في الجامعة؟ هل تعتقد انه سيتخصص في الفيزياء والكيمياء؟ "

ماري-أنطوانيت
08-08-2007, 14:24
ابتسم لايتمر واجاب بحماس وفخر:
" انه يرغب في ذلك يا سيدي واعتقد ان نتائجه حتى ألان مرضية. انه في السنة الثالثة كما تعلم وأنا متأكد من انه يقدر لك اهتمامك يا سيدي "
وصل جايك إلى منزله الواقع في ميدان كيرسلاند الذي يضم أبنية فخمة يملكها رجال أعمال وحرفيون ومهنيون. وكان لايتمر يعيش مع زوجته التي تعمل كمدبرة منزل في بيت جايك وبقية أفراد عائلته في شقة حديثة ملحقة بالفيلا ولكنها خاصة بهم وتثير إعجاب وربما غيرة الأصدقاء والأقرباء. أوقف جايك سيارته أمام البيت فما كان من سائقه إلا أن نزل قبله وفتح له الباب قائلا:
" هل ستحتاجني بعد خلال هذه الليلة يا سيدي؟ "
رفع جايك طوق سترته ليرد عن عنقه هواء الليل البارد وقال:
" لا اعتقد شكرا. بإمكانك الآن أن تضع السيارة في مكانها "
" حاضر سيدي "
صعد جايك الدرجات الست وفتح الباب بمفتاحه الذي لا يفارقه وتوجه نحو القاعة عبر مدخل جميل رائع وهناك لاحظ أن الأبواب التي تؤدي إلى غرفتي الطعام والاستقبال والغرفة التي يستخدمها كمكتب خاص كانت جميعها مغلقة على غير عادتها. اين هي هيلين؟ كانت دائما تحضر لملاقاته واستقباله عندما يعود! الم تسمع صوت السيارة او فتح الباب وإغلاقه؟
رمى سترته دون اكتراث على احد المقاعد وهم بالخروج وفي تلك الآونة فتح الباب المؤدي إلى المطبخ والطابق السفلي حيث يسكن السائق وعائلته ودخلت منه مدبرة المنزل السيدة لايتمر حيته بتهذيب قائلة وهي تأخذ سترته لتعلقها في غرفته:
" مساء الخير يا سيدي وأهلا بك؟ هل كانت رحلتك موفقة؟ "
" شكرا والحمد لله. كيف حالك انت يا سيدة لايتمر؟ "
انهى جملته وتطلع حوله بتساؤل واستغراب. اجابته السيدة لايتمر بهدوء ولكن وجهها كان منزعجا بعض الشئ. انها امرأة مخلصة ولطيفة بدأت تعمل في خدمته منذ عشر سنوات عندما اصبح ابنها الاصغر قادرا على الاعتناء بنفسه. زوجها يعم مع جايك منذ ثلاثةعشر عاما وقد اصبحا بعد تلك السنوات القليلة يعرفان مخدومهما حق المعرفة ولذا شعرت في تلك اللحظة لنه سيسأل عن زوجته.
" اين السيدة هوارد؟ "
ازداد انزعاجها فاحمر خداها وقالت:
" انها خارج المنزل يا سيدي "
الا يعرف ذلك! ضبط اعصابه وحد من غضبه قليلا ثم سألها بانفعال:
" اعرف انها ليست هنا...ولكن اين هي؟ "
" لست متأكدة يا سيدي لم تقل الى اين ذهبت. كل ما اعرفه انها مع السيد مانرينغ "
صعق جايك لسماع هذا الاسم. كان يتوقع سماع اي اسم اخر ولكن. . .
" مانرينغ؟ كيث مانرينغ؟ "
" اعتقد ذلك يا سيدي. العشاء...جاهز يا سيدي. من المؤكد انك جائع. هل تريد....ان....؟ "
حل جايك ربطة عنقه بعصبية ظاهرة وسألها مقاطعا:
" اخبريني...هلكانت زوجتي تعلم انني سأصل هذه الليلة ؟"
" طبعا يا سيدي. الزهور التي ارسلتها من غلاسكو وصلت مساء امس "
" حسنا "
عقد جايك جبينه وضاق اتساع عينيه غضبا ثم قال:
" حسنا يا سيدة لايتمر. سأستحم الان واتناول عشائي بعد. . ."
وتطلع الى ساعته الذهبية الكبيرة ثم تابع جملته:
" . . . بعد عشرين دقيقة تقريبا "
صعد جايك الى غرفته بسرعة وكأنه يهرب من واقع مرير وكان كلما صعد درجة شعر بمزيد من الغضب والاستياء. تألم بشدة وكأنه طعن بالظهر. لماذا اختارت هيلين هذه الليلة بالذات لتخرج من المنزل؟ بعد كل الرحلات السابقة كانت تنتظر وصوله وتستقبله بابتسامة رقيقة واستعدادا لا يضاهى للاستماع الي تفاصيل صفقاته التجارية وكانت تبدي تعاطفا او تقدم نصيحة كلما كان ذلك ضروريا. اللعنة! اليست هذه مهمتها المتفق عليها؟ لقد اشتراها...نعم اشتراها لهذا الغرض لا لكي تمضي وقتا ممتعا مع ذلك اللعين كيث مانرينغ!.
خلع ثيابه ودخل الحمام وظلت افكاره مشوشة ومشاعره غاضبة. كيف تجرؤ على الخروج وملاقاة رجل هجرها قبل ثلاث سنوات في حين انه هو جايك هوارد الذي انتشلها من مصيبتها...وتزوجها...واغدق عليها الاموال بدون حساب

ماري-أنطوانيت
08-08-2007, 14:25
فكيف تسمح لنفسها بلقاء ذلك الشاب اللعين في الوقت الذي يكون فيه زوجها خارج البلاد؟ ماذا سيقول الاصدقاء... وكيف سيفكرون؟
انهى حمامه وارتدى ثيابه وهم بالتوجه الى قاعة الطعام ولكنه شعر فجأة برغبة قوية للدخول الى غرفةهيلين. فتح باب الغرفة واخذ يتأملها بسخرية. اثاث رائع الجمال, الوان اخاذة, ذوق رفيع وغنى فاحش. اغلق الباب بعنف قبل ان يقدم على عمل متهور...مثلا كرمي كل شئ في الخارج او احراق المفروشات والستائر والسجاد! كيف تجرؤ على الخروج من البيت ليلة عودته؟ ومع مانرينغ بالذات! الا تعرف مع من ترتكب مثل هذه الحماقة؟ هل تظن هذه الغبية السخيفة على انه لن يعترض على ان قيامعلاقات بين زوجته ورجال اخرين؟ لا...هذه لا يحد ابدا مع جايك انتوني هوارد فهو عندما يمتلك شيئا يصبح ذلك الشئ كله ملكا له وحده...دائما...وطوال الوقت وليس فقطعندما يختار اخراجه من علبته بين الحين والاخر ليمتع ناظريه به.
" العشاء جاهز يا سيدي "
" حسنا حسنا... شكرا يا سيدة لايتمر"
جلس جايك الى مائدة الطعام وحاول جاهدا اظهار الاهتمام والرضى بنوعية الطعام وطريقة طهوه وكادت مشاعره المتأججة ان تغريه باستجواب مدبرة امنزله حول نشاطات زوجته اثناء غيابه. كان يتحرق لمعرفة كم مرة التقت هيلين فيها بذلك الوغد وما اذا كانت احضرته الى البيت. اه من تلك الفكرة كم هي شنيعة ومرعبة! كيث مانرينغ هنا...في بيته!.
ولكنه لم يقل شيئا ولم يسألها عن اي شئ بل حاول التصرف وكأن غياب هيلين ليس مهما. انهى عشاءه الذي كان سيستمتع به كثيرا لو لم يكن في مثل تلك الحالة من الغضب والانزعاج ثم شكر السيدة لايتمر واذن لها بالذهاب وهو يتوجه حاملا فنجان القهوة الى غرفة الجلوس.
جلس وحيدا وحيدا امام التلفاز يشاهد استعراضا غنائيا راقصا وهو امر قلما فعله في السابق ففي الفترات القليلة التي يمضيها في لندن تكون سهراته مفعمة بالحركة والنشاط فاما ان يحضر حفلة او مسرحية او يقيم حفلة في بيته لاصدقاء وزملاء العمل. وفي المرات النادرة التي لا توجد فيها هذه النشاطات المعتادة يحضر معه الى البيت بعض اوراقه ودفاتره ويعمل بهدوء وسكينة .
الا انه لم يتمكن من العمل هذه الليلة مزاجه لا يسمح له بالتركيزعلى تلك العقود التي كان ينوي العمل عليها بعد العشاء وبعد ان يروي لهيلين تفاصيل الرحله. انه ينتظر عودتها على احر من الجمر ليواجهها ويصب جام غضبه عليها ليفهمها بلهجة صريحة وواضحة ان عليها كزوجة واجبات معينة لا يمكن التساهل بشأنها مهما كانت علاقتهما سيئة وغير مرضية. لقد قبلت عرضه بالشروط التي حددها وهو لن يسمح لها ابدا بأي تجاوزات او تعديلات للاتفاق.
وفجأة تحول تفكيره دون ارادة منه الى تلك الشابة التي التقى بها مرات عديده خلال الاسابيع القليلة الماضية ولاحظ بسرور بالغ ان
((لويز كورللي)) كانت بالتأكيد عاملا رئيسيا في جعل اقامته اقل وحده واكثر متعة وكان عزاؤه لضميره بأن الوضع مختلف فهو رجل...اليس كذلك؟ ورجل له شهية الرجال! وخارج بلاده! يبعد الاف الكيلومترات عن بيته واصدقائه وعن اي شخص يمكن ان يثرر عن تلك العلاقة...اما هيلين فهي هنا في لندن حيث كل خطوة من تحركاتها تكون عرضه للتكهن والاقاويل من جانب الاصدقاء والاعداء على حد سواء .
مرت ساعات المساء بطيئة ومتثاقلة في حين كان غضبه يزداد حدة ويكاد يصل الى درجة الغليان. موسيقاه الكلاسيكية المفضلة لم تساعده كما في السابق على التخفيف من حدة توتره وانقباضه وفجأة سمع صوت الباب يفتح ثم يغلق...انها هيلين! واحس برغبة في الخروج للقاعة ومطالبتها بايضاح فوري قبل ان يبدأ بالصراخ والتحذير والتهديد ولكنه قرر البقاء في مكانه لانها هي ستأتي اليه. وبعد لحظات دخلت هيلين جميلة وفاتنة بشكل خاص. اه انها ترتدي ذلك الفستان الازرق المطرز بالفضة الذي ابتاعه لها من اليابان قبل ستة اشهر والذي لم تلبسه مرةواحدة قبل الان انه يريد تمزيقه لانها لم تلبسه الا لتخرج مع كيث مانرينغ. يا للوقاحة وقلة الحياء .
" مرحبا جايك. انك تبدو في حالة جيدة. كيف كانت رحلتك؟ "
سيطر جايك على اعصابه واجاب بلهجة باردة:
" ناجحة الى حد كبير "
" اوه هذا خبر جيد "
اضطرت هيلين للتطلع فيه مرةاخرى فشاهد القلق والانزعاج في عينيها وسمعها تقول متلعثمة:
" انا...انا اسفة لاني...لاني لم اكن هنا...عندما عدت الى البيت. كنت...كنت مرتبطة...بموعد "
" اعرف ذلك "

ماري-أنطوانيت
08-08-2007, 14:26
احمرت وجنتاها واخذت نفسا عميقا ثم قالت:
" من المؤكد ان السيدة لايتمر اعدت لك عشاء ممتازا و. . ."
انفجر جايك غاضبا وقاطعها قائلا:
" لتذهب السيدة لايتمر وعشاءها الممتاز الى الجحيم "
مدت هيلين راعيها الى الامام متوسلة الهدوء والتفهم:
" جايك ارجوك. . ."
" ارجوك ماذا؟ اللعنة على هذا الرجاء اين كنت يا امرأة؟ "
بلعت هيلين ريقها بصعوبة وتراجعت خطوة الى الوراء وقالت:
" لقد اخبرتك السيدة لايتمر بالتأكيد. . ."
" انا لست مهتما بالسيدة لايتمر وبما قالته انا اريد ان اعرف منك انت بالذات اين كنت ومع من؟ "
لم تجد هيلين بدا من الإجابة فقالت بصوت مرتجف:
" كنت في حفلة...مع كيث مانرينغ "
صرخ جايك بصوت عالي شاتما:
" أيتها الكلبة الحقيرة لا ادري كيف تكون لك الجرأة الكافية لكي تقفي أمامي هكذا وتقولين لي بمثل هذه البساطة انك كنت مع رجل أخر ومع ذلك الوغد بالذات مانرينغ! "
رفعت هيلين رأسها وأرغمت نفسها بصعوبة على التطلع بعيني جايك وقالت له بقلة اكتراث:
" ولم لا؟ "
" لم لا؟ ماذا تعنين بهذا السؤال الوقح الأجوف؟ لم لا؟ انك زوجتي أليس هذا جوابا كافيا ؟"
كانت هيلين في تلك اللحظة تداعب خاتم الماس الذي يقدر ثمنه بآلاف من الجنيهات والذي أهداها إياه جايك يوم إعلان خطوبتهما وكانت عيناها زائغتين وحائرتين ومشاعرها متضاربة وأفكارها مشوشة ثم سألته بهدوء:
" وأنت هل يكفيك أيضا هذا الجواب...بأنك زوجي؟ "
احتار جايك فسألها مستغربا:
" ماذا تعنين بهذا السؤال الارعن؟ "
رفعت هيلين مرة اخرى حاجبيها متضايقة وقالت:
" كنت اظن انه واضح جدا وليس بحاجة الى جواب او تفسير. هل تعتقد انا ما من احد من الاصدقاء سيتبرع بابلاغي انباء مغامراتك وانتصاراتك الغرامية؟ وبأنني لن اشعر بالقرف والاشمئزاز عندما تتكرر هذه الاخبار باستمرار ومن افواه اشخاص يدعون كذبا بأنهم مخلصون ومهتمون بمصلحتي؟ "
" رباه ماذا اسمع؟ وتعتقدين ان....ان تصرفاتي هذه تخولك التصرف على نحو مماثل اهذا ما تحاولين قوله؟ "
" لا! "
قالتها بعصبية وايجاز شديدين لفتا نظره وجعله يستدير لمواجهتها مرة اخرى. اما هي فتابعت قذف حممها باتجاهه:
" لا يا سيد جايك! انا لست مثلك! انا لست حيوانا يطلق لشهواته العنان ويستسلم لمطالب جسده محاولا تلبيتها كيفما كان بغض النظر عن الزمان او المكان.....او الشريك "
" وتعتبرين انني انا.....حيوان؟ "
احمر وجهها وقد حل الغضب محل الخجل والسخط محل اللياقة والهجوم محل الدفاع وقالت بلا اكتراث:
" الحقيقة يا جايك انه لم يعد يهمني من انت. ولكني لا ارى أي مبرر لشكواك من تصرفاتي. وفيما يتعلق بي شخصيا فان هذه الاشهر الثلاثة الاخيرة كانت القشة التي تقسم ظهر البعير. انني لا اجد سببا لاعزل نفسي عن اصدقائي لمجرد انني متزوجة منك و. . . "
هل انا مضطر لتذكيرك بأن من تسمينهم اصدقاء هجروك فور وقوع تلك الحادثة التي اودت بحياة والدك؟ "
وجهت اليه نظرة ثاقبة وقالت بضيق وانفعال:
" هذه ملاحظة تافهة ورخيصة "
هز جايك كتفيه العريضين وهو يتأملها بتفحص وتمعن. كانت تلك المرة الاولى التي يراها عصبية المزاج وقادرة الى حد ما من الدفاع عن نفسها ومواجهته بقوه وثقة بالنفس. ثم قال لها بدون ان يبعد نظراته عن عينيها:
" ولكنها ملاحظة صحيحة في أي حال! ماذا ستفعلين وبماذا ستعلقين عليها؟ ماذا ستقولين ازاء هذه الملاحظة القاسية والجافة؟ انني انسان غير مهذب انسان شبيه بذلك الوغد الوقح مانرينغ ؟ "
" كيث رجل مهذب ويحسن التصرف "

ماري-أنطوانيت
08-08-2007, 14:28
" اوه اهذا ما تعتقدين؟ وما هو تفسيرك لكلمة مهذب يا ترى؟ هل الرجل السيد المهذب هو الذي لا يأكل حبوب الزيتون قبل ان يقطعها بالسكين؟ او الذي يذهب الى شاطئ البحر مرتديا سترة سوداء رسمية؟ "
" انت انسان فج ووقح! انا ذاهبة الى النوم "
هجم نحوها بخفة وسرعة وقال لها بعصبية ظاهرة:
" هل انت ذاهبة حقا؟ لا يا صغيرتي...لن تذهبي قبل ان اسمح لك او اطلب منك ذلك "
رفت رأسها ونظرت اليه وهي لا تصدق اذنيها:
" انت مجنون يا جايك! نحن الان في اواخر القرن العشرين...وانت لست سجاني! لا, لا يمكن ان تفرض علي القيام بكل ما تريد في أي وقت تريد "
ضم شفتيه بقوة وقال لها بسرعة وتهكم غاضب :
" لا يمكنني ها؟ لو كنت مكانك لما عولت كثيرا على هذا الشعور "
سارت هيلين نحو الباب ولكنها لاحظت انه لا يحيد عن طريقها فقالت له:
" جايك هذا الحديث لا يعجبني على الإطلاق وأتمنى لو انه لم يبدأ أبدا "
رد عليها جايك بحدة وسرعة:
" وأنا أيضا ولكن هل لي أن أذكرك بأن غيابك عن البيت هذا المساء هو السبب؟ :
" أنا متعبة جدا هل بالإمكان بحث هذا الموضوع غدا صباحا؟ اعتقد ان حديث الصباح سيكون أفضل وأجدى لأننا سنكون...سنكون اقل انفعلا واكثر عقلانية "
تطلعت هيلين بطريقة لا شعورية إلى الطاولة التي كان يجلس قربها ولكنها ندمت على ذلك وقالت بسرعة:
" لا هذا لا يعني شيئا "
تضايق جايك من تلك النظرة العفوية وقد فهم مغزاها والتهمة الصامتة التي كانت تحملها وقال:
" وهل تعتقدين إنني....أوه هيلين! هذا أمر لم يحدث من قبل وان . . . "
قاطعته بتهذيب وهدوء:
" ولا أريده ان يحدث. وألان هل تسمح لي بالذهاب إلى الفراش؟ "
ابتعد جايك عن الباب ولكن ملامحه القاسية والغاضبة لم تهدأ أو تنفرج. ثم سألها قبل ان تتحرك من مكانها:
" الست مهتمة بما أحضرته لك من الولايات المتحدة؟ كنت دائما اعتقد ان هذا هو سبب زواجك مني...أن تحصلي على اكبر قدر من الفوائد المادية من هذه الحياة! "
نظرت إليه هيلين بقسوة وتقزز وشعرت أنها على وشك توجيه صفعة مؤلمة ومخزية الى وجهه الساخر والحاقد ولكنها لم تفعل شيئا سوى شد قبضتها والتطلع إليه شزرا وهي تسرع بسرعة وانفعال إلى غرفتها.



***نهاية الفصل الاول***

*لميس*
08-08-2007, 17:15
قريت الملخص وشكل الروايه حلوه راح أقرأها وأرد عليك ياميمي


بس فيه ملاحظه سغنطوطه...!!!^_^


ممكن تغيري لون الخط وتخليه لون غامق؟!!! لأن اللون هذا تعب

عيني*_*


تحياتي
*لميس*

sa3et 7anan
08-08-2007, 18:25
رااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااائع


لموسة


بجد


مشكووووووووووووورة


ومااااااااااااااااااااااااااارى


مرحبا من جديد


ولا تتاخر علينا بباقى الرواية

sa3et 7anan
08-08-2007, 18:59
انا لسة شايفة

مشاركة شايننج تيرز

بجد الله فى عونك

وربنا يجعل مثواه الجنة


امين

ماري-أنطوانيت
09-08-2007, 14:43
2- ضحكة نصفها حزن


أنهت هيلين تسريح شعرها ووضع قليل من المساحيق على وجهها ثم جلست تنتظر جايك الذي الذي كان بدوره يستعد لسهرة تلك الليلة. دعيا إلى حفلة استقبال في إحدى السفارات وتلك أول أمسية سيقضيانها معا منذ عودته قبل أسبوع تقريبا.
الليالي الأربعة السابقة أمضاها في العمل المتواصل لم يتوجه إلى غرفته قبل مضي الجزء الأكبر من ساعات الليل ومع أن هيلين كانت معتادة على ذلك طوال السنوات الثلاثة الماضية إلا أنها لاحظت أن الجو الذي ساد خلال الأسبوع الأول لعودته الأخيرة من الولايات المتحدة اتسم إلى حد كبير بالتوتر والانفعال وكأن تحولا جذريا قد حدث في علاقتهما أو في تصرف كل منهما مع الأخر.
قبل رحلته هذه كانا يتحدثان فترات طويلة ولا بأس أن كان معظم الحديث يتركز حول تجارته وصفقاته المتعددة ولكن العلاقة لم تكن أبدا متوترة على هذا النحو أو إلى هذا الحد. وتساءلت بانزعاج بالغ عما إذا كانت هي وحدها المسؤولية عن هذا التوتر أم أن اللوم يجب أن يقع على عاتقهما معا.!
نظرت إلى المرآة الموجودة أمامها بحزن وتأثر هل من المنطق أو المعقول أن يتوقع منها جايك التخلي عن أشخاص تعرفهم منذ حداثة سنها والاكتفاء بصداقات شكلية وسطحية مع أصدقائه وزوجاتهم صحيح أن لهما أصدقاء مشتركين أمثال جايلز سانت جون ولكن هناك أشخاص تعتبرهم هي مقبولين تماما في حين يجدهم جايك تافهين ومحتقرين وغير جديرين بصداقة أو حتى بمعرفة أو لقاء.
كيث مانرينغ هو واحد من هؤلاء الأشخاص. إنها تعرف كيث منذ سنوات عدة وكانت في إحدى الفترات تتوقع الزواج منه إلا أن هذه المشاعر بالذات أصبحت ملكا للماضي وذكرياته ولم يعد يجمع بينهما سوى الصداقة وفعلا فأي محاولة من جانب جايك لاتهامها بغير ذلك أو للإيحاء بأن ثمة علاقة غير الصداقة العادية البريئة هي محاولة رخيصة وحقيرة. تناولت قلم التجميل وأجرت تعديلا بسيطا فوق عينيها اليمنى ثم عادت إلى التفكير وأحلام اليقظة...والتساؤل. كم من مرة في الأعوام الثلاثة الماضية عانت من التعليقات الجارحة والملاحظات اللاذعة التي كانت تتحفها بها إحدى النساء اللاتي يدعين الاهتمام والصداقة والحرص على المصالح الزوجية...تلك الملاحظات التي تدور في مجملها حول علاقات جايك الغرامية وهذه التي شوهد معها بانتظام وتلك التي كان يغازلها ويجاملها وربما...! وتذكرت هيلين أنها في بادئ الأمر كانت تشعر بالصدمة والحزن...وحتى بالإذلال ولكنها اعتادت بعد ذلك على التأقلم مع الواقع المر لا بل أرغمت نفسها على تقبل ذلك الواقع لأنها لم يكن بإمكانها الحوؤل دونه أو القيام بأي شئ لمنعه أو الحد منه. جايك رجل شبق يتصرف مع النساء كم تفعل النحلة مع الأزهار وهناك الكثير من النساء اللواتي هن على أتم الاستعداد لتلبية حاجاته ومتطلباته وهيلين تعرف أن أيا منهن لا تعني شيئا بالنسبة إلى جايك فبمجرد أن تبدأ إحداهن في وضع شروط أو التقدم بمطالب يطردها من حياته وأفكاره بسرعة وبدون تردد. انه من أولئك الرجال القساة الذين لا يعيرون أي اهتمام لمشاعر النساء أو عواطفهن. ابتسمت هيلين بسخرية عندما لاحظت إنها في بعض الأحيان تأسف لهؤلاء الضحايا.
وقفت وتأملت صورتها كاملة في المرأة الضخمة أمامها إنها بلا شك امرأة جميلة ولا داعي للتواضع و الخجل ولو لم تكن جميلة لما أصبحت زوجة جايك هوارد. كل ما حصل عليه أو يمتلكه يجب أن يكون الأفضل ولكن معرفتها لهذه النقطة الحساسة لم تسعدها أو تمنحها أي شعور بالرضا والسرور. فهي سجينة وهو السجان...هي عصفور جميل رائع يضعه جايك في قفص ذهبي ليسمع صوته عندما يريد ويمتع به نظره عندما يشاء. سمعت طرقا خفيفا على الباب فردت بسرعة وبنبرة حادة عفوية بدون أن تلتفت إلى الوراء:
" ادخل "
فتح جايك الباب ولكنه لم يدخل. كان جذابا في ثياب السهرة الرسمية ومع ذلك فقد ظهر لها من زاوية معينة بدائيا للغاية...ربما كانت طريقة سيره وتحركه أو ربما كانت تلك النظرات المتعجرفة القاسية في عينيه السوداوين الساخرتين. كان يبدو واثقا من نفسه إلى حد كبير وشعرت هيلين بأنه يتوقع سهرة رائعة واستمتاعا بالغا في تلك الأمسية. السهرة بالنسبة إليه كانت نوعا من التحدي...مناسبة لاستخدام مواهبه وشخصيته القوية للتأثير على عدد كبير من الموجودين وخاصة ذوي النفوذ منهم. انه بلا شك ينظر إلى هذه الحفلة كخطوة هامة نحو حصول مؤسسة هوارد على موطئ قدم في تلك الدولة وجارتها الأربعة أيضا. حماس هذا الرجل واندفاعه كانا ولا يزالان وراء نجاحه في قيام تلك المؤسسة العملاقة. ومهما بلغت قوته وثروته

ماري-أنطوانيت
09-08-2007, 14:44
وضخامة مؤسسته فانه سيظل محافظا على ذلك الطموح الجارف والشخصية الفذة.
شعرت هيلين بثروة عارمة داخلها عندما وصل شريط أفكارها إلى هذه النقطة الأخيرة بالذات وتساءلت في تلك الآونة كما كانت تفعل منذ الأسبوع الأول لزواجهما عن الحكمة في قبولها الزواج منه ولماذا قبلت بهذا المنصب الذي تحسدها عليه مئات الشابات والسيدات مع انه منصب مزعج وبارد ومؤلم! لماذا اكتفت بأن لا تكون سوى...زوجة جايك هوارد؟ قسوته, عنجهيته, طبيعته المادية, سحره السريع التأثير, جاذبيته الفتاكة, ثقته التامة بنفسه وقدراته....كلها خصائص تضايقها وترفضها في شريك العمر. ولكنها دأبت على إقناع نفسها دوما بأن عليها تقبل الواقع...على مرارته والحياة الزوجية مع جايك...على صعوبتها. لن تسمح له أبدا بالدخول إلى قلبها وعواطفها لأن من شأن ذلك القضاء على البقية الباقية من أعصابها ومشاعرها...وحتى من كرامتها.
أغمضت عينيها لحظة فسمعته يقول بلهجة توحي بالود والاهتمام:
" انك...جميلة! ولكني متأكد من انك تعرفين ذلك ولست بحاجة لسماعها من الآخرين "
" انه لمن دواعي السرور دائما أن يحصل الإنسان على تأكيدات من الآخرين لما يعرفه أو يشعر به "
هز جايك رأسه بشيء من التهكم ثم اخرج علبة من جيبه قائلا:
" هذه هدية لك "
مشى نحوه ثم سألها وهو يفتح غطاء العلبة أمام عينيها:
" هل يعجبك؟ "
وكيف لا! قالتها لنفسها وهي تتأمل العقد الرائع الجمال المتقن الصنع...والباهظ الثمن ولكنها احتفظت برباطة جأشها وضبطت أعصابها وقالت له بهدوء وبابتسامة خفيفة:
" شكرا...هل تسمح بوضعه حول عنقي؟ "
" طبعا "
رمي جايك العلبة على السرير ووضع العقد حول عنقها بخفة ومهارة قائلا ببروده مماثلة:
" انه جميل عليك وأظنه يناسبك وخاصة مع ما ترتدينه الليلة "
استدارت هيلين نحوه ولأول مرة منذ دخوله غرفتها وقالت له بلهجة أكثر من عادية وتنم عن عدم اكتراث إلى حد ما:
" نعم انه رائع "
تأملها جاك بتمعن وكأنه يحاول بنظراته الثاقبة معرفة رد فعلها الحقيقي على هديته لها ثم هز كتفيه وكأنه هو الأخير غير مهتم أو مكترث بتجاوبها اللامبالي وقال:
" اشتريته لك من نيويورك ظنا مني انه سيعجبك "
" انه يعجبني "
حملت حقيبة يدها المخملية ثم نظرت إليه وسألته بهدوء:
" هل أنت مستعد للخروج؟ "
رفع جايك معطفها الأنيق الذي كان ملقى على حافة السرير وساعدها على ارتداءه وهو يجيب:
" نعم أنا مستعد. لايتمر يحضر السيارة ألان. هل نذهب أم انك تريدين شئ أخر ؟"
لم تجب بل سارت نحو الباب بدون أن تلتفت نحوه أو وراءها وكان لايتمر ينتظرهما بصبر وهدوء قرب الباب الرئيسي.
جايك يحب قادة السيارات ولكنه يفضل الجلوس في المقعد الخلفي عندما تكون هناك حفلات رسمية أو لقاءات عمل أو اجتماعات ضرورية.
أوقف لايتمر السيارة أمام مدخل السفارة وخرج منها مسرعا ليفتح الباب للسيدة في حين تولى احد موظفي الاستقبال فتح الباب الأخر. وبما انه لم يكن هناك أي مكان شاغر لإيقاف السيارة في ذلك الشارع طلب جايك من سائقه أن يذهب إلى البيت على أن يعود إليهما في وقت لاحق.
بعد صعودهما الدرج الرخامي العريض ووصولهما المدخل المؤدي إلى قاعة الاستقبال استأذنت هيلين زوجها وتبعت إحدى المضيفات إلى غرفة جانية مخصصة للسيدات لكي تضع معطفها مع بقية المعاطف وتتأكد من حسن مظهرها قبل الدخول الى القاعة الرئيسية. كانت الغرفة تعج بزوجات الدبلوماسيين والسياسيين وشخصيات المجتمع. علقت هيلين معطفها وألقت نظرة سريعة على نفسها في إحدى المرايا ثم خرجت لملاقاة زوجها والدخول معه إلى الصالة الكبرى. كان جايك بانتظارها ولكنه لم يكن وحده كان يقف مع رجل متوسط العمر يتكلم بحماسه وحيوية فيما كان جايلز سانت جونز

ماري-أنطوانيت
09-08-2007, 14:45
وزوجته جنيفر يصغيان باهتمام بالغ. لوحت جنيفر بيدها عندما شاهدت هيلين وتقدمت نحوها بلهفة قائلة وهي تقبلها:
" هيلين...عزيزتي! لقد مضى دهر على أخر لقاء بيننا. أين أنت وماذا كنت تفعلين خلال هذه المدة الطويلة؟ "
حول جايك نظره بسرعة إلى وجه زوجته الذي احمر قليلا وشعرت هيلين فورا بتلك النظرة الحادة وبتأثيرها عليها. جايك قادر تماما على التظاهر بتوجيه كافة اهتمامه إلى مسألة ما في حين انه فعلا يكون مصغيا إلى موضوع أخر يختلف تمام الاختلاف من حيث الشكل والمضمون. وأحست انه يركز اهتمامه ألان على الجواب الذي ستعطيه ومن المحتمل أن يتوقع منها إبلاغ جنيفر بملاقاتها كيث مانرينغ.
ابتسمت هيلين وأجابتها بلهجتها الواثقة المعتادة :
" توقعت أن تكوني منشغلة هذه الأيام. أنا من ناحيتي كنت منهمكة في إجراء عدة تعديلات وترتيبات جديدة في البيت ثم انك تعرفين كيف أن جايك عاد بعد فترة غياب طويلة و. . ."
لم تكمل جملتها عمدا بل عمدت إلى توجيه نظرة باسمة تحمل أكثر من معنى إلى جايلز الذي كان يمد يده لمصافحتها .
" انك تبدين رائعة بشكل خاص هذه الليلة أيتها العزيزة "
قالها جايلز لهيلين وهو يشد على يدها ويرد على الابتسامة بالمثل ثم يده اليسر إلى العقد الثمين في حين أبقى يده اليمنى ممسكة بيد هيلين وقال:
" هذا عقد رخيص ومقلد وأنا متأكد من انه ليس من وولورتز "
كان جايك قد أنهى حديثه مع السياسي المتوسط العمر وحول اهتمامه الكلي لما يجري قربه ثم وجه نظرة طويلة إلى جنيفر وقال لجايلز بدون أن يرفع نظره عن زوجة صديقه:
" وهل أنت حقا مقتنع بما تقول؟ "
ثم تطلع إلى زوجته وسارع إلى القول ولكن بلهجة جافة وقاسية:
" لماذا لا نزيد الجمال جمالا والتحفة روعة وكمالا! "
ازداد احمرار وجه هيلين وشعورها بالضيق والانزعاج وقالت:
" اعتقد أن هذه المحادثة سخيفة جدا. أليس كذلك يا جنيفر؟ "
وقبل أن يتمكن احد من الرد أو التعليق على ما قالته سارعت إلى توجيه سؤال عن موضوع مختلف تماما :
" أوه جايلز! هل وجدت شيئا جديدا بالنسبة إلى تلك القارورة؟ "
جايلز سانت جونز لم يكن مجرد رجل أعمال وعضو مجلس إدارة في عديد من الشركات بل كان أيضا يهوى الأشياء القديمة التي تحمل قيمة تاريخية وأثرية ويمضي الساعات الطوال في إجراء دراسات وبحوث عنها. وكانت هيلين قد أعطته قارورة فضية صغيرة ليتأكد لها من صحة ما يقال عن أنها صنعت خصيصا لليدي هاملتون والقارورة الفريدة هدية لهيلين من جايك في عيد ميلادها الماضي.
اخذ جايلز يشرح مراحل التحقيقات التي يقوم بها فيما كانوا جميعا يتوجهون إلى قاعة الاستقبال. كانت هيلين تستمع إلى شرح جايلز المستفيض وتصغي في الوقت ذاته إلى لتفاصيل حادثة طريفة حدثت لجايك في إثناء وجوده في أمريكا ولضحكات جنيفر المتواصلة. أزعجها الغنج والدلال ولم تعد تسمع محاضرة جايلز أو نكتة جايك. عاد بها تفكيرها إلى تلك المناسبات النادرة التي كان الحزن العميق وحده يضطرها للتذمر لصديقتها جنيفر من تصرفات جايك وكيف أن جنيفر كانت دائما تأخذ جانبها وتتهم جايك بالحقارة والخسة وتذكرت أيضا انه في كل مرة يجتمع فيها الأصدقاء الأربعة تنسى جنيفر اتهاماتها وتتصرف مع جايك وكأنها تجده جذابا وساحرا للغاية. وللمرة الأولى منذ أن بدأت جنيفر تتصرف على هذا النحو شعرت هيلين بضيق وانزعاج شديدين. وفجأة تطلعت إلى الوراء فلاحظ جايك الانقباض الظاهر على وجهها و....في تلك اللحظة بالذات زلت قد جنيفر فأمسكت بذراع جايك محولة انتباهه عن زوجته. هل تعمدت تلك الحادثة البسيطة أم أنها وقعت قضاء وقدرا؟ ازداد تأثر هيلين وشهرت بألم حاد في معدتها. جايك لم يبحث معها تفاصيل رحلته الخيرة...لم يبحث معها أي شئ منذ أسبوع الحقيقة إنهما لم يتبادلا سوى بعض كلمات عادية وتقليدية فلماذا تغضب ألان إن هو اخبر جنيفر بعض ما حدث معه في تلك الرحلة؟ لا لن تغضب. تطلعت إلى جايلز وابتسمت. لم يلاحظ هو أي شئ غريب يزعجه فلماذا تزعج هي نفسها أو تتضايق.
قاعة الاستقبال الكبرى والغرفتان المتصلتان بها كانت تعج بالشخصيات الرسمية والاجتماعية. استقبلهم احد مساعدي السفير بتهذيب واحترام وتولى التعريف بينهم وبين عدد كبير من المسئولين والرسميين ثم تركهم يتحدثون مع بعض الضيوف فيما توجه هو لاستقبال القادمين الجدد. نظرت هيلين إلى زوجها فشاهدت في عينيه نظرات النمر الذي يستعد للانقضاض على فريسته وعلمت أن تفكيره كله مركز ألان على مواضيع العمل

ماري-أنطوانيت
09-08-2007, 14:46
والصفقات التجارية والمالية وفعلا اعتذر جايك منهم بدعوة انه سيتحدث إلى احد السياسيين القدامى الذين يعرفهم ثم اختفى في ذلك الحشد الكبير قبل أن يتسنى لأحدهم التلفظ بشئ. تطلعت جنيفر بصديقتها وكأنها ترثى لحالها وقالت:
" اعتقد إننا لن نرى زوجك قبل ساعة أو ساعتين من ألان. انه حقا لا يطاق...ألا تعتقدين ذلك؟ "
أحنت هيلين رأسها وردت بهدوء:
" بلى اعتقد ذلك "
ابتسم جايلز ووضع ذراعا على كتف كل منهما قائلا:
" خيرا فعل. الم يتركني مع أروع سيدتين في هذه القاعة! "
ابتسمت هيلين ولكن جنيفر هزت كتفيها ضجرا وقالت:
" ولكن أيها الحبيب الغالي ماذا سنفعل ألان؟ اعني...ألا تعرف أحدا جديرا بالاهتمام ضمن هذا الحشد الكبير؟ "
عقد جايلز جبينه وتطلع حوله باهتمام جدي ثم قال:
" ها! اعرف الرئيس (لباري) الذي يقف هناك مع زوجته كان زميلا لي في جامعة كامبردج. زوجته شابة طيبه ولطيفة وهي كانت ممرضة على ما اذكر"
ظلت جنيفر لبعض الوقت متأففة تشعر بالضجر والملل ثم سألت زوجها فجأة:
" من هو ذلك الرجل الذي يحدق بنا؟ ذلك الرجل المتوسط العمر الذي يقف هناك...هل تعرفه؟ "
" أوه اتعنين (برتي مالارد) نعم اعرفه "
ثم تابع حديثه بعد أن الرد التحية لذلك الرجل:
" انه في الحقيقة اللورد مالارد أنا متأكد من إنني ذكرت اسمه عدة مرات أمامك يا جنيفر. انه خبير ممتاز في المفروشات القديمة "
" بحق السماء يا جايلز! أين الإثارة والاهتمام...رئيس لإحدى الجمهوريات الصغيرة الفقيرة وزوجته الممرضة السابقة أو إحدى اللوردات المتخصصين بالمفروشات العتيقة البالية. إلا يحضر مثل هذه المناسبات أناس يفتحون الشهية؟ أشخاص في الثلاثين أو العشرين ويحبون الحياة؟ "
" طبعا, طبعا لنتنقل بين هؤلاء الناس علنا نجد مبتغانا! "
اضطرت هيلين لمجاراتهما في التنقل والمشاركة في الحديث ولكنها كانت متضايقة وتشعر بالانقباض جنيفر على حق جايك لا يطاق لماذا يحضرها إلى مثل هذه الحفلات عندما يكون مصمما على تركها وحدها طوال الوقت؟ مضت ساعة كاملة لم تلمح جايك خلالها ولو مرة واحدة وفجأة شعرت بيد رجل تداعب ذراعها استدارت سرعة ليواجهها كيث مانرينغ بابتسامة ودية
" كيث؟ ماذا...ماذا تفعل هنا؟ "
جايلز وجنيفر استدارا أيضا عندما سمعا صوتها وتلعثمها. جايلز يعرف كيث معرفة وثيقة ولذا حيا كل منهما الأخر بحرارة أما جنيفر فقد وجهت إليه ابتسامة عريضة قائلة له بلهجتها المعتادة:
" كيث أيها العزيز الغالي! ما أروع هذا اللقاء أنا متأكدة أيضا من أن هيلين مسرورة أيضا بلقائك زوجها هجرها منذ بداية هذه الحفلة...وكلنا نشعر بالضجر والسأم "
نظرت إليها هيلين بغضب واشمئزاز. إن أخر شئ تريده في العالم هو أن تتكون لكيث فكرة خاطئة عما تشعر به نحوه صحيح انه يعجبهما وأنهما صديقان ولكن هذا هو كل ما في الأمر. كيث شاب في مقتبل العمر وصاحب شخصية محببة وخاصة مع الفتيات. هيلين تعرف ذلك ولكن علاقتهما اقتصرت حتى ألان على الصداقة البريئة وهي تريدها أن تظل هكذا...صداقة تحتفظ بها دون أن تتطور أو تنقلب إلى عداوة ولكنها سمعته يقول لجنيفر:
" جئت خصيصا للقاء هيلين "
نظرت إليه بتعجب فشاهدته يبتسم ويوجه حديثه إليها قائلا:
" تمكنت من الحصول على بطاقتين للحفلة الموسيقية التي سيقيمها ماهلر والتي كنت ترغبين في حضورها. فما رأيك؟ "
يا للمصيبة! احمر وجهها وقالت بتردد واضح:
" أوه! أوه الحفلة لا ادري...لا اعلم! اعني أننا عندما تحدثنا بشأن هذه الحفلة كان جايك...لا يزال مسافرا. أما ألان...فهو هنا "
كانت جنيفر تصغي بتأفف لاعتذار هيلين ثم قالت لها بشئ من الدهشة والاستغراب:
"بربك يا هيلين! هل تعقدين أن جايك سيأخذك بعين الاعتبار إذا كان يرغب بالذهاب إلى مكان ما أو مرافقة إنسان ما؟ انه ليس سجانك قفي على قدميك بثبات واتخذي موقفا صارما...كوني مستقلة "

ماري-أنطوانيت
09-08-2007, 14:47
عضت هيلين بقوة على شفتيها حتى كادت تدميها إنها تعلم أن جنيفر على حق وهذه الليلة بالذات هي خير دليل على عدم اكتراثه بها تركها منذ بداية السهرة وحيدة...برعاية جايلز.
" لا اعلم يا كيث. . . !"
توقفت عن متابعة جملتها وتجمدت في مكانها عندما شاهدت زوجها يقترب منهم وفي عينيه نظرات الرضا والاكتفاء كتلك التي تظهر في عيني هرة انتهت لتوها من تناول طعامها المفضل ولكن تلك النظرات قست وتحولت إلى الغضب عندما شاهد كيث يقف بالقرب من زوجته.
وضع يده على كتف زوجته وشد بقوة وهو يقول بلهجة من يأخذ الأمور بروح رياضية وعدم اكتراث:
" يا للصدفة! انه كيث أليس كذلك؟ قل لي ماذا يفعل محامي نظيف اليد مثلك في مكان كهذا؟ "
كان التحقير واضحا في تلك اللهجة مع أن الكلام بحد ذاته لم تكن فيه اهانة أو شتيمة. ومع أن كيث لم يكن طويلا أو عريض المنكبين كجايك إلا انه أعجب هيلين عندما شمخ برأسه وقال بهدوء ملحوظ:
" الحقيقية يا هوارد أنني جئت للقاء زوجتك لدي بطاقتان لحفلة موسيقية اعرف أنها متشوقة لحضورها "
حولت هيلين نظرها عن وجه الشاب الذي صبغه الاحمرار والانزعاج والانفعال إلى وجه جايك الهادئ والقاسي. وكان واضحا من زيادة شدة قبضته على كتفها انه فوجئ بالتفسير الفوري والصريح الذي صدر عن كيث. إلا أن جايك لا يسمح لمثل هذه المواقف بأن تؤثر على تفكيره أو تصرفاته.
" هكذا إذا! "
اخذ سيكاره قدمها له جايلز في ذلك الوقت بالذات على أمل التخفيف من حدة المواجهة المتوقعة بين الرجلين. وببرودة أعصاب مزعجة تطلع بكيث وسأله:
" وما يحملك على الاعتقاد بأنني لن أتولى هذه المهمة بنفسي إن كانت زوجتي راغبة فعلا بحضور الحفلة المذكورة ؟"
تردد كيث ربما لأنه انتظر جوابا أخر أو سؤالا مختلفا. ثم قال:
" فهمت من هيلين أن الحفلات الموسيقية الكلاسيكية تزعجك وتضجرك "
" أهذا حقا ما قالته لك زوجتي؟ "
وضع السيكاره بين شفتيه في هدوء غريب فسارع جايلز لإشعالها له. وبعد أن نفث سحابة كبيرة من الدخان على مقربة من وجه كيث عاد إلى الكلام:
" يجب أن تخبرني عن الأمور الأخرى التي تحدثك بها زوجتي يا كيث. أنا مهتما جدا لسماع تقييمها الفذ لأنواع الموسيقى التي . . . "
قاطعته هيلين بانفعال وتوسل:
" جايك, أرجوك! أرجوك! "
رد عليها بهدوء مفتعل:
" أرجوك ماذا؟ "
أرجوك ألا تفتعل شجارا لقد أبلغت كيث قبل قدومك انه...انه لا يمكنني قبول دعوته "
" أوه هكذا إذن! ولكن لماذا؟ هل منعتك من قبول دعوة كهذه؟ "
" لا! لا! "
تطلعت هيلين حولها بانزعاج بالغ وقالت:
" جايك أنا لا أريد الذهاب "
" ولكنني أصر على ذهابك إذ ليس من المعقول أن ترفضي بعد أن تعذب كيث إلى هذا الحد للحصول على البطاقتين! بالمناسبة ما هو موعد الحفلة؟ "
اخرج كيث البطاقتين من جيبه بانفعال ثم أجاب:
" يوم الخميس المقبل في الثالث والعشرين من هذا الشهر "
" الثالث والعشرون ها ! أوه تذكرت ألان هناك مؤتمر سيعقد في باريس في الرابع والعشرين ولذلك فعلى الأرجح أن أكون غائبا ليلة الخميس. أنا متأكد من أن هيلين ستكون مسرورة بمرافقتك لها إلى الحفلة المشهورة "
نظرت هيلين إليه بغضب وشعرت بكره شديد نحوه لأنه ينظم لها حياتها بمثل هذه اللامبالاة الكريهة. لماذا يصر ألان على قبولها الدعوة بينما رفضها بعنف وقسوة يوم عودته الأخيرة إلى لندن؟ هذا التناقض الكبير أوقعها في حيرة مزعجة.
تنهدت جنيفر وشعر جايلز بشئ من الراحة والسكينة بسبب النتيجة السلمية للمواجهة. ولتثبيت الهدوء اقترح جايلز أن يتوجهوا جميعا إلى موائد المأكولات العامرة أما كيث فقد اغتنم الفرصة ليستأذن بالذهاب بعد أن قال لهيلين بأنه سيتصل بها لاحقا. على اثر ذلك خيم صمت مزعج على الرجلين وزوجتيهما وكانت هيلين بالطبع أكثرهم انزعاجا وتضايقا فلم تتمكن من تناول لقمة واحدة من تلك المأكولات الشهية المنوعة. كيف لا يكون الجو

ماري-أنطوانيت
09-08-2007, 14:48
متوترا إلى هذه الدرجة وجايك لا يقول شيئا ولا يجيب إلا بنعم أو لا عندما يحاول جايلز أو جنيفر التحدث معه ولم يحدث أي انفراج على الرغم من المحاولات المتكررة من جانب الصديقين المشتركين إلا عندما تقدم منهم السفير بنفسه مرحبا ومجاملا عندها فقط انفرجت أسارير جايك وأطلق للسانه العنان ولكنه كان دائما طيبا ولطيف المعشر عندما يتحدث في مواضيع تتعلق بمشاريعه أو صفقاته. بمجرد انتقال السفير إلى مجموعة أخرى من الضيوف أعلن جايك عن رغبته في العودة إلى البيت على الرغم من أن الحفلة كانت لا تزال في أوجها. عاد بسيارة أجرة لأنه لم يشأ البقاء حتى الموعد الذي حدده لسائقه وكانت هيلين متخوفة طوال الوقت مما سيقدم عليه جايك. ماذا سيقول؟ ماذا سيفعل؟ .
ابلغ جايك سائقه بأنه لم يعد بحاجة إليه تلك الليلة في حين توجهت هيلين بعصبية الى قاعة الجلوس وعادت التساؤلات المزعجة تضج في رأسها ماذا كان هدفه عندما دفعها دفعا لا بل أرغمها على قبول دعوة كيث؟ ما هي الأسباب الحقيقية لهذا التحول المفاجئ في تصرفاته؟ لا لن تدع غضبها يسيطر على تفكيرها سترغم نفسها على معالجة الموضوع بهدوء وروية لا داعي لشعورها بالذنب فهي لم ترتكب خطأ أو تقدم على عمل تخجل به.
أعدت لنفسها فنجان من القهوة المرة وجلست ترشفه بهدوء بعد أن خلعت معطفها ورمته على المقعد المجاور. دخل جايك فسألته عما إذا كان يرغب في فنجان مماثل ولكنه رفض بحركة من يده لم يزعج نفسه بالرد عليها أو حتى بالنظر إليها وكأنها غير موجودة. هل تعود إلى الانفعال أم تحتفظ برباطة جأشها!!
ولكن المشكلة أن جايك ليس غبيا وهي تعرف ذلك وتعرف أيضا أسلوبه القاسي في إخراس موظفيه والحك من شأنهم وقدرهم. الشخص الوحيد الذي له تأثير يذكر على جايك يقيم في سلبي على بعد بضعة مئات من الكيلومترات. وهيلين لم تكن راغبة أبدا في طلب المساعدة من والدة زوجها لأنها تعرف مدى احتقار تلك السيدة العجوز لها ولطريقة حياتها.
وضعت فنجان القهوة على الطاولة الصغيرة وبدأت تسير نحو غرفتها وهي تأمل آن يكون صمته علامة غضبه الوحيدة ولكنه اقترب منها مسرعا وقال بلهجة جافة وقاسية:
" والى ابن تظنين انك ذاهبة؟ "
" إنني متعبة يا جايك وأريد التوجه إلى الفراش "
رد عليها بنبرة حادة وكأنه يتهمها بشئ خطير:
" انك دائما متعبة...وخصوصا عندما تضطرين لمواجهة أمور غير سارة أو مستحبة ! "
تنهدت هيلين وردت عليه بروية عناية:
أنا لا أرى أي داعي لتفوهك بكلام غير مستحب. إنني لم افعل شيئا اخجل به...أنا لست طفلة يا جايك تؤنب وتقاصص بعد كل مرة تخرج فيها من البيت. وإذا كنت متضايقا لما حصل مع كيث فما عليك إلا أن تلوم نفسك "
" ألوم نفسي؟ رباه هيلين ماذا تقولين؟ انك حقا وقحة...هل تظنين إنني سأقبل هذه الوقاحة منك؟ "
" جايك ألا تعتقد انك أمعنت في إذلالي بما فيه الكفاية في أمسية واحدة؟ بربك قل لي ماذا سيقول جايلز وجنيفر بعد كل الذي شاهداه هذه الليلة؟ "
رفع حاجبيه غضبا وقال لها بتهكم حاقد وشامت:
" ألا تدرين؟ هذا يعني انك لا تعرفين أصدقاءك حق المعرفة أليس كذلك؟ فأنت لا تتطلعين إلا إلى القشور انك سطحية سخيفة لا تعرفين دوافع هؤلاء الأصدقاء أو مشاعرهم الحقيقية "
جرحتها أهانته وكلماته القاسية الفجة فسألته بتأثر واضح:
" وماذا تعني بهذا القول؟ "
" اعني أن جايلز المسكين يتمنى أن يكون لديه نصف فظاظتي وقلة تهذيبي وان ينجح في استخدام هاتين الصفتين. كما أن جنيفر تشعر بالمقابل بمزيد من الاحتقار له لضعف شخصيته وقلة جرأته "
" جنيفر لا يمكن أن تفكر هكذا. أنها تجدك رجلا جلفا وفظا وهي مثلي لا تحبك أو تطيقك "
ابتسم جايك رغما عنه بسبب حماسها واندفاعها ولكنها لم تكن ابتسامة سارة أو صافية ثم قال لها بسخرية:
" وهل تصدقين ذلك؟ ألا تعلمين أن صديقتك جنيفر مستعدة للتضحية بالغالي والرخيص لتحل محلك؟ "
" وماذا تعني بذلك؟ "
" ما اعنيه أيتها الزوجة الارستقراطية البريئة أن جنيفر هي بالنسبة إلي صيد سهل أتفهمين؟ مجرد إشارة واحدة من زوج صديقتها وصديق
زوجها . . . "

ماري-أنطوانيت
09-08-2007, 14:49
تسارعت نبضات قلبها وأخذت تتنفس بسرعة وعصبية ثم قالت له بكره واشمئزاز:
" انك...انك سافل وحقير وأنا لا أصدقك... جنيفر ليست هكذا أبدا لقد قلت لك أنها...أنها تحتقرك "
" وهل تريدين أن اثبت لك ما قلته؟ "
" أوه, لا. لا. بالطبع لا! "
" ولم لا؟ هل تخشين أن اثبت لك صحة ما أقول ؟ "
هزت هيلين رأسها حزنا ولوعة أنها لا تريد التفكير لا تريد أن تتذكر تلك الضحكات التي سمعتها في بداية السهرة ولا تلك النظرات التي شاهدتها لأنها لو تذكرت....لاضطرت لتصديقه. لا انه يكذب ويدعي باطلا هذا غير صحيح فجنيفر هي صديقتها ولكن. . . .
" أنا ذاهبة إلى الفراش ولا أريد التحدث في هذا الموضوع "
حرك جايك عضلات كتفه بتثاقل وقال:
" وهذا يعني بالطبع إنهاء المحادثة...هكذا "
توقفت عن سيرها باتجاه الباب واستدارت نحوه قائلة:
" الم يكن كافيا ما قيل حتى الان؟ انا لا افهمك يا جايك. تذمرت بعنف عندما صدف انني كنت خارج البيت عند عودتك من الولايات المتحدة ومع ذلك فانك الان تدفعني لا بل ترغمني على حضور الحفلة الموسيقية مع كيث. . ."
" عندما كنت خارج البلاد سهرت مع كيث اليس كذلك؟ لم تهتمي على الاطلاق بما قد يقوله الناس. اما الان فعندما ينتشر الخبر انني انا الذي اعددت هذا اللقاء مع كيث فان الاقاويل والشائعات حول علاقتك معه ستخف الى حد كبير. ما من احد يهزأ بجايك هوارد ويستخف به وينجح...تذكري ذلك"
" وماذا تعني الان بهذا الكلام؟ "
اشعل سيكارة وقال لها ببرود بالغ :
" انك متعبة لن ازعجك بالتفاصيل "
" اوه جايك بحق السماء "
" اذهبي الى الفراش يا هيلين. كما قلت لي انك لا تفهمينني ولكنك ستفهمين صدقيني ستفهمين "
استدارت نحوه غاضبة وكانت على اهبة مواجهته بأعماله المخزية وعلاقاته الغرامية المفضوحة ولكنها لم تتمكن. كانت ستبدو كزوجة تدب فيها الغيرة وهذا شعور لم يزعجها قط ....قبل الان. الا انها في هذه الليلة بالذات وبعد ضحكات الغنج والدلال التي سمعتها من جنيفر شعرت بأن مجرد تفكيرها باقامته علاقة ما مع امرأة اخرى...امر مثير للغضب...والغيرة.





***نهاية الفصل الثاني***

بحر الامان
09-08-2007, 22:03
يا خراشي
الحقيني يالموسه قلنا لها في يوم او يومين
صارت عناد فينا تنزل كل يوم فصل
وش رأيك فيها
طيب ياماري
معلش
حنصبر عليك شوي
على فكره الروايه كم فصل

علشان اعرف بس كم يوم حنقرأ فيه الروايه

ماري-أنطوانيت
09-08-2007, 23:04
يا خراشي
الحقيني يالموسه قلنا لها في يوم او يومين
صارت عناد فينا تنزل كل يوم فصل
وش رأيك فيها
طيب ياماري
معلش
حنصبر عليك شوي
على فكره الروايه كم فصل

علشان اعرف بس كم يوم حنقرأ فيه الروايه




هههههههههههههه

الرواية ( تسعة ) فصول

يعني راح تتشوقين لمدة تسعة ايام

طبعا......اذا ما كانت في ظروف

في احد الايام تمنعني من تنزيل فصل ;) ;)

بحر الامان
09-08-2007, 23:12
ماري العسل السكر
حرااااااااااااااااااااااام عليك
تسعه ايام
اجل ماعادني داخله النت الابعد تسعة ايام
الله يعيني عليها وعليك
واذا رميتك شماخي ( طرحتي ) خخخخخخخخخ
وش تقولين
ترحميني ولا لا
طلبتك مالي صبر عنكم تسعه ايام

*لميس*
10-08-2007, 08:51
ماري العسل السكر
حرااااااااااااااااااااااام عليك
تسعه ايام
اجل ماعادني داخله النت الابعد تسعة ايام
الله يعيني عليها وعليك
واذا رميتك شماخي ( طرحتي ) خخخخخخخخخ
وش تقولين
ترحميني ولا لا
طلبتك مالي صبر عنكم تسعه ايام






لابحوره لاتتركيني وأنا شسوي لحالي تسعة أيام أو أكثر!!!!:eek: :eek:

كلنا نتشوق مع بعض ولاأتشوق لحاااالي...:بكاء: :بكاء: :بكاء:


وانا ماقدر أصبر عنكم بعد كل هالأيام


خلينا نشجع ماري إلى ماتخلص مادام عندها ظرووف وماتقدر

تنزلها مره وحده..طيب بحووووره::جيد:: ؟؟؟


الواحد مايقدر ينزل وهو مايشوف أحد يتابعه ويشجعه

*لميس*
10-08-2007, 08:51
ماري العسل السكر
حرااااااااااااااااااااااام عليك
تسعه ايام
اجل ماعادني داخله النت الابعد تسعة ايام
الله يعيني عليها وعليك
واذا رميتك شماخي ( طرحتي ) خخخخخخخخخ
وش تقولين
ترحميني ولا لا
طلبتك مالي صبر عنكم تسعه ايام






لابحوره لاتتركيني وأنا شسوي لحالي تسعة أيام أو أكثر!!!!:eek: :eek:


كلنا نتشوق مع بعض ولاأتشوق لحاااالي...:بكاء: :بكاء: :بكاء:



وانا ماقدر أصبر عنكم بعد كل هالأيام



خلينا نشجع ماري إلى ماتخلص مادام عندها ظرووف وماتقدر


تنزلها مره وحده..طيب بحووووره::جيد:: ؟؟؟



الواحد مايقدر ينزل وهو مايشوف أحد يتابعه ويشجعه

*لميس*
10-08-2007, 08:57
هههههههههههههه


الرواية ( تسعة ) فصول


يعني راح تتشوقين لمدة تسعة ايام


طبعا......اذا ما كانت في ظروف


في احد الايام تمنعني من تنزيل فصل ;) ;)




الله يعطيك الف الف الف عافيه[قولي أحسن 3ألاف] ياماري ع الروايه الرائعــه



أنتظر التكمله بفارغ الصبر....::جيد::









تصدقي ماري أمس قاعده أفتش في مجلات [فتيات] اللي عندي

[إلى الحين بيبي] خخخخ:D :D :D

أشوف كورنيليا أسميها >>>>>>>>>ماري!!!!!!:لقافة: :لقافة: :لقافة:

روفان
10-08-2007, 11:09
ارجو كتابة باقي القصص لان الموجود اول القصة و اخرها فقط و باقي الاجزاء غير موجودة

وشكرا كتير حقيقى الفكره ديه عجبنى لانى بحب قصص عبير جدا

*لميس*
10-08-2007, 12:59
ارجو كتابة باقي القصص لان الموجود اول القصة و اخرها فقط و باقي الاجزاء غير موجودة

وشكرا كتير حقيقى الفكره ديه عجبنى لانى بحب قصص عبير جدا



تقصد أي قصه؟؟؟؟؟:confused:

ماري-أنطوانيت
10-08-2007, 13:40
الله يعطيك الف الف الف عافيه[قولي أحسن 3ألاف] ياماري ع الروايه الرائعــه



أنتظر التكمله بفارغ الصبر....::جيد::









تصدقي ماري أمس قاعده أفتش في مجلات [فتيات] اللي عندي

[إلى الحين بيبي] خخخخ:D :D :D

أشوف كورنيليا أسميها >>>>>>>>>ماري!!!!!!:لقافة: :لقافة: :لقافة:








هههههههههههههههههه

عاد تصدقين يا لميس

ان شخصيتي المفضله في فتيات هي ( ايرما ) :D

ماري-أنطوانيت
10-08-2007, 13:49
[QUOTE=بحر الامان;7394726]
ماري العسل السكر
حرااااااااااااااااااااااام عليك
تسعه ايام
اجل ماعادني داخله النت الابعد تسعة ايام
الله يعيني عليها وعليك
واذا رميتك شماخي ( طرحتي ) خخخخخخخخخ
وش تقولين
ترحميني ولا لا
طلبتك مالي صبر عنكم تسعه ايام[/QUOT





بحووووووووووووووووووووووووره

انا باقي لي 4 فصول من القصه

باقي اكتبها.....

فاذا خلصت هاذي الفصول كامله

راح انزلها مع بعض

عشان خاطر عيونك.........بس اذا

ما قدرت اخلصهم بسرعه...فامرك لله

وعليك الصبر لاني بنزلهم فصل فصل :D

ماري-أنطوانيت
10-08-2007, 13:52
3- الوحدة القاتلة


كان المطعم في هذا الوقت من الصباح غاصا بالزبائن ومعظمهم من سيدات المجتمع الأنيقات اللواتي اخترن هذا المكان للقاء بعضهن بين فترات التسوق الصباحية وفي هذا الجو الذي يعج بالضحكات والثرثرة ويعبق برائحة العطور النادرة والباهظة الثمن كانت هيلين وجنيفر تشربان القهوة وتأكلان الحلوى. وفيما كانت جنيفر على وشك البدء بقطعة كبيرة ثانية من الحلوى تطلعت بقوامها منتقدة وقائلة:
" يجب أن أحاول بجدية حقيقية الحد من تناول الحلويات لن افرح كثيرا إذا أضفت إلى وزني بضعة كيلوغرامات أزياء العصر لا تتناسب مع السمنة "
نظرت إليها هيلين وقالت بلطف:
" لا اعتقد أن هناك خطر على قوامك يا عزيزتي انك نحيلة وذات قد جميل "
" نعم ولكن إلى متى أظل هكذا إذا واصلت التهام هذا القدر من الحلويات؟ "
ثم تنهدت وتابعت حديثها:
" هل تذكرين عندما كنا في المدرسة؟ كنا نأكل كميات ضخمة ولا ترف لنا عين! ولذا أعجب من تزايد وزننا كلما تقدمنا في السن "
قالت هيلين:
" اعتقد أن السبب الرئيسي يعود إلى قلة الحركة والتمارين بالمقارنة مع أيام الدراسة. اذكر أننا كنا نمارس السباحة بكثرة كما كنا نمضي عدة ساعات في الاسبوع في ملاعب كرة المضرب "
ابتسمت جنيفر ثم قالت:
" اوه نعم كرة المضرب! كنت جيده جدا في تلك اللعبة "
هزت هيلين رأسها وتنهدت بارتياح. ذكريات ايام الدراسة اراحت اعصابها نوعا ما. في تلك الايام كانت تربطها بجنيفر صداقة متينة فلماذا تغيرت العلاقة الى هذا الحد؟ بالطبع انهما الان متزوجتان وكل منهما اصبح لها بيتها ومسؤولياتها وواجباتها. ولكن المسألة لا تقتصر على ذلك فالمشكلة انه لم تعد تجمع بينهما تلك القواسم المشتركة وتلك الاهتمامات المتبادلة. وفجأة سألتها جنيفر ببساطة مصطنعة:
" بالمناسبة...كيف حال جايك هذه الايام؟ "
رفعت هلين فنجان القهوة مرة اخرى وقالت:
" بخير, على ما اعتقد...انه مسافر "
" مسافر؟! مرة اخرى؟ "
لم ترفع هيلين نظرها عن فنجان القهوة ولكنها أوضحت بشئ من التردد:
" انه ألان في شمال انجلترا ذهب لتفقد معمل للكيماويات "
" وماذا حدث تلك الليلة بعد حفلة الاستقبال في السفارة؟ هل كان منزعجا كثيرا من ظهور كيث على ذلك الشكل؟ "
كانت هناك حشرية واضحة في أسئلتها ونظراتها وشعرت هيلين أيضا بأن روحا من الشماتة تغلف هذه الأسئلة. نظرتها إلى جنيفر اختلفت كثيرا بعد الكلام الوقح الذي سمعته عنها من جايك بنفسه ومع أنها حاولت أن تقنع نفسها بعدم صحة ما قاله فقد ظلت تراودها بعض الشكوك حول تصرفات صديقة الدراسة ولكن...أليس من الممكن أيضا أن يكون ذلك هدف جايك بالذات؟ فرق تسد...هزت رأسها وأعادت الفنجان الفارغ إلى الطاولة. مهما كان الأمر فالواضح أن جنيفر تبدي اهتماما غير عادي بمجمل القضية وعليها بالتالي أن تدرس جوابها بدقة قبل أن تتفوه بأي كلمة قد يساء فهمها أو تنقلب ضدها:
" ولماذا يتضايق عندما يكون هو ذاته الذي اعد لذهابي مع كيث إلى الحفلة الموسيقية؟ "
بدت جنيفر غير مرتاحة لهذا الرد فعادت إلى السؤال:
" هل تعنين انه لم يكن متضايقا أبدا؟ "
تنهدت هيلين وأجابتها بهدوء:
" أنا لم اقل ذلك بالضبط ما قلته هو أن جايك لا يجب أن يتضايق لأنه هو الذي اعد لحضوري تلك الحفلة مع كيث "
" اعتقد انك أنت المذنبة بحق نفسك عندما تسمحين له بهذا التسلط. أنا لا يمكن أبدا أن ادع جايلز يتصرف بحياتي بمثل هذا الشكل! "
ابتسمت هيلين وقالت:
" جايك ليس هكذا على الإطلاق واعتقد أن الترتيبات المتفق عليها فيما بيننا تسير بصورة حسنه وطبيعية "
" ماذا! ماذا تحاولين قوله يا هيلين؟ جايك مسافر معظم الوقت وأنت قابعة في البيت تنتظرين! هل تعتقدين إنني اسمح لجايلز بالذهاب وحده إلى تلك الأمكنة الرائعة والمثيرة؟ لا, وحقك لا! أني أصر على الذهاب معه كل مرة يغادر فيها لندن "

ماري-أنطوانيت
10-08-2007, 13:52
قررت هيلين الاحتفاظ بالهدوء حتى النهاية لأن الانفعال في مثل هذه الأوقات ضار ومؤذي لذلك قالت لها:
" إن وضعك يختلف قليلا عن وضعي يا جنيفر أنت تحبين جايلز... وهو يحبك "
ردت جنيفر وهو تطفئ سيكارتها بعصبية ظاهرة:
" لم اعد متأكدة من أن هذا القول صحيح. نعم كان هناك حب متبادل في بداية الأمر ولم نتزوج إلا على هذا الأساس ولكن ماذا يبقى لك بعد ان تخف بهجة شهر العسل وفرحته؟ لا يبقى سوى علاقة تختلف في حرارتها وبرودتها بين يوم وأخر وزوج يتخيل أن الحب علاقة تقوم في الليل...ودائما في الظلام "
" جنيفر!! "
هزت جنيفر بكتفيها تململا وضجرا وقالت:
" ما بالك يا هيلين؟ إنها ليست نهاية العالم...أنا لم اكتشف فجأة ما اشعر به بالنسبة إلى حياتي الزوجية هذا الشعور يخالجني منذ سنوات ولكني اضطر للبوح به بين الحين والأخر. والمؤسف انك لم تكوني موجودة في المرات السابقة لكي اكتفي بكشف سري لك دون غيرك "
" ولكن...ولكن لماذا؟ أنا لا أفهمك يا جنيفر! لديك كل شئ! بيت جميل..سيارتك الخاصة..مال كثير..زوج يحبك. . ."
قاطعتها جنيفر بانزعاج قائلة:
" ولكنني اشعر بالضجر يا هيلين! بالضجر...هل تفهمين؟ "
هزت هيلين رأسها نفيا واستوت في كرسيها ثم قالت:
" انك متزوجة منذ خمس سنوات وأظن أن الوقت قد حان لإنشاء عائلة... "
" أوه كم أنت ضيقة ومحدودة التفكير "
قالتها جنيفر بانفعال ثم تنهدت وتابعت حديثها بعصبية واشمئزاز:
" عائلة! بالله عليك يا هيلين هل تظنين إنني أريد طفلا بقربي يصرخ طوال الوقت؟ هل تتصورين أنني أريد المزيد من المسؤوليات؟ "
" لم اعتقد أبدا بأنك تفكرين بمثل هذه الطريقة! "
" أنا لا أفكر هكذا...طوال الوقت على الأقل! وهذا من حسن حظي ألا توافقين على ذلك؟ "
ثم استرخت في كرسيها وأشعلت سيكاره أخرى وهي تسأل:
" هل تريدين المزيد من القهوة؟ "
" ماذا؟ "
كانت هيلين غائبة بتفكيرها وشاردة بذهنها فلم تسجل على الفور المعنى الصحيح لذلك السؤال الذي وجهته جنيفر بصورة طبيعية وكأن شيئا لم يحدث. ثم استجمعت قواها وقالت:
" أوه, أوه نعم بالطبع "
مالت إلى الأمام ورفعت إبريق القهوة صم صبت فنجانين وقالت لجنيفر :
" كيف وصلنا إلى مثل هذه الأحاديث المزعجة لا بل كيف بدأناها! أنا متأكدة من أن هناك مواضيع أكثر فرحا واقل إزعاجا. . . "
قاطعتها صديقتها بلهجة قوية وجافة"
" كنا نتحدث عن نواقص زوجك وعيوبه...وهي كثيرة ومتنوعة لدرجة انك أنت غير قادرة على نفيها أو إخفائها! "
احمر وجه هيلين ضيقا وذكرت نفسها بأن تصرفات جنيفر كانت فعلا تزعجها في بعض الأحيان وان ذلك الصباح لم يكن بالطبع أفضل من غيره وتمنت لو أنها لم توافق على الاجتماع بها ولكن شعرت بالوقت ذاته أن إزعاج جنيفر هو اقل شئنا وتأثيرا من البقاء في البيت وحيدة...وسجينة. ولما لم تعلق بشئ على ملاحظة جنيفر القاسية قالت لها:
" ماذا بك يا هيلين؟ يبدو انك تغيرت بعض الشئ. في البدء لم تكن صديقتي حساسة غالى هذه الدرجة عندما نتحدث سوية في شؤون زوجها. أما ألان...هل هناك مشكلة أخرى يا هيلين؟ هل بدأت تشعرين بأن المال ليس كل شئ؟ "
نفت هيلين تلك التهمة الشنيعة بحدة وحماسة قائلة وهي تكاد تغرز أظافر يدها في عنقها من شدة الغضب:
" أنا لم اعتبر أبدا أن المال هو كل شئ في هذه الدنيا! "
ابتسمت جنيفر بسخرية وقالت بتأفف:
" حسنا, حسنا ولكن بحق السماء لماذا تبدو عليك الدهشة والذهول كلما قلت شيئا؟ كل ما في الأمر أن مزاجي متعكر جدا وان من سوء حظك ان تكوني أنت ضحية لهجتي القاسية وكلماتي اللاذعة "
رشفت هيلين قليلا من القهوة وهي تحاول ضبط أعصابها والحد من انفعالها. ولكن كلمات جايك عن جنيفر وسهولة استسلامها له عادت تضج في رأسها رغما عنها ورأت نفسها تنظر إلى صديقتها من زاوية مختلفة وبمنظار أخر وتألمت كثيرا عندما تخيلت صحة أقوال جايك فيما يتعلق باستعداد جنيفر لإقامة علاقة معه! لا من المؤكد انه كان يكذب. الم يكن مفروضا عليها أن

ماري-أنطوانيت
10-08-2007, 13:54
تعتاد على ميوله ونزعاته الغريبة طوال سنوات الزواج الثلاثة؟ بلى ولكن المفترض شئ والواقع شئ أخر! إلا أن فكرة اهتمام جنيفر بجايك على هذا النحو أمر يستحيل عليها التفكير به أو تصوره. هل من المعقول. . .؟ ولكنها تفترض مسبقا حدوث شئ ربما لن يحدث على الإطلاق! ومع ذلك...فانه لم يعد بإمكانها النظر إلى جنيفر كما كانت تنظر إليها في السابق وما شاهدته وسمعته منها هذا الصباح لا يمكن تبريره أو مسامحته أو حتى...تناسيه.
وبحثت في رأسها عبثا عن كلمات تشق بها الصمت المزعج الذي خيم عليهما. يجب أن تقول شيئا وبسرعة لأنها ن لم تفعل ذلك ستشعر جنيفر بأن هناك أسببا أخرى حملت هيلين على عدم التحدث كثيرا عن زوجها أو بحث تصرفاته معها ولحسن الحظ دخلت في تلك اللحظات سيدة شابة وحيتهما بصورة رسمية أنها (ماري سوليفان) زوجة عضو مجلس العموم البريطاني. دعيت للانضمام إليهما فقبلت الدعوة شاكرة وكالعادة تحول الحديث إلى الطقس وأزياء الخريف وما شابه. وبعد نصف ساعة تقريبا وقفت السيدة سوليفان وشكرتهما على دعوتهما اللطيفة وودعتهما على أمل اللقاء في وقت لاحق واغتنمت هيلين الفرصة وأعربت عن رغبتها في العودة إلى بيتها وفيما كانتا تتوجهان إلى الباب الخارجي سألتها جنيفر بشكل طبيعي جدا وكأن شيئا لم يحدث بينهما:
" متى تتوقعين عودة جايك من السفر؟ أريدكما أن تحضرا للسهرة وتناول العشاء معنا قبل ان يختفي جايك في رحلة أخرى "
حدت هيلين من رغبتها في القول إنها لا تعرف موعد عودة جايك وأجابت بهدوء مماثل:
" شكرا جزيلا يا جنيفر. اعتقد انه سيعود في أواخر الأسبوع إنها مجرد رحلة سريعة إلى معامل الشمال "
" أوه هذا رائع! هل يناسبكما إذا مساء الأحد؟ "
" ولم لا؟ ولكن سأتصل بك للتأكيد "
تأملت جنيفر وجه هيلين بعناية وجدية ثم قالت فجأة:
" كل شئ على ما يرام يا هيلين...أليس كذلك؟ اعني...اعني هل أزعجك ما قلته لك هذا الصباح؟ "
أرغمت هيلين نفسها على الابتسام ثم قالت:
" بالطبع لا يا جنيفر. إني... إني اشعر بصداع قوي اعتقد انه علي التوجه إلى البيت والاستلقاء بعض الوقت "
بدا السرور والارتياح على وجه جنيفر عندما سمعت أن هيلين ليست غاضبة ثم قالت لها:
" لا تنسي أن تتصلي بي بالنسبة إلى سهرة الأحد "
عندما عادت إلى البيت كانت تشعر بالكثير من الارتياح النفسي والفكري وكأنها أقنعت نفسها بأنها جعلت من الحبة قبة وحتى انزعاج السيدة لايتمر الواضح من اضطرارها لإعادة تسخين الأكل نتيجة لتأخر السيدة ساعة كاملة لم يعكر مزاج هيلين. اعتذرت من الخادمة بتهذيب وجلست إلى المائدة لتناول طعام الغداء بهدوء وسكينة.
" اتصل السيد مانرينغ قبل قليل وكان يريد التحدث معك سيدتي "
وضعت هيلين الملعقة من يدها وسألت باستغراب:
" السيد مانرينغ؟ "
ضمت السيدة لايتمر ذراعيها وقالت بلهجة تنم عن الشعور بالأهمية:
" نعم يا سيدتي "
عقدت هيلين جبينها ورفعت الملعقة نحو فمها ثم سألت باكتراث وانفعال اقل من السابق:
" وهل أبلغك بما يريد؟ "
هزت الخادمة كتفيها وقالت:
" لا يا سيدتي...ولكنه تمنى عليك الاتصال بمجرد عودتك الى البيت "
" أوه! "
ماذا يريد منها كيث ألان غير التحدث بشأن الحفلة الموسيقية؟ ولكن لا يزال هناك أسبوع كامل قبل موعد الحفلة! تنهدت هيلين وهزت برأسها وهي تتابع أكلها ثم وجهت ابتسامة خفيفة نحو مدبرة المنزل وقالت:
" شكرا لك يا سيدة لايتمر. سأتصل به في وقت لاحق "
تعكر مزاجها وفقدت شهيتها مع أن الطعام كان لذيذا وحسب رغبتها وطلبها. فبعد حديثها ذلك الصباح مع جنيفر لم تعد راغبة في لقاء احد وان كانت تلك رغبة كيث فانه بلا شك سيصاب بخيبة أمل كبرى. اتصلت به حوالي الخامسة فلم يستطع إخفاء سروره لذلك الاتصال وبعد كلمات الترحيب والسلام التقليدية قال لها من دون إبطاء:
" أخبرتني جنيفر أن جايك مسافر في الوقت الحاضر فما رأيك بتناول العشاء معي هذه الليلة! "

ماري-أنطوانيت
10-08-2007, 13:55
تنهدت هيلين بتململ وانزعاج...جنيفر! الصديقة العزيزة! لم تتأخر على الإطلاق بل سارعت الاتصال بكيث وإبلاغه الأمر بمجرد عودتها من المطهم...لماذا يا جنيفر؟ وشعرت فجأة بشئ من الازدراء لهذا التدخل السافر في حياتها وشؤونها الخاصة.ولكن ألا يعقل مثلا أن تكون جنيفر على اقتناع بأن صديقتها ترحب بأي فرصة للاجتماع بكيث؟ آه منك يا جنيفر! متى ستصدقين أن كل شئ بيننا انتهى تماما منذ ثلاث سنوات؟
" متأسفة يا كيث ولكني لم اعد نفسي لأي سهرة الليلة "
" وهذا سبب أخر يجب أن يحملك على قبول دعوتي "
ثم تنحنح وقال بلهجة حازمة:
" اسمعي يا هيلين...هناك مكان جديد في هنلي وقلت في نفسي لماذا لا نجربه سويا يمكننا الاكتفاء بتناول طعام العشاء وإعادتك باكرا إلا إذا رغبت أنت في إطالة السهرة "
ترددت هيلين كثيرا في الإجابة. السيدة لايتمر تعد لها العشاء في السابعة وتذهب الى غرفتها في حين تظل هي وحيدة ضجرة تتململ عدة ساعات قبل الذهاب إلى سريرها. إنها لا تنام باكرا أبدا كما إنها لا تنام كثيرا هذه الأيام فلماذا لا تذهب مع كيث إلى حفلة عشاء بريئة؟.
وفجأة ضجت أفكارها بصور جايك...ماذا يفعل في هذه الأمسية؟ هل سيمضي هذه الليلة وحيدا في جناحه الفخم؟ إنها تشك في ذلك كثيرا فمن الأرجح انه يقيم حفلة طنانة لكبار موظفيه في احد النوادي الليلة هناك تستمر حتى الساعات الأولى من الصباح ثم ينهيها مع...! إذن لماذا تتردد؟
" حسنا يا كيث لم لا؟ متى نذهب؟
"شعر كيث بسعادة بالغة وسألها بلهفة:
" هل السابعة وقت مبكر جدا؟ "
تطلعت هيلين بساعتها الذهبية الرقيقة وإجابته بعد أن قدرت لنفسها الفترة التي ستحتاجها لتأخذ حماما وترتدي ثياب السهرة:
" لا...لا اعتقد ذلك السابعة تناسبني. هل ستأخذني من هنا؟ "
" طبعا, طبعا. إلى اللقاء إذن "
أعادت هيلين سماعة الهاتف بشئ من التردد فمع أنها قطعت على نفسها وعدا بتناول العشاء معه إلا إنها في الحقيقة لنم تكن راغبة كثيرا في مغادرة المنزل هذه الليلة. لو لم يتصل بها كيث لكانت الهت نفسها على الأرجح بمشاهدة بعض البرامج التلفزيونية أو ربما بقراءة ذلك الكتاب الذي ابتاعته قبل بضعة أيام. أما ألان فقد وافقت على تمضية عدة ساعات بصحبة رجل قد يشكل لها وجوده معها مصاعب معينة على الرغم من أن ذلك الوجود يفرحها ويسليها إذ أن كيث شأنه في ذلك شأن جنيفر قد لا يقبل تماما بأن تكون علاقتهما الراهنة مختلفة إلى حد كبير عن تلك التي كانت قائمة قبل بضعة سنوات.
أمضت ساعة كاملة وهي تريح أعصابها وهي غارقة حتى عنقها في ماء ساخن معطر ثم ارتدت ثيابها وسرحت شعرها وجلست تنتظر في غرفتها.
في السابعة إلا خمس دقائق رن الجرس ففتحت الباب السيدة لايتمر التي كانت على علم مسبق بقدوم كيث ودعته إلى الدخول وانتظار السيدة في غرفة الجلوس. وبعد بضع دقائق نزلت هيلين وبادرته بالسؤال:
" هل شربت شيئا؟ "
ابتسم كيث بشئ من السخرية وأجابها:
" في الحقيقة لم اشرب شيئا. خادمتك لا تفرح كثيرا بقدومي وفعلا إني أخشى لمس أي شئ في هذا المنزل إن لم تكوني أنت موجودة...مخافة اتهامي بالسرقة "
ضحكت هيلين وقالت:
" أنت تبالغ كثيرا, أليس كذلك؟ في أي حال هل تشرب شيئا؟ "
تطلع كيث حوله بعصبية وتردد ثم قال:
" هل هناك أي مجال على الإطلاق لانقضاض ذلك الزوج العنيف علينا بشكل مفاجئ؟ اعني...إنني اكره كثيرا لقاء الأسد في عرينه! "
هزت هيلين رأسها بتململ واضح وقالت له:
" ألان تأكد لي انك تبالغ كثيرا. قل لي بربك ماذا تشرب؟ "
تردد كيث قليلا وقال:
" أي نوع من أنواع العصير الموجودة هنا "
ثم اخرج علبة سكائره وعرض واحدة على هيلين فرفضت شاكرة. أشعل سيكاره فلاحظت هيلين أن يديه الثابتتين عادة كانتا ترتجفان قليلا. هل يخيفه جايك إلى هذا الحد يا ترى؟ أليس مضحكا أن يشعر كيث بالخوف من زوجها؟ ولكن تخوفه من جايك أمر طبيعي لقد شاهدت أشخاص كثيرين اشد وادهي من كيث يتحطمون على صخرة تلك الشخصية القوية والفذة التي يتمتع بها جايك...هذا الرجل الذي تزوجته قبل ثلاث سنوات يحطم منافسيه ويسحقهم معنويا لا بالكلام الذي يقوله بل بالأسلوب الذي يتبعه.

ماري-أنطوانيت
10-08-2007, 13:55
كان المطعم الذي أخذها إليه كيث قريبا من النهر وعلى مفترق طرق رئيسية طابعه عصري للغاية وكل شئ فيه حديث إلى ابعد الحدود مع أن هيلين وجدته جميلا جدا إلا إنها كانت تفضل مطعما اصغر حجما ولا يؤمه هذا العدد الكبير من السكان المحليين. ومع ذلك كان الطعام شهيا ولذيذا وأحاديث كيث ممتعة ومسلية انه يتحدث بذكاء وموضوعية عن مسرحيات أو حفلات شاهداها سويا ويتناقش بأسلوب علمي هادئ الكتب الناجحة التي تهم المتعلمين والمثقفين. وكانت هيلين سعيدة جدا بتبادل الآراء مع هذا الإنسان المطلع خاصة أن ظروفها لم تسمح لها بمثل هذه المناسبة منذ زمن طويل فحتى لو أن جايك أمضى معظم وقته داخل البيت بدلا من خارجه فانه لن يعتبر هذه الموضوعات الأدبية والفنية جديرة بالاهتمام انه يعتبرها مضيعة للوقت ومن يعرف تاريخ حياته يعرف السبب ففي صراعه القاسي وكفاحه المرير للصعود إلى قمة النجاح المادي والتجاري لم يجد متسعا من الوقت للآداب والفنون لذا ظل ذوقه الفني بدائيا وخشنا وظل بالتالي يرفض الخوض في أحاديث لا تعود عليه بفائدة مالية أو تجارية.
أوصلها كيث إلى منزلها بعد العاشرة بقليل وعندما أوقف السيارة وأطفأ محركها استدار نحوها ووضع ذراعه على كتفيها ثم سألها مترددا:
" هل ستدعوني السيدة إلى فنجان من القهوة؟ "
تطلعت هيلين بسرعة إلى ساعتها وقالت:
" لا اعتقد ذلك. الوقت متأخر والسيدة لايتمر نائمة منذ بعض الوقت "
رد عليها كيث بمرح ظاهر:
" اعرف ذلك "
تنهدت هيلين وقالت:
" كيث...أرجو أن لا تأخذ فكرة خاطئة عني! فبمجرد خروجي معك مرة أو مرتين لا يعني أنني . ."
قاطعها كيث متبرما:
" اعرف, اعرف انك متزوجة! ما هو الخبر الجديد في ذلك؟ وماذا يؤثر زواجك على علاقتنا؟ الكل يعرف أن . . ."
حان دورها لتقاطعه فقالت له بحزم وإصرار وهي تخرج من السيارة:
" شكرا على العشاء. اتصل بي بشأن الحفلة الموسيقية في الأسبوع المقبل"
ضم كيث شفتيه بشئ من العصبية وسألها:
" ألن تغيري رأيك؟ "
" بالنسبة إلى الحفلة الموسيقية؟ لا, ولماذا أغير رأيي؟ "
" أنا لم اقصد الحفلة واعرف تماما انك تعلمين ماذا اعني. حسنا يا هيلين تصبحين على خير "
" تصبح على خير يا كيث "
أخرجت هيلين مفتاحها من حقيبتها وفتحت باب المنزل في حين أطلق كيث العنان لسيارته. كانت القاعة غارقة في الظلام فأضاءت النور في المدخل قبل أن تغلق الباب وراءها ثم تطلعت بسرعة نحو القاعة وغرفة المكتب لتتأكد من عدم وجود أي إشارة إلى احتمال عودة جايك بصورة غير متوقعة من رحلته إلى الشمال. وضعت معطفها على إحدى المقاعد واتجهت مباشرة نحو المطبخ لتجد ملاحظة من السيدة لايتمر تبلغها فيها عن وجود قهوة وبعض المأكولات الباردة في قاعة الاستقبال فابتسمت هيلين بسخرية.
استدارت هيلين بسرعة عادة إلى قاعة الجلوس. تنهدت بانزعاج عندما شاهدت الكمية الكبيرة من المأكولات التي أعدتها السيدة لايتمر. كان واضحا ان مدبرة المنزل لم تتوقع عودتها بمفردها إلى البيت. اللعنة! وهل تظنها هذه السيدة طفلة صغيرة؟ إذا أرادت أن يكون لها أصدقاء فلماذا لا يحق لها ذلك؟ لماذا يجب أن تكون هناك دوافع وراء كل عمل يقوم به الإنسان؟ إنها تعرف كيث منذ عدة سنوات قبل فترة طويلة من غير انجرافها في علاقة عاطفية فلماذا يجب أن تكون الأمور مختلفة هذه المرة؟ هزت كتفيها وجلست بعد أن صبت لها فنجان من القهوة. لماذا أنهت أمسيتها بهذا الشكل؟ لماذا ساءت هكذا؟ تطلعت إلى ساعتها فلاحظت أن ستين دقيقة تقريبا مرت على عودتها. ماذا يفعل جايك ألان؟ وأين ممكن أن يكون في مثل هذا الوقت؟ شربت قليلا من القهوة وسألت نفسها عن أسباب هذه التساؤلات...فأغضبها اندفاعها يجب ألا تسأل عن مكان وجوده وعما يفعل في هذا الوقت وذاك. لا تهتم ويجب ألا تهتم أم أن من الاصح القول إنها عندما بدأت تعرف المزيد عن أفكاره ومشاعره أخذت أسئلتها وتكهناتها تتزايد يوما بعد يوم! عندما تزوجا كان الوضع مختلف إلى حد ما. كانت آنذاك دفينة الحزن والأسى اللذين غلفاها على اثر وفاة والدها. كانت فترة عصيبة جدا بالنسبة لها...صدمة قوية ومؤلمة وهي التي تربطها بأبيها علاقة وطيدة جدا وكان كلا منهما يعتمد إلى حد كبير على الأخر ربما بسبب قرار عائلته عزلهما والتخلي عنهما تماما. كان لكل منهما بالطبع أصدقاءه ووالدها يبدو دائما مفعما بالحيوية والنشاط, ساحرا, لطيفا, ومنسجما تماما بين أصدقاءها ولم تلاحظ

ماري-أنطوانيت
10-08-2007, 14:00
إلا بعد وفاته كيف أن ما من احد أخر بات يعني لها الكثير في ذلك الوجود الغريب المصطنع الذي كانت تشاطره مع أبيها! حتى تهرب كيث منها لم يؤثر عليها كثيرا. كان عليها أن تتقبل واقعا جديدا في حياتها وهو انتهاء مرحلة معينة وبدء أخرى.
صبت لنفسها فنجان أخر من القهوة ولكنها زادت عليها هذه المرة القليل من السكر وعادت بها الذكريات مرة أخرى إلى تلك الفترة من حياتها. ولكنها لم تتذكر طول المدة التي احتاجتها آنذاك للشفاء تماما من تلك المشكلة النفسية والمعنوية. وجاءت بعد ذلك الفترات الطويلة التي يمضيها جايك خارج البلاد وعودته كل مرة بصورة مفاجئة لتشكل فواصل شبه ثابتة في نمط حياتها. وأصبحت كل فترة أكثر واقعية واقل رفضا. وبدأت بعد ذلك بصورة تدريجية تعيش حياتها الجديدة التي اختارتها لنفسها...تكرس نفسها ووقتها لتزيين بيتها وتجميله ولتحويل ذاتها وشخصيتها إلى ذلك النوع من الزوجات الذي يريدها جايك. ولكن الشئ الذي لم تكن تتوقعه كان ذلك الاتساع المتزايد في طبيعة العلاقة وذلك الاختراق المتواصل للقلعة التي بنتها حول نفسها بعد زواجها والتي اعتقدت أن من المستحيل الدخول اليها أو اختراقها. لم تأخذ الطبيعة البشرية بعين الاعتبار عندما صورت لنفسها المستقبل الذي تريده واكتشفت فجأة إنها وجايك يمكن في يوم ما أن يتصرفا مع بعضهما كزوجين عاديين.
شربت هيلين بقية القهوة وسارت نحو تلك الخزانة الخشبية الرائعة التي تضم الأجهزة الالكترونية المختلفة ووضعت شريطا يحتوي موسيقاها المفضلة وعضت على شفتيها بحزن وانفعال...إنها بالنسبة إلى جايك كهذه الأجهزة المتكورة والجميلة...مجرد شئ أخر يملكه لا أكثر ولا اقل! حتى الممتلكات المادية تحتج وتتذمر إذ حملها الإنسان فوق طاقتها تئن وتتعطل أما هذا الشئ الذي أضافه جايك إلى ممتلكاته الكثيرة والذي يسير على قدمين فانه لم يعترض أو يحتج حتى ألان! انه إنسان ألي! .
رفعت رأسها عن تلك الخزانة وتنهدت هل من حقها ان تحتج؟ إنها تأكل أفضل أنواع المأكولات وترتدي أجمل الثياب وأغلاها ثمنا وتشتري ما تريد...حتى بدون طلب الإذن من زوجها أليس هذا ما تتمناه أي فتاة لنفسها؟ ثم...أليس زواجها إقلاقا متواصلا لراحة عمها الذي لا أولاد له والذي يعرف ان أي ابن تلده هيلين سيرث قصر مالينز والأراضي المحيطة به بمجرد وفاة هذا العمّ! أليس ذلك انتقاما ممتعا من الرجل الذي نبذ شقيقه جيرارد وابنته هيلين وتنكر لهما في أتعس أوقاتهما! انه بالتأكيد يتمنى ألا تلد ابنة شقيقه ابنا يرث ممتلكات فورسايث.
وابتسمت هيلين بخبث! إنها وحدها تعرف مدى صعوبة هذا الاحتمال. . .







***نهاية الفصل الثالث***

redrose07
10-08-2007, 18:48
ممممممممممممممشششششششششششششششكككككككككككككككككوووو رررره
على الرواية الرائعة يا أحلى ماري و بانتظار البقية
لا تتأخري علينا بليز

بحر الامان
10-08-2007, 21:32
وابتسمت بحوره بخبث! إنها وحدها تعرف مدى صعوبة هذا الاحتمال. . .
وان ماري الحلوه ما يهون عليه تعذبني اكثر:D :D :D :D

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 14:30
4- صمت في الأعماق


استيقظت هيلين وهي تشعر بأن أحدا يراقبها وعندما رفعت يدها بكسل لترفع خصلات شعرها عن عينيها شاهدت جايك يقف كالتمثال في باب غرفتها. كان يرتدي بزة زرقاء داكنة تزيد من سحره وجاذبيته. إصابتها رعشة خفيفة لم تعرف على التو سببها فشدت الغطاء الحريري حتى عنقها بطريقة لا شعورية وكأنها تدفع عن نفسها خطرا محدقا.
ابتسم بسخرية لدى مشاهدته رد الفعل العفوي ذلك وقال لها بخبث وتهكم:
" لا تفزعي يا عزيزتي! لم أقد السيارة طوال الليل من نيوكاسل تدفعني رغبة جامحة أو رغبات حيوانية! ولكنني متعب لا بل مرهق وأريد التحدث إليك قبل ذهابي إلى النوم "
حاولت هيلين بسرعة جمع شتات أفكارها ومشاعرها وسألته متلعثمة:
" لماذا...لماذا تريد التحدث معي؟ "
رفع كتفيه المتعبتين ثم حرك رأسه قليلا وقال لها بهدوء بالغ:
" سنمضي عطلة نهاية الأسبوع خارج لندن. تم إعداد كل شئ الليلة الماضية. حاولت الاتصال بك أمس لأبلغك التفاصيل إلا أن أحدا لم يرد على الهاتف. هل كنت خارج البيت؟ "
لم تتمكن هيلين من منع الاحمرار الذي غزا خديها فجأة وشعرت أن وجودها تحت الغطاء وعدم قدرتها على النهوض من دون الكشف عن بعض مفاتنها يجعلانها في موقف دفاعي ضعيف. وتمنت لو أن لها الشجاعة الكافية للخروج من سريرها ولف نفسها بشئ ما فوق قميص نومها الشفاف.
تطلع جايك حوله بعصبية فوقع نظره على فستان السهرة الذي كان ملقى على كرسي قريب. رفع حاجبيه وقال لها بنبرة حادة جافة:
" إذن كنت خارج البيت أمس! هل يمكنني أن أسألك أين أمضيت السهرة؟ "
تنهدت هيلين وردت عليه بعصبية:
" انك لست ولي أمري والقيم على أعمالي يا جايك, وأنت تعرف ذلك "
ضاقت عيناه غضبا وقال لها بشدة:
" إن لم أكن أنا ولي أمرك فمن يكون؟ اخبريني من هو المسؤول عنك؟ "
على الدم ف عروق هيلين غضبا واشمئزازا وقالت له بعنف:
" هل تتفضل بالخروج من غرفتي؟ لا أريد البقاء في سريري طوال النهار "
" هيا اخرجي من سريرك! أنا لا أمنعك من ذلك "
ضم ذراعيه على صدره واخذ يحدق بها بتهكم وكأنه يتحداها للوقوف أمامه شبه عارية. انقلبت هيلين على نفسها وعضت وسادتها وهي تصرخ به:
" أكرهك يا جايك هوارد...أكرهك "
" لماذا أيتها العزيزة؟ الاني عدت فجأة وأفسدت لك مشاريعك مع الصديق كيث؟ الم تكوني معه هو أمس؟ لا تزعجي نفسك بالإجابة فأنا اعرف...أخبرتني السيدة لايتمر "
استدارت هيلين بعصبية نحوه وقالت:
" هكذا إذن...لقد عينت السيدة لايتمر جاسوسة على تصرفاتي وتحركاتي أليس كذلك؟ آه كم أنت حقير وخسيس ووضيع "
قست ملامح جايك وتوترت عضلات وجهه وعنقه ثم قال لها بصوت اقرب إلى الصراخ منه إلى الكلام العادي:
" عندما اتصلت بالمنزل أمس ولم يجبني احد شعرت بالقلق. لم يخطر ببالي شئ أخر آنذاك. وبالطبع اتصلت بالسيدة لايتمر لمعرفة ما بك. الم يكن ممكنا ان يكون هاتفنا معطلا أو أن تكوني أنت مريضة...أو أي شئ أخر من هذا القبيل؟ "
" وحتى إن كان كذالك. . . "
انزل جايك ذراعيه الى جانبيه وقد عيل صبره وقال لها مقاطعا:
" وحتى ان كان لا شئ! هذا غير مهم الان انا لا انوي ابدا اضاعة أي وقت الان بسبب هذا الغبي. سأتولى امره في وقت لاحق "
وصمت لحظة ثم قال لها بعصبية هادئة :
" يبدو انك غير مهتمة لمعرفة المكان الذي سنمضي فيه نهاية الاسبوع "
عقدت هيلين جبينها وقد لاحظت ان شجارها مع جايك انساها سبب عودته قبل الموعد المقرر وقالت:
" بالطبع انا مهتمة "
اقترب جايك من سريرها ووقف يوجه اليها نظرات تحمل الكثير من الغرابة ثم قال:
" هل انت حقا مهتمة؟ اذن اسمعي...اندانا يملك منزلا ريفيا وقد دعانا هو وزوجته لتمضية نهاية الاسبوع معهما "
" اندانا؟ ولكن...ولكن اليس هو...؟ "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 14:33
" نعم, نعم انه السفير الذي كنت اتحدث اليه فور وصولنا الى حفلة الاستقبال تلك الليلة. والان هل بدأت تلاحظين مدى اهمية هذا اللقاء وانفعالي لتحقيقه؟"
وضعت هيلين يدها على جبينها واجابت بصوت خافت:
" اعتقد...اعتقد ذلك. متى ينتظران وصولنا؟ "
" على العشاء هذه الليلة. ولذا فأنا افضل البدء برحلتنا حوالي الرابعة عد الظهر "
" حسنا "
وعضت هيلين على شفتيها بقوة. فكرة قضاء نهاية الاسبوع في ضيافة سفير وزوجته بمنزلهما الريفي لم تكن سيئة على الاطلاق لكنها كانت تتمنى لو ان لديها المزيد من الوقت لتعد نفسها بطريقة افضل. في الفترة الاخيرة اخذت توجه اليه عدة اسئلة وكأنها تحقق معه او تستجوبه وهذا امر قد يثير شكوك جايك من انها اصبحت غير مرتاحة في حياتها.
لم يفهم جايك معنى النظرة القلقة والمشككة التي شاهدها في عيني هيلين فسالها بحدة وانفعال:
" هل من شئ يزعجك؟ هل اعددت لنفسك ترتيبات اخرى مع كيث؟ هل كنت تفترضين انني لن اعود قبل بداية الاسبوع المقبل؟ "
ارتجفت هيلين غضبا وقالت:
" نعم...لدي ترتيبات اخرى. . . "
وكانت على وشك ابلاغه بدعوة جنيفر الى السهرة مساء الاحد ولكن جايك لم ينتظر لسماع بقية الجملة بل انحنى فوقها وامسك برأسها بين يديه القويتين وصرخ بها وهو يهز ذلك الرأس المسكين بعنف ووحشية:
" هذا انذار لك يا هيلين! انا لن اقبل بالمزيد من هذه التفاهات منك! انا املكك...انا املكك ايتها الغبية...اسميا على الاقل واذا كان اتفاقنا لم يعد يرضيك او انك بدأت تحنين لاقامة علاقة فعليةمع رجل فأنا..انا وحدي سأتولى الاهتمام بذلك! هل تفهمين...هل تفهمين؟ "
فتحت هيلين عينيها وسألته بصوت خائف:
" ماذا تعني بذلك؟ "
انتصب جايك واقفا وقال لها بشراسة ووجهه متجهم:
" أوه, انا متأكد من انك تفهميني تماما "
شعرت هيلين بانقباض شديد في صدرها واحست بأن تنفسها اصبح صعبا ومتقطعا فصرخت به:
" انك...انك تثير اشمئزازي! "
" حقا! حقا! ايتها المرتزقة الفاجرة الصغيرة! انك تتجاوزين حدك برعونة وغباء وهذا خطر عليك "
شهقت هيلين بالبكاء واخفت وجهها بالوسادة. لم تشعر في حياتها ابدا بمثل هذا الاذلال والتحقير كيف ستتمكن بعد الان من النظر الى هاتين العينين القاسيتين وهذا الوجه الفتاك المدمر! في تلك اللحظة استدار جايك نحو الباب بهدف الخروجمن غرفتها ولكنه توقف برهة وسحب الغطاء الحريري الملقى فوقها ثم رماه على الارض وسار نحو الباب متمهلا ومتحديا وقبل خروجه من الغرفة التفت نحوها وقال لها بقساوة بالغة قبل ان يغلق الباب وراءه بعنف:
" منظر امرأة شبه عارية يا هيلين ليس امرا جديدا او غير مألوف "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 14:40
مضت بضع ساعات قبل ان تتمكن هيلين من استجماع قوتها وشجاعتها لجر نفسها خارج السرير وكان فطورها لايزال كما هو فتلك المجابهة الصباحية مع جايك افقدتها شهيتها حتى عن قهوة الصباح المعتادة. نزلت الى المطبخ لتعيد ابريق القهوة واطباق الطعام التي لم تمس. وكانت السيدة لايتمر انذاك تعد طعام الغداء ولما لاحظت ان سيدتها لم تتناول فطورها او تشرب قهوتها سألتها بقلق:
" هل يزعجك شئ يا سيدتي؟ "
" لا..لم اكن جائعة هذا كل ما في الامر. هل...هل قال السيد هوارد عما اذا كان سيستيقظ لتناول الغداء؟ "
رفعت السيدة لايتمر حاجبيها وفتحت فمها بدهشة وقالت:
" يستيقظ يا سيدتي؟ السيد هوارد ليس في سريره. قد خرج من البيت بعد الفطور بقليل "
شعرت هيلين فجأة بأن صداعا غريبا بدأ يعصر صدغيها ثم سألت خادمتها:
" ومتى...ومتى كان ذلك؟ انا...انا شاهدت السيد هوارد بنفسي حوالي الثامنة"
" نعم يا سيدتي. تناول طعام الافطار في الثامنة والنصف تقريبا ثم غادر البيت وحسبما اعلم فانه لن يعود للغداء "
" اه! من المؤكد من انني اسأت فهمت قصده هذا الصباح. في اية حال لا...لا تزعجي نفسك باعداد غداء عارم لي يا سيدة لايتمر. فأنا لا اشعر بأي رغبة على الاطلاق لتناول الطعام "
نظرت اليها السيدة لايتمر بتشكك ثم بدأت تقول بشئ من التوتر:
" اوه سيدتي اريد. . . "
استدارت هيلين نحوها نحوها بسرعة وقالت:
" نعم؟ "
" ارجو...ارجو ان لا اكون قد اخطأت بابلاغ السيد هوارد بأنك كنت في الخارج مساء امس"
واحمر وجه الخادمة خجلا ثم تابعت حديثها بتردد وتلعثم:
" كان...كان يريد التحدث معك وكان علي ان...ان اقول شيئا "
" لا بأس يا سيدة لايتمر ذهابي مع السيد مانرينغ امس لم يكن سرا بالنسبة الى زوجي "
تنهدت الخادمة بارتياح وقالت:
" كما تريدين يا سيدتي "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 14:41
خرجت هيلين من المطبخ وتوجهت نحو غرفة الجلوس. تفحصت بقلة اكتراث وشرود ذهن العناوين الرئيسية في صف الصباح ثم اشعلت سيكارة وجلست في احدى الزوايا الهادئة تحاول اراحة اعصابها المشدودة والمتوترة. انها تعرف انها لم تفهم منه غير ما كان يعنيه قال بأنه يريد التوجه الى فراشه بمجرد الانتهاء من الحديث معها فأين هو الان؟ ولماذا غادر المنزل؟ هل دعوة اندانا مازالت قائمة ام الغاها؟ اطفأت سيكارتها بعصبية وتوجهت الى القاعة حيث رفعت سماعة الهاتف وبدأت تطلب احد الارقام الخاصة بالمقر الرئيسي لمؤسسته في هولبورن. كانت اصابعها ترتجف قليلا وهي تدير القرص ولكن صوتها كان ثابتا عندما طلبت من عاملة الهاتف تحويلها الى مكتب السيد هوارد. عرفت مساعدته الخاصة صوتها على الفور وسألتها بتهذيب جم:
" نعم يا سيدة هوارد! هل بأمكاني مساعدتك بشئ؟ "
رطبت هيلين شفتيها الجافتين بلسانها ثم قالت بلهجة حاولت اظهارها قدر الامكان عادية وطبيعية :
" احاول ايجاد زوجي...هل تعرفين ما اذا كان في المبنى الان؟ "
" متأسفة يا سيدة هوارد كان هنا ولكنه خرج قبل قليل "
" أوه, أوه! شكرا "
ترددت قليلا ثم سألتها:
" وهل تعرفين اين . . .؟ "
وفي تلك اللحظة بالذات سمعت صوت المفتاح في الباب ودخل جايك فأكملت جملتها بسرعة :
" أوه لا بأس. هاهو قد وصل الان. شكرا "
اعادت سماعة الهاتف بيد مرتجفة وواجهت زوجها بتوتر وانزعاج. كانجايك لا يزال مرتديا ملابس الصباح ذاتها ولكنه حلق ذقنه وأبدل قميصه. ولولا ملامح التعب والارهاق التي تبدوحول عينيه لما تمكن احد من التكهن بأن هذا الرجل قاد سيارته طوال الليل ثم امضى بضع ساعات في مكتبه وبين اوراقه الهامة. انه بلا شك يتمتع بصحة جيدة وقدرة قوية على تحمل التعب وربما كان ذلك عائدا الى بنيته الصلبة والىممارسته رياضة الغولف وكة المضر والتجذيف عندما تسمح له الظروف بذلك.
تتطلع فيها ببرودة قاسية وسألها:
" ولماذا هذا الذعر والهلع؟ ومع من كنت تتحدثين قبل لحظات؟ "
" لم يكن هناك ذعر أو هلع. كل ما في الامر اني كنت اسأل مساعدتك عنك لأنني اريدمعرفة اذا ما غيرت رأيك بالنسبة الى نهاية ااسبوع ام لا "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 14:44
" اغير رأيي؟ ولماذا يا عزيزتي اغير رأيي؟ "
تنهدت هيلين وتململت في مكانها وقالت:
" اعتقدت انك...ربما...بعد هذا الصباح...اعني..."
رمقها جايك بنظرة ساخرة ثم القى نفسه على احد المقاعد متسائلا بهزء مبطن:
" هل تعنين سوء التفاهم البسيط الذي حدث بيننا؟ ولماذا تؤدي تلك العصبية الخفيفة الى تغيير اي شئ على الاطلاق؟ "
" أوه يا جايك! "
شعرت هيلين رغبة قوية في توجيه صفعة شديدة الى ذلك الوجه الساخر انه يتعمد تسلية نفسه على حساب غضبها وانفعالها...وعدم قدرتها على القيام بأي شئ لمواجهة تهكمه وستخفافه بها.
اشعل سيكاره واخذ يتأمل وجهها المتألم عبر الدخان المتصاعد وعندما شاهد تلك الانفعالات المتبدلة والمتغيرة على وجهها المعبر والمنفعل قال لها بهدوء:
" بربك يا هيلين! لا تأخذي كل شئ بمثل هذه الجدية "
ردت عليه بأستغراب وقد لسعتها نبرته الساخرة:
" ولكني كنت اعتقد ان هذا هو الضبط ما يجب علي القيام به...ان احمل كل ما تقوله على محمل الجد! "
" ربما...ربما انتعلىحق في هذا المجال. في اي حال اعتقد اننا انهينا الموضوع بطريقة مرضية "
صرخت به هيلين غاضبة:
" انهيته انت "
" نعم هذا ما قلته "
" ولكني انا لم انهه! اسمع يا جايك لا اري البدء بشجار جديد معك ولكنني ارفض معاملتي كطفل ابله معتوه! انا امرأة...امرأة متزوجة منك. نعم انا اكل من طعامك وانفق من مالك ولكن حتى مدبرة المنزل لها بعض الحقوق! "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 14:46
استلقى جايك في مقعده متكاسلا وقد اغمض عينيه ورفع يده الى جبينه وكأنه يبحث عن جواب او رد على تلك الانتفاضة والثورة. وفجأة شعرت هيلين بميل قوي غير متوقع نحوه ازعجتها مشاهدته على هذه الحال مغمض العينين بسبب التعب والارهاق ومعرضا للمزيد من الهجمات التي يصعب صدها. ازعجها ذلك بطريقة لم تشعر بها من قبل كان من الصعب جدا عليها ان تتذكر في تلك الآونة انه في الحقيقة يختلف كثيرا عما تصوره هي الان لنفسها! ولاحظت بمرارة انها تمنحه عطفا لم يطلبه ولم يعط مثله. لا, انه ليس حساسا او سريع التأثر بالانتقاد وهي مجنونة وغبية لانها تخيلته هكذا لبضع لحظات!.
حرك جايك رأسه بهدوء من جانب الى اخر ثم قال بلهجة طبيعية عادية:
" حسنا لن نتجادل بصدد هذا الموضوع بعد الان "
كانت تتوقع جوابا افضل من ذلك جوابا يشفي غليلها ولو قليلا. لقد تجنب النقطة الحساسة بذكاء ومهارة. ولكنها شعرت فجأة بأن قلبها لا يساعدها على اثارته مرة اخرى وعلى العكس من ذلك فقد اجتاحتها رغما عنها موجة من الندم والاسف العميق لانها احست بأن تصرفها الخاطئ حرمه النوم منذ اكثر من اربع وعشرين ساعة. وفيما هي غارقة في تفكيرها لاحظت ان جايك غارق في نومه. حدقت فيه بعض الوقت ثم استدارت لتغادر الغرفة الا ان شعورا ما اوقفها وحملها على التطلع نحوه مرة اخرى. انها لم تشاهد جايك نائما من قبل.
رباه...! شهقت بصمت وقد ادهشها الفارق الكبير في ملامح جايك عندما يكون نائما. بدا الى حد ما اصغر سنا واكثر شبابا ورقة...بدا وكأن الراحة بعد العناء الطويل اضفت على وجهه القاسي مسحة من الحنان والهدوء! تأملته طويلا بدون ان تعرف سبب وقوفها امامه وتأملها له بمثل هذا الاهتمام المتزايد! شعرت برغبة في فك ربطة عنقه وزر طوق قميصه ولكنها خافت ان توقظه...وبالتالي ان يعرف ماذا كانت تفعل. انها لم تلمسه من قبل كما انه هو لم يلمسها في السابق باستثناء تلك المرات القليلة التي يربط لها فيها عقدا او يساعدها على ارتداء معطف! لمتفعل اي شئ على الاطلاق طوال السنوات الثلاثة الماضية يضطرها للمسه ولكنها احست الان بأنها تريد ذلك...وتريده بقوة!.
ارتجف جسمها وكأن قوة كهربائية سرت في عروقها وتمنت في تلك اللحظة لو انها تعرف عدة امور عنه...كرجل! لو ان اصابع يدها تغرز في شعره الاسود الكثيف...او ان يديها تداعبان منكبيه العريضين...او...! انتبهت لنفسها وحدت من انجرافها في تلك الافكار وتذكرت انها لم تفكر بمثل هذه الطريقة وهذه الرغبة الجامحة مع اي رجل اخر. ولكن لماذا اطلقت لمشاعرها العنان؟ انه رجل يسعى وراء اي شئ يريده ويبتغيه بقسوة وبدون شفقة او رحمة متخطيا حدود اللياقة المتعارف عليها ومستهترا بكثير من القيم الانسانية التي قدتقف حجر عثرة في سبيل تحقيق اهدافه ومع ذلك فها هو الان قادر على اثارة مشاعرها وغرائزها في وقت يجب ان تكرهه لعنجهيته واستبداده وتعاليه.

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 14:56
كتمت دهشتها وخرجت مسرعة من تلك الغرفة. التعاطف شئ والبلاهة شئ اخر. انتمنحه القليل من التعاطف فهذا امر مقبول الى حد ما اما ان تسمح لتلك الافكار السخيفة بايجاد جذور عميقة لها في رأسها فهو الجنون بعينه. وابتسمت وهي تعبر القاعة متجهة الى غرفتها اذ تخيلت مدى الترفيه والتسلية وحتى السخرية لدى جايك لو انه يعرف بماذا كانت تفكر فمهما بلغت حدة غضبه من امكانية تورطها مع كيث فانه سيظل يعتبرها باردة لا بل متحجرة عاطفيا وشعوريا.
جايك لا يصدق ان لديها مشاعر قوية او ان بامكانها التفاعل والتأثر سلبا اوايجابا مع الاحداث المحزنة او المفرحة...باستثناء الفترة التي مات فيها والدها. كانموجودا آنذاك ويعرف اخرين في مجموعتها تصادقهم منذ سنوات عديدة ومن المؤكد ان بعضهم اخبره بأنها لا تتحمل تدليلا جديا او اي نوع اخر من المغازلة الحقيقية والمثيرة ويحتمل ان يكون هذا هو احد الاسباب الرئيسية لاختياره اياها زوجه له فكل شئ يمتلكه جايك هوارد يجب ان يكون كاملا وبحالة ممتازة.
وقفت امام المرآة في غرفتها واخذت تتأمل نفسها بدقة وتمعن هل حقا ينظر اليها هكذا؟ وهل فعلا يعتبرها كقطعة جليد؟ وهل هي فعلا من هذذا النوع من النساء؟ ازاحت وجهها عن المرآة بعصبية واشمئزاز فحتى ان كانت باردة المشاعر والعواطف, هل يهم؟ انها زوجة جايك هوارد...وهو من اولئك الرجال الذين لا يتخلون ابدا عن ممتلكاته.
بعد نصف ساعة تقريبا وفيما هيلين كانت مستلقية على سريرها سمعت طرقا خفيفا على الباب ففتحت الباب وشاهدة السيدة لايتمر تحمل لها طعام الغداء.
" احضرت لك الطعام يا سيدتي. السيد هوارد نائم على مقعد في غرفة الجلوس وتصورت انك لا تريدنني ان اوقظه. طبعا انكنت راغبة في تناول طعام الغداء في غرفة. . ."
" لا بأس على الاطلاق شكرا يا سيدة لايتمر "
ثم ابتسمت وتابعت حديثها بهدوء:
" في الحقيقة كنت على وش ابلاغك بعدم ايقاظه او ازعاجه انه مرعق جدا"
" نعم يا سيدتي. هل هناك اي شئ اخر تريده السيدة؟ "
" لا هذا يكفي ويزيد. شكرا "
حيتها السيدة لايتمر بتهذيب وغادرت الغرفة وهي تغلق الباب وراءها وبعد ذهابها تنهدت هيلين ونظرت لى ساعتها فنظرت ان الوقت تخطى الواحدة بقليل. خلال فترة قصيرة يجب ان تبدأ باعداد الثياب والحاجيات التي ستحتاج اليها اثناء عطلة نهاية الاسبوع. عندما يستيقظ جايك فانه يتوقع ان يجدها مستعدة وجاهزة. اما اغراضه هو فسوف تتولى توضيبها واعدادها السيدة لايتمر التي ترعاه كأم وليس كمدبرة منزل والتي تصل احيانا في رعايتها الى حد الازعاج.
فتحت هيلين خزانة الحائط والقت نظرة فاحصة على تلك المجموعة الضخمة من الثياب الانيقة والمتنوعة. كيف ستكون نهاية الاسبوع هذه يا ترى؟ اشخاص عديدون يصفون منازلهم الريفية بأنها عادية جدا في حين انها تكون اشبه بالقصور منحيث الترف والرفاهية. وتذكرت تلك المرات القليلة التي امضتها بضيافة جايلز وجنيفر عندما يكون جايك مسافرا وكيف ان منزلهما الريفي ينافس بيتهما في لندن في حجمه وتجهيزاته الحديثة واناقة اثاثه. جايك لم يخرها الكثير عن السفير اندانا وزوجته فماذا ستختار من الثياب؟ هل يملكان منزلا فخما في الارياف أم مكانا صغيرا ينسيهما المدينة وترفها؟ تنهدت مرةاخرى وشعرت أن الحيرة قد تعطل افكارها وتمنعها من اتخاذ القرار الصحيح ما لم تتحرك فورا وتختار الثياب المناسبة. بالطبع لم يكن لديها أي رغبة في طلب النصح من جايك اذ أن من شأن ذلك على الارجح ان يخلق جدلا هي في غنى عنه تماما. لذلك قررت فجأة ان تأخذ انواعا مختلفة من الثياب تناسب مختلف الاحتمالات والمناسبات.
عادت السيدة لايتمر لتأخذ اطباق الطعام فوجدتها كما كانت تقريبا. عقدت جبينها عندما شاهدت هيلين تضع احد فساتين السهرة في الحقيبة الجلدية الكبيرة وقالت لها بشئ من الاستغراب:
" كان بامكاني ان اقوم هذه المهمة عنك يا سيدتي لو وضعت ما سوف تحتاجين اليه على السرير لكنت اكثر من مستعدة ومسرورة لتوضيبه في الحقيبة "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 14:57
نظرت اليها هيلين مبتسمة وقالت:
" شكرا لك يا سيدة لايتمر ولكني كما ترين انتهيت تقريبا من هذه المهمة. هل اعددت حقيبة السيد هوارد؟ "
" نعم يا سيدتي اعددتها في الصباح بعدما ابلغني انكما ستمضيان نهاية الاسبوع خارج البيت "
" حسنا...هل استيقظ السيد هوارد؟ "
" لا ادري يا سيدتي اذ انني لم امر بغرفة الجلوس. اعتقد انه سيصعد قريبا ليستحم ويرتدي ثيابه. هل تريدين مني ان اوقظه؟ "
" لا ليسذلك ضروريا. سأوقظ زوجي بنفسي ان كان لا يزال نائما "
ثم هزت كتفيها وقالت وكأنها تشكك في نفسها:
" ارجو ان اكون قد وضعت في الحقيبة كل ما احتاجه لهذه الرحلة! "
ابتسمت السيدة لايتمر وعلقت على هذا التساؤل بالقول:
" انها رحلة ليومين فقط يا سيدتي! وكذلك فأني اشك كثيرا في انهم يحبون الرسميات الى هذا الحد في لاندرانوغ! "
" لاندرانوغ!! "
قالت هيلين بدهشة واستغراب شديدين ثم سألتها:
" أليست لاندرانوغ في مقاطعة وايلز؟ "
" نعم يا سيدتي "
" هل تعنين أن المنزل الريفي الذي سنمضي فيه عطلة الاسبوع... موجود في وايلز؟ "
" نعم يا سيدتي. ألم يخبرك السيد هوار بذلك؟ "
احمر وجه هيلين وقالت بتلعثم:
" لا...لا, لم يخبرني ذلك بالضبط. لم...لم اسأله عن المكان...بالتحديد. كنت أظن...انه في...مكان آخر "
وهزت رأسها وعلامات الدهشة لاتزال بادية على وجهها ثم قالت وكأنها تحدث نفسها:
" لاندرانوغ! لم اعرف اننا سنبتعد الى هذا الحد! "
" انها ليست بعيدة جدا يا سيدتي. اعتقد انكما ستستخدمان الطريق السريع. لن تجدا طرقات ملتوية وكثيرة التعرجات قبل دخولكما مقاطعة وايلز نفسها. طوم وأنا امضينا هناك عطلة جميلة. انها منطقة رائعو وأخاذة "
هزت هيلين رأسها وقالت:
" ربما في الصيف يا سيدة لايتمر. نحن الان في الخريف انظري الى المطر!"
كان الطقس ماطرا والضباب كثيفا الى حد ما وبدا الطقس حزينا ولا يعد بعطلة ممتعة.
ولكن السيدة لايتمر كانت تنظر الى الموضوع من زاوية مختلفة اذ قالت:
" لو كنت مكانك لما قلقت ابدا. السيد هوارد سائق ماهر وباذن الله لن تواجها اي مصاعب على الاطلاق ".
بعد ذلك استحمت هيلين وارتدت ثيابها ثم نزلت الى غرفة الجلوس. كانت الساعة آنذاك تشير الى الثالثة والربع وكانت السيدة لايتمر تضع ابريق الشاي على منضدة صغيرة قرب المقعد المثير الذي استخدمه جايك خلال الساعات القليلة الماضية. اقتربت السيدة لايتمر من هيلين واخذت منها معطفها ثم قالت وهي تعلقه امام الباب:
" طلب مني السيد هوارد اعداد ابريق من الشاي لأنك ربما احببت شرب القليل منه قبل ذهابكما "
" انه دليل اهتمام وعناية من جانبه "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 14:59
جلست هيلين وصبت لنفسها فنجانا من ذلك الشاي الفاخر. لابد من الاعتراف بأن فكرته لاقت ترحيبا في نفسها فقليل من الشاي الان ينعشها الى حد كبير.
امضت فترة قصيرة تتأمل الاثاث الجميل الذي اختارت معظمه بنفسها والذي انفق عليه جايك أموالا طائلة. وفيما كانت تصب الشاي مرة ثانية دخل جايك الى الغرفة وكانمرتديا ثيابا داكنة بعض الشئ مما اضفى المزيد من الاسمرار على لون بشرته. تأملته هيلين بتمعن قائلة لنفسها انه ربما تجري في عروقه دماء دماء اسبانية أو ايطالية وحملها مجرد تصور ذلك على الابتسام. فوالدته ستشعر بالتأكيد بأهانة كبيرة فيما عرفت ما تفكر به هيلين في هذه اللحظة بالذات لأنها شديدة الفخر والاعتزاز بعراقة انتمائها وانتماء زوجها الراحل الى مقاطعة يوركشاير.
لاحظ جايك الابتسامة الخفيفة في عيني هيلين فعقد جبينه فجأة وسألها بحدة واستغراب:
" ماذا يضحك الأن يا هيلين؟ "
" لا شئ, لاشئ!. هل أنت مستعد للذهاب الأن أم انك تريد قليلا من الشاي؟"
تردد جايك قليلا ثم ارتدى سترته واجابها بايجاز:
" أنا جاهز. أين حقيبتك؟ "
وقفت هيلين وردت عليه باختصار مماثل مشددة على الكلمة الأولى:
" حقائبي فوق "
" حقائبك! "
قالها باستغراب وتململ ثم أضاف
" بحق السماء يا هيلين! وماذا اخترت لنفسك ليستوجب اكثر من حقيبة؟ "
حركت هيلين ذراعيها كطفلة بريئة تدافع عن رغبتها في حمل أكبر عدد من العابها مع انها لن تذهب الا في نزهة قصيرة وقالت:
" بما انك لم تخبرني اي شئ عن السفير اندانا وزوجته أو حتى أن منزلهما الريفي موجود في وايلز أو أي نوع من الاستقبال سنجده هناك فقد اضطررت الى مواجهة كافة الاحتمالات "
" ولكن لابد أن السيدة لايتمر شرحت لك الوضع بكامله! "
هزت برأسها نفيا فتنهد وقال:
" أوه حسنا! هذه نقطة لصالحك سأحضر الحقائب وارجو أن يكون صندوق السيارة كافيا "
" شكرا لك "
ولكنه لم يسمعها اذ توجه مسرعا وصعد الدرج قفزا وكأنه شاب في العشرين من عمره.
وبعد لحظات عاد وهو يحمل الحقيبتين الكبيرتين في يديه ويتأبط الثالثة الاصغر حجما والاقل وزنا. وكانت هيلين قد ارتدت معطفها ووقفت تنتظره قرب الباب. وفي تلك الآونة دلت السيدة لايتمر وقالت له بلهجة تجمع بين الاعتذار والانزعاج:
" آه يا سيد هوارد! الم يكن بامكان طوم أن يحضر حقائب سيدتي! انه جالس في المطبخ يشرب الشاي! "
ابتسم جايك وقال لها بلهجة حنونه يحتفظ بها للاشخاص الذين بخدمونه باخلاص وتفان:
" لا بأس يا سيدة لايتمر فأنا مازلت شابا قوي الجسم "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 15:00
ثم تطلع بهيلين فجأة وسألها:
" هل من شئ أخر؟ "
" لا, لا اعتقد ذلك...أوه! نعم! الدعوة على العشاء مساء الاحد! يجب أن الغيها "
كان يوما عصيبا ومليئا بالشجار والمشاكسات فنسيت دعوة جنيفر. تغيرت ملامح جايك فجأة وسألها ببرودة اعصاب مفتعلة:
" لديك موعد عشاء مساء الأحد؟ "
ارادت هيلين أن تسخر منه في تلك اللحظة وأن تصرخ بوجهه قائلة أن تلك الدعوة موجهة لهما معا من جنيفر وجايلز ولكنها تعمدت اغاظته اذ اجابت:
" نعم, لدي موعد يجب أن الغيه "
سار نحو الباب بأنفعال وقال لها بعصبية ظاهرة قبل أن يخرج من الباب ويغلقه وراءه بعنف:
" أذن الغه "
نظرت اليها لسيدة لايتمر باستغراب واضح الا أن هيلين لمتكن في مزاج للشرح والتفسير. لا بل العكس من ذلك تماما اذ شعرت برغبة في اغاظة هذه الخادمه التي تتجسس عليها. فقالت لها:
" سأجري اتصالا هاتفيا الان يا سيدة لايتمر. بامكانك الذهاب ثم...اعتقد انك تعرفين اننا نتوقع العودة مساء الأحد "
" نعم يا سيدتي! أوه...عن اذنك يا سيدتي "
هزت هيلين برأسها علامة الموافقة ووقفت تنتظر بتململ وصولها الى الباب واغلاقه وراءها ثم رفعت سماعة الهاتف واتصلت بجنيفر لتخبرها بما حدث وتعتذر لها عن عدم قدرتها على تلبية الدعوة وبعد أن اعربت جنيفر عن اسفها لذلك قالت لها بسرور:
" ولكن يا حبيبتي هذا تحول جديد بالنسبة له, اليس كذلك؟ اعني انها ستكون المرة الاولى حسبما اعرف التي يأخذك فيها خارج لندن! "
" هذا صحيح ولكنمن الولضح أن هناك شئ ما وأنه على ما افترض يريد التظاهر بأنه رجل سعيد في زواجه "
سألتها جنيفر بلهجة يغلب عليها التشاؤم:
" وهل تعتقدين بأنك ستستمتعين بهذه الرحلة القصيرة؟ اعني يا عزيزتي أن تمضية يومين وليلتين في بيت ريفي صغير في وايلز...على بعد مئات الكيلومترات من المدينة...! أوه انها لعطلة تعيسة! "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 15:03
ردت هيلين عليها بلطف قائلة أن الابتعاد عن مباهج الحياة العصرية أحيانا أمر مريح للأعصاب ولكن جنيفر أصرت على رأيها قائلة:
" ما اعنيه تماما أن هذه العطلة قد تبدو جذابة ومغرية النسبة الى زوجين عاديين أما بالنسبة اليكما...أنت وجايك! اعني أنه بسبب...سوء تصرفاته يجب توقع يومين مزعجين للغاية فعلى الأرجح سيتركك في رعاية المضيفة في حين أنه والسفير سيمضيان طوال وقتهما يتحدثان بالصفقات والمشاريع التجارية وان لم يفعلا ذلك فانهما قد يختفيان في أحد النوادي الليلية...هذا اذا كان في تلك البقعة النائية مرابع ما! "
ثم تثاءبت واعتذرت بسرعة قبل أن تتابع انتقادها لتلك الرحلة:
" في الحقيقية يا عزيزتي لا أدري كيف وافقت أصلا على مرافقته في هذه الرحلة! دعيه يقوم بدعاياته العامة بمفرده "
انتبهت هيلين الى أن جايك اصبح وراء الباب وعلى وشك أن يفتحه فسارعت الى انهاء حديثها مع جنيفر قائلة:
" يجب أن أذهب الأن سأتصل بك عندما أعود "
تنهدت جنبفر بانزعاج وقالت:
" أوه حسنا ولكن لا تلوميني يا هيلين ان عدت مصابة بزكام أو بوجع رأس أو بالاثنين معا "
" لن يحدث ذلك "
وأقفلت الخط فيما كان جايك ينظر اليها متضايقا ويقول:
" والآن؟ هل أنت جاهزة؟ "
رفعت رأسها متحدية وقالت:
" طبعا "
انها لن تسمح له بارهابها بمثل هذا الاسلوب وترفض أن تشرح له ما حدث بتردد وتلعثم كطفلة خائفة لمجرد انه يتوقع منها ايضاحات أو تفسيرات مطولة.
دخلت السيارة بدون أن تقول له شيئا. هل صحيح كما قالت جنيفر أن دعوةجايك لها لمرافقته في تلك الرحلة هو تحول جديد في طريقة حياته وتصرفه معها؟ أم أنه كما قالت هي لنفسها بحاجة لاثبات جديته ورصانته أمام ذلك السفير الذي يحب الروح العائلية ويحترم التقاليد البيتيه والزواج السعيد. لماذا التكهن المسبق لما سيحدث؟ ولماذا لا تنتظر وصولهما الى وايلز لتعرف بالضبط أهدافه ودوافعه؟.
مضت ساعة كاملة كان جايك يركز اهتمامه على قيادة السيارة وربما كان يفكر بما كان سيبحثه مع السفير اندانا ولذلك فأنه لم يلتفت مرة واحدة الى هيلين كما أنه لما يحدثها بشئ أو يتحدث بكلمة واحدة طوال تلك الفترة. عزت هيلين نفسها بأن السبب الرئيسي لصمته المطبق هو المطر الغزير الذي كان يهطل آنذاك بالاضافة الى الأزدحام الخانق في حركة السير لمصادفة خروجهما في موعد عودة الموظفين والعمال الى بيوتهم وفعلا بمجرد وصولهم الى الطريق الواسع وشبه المستقيم استراح جايك في مقعده واشعل سيكارة ثم سأل زوجته:
" وماذا قال مانرينغ؟ "
قررت هيلين أن تغيظه قليلا فاصطنعت الدهشة مكتفية بترديد الاسم كالصدى:
" مانرينغ؟ "
شد جايك بقوة علىمقود السيارة وكأنه يريد تحطيمه بدلا من رأسها. ثم تغيرت لهجته القاسية فجأة وقال لها بصوت هادئ:
" لا تحاولي أستخدام ذكائك معي يا هيلين...يجب أن تعرفي بعد كل هذه المدة أن مثل هذا الاسلوب لا ينجح. سألتك ماذا قال مانرينغ عندما اضطررت لأبلغه بأنك غير قادرة على تناول العشاء معه مساء الاحد "
هزت كتفيها بانزعاج وقالت باستغراب:
" أهذا ما تعنيه؟ "
" نعم هاذا ما أعنيه بالضبط"
" لم يقل شيئا "
" هيلين, اني أنذرك. . . "
تطلعت هيلين نحوه بعصبية بالغة وعينين يكاد الشرر يتطاير منهما وقاطعته صارخة:
" بحق السماء يا جايك! توقف عن تمثيل دور الوالد القاسي. لمعلوماتك ايها السيد لم يكن لدي موعد عشاء مع كيث مساء الأحد "
" وهل تتوقعين مني تصديقك؟ "
" كما تشاء "

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 15:32
عادت هيلين تركز اهتمامها ونظراتها على الطريق الممتد أمامها مسافات شاسعة وكانت تغلي غضبا لأنها سمحت له أن يغيضها الى الحد الذي اضطرت فيه الدفاع عن نفسها. وعاد جايك يسأل:
" اذن مع من كنت تتحدثين على الهاتف؟ "
" أوه بحق السماء ولماذا أخبرك مه من كنت أتحدث؟ ماذا يهم؟ أنا لا اسألك عننشاطاتك وتحركاتك فلماذا أذن تريد معرفة كل حركة أقوم بها أو كل كلمة أقولها؟ "
فجأة تحولت شاحنة ضخمة الى الخط السريع أمام سيارتهما. ضغط جايك على الفرامل وحول بيده سرعة المحرك من الدرجة الخامسة الى الثالثة في حينتولت اليد الأخرى شد المقود بعيدا عن الشاحنة. أدى ذلك الحادث المفاجئ الى الى تخفيف مؤقت في حدة التوتر بينهما اذ كان لابد لهيلين من أن تثني على حسن قيادته وسرعة خاطره وقالت في نفسها أن طريقته في قيادة السيارات يمكن أن تكون ممتعة جدا لو أن ظروفهما كانت مختلفة بعض الشئ. عطلة نهاية الاسبوع ذاتها يمكن أن تكون رائعة لو لم تكن علاقتهما متوترة الى هذا الحد. وتطلعت بجايك وسألت نفسها كم من فتاة تكون مستعدة للقيام بأي شئ والتضحية بالغالي والرخيص لتحل مكانها في تلك الاونة. لا انها تنظر الى الموضوع من زاوية سطحية فقط. ذلك لاحظت من أنها تجري تقييما جسديا بحتا لزوجها الجالس قربها.
حدقت في زجاج السيارة الامامي شاردة الذهن مشتتة الافكار. كانت السيارة منطلقة بسرعة كبيرة والصمت مخيم في داخلها وكأن كلا منهما غارق في أفكاره وتخيلاته وفجأةوضع جايك اشارة وخفف من سرعة السيارة قبل أن يتحول بها الى طريق فرعي يؤدي الى فندق ضخم تتلألأ أضواء غرفه وبعض شرفاته بشكل حالم ودافئ. أوقف جايك السيارة قرب مدخل الفندق واطفأ محركها ثم فكحزام الأمان قائلا:
" هذا أفضل مكان الآن لتناول العشاء أعرف أن الوقت مبكر والساعة لم تتجاوز السادسة والنصف الا أنني أعتقد أن بهذه الخطوة سنوفر على أنفسنا عناء التوقف في وقت لاحق على طرقات لا نعرفها وفي مناطق نجهلها "
هزت هيلين رأسها موافقة وفكت بدورها حزام الأمان ونزلت من السيارةوهي تقول لنفسها انها فعلا فكرة صائبة اولى نتائجها الايجابية كانت طبعا كانت الخروج من السيارة والسير قليلا لاراحة الرجلين وبالتالي لتنشق القليل من الهواء المنعش. دخلا الفندق ووضعا معطفيهما في المدخل وتوجها الى قاعة الطعام ومع أن الوقت لا يزال مبكرا الا أن عددا كبيرا من الأشخاص كانوا يتمتعون بالعشاء اللذيذ والجو الحالم. وبمجرد توجههما الى الطاولة التي خصصت لهما تحولت اليهما معظم الأنظار وقالت هيلين لنفسها بسخرية

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 15:33
ان غرور جايك عائد في معظمه الى هذا الاهتمام القوي الذي يحظى به في أي مكان وزمان وكادت الا تلاحظ أن نظرات الرجال الموجودين في القاعة لم تجذبها شخصية جايك...بل جمالها هي...جمال وجهها الهادئ وجمال قدها الرشيق.
كان جايك يبدو كئيبا طوال الفترة التي امضياها في تناول طعام العشاء لم يتحدث الا نادرا واكتفى ببضع كلمات يرددها بايجاز كلما علقت هيلين بشئ عن الطعام أو الفندق أو المطر وشعرت بأن عليها أن تقول شيئا بين الفترة والاخرى كيلا يظن الأخرون المهتمون بهما أنهما متخاصمان ولا يتكلمان مع بعضهما. واخيرا وعندما كانا يشربان القهوة تطلعت هيلين به فجأة وقالت له بكثير من الحدة:
" الشخص الذي كنت أتحدث معه على الهاتف قبل مغادرتنا البيت ليس الا جنيفر. انها هي التي دعتنا سوية الى العشاء مساء الأحد "
لم يتفوه جايك بشئ فعيل صبرها وسألته مستغربة:
" هل سمعت ما قلته لك؟ "
رفع رأسه قليلا وقال لها بهدوء مزعج:
" نعم سمعتك يا هيلين "
" حسنا! اليس لديك ما تقوله؟ "
" وماذا تريدينني أن أقول؟ "
ضغطت هيلين بشدة على شفتيها عندما لاحظ أنها على وشك البدء بالبكاء. يا للسخرية فلأنه قرر الجلوس عابسا ومقطب الجبين هكذا بسبب جدالهما اضطرت هي الى التفسير والتوضيح مرة أخرى ومنحته بالتالي فرصة جديدة لأذلالها وتحقيرها وبدون أن ترد على سؤاله وقفت فجأة وخرجت من قاعة الطعام. اخذت معطفها والقته على كتفها بلا اكتراث وخرجت الى العراء غير آبهة بالهواء البارد الذي كان يصفعها وبالمطر الغزير الذي كان يبللها بلا شفقة أو رحمة. سارت بسرعة نحو السيارة ولكنها بالطبع وجدتها مقفلة. زررت معطفها ورفعت ياقته ووضعت يديها في جيبي المعطف واخذت تعض شفتيها بقوة لتمنعهما من الارتجاف وأسنانها من الاصطكاك. لمتشعر بطوال حياتها الفتية بمثل هذه التعاسة.
سمعت صوت الباب يغلق ويفتح وشاهدت جايك يسير نحوها بعصبية ظاهرة ويوجه اليها نظرات حادة وقاسية وخاصة بعد أن رأى شعرها المبتل ووضعها المزري. لم يقل شيئا بل فتح باب السيارة بسرعة واخذها بذراعها ودفعها بقوة الى الداخل. أغلق الباب بعنف وكأنه يريد تحطيمه ثم توجه الى الناحية الثانية وفتح بابه وجلس وراء المقود وفجأة استدار نحوها وكانت هيلين تجلس صامتة بدون حراك تنتظر الغضب الصاعق ولكن قبل أن يصل توترها الى أشده سمعته يقول لها بصوت خافت ومتردد:
" حسنا, حسنا أنا آسف "
تطلعت به هيلين وقد أصابتها الدهشة واتسعت عيناها استغرابا ورددت كلماته كالصدى وهي لا تكاد تصدق ما سمعته اذناها:
" أنت...أنت آسف؟ "
" نعم, نعم! اللعنة يا هيلين ماذا تريدين مني أن اقول أكثر من ذلك؟ حسنا لقد تصرفت معك بقسوة ووحشية ولم اصدقك. أما الآن فاني أصدقك "
" أوه جايك! "
وانهمرت دموعها حارة على خديها ولاحظت أنها تبكي مع أنها حاولت جاهدة اخفاء ذلك عنه بوضع يدها على خديها وكأنها تفكر فقال لها باصرار وهو يوجه اليها نظرات ذات معان كثيرة:
" بربك يا هيلين قلت لك انني متأسف. لا تبكي, بحق السماء, لا تبكي! أنا لا استحق هذا البكاء صدقيني "
حركت رأسها ببطء من صوب الى آخر وقالت لهمتمتمة ويدها تشد بقوة على فمها:
" دعني أرجوك...سأشعر بتحسن بعد لحظات "
" كفى يا هيلين! كفى يا امرأة! "
وضمها نحوه واضعا رأسها على صدره ومربتا بيده الأخرى على رأسها بحنان ظاهر. كانت تلك المرة الأولى منذ زواجهما التي تقترب فيها منه الى هذا الحد ولذا ظلت على تلك الحالة عدة دقائق مرتاحة البال وسعيدة بذلك الشعور من الأمان والطمأنينة الذي أوحاه لها قربه منه على هذا الشكل. وعندما دأت دموعها تخف تدريجيا اخذت هيلين تشعر بأحاسيس مثيرة آخرى خافت أن تقلقها وتقض مضجعها في وقت لاحق. اعجبها دفء جسده وقوته عضلاته وطيب الرائحة التي تفوح من جسمه! ومع أنها شعرت انه لابد من الابتعاد عنه قليلا لتجفيف دموعها الا أنها لم تكن راغبة على الاطلاق. كانت تريد البقاء هكذا دهرا...ولكنه افقدها المبادرة فقد ازاحه عنه برقة واعادها بحنان الى وضعها السابق في المقعد المجاور ثم اطفأ النور الداخلي للسيارة واشعل سيكارة قبل أن يدير المحرك وينطلق بهدوء وروية.

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 15:35
لم يقل شيئا بعد ذلك وكانت هيلين مسترخية في مقعدها ترتجف! لقد لاحظت فجأة وللمرة الأولى في حياتها انها لا تجد لمسة الرجل أمرا مستهجنا أو غير مرغوب فيه.






***نهاية الفصل الرابع***

ماري-أنطوانيت
11-08-2007, 15:40
اعذروووووووووووووووووووني مقدما بليز

لان يمكن بكره ما اقدر انزل الفصل الخامس

لبعض الظروف الطارئه

وبالاخص بحوره....لا تعصبي علي طيب:p

المحبه:

ماري-أنطوانيت

بحر الامان
11-08-2007, 20:34
المشكله عزيزه وغاليه
لو تطلبين الروح
مو بس ما نعصب
وخذي راحتك
يوم مو مشكله
تردين بالسلامه
مؤدبه صح خخخخخخخخخخ

*لميس*
12-08-2007, 11:14
عاذرينك حبيبتي مــــــاري ولايهمك راح ننتظر لحد ماتقدري

تنزليه......^_^


بالتوفيق

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:29
5- مشروع أنصاف ابتسامات


منذ مغادرتهما ذلك الفندق وجايك يلتزم الصمت التام تقريبا الا عندما يطلب منها دراسة الخريطة للتأكد من أنهما لا يزالان على الطريق الصحيح. هل ندم يا ترى على تلك الرقة التي أظهرها أمام الفندق؟ ملامحه القوية الشرسة لم يعد فيها أي أثر لذلك الحنان الذي شاهدته عندما أعتذر منها وضمها الى صدره! ولكن أليس ممكنا أيضا أنه يركزكا اهتمامه وتفيره على الطرقات الصعبة وقيادة سيارته القوية؟.
تمن هيلين في تلك اللحظة أن يصلا الى وجهتهما لتخرج بسرعة من ذلك السجن الصغير المظلم الى مكان أوسع وأفسح وأكثر اضاءة ونورا...لتبتعد مسافة أكبر عن جايك لأن قربه منها الى هذا الحد يزعجها ويضايقها...ويثيرها. لتبتعد عن مشاعر الاغراء والاثارة التي بدأت تلاحقها وتضج في رأسها وقلبها وجسمها كلما تطلعت الى زوجها! كل شئ فيه يثيرها...شعره الأسود الحالم..جفناه..كتفاه...وحتى الخطوط القاسية في وجهه وملامحه! هذه الأمور والتفاصيل كلها كانت بالنسبة اليها في السابق غير جديرة بالاهتمام...لا بل مزعجة وتسبب القرف. وشعرت بأنها تحترق نفسها لأنها سمحت لعاطفتها ورغبتها بالوصول الى هذا الحد. انه قبل ليلتين فقط. . .
ارتجف جسمها بشكل عفوي فالتفت نحوها وسألها:
" هل تشعرين بالبرد؟ "
هزت هيلين رأسها وقالت كأنها تمازحه:
" شاهدت شبحا...هل تظن أننا لا نزال بعيدين عن وجهتنا؟ "
نظر الى ساعته وقال عاقدا جبينه:
" كنت اعتقد أننا سنصل في مثل هذا الوقت. هل أنت متأكدة أننا نتبع الطريق الصحيح؟ "
استوت هيلين في مقعدها واخرجت الخريطة الملونة ثم انارت الضوء الداخلي القريب منها وقالت:
"هذه هي طريق لاندرانوغ بالتأكيد. يجب أن تكون! "
" أرجو ذلك "
قالها بلهجة غير مقتنعة تماما ثم قال متأففا:
" بالله عليهم لماذا لا يكثرون من هذه الأشارات المعدنية التي تظهر بوضوح أسماء المقاطعات والمدن والقرى والمسافات وغير ذلك من المعلومات الضرورية للسائق؟ آخر اشارة تدلنا على المكان الذي نوجد فيه الآن كانت قبل عشرين كيلومترا تقريبا! "

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:30
علقت هيلين على سؤاله بهدوء:
" ربما فاتتنا مشاهدة بعض الاشارات نظرا للظلام الدامس وكذلك المطر الذي. . . "
" شكرا لاحظت ذلك "
اطفأت هيلين النور الداخلي مرة أخرى واسترخت في مقعدها مفسحة المجال مرة اخرى امامالصمت المطبق ليخيم بينهما. وفجأة استوت جالسة واشارت الى الامام صارخة بحماس:
" أرى أضواء! انظر...هناك هل تراها؟ "
نظر اليها جايك باستخفاف وقال:
" نعم, أراها. ولكن هذه المنطقة لا تبدو لي كقرية بل كبضعة منازل منعزلة... "
قاطعته بانزعاج:
" يجب أن تكون لاندرانوغ فالخريطة تظهر. . . "
جاء دوره لمقاطعتها فقال متبرما:
" حسنا! حسنا! "
وفي هذه الأثناء اصبح بامكانهما مشاهدة تلك الأضواء بوضوح ولكن كما قال جايك قبل لحظات كانت الأضواء قليلة ومتقاربة جدا بحيث لا تدل على وجود قرية أو ماشابه. تلعثمت هيلين وقالت:
" ربما ذهب الجميع الى النوم! "
تطلع جايك بها باستخفاف وحدة قائلا:
" في التاسعة والنصف؟ اني أشك في ذلك قليلا الا توافقينني عل ذلك؟ "
ازعجتها سخريته فقالت له غاضبة:
" ربما كان من الأفضل أنتتولى أنت قراءة الخريطة "
" ربما كان ذلك ضروريا "
ثم ضغط بقدمه على الفرامل وأوقف السيارة الى جانب الطريق وسألها:
" هل ترين ما أرى؟ "
كانا الأن على مقربة من تلك البيوت القليلة وأصبح بامكانهما مشاهدة الأشياء بوضوح أكبر. وفجأة اشارت الى أحد البيوت قائلة بفرح:
" انظر! هناك اسم على البوابة الخارجية "
تنهد جايك ونظر اليها طويلا ثم هز رأسه وقال:
" حسنا, حسنا سأذهب للتحقق من الاسم "

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:31
فتح جايك باب السيارة ونزل منها متمهلا وما أن شعر بأن قدميه غرقتا في الوحل حتى سمعته يشتم بغضب وعصبية وهو يتوجه نحو ذلك المنزل. ضحكت بصوت خافت لأنها لم تكن تتصور من قبل أن جايك يقبل بالسير في أرض وعرة كهذه تغطيها اوحال بمثل تلك السماكة وحبست ضحكاتها بسرعة فمهما كان الأمر يجب أن لا يراها جايك مسرورة لازعاجه أو فرحة بتعاسته وتمنت فقط أن لا يكون غضبه كبيرا عند عودته. الا أن تمنياتها تبخرت بسرعة وحلت محلها خيبة الأمل فقد عاد وهو يكاد ينفجر غضبا وصعد الى سيارته بدون أن يفكر حتى بتنظيف حذائه قليلا. ثم سألها وهو ينظر اليها شزرا:
" هل لديك أي فكرة على الاطلاق عما تقوله تلك اللوحة؟ انها تقول...أه منك يا هيلين! تقول...هنا مزرعة لانغرانوغ! هل تسمعين؟ مزرعة لانغرانوغ! "
اصابتها الحيرة والدهشة وسألته بسذاجة:
" هل تعني أن هذا هو المنزل الريفي الذي نقصده؟ "
رفع جايك نظره الى السماء متضايقا ومنفعلا وقال لها باشمئزاز:
" لا! لا اعني أبدا أن هذا هو منزل اندانا الريفي اعني أن هذا المنزل هو مزرعة لانغرانوغ وليس لاندرانوغ! "
فتحت فمها دهشة واستغرابا واتسعت عيناها حيرة وسألته بتردد:
" تعني...تعني أن هذه...هي الطريق الى لانغرانوغ...وليس الى لاندرانوغ؟"
نقر جايك بأصبعه على مقود السيارة وقد عيل صبره وقال لها بتهكم غاضب:
" اعني...اعني! أنت التي يجب أن تعرف. ألم تكن الخريطة معك وكنت أنت مساعد الطيار أو الملاح المسؤول عن توجيه السفينة في المسار الصحيح؟ "
سحبت هيلين الخريطة ووضعتها على ركبتيها وأخذت تلاحق باصابع مرتجفة الخطوط الصغيرة المتعرجة التي تنطلق من الطريق الرئيسي باتجاه لاندرانوغ واكتشفت بسرعة انها كانت تتبع خطأ الخطوط المؤدية الى لانغرانوغ. لم تكن تتوقع اسميين متقاربين الى هذا الحد في المنطقة ذاتها! وبما أن الطريق المؤدية الى لانغرانوغ هي الاساسية فقد أغفلت الخط الفرعي الذي يؤدي الى لاندرانوغ.
كان جايك آنذاك يراقب أصابعها بكثير من الأهتمام...والأنزعاج ثم سألها بلهجة طبيعية تقريبا:
" هل أبتعدنا كثيرا عن طريقنا؟ "
دلته باصبعها الى مكان الأنعطاف وقالت بخجل وحياء:
" حوالي...حوالي خمسةوعشرين كيلومترا "
تنهد جايك واسترخى في مقعده قليلا ثم اشعل سيكارة وقال لها بهدوء:
" حسنا...سنعود الآن "
قطبت هيلين حاجبيها وقالت له معتذرة:
" أنا...أنا آسفة لم أكن أظن أن ثمة اسمين متقاربين الى هذا الحد "
ابتسم جايك نصف ابتسامة وقال:
" وأنا أيضا لم أكن أعرف. كذلك فانه لا يمكنني القاء اللوم كلع عليك لأنني أنا أيضا كنت اقرأ اشارات الطرق "

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:37
ردت هيلين الأبتسامة بالمثل وشكرته بكلمة واحدة. هز برأسه متضايقا من الحالة التي وصلا اليها ثم أدار المحرك وضغط على دواسة البنزين الا أن العجلتين الخلفيتين اخذتا تدوران على نفسيهما بدون فائدة. سماكة الوحل كثيفة! حاول الرجوع الى الوراء ولكن السيارة ظلت في مكانها وغطى الصفير الذي كانت تطلقه العجلتان الغاضبتان على صوت المحرك القوي. شد بأصابعه على المقود صارخا:
" أوه, يا الهي! كيف سنخرج من هذا المأزق؟ "
عضت هيلين على شفتيها بقوة حتى كادت تدميها. شعرت أنها هي المذنبة وتمنت لو كان بامكنها القيام بأي شئ لاخراجهما من هذه الورطة. فتح جايك باب السيارة ونزل منها ليغوص مرة آخرى في ذلك الوحل الكريه ولكنها هذه المرة لم تضحك بل كانت متأثرة وحزينة. شعرت به يركل العجلة الخلفية بعصبية ثم يعود ليقول لها:
" اجلسي وراء المقود يا هيلين "
اطاعته على الفور وبدون تردد فيما كان يوجه اليها التعليمات الضرورية.
" هل بامكانك تطبيق هذه التعليمات بدقة؟ "
" نعم...سأحاول "
توجه الى مؤخرة السيارة وطلب منها أن تبدأ فصرخت بلهفة:
" انتظر! "
عاد نحوها وقد اصبح آنذاك كقطعة قماش مبللة وسألها بتبرم وايجاز:
" ما بك الأن؟ "
اشارت الى رجليها وقالت بحياء واسى:
" المقعد بعيد جدا بالنسبة الي. هل بالامكان سحبه قليلا الى الأمام؟ "
تنهد جايك ولكنه لم يقل شيئا بل فتح الباب ودفع المقعد الى الأمام بسرعة وسهولة قائلا:
" هل هذا يكفي؟ "
" شكرا اعتقد أنني الأن على ما يرام "
" حسنا. لننفذ الآن ما اتفقنا عليه قبل قليل. تذكري أن تبدأي عندما اطلب منك ذلك "
عاد الى مؤخرة السيارة ووضع ذراعيه القويتين عليها مستعدا للدفع بكامل قوته. ثم صرخ بها:
" هيا...الآن "
الا أن السيارة لم تتحرك وسمعته يناديها بأعلى صوته:
" لا بأس, لا بأس! اوقفي المحرك! "
اخرجت هيلين رأسها من النافذة فشاهدت جايك يتقدم نحوها وقد غطاه الوحل من رأسه حتى أخمص قدميه لم تتمالك نفسها من الضحك بمثل هذه الطريقة الغبية التي تمكنت في المرة الأولى من كبتها. وفجأة شعرت بالاشمئزاز من نفسها وبالخوف من جايك فسارعت الى وضع يدها على فمها الا أن السيف سبق العذل فقد شاهد ضحكتها...اقترب منها ونظر اليها طويلا ثم سألها بلهجة تنذر بعواقب الأمور:
" هل تجدين الأمر مسليا ومرفها عن النفس؟ "
هزت هيلين رأسها نفيا وارغمت نفسها على الاجابة بعد أن شعرت أن الكلمات علقت في حلقها:
" انك...انك مغطى بالوحل! متأسفه جدا يا جايك ولكن منظرك يدعو الى الضحك "
" هل هذا صحيح؟ "
رفع يديه المبللتين ومسح الوحل عن وجهه ثم قال لها:
" طيب, ايتها الجميلة! الآن جربيه أنت "

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:42
تطلعت به غير مصدقة وسألته بانزعاج:
" أنا؟ انك تمزح! "
" ولماذا أمزح؟ هذه الورطة الشنيعة من صنع يديك, وأنت الآن ستعملين على اخراجنا منها "
عادت هيلين مسرعة الى مقعدها وقالت له باصرار:
" انني لن أغطي نفسي بالوحل لمجرد منحك فرصة للضحك! "
تردد جايك قليلا ثم استدار ناحية المزرعة وقال وكأنه يحدث نفسه:
" لابد أن صاحب المزرعة ستكون عنده معدات قد تساعدنا على الخروج من هذه المحنة "
ارتاحت هيلين كثيرا وشعرت أن حملا ثقيلا ازيل عن صدرها عندما تأكد لها انه لن يرغمها على الخروج الى الوحل ودفع السيارة. وقالت له مشجعة:
" أوه, نعم ربما كان لديه بعض المعدات...جرار زراعي وحبل مثلا أو أي شئ أخر يمكنه أن يسحبنا قليلا الى الأمام! أوه انها فكرة جيدة "
فتح جايك باب السيارة قائلا:
" عظيم كنت أعرف أنك ستفكرين هكذا...الآن اذهبي واسأليه "
دهشت هيلين مرة أخرى وقالت باستغراب:
" أنا؟ أذهب الى المزرعة؟ "
اشعل جايك سيكارة وأجابها بهدوء غريب:
" نعم. سأنتظر في السيارة بحال مرور احد من هنا "
ضمت هيلين شفتيها بانفعال وقالت باصرار:
" لا يمكنني الذهاب الى المزرعة. انها هناك في نهاية هذا الطريق الترابي! ربما كان فيها الآن شخص ينتظر ضحية مثلي! "
رد عليها جايك بهدوء ولطافة:
" في مثل هذا الطقس الماطر؟ أشك كثيرا في ذلك "
حدقت فيه وقد علت فمها نصف ابتسامة وقالت له:
" أوه انك لست جادا! انك تطلب مني الأقدام على مثل هذه الخطوة لمجرد افزاعي! هذا تصرف لئيم "
خلع جايك سترته وقال لها بلهجة الآمر الواثق من نفسه ومن اطاعة أوامره:
" لا يا هيلين...اني أطلب منك بكل جدية وأنت ستنفذين الطلب "
رفعت رأسها بتحد صارخ قائلة:
" اني أرفض! "
" ترفضين؟ حقا ترفضين؟ "

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:46
وفجأة انحنى صوبها وفتح بابها ثم دفعها الى الخارج وأغلق الباب بقوة واقفله من الداخل .
صعقت, وخافت, وغضبت, وأخذت تضرب بيديها على زجاج السيارة وهي تصرخ:
" جايك, جايك كفاك حقارة ونتانة! دعني أدخل...البرد شديد وأنا مبتلة كثيرا"
" اذن اركضي نحو المزرعة...هيا بسرعة التمرين يساعدك كثيرا "
ترددت هيلين طويلا قبل أن تتحرك من مكانها انها تعرف جايك جيدا وتعرف أنه يعني ما يقول. ولكن قبولها بما يطلبه صعب للغاية. كيف ستتمكن من الذهاب الى بيت غريب في مثل هذا الوقت المتأخر والجو الماطر لتسأل صاحبه مساعدتهما على اخراج السيارة! أليس ممكنا أن يكون صاحب البيت رجلا يعيش بمفرده...مجرما...مجنونا أو أي شيئ آخر! شعرت برجفة قوية ونظرت الى جايك شزرا وقد بلغ منه الغضب حده الأقصى. كان مستلقيا في مقعده الذي احنى مسنده الى الوراء يدخن سيكارة ويستمع الى الموسيقى الهادئة. آه انها تكرهه...تكرهه.
لم تكن هناك أي فائدة من البقاء قرب السيارة بانتظار أن يغير جايك رأيه. انها تعرف جايك حق المعرفة وتعرف انه لا يتبع الا قواعده هو في أي لعبة يلعبها وتعرف أيضا أنمجرد كونها امرأة...أو زوجة لا يخولها بالضرورة الحصول على ميزات أو افضليات. استدارت نحو تلك المزرعة ومشت ببطء يغلفها شعور بالسخط والغضب والاذلال...وحتى بالخوف الحقيقي. وانهمرت دموعها بغزارة.
وعندما اقتربت من المبنى الرئيسي للمزرعة سمعت أصوات حيوانات في زريبة قريبة ونبلح كلب يعلن قدومها ولكن الذي زاد انزعاجها وخوفها أنها سمعت بوضوح وراءها لهاثا قويا وصوت أقدام. دب فيها الرعب وبدأت تركض بأتجاه الشرفة الأمامية للمنزل ولكنها شعرت قبل وصولها بخطوات قليلة بيد تمسك بذراعها. التفتت مذعورة فشاهدت جايك الذي أزاحها آنذاك واندفع قبلها نحو الباب. صرخت به بصوت مكبوت:
" أيها...أيها النتن الحقير! هل كنت تتبعني طوال الوقت؟ "
رفع جايك حاجبيه الاسوديين وقال لها بهدوء:
" طبعا... وهل كنت تظنين أنني سأدعك تأتين الى هذه المزرعة بمفردك؟ هل كنت تظنين ذلك؟ "

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:49
" ولكن...ولكن...لماذا أجبرتني على المجئ الى هنا في المقام الأول؟ لماذا لم تدعني أبقى في السيارة؟ "
" وهل كنت ستقبلين بأن أتركك هناك؟ بمفردك؟ في مثل هذا الوقت؟ وفي هذه المنطقة النائية؟ "
" اعتقد. . . "
" قررت اعطاءك درسا وهذا كل ما في الأمر "
ثم أبتسم قليلا وقال:
" واعتقد أنني نجحت أليس كذلك؟ "
" أوه...أوه اني أكرهك! أكرهك! "
وفي تلك اللحظة بالذات فتح رجل باب المنزل واندفعتمنه عدة كلاب من أنواع مختلفة وأخذت تقفز نابحة حولها. أمر الرجل كلابه بالدخول ثمنظر بفضول الى هذين الضيفين المتسخين بالوحل وقال مقطبا جبينه:
" نعم؟ "
حياه جايك يتهذيب وقال له:
" أنا متأسف جدا لأزعاجك في مثل هذا الوقت المتأخر ولكن سيارتي انزلقت قليلا الى قناة بجانب الطريق ولم يعد بامكاني اخراجها فهل تتكرم بمساعدتي لسحبها؟ "
وتنحنح قليلا ثم تابع بسرعة:
" أعرف...أعرف أن الوقت متأخرا جدا وأنها ليلة مزعجة ولكن... كما ترى...فاننا مبتلان حتى العظام "
نظر الرجل مليا الى هيلين ووجهها المتعب وجسمها المرتجف ثم أستدار فجأة نحو الداخل وقال:
" الأفضل أن تدخلا. يبدو أن زوجتك بحاجة الى فنجان من الشاي "
" أوه شكرا لك "
قالتها هيلين بحماسة واخلاص فيما كانتتدخل مسرعة وهي تبتسم للمضيف امتنانا وتقديرا. واستقبل المزارع الكهل دخولهما محييا بتهذيب وتواضع:
" لا شكر على واجب "
أغلق الباب وسار أمامهما حتى غرفة الجلوس الفسيحة والمريحة حيث كانت مدفأة جميلة تملأ الغرفة بالدفء الممتع والضوء الساحر ورائحة الحطب الطبيعية اللذيذة. زوجة الرجل امرأة قصيرة وبدينة الى حد ما ولكنها بادية النشاط والصحة كمعظم زوجات المزارعين. وبعد أن قدما نفسيهما على أنهما السيد والسيدة مورغان وعرفا أن ضيفاهما هما جايك وهيلين هوارد توجهت السيدة مورغان الى المطبخ لتعد الشاي فيما أخذ زوجها يستفسر عما حدث وعندما أخبره جايك عن المشكلة التي وقعا فيها بسبب تشابه الاسمين لاندرانوغ ولانغرانوغ ابتسم صاحب المزرعة وقال:
" أنك لست أول من يقع في مثل هذه المشكلة يا سيد هوارد فكثيرون قبلك وقعوا في الخطأ ذاته. ولكن هذا ليس مهما الآن...المهم هو محاولة اخراج سيارتك من المكان الذي علقت فيه "

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:51
تنهد المزارع وتابع حديثه مع جايك قائلا:
" بالطبع يمكنني أستخدام الجرار لسحب سيارتك ولكن هذه العملية ستستغرق بعض الوقت والأصدقاء الذين ينتظرونكما سيقلقون بسبب تأخيركما ولذلك فاني أعتقد أن من الأفضل الأتصال بهم وابلاغهم عما حدث ثم تمضيان الليلة هنا وتذهبان اليهم في الصباح. فمن الصعوبة في مثل هذا المطر والظلام أن تجدا الطريق الفرعي الذي يؤدي الى لاندرانوغ! "
تطلع جايك بهيلين ثم قال لمضيفه الكريم:
" هذا لطف وكرم منك يا سيد مورغان ولكن لا يمكننا ازعاجكما. . . "
ابتسم المزارع الطيب وقال له مقاطعا:
" لا ازعاج على الاطلاق وأنا متأكد من أن السيدة مورغان أيضا تشاطرني هذه الرغبة. اننا لا نحظى هذه الأيام بكثير من الزوار أو الضيوف وأولادنا كبروا وتزوجوا وأصبحت لهم عائلاتهم ولم نعد نراهم الا أثناء أوقات العمل أو بين الحين والأخر. كذلك فأنا متأكد من أن السيدة هوارد تفضل البقاء هنا الليلة على العودة في هذا الطريق الوعر والطقس الماطر. أليس كذلك يا عزيزتي؟ "
عضت هيلين على شفتيها وتطلعت ناحية جايك لا تعرف بما تجيب. فهي شخصيا لا تجد شيئا أفضل من البقاء أطول فترة ممكنة قرب المدفأة ثم الذهاب الى النوم في سرير مريح عوضا عن مواجهة المطر والظلام والأوحال مرة أخرى في الليلة ذاتها ولكن القرار يعود الى جايك! هل سيصر يا ترى على الذهاب الى لاندرانوغ أم أنه سيقبل دعوة السيد مورغان؟
نظرت الى جايك فوجدته مقطب الجبين ويفكر ولكنه من ناحية أخرى يبدو مرتاحا ومسرورا قرب المدفأة وتمنت في تلك اللحظة أن يقول شيئا لينقذها من ذلك التردد. وبما أنه ظل صامتا فلا بد لها من أن تجيب الرجل الذي كان يتطلع فيها منتظرا:
" أنا...أنا لا أعرف ماذا أقول. . . "
تدخل جايك عندها فجأة وقال لصاحب المنزل :
" اعتقد أن علينا متابعة رحلتنا يا سيد مورغان. اعلم أن ذلك سيشكل لك ازعاجا كبيرا و. . . "
دخلت السيدة مورغان في تلك اللحظة وهي تحمل الشاي وبعض الأجبان والحلوى. وفيما كانت توزع الشاي وأطباق المأكولات الخفيفة أخذ زوجها يشرح لها ما قاله لضيفهما. وقبل أن تصب لنفسها فنجانا من الشاي قالت لجايك وهيلين برقة وحنان:
" يجب أن تعلما أن ما من ازعاج على الاطلاق وكما قال اوين فانه يسعدنا كثيرا استضافتكما والتحدث معكما... اعني أنه لا يمكنكما التفكير جديا بمتابعة رحلتكما في مثل هذا الوقت المتأخر والطقس الردئ "

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:56
نظرت هيلين الى جايك وسألته بشئ من التردد:
" هل يوجد هاتف في منزل...اصدقائنا؟ "
حدق بها جايك واجابها باقتضاب:
" أجل لديهم هاتف "
ارغمت هيلين نفسها على الأبتسام قليلا وقالت:
" اذن...الا يمكننا قبول دعوة السيد مورغان الكريمة والمشكورة والاتصال باصدقائنا لابلاغهم بما حدث؟ اعتقد أن ايجاد منزلهم سيكون اكثر سهوله في الصباح "
" طبعل, طبعا ولكن...كنت اعتقد أنك أنت تريدين متابعة الرحلة "
عقدت حاجبيها وسألته باستغراب:
" أنا؟ ولماذا أنا؟ "
برقت عيناه فجأة وقال لها بلهجة ودية:
" حسنا ان كان هذا ما تريدين "
حاولت هيلين السيطرة على تململها ونبرمها من تعمد جايك دفع الكرة الى ملعبها وحملها هي على اتخاذ القرار...لماذا يا ترى! وارادت أن تؤكد له رغبتها في البقاء فقالت له بدون تردد:
" اعتقد أنني سأكون سعيدة جدا في البقاء هنا هذه الليلة "
انتصب واقفا وهو يقول:
" عظيم! سأذهب لاحضار الحقائب "
وقف السيد مورغان وقال له معترضا:
" لا يا بني...يكفيك بردا ومطرا ووحلا هذه الليلة! ديليس يمكنها ايجاد شئ ترتديه زوجتك كما أنك ستجد ما يناسك في مجموعتي المتواضعة "
" حسنا. اننا بالتأكيد نقدر لكما جدا حسن ضيافتكما ولطفكما. أليس كذلك يا هيلين؟ "
هزت هيلين برأسها علامة الايجاب بعد أن فرضت على نفسها ابتسامة مهذبة. انها فعلا تقدر جدا ما يقوم به مورغان وزوجته ولكنها ليست مسرورة ابدا من تصرفات زوجها وأساليبه الملتوية وشعرت انه يدبر لها مقلبا أو يتمتع بنكته هي ضحيتها ولم تتمكن من فهم ذلك التحول السريع والمفاجئ في ملامحه ونظراته.
أخذ السيد مورغان معطفيهما الى غرفة الغسيل لتجفيفهما فيما كانت زوجته ترشد جايك الى مكان وجود الهاتف أما هيلين فظلت جالسة قرب المدفأة مرتاحة ومسرورة وقد جف شعرها وأحمر خداها ولما عادت السيدة مورغان وجلست قربها. أخذت هيلين تحدثها عن منزلها في لندن وعن حياة الصخب والضجيج في المدن أما المضيفة فقد تحدثت عن أولادها الخمسة وأحفادها التسعة عشر. ولما انهى جايك مكالمته الهاتفية المطولة عاد الى غرفة الجلوس ليجد هيلين مندمجة مع السيدة مورغان وزوجها في تصفح مجموعة كبيرة من الصور العائلية التي يعود تاريخ بعضها الى الثلاثينيات والأربعينيات. ابتسم جايك وقال:
" كل شئ على ما يرام. سيكون صديقانا بانتظارنا بعد الفطور بقليل "
" عظيم, عظيم "
رددها السيد مورغان وهو يهز رأسه مبتسما ثم قبل شاكرا السيكار الفاخر الذي قدمه له جايك. وبعد قليل استأذنت السيدة مورغان لتعد لهما سريرهما ولاحظت هيلين بدهشة أن الساعة تخطت الحادية عشرة. تطلعت بالمضيف وقالت له بلهجة يغلب عليها الأعتذار:
" يجب أن لا نبقيك الى هذا الوقت المتأخر يا سيد مورغان فمن المؤكد أنك مضطر للنهوض باكرا "

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:57
هز الرجل رأسه قائلا:
" ليس كما تتصورين يا سيدة هوارد. أبنائي الثلاثة يقومون حاليا بمعظم الأعمال الصعبة "
ثم ابتسم وهو يضيف قائلا:
" انني أعمل الآن كمشرف أو رئيس ورشة "
شاركته هيلين الأبتسامة وقالت:
" أتصور أن الحياة ممتعة جدا هنا "
" أوه أنها رائعة في الصيف...هل زرت المناطق الجبلية في وايلز قبل الآن يا سيدة هوارد؟ "
" مع الآسف لم أزر أيا من مناطق وايلز سابقا. ولكن اذا كان اهالي هذه المقاطعة بمثل لطفكما وحسن ضيافتكما أنت والسيدة مورغان فاني بالتأكيد سأزورها عدة مرات في المستقبل "
تأثر الرجل بهذه الملاحظة الحساسة التي أبدتها هيلين بصدق واخلاص. وعندما نظرت ناحية جايك رأته يبتسم بخبث ومكر. ومرة أخرى عادت تسأل نفسها عن قصده وعما يرمي اليه. وفي تلك اللحظة عادت السيدة مورغان وقالت للمضيفين الشابين بوجه بشوش وابتسامة رقيقة:
" الغرفة جاهزة ولقد وضعت لكما ثياب النوم على السرير "
ثم رفعت حاجبيها وأضافت وهي تغمز بعينيها :
" الغرفة دافئة جدا وقد لا تحتاجان اليها! "
عندئذ فقط فهمت هيلين ماذا يحدث. طبعا! كيف لم تخطر هذه الفكرة في بالها؟ فبالنسبة للسيد مورغان وزوجته هي وجايك زوجان عاديان! نظرت الى جايك شزرا فابتسم ابتسامة خفيفة ذات مغزى. ارادت أن تصرخ بوجهه غاضبه وتقول له أيها الوحش كنت تعرف! هذا كان قصده بالطبع وهذا كان هدفه عندما استدرجها للقبول...لا بل للاصرار على البقاء! لماذا لم تلاحظ هي ذلك؟ كيف تصورت أن السيدة مورغان ستعد لهما غرفتين منفصلتين وهما زوجان شابان تبدو عليهما السعادة والمحبة المتبادلة؟
ولأن من الواضح أن السيدة مورغان كانت تتوقع ذهابهما الى الفراش. وقفت هيلين وهي تحاول اخفاء عبوسها وتعاستها ثم تمنت ليلة سعيدة للضيف الكريم وسارت نحو الباب تبعها جايك بعد أن كرر التمني ذاته للسيد مورغان الذي رد عليهما بالمثل وهو لا يزال في كرسيه الهزاز قرب النار.
كانت الغرفة التي اعدتها لهما السيدة مورغان واسعة وذات سقف عال وتضم سريرا عريضا من الطراز الذي لم يعد له وجود الا في المحال النادرة المتخصصة بالمفروشات القديمة.

ماري-أنطوانيت
13-08-2007, 11:59
" اتصور أن هذه الغرفة مريحة ودافئة والسرير متين وقوي. في أي حال توجد هنا أغطية اضافية ان شعرتما بالبرد "
ثم ابتسمت المضيفة المرحة واضافت مازحة:
" ولكني متأكدة انكما لن تشعرا بالبرد على الاطلاق أليس كذلك؟ شابان في مقتبل العمر مثلكما لا يمكن أن يشعرا بالبرد! عندما كنا أنا واوين في سنكما لمنكن بحاجة الا لبعضنا لكي ننعم بالدفء والراحة أما الآن فيا حسرتنا اصبحنا بحاجة الى المدفئة والتدفئة المركزية وأكياس الماء الساخن. . . "
ابتسم جايك وقال لها:
" اعتقد أنك قمت بترتيبات رائعة يا سيدة مورغان "
هزت سيدة المنزل رأسها اعتزازا وقالت:
" الحمام في نهاية الممر...الى الجانب الأيمن وكذلك يوجد ماء ساخن وبكمية وفيرة ان اردتما أخذ حمام الآن أو في الصباح "
ارغمت هيلين نفسها على الأبتسام لهذه السيدة اللطيفة وشكرتها على كل ما قامت به نحوهما. ردت السيدة مورغان بابتسامة مماثلة وتمنت لهما ليلة سعيدة ودافئة قبل أن تغادر الغرفة وتغلق الباب وراءها.
عند ذاك التفتت هيلين نحو جايك وقالت بلهجة غاضبة ولكن بصوت خافت وهامس:
" كنت تعرف! كنت تعرف أن صاحبي البيت سيعدان لنا غرفة واحدة "
نظر اليها ساخرا وقال:
" طبعا كنت أعرف. ولو كنت تفهمين لتوقعت ذلك أيضا. كنت غارقة في مقعدك الدافئ تفكرين بما حدث فلم تنتبهي الى ما يتم اقتراحه. أنت المذنبة! والآن...ليس لدينا فقط غرفة واحدة...بل سرير واحد أيضا. وأنا من جانبي لست مستعدا للنوم على الأرض "







***نهاية الفصل الخامس***

*لميس*
13-08-2007, 19:34
أهليييييييييين ماري...^^

فصل جميل ....


بالتوفيق حبيبتي نحن بالإنتظار...

بحر الامان
13-08-2007, 21:23
رائعه مااااااااااااااااااااااااااااااااااري
تسلمين

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:04
6- الدفء الجديد!


حدقت به هيلين وهي لا تكاد تصدق أذنيها وسألته بأنفعال:
" وماذا تعني بذلك؟ "
سار أمامها باعتزاز وكبرياء كالطاووس ثم أجابها بهدوء بالغ:
" وماذا تعتقدين أنني أعني؟ ألم أقل لك بوضوح ما أعني؟ "
أحمر خداها وتلعثمت وهي تسأله:
" هل تعني...أنك...ستستخدم...السرير؟ "
استدار نحوها وكان قد وصل آنذاك الى جانب السرير ورفع بيده ثياب النوم المخصصة له ثم سألها مازحا:
" هل لهذه الثياب هدف ما؟ "
" بربك يا جايك! دعك من هذه السخافات وقل لي ماذا سنفعل الآن؟ "
جلس الى جانب السرير وبدأ يخلع قميصه ويقول:
" لا أدري ماذا ستفعلين أنت يا هيلين ازاء هذا الموضوع..أما أنا فسوف أنام. أنك تذكرين انني لم أنم أبدا الليلة الماضية ولذا فأنا غير مستعد على الاطلاق لمواجهة المصير نفسه هذه الليلة "
فتحت هيلين ذراعها دهشة واستفسارا وهي تسير في الغرفة ذهابا واياباً ثم قالت له لاهثة:
" ولكن...جايك! لا يمكننا...النوم...سوية...في هذه الغرفة! "
هزجايك كتفيه وخلع القميص فكشف عن عضلات قوية مفتولة وصدر عريض أسمر مغطى بالشعر الكثيف. أزاحت هيلين وجهها سريعا لأنه لم يسبق لها أبدا أن شاهدته عاري الصدر فهما لم يذهبا مرة واحدة معا الى شاطئ البحر وبالتالي فهي لم تشاهده من قبل مرتديا ثياب السباحة. ولكن بدا أن السباحة والشمس لعبا في رحلته الأخيرة دورا كبيرا في اضافة هذا اللون البرونزي الى جسمه. وسارعت هيلين الى مطالبته بارتداء القميص المخصص للنوم.
رمي جايك القميص بعيدا باستهتار واستلقى على السرير قائلا لها بكسل:
" البسيها أنت أنا عاة لا ألبس أشياء كهذه أثناء النوم "
" انك...انك لا تعني...ان...ان..."
استدار جايك نحوها وتطلع بعينيها الحائرتين والزائغتين وقال لها مبتسما بسخرية:
" لا أعني ماذا؟ أن أنام عاريا؟ لا...لن أسبب صدمة أو احراجا لطهارتك أيتها العزيزة "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:07
وضعت هيلين حقيبة يدها على الطاولة المجاورة وجلست أمام المرآة تسرح شعرها...وتفكر. جلس جايك في السرير وسألها ببرودة أعصاب:
" هل تريدين أستخدام الحمام الآن؟ "
ردت عليه بصوت غاضب خافت وبلهجة قاسية:
" انكتجد في وضعنا هذا متهة ولذة أليس كذلك؟ انك لا تهتم بمشاعري اطلاقا "
قست ملامح جايك بعض الشئ فقام من السرير وتوجه نحوها وهو يقول:
" اسمعي يا هيلين...أنت أوقعتنا في هذه المشكلة فلا تضيفي هموما ومشاكل جديدة "
" ولكن...لا يمكننا النوم في سرير واحد! "
" لم لا؟ "
وعندما شاهد احمرار وجهها تابع حديثه بدون انفعال:
" بعكس ما تعتقدين يا هيلين فانني أعتبر بعض الأمور أكثر أهمية من...رغباتي الحيوانية. ألم تستخدمي هذه الصفة في شجار سابق؟ "
ثم عقد حاجبيه وقال بجدية بالغة:
" كل ما يهمني الأن وما أريده حقا هو النوم "
مشت هيلين ببطء وتردد نحو السرير وتأملت قميص النوم بتشكك. انه واسع جدا فهو لسيدة بدينة تحب الثياب الفضفاضة. هز جايك رأسه بتململ وقال لها :
" اقترح عليك أستخدام سروال النوم المخصص لي. على الأقل ان له حزاما يمكن شده حول وسطك "
شدت هيلين على شفتيها بقوة وقالت بعجلة:
" وأنت ماذا سترتدي؟ "
هز جايك بكتفيه وأجابها بهدوء:
" لا تقلقي نفسك بسببي! سأتدبر أمري "
تنهدت هيلين وقالت:
" لا أريد الذهاب الى الحمام. لم لا تذهب أنت...وأدخل أنا الى الفراش؟ "
تأملها مليا ثم هز رأسه موافقا وقال:
" حسنا أيتها الخجولة المتواضعة...ولكن رجاء لا تمضي وقتا طويلا في اعداد نفسك للنوم. سأعود سريعا "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:08
انتظرت هيلين حتى خرج من الغرفة واغلق الباب وراءه وبدأت تخلع ثيابها على عجل. السروال كان كبيرا وواسعا الى درجة الازعاج ولكنه على الأقل كما قال جايك يمكن شده حول الوسط وبعدما لبست القميص بسرعة مماثلة قفزت الى السرير وشدت الغطاء فوقها حتى العنق...فعلا انه سرير قوي ومريح! ولو كانت في موقف آخر وحالة نفسية مختلفة لشعرت بالراحة والسعادة والرضى .
عاد جايك بعد دقائق قليلة ودخل بدون أن يطرق الباب. نظرت اليه شزرا لأنه أقدم على تلك الخطوة غير المتوقعة. هز رأسه قليلا وقال لها بلهجة طبيعية منطقية:
" هل يجب علي فعلا أن اطرق الباب لأدخل غرفةنوم زوجتي؟ "
لم تعلق هيلين بشئ بل أستدارت الى الناحية الأخرى. هز كتفيه غير مكترث ثم اطفأ النور ودخل الى السرير. ابتعدت عنه الى أبعد حد حتى كادت تقع وكانت متوترة الأعصاب مشدودة العضلات وكأنها ستنفجر.
هل هو الخوف من انه قد يتجاهل ما قاله قبل قليل ويقدم على أمر تخشاه وتشمئز منه؟ الا أنها سمعت بعد لحظات وجيزة صوت تنفسه يهدأ ويتبع وتيرة واحدة فلاحظت بخجل فائق انه...يغط في نوم عميق.
مرت بضع ساعات وهي مستيقظة فالتمسك بحافة السرير ليس بالوضع الصحي المريح الذي اعتادت عليه طوال حياتها وزاد أنزعاجها من جايك عندما انقلب على ظهره بكسل ومد ذراعيه ورجليه ليملأ الفراغ الكبير الذي تعمدت ابقاءه بينهما ولم يتحرك عندما لمست يده أحد أجزاء جسمها المتشنج أما هي فقد ابقت عينيها مغمضتين بقوة متمنية بكل جوارحها أن يتحول عنها ويعود الى وضعه السابق. بدا وكأنه لا يشعر بوجودها وفكرت بازدراء بأنه ربما غير معتاد على مشاطرة سريره مع امرأة. ولسعت وجهها مرة أخرى دموع حارة سببها الشفقة على النفس والرثاء للذات.وأخيرا أرغمها الارهاق والبكاء على النوم.
لم تستيقظ هيلين الا عندما سمعت الباب يطرق. قالت نعم قبل أن تفكر فدخلت السيدة مورغان وهي تحمل الشاي الساخن محيية ومبتسمة. تضايقت من نفسها ومن السيدة مورغان. وعندما فتحت عينيها واكتشفت لماذا تشعر هكذا بالدفء والراحة وازداد انقباضها وشعورها بالضيق. لابد أنها شعرت بقليل من البرد أثناء نومها فدفعتها الغريزة الى الاتصاق به! وهاهي الأن تلفه بذراعها وتضع رأسها على كتفه!.

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:11
شهقت بصوت خافت وسحبت ذراعها بسرعة وبقوة ثم جلست وأرغمت نفسها على رد الابتسامة للمضيفة الكريمة. جايك لم يتحرك فقالت لها السيدة مورغان بوجه بشوش ولكن بصوت هامس:
" توقف المطر يا سيدة هوارد...والآن اخبريني هل ارتحت في نومك؟ "
احمر وجه هيلين عندما لاحظت أن السيدة مورغان تنظر بمرح الى قميص النوم ولكنها تمكنت من تهدئة نفسها والرد عليها قائلة:
" نعم. جيدا. شكرا لك. وشكرا أيضا على الشاي. انك تزعجين نفسك كثيرا يا سيدة مورغان "
" لا ازعاج على الاطلاق يا عزيزتي. بالمناسبة ماذا يفضل زوجك للفطور؟ البيض وللحم المقدد؟ السجق مثلا؟ "
" نعم, نعم شكرا جزيلا يا سيدة مورغان "
وتمنت في تلك اللحظات أن تغادر ربة البيت تلك الغرفة لكي تتمكن من الخروج من السرير وارتداء ملابسها قبل أن يستيقظ جايك من نومه ولكنها فوجئت بها تقول مازحة:
" أرى أنكما تتقاسمان ثياب النوم الرجالية "
انها بلا شك تعتقد أن جايك يرتدي الجزء الأسفل أي السروال! فجايك يبدو عاري الصدر في حين انها تبدو هي وكأنها أكتفت بالقميص! لم لا...لتفكر بما تريد...ابتسمت لها هيلين وانتظرت خروجها. ولكن تبين لها أن السيدة مورغان لم تكن على عجلة من أمرها اذ بدأت تنتقل من مكان الى آخر بدون ضرورة أو سبب. تفتح الستائر...ترفع شيئا من هنا وتنقله الى هناك ثم تعيده الى مكانه الأصلي أو الى مكان ثالث. وشعرت هيلين برغبة في الصراخ ولكنها حبست انفاسها وركزت أهتمامها على شرب الشاي ومراقبة جايك والتمني الا يستيقظ قبل خروج السيدة مورغان من الغرفة الا أن الحركة المتواصلة والتنقلات المستمرة في الغرفة ادت خلال دقائق قليلة الى النتيجة التي كانت هيلين تتمنى عدم حدوثها.
استيقظ جايك وتطلع بهيلين مستغربا بعض الشئ ولكنه أبتسم بمكر وغرابة عندما أستدار الى الناحية الأخرى ووقع نظره على السيدة مورغان التي قالت له على الفور:
" آه استيقظت أخيرا يا سيد هوارد! "
ثم أشارت الى فنجان الشاي الموجود قربه وقالت:
" احضرت لكما الشاي قبل قليل وزوجتك تقول أنك تحب البيض المقلي واللحم المقدد. هل هذا يكفي أم. . . ؟ "
قاطعها جايك بابتسامة مهذبة قائلا:
" هذا هو بالضبط ما أريده يا سيدة مورغان ان لم يكن في ذلك ازعاج كبير"
" لا يوجد أي ازعاج على الاطلاق. هل نمت مرتاحا؟ "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:13
نظر جايك ناحية هيلين فتفادت نظراته الاستجوابية بالانحناء قليلا الى جانبها لوضع فنجان الشاي على الطاولة المجاورة. رد على السيدة مورغان بجملة تقليدية مناسبة ثم خيم صمت مزعج وظلت المضيفة تتطلع بهما وكأنها تنتظر أيا منهما أن يقول شيئا آخر ولما لم يتفوها بشئ حيتهما بتهذيب ثم قالت وهي تتجه نحو باب الغرفة :
" سيكون فطوركما جاهزا خلال نصف ساعة. هل يناسبكما ذلك؟ "
ترددت هيلين قليلا وقالت لها:
" هذا رائع ولكن أرجوك الا تزعجي نفسك باعداد أي شئ لي يا سيدة مورغان أنا عادة أكتفي بقطعة خبز محمصة. . . "
" ولا شئ آخر؟! وأنت بمثل هذه النحافة؟ انك بحاجة الى فطور دسم يا عزيزتي. هذا ما أقوله دائما "
" حقا يا سيدة مورغان اني لا أشعر بالجوع "
لم تفهم السيدة مورغان كيف أن ضيفتها ترفض الفطور الدسم الذي يحتاجه جسم الانسان ولكنها قررت احترام آراء الأخرين فهزت كتفيها قائلة:
" حسنا يا عزيزتي ان كان هذا ما تريدين ولكن تذكري أن هناك كمية وافرة من الخبز المحمص والزبدة والعسل "
" رائع "
قالتها هيلين وهي ترغم نفسها مرة آخرى على الابتسام. وشعرت بانفراج كبير عندما حيتها ربة المنزل وغادرت الغرفة. تنهدت هيلين بارتياح وهمت بالنزول من السرير الا أن جايك أمسكها من ذراعها قائلا لها:
" مهلا...لم العجلة؟ لابد أن الجو بارد في الخارج "
لم تعجبها الملاحظة والطريقة التي استعملها وقالت له غاضبة:
" كان يجب أن أغادر الفراش قبل أن تستيقظ ولكن السيدة مورغان اصرت على البقاء "
سألها جايك ببرودة أعصاب مذهلة وهو لايزال ممسكا بذراعها ومستلقيا بارتياح على وسادته:
" وما منعك من مغادرة السرير؟ "
احمر وجه هيلين وقالت بتلعثم:
" اعتقدت السيدة مورغان أننا نتشاطر ثياب النوم الرجالية ولو أني غادرت الفراش لاكتشفت الحقيقة "
ابتسم جايك قليلا وقال:
" ومن شأن هذا الأكتشاف طبعا أن يحرج السيدة مورغان..لا, لا أعتقد ذلك أبدا "
ضغطت هيلين بشدة على شفتيها ضيقا وقالت له باقتضاب:
" انه يحرجني أنا...ثم هل تسمح بترك ذراعي؟ "
تجاهل جايك طلبها وقال لها منزعجا بعض الشئ:
" هذا وضع جديد وغير مألوف أبدا, أليس كذلك؟ أعني وجودنا في سرير واحد للمرة الأولى بعد ثلاث سنوات من الزواج "
نظرت هيلين اليه شزرا وشعرت برغبة قوية في توجيه صفعة مؤلمة الى ذلك الفم الساخر. وكانت آنذاك تحاول تحرير ذراعها من قبضته ولكن بدون جدوى فصرخت به قائلة:
" لم أكن أعلم بأن الوضع سيكون غير مألوف بالنسبة لك! "
برقت عيناه غضبا من لهجتها القاسية ونظرات الأزدراء والتحقير التي كانت توجهها له كسهام سامة وسألها صارخا:
" ولم لا؟ "
" هكذا! "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:14
وحاولت مرة أخرى تخليص ذراعها وهي تصرخ:
" اتركني..اتركني "
هز رأسه بعصبية ثم قال لها بهدوء واصرار:
" أريد أن أعرف لماذا تعتقدين أن هذا الأمر ليس جديدا أو غير مألوف بالنسبة الي "
حدقت به هيلين مستضعفة ومتضايقة وتمنت لو أنها لم تعلق بتلك الجملة السخيفة على ملاحظته المؤذية لأنها فتحت له بها جبهة هجوم جديدة. حاولت السيطرة على أعصابها وأستخدام اسلوب آخر معه عندما قالت بلهجة هادئة:
" جايك أرجوك انك تؤلمني! وقتنا قصير...السيدة مورغان قالت أن الفطور سيكون جاهزا خلال. . . "
" اللعنة على السيدة مورغان "
قالها بحدةوعصبية وهو يرفع بنفسه على مرفقه ويضغط على ذراعها ليرغمها على الاستلقاء. ثم سألها بغضب هادر:
" والآن...ألن تخبريني عما كان يفكر به هذا الرأس الصغير البعيد الى حد ما عن الطهر والبراءة؟ "
هزت هيلين رأسها بعنف من جانب الى آخر قائلة:
" انك...انك متوحش! اتركني والا...والا صرخت بأعلى صوتي "
" بامكانك أن تصرخي ولكنك ان تفعلي ذلك...تصوري ماذا سيكون تفكير السيدة مورغان "
" جايك أرجوك...اتركني هذه...هذه. . . "
أختنق صوتها ولم تتمكن من انهاء جملتها. كان قريبا جدا منها...لا بل ملتصقا بها تقريبا! وفي حين انها كانت تريد الهرب منه والابتعاد عنه الا أن بعضا من رغبتها ومشاعرها كان يعارض ذلك الحل العقلي والمنطقي!.
تأمل جايك وجهها بقساوة ثم قطب جبينه وسألها ببرودة قاتلة:
" هذه ماذا يا هيلين؟ هذه تصرفات متهورة أم ربما خطرة؟ "
وضحك باستفزاز وتململ ثم قال:
" بحق السماء يا هيلين من تظنين أنك تخدعين؟ هل تعتقدين حقا أنني لا أعرف ماذا يدور في رأسك الجميل من أفكار وأراء؟ هل تظنين انني لم أدرك بما كنت تشعرين به امس عندما وضعت رأسك على صدري وحاولت تهدئتك بعد خروجك المنفعل من مطعم الفندق؟ "
ثم تابع اطلاق سهامه الحادة وقد تحولت لهجته الى الازدراء والتبرم:
" وهل تتصورين انني لا أعرف النساء بما فيه الكفاية كي يفوتني أمر اهتمام احداهن بي؟ كل هذه النقمة المنفعلة...والسخط المصطنع...والغضب الوهمي! هذا كله تمثيل يهدف الى تحقيق غرض واحد...وواحد فقط وهو أن تجعليني أحس بوجودك كما تحسين أنت على ما يبدو بوجودي "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:15
صعقت هيلين وشعرت برعب وهلع وقالت له وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة:
" يا للوقاحة! كيف تجرؤ على التفوه بهذه الكلمات؟ أو الايحاء بأمر تافه ورخيص كهذا؟ "
وتململت بانفعال وغضب وأضافت :
" لا تظن أبدا يا سيد هوارد أن مستويات الأخرين كمستواك وتفكيرهم كتفكيرك ورغباتهم كرغباتك! "
تطلع فيها وكأنه يريد التهامها ثم ابتسم وقال:
" ولم لا؟ اليست هذه الحقيقة؟ "
انتفضت منزعجة من تلك النظرات الجائعة وشعرت بأنها تريد...ولكنها لاحظت أن جايك تركها فجأة وخرج من السرير ليرتدي سرواله البني فوق ثيابه الداخلية. رفعت ذراعها بسرعة وغطت عينيها اشمئزازا وشعرت بأن دموع اليأس والخيبة والاذلال تكاد تنهمر بغزارة من عينيها المغمضتين. وقالت لنفسها أنه مهما حاولت وكيفما حاولت الاحتجاج والاعتراض فان عليها الأعتراف بأن بعض ما قاله صحيح وحقيقة واقعة. انها بكل تأكيد تشعر بوجوده الآن بطريقة لم تشعر بها من قبل تجاه أي رجل آخر وبسبب ذلك الاحساس أخذت تشعر...بالغيرة! نعم بالغيرة! آه من تلك الكلمة اللعينة ومعناها المزعج والمؤلم. شعرت بألم يأكل قلبها ومعدتها فأخفت رأسها بالوسادة كيلا ينتبه جايك الى...الى شعورها بالخجل. وفي تلك الاونة بالذات كان جايك ينتهي من ارتداء ثيابه ويضع يده على ذقنه ويقول:
" اني بحاجة الى حلاقة ذقني "
آه كم هو بليد! وشعرت مجددا بأنها تكرهه لقدرته الفائقة على تناسي ما يحدث بسرعة وسهولة ولكن مشاعره واحاسيسه لم تكن في الميزان. وتألمت مرة أخرى عندما شعرت انه قادر على النوم معها في سرير واحد بدون أن يحاول حتى مغازلتها أو لمسها وشعرت باذلال مزدوج لأنها اعتبرته رجلا بدائيا ويحب النساء وهاهو قد أثبت العكس أم أنها قبيحةوغير جذابة الى الحد الذي يتجاهل فيه حقيقة أنها من لحم و دم كأي امرأة أخرى! ثم سمعته يقول فجأة وهو يقف قرب السرير وينظر اليها بسخرية:
" أتردد كثيرا في تذكيرك بأن السيدة مورغان حددت لنا نصف ساعة. كنت أعتقد أنك تصرين على مغادرة الفراش "
" اليك عني "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:17
" حسنا. ولكن كنت أنوي السماح لك باستخدام الحمام قبلي "
" أذهب الى الجحيم "
واخفت نفسها بالوسادة فهز كتفيه ومشى متكاسلا نحو الباب ثم قال لها وهو يهم بفتح الباب:
" بالمناسبة من الأفضل ان تصبي لنفسك فنجانا آخر من الشاي...وان تستخدمي فنجاني لهذا الغرض والا ستعتبرك السيدةمورغان زوجة مهملة لا تكترث بأمر زوجها أو تهتم به "
اصابت وسادتها باب الغرفة في اللحظة التي خرج منها جايك مقفلا الباب وراءه وركعت في السرير غاضبة تضغط على شفتيها بعنف وتمرد. لم يخرج قبل أن يتأكد من أن الكلمة الأخيرة دائما له. نزلت بسرعة من السرير وارتدت ثيابها على عجل كانت آخر رغباتها في تلك اللحظة أن يعود الى الغرفة ويجدها نصف عارية ولما رجع بعد بضعة دقائق كانت هيلين تسرح شعرها أمام المرآة وقف قربها وأخذ يمرر أصابعه في شعره وعلى ذقنه الذي لم يحلقه ثم قال:
" يجب أن تسرعي اذ لم يعد لدينا وقت طويل "
تحولت عنه بحدة ومشت نحو الباب وكأنها تقول له هيا. هز جايك كتفيه بلا مبالاة وذهب الى السرير لترتيبه قبل مغادرة الغرفة. تقلبات هيلين وقفزاتها في السرير جعلته كأرض معركة...غطاء هنا ووسادة هناك وسمعته فجأة يقول بسخرية لاذعة:
" أكره كثيرا أن أترك انطباعا خاطئا عما حدث ليلة أمس ".
التهم جايك كمية كبيرة من الطعام وكانت السيدتان تراقبانه بنظرات مختلفة تماما. فالسيدة مورغان كانت مسرورة جدا وتشجعه بحماسه أما هيلين فقد كادت تغص بقليل من القهوة وقطعة صغيره من الخبز المحمص كان منظره وهو يحرث طريقه في الأطباق المتنوعة مزعجا ومثيرا للقرف والاشمئزاز وتمنت في تلك اللحظة أن تتمكن مره من التصرف معه بمثل هذا الهدوء الممميز والسيطرة القوية على الاعصاب...واللامبالة. لم يكن هناك أي شئ يزعجه أكثر من فترة مؤقته ووجيزة وقد بدا واضحا هذا الصباح أن النوم المريح أخفى من تحت عينه تلك الخطوط السوداء التي خلفها التعب والارهاق وعاد الى وجهه الأسمر نشاطه وبريقه...وجاذبيته.
دخل السيد مورغان بعد دقائق من انتهاء جايك وهيلين من تناول فطورهما وكانت السيدةمورغان تجمع الصحون وتنقلها الى المطبخ بعد أن اصرت على هيلين الا تزعج نفسها بمساعدتها.

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:18
وقال لهما بينما كان الثلاثة يتوجهون الى السيارة:
" طلبت من ابني جيم أن يحضر الجرار الزراعي. لا أعتقد اننا سنواجه أي صعوبة على الاطلاق فالمطر توقف منذ فترةطويلة والشمس تكاد تجفف الأوحال المتراكمة منذ فترةما بعد الظهر "
تطلع فيه جايك وشكره بحرارةقائلا:
" انني أقدر كثيرا كل ما قمتما به نحونا أنت والسيدة مورغان فقد جعلتما بداية عطلتنا القصيرة سعيدة ورائعة أليس كذلك يا هيلين؟ "
" أوه...أوه, نعم "
سحب جيم مورغان السيارة القوية الرائعة من القناة الجانبية الوحلة فشهق والده وهو يتأملها:
" هذه فقط تسمى فعلا وقولا...سيارة "
وبعد أن تفحصها من الداخل نظر الىجايك مبتسما وقال:
" اراهن أنك تقودها بسرعة مئتين وخمسين كيلومترا في الساعة بدون أن ترف لك عين! "
أبتسم جايك ورد عليه بتواضع:
" على هذه الطرقات؟ لا يمكن "
" هل كانت السرعة سببا في انزلاق سيارتك الى جانب الطريق؟ "
تردد جايك قليلا قبل أن يوافقه بايجاز قائلا:
" الى حد ما "
ثم وجه نظرة ذات معنى الى هيلين وقال:
" يجب أن نذهب الأن "
وبعد تبادل كلمات الشكر والترحيب انطلق جايك بسيارته مسرعا فيما كان الجميع يلوحون مودعين. استرخت هيلين في مقعدها وقد شعرت فجأة بأنها ضعيفة ومتعبة وكيف لا وقد جرى لها ما جرى من ارهاق جسدي وانزعاج نفسي طوال الاثني عشرة ساعة الماضية.
كان الصمت مخيما عليهما بشكل قاس عندما بدأت هيلين تفكر بما ستواجه خلال الست والثلاثين ساعة المقبلة. كيف سيكون موقفها اذا كان السفير وزوجته من الأشخاص الذين لا ترتاح اليهم! ماذا ستفعل ان لم تتمكن من التجاوب معهما؟ ماذا لو صحت توقعات جنيفر واختفى جايك مع السفير تاركا اياها مع سيدة لا تعرفها؟ عم ستتحدث معها؟ .

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:19
في أي حال لن تدعه يلاحظ ضيقها وانزعاجها فهو نفسه غارق في افكاره وتصوراته ومع أن مضيفاهما يعرفان مسبقا انهما أضطرا لتمضية الليلة في احدى المزارع الا أنها شعرت بشئ من التململ عندما أنتبهت الى أنها لم تستحم أو تتبرج وأن جايك أيضا لم يستحم أو حتى يحلق ذقنه ولكن...شاهدت هيلين فجأة اللوحة التي تحمل اسم لاندرانوغ فأشارت اليها بشئ من العصبية وكأنها افاقت فجأة مننوم عميق.
قال جايك:
" بما أننا وصلنا الى ساحة القرية فان منزل السفير يجب أن يكون الى اليمين "
شهقت هيلين عندما شاهدت البيت وقالت بعفوية:
" أوه, أنه رائع, رائع يا جايك "
ابتسم جايك بخبث ومكر ظاهرين وهو يسألها بهدوء مزعج:
" وكم غرفة نوم تظنين أنه يحتوي؟ "
أحمر وجهها بسرعة وهي تتذكر الاحراج الذي شعرت به في الليلة السابقة وقالت له بتلعثم وانفعال:
" هل تعني...هل سيظنان...هل...؟ "
ضاقت عيناه وقست ملامحه وهو يقاطعها بحدة قائلا:
" ما هي المشكلة ان ظنا ذلك؟ ماذا في الأمر؟ لم يحدث شئ الليلة الماضية ولم تكوني منزعجة أبدا في السادسة من هذا الصباح عندما أيقظني نباح الكلاب! "
خرجت هيلين مسرعةمن السيارة وفي تلك اللحظة بالذات أطل السفير وزوجته يرحبان بهما ببشاشة وحرارة وبدون تصنع أو مجاملة وتبخرت على الفور مخاوف هيلين وتوقعاتها المزعجة. أقترب السفير ناحية جايك وقال له وهو يبتسم ابتسامة عريضة ويمد يده لمصافحة ضيفه الذي كان يخرج بدوره من السيارة ويغلق بابها:
" وأخيرا وصلتما أيها الصديق! كنا بدأنا نشكك في أنكما ستحضران "
هز جايك يدي مضيفه بحرارة وربت على كتفه بطريقة شعرت معها هيلين أن الرجلين يعرفان بعضهما معرفة وثيقة مع أنهما يتصرفان بكياسة ولياقة عندما يوجد آخرون معهما أو قربهما وكان جايك يقول آنذاك مازحا:
" كانت رحلة طويلة ومرهقة يا لوسيان. بربك أيها العزيز الم يكن بامكانكما أنت و روز أن تجدا لنفسيكما مخبأ جميلا كهذا في ضواحي لندن؟ "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:20
ضحك لوسيان أندانا بمرح وقال:
" أه! تعرف يا جايك أننا نحب الحياة القاسية ونسعى اليها كلما سنحت لنا الفرصة لأنها تذكرنا بطبيعة بلادنا "
انفجر جايك ضاحكا وأشار الى روز اندانا التي انضمت اليهما بدون تردد. ولبضع لحظات شعرت هيلين بالوحدة والانزواء فمن الواضح أن جايك والسيدة اندانا أيضا يعرفان بعضهما حق المعرفة ولم يكن من الصعب أكتشاف ذلك اذ أن نظراتها اليه كانت...تبا لهذه الغيرة السخيفة! انها امرأة حامل وهذه نظرات يوجهها أي انسان يحب المرح والطرائف.
وفي تلك الآونة تطلع لوسيان اندانا ناحية هيلين فما كان من جاي الا أن اقترب منها وأمسك بذراعها ثم قدمها اليهما بأسلوبه المميز. تأمل لوسيان هيلين بعض الوقت ثم قال لصديقه:
" انها جميلة يا جايك ولكنني لا أستغرب ذلك مطلقا...فأنت لا تختار أبد الا الأفضل "
وتخلى بتردد عن يد هيلين التي كان يصافحها بحرارة قائلا لها:
" آمل أن تمضي وقتا ممتعا خلال هذه الزيارة القصيرة يا هيلين. نعدك بأننا لن نتحدث في التجارة والصفقات أكثر من...نصف الوقت! "
ابتسمت هيلين وقالت:
" أنا متأكدة من أنني سأكون سعيدة جدا خلال وجودي هنا. ان بيتكما رائع جدا ويعجبني الى حد كبير "
روز اندانا لم تتحدث كثيرا ولكنها كانت تبتسم على الدوام وبمجرد دخولهما المنزل اقترحت روز على هيلين أن تريها غرفة النوم المخصصة لهما في حين كان لوسيان يعد شرابا لجايك. تطلع جايك بهيلين مستوضحا فهزت برأسها موافقة فقالت:
" اعتقد أنها فكرة جيدة. جايك يمكنه احضار الحقائب في وقت لاحق "
" لا داعي لذلك أبدا (موجاري) سيحضر الحقائب "
قالتها روز بهدوء وبدون تكلف وهي تصعد أما هيلين على درج من الخشب المحفور متوجهة الى غرفة الضيوف وتطلعت هيلين فرأت جايك يعطي مفاتيح السيارة لرجل ضخم الجثة عريض المنكبين يرتدي ثيابا عادية. توقفت روز لحظة وقالت لهيلين وكأنها سمعت استفسارتها الصامتة:
" موجراي يقوم بكافة الأعمال المنزلية. انه حقا رائع ومتعدد المواهب وهو أيضا سائق السفير وحارسه الشخصي "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:25
رفعت هيلين حاجبيها استغرابا وسألت مضيفتها:
" وهل زوجك بحاجة لحارس شخصي؟ "
هزت روز بكتفيها قائلة بهدوء:
" جميع المسؤولين في بلادنا يحتاجون الى مرافقين مسلحين. بالطبع ان وجودهم لا ينفع دائما فالقتلة المأجورون يختارون أوقاتا معينة وأماكن معينة لتنفيذ مهامهم "
صعقت هيلين وقالت بهلع:
" أنه لأمر مرعب "
أجابتها روز بلهجة عادية وبساطة ملحوظة:
" لأشخاص الذين يصليون الى مراكز عالية يعتادون مثل هذه الأمور...أه هذه غرفتكما "
تسارعت دقات قلب هيلين وهي تدخل وراء روز الى غرفة فسيحة جذابة يغمرها ضوء النهار من جهتين وكان الأثاث من خشب السنديان الرائع والستائر والأغطية من لون واحد و...أجمل من هذا كله انه كان هناك سريران متشابهان .
" هل تعجبك الغرفة؟ "
تنهدت هيلين بقوة وقد شعرت بأن أنفاسها تضيق عليها وقالت بعد لحظات:
" انها...انها...رائعة "
ابتسمت روز وقد ظهر على وجهها علامات الرضا والسرور ثم قالت لها:
" يسرني جدا أنها أعجبتك. الآن تعالي لأعرفك على الأولاد "
تأملتها هيلين مليا وقد أصابتها الدهشة من كلمة أولاد. انها لا تزال صغيرة السن ولا يمكن أن تكون أما الا لطفل سيأتي بعد بضعة أشهر! اولاد! لا أنها تمزح. قالت:
" وهل لديك أولاد؟ "
" نعم. الم يخبرك جايك؟ انهم ثلاثة...طبعا هذا رابعهم "
صعدت الدماء بقوة الى وجه هيلين وقالت:
" لا...لا, لم يخبرني جايك بذلك. أين هم الآن؟ "
" أنهم في غرفة الحضانة مع المربية ليزا. تعالي سيفرحون كثيرا بلقياك "
تبعتها هيلين بصمت الى غرفة جانبية حيث كانت مربية شابة حمراء الشعر تلاعب أطفالا ثلاثة وتحاول قدر المستطاع منعهم من الاشتباك فيما بينهم أو التصرف بأساليب لا يقرها الوالدان. وقالت روز مبتسمة:
" ادخلي يا هيلين...هذه ليزا, ليزا هذه السيدة هوارد زوجة جايك هوارد "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:27
ظلت ليزا واقفة في مكانها ولكنها حيتها بأدب ظاهر. ولاحظت هيلين أن ليزا شابة جميلة وطويلة الجسم ولكنها نحيلة القد وضيقة الكتفين. وكان يمسك بيدها آنذاك صبيان أحدهما طفل لم يتجاوز قطعا الأحد عشر شهرا ويكاد يقع على الأرض لولا تمسكه بيد المربية في حين أن الثاني كان في عامه الثالث أما الطفل الثالث فكان بنتا في الرابعة أو الخامسة من عمرها وقد ركضت نحو أمها فور دخولها غرفة الحضانة.
" كيف حالك؟ "
سألتها المربية بتهذيب مع أن عينيها لم تعكسا ترحيبا حقيقيا أو على الأقل استقبالا ودودا. وأكثر من ذلك أنها كانت توجه الى الضيفة نظرات عدائية وقاسية ولم تفهم هيلين على الفور أي سبب لهذا التصرف. وبدا أن روز لم تلاحظ التوتر الذي ساد بين الشابتين فسألت هيلين وهي تشير باعتزاز ومحبة الى أولادها:
" ما رأيك بأطفالي يا هيلين؟ هذه المتعلقة بفستاني هي ( روث) وهذا الشقي الممسك بيد ليزا هو (جورج) "
ثم أخذت الطفل الأصغر من يد المربية ورفعته قائلة:
" وهذا المدلل الصغير هو (جايمس) "
ثم قبلته وداعبته قائلة بحنان:
" كيف حالك يا حبيبي؟ هل تتصرف كصبي مهذب وعاقل مع ليزا؟ "
حاولت هيلين الاحتفاظ بملامح عادية وهادئة على الرغم من النظرات القاسية والانتقادية التي توجهها اليها المربية ثم ردت على روز بالقول:
" انهم أولاد رائعون يا روز "
" انهم حقا رائعون أليس كذلك؟ أنا ولوسيان فخوران جدا بهم وطبعا فان ليزا كنز حقيقي "
" أنا متأكدة من أنها فعلا كذلك "
ثم رطبت شفتيها الجافتين بلسانها وسألتها بهدوء مصطنع:
" هل تعملين مع السيدة اندانا منذ فترة طويلة يا ليزا؟ "
هزت ليزا كتفيها واجابت بدون اكتراث:
" منذ عامين "
" أنها معنا منذ قدومنا الى انجلترا يا هيلين وستعود معنا باذن الله عندما تنتهي مهمة لوسيان في لندن. أليس كذلك يا ليزا؟ "

ماري-أنطوانيت
14-08-2007, 11:28
تطلعت الحاضنة بمخدومتها وقالت لها بحنان ظاهر بعد أن تغيرت ملامحها القاسية واختفت نظراتها العدائية:
" آمل في ذلك من كل قلبي "
" يجب أننذهب الأن والا فان الزوجين سيعتقدان اننا اختفينا "
وفيما كانتا تغادران الغرفة في طريقهما الى قاعة الجلوس تذكرت هيلين فجأة الطريقة التي قدمتها بها روز الى مربية الأطفال الشابة. الم تقدمها على انها السيدة هوارد...زوجة جايك هوارد! وكأن ليزا تعرف جايك حق المعرفو وتعرف اسمه الأول...وتناديه به! شعرت هيلين بألم عميق يأكل احشائها. هل تلك...تعرف زوجها؟ وهل تعرفه الى هذا الحد؟ وبما أن جايك على مايبدو قد زار لوسيان وروز بمفرده عدة مرات في السابق فلماذا احضرها معه هذه المرة؟؟







***نهاية الفصل السادس***

*لميس*
14-08-2007, 11:47
::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

:d :d :d :d


الله يعطيك العافيه ياملكتنا....^_*

بحر الامان
14-08-2007, 13:17
رائع تسلمين

sa3et 7anan
14-08-2007, 20:55
جميلة اوى مارى

فى انتظار باقى الاحداث

اعتقد ان جايك كان على علاقة مع ليزا او على الاقل ليزا تحبه

ننتظر التكملة على احر من الجمر

ساعة حنان

SURVIVOR
15-08-2007, 09:04
دي من اجمل القصص الي انا قرتها
ربنا يكون في عونك
ومنظرين التكمله بفارغ الصبر
مطوليش علينا يا احلي ماري

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:20
7- سرير لم يمس!


كان الرجلان يجلسان قرب المدفأة يتبادلان الأحاديث الودية والنكات. ووقفا عندما دخلت السيدتان غرفة الجلوس الا أن هيلين تجنبت النظر الى زوجها بالتطلع فورا الى لوسيان وسؤاله عن تاريخ المنزل معربة له عن اعجابها بهندسته واثاثه.
لبى المضيف الطلب بكل سرور وأخذ يشرح لها كل شاردة وواردة عن هذا المنزل الذي يحبه ويعتز به وخاصة كيفية تحويله الى ما هو عليه الان من مطحنة يعود تاريخها الى القرن التاسع عشر. ومع أن هيلين كانت تصغي اليه بكل انتباه واهتمام الا انه كان من الصعب عليها منع نفسها من التفكير بطبيعة العلاقة القائمة بين جايك وعائلة اندانا ولماذا اختار احضارها الى لاندرنوغ هذا الاسبوع بالذات! وعلى ما عكس ما توقعته جنيفر فمن الواضح ان جايك ليس بحاجة للتظاهر بشئ امام هذين الشخصين اللذين يعرفانه جيدا كما انه لم تكن لديه ابدا في السابق أي رغبة في التعريف عنها الى أي أحد من أصدقائه باستثناء اولئك الذين يلتقيهم في حفلات عشاء رسمية يقيمها في منزلهما بحي كريسلاند. فلماذا هذه الدعوة اذن؟ ألأن علاقته بالمربية بدأت تضمحل وتفتر؟ ألأنها بدأت كغيرها من صديقاته تطالبه بأكثر مما يجب؟
زمت هيلين شفتيها بعصبية ووجهت نظرة سريعة ناحية جايك واستغلت فرصة انشغاله عنها باشياء اخرى فأخذت تتأمله بتفحص ودقة. لماذا يحظى بتلك الجاذبية التي تسحر هذا العدد الكبير من النساء وتشدهن اليه كالفراشات حول النار؟
بدون وعي وانتباه قبلت هيلين سيكارة من لوسيان اندانا الذي اشعلها لها باحترام وهدوء وبدأ يحدثها عن بعض الأمور الحياتية في بلاده ومع أنها أرغمت نفسها على التركيز على مايقوله المضيف المهذب الا أنها كانت تراقب باستمرار الأهتمام الذي يبديه جايك وهو يستمع الى ما تحدثه به روز.
ماذا تقول له الآن يا ترى؟ ولاحظت فجأة بانزعاج أن رغبتها القوية لمعرفة ما تقوله روز في تلك اللحظات لم تكن الا بداعي الغيرة القوية!
يجب أن تفعل شيئا...أن تبعد تفكيرها واهتمامها عن تلك الغيرة القاتلة. تطلعت الى لوسيان وقالت له:
" هل بالامكان أن اتمشى قليلا في الخارج؟ الطقس جميل جدا هذا اليوم و...بالمناسبة هل مازالت عجلة الطاحونة القديمة موجودة؟ "

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:21
هز لوسيان رأسه موافقا وقال:
" نعم لاتزال في مكانها "
ثم تنحنح وأجاب مبتسما:
" يجب أن أحذرك مسبقا بأن العجلة اصبحت شبه محطمة ولكن اذا كان هدفك الخروج الى الطبيعة الجميلة فلم لا نذهب جميعا؟ جايك...هل ترغب في تمرين رجليك قليلا؟ "
ابتسم جايك ورد بلهجة طبيعية وبدون تردد:
" لا مانع على الاطلاق. ما رأيك يا روز؟ "
ربتت روز على بطنها بحنان وقالت معتذرة:
" لا اعتقد ذلك. اني متعبة قليلا. سأنتظركم هنا قرب النار حتى موعد الغداء "
وضع جايك يده في جيبه وقال بهدوء:
" اذن سأبقى كيلا نترك مضيفتنا بمفردها "
شعرت هيلين بانه ينظر اليها ولكنها رفضت التطلع نحوه هز كتفيه غير مكترث وسأل ربة البيت:
" هل تريديني أن ابقى يا روز؟ "
ابتسمت السيدة السمراء بود وحنان واجابته قائلة:
" يجب الا ابقيك بعيدا عن زوجتك الجميلة "
قست ملامح جايك فجأة وقال لها بلهجة جافة الى حد ما:
" لا تدعي هذا الامر يقلقك ايتها العزيزه. هيلين يسرها كثيرا عدم وجودي معها بين الحين والآخر "
نظرت اليه هيلين عندئذ ولما شاهدت ابتسامته الساخرة تعلو شفتيه علقت بمرح ظاهر:
" كم أنت على حق يا جايك "
وشعرت أنها سجلت هدفا في مرماه عندما شاهدت انزعاجه وتململه ولو مؤقتا من وقاحتها وقلة حياتها. أما لوسيان اندانا فقد بدا أنه لا يجد ضيرا فيما يجري اذ أنه أحضر معطف هيلين وساعدها على أرتدائه ثم خرج معها الى شمس الخريف الدافئة. وعندما عادا الى البيت كانت هيلين غارقة في نقاش حول الأمور الثقافية والتعليمية في تلك المنطقة من العالم التي يمثلها في انجلترا هذا الرجل المهذب والمحدث اللبق.

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:23
حان موعد الغداء فجلس الضيفان والمضيفان الى المائدة وقام على خدمتهم موجاري الذي شعرت هيلين بأنه يعبر كأحد افراد العائلة. كان الطعام لذيذا وشهيا ولم يخف جايك وهيلين اعجابهما به. أما بالنسبة الى أحاديث المائدة المعتادة فقد كان من حسن حظ الجميع أن بينهم دبلوماسيا يتقن فن الكلام ولباقة الاسلوب ومع أن جايك وجه بعض الجمل والكلمات الى روز الا انه لم يقل شيئا لهيلين لا بل أنه لم ينظر نحوها وشعرت هيلين أن ذلك التصرف يسرها.
بعد الغداء توجه الرجلان الى الغرفة المخصصة كمكتب خاص للسفير ليبحثا المشروع التجاري الجديد كما اعتذرت روز من هيلين وذهبت الى غرفتها لانها بحاجة الى الراحة والاستلقاء على ظهرها بعض الوقت وبما أن هيلين لمتكن تشعر بتعب أو نعاس فقد ارتدت معطفها وذهبت الى بقالة القرية حيث اشترت بعض الحلوى للاطفال الثلاثة وفي اللحظة التي عادت فيها الى المنزل كانت روز تحضر الشاي الى غرفة الاستقبال. سألتها هيلين:
" هل ارتحت جيدا؟ "
ردت روز الابتسامة بالمثل وقالت:
" نعم, شكرا. واكرر اعتذاري يا هيلين لتركك بمفردك هذه الفترة الطويلة. أين كنت؟ "
" ذهبت الى متجر القرية واحضرت بعض الاشياء الصغيرة للاولاد "
" هذا لطف كبير منك يا هيلين. تعالي واجلسي قربي لنتحدث قليلا فهذه فرصة سانحة للانفراد عن الرجال "
ثم ابتسمت وتابعت حديثها بعد أن جلست هيلين على الطرف الآخر للمقعد الكبير:
" اخبرني يا هيلين متى تنويان أنت وجايك البدء بانشاء عائلة؟ "
احمر وجه هيلين بسرعة وردت عليها بتلعثم وصعوبة بالغة:
" أوه! اننا...آه لم نفكر...جديا بعد...بهذا الموضوع "
" ولكنكما متزوجان منذ ثلاث سنوات, أليس كذلك؟ الا تريدين أن تكون لك عائلة؟ "
" طبعا...طبعا أريد. ولكن الوقت...الوقت ليس...مناسبا...حاليا! "
" لماذا؟ "
سألتها روز بدون خجل أو تكلف وقد زاد فضولها الى حد كبير. هزت هيلين رأسها وقد شعرت بأنها محاصرة من جميع الجوانب ولا مفر من اعطاء مضيفتها جوابا شافيا يضع حدا لتلك الأسئلة المتواصلة وذلك الفضول الصريح ولكن بماذا تجيب وماذا تقول؟ اخذت فنجان الشاي الذي قدمته لها روز وأخذت تفكر بعصبية بالغة عما ستقوله روز لو عرفت الحقيقة عن زواجها وجايك. أليس من الممكن أيضا أنها تعرف...وانها لا تستفسر بل تمتحن وتحلل ردود الفعل؟ لا, لا يمكن ذلك! روز ليست من هذا النوع من النساء. أنها أم وتعتبر الأمومة واجبا مقدسا لكل زوجة قادرة وترى أن أي تمنع مقصود مهما كانت أسبابه أمرا غريبا ويدعو الى الأستهجان والاستنكار.

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:24
شعرت هيلين بارتياح بارتياح كبير عندما انقذها من حيرتها وحرج موقفها دخول جايك ولوسيان المفاجئ الى غرفة الاستقبال. وبرقت عينا لوسيان عندما شاهد الشاي والكعك وقال بسرور وانشراح:
" ارى أننا وصلنا في الوقت المناسب. تعال يا جايك وتذوق هذه الكعكات اللذيذة. انها من صنع موجاري وموضع فخره واعتزازه. صدق أو لا تصدق"
تقدم جايك بتمهل من الكرسي الهزاز القريب من هيلين بعد أن أخذ كعكة وصب لنفسه فنجان شاي وكان باديا بوضوح أنه يشعر وكأنه في بيته مع أن هذه هي المرة الاولى فعلا التي يزور فيها هذا المنزل. وافاقها من شرود افكارها صوت لوسيان وهو يقول:
" اقترحت على جايك أن يذهب معي في الشهر المقبل لانه يصادف الموعد الذي اجري فيه عادة مشاورات مع حكومتي "
تضايقت هيلين كثيرا عندما سمعت ذلك الاعلان المفاجئ. هذا يعني أن جايك سيتركها مرة اخرى ولفترة قد تستمر...وسمعت روز تسأل زوجها بهدوء:
" وهل تنوي البقاء طويلا يا لوسيان؟ لا أحب أن تكون بعيدا عني عندما يحين موعد ولادتي "
ابتسم الزوج وقال:
" أوه, روز! أنت تعرفين أن الولادة لن تتم الا بعد ثلاثة أشهر من الان. سأعود قبل هذا الموعد بفترة طويلة "
نظرت روز ناحية هيلين وقالت لها متعجبة:
" آه منهم هؤلاء الرجال! دائما يسافرون ويبتعدون! لماذا لا يفكر الرجل بأن زوجته ستكون وحيدة وتعيسة عندما يسافر هنا وهناك؟ "
شعرت هيلين بأن مضيفتها تردد أفكارها وتتفوه بلسانها الا انها لم تقل شيئا بل ظلت جالسة بدون حراك. تطلع بها جايك محدقا وسألها بلهجة الآمر:
" حسنا! أليس لديك شئ تقولينه يا هيلين؟ "
رفعت هيلين حاجبيها وقالت له بلهجة وصوت يدعوان الى الاعجاب نظرا لمشاعر الغضب والانفعال والازدراء التي كانت تضج في رأسها وقلبها:
" أنا متأكدة أن هناك اسبابا هامة تضطرك الى الذهاب مع لوسيان.متى تتوقع البدء بهذه الرحلة؟ "
ابتسم لوسيان بمرح ظاهر وقال لزوجته متشجعا:
" أترين؟ أترين نتائج التدريب الجيد؟ لا اثارةولا انفعال حتى انها لم تعترض بشئ مع أن زوجها سيمضي ستة أسابيع في قارة أخرى! ما رأيك بهذا يا سيدتي؟ "

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:25
احمر وجه هيلين غضبا هل هكذا حقا بدا رد فعلها؟ وهل فعلا يعبر لوسيان عدم اعتراضها خضواعا واذعانا كحيوان بيتي مدلل دربه سيده تدريبا جيدا على اطاعته طاعة عمياء؟ اللعنة...لقد اذلها جايك مرة اخرى مع أنه لم يقل شيئا. ولاحظت أنها ليست وحدها التي يغمر قلبها الغضب والانفعال اذ شاهدت روز تهب واقفة لتقول لزوجها:
" لا تقارن بين هيلين وبيني يا لوسيان فهي حرة كالفراشة تذهب وتجيئ متى تشاء وتلتقي بمن تشاء نت الاصدقاء. بينما أنا امرأة حامل في شهرها السادس وأم لثلاثة أطفال اعتني بهمواهتم بشؤونهم ومطالبهم واحتياجاتهم "
تطلع فيها لوسيان مؤنبا الى حد ما وقال:
" ليزا مؤهلة وقادرة على الاعتناء بالاولاد لذلك لست مضطرة للبقاء طوال الوقت في البيت "
انتفضت روز وهي تسأله بانفعال:
" وأين أذهب يا سيد اندانا؟ وكيف يمكنني ارتداء ثياب جميلة وانا في مثل هذا الانتفاخ؟ "
هز لوسيان رأسه وقال:
" كفى يا روز "
كان طلبه كافيا فتوقفت روز عن ابداء أي احتجاجات أو اعتراضات كانت تتفاعل في رأسها وأفكارها. أما هيلين فقد وضعت فنجانها على الطاولة وهي تشارك مضيفتها شعور الاشمئزاز والازدراء الذي تولده هذه الرحلات والتصرفات. خيم صمت مزعج لفترة طويلة ولم يكسر ذلك الجمود الا عندما وقفت هيلين وسألت روز:
" هل يمكنني أن استحم الآن؟ "
فرحت روز كثيرا بسؤال هيلين الذي غير الموضوع المزعج وفتح المجال أمام تناسي الشجار الهادئ الذي جرى قبل دقائق. فاجابتها بسرعة وهي تبتسم بارتياح:
" طبعا, طبعا. موجاري احضر حقائبكما الى الغرفة. هل تذكرين أي غرفة هي غرفتكما؟ "
فرضت هيلين عى نفسها الابتسام قليلا وهي تهز برأسها علامة الموافقة والايجاب ثم خرجت بسرعة من تلك القاعة الكبيرة. الحمام الساخن في هذا الوقت بالذات هو أروع شئ تحلم به لمثل تلك اللحظات. فهي بحاجة ماسة الى الراحة الجسدية والنفسية...الى تنظيف جسمها وشعرها بعد عذاب الامس وأوحاله والى الابتعاد قليلا عن نظرات جايك وأفكاره التي تخجلها وتغضبها وتذلها. وعندما خرجت من الحمام كانت عتمة ليالي الخريف قد بدأت تزحف ثقيلة وقوية لتحل محل ضوء النهار بسرعة ونجاح. وتذكرت أن روز قالت انها وزوجها يتناولان طعام العشاء عادة حوالي الثامنة أي بعد اطعام الاولاد في السادسة وتمضية ساعة تقريبا في اللعب معهم ووضعهم في اسرتهم لذلك فانه لايزال أمامها متسع من الوقت. لفت نفسها بمنشفةحمام كبيرة ورأسها بمنشفة صغيرة وعادت الى الغرفة لتفاجأ بجايك مستلقيا بكسل على أحد السريرين. أحمر وجهها خجلا وأغلقت الباب بسرعة ثم استدارت نحوه غاضبة لتحتج أو تعترض فسمعته يقول بدون أن ينظر اليها:
" تأخرت كثيرا في الحمام "
نزعت المنشفة الصغيرة عن رأسها وعلقتها قرب المغسلة في زاوية الغرفة ثم قالت له ببرود وتهذيب:
" آسفة, لم أعرف أنك تنتظر عودتي لتستخدم الحمام "
" هناك حمامان فلو أردت الاستحمام لاستخدمت الآخر "

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:26
ثم حول نظره اليها وقال:
" لا, ليس الحمام هو السبب. انني أنتظرك لأحدثك...على انفراد "
" حقا؟ "
وحملت هيلين فرشاتها وأخذت تسرح شعرها وكأنها لا تشعر بوجوده أو أنها لا تكترث بهذا الوجود. وقد اغضبته هذه اللامبالة اذ قال لها بانفعال:
" اللعنة عليك يا هيلين! نعم, حقا أريد التحدث معك. أريد أن اعرف ماذا حدث معك منذ وصولنا الى هذا المنزل "
ثم هب واقفا وتابع هجومه واستجوابه:
"لا تقولي أنها الرحلة المقترحة مع لوسيان! فأنت تتصرفين بغرابة قبل فترةطويلة من اثارة موضوع الرحلة. اضافة الى ذلك كان عليك توقع مثل هذا التطور منذ البداية "
هل ترميه بالفرشاة أو تقترب منه وتصفعه بقوة! كيف يجلس الآن بهدوء على السرير ويسألها عن غرابة تصرفاتها في حين أنه يجب أن يعرف أن دوافعه لاحضارها الى وايلز تثي شكوكها وريبتها. وقررت مواجهته فسألته بهدوء:
" أنت اخبرني أولا لماذا اصررت على مرافقتي لك في هذه الرحلة بالذات؟ كنت اعتقد في البداية انك كنت ترمي الى اعطاء انطباع جيد عن استقرارك العائلي ولكن من الواضح أنك صديقهما الحميم ولست بحاجة الى هذا الانطباع أو ذاك. فلماذا احضرتني اذن؟ للحماية مثلا؟ "
قفز من السرير غاضبا وهجم نحوها بعصبية فائقة ثم امسكها من كتفيها وسألها صارخا:
" ماذا تعنين بذلك؟ وما هي حاجتي للحماية؟ اجيبي؟ "
فزعت هيلين ولكنها تمكنت من الاحتفاظ برباطة الجأش وشئ من هدوء الاعصاب عندما قالت له بايجاز:
" أنت اجب! "
بردت أعصاب جايك قليلا وقال لها بلهجة شبه عادية:
" ليست لدي أي فكرة على الاطلاق عما تتحدثين أو تفكرين به! "
ارتجف صوتها قليلا هذه المرة عندما سألته شبه هامسة:
" الا تعرف؟ اعتقد أنك ستنكر أي علاقة بمربية الأطفال...ليزا! "
عقد جبينه بقوة وقال:
" ليزا؟ ليزا هاردينغ؟ لا...بالطبع لن أنفي انني اعرفها "

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:33
هزت هيلين رأسها وقالت بتأثر:
" أوه, لا...بالطبع لا. كان علي أن أدرك أنك مستعد لمثل هذا السؤال. ان من السخافة بمكان نفي معرفتك لاي انسان في هذا المنزل وقد مضى على وجودنا فيه عدة ساعات! "
" هيلين, بحق السماء! لنصل الى صلب الموضوع "
" ليزا تكرهني يا جايك. كان ذلك واضحا تماما عندما التقيتها هذا الصباح. انها تكرهني الى حد كبير وليس هناك سوى تفسير واحد فقط وهو... "
" رباه, ماذا تقولين؟! "
ثم أمسكها بكتفيها بقوة قائلا:
" حسنا! حسنا! نعم أعرف ليزا وأعترف أني دعوتها الى العشاء والسهرة مرتين أو ثلاث مرات ولكن هذا كان قبل فترة طويلة. ولمعلوماتك فاني أنا الذي أقترحت على لوسيان وروز استخدامها ومنذ ذلك الحين بالتأكيد لم يعد لدي أي اهتمام بها "
تلاحقت أنفاسها بسرعة وهي تقول له:
" وهل تنتظرني أن اصدق ما تقول؟ الواضح أنك...أنك زرت لوسيان وروز عدة مرات في بيتهما في لندن. وهذه هي المرة الاولى...التي أكون فيها معك... "
رفع جايك رأسه الى السماء ثم ركز نظراته على عينيها مباشرة وقال:
" اسمعي يا هيلين...ليزا هاردينغ لا تعني لي شيئا على الاطلاق وهذه هي الحقيقة. أنا لست مضطرا الى الكذب! ثم...انك لا تعيرين هذه القضية اهتماما حقيقيا. كل ما في الأمر أنك تستخدمينها كسلاح ماض كيلا اعترض أنا على تورطك مع ذلك المتزمت الحقير مانرينغ "
رفعت هيلين رأسها بقوة وأجابت بحدة وعفوية:
" انا لست متورطة على الاطلاق مع كيث مانرينغ "
سألها جايك بلهجة قاسية:
" ألست حقا؟ هل تقولين لي أنه لم يطوقك مره بذراعه...أو أنه لم يقبلك مطلقا؟ "
" طبعا لا! طبعا لا! "
" اذن كيف ستتمكنين من ابقائه هكذا معلقا بين الارض والسماء؟ ماذا سيستفيد من هذه الدعوات المتكررة لك؟ "
في تلك اللحظة حل الغضب مكان الخوف والازدراء مكان الاذلال والسخط محل الانكماش والانزواء وصرخت به قائلة:
" قد يهمك أن تعرف أن بالامكان قيام علاقة بين رجل وامرأة بدون أن يون أي شئ ثالثهما أو الوسيط بينهما "

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:43
اتسعت عينا جايك وقست ملامحه عندما سألها متضايقا:
" حقا؟ اذن يجب الافتراض بانه ليس بينكما سوى رابط فكري بحت! "
" يمكنك اطلاق هذه التسمية على علاقتنا "
" وماذا يستفيد مانرينغ من مثل هذه العلاقة الفكرية؟ "
" انه لا يحصل على شئ...مادي أو ملموس على الأقل. اننا نكتفي بتبادل الآراء. . . "
لمعت عيناه ببريق مخيف وهو يقاطعها قائلا:
" عوضا عن الاسرة أليس كذلك؟ "
" كل شئ تريد تحويله الى علاقة حسية؟ الا يمكنك أن تتخيل امكانية تبادل ارآ وأفكار بين رجل وامرأة؟ وهل تعتقد أن الرجال وحدهم هم أصحاب الامتياز في بحث أي مواضيع تروق لهم بذكاء وتعمق؟ "
" لا, لا أعتقد ذلك. ولكني أعرف مانرينغ ويمكنني التأكد انه ليس سعيدا بهذه العلاقة العذرية كما تبدين أنت سعيدة بها! ما بك يا هيلين؟ ماذا ينقصه جسمك الرائع هذا حتى لا يمكنك القبول بعلاقة طبيعية سليمة؟ "
" الهذا تعتبر ارتباطاتك بنساء مثل ليزا هاردينغ علاقة طبيعية وسليمة؟ "
تأملها جايك بنهم وقسوة من رأسها حتى أخمص قدميها ثم رفع اصابعه التي كانت غارقة في كتفيها وامسكها في عنقها وتمتم له بصوت اجش:
" لقد تحملت منك ما يكفي "
بلعت هيلين ريقها بصعوبة وقالت بصوت اشبه بالهمس:
" انك تؤذيني...تكاد تخنقني! "
ضاقت عيناه وشعرت هيلين أن نظراته الحادة تخترق عظامها. وسمعته يسألها بهدوء:
" هل حقا أنا أؤذيك؟ "
" جايك! أرجوك...أرجوك! "
" أنك ترتجفين. . . "
وعانقها...ارادت مقاومته..ارادت الفرار من ذراعيه...ارادت أن تثبت له أنها لن تتأثر بهذه الطريقة وهذا الاسلوب ولكن الادعاء والتظاهر كانا بدون فائدة أو جدوى. حملها الى السرير وكانت عينيها مغمضتين. ولكنها عندما فتحتهما بعد قليل وشاهدت عينيه فزعت وخافت. لم تعد عيناه دافئتين ومزعجتين بل اصبحتا باردتين وقاسيتين...وغريبتين تماما عنها. شعرت بموجة عارمة من التحقير والاذلال تغمرها وارادت أن تغمض عينيها مرة أخرى لتعيش ثانية سعادة الدقائق الماضية ولكنها سمعته يسألها بعنف وهو ينتصب واقفا:
" والآن أخبريني...الم يلمس مانرينغ أبدا من قبل؟ "

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:46
هزت هيلين رأسها من جانب الى آخر وهي ترتجف على رغم حرارةجسمها المرتفعة وهمست متعذبة:
" لا...لم يمسني أبدا. لم يمسني انسان آخر قبلك "
حدق بها جايك طويلا ثم سألها بوحشية :
" ماذا تحاولين؟ الى ماذا تهدفين؟ أتحاولين دفعي الى اثبات ما تقولين؟ "
ردت عليه بهلع وخوف قائلة:
" أنا لا أكذب يا جايك, لا أكذب "
" رباه! "
ثم رفع يده الى جبينه وأدار ظهره وغادر الغرفة بدون أن يتفوه بـكلمة آخرى.
ظلت هيلين مستلقية على السرير متألمة حزينة ومتضايقة سلفا من اللحظة التي سيعود فيها جايك لارتداء ثياب نظيفة قبل جلوسه الى مائدة الطعام. وتسارعت الأفكار في رأسها ومخيلتها تحلل دلائل ما حدث بينهما لأول مرة منذ زواجهما. ولكنه كان من المستحيل عليها التوصل الى أي نتيجةعقلية أو منطقية. شعرت بأنها فعلا ولدقائق معدودة كانت تريده كما ارادها! وحتى الآن فمع أنها تشعر بأن جسمها قد جف من كل حرارته وطاقته الا أن المشاعر والاحاسيس التي أثارها قبل قليل لاتزال تهيمن على تفكيرها وجسمها .
يجب أن تنهض من السرير وتعد نفسها لتناول العشاء فآخر شئ في الدنيا تريده في تلك اللحظات هو أن يعود جايك فجأة ويتصور بأنها مستلقية على السرير لا لسبب الا لانتظاره. من المحتمل أن يحتقرها ولكن ليس كما تحتقر هي نفسها...يا للسخرية! هي هيلين فورسايث التي شعرت دائما بالاحتقار نحو أي امرأة ترمي نفسها أمام الرجل الذي لا يريدها اثبتت أنها ليست أفضل من الاخريات.
نهضت من السرير بعزم واصرار لأنها ترفض البقاء مستلقية هكذا لا تفعل شيئا سوى الأنغماس في الاسى والحزن و...الشفقة على النفس. ولأن آخر شئ ينتظره جايك منها هو المجابهة فانه سيحصل منها على مفاجأة كبيرة. انها لن تدع الأمور تسوء باعطائه أي سبب للأعتقاد بأنها تلومه عما حدث بينهما. سوف تتصرف معه وكأن النصف ساعة الأخيرة كانت خيالا وليس حقيقة...كأنه لم يكن أبدا.
ولذا امضت وقتا طويلا في التبرج والتزيين وتسريح الشعر ولبست أجمل ما لديها من ثياب وحلي وعندما تفحصت نفسها أمام المرآة قبل نزولها الى قاعة الاستقبال لاحظت أنها لم تكن مرة واحدة في حياتها بمثل هذه الروعة والسحر. ولذلك شعرت أنها قادرة على التظاهر بمظهر الواثق من نفسه مع أن هذا الشعور كان أبعد شئ عنها في ذلك الوقت بالذات.
لم يكن جايك قد عاد الى الغرفة عندما بدأت تنزل الدرجات التسع التي تؤدي الى القاعة الرئيسية ومع أنها كانت متضايقة من قرب اللقاء الا أنها كانت متحمسة لمراقبة رد فعله وهو يشاهدها في تلك الحالة الاخاذة. وعندما وصلت الى غرفة الاستقبال لم تجد سوى ليزا هاردينغ التي كانت ترتدي عباءة خضراء جميلة. دهشت ليزا لرؤية هيلين الا أن الضيفة عقدت العزم على التصرف بشكل طبيعي فحيت الفتاة بمودة وسألتها:
" أين البقية؟ "

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:47
ضمت ليزا ذراعيها بتكاسل واضح وضوح العداء الذي تظهره لها بدون خوف أو خجل وردت عليها بتهذيب:
" الجميع مع الأطفال. السفير والسيدة اندانا يمضيان عادة هذا الوقت من المساء مع الاولاد ويبدو أن زوجك وجد الوقت الكافي للانضمام اليهما. أنه يحب الأطفال كثيرا "
هزت هيلين رأسها ثم تمتمت موافقة وأخذت تجول بنظراتها في أنحاء الغرفة في محاولة للمحافظة على رباطة جأشها والسيطرة على أعصابها.
" هل أحضر لك شيئا؟ أنا متأكدة من أن السيدة اندانا لن تعترض على ذلك "
تردد هيلين قليلا ثم قالت:
" لا شكرا...هل تحبين العمل مع عائلة اندانا؟ "
" كثيرا. جايك هو الذي حصل لي على هذه الوظيفة "
دهشت هيلين من وقاحتها ولكنها حافظت على هدوئها وقالت:
" نعم. نعم أخبرني بذلك "
سألتها ليزا مشككة:
" هل حقا أخبرك بذلك؟ أوه اني اعرف جايك منذ سنوات عديدة. أنا من ليدز وقد التقينا في أحد الحفلات هناك قبل عشرة أعوام "
" منذ عشر سنوات؟ "
سألتها باستغراب واضح فهي لم تكن نفسها آنذاك قد بلغت الخامسة عشرة من عمرها.
" نعم. وأعرف والدته أيضا "
تطلعت هيلين حولها وهي ستفكر بما ستقول أو ستسأل ولكنها سمعت ليزا تسألها:
" اخبريني يا سيدة هوارد الا تشعرين أبدا بالضجر؟ "
" الضجر؟ ولماذا أشعر بالضجر؟ "
هزت ليزا كتفيها وهي تقول:
" جايك يمضي أوقاتا طويلة في الخارج ويتركك...وحدك. الا تشعرين أحيانا برغبة في الحصول على وظيفو ما؟ "
" أوه اعتقد أحيانا أنني أشعر بالملل. وأقوا أحيانا لانني اقرأ كثيرا...أذهب الى المسارح...الى المعارض الفنية. أظن أن وقتي منظم بطريقة لا تترك لي مجالا للشعور بالضجر "
ابتسمت ليزا وقالت بتهكم:
" من بين كل النساء اللواتي كن زوجات محتملات لجايك لم يختر الا زهرة برية مثلك! "
نظرت اليها بتمعن وقالت لها بهدوء بالغ:
" أظن أنك وقحة جدا يا آنسة هاردينغ "
هزت ليزا كتفيها غير مكترثة وقالت:
" لا يهمني ماذا تظنين. كان جايك أن يكون أكثر وعيا وواقعية. وأمه توافقني تماما الرأي "
رفعت هيلين حاجبيها استغرابا:
" هل هذا حقا هو رأيها؟ في أي حال الأمهات لا يخترن زوجات أبناهن أليس هذا صحيحا؟ انك يا آنسة تتجاهلين حقيقة هامة جدا وهي أن جايك رجل يعرف تماما ما يريد. ولا يمكنني بالتالي أن اتصوره يقدم على أمر لا يريده الا توافقيني الرأي يا آنسة؟ "
احمر وجه ليزا وردت عليها بانفعال:
" أنه أراد اسمك وحسبك ولم يردك أنت كأنت "

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:49
أرغمت هيلين نفسها على توجيه ابتسامة ساخرة وقالت بلهجة تعمدتها لاذعة وقاسية:
" ربما كان ذلك صحيحا في وقت من الاوقات يا ليزا. ولكن هل تعتقدين انه لا يزال صحيحا حتى الأن؟ "
وكان تحريك شفتيها بذلك الاسلوب الساخر الى حد ما كافيا لجعل الفتاة الاخرى تضم قبضتها حنقا وغضبا. ولاحظت هيلين بسرور انها أختارت الطريقة الصحيحة والمناسبة لصد هجوم ليزا وردها على أعقابها. ثم مررت يدها بمكر وخبث على جسمها وسألتها بلهجة المنتصر المسامح:
" اخبريني يا ليزا هل تعتقدين أن هذا النوع من القماش يناسبني؟ "
تأففت ليزا بسخط وغادرت الغرفة على عجل. وعندها تنهدت هيلين بارتياح فائق فعلى الأقل خرجت من تلك المواجهة البسيطة منتصرة ورابحة. آه كم تتمنى الفوز بجولات مماثلة مع جايك!
خلال دقائق قليلة دخل لوسيان وروز وحيا هيلين بمودة وسرور فسألتهما:
" هل أصبح الأولاد على استعداد للنوم؟ "
ابتسم لوسيان وأجابها مازحا:
" ليزا ستتولى أمرهم فهي دائما صاحبة الكلمة الأخيرة معهم "
وقبل أن تفتح هيلين فمها لتسأل المزيد عن الأطفال ومربيتهم دخل جايك وكان حليق الذقن ويرتدي بزة سهرة داكنة وقميصا زرقاء وربطة عنق مناسبة. وارتجفت هيلين وهي تتأمل أناقته وسحره وجاذبيته. انه رجل بكل ما في الكلمة من معنى! تطلع نحوها بلا مبالة تقريبا ولكنها شعرت أثناء العشاء أنه يوجه اليها بين الحين والأخر نظرات الفضول وحب الاستطلاع. ترى ماذا سيقول لها عندما سينسحبان الى غرفتيهما ويصبحان بمفردهما؟ وقالت لنفسها بأصرار انها لن تكون قادرة على تحمل المزيد من احتقاره لها.
لم تنضم ليزا اليهم وأوضحت روز لزوجها وضيفيها أن المربية فضلت تناول العشاء في غرفتها مع أنها تلقت دعوة للانضمام اليهم. ارتاحت هيلين لسماع الخبر فعداء ليزا أمر غير مستحب ويسعدها بالتالي عدم وجودها معهم.
بعد العشاء أعتذر الرجلان وانسحبا الى مكتب لوسيان بحجة أنهما سيلعبان الشطرنج. وظلت هيلين مرة أخرى وحدها مع روز ولكن لحسن حظها جذب برنامج في التلفاز انتباه روز فأنساها اسئلتها الشخصية المحرجة. ومضت ساعات الليلة متثاقلة ومتكاسلة وشعرت هيلين بأنها تعاني المزيد من الضيق

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 12:50
والأنزعاج. وبعدما شربت القهوة التي احضرها موجاري حوالي العاشرة استأذنت مضيفتها للذهاب الى غرفتها. وبدت روز بدورها أكثر استعدادا للذهاب هي أيضا الى غرفتها. وقالت وهي تهز رأسها:
" آه منهم هؤلاء الرجال! انهم لا يسألون عنا أو يهتمون بنا على الاطلاق "
ولكنها ضحكت وهي تطلق هذا الاتهام الكبير فعلمت هيلين أنها لمتكن جادة في كلامها. ابتسمت لها متمنية ليلة مريحة ونوما هنيئا وصعدت الى غرفتها.
وهناك ارتدت ثياب النوم وقفزت الى سريرها. ولكنها شعرت بالتأكيد أنها لن تتمكن من النوم بسبب الأمور الغريبة والمتعددة التي حملها ذلك النهار. وفعلا لم تنم...أخذت تفكر برحلة جايك المرتقبة مع لوسيان وبحديثها مع ليزا هاردينغ وتصرف جايك الهادئ طوال المساء وأهممن ذل كله...تصرفه قبل بضع ساعات في غرفة النوم! وتنهدت بصوت مسموع. هل من الممكن أن تكون هي المسؤولة عما حدث في هذه الغرفة؟ اثارته فرد عليها بأسلوب اثبت لها بما لا مجال للشك انها لم تعد غير مكترثة أو مهتمة به!
تقلبت في السرير عمدا وحاولت طرده من تفكيرها ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل. ركزت انتباهها على صوت الريح يصفر بين الشجر...صوت الجدول المتدفق...صرخة طائر ليلي وفجأة سمعت أصوات أبواب تفتح وتغلق فعلمت أن كلا من لوسيان وجايك في طريقه الآن الى غرفته. توقفت تماما عن الحركة وعندما فتح باب الغرفة اخذت تتنفس بعمق كي يظن انها نائمة ولكن جايك اضاء النور الموجود بين السريرين. فتحت احدى عينيها نصف فتحة فلاحظت أنه بدأ يخلع ثيابه. اغمضت عينيها بقوة مرة أخرى وانتظرت أن يطفئ النور ويصعد الى سريره.
اطفأ النور بعد لحظات فتنهدت بارتياح. ولكنها شعرت انه يتوجه نحو سريرها بدلا من سريره واحست بأنه يقف قربها ويراقبها في الظلمة. ظلت ساكنة الحركة بعض الوقت ولكن تسارع انفاسها فضح تظاهرها بالنوم.
" ابتعدي قليلا "
شهقت هيلين وشعرت أن قلبها توقف عن الخفقان. قالت له متلعثمة:
" سرير...سريرك...هناك! "
رد عليها بصوت أجش:
" هذا هو سريري "
ولم ينتظر منها تعليقا أو اذنا بل رفع الغطاء واندس تحته قربها و......
وعندما اتى الصباح وغمر نور الشمس الذهبي أ رجاء الغرفة كان جايك قد ذهب.
فقط سريره الذي لم يمس كان شاهدا على أنه امضى الليلة...معها...في سرير واحد.







***نهاية الفصل السابع***

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 13:05
مراااااااااااااااااااااااحب sa3et 7anan

والله لك وحشه......وينك من زمان ما شفناك

ان شاء الله دايما اشوف طلتك الحلوه

ولا تطولين غيبتك علينا كثير



- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -


اهلا فيك SURVIVOR

والله منوره المشروع......

مشكوره حبيبتي جدا على ردك الحلو

ماري-أنطوانيت
15-08-2007, 13:06
بحووووووووووووووووووره & لمووووووووووووووووووسه
خلاص ان شاء الله هانت وما عاد في غير فصلين


يا ترى هل مازال لديكما أي صبر لانتظار هذان الفصلان؟:D

shining tears
15-08-2007, 17:08
هلا كيفكم ياجماع
ادري عصبتكم
بس ان شاء الله خير
لما تخلص هذي الرواية راح انزل بعدها اذا ماكان فيه مانع ومثل ماوعدتكم راح انزل ثلاث
بس لما تخلص وانا راح انوجد على ول الاسبوع

sa3et 7anan
15-08-2007, 21:26
هاىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى


الله لا يحرمنى منكم

عايزين نعرف النهاية بسرعة

بجد اسرة المنتدى عسل

لفلى سكاى فين

؟

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 00:38
هلا كيفكم ياجماع
ادري عصبتكم
بس ان شاء الله خير
لما تخلص هذي الرواية راح انزل بعدها اذا ماكان فيه مانع ومثل ماوعدتكم راح انزل ثلاث
بس لما تخلص وانا راح انوجد على ول الاسبوع




مرااااااااااااااااااحب ( شاينينغ تيرز )

منوره المشروع والله....::سعادة:: ::سعادة::

احنا بانتظار روايتك بفارغ الصبر

ومستنيه تنزلينها بعد هاذي الروايه

وخذي راحتك في كتابتها ولا تضغطي على نفسك

والله وحشتيني

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 00:55
صبااااااااااااااااااااااااااااح الخير يا حلوات

اليوم قررت أنزل الفصل القبل الأخير بدري<< نشيطه الاخت :D

عشان ما ازعلكم بالكلام الي راح أقوله ....

أعرف انكم متشوقين للفصل الاخير

هو راح ينزل بموعده. ( لا تكفخوني) بس يمكن يتأخر شوي

فلا تزعلون مني بليز...:مذنب: :مذنب:

وانا أوعدكم بأني راح أطلق اصابعي للريح

في كتابته عشانكم............:رامبو:


المخلصة....ماري-أنطوانيت

بحر الامان
16-08-2007, 00:58
حبيبتي انتي
اطلقي يديك ورجليك للريح
بس لا تتاخرين تكفين
طلبتك السبت دوام
وراك وراك لين تكمل ها الروايه
خخخخخخخخخخخخخخخخخ
لا تزعلين ماري خذي راحتك بس مو مره

بحر الامان
16-08-2007, 01:00
استناك من بدري ماااااااري

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:40
8- فراغ الحب


تحركت هيلين متكاسلة ونظرت الى ساعتها لتجد انها تجاوزت العاشرة والنصف. نزلت بسرع من سريرها وتوجهت الى الحمام حيث استحمت وعادت الى الغرفة لترتدي سروالا ضيقا وقميصا فوقه سترة رقيقة. وتوجهت الى غرفة الاستقبال لتجد موجاري وحدة يغذي المدفأة بقطع خشب جديدة.
حياها بابتسامة مهذبة بعد أن احنى رأسه قليلا علامة الاحترام للسيدات. ترددت قليلا ثم سألته:
" أين الجميع يا موجاري؟ "
قطب جبينه قليلا وقال:
" السيدة روز في المطبخ والسيدان لوسيان وجايك في الخارج "
ثم ابتسم مرة اخرى وهو يسألها:
" هل تريدينني أن ابلغ السيدة روز بقدومك؟ "
" لا داعي لذلك يا موجاري فها أنا هنا "
ودخلت روز القاعة بهدوء ثم قالت موجهة حديثها الى هيلين:
" سمعت أصواتا فعلمت أنك استيقظت أخيرا يا عزيزتي. يبدو أنك نمت جيدا. جايك طلب منا عدم ازعاجك "
احمر وجهها بسرعة ملحوظة ولكن روز اكتفت بهز اصبعها في وجه ضيفتها مازحا وهي تقول:
" لا تبدأي بتقديم اعتذارات لي. أنا افهم الوضع تماما صدقيني "
ثم أطلقت ابتسامة عريضة ومضت تقول:
" جايك رجل جذاب للغاية وأنا يمكن أن اقع في شباكه "
لم تعرف هيلين بماذا تجيب ولكنها حاولت الظهور بمظهر عادي وطبيعي فسألت مضيفتها بهدوء:
" أين هما لوسيان وجايك الآن؟ "
فتحت روز ذراعيها كمن يجهل الواقع وقالت:
" ذهبا في نزهة قصيرة للتفرج على القرية كما قالا. أنا شخصيا اعتقد أنهما يتحدثان مرة اخرى عن مشروعهما التجاري. لوسيان متحمس جدا لاقامة معمل من معامل مؤسسة هوارد في ضواحي عاصمة بلادنا لأنه يؤمن عددا كبيرا من الوظائف لعدد كبير من الاشخاص كما أن بلادنا ستجني منه أموالا هي بأشد الحاجة اليها بالاضافة الى المكانة المرموقة التي ستحظى بها بين جاراتها "

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:42
هزت هيلين برأسها بدون أن تعي شيئا لأن تفكيرها كان في مكان آخر وقالت:
" آه هكذا! وهل أخبرك لوسيان متى يتوقعان مغادرة لندن؟ "
هزت روز كتفيها وقالت:
" خلال الأيام القليلة المقبلة على ما أعتقد. لماذا تسألين؟ الا تريدين أن يسافر جايك مرة آخرى وخلال هذه الفترة القصيرة أيضا؟ "
حتى الآن لم تجرؤ على التفكير بما تريد. لم تكن تعرف ابدا ماذا سيحدث. كيف يمكنها شرح مخاوفها وتشنجاتها لروز التي من الطبيعي أنها تفترض أن زواج جايك وهيلين طبيعي وسليم! انها تعرف شهرة جايك لدى النساء اللواتي يطالبنه بأي شئ. واكثر من ذلك لم يقل لها أنه يحبها. قال لها أنه...يريدها ولكن الامرين مختلفين الى حد كبير. ولبضع لحظات سمحت لنفسها بتذكر الساعات القليلة الماضية التي امضتها بين ذراعي جايك. كانت تلك بالنسبة اليها اكتشافا على الطبيعة لما يمكن ان تكون عليه العلاقة بين رجل وامرأة. لم تحلم من قبل أنمثل هذه الافآق يمكن الوصول اليها أو أن جاي يمكن أن يكون صبورا الى هذا الحد ليدربها على التخلي عن جمودها و...احمر خداها مرة أخرى وهي تتذكر. وكانت روز تراقبها باهتمام بالغ ثم قالت لها:
" من الواضح انك لا تريدينه أن يذهب. لماذا لا تصحبينه في هذه الرحلة؟ "
حدقت بها هيلين وهي شادرة الذهن وسألتها:
" " ماذا قلت؟ "
" قلت اذهبي معه. لم لا؟ لست مضطرة للبقاء في انجلترا أليس كذلك؟ ليست لديك أي ارتباطات أو التزامات أليس هذا صحيحا؟ "
" صحيح ولكن. . . "
توقفت لحظة ثم تابعت كلامها بتردد:
" ولكن...لا أدري! لا أدري! "
هزت روز كتفيها مرة أخرى وقالت:
" لو كنت مكانك لما ترددت لحظة واحدة لولا هذا. . . "
وربتت بحنان على بطنها واضافت:
" لولا هذا لذهبت مع زوجي بدون تردد "

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:43
" هل كنت تذهبين حقا؟ "
وعندما شعرت بأن تساؤلاها في غير محله اضافت بسرعة:
" ولكنك ستذهبين الى بلادك...الى موطنك "
رفعت روز حاجبيها وقالت:
" نعم. ولكني أتيت معه الى هنا. لم اكن مضطرة لذلك. كان بامكاننا أن نظل في العاصمة حيث نعيش. كان ممكنا أن اظل هناك مع الأطفال يأتي لوسيان لزيارتنا بأنتظام "
" ولكن زوجك سفير! يجب عليك أن تكوني معه "
تنهدت روز وقالت:
" ربما نعم وربما لا! ولكني لا أرضى بابتعاده عني! "
ابتسمت هيلين. آراء روز بسيطة وعادية جدا ولكن لم يكن لديها أي فكرة على الأطلاق عن المصاعب والمضاعفات التي كانت تواجهها طوال السنوات الثلاثة الماضية.
عاد الرجلان وقت الغداء وكانت هيلين وحدها في قاعة الجلوس في حين ذهبت روز الى المطبخ لتشرف على اعداد الطعام. دخل لوسيان أولا وهو يفرك يديه بسرعة لتحريك الدماء في الأصابع الباردة. وحيا هيلين بمرح قائلا:
" اسعد الله أوقاتك أيها الجمال النائم! متى استيقظت؟ "
ردت عليه هيلين بهدوء وهي تتوقع دخول جايك بين لحظة واخرى:
" حوالي العاشرة والنصف "
" العاشرة والنصف! يا للفضيحة "
وأخذ يعلق ضاحكا على موضوع النصيحة المشهورة التي تدعو الى النوم باكرا والنهوض باكرا. وفجأة دخل جايك الغرفة نظرت اليه هيلين بأعصاب متوترة ولكنها لم تتمكن من قراءة أفكاره أو فهم أي شيئ من خلال نظراته أو ملامح وجهه. انه ينجح دائما في اخفاء مشاعره ولا يفسح مجالا للتكهن أو الاستنتاج. وشعرت بألم حاد يعصر قلبها وفؤادها. كم كانت سخيفة عندما تخيلت أن ما حدث بينهما الليلة الماضية يعني شيئا خاصا ومميزا بالنسبة اليه! ابعدت نظرها عنه وركزت انتباهها على يديها اللتين وضعتهما على ركبتيها بانفعال وتأثر.
ذهب لوسيان لمساعدة زوجته فتوترت أعصاب هيلين. ماذا سيفعل الآن؟ ماهي التعليقات اللاذعة أو الباردة التي سيطلقها في اللحظة التالية؟ ماذا...؟ ولكن جايك لم يقل شيئا على الفور بل أشعل سيكاره وسار نحو المدفأة وأخذ يراقبها بهدوء واهتمام. وعندما لم تقل شيئا أو حتى لم تنظر اليه تأفف بانزعاج ظاهر وقال لها بانفعال:
" هيلين...يجب أن اكلمك "

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:45
ولكن في تلك اللحظة بالذات دخلت ليزا غرفة الجلوس وابتسمت بحرارة لجايك قائلة:
" جايك! واخيرا عدت! السيدة اندانا قالت انك ذهبت في نزهة مع زوجها. يبدو أنني لم أشاهدك الا قليلا خلال هذه العطلة الاسبوعية "
هز جايك كتفيه متظاهرا عدم الاهتمام واجابها بلهجة عادية جدا:
" كانت زيارة قصيرة هذه المرة. لم نصل الا حوالي وقت الغداء أمس وسنذهب فور الانتهاء من تناول طعام الغداء بعد قليل "
ابتسمت ليزا بغنج ودلال وقالت:
" أوه جايك! ولكن ستأتي لزيارتنا مرة أخرى في لندن أليس كذلك؟ لم نتحدث عن الأيام الماضية منذ زمن طويل "
" عن اذنكما "
قالتها هيلين وهي تهب واقفة وقد شعرت فجأة بصداع قوي يضرب مؤخرة رأسها. وعلى الرغم من محاولة جايك الامساك بذراعها فقد تخلصت منه وهرعت الى الغرفة حيث القت نفسها على السرير بدون أي اعتبار لثيابها الانيقة أو لأي شيئ آخر. وتمنت في تلك اللحظة لو أنها...تموت! ولكن ما هي الا دقائق معدودة حتى أرغمها صوت روز على العودة الى الواقع. كانت ربة البيت تناديها لتبلغها بأن الغداء جاهز. فلابد عليها من النزول الى القاعة ومحاولة التصرف بشكل طبيعي وعادي.
بدا لها وكأن الغداء لن ينتهي. ولكن بعد شرب القهوة شعرت بسعادة بالغة عندما شاهدت موجاري ينقل الحقائب الى السيارة. تصافح الرجلان وقال لوسيان بحرارة:
" جايك سررت جدا بحضورك. سأتصل بك صباح الاثنين ان شاء الله عندما أعود الى لندن ونتفق عندئذ على التفاصيل النهائية للرحلة "
" حسنا يا لوسيان. الى اللقاء يا روز وشكرا جزيلا لكما "
" الى اللقاء يا جايك. الى اللقاء يا هيلين. لا تسرع كثيرا يا جايك بحق السماء "
تحركت السيارة بتمهل وظلت هيلين تلوح بيدها حتى غاب المنزل عن ناظريها. وعندها استرخت هيلين في مقعدها ووضعت يدها على جبينها بعد أن اغمضت عينيها وقررت الاستراحة لبعض الوقت. انها مرهقة نفسيا ومتوترة الاعصاب نتيجة الجهود المضنية التي بذلتها للتصرف بشكل طبيعي.
قاد جايك السيارة عدة كيلو مترات بدون أن يتفوه بكلمة واحدة ولكنه بمجرد وصوله الى الطريق الرئيسي قال لها:
" الآن يمكننا التحدث أليس كذلك؟ "
هزت هيلين رأسها متضايقة وسألته بلهجة باردة جدا :
" وهل هناك شئ نتحدث عنه؟ "
شتم جايك بصوت هامس ثم قال لها:
" توقفي عن التظاهر بالغباء يا هيلين أنت تعرفين تماما ما يجب التحدث عنه...ليلة أمس! "
تنهدت هيلين وقالت بتردد:
" أنا...أنا أفضل عدم...الخوض في حديث كهذا ان لم يكن لديك أي مانع. . ."
قاطعها بقساوة قائلا:
" بلى أمانع...بربك يا هيلين اعطني على الأقل فرصة للأعتذار "
حدقت به بضياع ورددت كلمته الأخيرة كالصدى:
" الاعتذار؟ "
" نعم اللعنة عليك الاعتذار! رباه لا أدري ماذا اصابني! وحتى عندما وجدت...انك فعلا لم تشعري من قبل...لم أتمكن من تركك بمفردك "
وشد بقوة على مقود السيارة وتابع لامه قائلا:
" لا أعرف هل ستصدقين أن هذا الأمر لن يتكرر أبدا في المستقبل! "
التقطت هيلين أنفاسها وقالت له:
" جايك أرجوك! توقف عن تحويل ما حدث الى قضية عالمية! أنا...أنا لست طفلة. أنا زوجتك وكنت...كنت اعرف...ما أقوم به "
" هل كنت تعلمينن؟ حقا تعلمين؟ لا تزعجي نفسك بمحاولة التخفيف عن شعوري بالذنب والضيق...أنا اعلم انني حيوان حقير ولكن صدقيني أنا لست فخورا بما حدث "
" أرجوك! هذه سخافة! لا داعي أبدا لهذه. . . "

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:46
تطلع بسرعة الى وجهها المتعب وقال:
" لماذا لا تشتمينني أو...أي شيئ آخر من هذا النوع؟ أني استحقه. لماذا تواجهين الأمر بهذه الامبالاة الكريهة والمزعجة؟ "
حولت نظرها بسرعة عنه تفاديا لنظراته الثاقبة. انه يعتقد أنها لا تكترث! أوه يا الله لوكان بامكانها فقط أن تشعر هكذا لكانت أرتاحت!
وخيم الصمت بينهما فترة طويلة. وعندما وصلا الى الطريق العريض الواسع اطلق جايك لسيارته العنان وما هي الا فترة قصيرة حتى أقتربا من ضواحي المدينة.
كانت السيدة لايتمر في استقبالهما عندما وصلا الى المنزل وسألتهما انهما تناولا العشاء. هز جايك رأسه نفيا وهو يقول:
" لا لمنتعشى بعد. ولكنلا تزعجي نفسك باعداد أي شئ لي. أنا...أنا سأخرج من لبيت بعد قليل "
توترت أعصاب هيلين فجأة. انه ذاهب. الى أين سيذهب؟ وأرادت أن تطالبه بعدم الخروج من البيت...بالبقاء معها...! ولكنها بالطبع لم تتمكن من التفوه بأقوال كهذه بل اكتفت بتوجيه كلام هادئ الى مدرة المنزل:
" وأنا أيضا يا سيدة لايتمر لا تعدي لي شيئا على الاطلاق. اعتقد...اعتقد انني سأنام باكرا. ربما بعض القهوة والفاكهة "
ذهبت مدبرة المنزل لتحضر ما طلبته سيدتها فيما ظل جايك واقفا بتردد في منتصف القاعة. كان قد أوصل الحقائب الى غرفتي نومهما وعاد يقف بدون حراك وهو يتأملها بدقة وتفحص ثم قال لها بهدوء:
" ان التعب والارهاق باديان عليك...اني آسف "
" أوه توقف عن هذه السخافات! "
قالتها بصوت مرتفع ومنزعج ثم أدارت وجهها عنه وهي تقول:
" بحق السماء يا جايك أذهب واتركني وحدي "
حدق بها جايك وهو لا يدري ماذا يفعل وقال:
" هيلين لا تدعي هذا...يفسد الأمور. . . "
" يفسد الأمور؟ ماذا تقول؟ يفسد الأمور؟ "
وتعمدت صبغ صوتها بألوان التأنيب والتجريح عندما اجابت بعصبية واضحة:
" يفسد أي أمور؟ وهل هناك أي امور يفسدها هذا...الشئ الذي تتحاشى ذكر اسمه أو وصفته؟ بربك يا جايك! في أي زمن تعيش؟ تخيل ما قمنا به على أنه. . . "

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:49
" هيلين هذا يكفي "
كانت نبرته آمرة وقاسية ولكن هيلين تابعت هجومها:
" يكفي ماذا؟ يكفي التحدث بتعقل عن أمر يحدث كل يوم بظروف أقل غرابة؟ جايك أنك متزمت جدا لم أكن لاصدق أنك متزمت الى هذه الدرجة! "
" هيلين! توقفي! "
وامسك بكتفيها يهزها بعنف ويقول :
" لا تظني بأنك ستخدعينني بمثل هذه التصرفات! أنا أعرف أكثر من غيري فداحة عملي. كل ما أريده الآن هو أن اكون بمفردي "
ابتعدت هيلين عنه خطوتين وقلبت شفتها قائلة:
" افعل ما تريد فأنا غير مهتمة "
" ماذا ستفعلين أنت؟ "
" أنا؟ "
كانت هيلين تكافح أنهيار دموعها بصعوبة بالغة ثم اضافت قائلة:
" ابلغت السيدة لايتمر انني سأنام باكرا "
احنى جايك كتفيه وقال:
" وهل يمكنني الوثوق بأنك ستكتفين بذلك؟ "
" ولم لا؟ فليست هناك أشياء كثيره يمكنني القيام بها الان "
سرح جايك شعره بأصابع يده وهو يفكر بأمر ما. وشعرت أنه يبدو أصغر من سنه وأقل تحصينا مما يظهره. طردت تلك الفكره السخيفة بسرعة وقوة من رأسها فجايك هوارد يعيش ضمن قلعة حصينة لا يمكن اختراقها.
" حسنا ان كنت متأكدة من انك ستكونين على ما. . . "
رفعت هيلين رأسها بعزم واصرار وقاطعته قائلا:
" طبعا أنا متأكدة! أوه, أوه بالمناسبة! متى ستذهب في رحلتك مع لوسيان؟"
" يوم الأربعاء على الأرجح لماذا؟ الا تريدينني أن أذهب؟ "
مدت هيلين يدها بطريقة تدل على عدمالاكتراث وقالت بلهجة تعمدت فيها الاذلال الى حد ما:
" لا يهمني أبدا ما تفعل "
وكأن تلك الجملة القاسية كانت كافية فقد استدار عنها وخرج من الباب ثم اغلقه وراءه بعنف.


* * * *

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:53
كانت هيلين تحلم وكان حلمها مزعجا ومرعبا. انها تركض على طريق موحل والمطر ينهمر بغزارة. وجهتها مزرعة مورغان...ولكنها عندما أقتربت من المكان لاحظت أنه ليس المزرعة بل بيتها في حي كيرسلاند وكأن قوة خارقة نقلته كما هو الى مقاطعة وايلز. توقفت ووضعت يدها على جبينها وأخذت تحدق مذهولة! سيارة جنيفر كانت هناك...تملكها شعور بالغيرة والأنزعاج.
صعدت درجات السلم راكضه ودخلت القاعة وعند ذلك سمعت أصوات ضحك وقهقهة نسائية تصل من الغرف العليا. صعدت الدرج الداخلي بمهل وهي خائفة مما ستجده أو ستواجه به! ومع ذلك فقد كانت تدفعها رغبة جامحة في معرفة الحقيقة. فتحت باب غرفة جايك فجأة...فكان هناكومعه امرأة! وعندما أستدارت المرأة نحوها صعقت هيلين! لم تكن جنيفر...بل كانت ليزا هاردينغ!
" لا! لا! لا! "
انبهت هيلين لنفسها وهي تصرخ بعنف وعذاب غير مصدقة في حين كانت ليزا تهزها وتهزها بقسوة ووحشية. . .
" هيلين! هيلين! مهلا, مهلا! أنت بخير. لا تخافي! أنت هنا...في البيت "
فتحت هيلين عينيها بصعوبة وكان الضوء الأصفر ينير وجه رجل يهزها برفق وحنان لايقاظها. كانت تتنفس بانزعاج وكأنها تكاد تختنق...أو انها كانت تركض أو تقوم بعمل مرهق. وكان وجها مبتلا بالدموع الحارة. اغمضت عينيها وفتحتهما على نحو غير ارادي عدة مرات ثم همست بصوت خافت بعد أن لاحظت ملامح جايك القلقة:
" ماذا...ماذا حدث؟ ما المشكلة؟ "
رفع جايك رأسها قليلا ووضع وسادة اضافية تحته لترتاح بطريقة أفضل. ثمجلس قربها وقال لها وهو يبعد خصلات من شعرها المبتل الى وراء اذنها:
" كنت تحلمين ومما لا شك فيه أنه كان كابوسا مزعجا للغاية. ظننت للوهلة الأولى أن لصا دخل غرفتك "
ولاحظت أن ابتسامته ونظراته كانت أرق وأنعم من أي وقت مضى. وضعت يدها على رأسها وقالت باعتذار:
" اني...اني آسفة! لم...لم يحدث معي من قبل أمر كهذا "
" اعرف. ربما كان هذا نتيجة لتلك الطلة الاسبوعية اللعينة "
ثم هز رأسه وسألها برقة:
" هل أنت بخير الآن؟ "
" نعم...أعتقد ذلك "
كانت عيناها تأكله...تحبه...تراقب أدنى حركه يقوم بها. انه زوجها...ورجلها...وحبيبها. ثم...وقف جايك فجأة وقال لها:
" اذن سأذهب. تصبحين على خير يا هيلين "
" أنتظر! "

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:55
قالتها بلهفة وهي ترفع نفسها على مرفقها. ثم امسكت بيده قائلة:
" جايك...لا تذهب "
اندفع الدم الى خدي جايك بقوة وقال:
" اعتقد أنك قلت أن كل شئ اصبح على ما يرام وأن. . . "
وعندما لاحظ تلك النظرات الخاصة في عينيها الزرقاوين الحالمتين تابع حديثه بعد أن غير لهجته قليلا:
" بحق السماء يا هيلين! انك لا تعرفين ما تطلبين "
" بل أعرف "
ورفعت يده الى شفتيها ولكنها سحبها بقوة ومشى بسرعة نحو الباب. لم يتطلع وراءه بل خرج من الغرفة وهو يغلق الباب بقوة. وتردد صدى عميق عمق الفراغ الذي كانت تمر به مشاعرها في تلك اللحظات بسبب رفضه لها. . .


* * * * *

لم تكن محطة السكك الحديدية في سلبي المكان المفضل بعد ظهر ذلك اليوم البارد من أيام الخريف الأخيرة. وكانت هيلين تحمل حقيبة صغيرة وبعد أن اعطت تذكرتها الى الموظف المسؤول غادرت المحطة وأوقفت سيارة أجرة. اعطت السائق المهذب عنوان والدة جايك واستراحت في زاوية المقع الخلفي تتمتع بالدفء وتنتظر الوصول الى ذلك العنوان الذي حصلت عليه نتيجة لبعض المراسلات القليلة بينهما.
من أو ماذا وضع في رأسها فكة الاستعانة بوالدة جايك! هل هو ربما تصرف جنيفر...انها لا تدري فعلا. كل ما تعرفه أنها استيقظت هذا الصباح وكان رأسها يضج بشعور مزعج ينذر بالسوء. وتذكرت بألم ماذا حدث معها في الليلة السابقة واجتاحتها موجة من الاذلال القاسي نتيجة رفض جايك الفوري لها. وعندما لاحظت أنه غادر المنزل شعرت بارتياح كبير. خلال فطورها الذي اقتصر على القهوة والسجائر حاولت هيلين جاهدة تقييم موقفها بأسلوب علمي وموضوعي فتوصلت الى نتيجة واحدة فقط...لا يمكنها بع الآن أن تعيش مع جايك تحت سقف واحد لأنها تعرف أنه يحتقرها...ولأنها تخشى أن يخلق لها ضعفها تجاهه مزيدا من الاذلال والتحقير. طبعا هناك احتمال التقدم منه بطلب الطلاق...هذه نتيجة يمكن التوصل اليها بشئ من السهولة. الطلاق في بلادها لم يعد بمثل الصعوبة التي كان عليها في السابق. كما انه لا يهمها من منهما سيعتبره القاضي مذنبا بحق الآخر كي يتم الطلاق.
ولكن اذا تم الطلاق بسرعة فعليها أن تجد لنفسها مكانا تقيم فيه. أين؟ ومع من؟ فكرة تحولها الى انسانة وحيدة منزوية على نفسها كانت مرعبة ومزعجة. ولكنها لا يصح ان تتوقع منه الأهتمام بها أو رعايتها. فهي انسانة صحيحة الجيم والعقل وليس هناك من سبب منطقي يمنعها من ايجاد عمل تعيش من دخله.
تذكرت رحلته المقترحة الى افريقيا. لو كان بامكانها فقط أن تتجنبه تماما لحين عودته فانها قد تتمكن من السيطرة على أعصابها وتتناسى طلب الطلاق أو الانفصال. أما الأن فشعورها هو أنها غير مستقرة عاطفيا...غير قادرة على تحمل المزيد من الاذلال أو الجدل والشجار. اتصلت بجنيفر وابلغتها بما تنوي القيام به. اصيبت جنيفر بصدمة حقيقية ولكنها لمتتمكن من مساعدتها بشئ لأنها لمتكنلديه أدنى فكرة عن التفاصيل الفعلية للوضع القائم.
" ولكن يا عزيزتي أنت تعرفين جايك وتصرفاته منذ سنين! لماذا القرار المفاجئ بالطلاق؟ كنت أعتقد دائما بأنك غير مهتمة بما يفعل "
بلعت هيلين ريقها بصعوبة وقالت لصديقتها ذلك الصباح بكلمات مختارة بعناية:
" ربما لأنني لم أعد اتحمل مثل هذه العلاقة الاصطناعية! ربما لأنني أريد...زواجا حقيقيا...عائلة "
" رباه هيلين! ماذا تقولين؟ لا يمكن أن تكوني جدية "
" لم لا؟ "
" لم لا! لأنك يا حبيبتي لست من هذا الطراز. لا يمكنني ابدا أن أتخيلك تقبلين ضرورات الأمومة الأقل جاذبية وسحرا! تخيلي نفسك وأنت حامل!...دعيني

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:55
اسألك أيتها العزيزة من يريد تمضية تسعة أشهر وهو يزيد قباحة على قباحة يوما بعد يوم واسبوع بعد اسبوع وشهرا بعد شهر! "
وتذكرت هيلين وهي نصف نائمة في سيارة الاجرة أن اصابعها شدت بقوة على سماعة الهاتف عندما سمعت تلك الكلمات الحاقده وأنها كانت على وشك أن تصرخ بها قائلة:
" أنا...نعم أريد ذلك...ما دمت أنني أحمل طفل جايك "
ولكنها لم تقل شيئا من هذا النوع وسمحت لجنيفر أن تستمر في محاولة أقناعها بالعودة الى عقلها ومنطقها. ثم اقفلت الخط وظلت مدة طويلة تحدق في سماعة الهاتف الصماء. وبعد لحظات خطرت في بالها فكرة الذهاب الى سلبي بلدة جايك التي ولد وترعرع فيها. تنهدت هيلين بشئ من التحسر والاستغراب فطوال السنوات التي أمضتها معه لم تزر هذه البلدة مرة واحدة من قبل. كيف ستستقبلها والدته يا ترى؟ أنها لم توافق أصلا على زواجه منها ولذلك كان من الطبيعي أن تسر برؤيتها هناك وهي على وشك الانفصال عنه. ولكن هل يمكن لوالدته أن تشعر بقلق هيلين من أن جايك قد يحاول ايجادها في لندن واقناعها بالعودة اليه؟ وهل من الممكن أن تفهم السيدة العجوز أنها الآن أكثر استعدادا بكثير لتلبية هذا الطلب فيما لو قدمه اليها وهي بمثل هذه الحالة من الضعف والأنزعاج؟ وهل ستساعدها على الاختفاء في بيتها لحين وصول جايك الى افريقيا وبالتالي منحها فترة شهرين تقريبا لاعداد حياة جديدة لنفسها؟
كانت السيدة لايتمر تنظر اليها بغرابة ذلك الصباح وخاصة بعد أن خرجت من البيت وهي تحمل حقيبة في يدها. ابلغتها بانها ذاهبة الى المستشفى للتبرع ببعض الكتب ولكنها شهرت أن مدبرة المنزل لم تصدقها. الا انه لم يعد بامكانها القيام بأي ترتيبات اخرى الآن باستثناء التأكد من أن أحدا لم يسمعها وهي تعطي سائق سيارة الأجرة اسم محطة السة الحديدية في كنغز كروس.
عا بها تفيرها الى الوقت الحاضر عندما انتبهت أنها اصبحت على مقربة من المكان الذي تسكن فيه والدة زوجها. أخذت تقرأ اسماء الشوارع وأخيرا برز الاسم الذي تنتظره...هاريسون تيراس. وهاهي السيارة تتوقف خلال لحظات وتنزل هيلين متأملة البيت الصغير الضيق الذي ولد فيهجايك فيما كان السائق يحمل حقيبتها ويضعها أمام الباب.

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 01:59
ضغطت هيلين جرس الباب وأخذت تنتظر السيدة العجوز بقلق وترقب متوتر. وماهي حتى لحظات وفتح الباب وأطلتمنه سيدة في السبعين من عمرها.
" نعم؟ "
قالتها بلطف وهي تفتح الباب بهدوء وروية ثم شهقت وهي تضع يدا على فمها وهي تتمتم:
" رباه! هيلين...أليس كذلك؟ ما المشكلة؟ ما الخبر؟ هل وقع حادث؟ هل جايك مريض؟ "
هزت هيلين رأسها بقو قائلة:
" لا, لا لم يحد شئ من هذا. جايك بخير...ولكنه لا يعرف انني هنا "
عقدت السيده هوارد جبينها محتارة ومستغربة ثم تراجعت خطوتين الى الوراء قائلة:
" اذن اعتقد من الأفضل أن تدخلي! "
" شكرا لك "
اغلقت ربة البيت الباب الخارجي ثم فتحت آخر في نهاية الممر وهي تقول:
" يمكننا الجلوس هنا "
كانت نلك الغرفة على ما يبدو المكان المخصص لاستقبال الزوار الذين ليسوا مقربين الى صاحبة المنزل. وهي غرفة نظيفة جدا ومرتبة جدا ولكنها باردة لا حياة فيها ومن الواضح أنها لا تستعمل الا نادرا.
دهشت هيلين وقالت لها:
" أوه أرجوك أنا متأكدة من أنك لم تكوني جالسة هنا قبل وصولي. الا يمكن أننذهب الى هناك؟ "
ترددت السيدة العجوز وسألتها بصراحة:
" وهل حديثنا سيطول؟ "
تنهدت هيلين وقالت:
" نعم أخشى ذلك "
عضت والدة جايك شفتيها بتململ وقالت بتذمر ولهجة تحمل شيئا من الضغينة:
" أوه حسنا. لنذهب الى المطبخ. أنه بالتأكيد أفضل مكان من حيث الدفء "
كان المطبخ واسعا كالغرفة الاخرى وفيه مدفأة جميلة وكرسيان هزازان. اشارت السيدة هوارد لهيلين كي تجلس على أحد الكرسيين ثم قطبت حاجبيها عندما لاحظت على ما يبدو أن زوجة ابنها تحمل حقيبة سفر في يدها وقالت:
" سأغلي الماء الآن "
ابتسمت هيلين وجلست في ذلك الكرسي المريح بعد أن خلعت معطفها وعلقته الى جانبها. وشعرت فجأة بأنها منهكة ومرهقة وبأن تلك الغرفة المليئة بالدفء والحياة هي أفضل مكان في العالم. أحست بأنها آمنة هنا...ومطمئنة أيضا. عادت السيدة هوارد ووقفت أمامها تفرك يديها بتردد وشك ثم سألتها:
" والآن يا صبيتي! ماذا في الأمر؟ "
تنهدت هيلين وقالت لها بتهذيب:
" ألن تجلسي أنت أيضا؟ "
" لا بأس...حسنا أخبريني الآن ما بك "

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 02:00
فكرت هيلين لحظة بأفضل بداية لحديثها ثم قالت:
" في بداية الأمر يجب أن أخبر أن جايك وأنا مقبلان على الطلاق "
" ماذا؟! "
قالتها السيدة الرصينة باستغراب وعصبية ثم مضت الى القول:
" ولكنه لم يقل لي أي شئ بهذا الخصوص "
" لا ولكن...تقرر هذا الأم بصورة مفاجئة...في الحقيقة ان جايك لم يوافق تماما. . . "
" ماذا تقولين يا هيلين؟ كيف يمكنك الحصول على الطلاق ان لم يكن جايك موافقا؟ "
" بالفعل يا سيدة هوارد أنا التي تريد الطلاق وهذا قرار نهائي. أنت تذكرين بلا شك أنك لم توافقي في المقام الأول على زواجه مني. كنت على حق يا سيدتي اننا لا نناسب بعضنا مطلقا "
تمتمت السيدة هوارد بكلمات غير مفهومة ثم نهضت لاعدادا الشاي وسألتها:
" ولكن لماذا حضرت الى هنا؟ "
رطبت هيلين شفتيها الجافتين وقالت بتردد:
" ليلة أمس...ليلة أمس حدث...شجار عنيف بيننا. خرجت...خرجت من البيت اليوم...لأني اريد أن أكون خارج لندن الى أن يسافر الى تسابا واعرف أنه لن يفكر أبدا في البحث عني...هنا "
" تسابا؟ "
وعادت السيده هوارد ومعها الشاي ثم سألت مرة أخرى:
" وما هي تسابا هذه؟ "
" دوله افريقية صغيرة يعرف جايك سفيرها في لندن "
قطبت العجوز جبينها لحظة ثم قالت:
" أوه نعم, نعم. أليس اسمه اندانا أو ما شابه؟ انه هو الذي وظف جايك ليزا هاردينغ مربية أطفال لديه "
شعرت هيلين بألمحاد في أمعائها وكأنها طعنت بالسكين. ثم ارغمت نفسها على الرد ولو بصوت مخنوق ومتقطع:
" هذا...صحيح. و...ثم...جايك سيسافر الى تسابا يوم الأربعا على ما أعتقد. فاذا...اذا كان بامكاني...البقاء هنا...لحينمغادرته لندن. . . "
" البقاء هنا؟ "
قالت بدهشة واستغراب بالغين واضافت متسائلة:
" ولكن لماذا هنا؟ من المؤكد أن لك أصدقاءك الذين يمكنهم استضافتك أليس كذلك؟ أنا لم اسمع في حياتي بمثل هذا الأمر! تأتين الى بيتي وتطلبين مني أن أقف الى جانبك ضد ابني! "
ازاحت هيلين فنجان الشاي وقد عيل صبرها ثم ردت بسرعة وعصبية:
" لا, لا ليس الأمر هكذا على الأطلاق. الا ترين! كنت أعتقد أنك ستفرحين "
" لماذا؟ لأن ابني على وشك الأنهيار؟ "
" زواجه مني أنا نعم "
ردت السيدة العجوز بشئ من التأثر:
" كنت أعتقد أن جايك سعيد في زواجه. كان دائما يبدو لي مرتاحا ومسرورا كلما اتى الى زيارتي "
وقفت هيلين فجأة وقالت بعصبية:
" اذن فانك لن تساعديني "
وقفت والدة جايك أيضا بهدوء وروية:
" اهدأي يا ابنت أنا لم أقل أبدا كلام كهذا...ولكن كيف تتوقعين الحضور الى هنا وتفجير مثل هذه القنبلة ولا تحصلين على رد فعل مطلقا؟ بحق السماء يا هيلين نحن لسنا من طبقتكم اللندنية الارستقراطية. هنا في سلبي الزواج يعني أكثر بكثير من مجرد اسطر قليلة على ورقة صغيره! "
احتجت هيلين بسرعة قائلة:
" انه يعني أكثر من ذلك بالنسبة لي أيضا ولهذا أريد الطلاق "
هزت ربة البيت رأسها بتعجب قائلة:
" ولكني لا أفهم. كان لدي دائما أنطباع بأنك تزوجت جايك لأنه...لنقل لأنه يضمن لك حياة لائقة طوال العمر فماذا حدث الآن؟ هل برز شاب أخر يقدم عرضا أفضل؟ "
تضايقت هيلين من هذا السؤال فخجلت السيدة المسنة وقالت:
" حسنا, حسنا اني أسحب كلامي. ولكن عليك الأعتراف بأنك لم تكوني تحبين جايك عندما تزوجته "

ماري-أنطوانيت
16-08-2007, 02:03
جلست هيلين في كرسيها وقالت:
" اعرف ذلك. واعتقد انني تزوجته للأسباب التي ذكرتها قبل لحظات. ولكني أخترته أيضا لسبب خاص جدا...وهو ترويع أقرباء والدي واغضابهم "
ثم رفعت رأسها نحو والدة جايك ومضت تقول:
" عزلوا والدي ونبذوه لأنه لم يكن مثلهم. انهم متزمتون جدا ومن المدرسة الارستقراطية القديمة. جايك كان يمثل النقي التام لكل معتقدات عمي وأفكاره البالية. وهذا هو أحد الأسباب الأساسية لقبولي الزواج منه "
" هكذا اذن! "
وجلست صاحبة البيت أيضا وتنهدت وقالت:
" ولكنك الآن تريد الحصول على حريتك مرة أخرى؟ "
بلعت هيلين ريقها بصعوبةوقالت:
" يمكنك قول ذلك "
" اذن لماذا لمتنتظري ذهابه الى تسابا؟ من المؤكد أن يومين فقط لن يحدثا فرقا كبيرا بعد فترة تزيد عن ثلاث سنوات؟ "
" لا! لا! "
كررتها هيلين بعناد واصرار ثم مضت الى القول بتأثر وانفعال:
" كنت...كنت مضطرة للذهاب. أنا آسفة ولكن...لم يكن ثمة مجال آخر "
وقفت السيده هوارد مرة آخرى وأخذت فنجان الشاي متجنبة الى حد كبير النظر الى وجه هيلين الشاحب الحزين. وعندما عادت كانت هيلين سيطرت على اعصابها وخف انفعالها. تأملتها والدة زوجها مليا ثم قالت لها فجأة:
" يمكنك البقاء...استخدمي غرفة جايك فهو لن يحتاج اليها "
هبت هيلينواقفة وقد لمعت عيناها فرحا وسرورا وقالت:
" أوه شكرا لك! شكرا جزيلا "
هزت السيدة العجوز رأسها بأسى وقالت:
" لا تشكريني. أنا لا أعلم هل أقوم بخطوة سليمة أم لا...من الواضح أنك متضايقة جدا الآن وغير قادرة على مناقشة الموضوع بهدوء وروية. تعالي سأريك الغرفة ثم سأعد القليل من الطعام "
هزت هيلين رأسها بدون أن تتفوه بكلمة واحدة. اعجبتها السيدة هوارد. ففي طريقة تصرفها وسرعةحسمها للأمور شئ من القوة واعادة الطمأنينة. وهي مثل جايك من حيث أن لا وقت لديها للتظاهر أو الادعاء.





*** نهاية الفصل الثامن***
((وترقبوا غدا أن شاء الله الفصل التاسع و الأخير::سعادة:: ))

بحر الامان
16-08-2007, 02:13
يارب تسعد ماري وتفرحها
رائعه
خخخخخخخ

sa3et 7anan
16-08-2007, 06:43
ياسلام








مارى











بجد








انت روعة







احلى فصل الفصل الاخير لا تتاخرى علينا








.

alwasn
16-08-2007, 11:24
نستنااااااااااك
يا مـــــــــاري

spicy
16-08-2007, 16:40
يعطيكم العافيه يابنات::جيد::
العرض رائع واستمتعت بالروايات ::سعادة::
لي طلب صغير :o
رواية نجمة الجراح من روايات احلام اتمنى اشوفها بالمشروع
ادري بتقولون عينها قويه اول مره تشارك معنا وتطلب

هيونه المزيونه
17-08-2007, 13:22
الحمد لله وصلت أخيرا للصفحة الأخيرة من المشروع ...... ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

بعد ما أنقطع نفسي وأنا أحاول أوصل معاكم من البداية للنهاية ... :رامبو: ....

عشان أقدر أشارك معاكم في هذا المشروع الرائع والممتع ... :مكر: ...

حبيباتي اتمنى تقبلوني معاكم ... برغم ان هذه أول مشاركة لي معاكم ..... :مرتبك: ....

وأنا مع الباقين في الأنتظار على أحر من الجمر .... بسسسسسسسسرررررررعه تكفون ....

بحر الامان
17-08-2007, 21:53
ماري وينك وينك وينك حررررررررررام الفصل الاخيييييييير تكفين



مرحبا هيونه حياك الله بينا
الحمد لله على سلامة الوصول
اخت عزيزه علينا
ننتظر مشاركتك

ماري-أنطوانيت
17-08-2007, 23:17
نستنااااااااااك
يا مـــــــــاري





مراااااااااااحب فيك

وان شاء الله راح انزل الفصل بسرعة

ماري-أنطوانيت
17-08-2007, 23:23
يعطيكم العافيه يابنات::جيد::
العرض رائع واستمتعت بالروايات ::سعادة::
لي طلب صغير :o
رواية نجمة الجراح من روايات احلام اتمنى اشوفها بالمشروع
ادري بتقولون عينها قويه اول مره تشارك معنا وتطلب




اهلين spicy

ومراحب فيك في المشروع

لا حبيبتي ما يسير تقولين كذ

احنا تحت امركم دايما....بس اطلبي وتامري

وان شاء الله راح نلبي طلبك بالنسبة للرواية


المخلصة: ماري أنطوانيت.

ماري-أنطوانيت
17-08-2007, 23:28
الحمد لله وصلت أخيرا للصفحة الأخيرة من المشروع ...... ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

بعد ما أنقطع نفسي وأنا أحاول أوصل معاكم من البداية للنهاية ... :رامبو: ....

عشان أقدر أشارك معاكم في هذا المشروع الرائع والممتع ... :مكر: ...

حبيباتي اتمنى تقبلوني معاكم ... برغم ان هذه أول مشاركة لي معاكم ..... :مرتبك: ....

وأنا مع الباقين في الأنتظار على أحر من الجمر .... بسسسسسسسسرررررررعه تكفون ....





الف مرحبا فيك في في المشروع هيونه

ان شاء الله تكون أنفاسك ردتلك وريحتي عشان

تكملين معانا المشوار...........:D :D

طبعا انت واي عضو يحب يشارك في موضع ترحيب دايم

وان شاء الله ما تكون اخر مشاركاتك معانا واشوف طلتك الحلوه

على صفحات المشروع::سعادة:: ::سعادة::

ومرحبا فيك مره ثانيه وثالثه ورابعه....الخ :D :D


المخلصة: ماري- أنطوانيت

ماري-أنطوانيت
17-08-2007, 23:32
9- العسل يذوب الليلة


انفجرت الآنسة فرايزر باكية في حين كان جايك يضع مرفقه على مكتبه الخشبي ويسنده رأسه الى يده مفكرا. وبعد تأمل الفتاة بانزعاج هادئ تنهد بضجر وتململ قائلا:
" لا بأس يا آنسة فرايزر, لا بأس. سنعيد الكرة مرة آخرى. هل وصلت الى موضوع التحاليل الكيميائية؟ "
هزت برأسها علامة الايجاب فتابع حديثه بهدوء:
" عظيم لنبدأ اذن من هذا الموضوع "
تفحص الأوراق الموجودة أمامه وعاد يملي عليها بتمهل نص مذكرة هامة يريد ارسالها ذلك اليوم. سكرتيرته ليندا هولند كانت غائبة واضطر بالتالي استدعاء سكرتيرة مساعدة. ومع أن شيلا فرايزر موظفة قديرة وذات مؤهلات جيدة الا أنها ليست بمقدرة ليندا. ولسوء حظها كان جايك يريد أنهاء عمله ومغادرة مكتبه على عجل وبالتالي لم يكن قادرا على تحمل الأخطاء المتكررة. كان يكرر الجملة القصيرة عدة مرات وأسماء المواد الكيميائية بصبر وأناة. ولكنه تضايق كثيرا في احدى الفترات وصرخ بها مؤنبا ومتبرما فانهمرت الدموع غزيرة من عينيها.
عندما انهى جملته الأخيرة أزاح أوراقه بعصبية قائلا لها:
" دعي السيد ماينوارينغ يوقع المذكرة ويرسلها قبل الظهر. ستكونين قادرة على قراءة اختزالك, أليس كذلك؟ "
وقفت شيلا فرايزر حزينة مستاءة وأجابته بصوت خافت:
" أعتقد...أعتقد ذلك يا سيد هوارد. هل هذا كل شئ يا سيدي؟ "
كان شارد الذهن ويفكر بأمور أخرى. وفجأة انتبه لنفسه وقال:
" ماذا؟ أوه, أوه! نعم, نعم هذا كل شئ. يؤسفني أنني اسأت اليك "
ابتسمت الشابة بارتياح ظاهر وقالت:
" لا بأس يا سيد هوارد. شكرا "

ماري-أنطوانيت
17-08-2007, 23:34
هز جايك رأسه واخذ يراقبها الى أن خرجت من الباب المؤدي الى غرفة سكرتيرته واغلقت الباب وراءها. ثم نهض فجأة وتوجه الى نافذة مكتبه الفسيح التي تطل على احدى الساحات العامة في المدينة. استداربعد قليل وراح يتأمل ذلك المكتب الفخم بشئ من الانقباض والأنزعاج. مساحة كبيرة وأنارة مدروسة, سجاد أزرق داكن وأثاث من خشب الماهوغاني المحفور, وأجهزة اتصال سلكية ولا سلكية من أحدث ما توصل اليه العلم. انه ذروة ما يجب أن يكون عليه مكتب كبار رجال الأعمال في العالم. وكان جايك يفخر بهذا المكتب ويعتز به. أما اليوم فما من شئ يسره أو يفرحه. أنه متضايق جدا جسديا ومعنويا...أوجاع رأسه الحادة ليست نتيجة للساعات الطويلة التي امضاها مستيقظا ليلة أمس ولكن لشعوره بأن ثمة شيئا يريده وبدا انه ليس في متناول يده. السلطة, القوة, المركز, النجاح, المال...كلها كانت اهدافا سعى اليها. وحصل عليها الا هذا الشئ!
شتم بصوت عالي والقى بنفسه مجددا على كرسيه متأثرا ومنفعلا. اغمض عينيه بقوة محاولا طرد الصور والتأملات التي كانت تضج في رأسه ومخيلته... ولكندون جدوى. جايك هوارد الذي كان يعتز دائما بانه قادر على مواجهة أي انسان ومعالجة أي مشكلة جعل من زواجه قضية متشعبة لا يمكن تحليلها أو حلها. حاول أن يفهم لماذا لم يدرك أبدا ما كان يحدث له ومعه الا عند فوات الآوان! عندما عاد من الولايات المتحدة ووجد أن هيلين كانت تسهر مع كيث مانرينغ غضب وثار. ولكنه اعتقد أن الأمر أقتصر على ذلك وأن القضية لمتكنأكثر من شعور بالغضب. لم يحلم أبدا أن مسألة كتل كان يمكن أن تشكل منطلقا لعذابه المؤلم الذي يسميه الناس غيرة. ولكن الأمر ازداد وضوحا مع مرور الأيام والأسابيع وتأكد له أن حياته كلها تهزها تلك القوة البدائية المسماة غيره. كان يرفض تلك الفكرة كليا آنذاك. ولكن لماذا؟ كانيتصور دائما أن هيلين متحفظة وباردة وغير مبالية للنواحي الأخرى للزواج. ولكنمشاعره هو بدأت تتحول تدريجيا وبطريقة تتعارض تقريبا مع رغبته وارادته. بدأ يلاحظ انه يراقبها, يريدها, يحتاج اليها. وازدادت تلك المشاعر الى درجة لم يعد يتمكن معها من التصرف بطريقة عقلية ومنطقية. غير أن هذا كله لا يبرر تصرفاته. ما من شئ يبرر مثل هذه التصرفات.
في العطلة الاسبوعية انفجر كل شئ ووجد نفسه في وضع لا يمكن التخلص منه. اعماله وتصرفاته قطعت الخيط الرفيع والضعيف الذي كان يربط أي علاقة يمكن المحافظة عليها. ولما تذكر اللوم والتوبيخ اللذين شاهدهما صباح الأمس في عينيها تجدد احتقاره لنفسه وندمه لتصرفاته. اغرق وجهه بين يديه انفعالا عندما تذكر خوفها ليلة أول أمس. أي كابوس مرعب كان ذلك الذي جعلها تصرخ أثناء نومها؟ لاشك أنه كان الوحش الذي ارعبها وأفزعها! ومما هو أسوأ من ذلك كله انه لم يكن قادرا على البقاء حتى عندما توسلت اليه خائفة ومذعورة. كان يعرف تماما انه لم يعد يثق بنفسه بعد الآن عندما تكون هي صاحبة العلاقة.

ماري-أنطوانيت
17-08-2007, 23:54
هز رأسه بعنف وهب واقفا بعصبية بالغة. لم يعد قادرا على البقاء في المكتب. يريد الذهاب الى البيت الى هيلين ليحاول أن يشرح لها ما دفعه لدق اسفين في العلاقة بينهما.هل بامكانه يا ترى أن يفهمها أن تورطها مع مانرينغ يؤذيه ويقض مضجعه؟ وانه بالرغم مما حصل في السنوات الثلاثة الماضية فقد وقع في حبها وأصبحت حياته بدونها تافهة ولا تعني له شيئا على الاطلاق!.
وتذكر بعض النساء اللواتي تعرف عليهن في حياته وعض على شفته سخطا وغضبا. منذ عودته الأخيرة الى لندن لم يعاشر امرأة اخرى حتى أنه لم ينظر الى امرأو اخرى بهذا الهدف. وهاهو جايك هوارد المغامر الجذاب يجد قلبه عالقا فجأة في الشباك ذاتها التي عاهد نفسه على عدم الأقتراب منها أو التورط بها.
نزل في المصعد وكان يرد على تحيات موظيفه المهذبة بطريقة شبه آالية. قاد سيارته بنفسه الى بيته بحي كريسلاند وابتسم بفتور عندما شاهد أزهارا جديدة في الاناء الزجاجي الجذاب الموجود في مدخل القاعة الرئيسية للبيت. وحضرت السيدة لايتمر بمجرد دخوله وابتسمت له بتهذيب وهي تحييه قائلة:
" أهلا يا سيدي. أتيت باكرا اليوم! "
" أهلا بك يا سيدة لايتمر "
وتطلع بسرعة الى ساعة يده الذهبية فلاحظ أن الوقت لم يتجاوز الثانية عشرة بكثير. ثم سأل مدبرة المنزل بتبرم:
" أين زوجتي؟ "
" السيدة هوارد ليست في المنزل يا سيدتي. خرجت حوالي العاشرة "
وتنهد بعصبية فم عاد يسألها :
" هل أخبرتك أين ذهبت؟ أو في أي وقت تعود؟ "
" كانت تحمل حقيبة سفر يا سيدي. قالت أنها آخذة بعض الكتب القديمة الى المستشفى. . . "
قاطعها جايك بعصبية وقد شعت عيناه ببريق حاد:
" أي كتب؟ وأي مستشفى؟ "
" لا أعلم يا سيدي. شاهدتها وهي خارجة فقالت لي ما قلته لك الآن "
" رباه! رباه! "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:00
رفع يديه وأخذ يفرك جبينه وصدغيه بقوة وعصبية. وأخذت مشاعر الترقب والقلق تزحف بسرعة وكثافة الى رأسه وأفكاره وشعر باحساس غريب...وبأنه مريض.
" هل أحضر لك الغداء يا سيدي أم. . . ؟ "
" الغداء! الغداء! لا أريد شيئا على الاطلاق "
ولما لاحظ قلقها وتألمها رق قلبه وقال لها:
" حسنا, حسنا. سأكتفي بثلاث قطع صغيرة من الجبنه والقليل من الخبز المحمص "
" كما تريد يا سيدي "
اخذت معطفه الذي كان قد القاه لدى وصوله بدون أكتراث على مقعد بجانبه وعلقته في المكان المخصص له ثم ذهبت الى المطبخ لاعداد الوجبة الخفيفة. أما جايك فظل واقفا بعض الوقت دون حراك ثم رفع سماعة الهاتف فجأة وبدأ يطلب رقم جنيفر. ردت خادمتها فطلب منها أبلاغ سيدتها بأنه على الهاتف.
" جايك يا عزيزي ما أروع هذا الاتصال! هل تريد دعوتي على الغداء؟ أنا جاهزة "
انتظر جايك الى أن انتهت من ضحكتها ثم قال لها بلهجة جادة:
" هل تعرفين أين هيلين؟ "
" هيلين؟ هيلين؟ أليست معك؟ "
أجابها بشئ من الحدة:
" هل كنت اتصل بك لو كانت معي؟ "
" لا طبعا لا. آسفة يا عزيزي. وبالنسبة الى هيلين أيضا فأنا لا أعرف أين هي. هل اضعتها؟ "
تمالك نفسه وحد من غضبه عندما اجابها:
" يبدو ذلك "
" يا للغرابة! "
قالتها بلهجةوكأنها تريد الايحاء بشئ ما. فسألها بسرعة:
" وماذا يعني ذلك؟ "
" ماذا تعني يا عزيزي؟ "
" اعني ذلك الأسلوب الايحائي بقولك يا للغرابة. ماذا تقصدين من وراء تلك اللهجة؟ "
" أوه, لا شئ "
ثم اضافت قائلة وكأنها تتعمد اثارة فضوله وحب الاستطلاع لديه:
" هناك...هناك بعض الأمور "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:07
شعر جايك بغضب عارم وبأنه كان سيخنقها بيديه المتشنجتين لو كانت قربه. وسألها بعصبية:
" وما هي هذه الأمور؟ "
" مجرد أمور حدثتني بها هيلين هذا الصباح "
" هل أتصلت بك هيلين هذا الصباح؟ "
" نعم يا عزيزي الم تخبرك؟ "
رد عليها جايك منفعلا وقد عيل صبره:
" لم اكنهنا هذا الصباح. في أي حال ماذا قالت لك؟ "
" لست أدري ما اذا كان علي ابلغك بالامر يا عزيزي. اعني...أنها ربما لا تريديني أن اكشف لك هذا السر "
" جنيفر انني أحذرك. . . "
ضحكت بغنج ودلال وقاطعته بنعومة مزعجة:
" أوه يا جايك كم أحب تلك اللهجة الآمرة في صوتك "
ثم تنهدت واستعادت جديتها عندما قالت له وكأنها تفجر قنبلة في وجهه:
" في الحقيقة. قالت أنها...تفكر بالانفصال عنك "
لم يصدق ما سمعته أذناه فقال في ذهول:
" تفكر بماذا؟ "
" بالانفصال عنك أيها الحبيب. أنا أيضا أصبت بالدهشة "
شعر جايك بأن حدة غضبه تتصاعد وتتزايد واراد أن يعرف السبب فسألها:
" وهل قالت لك لماذا تريد الانفصال؟ "
ردت جنفير بلهجة من لا يعرف الحقيقةتماما:
" لا ليس تماما يا عزيزي. اعتقد انها كانت تشعر بالانهيار.يبدو لي أن تمضية العطلة الاسبوعية في وايلز لم تفدها كثيرا. ماذا حدث هناك؟ هل كانت عطلة مملة جدا؟ "
شد على سماعة الهاتف وكأنه يريد تحطيمها بين اصابعه وقال:
" ربما "
ثم أشعل سيارة وسألها بلهجةجافة نوعا ما:
" اذن ليس لديك أي فكرة عن مكان وجودها, أليس كذلك؟ "
" لا أبدا...أبدا...الا اذا...الا اذا... "
" الا اذا...ماذا؟ "
" الا اذا كانت في...منزل كيث! "
" مانرينغ؟ مانرينغ؟ "
كرر ذلك لاسم الكريه بسخط واشمئزاز وشعر بأن الألم يزداد في رأسه وسمعها تقول بخبث:
" انه مجرد أحتمال يا عزيزي. انها...مولعة به أليس كذلك؟ "
رد عليها ببرودة أعصاب فائقة:
" هل هي حقا؟ لا علم لي بذلك "
فوجئت بجوابه الهادئ والبارد فقالت لهمشككة معلومتها:
" جايك لا تعتمد على كلامي. اعني انها...ربما ذهبت الى مزين الشعر. أليس ذلك ممكنا؟ "
شاهد جايك السيدة لايتمر تعود بوجبته الخفيفة فتنهد وقال لجنيفر:
" نعم, نعم. أعتقد أنها هناك "
" ستخبرني عندما تعود أليس كذلك؟ "
لم يجب على الفور فتمتمت:
" جايك...جايك! هل سمعت؟ "
" نعم, نعم. حسنا سأخبرك يا جنيفر. وداعا "
وأقفل الخط قبل أن تغريه نفسه بمواصلة الحديث أو قول شئ لا يريده. وضعت مدبرة المنزل الصينية على طاولة صغيرة أمام المدفأة وهمت بالخروج من القاعة ولكن جايك انتبه لمشاعر القلق المنطبعة على وجهها فسألها:
" هل أنت متأكدة تماما أن السيدةهوارد لم تقل أين ذهبت؟ "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:10
" نعم يا سيدي. ولكن لا داعي للقلق فهي كثيرا ما تتناول طعام الغداء في الخارج "
قطب جايك جبينه وسألها بايجاز:
" ومع من؟ "
" مع السيدة سانت جونز معظم الوقت ومع...مع السيد مانرينغ بين الحين والاخر "
" أوه نعم! مانرينغ "
وتحولت لهجته الى السخرية الناجمة عم الألم والغضب ثم سألها:
" اخبريني يا سيدة لايتمر ما هو باعتقادك مدى العلاقة القائمة بين السيدة هوارد والسيد مانرينغ؟ "
صعقت السيدة لايتمر وبدت عليها الدهشة والاستغراب فتمتمت:
" أوه, أوه سيدي. . . "
رفع جايك حاجبيه الاسودين وسألها متبرما:
" حسنا؟ "
" أنا لست في مركز يخولني بالتحدث بامور كهذه يا سيدي "
" هذا صحيح ولكن يجب أن تكون لك آراؤك الخاصة بك...اذن؟ "
كان جايك مصمما بعناد وقسوة على معرفة الجواب بغض النظر عن حدود المثل والقيم الاخلاقية التي يتخطاها. اجابته السيدة لايتمر بجدية:
" انها لا تكاد تعرفه يا سيدي "
" عندما كنت في الولايات المتحدة هل امضت زوجتي أي ليلة خارج المنزل؟ "في ويلتشاير فقط يا سيدي مع السيد والسيدة سانت جون وتركت لي آنذاك رقم الهاتف في حال اتصالك من الخارج "
" حسنا "
والقى جايك بنفسه على مقعد قريب وهو يهز برأسه من شدة الألم ثم سألها:
" اذن فأنت تعتقدين انها لا يمكن أن تكون هناك "
" أين يا سيدي؟ "
" مع مانرينغ "
بدا الذهول والرعب على وجهها وقالت:
" مع السيد مانرينغ يا سيدي؟ بحق السماء يا سيدي لماذا تعتقد انها قد تكون هناك؟ "
" لا أعرف, لا أعرف. رباه انني متعب جدا "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:18
" لماذا اذن لا ترتاح الآن يا سيدي؟ بامكاني ابلاغ السيده هوارد لدى عودتها. . . "
قاطعها رنين جرس الهاتف وقبل أن تبدأ بالتحرك كان جايك قد هب واقفا وركض باتجاه المدخل.
" نعم؟ هوارد يتكلم "
" جايك! اهذا أنت؟ لوسيان معك "
" أوه, أوه لوسيان! نعم, نعم! هل من شئ يمكنني القيام به؟ "
قلق لوسيان من لهجته وتردده فسأله بجدية:
" هل لديك مشكلة يا رجل؟ "
" لا....لا, لا شئ "
" حسنا ان كان هذا ما تقوله. اتصلت بك الآن لابلغك أن سكرتيرتي اعدت تذاكر السفر والحجز وما شابه. سنغادر لندن ان شاء الله في السابعة من صباح الأربعاء و. . . "
تنهد جايك مقاطعا:
" اسمع يا لوسيان...لا أدري ان كان بامكاني التقيد بهذا الموعد "
" ماذا؟ ماذا؟ انك لن تتخلى عن مساندتي في هذا المشروع يا جايك؟ "
" لا, قطعا لا! ولكن اسمع...ما رأيك لو انتدبت مارتندايل لمرافقتك في هذه الرحلة؟ "
" ولكني كنت أعتقد أنك متحمس لمشاهدة المكان المخصص للمعمل بنفسك؟"
" كنت متحمسا...وما زلت. ولكن أمرا ما طرأ فجأة "
" أمر أهم من مشروعنا؟ "
" نعم يا لوسيان انه في غاية الأهمية. هيلين...اختفت "
" ماذا؟ "
" قلت أن هيلين. . . "
" سمعتك...سمعتك. ولكن لماذا؟ ما الأمر؟ "
تطلع جايكحوله ليرى ما اذا كانت السيدة لايتمر تصغي الى حديثه ولكنها كانت قدتوجهت الى المطبخ عندما رد بنفسه على الهاتف .
" لا يمكنني أن اشرح لك الموضوع الآن. أسمع...سأتصل بمارتندايل وأطلعه على القضية "
أجابه لوسيان بدهشة:
" لا يا جايك لا يمكنك اطلاعه على كافة التفاصيل خلال يومين فقط! لا يا جايك لا تتعب نفسك بدون جدوى. سألغي الرحلة في الوقت الحاضر اذ يمكنتأجيلها لمدة أسبوعين أو أكثر بك تأكيد. ولكن بالنسبة الى هيلين...هل من شئ يمكنني المساعدة به؟ "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:23
" لا شئ على الاطلاق. ولكن شكرا يا لوسيان. انني أقدر لك اهتمامك وشعورك "
" لا شكر على واجب يا جايك "
ختم جايك الحديث بجملة تقليدية مهذبة ثم أقفل الخط وصعد مباشرة الى غرفته. حل ربطة عنقه قائلا لنفسه أن حماما سريعا ربما انعشه وساعده على التفكير بروية ومنطق.وفجأة وقع نظره على رساله موضوعةعلى وسادته. اخذ الورقة وفتحها بهدوء وحذر. كانت رسالة وجيزة للغاية:
(( لم أعد اتحمل بعد الذي حدث. لا تحاول ايجادي. سأتصل بك عندما أجد مكانا اقيم فيه.هيلين. ))
قرأ جايك هذه الكلمات القليلة مرتين ثم مزق الورقة بعصبية فائقة وهو يحدق بأسى خارج النافذة. اخذت كلماتها تضج في رأسه كقرع الطبول. لا يمكن أن تتحمل البقاء معه بعد ما حدث بينهما! كان يجب أن امرأة عصبية المزاج مثل هيلين لن تقبل أي أعتذار يقدمه. فهو بالنسبة اليها رجل متسلط يأخذ ما يريد بغض النظر تماما عن المضاعفات المحتملة. وبالتالي فهي لن تثق به بعد الآن.
رمي ربطة عنقه على الأرض بدون اكتراث أو اهتمام ثم خلع بقية ثيابه ودخل الى الحمام ليقف فترةطويلة تحت زخات المياه الساكنة التي كانت تصب بقوة فوق رأسه وجسمه على السواء. وبعد ساعة كاملة خرج جايك من الحمام وهو يشعر بكثير من الراحة الجسدية والنفسية. ومع ذلك فقد ظل رأسه يعاني أوجاعا حادة وكانت افكاره قلقة على هيلين ومكان وجودها.
ارتدى ثيابه ونزل الى القاعة الرئيسية وقد صمم على مواجهة كيث مانرينغ. فبغض النظر عما اذا كانت هيلين متورطة معه أم لا فانه شعر برغبة قوية لمعرفة ما قالته هيلين لكيث عن زواجها منه.
كان كيث في مكتبه عندما دخل جايك. فابدى انزعاجه قائلا بشئ من التململ:
" ليس لدي متسع من الوقت. والدي يتوقع حضوري خلال. . . "
قاطعه جايك بتهذيب قائلا:
" ما اريد قوله لا يستغرق وقتا طويلا. هل شاهدت هيلين منذ عودتنا من وايلز؟ "
" وايلز؟ لم أعرف حتى انكما ذهبتما الى وايلز "
" حسنا, حسنا. سأقبل ذلك "
ثم اشعل سيكارةوسأله بصراحة وبرودة أعصاب:
" اخبرني اذن ماهو بالضبط مدى اهتمامك بزوجتي؟ "
احمر وجه كيث ضيقا واجابه بشئ من الحدة:
" كنت أتصور انك تعرف. اننا صديقان وهذا كل ما في الأمر. صديقان حميمان "
" وليست لديك أي خطط آخرى لما هو أبعد من مجرد الصداقة؟ "
رد عليه كيث بتشنج:
" انها متزوجة منك يا يسد هوارد! "
نفخ جايك دخان سيكارته عاليا وهو يتصنع قلة الأكتراث وضبط الأعصاب. ثم مد ذراعه فجأة وأمسك بقميص كيث وجره نحوه بعنف وقسوه. احتج مانرينغ وهو يحاول الافلات من قبضة مهاجمه:
" لا يمكن أن تأتي. . . "
" يمكنني أن افعل ما أريده واذا علمت أنك وضعت يدك على زوجتي فأنني سأمزقك اربا. هل أوضحت لكموقفي بما فيه الكفاية؟ "
أفلته فجأة كما كان قد أمسك به فجأة. وترنح كيث قليلا قبل أن يستعيد توازنه ويقول لجايك بانفعال:
" يمكنني الادعاء عليك بتهمة الاعتداء علي داخل مكتبي "
" حاول "
قالها جايك مبتسما ثم ادار وجهه وغادر المكتب بشموخ واباء. وقرر متابعة طريقه الى مكتبه لالهاء نفسه بالعمل. ومع انه جلس هناك يعالج بهدوء وروية يحسد عليها عدة أمور بالغة الأهمية الا أن أفكاره ظلت حائرة لمعرفة مكان وجود هيلين. وفي بعض الأحيان كان يشعر بأنه على وشك أن يكرهها لمغادرة المنزل بتلك الطريقة السخيفة وبدون أن تزعج نفسها بترك عنوان أو أي معلومات أخرى. وأخذ ستعرض في رأسه بسرعة أسماء الأصدقاء الذين قد تلجأ اليهم هيلين لبعض الوقت ولكن باستثناء جنيفر ليس هناك أي شخص آخر في تلك المجموعة الارستقراطية التي ينتميان اليها يمكن أن

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:25
تلجأ اليه هيلين في مثل هذه الظروف. فهيلين ليست من الطراز الذي يفرض نفسه بسهولة على الآخرين.
اسوأ وقت في ذلك اليوم بالنسبة اليه كان بعد الغداء. اذ تركته السيدة لايتمر لتقوم بما عليها من أعمال منزلية وجلس هو وحيدا يفكر ويتألم. يقوم بتضرم وضجر ثم يجلس ثانية وبعدها يرفع شيئا من هنا ويضعه هناك...ثم ينقله الى مكان ثالث. لم يلاحظ أبدا من قبل مدى الفراغ الذي يمن أن يكون عليه منزل كهذا. وتساءل بكثير من الواقعية والنقد الذاتي عما اذا كانت هيلين تواجه مثل هذه الحالات عندما يكون هو مسافرا. لا! لا! ان الوضع مختلف تماما. فهي تريد البقاء عنه نفسيا وجسديا وأكبر دليل على ذل انه بمجرد حدوث تلك التطورات بينهما أثناء نهاية الأسبوع تخلت عنه وهجرته بدون اهتمام أو اكتراث لمشاعره واحاسيسه.


* * * *
دخلت هيلين البيت في حي كريسلاند بشئ من الأنقباض ةالأنزعاج. ولكنها أقنعت نفسها بأنه يتحتم عليها الحضور آجلا أم عاجلا. وبما أن اسبوعا بكامله مر على موعد سفر جايك الى تسابا فقد شعرت بالطمأنينة والأمان الى حد كبير. السيدة هوارد لم تكن راضية على قدومها الى كريسلاند. فبعد النفور الأولي المتبادل بينهما بدأت السيدتان هوارد تشعران بازدياد الاحترام والمحبة الخالصة بينهما. وبدأت هيلين تشعر أن والدة جايك حزينة جدا لأنها لا تريد الطلاق لأبنها.
في الأيام الأولى من وصولها لسلبي كانت السيدتان تتحدثان بكثرة عن جايك اثناء صغره وسنوات مراهقته. واعطت تلك الأحاديث هيلين فكرة واضحة وجديدة عن شخصية زوجها. والدته فخورة جدا به ولكنها لم تتغير أو تتبدل. وعرفت منها هيلين كيف تعذبت هي وزوجها لارسال ابنهما جايك الى الجامعة. وتبين لها لماذا لم يعجب جايك يوما بأبناء الطبقة الغنية الذين يحصلون على كل شئ يريدونه بدون تعب أو عذاب. ولكن على الرغم من ذلك فقد كان محظوظا. كان يحضر الى المكان المناسب في الوقت المناسب وساعده دماغه الفذ الى حد كبير. نجح عندما اخفق الآخرون لأنه يتبع خطا واحدا في تحقيق أهدافه ومراميه...لم يسمح لأي انسان أو أي شئ بالوقوف في وجهه أو أعتراض طريقه. لم تتحدث السيدة العجوز الا قليلا عن النساء

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:29
في حياة جايك. اخبرت هيلين عن فيرونكا كوارتون والطريقة التي رمت فيها نفسها عليه. كان الزوجان لا يزالان في سلبي. السيد كوارتون متقاعد وزوجته فيرونكا تتابع مغامراتها مع الشبان العازبين.
كل هذه الأمور صاغت شخصية جايك وآراءه بالنسبة للنساء. كما علمته أن يأخذ ما يعرض له والا يعرض شيئا في المقابل. وفجأة تحولت اسئلة العجوز في اليومين الاخيرين من عادية الى شخصية. بدأت تحاول معرفة السبب الحقيقي لقرار هيلين المفاجئ للانفصال عن جايك. ولكن هيلين لم تتمكن من الادلاء بأي تفاصيل حتى لوالدة زوجها. ولذا اعدت الترتيبات بهدوء ولكن بعناد واصرار على مغادرة سلبي. ولم تحاول السيدة هوارد منعها من ذلك.

اغلقت هيلين باب منزلها بأقل صرير ممكن. آخر شئ تريده الآن هو التقاء السيدة لايتمر قبل أنتتمكن من جمع أغراضها وحاجياتها. انها لنتتحمل موجة الاسئلة التي ستوجهها مدبرة المنزل. همها الآن هو ايجاد غرفة لها في أحد الفنادق بدون ابلاغ أحد من الاصدقاء أو الاقرباء ثم البحث بعد ذلك عن شقة لائقة تكون مقرا دائما لسكنها.
صعدت الدرج بهدوء بالغ وساعدها في لك طبعا وجود السجادات التي تملأ أرجاء البيت بأكمله. وعندما وصلت الى الطابق العلوي وقفت بتردد أمام غرفة جايك. كانت لديها رغبة جامحة في رؤية غرفته مرة واحدة أخيرة قبل مغادرتها ذلك المنزل الى الأبد. ولكنها لما فتحت الباب أصيبت بدهشة عارمة.
كانت الغرفة في فوضى مزعجة. الثياب مرمية هنا وهناك, الستائر مقفلة حتى في هذا الوقت المتأخر من الصباح, ورائحة السكائر تعبق بقوة وحدة. هزت رأسها أسفا وخطت خطوتين الى الداخل. وفي تلك اللحظة سمعت صوتا قاسيا يصرخ:
" اخرجي...قلت لك يا سيدة لايتمر الا تزعجيني...اللعنة عليك أخرجي "
صعقت هيلين وتسمرت في مكانها وهي تضع يدها بسرعة الى فمها كيلا تنطلق من حنجرتها صرخة خوف ورعب. اقتربت خطوتين لتشاهد جايك مستلقيا بانزعاج وقد بدا انه لم يحلق ذقنه أو يستحم منذ عدة أيام.
رفع نفسه قليلا على مرفقه وهو يصرخ مرة أخرى:
" اخرجي من هنا! قلت لك أخرجي.... "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:33
وفتح عينيه بتكاسل وضيق بالغين ثم توقف فجأة عندما شاهد هيلين. لم يصدق عينيه ففركهما بيدين مرهفتين وهو يتمتم:
" رباه! اني ارى أشياء...انه كابوس! "
ترددت هيلين بضع لحظات ثم اقتربت من السرير وهي تنظر اليه بقلق وذهول. وقالت بهدوء:
" انك لا ترى أشياء ولست تحلم "
ثم استجمعت قواها وقالت له باهتماما وتأثر:
" ما بك يا جايك؟ كم مضى عليك وأنت على هذه الحالة؟ "
فتح جايك عينيه مرة أخرى وتنهد بقوة. ثم انقلب على صدره واخفى رأسه في وسادته وتمتم بلهجة قاسية وعنيفة:
" اذهبي يا هيلين...اذهبي. لا أريد رؤية أحد. اخرجي من غرفتي...انك لا تسكنين في هذا البيت أم هل نسيت ذلك؟ "
ترددت هيلين لحظة ثم تحركت بقوة وعزم وكأنها عقدت النية على أمر ما. خلعت معطفها ورمته على أحد المقاعد القريبة ثم توجهة الى النافذة وفتحت الستائر لتغزو شمس الخريف الحالمة ارجاء الغرفة بأكملها. وفتحت الجزء السفلي من النافذة فدخل الهواء البارد ليطرد رائحة الدخان المقرفة وينعش تلك الغرفة وجوها الخانق. ثم عادت نحو جايك فسمعته يكرر بغضب:
" قلت لك أخرجي من هنا...أنا لست بحاجة الى شفقتك "
ردت عليه هيلين بانفعال:
" انك لن تحصل على شفقة مني! بربك يا جايك ماذا فعلت بنفسك؟ "
عاد جايك للاستلقاء على ظهره وغطى عينيه وهو يأمرها قائلا:
" اغلقي هذه الستائر واخرجي من هنا! "
" لا لن افعل ذلك "
تجاهلت هيلين اعتراضاته وواصلت جمع حاجاته المبعثرة في عدة انحاء من الغرفة. ثم استدارت فجأة نحو السرير وقالت بلهجة الآمر الناهي:
" انهض من السرير لكي ارتبه قليلا "
جاهد قليلا ليتمكن من الجلوس في سريره ثم قال لها بلهجة غلب عليها التعب والارهاق:
" لن تفعلي شيئا من هذا القبيل...كل ما أريد معرفته منك الآن يا هيلين هو
سبب مجيئك الى هنا "
هزت هيلين بكتفيها واجابته بصدق وأمانة:
" أتيت...أتيت لآخذ امتعتي وأغراضي. كنت أظن انك الآن في تسابا "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:39
حدق بها بتأثر وغضب وسألها منفعلا:
" وأين كنت طوال هذه الفترة؟ "
" الحقيقة انني...كنت في يوركشاير...في سلبي على وجه التحديد. الآن انهض من السرير "
تأملها طويلا وكأنه لم يصدق ما سمعته اذناه وسألها:
" هل تحاولين القول انك كنت مع والدتي طوال هذه المدة؟ "
" نعم. ولكني لا أوي الخوض في تفاصيل الآن "
ثم استدارت نحو الباب وحملت معطفها وقالت له وهي تهم بالخروج:
" سأكون في غرفة الجلوس اذا كنت تريد مني شيئا "
" هيلين...انك لن...لن تختفي...مرة أخرى؟ "
وقفت هيلين أمام الباب وقد أثرت فيها لهجته الحزينة المعذبة. واحمر وجهها رغما عنها عندما شاهدت نظراته اليائسة ومنظره التعيس واجابته بهدوء وبلهجة شبه مازحة:
" لا ليس قبل أن ترتدي ثيابك في أي حال "
وخرجت من الغرفة وهي تضع يديها على وجهها الذي ازدادت حرارته وتوتر عضلاته. وفي غرفة الاستقبال اخذت تسير على غير هدى حول الغرفة. ثم توقفت فجأة وشعرت بأنها فقدت أنفاسها عندما فوجئت بصوت السيدة لايتمر:
" أوه, السيدة هوارد! كم أنا مسرورة لمشاهدتك! "
ابتسمت هيلين وردت عليها بخبث متعمد:
" هل أنت حقا مسرورة يا سيدة لايتمر؟ "
" أوه, نعم يا سيدتي, نعم "
ثم أضافت بلهفة وهي تكاد لا تصدق عينيها:
" السيد جايك كاد يفقد عقله قلقا عليك. نحن...طوم وأنا...لم نتمكن من الاقتراب منه. انه في غرفته منذ عدة أيام...لا يأكـل شيئا ولا يتحـدث مع أحـد. . . "
واغرورقت عيناها بالدموع وهي تصف وضع مخدومها الأليم:
" أوه يا سيدة هوارد! لا يمكنك أن تتخيلي الوضع التعيس الذي يمر فيه. كنت على وشك الاتصال بوالدته ولكنه أقسم بانه سيطردنا أنا وطوم ان نحن حاولنا التدخل "
اقتربت منها هيلين بحنان وتأثر:
" كان وضعا مزعجا بالنسبة اليكما "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:48
بكت مدبرة المنزل بحرارة وهي تقول:
" متأسفة يا سيدة هوارد ولكنك تعرفين مدى تعلقي بالسيد جايك. ان اشاهده هكذا لعدة أيام...وحيدا, تعيسا, حزينا, يقتل نفسه بذلك. . . "
قاطعتها هيلين وقد بلغ بها التأثر حدا كبيرا بسبب العواطف المخلصة:
" لا بأس يا سيدة لايتمر. اذهبي الآن وانسي قلقك. اعدي لنا القليل من الشاي "
" لنا يا سيدتي؟ لك و...و... "
" ولي أنا "
وتطلعت السيدتان بدهشة الى الباب لتشاهدا جايك يقف في باب الغرفة وقد استحم وحلق ذقنه. الا انه لم يرتدي ثيابه بل اكتفى بارتداء المعطف الابيض الخاص بالحمام. ارتجف صوت السيدة لايتمر وهي تقول:
" أوه, أوه سيدي! "
" اذهبي واعدي لنا الشاي "
قالها جايك بهدوء فهرعت السيدة لايتمر الى المطبخ مطيعة و...مبتسمة. أما هيلين فقد شعرت بقليل من الضيق والانزعاج. لقد تخيلت انها لن تجد صعوبة على الاطلاقعندما ستشرح له ما يدور في ذهنها منذ عدة أيام. أما الآن وعندما نزل من غرفته فقد شعرت بأنها غير قادرة على الكلام. دخل جايك الغرفة وهو غارق في أفكاره وتأملاته ثم اشعل سيكاره وتطلع ناحية هيلين ليسألها فجأة بلهجة هادئة وقوية:
" لماذا لم تخبريني الى أين قررتي الذهاب؟ "
ازاحت وجهها عنه بتردد واجابته:
" لم...لم اكن أريد أن تجدني. كنت اظن انني لو تمكنت من الابتعاد حتى موعد سفرك الى تسابا. . . "
قست ملامح وجهه وتشنج صوته قليلا وهو يقاطعها :
" ولكن لماذا؟ هل كنت خائفة مني الى هذا الحد؟ "
احنت هيلين رأسها وحاولت تغير الموضوع بسؤالها اياه فجأة ولكن بلطف وهدوء:
" كم...كم مضى عليك وأنت في مثل هذه الحالة؟ "
رمي جايك بنفسه على احد المقاعد متكاسلا وغير مكترث واجابها باختصار:
" هل يهمك ذلك؟ "
" ماذا تعني؟ "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:50
تنهد جايك طويلا وهو يلاحق بنظراته دخان سيكارته:
" اسمعي يا هيلين...كنت أفكر في هذا الموضوع طوال فترة استحمامي. في البداية اصبت...بصدمة أو ربما بالدهشة لرؤيتك. أما الآن فالمرحلة الاولية انتهت وبدأت افكر جديا بسبب حضورك الى هنا. اعني...حسنا اتيت لاعداد أغراضك ولكن لا تدعي وضعي الحالي يقلقك. انني في أحسن حال كما ترين و. . ."
انفجرت هيلين غاضبة وهي تقاطعه قائلة:
" انك لست ابدا على ما يرام وانت تعرف ذلك. السيدة لايتمر. . . "
قاطعها وهو غاضب:
" السيدة لايتمر! السيدة لايتمر! انها سيدة عجوز ولا تفهم "
تحولها غضبها الى ألم وثورتها الى اسى وقالت:
" اعتقد انها تفهم جيدا وتعرف ما حدث "
اشعل جايك سيكارة ثانية وقال ببرودة أعصاب مصطنعة:
" هذا رأيك أنت ولن اجادلك في هذه المسألة "
صرخت هيلين بصوت يمزج بين الالم واللهفة والتأثر:
" جايك! ارجوك! لا تتحدث بهذه الطريقة "
" لماذا؟ وكيف تنتظرين مني ان اتصرف يا هيلين؟ تتسللين الى هنا كاللصوص في الليل "
" لم يكن الأمر هكذا "
" اذن لماذا ذهبتي الى والدتي؟ اجيبي "
ثم هز رأسه بعنف وتابع بانفعال:
" لا, لا تزعجي نفسك بالرد. انا أعرف. ذهبت اليها لأنك تعرفين ان بيتها هو أخر مكان ابحث فيه عنك. اللعنة عليك يا هيلين! هذه هي الحقيقة أليس كذلك "
تنهدت هيلين وهزت رأسها قائلة:
" ثم ماذا؟ والدتك كانت طيبة جدا معي "
ضحك جايك بعصبية وتهكم:
" طبعا, طبعا! أنا متأكدة من ذلك. وماذا قلت لها؟ ماذا كانت حجتك لها للهرب مني؟ "
" لم اعطها أي حجج أو أعذار. قلت لها أني أريد الطلاق "
قفز جايك من كرسيه صارخا:
" ماهذه التفاهات؟ وماذا عني أنا؟ الا تستشيرينني أبدا؟ كنت تنوين اعداد كافة الترتيبات اثناء غيابي في تسابا؟ "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 00:50
لم تتمكن هيلين من التفوه بشئ بل ظلت واقفة تحاول كبح جماح الغضب الذي يعتريها والانقباض الذي يملأ قلبها ورأسها ومشاعرها. وعندما استدار جايك فجأة متوجها الى الخزانة القريبة قفزت هيلين من مكانها ووقفت أمامه صارخة بتوسل وهي تمسك بذراعه:
" لا يا جايك! ارجوك! اسمع! "
تأمل يدها النحيلة الممسكة بقوة في ذراعه وقال لها:
" استمعت اليك بما فيه الكفاية يا هيلين. اولا تقولين لجنيفر انك ستنفصلين عني ثم تذهبين الى أمي! كم تظنين انني على استعداد لتحمل مثل هذه التصرفات؟ "
" ولكن يا جايك...كنت أظن انها الطريقة الأفضل "
" لماذا؟ لماذا؟ هل كان تصرفي السبب؟ "
"صرخت هيلين بصوت حزين ومتألم:
" لا, لا! بل تصرفي أنا يا جايك "
نظر اليها جايك ماليا بعينين معذبتين وقال لها بدهشة فائقة:
" تصرفك أنت؟ "
هزت هيلين رأسها بتأثر وردت عليه بالايجاب. احمر وجهه وسألها بانفعال:
" عما تتحدثين يا امرأة وماذا تعنين؟ هل أنت متورطة مع مانرينغ؟ "
" أنت تعرف حق المعرفة انني لست متورطة معه أو مع أي رجل آخر "
افلت ذراعه من قبضتها ورفع يده الى جبينه شارد الذهن منقبضا ومتضايقا ثم سألها بلهفة:
" اذن عم تتحدثين بحق السماء يا هيلين؟ "
بللت شفتيها الجافتين بتردد واجابته بهمس وتأثر:
" تلك...تلك الليلة...عندما...عندما أتيت الى غرفتي "
اغمض جايك عينيه وسألها:
" تعنين هنا...في هذا المنزل؟ "
كانت هيلين ترتجف آنذاك فاجابته بدون أن تنظر اليه:
" أوه جايك! أنت بالتأكيد تعرف ما جرى! "
قطب جايك جبينه وقال:
" نعم أعرف. تجاهلت رغبتك...ورفضتك! "
اندفع الدم الى وجهها عندما تذكرت مشاعر الذل والتحقير الذاتي التي عصفت بها آنذاك وتمتمت قائلة:
" صحيح هذا ما حدث! "
هز برأسه متململا ومتبرما وقال بانفعال:
" ولكن يا هيلين, أنا رجل...انا انسان ولست قديسا! لقد طلبت المستحيل! "
نظرت اليه والألم يعصر قلبها والدموع تكاد تنهمر من عينيها وسألته بحزن وأسى:
" وهل فعلا طلبت منك المستحيل؟ اذن انتهى كل شئ بيننا أليس كذلك؟ "

ماري-أنطوانيت
18-08-2007, 01:07
تنهد جايك بانفعال بالغ وسألها ياصرار:
" هل يجب أن ينتهي كل شئ هكذا؟ هيلين أنا اعرف انك تحتقرين تصرفاتي. ولكن أعلمي انه ان كان لك من عزاء فهو قولي انني...احبك. وانني لم اقل ذلك لأي امرأة من قبل "
حدقت به هيلين غير مصدقة وتمتمت بأنفاس متقطعة:
" أنت...تحبني؟ تحبني...أنا؟ "
تأملها لحظات طويلة ثم جذبها نحوه بقوة واحتضنها بشدة وحنان وهو يصرخ متأثرا:
" ماذا تفعلين ي يا هيلين, ماذا تفعلين؟ ان لم تكوني على استعداد لتقبل المضاعفات فالأفضل لك ان تخرجي من هذا البيت...بسرعة...والى الأبد "
ظلت هيلين تحدق به وهي لا تصدق عينيها وأذنيها...وجسمها المرتعش. ثم قالت له بهمس الحبيب:
" لا لن تتخص مني بهذه السهولة "
" لا تريدين الذهاب؟ هيلين لا تلعبي معي مثل هذه الألاعيب! "
" أنا لا العب معك يا حبيبي. أنا أحبك...أحبك بكل جوارحي وأحاسيسي. كانت غلطة جسيمة وفادحة. ظننت أنك...انك رفضتني. . . "
" تلك الليلة في غرفتك؟ هيلين لو تعرفين كيف شعرت تلك الليلة...لمت نفسي كثيرا بسبب ذلك الكابوس المزعج الذي راودك. احتقرت نفسي الى أبعد حد لأنني حاولت استغلالك وحاولت فرض نفسي عليك "
" ولكنك في الصباح التالي كنت باردا. . . "
ابتسم جايك ابتسامة خفيفة وهو يقاطعها:
" أي انسان آخر كان سيتظاهر بالبرودة. قلت لنفسي آنذاك انني وصلت الى ذروة الحماقة وتحقير الذات. كنت اريد الركوع امامك والاعتذار اليك متعهدا بعدم تكرار ذلك الخطأ الشنيع ولكنك أصررت على القول ان الأمر لم يكن ذا أهمية فجن جنوني "
وأغرق وجهه في شعرها وهو يردد بصوت خافت:
" كانت الأيام التسعة الماضية جحيما حقيقيا بالنسبة لي! لم أتناول طعاما ولم أنم الا قليلا! شعرت بأنني انتهيت وبأني فقدت كل شئ "