PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : مشروع لاكبر تجمع روايات عبير واحلام المكتوبة نصا



صفحة : 1 2 3 [4] 5 6 7 8

lovely sky
26-06-2007, 18:28
نحن بانتظار اختنا الحبيبة مسزز السريعي
بانتظارك حبيبة قلبي مسزز السريعي
والله متشوقة لبداية الرواية

الله يوفقك يا رب

::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

*لميس*
26-06-2007, 19:15
السلااااام عليكم



رائع سمانا الحلوه رجعت ياهلا ومرحبا شرفت موضوعك حبيبتي


lovely sky



وينــــــــــك؟؟:eek: :eek:


أشتقنالك من جد....:eek:


أنا أكثر من سعيده لرؤيتك بعد هذه الغيبه لطويله جدا::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::


:D :D :D :D
:D :D
:D



أتمنى إنك تشرفين موضوعي لأني أحب أن أرى أرائكم بخصوص


الموضوع الذي لفت إنتباهي أيضا:لقافة: :لقافة:

ماري-أنطوانيت
26-06-2007, 19:43
مرااااااااااااااااااااااااحب lovely sky:

وحشتينااااااااااااااااااااااااااااا موووووووووووووووووووووووووت والله

ونورت صفحات المنتدى....

والله اشتقنالك كثير كثير

*لميس*
26-06-2007, 19:46
كيف مسزز السريعي بتنزل لنا روايه الان أو راح تتوقفون وتنتظروا

من ينزل روايه تعجبه؟؟؟؟؟

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:21
السلام عليكم أحلى أعضاء في أحلى منتدى 00اليوم بنزل رواية جديدة 00ومن كثر ما هي جديدة وغريبة ( غلطانه دار النشر في اسم المؤلف ) ؟؟!! يعني كتبوا اسم مترجم القصة وهو الأستاذ ( أحمد عبدالله ) ونسوا يكتبون اسم المؤلفه !!!!!! لكن معوضين إن شاء الله !!المهم الرواية هدية لكل العضوات بشكل عام وبشكل خاص للغالية سما ولميس وماري انطوانيت

الملخص
لقد وافقت كاترين على مضض أن تلعب دور اختها الهاربة فالنتينا التي تسببت في حادث مروع لصديقها غلين فقد على أثره البصر 000ولم يدر بخلد كاترين أن مقابلة جيرد عم غلين والقادم من كندا ذاك الرجل الذي لا يمكن اختراق مشاعره يمكن أن تكلفها حياتها هناك وسط الجبال الوعرة في الضباب والصقيع بسبب الغيرة من المرأة التي تحب جيرد 000وعلى الرغم من كل ذلك فقد قال القدر كلمته 000

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:25
بسم الله نبدأ:


1)حادث مأساوي

(( كاترين ، أختاه ، يجب أن أراك الليلة 00))
كان صوت فالنتينا على الهاتف متوتراً ومتقطعاً يعتريه الكثير من الخوف والقلق ، مما جعل كاترين تتوقع أن ثمة مأزقاً آخر وقعت أختها فيه ، مساعدتها كالعادة لتنجو منه 0
((لا ، ليس الليلة يا فالنيينا ))
أجابتها كاترين بحزم ، وهي تثبت سماعة الهاتف بين أذنها وكتفها ، لتنظر إلى فصل أوراق الكاربون من التقرير الذي كانت لتوها قد انتهت من طباعته على الآلة الكاتبة ، وتابعت :
((ليس الليلة يا فالنتينا ، علي أن أبقى في المكتب حتى ينتهي الاجتماع مع الإدارة ، واستلم محضر الجلسة لأقوم بطباعته ، ومن ثم سيمر بي سيمون ليصحبني معه الساعة السابعة والنصف تقريباً ))
صاحت فالنتينا بمرارة :
((سيمون ! سيمون ! يمكنك أن تريه في وقت آخر ))
حاولت كاترين جاهدة التحكم في أعصابها ، حتى لا ترد رد قاسي ، وقالت :
(( لكني ، اتفقت معه على ذلك ، وليس في نيتي إلغاء هذا الموعد ))
تعالى صوت فالنتينا ثانية لدرجة الصراخ لما أصابها من خيبة ، قائلة :
(( كاترين ، هناك شيء رهيب قد حدث ، وأنا في حيرة من أمري ، لا أعرف كيف أتصرف على الإطلاق ))
ألقت كاترين الأوراق المطبوعة بإتقان من يدها ، وأمسكت سماعة الهاتف جيداً وقالت :
((اسمعي يا فالنتينا ، أنت طفلة ، لقد بلغت الثامنة عشرة من العمر ، وهذا يكفي لكي تتمكني من تحمل مسؤولياتك بنفسك 0 هلا لأني أكبر منك سناً 000))
قالت فالنتينا مقاطعة :
(( لكن أختاه ، إنك الوحيدة التي اعتمد عليه))
ضاقت كاترين ذراعاً بمشاكل أختها وتحمل مسؤولياتها ، ولم تعد تحس برغبة في الاستمرار في ذلك ، فهي لم تكن تكبر فالنتينا إلا بسنوات ثلاث فقط 0
وهذا لا يعني أنه يجب عليها أن تكون مسؤولة عن أختها الصغرى مدى الحياة 0 فيكفى أنها منذ كانت في في مثل سنها ن وهي تحمل أعباء العائلة على كتفيها ؟ لقد تحملت كاترين أعباء العائلة ن وهي في الثامنة عشرة من العمر ، بدلاً من أمها التي قتلت أثناء الثورة في أفريقيا الوسطى ، حيث كان أبوهما يعمل هناك في ذلك الوقت 0
كانت الأختان في مدرسة داخلية ، عندما بلغهما خبر مقتل والدتهما 0فوقع النبأ عليهما وقوع الصاعقة ، وأحست فالنتينا ، وهي لم تتجاوز الخامسة عشرة بعد ، أنها فقدت الركيزة التي تعتمد عليها 0 لم يبق أمامها سوى أختها كاترين ، تحملها مسؤولياتها ، فما كان من كاترين إلا أن كتمت أحزانها في صدرها ، وغمرت شقيقتها بحنانه ، لتعوضها عن فقد أمها 0
عاد والدهما السيد مالوري إلى لندن في بداية الأمر ، ليعيش مع ابنتيه 0 ولكن سرعان ما ضاق بمشاكل العائلة وتسرب الضجر إلى نفسه ، وفكر بالرحيل ثانية ، فتلاشت أمال كاترين في الانتساب إلى الجامعة ، والتحقت بوظيفة في أحد المكاتب ، بينما كانت تتدرب على أعمال السكرتارية في معهد ليلي 0
أما السيد مالوري ، فقد قبل بالفعل عملاً آخر في جنوب إفريقيا 0 وترك ابنته كاترين مسؤولة عن المنزل الذي استأجره في هامر سمث 0
استمرت فالنتينا في دراستها ، لكنها عندما بلغت السادسة عشرة من العمر ، طلبت من أختها أن تأذن لها بالعودة إلى المنزل 0 ولما لم يبد الوالد اعتراضاً على ذلك ، وافقت كاترين على طلبها مضطرة 0
أحست كاترين أن تلك الموافقة كانت أكبر غلطة اقترفتها 0 وهذا ما تأكدت منه الآن فإن فالنتينا لم تستطع أن تضبط نفسها في تصرفاتها 0وكانت تتجاهل نصائح أختها وتوجيهاتها 0كما تجاهلت رجاءها عندما طلبت إليها أن تجد وظيفة مناسبة تثبت فيها بدل الاستمرار في التنقل من عمل غير مناسب إلى آخر 0فقد عملت في الملاهي ، وأماكن المراهنة ، ومع فرق الديسكو 0وقضت قسطاً كبيراً من وقتها في مصاحبة جماعة من المراهقين الذين لا هم لهم في الحياة إلا العبث ، ولا يشتهرون إلا بخصلات شعرهم المتهدلة ، ومظهرهم الشائن 0
نسيت كاترين عدد المرات التي دعيت فيها لتستمع إلى شكاوى مخدومي أختها ، فتسوي الخلاف بينهم 0 حتى اضطرت أخيراً أن تكتب لأبيها بعد أن فاض بها الكيل 0 وطلبت منه أن يستدعي فالنتينا إليه 0
عندئذ وافقت فالنتينا على أن تجرب مهنة التمريض 0 ولما مضى عليها ستة أشهر كطالبة في مستشفى سانت ماري ، أظهرت خلالها حباً لهذه المهنة ، أحست شقيقتها بشيء من الراحة ، وهي تأمل أنه جاء الوقت لتصبح فيه الأخت الصغرى أكثر تحملاً للمسؤولية 0
كانت فالنتينا قد بلغت الثامنة عشرة من العمر ، عندما تعرفت إلى شاب يسمي غلين فريزر ، ، و اطلعت أختها على ذلك 0
سعدت كاترين لأن أختها كما يبدو عزمت على الاستقرار ، إلا أنها كانت قلقة في الوقت نفسه لما يخالجها من الشك في نهاية تلك العلاقة 0لم تلتق كاترين بغلين فريزر مطلقاً 0 وكل ما أخبرتها عنه أنه شاب كندي وطالب في مدرسة لندن لعلم الاقتصاد 0
ترى ما الذي حدث ، كي تهتف لها في الساعة التاسعة والنصف صباحاً وتطلب رؤيتها بإلحاح ؟ من الجلي أن كارثة جديدة وقعت 0
قالت كاترين مستوضحة :
(( لماذا تريدين رؤيتي ؟ إن كان الأمر هام ، أخبريني به الآن لأرى ماذا أفعل ))
((لا أستطيع أن أخبرك على الهاتف ، كاترين أرجوك ، يجب أن تحددي لي موعد اليوم ن إن عملي يبدأ في الساعة الثامنة مساءً 0))
أحست كاترين بشيء من الارتياح إذن فالنتينا لم تفقد عملها على الأقل المشكلة لا تتعلق بالمشفى ، وأية مشكلة أخرى لن يكون لها هذا المستوى من الأهمية ، حتى تلح عليها أختها هذا الإلحاح ، وتصر على أن تراها اليوم ، إذن إلى الغد 0
قالت كاترين :
((فالنتينا 000))
قاطعتها فالنتينا من غير أن تترك لها أي مجال للكلام :
(( كاترين أرجوك ))
استسلمت كاترينا كما تفعل دائماً ، وقالت :
((ماذا عن وقت الغداء ؟ يمكنني أن أدبر أموري وأكون عندك قبيل الواحدة ، فهل هذا مناسب لك))

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:29
أ
جابت فالنتينا بحماس :
(( آه نعم))
((ولكن ألا تريدين أن تأخذي قسطاً من الراحة ، طالما ستعملين في الليل ))
((في الليلة الماضية كانت عطلتي ، سأراك في الواحدة))
قالت ذلك ووضعت السماعة مباشرة ، قبل أن تغير كاترين رأيها 0
بقيت كاترين مشغولة بالتفكير طيلة الصباح ، لماذا تريد فالنتينا مقابلتها وبهذه السرعة ؟!! وبهذا الالحاح ؟!! وأخذت تتذكر ، كم مرة اتصلت بها لتقترض منها بعض المال ، أو لتسدد عنها قيمة الفواتير المتأخرة ، أو لتخرجها من بعض المآزق التي تزج نفسها فيها ، ولكن من الواضح أن هناك ما هو أكثر أهمية من ذلك كله !!! وكم تمنت أن تكون مخطئة في حدسها ، ولا تكون أكثر المشكلة من طلب تسديد دين بسيط لم تستطع فالنتينا دفعه 0
كانت السماء ملبدة بالغيوم ، والمطر ينزل غزيراً وقت الظهيرة ، غادرت كاترين المكتب الذي تعمل سكرتيرة فيه 0
ولما لم تتمكم من الركوب في أية سيارة نقل عامة من شدة الازدحام اضطرت إلى السير مسافة غير قصيرة تحت زخات المطر المتواصلة ، لتبلغ القطار الذي يتجه إلى بالهام قرب محطة مستشفى سانت ماري ، وما إن وصلت إلى القطار ، حتى كانت قد تبللت من رأسها إلى أخمص قدميها 0
عندما نزلت في بالهام ، كانت لا تزال أمامها مسيرة عشرة دقائق لتصل إلى المشفى 0وكانت ساعتها تدل على الواحدة والربع ، وهذا يعني أنها قد تأخرت المحدد ربع ساعة عن الوقت المحدد ولا شك أنها ستجد أختها تنتظرها عند البوابة الكبيرة ، حيث سبق والتقت بها في المناسبات القليلة التي زارت فيها المشفى 0
وهناك وفي المكان نفسه رأت أختها تقف بانتظارها كئيبة , واهنة العزيمة ، ترتدي بنطال وسترة من الفرو تتصل بقلنسوة تغطي رأسها ، ورأتها فالنتينا فأسرعت لملاقاتها بوجه شاحب قلق يثير الشفقة والريبة في ذات الوقت 0
كانت الأختان على الرغم من تباين عمريهما تتشابهان في الطول ، وتتشابهان أيضاً في لون الشعر ، إلا أن فالنتينا كانت أكثر نحولاً وأقصر شعراً 0
(( شكر لك على مجيئك ))
بدأت الصغرى الحديث ، وهي تتأبط ذراع أختها ، ووجهها الذي يعلوه الخوف ينطق بحقيقة ، لا يمكن التكهن بها في بضع دقائق 0
ولما لم تجبها كاترين ، تابعت :
((دعينا نذهب إلى المطعم ، حيث نتناول شيئاً من الطعام))
ترددت كاترين هنية ، ثم سارت إلى جانب أختها دون أية كلمة 0 كانت تفضل لو أنهما تتناولان فنجاناً من الشاي وقطعة من الجبن وبعض الخبز في غرفة فالنتينا ، في بيت الممرضات 0حيث يمكنهما التحدث بجدية ، ولكن طالما هذه هي رغبة أختها ، فلتذهب معها أينما شاءت 0
استمرت فالنتينا في الحديث بصوت ضعيف :
((ماهذا الطقس اليوم ؟ كنت أخشى ألا تأتي ، يا الهي !! أي ورطة أوقعت نفسي فيها ؟ ))
لم تعلق كاترين على كلامها واستمرت صامتة ، فقد حالت شدة الزحام دون ذلك ، ولما أخذت كلاً منهما شطيرة جبن وكأساً من الشراب ، واختارتا زاوية هادئة ، وقفتا فيها 0 تكلمت كاترين :
(( تعالي ، ما الذي حدث ؟ إنك تبدين كأنك لم تنامي منذ أسبوع أو أكثر ))
أخذت فالنتينا نفساً عميقاً ، وتناولت جرعة من الشراب وقالت :
(( أجل ، أشعر أنني كذلك ، آه ن كاترين ، أنه شيء مريع لا يمكنك أن تتخيلي !! أنه غلين لقد أصيب بجراح!!))
اضطربت كاترين قليلاً ، ولكن هان الأمر عليها طالما المسألة تتعلق بغلين وليست فالنتينا ، وسألت :
((ماذا حدث ؟ وكيف حدث ؟ ))
تنهدت فالنتيتا تنهيدة عميقة وقالت :
((هو لا يزال في حالة غيبوبة ، بلا حراك ))
تجهم وجه كاترين من المفاجأة ن وقالت :
((هل تعنين أنه أصيب بحادث ؟ حبيبتي فالنتينا ، تماسكي قليلاً ، وأعلميني الخبر بالتفصيل ))
ابتلعت فالنتينا ريقها ، وقالت :
((نعم ، يا الهي ، هناك حادث!))
(( حادث سيارة ؟))
هزت فالنتينا رأسها ، أما كاترين فقد بللت شفتيها الجافتين بطرف لسانها ، لقد سبق وأخبرتها أختها أن غلين يملك سيارة سباق سريعة ، كما أخبرتها عن قيادته المجنونة دائماً ، ومع ذلك فإن المهم في نظرها أن فالنتينا لم تصب بأذى 0
أضافت :
((أين هو الآن ؟))

كيوته وكتكوته
26-06-2007, 20:32
الروايه أكثر من رائعة.......
مشكورررررررررررررره حبيبة قلبي(ماري انطوانيت)
وأشكرك على مجهودك في كتابتها.......


تقبلي تحياتي:)
كيوته وكتكوته

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:32
أغمضت فالنتينا بصرها وقالت :
((أين هو ؟ في المتشفى طبعاً ، في أي مكان آخر تتوقعين ؟))
((في المتشفى ؟ بالتأكيد ليس مشفى سانت ماري ))0
(( لا ، هو في مشفى جود ن أخذوه إلى هناك بعد الحادث ))
بدأ الخوف في عينيها وتابعت :
((يا الهي كم كان منظره يبدو مخيفاً ، ظننت في بادئ الأمر أنه مات ))
وضعت كاترين يدها على ذراع أختها بحنان ، وقالت :
((مسكينة فالنتينا ، ليس الغريب أن تكوني على هذه الحالة ، ولكن كيف هو الآن ؟ أعني هل يتوقع الأطباء شفاءه ؟ ))
صاحت فالنتينا بعنف :
((يجب أن يشفى ، نعم يجب أن يشفى ، وإلا فإني لا أدري ماذا سأفعل 000))
لم يسبق أن رأت كاترين أختها على مثل هذه الحالة من الهيجان والقلق ، فقالت تحاول تهدئتها :
(( لا تضطربي ن سيشفى بكل تأكيد ن فالأطباء يستطيعون فعل المعجزات في هذه الأيام ))
((نعم هذا صحيح))
((اخبريني ، متى حدث ذلك ؟ أقصد الحادث ، لماذا لم تتصلي بي حينما سمعت الخبر ؟))
نظرت فالنتينا إلى أختها شاحبة مشدوهة وتمتمت :
((سمعت!!))
قالت كاترين بلطف :
((سمعت عن الحادث ؟ متى عرفت ؟ يبدو أنه الليلة الماضية ، هل علم أهل غبين بذلك ؟ أني أتوقع أنهم 0000))
قاطعتها فالنتينا وعيناها تتطلعان بقلق ، والكلمات تخرج من بين شفتيها كلمة تلو الأخرى ، وكأنها تجاهد في إخراجها :
(( آه ، إنك لم تفهمي شيئاً أختي ، أنا لم أسمع بالحادث ، أنا كنت هناك ، كنت معه ، لقد كانت غلطتي !! ( وتابعت باكية ) ألم تفهمي بعد ؟ الحادث حصل الليلة الماضية ن ليلة عطلتي ، وأنا التي كنت أقود السيارة ))
تكلمت كاترين لاهثة :
(( أنت ؟ لكنك لا تحملين إجازة قيادة!!))
أشاحت فالنتينا بنظرها وهي تقول :
(( ليس هذا هو المهم الآن ، ليس هذا ما أحاول أن أخبرك إياه ، آه كاترين ، ماذا يمكنني أن أفعل ؟ من الممكن أن يموت غلين وإذا حصل ، فأنا التي سيقع عليها اللوم 0))
أحست كاترين بالغثيان ، لم تعد قادرة على الوقوف ، القت الجزء الباقي من السندويش من يدها على صينية بجانبها ن ودون أن تفوه بأي كلمة 0
امتلأت عينا فالنتينا بالدموع وهي تتابع ك
((ألا تستطيعين أن تقولي شيئاً ؟ ألا تستطيعين أن تقولي على الأقل أنك فهمت ؟ يا الهي !! كاترين ، إذا لم تساعديني فمن غيرك يفعل ؟ أختاه 00أني خائفة , خائفة جداً ))
وضعت كاترين الكأس على الصينية ن وفركت يديها ببعضهما ، ثم تمتمت بضعف :
(( يجب أن تمهليني بعض الوقت ، يا فالنتينا ، فلا أعرف ماذا أقول ))9 تمتمت فالنتينا وهي ترتجف :
(( أمهلك ؟ كاترين أنني لم أنم ليلة أمس ، حتى ولم أتمدد على فراشي ن لقد بقيت أهيم على وجهي بالطرقات عدة ساعات ن منهوكة القوى ، ومع ذلك لم أستطع العودة إلى مشفى سانت ماري ))
قاطعتها كاترين :
(( انتظري لحظة ؟ ماذا تعنين مشيت عدة ساعات في الطرقات ؟ !! لقد قلت أن غلين أخذوه إلى المتشفى بعد الحادث ))
((نعم هو كذلك فأنا التي اتصلت من أجل سيارة الإسعاف ))
((ولم يطلبوا منك مرافقتهم ؟ أعني الشرطة ن لا بد أن الشرطة كانت هناك ، ألم يطلبوا منك تقديم إفادتك ؟!))
أحنت فالنتينا رأسها والألم يعصر قلبها ، وقالت :
((الأمر ليس كما تظنين ، عندما وقع الحادث لم يكن هناك أحد في المكان ، آه أنا لا أعرف كيف حدث هذا ، كنت أقود السيارة وأنا في غاية الفرح والسرور ، وإذ بقطة تقفز أمامنا ، صاح غلين توقفي ،و لكن على غير وعي مني ، وفي حركة عكسية ضربت قدمي دواسة البنزين ، فارتطمت السيارة بعامود الكهرباء ))
((آه ، فالنتينا !!))
((لقد كان حادثاً مريعاً ، لا بد وأن رأس غلين أرتطم بالنافذة رأيته مغطى تماماً بالدم ، فتملكني رعب شديد ، ولم أكن أفكر في شيء ، إلا أن ابتعد عن مكان الحادث بأي طرقة خوفاً من أن يراني أحد ، أو يشهد علي أحد ))
((انتظري لحظة ، قلت أنك اتصلت هاتفياً بنفسك ، من أجل سيارة الإسعاف 000))
(( نعم 00نعم ، من هاتف عمومي قريب اتصلت وفررت هاربة 00))
ذعرت كاترين مما سمعت ، وصاحت :
((فالنتينا!!))
فالنتينا أخذت تعبث بخصلات شعرها بحركة عصبية لا إرادية ، ثم قالت :
(( ماذا ؟ ما الذي كان يمكنني عمله ؟ لقد أخبرتك ، كان منظره مريعاً ، لم استطيع البقاء ، هل كنت تتوقعين مني أن أنتظر حتى تأتي الشرطة ، وتلقي القبض علي ؟))
تناولت كاترين بقية شرابها ، وهي تجمع شتات أفكارها وحاولت أن تتكلم بهدوء :
(( فالنتينا ، الشرطة ستعرف أجلاً أو عاجلاً أن هناك شخص آخر كان مع غلين ، وأن هذا الشخص هو الذي كان يقود السيارة ، فدعينا نواجه الحقيقة ، أنت أول المشبوهين ، فأنت صديقته ، ولا بد أنه أطلع أصدقاءه على ذلك))
قاطعتها فالنتينا :
(( لا ، لا كان الوقت متأخر ، ولم يرني أحد من أصدقائه معه ، كنا في طريق العودة إلى المتشفى ، واتخذنا الطريق الجانبية ، حتى أتمكن من القيادة ، ولولا ذلك ، لكان بإمكانه أن يوصلني خلال هذا الوقت ، وأن يكون في طريقه عائداً إلى شقته ))
قالت كاترين بحزم :
((ولكنه لم يفعل ، فالنتينا واجهي الحقائق ولو لمرة واحدة ، لم لا تكوني واقعية ؟فإن غلين لم يكن أمام المقود))
((لن يعرف أحد ذلك))
(( ماذا تعنين ؟؟))
هزت فالنتينا رأسها وقالت :
((أخبرتك أن رأس غلين ارتطم بزجاج النافذة الذي تحطم ، فسحبت رجليه أمام مقعد القيادة ))

((يا الهي !!! أحسبك قلت أنك مذعورة؟! ))
كان صدر فالنتينا يعلو ويهبط بسرعة كبيرة وهي تقول :
(( نعم كنت مذعورة ، كنت أرتجف رعباً ، ولا يمكنك أن تتخيلي ما كنت أحس به هناك ، في الظلام الرهيب ، وأنا أعلم أن غلين قد يموت بين لحظة وأخرى ))
زفرت كاترين بقلق قائلة :
(( هل تدركين ، أنك ستتهمين بجريمة قتل عن غير قصد ؟ ( وتابعت صارخة ) كيف فعلت ذلك ؟ كيف فعلت؟!))
وضعت فالنتينا يديها في جيبها ، وتلفتت حولها بقلق وهمهمت :
(( يمكنك أن تتكلمي كيف شئت ، فأنت لم تقعي في مثل هذه المتاعب من قبل ، لا شك أنك لم تحبي أحداً ، حتى ولا سيمون ، أنا متأكدة من ذلك أيتها المتكبرة المتزمتة ))
وضعت كاترين يدها على ذراع أختها تهدئها ، وقالت :
(( لا يمكنك أن تكسبي عواطفي بالتعرض إلى سيمون ترافس ، فسيمون صديق حميم ، وأنت تعلمين أنني معجبة به ، ولكني لا أعرف ما سيكون شعوره عندما يعرف القضية ))
لم تفارق علامات الخوف والرعب وجه فالنتينا ، وهي تعلق على كلام أختها :
((معجبة ، ما أروعها من كلمة تستعملينها عن الرجل الوحيد في حياتك ))
تجاهلت كاترين كلام أختها الأخير ، فالمسألة الآن أخطر من أية مشكلة سبق وأوقعت فالنتينا نفسها فيها ، ولكنها هي الأخرى لا تعلم بماذا تنصحها ، فهل من الخير أن تقنعها بالاعتراف ؟ وهل اعترافها سيساعد غلين على الشفاء ؟
بالتأكيد لا ، أو تسمح لأختها بالهرب من وجه العدالة ؟ في أية حال ، هناك حقيقة واقعية لا يمكن لشيء أن يغيرها ، فالنتينا هي التي كانت تقود السيارة ، وكلاهما كانا لا مباليين ، فإذا توفي غلين فإن أختها هي المسؤولة ، وعليها أن تتحمل وزر عملها ، ولكن إذا شفي غلين ، فما فائدة تقديمها للعدالة ؟ وتكفيها هذه التجربة التي تمر بها عقاباً لها وعبرة ، فلعلها لا تعود في المستقبل إلى مثل هذه الأعمال الطائشة 0
فالنتينا كانت تراقب أختها بفارغ الصبر تنتظر منها حلا ينتشلها من هذا المأزق الذي وقعت فيه ، ثم قالت :
((هل تريدين كأساً آخر من الشراب ؟))
((لا ، شكراً يجب أن أذهب حلاً ))
أمسكت فالنتينا بأختها تحتجزها وقالت :
(( إلى أين ؟ لم أسمع رأيك حتى الآن !!))
((رأيي ؟ فالنتينا كيف عرفت أن غلين لا يزال في غيبوبة ؟ هل اتصلت هاتفياً بالمشفى تسألين عنه ؟ ))
((لا ، هم اتصلوا بي ))
رفعت كاترين حاجبيها باستغراب ودهشة وقالت :
((اتصلوا بك ؟))
هزت فالنتينا كتفيها :
((نعم هم اتصلوا بي ، إنها حقيبتي ، لقد نسيت حقيبة يدي في السيارة هل تتصورين ذلك ؟ ))
((فالنتينا!))

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:35
(( من أجل هذا أردت أن أراك ، أريد منك فقط أن تقولي لهم أني أمضيت الليلة في شقتك ))
دب الهلع في قلب كاترين وبدا الشحوب على وجهها ، وقالت وشفتاها ترتجفان :
((لكن 00لكن لماذا ؟ ماذا يفيدك ذلك ؟))
(( أسمعيني كاترين ، إن شقة غلين ليست بعيدة عن المتشفى كما أعلمتك ، وأريد أو أوهمهم أنه أوصلني إلى شقتك أولاً ، ثم تابع طريقه قاصداً منزله))
((لماذا أوصلك إلى شقتي ، وليس إلى المتشفى ؟ ))
قالت فالنتينا بفارغ صبر :
(( أوه كاترين ، ما بك ؟ يجب أن أثبت لهم أني كنت في مكان آخر وقت وقوع الحادث ، أخبرتك بما جرى ، فقد سرت في الطرق بضع ساعات أهيم على وجهي ، ولم أعد إلى المتشفى إلا في الصباح ، حيث اكتشفت أنهم يبحثون عني ، فماذا تردين مني أن أقول لهم ؟ وما عساي أن أقول ؟))
أخيرا فهمت كاترين كل شيء ان أختها لم تكن لتفضي بسرها لولا أنها أخطأت بترك حقيبتها في السيارة ، ، وكالمعتاد فهي تريد منها أن تجد لها حلاً 0 ثم سألتها ببرود :
(( ماذا قلت لهم ؟ ))
أجابت فالنتينا صارخة :
(( أخبرتهم إني كنت معك في شقتك ماذا يمكنني أن أقول غير ذلك ؟))
ردت كاترين بغضب :
(( إذا أنت لا تطلبين مساعدتي ن بل تخبرينني بما يجب أن أفعله؟))
(( لا ليس الأمر كذلك كاترين ))
((ما هو إذن ؟))
خفضت فالنتينا من صوتها وقالت بشيء من الاستعطاف :
((كاترين لا يمكنك أن تتخيلي ما أحس به ، كان يجب أن أجد سبباً منعني من النوم في بيت الممرضات تلك الليلة ، هل كان بإمكاني إخبارهم الحقيقة ؟ 000ساعديني إنه شيء بسيط !!))
((شيء بسيط !! وإذا مات غلين ، ماذا سيحدث ؟ تجعلين مني شريكاً في الجريمة ، لأني تسترت عليك ؟))
(( لا لن يموت 000))
(( آمل ذلك ، لأنه إذا مات ، لن أقف جانباً وأتركك تفلتين من العقاب))

****************

عادت كاترين إلى مكتبها بعد الظهر ، وكان من الصعب عليها أن تركز تفكيرها في نقطة معينة ، فقد كان رأسها يضج بالأمور التي أخبرتها بها فالنتينا ، كان من الصعب عليها أن تصدق أن أختها ألقت بنفسها في مثل هذه الورطة الكبيرة ، وعجبت كيف يمكن أن تكون ÷ي وفالنتينا أختين ومختلفتين إلى هذا الحد / أنه منذ تركت أختها المدرسة ، وهوة سحيقة تفصل بين طباعهما وتصرفاتهما لآ يمكن اجتيازها 0
السيد جورج يات مديرها الحالي ، رجل متوسط السن ، سريع الغضب ولكنه رجل أعمال ناجح ن ومعجب بعملها إلى حد كبير فهي سكرتيرة جيدة ن لا تعتمد على أحد ، ويمكنها أن تقوم بالعمل وحدها إذا اقتضى الأمر 0
كان السيد جورج مصاباً بقرحة في معدته ويعاني منها الكثير ، وحتى الدواء لم تكن تفغل كاترين عن إعطائه إياه عندما يحس بالألم ن ولكن بعد ظهر ذاك اليوم ن كانت قلقة شاردة الذهن ، مما أثار المدير وجعله يصيح بها :
((ما بك كاترين ؟ هل تحاولين إغضابي ؟ لقد طلبت منك مرتين أن تناوليني ملف السيد ماكودونالد ن ولكنك وبكل بساطة تجاهلت طلبي!))
(( إني آسفة ، سيد جورج ن إني أشعر بصداع ، وهذا كل ما في الأمر ))
أجابها وعدم الرضا باد في عينيه :
(( إن الألم الذي أعانيه من معدتي ، يكاد يمزقني فهل هذا يعني أن أتخلف عن إتمام أعمالي ، وأقول إني أحس بشيء من الألم ، وهذا كل ما في الأمر ؟ ))
حاولت كاترين أن تقول شيئاً ولكنها لم تستطع ، واكتفت بإيماءة من رأسها ، محاولة أن تركز انتباهها على ما يمليه عليها ، لم يكن ذاك بالأمر السهل ، وكم كانت تتمنى ألا يتذكر السيد جورج كل كلمة أملاها عليها عندما يراجع اختزالها 0
كانت مدة اجتماع المجلس قصيرة هذه المرة ، وتنفست كاترين الصعداء عندما وجدت نفسها خارج المبنى ن وسيارة سيمون بانتظارها في مرآب الموظفين 0
كان قد انقطع المطر ، وتلاشت الغيوم ، وانقلب الجو فجأة كأنما الربيع حل معتدلاً لطيفاً ، أمسية من أمسيات نيسان الجميلة ، وأنوار المدينة تتلألأ في كل مكان ، تدحر الظلام وتضيء جميع الشوارع المعتمة 0
حياها سيمون بلمسة لطيفة ، عندما جلست إلى جانبه داخل السيارة وردت عليه التحية بأحر منها 0
هز سيمون رأسه وهو يتفحصها ، ثم قال :
((تبدين شاحبة اللون ، ما بك ؟ هل كان السيد جورج عصبياً مرة أخرى ؟))
أدارت كاترين وجهها بحركة من كتفها تدل على عدم رغبتها الخوض في أي موضوع ، وقالت :
((دعنا من هذا الآن , ولنذهب أني أكاد أموت من الجوع ))
وراحت في شرودها ، فالطعام آخر ما كانت تفكر به ، أما سيمون فقد حرك مقود السيارة ن وهو يحاول أن يلفت انتباهها بحديثه ، فقال :
((بالمناسبة ، لقد قطعت تذكرتين لحضور الحفلة الموسيقية ، التي ستقيمها فرقة بارتوك ،يوم الأحد أنا أعلم أنكل لست كثيرة الحماس لهذا الموضوع ، ولكنك في أي حال سوف تستمتعين ولو لبعض الشيء))
كانت فكرة حضور حفلة موسيقية بالنسبة إليها في هذا الوقت ، كفكرة تناول الطعام تماماً ، لاحظ سيمون تغير في هيئتها ، وكذلك في تصرفاتها ، فتابع قائلاً :
(( ما الأمر ؟ ما بك كاترين ؟ يبدو أن أعصابك متوترة ونظراتك شاردة ، هل هناك ما يقلقك ؟))
تظاهرت كاترين بالابتسام ، وقالت :
((لا ، ليس هناك أي شيء سيمون ، ولكني متعبة فقط))
((لا أظنك غاضبة مني بسبب يوم الأربعاء الفائت ، فقد كان لدي الكثير من العمل ))

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:38
((آه000لا طبعاً لا))
كان سيمون ناجحاً كمدرس ، وليس خطأه أن تأخذ والدته من وقته الكثير ، فهي أرملة متقدمة في السن ، وكانت كاترين تفكر بما يمكن أن يحدث لهذه المرأة ، لو أن سيمون قرر الزواج وأراد أن يستقل عنها في حياته ، لعلها تريد من زوجته أن تسكن معها ، ولكنها هي ، كاترين لا يمكن أن تشاطر والدة سيمون منزلها ، فالسيدة ترافس ستقف بلا شك في طريقها ، ولن تسمح لأي امرأة أياً كانت أن تغتصب مكانتها من عواطف ولدها 0
وتابع سيمون حديثه وهو يقود السيارة :
((أنت تعرفين الأمهات ، فهي تكره أن ترى البيت تعمه الفوضى ، وكان علي أن أساعدها في ترتيبه وتنظيفه ، وقد استغرق ذلك وقتاً طويلاً ، أما الآن وقد انتهيت من ذلك كله سيكون لدينا متسع من الوقت لنقضي أمسياتنا معاً ،))
حاولت كاترين أن تخفي ما بها خلال حديث سيمون ، فلم يكن لديها أي استعداد لتفضي إليه بشيء الآن ، يجب عليها أن تفكر ملياً بالأمر وتقلبه من جميع جهاته أولاً 0
ذهبا إلى أحد المطاعم ، وكان الطعام الصيني الذي قَدم لهما أحب الأطعمة إلى كاترين ، ولكن في هذا المساء لم تأكل إلا قليلاً ، وقد لاحظت أن سيمون انتبه إلى ذلك ، وجميع محاولاتها لتخف اضطرابها عنه ذهبت سدى 0
وعندما صارا في طريق العودة إلى منزلها ، نظر إليها سيمون نظرة مليئة بالشك وقال :
(( هل أنت متأكدة يا عزيزتي ، أنك لست مستاءة مني ؟ أرجوك ، صارحيني فأنا لا أحب أن تضمري شيئاً من جهتي في نفسك))
رفع سيمون يده عن المقود ، وربت على يدها بحنان ورقة ، وتابع :
(( بالحقيقة ، حان الوقت الذي يجب أن نفكر فيه بالمستقبل ، بمستقبلنا يا 0000))
شعرت كاترين بارتباك ، وقاطعته :
((ليس الليلة ، سيمون إني متعبة جداً ، وأظن أنني سأبقى في الفراش حتى ظهر الغد ))
أوقف سيمون السيارة أمام البناء الذي تشغل كاترين إحدى شققه ، وقال :
((لن ألح عليك الليلة ، ولكن لا تتوقعي ذلك مني في الغد))
تصنعت كاترين ابتسامة باهتة :
((شكراً سيمون ))
((ألا تدعينني إلى فنجان قهوة ؟ ))
((لا ، ليس الليلة ))
ربت على كتفها بحنان قبل أن تنزل من السيارة ، وقال :
(( إذن سوف أوصلك إلى باب الشقة ))
((ليس هذا ضرورياً ، فالساعة ما زالت العاشرة والنصف ، والناس ما زالت تغص بهم الطرقات ))
((لا بأس أريد أن أتأكد بنفسي من وصولك سالمة إلى البيت ، هيا أسرعي فقد تغير الطقس وأصبح بارداً ))
لم يكن مظهر المبنى من الخارج جميلاً ، ولكن الشقة من الداخل كانت مقبولة ومرتبة في تناسق جميل ، وهي مؤلفة من غرفتي نوم وغرفة جلوس وأخرى للمكتبة وبقية المرافق من مطبخ وحمام ، كانت فالنتينا تشاركها غرفة النوم عندما كان والدهما يعيش معهما ، ولكن بعد رحيله إلى جنوب أفريقيا ، حلت الصغرى محله ، ونقلت جميع حاجياتها إلى غرفته 0
دخلا المصعد ، فارتفع إلى الطابق السادس ، وكان باب شقتها مواجهاً لباب المصعد ، لا يبعد عنه إلا بضع ياردات ، قالت كاترين :
((سيمون ، حتى هنا يكفي ، لا تتعب نفسك ، ليس هناك ضرورة لذلك ، سوف أراك غداً ))
(( لا بأس ))
أجاب سيمون وفي صوته نبرة أسى ، وكأنه يتوقع أن تغير رأيها وتدعوه لتناول فنجان من القهوة في اللحظة الأخيرة ، لكن هذا لم يحدث 0فكاترين كانت بحاجة لأن تكون بمفردها قالت :
((أسعدت مساءاً ، سوف أراك غداً ))
شد على أصابعها قبل أن يتركها وقال :
(( مساء سعيد ، احبك))
إلى جانب قلقها على أختها ، لم تكن كاترين متأكدة من مشاعرها نحو سيمون ، أنه بالنسبة لها ليس أكثر من صديق ، أما الحب بحد ذاته ، فهو شعور تعلمت خلال حياتها كيف تعيش من دونه ، أحبت أبويها ، أحبتهما بعمق ، ولكنهما وضعاها في مدرسة داخلية بعيدة عن عنايتهما ، بعيدة عن الشعور بالاطمئنان في ظلهما ، وبعدما توفيت والدتها ، ظنت أن أباها سيعيش معهما ويرعاهما ، ولكنه آثر أن يسافر إلى جنوب افريقيا ويبتعد عنهما ، أما الآن فإن فكرة منح رجل حبها غير واردة في ذهنها 0
سارت نحو باب شقتها ، ويدها في حقيبتها تبحث عن المفتاح :
((آنسة مالوري ؟))

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:40
نغمة غريبة أثارت أعصابها ، وبحركة آلية استدارت وهي تمسك بحزام حقيبتها تستعدلاستعماله في الدفاع عن نفسها ، إذا اقتضى الأمر ، رأت رجلاً غريباً طويل القامة يقف وراءها مباشرة ، الرجل دعاها باسم عائلتها فلماذا ينبهها إلى حضوره ، لو كان يريد بها شراً ؟!!
من المؤكد أنه ليس لصاً ، ولكن المجرمين عادة مقبولو المظهر ، لا يدل ذلك على حقيقتهم ، لقد قرأت ذلك ، وسمعت أيضاً ، لا شك في المجلات والتلفزيون فإنهم دائماً يحذرون النساء من الغرباء ، وهذا الرجل غريب ، كان أسمر اللون جذاب الهيئة ، وليس هناك سبب يجعلها تشك في أمره ، وسألت خائفة :
(( ماذا تريد ؟ ))
((آنسة مالوري ، أنا لست لصاً أو مجرماً ، وأني آسف لأني أثرت فيك الرعب ، ولكني حسبت أنك سمعت وقع خطواتي ))
كان جسمها يرتجف وهي تجاهد لكي تبدو هادئة ، وتريد أن تقول أي شيء لكسب الوقت ، لعل أحد السكان يخرج إلى الممر ، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث ، والمصعد الذي سمعت حركته تجاوزها إلى الطابق الأعلى ، وبقيت وحيدة أمام هذا الرجل ، الغريب ، دون أمل بمساعدة من أحد ، ومع ذلك كان يجب أن تقول شيئاً ، فأجابت :
(( حسناً أنا لم أسمع ، ولم أتوقع زواراً في مثل هذا الوقت والساعة الحادية عشرة من الليل ))
(( أنا أ‘لم ذلك ، وأني لآسف ، ولكني بحاجة إليك آنسة مالوري ، والآن هل يمكن أن تدعينني للدخول ؟ أم تفضلين أن أبقى هنا لأقول ما جئت من أجله ؟ ))
((انتظر لحظة 000))
وقالت في نفسها ماذا يفعل هذا الرجل هنا ؟ وبأي حق يحسب أنه يمكن أن يبادلها الحديث ؟
((اسمي جيرد فريزر ، أظن أن هذا الاسم قد يعني شيئاً بالنسبة إليك ، أنا عم غلين فريزر ، وجئت لأعرف تفسيرك لهذه اللامبالاة التي تبدينها ، بينما ابن أخي يموت بسببك))


00يتبع ( دمتم سالمين )

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:47
2) هروب شائن

((بسببي ؟!! هذا ليس صحيحاً !))
أجابت كاترين ألياً وقد أحمر وجهها الشاحب عندما سمعت كلامه 0
نظر السيد فريزر إليها شرزاً وقال :
(( إذن لماذا لست في المتشفى ؟ على الأقل للتظاهري أنك مهتمة بحياته ))
((بالطبع أنا مهتمة ، مهتمة كأي شخص آخر ))
(( أي شخص آخر ؟!! ماذا تعنين بكلامك هذا ؟!))
(( أٌصد ، أي شخص 00آه ، أظن أنه من الأفضل أن تدخل ، أنت مخطئ يا سيد فريزر ، أنا لست من تظن !! أنت تحسبني فالنتينا أختي ؟ أنا كاترين ))
((كاترين ؟!))
وعندما فتحت الباب ، دفعها بعنف للداخل ، وأغلق الباب خلفها ، وقال :
(( أنت تكذبين ))
كانت أصابعه الحديدية تمسك ذراعها وتضغطها نحو الحائط بقوة ، وهو يتابع :
(( الأفضل أن تفكري في حيلة أخرى وبسرعة يا فالنتينا ، أنا قابلت شقيقتك كاترين عندما جئت إلى هنا بعد ظهر اليوم ))
(( أنك مخطئ ، ياسيد فريزر ، أنا كاترين مالوري ، ويمكنني إثبات ذلك ، والآن هل يمكن أن تترك ذراعي ، إنها تؤلمني كثيراً ))
لم يترك ذراعها ، كانت تخشى أن تحاول تخليص نفسها منه بالقوة ، فهي دون شك لا تستطيع ذلك ،انسدل شعرها حول وجهها الشاحب ، وعيناها الزرقاوات ، فهزت رأسها بلا حول ولا قوة ، بينما هو مستمر في إمساكها كسجينة ، وقال في لهجة الآمر :
((كرري ما قلت ثانية 0 ))
كانت قريبة منه جداً ، تحس بأنفاسه الحارة تلفح وجهها 0 أعادت كلامها متلعثمة :
(( قلت لك أنا كاترين مالوري ، ولا أعرف من رأيت بعد ظهر اليوم ولكن ليس أنا بالتأكيد ))
فأردف قائلاً :
(( قالت لي إنها هي كاترين مالوري ، وأن فالنتينا ليست في المنزل ، وعلي أن أعود في وقت لاحق ، من غير أن تحدد لي ساعة معينة ، لذا عدت في السادسة ، ومرة أخرى في الثامنة ، وهذه زيارتي الرابعة يا آنسة مالوري ، ولن أذهب قبل أن أعرف منك الحقيقة ))
ارتعشت كاترين عند سماعها هذا الكلام ، ولكنها أرادت أن تخفف من غضبه ، فعقبت قائلة :
(( سيد فريزر ، ليس المهم ما قيل لك ، الحقيقة تبقى أنني أنا كاترين مالوري ، ولست فالنتينا ، وأتمنى أن تتوقف عن النظر إلي كمتهمة بجريمة ))
(( ألست كذلك؟ ))
((لا ، بالتأكيد لا ، بحق 000اتركني ، أترك ذراعي ، لقد أسلت الدم منها ، فأنت أطول وأعرض وأقوى مني ، ولا أظنك على أية حال تخاف أن أتغلب عليك!))
أفلت الرجل أصابعة وعاد إلى الوراء ، ثم علق بخشونة :
((أنت رابطة الجأش آنسة مالوري ، كان يجب أن أتوقع ذلك ))
قالت كاترين في نفسها لا بد أن فالنتينا تكلمت معه ، ونجحت في خداعه ، لكن لماذا ؟ ما الذي تأمل أن تجنيه من وراء ذلك ؟ بفعلتها تلك زادت الأمور تعقيداً
ما يزال السيد فريزر واقفاً أمامها ، ينتظر منها تفسيراً ، رفعت بصرها إليه وقالت :
(( الأفضل أن تدخل ))
أنارت الأضواء ، وقادته إلى غرفة الجلوس ، لكن ما هذا الذي يحدث ؟ إنها لا تصدق 000ولكن ها هو الرجل الغريب ، الضيف الغير مرغوب فيه ، يجلس بكل حرية ، من غير تكليف على أحد المقاعد أمامها 0
أفرغت كاترين محتويات حقيبتها على الطاولة في حركة سريعة ، ثم التقطت من بينها بطاقة المصرف ، ودفتر الشيكات ، وألقت بها أمامه قائلة :
(( أظن أن هذه الأشياء توضح لك الوقف ، وتؤكد لك أني كاترين ، وإذا كنت تريد أدلة أكثر ، فإن سيمون ، الشاب الذي كان يرافقني هذا المساء سوف 00000))
ولكنها لم تستطع الاستمرار في الكلام أكثر من ذلك وأحست بالدموع حارة تنسكب من عينيها ، أدارت ظهرها نحوه ، تمسح دموعها ، محاولة أن تضبط أعصابها 0
شعرت بأنه كان يقلب الأدلة التي وضعتها بين يديه ، دون أن يسرع في الاعتذار ، وأخيراً قال :
(( نعم هذه هي الأدلة ، ولكنني لا أستطيع التشكيك في صحتها ، فلو كنت أريد أن أتظاهر بأني شخص آخر ، علي أن أتدبر أمري واهيء الأدلة اللازمة ))
استعادت رباطة جأشها وقالت :
(( آه ، إنك إنسان لا يمكن احتماله ، لماذا لا تريد أن تصدقني ؟ لماذا أكذب عليك ؟ ))
(( ولماذا تكذب أختك ؟ ))
برهة صمت مضت ، وقف السيد جيرد فريزر بعدها ، ومشى إلى الطاولة حيث وضع ما في يده ، ثم رجع إلى مكانه ، وهو يشكرها وقد بدا أقل عداء مما كان 0
لم تنكر كاترين بينها وبين نفسها أنه كان رجلا مزعجاً ، مزعج بظهوره المفاجئ ، وسلوكه العدائي ، لكنه يملك عينين سوداوين فوق وجه نحيل ينطق بالذكاء ، ووجنتين مرتفعتين وأنف بارز ، وفم بشفاه رقيقة ، هي لم تر غلين مطلقاً ، ولكن إن كان يشبه عمه فيمكنها اآن أن تعرف لماذا كانت فالنتينا تراه جذاباً إلى هذا الحد 0
أحست كاترين بالقلق أكثر من ذي قبل ، وساءلت نفسها لماذا أتى ؟ وماذا يريد ؟ ولماذا لم يقم والدا غلين بهذه الرحلة بدل عمه ؟
رفع جيرد فريزر خصلات شعره الأسود عن جبينه ، وقال :
(( حسناً ، لنفترض أنني قبلت بما قلت لي الآن ، وصدقت أنك كاترين ، هذا يعني أن فالنتينا هي التي تحدثت معي من قبل ن إذن أين هي ؟ ))
عضت كاترين على شفتيها وهي تقول :
(( في عملها بالتأكيد ))
(( هل تعنين أنها في المتشفى ، حيث هي طالبة تمريض ؟ لا ، إنها ليست هناك يا آنسة ))
(( ليست هناك ؟ ))
(( لا ))
وهز رأسه واضعاً يديه على صدره العريض ، أما كاترين فقد علت الدهشة وجهها وسألت :
((ماذا تعني بقولك لا؟!!))
((أين تظنين أني كنت هذا المساء ؟))
((ولكنها ينبغي أن تكون هناك ، هي أخبرتني أنها يجب أن تكون في عملها في الساعة الثامنة ))
ضاقت عيناه وهو يقول :
(( هل رأيتها ؟ ))
(( نعم ، رأيتها 0 ولكن ذلك في وقت الغداء ، عندما سمعت منها ما حدث 00كيف 00كيف حال غلين ؟ ))
(( إنه لا يزال في غيبوبة ، وقد قال الأطباء أنه قد يبقى كذلك بضعة ساعات أو بضعة أيام ، أنهم لا يعلمون حتى الآن إن كان قد أصيب بارتجاج في دماغه أم لا ))
تراخت رجلا كاترين تحتها ولم تعد قادرة على الوقوف إلا بصعوبة بالغة ، وأحست بأنها مريضة منذ مدة ،

*لميس*
26-06-2007, 20:48
أشكرك أختي الغاليه ...

مسزز السريعي ع هذه الروايه الجميله


لكني قرأتها من قبل ......... هههه أخيرا في قصه قرأتها سابقا

وصرت مثلكم عندي خبره بالقصص >>> خخخخ صدقت نفسي


ألى الأمام حبيبتي

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:50
وتابع حديثه:
(( لكن ما يدهشني ، كيف جعله سوء طالعه يرتطم بذاك العامود ، مع أن ابن أخي غلين سائق ماهر ن ولا يمكن أن يصاب بحادث مثل هذا من غير سبب )
((و ماذا 00ماذا قالوا لك ؟))
(( من ؟ الأطباء ، أم الشرطة ؟))
ألقت نظراته الرعب في قلبها وهو يقول :
(( لم تنته تحرياتهم بعد ، وهم يظنون أن شخصاً آخر كان يقود السيارة ، من الممكن أن تكون أختك ، فهمم يعلمون أنها كانت معه ذاك المساء ))
قالت كاترين :
(( أتمنى لو أستطيع مساعدتك يا سيد فريزر ))
(( يمكنك المساعدة وأنت تعلمين ذلك ، يكفي أن تدليني على مكان أختك 0 وهذا كل ما أطلبه منك ))
(( عندما تركتها بعد الغداء ، فهمت منها أنها ستذهب إلى المتشفى لترى غلين ، ولا يمكنني أن أتوقع غير ذلك ))
(( لكنها ليست هناك ، وليست في سانت ماري أيضاً000 ))
قالت كاترين بإصرار :
(( أنا لا أعرف أين هي الآن يا سيد فريزر ، أنا 00أنا أتمنى لو اعرف ))
(( السؤال الذي يحيرني هو ، لماذا تظاهرت فالنتينا أنها أنت؟ !!))
(( أظن أنها فعلت ذلك عندما أدركت من تكون 000))
(( كانت مذعورة ))
(( مذعورة ؟ أظن أنها كانت خائفة ))
(( خائفة ؟ ولماذا تخاف أن لم يكن هناك شيء تخفيه ))
(( آه ، أنا لا أعرف ))
زاد اضطراب كاترين حدة ، أولا اعتراف فالنتينا ، ثانياً مفاجأة لقاء هذا الرجل عند الباب ، ثم ما قاله لها 0 والواقع معرفتها بما فعلت أختها كانت كابوساً مريعا ً بالنسبة إليها لا تعرف متى ستفيق منه 0
فركت وجنتها بيد ، وهي تومئ بالأخرى له بالانصراف ، وتقول :
(( أظن أنه من الأفضل أن تمضي يا سيد فريزر ، إني آسفة لا يمكنني المساعدة ، ولكني متأكدة من أن فالنتينا ستشرح لك كل شيء عند عودتها ))
حملق جيرد فريزر فيها قائلاً :
(( حسناً ، إني ذاهب الآن ، وسوف أمضي الليلة في المتشفى ، أراقب حالة غلين ، وإذا عرفت شيئا عن أختك ، أكون شاكراً لو اتصلت بي هناك 0))
ثم فتح الباب الخارجي ، وقف لحظة ينظر إليها وقال بلطف ، لم تكن تتوقعه منه بعد عدائه السابق :
((أرجو أن تكوني بخير ، أنا آسف لأني كنت قاسياً معك ))
تراجعت كاترين في حركة لا إرادية عندما رفع يده ، ولكن كان ما فعله أن مسح بلطف دمعة عن خدها الساخن ، بأصابع بنية اللون خفيفة باردة 0
وقبل أن يمضي سألت :
((هل سيأتي والدا غلين إلى لندن ؟ ))
أجاب باقتضاب :
(( والد غلين كان أخي الأكبر ، وعندما توفي ، رعيت مصالح والدة غلين أرملة أخي ، كما قبلت دور الوصي على الابن ))
(( آه ن فهمت ، حسناً ، أسعدت مساءً يا سيد فريزر ))
((أسعدت مساءاً آنسة مالوري ))
استدار جيرد بكثير من الادب وخرج ، أغلقت الباب بعنف خلفه عندما سار باتجاه المصعد 00
عادت كاترين إلى غرفة الجلوس ، وهي ما تزال ترتجف ، جمعت محتويات حقيبة يدها ن وأعادتها إلى مكانها ، وأخذت تفكر بالأمور لا علاقة لها بالموضوع 0
كانت شقيقتها متواضعة المظهر 0 ولم تستطع إلا أن تفكر بماذا يمكن أن يكون رأي جيرد فريزر بها 0لا شك أن منزله فخم وعلى آخر طراز ، هذا ما يبدو من ثيابه وهيئته 0 رفعت كاترين يدها إلى رأسها في حركة عفوية ، ووجدت أن الدبابيس سقطت من شعرها ، وأنه محلول على كتفيها 0وتسألت ماذا يمكن أن يكون رأي جيرد فريزر أمام أناقة النساء الكنديات ، والأمريكيات ، اللواتي شاهدتهن في المجلات والتلفزيون 0أما هي فماذا عن عينيها المحمرتين ، وأنفها السائل ، وشعرها الذي يبدو كأنه لم ير فرشاة منذ بضعة أيام ، حتى قميصها الذي كان يبدو أنيقاً في الصباح فقد رونقه أثناء النهار 0
هزت رأسها وأطفأت أنوار غرفة الجلوس ، وذهبت إلى غرفة نومها .حانت منها التفاته إلى نفسها في المرآة ، فوجدت أن زينتها جميعها قد زالت عن وجهها 00قالت تعاتب نفسها بمرارة : ( ترى ألا يوجد لدي أمور أكثر أهمية من مظهري ، أفكر بها الآن ؟!! ترى في أي مكان على وجه الأرض توجد فالنتينا الآن ؟ وماذا ترجو من اختفائها ؟!!
اغتسلت كاترين بسرعة ، وارتدت قميص نومها ، وجلست أمام المرآة تسرح شعرها الحريري الذهبي الذي كان ينسدل على كتفيها حتى خصرها ، غزيراً ناعماً ، نظرت إليه بإعجاب ، فقد كانت تعتقد إنه أجمل شيء فيها ، متجاهلة جمال عينيها الواسعتين البنفسجيتين 0
ومرة أخرى أنبت نفسها ، عضت على شفتيها بمرارة ، أهذا وقت التفكير بشعرها ، بجمالها ، برأي جيرد بشقتها ، بها ؟!! إن أهم من هذا كله ، أين أختها ؟ أين فالنتينا ؟ ولكن على الرغم من كل ما مر بها ، عندما استلقت على سريرها ، سرعان ما استغرقت في نوم عميق 0
كان النور يغمر الغرفة عندما صحت كاترين في الصباح ، والساعة تشير إلى ما بعد التاسعة بقليل 0 لم يكن الوقت متأخراً بالنسبة لها في يوم السبت ، ومع ذلك غادرت الفراش ، وألقت على كتفيها مئزر الصباح ، أحست بالبرودة تتسلل إلى أطرافها ، فأدارت مفتاح التدفئة المركزية ، ثم سحبت الستائر عن النوافذ ، ووضعت إبريق الشاي على النار 0أخذت الصحف اليومية من الصندوق المخصص لذلك 0وفجأة خطرت فالنتينا ببالها من جديد ، لماذا جاءت إلى المنزل يوم أمس ؟ وما الذي كانت تبغيه من انتحال شخصيتها يا ترى ؟
بالتفاته لا إرادية نحو غرفة أبيها التي كانت تشغلها شقيقتها بعد سفره ، توجهت مباشرة إليها وفتحت الباب 0 كانت تتوقع أن ترى الغرفة قليلة الترتيب بعد زيارة أختها في اليوم السابق 0ولكن شيئاً من هذا لم يحدث ، فقد كانت الغرفة على حالتها المعتادة 0 إلا أن هناك ما لفت انتباهها ، سرت رعشة قلق في عروقها ، فقد كانت طاولة الزينة خالية من كل ما كان عليها من عطور وأدوات تجميل 0تقدمت بسرعة إلى الداخل ، فتحت الأدراج التي تضع فالنتينا فيها حاجياتها ، واحد تلو الآخر ، ولكنها جميعاً كانت فارغة 0 وبمعنى آخر فإن كل الأغراض التي تخص أختها وكانت متبقية هناك قد اختفت ، ابتلعت كاترين ريقها وضبطت أعصابها ، فتحت خزانة الملابس وكذلك لم تجد أثراً لثياب أختها 0
إذن هذا هو سبب مجيء أختها يوم أمس إلى الشقة 0وهذا ما كانت تفعله عند قدوم جيرد فريزر ، ولا عجب أنها كذبت عليه وخدعته ، فقد كانت تخطط للرحيل 0
ملأ الخوف والقلق قلبها ، وارتجفت بمرارة ، ولكن لا بد وأن تكون فالنتينا قد تركت لها رسالة أو كلمة أو شيء آخر في مكان ما ، تعلمها فيها إلى أين ذهبت أو أنها ستعود ، ولكنها بحثت في جميع أنحاء الشقة من دون أن تجد شيئاً ينبئها بذلك ، فهزت كتفيها وقالت في نفسها ( كم سيبدو اختفاؤها مريباً )
فجأة مرت صورة جيرد فريزر في خيالها ، ماذا سيفعل جيرد عندما يعلم بذلك ؟ من الممكن أن يقدم شكوى ضدها ويطلب القبض عليها 0 يا الله كم تأزم الموقف 0
هزت كاترين رأسها ، كانت بعد ظهر الأمس قد ظنت أنه لا يمكن أن يكون هناك وضع أسوأ مما كانت فيه فالنتينا ، عندما أخبرتها بالمصيبة التي وقعت على رأسها 0 ولكن ما بالها الآن وقد زادت الأمور تقيداً

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:54
باختفائها ؟ هذا الرجل جيرد فريزر لا يمكن أن يترك الأمور على حالها 0 لا بد أنه سيزيد النار اشتعالاً 0 وهي ماذا بإمكانها أن تفعل يا ترى في مثل هذا الموقف ؟
بينما كانت تتناول الشاي ، قررت أن تتكلم مع سيمون 0 فلا بد أن تتحدث إلى أحد 0 إلى أي إنسان 0وليس هناك شخص آخر غيره يمكنها أن تفضي إليه بما في نفسها ، سيمون سيسمع لها 0سيمون سيقدر الأمور 0إنها لا تقدر أن تنتظر إلى حين موعدها بعد الظهر ، بل يجب أن تتحدث معه الآن 0
وضعت الهاتف أمامها ، رفعت السماعة وأدارت القرص بأصابع مرتعشة ، ولكنها أخطأت الرقم ، وأخطأت الرقم مراراً 0 وأخيراً وعندما ارتفعت السماعة في الجهة الأخرى كانت المتكلمة ، السيدة ترافس ، والدة سيمون 0
(( آه ، سيدة ترافس ، هل سيمون موجود ؟ أريد أن أتحدث إليه فالأمر هام جداً ))
أجابتها السيدة ترافس باقتضاب :
(( إنه لم يستيقظ بعد ، كان هذا الأسبوع شاقاً بالنسبة إليه ، لكثرة ما كان لديه من أعمال ، وأنا متأكدة أن الصبي المسكين متعب جداً ))
بدا القلق في صوت كاترين وهي تقول :
(( حسناً ، هل يمكنك أن توقظيه من أجلي يا سيدة ترافس ، أنا عادة لا أزعجك ، ولكن الأمر الآن طارئ وهام ))
(( ماذا حدث ؟ ربما أستطيع المساعدة ))
(( لا ، بل يجب أن أكلم سيمون شخصياً ، أرجوك سيدة ترافس ، أطلبي من سيمون أن يكلمني ))
استسلمت السيدة ترافس أخيراً ، وقالت :
(( حسناً ، لا بد أن يكون الأمر هاماً ، ليس علي إيقاظه ، لقد وعدني أن يغرس لي بعض الشجيرات في الحديقة هذا الصباح ، وأنا لا أريد أن يؤخره أي شيء عن ذلك ))
بدا لكاترين أن دهراً مر قبل أن يصل سيمون إلى الهاتف ، ولم تعد تطيق على ذلك صبراً ، وأخيراً سمعت صوته :
((كاترين ؟ قالت والدتي أنك ألححت في طلبي ، ما الخبر ؟. ماذا هناك ؟ هل أنت بخير ؟ ))
(( أنا بخير سيمون ، سيمون يجب أن أتحدث إليك ، هل يمكنك أن تأتي إلي الآن ؟ أنا لا أعرف ماذا أصنع ))
(( كاترين حبيبتي ما الخبر ؟ ألا تستطيعين أن تخبريني على الهاتف ؟))
(( لا ، لا أستطيع أن أبحث الأمر معك عبر الهاتف يجب أن تأتي يا سيمون ، أنا آسفة , أنا أعرف أن والدتك لا تحب ذلك ، ولكن المسألة مهمة جداً ، ويجب أن أراك ))
(( ولكني سأراك بعد الظهر ، ألا تستطيعين الانتظار حتى ذلك الحين ))
(( لا ))
(( كاترين!!)
(( ألا تجرؤ ؟ قل أن عليك بعض الأعمال في الحديقة ، ولكنك لا تعرف يا سيمون ، إنها مسألة حياة أو موت ، ماذا أقول كي تصدقني ؟))
أجابها سيمون يحاول تهدئتها :
((حسناً ، حسناً أنا قادم وبسرعة ، فقط أرجو أن تأخذي الأمور ببساطة))
((ببساطة ؟!! حسناً تعال بسرعة ، بأسرع ما يمكنك ))
وضعت السماعة مكانها ، وأعادت الهاتف إلى موضعه ، وأخذت تسرع في ترتيب شقتها ، ثم ارتدت ثيابها استعداداً لمقابلته ، ولكنها أغفلت زينتها 0
دخل سيمون منزلها بعد المكالمة بما يقرب من الساعة وهو يقول :
((كاترين ، قولي بسرعة ما بك ؟ والدتي تنتظرني ، وقد وعدتها أن أحضر لها معي بعض الخضار ))
((الخضار؟!!))
هزت هذه الكلمات كاترين هزاً عنيفاً ، ولكنها لم تقل سيئاً حتى دخلا غرفة الجلوس 0
لم تستطع مقاومة الرغبة في المقارنة بين سيمون والرجل الذي كان في زيارتها ليلة أمس ، ولم يكن هناك وجه شبه بينهما 0 لقد كان شعر سيمون بني اللون مائلاً للحمرة ، بينما كان شعر جيرد فريزر أسود حلك السواد ، كانا يختلفان من عدة وجوه ، ليس لديها من الوقت أن تذكر الآن جميع هذه الوجوه 0 فسيمون أمامها وهو يريد العودة بسرعة ، وسألت نفسها : ترى ماذا يمكن أن يقول سيمون لو أخبرته بالمعاملة القاسية التي لقيتها على يد عم غلين ؟!!
قطع سيمون حبل الصمت وقال :
(( حسناً ، أنا هنا ، فما هو الأمر الطارئ الهام ، الذي لا يمكن تأجيله حتى الساعة الثالثة ؟ والساعة الآن هي الحادية عشرة ))
ثم غير مجرى الحديث وأضاف :
(( إني أشتم رائحة قهوة ، هل يمكن أن أتناول فنجاناً ؟ ))
((هل تناولت فطورك ؟ أنا متأكدة أن والدتك لا تسمح لك بالخروج أبداً دون إفطار ))
(( لقد تناولت بعض الخبز والزبد ومربى التفاح ، كاترين دعينا من ذلك الآن 0 ما الأمر ؟ شعرت أن هناك شيء ما ليلة أمس ، ولكنك لم تبحثيه معي في حينه))
ذهبت كاترين إلى المطبخ ، وأحضرت فنجانين من القهوة ، وهي تفكر ، ماذا سيقول سيمون عندما تخبره بالأمر ؟ وكيف سيكون ردة فعله هل سيهدد بالذهاب إلى الشرطة ؟ إنها في الواقع لا تعرفه على حقيقته تماماً 0
جلس سيمون بارتياح ، وأخذ صحيفة يطالعها ، وعندما دخلت بالقهوة ترك الصحيفة جانباً ، وأصغى إليها بجميع حواسه 0
((إنها فالنتينا ، لقد اختفت ))
((اختفت ؟!! ماذا تعنين ؟ اختفت ؟ هل أخطفت ؟ أم هربت ؟ أم ماذا ؟ ))
(( لا ، ليس اختطاف ، لقد أخذت جميع حاجياتها التي كانت تحتفظ بها هنا ، و لا أظن أنها لو خُطفت ينتظرها المختطفون لتجع أغراضها ))
قال سيمون صائحاً :
(( وكنت تعرفين هذا في الليلة الماضية؟ ))
((لا 00بالطبع لا !!))
((إذن ما سبب قلقك ليلة أمس ؟ ))
وباختصار حكت له ما حدث مع فالنتينا مغفلة أنها كانت تقود السيارة 0
عقب سيمون بقوله :
((يا الهي ، أو تظنين أنها هربت ، مخافة أن تتورط في هذه المشكلة ؟ ))
(( شيء من هذا القبيل ))
(( ولكن لم تكن غلطتها ، لا أفهم ، لماذا أحست أنها بحاجة إلى الهرب ؟ ))
عضت كاترين على شفتيها وقالت :
(( ربما هناك شيء أكثر من هذا ))
(( ولكن ماهو ؟ إنها بذلك تفسح مجالاً للشك بأمرها ، تشجع الناس على الظن بأن هناك شيئاً تخفيه ، وبالتأكيد فإن الشرطة ستكشف في النهاية ذلك ، إنهم دائماً يفعلون ))
(( ربما كانت تقود السيارة ، فماذا عن ذلك ؟ ))
(( لا تكوني سخيفة ، فالنتينا لا تعرف القيادة ، وأنت على علم بذلك ))
(( الصغار يفعلون أحياناً بعض الأمور الجنونية))
(( إن فعلت فلن أكون إلى جانبها على الإطلاق ، ياالهي معنى هذا أنها ستتهم بجريمة قتل غير مقصود ، هذا إذا مات الشاب ))
وتأكدت أن سيمون لا يمكن أن يساعدها في شيء 0فإلى من تلجأ يا ترى ؟
رن جرس الباب ، رفعت رأسها ، وهي تتسأل من يكون الطارق ؟ الشرطة ؟ هل اكتشفت الشرطة أن أختها لم تكن الليلة الماضية في بيت الممرضات ؟ وجاءوا يبحثون عنها 0
نظر سيمون إليها باستغراب وقال :
(( ألا تريدين أن تفتحي الباب ؟ ألم تسمعي رنين الجرس ؟ ربما تكون فالنتينا ، فتزول جميع مخاوفك ))
إنها تعرف أن القادم لا يمكن أن يكون فالنتينا ، ومع ذلك فهي لا تستطيع أن تتجاهل الطارق 0 وإن فعلت ، فسيمون سوف يفتح الباب ، على أية حال كان قد وقف بالفعل غير صابر على ترددها 0
بينما كانت كاترين تسير نحو الباب ، كانت تفكر بما يمكن أن تقول ، لا تستطيع التظاهر أنها لا تعرف أي شيء 0 فالنتينا اختفت يجب أن تخبرهم بذلك 0فماذا سيفعلون معها وهي ليس لها أي علاقة بالأمر ؟
فتحت الباب 000ارتجفت قدماها ، وشحب لونها ، لم تكن هناك شرطة ، كان يقف بالباب ذاك الرجل الطويل الأسمر ، الذ أزعجها في الليلة السابقة 0إنه جيرد فريزر 00

**يتبع ** ودمتم سالمين [/COLOR]

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:57
3) المواجهة


(( من ؟ السيد فريزر ؟ ))
تنفست بصعوبة وهي تلتفت خلفها خشية أن يكون سيمون قد سمعها وهي تلفظ اسم الزائر 0
أجابها جيرد فريزر بالمثل :/
(( آنسة مالوري ، هل يمكنني الدخول ؟ أنا بحاجة لأن أتحدث إليك مرة أخرى ))
(( مرة أخرى ؟ ))
(( نعم ، مرة أخرى 0 وأظن أنك ترغبين سماع ما سأقوله لك ))
لم تصدق كاترين أنها تستطيع أن تدخله بيتها ثانية بعد تصرفه القاسي معها الليلة الماضية ، ولكن جيرد فريزر كان شديد الثقة بنفسه ، وجاء ليدخل 0فكيف يمكنها الآن أن تقدمه لسيمون ، وهي لم تلمح مطلقاً إلى زيارته لها الليلة الماضية ؟
قالت بارتباك :
((هل يمكن أن تعود لاحقاً ؟ فإنه من الصعب أن أتحدث إليك الآن))
(( لماذا ؟ هل فالنتينا هنا ؟ هل هذا ما تريدين إخفاءه ؟ فإن وجودها يحل المشكلة ))
دفعها جانباً ودخل مباشرة ، لم تستطع أن توقفه ، ولم يكن بيدها أن تفعل شيئاً أكثر من أنها هزت كتفها عندما أغلقت الباب وأسرعت خلفه 0
وقف جيرد في وسط غرفة الجلوس ، وعندما لحقت به كان سيمون يقف ليواجه الرجل الطويل القادم 0 شعرت برغبة في الضحك من الإمارات التي بدت على وجه كلاً منهما 0 فعلى وجه سيمون بدت علامات السخط والتهديد ، أما على وجه جيرد فريزر فقد بدت إمارات العداء والارتياب 0
(( ما الذي يجري هنا ؟ ))
كان سيمون هو الذي تكلم أولاً 0
أجابت كاترين :
(( هذا عم غلين يا سيمون 0 أنت تعرف من هو غلين ، صديق فالنتينا ، وقد جاء إلى هنا بسبب الحادثة))
سألها جيرد ، ولم يكن بحالة تسمح له بالانتظار ، حتى يتم التعارف بينه وبين سيمون ، فألقى نظرة سريعة على المطبخ 0
تركت سيمون ينتظر التفسير عنة هذا المسلك الغريب ، وقالت مسرعة :
((سيد فريزر ، أنا أخبرتك الليلة الماضية ، أنني لا أعرف مكان أختي ، وإن كنت تريد أن تعرف شيئاً أكثر من ذلك ، فلتعلم أن ملابسها قد اختفت أيضاَ ))
(( كاترين ((000
حاول سيمون التدخل ، ولكن جيرد لم يترك له أدنى مجال لذلك ، وقال :
))تعنين أنها هربت ، إنني غير مندهش ، أظن أنك كنت تعرفين طيلة الوقت أنها كانت تقود السيارة ((
تقدم سيمون خطوة إلى الأمام ، وأمسك بيد كاترين وهو يقول :
))لا تتكلم بهذا الأسلوب غير الأخلاقي ، فالنتينا لا تستطيع أن تقود سيارة ، ولم تفعل ذلك من قبل ، سيد فريزر ليس من حقك أن تتهم فتاة بريئة ، بسبب ما أصاب ابن أخيك ((
تجاهل جيرد كلام سيمون ، وقال :
)) دعينا لا نخل في نقاش بلا طائل , آنسة مالوري 0شقيقتك كانت تقود السيارة ، ولا شك عندي أن الشرطة ستبرهن على ذلك ، ولكن ليس هذا هو المهم الآن ، لقد صحا غلين من غيبوبته وهو يسأل عن أختك ((
تمتمت كاترين وهي تضع يديها على خديها :
)) آه!))
(( هل أنت حقاً لا تعرفين أين هي ؟ ))
(( لا,لقد أخبرتك بذلك سابقاً ، إنني أتمنى لو أعرف ))
وبعد لحظات من التفكير بدا على وجه جيرد أنه وصل إلى قرار وقال :
((إذن يجب أن تقومي بدورها بدلاً منها ))
(( أفعل ؟ أفعل ماذا ؟!))
قال جيرد بصراحة :
((تتظاهرين أنك فالنتينا ))
(( الآن أنتظر هنا 000))
ومرة أخرى حاول سيمون التدخل ، ولكن في هذه المرة كاترين هي التي أوقفته عن الكلام وقالت :
(( لا أستطيع أن أفعل ذلك ، غلين سيعرف على الفور أنني لست فالنتينا ))
(( ليس بالضرورة ، فعلى ما أذكر أنتما متشابهتان في المظهر ))
((ولكن غلين 000))
(( غلين يبدو أن الصدمة أثرت على بصره ، حتى أنه لا يستطيع أن يميزني ))
(( أثرت على بصره ؟ لكن 0000))
لم يترك جيرد لها مجال آخر للمتابعة وقال :
(( أما الأصوات ، فالمرء لا يصغي إليها ، بقدر ما يصغي إلى المتكلم 0 هل تفهمينني ؟ وفي أية حال صوتك ليس مختلفاً كثيراً عن صوت فالنتينا ، وإذا تظاهرت أنك هي ، فسوف يصدقك حتماً ))
وبصعوبة استطاعت كاترين أن تفتح شفتيها كي تتكلم وهي تنظر إلى سيمون ، لكن ما باليد حيلة ، ووجه سيمون كلامه إلى جيرد متجاهلاً نظرات كاترين :
((لماذا لا تخبر ابن أخيك بالحقيقة ؟ فهو بلا شك سيعرفها إن أجلاً أو عاجلاً ))
تجاهل جيرد كلام سيمون ، وهز كتفيه ووجه كلامه إلى كاترين قائلاً :
(( احضري معطفك معك آنسة مالوري 0 وأنا سأوصلك إلى المتشفى ، أنا متأكد أنك ستفعلين ما بوسعك لتساعدي في شفاء غلين ))
صاح سيمون محاولا أن يثنيها عن عزمها :
(( كاترين ، انتظري 000))
ولكنها أجابت :
(( سيمون ، يجب أن أفعل ذلك ، ألا تدرك ؟ إنها ليست غلطة غلين إذا هربت فالنتينا منه ))
(( وليست غلطتك أنت أيضاً ))
ولما وجد أن كاترين غير عابئة لاعتراضه ، تابع قائلاً :
((حسناً ، سأوصلك بنفسي إلى المتشفى ، وهكذا أكون هناك إذا حاول أحد أن 000))
قاطعه جيرد وهو يقف قرب الباب :
(( لا ، ليس هذا ضرورياً يا سيد 000))
قال سيمون باقتضاب :
(( ترافس ))
((حسنا ،سيد ترافس ، يمكنك أن تنتظرها هنا ، وسوف أعيدها سالمة فلا تقلق ))
قالت كاترين وهي تعود إليهما ، وقد وضعت معطفاً على كتفيها :
(( سيمون ، أظن من الأفضل أن تذهب إلى البيت الآن ، وسوف اتصل بك عندما أعود ، أني آسفة ، ولكن ليس هناك حل آخر ))
أحمر وجه سيمون من الغضب وقال :
(( لماذا لم تخبريني أن جيرد كان هنا في الليلة الماضية ؟ حتى وفي هذا الصباح جعلتني أظن أن ما يقلقك هو ما قالته فالنتينا لك ))
(( إن الأمر 000))
ولكن جيرد كان يستعجلها وهو يدفعها نحو الباب ، فلم تجد مجالاً لتشرح له أي شيء ، واكتفت بأن قالت :
((سوف أراك فيما بعد ))
نظر سيمون بحقد وكراهية إلى جيرد وهما يأخذان المصعد ، وهناك أمام البناء مضى سيمون غاضباً إلى سيارته ، تاركاً جيرد يصطحب كاترين في المرسيدس0
فتح جيرد باب السيارة لتدخل كاترين ، وعندما جلس إلى جانبها وحرك مقود السيارة قال :
((فالنتينا كانت تقود سيارة غلين ، أليس كذلك ؟ لا شك أنها أخبرتك ، ألم تفعل ؟ وهذا سبب خوفك عندما ذكرت أنها كانت معه عند وقوع الحادث ))
أخذت كاترين نفساً عميقاً :
(( لماذا ؟ لماذا تظن ذلك ؟ ))
أجاب بصوت يدل على نفاذ الصبر :
(( لماذا ؟ آنسة مالوري 00آه 00ما هذا العذاب ؟!! كاترين ، أنا لا أستطيع أن أستمر في ندائك – آنسة مالوري – الجميع يظنون أن إصابته لا تدل على أنه كان وراء المقود ))
(( الشرطة قالت ذلك ؟))

مسزز السريعي
26-06-2007, 20:58
(( لا ، ليس بعد ، ولكنهم سيفعلون ، لكنه طبيب غلين الذي أبدى رأيه ، وأنا أتفق معه في ذلك ))
تنفست كاترين بصعوبة وقالت :
(( هل سيكون غلين بخير ؟ أعني بعد أن عاد إليه وعيه ))
(( إننا نأمل في ذلك ))
((هل إصابته في رأسه خطيرة ))
(( جروح عديدة مزقت وجهه ، ولكن الأطباء قالوا أنها ستشفى مع مرور الوقت ، بالإضافة إلى فقدان البصر ، واشتباه في وجود ارتجاج في الدماغ ))
(( ماذا لو اكتشف أني كاذبة ؟ ))
((لماذا سيكتشف ؟ هل التقيت به من قبل ؟ ))
(( لا))
(( وهكذا فإن غلين ليس لديه شيء في الذاكرة يبني عليه ارتيابه فيك ))
تطلعت كاترين من نافذة السيارة وهي تفكر في أختها ، وأين يمكن أن تكون الآن ؟ وإلى متى تستطيع أن تبقى بلا معين ؟ وتفكر أيضاً في نفسها ، إلى متى يمكنها أن تتخلص من أسئلة جيرد فريزر ؟0
مرت ساعة من الزمن حتى وصلا إلى المتشفى ، حيث كان غلين ، وكان الوقت بعد الواحدة بقليل ، عندما سارت في ممر طويل مفروش برقائق من المطاط يحول دون حدوث أي صوت يزعج المرضى ، يؤدي إلى وحدة العناية المشددة 0
كان يسود المكان جو من الهدوء والنظافة والنظام ، كما يبدو على المسؤولين فيه من أطباء وممرضات إمارات الفعالية والمهارة ، وأمام كل هذا تملك كاترين شعور بالاطمئنان ، وجعلها تؤمن أنه إن كان هناك من يستطيع أن يساعد غلين على الشفاء ، فإنهم هؤلاء الأشخاص ، وامتلأ قلبها بالأمل ليس من أجله فقط ، وإنما من أجل فالنتينا أيضاً 0
حيّت الممرضة المناوبة جيرد فريزر بحرارة ، مما دل على أنه أصبح زائراً معروفاً ، وقدم لها كاترين ، فابتسمت لها الممرضة هاريس ، وقد عرفت أنها الفتاة التي سأل عنها غلين 0
كان غلين مستلقياً بهدوء على سرير ضيق ، وجهه أبيض كلون الوسادة التي وراء رأسه ، أمسكت كاترين أنفاسها عندما رأت الضمادات تحيط برأسه وتكاد تغطيه ، وأنابيب تتعلق بأنفه وأخرى برسغه ، لقد حزّ في نفسها كثيراً مرآه على هذه الحال عاجزاً لا حول له ولا قوة 0
تقدمتها الممرضة هاريس ، وصرفت الممرضة الشابة التي كانت تجلس بجوار سرير غلين ، وانحنت حتى اقتربت كثيراً من مريضها وقالت :
(( سيد غلين ، هل أنت مستيقظ ؟ لديك زائر ؟ ))
(( من ؟ فالنتينا ؟ ))
دبت الحياة في قسمات الوجه المضمد ، أما كاترين فقد أمسكت أنفاسها عندما فتح عينيه ، لم تكن عينيه سوداوين مثل عيني عمه ، بل زرقاوين صافيتين ن وعندما تحولتا نحوها ، فقدت كاترين أعصابها 0
وردد غلين ثانية :
(( فالنتينا ، أين أنت ؟ أيتها الممرضة قلت إن لدي زائر 00))
فأجابت الممرضة ، وهي تدفع كاترين إلى الأمام :
(( لا تتعب نفسك سيد غلين ، الآنسة مالوري هنا ، تماماً بجانبي ، أعطني يدك 0))
فتناولت يده وشبكتها بأصابع كاترين المتجمدة وهي تتابع :
(( والآن هل صدقتني ؟))
((آه ، فالنتينا 00))
اضطرب صوت غلين ، أما كاترين فغاصت في الكرسي الذي أخلته الممرضة ، وبللت شفتيها بلسانها ، وقالت :
(( ها 00هالو غلين ))
خرجت الكلمات القليلة من فمها بصعوبة متقطعة ، وهو يرفع يدها إلى شفتيه ، وتابعت :
(( كيف 00كيف تشعر الآن ؟ ))
(( أنا بخير ))
شعرت كاترين بارتياح عندما أدركت أنه صدّق أنها فالنتينا ، أما غلين فقد تابع كلامه :
(( كيف حالك ؟ لم تصابي بأذى ، أليس كذلك ؟ يا الله ، عندما لم أجدك حينما استيقظت ، ظننت أنك 000))
تلفتت كاترين حولها تستنجد بجيرد فريزر ، فتقدم إلى الأمام قائلاً بصوت ملئ بالبشر والبهجة :
(( كنت في غيبوبة مدة تزيد عن 24ساعة ، أيها الرفيق القديم ، وأنت لا ترضى أن تجلس فالنتينا طيلة هذا الوقت بجانبك ، فهي أيضاً تحتاج إلى نوم وراحة ، أليس كذلك ؟ ))
(( أنا أعلم ))
قال ذلك ، وحول نظره مرة أخرى نحو كاترين ، وهو يبدو أكثر ابتهاجاً وسروراً بها من ابتهاجه بعمه ، أما هي فقد كانت تراقب عينيه المضيئتين وتعجب كيف ينظر إليها دون أن يراها ؟ !!
وتابع غلين بقوله :
((هل أنت متأكدة أنك بخير ؟ كيف أبدو ؟ هل أخبروك عن عيني ؟ فالنتينا أنا لا أرى شيئاً ))
أجابت بصوت مبحوح :
(( أنت0000أنت تبدو بحالة حسنة ، وأنا متأكدة أن المسألة مجرد وقت ويعود إليك بصرك ))
(( ألا أبدو عجيب الخلقة ؟ ))
(( لا بالتأكيد لا ))
كانت الممرضة هاريس قد خرجحت لبعض الوقت ثم عادت قائلة :
(( سيد غلين ، حان وقت راحتك ، والآنسة مالوري تستطيع العودة فيما بعد إذا أرادت ، أما الآن فيجب أن تذهب ))
اعترض غلين على ذلك ، ولكن الممرضة هاريس أصرت، وجيرد أكد لابن أخيه أن فالنتينا لن تكون بعيدة عنه 0
تلوى غلين ببطء تحت الغطاء الخفيف قائلاً :
(( لن تذهبي بعيداً فالنتينا ، أليس كذلك ؟ أعني لن تتركي المتشفى ؟ ))
(( أنا 00لا 00لا لن أذهب بعيداً ، سوف أراك فيما بعد ))
وعندما أصبحت في الممر ثانية ، نظرت كاترين إلى جيرد نظرة لطيفة تخفي فيها استياءها وقالت :
(( كيف يمكنني أن أبقى في المتشفى ؟ لدي بعض المواعيد الخاصة التي ينبغي قضاؤها ))
(( إذن اقترح ، أن تحاولي جاهدة وتعملي على إيجاد فالنتينا حتى تخرجي من هذا المأزق ، أما الآن فدعينا نتناول بعض الطعام ، في الجهة المقابلة يوجد مطعم صغير ))
قال ذلك وهو يسير إلى جانبها متجهين نحو المصعد ، قلبت كاترين شفتها والمصعد الضخم يهبط بهما إلى الطابق الأرضي ، وهي تخاطب نفسها : لا شك أن ما يقوله جيرد صحيح ، يجب أن تظهر فالنتينا ، وعندئذ فعليها أن تواجه مشاكلها بنفسها 0
دخلا المطعم الصغير ، وجلسا ، طلبا كأسين من العصير ، وبعض الخبز والجبن 0
لم يكف جيرد عن الحديث في الموضوع نفسه ن حتى وهما يتناولان الطعام فقال :
((لتشكر فالنتينا حظها ، فقد وجدت من يتحمل المسؤولية بدلاً منها ))
(( هل أنت حقاً متأكد ، أنها هي التي كانت تقود السيارة ؟ ))
((وأنت ألست متأكدة ، أيضاً ؟!))
(( حسناً ، هل سيلقى القبض عليها ؟ ))
(( هذا يتوقف على 000))
(( يتوقف على ماذا ؟ ))
(( هذا إذا وجّه غلين اتهاما ضدها ))
(( ولكن الشرطة 000))
(( الشرطة ؟ أظن أنهم لن يفعلوا شيئاً ، إلا إذا أراد غلين أن يورط أختك 0 ولكن يبدو أنه لا يريد أن يفعل ذلك ))
قالت كاترين والقلق يبدو في كل كلمة من كلماتها :
((لكنه سيفعل ، سيفعل عندما يجد أن فالنتينا تركته ومضت 000))
(( كيف سيكتشف ذلك الآن ؟ أتظنين أن لدي استعداد لأن أعيق شفاءه بكشف الحقيقة ؟))
(( هل تعني أنك لا زلت موافقاً على علاقته بشقيقتي ومستقبلهما المشترك ؟ ))
بانت القسوة في عيني جيرد وهو يقول :
(( كيف تريدين مني أن أوافق على ذلك بعد الطريقة الشائنة وغير المسؤولة التي تصرفت بها أختك ؟ تلك

مسزز السريعي
26-06-2007, 21:00
الطريقة التي لا تقل عن الجريمة ، وهي في نظري تستحق كل ما سيجري لها ، لكن حتى يصبح غلين قوياً بما فيه الكفاية ليسمع الحقيقة ، أعني حتى يشفى تماماً ، حتى ذلك الحين أريد أن تبقى الحقيقة مكتومة ))
قالت كاترين في نفسها ، كل شيء حتى الآن يسير سيراً حسناً ، لكن ماذا سيجري إذا لم تعد فالنتينا ؟ وماذا لو أن غلين لم يسترد بصره ؟ لا شك عندئذ لا يمكن لجيراد أن يستبقيها لتمثل دور شقيقتها إلى ما شاء الله 0
بلع جيرد كلامه وهو يتناول بقية شرابه :
((أما الآن فقد مرّت أصعب مشكلة في القضية ، وهي أن غلين قبلك على أنك فالنتينا ، وهكذا فسيتوقف عن سؤاله عنها 0))
قالت كاترين وهي تنظر إلى ساعة يدها :
(( لكني لا أستطيع أن أستمر بالتظاهر على أنني فالنتينا ن والآن أعتذر ، لقد بلغت الساعة الثانية والنصف ، ويجب علي أن أذهب ، وعدت سيمون أن ألقاه في الثالثة ))
ولكن جيرد قال كأنه يقرر حقيقة :
((حسناً ، أنا آسف فلا يمكنك أن تذهبي ، والأفضل أن تتصلي به هاتفياً ، لإخباره أنك ستكلمينه فيما بعد ، وإذا لم يرض بذلك ، فما عليك إلا أن تلومي أختك لذلك ))
نظرت كاترين إليه بازدراء وقالت :
((أرجوك عليك الاهتمام بما يخصك فقط ، ولا تهتم بي مطلقاً ))
(( ماذا تعنين ؟ ))
(( أنت تعرف ما أعني بالضبط ))
(( ما أعرفه هو أن والدة غلين تنتظر بفارغ الصبر خبراً عن ولدها وحيدها ، وأنا على استعداد أن أقوم بكل ما يمكن لئلا تكون تعيسة ))
رفعت كاترين رأسها وقالت :
(( حتى لو دمرت إنسان آخر في سبيل تحقيق ذلك ))
(( أنا لا أدمرك يا كاترين ، صدقيني ، لقد صبرت عليك كثيراً ، ولكن 000العواقب لن تسرك ))
(( هل تهددني يا سيد فريزر ؟ ))
نظر في عينيها القلقتين وقال :
(( أهددك ؟ أنت إذن لا تفهمين معنى كلماتي 0 واسمي – جيرد – فقط نادني به ، لا أظن أن فالنتينا متمسكة بالشكليات مثلك ؟ ))
قالت كاترين في نفسها : ولا هي يجب أن تتمسك بالشكليات خصوصاً أنها تحل محل أختها في هذه الظروف ، ولو كانت فالنتينا هنا الآن ، فلا شك أنها ستجد العم أكثر جاذبية من ابن أخيه ، ولا تدري كيف كانت ستتصرف معه 0
وتسألت هل هو متزوج يا ترى ؟ وإذا كان كذلك ؟ فما رأي زوجته في اهتمامه الزائد بأرملة أخيه ؟لتترك الظنون جانباً الآن وتفكر في مشكلتها فإنها إذا زادت الأمور تعقيداً سيزيد عناد جيرد ويرغمها على الرضوخ لإرادته ، قال فجأة :
((أخبريني هل ستتزوجين سيمون هذا ؟ وهل ذلك هو سبب تلهفك لاسترضائه ))
أفاقها كلام جيرد من شرودها أنه لا يستطيع أن يقرأ أفكارها وأجابت :
(( لا أعرف ، ولا أظن أن هذا الأمر يعنيك من قريب أو بعيد يا سيد جيرد ، من أختار كشريك حياتي أمر يخصني وحدي ))
قال بصراحة :
(( هذا يعني أنك لست متأكدة من مشاعرك نحوه ، وأنا لا أصدق أنه لم يسألك رأيك في هذا الموضوع حتى الآن ))
((حسناً يا جيرد 0لا أرى علاقتي بسيمون تخصك من أية ناحية ، أنا لم أسألك مطلقاً أيه أسئلة شخصية ، فلماذا تفعل ذلك ؟!!))
((لا يوجد عندي شيء أخفيه ))
(( ولا أنا أيضاَ ، وكل ما في الأمر ، أني أجد أنه من غير المناسب تدخلك في حياتي الشخصية ))
((لا بأس ، قد يكون الحق معك ، وإذا كنت لا ترغبين في الحديث عن نفسك ، حدثيني عن سيمون ، ما هو عمله مثلاً ؟ هل هو موظف حكومي ؟ هذا ما يبدو عليه 0))
(( إنه مدرس ، وعليك ألا تحكم على الناس من مظهرهم ))
قال جيرد ببرود :
(( هذا صحيح ، وللتأكيد ، فإنك تبدين وشعرك مسدول على كتفيك كأنك الأخت الصغرى ، لولا أني أعرف الواقع ))
ومن غير أن تدري ، ارتفعت يدها إلى شعرها ، وأخرجت منه الدبابيس وتركته ينساب على ظهرها ويحيط بوجهها ، ونظرت في عينيه ، وقالت :
((أنت تتلاعب بالوقت يا سيد جيرد ، أنت تعرف أين يجب أن أكون الآن ، أليس كذلك ؟ ))
قال بجفاء وهو ينظر إلها :
((إنه استنتاج يدل على الفطنة ))
(( من فضلك أريد أن أذهب ))
وضع جيرد يده على كتفها يستبقيها ، وقال :
(( لا ، ليس الآن 0 سوف أشرح لخطيبك فيما بعد ))
(( إنه ليس خطيبي ))
أوضحت كاترين بصوت صارخ ، وقد نفذ صبرها ، ولكنها تمنت لو مان صوتها أكثر رقة ، وأقل عنفاً من ذلك ، وتابعت :
((ما الذي يجعلك تظن أنه سيقبل هذا العذر منك ، أكثر مما يقبله مني ؟ ))
(( لأنني أستطيع أن أكون أكثر إقناعا ، ما هو رقم هاتفه ؟ أم تريدين مني أن أجده في الدليل ؟))
أدركت كاترين أنه على كل حال لا يمكنها أن تصل إلى بيت سيمون في الموعد المحدد ، لابد من الاتصال به هاتفياً ، قالت وهي تقف :
(( سأخبره أني سأراه في المساء ، لا أظن أن لديك اعتراض على ذلك !!))
وسارعت إلى الهاتف قبل أن يعترض على شيء ، علماً منها أنه إذا احتاج غلين إليها في المساء فسوف تستجيب له 0
وكما توقعت ، فإن سيمون رفض بشدة أن تكون هي كبش الفداء بسبب فعلة أختها الرهيبة ، ثم قال لها :
((أظن أننا كنا سنذهب إلى المعرض بعد ظهر اليوم ، إلا إذا كنت قد نسيت ذلك ، ماذا تريدين أن أفعل الآن ؟ هل أذهب بمفردي ؟ ))
(( كان ذلك الترتيب مؤقتاً يا سيمون وأنت تعلم ذلك ، ولم نتفق عليه بصورة نهائية ، لأني سأكون منهمكة بشراء بعض المواد الغذائية لكافة أيام الأسبوع لأنه لم يعد لدي شيء من المؤن ، وإذا عادت فالنتينا 000))
قاطعها سيمون :
(( إذا عادت فالنتينا ، انتظري حتى تري ماذا سأفعل عندما أرى تلك الآنسة الشابة فإني سوف أهزها هزاً ))
(( ألسنا كلنا نريد ذلك 00))
جاءها صوت جيرد من خلفها ، فاستدارت مرتعشة بحدة لتجده متكئاً على الحائط بجانبها ، يستمع إلى مكالمتها ، نظرت إليه نظرة لوم على إنصاته لما يدور بينهما وبين سيمون من حديث أما سيمون فقد تابع حديثه قائلاً :
(( على أية حال ، لا أريدك أن تنشئي صداقة مع جيرد ، والأفضل أن آتي وأبقى معك ، فأرى ما يجري هناك على الأقل 0))
(( لا تفعل ذلك سيمون ، سآتي بأسرع وقت ممكن ، ولا تخف عليّ ))
وعندما وضعت السماعة ، قالت بصوت مرتفع :
((كيف تجرؤ على الاستماع إلى المكالمات الخاصة ظ ألست خجلاً من نفسك ؟))
ابتعد جيرد قليلاً عن الحائط قائلاً :
(( لا تجعلي من الموقف مأساة 0 فإن سيمون سوف يتغلب على كبريائه فيما بعد ، وإذا كان كل ما يفكر أن يفعله مع أختك هو أن يهزها هزاً !! فلم أعد قلقاً من أية عقوبة سيفرضها عليك 0))
(( لا تخرج عن الموضوع ، ليس من حقك أن تنصت إلى حديثنا ))
(( ليس لي الحق , ولكني فعلت ن والآن أنسي الموضوع ، ودعينا نتناول كأساً آخر ))
(( لست عطشى ن ومن الأفضل أن نعود إلى غلين ، أتحدث إليه قليلاً ، ثم أذهب إلى البيت ))
(( كما تشائين ))
عندما دخلا غرفة غلين وجداه لا يزال نائماً ، فقالت الممرضة هاريس لكاترين :
(( بدا أكثر هدوءاً بعد زيارتك يا آنسة فالنتينا ، فهو نائم بسلام الآن ، ولكنك يمكنك الجلوس إلى جانبه أن أردت ، أنا متأكدة أنه سيكون سعيداً لرؤيتك عندما يستيقظ ))
وافقت كاترين على ذلك ، أما جيرد فقال أن غلين لن يكون بحاجة لكليهما ، وأنه سيذهب إلى الفندق ليتصل بوالدة غلين من هناك ، وطلب من كاترين أن تتصل على الفور إذا دعت الحاجة لذلك ، ثم غادر المكان 0
كان الوقت يمر بطيئاً وهي تجلس بجواره صامتة ، وقالت في نفسها ، لو أنها خطيبتة غلين ، أو صديقته ، أو على الأقل تعرفه من قبل ، لكان هذا الوقت الذي يمر بها وهي تراقبه نائماً ، وقت راحة بالنسبة إليها ، أما وأنه شاب غريب عنها ، فقد تسرب الضجر إليها ، وأحست بالخوف إذ مرّ في ذهنها أنه قد يكشف حقيقتها عندما يستيقظ ، فقد يستطيع إلى ذلك بطرق عديدة ، صوتها ، مظهرها ، تصرفاتها ، عليه فقط أن يمد يده إلى شعرها حتى يعرف أنها ليست فالنتينا 0
وعلى أية حال فالنتينا لن تبقى مختفية إلى الأبد ، وعندما تعود 000ولما بلغت هذه النقطة ، لم تعد ترغب في التفكير بما سيحدث عند عودة أختها ، على فالنتينا عندئذ أن تواجه جيرد وكذلك ابن أخيه 0
في الخامسة قدمت لها أحدى الممرضات كوباً من الشاي ، فأخذته شاكرة مسرورة به ، كانت تحتاج إلي شيء ما كي تتسلى به ليمر هذا الانتظار الممل ، وأخذت تشرب الشاي على مهل ، وهي تنظر إلى عيني غلين المغمضتين ، وجروحه العميقة التي سببتها شظايا زجاج السيارة المهشم ، وعجبت من جديد ، كيف استطاعت فالنتينا أن تهجره ، ترى ألا تريد أن تعلم ما حل به ؟
ألا يهمها أن تعرف إذا كان لا يزال على قيد الحياة ؟ أم أن المهم بالنسبة إليها أن تنقذ نفسها هي فقط ، وليكن بعد ذلك ما يكون 0
اقتربت من غلين أكثر وأمعنت النظر في ملامح وجهه ، وفجأة تراءى لها وجه جبرد ، كان الشبه بين العم وابن أخيه طفيفاً ، فقد كان وجه جيرد يدل على العزيمة والقوة ، بينما وجه غلين أكثر رقة وضعفاً ، ولك تنكر بينها وبين نفسها أن غلين وسيم الطلعة على الرغم من الجروح التي تحيط بعينيه المغمضتين ، أما من حيث الطول فقد بدا وهو ملقى على فراشه أنه ليس أقصر من عمه إلا بالشيء القليل0
عادت إلى مقعدها ثانية ، وحاولت ألا تفكر بجيرد ، ولكن هذا لم يكن سهلاً عليها 0 ترى ماذا قال لوالدة غلين ؟ هل شرح لها الحالة كما هي ؟ هل أخبرها عن اختفاء فالنتينا ؟ أم أنه أخفى هذه الحقيقة أيضاً كما فعل مع غلين ؟ إذا كان ضميره لم يؤنبه على خداع ابن أخيه ، ووجد لذلك مبرراً فلماذا لا يخدع أرملة أخيه ؟ وهو يستطيع أن يسكت هذا الضمير على ما يبدو ، مدعياً أن لا فائدة ترجى من إزعاجها بلا سبب 0
نظرن إلى ساعتها ثانية ، وكانت تشير إلى السابعة ، ترى كم من الوقت ستبقى هنا ؟ وكم من الوقت سينام غلين أكثر من ذلك ؟ حتى ولو كانت هي صديقته ، وهو فارس أحلامها فلا أحد يتوقع منها أن تجلس طيلة هذا الوقت إلى جانبه 0

مسزز السريعي
26-06-2007, 21:02
أخذت تفكر في طول غياب جيرد ، شعرت بالدم يجري حار في عروقها 0 أين يقضي جيرد وقته الآن ؟ فهو لم يشأ أن يضيع وقته جالساً بالقرب من ابن أخيه ، لا شك أنه الآن في الفندق يستريح ، ويتمتع بالمناظر الأخاذة التي تحيطه خاصة وأن هناك من يجلس إلى جانب غلين طالما أن كاترين موجودة لتمثل له القصة التي اختلقها !!
حركة عند الباب أبعدتها عن أفكارها وأعادتها إلى الواقع ، فالتفتت لترى جيرد يدخل ثم يغلق الباب بهدوء خلفه 0 حياها في لطف 0 ثم سألها إن كان قد طرأ تغيير على حالة غلين ، أخبرته أن لا تغيير هناك ، وأضافت :
((جميل منك أن تعود ))
وقف جيرد بجانب فراش غلين وأخذ ينظر إليه ، ثم التفت إليها وأجاب :
(( آسف على تأخري ، ليزا لم تكن في البيت عندما اتصلت بها في المرة الأولى ، ولم أتمكن من الاتصال بها حتى موعد الغداء ))
(( موعد الغداء ؟ ))
نظرت كاترين بسرعة إلى ساعتها وكانت قد قاربت السابعة والنصف ، وأما جيرد فقد هز كتفيه ، وهو يدور حول سرير غلين إلى حيث كانت تجلس وقال :
(( الوقت الآن هو بعد الظهر بقليل في بلدتنا ))
وأخذ يحدثها عن بلدته ، وعن بيته ، لكن كاترين أبت الدخول في مثل هذا الحديث وصاحت غاضبة :
(( كم ساعة تتوقع مني أن أبقى جالسة هنا يا سيد جيرد ؟ أنا بالحقيقة أضيع وقتي ))
((أنت قلت أنك ستبقين حتى يستيقظ غلين ، وأنا لا أعرف كم يطول ذلك ))
((ولكن من الممكن أن يستمر في النوم طوال الليل ))
(( أخشى ذلك 000يا فالنتينا ))
أحنت رأسها متجاهلة نظراته :
(( أنا متعبة ، وأريد أن أذهب إلى الحمام لأغسل وجهي ))
(( تجدين الحمام تحت الممر تماماً ، عودي بسرعة ))
وعندما عادت وجدت جيرد جالسا ً على الكرسي الذي كانت تشغله ، ولكنه هبّ واقفاً وسار نحوها قائلاً بصوت منخفض :
(( ممرضة الليل كانت هنا منذ لحظة ، وفي رأيها ، أنه من الممكن أن ينام غلين ثلاث أو أربع ساعات أخرى ، وهي تقترح أن أصحبك لتأكلي بعض الطعام ، ثم نعود ))
صاحت كاترين :
(( لا أستطيع ، لن أفعل ذلك ))
قال جيرد بصراحة :
(( أخشى أنك ستفعلين ما أقول 000))
(( ولكن سيمون ؟ ))
رفع جيرد أصبعه إلى فمه مشيراً باليد الأخرى إلى الرجل الذي في الفراش ، مما اضطر كاترين أن تتوقف عن إتمام ما كانت تريد أن تقول 0
ثم قال :
((يوم واحد يا كاترين ، أكثير أن أطلبه منك ؟ ))
هزت رأسها دلالة على القبول وقالت :
(( لكنني لا أستطيع الخروج معك بهذا الهندام 000))
تملل جيرد يريد الاعتراض ولكنها لم تترك له مجالاً للحديث وتابعت كلامها :
(( سأذهب إلى المنزل ، أغتسل وأبدل ثيابي ثم أعود ، وطالما أنت هنا فإن غلين لن يحتاج إلي ))
هز جيرد رأسه وقال :
((سآتي معك ، وانتظرك ، ثم أعود بك ، وهذا من أجل السرعة فقط ))
بصعوبة استطاعت كاترين أن تخفض صوتها وهي تقول :
(( ماذا تعني ؟ أنت لا تثق بي ولا تصدق أني سأعود 0ليكن في علمك أنا لا أكذب ياسيد جيرد ))
غمغم بخشونة :
(( بحق الله 00كفي عن مناداتي سيد 000قولي جيرد فقط ، وإني آت معك مهما تبدين من اعتراض 0 أنا لا أريد أن يغير سيمون خطتي ويهدم ما بنيت ويجعلك تتجاهلين الفكرة من أساسها ))
(( ولكنه ، لا يستطيع أن يفعل ذلك ))
(( لا يستطيع ؟ !! ومع ذلك سآتي معك ))
تركا غلين بين يدي ممرضة قديرة 000قالت :
(( لا تقلقي يا آنسة ، سأعتني به جيداً ، تمتعي بفترة من الراحة ، يبدو عليك أنك بحاجة إلى ذلك ))
بينما كانا يسيران نحو المصعد قال جيرد :
(( أنت تلعبين دورك بإتقان ، حتى أنني كدت أن أصدق أنك تهتمين بغلين ))
(( أنا اهتم بغلين فعلاً ، كما اهتم بأي إنسان في مثل وضعه ))
(( إلى أي حد ؟ إني لأعجب ))
وعندما وصلا إلى العمارة حيث تسكن ، لم تجد أثراً لسيارة سيمون في المرآب ، فأحست أنها تخلصت من مأزق حرج ، وقالت في نفسها : لا شك أنه ينتظر مكالمة منها حسب وعدها ، فإذن عليها أن تتصل به مرة ثانية ، في أية حال أحست أنها مذنبة بحقه 0
نزلت من السيارة ، وكان المساء بارداً جداً فأسرعت تدخل المبنى إلى المصعد ، ظنا منها أن جيرد سينتظرها بالسيارة ، ولكن يبدو أن هذا لم يكن رأيه ، بل كان وراءها مباشرة 0 ولما توقف المصعد في الطابق السادس ، سارت في الممر تبحث عن المفتاح في حقيبتها ، ولما فنحت الباب كادت تتعثر بشيء ، فانحنت لتلتقط الظرف الذي وجدته ملقى على الأرض 0 وتطلعت إلى جيرد مدهوشة تبحث عن تفسير لذلك 0أخذ قلبها يخفق بشدة ، وسألت نفسها ، ترى ممن هذه البرقية ؟
أغلق جيرد الباب واتكأ عليه سائلاً :
(( ألا تريدين أن تفتحي الظرف ؟ ))
قلبت الظرف بين يديها بأصابع مشدودة ، في انتظار معرفة ما يمكن أن يحمله في طياته 0
خيم الصمت عليهما بضع لحظات ، اقترح جيرد بعدها أن يفتح الظرف بدلاً منها ، ولكنها هزت رأسها بالنفي ، والحقيقة أنها كانت تدرك ما يمكن أن يحتويه هذا الظرف 0
ابتعدت عن جيرد وتقدمته في المدخل حيث أنارت المكان وبيدين مرتعشتين فتحت الظرف وأخرجت منه الورقة الوحيدة الموجودة فيه ، كانت برقية مختصرة جداً وبسيطة جداً في ذات الوقت ، كانت من فالنتينا تماماً كما توقعت :
- ذهبت إلى جوبورغ ، لاتقلقي ، والدي سيعتني بي 00فالنتينا 0


********

يتبع ( دمتم سالمين )

مسزز السريعي
26-06-2007, 21:06
4) قرار متسرع

تناول جيرد البرقية من يد كارين ، بينما كانت تلقي بنفسها على الأريكة بعينين شاردتين لا تدري ماذا تقول ، فلم تكن بحاجة إخفاء الحقيقة عنه ، خصوصاً وهي متأكدة أنه سيعرفها حتماً 0
قرأ جيرد البرقية وقال بهدوء
((كنت أظن أن أباك يعيش في جوهاتسبرغ ))
((إنه يعمل هناك بالفعل ، ولكنه لم يسبق وأن دعا أياً منا للحاق به ))
(( لا أظن أن فالنتينا يهما ذلك على الإطلاق ، المهم عندها ان تنفذ بجلدها فقط ، أما أن يعيش غلين أو يموت ، فهذا أمر ألقت به بعيداً عن ذهنها ، لست أدري كيف كانت تحبه ، وهي لم تنتظر على الأقل لتعرف ما سيؤول إليه أمره!!))
هزت كاترين رأسها ، وهي تحس بالألم يعصر قلبها ، كيف استطاعت فالنتينا أن تتصرف مثل هذا التصرف ؟!! تترك غلين بين الموت والحياة وتتركها هي تتحمل نتائج أعمالها الطائشة 0
ألقى جيرد البرقية أمامه على الطاولة ثم أضاف :
((حسناً ، على الأقل عرفت الآن أين ذهبت أختك))
لم تعد لدى كاترين القدرة على التفكير ، وأجابت مترددة :
(( نعم 00ماذا سيحدث الآن ؟ ))
((تبدين مرهقة الأعصاب جداً 0 دعيني أفكر بالأمر ، واذهبي هيئي نفسك للعودة ، هل لديك قهوة ؟ ))
(( نعم ))
(( اذهبي 0 وأنا سأحضر القهوة ))
وقفت كاترين لحظة وهي مذهولة ، لا تدري ماذا تفعل ، لم يكن أمامها سوى الطاعة لقد ذهبت فالنتينا ، وأخذت جميع أغراضها ، وغادرت البلاد من دون أن تترك ولو كلمة صغيرة تنبئ أختها بمكانها ، والآن ترسل إليها برقية موجزة من مطار هيثرو ، وهي متأكدة أنا لن تستطيع الوصول إليها ، إلا بعد أن تكون قد أمنت على نفسها ، وبلغت مقر أبيها بسلام 0
خرجت كاترين من الحمام ومازال الذهول يخيم عليها ، وأخذت تخرج ثيابها من أحد الأدراج ، وهي تلف جسمها بمنشفة زهرية اللون يتهدل شعرها العسلي الحريري على كتفيها يزيد جمالها سحراً وفتنة 0
اعتقد جيرد أن كاترين ما زالت في الحمام عندما ناداها ولم يسمع الرد فدخل الغرفة يحمل فنجان القهوة ، وفوجئ بها ، ولكنه لم يلتفت إلى احتجاجها الصارخ ، ووضع الفنجان أمامها فوق الدرج ، وقال آسفاً :
(( حقاً أنا آسف ، ظننتك في الحمام ، عندما ناديتك ولم تجيبي ، عفواً إني أكرر اعتذاري ، أنا آسف ))
صاحت وهي ترتعش :
(( أخرج من هنا ))
(( أنا خارج ، تمتعي بقهوتك ))
لحقت كاترين بجيرد في غرفة الجلوس ، بعد ربع ساعة تقريباً ، وهي بعد خجلى ووجهها الفاتن لا يزال يتألق بحمرة الخجل ، كان جيرد يستلقي على الأريكة بارتياح وقد خلع سترته بحرية كأنه في بيته ، نظر إلى وجهها ، مركزاً نظره على عينيها ، وسألها وهو يقف :
(( هل أنت مستعدة ؟ ))
(( مستعدة ؟ مستعدة لأي شيء ؟ ))
ثم نظر إلى بنطالها البني المخملي ، وإلى قميصها ذي اللون العنبري 00إنها لم تكن مستعدة للخروج ، وأضافت :
(( هل سنعود إلى المناقشة ثانية في هذا الموضوع؟ يا سيد جيرد فريزر 0000))
(( جيرد ، من فضلك ))
(( حسناً ، جيرد ، بالتأكيد إن برقية فالنتينا غيرت كل شيء الآن ))
(( بأي طريقة ؟ ))
(( بأي طريقة ؟ بكل الطرق سيد جيرد ، فالنتينا كما تعلم لن ترجع ، ولو أنها تريد ذلك لما رحلت ، وأنا لا أعرف ماذا أنت فاعل ))
(( أنت محقة ، أنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً على ما يبدو ))
((حسناً إذن 000))
قالت ذلك وهي تلمح إليه بالخروج ، ولكنه قال :
(( حسناً إذن 000ماذا تعنين بذلك ؟ لعلك تعنين أنك لست عائدة معي إلى المتشفى ؟ وأنك ستتركين غلين يصاب بنكسة عندما يكشف ما فعلته أختك ؟ ))
(( ولكن ما ذنبي أنا في كل ذلك ؟ كان على ابن أخيك ألا يدع فالنتينا تقود السيارة من البداية ))
نظر جيرد إلى شفتيها المرتجفتين وقال :
(( أنا أعلم بأنه لا ذنب لك ، وأن ابن أخي هو الذي سمح لها بأن تقود السيارة ، ولكن هل هذا يعني أنه يجب أن يقاسي كل هذا العذاب ؟ ))
بدا الارتباك على كاترين وهي تقول :
(( جيرد ، أرجوك ، أنا لا استطيع الاستمرار في هذه اللعبة ))
نظر جيرد إليها نظرات بعثت القلق والاضطراب في نفسها ، ثم قال :
(( كاترين أرجوك ، إنها مدة مؤقتة ، فقط حتى يستعيد غلين بصره ، ويصبح قادراً على تحمل الصدمة ، وعندها سيكشف الحقيقة بنفسه ، أكثير علي أن أطلب منك الاستمرار بالتظاهر أنك فالنتينا ، إلى ذلك الحين ؟ ))
لم تستطع كاترين إخفاء التعاسة التي ظهرت في عينيها وانعكست على وجهها ، وقالت :
((أنت لا تعرف ما تطلب مني 000))
(( أظن أنني أعرف ))
(( ولكن سيمون لا يرضيه 00 ))
(( أنا متأكد أنه لا يرضيه ( قاطعها بخشونة ) ولكن لا تنسي أن غلين يتأرجح على حد السكين بين الموت والحياة ))
قالت باحتجاج :
(( حتى غلين نفسه لا يرضى 000))
هز جيرد رأسه وقد علت وجهه مسحة من الكآبة وقال :
(( أنا أعلم أيضاً أنه لا يرضيه عندما يعلم بذلك ، لكن ليس الآن يا كاترين ، لساعده الله ، فهو يحب أختك كثيراً جداً ، فهل أنت مستعدة لأن تخبريه أن شقيقتك تركته على هذه الحال ، وهربت منه ؟ ))
استغرقت كاترين في التفكير في كل ما حدث وما سيحدث ، وصحت على صوت جرس الباب ، قدرت أن يكون سيمون هو الطارق ، اعترفت بأنها لم تعد تقوى على احتمال مشاحنة عدائية ثانية بينهما ، ولكن ، كان عليها أن تفتح وتدخله ، وبإيماءة حائرة من رأسها ، اتجهت نحو الباب 0
كان جيرد أسرع منها ، وأعترض طريقها ممسكاً بذراعها ، وقال بصوت منخفض حنون :
(( حسناً ، ما هو قرارك ؟ ))
قالت كمن لا حول له :
(( قراري ؟ جيرد هناك من يقف بالباب ))
ومن غير أن يسمح لها بالمرور قال :
(( إنه سيمون ، لا أشك في ذلك ، كاترين أريد أن أعرف ما هو قرارك قبل أن تفتحي الباب ))
هزت كاترين رأسها :
(( أنا لا أعرف بعد ))
(( إذن فكري ))
رن جرس الباب ثانية ، فقالت :
(( جيرد ، دعني أمر ، سيمون سيتساءل عما يحدث هنا ))
حاولت جاهدة أن تبعد ذراعه عن طريقها ، ولكنه كان قريباً ، قريباً جداً منها 0 ملأت رائحته العطرة رئتيها ، وأحست بقوته ، فداخلها هلع مفاجئ 0 يا الله إذا لمسها الآن فإنها لن تستطيع أن تقاوم0
نظرت إلى عينيه بعجز ورجاء ، فرأت فيهما انعكاساً لمخاوفها ، لا شك أنه عرف بما يدور في رأسها ، مما زاد في ارتباكها ، وفي لحظة أحست أنها طليقة ، ومن دون أية كلمة أزاح ذراعه وابتعد عن طريقها ، لم تحاول كاترين أن تلتفت إلى الوراء ، بل أسرعت إلى الباب تفتحه 0
لم يكن هناك أحد ، أطلت برأسها إلى الخارج ، فرأت سيمون يعبر الممر عائداً إلى المصعد 0 مرّ في خاطرها للحظة أن تتركه يرحل ، ولكن عقلها جعلها

مسزز السريعي
26-06-2007, 21:07
تنطق باسمه 0
التفت إليها ، وهتف باسمها عائداً يسرع الخطى 0
(( كاترين حبيبتي ، يا للسماء 00ظننت أنك لم تصلي إلى البيت ))
أحست كاترين بارتباك شديد ، فأفكارها مشغولة بأمور أخرى ، أمور فضلت أن تبعدها عن ذهنها ، وألا تفكر فيها مطلقاً 0
تبعها إلى الداخل ، وألق الباب خلفه ، وأضاف :
(( لقد اتصلت بالمشفى ، ولكنهم أخبروني أنك ذهبت إلى البيت 000))
(( أخبروك ! لماذا اتصلت بالمشفى ؟ ألم تستطع الانتظار ؟ ))
أجاب سيمون بشيء بغرور :
((لا تنزعجي ، فأنا لم أخبرهم من أكون ، قولي الحقيقة يا كاترين ، ألست تأخذين المسألة بجدية أكثر من اللازم ؟ إنها ليست قضيتك ))
(( سيمون أرجوك 000))
حاولت إسكاته مخافة أن يسمع جيرد كلامه ، ولكن سيمون عزم على أن يقول كل ما يريد قوله ، دافعاً بها أمامه إلى غرفة الجلوس ، وهو يقول :
((إن مشكلة فالنتينا مشكلتها وحدها ، ولا تخص أي إنسان آخر ، حتى ولو كان أختها ، ولا يمكنك أن تستمري هكذا في حمايتها ، فالنتينا ناضجة بما فيه الكفاية ويمكنها أن تعتني بنفسها ن وإذا كان نصف ما قاله جيرد حقيقة 000من ؟ جيرد فريزر ؟!!))
(( هذا ما كنت أحاول قوله لك يا سيمون ))
تمتمت وهي تحس بالتعاسة تخيم عليها ، ولما رأت جيرد وقد لبس سترته في غيابها ، أضافت :
(( لقد 00لقد وصلنا لتونا من المتشفى ))
(( حقاً ؟؟))
(( نعم حقاً وعلي أن أعيدها إلى هناك ، هل أنت آتية كاترين ؟ ))
أدخلت كاترين يديها في جيبها ، وهي تحرك كتفيها في ضعف ، وعيناها تنطقان بالبؤس ، من دون أن تجيب جيرد على سؤاله ، وجهت كلامها إلى سيمون ثانية :
(( جاءتني برقية من فالنتينا ))
تمتمت وهي تشير إلى البرقية على الطاولة :
(( اقرأها ))
هز سيمون كتفيه بلا مبالاة ، ولكن حب الاطلاع دفعه لكي يتناول البرقية 0بعد أن قرأها أعادها إلى كاترين مرة أخرى ، وقد أحمر وجهه غضباً ، وهتف صارخاً :
(( تلك الشيطانة الصغيرة ، لقد وجدت لنفسها مكاناً تأوي إليه ))
قالت كاترين :
(( هذا ما يبدو ))
سأل جيرد :
(( هل اختفى جواز سفرها أيضاً ؟ ))
بعد أن بحثت كاترين عنه ، عادت إليهما وهي تهز رأسها بالإيجاب 0
وضع سيمون ذراعه على كتفها من غير كلفة وقال :
(( إذن هي بالفعل سافرت إلى أبيها ، وهذا يجعلك خارج الشرك الذي أعد لك ))
قال سيمون ملاحظته الأخيرة وهو ينظر بطرف عينيه إلى جيرد ، أما جيرد فقد هز كتفيه بلا مبالاة ، وسأل كاترين متجاهلاً سيمون وكلامه تماماً :
(( هل أنت قادمة معي ؟ ))
((بالتأكيد لا ، إنها ليست قادمة!))
سيمون هو الذي أجاب وهو يرفع ذقنه بعداء00وتابع :
(( يا سيد جيرد ، لقد صبرنا كلانا عليك كثيراً وكنا لطيفين معك للغاية ))
تجاهله جيرد وسأل كاترين :
((حسناً كاترين القرار الأخير هو لك 00))
ولكن في الواقع أنه لم يكن قرارها ، وهو يعرف ذلك ، فإذا حصل شيء لغلين فهي لن تسامح نفسها أبداً
(( آسفة سيمون ))
سحب سيمون ذراعه من كتفيها ببطء ، وسأل :
(( أنت ذاهبة معه ؟ ))
(( يجب أن أفعل ))
(( كاترين ، يجب ألا تفعلي شيئاً ))
نظرت إلى جيرد 00وقالت :
(( بل يجب ، لبعض الوقت ، ياسيمون ، يجب أن استمر في التظاهر بأنني فالنتينا ، ولكن حالما يصبح غلين بصحة تسمح له لأن تقال الحقيقة 000))
قاطعها سيمون بغضب :
(( وكم سيأخذ من الوقت هذا الشفاء ؟))
(( بضعة أيام ))
ردد سيمون ساخطاً :
((بضعة أيام وأظن أنه يجب علي أن أمضي في طريقي بينما حبيبتي كاترين تلعب عند غلين دور المحبة الحزينة ))
(( سيمون – أرجوك – إنه أقل شيء يمكنني أن أفعله ، ألا تدرك ذلك ؟))
(( بصراحة ، لا ، ولا يهمني كثيراً ما يحدث لغلين أو لعم غلين أيضاً ))
هز جيرد كتفيه بعدم اكتراث ، ومن أجل كاترين ابتلع الاهانة ، وسار نحو الباب ، وعندما التقت عيناها بعينيه ، أحنى رأسه ، وقال بصوت ملئ بالمعاني :
((سأنتظرك في السيارة ))
هزت كاترين رأسها تعبيراً عن شكرها 0 ولما غادر جيرد ، أمسك سيمون بكتفيها وهزهما وقال غاضباً :
(( كاترين ، لا تفعلي ، إنك تتلفين نفسك 000))
لمست كاترين وجنته بلطف ورقة ، وقالت :
(( إنها أيام فليلة يا سيمون 00لا تقلق أستطيع أن أقوم بهذه المهمة ، فأنا لا أريد لهذه العائلة أن تقع في مصائب أخرى ))
(( آه حسناً ، أرى أنك مصممة ، لم يعد عندي ما أقوله حتى أثنيك عن عزمك ، ولكن كل ما آملة الآن أن تعرفي تماماً ما أنت مقدمة عليه !))
مضى سيمون في طريقه يملؤه الغضب والحزن ، أما كاترين فقد صحبت جيرد إلى مطهم صغير غير بعيد عن المتشفى 0 أرادت أن تطلب طعاماً خفيفا ، ولكن جيرد أصر على أن يقدم لها وجبة كاملة 0 وفي النهاية وعلى غير ما توقعت أكلت كاترين كل ما قدّم لها دلالة على جوعها الشديد ، أما هو فلم يأكل إلا قليلاً ، وأخذ يحدثها عن حياة غلين في لندن 0حدثها باختصار عن سبب التحاقه بالجامعة في لندن ، وعن مكان سكنه ، وهواياته ، وبما أنها كانت تدرك شخصية أختها السطحية ، فإنها كانت متأكدة إن فالنتينا ، لم تكن لتعير اهتماماً لماضي غلين أو حاضره!! فقد كان اهتمامها الرئيسي ينصب على الحفلات والمسرات فقط ، وطالما أن غلين يستطيع تحقيق ذلك لها ، فقد بقيت على صلة به ، وإلا فإنها على استعداد أن تتركه بأية لحظة ، أنه من المدهش حقاً أن لعوباً مثل فالنتينا ، يمكنها أن تثير عواطف غلين الصادقة إلى مثل هذا الحد ، وتسألت كاترين ، ترى إلى متى يجب أن يبقى مخدوعاً هكذا ؟
كانت الساعة قد تجاوزت 11 عندما استيقظ غلين ، فجف حلق كاترين عندما رأته يتحرك ، يا الله لماذا أختار جيرد تلك اللحظة بالذات ليذهب ، ويتكلم مع الطبيب ؟!! لقد بقي مدة جالساً معها صامتاً ، مخافة أن يصحو غلين على حديثه ، ولكن الذنب لم يكن ذنبه ، الطبيب المختص هو الذي طلب منه أن يلحق به في مكتبه بعدما زار غلين وعاينه 0
(( فالنتينا ؟!!))
إنه مما أزعج كاترين حقاً ، أن يكون اسم أختها هو أول كلمة تخرج من شفتيه ، عندما استيقظ ، فانحنت إلى الأمام ولمست بخفة وجنته ، وقالت :
(( أنا هنا غلين ))
(( فالنتينا ))
نطق اسمها ثانية ، وهو أكثر وثوقاً من نفسه ، وبدت عيناه الزرقاوان كأنما تنظر إليها :
(( كيف 000كيف تشعر ؟ ))
قالت كاترين ذلك وهي تنظر نحو الباب وتتمنى عودة جيرد في أسرع وقت ، وتابعت :
((لقد نمت عدة ساعات ، ألست جائعاً ؟ ))
كشفت شفتا غلين عن أسنان بيضاء كالثلج بابتسامة حلوة ، وأصابعه تمسك بمعصمها يقربها منه ، قال :
((هل كنت جالسة هنا طيلة هذا الوقت ؟ ))
(( عمك أخذني لأتناول شيئاً من الطعام ، وماعدا ذلك كنت أجلس أراقبك وأنت نائم ))
سرت رعشة في عروق غلين وهو يحاول جاهداً أن يتمسك بكاترين ، وقال :
(( صورتاي ليست جميلة ، أعرف ذلك ، وأظن أنك لا تستطيعين النظر إلي ))

مسزز السريعي
26-06-2007, 21:08
كتمت كاترين تنهيدة أسى في صدرها ، أما غلين فقد غير مجرى الحديث وسأل :
(( هل جيرد هنا ؟ ))
(( لقد ذهب مع الطبيب في مكتبه ))
((جيرد رجل غريب،أليس كذلك ؟ جميعنا نعتمد عليه ))
قالت : ((الجميع ؟!))
(( أعني أنا وأمي ، وأبي ، وبقية الرجال 000))
(( علمت أن أباك قد توفي ))
خرجت الكلمات من فمها على غير وعي منها ، وتمنت لو أنها لم تتسرع لكن لم يبدو على غلين أي انزعاج من كلامها ، وقال :
(( أبي قد توفي منذ مدة ، والذي أعنيه هو جدي ، والد أبي ))
(( أني متأكدة أن جميع أفراد أسرتك سيسرهم أن يعلموا أنك تتماثل للشفاء ))
سكتت عن الكلام جافلة ، عندما أحست بأصابعه تقبض بقوة غير متوقعة على معصمها ، ويقربها منه وهو يسأل :
(( هل سأشفى حقاً ؟ هل سأكون بخير ؟ هل سمعت أي شيء عن حالتي ؟ فالنتينا ، هل هناك ما تخفونه عني ؟ أرجوك أخبريني ))
استطاعت كاترين أن تتحرك بصعوبة في مقعدها ، نظرت نحو الباب ، تتمنى دخول أس إنسان كي ينقذها ، ولكن الباب بقي مغلقاً ، وكان لزاماً عليها أن تعيد الطمأنينة إلى نفسه ، فقالت محاولة أن يكون صوتها صوت الواثق من نفسه :
(( بالتأكيد ، بالتأكيد ستكون بخير ، إن جروحك ليست عميقة كما تعتقد وهي فقط حول عينيك 00كان من الممكن أن تصاب بارتجاج في الدماغ ، ولكن ليس هناك سبب 000))
قاطعها وعلامات الإرهاق تبدو في نبرات صوته :
(( فالنتينا ، ولكني أعمى !! ألا تدركين ذلك ؟ إني أعمى و لا أستطيع أن أرى شيئاً ، ماذا سيفعلون من أجل استعادة بصري ؟ ))
(( لا أدري ماذا سيفعلون ، ولكني أعرف أنه عمى مؤقت ويحدث أحياناً بعد الصدمات ))
(( هل أنت متأكدة حقاً ؟ ))
تملك كاترين أسى عميق ، فهو مع كل ما جرى له ، لم يحاول توجيه حتى ولا كلمة لوم واحدة لها ، وقالت تضغط على ذراعه بتردد :
(( أنا متأكدة ، ولكن المسألة تحتاج إلى وقت ، هذا كل ما في الأمر ))
فجأة قال غلين بصوت هامس :
(( أنا لم أخبرهم بشيء ، لا يمكن أن أفعل ذلك ، لم تكن غلطتك ، أنها تلك القطة 000، فالنتينا حبيبتي كوني مطمئنة ، ولا تقلقي ))
أسعفها دخول الممرضة الليلية إلى الغرفة ، وهي تسأل :
(( هل استيقظ مريضنا ؟ ))
ثم تقدمت منه وتابعت بروح مرحة ، تلك الروح التي تتطلبها مهنتها :
(( كيف تشعر هذا المساء يا سيد غلين ؟ هل ستدع الآنسة فالنتينا تذهب إلى البيت لتنام قليلاً ؟ ))
سأل غلين بارتباك :
(( كم الساعة الآن ؟ ))
نظرت الممرضة إلى ساعتها وهي تقترب منه لتجس نبضه ، وقالت :
(( إنها الحادية عشرة والنصف تقريباً ، والطبيب سينغ ، سيأتي الآن ليراك وأنت مستيقظ ، وإني أقترح أن تذهب الآنسة فالنتينا لترتاح الآن ، وتعود إليك في صباح الغد))
وقفت وهي تشعر بالامتنان لهذه الممرضة التي أنقذتها من هذا الموقف ، وقالت :
(( نعم , نعم سوف آتي في الغد ))
أمسك غلين بأصابعها وسألها :
(( هل سيسمحون لك بذلك ؟ أليس لديك عمل في الغد ؟ ))
ثم التفت إلى الممرضة وأضاف :
(( فالنتينا ممرضة أيضاً ، في سنتها الأولى في مشفىسانت ماري ، وهكذا سأكون في أيد أمينة عند عودتي إلى البيت ))
اضطربت كاترين وأحمر وجهها ولكن الممرضة كانت مشغولة بمعالجة غلين فلم تلحظ ذلك ، وقالت من دون أن تنظر إليها :
((أنا أعرف ممرضة هناك ، اسمها مارغريت فليمنغ ، هل تعرفينها ؟ ))
(( الاسم مألوف لدي 00من الأفضل أن أذهب الآن ، سوف أراك غداً ))
انحنت كاترين وصافحت غلين مودعة بلطف ، أراد غلين أن يحتج على هذا الوداع العادي ، لكن الممرضة لم تترك له فرصة لذلك ، فأخذت مكانها وابتدأت ترفع كم قميصه لتقيس ضغطه0
ولكنه قال وعيناه غير المبصرتين في اتجاهها :
((حسناً ، سوف أراك غداً 00أريد ان أقول 000))
قاطعته الممرضة ن وقد أحست به يرتجف عند قوله (( سوف أراك ))
((حسنا سيد غلين هذه ليست الطريقة المناسبة لتودع بها صديقتك ))
اجتازت كاترين الممر وهي تحس بإرهاق شديد ن مع أنها لم تقم بأي عمل 0كان جيرد واقفاً في نهاية الممر ، مستغرقاً في مناقشة مع رجل أسمر اللون يلبس رداء أبيض ، عرفت كاترين انه لا بد أن يكون الطبيب ، فجأة رفع جيرد نظره فرآها ودعاها للانضمام إليهما ، وقدمها للطبيب قائلاً :
(( الآنسة كاترين مالوري ))
ثم وجه حديثه لكاترين :
((كنت في هذه اللحظة أشرح للدكتور سينغ ظروف وملابسات الحادث ))
رفعت كاترين نظرها إليه وقالت :
(( أنت تعني 00))
قاطعها الطبيب :"
(( يعني ، أنه أخبرني أنك لست الآنسة الصغيرة ، مع أن غلين فريزر مقتنع بأنك فالنتينا ))
عضت كاترين على شفتيها :
((وما هو رأيك ؟ ))
((عن السيد غلين ؟ أو عن خداعك له ؟ ))
(( عن الاثنين ))
قال الطبيب :
(( السيد غلين سيشفى قريباً ، جروحه ليست خطيرة ، وهو يستطيع أن يغادر المتشفى بعد أسبوع أو أقل ))
(( آه شكراً لله ))
(( أما بصره فهو مسألة أخرى ))
(( ولكني فهمت أن عماه مؤقت ))
قال الطبيب بهدوء :
(( قد يكون كذلك ، العمى الذي يعاني منه غلين هو حالة تشنج ، ونحن لا نعرف ما فيه الكفاية عن حالات التشنج العصبي هذه حتى نستطيع أن نقول بثقة كاملة متى سيعود إليه بصره ))
(( وماذا عن فالنتينا ؟ هل تظن أنه يجب أن يعرف شيئاً عنها ؟ ))
(( لا ، ليس الآن ، أنا أعرف صعوبة هذا الأمر عليك آنسة كاترين ولكن الآن ليس هو الوقت المناسب ، ليتلقى غلين هذه الصدمة ، فهو بحاجة إلى راحة واطمئنان ، وعلينا أن نتعاون على توفير هذا الجو له ))
اختار جيرد هذه اللحظة ليفجر قنبلته ، فوجه كلامه للطبيب قائلاً :
(( لقد قلت أن غلين يمكنه الخروج من المتشفى بعد أسبوع ، أليس كذلك ؟ ))
هز الطبيب رأسه وقال :
(( ربما عشرة أيام ))
قطب جيرد جبينه وقال :
(( عندئذ ، إذا أصبح غلين قادراً على السفر ، فسيرافقني عائداً إلى وطنه ، وسوف أجري له الترتيبات اللازمة مع مشفى كالجري ن ليواصلوا معالجته هناك ، وريثما يحين ذلك الوقت ، سأسافر وحدي إلى بلدي كندا لقضاء بعض الأعمال ، ثم أعود في الوقت المحدد لاصطحابه إذا لم يكن لديك اعتراض على ذلك ))
(( لا أجد أي سبب على الإطلاق يمنع ابن أخيك من السفر بعد عشرة أيام ، والرحلة ستكون ممتعة بالطائرة ))
(( أنا أملك طائرة خاصة ، وسيلقى فيها كل عناية

مسزز السريعي
26-06-2007, 21:10
ورعاية ))
ارتجفت كاترين عن سماعها بأن جيرد سيتركها هذه المدة وحدها مع غلين،كما دهشت عندما عرفت أنه يملك طائرة خاصة لنفسه،إنها لم تلقمن قبل رجلاً يملك طائرة خاصة،فما هي الأعمال التي يقوم بها يا ترى؟ بدت الأمور معقدة بالنسبة إليها،وأحست أن سيمون كان محقاً عندما حذرها مما هي مقدمة عليه 0
لم تسمع كاترين ببقية الحديث الذي دار بين الطبيب وجيرد ، لأن أفكارها كانت مشغولة بوضعها ، وما ستؤول إليه حالها 0 وعندما ودعهما الطبيب ومضى نحو غرفة غلين ، التفتت إلى جيرد وقالت من غير أن تترك له مجالاً للكلام :
(( لا يمكنك أن تذهب وتتركني وحيدة مع غلين ، فأنا لا أستطيع الاستمرار في هذه اللعبة من غير مساعدتك ، إنني لا أعرف شيئاً عن غلين ، فكيف يمكنني معالجة الأمور ، عندما يحدثني عن فالنتينا ، عن المستقبل الذي يصبون إليه ، عن الذكريات التي لا أعرف عنها أي شيء ، عن الناس الذين لهما صلة بهم ، إنه في الواقع عمل جنوني ، من الجنون أني رضيت الدخول في هذه التمثيلية منذ البداية ، وأما الاستمرار فيها فهو أشد جنوناً ))
هز جيرد رأسه وقد ضاق صدره وقال :
(( هدئي من روعك يا كاترين ، أنا أعرف أنني بهذا ألقي العبء كله على عاتقك،ولكن طالما أصبح غلين قادراً على السفر فيجب أن أذهب لمهد الطريق ))
(( تمهد الطريق ؟ ماذا تعني؟!))
(( نغم أمهد الطريق ، يجب أن أرى ليزا ، يجب أن أخبرها عن حاله ، أليس من حق والدته أن تعرف كل شيء عنه ؟ ))
قالت صائحة :
(( ألم تخبرها أنه أعمى ؟))
(( اسمعي لا يمكننا أن نناقش الأمر هنا ، دعيني أخبر غلين أنني ذاهب وسأوصلك إلى البيت ))
(( لا تتعب نفسك فسوف استقل سيارة عمومية ))
صاح جيرد :
(( لا تكوني سخيفة ، لن تجدي أية سيارة في هذا الوقت ، انتظري هنا قليلاً ))
كان جيرد محقاً في قوله ، عن السيارة على الأقل ، كم كانت كاترين بحاجة لكي تنفرد بنفسها بعد كل ما سمعت ، لتواجه الأسبوع المقبل الذي ستكون فيه وحدها مع الأعمى المذعور ، زمت شفتيها بمرارة عندما فكرت بالعمى 000وهي تعلم أنها كانت هي العمياء الحقيقية عندما رضيت الدخول في هذه اللعبة 0
كان جيرد قادماً نحوها نشيطاً مليئاً بالحيوية ، على الرغم من أنه لم ينم إلا قليلا ،أو أنه لم ينم على الإطلاق في الليلة الماضية 0
(( دعينا نذهب ))
لم يكن لدى كاترين الخيار ، كان عليها أن تطيع أوامره ، بأية حال كانت تحس بأنه شخصية خلقت لكي تأمر فتطاع 0
كانت الساعة الثانية عشرة وخمس وأربعين دقيقة ، عندما وقفت سيارة مرسيدس أمام المبني ، وكاترين عزمت على ألا تصحو مبكرة في صباح الأحد ، مهما كانت الأسباب 0
عندما أرادت الخروج من السيارة ، وضع جيرد يده على ذراعها وقال :
(( أريد أن أشكرك فقط ، وإني لأقدر فيك كل ما تفعلينه لأجلنا ، وتأكدي أنك لن تكوني الخاسرة ))
تأثرت كاترين بنغمة صوته الجذابة ، ولكنها أبعدت يده عن ذراعها وقالت :
(( أنا لا أريد أي شيء منك يا سيد جيرد،إن ما أفعله ، أفعله من أجل غلين وليس من أجلك،ليلة سعيدة ))
(( كاترين 000))
سمعت نداءه وهي تسرع إلى داخل المبنى ، ولم تتوقف لترى إن كان يتبعها ، قفزت إلى المصعد من غير أن تلقي نظرة إلى الوراء 0


يتبع ( دمتم سالمين )

wajarif
26-06-2007, 22:20
الله يخليكم تابعوا أعمالكم الناجحة وإنشاء الله تكملوا الرواية عشان مرة حماس

مسزز السريعي
27-06-2007, 00:17
5) علاقةمتوتره


لقد أمضى جيرد طيلة صباح الأحد ، أي اليوم السابق لموعد سفره عند ابن أخيه ، وهو ما فعلته كاترين كذلك ، التي كانت اتفقت مع سيمون ، أن يأتي المساء ، كي يصطحبها لحضور حفلة فرقة بارتوك الموسيقية 0
إنه لمن الممتع حقاً بعد كل العناء الذي قاسته كاترين ، أن تجلس بارتياح في القاعة الفسيحة الفخمة ، وتترك الألحان الشجية تنساب إلى سمعها بعذوبة ، وتحس أنها استردت شيئاً من حريتها السلبية ، تتصرف بها كيفما تشاء 0
ولكن ما لم يغب عن مخليتها أبداً ، إمارات التوتر والاستياء التي ظهرت على وجه جيرد عندما أعلمته بخطتها ، وفي اليوم التالي في ظهر يوم الاثنين سافر جيرد إلى كالجري وتركها وحيدة مع غلين 0
أثناء الأسبوع الذي غاب فيه جيرد ، بذلت كاترين جهدها لتبعده عن مخيلتها ، وتقصيه عن تفكيرها ، عزمت على نسيانه ، ولكن هذا لم يكن سهلاً عليها ، فكثيراً ما كان يذكره غلين ، فيعود جيرد إلى ذاكرتها ، كانت كاترين تلمح إمارات الارتياح تلوح على وجهه ، عندما يتحدث عن عمه ، ولذا لم تكن تحاول مقاطعته أو تغيير مجرى الحديث 0
أما عن أخبار فالنتينا ، فإن والدها لم يتصل هاتفياً ، بل أرسل إليها برقية يخبرها فيها أن شقيقتها عنده ويطمئنها عليها ، كما وعدها أن يكتب لها مفصلاً في المستقبل 0
كان من الصعب على كاترين أن تجد تفسيراً لغلين عن عملها اليومي أثناء النهار ،وزيارتها له في المساء ، فمواعيد عمل أختها كانت تختلف ، فتلك كانت تعمل بعض أيام الأسبوع في النهار ، والبعض الآخر في الليل ، ولم تجد كاترين لها مهرباً إلا اللجوء إلى الكذب من جديد ، وأخبرته أنها استطاعت الحصول على إذن خاص بسببه ، يسمح لها أن تعمل نهاراً طيلة أيام الأسبوع لتقضي الأمسيات إلى جانبه 0
أصبحت أتعس الساعات وأقساها بالنسبة إلى كاترين ، تلك الساعات التي تقضيها منفردة مع غلين ، خصوصاً وأنه أخذ يتماثل إلى الشفاء ، وغدا أشد قوة وأكثر جرأة مما كان ، صار بمقدوره التودد إليها ، و يحاول أن يغادر الفراش ويجلس على الكرسي ، أو يمشي قليلاً في الغرفة ، يستطيع الاقتراب منها ، ويتلمس بشوق وجهها الذي طالما قتن به وأحبه 0
لم تكن كاترين تدري كيف تتصرف أو ماذا تفعل كي تخفي اضطرابها ، كيف تسكت دقات قلبها الخائفة ، فإنها إن صبرت على مداعباته ، فهي تخشى أن تمتد يده ، يعبث بشعرها الناعم الأملس ، فينحل وينسدل على كتفيها ، وعندئذ يدرك غلين أنها ليست فالنتينا ذات الشعر القصير المموج ، عندئذ يدرك الخدعة ، فماذا عساها تفعل ، من سينقذها من تلك الورطة ؟ أما إذا ابتعدت عنه ولم تترك له مجال لذلك ، فسيحسب أن عواطفها نحوه قد خمدت أو تغيرت ، مع أنه يتوقع ولا شك ، بعد الذي حصل ، أن تزداد له حباً وبه تعلقاً !!!
كان عليها أن تحتاط للأمر ، من غير أن تدع الشك يتسرب إلى نفسه 0
استمرت عيناه على حالهما ، ففي بادئ الأمر كانت كاترين تستطيع أن تطمئنه وتبعث الأمل في نفسه ، ولكن عندما أخذت الأيام تمر تباعاً يوماً بعد يوم آخر ، وهو لا يزال يعيش في حلكة الظلام ، ازدادت مخاوفه كثيراً ، وأضناه اليأس ، وأدركت أنه بذلك لم يعد قادراً على اكتشاف شخصيتها ، ولكن كاترين في الواقع لم يعد خوفها من أن يكشف هويتها ، يوازي خوفها عليه من أن يستمر في عماه ويصاب بارتجاج في دماغه 0
أصبح غلين كثير الكآبة ، قليل الحركة ، يمضي وقته عند زيارتها له ن يسألها عن حاله ، يسألها عن رأي الأطباء في وضعه ، ينتظر كلمة تعيد إليه الأمل 0
وتبعث في نفسه الرجاء ، لقد تقبل سفر عمه إلى كالجري بارتياح ، لمعرفته أنه عند عودته سيصحبه في إجازة طويلة إلى بلده ، وعلى هذا الأساس طلب من فالنتينا – حسب اعتقاده – برجاء مشفوع ، بكثير من الحزن ن أن ترافقه في إجازة تأخذها لنفسها أيضاً ، وأكد لها أنها ستسر كثيراً في المزرعة 0
دهشت كاترين عندما عرفت أن جيرد يملك مزرعة ، فهي تعلم ، كما هو معروف في انكلترا ، أن أصحاب المزارع نادراً ما يتسع لهم الوقت للقاءات والسفر ، كما أنهم لا يملكون طائرات خاصة يطيرون بها ويرجعون عبر المحيط كلما يحلو لهم ذلك ، إن أكثر ما يستطيعون فعله هو الذهاب إلى الأسواق ، في أية حال هي تجهل طبيعة المزارع في كندا ، فلعل جيرد عضو في جمعية زراعية أو ما شابه0
تلقى سيمون خبر حالة غلين وكآبته من غير استياء ، وقال :
((إن أي شخص ، يدع مثل الأخت الطائشة تقود سيارته ، يستحق أكثر مما حدث له ويحدث ، لا شك أن هذا الشاب معتوه!!))
جرى هذا الحديث في مساء أحد الأيام ، وقد اصطحب كاترين إلى بيت أمه 0
وضعت السيدة ترافس – والدة سيمون – صينية على الطاولة بجانب كرسيها ، عليها صحن فيه بسكويت ، وثلاثة فناجين من الشاي ، ثم قالت تؤكد كلام ابنها :
(( هذا صحيح يا كاترين ، فأنا لا أعذر أختك أبداً على ما فعلت وعلى هروبها ، وأعجب كيف تعالجين هذا الأمر على حسابك ، بلا مبالاة !!))
(( بلا مبالاة ؟))
رددت كاترين تلك الكلمات وهي تنظر إلى السيدة ترافس باستغراب ، وسمعتها تتابع قائلة :
((بالتأكيد بلا مبالاة ، وأنت تمثلين دور أختك ، وتمنحين غلين عواطفك ، مع أنك تدركين ما يمكن أن تكون عليه النتائج ))
(( حقاً كان على غلين أن لا يسمح لأختي بقيادة السيارة ، ولكنه لما كان مغرماً بها كثيراً ، ويفعل كل ما يرضيها ، كي يراها سعيدة ، ارتكبت هذا الخطأ ، نحن جميعاً نقر أنه خطأ ، ولكن ماذا كانت النتيجة ؟ إنه الشخص الوحيد الذي أصيب ، وهو الشخص الوحيد الذي يعاني ، أليس ما أصابه عقاباً كافياً لما فعل ؟))
ومن غير أن يلتفت إليها ، أو يقتنع بكلامها ، قال سيمون وهو يتناول قطعة من البسكويت :
(( على أية حال ، فإن رأيي يتفق مع رأي والدتي ، وأظن أنه حظي بالكثير من كرمك ))
(( من ؟ غلين ، لا هو لم يحظ 000))
قاطعها سيمون موضحاً قصده :
(( لا ، ليس غلين من أعني ، إني أعني عمه بالطبع 0 يمضي هكذا ، ويتركك تتحملين المسؤولية بمفردك ))
هزت الأم رأسها متدخلة :
((وهذا ليس مناسباً من أجل سيمون أيضاً ، هل تشعرين بما يحس به ، عندما يسأله بعض الأصدقاء عما تفعلين في المتشفى ؟ إن للناس ألسنة تتكلم يا عزيزتي ! ))
نظرت كاترين نحو سيمون وقالت وشفتاها ترتجفان :
(( أصدقاء ؟ من ؟ ))
((توبي ريتشارد ))
ذكر سيمون الاسم وهو غير راغب في أن تقحم والدته هذا الموضوع في مناقشاتهم ، أما كاترين فقد هزت رأسها باستغراب ، وقالت :
(( إذن هو ريتشارد ، بربك سيمون ، هل يمكنك أن تسمي هذا الإنسان صديقاً؟ ))
(( لا ، لكنه كان زميلي ، وهو يعرفك من بعيد ))
(( ورآني في المتشفى ؟ ))
(( نعم ، رآك مع عم غلين ، فقد كان توبي ذاهباً إلى المتشفى ليزور أمه المريضة هناك ، تماماً في الوقت الذي خرجت فيه بصحبة جيرد ))
(( آه ، عرفت ))
لقد فهمت كاترين أن زيارتها لغلين ليست هي المقصودة ، ليست هي التي كانت تزعج سيمون ، بل ظهورها بصحبة رجل آخر ، أنها تسمع الكثير عن توبي وسمعته السيئة ، وهي تقدر الآن ما الذي قاله ن وتخيلت أي تأويل يمكن أن يكون قد قدمه لسيمون :
(( على كل ، كيف حال غلين هذا المساء ؟ ))
تدخلت السيدة ترافس بهذا السؤال عندما رأت الغضب يطل من عيني كاترين ن غير راغبة في الدخول في مشادة ثانية ، خصوصاً وأنها لم تكن متأكدة تماماً من الجانب الذي سينحاز إليه سيمون ، والسيدة ترافس تعلم أنه في الغالب كان يقف إلى جانب كاترين ، حتى ولو كانت ادعاءات الوالدة صحيحة 0
أرادت كاترين أن تتجاهل السؤال وتتابع قصة توبي ريتشارد ، ولكنها لم تكن ترغب في أن يدب الخلاف بينها وبين سيمون الآن ، فاصطنعت ابتسامة باهتة وأجابت :
(( إن حالته الصحية في تحسن مستمر ، أما مسألة البصر فهي المشكلة الرئيسة ))
سألتها السيدة ترافس :
(( ألا يستطيع رؤية أي شيء ؟ ))
((مطلقاً ، مسكين هو غلين ، أحس بأني حزينة جداً من أجله ))
نفذ صبر سيمون وهب واقفاً وهو يقول :
(( أوه ، متى سيعود جيرد هذا ؟ متى تتوقعين أن نتحرر من هذا الواجب ؟ كاترين أكاد اختنق ))
وضعت كاترين فنجان الشاي من يدها على الطاولة ، وقالت :
((آسفة ، لأنك تشعر بهذا الشعور ، ولكن ماذا تريدني أن أفعل ؟ هل أتوقف عن زيارة غلين ؟ ))
أخذ سيمون نفساً عميقاً وقال :
(( حسناً ، ولكن عندما يعود عمه 00))
(( عندما يعود عمه ، سوف يصطحبه إلى بلده))
قالت ذلك وهي تشعر أنها ستفتقد غلين 00
عادت كاترين مساء الخميس من المتشفى إلى البيت مباشرة ، وفتحت الباب على رنين الهاتف ، نظرت إلى ساعتها فألفتها تشير إلى التاسعة والنصف تقريباً ، توقعت أن يكون المتكلم جيرد ، فلم تتعجل الرد ، عندما رفعت السماعة انتابها شعور غريب لم تستطع تحديده ، كان كان الصوت آت من بعيد ، قفز تفكيرها رأساً إلى أبيها ، فقد يكون قرر أخيراً أن يتصل بها ، إلا أن صوتاً آخر هو الذي سمعته ، صوت عميق ينبض بالحياة ، إنه صوت جيرد 0
((لا أظن أني أيقظتك من نومك ، هل فعلت ؟ ))
قال ذلك بعد أن حياها وردت التحية 0
((لا ، الآن قد وصلت ، كنت أزور ابن أخيك ، من أين تتكلم ؟ ))
أجاب بصراحة :
((من موزباي فقد أردت الاطمئنان على غلين ))
((لماذا لم تتصل بالمشفى ؟ ))
(( لقد اتصلت ، وتكلمت مع غلين ، في اللحظة التي تركته بها ، لهذا فإني أتحدث إليك ))
تسمرت راحة كاترين بالسماعة ، وغاصت في الأريكة ، وسألت :
(( ولكن لماذا ؟ ))
((لأسألك أنت عن حاله ؟ فأنت تعرفين الحقيقة أكثر منه بالتأكيد ))
هزت كاترين رأسها وقالت :
((لا جديد , غير أن اضطرابه ازداد بسبب عدم رجوع بصره إليه ))
قال جيرد بصوت حزين :
(( الله وحده يعلم كيف سيتمكن غلين من التعايش مع هذا العمى الذي لا يعرف أحد متى تكون نهايته ))
صمتت كاترين هنيهة ثم قالت :
(( هل أخبرت والدته بذلك ؟ ))
(( نعم أخبرتها ، فوقع عليها وقوع الصاعقة ، وكذلك على والدي))
(( أنا آسفة ))
أحست أنها كلمات تافهة تلك التي تفوهت بها ، ولكنها لم تجد كلمات أخرى مناسبة تقولها 0
وأضافت :
((متى ستعود ؟ ))
((لماذا ؟ هل اشتقت إلي ؟ ))
((بالتأكيد ، فإن غلين ، اشتاق إليك كثيراً ، وهو يذكرك دائماً ، ولا بد أنه سيشعر بالتحسن عندما تعود ، ويغادر المتشفى ))
((حسناً سأعود مساء الجمعة المقبل ، وسأتصل بك صباح السبت ، هل هذا يناسبك ؟ ))
(( لا بأس ))
وقبل أن ينهي المكالمة قال :

مسزز السريعي
27-06-2007, 00:21
((كاترين ، أريد أن اعتذر عن تلك الليلة ، في الحقيقة لم أكن أقصد إغاظتك ، ولا أدري ماذا كنا سنفعل أنا وغلين بدونك ، سأراك يوم السبت ، إلى اللقاء ))
وضعت كاترين السماعة ببطء مكانها ، ومرت بضعة دقائق قبل أن تخلع معطفها ، أحست برعشة قوية تسري في جميع أوصالها ن وبضعف المّ بها 0 ولكنها عنفت نفسها ، لأنها أخذت بجاذبية هذا الرجل ، فالمسألة كلها أنه كان مؤدباً ، وسبب اتصاله بها كان واضحاً ، لقد كان قلقاً على ابن أخيه ، وعليها ألا تنسى أن غلين هو من يحتاج إليها ،وليس جيرد ، ومع كل هذه الأمور التي تقنع نفسها بها ، لم تستطع إنكار حقيقة أنه رجل جذاب 00
سخطت كاترين من عواطفها السخيفة ، كما خشيت منها أيضاً فهي ما عادت تلميذة مدرسة ، تنجذب لأول رجل يتودد إليها ، بل بلغت من العمر الحادية والعشرين ، وكان لها عدد من الزملاء والأصدقاء ، منذ كانت في السادسة عشرة من العمر ، وكذلك هي وسيمون ، فقد مضى على صحبتهما ثلاث سنوات ، ولم تشعر نحوه في أية لحظة بما تحس به الآن ، قالت في نفسها : على أية حال ، غلين وعمه سيسافران قريباً ، ويخرجان من حياتها إلى الأبد ، وهذا هو الأفضل 0
عندما استيقظت صباح السبت لم تستطع أن توقف ما أحست به من مشاعر ، فلا بد أن جيرد قد عاد من رحلته ، تناولت فنجاناً من الشاي ، وهي تتصفح أحدى الصحف ، كانت تنتظر 00وعندما رنّ جرس الهاتف ، قفزت لتجيب 0
ولكن لخيبتها كان المتحدث سيمون 0 يطلب منها مرافقته ووالدته يوم الأحد ، إلى زيارته خالته إدنا لتناول طعام الغداء عندها 0
هذه الفكرة لم تكن مقبولة أصلاً لدى كاترين ، فهي تعرف أن أدنا مثل السيدة ترافس تماماً ، ليس لديهما حديث إلا عن أوجاعهما ، والعمليات التي أجريت لكل منهما ، وهذا لاشك شيء مضجر إلى حد كبير ن بالإضافة إلى أنها لا تستسيغ الطعام الذي تقدمه تلك الخالة 0
قالت تجيب سيمون على دعوته :
((آه ن سيمون ، دعني أفكر في الموضوع ، فأنا لا أعرف متي سيسافر غلين وعمه ، وأغرب أن أكون طليقة في الغد ، لأقوم ببعض الأعمال المنزلية 0))
رد سيمون منزعجاً :
(( لا أظن أن يوماً واحداً سوف يؤثر على هذه الأعمال ))
(( ولكنك تعلم يا سيمون ، أن الأحد هو يوم عطلتي ، وهو اليوم الوحيد الذي يمكنني القيام فيه بما يترتب علي من أعمال المنزل ))
((لم يكن هذا رأيك يوم الأحد الماضي ، عندما أصطحبك جيرد وقضيت اليوم بطوله في المتشفى ))
(( حسناً سيمون ، أنا آسفة 0 سوف أراك في المساء ، وعندئذ نبحث الأمر ))
(( أريد ردك الآن كاترين ، نعم الآن ، فأنت تعرفين أن خالتي يجب أن تعرف مسبقاً ، كي تهيئ الغداء حسب عددنا ))
(( لا أستطيع الرد الآن ، وكما قلت لك أترك الأمر للمساء ))
(( أنا آسف كاترين ، سأذهب أنا وأمي ، فأنا لا أقدر أن أرتب أموري حسب ظروفك ))
عرفت أنها أغضبته ، ولكن في الواقع لم يكن لديها أدنى ميل لتلبية هذه الدعوة ، ولا أي استعداد لتستمع من جديد إلى قصة عملية الغدة الدرقية التي أجرتها خالته 0
وقالت :
(( لا بأس ، إذن سأراك في المساء ))
وبكلمة مقتضبة تدل على الموافقة أنهى المكالمة 0
بينما كانت ترتد ثيابها ، رن جرس الهاتف ثانية ، وفي هذه المرة كان جيرد هو المتكلم ، وعندما سمعت صوته أحست برعشة تسري في جسمها ، بدا بتحيتها ، ثم قال :
((متى أستطيع أن أراك ؟ هل ترغبين في تناول الطعام معي ، أنت وسيمون ؟ ))
(( لن أرى سيمون حتى المساء ، أما أنا فلا أجد مانعاً من مرافقتك ، أين ؟ ومتى ؟ ))
حدد لها مطعماً يلتقيان فيه تمام الساعة الواحدة ظهراً وأنهى الحديث 0
ترى أي طائرة هذه التي تأخذه وتعيده عبر الأطلسي متى شاء ؟!!
هذا ما جال في خاطر كاترين ، بعدما أعادت سماعة الهاتف مرة أخرى إلى موضعها ، من الذي يقودها ؟ إن الطائرة ملك لجيرد 0هذا ما عرفته ، أما أن يكون هو من يقود الطائرة فهذا ما لا يمكن تصديقه ، فهي لم يسبق لها أن سمعت أن هناك من يقود طائرة الآف الأميال ، ويبقى نشيطاً إلى درجة أن يصحبها إلى تناول الغداء 0
لبست كاترين ثياباً بسيطة مرتبة ، لم تحاول المبالغة في أناقتها لئلا يظن أنها تفعل ذلك من أجله ، مع إنها شعرت أن جميع تصرفاتها تدل على أنها ترغب في ذلك ، ثم سرحت شعرها ، وربطته بشريط حريري خلف عنقها ، تاركه بعض خصلاته تنساب على أذنيها 0
نظرت إلى مظهرها نظرة رضا ، عندما وقفت أمام المرآة تتأمل نفسها ، قبل مغادرة المنزل 0
كانت تتوقع أن تجد جيرد ينتظرها عند الباب ، ولكنها هي التي تأخرت عن الموعد المحدد بضعة دقائق ، فالسائق لفّ بها كثيراً في الطرقات ، حتى اهتدى إلى المكان الذي أشارت إليه 0
تقدم نحوها أحد العاملين في المطعم ، فسألته على الفور عن السيد جيرد فريزر 0
أحنى رأسه دلالة على وجوده ، وعلى شفتيه ابتسامة لطيفة 0
سارت كاترين في رواق مظلل باللون الأخضر الجميل إلى صالة حديثة تضيئها قناديل مختلفة الأشكال والألوان ، مما زادها رونقاً وجمالاً ، فوجدت نفسها تقف إلى جانب طاولة رئيس القائمين على خدمة الرواد ، وعند ظهورها وقف بأدب ، سألته عن جيرد ، ولكن قبل أن تسمع الجواب ، كان رجل يشق طريقة نحوها تحت الأضواء الخافتة ، رجل طويل القامة ، داكن اللون لا يمكن أن تخطئه أبداً ، أنه جيرد 0
(( شكراً لوجي ، الآنسة معي ))
أحنى لوجي رأسه بأدب وصمت 0
(( آسفة لأني تأخرت ، حسبتك ذهبت 00000))
قاطعها جيرد :
(( من المستحيل أن أفعل ذلك ، تعالي إلى طاولتنا هناك ، يمكننا تناول بعض الشراب ، قبل اختيار ما نريد أن نأكل ))
بدا الارتباك على كاترين وهي تبتسم له ، وتسير حيث يقودها ، إنها تدرك أنه يراقب كل حركة من حركاتها ، فكانت تحاول أن تهدئ عواطفها ، لقد بعثت رؤيته مرة ثانية القلق في نفسها ، وتحولت عيناها إلى وجهه بافتتان لم تتمكن من إخفائه 0
لكن يبدو أنه لم يكن ينظر إليها ، لقد كانت نظراته تتجاوزها إلى الطاولة التي يقودها إليها ، كانت هناك امرأة شابة ، تبدو أنها تكبرها ببضع سنوات فقط ، نحيلة ، سمراء ، ناعمة الملامح 0
التفتت إلى جيرد ، ظنت أنا مخطئة ، وليس هذه طاولتهما ، ولكن تبدد شكها عندما سمعت جيرد يقول وقد أحنى رأسه بأدب :
(( اسمحي لي أن أقدم لك أرملة أخي ، ليزا ، هذه كاترين شقيقة فالنتينا ))
مدت ليزا يدها نحوها وهي تقول :
(( أنا سعيدة بلقائك كاترين ، أخبرني جيرد عن كل ما فعلته من أجل ابني ، وأنا حقاً شاكرة لك فضلك ))
تناولت كاترين اليد الممدودة إليها مصافحة ، وقالت :
(( ليس هناك ما يستحق الشكر ))
جلست كاترين على الكرسي الذي سحبه جيرد لها ، وهي لا تكاد تصدق أن هذه المرأة يمكن أن تكون والدة غلين ، فهي تبدو أصغر من ذلك بكثير ، وأصغر من أن تكون أرملة أيضاً ، ولهذا خالجها نظرة شك في نظرة ليزا إلى جيرد ، وشعرت أنها لا يمكن أن تكون نظرة أرملة إلى شقيق زوجها فقط ، ثم سألتها كاترين :
(( هل رأيت غلين سيدة ليزا ؟ ))
(( نعم ذهبنا إليه من المطار مباشرة ))
(( كيف حاله؟ ))
ومن قبل أن تستطيع ليزا الإجابة أجاب جيرد :
(( رأيناه كئيباً جداً ))
تدخلت ليزا قائلة :
(( لا تقل هذا يا عزيزي ، ستظن كاترين أن غلين بم يكن سعيداً برؤيتي ، وأنت تعلم العكس ))
رد جيرد بسرعة :
(( كاترين ليست سخيفة ، فهي تعرف حاله أكثر من أي شخص آخر , ليزا يجب أن نواجه الحقيقة 000أن نقدّر غلين وحالته شيء وأن تفاءل خيراٍ هو شيء آخر ))

مسزز السريعي
27-06-2007, 00:23
أمسكت ليزا ذراع جيرد بشيء من الدلال وهي تقول :
((لا شك عندما يعود إلى المزرعة ، عندما يستطيع السير على قدميه ويشعر بالهواء العليل يداعب وجهه 000))
قاطعها جيرد بصراحة :
(( أتراني ألاعب أطفالاً ؟ لم لا تكوني واقعية ، ليزا ؟ أنت تعرفين أن غلين غادر موزباي ، لأنه لم يكن مغرماً بالمزرعة ولا بأعمال المزارع ))
تغاضت ليزا عن الإهانة التي لحق بها ، وقالت :
((جيرد ، هذا ليس حقيقياً ، على أية حال فإن غلين يحتاج لقضاء بعض الوقت هناك ، ليتمتع بالهواء الطلق على الأقل ، وسوف يعود إليه بصره عندما يعود إلى بيته ))
أحنت كاترين رأسها لئلا تنظر إلى المرأة الأخرى عندما كان جيرد يجيب بجدية :
(( ليزا ، إن غلين سوف لا يرى شيئاً قبل مرور بضعة أسابيع ، أو بضعة شهور ، ولكننا سنأخذه معنا بأية حال ، لأن ليس لدينا فكرة أخرى ، ومع ذلك فعلينا معرفة رأيه أولاً ))
تمنت كاترين لو أنها كانت بعيدة عدة أميال عن هذا المكان ، عندما التفت إليها جيرد ، وبان الارتباك على وجهها تحت نظراته الثاقبة ، وجه إليها كلامه :
(( كاترين ، غلين يريد أن تذهبي معنا إلى المزرعة ، ولما أخبرته أنه لا يمكنك ترك الوظيفة ، أصرّ ، وقال أنه بحث معك الأمر ، ولم يكم لديك أي اعتراض ))
(( أنا 00أنا 00))
لم تستطع كاترين قول أي شيء ، وحبست الكلمات في صدرها ، حقاً أن غلين لمّح إلى أنه يتمنى أن ترافقه إلى المزرعة ، ولكنهما لم يبحثا الأمر جدياً ، وسمعت ليزا تقول باختصار :
(( من الواضح أن كاترين لا تعرف شيئاً عن الموضوع ، في أية حال ، فالفكرة من أصلها سخيفة ، غلين يحتاج إلى ممرضة وليس إلى صديقة ))
((لكنك نسيت أن غلين يعرف أن فالنتينا ممرضة ، وليست الفكرة سخيفة كما تظنين ، فإن غلين يحتاج إلى الراحة ، والنقاهة ، ولكن هل يتحقق له هذا برفقتنا أنا وأنت فقط ؟ ))
قالت ليزا باحتجاج :
(( هناك أبوك ))
وعند هذه النقطة تدخلت كاترين :
(( أنا 00أنا لا أعرف ماذا قال لك غلين سيد جيرد 000))
(( جيرد ، من فضلك ))
قال ذلك بإصرار ، أما كاترين فقد أحمر وجهها وتابعت :
(( حسناً أنا لا أستطيع مرافقته إلى كندا ، لا يمكنني 000الفكرة مضحكة ))
ارتعشت شفتا جيرد وهو ينظر إليها قائلاً :
(( هل هي مضحكة فعلاً ؟ حتى ولو كانت تضع حداً بين شقاء غلين أو عدمه ؟ ))
نظرت ليزا إلى كاترين نظرة غامضة وتدخلت :
(( جيرد ، لا تكن مأساوياً إلى هذا الحد ، ماذا يمكنها أن تفعل أكثر مما نفعله نحن ؟ ))
قال جير بوضوح :
(( حسناً ، إنها الجسر الذي يربط بين حياته هنا والحياة التي نجبره عليها في المزرعة ، ألا تعرفين أنه يعلّق على فالنتينا آماله ومستقبله ؟ ))
تدخلت كاترين :
(( ولكني لست فالنتينا ))
(( غلين يظن أنك فالنتينا ، وهذا هو المهم في الأمر ))
أخذت كاترين تفكر ، هل يمكن أن يخطر ببال جيرد ، أنها من الممكن أن تتنازل عن وظيفتها بهذه البساطة ، لترافقهم إلى مكان مجهول في أواسط كندا ؟!! الموضوع بأكمله يتنافى مع المنطق ، إلى جانب ذلك ماذا سيكون رأي سيمون ؟
وكأن جيرد طالع أفكارها فقال :
(( أنا لا أطلب منك أن تتركي حياتك هنا وعملك ، وما يهمك فيها من أمور ولكن ما أطلبه منك هو فقط أن تحصلي على إجازتك السنوية وترافقينا وتأكدي انك ستعجبين كثيراً بالمزرعة ، ولن تندمي مطلقاً على قيامك بهذه الرحلة ، خصوصا وأننا هيئنا لك جميع أسباب الراحة الممكنة هناك ))
قلبت كاترين شفتيها وقالت :
(( جيرد غلين وقف على قدميه ، ويمكنه الآن أن يتحرك،أنت تقول أنه يعيش مأساته ولن يكتشف حقيقتي،ولكن متى عاد إلى بيته, وابتدأ يستعيد ثقته بنفسه، فإنه عاجلاً سيكتشف أنني لست فالنتينا ))
(( كيف ؟ ))
((أولاً ، وهو الأهم شعري ، شعر فالنتينا قصير وأجعد ، وأنت تعرف أن شعري ليس كذلك ))
تدخلت ليزا :
((يمكنك أن تقصي شعرك ، إنها فعلاً أمور سخيفة ، وأنا لا أفهم كيف تعالجان المسألة ، أنا لا أظن أن الشعر القصير المتموج فيه حل للمشكلة ))
(( ولكني لا أريد أن أقص شعري ))
تجاهل جيرد أرملة أخيه ووجه كلامه إلى كاترين ، وقال بهدوء :
(( يمكنك أن تلبسي شعر مستعار ، ولا أظن أن هناك مانعاً عندما يكون ارتداؤه ضرورياً ، في أي حال دعونا الآن نتناول طعامنا ، ويمكننا إكمال مناقشتنا فيما بعد ))
كان الطعام شهياً ، ولكن لم يكن لدى كاترين أي قابلية لتناوله ، فقد شعرت بشيء من الخوف من الجو المشحون الذي يخيم على المائدة 0
تناولت كاترين فنجاناً من القهوة بدل الحلوى ، وهي تنتظر بفارغ الصبر أن يستكمل جيرد المشاحنة ، ولكنه لم يفعل ، بينما أخذت ليزا تتحدث بكل لطف وأدب مع كاترين بأمور لا علاقة لها بالمشكلة الأساسية على الإطلاق 0
كانت الساعة الثالثة بعد الظهر تقريباً ، عندما غادروا المطعم ، وجيرد كما في المطعم لم يتحدث في السيارة إلا قليلاً 0
اخترقت ليزا صمته ، وهي تضع يدها على كتفه من غير كلفة ، وسألت :
(( عزيزي جيرد ، ألا تشعر أنك كنت غير لطيف معي ؟ أنا أظن أن كاترين قامت بمجهود جبّار من أجل غلين ، وآن لها أن تعيش حياتها كما تريد ))
أحنى جيرد رأسه من غير أن يجيب بشيء ، بل كانت نظراته تنصب على كاترين ، نظرات لوم وعتاب ، وجعلها تشعر بشيء من الخوف وعدم الارتياح 0
كان غلين في انتظارهم ، وكم كان مزعجاً لكاترين عندما أحاطها بذراعيه ، لكنها عملت جاهدة على التخلص منه بلطف ، وبقي ممسكاً بيدها وهو يحدث والدته 0
(( أماه ، قولي الحقيقة ؟ أليست جميلة ؟ إنني مجنون بها ، ولولاها ما كنت أدري ما كان سيحل بي في تلك الأسابيع الماضية ))
تصنعت ليزا ابتسامة باهتة ، وهي تجلس إلى جانب ابنها ، مما اضطره أن يترك يد كاترين ، ثم قالت :
((ولدي ، سوف تعود معنا إلى البيت ، بيتك ، وكل ما مرّ بك سيبدو ككابوس مخيف مضى ، وسوف تتغير جميع مشاعرك هناك ، وأنا متأكدة ))
سحب غلين نفسه بعيداً عنها ، وأخذ يمشي بخطوات غير ثابتة عبر الغرفة ن رأت كاترين طاولة طعامه في طريقه ، ولكن قبل أن تتمكن من الوصول إليها لتبعدها ، كان قد تعثر بها 0
تطلعت كاترين إلى جيرد في ألم ، وهي تعيده إلى كرسيه ، ثم رد على كلام أمه :
(( نعم ، سوف أشعر بالاختلاف ، فالاختلاف الوحيد الذي سأشعر به ، هو أن هناك مساحات شاسعة يمكن أن أقع فوقها وأشياء كثيرة يمكن أن أتعثر بها!))
وقفت كاترين بجانب كرسيه ، وسمحت له أن يمسك يدها ، وقالت :
(( غلين ، لن تقع ، صدقني سوف تتحسن ، ولكن يحتاج ذلك إلى بعض الوقت وإلى بعض الصبر وأظن أنك قادر على ذلك ))
حرّك غلين رأسه وتتطلع نحوها بعينيه الزرقاوان غير المبصرتين ، وقال :
((فالنتينا ، إني خائف ))

مسزز السريعي
27-06-2007, 00:24
أحست فالنتينا أن قلبها يكاد ينفطر لآلامه ، ولم تعد تحتمل ، وقالت :
((أريد الذهاب إلى البيت ))
أعاد غلين كلماتها :
((أريد الذهاب إلى البيت ، ولكن ليس وحدي ))
قالت الأم :
(( لن تكون وحدك يا بني000((
لكن هذه المرّة نظرة واحدة من جيرد كانت كافية لإسكاتها 0
أما غلين فقد أضاف :
(( أريدك أن تأتـي معي فالنتينا ، سوف تأتي ، أليس كذلك ؟ إذا لم تفعلي ، فلن أذهب أنا أيضاً ))


يتبع 00ودمتم سالمين

مسزز السريعي
27-06-2007, 00:25
6) رحلة مفاجئة


عندما وصلوا إالى الفندق ، بعد خروجهم من المتشفى ، نزلت ليزل هناك ، وتابعا الدرب إلى بيت كاترين ، كالمعتاد أصر جيرد على مرافقتها إلى الداخل 0
(( أنت تعرف أن هذا سيحدث ، هذا ما سيفعله غلين أليس كذلك ؟ يا لك من خسيس ))
واجهت كاترين ، جيرد بهذه الحقيقة بعد أن دخلا إلى غرفة الجلوس ن وأدارت ظهرها نحوه ، لتخفي الدموع التي انسابت من عينيها ، ليتها لم تقل ذلك ، ليتها أعطت نفسها فرصة لتفكر بما تقول ، حتى لا يزل لسانها بما تندم عليه 0
هز جيرد كتفيه بلا مبالاة ، وألقى بنفسه على الأريكة ، عادت ونظرت كاترين إليه بعد أن مسحت دموعها ، وهي تحدث نفسها ، عجيب هذا الإنسان ، كم من السهل عليه التكيف مع ما يحيط به ، ,وأخذت تقارن بين شخص يطير فوق الأطلسي في طائرته الخاصة ، وبينه وهو مستلق دون اهتمام على أريكة بسيطة في شقة متواضعة 0
بعد برهة صمت ، قال جيرد :
(( حسناً ، أنا أعرف ما كان سيفعل غلين ، وأنت أيضاً تعرفين طالما بحث الموضوع معك ))
دارت كاترين في مكانها ، و هي تقول :
(( هو لم يبحث الموضوع معي ، فقط قال أنه لا يستمتع بالعطلة في المزرعة ، هذا كل شيء إني أقسم 00))
((حسناً ، حسناً ، لا تكوني عصبية إلى هذا الحد ، ولكني أؤكد لك أنك ستسرين بزيارة المزرعة ))
(( لا ، لن أفعل ، لأني لست ذاهبة ))
هب جيرد على قدميه واقفاً وقال :
(( ماذا تعنين ؟ ماذا تعنين أنك لست ذاهبة ؟ لقد أخبرت غلين أنك ستفعلين ))
وضعت كاترين يد مرتجفة على رأسها وهي تقول:
((أنا أعرف ماذا قلت لغلين ، ولكني لا أستطيع ، يجب أن تعرف ذلك ، أرجوك جيرد لا تنظر إلي هكذا ، أنا لا أستطيع الاستمرار في هذه اللعبة ))
((لم لا ؟ ))
خطا جيرد خطوة إلى الأمام باتجاهها ، ومع أنها كانت طويلة القوام ، كان عليها أن ترفع رأسها حتى تنظر إليه وأجابت :
((لأني لا أستطيع ))
(( يمكنك أن تأخذي إجازتك السنوية،أو إجازة بلا راتب ، ولقد أخبرتك أني سأعوض عليك كل الخسائر ))
(( لا ، ليس هذا هو السبب ))
((بحقك 000ما هو هذا السبب إذن ؟ ))
نفذ صبر جيرد فأمسك كتفيها بشدة وتابع :
(( أنا لا أصدق أنك لا تدركين ما تقولين ، أنت تعلمين أنك إذا لم تأتي معنا ، غلين سيرفض الذهاب ، وهذا سيحطم قلب أمه ))
كاترين تشك في أن هناك شيئاً يتعلق بغلين قد يحطم قلب ليزا ، أما ما يتعلق بجيرد ، فنعم ، كان واضحاً من الطريقة التي تعامله بها ، من تصرفها نحوه ، أن قرابتهما تتجاوز حدود الصداقة والألفة ، المحبون فقط يتصرفون هكذا ، وخشيت كاترين أن يكون اهتمام جيرد بليزا أكثر منه بابن أخيه ، فأصرت على موقفها ، وقالت :
(( إني آسفة ))
قفز من مكانه غاضباً ، وهو يشد على كتفيها ، حتى أحست أن أصابعه اجتازت اللحم حتى وصلت إلى عظامها :
((إنه سيمون ، أليس كذلك ؟ ))
(( لا ، سيمون ليس السبب ، وإن كنت تريد معرفة السبب فإنه 0000))
فجأة ومن غير أن تكمل عبارتها ، شدها نحوه قبل أن تتمكن من الاعتراض ، وضمها إليه ، ثم ابعدها عنه بسرعة ، وهو لا يزال ممسكاً بكتفيها 0رفع شعره المتساقط على جبينه بأصابع مرتعشة ، وقال :
((كاترين ، أنا آسف ، أنا لم أقصد 000آسف لكن ، لكنك ستذهبين معنا ))
بالتأكيد ، كان هناك أكثر من سبب في رأي كاترين جعله يفعل ما فعل ، خصوصاً أنها لم تمثل دور البريئة ، لاتقول له أنه الملام ، فهي نفسها كانت لديها الرغبة في ذلك ، لو أرادت أن تستسلم لعواطفها ، لكنها لن تفعل 0 وأصرت قائلة :
(( لا أستطيع الذهاب ، قلت لا أستطيع ))
(( بحق 0000كاترين إن غلين يحتاج إليك كثيراً ، كلنا نحتاج إليك ))
زفرت كاترين بحرارة ، وابتعدت عنه قائلة :
(( أظن من الأفضل أن تذهب 000))
((كاترين !))
(( لآ أستطيع الذهاب معك ، و لا يمكنك إجباري على ذلك ))
ولكن عندما نظر إليها نظرة أخيرة حزينة ، قبل أن يغادر الشقة ، عرفت أنه لنم يستسلم بسهولة 0
كان عليها الذهاب إلى المتشفى ذلك المساء ، حتى ترى غلين للمرة الأخيرة ، وتحاول ألا تغضبه ، فاتصلت بسيمون هاتفياً تطلب منه أن يوصلها إلى هناك ، فأجاب سيمون بحدة :
(( ثم ماذا أفعل ؟ أقف خارجاً أنتظر خطيبتي المرتقبة تلعب دور الممرضة ، لصبي ثري فاسد طائش ؟؟))
((لا سيمون ، أنت تعلم أن غلين ليس فاسداً ، وسأبقى عنده فقط مدة ساعة ، ألم نتفق سابقاً على أن تأتي لتأخذني من هناك ))
(( إذن سآتي إلى هناك في الوقت المحدد ، في الساعة الثامنة ، أليس كذلك ؟ ))
((سيمون ، لا تتعب نفسك ، سوف استقل سيارة النقل العمومي ، ذهاباً وإياباً ، وبهذا سيكون لديك الوقت الكافي ، لتستريح بقرب والدتك ))
بدا صوت سيمون ، كمن جرحت مشاعره وقال :
(( لست بحاجة لاتخاذ مثل هذا الموقف،ولا يمكن أن تتوقعي مني لعب دور السائق كلما احتجت إلى ذلك ))
قالت كاترين متأثرة بكلامه :
((سيمون ، إنها أول مرة أطلب منك أن توصلني ، وأنت تعرف أن زياراتي كانت ضرورية ، غلين أعمى ، ألا يمكنك أن تتخيل ما يشعر به ؟ وما أشعر به أنا أيضاً ؟ وأنا أعلم أن أختي هي المسؤولة عن كل ما حدث ))
قال سيمون وهو يحاول أن يخفي سخطه :
(( كما قالت والدتي ، يبدو أن أختك تعني بالنسبة إليك ، أكثر مما أعني أنا ))
أحست كاترين بتعب شديد ، ثم تذكرت جيرد ومشاعرها نحوه ، فهزت رأسها وقالت :
(( آه سيمون ، ربما أنت على حق ، لعله من الأفضل أن نعطي أنفسنا فرصة أطول للتفكير ))
قال قلقاً :
(( ماذا تعنين ؟ أ لأني أبديت بعض الانتقاد ؟ هذا لا يعني أن تذهبي بعيداً إلى النهاية ))
(( لا ، ليس أنا 00إني آسفة ، أنا لم أقصد إيذاء مشاعرك ))
(( لم تؤذي مشاعري ، ولكنك أغضبتني ، على كل فهذا ليس جديداً علي ، ليست هذه أول مرة تغضبينني فيها بسبب فالنتينا ، وأحسب أنها لن تكون الأخيرة ))
((ماذا تعني ؟ أنني أغضبك بسبب فالنتينا ؟ ))
(( من الطريقة التي تجعلين بها من نفسك مسؤولة عنها ، أعني منذ كانت صغيرة وأنا أغضب عندما كنت أجدك تتعقبينها لتخرجينها من مآزق أو آخر ، كاترين أنت لست أمها ، وأبوك هو المسؤول عنها ، هذا ما أعرفه ))
ذهلت كاترين ، لم تكن تتوقع مطلقاً اعتراض سيمون على عنايتها بفالنتينا ، ثم قالت :
(( أظن أن الحديث قد طال بيننا سيمون ، ومن الجلي أن كلينا يحتاج إلى وقت للتفكير ، سوف اتصل بك إذا توصلت إلى حل ، ولا أظن أن نبش الحقائق الماضية يساعد على حل المشكلة ))
(( لآ أظنك جادة يا كاترين ، هل تعنين أننا لن نتقابل بعد الآن ؟ ))
(( لا بل أنا جادة يا سيمون ))
(( لا لن أدعك تفعلين هذا ، إنهما جيرد وغلين ، هما السبب ، أليس كذلك ؟ لقد تظاهرت أنك فالنتينا ، فماذا يريدان أن تفعلي أكثر من هذا ؟ تذهبين معهم إلى كندا ؟ ))
قالت كاترين بثبات :
(( ليس عندي ما أقوله يا سيمون ، وكل شيء قمت به من أجل غلين كنت سعيدة به ، أرجو ألا تنسى ذلك ))
بعدما قطعت المكالمة ، كانت تخشى أن يتصل بها سيمون ثانية ، ولكن عندما تهيأت للخروج وبقي جرس الهاتف صامتاً ، أيقنت أنه لن يفعل ، نظرت إلى ساعتها ، وعرفت أنها تأخرت عن المتشفى ، ومن دون تناول أي طعام ، استقلت سيارة أجرة لتصل في الوقت المحدد 0
ووجدت غلين وحيداً ، فحيته التحية المعتادة وجلست بجانبه ، وقال مباشرة :
((حسناً ، ما هو قرارك ؟ هل أنت آتية معي ؟ فالنتينا إذا لم تفعلي ، لا أعلم ماذا 000))
تنهدت كاترين تنهيدة عميقة ، وقالت :
(( آه غلين ، لا تقل شيئاً ، أنت عرف أنني لا أستطيع ، أنت عرف أنني في منتصف المدة التدريبية ))
تمتم غلين :
(( فالنتينا ، ألست أكثر أهمية في نظرك ، إني محتاج إليك ، لم أفكر مطلقاً أني قد أقول مثل هذا الكلام لأي مخلوق ، ولكني أقوله لك ، وعندما أتعافى ، عندما يعود بصري ، لن انتظر أكثر فسوف أربط مصيري بمصيرك إلى الأبد ))
(( غلين 000))
قاطعها قائلاً :
(( حسناً ، حسناً ما كنت أريد قول هذا ولكن ألا تظنين أنك مدينة لي بذلك ؟ ))

مسزز السريعي
27-06-2007, 00:27
(( غلين !))
(( الآن أصغي إلي ، أنا، لم أقحمك في شيء ، ولكن هذا لا يغير الحقيقة ، والحقيقة أنك كنت تقودين السيارة ، أليس كذلك ؟ ))
رفعت كاترين عينيها نحو السماء ، وقالت محتجة :
(( ما كان عليك أن تدعني أفعل ذلك 00))
(( هذا صحيح ، ولكني فعلت ، على الأقل يمكنك أن تأخذي إجازة ، كما قال جيرد ، وبعدها لا يعلم أحد ماذا يمكن أن يحدث ))
هزت كاترين رأسها ، بالتأكيد يمكنها الحصول على إجازة ، ولكن بعد الذي حصل بعد ظهر هذا اليوم ، إنه أكثر من الجنون أن تفكر بالعيش في البيت نفسه مع ذلك الرجل الذي استطاع إثارة كوامن عواطفها ، وهو في الوقت ذاته على علاقة بأرملة أخيه ، وإقحامها في هذه المشكلة العويصة يشكل خطراً عليها ، ثم عادت ونظرت نحوه قائلة :
((غلين ، الأمر ليس بهذه السهولة كما تظن ))
وهو يصغي إلى نغمات صوتها ، وقف على كرسيه واتجه نحوها ، يبحث عن ذراعها ، ثم ألقى بذراعه على كتفها وقال بوضوح :
((لماذا ليس سهلاً ؟))
جمدت كاترين مكانها ، حركة واحدة من يده نحو شعرها ، وينتهي كل شيء ، كان عليه فقط أن يلمسه ، فيحل الشريط الحريري الذي يكلل رأسها بهالة عنبرية اللون ، ليعرف أن هذا ليس شعر فالنتينا ، وأدركت في هذه اللحظات أنها لا تريده أن يكتشف الحقيقة ، فخرجت الكلمات بسرعة من بين شفتيها :
((حسناً ، سوف آتي معك ، ولكن لمدة أسبوعين فقط ))
((لا ، أربعة ))
(( وهناك حل وسط ))
أبدى هذه الملاحظة صوت جاف جاء من ورائهما ، فتقدم غلين ليحيي عمه ووالدته 0
قال غلين موافقاً :
((حسناً ، ثلاثة أسابيع ، هل سمعت ذلك يا أمي ؟ فالنتينا آتية معنا ، أليست هذه أخبار عظيمة ؟))
(( عظيمة !))
رددت ليزا هذه الكلمة بدون حماس ، ولما التقت عينا كاترين بعينيها ، عرفت أن هناك شخصاً لا يرحب بها في شلالات موز 0
تأكدت جيرد أنها فبلت ذلك من أجل غلين ، أما هي فقد شعرت أنه من الممكن أن ما حصل بينهما بعد ظهر هذا اليوم قد ينمو ويزداد ، ولذا فقد عزمت بتصميم ، وهي تنظر إليه نظرة باردة عدوانية ، أن تنسى نهائياً تلك الحادثة الخاصة 0
مغادرة انكلترا كانت أسهل مما توقعت ، ولا شك أن جيرد هو الذي سهل الأمور عليها ، فقد ذهب إلى رئيسها ، وطلب إجازة لمدة أسبوعين بالإضافة إلى أسبوع أخر من غير راتب ، وافق المدير على ذلك دون تعقيد ، لا شك أن جيرد شخصية مرموقة0
لم يبقى عليها إلا أن تطوي صفحات حياتها السابقة ، وتقوم بترتيبات لازمة مع جارتها لتنتبه إلى شقتها خلال غيابها ، وآخر ما كانت تفكر فيه هذه اللحظة هو سيمون ، فقد يأتي متسكعاً حول بيتها ويكشف ما تفعله ، الأمر الذي طالما لامها عليه ، ولكنها بررت لنفسها ذلك بأن ما تقوم به هو عمل وظيفي ، بالإضافة إلى أنها لم تكن قد زارت كندا من قبل ، وكذلك لم تعبر المحيط ، وفكرة قضاء ثلاثة أسابيع في أواسط كندا الغربية ، في تلك المساحات الطلقة الشاسعة ، راقت لها كثيراً بعد سجن المدينة ، ولكن لم يغب عن ذهنها مطلقاً ما يمكن أن تولده هذه الرحلة ، فشعرت بكثير من القلق والضيق 0
في التاسعة من صباح الأربعاء ، كانت سيارة أجرة تنتظرها أمام البناء لتقلها إلى المطار ، ولما وضع السائق حقائبها في السيارة ، أحست برجفة خوف من شر مرتقب ، الحقيقة أنها تقوم بمغامرة خطرة لا تعرف نتائجها ، مهما كانت نظرتها لما تفعله ، ومع أن الشعر المستعار الأشقر كان في الحقيبة فإنها لم تشعر بالأمان على الإطلاق 0
كانوا ينتظرونها في المطار ، وكانت على المدرج طائرة خاصة ستقلهم إلى حيث يقصدون ، سألها غلين :
(( هل أعجبتك الطائرة ؟ آلة قديرة سرعتها 550ميل في الساعة تقريباً ، سريعة كبعض الطائرات الكبيرة ))
بقيت كاترين صامتة فسفرها في الطائرة لم يتجاوز الرحلة إلى أسبانيا ، وهذه الطائرة تبدو في نظرها أصغر من أن تستطيع عبور الأطلسي 0
أما جيرد فقد انضم إليهم بعدما أنهى محادثته مع رجل آخر كان يقف معه بعيداً ، وسأل :
(( هل انتم على استعداد ؟ ))
(( أظن هذا ))
أجابت كاترين وهب تحاول الاحتفاظ بثباتها ، ولكنها كانت تشعر بقربه ، وبالحقيقة التي يبدو أنه نجح في إبعادها عن ذاكرته ، من غير جهد ظاهر ، التفت جيرد إلى الرجل الذي كان يحادثه وقال مبتسماً :
(( حسناً فنس ، يمكننا الرحيل ))
ليزا أصرت على مساعدة ابنها عبر المدرج للوصول إلى الطائرة والصعود إليها ، مما ترك المجال لجيرد كي ينفرد بضع لحظات بكاترين ، وفال :
(( لا تكوني عصبية ، أنا واثق أن الرحلة ستكون ممتعة ومريحة ))
(( لا تقلق علي ، سأكون بخير ، المهم أن يكون غلين على ما يرام ))
(( حقاً 00))
مرت بهما لحظة صمت ، وعندما وضعت قدمها على أول درجة من سلم الطائرة أمسك بها يحتجزها برهة ، وقال :
(( أشكرك على مجيئك ، لم يسعفني الحظ لأشكرك من قبل ، وإني لأقدر هذا منك ، خصوصاً بعد سلوكي يوم أمس الذي كان سينسف كل شيء ))
صعدت كاترين إلى الطائرة من غير إجابة ، وهي تقول لنفسها : إن ثلاثة أسابيع برفقة هذا الرجل ، ستحمل عواطفها عناء لا يطاق 0
بد داخل الطائرة كقاعة رحبة فاخرة ، بأرائكها المريحة ، وسجادها الثمين 0
عندما جلست إلى جانب غلين أخبرها أن هناك غرفة للنوم ، خاصة بجيرد ، يأوي إليها في حالة التعب ، أو عندما يسافر ليلاً 0
قدمها جير إلى قبطاني الطائرة الذين يرافقانه ، فخاطبها أحدهما وهو فنس بطريقة ودية :
(( يمكنك بعد حين المجئ إلينا لتري كيف نقود الطائرة ))
عندما ابتدأت الطائرة ترتفع ، وأخذت تحلق في سماء لندن المظلمة ، لاحظت كاترين أن أظافر ليزا كانت تنغرز في يد جيرد ، فاستخفت بنفسها للرعشات الخفيفة التي انتابتها ، ولكن سرعان ما كبتت مشاعرها 0
كانت الغيوم تحتضنهم برقة وحنان ، ترافقهم كيفما اتجهوا إلى أن أطل عليهم نور الشمس المشرقة ، فودعتهم تلك الغمائم ببعض الدموع وغابت عن الأنظار 0
قدم لها المضيف الشراب والقهوة ، وفي وقت الظهيرة ، قدم لهم طعام الغداء الذي اعترفت كاترين أنه كان لذيذاً جداً 0
لقد أمضى جيرد الجزء الأول من الرحلة ، يجلس إلى أحدى الطاولات منكباً على دراسة بعض الملفات بتركيز شديد ، وما كان يزعجه سوى ليزا بين الحين والحين ، وتقطع عليه حبل استغراقه في أرواقه 0
أما كاترين فقد راحت في نوم هادئ لذيذ أراحها من عناء اليوم السابق ، لم تدر إن طال نومها أم قصر ، ولكن ما تدريه أنها عندما استيقظت ، بدت لناظريها معالم الحياة ، فاستفسرت قائلة وهي تلتفت إلى غلين :
(( هل وصلنا ؟ ))
ضحك غلين بلطف من سذاجتها وقال :
(( هذه جزيرة ريكجافيك ، حيث سننزل فقط ، من أجل تزويد الطائرة بالوقود ))
حدقت من النافذة غير مصدقة وقالت باستغراب :
(( ما كنت أعرف أننا سننزل في آيسلاند ))
وعندما غادروا مطار ريكجافيك ، قال جيرد :
(( الآن سننعطف نحو الشمال بالقرب من المنطقة القطبية الشمالية ، ثم نطير جنوباً فوق غرينلاند ، والمقاطعات الشمالية الغربية ، حتى نصل إلى موزباي))
رفعت كاترين حاجبيها وقالت :
(( لكنني ظننت أننا سنطير إلى كالجري ))
(( لنا مطار خاص في موزباي وهو يبعد بضعة أميال عن أملاكنا ))
دخل جيرد إلى قمرة القبطان ، وبعد لحظات ظهر فنس ودعا كاترين لكي تنضم إليهم ، فرأت جيرد يجلس على كرسي القبطان يتبادل الحديث مع زميل فنس عن قيادة الطائرة ، ولما دخلت هب واقفاً وقدم لها مكانه 0
كانت في غاية الدهشة ، أحست وكأنها تخطو في الفراغ ، قالت في نفسها : أن تجلس في غرفة الركاب شيء معقول ، على الأقل يمكنها أن تخدع نفسها بأنها تقف على الأرض ، أما في هذه القمرة ، فأحست أن لا شيء يفصل بينها وبين تلك المساحات العميقة ، وشعرت كأن الشلل يتسرب إلى أطرافها من الخوف 0
أحس جيرد كأنها سمرت في مكانها ، فكانت شاكرة لليد التي امتدت لمساعدتها ، وجلست على الكرسي وهي تشعر بضعف ينتابها ، ولما ثبت الحزام حول خصرها ، قال :
(( لم يطلب منك أحد قيادة الطائرة ، ولكن على الأقل تمتعي بهذا الإحساس ))
بالفعل بدأت مخاوف كاترين تتبدد ، وأحست بكثير من السرور ، وهي تعرف أنها على ارتفاع عدة أميال فوق سطح الأرض ، ولما عادت إلى مكانها ، قال غلين :
(( إنها مسألة بسيطة ، أليس كذلك ؟ هل تعلمين أن هناك طائرات تطير وتهبط آلياً ؟))
تدخلت ليزا وهي تنظر إلى أظافرها :
(( عندما يحدث هذا ، سأتوقف عن السفر بالطائرات))
حلقت الطائرة مدة ساعتين تقريباً ، فوق مساحات تتناثر فيها آلف البحيرات ، تتألق كالمرايا ، وسر كاترين أن غلين غط في النوم ، حيث ترك لها مجالاً لتستمتع بهذه المناظر الأخاذة من غير الشعور بالذنب كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل ، ولكنها لم تشعر بالتعب ، لأن الفترة التي نامت خلالها كانت كافية لتعيد إليها النشاط ، وكانت تترقب الوصول بفارغ الصبر0
مساحات ومساحات من الغابات العذارى تمتد بين البحيرات وأشجارها الخضراء ، تبدو معتمة يكتنفها الغموض ، بعدما أخذت الشمس بالغروب 0
و أدركت كاترين لو أن الطائرة سقطت بهم هناك – لا قدّر الله – فقد تمضي عدة أسابيع قبل أن يهتدي إليهم أحد 0
لقد رأت مدينة موزباي الصغيرة من الفضاء تمتد على شاطئ بحيرة موز ، لم يكن لبيوتها طابع موحد ، فهي تختلف عما ألفته في المدن الصغيرة في انكلترا 0
عندما هبطت الطائرة على أرض المطار ، ألقت كاترين نظرة ذهول على القمم الأرجوانية التي تمتد إلى مسافات بعيدة ، وحيال هذه المشاهد الخلابة أحست كاترين بالخشوع 0
تمت بسرعة المعاملات التي يتوجب انجازها للنزول إلى الأرض0فجيرد وغلين مرموقان في المنطقة ، كما يبدو 0
وما إن أصبحوا خارج المطار ،حتى بدت الدهشة على وجه كاترين ، فهي لم تعد ترى شيء سوى المساحات القاحلة ، فأين البحيرات التي كانت تراها وهي محلقة في الفضاء ؟ أين غابات الصنوبر التي كانت تمتد أميلا وأميال ؟ فكل ما تستطيع رؤيته الآن هو مسافات معبدة ولا شيء وراءها سوى الظلال التي عكستها ظلمة المساء 0


يتبع 000ودمتم سالمين

مسزز السريعي
27-06-2007, 02:25
7) مرحباً موزباي

ظهرت سيارة كبيرة فارهة تسرع طوال الطريق بمحاذاة المساحة المعدة لوقوف السيارات ، متجهة نحوهم ، ثم وقفت أمامهم ، نزل منها شاب ، مراهق ، نظر إلى جيرد نظرة فيها كثير من الاحترام والأسف ، وقال :
((أنا آسف ، لأني تأخرت ولكني لم أعرف أنه يتوجب عليّ المجيء لملاقاتكم ن إلا قبل نصف ساعة فقط ، هل كانت الرحلة موفقة ؟ ))
((لقد كانت لطيفة يا تروي ، أين أبي ؟ إنه يعرف متى نصل ))
أحمر وجه تروي خجلاً وقال :
(( أظن أنه لا يعرف الوقت بالضبط))
ثم حمل الحقائب ووضعها في القسم الخلفي من العربة ، وتحول إلى غلين يسأله عن حاله 0
قاد جيرد السيارة وإلى جانبه ليزا ، ذراعها ممدودة خلف مقعده ، أما كاترين فقد حشرت نفسها بين غلين وتروي في المقعد الخلفي ، ولم تستطع في جلستها تلك إلا أن تلاحظ أصابع ليزا تعبث بياقة جيرد ، مما جعل الدم يغلي في عروقها من الغيظ 0
مرة واحدة التقت عينا كاترين بعينيه من خلال المرآة الأمامية ، ولكنها لم تفهم منهما شيء ، فقد كانت تضيق من انعكاس أنوار السيارات الآتية عليهما 0
بعد أن ابتعدوا مسافة غير قليلة عن المطار ، أخذت مظاهر الحياة تبدو لها أوضح ، رأت عيناها عدداً من البيوت غير المسوّرة تبعد قليلاً عن جانبي الطريق ، ونباح الكلاب من حولها يعكر هدأه الليلة ، والأنوار تسترق النظر من بين شقوق النوافذ ، فيتسلل بعض من شعاعها ليختلس من المساء شيئاً من عتمته ، فترى سيارة كبيرة تقف أمام مدخل كل بيت 0
وعندما انعطفت بهم السيارة إلى طريق فرعية ، قال لها غلين مبتسماً :
(( من هنا تبدأ أراضي فريزر ))
لم يتكلم جير سوى كلمة أو اثنتين مع أرملة أخيه أثناء الطريق ، وبقي طوال الوقت صامتاً لا يفارقه العبوس ، وعزت كاترين ذلك لعدم مجيء أبيه لاستقباله ، وقالت في نفسها : لعل هذا الأب قد تخلّف عن ملاقاة ولده لشيء هام 0 كما قد يكون غضب الابن لأمر أهم 0
قطعت بهم السيارة مسافة طويلة بعد أن تركوا الشارع العام ، وظنت أن جيرد يقودهم في طريق دائرية لأمر ما في نفسه ، وبعد أن اجتازوا مساحات شاسعة من الأراضي ، بدأت الأضواء تتلألأ من هنا وهناك كأنهم في وضح النهار ، وقف جيرد فجأة ونزل تروي ليفتح أمامهم البوابة العريضة 0
وعادت السيارة إلى المسير عبر تلك البوابة في طريق عريضة ، مرّوا بعدة أكواخ وعدد من الإسطبلات ، ثم ببناء طويل لا تكاد ترى نهايته ، قال عنه جيرد إنه مبنى خاص بالعمال 0
بعد قليل وقفت السيارة أمام بناء ضخم ، أقيم على مساحة هائلة من الأراضي يدل على الفخامة والترف ، مما جعل كاترين تنظر مشدوهة إلى مبنى المزرعة هذا ، وهي تسمع غلين يقول :
((أهلاً بك في موزباي ))
وقفت كاترين في الجناح الكبير المعدّ لإقامتها ، وهي مذهولة بما يحيط بها من روعة وجمال ، شيء لم تكن تتخيله ، وأسباب الترف والرفاهية ، لم تكن تحلم بها ، لم تعرف شيئاً من قبل عن بيت غلين ، بيت في منتهى الأناقة والترتيب ، فسيح ، رحب ، لا تعرف لغرفه عدداً 0
وفي الواقع قبل رؤية الجناح الخاص بها ، كان أول ما أدهشها عند دخولها المبنى ، القاعة الفسيحة التي تفوح برائحة الصنوبر ، الذي كان يحترق في الموقد الكبير ، كما لفتت انتباهها الزخارف الجميلة المحفورة على جانبي الدرج المصنوع من خشب البلوط ، الذي يفضي إلى الطابق العلوي ، وكذلك الممرات العريضة العالية مفروشة بالسجاد المزخرف الثمين ، كل شيء كان يدل على الفخامة والعظمة ، ابتداء من أيدي الأرائك أينما كانت ، إلى النوافذ المستطيلة التي تطل على المزرعة وتكاد تغطي الجدران ، تتدلى عليها الستائر المخملية المتموجة ، يبهر لمعانها الأخاذ تحت أضواء عشرات من القناديل المختلفة الأشكال 0
التقت بامرأة طويلة نحيلة القوام ، ذات شعر رمادي اللون، سمراء البشرة ، تدعى ماريا ، وشعرت كاترين بأن دماء الهنود تسري في عروق هذه المرأة 0
ماريا حيّت غلين بمودة ، ولكنها استقبلت جيرد بحرارة أكثر ، وقالت :
(( لقد تأخرت ، وابتدأت أقلق عليك ، ليس على الرجل الاستمرار في الطيران ذهاباً وإياباً عبر المحيط ، كصقر لا يعرف على أية جهة من الجبل يبني عشه ))
وزاد في كآبة ليزا ، رؤيتها جيرد يأخذ ماريا بين ذراعيه ويعانقها بحرارة مبدداً عن نفسه بعض الغم :
(( الرجل لن ينتقل بين الأقمار ثانية يا ماريا ))
ضحكت ماريا لمزاحه كثيراً ، وتابع جيرد يسأل :
(( أين أبي ؟ أين هو ؟ ))
((في المكان المعتاد ))
وعندما تحرك جيرد ليبحث عن أبيه ، احتجت ليزا قائلة :
(( جيرد ، أنا وغلين وصلنا للتو ، تناول معنا طعام العشاء على الأقل قبل ذهابك للبحث عن ذلك الرجل العجوز ))
ولكن جيرد ، وبعد دقيقة صمت ، غادرهم ، واختفى في الدرب المؤدي إلى خلف البناء ، تاركاً ليزا تغلي غيظاً 0
يبدو أن ماريا هي التي تدير وتدبر كل شيء ، طلبت من ليزا أن تعني بولدها ، بينما قادت كاترين إلى غرفتها دون التفات إلى اعتراض غلين ، وأما تروي فقد لحق بها وهو يحمل حقائبها 0
كان الجناح المعدّ لها يتألف من غرفة نوم وغرفة جلوس وحمام تتساوى مع بقية غرف المبنى في الرحابة والارتفاع والزخرفة والرسوم على الجدران تزيد المكان دفئا وجمالاً ، وهي مبهورة بما ترى تماماً ، تسير وقدماها تغوصان في طنافس ناعمة حمراء اللون ، ومازالت رائحة خشب الصنوبر الذي يشتعل في الموقد تعطر المكان 0
عبرت غرفة الجلوس إلى قنطرة واسعة تكشف عن غرفة نوم فيها سرير ضخم عالي القوائم تغطيه ستارة مخملية بنية اللون ، وكان الأثاث في الغرفتين لا يقل فخامة وأناقة وجملاً عن باقي ما في المنزل من أثاث 0
تركتها ماريا ، بعد أن أعلمتها أن العشاء سيكون جاهزاً بعد ساعة أو أكثر ، ولكن قبل خروجها علقت مبتسمة :
((لاحظت معاملة غلين لك ، إنك تعنين إنساناً هاماً بالنسبة إليه ))
تكلفت كاترين الابتسام رداً على ابتسامتها وهي تحس بالقلق ، خصوصاً أن ماريا لا تعرف شيئاً عنها ، وشعرت بالعبء الثقيل الملقى على عاتقها 0
كان أول ما عزمت عليه ، دخول الحمام كي تغتسل ، فتزيل عنها عناء السفر ، وعن نفسها ذلك القلق الذي لا ينفك يعبث بها 0
تململت كاترين في المياه الساخنة ، وقد سرى الدفء في أوصالها ، فاسترخت ، ولم تستطع أن تحول دون اغماضة قصيرة زارت جفنيها الناعسين 0
صحت على صوت نقرة قوية على الباب ، فقفزت من الماء مذعورة ، وأسرعت إلى منشفة الحمام تلتف بها

مسزز السريعي
27-06-2007, 02:29
، شكرت الله أن الباب كان مقفلاً 0
سمعت قرعاً وسمعت كلاماً :
((كاترين بحق 000، هل أنت بخير ، أجيبي ؟ ))
شدهت كاترين ، إنه جيرد ، جنّ جنونها ، ماذا كان يفعل في غرفتها ؟ لماذا جاء يا ترى ؟ ثبتت منشفة الحمام جيداً حول جسمها الذي فرّ الدفء منه ، واعترتها برودة كبرودة الموتى ، ثم خرجت 0
(( ماذا كنت تفعلين طيلة هذا الوقت ؟ ))
(( كنت استحم ))
((الطعام كان جاهزاً منذ التاسعة ، والآن قد بلغت الساعة العاشرة ))
((أظن أني سهوت قليلاً ))
أمسك جيرد بكتفيها بقسوة وهزها قائلاً :
(( نمت ، هل تعنين أنك نمت في الحمام ؟ ماذا دهاك ؟ هل أنت مجنونة ؟ كان من الممكن أن تغرقي هناك ))
سرى الخوف في أوصالها ، ونظرت قلقة نحو القنطرة التي تؤدي إلى غرفة الجلوس ، وقالت :
(( جيرد ، لا يحسن أن تكون هنا ))
((كاترين ، لماذا غيرت رأيك وقبلت المجيء معنا ، أنا متأكد أن ليس هناك ما يجبرك على ذلك ))
(( لا بأس فأنا هنا الآن ))
(( أريدك أن تخبريني ))
ابتعدت عنه وهي تقول :
(( من الأفضل أن تذهب الآن ))
(( ليس قبل إخباري بالحقيقة ))
كان صوته ناعماً يشفّ عن شغف عارم يملأ قلبه نحوها ، واقترب منها ماداً ذراعيه يطوقها ويضمها إلى صدره ، ولكنها تراجعت إلى الوراء وهي تقول :
(( جيرد ، اذهب الآن ، وسألحق بك في الطابق الأرضي بعد قليل ))
وقبل أن يتحرك جاء صوت غلين من غرفة الجلوس منادياً :
(( فالنتينا ، أين أنت ؟ ))
((إنها هنا ، كانت تستحم ، جئت أخبرها أننا ننتظرها على العشاء ))
كان صوت جيرد هادئاً طبيعياً ، فعجبت كاترين كثيراً لهذا الاختلاف السريع في نبرات صوته ، هل كان يمثل يا ترى ؟ أكان يسخر منها ؟ لم تستطع إيجاد جواب على أسئلتها ، وأفاقت من شرودها على صوت غلين :
(( جيرد ماذا تفعل هنا ؟ ظننت أنك رافقت أباك إلى غرفة نومه ))
(( كنت معه ، حتى دخل فراشه ، ولحسن الحظ أني جئت أدعوها إلى العشاء وإلا كانت غرقت في الحمام الذي أسلمت نفسها للنوم فيه ))
شحب وجه غلين ، وقال متلعثماً :
(( يا الهي ، هل هي بخير الآن ؟ ))
(( نعم ، إنها بخير الآن ، تعال يا غلين ، دعنا نتركها الآن ، فقد قالت أنها ستلحق بنا في غرفة الطعام بعد وقت قصير ))
جرى كل هذا الحوار وكاترين مشدوهة أمام ما يحدث ، لم تستطع قول كلمة واحدة ، ولما حاولت أن تفتح شفتيها كان جيرد قد قاد ابن أخيه عبر غرفة الجلوس إلى الممر 0 فوضعت يديها على أذنيها تبعد عنهما صوت إغلاق الأبواب الثقيلة 0
مضت فترة العشاء بطيئة كئيبة ، يسودها صمت عميق ، كأن كل منهم كان مشغولاً بهواجسه 0
عند انتهاء العشاء كانت كاترين أكثر الحاضرين شوقاً للهرب إلى غرفة نومها ، ولكن غلين أخرها ، ممسكاً بيدها عندما تمنت له ليلة سعيدة ، وأرغمها على البقاء معه بعض الوقت بعدما غادر الآخرون ، وقال :
(( لم يكن لدي الفرصة لانفرد بك اليوم ، متى يمكننا الجلوس معاً وحدنا يا فالنتينا ؟ هل العمى الذي أصبت به يضايقك ؟ ألم تقولي أنه مؤقت ؟ أم أنك وجدت جيرد أكثر جاذبية مني ؟ إني أحذرك فوالدتي لن تقف مكتوفة اليدين حيال ذلك ، فهي تتوقع أن يتزوجها ))
خرجت الكلمات مسرعة تنّم عن القلق من بين شفتي كاترين :
((آه غلين ، لا تكن أحمق ، أنا لا أعرف ما تتحدث عنه ، والأفضل أن تذهب إلى فراشك مباشرة وتستريح ))
(( آه ، متى أتخلص من هذا العمى 000؟ ))
ربتت كاترين على خده في حنان تطمئنه وهي تقول :
(( كن صبوراً يا عزيزي ، سوف يعود إليك بصرك ، وكل ما في الأمر ، أنه يحتاج إلى وقت ، والآن دعنا نذهب إلى النوم ، فالأمور ستبدو مختلفة في الصباح ))
قال غلين بخشونة :
(( لن تكون كذلك بالنسبة لي ، فالنتينا ، الصبح والمساء فقدا معناهما عندي وأصبحا شيء واحد ، فكل شيء أسود ، أسود ))
أشفقت كاترين عليه ، ووضعت يدها على ذراعه بحنان وقالت :
((آه غلين ، لا تفقد إيمانك ))
خلصها من هذا الموقف صوت جيرد قائلاً :
(( هذا يكفي يا غلين ، دعني أساعدك للصعود إلى غرفتك ، فإن كلا منكما متعب ))
وسألت كاترين نفسها ، ترى منذ متى وهو يراقبهما ، ولماذا ؟ لا يمكن أن تكون الغيرة هي السبب ، فهي ليست مغرورة إلى حد أن تتصور ذلك ، هل يمكن أن يكون جيرد صادقاً وأنه أحبها بالفعل ؟ أم أنه جاء ليفرض سيطرته عليهما ؟ 0
عندما أطلّ صباح اليوم التالي ، أزاحت كاترين الستارة المخملية عن فراشها ، وأخرجت قدمها لتغادره ، تذكرت ليلة أمس ن وأحست بالامتنان لتدخل جيرد مهما كان سببه ، كان يكفي غلين في تلك اللحظات أن تمتد يده إلى شعرها ليعرف أنها ليست فالنتينا ، وكل الحسنات المتوقعة من حضورها ستمحى في لحظة تهور وفي غمضة عين 0
كانت ممتنة فقط لتخل جيرد في تلك اللحظة ، أما غير ذلك فهي لا تريد التفكير به على الاطلاق ، لقد سلك معها سلوكاً شائناً ، ولا بدّ أنه أدرك ذلك 0وإلا فما معنى تجاهله لها طيلة المساء ؟!! يا الله لقد خانت مبادئها ، لا بدّ أنه قرأ شيئاً ما في عينيها حتى تجرأ وحاول الاقتراب منها ن وكانت شاكرة أيضاً لدخول غلين إلى غرفتها يسأل عنها في ذلك الوقت ، ولا شك أن جيرد ينظر إليها بغير احترام ، وهذا ما لن تسمح به أبداً 0
سحبت الستائر المخملية عن النوافذ ، فأثارت إعجابها تلك المشاهد الخلابة التي بدت أمامها ، مساحات ومساحات من المراعي الخصبة الخضراء التي تمتد حتى تعانق الأفق ، ذلك الحدّ الغامض الخيالي الذي يتلاشى في حزمة من الغيوم 0
وأمامها غابت الجبال تحت ستائر من الأضواء الوهّاجة ، حتى كادت كاترين تحسب أن لا جبال هناك ، وأخذت أشعة الشمس تلوّن المنحدرات بلونها الأصفر الشاحب فتكسبها جمالاً فوق جمال ، لقد سبق لها وأن قرأت في أحد الكتب أن الجبال تسحر الرجال ، وهي أيضاً ، ولأول وهلة ، لقد سرى في عروقها شعور بالنشوة والانتعاش ، ولكن لما بدأت الغيوم تكلل بياضها رؤوس المرتفعات أدركت خطرها أيضاً 0
كانت لا تزال الساعة السابعة والنصف تقريباً ، ومع أن الوقت كان مبكراً ، إلا أنها أحست بجوع شديد ، ولذا فكان أول ما فعلت أن اغتسلت و ارتدت ثيابها ، لم يكن من الصعب عليها النزول إلى الطابق الأرضي ، حيث سمعت حديثاً يدور هناك ، استطاعت أن تميز صوت ماريا ، أما الآخر فقد أخطأته عندما حسبته صوت جيرد ، لقد سمعت ماريا تقول :
((أنا لا أشعر بالعطف عليك ))
(( أنا لا أتوقع منك ذلك يا امرأة ، فقط هات بعض القهوة وكفّي عن الثرثرة ، فإنس سأخرج مع جيرد هذا الصباح ))
كان المتكلم يجلس قرب الموقد ، طويل القامة ، حاني الكتفين بعض الشيء ، ولما أحس الرجل بقدومها التفت إليها ، فرأت رجلاً عجوزاً ، رسمت السنون على وجهه عشرات الخطوط العميقة ، وأدركت على التوّ أنه والد جيرد ، بادرها بالكلام قائلاً :
(( لا شك أنك فالنتينا ، أليس كذلك ؟ تعالي أيتها الفتاة فلا حاجة للخجل ))
تقدمت منه وأجابت :
(( نعم أنا هي ، كيف حالك ؟ أنت 000))
أتّم الرجل كلامها بقوله :
(( أنا بن فريزر ، إنني سعيد لرؤيتك يا فالنتينا ، غلين حدثني كثيراً عنك في رسائله ، هل نمت جيداً ؟ ))
(( نعم ، نعم ، أنا لم أنم في حياتي في سرير فخم كهذا ))
دخلت ماريا الغرفة وهي تحمل صينية عليها فنجانين من القهوة ، ووجهت حديثها إلى كاترين :
(( هل تعلمين أن هذا الرجل خرج من البيت منذ الساعة الخامسة والنصف صباحاً ؟ ولولا جيرد لما رأيناه إلا بعد عدة ساعات !!))
تناول بن فنجان من القهوة،وقدمه لفالنتينا وقال :
(( آسف،لم أحييك الليلة الماضية,فأنا لم أكن بخير ))
أحست كاترين أن هناك ما يزعج الرجل ، وجاءها صوت من الخلف يقول :
(( حسناً ، أخيراً أنت على استعداد ، وهذا أمر تشكر عليه ))
اجتاز جيرد القاعة إليهم ، يستمع إلى أبيه الذي قال :
(( لا تظن أني استيقظت من أجل الخروج معك يا غلام ، بل لأني أردت أن أسلم على فالنتينا ، وإني لآسف لأني لم أكن هنا الليلة الماضية لأفعل ذلك ))
التفت جيرد إلى كاترين وسألها :
(( هل وجدت غرفتك مريحة ؟))
((آه ، نعم ، بالتأكيد ، إنها مريحة جداً ))
وانشغلن بالقهوة التي كانت تتناولها ، وبقيت على تحفظها معه ، مع أنه لم يكن من السهل عليها أن تتجاهل شخصاً يراقبها 0
ثم سأل أباه :
(( ألست على استعداد ؟ فإني لست عازماً على الوقوف ههنا طوال النهار ))
وضع بن فريزر فنجان القهوة من يده على الصينية وقال وهو يرمق كاترين بحركة مضحكة :
((مستعدّ تماماً ، هل سنبقى خارجاً طيلة النهار ؟ ))
((لديّ عمل كثير ، كفّ عن العبث قليلاً ، إن هورس ينتظرنا ))
وجه جيرد كلامه إلى كاترين وهو يمرّ بها :
(( هورس هو المشرف على مزرعتي ، وهو ابن ماريا ))
وتلاقت عيناهما لحظة حملت لكاترين الكثير من المعاني الغامضة ، ثم مضى 0


يتبع 000ودمتم سالمين **

مسزز السريعي
27-06-2007, 02:37
8) حديث عن الماضي


تناولت كاترين فطورها في المطبخ بلا شهية على الرغم من أنها كانت تشعر بالجوع ، وأحست أن النهار قد فقد بهجته طالما أن جيرد سيغيب حتى المساء 0
أخذت ماريا تحدثها ، ولم تترك موضوعاً يخصّ المنزل أو المزرعة إى خاضت فيه تقريباً ، لقد أخبرت كاترين أنها تقوم بتهيئة جميع الأطعمة والحلويات ، كما أنها تشرف على جميع العاملين بالبيت ، وفهمت من حديثها أن ليزا لا تهتم بأعمال المنزل ، ولا تقوم إلا بالشيء اليسير جداً منه ، كما أخبرتها أن السيد بن فريزر والد جيرد قد فقد قوته ونشاطه وأصبح على هذه الحال بعد موت ولده انغوس 0 ولذا اضطرت ليزا أن تقوم بتربية ولدها وحدها وأصبحت تعتمد على جيرد في جميع شؤونها تقريباً 0
قالت كاترين مشتركة بالحديث :
(( هل هناك شيء أساعدك به ؟ ))
(( تساعدينني أنا ؟ أنت هنا لمساعدة غلين كي يستعيد صحته وقوته ، أرجو من الله أن يعيد إليه بصره ))
(( آمين!))
وأضافت ماريا :
(( يبدو أن غلين لا يستطيع الصبر ، حتى يأتي اليوم الذي يرحل فيه ، ولو أن والدته تريد عكس ذلك ))
(( هل المزرعة مهمة بالنسبة إليها إلى هذا الحد ؟ ))
(( يمكنك قول ذلك ))
(( أظن أن المزرعة ستؤول إلى غلين لو بقي أبوه حياً ))
(( لا ، فإن جيرد ماكدونالد الجدّ ، ترك المزرعة لحفيده جيرد 000))
(( إذن لم يكن بن والد جيرد هو المالك ؟ ))
(( لا ، كانت المزرعة لماكدونالد ، والد أمه ، والد السيدة مارغريت 0 في ذلك الوقت كانت هناك سيدة بالفعل ، سيدة بالمعنى الحقيقي ))
شعرت كاترين بأن في كلام ماريا تلميحاً على أن ليزا لم تكن تلك السيدة 0
وقالت :
(( يبدو أنك تعرفينها ))
(0 بالتأكيد هي التي أحضرتني إلى هنا ، وبقيت معها حتى ماتت ن المسكينة ، لقد ماتت بعد ولادتها مباشرة ، فكرس أبوها ماكدونالد كل حياته لها ))
تنهدت ماريا تنهيدة عميقة في أسى وتابعت :
(( لقد كان ماكدونالد سعيداً عندما تزوجت ابنته مارغريت من بن فريزر 0 لكن سعادته لم تكتمل ، لأن بن لم يبد أي اهتمام بالمزرعة ، عاشت مارغريت خمسة عشرة عاماً بعد زواجها ، ولحق بها أبوها بعد ذلك بعشر سنوات ))
فهمت كاترين أن زواج مارغريت من بن لم يكن موفقاً ، كما أراده والدها أن يكون ، ولكن كاترين بعد ما رأت بن فريزر ، لاحظت أنه كان رجلاً وسيماً وجذاباً ، و لا شك أن المرارة والأسى هما اللذان حفرا في وجهه هذه الخطوط العميقة 0
لقد استلطفته كاترين وارتاحت إليه ، وشعرت أنه إنسان بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، أما إنه لا يهتم بالمزرعة فهذا أمر يعنيه هو فقط 0
قطعت ماريا حبل أفكارها وقالت :
((أظن أن الوقت مناسب لأقدم إلى غلين طعام الإفطار ، أليس كذلك ؟ ))
وقفت كاترين مسرعة ، وقالت :
(( دعيني أفعل ))
(( حسناً ، لم لا ؟ أظن أنه سيكون أكثر سعادة أن تقدميه أنت بدلاً مني ، ولو أنه لا يراك الآن 0 مسكين هذا الفتى ، فإن قلبي يكاد ينفطر من أجله ))
أخذت كاترين تصعد درجات السلم على مهل وهي تحمل له طعام الافطار 0
وجال في خاطرها سؤال ، ترى من أراد أن تكون غرفتها بعيدة عن غرفة غلين ؟ فهي ممتنة لمن رتب هذا الأمر ، كائناً من كان ، فهل هو جيرد ؟ أم هي ليزا ؟ لابدّ أن لكل منهما أسبابه لإبعاده عنها 0
كان غلين هو الذي فتح لها باب غرفته بنفسه عندما طرقته ، فأدهشها ذلك ، وهي كانت تحسب أنه لا يزال مستلقياً على فراشه ، وبعد أن تبادلا التحية ، جاعلة الصينية حاجزاً بينهما 0 سألته :
(( أين أضع لك الفطور ؟ ))
(( هناك على الطاولة قرب النافذة ، يمكنك أن تتحدثي إلى أثناء تناولي هذا الطعام إن كنت تتحملين مراقبة أعمى يأكل ))
(( غلين ، لا تقل هذا ، فأنت لست أعمى ، كم مرة قلنا لك أن هذا الأمر مؤقت،وإن بصرك سيعود قريباً ))
صمت غلين برهة ، ثم أخذ يتحدث إليها وهو يأكل ، حدثها عن المزرعة وكيف تسير الأمور فيها ، هالها أن تسمع أن في المزرعة خمسين ألف رأس من الماشية تحتاج جميعها إلى رعاية وتنظيم ، وضحكت من نفسها على سخف تصوراتها عن تربية الماشية ، وهي تسمع شرح غلين المستفيض ، ثم قال :
(( بالرغم من وجود رئيس العمال في المزرعة ، فإنني مهما أحببت المزرعة ، فلن يقارن بحب جيرد لها ، ذلك الحب الذي يجري في عروقه ، أما أنا فكسول مثل أبي ))
(( ولكن يبدو أن أمك تحب المزرعة ))
(( آه ، نعم ، حب أمي يدور حول جيرد فقط ، و لا أدري لماذا تزوجت أبي ، فلم يكونا سعيدين معاً مطلقاً ))
كتمت كاترين أنفاسها وقالت :
(( آه غلين ))
(( إنها الحقيقة ، فهما لم يكونا سعيدين أبداً ، بل كانت المشاحنات بينهما مستمرة ، وأغلب الظن أن تلك المشاحنات كانت بسبب قضائه معظم أوقاته في الصيد ، أما أمي فقد كانت تفكر في جيرد ))
بالرغم من أن غلين لا يستطيع رؤية ملامح الذهول التي بدت على وجه كاترين ، فإنه غيّر مجرى الحديث ، وسألها :
(( فالنتينا ، هل عندك خبرة في ركوب الخيل ؟ ))
(( نعم ، قليلاً ، كنا تندرب على ذلك ونحن في المدرسة ))
قال غلين مستغرباً :
(( نحن ؟ آه ، نعم ، أنت وكاترين ، لقد تذكرت 0 ما قالت لك عندما أخبرتها بأمر سفرك معنا إلى كندا ؟ )) ((آه ، كانت فرحة جداً من أجلي ))
(( حقاً ، لقد أدهشتني ، ألم تقولي لي سابقا ، أنها كانت توبخك دائماً وتريدك أن تتصرفي باتزان ، من غير أن تترك لك فرصة للّهو ؟ لا بد أنها تختلف عنك كثيراً ؟))
(( حقاً ، ولكن عندما عرفت ما أصابك ، لم تمانع))
(( حسناً ، ما رأيك في الخروج لركوب الخيل هذا الصباح ؟ فأنا أحس بأن الشمس مشرقة ، والنهار صحو جميل ، مناسب للخروج ، وأريد أن أريك المزرعة ، أعني جزء منها طبعاً ))
(( لكن ، هل تستطيع 00))
قاطعها غلين قائلاً :
((نعم استطيع إيجاد طريقي ، فالنتينا ، أنا ولدت هنا ، وتدربت على ركوب الخيل في هذه المراعي منذ صغري ، منذ كنت في الثالثة من عمري ، ولن أجعل من نفسي سخرية لأحد ، إذا سأعتني بعض الشيء ، وبالمناسبة سوف أريك مبنى العمال ، فأنا أريد أن أتحدث إلى فوسنغ وهو الطاهي هناك ))
سمعا طرقاً خفيفاً على الباب ، فصاح غلين غاضباً :
(( من هناك ؟))
ومن غير أن يلقى إجابة ، فتح الباب ودخلت ليزا ، ولما وجدت كاترين هناك نظرت بطرف عينها ، ثم قالت تحدث ابنها :
(( يا عزيزي ، لم أكن أعرف أن فالنتينا بصحبتك ، فجئت لأطمئن عليك ))
((أنا بخير يا أمي ، لقد نمت جيداً ، وتناولت فطوري الآن ، وبعد أن أرتدي ثياب الخروج ، سنتجّول أنا وفالنتينا على ظهور الخيل ، في أرجاء المزرعة 0
قالت ليزا ، وهي تنظر إلى كاترين :
(( ليس من الحكمة يا ولدي أن تفعل ذلك ، فما زلت تحتاج إلى كثير من الراحة ))
تدخلت كاترين وقالت :
(( أظن أن أمك على صواب ، لعلك تكون أفضل في الغد ، فليس في الأمر عجلة ))
دار حول السرير وألقى بنفسه على فراشه وأجاب :
(( حسناً يا فالنتينا ، أنا أقبل إذا وعدتني بالخروج معي في الغد ))
قالت أمه بغضب :
(( هل يمكنك معرفة كيف سيكون حالك في الغد ؟ أسأل جيرد أولاً ))
(( جيرد 00جيرد 00إلى متى سيستمر وصياً عليّ ، أرجوك يجب أن أكون وصياً على نفسي ))
أخذت ليزا نفساً عميقاً ، ورشقت كاترين بنظرة صفراء وقالت :
((حسناً ، سوف لا أقول شيئاً أكثر من هذا الآن ، ولكن إذا حصل أي مكروه فأنت وحدك المسؤول ))
كانت كاترين تعلم أنها كانت تعنيها بهذا الكلام ، ولكن غلين أسرع وأجاب :
(( ستكون غلطتي وحدي ! إهدأي يا أمي سوف لا يحدث إلا الخير ))
((أرجو ذلك ، في كل حال سأذهب وارتدي ثيابي ، ثم أعود إليك ، عندما تكون وحدك ، أريد أن أسمع منك أخبار الجامعة ، ولا شك أن فالنتينا ستسمح بذلك ))
كان يبدو موقف ليزا ، أنها تميل إلى تعكير الجوّ الذي يحيط بها بأي طريقة ، وتسألت : ترى لماذا تكرهها ليزا ؟!! فإن كانت تكره فالنتينا لما فعلت ، فهي تعلم بأنها ليست فالنتينا ، وإنها هنا فقط لمساعدة غلين ، ريثما يعود إليه بصره ، وهي لا تشكل أي خطر عليها 0
في وقت لاحق من الصباح ، شعرت كاترين برغبة في الخروج إلى الهواء المنعش ، حيث يمكنها إخفاء قلقها وراء البهجة التي ستحس بها من جراء شعورها بأنها وحدها في أحضان الطبيعة تلفح الشمس وجهها ، ورائحة الحشائش الخضراء تملأ رئتيها ، وقبل

مسزز السريعي
27-06-2007, 02:38
أن تخرج ، أخبرت ماريا برغبتها ، فلم تبد المرأة العجوز لذلك أي اعتراض ، أكثر من أنها حذرتها من الابتعاد عن المنزل ، وتأكدت كاترين أن لا مجال للضياع ضمن المساحات الشاسعة التي يرى الإنسان فيها إلى بعد عدة أميال 0
ومع ذلك فقد أخذت كاترين بنصيحة ماريا ، وبقيت ضمن المنطقة التي تحيط بالمبنى ، كما قضت وقتاً ممتعاً تتفرج على الخيول التي جذبت انتباهها قبل العودة إلى المنزل 0
لم يكن في غرفة الطعام سوى كاترين وليزا عندما حان موعد الغداء 0
فبدأت ليزا بالكلام قائلة :
(( بالحقيقة ، عليك ألا تشجعي غلين على تصديق أن حياته ستستمر معك ، أعني كأنك ستشاركينه حياته في المستقبل ، إن مساعيك تتعارض مع شفائه 000))
قالت كاترين وهي تلهث :
((أنا لا أعلم أني فعلت شيئاً من ذلك ))
((أنت تعرفين تماماً أن ركوب الخيل آخر شيء يمكن القيام به ، ففي حال إذا سقط 000))
تدخلت ماريا وهي تحمل بعض الأطباق من الطعام :
(( غلين يركب الخيل منذ نعومة أظفاره ، فلا تحطمي ثقته بنفسه يا سيدة ليزا ))
(( لم أسألك رأيك يا ماريا ، إني أحس بصداع ، فهل يمكن أن تعطيني دوائي ؟ ))
أخذت ماريا الأمر بروح طيبة ، أما كاترين فقد التفتت إلى طعامها ، فهي لا تريد أن تحشر نفسها في مشاحنة مع والدة غلين 0
اختفت ليزا بعد الغداء 0 ويبدو أنها ذهبت إلى ابنها ، وعادت كاترين إلى غرفتها ، تكتب رسالة إلى أبيها ، ولم تذكر فالنتينا بشيء 0 ولكنها فقط أخبرته أنها تقضي إجازتها في كندا ، ولتفكر فالنتينا بهذا كيفما شاءت 0
كان العشاء أكثر متعة وتسلية ، بوجود بن فريزر ، وقد تواجد الجميع حول المائدة 0
كان غلين يجلس إلى جانب كاترين ، ويسألها أين قضت طيلة بعد الظهر ، ولاحظت من ذلك أن ليزا لم تكن عنده ، قالت :
((ظننت أن أمك 0000))
(( والدتي قضت معي فقط خمس عشرة دقيقة ، وبعدها كنت أصغي إلى التلفزيون ، يا الله كم لعبة البيسبول ممتعة بالسمع ، عندما لا تقدرين أن تريها ))
أما جيرد فقد بقي منطوياً على نفسه كالليلة السابقة ، وما عدا سؤاله لكاترين عن كيفية قضائها يومها هذا ، لم يشارك في الأحاديث مطلقاً 0
وعندما التقت عينا كاترين بعينيه رأت الغضب يطلّ من أعماقهما دون أن تعرف ما الذي يجول في خاطره 0
والد جيرد هو الذي أضفى على الجلسة حيوية وبهجة ، بقصصه الشيقة اللطيفة ، وكان يبدو أنه قصد بها تسلية كاترين 0
كانت كاترين سعيدة جداً بالاستماع إليه ، مرتاحة لصداقته ، حتى أن غلين راعى ذلك ، عندما انتهى العشاء ، وسمح لعمه أن يقوده إلى غرفة الجلوس ، عندما خرج جيرد ، مدّ غلين يده يعبث بخصلات شعر كاترين ، ثم تمتم :
(( أحس أن شعرك صار أكثر نعومة من المعتاد ، كما أني لا أنكر عليك أنني أشعر أحياناً كأني لا أعرفك من قبل 000))
((غلين من الأفضل أن تذهب إلى فراشك ))
قالت كاترين هذا الكلام لتتهرب به من الرد عليه ، أما هو فقد وقف وقال :
(( حسناً ، كما تشائين ))
ولما بلغا أولى درجات السلم ، أصر غلين على الصعود إلى غرفته لوحده ، وقال :
(( سأعرف طريقي من دون تلك العصا التي أعطاها الطبيب لي أني أرفض التجول بعصا ))
لم تمانع كاترين وهي تحس أن غلين يجب أن يعتمد على نفسه ، ولكنها راقبته وهو يصعد ، ثم عادت 0
التقت بجيرد خارجاً من غرفة الجلوس ، فتراجع قليلاً ليسمح لها بالمرولا فقال لها :
(( أين غلين ؟ كنت قادماً لأوصله إلى غرفته ))
تحاشت النظر إلى عينيه وقالت :
(( لقد ذهب ، أراد الصعود وحده وأظن أن هذا هو الأفضل ))
لحظة صمت مرّت بهما ، حسبته قد رحل خلالها ، ولكن عندما رفعت رأسها وجدته لا يزال واقفاً ينظر إليها ، وقال بصوت منخفض :
(( أظن أنه يجب عليّ أن اعتذر ، لم أجد فرصة لأفعل ذلك الليلة الماضية ، فهل تصفحين عني ، أنا لست همجياً إلى هذا الحدّ))
اتكأت كاترين على حافة الأريكة ، وتمنت لو أنه يذهب الآن فهو قدّم اعتذاره ، ولا تصدق انه يعنيه حقاً 0
مشى حتى وقف أمامها ، لكنها لم تنظر إليه فتكلم ثانية :
(( أليس عندك ما تقولينه ؟))
هزت كتفيها وتمتمت :
((حسناً ، قبلت اعتذارك ))
ثم لمس شعرها المستعار وقال :
(( آني آسف ، أظنك ستلبسينه أكثر مما توقعت ))
نظرت إليه نظرة خاطفة ، فلمحت في عينيه تعبيراً لطيفاً فقالت :
(( لماذا لم تحسب أنني سأحتاجه طيلة الوقت ؟ ))
كانت كاترين تتجه نحو الباب إلى غرفتها ، عندما ظهرت ليزا وقالت متجاهلة كاترين :
(( هكذا إذن ، أنت هنا يا عزيزي ، كنت أبحث عنك والآن وجدتك ))
كانت كاترين تدرك وهي تمضي أن عيني جيرد تلاحقانها 0وأصابعة تعبث بلطف في شعر ليزا الحريري المتموج0

يتبع 000000دمتم سالمين

ماهيما
27-06-2007, 10:44
مشاءالله لا اله الا الله ماري انطوانيت

انا كنت داخلة المغرب وانتظر نزلتي الجزء الاخير ولا لا

وكل هذا صار بالليل مشاءالله عيني عليكم باردة

انا للحين ماقريت الجزء الاخير وفيه الرواية الثانية بعد ماقريتها:eek:

مشكوووووووووووووووووورين وماقصرتم وماري حبيبتي لي رجعة ان شاءالله عشان اعلق على الرواية

باااااااااااااااااااااااااااااااي حبايبي:)

ماري-أنطوانيت
27-06-2007, 13:26
انتظر تعليقك على احر من الجمر يا ماهيما ;) ;)

مسزز السريعي
27-06-2007, 13:31
9) صرخة مدوية


مرت ثلاثة أيام قبل أن يخرج غلين مع كاترين لركوب الخيل ، ثلاثة أيام قضاها في فراشة ن ماعدا ساعات المساء فقط حيث كان ينضم فيها إلى بقية أفراد العائلة على مائدة العشاء ، أو في غرفة الجلوس ، وأما كاترين فكانت تجد سلوى في رفقة ماريا في المطبخ تستمع إلى حكايتها المثيرة الجميلة 0
غير أنها بعد ظهر أحد هذه الأيام ، رافقت بن فريزر في جولة في أنحاء الطابق الأرضي وهو يحكي لها تاريخ العائلة ، أخذا ينتقلان من غرفة إلى أخرى ، وهي في حالة من الذهول أمام فخامة وأناقة ما ترى ، والواقع أن كاترين لم تعرف عدد الغرف التي مرت بها ، ولم تستطع أن تقدر المساحات التي بنيت عليها ، وجميعها لا تقل رحابة ، وزخارفها لا تقل جمالاً عما سبق ورأته من أجزاء المبنى ، وعجبت في نفسها ، وتسألت لم كل هذه القاعات ، ولم كل هذه الغرف ؟!!
كان بن قد قرأ أفكارها فقال وهما لم ينهيا جولتهما بعد :
(( في الواقع ، لم يكن من الضروري بناء جميع هذه الغرف ، ولكن ماكدونالد أراد أن يبني أكبر وأفضل بيت في الجوار ، وهذا ما فعله ))
مرا بغرفة خاصة للموسيقى ، مزخرفة بأجمل الزخارف وأتقنها 0في وسطها بيانو فخم لم يفقد رونقه ولمعانه ، وفي إحدى الزوايا قيثارة كأنما لم تمسها يد 0
مر بن بأصابعه على مفاتيح البيانو ، وقال وفي صوته نغمة حزن عميق :
(( مارغريت اعتادت أن تعزف عليه كثيراً ، ولكن بعد ولادة أنجس وجيرد، لمتعد تملك الوقت الكافي لذلك ))
شعرت كاترين بأن جيرد احتفظ بهذه الغرفة كما هي لذكرى أمه ، ولما نظرت إلى بن رأت ملامح أسى دفين ترتسم على وجهه0
وصلا إلى غرفة المكتبة ، فكانت كبقية الغرف باتساعها وزخارفها وترتيبها وفخامة أثاثها ، ألقت كاترين بنفسها على إحدى الأرائك طلباً للراحة ووقف بن قبالتها يتكئ على حافة مكتبة تغطي الجدار صفت فيها الكتب من الأرض حتى السقف 0 ثم قال :
(( في هذا المكان يقضي جيرد معظم وقته ، هذا إذا لم يكن في غرفته التي يخلو إلى نفسه فيها ))
سحب من بين الكتب مجلداً ضخماً وأخذ يقلبه بين يديه ، وقال :
(( لقد اشترى ماكدونالد هذا المجلد لأنجس ولدي الأكبر ، لقد كان صياداً ماهراً ، وكان يسعده الخروج للصيد في كل الأجواء 0))
ومرة أخرى مرت سحابة حزن على وجه بن 0 واستمر في الكلام ، واستمرت كاترين في الإصغاء إلى حديثه ، ولكنها فجأة لمحت جيرد من خلال النافذة 0
فوقفت مسرعة وتراجعت تخفي نفسها وراء الستائر المخملية ، لئلا يظن أنها أخذت حريتها أكثر مما يجب 0 أما بن فإنه لم يلمح ولده الأصغر وتابع :
(( انجس قتل ، الطائرة التي كانت تقله سقطت في الغابة ، على الجهة الشمالية من هنا ، في طريق عودته من رحلة صيد ، مسكين انجس 00))
لم يدخل جيرد إلى الغرفة ، ويبدو أنه صعد مباشرة إلى سريره ، أما هما فقد أكتفا بهذا القدر من التجول ، وافترقا كل إلى غرفته0
أصبح الهواء عليلاً ، والشمس دافئة ، مع إطلالة صبح اليوم التالي ، وحالة غلين تسمح له بالخروج برفقة كاترين لركوب الخيل 0
كان الإسطبل قريباً من مساكن العمال ، ولكن قلة منهم كانوا قد خرجوا في ساعات الصباح ، رأت كاترين اثنين من العاملين هناك ، فصاحا يحييان غلين ، وقام غلين بمصافحتهما وتقديم كاترين إليهما ، وقال أحدهما :
((لقد سمعنا بما أصابك ، ولكن يبدو أنك عوفيت تماماً ، فإن دماء ماكدونالد تجري في عروقك ، ولن يستسلم أي ماكدونالد!))
(( أني مسرور لسماع ذلك ، هل فو قريب من هنا ؟ أريد أ، أعرفه على فالنتينا ))
رأت كاترين أنهما كانا مولعين بغلين ، وبعد أن ودعهما ، قادها إلى مبنى وجدا فو في المطبخ فتبادلا معه التحية ، وبينما كانت كاترين تلقي نظرة على الغرفة التي يتناول الرجال فيها طعامهم ، أخذ فو يشرح لها بعض الأحداث التي تجري هناك ، فقال :
(( يسكن هنا خمسون عاملاً ، بعضهم يعيش مع أهله ))
تعجبت كاترين :
((كنت أحسب أن جميعهم يعيشون مع عائلاتهم في هذه البيوت ))
قال غلين :
((كانوا يفعلون ذلك منذ سنين ، لكن جيرد حفاظاً على سعادة وراحة عماله ، ترك لهم حرية العيش أينما يريدون ، كي يتمتعوا بأوقات فراغهم على فراغهم على النحو الذي يشاؤون ))
(( أن جيرد يقدر على ذلك ))
قال فو باعتزاز :
(( جيرد رجل بكل معنى الكلمة ، فهو يستحق أن يكون حفيد ماكدونالد ))
قال غلين معلقاً :
(( فو يحب جيرد ويخلص له ، فقد أنقذ حياته ذات مرة من الغرق ))
وأضاف فو :
(( فعلاً ، أنقذ حياتي من الغرق ، أو الموت برداً ، وخاطر بحياته من أجلي ، مع أنه كان من الممكن أن يتجمد مثلي ))
لم يرض غلين بالحصان الذي قدمه له تروي ، ذلك الشاب اليافع الذي لاقاهم في المطار ، وألح على ركوب حصانه برنس ولكن تروي قال :
((إن جيرد هو الذي حدد لي أي حصان أعطيك ، وللآنسة فالنتينا ))
(( أنا لا أبالي بما يقوله جيرد ، أريد برنس ، أين برنس ؟ ))
(( لقد ركبه جيرد هذا الصباح ))
قال غلين غاضباً :
(( لا بأس ، سوف أركب بيكر ، ولكن أخبر جيرد ، أنني لست مبتدئاً ، ولو كنت أعمى ))
كان الصبح رائقاً ن والشمس ترتفع تدريجياً إلى كبد السماء ، تلوّن الجبال البعيدة بريشتها الذهبية ، فتبدو كسلاسل من الذهب الخالص 0
قال غلين لكاترين وحصانهما يسيران جنباً إلى جنب :
((آسف على تصرفي ، لكن مثل هذه الأمور تقلب كياني ))
(( لا تبالي غلين ، والآن أعلمني إلى أين نذهب ، فالمساحات شاسعة ، ولا أستطيع أن أقرر وحدي ))
(( حسناً ، هل ترين تلك الجبال التي تقع على يسارنا ؟ إنها تبدو قريبة ولكنها في الواقع بعيدة جداً ))
(( إنها تبدو غاية في الجمال ، أليس كذلك ؟ ))
وتمنت كاترين لو قُطع لسانها قبل أن تعطي مثل هذه الملاحظة ، ولكن غلين أخذ الأمر بروح طيبة وأضاف :
(( أظن أنها أجمل جبال في الدنيا ، ولكن إضافة إلى بعدها فهي خطيرة جداً ))
(( إني أتوقع ذلك ، إلى أين نذهب ؟ ))
حوّل غلين رأسه وقال :
(( من جهة اليمين ، - إذا لم أكن مخطئاً – هناك غابات كثيفة الأشجار ، شاسعة المساحة ن ثم تنحدر بشدة إلى واد ضيق عميق ، وهناك تشاهدين الشلالات التي أعطت منطقتنا اسم شلالات موز ))
(( ولكن غلين ، أليس هذا خطراً علينا أيضاً ؟ ألا يمكن أن نتجول فقط في هذه المراعي الفسيحة ؟))
(( ماذا ؟ أميال وأميال من المراعي ، و الآف من المواشي ، فهل هذا كل ما تريدين رؤيته ؟ ))
(( لا ليس هذا كل ما أريد رؤيته ولكن هذه أول مرة نخرج فيها ، وأمك 000))
قاطعها بغضب :
((أمي ، أمي متى تحافظ على وجودي إلى هذا الحد ؟ كل ذلك من أجل جيرد ، هو يريدها أن تعنى بي ، ولذا فهي تفعل ما يريد ، وهذا كل ما في الأمر ))
(( آه غلين , أنا متأكدة 00))
(( متأكدة من ماذا ؟ أنها أم صالحة ؟ أنها تهتم لما يحدث لي ؟ فالنتينا ، هي فقط تريد جيرد ، وهي مستعدة لتفعل أي شيء ممكن لتتزوج منه ، دعينا نمضي الآن ))
حرك غلين حصانه إلى الأمام ، وتبعته كاترين ثم تقدمته تشق الطريق ، فرأت الأرض تزداد وعورة كلما توغلا إلى داخل الإحراج ، ثم إلى المنحدرات التي تؤدي إلى الوادي ، كما كانت الأشجار تزداد كثافة فضاق الممر الذي يعبرونه 0
أطلت كاترين من فوق ، فأذهلها مشهد بحيرة تترجرج مياهها لامعة تحت ضوء الشمس الفضي ، وخرير المياه التي تتدفق من فوق الصخور ، وعندما بلغا مكانا فوق الشلال مباشرة ، وقفت مسحورة أمام هذا الجمال الأخاذ 0
سمعت غلين يقول :
((شلالات موز ، كم كنا نسبح في الصيف في هذه البحيرة ، دعينا ننزل إليها ))
((لا ، لا، يا غلين ، الطريق صعبة جداً ، إلى هنا ويكفي اليوم ن دع ذلك إلي يوم آخر ، فأنت لا شك متعب الآن ))
(( أنا بخير فالنتينا ))
أصر غلين على الاستمرار في الرحلة ، فهمزت الحصان بقدمها تحثه على المسير 0
أصبحت الطريق أشد انحداراً عندما اقترب من القاعدة ، وأشعة الشمس لم تعد تجد لها منفذاً من بين أوراق الشجر الكثيفة ، ورائحة العفن تنتشر في كل مكان من النباتات الكثة الرطبة 0
كانت كاترين كلما تقدمت قليلاً تلتفت لتراقب غلين بكثير من الخوف والقلق ، وإذا بها تجد نفسها ترتفع عن ظهر جوادها ، عالقة بأحد الأغصان القاسية الناتئة عرض الممر 0
صرخت بأعلى صوتها وهي تسقط عن صهوة الجواد على ظهرها ، فوق النباتات الندية الشائكة ، وسقط فرع الشجرة بعنف على وسطها ، غابت عن وعيها لبضع ثوان ن ولما جاءها صوت غلين المضطرب منادياً ، لم تستطع أن تجيبه0
كرر غلين النداء ، ولكن بلا مجيب ، نزل عن ظهر حصانه ، وأخذ يتلمس الأرض بحثاً عنها وهو يصيح :
(( فالنتنا ؟ أين أنت ؟ ما الذي أصابك ؟ ))
ولما وجدها جثا بقربها وتناول يديها بين يديه بحب وحنان ، حاولت التكلم و بصعوبة خرجت الكلمات متقطعة من بين شفتيها وقالت :
(( أنا 000أنا بخير غلين ))
(( هل أنت حقاً بخير ؟ كان من الممكن أن يدق عنقك ، إنها غلطتي ، ما كان علي أن أجبرك على النزول ))
استطاعت كاترين الجلوس ، وحركت جسمها ، فاطمأنت أنها على الأقل لم تصب بكسور ، ثم تناولت الشعر المستعار الذي سقط عن رأسها وثبتته مكانه ، وقالت :
((غلين لا تكن أحمق ، لست المسؤول عن ذلك ، هيا بنا ألان نعود إلى البيت ، وإني آسفة إذ قطعت عليك هذه النزهة ، ومن جهتي ، اطمئن فسوف أكون بخير عندما أغتسل وأبدل ثيابي ))
ضحكت كاترين من نفسها وهما عائدان ، لأنها هي التي سقطت وليس غلين ، وتأكدت أن هذا سيفرح ليزا ، وتمنت ألا تراها وهي على هذه الحالة ، وألا يراها جيرد أيضاً وهذه الأوحال تغطي ثيابها 0
تجاهلت كاترين ألآمها وسمحت لغلين أن يتكئ عليها طوال الطريق من الإسطبل إلى البيت ، وقالت في نفسها : كان يجب ألا أستجيب لإلحاحه وشعرت لو أنها رفضت النزول على الوادي ، لكان قد تخلى عن ذلك وما أجبرها عليه 0
رأتهما ماريا عندما دخلا البيت ، ولكنها لم تعلق على مظهر كاترين الملطخ بالأوحال ، ودعت غلين ليرافقها إلى المطبخ ويتناول فنجان من القهوة ن بينما ذهبت كاترين لتغتسل وتبدل ملابسها 0
خلعت ثيابها بصعوبة ، فقد كانت جميع أعضائها تؤلمها ، بالإضافة إلى البرد الذي تسلل إلى جسمها من خلال ملابسها المبتلة ن فكان الحمام الساخن بلسماً شافياً لجروحها ورضوض ظهرها ، وأسلمت عينيها لاغماضة قصيرة ليتسنى لحرارة المياه الساخنة أن تتسرب إلى عظامها التي تتجمد من البرد 0
نبهتها الأصوات المنبعثة من تحت النافذة ، إلى أن الرجال عادوا من أعمالهم ، وعرفت أن وقت الغداء قد حان 0
أسرعت خارجة من الحمام لترتدي ثيابها ، حانت منها التفاته إلى مرآة الحمام التي كانت خلفها ، فهالها ما رأت من بقع أرجوانية تنتشر في كل مكان على ظهرها ، وأدركت أن السقطة لم تكن بسيطة أبداً كما تصورت 0
لبست كاترين بنطال أخضر جميل مع قميص أنيق سكري اللون وتحملت على مضض كل ما تحس به من أوجاع ، ونزلت إلى الطابق الأرضي ، حيث رأت في القاعة الكبرى حشداً من الناس ، كما رأت غلين يجلس على إحدى الأرائك يتحدث إلى عجوز معه فتاة صغيرة ،

مسزز السريعي
27-06-2007, 13:33
وليزا تقف قرب جيرد تجامل بعض الضيوف وعيناها تنظران نحو المخل ، أما جيرد فلم يكن له أثر هناك ، أسرع إليها بن فريزر وتناول يدها وقال :
(( تعالي يا فالنتينا ، لأعرفك على زوارنا ))
ثم سار بها بين الضيوف يقوم بمهمة التعارف ، ولما انتهى من ذلك قدم لها كأساً وتناول هو كأس آخر من
عصير البرتقال.
أخذت إحدى الزائرات تتحدث إليها قائلة :
((السيد بن أخبرنا أنك ممرضة ، آنسة فالنتينا ، لقد كنت أنا أيضاً ممرضة عندما التقيت بزوجي ))
(( أني طالبة تمريض فقط ، ولم ابتدئ بذلك إلا منذ ستة أشهر ))
سمع غلين صوتها وطلب منها الانضمام إليه ، فاستأذنت بن والمرأة التي كانت تحادثها ، وهي تشعر بالارتياح لابتعادها عنها 0 ومضت إلى غلين حيث جلست بجانبه ، فقال :
(( دعيني أعرفك على فرانك ستيفنس ، ولوري صديقين من أيام الدراسة ))
لم تكن لوري بالفتاة الجميلة ولكنها – والحق يقال – كانت كثيرة الجاذبية 0 وقد لاحظت كاترين أنها تميل إلى غلين ، فتمنت لو أنها تستطيع أن تخبرها الحقيقة ، وأنها لا تشكل خطراً عليها 0
انفض الزوار في الساعة الواحدة والنصف تقريباً من غير أن يظهر جيرد ، مما اضطر الآخرين إلى تناول غداءهم معاً من دونه تقوم على خدمتهم ماريا ومساعدتها كاترين 0
نظرت ليزا إلى بن وسألته :
(( لماذا لم ينظم جيرد إلينا ؟ وهو يعرف أني سألته أن يطلب من مارتن المجيء وإلقاء نظرة على غلين ؟ ))
كان غلين هو الذي أجاب :
(( أنت تعرفين يا أمي أن جيرد مشغول وليس لديه الوقت للثرثرة أثناء النهار 0 في أية حال لماذا يجب أن يأتي جيرد إلى هنا الآن ؟ أتمنى ألا تقحميني في أمورك الشخصية ))
((ماذا تعني بأموري الشخصية ؟))
(( لا أدري ، أنت تفهمين قصدي تماماً ، وأنا لا أحتاج إلى طبيب أخرق مثل مارتن ليشرف على علاجي ، الدكتور سنغ عمل الترتيبات اللازمة لأقابل الطبيب المختص في مشفى ماكنزي ، في كالجري ، بعد أسبوعين ، وحتى ذلك الحين لا أحد يمكنه أن يفعل شيئاً مطلقاً ))
قالت ليزا باقتضاب :
(( أنا فقط أفكر فيك يا ولدي ، وأريد أن أفعل أي شيء لمساعدتك ، ولا أظنك تتوقع مني التصرف وكأنك لم تصب بشيء ))
شرب غلين العصير الذي في كأسه دفعة واحدة ، وأزاح الصحن من أمامه ، وقال :
((حسناً ، أنا لست عاجزاً يا أمي ، وأتمنى أن تتذكري ذلك دائماً ))
بعد الغداء طلب بن من كاترين البقاء معه ، ريثما يذهب غلين ليستريح وبعد معارضة قصيرة من غلين مضى إلى غرفته ، تتبعه ليزا 0
((يبدو أن جيرد يكرس كل وقته للمزرعة ، مع أني أعرف أن لديه من ينوب عنه في أعماله ))
(( هناك فعلاً من يشرف على المزرعة ، ولكن جيرد لا يوكل أحداً وهو موجود هنا ، هذه ليست طريقته في العمل ، لم تكن طريقة ماكدونالد من قبل ن إن حب المزرعة وتربية المواشي يجري في عروقه ، كما انه يستمتع بصحبة العاملين عنده وخصوصاً هورس ))
(( هورس ؟ آه ، نعم ، تعني ابن ماريا ))
(( لقد نشأ هو وهورس معاً ، فبعد وفاة والدته مارغريت ، أصبحت ماريا بمثابة أمه ))
((آه ، لقد فهمت ))
(( ما رأيك في ركوب الخيل معاً في جولة قصيرة ؟ أم أنك ركبت اليوم بما فيه الكفاية ؟ ))
(( أجل ، لقد فعلت ، وأحب الآن قضاء بعض الوقت في المكتبة ، فأنا أحب الكتب ، وفي الواقع أني لم أر مجموعة كبيرة من الكتب كهذه ، إلا في المكتبات العامة ))
(( لم ما شئت ، وأنا سأجد شيئاً آخر أفعله ))
(( هل ستذهب وحدك إلى الإسطبل ؟ ))
(( لا أدري ، ربما ، وسوف أراك فيما بعد ))
بقيت كاترين في غرفة المكتبة طيلة بعد الظهر ، وعيناها تنظران إلى الطريق بين الحين والحين ، ربما كانت تنتظر مجيء جيرد ، لاشك أنها تحاول جاهدة إبعاده عن مخيلتها ، ولكن بالرغم من جميع محاولاتها ، لم تستطع تجاهله ، وأيقنت أن عدم حبها لليزا كان بسببه 0
بعد حين تركت المكتبة إلى غرفتها 0 ولما كان ظهرها يؤلمها وتشعر بتصلب في أنحاء جسمها ، وجدت أنه من الأفضل أن تأوي إلى فراشها ، وتمنت أن تجد لها حجة كالصداع مثلاً لتتحاشى بها الاجتماع على طاولة الطعام 0
وفي المساء ، وبعد أن استراحت كاترين بضع ساعات ، لم تجد مناصاً من النزول إلى غرفة الطعام ، وهناك على المائدة ، رأت جيرد ومعه هورس ابن ماريا 0
لم تأكل كاترين كثيراً ، وكذلك غلين ، أما جيرد وهورس فقد امضيا مدة تناولهما الطعام يتحدثان عن تجارة الماشية ، حتى أن ليزا لم تعد لديها القدرة على تحمل ذلك ، وقالت :
(( هل من الضروري أن تدخل موضوع المواشي إلى غرفة الطعام ؟ أنا لم أتحدث معك طيلة النهار يا جيرد ، أكثير على أن تبدي لي – على الأقل – شيئاً من الاحترام في المساء ؟ ))
أجاب هورس بصوت منخفض فيه معنى الاعتذار :
(( إني آسف يا سيدة ليزا ، إنها غلطتي أنا ، لدينا أمور كثيرة يجب أن نبحثها ولكن الحق معك ، فإن مائدة الطعام ليست مكاناً لهذا البحث ))
قال جيرد وهو ينظر إلى أرملة أخيه نظرة تحذير:
((حسناً ياهورس ، ليزا لم تقصد ذلك بالضبط ، لكن أين بن ؟ لا تقولي أنه لم يكن هنا طيلة بعد الظهر ؟ ))
(( أظن ذلك ، في الواقع أنا لا أعرف ، فقد قضيت فترة بعد الظهر في غرفتي أستريح لأني كنت أحس بصداع شديد ، وأنت تعلم أن خدمة الضيوف ليست سهلة ))
ضاقت عينا جيرد وقال :
((ضيوفك ، ماذا تعنين بأنك تظنين ؟ إما أنه كان أو لم يكن ، أريد أن أعرف ))
(( لقد تناول طعام الغداء معنا ))
(( وبعدئذ ؟ ))
تدخل غلين قائلاً :
(( أنا وفالنتينا ذهبنا في نزهة نستمتع بركوب الخيل هذا الصباح ، أما بعد الغداء فقد ذهبت إلى غرفتي أستريح ، وبقي بن مع فالنتينا ))
قالت كاترين :
(( هذا صحيح ، وقد طلب مني مرافقته في جولة قصيرة على الخيل ، ولكني اعتذرت منه ، لأني كنت متعبة قليلاً ))
(( إذن أين ذهب ؟ ))
ضاقت ليزا ذراعاً بهذا النقاش وهي تكره اهتمام جيرد بأحد حتى ولو كلن أباه ، وقالت :
(( لم كل هذه الضجة حول غيابه ؟ لا بد وأنه في مكان قريب ، قد يكون أخذ العربة إلى موزباي ))
قال جيرد :
(( يبدو عليك يا ليزا الكثير من الضجر ، وتحتاجين بعض التغيير ، أليس كذلك ؟ وأنا أشعر أن الحياة في المزرعة موحشة لامرأة مثلك ، وعليك أن تري حلاً لذلك))
لمعت عينا ليزا ، وقالت :
(( جيرد هل تعني ما تقول ؟ أنت تعرف كم أحب قضاء أسبوعين في نيويورك ، أشتري ما أريد ، أتمتع ، أشاهد آخر المسرحيات ، هل تظن أننا نستطيع ذلك ؟ وطالما فالنتينا هنا ، فلن يكون غلين بحاجة إلينا ))
قال جيرد جازماً :
(( يمكنك الذهاب ، حيث تشائين ، ونحن نستطيع التغلب على الصعاب ، وكما قلت ، فإن غلين لا يحتاج إليك الآن ))
شحب وجه ليزا وقالت :
(( ماذا تعني نستطيع التغلب على الصعاب ؟ هل تعني أنك لست قادماً معي ؟ ))
تراخى جيرد على كرسيه وأجاب :
(( ليزا ، أنت تعلمين أنني لا أستطيع ترك المزرعة الآن ، بالإضافة إلى أني لا أحب نيويورك ))
أجابت ليزا بوقاحة :
(( أية حيلة عفنة هذه التي تلعبها ؟ ))
نظر جيرد حوله وقد نفذ صبره وقال :
(( أية حيلة تعنين ؟ ليزا أنا لا أمنعك أن تفعلي ما تشائين ، اذهبي إلى نيويورك ، خذي معك بام بالمير إن أردت ، أنت تعرفين أنها تسر بمرافقتك ))
كاترين لمست موجة كره تتدفق من عيني ليزا ، من آخر الطاولة ، وهي تجيب :
(( أنا لا أريد أن أذهب مع بام بالمير ، سأبقى هنا حتى يكون لديك الوقت الكافي لتذهب معي ، حتى لو انتظرت الصيف كله ))
لم تخف هذه الملاحظة على كاترين ، أما جيرد فقد هز كتفيه وانثنى إلى هورس يتابع حديثه 0
عندما انتهى العشاء ، اختفى الرجلان ، واختليا في غرفة جيرد الخاصة ، ليتابعا بحثهما ، وغادرت ليزا الغرفة وفي صدرها عاصفة من غضب مكتوم ، أما كاترين فقد وقفت قبل أن تترك مجالاً لغلين ليبدأ أي حديث وقالت :
((غلين هل يزعجك أن أذهب إلى فراشي ؟ إني أحس ببعض التعب ))
((هل أنت بخير ؟ أليس هناك ما يؤلمك ؟ ))
قالت كاترين لتزيل مخاوفه :
(( يا لله ، غلين لا ، ليس هناك ما يؤلمني ، أنا متعبة فقط ، سوف أراك في الصباح ))
لما طلع الصباح ، لم تستطع كاترين التحرك مطلقاً ، فقد أحست بالآم لا تطاق في جميع أنحاء جسمها ، دفنت وجهها في وسادتها تمسح دموعها ، فما هذه الورطة التي أوقعت نفسها فيها ؟
لم تستطع النزول لتتناول الفطور ، وقالت في نفسها ، سوف يخرج جيرد مبكراً كالمعتاد ، وإذا خرج معه بن ، فلن يبقى سوى غلين وماريا ، من المتوقع أن يسألا عنها ، ستتدبر الأمر مع ماريا ، أما غلين فسوف تخبره بما تحس به من الآم 0
انقضى الصباح إلا أقله من دون أن يسأل عنها أحد ، وأخيراً وقبل الساعة الثانية عشرة بقليل ، سمعت نقراً على الباب ، فقالت وهي تشعر بدوار :
(( أدخل ))
ولدهشتها لم يكن غلين هو الذي يسأل عنها وكذلك لم تكن ماريا !!!!
واعتدلت في فراشها عندما دخل جيرد ، وسأل باختصار :
(( هل أنت مريضة ؟ ))
(( لا ، أني فقط أشعر ببعض التعب ، هذا كل ما هناك ، ووجدت أنه من الأفضل قضاء فترة الصباح في فراشي))
اتكأ جيرد على حافة القنطرة المؤدية إلى غرفة نومها :
((هل هذا صحيح ؟ أم تراك تتهربين بهذه الطريقة من مواجهة الأسئلة التي أجد نفسي مضطراً لسؤالك إياها ؟ ))
صاحت كاترين باستغراب :
(( أسئلة ؟ أية أسئلة ؟ أنا لا أ‘رف عن أي شيء تتكلم ))
(( ألا تعرفين لماذا خالف أبي تعليماتي ؟ أو لماذا ارتفعت حرارة غلين هذا الصباح ؟!))
***يتبع 00ودمتم سالمين***

مسزز السريعي
27-06-2007, 13:36
10) الحقيقة

قالت كاترين بارتباك :
((والدك ؟ غلين ؟ ماذا حصل ؟ ))
أجاب جيرد بأسلوب فظ :
(( تسألين ؟ أنت التي ذهبت مع غلين في نزهة على الجياد يوم أمس ، وأنت آخر من تكلبم مع أبي))
(( كان يبدو بحالة جيدة عندما تركته بعد ظهر أمي ، وأما غلين فقد حسبته أستأذنك في ذلك ))
(( لم يستأذنني مطلقاً ، يلله !! كاترين هل فقدت عقلك ؟ كان المفروض أن تعتني به ))
(( غلين ليس طفلاً صغيراً ، يجب أن يكون له رأيه الخاص ، وحان الوقت لكي يبني شخصيته ويثبت وجوده بمفرده ))
قلب جيرد شفته وقال :
(( وهكذا اخترت النزول معه إلى الوادي ، حيث الهواء الرطب والطريق الوعرة ، لا شك أنك مجنونة ، كان من الممكن أن يدق عنقه هناك ))
((لم أكن أريد النزول ، ولكنني نزلت على رغبته ))
((وأنت لم تحاولي منعه ، كاترين ، إذا حصل له أي شيء 000))
(( ولكن لم يحصل ، فكيف تلومني على شيء لم يحدث ؟ ))
(( والآن من المفروض أن تكوني إلى جانب غلين ، ولكني أراك هنا تستلقين في فراشك غير مبالية ))
(( أنا أشعر ببعض التعب ، اذهب الآن ، وسأغادر الفراش بعد قليل ، أم أنك ستعيد تصرفاتك المشينة التي سلكتها معي في تلك الليلة ؟ لماذا لا تذهب ؟ أخبر غلين أني سآتي إليه حالما أرتدي ثيابي وأكون جاهزة ))
(( سأطلب من ماريا إبلاغه رسالتك ))
(( دع شخصاً آخر غيرها يخبره ، لا أظنك ترغب أن يعرف غلين أو ليزا بأية حرية تدخل إلى جناحي))
(( دعينا نستبعد ليزا من هذا الموضوع ، ممكن ؟))
زمّت كاترين شفتيها وهو يغيب عن ناظريها ، وحاولت أن تتحرك لتمد رجليها خارج الفراش ، فأحست بضعف شديد ، وإذا بالدموع تنساب من عينيها البنفسجيتين الجميلتين على وجهها الشاحب ، من الآلم المبرح الذي المّ بظهرها ، فدفنت وجهها في الوسادة وهي تسأل نفسها ، كيف سيمر عليها النهار ، إذا كانت أطرافها ترتجف حتى من تلك الحركة البسيطة ؟
لم تكن لطيفة اليدان اللتان رفعتا رأسها عن الوسادة ، يبدو أن جيرد لم يذهب بعيداً عندما ظنت أنه مضى ، فهز كتفيها وقال :
((يا الله لم كل هذا البكاء ؟ ))
إن سحابة الألم التي مرت على وجهها من جراء تلك الهزة ، جعلته يقطب حاجبيه بتعجب ويقول :
(( يا لله ، أنا لا أريد أن أؤذيك ، بالله عليك توقفي عن النظر الي وكأنني وحش كاسر ))
أدارت كاترين رأسها من جهة لأخرى ، وهمست :
((أرجوك أذهب ))
دفعها إلى الوسادة بحركة تدل على خيبة أمل ، فلم تستطع إخفاء أنينها عندها حاول أن يكشف عنها الغطاء ليعرف ما بها وقال :
(( كاترين أرجوك ، بحق الله ، قولي ما الذي حلّ بك ؟ ))
نظر في عينيها الفاتنتين اللتين بدت فيهما نظرات التأنيب ، ولكن كاترين تنفست بصعوبة ويداها ترتجفان وهي تعيد الغطاء على جسمها ثم قالت :
(( لقد سقطت عن الجواد يوم أمس ولم يكن بودي أن أخبرك ))
سألها بخشونة :
((كيف سقطت ؟ وأين ؟ لماذا لم تخبريني منذ البدء ؟ فقد كان بإمكاني مساعدتك ))
((ليس الأمر مهماً إلى هذا الحد ، فقط أحس بتصلب في جسمي ، وألم في ظهري ، هذا كل ما في الأمر ، وأنا متأكدة أنني سوف أتحسن بعد قليل ))
ولم تدر إلا وقد أزاح عنها الغطاء وقلبها على فراشها وهي تصرخ ، فكتم أنفاسه عندما رأى من خلال قميص نومها اللون القاتم الذي ينتشر على ظهرها 0
ارتعشت كاترين من غير إرادة منها ، عندما لامست يده أماكن الكدمات في ظهرها وبالرغم من معرفتها أنها ستحتقر ذاتها فيما بعد ، ولكنها لم تنكر بينها وبين نفسها أن شعوراً بالارتياح قد غمرها لتلك اللمسات ، وقالت :
((جيرد ، أرجوك ، اتركني ، وأخرج من هنا ))
جلس إلى جانب السرير ، وقال بصوت غليظ :
(( يا الهي ، لماذا لم تخبريني ؟ كان من الممكن أن تدق عنقك ، لا تتحركي ابقي كما أنت ، عندي شيء قد يساعدك سأعود فوراً ))
استدارت كاترين قليلاً ، ولكن هذه المحاولة كلفتها الكثير من الجهد والألم 0
بقيت مستلقية على جانبها ، حتى سمعت وقع خطوات ، فظنت أن ماريا هي القادمة ، وقد أرسلها جيرد ومعها وصفة تفيدها ن ولكنها كانت مخطئة في ظنها ، فإن جيرد هو نفسه الذي عاد مرة أخرى وفي يده علبة صغيرة ، وقال :
(( إنه علاج قديم عندي ، رائحته غير مستحبة ، أما نتائجه فمضمونة ))
(( شكراً لك ))
ردت كاترين عليه وهي تمد يدها لتتناول العلبة من يده ، ولكنه أبعدها عنها وقال :
((لا يمكنك دهان ظهرك بنفسك ، فأنا سأفعل ذلك ، والآن وعلى مهل ، عودي إلى الوضع الذي تركتك عليه ، سأحاول قدر استطاعتي ألا أوجعك ))
نشر جيرد المرهم في أماكن متعددة من ظهرها ، وأخذ يدلكه بلطف ونعومة ن وكاترين تحس بالارتياح من هذا التدليك ، وهي تتمنى ألا يتوقف ولكن جيرد كف عن ذلك ، وذهب إلى الحمام ، غسل يديه وعاد قائلاً :
(( هذا يكفي الآن ، واقترح أن تستريحي في فراشك طوال اليوم ، غلين سيتدبر أمر نفسه ، ولو مرة واحدة من دون مساعدتك ))
أدارت كاترين رأسها لتلتقي عيناها بعينيه ، ثم قالت معترضة :
((آه ، لا ، جير، إني أشعر بتحسن كبير ))
(( حتى ولو كان ، فأنت بحاجة ملحة للراحة ، ماريا سترسل إليك الطعام هنا ))
(( حسناً ، إذا كان هذا ما تريد ))
أجاب بصراحة :
((ما أريده لا علاقة له بهذا ، سأذهب الآن وأخبر غلين بما آلت إليه حالتك ))
(( شكراً ))
((حسناً حاولي أن تستريحي قدر الامكان ، فنحن لا نريد ثلاثة مرضى في العائلة 000))
قاطعته بعصبية :
((ثلاثة 000))
أنهى جيرد الحديث من غير إبداء مشاعر ، وخرج ، أخذت كاترين تسأل نفسها ، ترى ماذا يعني بقوله : ثلاثة مرضى في العائلة ؟ هل يعني أنها ستصبح عضواً في هذه العائلة ؟
بكت كاترين ، ألمّ بها شعور بالاشقاف على نفسها وعلى بن أيضاً ، وعندما دخلت ماريا تحمل صينية الطعام وجدت عيني المريضة متورمتين 0
تركت ماريا الصينية جانباً ، ووضعت الوسادة وراء كاترين وأسندتها عليها بصورة مريحة ، وقالت :
((والآن أخبريني ماذا حدث ؟. جيرد أعلمني أنك سقطت عن ظهر الحصان ، ولم يخبرني أنه أزعجك إلى هذا الحد ))
مسحت كاترين أنفها بمنديلها ثم قالت :
((لا ، بالحقيقة لم يزعجني ، بل أحضر المرهم ، ودلك ظهري به حتى أحسست أني صرت أحسن حالاً ))
لمحت ماريا العلبة الصغيرة وقالت :
(( حسناً ، لقد مرت بي هواجس متعددة عندما رأيته يصعد إلى هنا كالمجنون ، ولكنه كان مختلفاً تماماً عندما رجع ))
قالت كاترين :
((أنت مولعة جداً بجيرد، أليس كذلك يا ماريا ؟ ))
أجابت ببساطة :
(( إنه مثل ولدي ))
وضعت ماريا الصينية أمام كاترين وقالت :
(( هل تريدين شيئاً آخر ؟ ))
(( آه ، لا ، وشكراً ))
ابتسمت ماريا وهي تتجه نحو الباب كي تغادر الغرفة ، ولكنها توقفت برهة ، والتفتت إلى كاترين وقالت :
((أنا أعلم أنه ليس من شأني التدخل في أمور الآخرين ، ولكن لدي رغبة في معرفة ، متى تريدان أنت وجيرد إخبار غلين أنك لست الفتاة التي يظن ؟ ))
((أنت 00أنت تعرفين ؟ ))
(( بالتأكيد 0 لأنه ، لا يمكن أن أتصور أية فتاة بكامل قواها العقلية ، من الممكن أن تخفي شعراً جميلاً كهذا ، وراء شعر مستعار ، إلا إذا كان هناك سبب يدفعها لذلك ))
رفعت كاترين يدها إلى رأسها وقالت قلقلة :
((آه ، لقد نسيت 0000))
((لا بأس ، لا بأس ، جيرد أخبرني الحقيقة منذ أيام أنك أخت فالنتينا 0 ووافقت على المجيء إلى هنا بموجب نصيحة الطبيب ، كما اخبرني أيضا أنك مخطوبة لشاب في لندن ، هل هذا صحيح ؟ أم قال ذلك من أجل ليزا ؟ ))
بان الارتباك على وجه كاترين على الفور ورددت :
(( ليزا ؟ ))
((نعم ، فأنا ألاحظ أن جيرد مهتم جداً بك ))
ازدادت خفقات قلب كاترين ، وقالت متلعثمة :
((جيرد ، لا تكوني حمقاء 000))
((أنا لست جاهلة يا كاترين ، لقد رأيت الطريقة التي ينظر بها إليك ، ولم لا ؟ فإذا كانت ليزا قد طلبت منه رعاية مصالحها ومصالح ولدها ، فهذا لا يعني أنه ملزم بالارتباط بها ))
ارتجفت كاترين عند سماعها هذا الكلام ، إذن ليس هناك حب بينهما 0
وجيرد لا يريد الزواج من ليزا ، لقد أوضحت ماريا بكلامها ما كان غامضاً 0
وفجأة غادرت ماريا المكان وكأنها ندمت على ما بدر منها :
((سأرسل لك كارين بعد قليل لتأخذ الصينية ، حاولي النوم لبعض الوقت ))
لم تأكل كاترين إلا قليلاً ، لم تعد لها شهية لذلك 0 وعندما جاءت كاترين مساعدة ماريا لتأخذ الصينية ، تظاهرت بالنوم وهي تتمنى لو أنها أخذت بنصيحة سيمون ولم تأت إلى كندا ، لو أنها فعلت ، لكانت أعفت نفسها من أمور كثيرة ، على الأقل من الوقوع في حب رجل لا تستطيع الزواج منه 0
في المساء كانت تشعر بتحسن جسدي على الأقل ، لا شك أن المرهم قد أفادها إلى حد كبير ، وظنت أنه في الصباح سيكون لديها القدرة أن تتجاوز هذه الحادثة التي أصابتها 0
عندما حان وقت العشاء أحضرت كارين الطعام إلى غرفة كاترين ، تناولت ما اشتهت من الطعام الذي قدم لها ، وكانت تمسح شفتيها بمنديلها ، عندما أحست أن هناك من يراقبها ، فرفعت رأسها لتجد جيرد متكئاً بجانب القنطرة ، بدا شاحب اللون ، كأنه أمضى يومه كاملاً في غرفته الخلوية بدلاً من التجول في الهواء الطلق 0تقدم قليلاً وقال :
((ماذا تفعلين خارج الفراش ؟ أظن أنني قلت لك ألا تغادريه طيلة النهار ، إن جلوسك على الكرسي لن يساعد عضلاتك على الاسترخاء ))
أزاحت جسمها قليلاً إلى طرف الكرسي لتريه المخدة الصغيرة التي تجلس عليها وقالت :
(( الكرسي ليس قاسياً كما ترى ، وأنا لا أحب تناول طعامي في الفراش ))
(( والآن هل انتهيت ؟ ))
(( نعم ، لماذا ؟ هل جئت لتأخذ الصينية ؟))
لوى جيرد شفتيه وتقدم نحو الطاولة التي بجانبها وتناول علبة المرهم وقال :
(( جئت من أجل هذه ، هورس لوى كتفه وهو يجر بعض الأخشاب وسأدلكه له ))
هزت كاترين رأسها في تأثر وقالت :
(( أني آسفة ، هل هو بخير ؟ ))
(( إنه على قيد الحياة ، ماذا عنك ؟ ))
(( أشعر الآن بكثير من التحسن ، كيف أحوال غلين ؟ ))
(( لقد هبطت حرارته ، وأنا متأكد أنه سيسعدك أن تعلمي أن أبي أيضاً بخير ))
(( فعلاً لقد أسعدتني ))
مرت لحظة صمت ، قال بعدها :
(( أظن أن ليزا قالت له ما يزعجه مما جعله يتعثر ويسقط ، عادة يحدث ذلك منها كثيراً ))
لم تقل كاترين شيئاً تعليقاً على تلك الكلمات ن فاستمر جيرد في الحديث :
(( أنا سعيد لأنك تشعرين بتحسن ، غلين أخبرني عما حدث ، و لا أريد إخبارك بما قلته أنا ))
يمكنني أن أتكهن ))
اقترب منها أكثر فأكثر وقال :
(( هل تقدرين ؟ هل دلكت ماريا ظهرك بالمرهم ؟ طلبت منها أن تفعل ذلك ))
((لا ، لم تفعل ))
(( لماذا ؟ ))
(( لأني لم أرها منذ وقت الغداء ، كارين أحضرت لي طعام العشاء ))
((إذن سأدلكه أنا ، فقط استلقي على الفراش ))
ولكنها لم تستلق وقالت :
((جيرد إنه ليس ضرورياً مطلقاً ))
قال بخشونة :
(( لقد قلت إنني 000))
ومدّ يده يعبث بشعرها الناعم وبرفق يرفعه نحو شفتيه ويتمتم :
(( كاترين إني أحبك 0 وأعرف أنك تحبينني أيضاً ))
فوجئت به يطوقها بذراعيه ، يضمها إلى صدره ، وبصعوبة استطاعت التخلص منه وهي تقول :
((جيرد أنا أسمع حركة ))
ابتعد جيرد عنها مستطلعاً ولكنه لم يلاحظ أي شيء ، لم يكن أي صوت هناك أو حركة في غرفة الجلوس ، ما عدا صوت تكتكة الساعة الكبيرة المعلقة على الجدار 0
هزت كاترين رأسها ، وقالت هامسة :
((هناك من دخل الغرفة 0 أنا متأكدة من ذلك))
(( هل هذا صحيح ؟ أين هو إذن فأنا لا أراه ))
سار إلى القنطرة وتطلع إلى الغرفة الأخرى فلم يجد أحداً ، ثم تابع حديثه :
((لا يوجد أحد كاترين ( وهزّ رأسه ) آه ، لقد فهمت ، لعلي فقدت عقلي ))
(( جيرد إني متأكدة أنه كان هناك شخص ما ، صدقني ، أرجوك ))
نظر إليها نظرة مليئة بالألم ، وكأن غشاوة أزيحت عنهما ، وقال :
(( اذهبي الآن إلى النوم يا كارين ))
حمل الصينية وتابع :
((سوف أعيد هذه إلى ماريا ، لعلها هي التي أتت بسبب الصينية ، ما عدا ماريا ، لا يمكن أن يدخل شخص آخر إلى هنا من غير دعوة 0))


يتبع 000ودمتم سالمين

بحر الامان
27-06-2007, 21:53
الله يعطيكم العافيه على هذا المجهود الاكثر من راااااااااائع
ودمتم سالمين

مسزز السريعي
27-06-2007, 22:40
الفصل ما قبل الأخير
________________________________________


11) حيرة وضياع


لم تعرف كاترين طعم للنوم في تلك الليلة ، وأحلامها أشبه بالكوابيس ، مملوءة بأحداث المساء ، عزمت على الصمود أمام هذا الرجل مهما حاول إثارة عواطفها ، مرّ سيمون ببالها مرور الخاطر ، ، إن ما كان بينهما إذن لم يتعد حدود الصداقة ، لم يكن حبا على الإطلاق ، إنها لم تحس نحوه في أية لحظة من اللحظات بما تحسه الآن نحو جيرد 0
في الصباح كانت قادرة على مغادرة الفراش ، من غير ألم شديد على الرغم من أن جيرد لم يكرر المعالجة في الليلة الماضية ، وإنما الراحة والدفء هما اللذان عملا معجزتهما ، ولم تعد تشعر إلا بشيء من التصلب البسيط في أنحاء جسمها ، ولكن شعرت بانزعاج عندما حانت منها التفاته ورأت علبة المرهم ملقاة على الأرض ، تلك العلبة التي جاء جيرد من أجلها ، وتذكرت هورس وكتفه المصاب0
انتهت كاترين من الاغتسال وارتداء ملابسها في الساعة الثامنة ، وبدلاً من انتظار ماريا لتحضر لها طعام الإفطار ، نزلت هي إلى المطبخ ، كانت المرأة الهندية مسترخية على كرسي بجانب الطاولة المصنوعة من خشب الصنوبر ، تتناول فنجاناً من القهوة ، عندما دخلت عليها كاترين ، فاتسعت عيناها السوداوات في دهشة ، وقالت :
(( ألم يطلب جيرد منك أن تخلدي للراحة بعض الوقت ؟ ما كان عليك أن تتركي فراشك في مثل هذه الساعة من الصباح ))
(( الحقيقة أني أصبحت بخير ، وأستطيع التحرك من غير ألم ، وذلك بفضل المرهم الذي أحضره جيرد ))
غمزت ماريا بعينها :
(( يبدو أنه أفادك كثيراً ، أليس كذلك ؟ إن هذا ما يسرني معرفته بالفعل))
ابتسمت كاترين ، ابتسامة مصطنعة وقالت :
(( قال جيرد إن هورس قد خلع كتفه ، وعاد أمس إلى غرفتي ليأخذ له علبة المرهم ، ولكنه ذهب بدونها ، لقد كان شديد الارتباك ، ولا أدري لماذا !))
(( لا تقلقي ، ليس هناك أي مشكلة ، فلدينا أكثر من علبة من هذا المرهم ))
شعرت كاترين بالاحمرار ب في وجنتيها ، فالمرهم إذن كان مجرد حجة ، والحقيقة أن جيرد جاء إلى غرفتها يسأل عنها ، ترى هل جاء ليعترف لها بحبه 0
وضعت كاترين يديها المرتجفتين في جيبي بنطالها الجينز ، لتخفيها عن ناظري ماريا التي قالت باختصار :
((هل أهيئ لك الفطور ؟ ))
هزت كاترين رأسها علامة الإيجاب ، وهي تشعر مع كل ما مر بها من مفاجآت أنها تستطيع أن تأكل كل ما يمكن أن تقدمه لها ماريا من طعام 0
وبالفعل هذا ما حدث ، فعجبت المرأة العجوز من ذلك وقالت وهي تأخذ الصحون الفارغة من أمامها :
((يبدو أنك جائعة جداً اليوم ، مع أنك بكل صعوبة يوم أمس استطعت وضع لقمة في فمك ))
(( أمس كان أمس ن أما اليوم فهو شيء آخر 000كيف أحوال غلين ؟ هل زرته؟ ))
(( اطمئني ، مررت به في الساعة السابعة والنصف ، كانت حرارته طبيعية ، ويمكنني أن أقول بكل ارتياح إنه أيضاً أصبح بخير ))
نظرت كاترين إلى أعلى وقالت :
(( شكراً لله ، وكيف حال بن ؟ ))
(( ذاك الرجل العجوز ، إنه لا يزال على قيد الحياة ، يكاد كبده يتمزق من الإدمان ، أنه لم يعد شاباً ، لقد تجاوز الخامسة والستين من العمر ، وعليه أن يفكر أكثر في صحته في مثل هذه السن ، أليس كذلك ؟ ))
(( لعله ليس سعيداً ))
(( قد تكونين على حق ، فمنذ وفاة ولده أنجس ، ساءت جميع الأمور تماماً ))
(( أمور ، أية أمور ؟ ))
أدارت ماريا ظهرها وأخذت تنظف الصحون ، وهي تقول :
((أظن أنه أدرك أن هناك تغيرات ستحدث عندما جيرد 0000عندما السيد فريزر 0000))
وأتمت كاترين كلام ماريا :
((عندما جيرد يتزوج من ليزا ))
أحنت ماريا رأسها وقالت :
(( أظن ذلك ن و لآ شك ستجري بعض التغيرات إذا أصبحت هي السيدة هنا ))
(( آه ، لقد فهمت ))
غيرت ماريا مجرى الحديث بسرعة وقالت :
(( ماذا لو تأخذين طعام الفطور إلى غلين هذا الصباح ، سيسعده أن يجدك بخير ))
لم يكن غلين مستيقظاً عندما دخلت كاترين الغرفة ، وضعت الصينية علة الطاولة بهدوء حتى لا تتسبب في لإيقاظه ، نظرت إليه ملياً ، وأحست أنه أصبح مقرباً إلى نفسها أثناء هذه الأسابيع ، والمهمة التي جاءت من أجلها لم تعد عسيرة كما كانت في بادئ الأمر ، في أية حال فإنها لا شك ستكون مسرورة عند انتهاء هذه المهمة ، ولكن سرعان ما تلاشت فكرة السرور ، وامتلأ قلبها باليأس ، لأن هذا يعني عدم رؤية جيرد بعدئذ0
شعرت كاترين وهي تقف بجانب السرير أنها كانت تدوس على شيء ما ،0
تراجعت إلى الوراء قليلاً ، كان شيء ملقى تحت السرير ، يبدو منه جزء صغير 0
انحنت كاترين وإذا بها تمسك بمجلة 0
وسألت نفسها ترى ما هذه المجلة ؟ من وضعها هنا؟ ماريا لا تسمح لغلين أن يدخل الغرفة إلا بعد تنظيفها من أولها إلى أخرها 0
في بادئ الأمر لم تشعر أن وجود مجلة تحت سرير غلين يعني أن أجراس الإنذار قد دقت ن ولكنها أصيبت بصدمة عنيفة عندما أخذت تقلب صفحات المجلة ، وترى صوراً مختلفة لنساء جميلات ، وعادت تتسأل ، منذ متى وهذه المجلة هنا ؟ وماذا يعني وجودها ؟
إنها لم تلاحظها من قبل ، كان التاريخ يوحي بأن المجلة هي الإصدار الأخير ، ترى هل عاد إليه بصره من جديد ، ولم يعلم أحد 0بذلك 0
أرادت إيقاظه ، أرادت أن تهزه هزاً وتطلب منه أن يقول لها الحقيقة ، وإذا كانت هذه هي الحقيقة ، إذا كان قد استعاد بصره ـ سيكشف حلاً أنها ليست فالنتينا ، وخافت مما سيحدث 0
يجب أن تخبر أحد ، ولكن من ؟ جيرد هو الشخص الوحيد إلي يمكنه حل المشكلة ن ولكن أين جيرد الآن ؟ فهو لن يعود حتى موعد الغداء على الأقل 0 وحتى ذلك الحين ، تكون قد انكشفت هويتها 0
إذن ستخبر ليزا ، فقد تكون عندها بعض الاقتراحات ، وهي ليس لديها سبب واحد لتخاف من عودة بصر ابنها إليه ن دفعت المجلة تحت السرير ، وأخذت صينية الطعام ووضعتها قرب النافذة ،على الطاولة ، ثم اتجهت نحو الباب ، لم يكن أمامها إلا بضع ياردات لتخرج من الغرفة ، عندما شعرت بحركة تصدر من غلين ، فالتفتت ، فتح عينيه ، جمدت كاترين في مكانها وهي تندب حظها التعس 0
تمتم غلين وهو بين النوم واليقظة :
(( ماريا ؟ ))
نظرت إليه كاترين من دون أن تنطق بأي كلمة ، ولكنه سأل وهو يفرك عينيه :
((من هناك ؟ ))
هل يمكنه أن يراها ؟ النور كان يضيء المكان ، وهي تستطيع أن تراه بوضوح ، ولكنها كانت تقف في الظل ، تسمرت في مكانها وهو يسأل للمرة الثالثة :
(( من هناك ؟ ))
((أنا يا غلين ، هل أيقظتك ؟ أنا لم أقصد ذلك ، ولكني أحضرت طعام الفطور ))
(( فالنتينا ، هل أنت الآن أحسن من ذي قبل ؟ ))
قال ذلك وهو يجلس في سريره ويرتب الغطاء أمامه استعداداً ليأخذ الصينية 0
ولاحظت أن اهتمامه بذلك أكثر من اهتمامه بمجيئها ، فصعد الدم إلى وجهها مرة ثانية ترى هل غلين فعلاً يستطيع الرؤية ؟ ترى هل هو يراها الآن ؟ ومن قبل أن تتأكد من شيء تناولت صينية الطعام ووضعتها أمامه0
رفع نظره إليها ، وأخذ يداعب خدها بعاطفة جياشة ، فشعرت كأنها خدرت في مكانها ، وعيناه الصافيتان تواجهان عينيها0
أحس بها ترتجف فسألها وهو يضع يده بلطف على ذراعها :
((هل هناك ما يقلقك يا فالنتينا ؟ لماذا أنت عصبية إلى هذا الحد ؟ هل أخفتك ؟ أنا لم أقصد هذا مطلقاً ))
خارت قواها ، ولكنها اصطنعت ضحكة وقالت :
(( لا غلين ، ليس هناك من شيء ، لكني ما زلت ضعيفة بعض الشيء ، إنها لسقطة شديدة تلك التي حلت بي ، أليس كذلك ؟ ))
(( هل أنت متأكدة أنك بخير ؟ ))
((أنا بخير ويسرني أن أرى صحتك قد تحسنت كثيراً ، أخبرني جيرد أن حرارتك كانت مرتفعة ))
((لم يكن هناك شيء هام ، أظن أنه من الإجهاد ، ركوب الخيل ، كثرة الزوار ن سقوطك عن ظهر الحصان ، هذا بالحقيقة صدمني ))
تمتمت كاترين :
(( فعلاً لقد جعلت من نفسي أضحوكة ، أليس كذلك ؟ حسناً سأذهب وأتركك تتناول طعامك ، أنه صباح غائم لا أظن أننا نستطيع الخروج اليوم ))
تركها غلين تذهب ، واعداً باللحاق بها إلى الطابق الأرضي ، بعدما يرتدي ثيابه0 ابتسمت كاترين ، فكان من الواضح انه لا يراها ، وقالت :
(( إذن سأراك فيما بعد ))
أغلقت كاترين الباب وراءها وهي تشعر بشيء من الحرية ، وعندما نزلت وجدت ليزا هناك بكامل زينتها وقد ارتدت ثياب الخروج ، وبدأت ليزا بالتحية :
((صباح الخير ، هل استيقظ غلين ؟ أخبرتني ماريا أنك أخذت إليه طعام الفطور ))
(( أخشى أن أكون أنا من أيقظته ، أظن أن جيرد أخبرك أني سقطت عن ظهر الحصان ))
(( هذا ما كنت أخشاه ، لقد حاولت تحذيرك ))
كانت كاترين تعلم أن خوف ليزا لم يكن عليها ، وأجابت بابتسامة صفراء :
((آه ، نعم ))
هزت ليزا كتفيها وقالت :
(( لكنك تبدين بحالة جيدة هذا الصباح عزيزتي ، وبما أنك لم تخرجي من المزرعة منذ وصولك إلى هنا ، فإنه يسرني أن ترافقيني في السيارة إلى موزباي ))
تراجعت كاترين مدهوشة ، لم تكن مستعدة لمثل هذه الدعوة ولم تعرف ما تقول :
((لكن ماذا عن غلين ؟ علىّ أن أسأله أولاً ))
(( حسناً لا أظن أنه سيعارض ، لقد حظي باهتمامك طيلة هذه المدة ))
كان الصبح غائماً كئيباً مما جعل كاترين ترتدي بنطالاً صوفياً وسترة ، كما ارتدت معطفاً كانت قد أحضرته للمناسبات ، ولكنها عجبت من ليزا عندما رأتها ترتدي جزمة في قدميها ، فهي لا تظن أنه من المناسب السير في أسواق موزباي وفي قدميها مثل هذه الجزمة ، ولكنها قالت في نفسها ، على أية حال والدة غلين تعرف ذلك أكثر منها 0
كانت ليلة معتمة عندما أتوا من المطار فلم تشاهد كاترين شيئاً ، وكان يسرها رؤية المناظر المحيطة في وضح النهار 0
(( لماذا قررت المجيء إلى كندا يا كاترين ؟))
فاجأتها ليزا بهذا السؤال عندما انعطفت إلى يسار الشارع العام إلى طريق وعرة 0

مسزز السريعي
27-06-2007, 22:42
(( لماذا ؟ أنت تعرفين لماذا ؟ طبعاً لكي أساعد غلين ، أساعده حتى يستعيد بصره ))
((لكن جيرد أخبرني أنك رفضت البحث في الأمر نهائياً ، وذلك في اليوم الأخير ، قبل أن يخبرنا غلين بموافقتك ، كما أعلمني أيضاً أنك لن تفعلي شيئاً من غير موافقة خطيبك ))
(( أنا لست مخطوبة يا سيدة ليزا ، ما كان بيني وبين سيمون هو مجرد صداقة ))
(( تقولين كان ، هل يعني أنكما لستما أصدقاء الآن ؟ ))
(( سيمون لم يقنع بالطريق التي أسيرها ولذا قررنا أن نعطي بعضنا مهلة للتفكير ))
لاحظت كاترين أن تفكير ليزا لم يكن منصباً على القيادة ، وسمعتها تسأل :
((من الذي غيّر رأيك ؟ غلين أم جيرد ؟ ))
حبست كاترين أنفاسها وقالت :
(( لماذا ؟ غلين بالتأكيد ))
(( بالتأكيد ؟ أنك لم تقنعيني يا كاترين ))
(( لا أظن أن هذا يهم الآن يا سيدة ليزا ، وجودي هنا قد حقق غرضه ، ووجدت مجلة في غرفة غلين هذا الصباح ، كانت تحت السرير ، وهذا يعني أنه ابتدأ يستعيد بصره ))
ذهلت كاترين عندما لم تبد ليزا أي اندهاش من هذا الخبر على الإطلاق ، وسمعتها تقول من غير اهتمام :
(( أخبرني ، أخبرني أنه ابتدأ يستعيد نظره منذ ثلاثة أيام بالضبط منذ سقطت أنت عن الحصان ))
(( منذ ذلك الحين ظ ولكن لماذا لم يخبرني ؟ شكراً لله ، ظننت أن هذا لن يحدث أبداً ، أكاد لا أصدق ! رائع ! رائع! ما عدت أطيق الانتظار ، أريد أن أراه ))
قلبت ليزا شفتيها وقالت :
(( لا تستطيعين ؟ على الرغم من أنك تعرفين أن معنى هذا هو أن وجودك هنا لم يعد ضرورياً ))
قالت كاترين بجفاء :
(( هذا لا يهمني ، لكن إذا كان غلين يستطيع الرؤية ، فمعنى ذلك أنه قد عرف ))
(( عرف أنك لست فالنتينا ؟ نعم هو يعرف ، ويبدو أنه كان يعرف ذلك طيلة الوقت ))
(( لكن كيف ؟ شعري 000))
سألت كاترين لاهثة وهي ترفع يديها تلمس الشعر المستعار ، لكن ليزا هزت رأسها وقالت :
(( ليس أسهل من ذلك ، على كل فصديقك سيمون ترافس هو الذي أخبره ))
(( سيمون ؟ ))
أخرجت ليزا علبة السكائر ، ووضعت واحدة بين شفتيها وقالت :
(( تماماً ، ذهب إلى المتشفى قبل مغادرتنا انكلترا ، كان من الواضح أنه أراد منعك من المجيء معنا بأي ثمن ، أما أنا وجيرد فلم نكن نعلم شيئاً عن هذا الأمر ))
مرت بها لحظة صمت ثم تابعت كلامها :
((من الواضح أنه شك بأمرك ، من قبل ، من طريقة معاملتك ، وتصرفاتك طبعاً ، هو يعرف أختك جيداً ، وقد لاحظ الفرق بينكما ، تلك الفوارق التي يميزها المحبون فقط ))
(( إذن لماذا لم يطلعني على ذلك ؟ ))
((لا أعرف ، ربما شعر أنك وأختك سخرتما منه ، فأراد السخرية منك هو أيضاً ))
أحمر وجه كاترين وقالت :
(( ربما لم يكن هذا قصده 00))
(( والآن وبعد معرفة الحقيقة ، ماذا ستفعلين ؟ ))
(( ماذا سأفعل ؟ أنا ، أخشى 000))
قاطعتها ليزا وقالت :
((أعني أنه ما عليك الآن إلا أن تجمعي حاجاتك وتعودين إلى انكلترا ))
((أعود إلى انكلترا ؟ ))
احتقرت كاترين نفسها وهي تردد كل ما تقوله ليزا ، ولكن الدوار الذي أحست به عند سماعها كلام ليزا لم يترك لها مجال لأن تفكر منطقياً 0
تابعت ليزا :
((بالتأكيد ، فلم يعد هناك سبب وجيه تبقين من أجله ن هل هناك ؟ ))
((أظن لا ن ولكن يجب أن أتحدث مع غلين أولاً ن وأعرف رأيه ))
((أنت عرفين أن غلين يتوقع بقاءك حتى نهاية إجازتك ))
(( إذا كان يريدني أن 000))
قالت ليزا بخشونة :
((لكن أنا لا أريدك بقاءك يا كاترين ، وجيرد أيضاً لا يريدك أن تبقي ، لقد أصبح وجودك مربكاً لكلينا ))
شعرت كاترين بالنار تلهب وجهها وقالت :
(( أنا لا أعرف ماذا تعنين ؟ ))
صرخت ليزا في وجهها :
((آه ، أظن أنك تعرفين ن هل تحسبين أني لم ألحظ الطريقة التي تنظرين بها إليه ، الطريقة التي تعلقين بها على كل كلمة يقولها ، إنه شيء يدعو للغثيان ، إن جيرد كثير الأدب ، لم يرض إخبارك بأنك جعلت من نفسك سخرية للجميع ))
((هذا ليس صحيحاً ))
ليزا خففت السرعة عند مفترق طرق ، وانعطفت إلى درب ضيقة وقالت :
((بل صحيح أيتها الفتاة العزيزة ، إن جيرد رجل وهو على استعداد لأن يتناول أي شيء يقدم له ، والآن هل فهمت ما أعني ؟ ))
شعرت كاترين بالدوار يعود إليها من جديد ، وبصعوبة خرجت الكلمات من فمها :
(( أنت مخطئة 000))
((لا لست مخطئة ، عندما جاء إلى غرفتي الليلة الماضية شممت عطرك يفوح منه ))
جيرد لا يحبها 000إنه كاذب في مشاعره ، فقد ذهب من عندها مباشرة إلى غرفة ليزا ، أدارت رأسها نحو النافذة ، وأغمضت عيناها ، وهي تقوم في نفسها : بالتأكيد إن ليزا غيورة ، ولها أسبابها ، فإذا كانت تريد الزواج من جيرد , لها كل الحق مخافة أن يفلت من يدها ، وأن تعترض على أية علاقة أخرى ، أما هي ، فليس لها أي عذر ، فهي تعرف علاقته بأرملة أخيه منذ البداية ، ولذا فإنها أكبرت ليزا في نفسها ، لأنها فضلت أن تحدثها على انفراد بدلاً من إرباكها أمام أفراد العائلة بأكملها 0
وقفت السيارة فأخذت كاترين نفساً عميقاً قبل أن تفتح عينيها وتلتفت لتخاطب السيدة ليزا ، وهي تدرك أن التصرف الشريف الذي يجب القيام به ، هو الرحيل مباشرة فور عودتها إلى المزرعة ، وقطعت أفكارها فجأة بدهشة عندما وجدت نفسها وحيدة في السيارة ، ففي تلك اللحظات التي كانت كاترين تعذب نفسها فيها بالشعور بالذنب والخزي ن فتحت ليزا الباب ومضت ، وغاص قلب كاترين في صدرها لمجرد التفكير أنه قد يكون حلّ بليزا اليأس لدرجة أنها من الممكن أن تؤذي نفسها ، نادت :
((سيدة ليزا ؟))
رعب شديد سيطر عليها ن وهي تنظر حولها ، من غير أن ترى أحداً ، ترى في أي مكان هما ؟ فالأراضي المحيطة جميعها تبدو رمادية اللون صخرية قاحلة ، لم تذكر أنهم مروا من هذا الدرب الليلة التي قدموا فيها من المطار ن فهي لا شك طريق أخرى ، أخذ قلبها يخفق بشدة عندما خطر ببالها أن ليزا جاءت من هنا عمداً لأنها كانت مصممة على أن تقدم على عمل يائس 0
((سيدة ليزا ؟))
فتحت كاترين باب السيارة وخرجت 0 الطقس كان بارداً جداً ، شعرت بالبرودة كالسكاكين تجرح جسمها ، بالرغم مما كانت ترتدي من ثياب ، ومع ذلك فالريح لم تكن شديدة لتزيل الضباب وتتمكن من رؤية ما يحيط بها ))
(( سيدة فريزر ؟ ))
نادت مرة ثالثة بأعلى صوتها ، ولكنها لم تسمع سوى رجع الصدى، لا أثر للحياة على الإطلاق ، ليزا إذن لا يمكنها إيجاد مأوى لها في بيت منعزل 0 لا شك أنها تركت السيارة لأمر ما ، وكاترين لا يمكنها الجلوس فقط وانتظار عودتها 0 إذا حدث لها شيْ فإنها لن تسامح نفسها ، عليها أن تفعل شيئاً 0
((سيدة ليزا ؟))
مرة أخرى لم تسمع سوى رجع الصدى وضعت يديها في جيبيها ، وابتعدت عن السيارة في الطريق الوعرة ، فربما تجدها في مكان ما ، تسمرت كاترين في مكانها ، لقد سمعت صوت محرك السيارة ، كان من الصعب عليها رؤيتها خلال الضباب الكثيف ، ليزا لم تكن يائسة إذن ، لعلها تركت السيارة لحاجة ضرورية 0
التفتت كاترين لتعود إلى السيارة ، ولكنها أدركت أن صوت المحرك يبتعد عنها ، يا لله ، ليزا تسير في الطريق المعاكس ، لا شك أنها لم ترها بسبب هذا الضباب 0
اعتراها خوف شديد ، ولكنها أخذت تهدئ من روع نفسها معتقدة ، أن ليزا سترجع عندما تدرك خطأها ، وليس من الضروري أن هذا القلق من غير سبب ، ولكن لماذا لم تجبها عندما سمعت نداءها ؟ فهل هناك سبب معقول لديها لتتركها في هذا المكان المنعزل المخيف ؟
أجل ليزا تكرهها ، وتغار منها ، تريدها أن تغادر شلالات موز ، وفجأة تذكرت الحركة التي سمعتها من غرفة الجلوس الليلة الماضية ، عندما كان جيرد في غرفتها ، فقد يكون ما سمعته فعلاً صوت إغلاق باب ، وقد تكون ليزا هي التي أغلقته0
رفعت كاترين كتفيها بحيرة ، وابتدأت تسير ثانية ، وعادت تقول لنفسها ، من الممكن ألا تحبها ليزا ، ومن الممكن أن تغار منها أيضاً ، أما أن تتركها في هذا المكان البارد المخيف ، بعيدة عن الأماكن المأهولة أميالاً وأميالاً ، فهذا ما استبعدته كاترين ، لا يمكن أن تكون ليزا مجرمة إلى هذا الحد 0
استمرت كاترين تخاطب نفسها وهي ترتجف من البرد والخوف ، إنها لا بد راجعة إليها ، صحيح أن ليزا متهورة ولكن لا يمكن أن تكون بلا ضمير 0
وفجأة تذكرت الحذاء الثقيل الذي كانت تلبسه ليزا في قدميها عندما غادرت شلالات موز ، ذلك الحذاء الذي لا يمكن أن يناسب السير في شوارع المدينة ، ولكنه يلائم تماماً تسلق الصخور والاختفاء عن الأنظار وعندها أدركت أنها قد وقعت ضحية كراهية ليزا لها 0

**يتبع ** ودمتم سالمين

مسزز السريعي
27-06-2007, 22:44
12) الفصل الاخير


كان جيرد لا يزال في القاعة عندما عادت ليزا إلى شلالات موز ، كان مستلقياً على إحدى الأرائك يطالع بعض الصحف ، ففوجئت به هناك في هذه الساعة من الصباح ، هتفت قائلة :
(( جيرد ظننتك ذهبت إلى كالجري ، ألم تقل لي ذلك مساء الأمس ؟))
ألقى الصحيفة التي كانت في يده جانباً ، ووقف قائلاً :
((هل قلت ذلك ؟ قلت أشياء كثيرة ليلة أمس يا ليزا 000))
((حسناً أحسب أنني سمعت خطأ ، سوف أصعد الآن 000))
اعترض جيرد طريقها وقال :
(( انتظري لحظة ، لماذا لم تخبريني عن غلين ؟ لماذا لم تخبريني أن بصره قد عاد إليه ؟ مع أنه طلب منك ذلك ))
حركت ليزا رأسها بصبر نافذ وقالت :
((آه يا عزيزي ، ما أردت أن أبعث فيك الأمل من غير ضرورة ، وأنت تعرف كيف تسير مثل هذه الأمور 000))
قال جيرد بفظاظة :
(( لا ، لا أعرف ، زيديني معرفة ، يبدو أنك احتفظت بهذا الخبر فقط إغاظتي ))
رفعت ليزا يدها لتربت على خده متوددة ، ولكنه أبعد يدها عنه ثم قالت :
((آه يا جيرد ، توقف عن النظر إلي بهذه الطريقة ، كأنك تحتقرني ، لقد أخبرتك أني فعلت ذلك لمصلحتك ))
(( وليس بسبب ما أخبرتك عن شعوري نحو كارين ؟ ))
قلبت شفتها السفلى دلالة عدم اكتراث وقالت :
(( لا ، لماذا أفعل ؟ أنا لا أتذكر حتى نصف ما قلته الليلة الماضية ))
(( ولكنك تذكرين ما قلته عن كارين ))
(( آه يا جيرد ، كانت غلطة من الأصل إحضار هذه الفتاة إلى هنا ، وقد قلت لك ذلك في حينه ، ويبدو أن غلين كان يعرف حقيقتها طيلة الوقت ))
(( هذا ما أخبرني إياه ))
(( هل تحدثت معه ؟ ))
(( هذا الصباح ، كنت على حق ، فقد كانت خطتي الذهاب اليوم إلى كالجري ولكني قبل ذلك ذهبت لأتفقد هورس بعد الذي أصاب كتفه ، وعندما عدت إلى البيت ، عرفت من ماريا أنك وكارين خرجتما سوية ، ن ولذا صعدت إلى غلين لأعرف منه أين اتجهتما إذا كان يعلم ذلك ؟))
((آه ، فهمت الآن ))
ضاقت عينا جيرد وقال :
(( أين كارين ؟ ))
اضطربت ليزا وقالت :
(( في مكان ما هنا , على ما أظن ، كيف يمكنني معرفة ذلك ؟ أنا لست حارسة عليها ))
(( هل عادت معك ؟ ))
(( لا))
عضت ليزا على شفتها ، وهي تتطلع إلى نظرات الغضب التي كانت تطل من عيني جيرد ، الذي شدّها من كتفها بقوة ، وقال :
(( ماذا تعنين بقولك لا ؟ أين هي ؟ أين كاترين ؟ لن أدعك تذهبين قبل أن تقولي ))
نظرت إليه ليزا بعينين كسيرتين وقالت :
(( أنا لا أعرف يا جيرد ، حقاً ل أعرف ، لو كنت أعرف لأخبرتك على الفور ))
حدق جيرد في عينيها وكرر السؤال :
(( أين هي ؟ أين تركتها ؟ لقد خرجتما معاً ، لماذا لم ترجعيها معك ؟ ))
(( يا عزيزي ، إنه عبث مني ، أنا أعلم ذلك ، وأعرف أنك ستغضب مني كثيراً ، لكني سأخبرك الحقيقة على أية حال ، أوقفت السيارة في موزباي ، واتفقنا أن نلتقي في المكان نفسه وحددنا موعداً لذلك ، ومضينا كل في جهة ، وعندما عدت لم أجد كاترين قرب السيارة ، لذلك رجعت وحدي ))
(( تركتها في موزباي ؟ ))
جنّ جنون جيرد عند سماعه هذا الكلام ، ولكن ليزا لم تقل شيئاً ، فقط استمرت بالنظر إليه بحرارة ورجاء ليتركها تذهب إلى غرفتها ، ولكنه تابع بخشونة :
(( ليزا أنت قذرة ، أنت أنانية ، أود لو ألوي عنقك 000 بيدي هاتين ))
حبست ليزا أنفاسها وهي تتألم وقالت :
(( يا عزيزي ، كيف يمكنك أن تكون قاسياً إلى هذا الحد وقد كنا متفقين على أن يكون كل منا للآخر ؟ ))
صاح جير بقسوة وهو في حالة لا تسمح له بأن يقدر مشاعرها :
(( كل منا للآخر ؟ لعل هذا تفكيرك أنت وحدك ! ولكن الواقع لم يكن أحدنا يعني شيئاً بالنسبة للثاني يا ليزا ، لا شيء ))
أمسكت بكمه وقالت :
(( جيرد ، هذا ليس صحيحاً ، كنت تريدني حتى قبل ولادة غلين ))
أجاب جير بقحة :
(( كفي عن التصرف كالصغار ، لقد كنت صغيراً في ذلك الوقت ، كنت في الثامنة عشرة ، أظن أني كنت مغروراً لأن امرأة أكبر مني أظهرت لي أنها مفتونة بي ، وإذا لم أكن أحترم أخي على صغر عقلي ، كيف استطعت أنت ذلك والآن أين كاترين ؟ أين يمكنني أن أجدها ؟ ))
(( هذه مشكلتك ))
توجهت ليزا نحو الدرج ، في الوقت الذي دخل فيه بن ، نظر إلى ابنه مستفسراً ، ثم التفت إلى ليزا وسألها :
(( هل تعرفين أن عجلة السيارة 000))
أجابت ليزا قبل أن يكمل حديثه :
(( أنا أعرف ، وسوف أحضر من يصلحها ))
قال بن وهو يرمق جيرد :
((يبد أنك تحتاج لعجلة جديدة ، لأنها ممزقة تماماً ، ولا عجب أن يحدث ذلك في تلك الطرق الجبلية ))
أسودت عينا جيرد وصاح سائلاً :
(( أية طرق جبلية ))
أخذ بن ينظر على وجه ولده المكفهر تارة ، وتارة إلى وجه ليزا التي كانت تحاول الهروب إلى الطابق العلوي ، دون أن يفوه أحد بكلمة ، ولكن جيرد لم يترك لها مجالاً للصعود وأمسك بها بشدة ، وصرخ بها بوحشية :
(( ليزا ، أية طرق جبلية هذه ؟ أجيبي !))
أخذ جسمها يرتجف تحت يده ونظراته خوفاً ، وقالت بصعوبة :
((لا أعرف ، هل يجب علي معرفة ذلك ؟ لا أعلم عن أي شيء يتكلم ، عندما كنت في طريقي إلى هنا ، كان هو في المكان الذي ينفرد فيه منكباً على شرابه ، إنه لا يدري عن أي شيء يتكلم ، فهو لا يحق له العيش بين أناس محترمين ))
لم يأخذ جيرد بكلام ليزا ، وظل ممسكاً بها ، ونظر إلى أبيه يسأله :
(( ماذا تعرف ؟ تكلم يا رجل !))
شعر بن أن الوضع متأزم بين ابنه وليزا ، فنظر إليها من غير رغبة وأجاب :
((العجلة يمكن تبديلها بسهولة و لا شأن لي بها ، لكن 000))
قاطعته ليزا ببرود :
((لا ، طبعاً ليس من شأنك 000))
لكن نظرات جيرد القاسية أجبرتها على السكوت مرة ثانية ، وقال لأبيه :
(( أكمل يا أبي ! ماذا رأيت ؟ أظن أنك رأيت ليزا وأنت عائد من المدينة ، أليس كذلك ؟ ))
شهقت ليزا ورددت بعبوس :
(( المدينة ؟ ))
أحنى جيرد رأسه وقال :
(( ألم تعرفي أن والدي ذهب إلى المدينة ؟ أظن أنك لا تقدرين رؤيته إذا كنت ذهبت 000آه يا الهي ( شحب لونه ) كاترين ، أين كاترين ؟ قولي ماذا عملت بها ؟ ))
أمسك جيرد بكتفي ليزا وهزهما بعنف وقسوة ، وأسنانها تصطك وهي تحاول الإجابة :
(( ماذا فعلت ؟ أنا لم أفعل أي شيء ، توقف عن هزي ، لقد آذيتني ))
(( سأفعل أكثر من هذا ، إذا اضطررت لذلك ))
قال جيرد بقسوة بالغة ، ثم التفت إلى أبيه يشرح له الأمر :
(( أبي ، ليزا أخذت فالنتينا – كاترين – معها ولكنها لم ترجعها ، فأين رأيت العربة ؟ من أي اتجاه جاءت ؟ يا الله ، إذا كانت تركتها هناك ، فيجب أن نجدها على الفور ))
ضبط بن أعصابه ، غير عابئ بليزا الباكية ، وقال دون تردد :
(( اهدأ يا ولدي ، رأيتها على الطريق عند منعطف ممر جرفتر ، ولكنها لم ترني ، فقد كانت تجد صعوبة في قيادة السيارة على تلك الطريق ، بسبب العجلة المثقوبة ، ولكني تبعتها ))
التفت جيرد إلى ليزا وهو يهزها وقال :
(( هل ستخبرينني أين هي ؟ أين تركتها ؟ أو تريدين مني أخراج الكلمات من فمك بالقوة ))
استعادت ليزا شيئاً من رباطة جأشها ، وقالت :
((لا تستطيع000))
((حاولي وجربيني 00حقاً إنك لمجنونة ، الويل لك إن كنت آذيتها ))
تجهم وجه ليزا عند سماعها تهديده ، وقالت :
((أنا لم أفعل شيئاً لها ، فقط أردت إخافتها قليلاً ، هذا هو كل شيء ، وقد صممت على العودة إليها ))
قال جيرد وهو يشك في أقوالها :
(( هل حقاً كنت ستعودين ؟ كنت تتوقعين أني سأغيب طوال النهار في كالجري ، هل تذكرين ذلك ؟ ولو لم أكن هنا عند عودتك ، من كان سيحزر أين هي كاترين ؟ ))
(( ما الذي يجري هنا ؟ ))
جمد الجميع في أماكنهم على صوت غلين ، وهو ينزل درجات السلم ببطء ، كان مرتدياً ثيابه ، ممشطاً شعره ، وعلى عينيه نظارة قاتمة ، وقال متابعاً :
(( لماذا تملأون البيت صراخاً هكذا ؟ ما الخبر ؟ هل هو اجتماع خاص ، وهل يمكنني الانضمام إليكم ؟ ))
وقبل أن يتمكن جيرد أو ليزا من النطق بكلمة ، أوضح بن الأمر باختصار :
(( والدتك أخذت سيدتك الشابة إلى الجبال ، وتركتها هناك ))
بدت الدهشة على وجه غلين وظهرت معها علامات الخوف ، وقال :
(( سيدتي الصغيرة ؟!! هل تعني كاترين ؟ ))
بدا الارتباك على وجه بن وردد :
((كاترين , وجيرد يقول كاترين ، ما الخبر؟ ))
ولكن لم يكن لدى جيرد أي وقت ليوضح له الأمر ، وقال لأبيه :
(( سأشرح لك الأمر فيما بعد ))
ثم سحب ليزا وراءه إلى الباب وقال :
(( أقادمة أنت معنا ؟ سوف أطلب من هورس مرافقتنا ، فكلما كثرت العيون التي تبحث عنها يكون ذلك أفضل ))
قال غلين بشوق وهو ينظر لعمه :
(( أريد الذهاب معكم ))
رفع جيرد يده عن ليزا وقال :
(( غلين 000))
قاطعه غلين في ثبات :
(( أعرف ، أعرف إنها ليست مغرمة بي ، ليس من الضروري إيضاح ذلك لي ، أنا لم أعد أعمى ، كما أنني شعرت بالمشاعر المتبادلة بينكما منذ الليلة الأولى التي وصلنا فيها إلى هنا ))
نظر إليه جيرد يريد أن يقول شيئاً ، ولكن غلين هزّ رأسه وقال :
(( أحضرت أنت هورس ، بينما أرتدي معطفي ، وكما قلت كلما كثرت العيون التي تبحث عن كاترين يكون ذلك أفضل 0
كانت كاترين ترتجف من البرد ، وتكاد تتجمد جميع أطرافها ، مع أنها كانت تلبس قفازاً وتضع يديها في جيبي معطفها ، سرى الخدر رويداً رويداً في أصابعها ، وأما قدماها فقد فقدتا القدرة على الشعور

مسزز السريعي
27-06-2007, 22:46
حتى بالألم منذ فترة طويلة 0
كم مرّ عليها من الوقت منذ تركتها ليزا ؟ لا تدري ، ساعة ؟ ساعتان ؟ كانت خائفة من مجرد النظر إلى ساعتها ، خائفة أن يكون الزمن الذي مضى أكثر مما تظن ، وهذا يعني أن الظلام أوشك أن يظلل تلك الممرات الصخرية ، يا الله ماذا عساها تفعل ؟ وحدقت في الضباب ، وأطالت التحديق لقد خمنت أين هي عندما استطاعت أن تلمح الصخور الشاهقة الشديدة الانحدار التي تحيط بها 0
لا شك أن هذه الجبال التي سبق وشاهدتها من غرفة نومها في المزرعة وسحرت بها ، هي الجبال التي أشار إليها غلين يوم خرجا لركوب الخيل وقال إنها خطرة 0
والآن ضاع سحر جمال تلك المرتفعات ، وأسدلت عليها ستائر من الخطر المريع ، ومع ذلك حاولت تهدئة مخاوفها ، ولكنها ارتعدت على حين غرة ، لم يكن من آلام ظهرها ، لم يكن من البرد ، لم يكن من الجوع ، لم يكن من الخوف أن تموت رعباً فقط ، بل أنتابها حدس رهيب ، بأنها لم تكن وحدها في هذا الممر ، هناك شيء ما ، أو أحد يطاردها خلسة ، وصوّر لها خيالها أن هناك عيوناً تلمع وسط الضباب تلاحقها ، وأشتد بها الذعر ، إذ تذكرت أنها قرأت في كتاب الدليل عن هذه الجبال قبل مغادرتها انكلترا ، أن هناك دببة وأيائل تعيش في هذه المناطق ، ومن المعروف أن هذه الدببة تهاجم المارة
فإذا كانت مظاهر الحياة المدنية التي تحيط بشقتها هناك تبدو لها مرعبة عندما تكون وحيدة ، فكيف وهي في هذا المكان النائي عن كل مظهر من مظاهر الحياة إلا من تلك الوحوش التي تتلصص متوارية عن الأنظار ؟!!!
ومع ذلك كانت كاترين متأكدة أن ليزا لا بد أن ترجع إليها ، ولكنها هي التي فقدت الأمل بسرعة !!
وقفت كاترين وقامت ببعض الحركات لتنشيط جسمها المتجمد ، وقررت المسير ، إن الدرب الذي سارت فيها ليزا بسيارتها لا يزال واضحاً ، وعليه فلتبدأ من هناك ، مشت كاترين ومشت ، لكن الرذاذ المتواصل أضاع معالم الطريق الرطبة ، ولم تعد قادرة أن تتأكد إن كانت تسير في الممر الصحيح أم أنها ضلت عنه ، شعرت كأنها تسير بانحدار بسيط ، ولكن إلى أي اتجاه ؟ لا تدري 0
خشيت أن تكون قد دارت بطريقة ما إلى الخلف في الاتجاه المعاكس ، من حيث لا تشعر وسط هذا الضياع الذي وقعت فيه ، وإنها تسير الآن أبعد فأبعد بين الجبال بدلاً من الخروج منها 0
فجأة أدركت كاترين أنها ليست وحيدة مع مخاوفها ، ولا كانت هي الدببة التي تترصدها ، إنه صوت بوق سيارة يدوي آت من بعيد ، كان الصوت واضحاً حتى لأذنيها المتجمدتين ، لقد سمعته بالفعل بعدما فقدت الأمل في التصديق بأن ليزا عادت إلى رشدها 0
أخذت تتعثر كيفما مشت ، أسرعت باتجاه الصوت ، تحاول أن تصيح بأعلى ما تستطيع ولكن صوتها لم يكن يخرج من حلقها الجاف إلا بصعوبة بالغة 0
الصرخات التي كانت تطلقها مزيج من الكلمات المتقطعة والنشيج 0
(( ليزا ، هنا أنا ، أنا هنا))
بعد دقائق غمرها نور السيارة ، ولما تأكدت من النجاة ، خذلتها قدماها ، وسقطت على الأرض تبكي ، تبكي الساعات الطويلة التي أمضتها في ظلمة الخوف والرعب ، لم تعد تبالي بأفكار ليزا بها ، إذ كان يرضي روحها الشريرة رؤيتها جاثية على الأرض ذليلة هكذا ، لم تعد تبالي بشيء إلا الهرب من هذا المكان الرهيب
((كاترين ))
في بادئ الأمر ظنت أنها أصيبت بهلوسة ، مع أنها كانت متأكدة أنها سمعت صوت بوق سيارة ، ورأت أنوارها ، وأيقنت بالنجاة ،ولكن عندما نطق جيرد باسمها في هذه البقعة الشائكة الصخرية المخيفة ، تأكدت أنها كانت تتخيل ، وأن ما سمعته وما رأته كان من صنع أوهامها ، فانحنت رأسها أكثر فأكثر باستسلام حتى كاد يلتصق بالأرض 0
(( كاترين 00يا الهي ، إذا ألحقت بك أذية ، أقسم بأني سأقتلها ))

تكلم جيرد ثانية ، وعندما شعرت بيدين قويتين ترفعانها عن الأرض تمنت أن يكون ذلك حقيقة لا حلماً ، إلا أنه لم يكن حلماً بالفعل ، كان هناك بن وهورس أيضاً ينزلان من السيارة 0
شعرت بأن جيرد قد تملكته الرعشة أيضاً ، فأحاطته بذراعيها لتبعث فيه الاطمئنان ، مد يده إلى رأسها ، ورفع عنه الشعر المستعار ، وألقاه على الأرض ، ثم لفها بمعطفه ليبعد عتها البرد الذي اخترق عظامها 0
((يا الهي ، كاترين كنت كالمجنون ، ولو أنك أصيبت بأذية لكنت قتلتها ، هل تعرفين ذلك ؟ ))
((لكنها لم تفعل ، و لا بد أنها أخبرتك أين تجدني وإلا كيف اهتديت إلي بهذه السرعة ))
تأوه جيرد ، في الوقت الذي وضع بن يده على كتفه ثم قال :
(( أكثر من أربع ساعات ونحن نبحث عنك بين هذه الصخور ، حتى كدنا نفقد الأمل )))
تابع بن بهدوء ، وهو يمسك ذراع كاترين :
(( جيرد أدخل إلى السيارة ، ألا ترى أن الفتاة تكاد تتجمد من البرد ؟ يمكنك تاجيل الحديث الآن حتى تعيدها إلى المنزل ))
قال هورس :
(( جيرد أدخل السيارة ن واجلس في الخلف ، وأنا سأقودها ))
أفسح جيرد لكاترين كي تتقدمه ، ثم جلس إلى جانبها ، نظرت كاترين بشيء من الارتياب إلى ليزا التي كانت تجلس أيضاً في المقعد الخلفي ، أما الأخرى فقد تطلعت إليها بعينين ملؤهما الحقد ، وقالت ببرود:
(( أرأيت يا جيرد ، إنها بخير ، ولا ضرورة لكل ذلك الرعب الأحمق الذي أبديته ))
((ليزا اصمتي ))
رأت كاترين وهي تلقي برأسها على كتف جيرد أن غلين كان يجلس على المقعد الأمامي ، فمد يده يربت على يدها وقال :
(( أظن أن كلا منا عنده ما يخفيه ، أليس كذلك ؟ هل تسامحينني على خداعي لك طيلة هذا الوقت ؟ ))
(( إني آسفة 000))
(( لننس الموضوع ، لقد أدركت منذ البدء أنه لا يمكن أن تكوني فالنتينا من الطريقة التي تتصرفين بها ، وأخيراً أخبرني جيرد عن هروبها ، أما السبب الرئيسي لإلحاحي على مجيئك معنا ، كان لأرد الصفعة لكليهما ، فالنتينا وصديقك سيمون ، ولم أكن أعلم في بادئ الأمر أنه كان لجيرد مأرب آخر ))
كان هورس يقود بسرعة ، والسيارة الكبيرة تقفز قفزاً على طول الطريق 0ولذا قطعوا المسافة في وقت قصير ، ولم يشعروا إلا والسيارة تقف أمام المنزل يطالعهم وجه ماريا الشاحب ينطق بالكآبة والقلق 0
نزل جيرد من السيارة مخاطباً المرأة الهندية بجفاء ، فلم تسمعه كاترين يخاطبها بمثل هذه اللهجة من قبل :
(( هيئي حماماً حاراً ، لقد وجدنا كاترين ، ولكن الرطوبة اخترقت جسمها حتى العظم ، ثم خذي لها حساء ساخن إلى غرفتها ، لاشك أنها جائعة أيضاً ))
بقيت كاترين في المياه الساخنة ، تستمتع بدفئها ، بعد ذلك الصقيع الذي جمد جسمها ، ولم تخرج منها إلا بعدما أحست بالحرارة تعود إلى أوصالها من جديد ، وتعيد إليها نشاطها وحيويتها 0
استلقت بارتياح فوق سريرها تبعد عن ذهنها جميع الأحداث الرهيبة التي مرت بها ، ولا تفكر إلا بجيرد ن لا شك أنه يحبها ، وهي بالتأكيد تحبه0
ولما رجع إليها بعد حين ، كان بودها أن تسأله عما حدث عندما عادت ليزا بدونها ولكن الخجل من جهة ن وعدم رغبتها بالتدخل في علاقتهما الشخصية من جهة أخرى أسكتها تماماً عن الكلام ، حتى فاجأها جيرد بسؤال دون أن ينظر إليها :
((أخبريني ، هل ستتزوجين سيمون ؟ أعني هل هذا ما تريدينه ؟ أم ستكون لدي الفرصة لثنيك عن ذلك ؟ ))
اتسعت عينا كاترين ، ولكنه كان ما يزال لا ينظر إليها وتابع :
(( في الليلة الماضية أعطيتك مهلة لتجيبي ، أما الليلة فلا ))
أمسكت كاترين أصابعه بحنان ، وقالت :
((جيرد ، كنت أظن أنك تريد الزواج من ليزا ، هذا ما سمعته منذ وصولي إلى شلالات موز000))
(( لكن هل سمعت هذا مني ؟ إني أحبك يا كاترين ، فهل تحبينني كما أحبك ؟))
همست كاترين بعذوبة :
(( أنت تعرف لقد أحببتك منذ رأيتك للمرة الأولى 0 ومن ذلك الوقت علمت أن علاقتي بسيمون لن يكتب لها الاستمرار ، ولكن ليزا 000))
(( دعينا من ليزا ، يكفي أنني أحاول ألا أكرهها لما فعلته بك ، لا بد أنها مجنونة ))
(( ولكني أظن أنها تحبك ))
(( الواقع أنها تريد المزرعة فقط ، هذا هو كل شيء ، وهي تعلم أنني لو تزوجت من غيرها ، فلن تؤول المزرعة إلى غلين ))
((لكن غلين لا يريد 00))
(( أنا أعرف ، غلين لا يريد المزرعة على الإطلاق ، فهو مثل أبيه ، يريد الرحيل عن كندا ، على كل حال لقد انتهى الآن كل شيء ، ومن المؤكد أن ليزا ستقوم برحلة بعيدة عن المزرعة ، وعندما تعود سأشتري لها منزلاً في كالجري ن وفي تلك الحالة ستكون لديها أمور كثيرة ، تشغلها عن إزعاجنا ))
((جيرد ، ماذا عن بن ؟ لا تبعده عن هنا ، أرجوك ، أنا أعلم أنه يزعجك في بعض الأحيان ولكن 000))
(( لن أفعل ، إنه أبي يا كاترين ، فقد كان من جملة أسباب كرهه لليزا ، ظنه أنه ما إذا أصبحت ليزا هي سيدة هذا المنزل فإنها سترغمني على أن ألقي به خارجاً ، ولكن تأكدي أني لن أفعل هذا أبداً ، يبدو أنك ستجعلينني غيوراً لأنك ستجدي رجلين من حولك يحبانك ))
ابتسمت كاترين بسرور وقالت :
(( إن حبك يكفيني يا جيرد ، وأنت تعرف هذا ، متى سنتزوج ؟ ))
(( أريد التأكد أولاً أنك لا تختفي مثل أختك ))
(( لا ، لن أفعل ، لقد ذكرتني فيجب أن أكتب لأبي وأختي ، لا شك أنهما سيتفاجآن عند سماعهما هذا النبأ السعيد ))
(( يمكنني أن أقول لو أن 000))
قاطعته كاترين وهي تربت على خده بدلال وحب وقالت :
((لو أن فالنتينا لم تقدّ سيارة غلين ، ولو أن غلين لم يصب بتلك الحادثة 000))
تابع جيرد كلامها وهو يضع ذراعه على كتفها بحب عميق :
(( لما كنا التقينا ، هل تعتقدين ذلك ؟ أنا متأكد أننا كنا سنلتقي بطريقة ما ، لقد كنت في انتظارك طيلة حياتي ))
(( آه يا حبيبي ، أريد أن أصدق ذلك ، لأنني لا أستطيع أن أتخيل حياتي من دونك كيف يمكن أن تكون 0))



* انتهت *



أتمنى أن تستمتعوا بقراءة الرواية 000ودمتم سالمين

بحر الامان
27-06-2007, 23:00
الله يعطيك العافيه

*لميس*
28-06-2007, 09:26
ألف شكر لك أختي الغاليه مسزز السريعي::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

ولآن ؟؟ هل ستتوقفون؟؟؟:eek: :eek:

البدر المضاء
28-06-2007, 20:27
http://www.arb-up.com/get-6-2007-jedutmey.gif[/IMG] (http://www.arb-up.com) ]

مشكوررررررين على الروايات الحلوة واود ان اعبر عن شكر ي لاختاي العزيزتان (ماري انطوانيت) & (مسزز السريعي) ولا انسى اختي المشاكسة( لميس) والله بجد اكثر وحدة تحمس لقراءة الرواية وشخصيتها حلووووووووة
(متابعة للروايات على الرغم من قلة الردود )

ماري-أنطوانيت
28-06-2007, 22:08
ألف شكر لك أختي الغاليه مسزز السريعي::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

ولآن ؟؟ هل ستتوقفون؟؟؟:eek: :eek:





والله ما ادري يا لميس....:confused: :confused:

لان ما جاتني اي رساله من العضوات بخصوص الروايات الي يبغون ينزلونها.....

فأنا بستنى يومين واذا ما كان في اي روايات انا راح ابدأ بتنزيل

رواية ( العروس الاسيرة)......


المخلصة ماري-أنطوانيت

بحر الامان
28-06-2007, 22:17
الله يعطيك العافيه
ويعينك ويقويك ويصبرك علينا وعلى طلباتنا الي ما تخلص

hooomy
29-06-2007, 09:25
مشكوووووووووووووووره عالقصص الروووووووووووووووعه..إللي وفرت علينا الكثيــــــر هههههههه

تمنياتي لك بالتوفيق

lovely sky
29-06-2007, 14:53
السلااااام عليكم



رائع سمانا الحلوه رجعت ياهلا ومرحبا شرفت موضوعك حبيبتي


lovely sky



وينــــــــــك؟؟:eek: :eek:


أشتقنالك من جد....:eek:


أنا أكثر من سعيده لرؤيتك بعد هذه الغيبه لطويله جدا::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::


:D :D :D :D
:D :D
:D



أتمنى إنك تشرفين موضوعي لأني أحب أن أرى أرائكم بخصوص


الموضوع الذي لفت إنتباهي أيضا:لقافة: :لقافة:


حبيبة قلبي لمــــــــــــــــــــيس
مشكوورة يا قمر على الرد الحلو هذا
وانا كمان اشتقت لك جدا جدا
لكن دخولي النت قليل جدا مثل ما تلاحظين هذي الايام
وان شاء الله نرجع كلنا نجتمع مع عودة كل اعضاء الفريق ان شاء الله

موضوعك مرة جديد
ومميز
انا قريته
والله النظرية ممكنه
لكنها محيرة
يعني هل هاري بوتر فعلا ممكن يكون توأم توم ريدل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بالطريقة اللي شرحوها ؟؟؟؟
والله انا ما فاهمه

يالله ان شاء الله نشوف ج.ك. رولنج شو راح تساوي بالجزء الجديد الجاي من الرواية
:مرتبك: :مرتبك: :مرتبك: :مرتبك: :مرتبك: :مرتبك: :مرتبك:
وان شاء الله بتابع موضوعك
و راح انتظر التفاصيل الجديدة
::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

lovely sky
29-06-2007, 14:56
مرااااااااااااااااااااااااحب lovely sky:

وحشتينااااااااااااااااااااااااااااا موووووووووووووووووووووووووت والله

ونورت صفحات المنتدى....

والله اشتقنالك كثير كثير


حبيبة قلبي مـــــــــــــاري
كيفك ؟
والله ما عارفه كيف اشكرك على المجهودات الراااااااااااااااااااااااااااااائعة جدا جدا اللي مسوياها في المشروع ...
مشكورة حبيبة قلبي جدا جدا جداااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
والله انتي اللي منورة المشروع فعلا
و مسوية شغل حلو جدا
واشكرك جدا والله صراحة

مشكورة حبيبة قلبي
والله انتي فعلا تستحقي لقب " ملكة "

حبيبة قلبي مسزز السريعي كلها نظر
::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

مشكورة ماري
الف الف شكر
::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

lovely sky
29-06-2007, 14:59
السلام عليكم أحلى أعضاء في أحلى منتدى 00اليوم بنزل رواية جديدة 00ومن كثر ما هي جديدة وغريبة ( غلطانه دار النشر في اسم المؤلف ) ؟؟!! يعني كتبوا اسم مترجم القصة وهو الأستاذ ( أحمد عبدالله ) ونسوا يكتبون اسم المؤلفه !!!!!! لكن معوضين إن شاء الله !!المهم الرواية هدية لكل العضوات بشكل عام وبشكل خاص للغالية سما ولميس وماري انطوانيت

الملخص
لقد وافقت كاترين على مضض أن تلعب دور اختها الهاربة فالنتينا التي تسببت في حادث مروع لصديقها غلين فقد على أثره البصر 000ولم يدر بخلد كاترين أن مقابلة جيرد عم غلين والقادم من كندا ذاك الرجل الذي لا يمكن اختراق مشاعره يمكن أن تكلفها حياتها هناك وسط الجبال الوعرة في الضباب والصقيع بسبب الغيرة من المرأة التي تحب جيرد 000وعلى الرغم من كل ذلك فقد قال القدر كلمته 000




حبيبة قلبي مســــــــزز الســــــريعي
والله مشتاقة لك بشكل ما تتخيلية
كيفك حبيبة قلبي؟
ايش اخبارك ؟
كيف صحتك ؟

اشكرك والله على الاهداء الرائع هذا
والرواية الروعه هذي
و متميزة دائما فعلا حبيبة قلبي

الف الف شكر والله

مشكورة جدا جدا جداااااااااااااااا

ماهيما
29-06-2007, 19:55
ماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااار ي حبيبتي اخبارك؟؟؟:)

يسلمووووووووووووووووووووو على الرواية الجنان مشكورة ياحلوة::جيد::

بس تمنيت انها تشوف ماتوقعت الى النهاية عمياء:mad:

بس بعد حلوة وبعد مثل مايقولون الزين مايكمل;)

ماهيما
29-06-2007, 20:09
لوفلي سكاي ولكمووووووووووووووووووووووووووووو باحلى وردة اخبارك ياحلوة؟؟

اشتقتلك ياحلوة:o

وابشرك رواية مسزز السريعي ماقريتها والرواية الي بتحطونها بعد ماقريتها يعني باقعد على قلوبكم

بتلقوني يوميا هنا>>>>والله البلشة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

مسزز السريعي مشكورة على الرواية بس للحين ماقريتها باقراها واعلمك بحالتي>>البنت فرحانة انه فيه

روايات ماقرتهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
بااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااي

البدر المضاء
29-06-2007, 20:37
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والله منورة الصفحة حبيبتي lovely sky
والله اشتقنالك و(وردة قايين)
مجرد وجودك معنا يسعدنا ارجو لك السعادة دائما كما ارجوها لمن شارك في هذا الموضوع وارجو ان لا اكون ضايقت احد او اخذ بخاطرة علي

ومشكوووووووورة ماري على الرواية ومسزز السريعي الصراحة ابدعتوا


http://www.arb-up.com/get-6-2007-4jr37m89.gif (http://www.arb-up.com)

مع تحياتي
البدر المضئ

ماري-أنطوانيت
29-06-2007, 21:12
[QUOTE=ماهيما;6787748]
ماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااار ي حبيبتي اخبارك؟؟؟:)

يسلمووووووووووووووووووووو على الرواية الجنان مشكورة ياحلوة::جيد::

بس تمنيت انها تشوف ماتوقعت الى النهاية عمياء:mad:

بس بعد حلوة وبعد مثل مايقولون الزين مايكمل;) [/Q



مراااااااااااااااحب ماهيما......

كيفك؟؟؟؟

والله انا بعد توقعت ان نظرها يرجعلها .....

وزعلت كثييييييييير لما عرفت انها ما راح تشوف مره ثانية:( :(

بس اهم شئ ان الرواية عجبتك ::سعادة:: ::سعادة::

آن همبسون
29-06-2007, 23:35
مشكووووووووووووووووووووورة حبيبتي مسز السريعي على الروايه باين عليها روووعه ,, بطبعها وبقرها بعد مانتهي من عيناك بصري

الله يعطيك العـــــــــافية ,, لا عدمنــــــــــــــاك

*********************************



مراااااااااااااااحب ماهيما......


والله انا بعد توقعت ان نظرها يرجعلها .....

وزعات كثييييييييير لما عرفت انها ما راح تشوف مره ثانية:( :(

اهم شئ ان الرواية عجبتك ::سعادة:: ::سعادة::


:eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek:



:محبط: :محبط: :محبط: :محبط: :محبط:




خساااااااااااااااااارة والله كنت داخله اسألكم كيف النهاية يرجعلها نظرها ولا لا



طبعا انا طبعتها كلها وجالسه اقرها شوي شوي عشان ماتخلص بسرعه :رامبو:


بس طبعا الروايه الى الان جميلــــــــــــــة وممتعه جداً ..



الله لا يحرمنـــــــــــــــــــــــــا منكم ولا من روائعــــــــــــــــــــكم


آن همبسون

*لميس*
30-06-2007, 14:25
مــــــــــــــــايصيـــير !!


المشروع متوقف وخامد ليه؟؟



لو عندي قصه أكتبها كان كتبتها.....:مذنب:


يلا ..... أين الحماس السابق



؟؟؟


أدخل كل يوم ولاجديد...!!:نوم:

*لميس*
30-06-2007, 14:32
المشكله


أني لو أردت كتابة قصه رومانسيه بنفسي >> يعني من

(((تأليـــــفي)))

لما أستطعت لأني لم أكتب قصص من هذا النوع أبدا:D :rolleyes:

وليس عندي قصه بعينها سوى رواية (الندم) ويبدوا أنه لاأحد

يعرفها...!!!:confused: :confused:

ماري-أنطوانيت
30-06-2007, 20:09
خبر راااااااااااااااااااائع.....:D :D

ان شاء الله راح انزل بكره رواية ( العروس الاسيرة) لكاتبتها ( فيوليت وينسبير )


الملخص.....

دائما يرتبط الحب بالجمال دائما يكون العاشق شبيها بادونيس والعاشقة شقيقة عشتار

الا ان هذه القاعدة ككل قاعدة لها شواذ ورافينا التي احبت رودري الجميل ما لبثت ان

وجدت نفسها حيال رجل محروق الوجه واليدين يطارده ماضيه كالظل وفي ارجاء قصره

المنيع في ساردينيا وقعت اسيرة ذلك الماضي وتلك (( الحروق ))....

فهل تبقى هناك... وهل يطل الورد من غابة الشوك؟؟؟؟؟

ماري-أنطوانيت
30-06-2007, 22:05
مــــــــــــــــايصيـــير !!


المشروع متوقف وخامد ليه؟؟



لو عندي قصه أكتبها كان كتبتها.....:مذنب:


يلا ..... أين الحماس السابق



؟؟؟


أدخل كل يوم ولاجديد...!!:نوم:





الغالية لموسه..........

المشروع مستحيل يتوقف او حتى يخمد...

وانا زي ما اعلنت^^^^ راح انزل رواية

بس احتاج شوية صبر من العضوات

وبالاخص منك...لاني اعرف انك عجوله ومتحمسه :D :D

بس الصبر حلو......::جيد:: ::جيد::

وبصراحة المشروع مستحيل يخمد وانت معانا......صح؟

لانك...................
(( ديــــــنـــــمــــــو ))

المشروع

:D ::سعادة:: :D ::سعادة:: :D ::سعادة:: :D ::سعادة:: :D ::سعادة:: :D ::سعادة::

hooomy
01-07-2007, 00:41
خبر راااااااااااااااااااائع.....:D :D

ان شاء الله راح انزل بكره رواية ( العروس الاسيرة) لكاتبتها ( فيوليت وينسبير )


الملخص.....

دائما يرتبط الحب بالجمال دائما يكون العاشق شبيها بادونيس والعاشقة شقيقة عشتار

الا ان هذه القاعدة ككل قاعدة لها شواذ ورافينا التي احبت رودري الجميل ما لبثت ان

وجدت نفسها حيال رجل محروق الوجه واليدين يطارده ماضيه كالظل وفي ارجاء قصره

المنيع في ساردينيا وقعت اسيرة ذلك الماضي وتلك (( الحروق ))....

فهل تبقى هناك... وهل يطل الورد من غابة الشوك؟؟؟؟؟

مشكووووووووووووووره عالمساعده الحلووووووووه.....واللفته الكريمة منك ......

مسزز السريعي
01-07-2007, 08:35
السلام عليكم
مشكوووووووووووووووووووورة ملكتنا الحلوة ، ترى يا بنات أنا فقط كتبت رواية ( قرار متهور )) اللي تعبت ونزلتها بالمنتدى الملكة ( ماري طبعاً )) أكرر شكري ملكتننا تعبتك معاية 00وأشكرك بعد على الرسالة الحلوة ودمتم سالمين ( إن شاء الله ما في أخطاء يا الله أشوف الشاشة !!!)

*لميس*
01-07-2007, 13:03
وااااو


أخيرا....:eek:

جميل جدا روايه جديده وملخص مشوق:D :D :D

لكن أنا مو عجوله أنا فقط لاحظت أنه كم يوم راح ومافي حركه

زي أول:نوم:

يمكن متحمسه صحيح >>>>:مرتبك: :مرتبك:


بس فيه ملاحظه (ماري)...!!

ليه كل القصص عميان وعميانه ومحروق >> الله يكفينا من الشر:eek: :eek: :eek:
:eek: :eek:


صحيح أنها تضفي ع القصه إثاره :D :D عشان كذا أنا أنتظرها

لاتتأخرووون

ولا راح تشوفون صفحه كامله ردووووود>>>((أبدا مو عجوله:D ))

ماهيما
01-07-2007, 14:51
خبر راااااااااااااااااااائع.....:D :D

ان شاء الله راح انزل بكره رواية ( العروس الاسيرة) لكاتبتها ( فيوليت وينسبير )


الملخص.....

دائما يرتبط الحب بالجمال دائما يكون العاشق شبيها بادونيس والعاشقة شقيقة عشتار

الا ان هذه القاعدة ككل قاعدة لها شواذ ورافينا التي احبت رودري الجميل ما لبثت ان

وجدت نفسها حيال رجل محروق الوجه واليدين يطارده ماضيه كالظل وفي ارجاء قصره

المنيع في ساردينيا وقعت اسيرة ذلك الماضي وتلك (( الحروق ))....

فهل تبقى هناك... وهل يطل الورد من غابة الشوك؟؟؟؟؟


واااااااااااااااااااااااااااااااااااااااو ماري دايم اختياراتك تحفة احسها حلوة من ملخصها

الله يوفقك يارب::جيد::

ماري-أنطوانيت
01-07-2007, 20:17
~~** العروس الاسيرة**~~




1-مفاجأة في العرس

وضع العريس يده فوق يد العروس وراحت اليدان تقطعان كعكة الزفاف بين هتافات التهنئة ورنين الكوؤس وجأجأة ضحكات المدعوين.
سأل احدهم العريس:
" حقا ما يتردد في وطنكم بأن الرجال يصفعون العروس في يوم زفافها حتى تعرف من هو السيد؟"
ابتسم مارك دي كورزيو وقال:
" انت تتكلم عن اهالي صقليه اما ان فأحد ابناء سردينيا "
وبينما كان مارك يجيب عن اسئلة تدور كلها حول ساردينيا ناول احد المدهوين العروس ظرفا صغيرا اصفر اللون وقال لها:
" هذه الرسالة وصلت توها يا رافينا اتوقع ان تحمل في طياتها حظا سعيدا لك "
وشاب ابتسامتها شئ من التوتر عندما فضت الرسالة وراحت تقرأ فحوها عندئذ القت نظرة سريعة على مارك وفي لمح البصر دستها في احد قفازيها الحريريين وغمر الشحوب وجهها حتى بدت عيناها بلون الجواهر الخضراء. واخيرا حان وقت الصعود الى الطابق العلوي لارتداء ملابس رحلة شهر العسل اعتذرت من احدى صديقاتها التي تقدمت تبغي مساعدتها في تغيير ملابسها وقالت لها:
" انا...انا...اريد ان انفرد بنفسي "
اسرعت تتخلص من ثوب الزفاف الذهبي الشاحب والشال المزين بشريط من شرائط ويلز. لم يستغرق التغيير وقتا طويلا وعندما ارتدت ملابس الخروج وقفت امام نافذة غرفتها وتأملت شجرة الدردار التي ارتفعت وسط الحديقة وحملها الحنين الى الماضي فرأت رودري وهو يتسلق الشجرة ويقبع بين اغصانها وكان يوما ما يبدو لها فارس احلامها المغوار وفي يوم اخر يتلبسه الشيطان ويأخذ في مشاكستها. هكذا شبت هي ورودري سويا في ذلك البيت على حدود ويلز. كان الابن الوحيد للكولونيل كاروت برينين الوصي عليها لعدة سنوات وكثيرا ما كانت تعتبره في منزلة والدها وتكن له اعظم الحب ومنذ ثمانية عشر شهرا استقال رودري من الجيش ورحل الى نيوسوث ويلز في استرليا ليشتغل بالزراعة هناك.
وكانت ضربة قاسية نزلت على رأس غاردي ( الكولونيل كاروت برينين) الذي يعتز كثيرا بالشهرة التي احرزها في الخدمة العسكرية ولم تدهش كثيرا مما اقدم عليه رودري الذي يعتبر سليل اسرة عسكرية عريقة يواكب تاريخها تاريخ مقاطعة ويلز وكان لزاما على رودري برينين ان ينخرط مثل ابيه في سلك العسكرية وكانت رافينا تعرف ان رودري يتنازعه دائما القلق المسيطر على حياته تماما.
فبعدما تسلم وظيفته اختار ان يقوم بمهمة خاصة في قبرص وكانت كبرياء غاردي لا تعرف الحدود اذ غضب عندما عرف ان ابنه سوف يمضي اجازته في الخارج ولم يكد يرحل رودري الى قبرص حتى ترك الخدمة العسكرية.
راحت رافينا تحدق عبر نافذة غرفة نومها ويبدو انها عادت تسمع مرة اخرى وقع حوافر حصان على الحصى الذي يكسو ساحة الحديقة وذكرها الوقع بيوم كانت تقف في المكتبة حين سمعت وقع حوافر اعقبه وقع خطوات حذاء تعبر الشرفة التي تقع امام نوافذ المكتبة وتذكرت نوبة الفزع التي تملكتها عندما رأت قوام مارك ديكورزيو يعتم زجاج النوافذ. حدق كل منهما بالاخر عبر الزجاج ثمدلف الى المكتبة بلا دعوة وقال لها :
" مساء الخير آنسة برينين "
وعندما انحنى انحناءة قصيرة احست بالتوتر الذي كانت تشعر به كلما قدم لتناول طعام الغداء في رافنهول.
كان شريكا في الاعمال التي يمارسها غاردي ولكن هذه المرة الاولى التي التقيا فيها على انفراد كان يعيش في الخارج بمنى عن الجميع ويعتبر اكبر سنا من جميع اصدقائها وتكتنفه هالة من الغموض.
كان معتدل القامة ومع ذلك يوحي بأنه شخص طيع عندما يهل عليها وكانت اسنانها تكز على شفتها السفلى بقسوة كلما وقع بصرها على الجانب الايسر من وجهه الذي لفحه سعير النار وكانت تغض بصرها عنه بسرعة وكأنما ترى في وجهه صورة الشيطان وقد اقترنت بها صورة الملاك .
قال لها وهو يضغط على مخارج الكلمات:
" ارجو ان تكوني متمتعة بصحة جيدة يا رافينا "
" اخشى ان لا يكون باستطاعتك لقاء جاردي فهو موجود الان بالخارج "
قال:
" ما جئت الا لرؤيتك "

ماري-أنطوانيت
01-07-2007, 20:51
نزلت كلماته كالصدمة المفاجئة وتفحصت وجهه المتعالي الذي يوحي بأنه كان ذات يوم يتسم بالوسامة اما الان فتبدو الصرامة القاسية في ملامحه واستطرد يقول:
" جئت عن قصد في هذه الساعة لانني اعرف ان وصيك سوف يكون خارج المنزل. في هذا الاصيل يمارس لعبة البولنغ مع صديقه القديم في الجيش ايوين كيريو اليس كذلك؟ "
" انني لا اكاد اعرفك يا سنيور دي كورزيو! ولا اظن ان هناك شيئا يمكننا ان نتبادل الحديث عنه "
وواجهته بنظرات مستقيمة كاستقامة شعرها الاحمر الداكن وثابته كثبات عينيها الخضراوين. قال وعلى شفتيه ابتسامة ملتوية :
" ستعرفينني جيدا خلال لحظات "
واشار الى مقعدين عميقين فوقهما وسادتين صغيرتين من الجلد وقال:
" من فضلك دعينا نجلس والا ظننت انك تودين الفرار مني "
وتوترت اعصابها وكان يحدوها حافز قوي يدعوها الى ان تطلب منه مغادرة رافنهول في الحال ولكنه اذ التقى بصره بعينيها احست انه يقرأ افكارها فقالت له بحزم:
" استطيع ان امنحك خمس دقائق انني اعد الطعام وغاردي يحب ان يتناول عشاءه في موعده "
" من فضلك اجلسي يا سنيوريتا "
امتثلت لطلبه وجلس هو بدوره وتقاطعت ساقاه وسقط الضوء على حذائه الجلدي اللامع وكان سرواله وسترته من قماش التويد ويدل مظهرهما على حسن حياكتهما ولم يحمل معه سوطا مما يدل دلالة كافية على انه يثق بنفسه في قيادة الخيول والناس ايضا بلا سوط. وسألها:
" هل تسمحين لي بالتدخين؟ "
فأمأت بالايجاب وراقبته وهو يخرج سيكارا رفيعا من علبة جلدية اشعله بعود ثقاب وكاد اللهب يقترب من انامله قبل ان يلقي بالعود الى المدفأة التي كانت خاوية لأن فصل الصيف بدأ يزحف تدريجيا ويغزو الطقس البريطاني.
" اشعر دائما بالبرد عندما اجيئ الى انكلترا فالشمس تشرق نادرا نسبة الى بلادي "
" حقا يا سنيور! "
ونظرت اليه بأدب دون ان تحدوها ادنى رغبة في ان تسأله من اين اتى وكانت تتمنى ان يفضي بما لديه ثم يرحل فقد ازعجها قدومه وقطع عليها وحدتها وتمنت ان يرحل بأسرع ما يمكن.
قال:
" مهلا سينيوريتا وتمالكي زمام امرك واسألي نفسك لماذا قطعت عليك خلوتك في عقر دارك؟ "
قالت بصوت بارد:
" نحن غريبان وليس بيننا شئ مهم ولكن يبدو لي انك تريد ان اصغي اليك"
قال:
" جئت اروي لك حكاية يا انسة برينين "
" انا منصة اليك يا سنيور. من فضلك ابدأ قصتك "
" انا ارمل زوجتي الصغيرة دوناتا ماتت بعدما ولدت ابننا فكرست كل حبي لأبني الصغير دريستي. كان طفلا نشيطا, محبا, حنونا ومنذ ثمانية عشر شهرا دهم سائق مخمور سيارتي حيث كان ينام دريستي في المقعد المجاور لي وولى هاربا وترك سيارتي مقلوبة على ظهرها والنيران مشتعلة فيها "
وضعت رافينا يدها على خدها وكأنها تتلقى صدمة عندما وقع بصرها على الندبة التي خلفتها النار على وجه مارك. وواصل حديثه بخشونة:
" وقعت انا وابني في شرك داخل السيارة وبذلت جهودا مجنونة لاحطم النوافذ لاحمل ابني بعيدا عنها ولكن... يا الهي لو ان المجرم توقف وساعدني لكان في وسع ابني ان يعيش حتى اليوم "
ولم تستطع رافينا ان تتحمل التفكير في ان الطفل يموت بهذه الطريقة فقالت:
" أوه....لا! "
واستطرد مارك يقول:
" انفجر خزان البنزين وتطاير جسدي وهو يحترق ليسقط في حقل مجاور فأسرع العمال لاطفاء النيران. كانوا يعملون على مبعدة ولم يكن في وسعهم الوصول الى السيارة قبل انفجارها. كان السائق الطائشوحده الذي كان يستطيع ان يقدم لنا المساعدة. وامضيت عدة شهور في المستشفى بعدها رحت اقتفي اثر الرجل وعن طريق الكراج الذي اجرى الاصلاحات لسيارته عرفت ان اسمه رودري برينين الضابط في الجيش البريطاني والموفد في مهمة خاصة الى قبرص "

ماري-أنطوانيت
01-07-2007, 21:08
وتألقت عينا مارك دي كورزيو بتأنيب مرير عندما استقرتا على وجه رافينا ثم كساهما بياض اشاع الشلل في شفتيها.
قال:
" ابن وصيك تسبب في موت ابني "
وكانت كلماته تملأ الغرفة ويشوبها الالم والغضب ثم استطرد يقول:
" درستي كان في الرابعة من عمره وهو اخر هدية حب قدمتها زوجتي لي. ابني كان وريثي في ارضي وكان سيحمل اسمي من بعدي وموضع التشريف من اهالي ساردينيا لعدة سنوات. ان كلمة الشرف لها معناها لدى اهالي الجزيرة واعتقد انها تعني شيئا لرجال من امثال كولونيل كاروت برينين "
صاحت قائلة:
" جاردي؟ انت تقصد بأن تخبره ان رودري كان مخمورا وهو يقود سيارته وانه تسبب في الاصتدام بسيارتك؟ لا تستطيع ان تفعل لك! "
ونهضت واقفة على قدميها ثم اردفت قائلة:
" سوف تقتله! "
ونهض مارك واقفا بدوره وقال:
" من تقاليد بلدي ان اسرة الآثم لابد ان تدفع عوضا عن الخزي والعار وثمنا عن الاضرار التي لحقت بالمجني عليه انا نؤمن بأن اسرة الرجل الذي اقترف خطأ عليها ان تتلقى اللوم بصورة ما "
قالت:
" ولكننا نعيش في انكلترا "
لم تكن رافينا تؤمن بأن اي رجل مهما اوذي في قلبه او جسده يمكن ان يوجه اللوم الى جندي عجوز قديم بسبب خطأ ارتكبه ابنه. واردفت تقول:
" اننا...اننا...نحاول ان نغفر يا سينيور. اننا لا نسأل احدا ان يدفع ثمنا لخطأ ارتكبه "
" انا من سردينيا وقد مكنت ثمانية عشر شهرا اسأل نفسي ماهو الثمن الذي يمكن لاحد افراد اسرة هذا المنزل ان يدفعه واليوم وجدت الجواب على سؤالي "
" انت تهدف الى ايذاء غاردي "
" ليس هذا ضروريا يا انسة برينين "
" ولكنك اشرت..."
وحدقت في الرجل وتعلقت بالامل لكنها اصدمت بنظراته العنيدة السوداء اذ انه من سلالة رجال يتصفون بالكبرياء والعاطفة والجسارة .
قال مارك دي كورزيو عن عمد:
" جاردي في غنى عن معرفة ان ابنه شخص جبان "
" كيف...؟ "
ودقت الساعة لتعلن عن سكون معذب وهي تنتظر منه ان يواصل حديثه ولكنه كان هادئا مما دفعها الى ان تراه في صورة النمر المتحفز للانقضاض على فريسته. كان الصمت الذي ران عليها يحمل في طياته انذار بالهجوم.
قال بهدوء:
" سوف تتزوجين مني وستهبين لي ولدا بدلا من الولد الذي فقدته "
ولم تصدق رافينا اذنيها وانعقد لسانها فلم تتكلم ولكن الكلمات تدفقت فجأة:
" لا يمكن ان تكون جادا "
" لم اكن اكثر جدية كما هو الحال في هذه المرة "
" هذا جنون! لا استطيع الزواج منك "
قال وابتسامة ملتوية على شفتيه:
" انت تظنين انك لا تستطيعين الزواج مني ان الحب وحده سيجبرك على الاقتران بي "
قالت متسائلة:
" الحب؟ "
وشعرت بتيار بارد يسري في جسمها وعندما تحركت تنشد الهروب مننظرته ومن ندبته ومن عينيه وحاجبيه السوداوين ولكنه تقدم نحوها يعترض طريقها وتحت وطأة الخوف استخدمت سلاح الاحتقار وهي تقول له:
" هل تتصور انني استطيع ان احبك؟ "
قال ساخرا:
" لا...ان خيالي ليس بهذه القوة ولكنك نحبين جاردي ولن تقبلي ايذاءه او ان تكوني سببا في حرمانه من الحب الذي يكنه لابنه "
" انت قاس يا سينيور دي كورزيو "
" لم اعتد ان اكون قاسيا يا سينيوريتا ولكنرجلا اسمه رودري برينين جعلني اصبح قاسيا "
وحدقت عيناه السوداوين بعينيها, تشع منهما القسوة, وعدم الرحمة وحدثها قلبها بأن بيت برينين سيدفع الثمن لقاء الطريقة الاليمة التي فقد بها مارك ابنه الصغير.

ماري-أنطوانيت
01-07-2007, 21:23
حاولت رافينا ان تتحدث اليه بتعقل مع ان نبضات قلبها كانت مضطربة فقالت له:
" ما الذي تجنيه مني يا سنيور لو انك امرأة لا تحبك؟ وماذا يحدث لو اخبرتك بأنني احب رجلا اخر؟ "
" هل تحبين رجلا اخر؟ "
قالت بتحد:
" انا احب رجلا اخر هذا شأني "
ونفض رماد سكاره في المدفأة وقال:
" على العكس باعتبارك زوجتي من واجبك ان تنسي هذا الرجل الاخر "
" هل تعني انك تجبرني على الزواج منك ؟ "
واحست فجأة بالاضطراب والحيرة ولم تستطع ان تخفي شعورها فبدا جليا في نظراتها الخضراء.
قال مارك:
" خلا الاسابيع القليلة الماضية عرفت شيئا عنك يا انسة برينين وخاصة عن مدى حبك الشديد للكولونيل جاردي الذي يعد ابا بالنسبة لك والحب يعتبر شيئا جميلا اقدره في المرأة خاصة انني من اهالي ساردينيا ولكنني افضل ان يحل الولاء مكان الحب "
فصاحت قائلة:
" جئت وانت مستعد ان تطأ قدمك عنق احدهم وانه حان الوقت لاخضع لك لانك تعرف ان جاردي تعرض لنوبة قلبية منذ فترة قصيرة وان نوبة اخرى قد تؤدي بحياته "
" بل تبين لي ان وصيك يعتبر شخصية جذابة وصريحة ولبقة في الحديث وسيكون من الالم ان يبدد مشاعر ابوته على ابن لا يتمتع بالجاذبية "
احست رافينا انها تنزع الشفقة من قلبها نحو صاحب الوجه المشوه في الوقت الذي تشعر فيه بالالم نحو الطفل الذي مات في الحريق.
قالت:
" انك تزيد الموقف مرارة "
" هكذا نبني احلامنا. فمن المؤسف ان احطم احلامك لابني فوقها احلامي "
وضاقت جفونه وهو يتطلع اليها وتوترت بشرته السمراء فوق فكيه وهو يستطرد قائلا:
" ستكون هناك تعويضات...يا رافينا "
شعرت باصابع صارمة تطبق حول رسغها ففتحت عينيها لتجد مارك دي كورزيو قد اقترب منها وشعرت بالكأبة عندما التقى بصرها بعينيه واجفلت من ندبته ورأت النيران تتصاعد من خياشيمه والرغبة الشديدة تتراقص على فمه وكانت رافينا قد عاشت حياتها لا تشعر بأي خوف تتمتع بالمراوغة التي تسحر بعضهم وتشيع الاضطراب عند البعض الاخر ولكنها الان تقع تحت رحمة حبها لوصيها جاردي وهي عزلاء من اي سلاح.
قال:
" سأطلب من الكولونيل الموافقة على زواجي منك وانت بدورك تزعمين انك ترغبين في هذا الزواج كما ارغب فيه انا "
واحنى رأسه وقبل يدها الباردة المضطربة واحست بأطرافها تجمدت عندما سمعته يتمتم :
" انت ترتدين سراويل تشبه سراويل صبي ويجب ان تفهمي انني اريدك امرأة "
وتحول عنها وتناول وردة من الزهرية الموضوعة على المنضدة وثبتها في عروة سترته وقال:
" اراك مثل الزهور وفي ساردينيا تنمو الزهور فوق التلال قبل ان تشتد حرارة الشمس وبيتي يقع فوق ربوة كبيرة من الصخر على مبعدة من البحر"
" هل تحبين البحر يا سنيوريتا؟ "
اجابت بحركة الية:
" عشت هنا معظم حياتي احب القرية التي تحيط برافنهول انني انتمي اليها"
" اه ولكن عندما تتزوج امرأة فانها تتوقع ان تترك وراءها بيتها لتنظم الى زوجها اما بالنسبة الى الرجل الاخر الذي تحدثت عنه فهل يعيش في هذه الناحية؟ "
قالت مغمضة العينين:
" اجل. لا تتوقع مني ان اتخلى عن كل ما احب...ارجوك سنيور "
وعندئذ تطلعت اليه ورأت انه لن يتأثر بكلامها ولم يكن من طبيعتها التذلل والتوسل فابتلعت توسلها وتعلقت بكبريائها وقالت:
" اذا اجبرتني على ان افعل ذلك فانني اعدك بأنني سأكرهك بكل قطرة من الدم السلتي* الذي يجري في عروقي "
قال مبتسما:
" وانا ايضا يجري في عروقي دم سلتي يا رافينا كانت جدتي تنتمي الى شعب كورنوول ولهذا السبب دعيت مارك هل تعرفين اسطورة مارك الذي كان ملكا على كورنوول؟ "



ارشادات: السلتي...نسبة لاحد افراد عرق هندي قطنوا فيما مضى اجزاء واسعة من اوروبا الغربية

ماري-أنطوانيت
01-07-2007, 21:41
حدقت رافينا في عينيه وقالت:
" طبعا اعرفه زوجته احبت الفارس الذي اتى بها من ايرلندا وفضلته على ان تكون عروسا للرجل الذي لا تستطيع ان تحبه "
والقى نظرة سريعة الى النوافذ التي اسودت بالسحب المنذرة بهطول المطر او هبوب عاصفة الصيف.
قال:
" للحب معان ثيرة يا سنيوريتا ان الرجال في صقلية يصفعون وجه عروسهم في يوم زفافها اما نحن الرجال في سردينيا فندخر هذه الصفعة للمناسبة التي تستحقها. والان اظن ان الوقت قد حان لاعود الى الفندق حيث اقيم انه فندق ] الذئب والحمل [ في هذه القرية العتيقة وبالقرب منه تقع اصطبلات الخيل ولكوني احد ابناء سردينيا فقد ولدت على ظهر جواد "
رافقته حتى اجتاز ساحة الحديقة الى المكان حيث ترك الجواد وكان جوادا اسود اللون. واعتلى مارك ظهر الجواد بحنكة دلت على انه رجل خبير بركوب الخيل ثم قال لها:
" ارجو ان تقولي للكولونيل برينين ان يتيح لي فرصة رؤيته ظهر الغد. ان من دواعي التقاليد الرسمية ان يسأل المرء والد الفتاة او وصيها موافقته على زواج ابنته. ستكونين انت موجودة هنا ايضا لتضعي خاتم الزفاف في اصبعك "
زمجرت العاصفة واندفع الجواد بفارسه تجاه ضوء الغسق ورفع مارك يده ملوحا وهو يقول: " وداعا ". واثارت حوافر الجواد سكون العاصفة كما اثار الفارس ضربات قلبها. انتابها احساس بالقدر الذي انشب اظفاره في قلبها فقد رأت انها لا تستطيع ان تخبر غاردي بما فعله ابنه بمارك دي كورزيو انها لا تستطيع ايذاءه او ان يتعرض لاحدى النوبات القلبية مرة ثانية لان الطبيب قال: " ان جاردي يشعر بالقلق على ابنه رودري. اطفالنا هم الحب والهلاك الذي يدمر حياتنا "
وفكرت رافينا في ابن مارك واحست ببرودة تمسك بتلابيب عظامها فان الميتة الرهيبة التي لقى به الطفل مصرعه نغصت حياة ابيه لدرجة انه لم يع يحس بأي شعور بالرحمة على الاقل نحو افراد عائلة برينين.
لا بد ان يدفع برينين الثمن واختيرت هي بالذات لانها وحدها تستطيع ان تقدمه له وهذا الثمن هو طفل اخر...ابن اخر.
تراجعت رافينا عن النافذة وسارت الى منضدة الزينة ووقفت امامها في ثوبها الاخضر يهزها التوتر وراحت تقرأ مرة ثانية البرقية التي تسلمتها في غرفة الاستقبال على انا برقية تهنئة للعروس ولكن البرقية كانت في الواقع موجهة الى وصيها فضتها وقرأت:
" الابن الضال يعود يا ابي. اصل بقطار الثالثة والنصف الحب لك ولرافينا "
رودري في طريقه الى البيت وسحقت رافينا الرقية بقبضة يدها ورأت ان من واجبها ان تلتقي به قبل ان يصل الى البيت الذي تستعد لمغادرته هي ومارك لقضاء شهر العسل وعليها ان تحذره الا يبوح بسره كما احتفظت به مطويا عن غاردي. عزيزي غاردي الذي قدم سيفه لمارك لكي يقطع كعكة الزفاف وابتسمت بمرارة عندما مر في خيالها انها ما تزوجت مارك دي كورزيو الا لتنقذ رودري. سيعرف رودري ان الصبي الذي قتله بتهوره واستهتاره هو ابن مار. كما ان وصول رودري لم يكنمتوقعا من احد وقد يفضي بالحقيقة لابيه.
انتزعت رافينا حقيبة يدها وتسللت من غرفتها وتناهت اليها اصوات الضحكات الصادرة من الردهة ومثل الشبح اتخذت سبيلها عبر طريق السلم الضيق الذي يقع عند نهاية الدهليز وقادها الى باب جانبي وفي استعجالها نسيت غضب زوجها عندما يكتشف اختفاء عروسه المفاجئ.
وعندما بلغت ساحة الحديقة كان الجو مشبعا بالضباب الخفيف الذي ينظر بالمطر. لم يرها احد حينما دلفت مسرعة الى الكراج لتستقل سيارتها وتقودها الى الطريق حتى بلغت ساحة محطة سكة الحديد التي وجدتها مهجورة كما يم صمت مطبق على المكان عندما سارت على الرصيف بدا القطار على مرمى البصر وهو يسعى عند احد المنحنيات حتى بلغ المحطة الصغيرة وملأها بضجيجه وانفتحت الابواب وهرولت الاقدام تغادر القطار وظلت رافينا ساكنه في مكانها حتى اقبل عليها شاب نحيل القامة اسمر للون يحمل في يده حقيبة سفر من القماش ويرتدي سترة جلدية فوق كنزة احكمت فتحتها عند عنقه لتقيه برودة المطر. وضع رودري الحقيبة على الرصيف وحدق في وجهها مدة ويلة ثم قال ضاحكا:
" رافينا لقد كبرت واصبحت كائنا كاملا وساحرة صغيره خضراء العينين "

ماري-أنطوانيت
01-07-2007, 22:08
مكثت رافينا صامته ولم تعرف ما تفعله سوى التطلع اليه. وهاهو يعود بعد افتراق دام شهور ولم تسطع ان هذا الوجه المألوف لديها وهذا الصوت الذي تعرفه يخصان شخصا متهورا ومخمورا وهو يقود سيارته. وقف بعيدا عنها فالافضل له ان يتأملها من بعيد وتفحصها مليا ببصره وتأمل ثبها الاخضر ثم قال:
" تبدو عليك الاناقة...اين ابي؟ "
" رودري تعال معي الى السيارة. لابد ان اتحدث معك "
واصطبغت عيناه بالقلق وسألها:
" هل ابي بخير؟ هل هو مريض ثانية؟ "
وهزت رأسها بالنفي قائلة:
" لا انه احسن حالا مما كان عليه في الايام الماضية انه يعمل بعض الوقت في وظيفة باحدى الشركات في منصب اداري كما انه عضو في المجلس المحلي. وانت يا رودري تبدو عليك الصحة "
لم تلاحظ رافينا عليه اي دلالة على انه يكابد الشعور بتأنيب الضمير ومن الجلي ان مدة ثمانية عشر شهرا قضاها في استراليا ساعدته على ان تمحو من ذارته ما حدث في سردينيا. التقط حقيبته والتفت ذراعه حول وسطها وراح يقودها الى السيارة وقال لها:
" اشعر بأنني لائق صحيا اما انت فيبدو على وجهك الشحوب. لم تعد عيناك تضحكان كعهدي بهما. هناك شئ خطأ اليس كذلك؟ "
ولم تجب على تساؤله ودلف الى السيارة وجلست وراء عجلة القيادة وعندما امسكت بها شعرت به يحدق في يدها اليسرى ورأى خاتم الزواج والى جواره خاتم اخر من الزمرد الخالص يتألقان في اصابعها وفجأة قال:
" رافينا !! "
واستدارت نحوه تقابل عينيه المصدومتين قائلة:
" ارسلت لك برقية اخبرك فيها بزواجي ولم يكن لدينا ادنى فكرة بأنك في طريقك الى الوطن "
" تزوجت؟ "
" هيا بنا وفي الطريق سأخرك بكل شئ "
كان المطر اشبه بالضباب يكتنف الهوء وهي تقود السيارة خلال دروب المدينة الهادئة واخبرته بكل شئ في صوت هادئ غير عاطفي وجلس الى جوارها مدهوشا. اشعل لفافة تبغ وسحب نفسين ثم سحقها والقى بها خارجا وكأنه يكابد مرارة الصدمة ثم قال لها:
" لا يمكنك احتمال الامر. سأخبر ابي بكل شئ "
قالت ببرود:
" وتقتله؟ الا تظن انك ارتكبت ما فيه الكفاية؟ مات طفل صغير "
وكسا وجهه قناع من الالم والاسف المرير وهو يقول:
" رافينا انا...ظننت انه يمكن نسيان كل شئ. انني اخطو على درب الجبن مرة اخرى "
" كل ما سنفعله هو عدم ايذاء جاردي. هل تسمعني يا رودري؟ "
" لكن ما هو الثمن يا رافينا؟ "
" زواجي "
واوقفت السيارة عند منحنى هادئ والتفتت تتطلع اليه واردفت قائلة:
" سأعتاد العيش في ارض غريبة "
" مع رجل لا تحبينه ؟"
" هل قلت اني لا احبه؟ "
" انا اعرفك جيدا يا رافينا عيناك لا تجمدان بل تبعثان الدفء ما دمت سعيدة كانت تتألقان يا رافينا في الايام الخوالي "
قاطعته قائلة:
" لا داعي للحديث عن الايام الخوالي لن تخر غاردي بأي شئ عما حدث في ساردينيا انتهى الامر ولن يعود الصبي اصغير الى الحياة "
" انت فتاة صغيره حمقاء يا رافينا هذا الزواج يجب ان يفسخ قبل ان يبلغ مداه. يا الهي. هل تظنين اني سأدعك تعيشين مع رجل اجبرك على الزواج منه؟ هل تعتقدين ان ابي سيتخلى عنك لو عرف الحقيقة؟ "
قالت:
" يجب الا يعرف يا رودري! ان قلبه لن يتحمل الموقف اسأل دكتور شاني "
سألها وقد لاح وجهه في عينيها وكأن السنين تقدمت به:
"بهذه الدرجة من السوء؟ "
سألته:
" هل اعتقدت انك تستطيع الافلات دون ان تنال عقابك؟ مارك دي كورزيو يكابد ندوبه على وجهه وفي اغوار نفسه. هل تسمعني يا رودري؟ انه يكابد ندوبه "

ماري-أنطوانيت
01-07-2007, 22:24
عندئذ انهار رودري وبدأ ينتحب كالطفل الصغير فربتت على شعره الاسود وحاولت تهدئته وتمتمت قائلة:
" يجب ان تمكث في فندق القرية الى الغد. انت لا تستطيع ان تقابل جاردي في هذه الحالة ومن الافضل ان تتوجه الى البيت بعد ان ارحل ان ومارك الى ساردينيا هل تفهمني؟ "
هز رأسه. وعندما استعاد رباطة جأشه ثانية ادارت المحرك وقادة السيارة في اتجاه الفندق ولكنها لم تجرؤ ان تترك رودري وحده كان اليأس مسيطرا عليه وفي امس الحاجة اليها فمكثت معه في ردهة فندق ]الذئب والحمل[ وراحت تجاذبه اطراف الحديث. وقال رودري شاحب اللون:
" رافينا سيقتلك عندما تعودين اليه "
وتطلعت الى الساعة المعلقة على الحائط وشعرت باصابع باردة تعتصر قلبها ولاول مره فكرت في مارك وفي غضبه قالت:
" اجل..يجب ان اعود يجب ان تعدني يا رودري بأنك لن تفضي بشئ لأبيك. سيكون الامر فوق طاقته "
وثبت عينيه على وجهها وقال:
" وماذا عنك انت؟ "
وقفت على قدميها وتناولت حقيبة يدها ووشاحها وقالت:
" سأكون بخير كما يقول لي كل واحد اليوم. مارك ثري وصاحب قرى وله مكانة مرموقه في سردينيا وسوف اصبح سيدة بيته "
وزمجر رودري قائلا:
" كأن هذا كله هو ما يهمك. انت الفتاة التي اعرفها جيدا انت ابعد عن كل انانية "
قال ضاحكة:
" لا تجعلني ابدو في صورة ملاك. وعلى فكرة جونيث كيريو مازالت عزباء وفاتنة كأغنية ويلز. تذكر كيف كنت دائما ميالا اليها. جاءت اليوم لتشهد حفل زفافي واشارت قائلة ( اليس من العار ان لا يحضر رودري زفافك) "
وعندئذ هرعت رافينا تبتعد عنه وعن الردهة وعن الفندق لترتمي في احضان الليل والمطر. قادت سيارتها عائدة الى رافنهول عيناها الخضراوان متجمدتان كحجر الزمرد الذييزين خاتمها وحدثت نفسها في انها تستطيع ان تتحمل اي شئ الان حتى غضب مارك.
دخلت المنزل لتجده خالي من المدعوين ولم يبقى شئ سوى الزهور مدلاة في مزهرياتها وقد تناثرت بتلاتها على ارضية القاعة. وعندما اغلقت الباب الامامي وقع نظرها على شبح طويل يقف وسط الصالة الخافتة الضوء وسعى مارك اتيا من لمكتبة وشعرت بوخزة من الخوف تسري في اعماقها وهو يتقدم نحوها في سترته السوداء. سألها غاضبا وهو يهز كتفيها بيديه:
" اين كنت؟ "
ظلت صامتة وعندما اشتدت قبضة اصابعه على كتفيها ولم تتح له الفرصة ليدرك مخاوفها. وكان الهدوء الذيتكلم به اشبه بلسع السياط تنزل فوق جلدها وبعد هذا الصمت قال:
" هيا..اخبريني اين كنت؟ سوف تفسرين لي سبب غيلبك وسوف تنتحلين كذبة. كان علينا ان نخبر المدعوين ان وعكة المت بك وان رحيلنا الى المطار قد تأجل. انني اكره الخديعة يا رافينا "
" هل حقا تكره الخديعة يا مارك؟ "
تطلعت اليه وتساءلت:
" اي اسم اخر يمكن ان يطلق الناس على زواجنا؟ "
ثم اردفت تقول:
" لاشك انك سمعت عن الاضطرابات العصبية التي تعتري العروس في ليلة زفافها سيطرت بعضها على نفسي ووجدت انه من الخير لي ان انطلق بنفسي خارجا لفترة وجيزه "
طوى طرف كم سترته وتتطلع الى ساعة يده وقال:
" لكنك امضيت عدة ساعات ومن حقي ان اعرف اين امضيت هذه الفترة؟ "
قالت:
" كنت اقوم بجولة في السيارة؟ "
كان ما تقوله نصف الحقيقة ولكنها لم تستطع ان تواجه نظرات عينيه وراحت تتطلع الى باب المكتبة المفتوح وسألته:
" اين جاردي؟ "
" خلد الى النوم وهو جالس على مقعده متوتر الاعصاب قلقا عليك "
ومست هذه الكلمات عصبا حساسا عندها وعندما شرعت السير اتجاه المكتبة امسك مارك برسغها وجذبها ثانية واوقفها في مواجهته وسألها:
" هل امضيت كل هذا الوقت مع رجل؟ "

ماري-أنطوانيت
01-07-2007, 22:32
كان من المحتم ان يحدس جزءا من الحقيقة ولكنها لا تستطيع ان تخبره بالباقي. انها لا تقوى ان تفضيله بعودة رودري الى انجلترا وانها اصحبته في سيارتها. سوف يدركان قاتل ابنه هو الرجل الذي تحب وانها تورطت في زواج لا يقوم على الحب من اجل حمايته. انتابها شعور من اليأس البارد بعث الشجاعة في اعماقها لأن تتحداه فقالت له:
" هل ان الاوان يا زوجي لان تصفع عروسك؟ هل رأيت انه من المزلة ان تختفي عروسك في ليلة زفافها وانها لا تمتثل بالخضوع لك حتى يبدأ شهر العسل؟ "
حملق في وجهها وشعرت بقبضة اصابعه تهشم عظامها وسألها معايرا:
" كم يلزمك من الوقت حتى تعرفيني حق المعرفة؟ هل تتصورين ان ما احبه في المرأة هو الخضوع فقط وليس شيئا اخر؟ "
" يبدو انك قدمت اعذار واهية للمدعوين عن غياب عروسك. وهذا ما دعاهم للدهشة "
" اظن ان دهشتهم منا ستلازمهم لعدة اسابيع مقبلة. وسيتوهمون يا رافينا انك ما تزوجت مني الا لاجل مالي, واين اجد المرأة التي يمكن ان تحب وجها مثل وجهي؟ "
التوت شفته بابتسامة شاحبة وامسك بذراعها الاخري ومال عليها ولكنها جاهدت لكي تبتعد عن وجهه المشوه بالندبة. ولابد انه قرأ في عينيها ما يخالجها فقد كانت لا تحس بأية رقة في لمسته وهو يميلها فوق ذراعه حتى بدا شعرها وكأنه جناح من اللهب يجابه نسيج كمه الداكن.
تمتم قائلا:
" انظري مليا في وجهي. يجب ان تعتادي عليه لاني لا اريد ان يكون زواجنا مجرد ظل "
تركها وسار بعيدا عنها تجاه السلم حيث استدار ينظر اليها وقال:
" نمضي الليلة في رافنهول ونرحل غدا "
وصمت فجأة ثم انفجر ضاحكا وبهدوء قال ساخرا:
" لا حاجة بك الى اغرائي بعينيك. ان شهر العسل سوف يبدأ في سردينيا وليس هنا "
وتراجعت اصابع يدها في بطء عندما غاصت فحوى كلماته فيعقلها المتعب وقالت:
" انت تقصد...."
قال:
" سنطير غدا جنوبا. الليلة ستقفين صامدة على قدميك فأنا لست شيطانا كما ابدو لك "
ولاح الاجهاد والدموع في عينيها وهي تتطلع اليه. لو ان لها الشجاعة ان تفضي له بأنها كانت بصحبة رودري ولكنها كانت تخشى ثورة غضبه. كما انها لا تثق في رحمته واخيرا قالت له:
" انا..انا..يجب ان اذهب الى جاردي "
الا انها لم تكد تبلغ باب المكتبة حتى استدارت لتلقي نظرة اخرى على مارك. وعندما اسرعت بالدخول الى المكتبة تململ وصيها في مقعده وفتح عينيه وابتسم قائلا:
" مارك كان غاضبا. لا تهربي ثانية يا عزيزتي انت امرأة متزوجة الان. انت تعرفين ذلك "
وضغطت وجنتها على كتفيه وقالت:
" اجل يا جاردي "
" كنت دائما فتاة ذات بصيرة نافذة. اليس كذلك؟ هل انت متأكدة من انك سعيدة مع هذا الرجل؟ "
وادركت نبرة الحرص والشك في صوته وفي الحال رأت انه من الضروري ان تبعث الطمأنينة اى نفسه:
" واي شئ تنشده الفتاة عندما تتزوج من رجل؟ "
وابتسمت ابتسامة عريضة في وجهه الذي تحبه وتحترمه كثيرا. ثم قبلته في وجنته وحدثت نفسها بأن غدا سيعود رودري الى البيت والى ابيه وسيكون في ذلك عزاؤه عندما يجتمع شملهما.




*** نهاية الفصل الاول***



واعذروني على التأخير بس النت ما شبك معاي:(

ماري-أنطوانيت
02-07-2007, 11:54
2- من يجرح الحجر؟


الدروب حول الجبل ضيقة ملتوية حول نفسها وبدت السيارة وكأنها تحيد عن مسارها لتستقر في اعماق البحر. وكانت الرياح تلطم زجاجها مما اضاف مزيدا من الاحساس بخطر داهم خاصة ان قيادة سيارة على حافة ارض غريبه ومتجهة الى غاية مجهولة كان في نظر رافينا ضربا من الخيال.
جلست رافينا صامتة في المقعد المجاور قرب زوجها واغمضت عينيها حتى لا ترى المنحنيات التي تتلوى عبر الطريق ويبدو ان عاصفة الصيف اقتفت اثرهما منذ غادرا بريطانيا وظلت ملازمة لهما طوال الطريق.
قال مارك بعد مضي ساعة من الصمت:
" اسف ان صورة الجزيرة التي افسدتها مياه الامطار هي اول منظر يقع عليه بصرك "
وفتحت رافينا عينيها فوقع بصرها على الصورة الجانبية التي حدد معالمها ضوء العاصفة فشاهدت السنة النار وقد تركت بصماتها على صفحته وبعد صمت وجيز استطرد قائلا:
" يعتبر كاستيل دي توري واحدا من اجمل معالم سردينيا عندما تلقي الشمس بأشعتها عليه ويعبق الهواء برائحة الليمون "
كان يتحدث اليها كواحد من ممثلي شركات السياحة وهو يحاول ان يقنعها بأنها بحاجة الى الشمس فقط لكي تعشق مدينته. تسائلت هل يمكنها ان تحب هذا المكان النائي الذي يقع بعيدا عن وطنها وعن جاردي الذي استأجر مدبرة منزل لترعى شؤونه. بذلت رافينا جهدها لكي تقاوم حنينها الى الوطن الذي راح يؤرق مضجعها وتطلعت الى يد مارك وهو يدير عجلة القيادة ثم نقلت نظرها الى اثار الندوب التي انحرفت غائرة في جلده الاسمر وكان مارك يركز انتباهه على الطريق عندما قال لها:
" لابد انك تشعرين الان بالاعياء ولكن بعد ميل او اكثر ستلوح لك كازاتشيبريسو وستشاهدين اشجار السرو التي تعلو في كبد السماء كالمشاعل وسط الامطار. ومن المحتمل جدا ان يصفو الجو غدا وتشرق الشمس وتحت الكازا تقع بساتين الليمون التي تقترب من البحر والكروم المزروعة على جوانب التل. سألته بأدب:
" هل تمتلك حصة من الارض؟ "
وشعرت انه يبتسم باستياء واجاب:
" مساحة جيدة انا معروف هنا باسم بارون الارض والفلاحون الذين يعملون في ارضي هم احفاد الفلاحين الذين عملوا عبر السنين مع اجدادي الاحداث لا تتغير سريعا في سردينيا لان اسلوب حياتنا ماهو الا صورة مستمرة للماضي"
قالت واصابعها انعقدت على حقيبة يدها وتشبثت بالجلد:
" انت تقصد النظام الاقطاعي وانت نموذج للاقطاعيين. كلمتك هي القانون في هذه الجبال والناس يحنون هاماتهم اجلالا لك "
قال:
" لا ينحني اي سرديني لاحد انا احمل اللقب فقط ولكنني لا احصل على حصة من انتاج الارض اكثر مما يحصل الاشخاص الذين يفلحونها "
" وانت لك العسل اليس كذلك؟ ام ان زوجتك وحدها سوف تستخلص العسل لك "
القى مارك نظرة سريعة عليها وسألها :
" عم تتحدثين؟ "
" في الايام الغابرة كان الاقطاعيون في مقاطعة ويلز يفوزون بنصيب الاسد في كل شئ ويستخلصون العسل للحاكم ويقمون بتقديمه له في قصره الذهبي"
" اذا سوف تستخلصين العسل يا رافينا لتقدميه قربانا لسيد القصر "
قالت ضاحكة:
" اجل يا مارك سأقدم ثيابي وشعري كما يفعل اي عضو سابيني فانني لا املك سواهما "
" سيانديك اهلي باسم ((بادروتشينا)) اي السيدة الصغيرة "
واشاحت ببصرها عنه وتطلعت زائغة البصر عبر النافذة المجاورة لها وراح يتحدث اليها وهو يعتقد ان عروسه سعيدة وفي لهفة الى رؤية بيته الجديد .
ويبدو انه كان لا يأبه كثيرا انها ستعاني الوحدة والخوف من وجودها في ارض غريبة مع رجل لا يحبها ولا يهتم بامرأة لا تكن له الحب.
كانت ترى ان الحب وحده كفيل بان يبعث في المرء الشجاعة والرغبة في رؤية الاشياء الجديدة ومقابلة حب استطلاع الناس ومواجهة عداوتهم.
كانت رافينا هي الزوجة الثانية التي تأتي الى قصر السرو وحدثتها غريزتها ان دوناتا كانت جذابة ومحبوبة من الجميع وتتميز بالشعر الاسود والعينين الناعستين كفتيات الجنوب. استدارت العربة عند احدى منحنيات الطريق

ماري-أنطوانيت
02-07-2007, 11:58
الجبلي ولاحت في الافق اشجار السرو وبرجا منزل مارك الذان يبرزان عاليا فوق الصخور المطلة على البحر. كان القصر يبدو كقلعة مظلمة كئيبة واشجار السرو في هيئة حراس حوله ومضى لبرق بصورة متقطعة عندما اوقف مارك السيارة ورأت رافينا درجات سلم حجري وعددا من المصابيح الحديدية معلقة على الجدران التي تحيط بالباب الامامي المرتفع.
لفحت الريح خصلات شعرها وملابسها وهي تغادر السيارة وسارت حتى وقفت عند اولى درجات السلم ويبدو انه لم يكن مناسبا ان تصل الى هنا اثناء هبوب العاصفة. انضم اليها مارك ولاحظت قطرات المطر تعلو صفحة وجهه وبريقا يتلألأ في عينيه. قال لها:
" اهلا في بيتك الجديد "
وقبل ان يلمسها هرعت تصعد درجات السلم لتقف تحت المدخل هربا من المطر كانت ترتجف اضرابا وتحرص الا تكشف اضطرابها قالت له وهو يقرع الباب:
" استطيع ان ادرك سبب عدم وجود مفتاح للباب في حلقة مفاتيحك. هل الامور هنا في الكازا تأخذ مظهر الفخامة الملكية؟ "
قال مارك وهو يتأمل الباب الكبير المثبت في الجدران السميكة للبيت:
" البيوت تبنى هكذا عاليا حتى تتحمل موجات الرياح اشمالية العنيفة الباردة وموجات الرياح الشرقية الجافة المثقلة بالغبار. ولاشك ان الابراج اقيمت لتعطي القلاع مظهرا يشيع الرعب في قلوب القراصنة الذين ينزلون في الساحل تحتها. وقديما قالوا ان بيت الرجل هو قلعته التي توفر الحماية لعماله واهل بيته "
وادركت من طريقة حديثه انه يجد سعادة وفخرا بالبيت القديم المتين البنيان الذي عاشت فيه اجيال متعاقبة من اسرته واحبته اشد الحب ولهذا السبب كان يتوق الى انجاب ولد يكون وريثا لهذه القلعة.
وفي هذه اللحظة انفتح الباب وسارت رافينا الى القاعة الكبرى حيث كان وميض البرق يكشف دروعا عربية واثاثا عتيقا ولوحات عائلية معلقة على الجدران المطلية باللون البرونزي المتوهج كقطع الخشب المشتعلة بالمدفأة.
صاحت رافينا قائلة:
" نار!! "
صيحة ارتياح من شخص يكابد البرد في داخل جسمه وخارجه واسرعت تركع فوق السجادة الصوفية وتشابكت اصابع يدها طلبا للدفء وطقطقت الاخشاب المشتعلة التي كانت الظاهرة الوحيدة المرحة في تلك القاعة الكبيره ثمسمعت صوتا يتسائل:
" اذن...هذه هي العروس؟ "
جاءت الكلمات فجأة من بين الظلال فالتفتت رافينا واجفة القلب ورأت شخصا يجلس في مقعد بجوار المدفأة. كان للمقعد ظهر مرتفع والنقوش تزين مسانده وارجله وكان الشخص الذي يحتل المقعد امرأة عجوز ترتدي ثوبا اسود بينما ارتاحت قدمها على مسند القدمين.
استقرت عيناها على رافينا. عينان سوداوان لا تشع الابتسامة فيهما راحتا تتأملان وجه الفتاة الشاحب وعيناها الخضراوان وشعرها الاحمر الذي بلله المطر. وتطلعت رافينا الى مارك ورأت سمات الكبرياء في ملامحه وهو واقف الى جوار المدفأة وامتدت يده ليساعدها على الوقوف فتوهج خاتمه والقى الضوء على ندوب وجهه فأجفلت رافينا من لمس يده ونهضت واقفة على قدميها دون الاستعانة به ولم تحاول ان ترى القسوة التي ارتسمت على فمه فقال لها:
" دعيني اقدم لك زوجتي دونا جوكاستا ليوناردي عادة ادعوها لانونا عندما اكون هادئ المزاج "
تمتمت رافينا بالتحية التقليدية وكانت قد تمنت ان تلتقي بجدة مارك اذ اعتاد ان يتكلم عنها بحنان فهو سلتي وبينها وبينه شئ مشترك ولو ان دونا جوكاستا تتحدث الانجليزية بطلاقة الا انها لم تكن على مودة معها ولا شك انها تفكر هذه اللحظة في عروس ساردينيا التي اتى بها حفيدها الى البيت منذ ست سنوات مضت وكان على مارك ان يبتسم وتألقت عيناه عندما طلب شرابا وقال:
" انه من الواجب احتساء نخب لهذه المناسبة السعيدة "
ونهضت دونا جاكوستا واقفة على قدميها فجلجل ثوبها الحريري الاسود مثل اوراق الشجر الجافة وقالت:
" هل تسمحون لي بالانصراف لانني امضيت اليوم بطوله في الاشراف على اعداد غرفكم وتنظيف البيت. انا متعبة يا ماركوس وسأتناول وجبة خفيفة في غرفتي قبل النوم "
قال بصوت يشوبه غضب هادئ :
" ان تناول كأس معنا لن يستغرق وقتا طويلا "

ماري-أنطوانيت
02-07-2007, 12:17
و تطلعت جدته نحوه ثم الى رافينا ولاحت ومضة من الحقد في عينيها عندما استقرتا على رافينا وقالت:
" لم تتقدم بي السن كثيرا حتى انسى ان العشاق يحبون الانفراد وانا واثقة من ان عروسك تفضل ان تستحوذ عليك لنفسها "
وسارت الجدة نحوه وربتت على خده المشوه بالندوب وجالت يدها المتألقة بالخواتم فوق صفحته لتشاهد رافينا ملامحه مرة اخرى ورأت الجدة في عينيها نفورا من لمس مارك لذلك قررت ان تتركها وحدها في صحبته حتى تعلم نفسها ان تكون تحت رحمة طلباته. واحست رافينا بالبرودة تسري في اوصالها حتى وهي قريبة من دفء النار حين قالت السيدة العجوز لها :
" ليلة طيبة. ارجو ان تجدي غرفتك مريحة. حجرة العروس حجرة كبيرة ولكن ولا واحدة من عرائس اسرة كورزيو كانت تشكو منها "
رافق مارك جدته حتى فسحة واسعة تقع عند اول درجات السلم بينما وقفت رافينا تتطلع الى النار. وتنبهت رافينا عندما شعرت بيدي مارك فوق كتفيها عندما انضم اليها وهي مستغرقة في هذا الجو الصامت وقال لها :
" لا تتبرمي بما قالته لانونا انا سيدة عجوز من اهالي سردينيا وهي غاضبة لانني لم اتخذ زوجة من بنات جنسي فأهالي سردينيا متعصبون لعشيرتهم ويتصفون بالكبرياء "
قالت رافينا بصوت هادئ:
" يبدو لي يا مارك ان زواجك مني جلب الشقاء الى قلوب ثلاثة افراد! "
وادار وجهها لمواجهته ورحلت يده اليسرى من كتفها حتى استقرت على رسغها وسألها:
" ما الذي يدعوك الى الظن بانني شقي؟ بالتأكيد انت تعرفين يا رافينا انني اجدك فتاة جذبة بشعرك الاحمر وبشرتك البيضاء وعينيك البحريتين اما عن سحرك....."
وحدقت في وجهه واحست كأن قناعا اسدل على وجهها فحال دون رؤيته فسألته:
" الا تجعل لمشاعري حسابا لديك؟ هل انا مجرد شئ بالنسبة اليك؟ "
انفرجت شفتاه وتلألأت اسنانه وسط وجهه الاسمر المشوه بالحريق واستدار عنها وهو يقول:
" انت انسانه تدخل السرور الى القلب يا سيدتي ....هاهو ذا رينزو اقبل لنا بالشراب سوف نحتسي نخبا وسنشعر بالدفء يسري في عروقنا "
وصب الشراب من قنينة زجاجية في كأسين ثم ناولها احداهما واحست ببرود الكأس في يدها اما الشراب فكان ذهبي اللون ورفع مارك كأسه وقال بلهجته الايطالية: " تحياتي "
ونظرت رافينا اليه برزانة وقالت له ببرودة:
" لم اتعود بعد على لغة اهل ساردينيا "
قال:
" سأعلمك كل شئ عن اهل ساردينيا "
كانت عيناه تحملان معنى عميقا وهو يقرب الكأس من شفته ثم اردف قائلا:
" لا يمكن ان يتحقق التفاهم يا رافينا بدون نشوب معركة او اثنتين..هذا ما يدفئني "
جالت رافينا ببصرها على الجدران وتطلعت الى صور الاشخاص الغريبة عنها وابصرت الظلال تلقيها الشمعدانات وفسحة السلم الكبير المؤدي الى البهو ثم عادت لتقول له:
" ان ما يدفئني حقا مختلف تماما يا مارك لانني لست ممثلة كتبت لها عواطفها لكي تؤديها انا هنا معك ومع هذا لا اشعر بأي عاطفة "
فسألها ساخرا:
" ولا حتى الخوف؟ "
وتحولت ببصرها من سلم الغرف العليا الى غرفة العروس التي سوف تقاسمه النوم فيها وقالت له :
" هناك عواطف اقوى من الخوف يا مارك "
احتسى نصف مافي الكأس ثم قال:
" اظن ان العاطفة المخادعة اقوى من الخوف ولكن لا مبالاتك تسعدني الى ابعد حد "
وفي لحظة ارات ان تقول انها تشعر بالامبالاة نحوه ولكن هذا الشعور لم يكن صحيحا لانها كانت تحس بقوامه ولونه الاسمر وكبريائه كلها ممثلة في وقفته امام المدفأة بل انها كانت تحس بعظمته...فقط عندما كان يشيح جانب وجهه المشوه بالندبة بعيدا عنها . قال:
" انتهي من احتساء كتفك حتى نتوجه الى غرفتنا انت في حاجة الى انعاش جسمك بعد هذه الرحلة الطويلة وقبل ان نتناول طعام العشاء "

ماري-أنطوانيت
02-07-2007, 12:55
واتخذا سبيلهما الى فسحة السلم ورأت وجود عدة غرف وممرات تؤدي الى اجزاء مختلفة من المنزل ولكن رافينا احست انها ليست سيدة القصر وشعرت بانها شخص غريب لا يشعر بالالفة في بيته.
قال ماركوهما يرتقيان السلم متجهين الى البهو:
" جناحنا يقع في برج الفارس "
ثم استدار شمالا وسارا في ممر يقود الى سلم ضيق واحست رافينا وهي تسير الى جواره بانه لم يقم مع دوناتا في جناح الفارس وانما عاشا في الجناح الاخر فسألته:
" ماذا يسمى البرج التوأم؟ "
" برج المادونا اطلقت عليه هذا الاسم احدى جداتي وهي فتاة حالمة من توسكانا وان كان اهل ساردينيا لا يستسلمون لمثل هذه الخيالات الرومانتيكية لانهم اناس عمليون "
كانت هناك نافذه تجاور سلم البرج وتسمح بدخول ومضات البرق التي كانت تهز اعصاب رافينا وربما كان البرق والظلال المتراقصة سببا في ان تسرع بارتقاء الدرجات حتى كادت تقع على وجهها لكن مارك كان اسرع منها اذ مد يديه ليحفظ توازن جسمها وفجأة التفت ذراعاه حولها فقاومته رافينا وهي تحاول الفرار منه مرددة: " لا...لا..."
لكنه امرها قائلا:
" اهدئ تماسكي...اليس من التقاليد المتبعة ان يحمل العريس عروسه ويعبر بها عتبة المنزل؟ "
وفي خطوة طويلة حملها وعبر بها عتبة غرفة النوم حيث كانت المصابيح مضاءة والحطب مشتعلا في المدفأة والدفء يشيع في ارجاء الغرفة واثاثها.
وظل مارك حاملا رافينا ووجهها على مبعدة من شفتيه اللتين لا يبدو عليهما اية ملامح من الرحمة وقال:
" انت تنظرين الي وكأنك تزوجت شيطانا "
قالت:
" انا متعبة يا مارك وانت دائما تعذبني "
واسبلت جفونها كأنها لا ترغب في رؤية نظراته ومع ذلك كانت تحس بعينيه تتأملان شعرها وبياض بشرتها ولاول مرة في حياتها ادركت كيف تبدو امام رجل وكيف جعلها تشهر بانها مسلوبة الارادة. ولما كان هذا الرجل هو مارك فانها كانت تود ان تنشب اظافرها في جسمه حتى يشعر بالام.
قالت له بوحشية:
" كم اكرهك. واكره هذا المنزل وهذه الجزيرة التي تفخر بها احجار مبنية على احجار وانت لا تقل حجرا عنها "
قال ساخرا:
" مجرد كلمات, هل تظنين ان مجرد كلمات تستطيع ان تجرحني؟ "
قالت له:
" وهل تظن ان شيئا يمكن ان يجرح حجرا الا الحجر. ولا يوجد شئ اكثر برودة من امرأة باردة "
قال:
" مجرد وعود من شفاه ناعمة "
ثم اردف يقول:
" انني لم اتزوج منك من اجل كلمات ناعمة او نظرات ناعسة او خضوع مستأنس وانما تزوجت منك لانني اريد طفلا بكل الروح والمرح الذي ان يتمتع به دريستي "
واحست في هذه اللحظة انه يتجرع الالم وان العذاب القاسي هزه حتى دفعه الى ان ينزلها من على ذراعيه ويبعدها عنه بقوة والقسوة تكسو وجهه المشوه بالندوب.
قال:
" لقد احضروا لك ماء للاستحمام "
واشار الى اباريق نحاسية موضوعة على عتبة الحمام ومناشف دافئة وستارة شفافة اسدلت امام الحمام ثم اردف يقول:
" اسباب الراحة هنا ضئيلة الى حد ما ولكنك ستشعرين بالدفء قرب المدفأة. دبرت لانونا وصيفة صغيرة لخدمتك لان اغلب الخدم هنا من الرجال وهذه الليلة يمكنك تبيرها بنفسك "
قالت رافينا بهدوء:
" لا حاجة بي الى وصيفة. انت تعرف انه ليس لدينا واحدة في رافنهول واني اعتدت ان ادبر اموري بنفسي "
" انت الان في كازاتشيبريسو والموقف متغير. سوف اخبر رنزيو بأن يجلب فتاة صغيرة من فتيات القرية. انت البادروتشينا ولابد ان يكون لك وصيفه خاصة تهتم بملابسك وتصفيف شعرك "

ماري-أنطوانيت
02-07-2007, 13:04
قالت له وهي تنظر اليه بنظرات متحدية:
" الا يعجبك شعري كما تراه يا سيدي؟ "
" ستعيدينه كما كان بالامس وهو تحت طرحة الزفاف وسوف ترتدين ثوبك المخملي الذيشاهدتك به حينما قدمت لتناول الطعام في رافنهول اول مره. هل احضرت الثوب معك؟ "
وراودتها الرغبة في ان تخبره بانها نسيت الثوب في انجلترا وقبل ان تتفوه بكلمة سار مارك الى دولاب ملابسها وفتح ابوابه الكبيرة ورأت ثيابها منسقة على المشاجب وبدا لها الثوب المخملي الذي رفعه مارك من مكانه. واحست ان اصرار مارك على ارتداء هذا الثوب يعد تدخلا سافرا في استقلالها الشخصي وارادت ان تنتزع الثوب من يديه وان يدعها وحدها. قالت له:
" حسنا لن ارتدي الثوب "
وضع مارك الثوب على الفراش وقال لها:
" سأكون في الغرفة المجاورة وسأدعك وحدك حتى تستعدي لحفل العشاء الذي اعد خصيصا لزفافنا "
توارت وراء الستارة وفضت ثيابها عنها وراحت تستمتع بدفء الماء الساخن الذي هدأ اعصابها المضطربة وبعدما استحمت لفت جسمها في منشفة كبيرة وغادرت الحمام وسارت حتى وقفت امام منضدة الزينة وشد انتباهها علبة من القطيفة مفتوحة تحتوي على قلادة زمرد مزينة بسلسلة
مرصعة بالماس. سرت رعدة في بدنها وخشيت ان يكون مارك دخل الغرفة اثناء استحمامها ليضع العلبة على منضدة الزينة وشاهدها من خلال الستارة الشفافة. وكلما فكرت قليلا وجدت انه من حقه ان يأتي ويخرج من غرفة نومها كما يشاء وان يقدم لها حلية اعجابا. ورأت ان القلادة تتماشى مع خاتمها وثوبها المخملي الاخضر وشعرها الاحمر.
اشاحت بوجهها عن الهدية وارتدت ثيابها بيدين باردتين كالثلج وعقدت شعرها في تصفيفة كالتاج وسمعت مارك مرة او مرتين يسير في الغرفة المجاورة وثارت اعصابها عندما قرع الباب يستأذن في الدخول فأذنت له ودخل وهو يرتدي ثياب السهرة وبدا في قوامه الفارع رجلا بل سيدا للموقف.
قال:
" اه...انت مستعدة...تقريبا ! "
وتطلع اليها من قمة رأسها الى اخمص قدميها فرأى بشرتها البيضاء تبرزها فتحة ثوبها المخملي وشعرها الاحمر الذي يزين رأسها وعينيها الخضراوين كالزمرد في اصبعها.
واحست رافينا باغماءة خفيفة عندما رأت ومضة اعجاب من نظراته.
تقدم مارك والتقط القلادة من علبتها المخملية واستدار حتى وقف خلفها وقال:
" دعيني اثبت القلادة حول عنقك "
وتطلع الى المرآه وسلط بصره على نظراتها واردف يقول:
" تعجبك القلاده يا رافينا اليس كذلك؟ "
قالت بصوت بارد:
" انها رائعة للغاية انها جزء من ميراث العائلة وانا اخذته اليس كذلك؟ "
فقال لها:
" انت اخذتيه لاني اعطيته لك. هناك قرط يتماشى معها ولكنك في الوقت الحاضر صغيرة على ارتدائه. اذناك صغيرتان وهما جميلتان في حد ذاتهما ويجب الا نفسد جمالهما بأقراط ذهبية ثقيل. انت فاتنة وكل عرائس اسرة دي كورزيو ترسم لهن صورة ذاتيه في السنة الاولى من الزفاف وسوف استدعي الرسام ستيليو فابريزي ليرسم لك صورة "
لم تجد رافينا اي جدوى من المعارضة ولو قدر لها ان تعيش في ساردينيا لتمنت ان تفجر الصخور التي يقوم عليها القصر والبحر الذي يقع تحته وفي هذه اللحظة راودتها الرغبة في ان تسبح ولكن خالجها شعور بالبكاء وهي تتقدم مارك وتخلف وراءها غرفة نوم الزفاف.
اعدت مائدة العشاء وصفت عليها اطباق لحم السمان والفاكهة وكؤوس الشراب وفي وسطها وضعت الزهور وعلى ضوء الشموع اقبلت رافينا على تناول الطعام بشهية ولم ترفض كأسا ثانية قدمها لها مارك بعثت الدفء في جسدها واصابت عقلها بخمول وكان ذلك مقبولا مع الغربة التي تحيط بها.
تحدث مارك اليها عن الجزيرة وتلريخها حتى تركا المائدة وتوجها للجلوس بالقرب من المدفأة وجلس مارك على اريكة كبيرة بينما راحت رافينا تصب له فنجان قهوة.
قال لها:
" الامسيات بدأت تميل الى البرودة "
ناولته فنجان القهوة وهي تتجنب لقاء نظراته وقالت له:
" احب النار انها تجعل الغرفة تبدو في صورة بهيجة "
قال بالايطالية:
" حسنا "[/COLOR]

ماري-أنطوانيت
02-07-2007, 14:01
وشعرت بنظراته تحدق فيها وهي تجلس على مقعد بمساند. سألها:
" هل تبعث هذه الغرفة على البهجة؟ "
وتطلعت حولها وشاهدت الشموع مازالت مشتعلة ورأت لوحة جص في السقف تصور عاشقين من العصور الوسطى تشابكت ايديهما والحوريات ترقص مع الهة الاغريق. كانت الغرفة تتسم بالوثنية مثل الرجل الذي يراقبها برأسه الاسود الذي اسنده على ظهر الاريكة الحمراء. قالت:
" لابد اننا نعيش في قرن اخر غير هذا القرن كأن الزمن توقف هنا وان ايام الثأر والمبارزات وصيد الصقور مازالت تعيش بيننا "
" هل ضايقك ذلك؟ ربما تمتين بصلة لتلك الايام. لديك سمة العصور الوسطى التي قيل انها تعود تحيا على بعض الوجوه. انها سمة من الكآبة والحزن "
سألته:
" هل لي ان ابتسم يا مارك؟ "
وبينما كانت رافينا تسأله التقت بعينيه الحالكتين السواد. نزعة الثأر بدأت تموج في اعماقه ولن يسلم شرفه حتى يدفع برينين ثمن موت دريستي ويطفئ لهيب الالم الذي يحرق قلبه. وتحولت نظراتها الى النار واللهب الذي راح يسري في اطراف الحطب وفكرت ان تهرب من مارك كان في متناول يدها اذ كتب لها رودري ذات مرة رسالة بعث بها من استراليا متوسلا لها والى ابيها ان يلحقا به هناك لانه اصبح يفتقدهما كثيرا ولكن نيوسوث ويلز
كانت تبدو لها نهاية العالم وان الرحلة منهكة لجاردي.
سألها مارك:
" هل انت قلقة على جاردي؟ "
انتابها توتر مفاجئ اليس غريبا ان مارك يقرأ افكارها. اجابت بصوت يشوبه الالم:
" انا..انا افتقده "
" هذا شئ طبيعي "
" اوه....مارك "
واحست كأن سكينا يغوص في قلبها واردفت تقول:
" هل تهمك مشاعري..وهل يقلقك انني اشعر بالاسى لبعادي عنه..ان عزائي الوحيد هو وجود رودري معه "
وخيم صمت مطبق عقب ان تفوهت بكلماتها وتطلعت الى مارك ورأت الشرر يتطاير من عينيه فقال:
" اذن رودري برينين موجود في رافنهول. انه برينين الذي توجهت اليه لمقابلته عقب زواجنا مباشرة. وكان يجب عليك رؤيته! كان من المحتم عليك تحذيره لكي يكون بعيدا عن طريقي "
قال بيأس:
" اجل ارسل برقية وكان لزاما علي ان اراه. كنت خائفة للغاية "
سألها :
" خائفة على عنقه الثمين؟ "
كانت عيناه تتألقان بوميض يجذبها اليهما ويغرقها في بحرهما فقفزت واقفة على قدميها وفي قفزتها اقتربت حافة ثوبها من لهيب النار وتعلق لسان من السنة النر بحافته وعندما ادركت الخطر الداهم اطلقت صرخة ووجدت الماء ينسكب من دورق زجاجي واحست بيدين تمسكان با وترفعانها بعيدا عن النار.
قال مارك:
" ايتها الحمقاء الصغيرة !"
ولاح امتقاع لون وجهه تحت جلده المحترق فبدت الندبات جلية واضحه. واردف يقول:
" هل اعماك رودري برينين حتى اصبحت لا ترين شيئا ابدا "
وراحت يداه تعالجان الكدمات التي لحقت بها وكانت تنورة ثوبها المخملي بللها الماء واصبح غير صالح للارتداء. ولم تعد ترى سوى جانب وجهه المحترق والجحيم الذي ذاقت به ذرعا وقالت معارضة لا مدافعة:
" لا "
وكانت صرخة اطلقتها ضد الالم الذي قتل شعور الرقة فيه وكل اتزان في نفسه. وتركها ترحل عنه وادار وجهه بعيدا عنها وقال لها:
" خير لك ان تتوجهي الى الدور العلوي لتستبلي ثيابك المبتلة وسألحق بك بعد فترة "
تركته واتخذت سبيلها عبر الصالة وارتقت الدرجات وارتجفت بردا عندما لمست اصابعها ثوبها المبتل الذي شوهه الحريق فلن يكون في وسع مارك ان يدع الرسام يمسك فرشاته ليرسمها وهي مرتدية هذا الثوب المشوه. انه سيجف حتما ولكن الحروق افسدته وشعرت بارتياح حينما وصلت غرفتها في البرج وخلعت الثوب. كانت اغطية الفراش مطوية وعليها ملابس النوم فأرتدت ثيابها على ضوء المصباح والنار المشتعلة في المدفأة ثم جلست فوق مقعد مستدير وراحت تتأمل الوهج الاخير للنار.

ماري-أنطوانيت
02-07-2007, 14:15
كانت هذه ليلة زفافها...ولا جدوى ان تسأل مارك امهالها حتى تعتاد عليه وعلى بيته..اجفلت عندما سمعته يدخل الغرفة المجاورة ومع مرور الثواني ازداد قلقها وراحت تعبث بخاتم زواجها الذهبي الذي احست به ثقيلا في اصبعها وسمعت صوت سقوط مفتاح على المنضدة وحرير السرير الذي نم عن جلوس مارك على حافته ليخلع حذائه.
لم تستطع رافينا ان تبارح مقعدها حينما فتح باب الغرفة المجاورة فجأة ووجدته ماثلا امام عينيها في روبه الحريري الاسود وراحت تحدق فيه بعينيها الواسعتان وقد استحال لونها الى صفرة اشبه بصفرة ثوبها.
قال لها بينما شعرها الاحمر ينسدل مسترخيا على كتفيها:
" يجب الا تجلسي هكذا فالنار ذوت تقريبا اقفزي الى فراشك "
ولكن رافينا لم تستطع التحرك من مكانها وبدت الغرفة يثقلها ظله حينما اقبل عليها ورفعها من فوق المقعد وحملها الى السرير ووضعها على الفراش واقترب بوجهه منها ورأت الغضب مازال يتطاير من عينيه.
اصبح يعرف الان انها كانت بصحبة رودري حينما اختفت من قاعة الاستقبال في يوم زفافها وانه لن يغفر لها ما فعلته. قال لها وهو يجدل خصلات شعرها الاحمر حول عنقها:
" ايتها الساحرة الصغيرة "
انتابتها رجفة لم تستطع السيطرة عليها لان رودري وحده كان يناديها بعبارة الساحرة الصغيرة فأغمضت عينيها حتى لا ترى وجه مارك المعذب في ضوء المصباح. قالت له صائحة:
" اطفئ المصباح..اطفئ المصباح "
وخيم الصمت... وسمعت صوت فرقعة ولم يكن صوت اطفاء المصباح وانما صوت مزلاج الباب الذي اغلقه مارك بعد مغادرته غرفة النوم اذ تركها وحدها بينما كانت خصلة الشعر مازالت مجدولة حول عنقها والدموع تنهمر على وجنتيها.





***نهاية الفصل الثاني***

آن همبسون
03-07-2007, 18:57
مجهود رائع ياملكتنــــا

الله يعطيك الصحة والعــــــــــافية حبوبـــة ولا يحرمنـــــــــــــــــا من روايـــــــاتك الحلوووووووووووة


وننتظر التكملــــــــــــة بفااااارغ الصبـــــــــــــر


لا عدمنـــــــــــــــــــاك

ماري-أنطوانيت
03-07-2007, 19:33
3-رجل لا كالرجال


اخيرا نامت رافينا بعد ليلة حالكة وسهاد طويل. وعندما استيقظت في الصباح كانت الشمس تتسلل الى غرفة نومها تحمل معها الدفء وشذى الاعشاب ونسمة البحر. ظلت في فراش العرس تتأمل الغرفة ووقع بصرها على المقعد المستدير قرب المملكة فتذكرت انها جلست عليه بانتظار مارك وحملها كالطفل بين ذراعيه وربما لسلوكها الطفولي معه تركها ولم يمسها. فنشجت بالبكاء ونامت وحدها في غرفة الزفاف.
غادرت الفراش لتجد دلوا نحاسيا مملوءا بالماء الدافئ واستمتعت بحمام اعاد الانتعاش اليها ثم فتحت خزانة ملابسها واحست برغبة تحدوها ان تتمتع بالحرية والانطلاق خلال يومها فاختارت بلوزة ملونة وسرولا فضفاضا ومشطت شعرها وارسلته على ظهرها ووضعت لمسة من احمر الخدود لتخفي معالم شحوب وجهها الذي نجم عن التوتر الذي كابدته خلال اول ليلة امضتها في الكازا. وعندما اتخذت طريقها للخروج من الغرفة وشرعت تهبط درجات السلم الحلزوني للبرج شعرت بالجوع ينشب اظفاره في معدتها. ولم تجد اي اشارة تنم عن وجود مارك افترضت انه يقوم بجولة تفقدية على البساتين وحقول الكرم التي تحيط بالكازا. وبدأت رافينا تتسائل اذا كان البيت قد هجره اهله عندها رأت رينزيو يعبر الصالة في سترته البيضاء ثم قال لها بالايطالية وهو يحدق في سروالها الفضفاض:
" صباح الخير يا بادرونسيتا "
قالت له بالانجليزية:
" احب ان اتناول طعام الافطار يا رينزيو "
وكانت تعلم انه يفهم الانجليزية لان مارك اخبرها اثناء تناول طعام العشاء بأن رينزو كان يعمل في فنادق اوروبا.
قال:
" البادرون لم يعد بعد من جولته الصباحية وعلى البادرونسيتا ان تنتظره لتنضم اليه في الشرفة المطلة على البحر حيث اعتاد تناول افطاره"
بدت رغبة شفافة في نظرتها وهي تسأله:
" الشرفة التي تطل على البحر؟ انني لم ارها...هل تقودني اليها؟ "
وانحنى رينزيو ثم سار في ممر ضيق وعبرا مدخلا يؤدي الى الشرفة التي امتلأت بأشعة الشمس والمفعمة بهواء البحر وكانت الشرفة تبرز من الامام لتطل على البحر مباشرة ومحاطة بسياج من القضبان الحديدية تأمينا لسلامة الواقفين. وتمتم رينزيو قائلا:
" البادرونسيتا سوف تنتظر وصول طعام الافطار "
قالت: " اجل "
وسارت الى نهاية الشرفة مأخوذة بمنظر الجبال والامواج تتكسر فوق الصخور التي تجمعت على الشاطئ كأنها اطلال قلاع محطمة وشاهدت النسور ترفر فوق صفحة المياه ادهشها ان يحب مارك تناول طعام الافطار في مثل هذا المكان. هذا الملك الذي يتمتع بمشاهدة هذه المناظر الطبيعي وسيد هذا البيت الكبير القائم على المعقل الصخري...هاهنا ملأت المرارة فمه فقسا قلبه بعد موت ابنه دريستي وخاصة انه يملك كل هذه القرى بلا ابن يرثها. وقفت رافينا عند سور الشرفة والريح تعبث بشعرها وعلى سماتها ملامح العروس الاسيرة وكانت تعلم ان مارك سينظم اليها حالا فتوترت اعصابها من مقابلته بعد الموقف الدرامي الذي شاب فراقهما ليلة امس وانذرتها اعصابها بدنو وصوله قبل انتسمع وقع خطواته فوق ارضية الشرفة. امتلأ الجو بشحنة كهربائية استطاعت ان تشعر بها وهي تسري في عمودها الفقري الذي تجمد عندما وقف وراءها وهو يقول:
" صباح الخير. اظن انه لم يستغرق منك وقت طويل حتى تعثري على وكري اخبريني كيف ترين الكازا والبقاع المحاطة بها بعدما اشرقت عليها شمس الصباح "
قالت:
" اكثر وثنية مما كنت اتصور "
وشعرت بضربات نبضها عندما تحولت لمواجهته ووجدته يتأمل الشمس وهي تسقط بأشعتها على شعرها وكانت تتوقع ان تلاقي منه برودا هادئا ومقاطعة مهذبة بعد ما حدث ليلة امس ولكنه ابتسم ورفع حاجبا متعجبا للملاحظة التي ابدتها وسألها:
" هل ترينه وكر قاطع طريق يحتفظ بك رهينة انتظارا لفدية يدفعها اهلك لانقاذك؟ "
وتناول يدها التي تتحلى اصابعها بخواتمه واحنى رأسه الاسود ومست شفتاه يدها فاشتمت رائحة ثمار الليمون عالقة بثيابه كان اذا يقوم بجولة في حقول الليمون التي نضجت وغدت معدة للعصر وتعبئة عصيرها في مصانع الحمضيات التي على مبعدة من الجزيرة ذلك ان دي كورزيو ماركة مميزة على جميع المشروبات المماثلة. وتتمثل

ماري-أنطوانيت
03-07-2007, 19:39
الماركة بصورة نمر جاثم فوق صخرة يلعق الماء من نهر متدفق.
سألها وفي صوته نبرة سخرية:
" هل استمتعت بنوم عميق؟ "
لم تستطع ان تتطلع الى نظراته وهي تجيب على سؤاله بأنها نامت نوم عميقا. قال: " حسنا " وتحول عنها عندما ظهر رينزيو في الشرفة وهو يحمل صينية عليها الوان من الطعام ويتبعه خادم صغير السن يحمل دورق القهوة. وراح الخادم الصغير يحدق في شعر رافينا الاحمر لانه اعتاد ان يرى فتيات كاسيل دي توري بشعر حالك السواد واضطر رينزيو الى ان يزجره فانصرف خائفا وشعرت بان الخادم الذعور بعث في اعماقها بمزيد من الغربة عن ذي قبل وقام رينزيو باعداد مقعد امام المائدة جلست عليه رافينا فقال له مارك:
" يمكننا ان ندبر امر افطارنا بأنفسنا "
قال لها:
" يبدو سلوكك غريبا معهم "
وراحت تراقبه وهو يصب لها القهوة ويقدم لها طبقا من حلوى التروفيل وشريحة من الخبز المقدد. واستطردت تقول:
" انهم غرباء بالنسبة الي. انك لا تتصور ماهية شعوري يا مارك نصف حالمة لا اكاد اتصور ان هذا المكان واقع حقيقي. وان زواجنا تم فعلا "
قال لها:
" تناولي طعامك يا رافينا. ان التروفل مثل الحب يفقد شيئا من نكهته عندما يصبح باردا "
وكانت رافينا تشعر دائما بقبضة تعتصر قلبها اذا ما بدأ يتحدث عن الحب. ماذا يقصد بالحب؟ ان يمسك بها بين ذراعيه يمتلكها دون ان يشعر بأية حرارة مما كان يشعر بها نحو دوناتا...فتاة الجنوب التي فقدها كما فقد دريستي. كسرت رافينا الخبز ودهنته بالزبدة ووجدت التروفل حلو المذاق واللحم لذيذ وحاولت الا تفكر بطعام الافطار الذي اعتادت ان تتناوله مع جارديوقريبا من جبال ويلز المألوفة لديها ومن وراء نوافذ رافنهول.
سألته:
" هل تتناول جدتك طعام الافطار في غرفتها؟ "
" اجل...لانونا بدأت تشعر بسنها المتقدم وغالبا ما تمضي الليل تكابد الارق فينتابها الاعياء في الصباح وقد اعنادت وصيفتها بابتستا ان تقرأ لها اذا جافاها النوم. ستجدين القوة في شخصية السردي فلا يلتبس عليك الامر فتظنين انهم يفتقدون الحنان. وحينما تعتاد لانونا عليك وتتقبل حقيقة كونك زوجتي ستكتشفين انها اقل تهكما عما حدث حينما التقيت بها يوم مجيئك "
لم تستطع رافينا ان تمنع نفسها من السؤال:
" هل هناك علاقة بين كون المرء سرديا وبين كلمة ساردونيك* ؟ "
" هل تظنين انني شخص متهكم مرير؟ "
قالت:
" بالتأكيد ان زواجنا اكبر دليل على مرارتك "
" اذن انا شخص مرير...وانت تشعرين انك ضحية لمرارتي "
" اعرف انه شئ فظيع بالنسبة اليك ان تجتاز هذا الشعور ولكنه دفعك الى ان تكون قاسيا وانه لقسوة منك يا مارك ان تتوقع ان يكون سلوكي ينم عن رغبة في انني اريد ان اكون هنا وما المسألة الا مجرد وقت اعد فيه نفسي كزوجة للتكيف على حب زوجها "
قال:
" لا اطلب ان تمنحيني حبك "
فسألته:
" لكنني اسأل عن نفسي انا...وماذا اريد؟ "
" اذا كنت تريدين رودري برينين فأظن انه خير لك ان تبقي معي "
وكانت كلماته باترة كحد السكين التي كان يستخدمها في قطع شريحة من البطيخ المفعمة بالعصير. سألها:
" هل تحبين ان تتناولي شريحة منها؟ ان بطيخ الجزيرة حلو المذاق "
هزت رأسها وقد تشبثت اصابعها بحافة المائدة عندما رأته يضيف السكر الى شريحة البطيخ وراح يلتهم الثمرة بهدوء يبعث على الجنون ورأت ان اهتمامه بها كامرأة لا يزيد عن اهتمامه بشريحة البطيخ.
سألته:
" هل تأذن لي بالانصراف؟ "
وامسكت بمنشفتها والقتها الى جانب طبقها وشعرت بنظراته مسلطة عليها عندما تركت المائدة وتوجهت نحو جدار الشرفة ووقفت تحدق في الجبال التي لمستها اشعة الشمس الذهبية ولقي الجمال الوثني للمنظر صدى



ارشادات:
ساردونيك معناها متهكم..وارادت الكاتبة ان تجد علاقة بينها وبين كلمة ساردي اي من سكان ساردينيا

ماري-أنطوانيت
03-07-2007, 19:40
لشعورها بالشقاء ورأت ان هذا المكان يجب الا يكون مضيئا وانما يجب ان يكتنفه الظلام الدامس حتى يتلائم مع حالة اليأس التي تكابدها.
سألها مارك:
" هل تذكرك جبالنا بويلز؟ "
" لا شئ هنا يذكرني بوطني "
" انت تحملين في نبرة صوتك برودة ويلز "
قالت:
" وفي قلبي ايضا...يا مارك "
واستدارت للتخذ وضع المدافع ثم اردفت تقول:
" الا يكفي اتك حصلت علي لا تطلب ان احب سجنك "
" يبدو لي كأنك تزمعين الثورة ضد الجزيرة...وضدي انا "
نهض واقفا وسار نحوها مثل النمر المتحفز للوثوب وحينما دنا منها رأت بوضوح الندوب محفورة على يديه فتذرعت بالصبر لكي تتحمل لمساته حينما ادار ذقنها واجبرها ان تنظر الى عينيه قائلا:
" هل تظنين انني تزوجتك لشعوري بالمرارة فقط؟ هناك شئ اكثر من هذا يا رافينا "
قالت:
" الرغبة...."
وشاب كلمتها احساس بالكراهية له.
قال وعلى شفتيه ابتسامة متهكمة:
" اجل...بعض من هذا بالاضافة الى انني اكتشفت انك مثيرة مزيج من البراءة والخداع. انت وحدك يا رافينا لديك القدرة ان تجعلي اعصابي تفلت مني او اسيطر عليها بسرعة. لديك روح عالية وانا لا احب تحطيم اي روح عالية "
" ولهذا السبب لا تحمل في يدك سوطا...لانك في غنى عنه؟ "
" الشخص الضعيف فقط يحتاج ان يمسك سوطا ليروض امرأة او حصانا "
" اذن انت تنوي ترويضي؟ "
هز رأسه وراح يدفع خصلة من شعره الى الوراء بعيدا عن حاجبيه ثم قال:
" لا...عندما نمتطي سويا جوادينا ربما ستعثرين لجواب على سؤالك وعندما نكون سويا على صفحة الماء وفي خضم العاصفة ستعرفينني اكثر. لست احب الاشياء التي تروض. انني سردي احب بربرية شمسنا في اوج الصيف وقوة الريح عندما تهب من الجبال ولسعات اشجار السرو ولطمات امواج البحر وسقوط حبات الزيتون تحت اشجارها. انا سردي يا عزيزتي! اننا لا نقبل اية تسوية للامور مذلة ولا نقبل ترويضا لاخضاع المرأة "
وعندما نظرت اليه عرفت السبب الذي دفعه الى ان يتركها ليلة امس فان الخوف الذي تملكها لم يجذبها اليه فالرجل يحب من المرأة ان تتحول دموعها الى ابتسامة وتشعره في انها بحاجة اليه فقالت فجأة:
" دعني ارحل يا مارك "
وتطلع اليها بابتسامة لوت شفته وابعد يديه عنها واستند على سور الشرفة الذي يحول دون سقوط المرء الى اعماق البحر واستطردت تقول:
" دعني ارحل الى وطني اعني ..حررني من هذا الزواج "
" هنا وطنك "
" يمكننا...يمكننا ان نفسخ هذا الزواج...يا مارك... "
وتحول ببصره ليحدق في امواج البحر الثائرة وبدا جانب وجهه المشوه مثل الحفر على وجه عملة برونزية وقال:
" تطلبين شيئا لا استطيع ان امنحك اياه. اطلبي ملابس...حلي...حديقة تزرعينها بالورود...حصانا لنفسك وفتيات يسعدهن التعرف عليك. لا ابخل بأي شئ ولكن في حدود المعقول "
" هل يعتبر فسخ الزواج شيئا بعيدا عن المعقول...اننا لم... "
قال مقاطعا حديثها:
" سيحدث يا رافينا...فقط انني لم استعد شيئا مما قلته لك يوم اتيت من رافنهول واخبرتك عن دريستي. سأمنحك كل شئ يمكن لرجل ان يقدمه لفتاة. فقط امنحيني طفلا منك انت يا رافينا بكبريائك وعينيك الجميلتين وولائك لأسرة برينين "
" الولاء! الولاء! " كانت الامواج تردد الكلمة في عقل رافينا وطيور البحر تصرخ عاليا وكان مارك وحده يرددها وهي تشعر امامها بالعجز يشل سكناتها.
قالت:
" الطفل يولد من الحب...كما ولد دريستي "
نظر اليها بخشونة فبدت اكثر غورا عن ذي قبل وقال:
" لن نتحدث عن دريستي ولكني اريد ان اريك بعضا من ضيعتي الشمس حارة ومن الافضل ان اعثر لك على قبعة "

ماري-أنطوانيت
03-07-2007, 19:42
وعثر مارك على قبعة قش في كهفه وهو غرفة فيها كل اسباب الاسترخاء والهدوء. ثبتت رافينا القبعة فوق رأسها دون الاستعانة بمرآة وسوت شعرها تحتها وجعلت حافتها تظلل عينيها.
" انت لست مغرورة بمظهرك "
" الغرور كالخوخ سهل الخدش وفي اي حال انا لست فاتنة "
قال مارك :
" انا سعيد بذلك. ان اي رجل يعيش في اعماقه شيطان الغيرة لا يستطيع ان يتحمل مغازلة احد لزوجته. تعالي دعيني اريك حدائق الليمون "
وفتح بابا يفضي الى الحدائق التي امتلأت بأشجار الليمون حيث راح عدد كبير من الرجال يتفحصون الثمار وتمهل مارك ليتحدث معهم وليقدم اليهم عروسه. وادركت رافينا انه يبغي بذلك ان يوطد اواصر زواجه فأصبحت في نظرهم امرأة البادرون واي تفكير في فسخ الزواج يقلل من قدر سيدهم ومكانته عندهم. وتذكرت انه قال لها في استعلاء وكبرياء:
" انا سردي "
وبدأت رافينا تدرك تماما ان الكبرياء والكرامة تعنيان الشئ الكثير لدى اهالي سردينيا...ساردينيا حيث تنمو ازهار الزيتون بين صخورها والشمس تغرق التراب بأشعتها وقوة الارض تكسو وجوه ناسها ورائحة الاعشاب واشجار السرو تملأ التلال التي انتشرت فوقها حدائق الزيتون.
كانت القرية تقع على قمة التل وابواب المنازل والنوافذ ضيقة وسطوحها تميل في انحدار واحد والحوانيت اشبه بالكهوف تنبعث منها رائحة الحبوب والاعشاب وقامت رافينا بجولة في القرية فشاهدت الكنيسة العتيقة ورأت النافورة التي تتوسط الميدان وكانت النساء قد تعودن على تعبئة جرارهن منها حتى تمديد انابيب الماء من الجبال الى البيوت. وادركت رافينا ان مارك بذل جهده لتوصيل الماء الى بيوت القرية ولمحت بعض النسوة جالسات امام الابواب يعملن في مغازل صغيرة كل واحدة تنحني برأسها للبادرون بينما تحدق في قوام رافينا النحيل وسروالها الفضفاض.
رؤية هؤلاء النسوة ذكرتها بدونا جوكاستا التي كانت تأمل ان يتخذ مارك عروسا من بنات جنسه ولم تستطع رافينا ان تقاوم رغبتها في ان تتطلع الى داخل البيوت فرأت الدجاج يمرح في الفناء والاثاث العاري من كل مخيط وكان الاطفال يتلقون تعليمهم في مدرسة القرية وعندما مرا ببابها قال مارك:
" المعلم السنيور لاندولفو يتناول احيانا طعام الغداء في الكازا "
وفي هذه اللحظة خرجت طفلة من المدرسة تبحث عن شئ فقدته على الارض وفجأة انحنى مارك ليلتقط منديلا سقط بالقرب من الباب وتحدث معها وهو يقدمه لها ولكنها ولت هاربة عندما رأت وجهه المشوه ورأته رافينا يسحق المنديل في قبضة يده ثم وضعه على قمة عمود الباب وواصلا سيرهما. قالت رافينا بسرعة:
" لا تأبه يا مارك "
ولأول مرة ادركت مدى الجرح الذي اصابه عندما فزعت الطفلة من رؤية الندبة الغائرة على وجهه وولت منه هاربة. ولمست ذراعه ولكنه سحبها بعيدا عنها ليس غضبا وانما كنوع من الشعور بالاستقلال والكبرياء.
قال:
" ليست هذه المرة الاولى التي ارى فيها النظرة الخاصة في العيون. تعالي ان هذه الدرجات الضيقة ستقودنا الى الممر المؤدي الى الكازا "
اشتدت حرارة الشمس ولمحت رافينا منظر البحر وودت لو تسأل مارك ان يتوجها الى الشاطئ فيرطبا اقدامهما في مياه البحر لكن صمته بعث القشعريرة في اوصالها وشعرت بالسعادة عندما بلغت اخيرا جدار فناء الكازا واخبرها ان هناك بعض الاوراق تنتظره في مكتبه ويريد انجازها. القى نظرة على ساعة يده وقال:
" يمكنك تسلية نفسك بأي شئ او ربما تحبين التحدث الى جدتي فهي في هذه الساعة تتناول قهوتها في صالونها واظن انك تشعرين بالجفاف في حلقك بعد رياضة المشي تحت اشعة الشمس "
وادركت رافينا انها لابد ان تعقد صداقتها مع لانونا اجلا او عاجلا فوافقت على اقتراحه بتناول فنجان من القهوة معها وقالت له وهو يسير نحو المكتبة:
"هل تنوي احتساء قهوتك...وحدك؟ "
فالتفت نحوها وهو يضع يده فوق مقبض باب مكتبه ثم قال لها:
" ان ما لا ابتغيه منك هو الشفقة "
وفتح الباب ودلف الى المكتب وحده. نزعت رافينا قبعتها وسوت شعرها ودخلت الصالون وكانت دونا جوكاستا جالسة تحتسي قهوتها وتدخن سيكارا رفيعا ولم تستطع رافينا ان تمنع نفسها من التطلع الى السكار وهي تقول:
" هل استطيع الانضمام اليك؟ "

ماري-أنطوانيت
03-07-2007, 19:44
القت لانونا رماد السكار وهي تقول:
" يوجد فنجان اضافي لماركوس اين هو؟ "
" لديه اعمال يريد انجازها في المكتبة "
" كنت اظن انك شغلته لتستمتعي برؤية القرية. تعالي واسكبي قهوتك لا تقفي هكذا نصف جسمك داخل الغرفة ونصفك الاخر خارجها "
اجابت رافينا بلهجة من يدافع عن نفسه:
" ارادني مارك ان ازور القرية "
وسحبت العجوز نفسا من سيكارتها بشكل ساخر وقالت:
" الم يقل لك ايضا ان تحاولي مصادقتي؟ "
ثم اضافت:
" انت بحاجة الى اكثر من عينين خضراوين لذلك "
وتحرك اندهاش عميق في داخل رافينا حين تبين لها انها ومارك على علاقةوطيدة وانها لا تعلم كم هي جزء من مأساة مقتل دريستي وتشوه حفيدها. ارتجفت يد رافينا قليلا وهي تسكب القهوة وسرت حين جلست في الكرسي المريح لان الاعصاب خانت قدميها. ولم تكن الدونا جوكاستا تقبلها لانها ليست من الجزيرة فكم سيكون كرهها لها اعمق لو عرفت سبب اختيار مارك لها عروسا .
سالتها العجوز:
" ه اعجبك شئ في بلدنا؟ "
قالت رافينا وهي ترتشف القهوة:
" انا اعتدت اناكون بنت قرية ولذا استمتعت بالتجول في القرية ووجدتها مثيرة للغاية "
قالت الجدة بتحامل:
" انت تتحدثين وكأنك تقومين بزيارة سريعة لها. يجب ان تعتبري كاسيل ديل توري من الان فصاعدا بيتا لك. هنا ستعيشين حيث تسلط الشمس اشعتها على جدران الكازا والرياح الشرقية تهب ساخنة وجافة وتدفع الاعصاب الى التوتر وعندما يأتي الشتاء تهطل الامطار فتتعرض الطرقات للمخاطر ولكنها لا تحول دون سفر مارك وحده فهو اعتاد على الا يصحب زوجته معه في مثل هذه الاحوال الجوية حتى لا تصبح الكازا تنعى الوحدة عندما يرحل في رحلات العمل "
قالت رافينا بيأس:
" انا...انا سوف ارحل معه. عندما يسافر الى بريطانيا سوف يأخذني معه. ان اهلي يعيشون هناك "
" اهل سردينيا يؤمنون ان مكان المرأة هو بيتها "
" مارك لن يتوقع مني ان اخضع لهذه القاعدة "
وسحبت دونا جاكوستا نفسا عميقا من سيكارها وقالت:
" وماذا تعرفين انت عن مارك بعد بضعة ايام من زواجك منه؟ انا تعهدته بنفسي منذ وفاة امه عند ولادته ورأيته يشب حتى اصبح رجلا هذا الرجل الذي لا تعرفينه...الرجل الذي كان قب الحادثة تتاهفت عليه فتيات القرية. وكان في وسعه ان يختار اجملهن... ذات العطر الفواح...والمزاج الحلو "
وتطلعت البادرونا العجوز مليا في وجه رافينا ثم اشارت الى خزانة خشبية تستند الى الحائط وقالت لها:
" اذهبي وافتحي الدرج الثاني وستجدين في داخله اطار صور من الجلد احضريه لي "
وامتثلت رافينا لطلبها فتوجهت الى الخزانة وفتحت الدرج الثاني وشاهدت اطارا جلديا من النوع الذي يضم صورتين فأحضرته ادونا جاكوستا التي قالت:
" افتحيه وشاهدي الصور "
واطاعت رافينا بينما قلبها يخفق خفقات سريعة وكما توقعت كان الالبوم يضم صورتين احداهما صورة لعروسين والاخرى صورة شخصية لمارك فتطلعت اليها ورأت وجه شاب نحيل شديد الجاذبية عيناه السوداوان تضحكان ويملاهما الفرح والرغبة في الحياة وفمه جسور ينعطف حادا مما يتوافق مع حاجبه الايسر. كانت هذه هي ملامح صورته منذ ستة اعوام اما الصورة الاخرى لمارك فلم تكن معروفة لها وهي صورة زواجه بفتاة مشرقة ترتدي طرحة تحيط بشعرها الاسود وعينيها المخمليتين. وسألتها دونا جاكوستا:
" هل تعرفين ان زوجة حفيدي الاولى كانت بهذه الصورة الجميلة ولها لوحة زيتية في برج المادونا تصوري روعة جمالها حينما كانت هي ومارك في اوج سعادتهما. يجب ان تذهبي لمشاهتها. دوناتا كانت حقا هدية من السماء لرجل مثل حفيدي وعندما استعادتها السماء اخذت معها معظم قلبه. وعندما مات طفلهما ادرك مارك بأنه لن يحب مرة اخرى بالرغم من انه كان من المحتم عليه ان يعيش مرة ثانية "

ماري-أنطوانيت
03-07-2007, 19:46
واطفأت سيكارها في مطفأة نحاسية وكانت طريقة اطفاء السيكار لها دلالتها الواضحة وكأنها تريد ان تؤكد لها ان الحب لن يستطيع ان يندلع مرة اخرى في قلب مارك. قالت الجدة:
" من فضلك ارجعي اطار الصور الى الدرج ثانية. انها ذكرى مؤلمة لمارك ولذلك احتفظ بها سرا "
واطاعتها رافينا طاعة عمياء ولكن الوجوه التي رأتها في الصور راحت تجول في اعماق عقلها ويطردها شبح سعادتهما وعندما عادت تواجه لانونا قالت لها:
" ارجو ان نكون اصدقاء اما اذا اصررت على معاملتي كانسان غريب..."
قاطعتها الجدة قائلة بوضوح:
" انت فعلا غريبة دخلت المنزل ليلة امس وكأنك اتيت ضد رغبتك هل كنت تأملين ان يعيش حفيدي معك في بريطانيا "
واطلقت الجدة ضحكة ازدراء ثم واصلت حديثها :
" انت تزوجت من سردي وجذوره ضاربة في هذه الارض وارضه هي حياته. وتزوج ثانية مثلما يفعل عندما يريد ان يزرع ارضه من جديد بعد موسم الحصاد...انه يريد ابنا له "
واشاحت رافينا بوجهها عندما احست بالعداوة في عيني الجدة التي راحت تتفحص قوامها النحيل وقالت لها:
" مارك احمق. ان اي فتاة في الجزيرة تستطيع ان تمنحه نصف دسته اطفال اذ يبدو من تصرفاتك كأنك لم ترغبي يوما في ان يلمسك رجل "
وكانت ملاحظة شديدة ابدتها دونا جاكوست التي رأت جانبا من الحياة فأصبح في وسعها ان تتبين بوضوح نظرة العروس المدلهة بالحب وقد رأت من رافينا موقف الممانعة متخذة مظهر الانسانة الاسيرة وكأن افكارها واشواقها تعيش على مبعدة اميال سألتها لانونا:
" هل انت شقية؟ "
بدأت رافينا تسير نحو الباب وهي تقول:
" كيف اكون سعيدة وانت تقولين لي انني افتقد المزايا التي يجب ان تتوفر في الزوجة. لست محبوبة ولا يرحب احد بوجودي ومع ذلك لا استطيع ان اعد حقيبتي وارحل بحرية من هذا البيت "
وجذبت الباب تفتحه واسرعت تهرب من صالونها وانزوت في كهف مارك راغبة الا يعثر عليها احد. كان موعد تناول طعام الغذاء قد حان وعثر عليها رينزو ولكنها تمسكت بالصمت وهي تتناول الطعام مع مارك وجدته. وعندما غادرتهما الجدة لتستمتع بالقيلولة علمت رافينا من زوجها ان حفل الزفاف قد اعده اهل الضيعة وسيقام هذه الليلة. واشعل مارك سيكارا واستلقى على المقعد ثم قال:
" هذا الحفل دائما يقام عندما يتخذ البادرون لنفسه زوجه. سوف تستمتعين به وسيرقص الشباب رقصة ايطاليا الشعبية...الترنتيلة. وسترتدي الفتيات ثيابهن القومية وستنتخب فتاة منهن لتقدم لك هدية "
وعضت رافينا شفتيها ورأت بعيني خيالها وجه دوناتا المشرق فقالت:
" ولكن يا مارك هذا معناه انه لم يسبق لك الزواج من قبل "
لاحت مظاهر القوة في عينيه وعلى فكه وهو يقول :
" سيقام الحفل وعشيرتي في انتظاري. انهم يعملون بجد واهتمام وعند حدوث مناسبة سعيدة يمرحون بحماس شديد وانت يا سنيورا دي كورزيو ستشعرين بالسعادة وانت مرتدية اجمل اثوابك "
قالت له:
" هل نسيت انك القيت الماء البارد ليلة امس على اجمل اثوابي "
قال:
" اجل حتى انقذك من الاحتراق وانا اعرف كيف يشعر المرء عندما يلسعه نار الحريق "
قالت:
" مارك انني اسفة لانني ابدو بلهاء في موقفي تجاه الحفل. لم اتوقع اقامته..و.. "
واكمل كلامها :
" والحديث الذي تبادلته مع لانونا ترك في نفسك شعورا بالاكتئاب "
ومال بجسمه الى الامام وتطلع مليا الى وجهها وكانت رافينا تجلس على وسادة وذراعيها حول ركبتيها فبدت صغيرة السن ووقورة. واردف سألها:
" ماذا قالت لك جدتي؟ هيا اخبريني "
" هي...حسنا... قالت انك سوف تتركني في الكازا عندما تقوم برحلات العمل. لي الحق يا مارك...."
فقاطعها قائلا:
" في ان تكوني بصحبتي.. اليس كذلك؟ "
" ان ارى جاردي عندما تذهب الى بريطانيا "

ماري-أنطوانيت
03-07-2007, 19:50
قال مارك وهو يعود بظهره الى الوراء ويرفع يده ليدخن السيكار:
" مفهوم ولكنني لن اذهب الى بريطانيا الا بعد فترة طويلة. رحلتي المقبلة ستكون الى روما "
قالت:
" مارك...هل تدعني اذهب معك "
ولم تكن رافينا تتصور انها سوف تبقى في هذا المنزل الغريب المسكون بتلك الفتاة التي تضع طرحة فوق شعرها الاسود وصورتها المعلقة في برج المادونا والتي رحب بها الجميع واردفت رافينا تقول:
" اعتدت ان اتجول بطريقتي الخاصة ولن اكون مصدر ازعاج وسأبتعد عن طريقك عندما تلتقي بالناس لتجري معهم محادثات العمل "
ولاح لها ان وقتا طويلا انقضى قبل ان يقول لها متهكما:
" طبعا سأصحبك معي لانني اذا تركتك هنا وحدك ربما تفكرين في الهرب ثانية "
وتصاعد دخان سكاره فاختلط بأشعة الشمس التي كانت تتدفق عبر النوافذ النصف مفتوحة وكان لون عينيه السوداوين عميقا وكان جانب وجهه غارقا في الظل فلم تجد الامر هينا لان تشكره على وعده لصحبتها معه في رحلته الى روما. انه يريدها معه لتظل تحت بصره ولم تعد تثق في عدم ثروته اذا ما فكرت في الهروب مرة ثانية. سألته سريعا:
" هل زرت روما من قبل؟ "
قال: " اجل "
ونزع بتفكيره الى الماضي وكأنما كان يتطلع الى الاماكن التي رأها ويحمل لها اجمل الذكريات ثم عاد الى الحاضر ليستطرد قائلا:
" قضيت شهر العسل هناك! "






***نهاية الفصل الثالث***

ماري-أنطوانيت
03-07-2007, 19:55
مجهود رائع ياملكتنــــا

الله يعطيك الصحة والعــــــــــافية حبوبـــة ولا يحرمنـــــــــــــــــا من روايـــــــاتك الحلوووووووووووة


وننتظر التكملــــــــــــة بفااااارغ الصبـــــــــــــر


لا عدمنـــــــــــــــــــاك





اهليييييييييييييييين الغالية آن......

مشكوره حبيبتي والله لا يحرمنا بعد من طلاتك الحلوه ..:D :D

البدر المضاء
04-07-2007, 01:26
http://www.up07.com/up3/uploads/27a944fef6.gif (http://www.up07.com/up3/)

مشكووووووووووورة اختي ماري والله الرواية بدايتها روعة بإنتظار التكملة والله
متحمسة اقرأ الباقي اتمنى ماتتأخرين
والله ابدعتي على الرغم من غياب باقي الاعضاء
http://www.up07.com/up3/uploads/e2a0ce0b47.gif (http://www.up07.com/up3/)

وهذي على الجهد المبذول ومشكوووووورة ومازلت بالإنتظار للنهاية

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 10:07
http://www.up07.com/up3/uploads/27a944fef6.gif (http://www.up07.com/up3/)

مشكووووووووووورة اختي ماري والله الرواية بدايتها روعة بإنتظار التكملة والله
متحمسة اقرأ الباقي اتمنى ماتتأخرين
والله ابدعتي على الرغم من غياب باقي الاعضاء
http://www.up07.com/up3/uploads/e2a0ce0b47.gif (http://www.up07.com/up3/)

وهذي على الجهد المبذول ومشكوووووورة ومازلت بالإنتظار للنهاية




الغالية البدر المضاء...

والله منوره المشروع بضوءك الفضي الحلو....::سعادة::

والله اخجلتيني حبيبتي ومشكوووووووووره جدا على الاهداء الحلو http://wWw.ReemDubai.Com/uploader/2007/0714c84711.gif (http://wWw.ReemDubai.Com/uploader)

وان شاء الله ما اتأخر عليكم والتكمله جايه عن قريب.....

BonBony
04-07-2007, 10:09
فى الحقيقة المجهود أكثر من رائع

قرأت جميع القصص التى نزلت بالموضوع

ذوق راقى وعرض شيق وجذاب

شكراً وفى إنتظار المزيد

أختكم بونبونى

*لميس*
04-07-2007, 14:15
ماري .. ماري .. ماري ؟؟


أين الملكة ياترى؟؟


ملكت القلوب وتوارت عن الأنظار..!!


قدمت لنا روايه جميله .. شيقه .. وجعلتنا نقدم على الإنتظار


الحار!!


***************


هههه شفتي إيش يسوي الإنتظار؟؟؟؟


الحين قبل يومين كاتبه خطاب عتاب طول وعرض عن خمود


الموضوع....


وأخر شئ أنا اللي تركته!!:D :D :D


سامحوني


تخربط دماغي من القصص اللي أقرأها ولما خلصت الروايه اللي


بيدي ركضت للموضوع


والروايه رووووووووووووووووعه


تعبناك حبيبتي ومشكوره عالمجهود الكبير كثيرا كثيرا كثيرا::سعادة:: ::سعادة::


انا بالإنتظار


:مرتبك: :مرتبك: :مرتبك:
:مرتبك: :مرتبك:
:مرتبك:

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 14:19
4-الظبي والجزيرة


زادت ظلمة الليل باختفاء القمر وازدادت النجوم تألقا وبهاء. وامتلأ المكان بشذى الزهور ورافينا واقفة وحيدة في الشرفة المطلة على البحر تستجمع شجاعتها لتبدو مرحة في الحفل فبعد قليل تتدفق جحافل الناس الى فناء الدار وتضاء المصابيح وتبدأ جوقة الموسيقى بالعزف. ارتدت رافينا ثوبا رائعا لم تجرؤ السؤال عن صاحبته وانما وجدته على فراشها في غرفة برج الفارس وزاد الثوب من تألق سحر عينيها وابرز فتنة وجهها وانتظرت في عصبية حتى يراها مارك وسمعت وقع خطواته الهادئة تعبر ارضية الشرفة حتى وقف بجوارها وامسك برسغها وادارها نحوه لينظر اليها ولم تتفوه بكلمة عندما راحت عيناه تتأملان مظهرها في ثوب الجزيرة.
قال:
" كم انت فاتنة ولكن ارجوك ان تبتسمي الثوب يخص جدتي وقد طرأت لي فكرة انه يناسبك "
وبدت الدهشة في نظرات رافينا وقالت:
" هل تقصد ان لانونا سمحت لي بارتدائه؟ "
تلألأت اسنانه وسط وجهه البرونزي في ابتسامة وقال:
" ليست لانونا...انما جدتي السلتية ديلمزا التي كانت تتحلى بصليب وهي ترتدي هذا الثوب "
حكت اصابعه عنقها وهو يثبت حوله السلسلة الذهبية التي تحمل الصليب المرصع باللآلئ واستقر الصليب على صدرها ولمسته رافينا فأحست الدفء الذي بقي فيه من يد مارك. فتمتمت قائلة:
" كم هو جميل. شكرا لك يا مارك لانك سمحت لي بارتدائه هذه الليلة "
" انا اعطيته لك "
" ولكن...."
ووضع مارك اصبعه فوق شفتيها ليمنعها من مواصلة الحديث وقال:
" لم يرتده احد سوى ديملزا وقد قدمه لها جدي عندما جاءت الى هنا "
وشعرت رافينا فجأة بالدموع تحرق مآقيها فقالت:
" مارك احيانا تبدو رحيما للغاية "
وعرفت يداه طريقهما الى وسطها وقال لها:
" ولكني في اغلب الاحيان ابدو قاسيا اليس كذلك؟....كم احب ان تقبليني يا رافينا "

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 14:28
ووقفت رافينا على اطراف اصابع قدميها وكانت تنتعل خفي ديملزا الاسودين وقد زينا بشرائط وردية ثم مست شفتاها خد مارك غير المشوه وفجأة شعرت به يتوتر فقد ادرك انها لا تستطيع ان تحتمل لمس ندوبه لأن التفكير في لمسها كان يثير الرعب في قلبها. واحكم قبضة يده حول وسطها فمالت برأسها الى الوراء وزادت عيناها الخضراوان اتساعا عندما مال بوجهه نحو وجهها وظنت انه سيقبلها ولكنه قال:
" كان يجب ان يكون الحفل تنكريا...ما رأيك لو انني غطيت وجهي؟ "
انطلقت من بين شفتيها صرخة قائلة:
" مارك...لم اقصد..."
ولكن قاطعها قائلا:
" وجهي يفزعك...كما افزع تلك الطفلة التي خرجت من المدرسة "
" كفى...."
" افزعك ولكنك ستتعلمين كيف تعيشين معه مثلي"
وانسحب وقد ثبت ربطة عنقه وارتدى سترة سوداء وقميصا ابيض اللون ثم قال:
" تعالي..من الافضل ان نهبط لمقابلة الناس الذين وصلوا فالحفل اوشك على الابتداء "
وكان الفناء حاشدا بالناس رجالا ونساء يرتدون افخر ثيابهم يحدوهم المرح والضحك وبدا حب الاستطلاع في عيونهم عندما ظهر مارك في الفناء بصحبة عروسه الشابة فصاحوا:
" مرحبا بك في منزلك يا بدرون جئنا للاحتفال بالزواج السعيد "
واقبل عدد كبير منهم لتحية رافينا. البعض يضغط على يدها والبعض يقبلها واحست ان ابتسامتها تجمدت على شفتيها ازاء الطريقة المتكلفة التي تنظر بها النسوة اليها وادركت انهن يقمن بمقارنتها بالعروس التي سبقتها ووقفت الى جوار مارك. كانت دوناتا واحدة منهن مشرقة ذات وشاح يكسو شعرها الاسود مثل لون بشرة مارك اما هي فشعرها احمر اللون وبشرتها شاحبة. شعرت رافينا بالتوتر وودت ان تبكي. واحست بالمهانة من الصورة التي تعرض بها على الجميع ولكن سرعان ما زايلتها هذه المحنة عندما اقبل الخدم يحملون اللحم الذي تنبعث منه رائحة الشواء والخبز واطباق المكرونة والزيتون والجبن والطماطم والفاكهة وقناني الشراب الاحمر والابيض وملئت الكؤوس وشرب الجميع نخب البادرون وعروسه وهم يرددون قائلين:
" مبروك...فالتباركما السيدة العذراء "

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 14:35
واجبرت رافينا ان تجلس بجوار دونا جوكاستا وعدد من صديقاتها وانهلن عليها بالاسئلة العديدة وكانت لانونا تقوم بترجمة فحواها لرافينا التي اجابت عنها افضل اجابة وكم كانت سعادتها عندما بدأت رقصة الترانتيلة.
لم تشاهد رافينا الرقصة من قبل وشعرت بعد لحظة بسحرها وخاصة بعدما بدأ الرجال يتسللون الى داخل الحلقة التي عقدها بعضهم وشرعت الموسيقى تسارع في وقعها وبدأت الفتيات في نداء اسماء الشبان الذين يعجبن بهم. وكانت فتاة فاتنة تقف بالقرب من رافينا عندما التقطت زهرة من شعرها والقت بها الى راقص خبير في الرقصة فأمسك بالزهرة ووضعها بين اسنانه البيضاء وترددت ضحكات لم يسبق لرافينا ان سمعتها كانت ضحكات اناس يشتغلون بجد واهتمام ويلعبون بحماسة شديدة وتجري في عروقهم حرارة الشمس الساخنة والريح العاتية وجمال الجزيرة المتوحش.
وعندما انتهت الرقصة بدأ الراقصون يرطبون حلوقهم باحتساء الشراب بينما كان عازف الجيتار يشدو بأغنية عاطفية وكانت رافينا تراقب كل ما يجري فرأت مارك يتحدث الى بعض رجاله...ربما كانوا هم هؤلاء الذين سارعوا الى اطفاء السنة الحريق التي كانت امتدت عليه. كانت رافينا تحاول ان تتوارى في الظلال بينما كان مارك يدور بنظراته بحثا عنها وكشف المصباح عن الصرامة التي ارتسمت على ملامح وجهه. قال له احد الرجال بصوت عالي:
" بادرون يجب ان نذهب لصيد السمك عندما يحين الوقت. اه يجب ان نصطاد بالرمح حوتا رهيبا "
قال رجل اخر ضاحكا: " الرجل صياد وعليه ان يجد فريسته "
لطم الرجل الاول ظهر الرجل الاخر وقال:
" انت تتكلم عن النساء وتقارن بين صيدهن وصيد السمك. ان صيد النساء افضل رياضة للرجال لانه في الحقيقة ليس من السهل ترويضهن. ما قولك يا بادرون في ان المرأة في ان المرأة الايفة اشبه بالمعكرونة الخالية من الصلصة "
اجابه ماركوهو يبحث بعينيه عن رافينا:
" المرأة التي لا تتشاجر معها ثمنها يقل. انها تحتل قلب الحياة وحيثما توجد الحياة لابد من نشوب معركة "
ضحك الرجال وراحت عيونهم تتفحص النساء في ثيابهن الملونة وكانت هالة من الكبرياء والصراحة تحيط بهن دون ادنى لمحة من خضوع في سلوكهن. وتقدمت فتاة فأزاحت الوشاح الذي يغطي رأس رافينا ومررت اصابعها فوق وجنتها وهي تتمتم: " سيدتي العاشقة "
وكشف صوت الفتاة المرتعش عن المكان الذي اختبأت فيه رافينا فأضطرت هذه ان تتسلل من مخبئها وتقف في دائرة ضوء المصباح وفي الحال رأها مارك وعندما اقترب منها احست بأنفاسه تلفح عنقها وكان طويلا اسمر اللون يحدق فيها بنظرة تنبئ الجميع بأنها ملك له.
سألها بصوت ساخر:
" هل استمتعت بالحفل؟ كما ترين الرجال يرقصون مع زوجاتهم وسيبدو الامر غريبا لو اننا لم ننضم اليهم في رقصهم "
وجذبها الى حلبة الرقص وكانت الرقصة لا تعدو ان تكون خطوتين بسيطتين ولكن رافينا كانت تتعثر في رقصها وفجأة اطبقت اصابع مارك على وسطها وهمس في اذنها بقسوة:
" هل تكرهين لمسة يدي كثيرا؟ "
وضغطت وجنته على وشاحها الذي يغطي شعرها وبدت همسته امام الجميع انه محب لها وله بها فأغمضت رافينا عينيها حتى لا ترى المصابيح والمرح الذي ارتسم على وجهه وقالت:
" انني احاول يا مارك ان ابدو عروسا سعيدة في الحفل. انها لا تكاد تكون غلطتي اذا لم يستطع قلبي مشاركتهم "
وتوقفت الموسيقى عن العزف وحانة اللحظة التي يقدم فيها الناس للبادرونسيتا هدية الحظ السعيد. هؤلاء الناس توافدوا يحدوهم حب الاستطلاع لرؤية عروس البادرون ويشعرون بالشفقة نحو هذا الرجل الذي قاس كثيرا من مأساته وهو الان يعيد بناء حياته مع عروس جديدة شابة. تجمع الناس حول العروسين وتقدمت فتاة تفوهت ببعض الكلمات الخجلة وقدمت لها هدية غير مألوفة وكانت الهدية ظبيا منقطا بعيون واسعة وسيقان طويلة وكان دور رافينا ان تقوم على رعايته وتدليله. ربت مارك على اذني الظبي وقال مبتسما:
" من اين حصلت عليه؟ "

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 14:45
تقدم احد الفلاحين وانحنى امام رافينا وقال:
" ابني الفلاح اتى به من رحلة بحرية كان يقوم بها سيدي البادرون زوجتك يبو على وجهها تعبيرات ذات مغزى والظبي يجب ان يكون ملكا لها .
هز حديثه مشاعر رافينا وقالت له:
" اشكرك..اخبرهم يا مارك كم انا ممتنة بهديتهم "
مست يده كتفها واحست بالدفء يسري خلال بلوزتها الحريرية فقال لها:
" انه في وسعهم ان يشعروا بسرورك...يا عزيزتي "
قالت: " الف شكر "
وانفرجت شفتاها عن ابتسامة وقورة وكانت عيناها ممتلئتين بالدموع بينما تشعان بشعور الامتنان والخجل لانها استطاعت ان تعقد صداقتها مع اهل ساردينيا الذين يتصفون بالطبية. وكان الوقت يشير الى منتصف الليل عندما بدأت الجموع تستقل عرابتها او تمتطي دوابها عائدة الى ديارها. وكانت تصيح وهي تودع العروسين قائلة:
" وداعا...ليلة طيبة "
وبدأ وقع الحوافر يخفت تدريجيا وهي تبتعد عن المنزل واطفئت المصابيح واحدا تلو الاخر ووجد البادرون وعروسه نفسيهما وحيدين في فناء الدار. واستند مارك الى شجرة سرو وراحت عيناه تلاحظان الطريقة التي يقبع بها الظبي على ذراع رافينا وكأنه طفل صغير فقال لها:
" يبهجك هذا الظبي الوليد...اليس كذلك؟ "
قالت:
" لم امتلك شئ يبهجني مثل هذا الظبي وانني افكر في اختيار اسم يناسبه وافضل ان اطلق عليه اسم (بامبو) اذا لم يكن هذا الاسم يعني شيئا "
قال مارك بكسل:
" يبدو الاسم غريبا. علينا ان نجد له مأوى في الاسطبل. هناك يمكن ان يعقد صداقة مع مهر يتيم "
حملا الظبي ووضعاه بجوار المهر الذي اجفل وصهل واراد مارك ان يهدئ من روعه فربت عليه بيده وسطع اضوء من مصباح معلق فكشف عن الندوب التي بدت واضحة في يديه. وتطلع اليها مارك فرأها تحدق في هذه العلامات الرهيبة وادرك انها اثارتها وتطلعت عيناها الى عينيه فشاهدت فيهما الرغبة متأججة فقال لها:
" هل تحبين ركوب الخيل؟ "
" اجل قليلا ". قال:
" غدا ستمتطين جوادا معي لنقوم بجولة سويا. اما الليلة....."
وصمت قليلا ثم واصل حديثه:
" اما الليلة فسوف تتعلمين كيف تعيشين مع وجهي ولمسة يدي التي قد تحرق جسمك "
وقبل ان تشرع في التحرك لف ذراعه حول وسطها وبدأت خطواته تغادر الاسطبل وهو يحملها ليمر من تحت البهو المؤدي الى المنزل الغارق في الصمت. والان اصبحا وحيدين تماما بعدما انتهت الحفلة وشعرت رافينا بضربات قلب مارك تدق وهو يرتقي درجات السلم ليصل بها الى برج الفارس. كانت يداه قويتين وهما ممسكتان بها وشعرت انه ليس هناك اي سبيل للهرب منهما.
واخيرا وصلا الى الباب فدفعه بقدمه فانفتح وكانت القناديل المعلقة بجوار الفراش مضاءة وتلقي بظلالها المتوهجة على الاغطية المطرزة التي تكسو السرير الكبير وتتطلعت ببصرها الى الفراش ثم الى الوسادتين عندما انزلها مارك عن ذراعيه لتقف على قدمها.
ترنحت رافينا من جراء المرح الذي استمتعت به وشراب الجزيرة الذي انتشت به ولانه حملها على ذراعيه الى غرفة العروس بمقصد لا يخطئ معناه ولم تشعر الا ويدها تمسك بأحد اعمدة السرير وتاجها الاحمر يهوي من فوق رأسها ووشاحها يتهدل من فوق كتفيها. وشخصت ببصرها نحو مارك فامتلأت عيناها بالخوف من هذا الغريب الاسمر الذي يعد زوجها وهو ينظر اليها بعينين سوداوين تحترقان بلهب مكبوت. قال لها بهدوء:
" لم يكن من شروط الاتفاق ان نعيش منفصلين. انت تعرفين بنوده قبل زواجنا ولابد انك ادركت معنى كل كلمة من كلماته. انني اريد زوجة "
وابيضت اصابع يدها وهي تقبض على عمود السرير ثم قالت:
" لكي انجب لك ولدا...اه اجل اعرف الشروط يا مارك ولم يراودني الامل يوما بأنك سوف تعدل عنها بل لم اتوقع ذلك منك "
" هل كنت تتوقعين ان تجدي عاشقا؟ "
واجهت عينيه وهي تقول:
" طبعا انا لست طفلة يا مارك انا اعرف ان في وسع الرجال الشعور بالرغبة دون الاحساس بالحب "

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 14:50
سألها:
" اي رجل علمك هذا؟ "
اجابت:
" المرأة تعرف اشياء كثيرة من دون حاجة الى ان تتعلمها "
وتركت شعرها يتهدل حتى وصل الى مستوى قلبها بينما كان مارك يخطو خطوة كبيرة نحوها ويقبض على رسغها ثم يقول لها:
" هل تظنين انني لا اعرف انك تشيرين بذلك الى رودري برينين وانك مازلت تهتمين به الى الان؟ "
سألته:
" وكيف لي ان اقول انني لا اشعر بشئ؟ كيف لي ان انسى السنوات السعيدة؟ "
فاشتدت قبضة مارك على رسغها وكأنه يبغي تحطيم عظامها فنظرت اليه ورأت في عينيه صورة لكل ما فعله به رودري اذي شاطرها اسعد ايام الطفولة وسنوات المراحقة وحفلات الرقص التي دعاها اليها وهو متألق في زيه العسكري ولكنه كان يبدو ضعيفا في حين ترى مارك قويا لا تنثني قناته. قالت له:
" اننا نحكم على الناس من زاوية شخصية بحته فأنت تكره رودري وانا ادرك...."
فقاطعها مارك قائلا:
" انا لا افهم كيف يمكن ان تحبيه! "
وتوقف قليلا عن الحديث فرأت وجهه كالثوب الابيض وعينيه الغاضبتين تعكسان نظرة الم ثم اردف يقول:
" كلما نظرت اليك ارى برينين في عينيك وكلما اختلينا سويا اراه يشاركنا الغرفة "
فقالت له:
" لانك تحاول دائما ان تتذكر اسمه في حديثنا. هل من المحتم عليك ان تبدو قاسيا هكذا يا مارك؟ الا تظن ان رودري قاسى هو الاخر الشئ الكثير؟ "
" انني اتوقع ان يصحو ضميره. هل عاد الى انجلترا لان ضميره دأب على مطاردته ورأى ان بغرق دوي الحادثة بين ذراعيك؟ "
صمت مارك وعندما اقترب منها سطع ضوء المصباح فوق صفحة وجهه ثم اردف يقول:
" هذه الليلة سوف تنسين رودري سوف تنسين كل انسان في الوجود الا انا"

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 14:57
انصتت رافينا اليه ولم تستطع ان تتفوه بكلمة وكان الصمت مطبقا وهي واقفة تتطلع اليه والى عينيه السوداوين كسواد الليل الذي غاب فيه القمر واحاط المنزل في كنفه. وكان البحر صامتا واشجار السرو ساكنة وألسنة الغضب والالم تتوهج في عينيه. واخيرا...قالت شيئا. هل تفوهت بأسمه؟...كل ما تعرفه ان الارض اختفت من تحت قدمها عندما حملها على ذراعيه واخفى الندوب في لهب شعرها الداكن.



* * * * * * *

هل كان مارك صادقا عندما اخبرها في اليوم التالي بوجود بعض المشكلات في احد مصانع الحمضيات وضرورة ذهابه الى هناك لحلها؟ لم تستطع رافينا ان تقرأ شئ في عينيه بعد ان استيقظت من نومها واكتشفت وجوده بجوارها وشعرها الاحمر ملفوف حول عنقها.
رحل ماك قبل الظهر وفي المساء وصلت رسالة تخبرها بأنه سوف يتغيب يومين او ثلاثة وارخت رافينا عينيها وهي تتناول طعام الغذاء مع جوكاستا حتى لا ترى مدى الارتياح الذي غمرها لغياب مارك. انه ارتياح يبعث على الاسترخاء للتخلص من التوتر المستمر الذي يثيره وجود مارك وفي وسعها الان ان تستكشف الشاطئ الذي يقع تحت المنزل. الحياة تدعوها الى الارتماء في احضانها ورافينا تعشق البحر وخاصة انها سباحة ماهرة. وكم كانت ممتعة تلك العطلات التي امضتها على الشاطئ بصحبة جاردي...ورودري.
حاولت ان تسدل الستار لتمنع عقلها من التفكير في رودري ولكنه كان دائما يقتحم خلوتها بطريقة تجعلها تحس بأنه يفكر هو الاخر فيها فتنهدت واحست ان دونا جوكاستا تراقبها بحدةوسألتها:
" هل تفتقدين وجوده؟ "
فتطلعت رافينا اليها ووجدت عيناها مسلطتين عليها:
" هل تقصدين مارك؟ "
" ماركوس؟ اجل! ومن سواه؟ هل هناك شخص اخر غير زوجك تفكرين فيه؟ "
واكتنف سؤالها شك حاد فقد كانت رافينا تعرف ان الجدة تراقب حياتها طوال فترة غياب حفيدها وربما طلب منها ان تراقبها عن كثب. قالت رافينا بحرص:
" اشعر بالحنين للوطن. هذا كل ما في الامر. كل انسان ما عدا مارك يعد غريبا علي وغدا سأعتاد على بيتي الجديد "
تجهمت جوكاستا:
" انني ادير هذا المنزل منذ ماتت دوناتا ولن يطول بك الزمن حتى تكوني قد تسلمت مفاتيحه مني "
قالت رافينا بتأكيد واضح:
" انا..انا لا اريد المفاتيح. انني سعيدة بأن ادع لك تدبيير امور الكازا. انني لا اريد ان اقلب وضع الامور او تغييرها "
سأ لت الجدة العجوز:
" لماذا؟ الأنك لا تحاولين الاهتمام به؟ "
وكان هذا الرأي قريبا من الحقيقة وكانت رافينا سعيدة عندما تحولت لتناول قطعة من الكعك المغطى بالكريمة وبعد الغذاء استأذنت من دونا جوكاستا في الانصراف للقيام بكتابة بعض الرسائل وبعدما استجمعت اعصابها بكتابة رسالة الى جاردي تخبره فيها عن سعادتها في المنزل الذي تحيط به اشجار السرو ووصفت له الحفل الذي اقيم احتفالا بزفافها والقرية التي تقع.........
ثم راحت تكتب رسالة الى رودري ولكنها ما كادت السطور تبلغ منتصفها حتى كورت الخطاب في قبضة يدها والقته في نار المدفأة فقد رأت انه لم يعد لديها شئ تضيفه الى ماقالته له في يوم زفافها فهي تعرف تماما ان سلامة صحة جاردي تتوقف اساس على السرية التامة لكل ما حدث واذا اعترف رودري لابيه بأنه قتل ابن مارك فمن المحتمل ان النبأ سيؤدي الى قتل جاردي.
وفي صباح اليوم التالي توجهت الى مكتب بريد القرية لتبعث برسالتها ثم اتخذت طريقها على الدرب المؤدي الى ساحل البحر وعندما بلغت الشاطئ وجدته مهجورا فتخلصت من خفها وجرت الى الامواج المتكسرة لتستمتع ببرودة الماء فشعرت لاهدوء والطمأنينة. وفجأة قطع عليها خلوتها صوت نباح كلب صغير مبلل بالماء اخذ يتسلل من بين الصخور ليقترب منها ويقف امامها ساكتا مشدوها مثلها. وتحول نباحه الى هرير قصير. قالت له:
" حسنا...انا لست اخشاك. وانت بالتأكيد لا حاجة بك الى ان تخشاني "

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 15:02
وهمد الهرير وبدأ الكلب يتقدم منها وهو يهز ذيله. كان كثيف الشعر تتهدل خصلات من فوق عينيه. شكله يدعو الى الضحك وهو مبتل وهذا النوع من الكلاب تحبه رافينا اشد الحب.
سألته:
" من اين اتيت؟ "
ومدت له يدا حانية فأحنى رأسه واخرج لسانه ليلعق يدها بينما راح ذيله يتأرجح بقوة وفجأة سمعت رافينا صوتا ينادي:
" تيو! "
كان الصوت اتيا من وراء الصخور فتطلعت باتجاهه ورأت رجلا ينسل من بين الصخور عاري القدمين, شعره مجعد, نحيل القوام, يرتدي سروالا ضيقا ازرق اللون وتتراقص مدالية على صدره الاسمر العاري. واستطاعت نظراته الجريئة ان تلتقط كل صغيرة وكبيرة من مظهر رافينا ثم استقرت اخيرا على شعرها الذي استحال لهيبا عندما سقطت عليه اشعة الشمس وراحت الريح تعبث بخصلاته فوق كتفيها.
قال الشاب وهو يقترب منها وقد انفرجت شفتاه عن صفين من الاسنان البيضاء:
" عثرت على صديق لك يا تيو...اليس كذلك؟ "
صمت قليلا ثم قال بالايطالية:
" صباح الخير سنيوريتا "
ثم اردف يقول بالانجليزية وكأنه يعرف شخصية من يحدثها:
" كيف للانسان ان يعرف مبلغ سعادته في هذا الصباح عندم يعثر على صديق فوق رمال الشاطئ "
تأملته رافينا مليا ولكنها لم تستطع ان تتذكر انها رأته في حفل الامس. كان لديه ذلك النوع من النظرات التي لا يستطيع المرء نسيانها. وتقدم منها وانحنى انحناءة خفيفة وقال:
" يجب ان اقدم لك نفسي انا ستيليو فابريزي لا ادري ان كنت قد سمعت عني ام لم تسمعي انني يا سنيورا رسام "
وفي الحال تذكرت رافينا الاسم ولكنها شعرت بعينيه تدغدغانها حين تحدثت لتقول له:
" هل تقوم بطلاء البيوت يا سنيور؟ انه عمل مثير اظن ان بيوت البحر الابيض التي طليت بالالوان اصبحت شيئا فريدا اذ انها تنسجم جيدا مع اشعة الشمس والبحر "
ضحك الرسام بمرح وقال:
" من الغرور ان ادعي بأنني احظى بشهرة كبيرة. انت العروس الجديدة وسوف تنسجمين بدورك مع اشعة الشمس والبحر وكان ظني ان تكوني شقراء باردة ذات نظرة نافذة ومقلقة "
قالت بهدوء:
" انني اسفة ان اخيب تقديرك يا سنيور فابريزي "
قال وعيناه تأسران عينيها:
" لم يخب ظني بل اعتبر نفسي سعيد الحظ لان اجد فيك الشخص الجدير برسمه. ان صور عرائس اسرة دي كورزيو رسمها مشاهير الفنانين وعندما سمعت ان مارك دي كورزيو قد تزوج ثانية قررت ان اتي والقي نظرة على على عروسه "
قالت لتسأله:
" اواثق انت ان زوجي سوف يختارك لرسم صورتي؟ "
رأت رافينا فيه الجرأة والشجاعة واحست انه من السهل عليها مسايرته وهو في ذلك مختلف عن مارك الذي يموج عامل الخوف دائما في اعماقها معه وتدرك تماما انه متحجر القلب وتبدو قسوته على وجهه. وانتشلها الرسام من تفيرها حينما قال:
" مارك دي كورزيو رجل مشهور وحيث انني اقيم في فيلا صغيرة تقع على الساحل الزمردي فانه سوف يستدعيني لرسم صورة زيتية لعروسه البريطانية "
" انا من مقاطعة ويلز يا سنيور "
وجال ببصره نحوها متفحصا فشاهد شعرها الاحمر وعيناها الخضراوين وشموخها وهي تقف بين الامواج المتكسرة والزبد المتطاير يتناثر خلف شعرها. قال لها متمهلا :
" اجل ارى فيك سحرا اخاذا ومن دواعي السرور ان ارسمك يا سنيورا دي كورزيو "
قالت:
" انني افترض جدلا ان مارك سوف يستدعيك لرسمي "

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 15:13
قال الرسام بصوت يشوب الكبرياء نبرته:
" لا انتظر عودة زوجك حتى اسأله القيام برسم صورة لك فقد اعتدت الا استأذنه عندما يعجبني منظر طبيعي اخاذ يدفعني الى رسمه. فما بالك عندما ارى امرأة جميلة! "
" اكاد اكون جميلة يا سنيور..."
قال مبتسما:
" اذا دعينا نقول انك فاتنة مثيرة. ما رأيك في ساردينيا هذه الجزيرة التي نطلق عليها نحن الايطاليون هذا الاسم. انها تشبه الخف "
اجابت:
" انني اجدها جذابة نقية من كل فساد. ولو كنت فنانة لتوقعت الا اقاوم اغراءات الجمال "
قال:
" عروس لا تقاوم الاغراءات "
وتطلع اليها الرسام الشاب بنظرة يشوبها حب الاستطلاع, نظرة دفعتها الى البحث عن خفها الذي تركته في منتصف الشاطئ فقامت لاحضاره.
وعندما سار الى جوارها رأت فيه رجلا قوي البنيان ولكنه ليس في طول مارك وفي لحظة تجسدت فيه صورة رودري وهو يسير الى جوارها.
واخيرا قال لها ستيليو:
" حلقة الصندل التي يتعلق بها اصبع القدم هل هي مؤلمة؟ "
ولوهلة لم تستطع رافينا ان تدرك المعنى الذي يعنيه ثم عرفت انه يشير بطريقة مهذبة الى الحياة في الجزيرة والى كونها عروسا لرجل مثل مارك فتألقت عيناها ببريق اخضر عندما غمرتها اشعة الشمس فتوتر الفنان وهو يتطلع اليها. قالت له:
" اذا سألتني يا سنيور اذا كنت اشعر بالراحة في الكازا فانني سأجيب عليك بأن الامر سيستغرق من المرء بعض الوقت حتى يحس بالاستقرار في وطن غريب "
فقال متعمدا:
" لديك عينان جميلتان يا سنيورا ولكنني لا ارى اي نجوم فيهما "
سألته:
" هل تبحث عنها في وضح النهار...يا سنيور "
خيم الصمت عليهما ثم قال:
" يجب ان تشاركيني طعام الغداء لدي زورق صغير في المياه وراء الصخور ولدي سلة وضعت فيها مدبرة منزلي الوانا مختلفة من الطعام هل ترغبين في مشاركتي؟ "
تتطلع الى بصرها الموجه الى لسان الارض الداخل في البحر حيث برزجناح من الكازا وفكرت رافينا ان دونا جوكاستا تتوقع عودتها لتناول طعام الغداء معها في الصالون وسوف تسألها عن المكان الذي قضت فيه كل فترة الصباح وعن الشخص الذي امضت معه كل هذا الوقت ولذا وجدت من الصعوبة ان تلبي دعوته لتناول الطعام معه ومع كلبه لذلك قالت له:
"شكرا حقا اني جائعة ولكن عبور الطريق الى الكازا يحتاج الى وقت " صوب الرسام بصره الى المنزل ورأى ستارات النوافذ مسدلة تحول دون دخول شمس الظهيرة الى غرفه والشرفة المطلة على البحر تبرز فوق الربوات ويبدو ان للمنزل مظهرا منيعا ومنعزلا وكأنه شيد ليبعد عنه اي طارئ غريب. تمتم ستيليو قائلا:
" لن يضيق زوجك اذا ما شاركتني طعام الغداء "
قالت:
" مارك في رحلة عمل "
" فهمت...ترك عروسه ليلهو قليلا...ما رأيك؟ "
قالت:
" لا اشعر بأي ضيق. مارك لن يدع عمله ينحدر الى الحضيض بسببي "
وكز ستيليو عل اسنانه وهو يقول :
" يا الهي...لو كان زوجك ايطاليا لن يدعك وحدك هكذا بل سيقضي حياته بصحبتك. لا يفارقك ليل نهار "
قالت:
" ما ارهب هذا واشبهه بالحجز الانفرادي انه السجن "
قال استيليو وكان صوته الاتيني يربت بحنان على لماته:
" انك سجينة الحب لا يسع الرجل العاشق الا ان يقول: اذا لم يكن عندي شئ غير باقة من الورد فانني سوف اقاسمك اياها! "
" انت شاعر يا سنيور فابريزي ولكنك بالكاد تتلاءم مع متطلبات الحياة اليومية. انا افضل ان يقتسم الرجل طعامه معي. لاني جائعة "

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 15:49
قال لها مؤنبا:
" انت تقولين عبارات تكاد تتفق مع لهيب شعرك والجواهر التي تتلألأ في عينيك "
" ان الشعر يتبدد اذا القي على مسامع امرأة جائعة. هل لديك قهوة في سلتك؟ "
قدم لها يده وهو يقول:
" دعينا نذهب وسوف ترين "
تسلقا الصخور وبلغا خليجا ارسى فيه ستيليو زورقا صغيرا في مؤخرته محرك فنقل من الزورق سلة الطعام تحت شجرة وارفة الظلال وكانت السلة تحتوي على السجق والخبز والجبن والزيتون وشرائح الليمون وغيرها من الاطعمة المنوعة. وبعدما فرغا من الاكل احتسيا القهوة المكثفة وانتابهما شعور بالتخمة فطلبا الراحة. وكان الجو باردا حولهما بينما كانت اشعة الشمس تبعث الحرارة خارج لرقعة التي جلسا فيها.
قال لها فابرزي:
" يجب ان تتيحي لي الفرصة لرسم صورة لك يا رافينا "
" يجب ان استشير مارك في ذلك يا سنيور لانه تحدث معي بصدد رسم صورة لي لكنني لم اكن شغوفة بالفكرة "
ومال عليها استيليو يتفرس وجهها ثم سألها:
" ولم لا؟ انت خائفة من فنان فطن سوف يرى اشياء في عينيك تكشف عن امرأة غير سعيدة البتة؟ "
دفنت اصابعها في الرمل الناعم وودت ان تقول له انها سعيدة تماما ولكن ستيليو راح يربت على يدها. كان طيب القلب متفهما لعواطف الاخرين ويدرك ان الشقاء جزء من الحياة مما يجعل الناس موضع الاهتمام وخاصة بالنسبة اليه كفنان .
قال لها:
" ان الجو يكون اكثر برودة فوق سطح الماء. دعيني اصحبك بزورقي في رحلة بحرية. ان زوجك غائب عنك "
سحبت يدها من تحت يده وقالت:
" وهل تظن ان الفأر من حقه ان يلعب في غياب القط ؟"
ضحك ستيليو وبصره مصوب نحو شعرها الاحمر وقال:
"رافينا انك لست فأرا. انك تشبهين لوحة للرسام تيتان حيث تعكس العينان الحيوية والخجل انت تختلفين تماما عن دوناتا "

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 15:56
سألته:
" هل كنت تعرفها؟ "
شعرت رافينا بأنفاسها تتلاحق وهي تسأل عنها اذ سرعان ما تتمثل امام عينيها صورة المرأة التي احبها مارك عندما يبدأ اي شخص الحديث عنها .
اجاب فابريزي:
" التقيت بها في صحبة مارك في روما ولم يكن قد مضى على زواجهما فترة طويلة ورسم صديق لي صورتها في مرسمه. كانت مخلوقا جذابا ذات عينين داكنتين وفم كالزهرة المتفتحة واخبرني صديقي الفنان انه كان مأخوذا بها عندما رسمها لانها تدعوك الى حبها وهي تعيشقصة حب "
خفضت رافينا عينيها وكأنها ترى بوضوح اشعاع جمال دوناتا فسألته:
"ماهو الانطباع الذي تركه مارك عليك في ذلك الوقت ؟ "
قال استيليو عن عمد:
" كان في صورة رجل له مهابة رومانية وهو جالس في مرسم ارنو. كان يدخن وكانت عيناه تشعان بالرضا وهو يراقب اللمسات الاخبرة التي يضعها الفنان لصورة دوناتا. اتذكر انه وزوجته كانا ينعمان بكل شئ يرغبان فيه. الجمال, الثروة, الحب ولم اشاهد اي ظلال للشقاء في عينيها او بادرة تشير الى انه وزوجته سيواجهان مأساة في ذلك اليوم "
نهضت رافينا واقفة على قدميها وراحت تنفض الرمال العالقة بثوبها القطني وقالت:
" بربك...لا تقل المزيد عنها خذني في الرحلة البحرية ارجوك "
وقطعا شوطا في عرض البحر حتى وصلا الى احد الجزر الصغيرة حيث يوجد كهف يمكن للزورق ان يندفع خلاله وكانت المياه تحت الزورق صافية وزرقاء يمكن من خلالها رؤية الاسماك وهي تقفز كالسهام .
ابتسم ستيليو وقال:
" هنا يجب ان ارسم صورتك وانت جالسة على الصخر مثل حورية تشدو اغنية "
قالت وهي تعبث بأصابعها في الماء:
" من المفروض ان اشدو بأغنية من اغنيات ويلز "
وعندما بدأت تغني ترددت اصداء الاغنية بين جنبات الكهف مما اثار الكلب تيو وراح ينبح نباحا اشبه بنحيب جنية ايرلندا التي فقدت عزيزا لديها فانفجر استيليو ضاحكا وبدأ يدير المحرك ويتجه ثانية بالزورق الى عرض البحر

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 16:06
وكانت الشمس قد بدأت في المغيب عندما القى الزورق مرساه تحت المنزل واشتعلت الشمس بلهب قرمزي القى ظلاله على البحر واخذت سحب الصيف تستكين في الافق وعندما تطلعت رافينا الى مغيب الشمس ادركت عدد الساعات التي امضتها غائبة عن الكازا .
قال لها استيليو وهو قابع في زورقه:
" احب ان ابدأ غدا برسم الخطوط الاولى لصورتك "
وقفت على الشاطئ تلوح له بيدها وترسم على شفتيها ابتسامة وهي تقول له:
" لن استطيع. يجب ان استأذن مارك اولا "
سألها استيليو ساخرا:
" هل تخضعين دائما لاوامر زوجك ؟"
بدأ الجو يميل الى البرودة والسحب تلقي وشاحها على الشمس الغاربة وكانت رافينا تدرك ان الكآبة والانقباض قد يأتيان في ختام اليوم.
قالت له:
" انت تعرف ان مارك لم يعد الشخص الذي التقيت به في روما. ان من الكياسة ان تتحدث معه اولا...يا استيليو "
قال لها:
" سأمتثل لطلبك يا رافينا. الوداع "
" وداعا يا استيليو. وداعا يا تيو "
وتردد نباح تيو عبر الماء...بينما اخذ صوت المحرك يخفت تدريجيا عندما اخذ الزورق يبتعد عن الشاطئ واخيرا خيم الصمت. ولكنه صمت لن يطول امده فبعد لحظات سوف يبدأ المد وتتلاطم الامواج فوق الصخور فأدارت رافينا ظهرها للبحر واتخذت سبيلها الى المنزل. وارخى الليل سدوله فأضيئت مصابيح باب الفناء ودلفت الى المنزل على امل ان تتجنب لقاء دونا جوكاستا ولكن السيدة العجوز كانت تجلس على مقعدها بجوار المدفأة وقدماها الصغيرتان تستريحان فوق المقعد الصغير وعيناها الحادتان تتطلعان الى عقارب الساعة التي تشير الى الوقت الذي عادت فيه العروس الهاربة. سألتها:
" اين كنت طوال اليوم؟ "
اجابت:
" على الشاطئ "

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 16:41
كانت رافينا تقف وسط الصالة بقوامها النحيل وشعرها المشعث وثوبها الغضن وذرات الرمل عالقة بأطرافه واحست انها صغيرة امام الجدة. فراودتها الرغبة في الفرار ولكن هروبها كان يدينها بارتكاب جريمة وهي لا تشعر بأي جرم في تمضية الساعات بصحبة استيليو فابريزي فقد ساعدها على ان تخفف من الم ابتعادها عن وطنها وهي ممتنة له.
قالت الجدة:
" بابتيستا قالت انك كنت في صحبة رجل. ارسلتها للبحث عنك ما قولك؟ "
قالت رافينا بصوت يشوبه التحدي:
" بابتيستا تتمتع بحدة البصر التقيت على اشاطئ بصديق لمارك وهو السنيور فابريزي "
التقطت الجدة انفاسها وقالت متسائلة:
" الفنان ؟ "
اجابت رافينا:
" اجل "
" كل الفانون مرحون ولكنهم اشرار مع ذلك امضيت اليوم بكله معه؟ "
قالت رافينا:
" اغلب اليوم....وبصحبة كلبه "
ثم اتجهت لترتقي درجات السلم وهي تقول:
" انني متسخة وارغب في الاستحمام "
قالت السيدة العجوز:
" لحظة ارجوك...."
فاستدارت رافينا طائعة
" لن تري هذا الرجل مرة اخرى انني امنعك "
قالت رافينا وقد شاب الغضب صوتها:
" انا لست طفلة يادونا جوكاستا. ليس في وسعك ان تمنعيني من اقامة اي صداقة مع احد او تنصبي نفسك تنينا علي لمجرد ان مارك غائب عدة ايام عن البيت. انني لن انصاع لامرك "
" ماركوس تركك في رعايتي "
" هل طلب منك حبسي في البرج وان يقتصر طعامي على قطعة خبز وماء؟ حسنا لن انوي ان اكون سجينة في هذا البيت المظلم. سأتوجه غدا الى الشاطئ وارجو ان اجد سنيور فابريزي هناك انه يضحك دائما يا سنيورا انه ممتلئ بالحياة ويتطلع الى المستقبل ولا يعيش في الماضي كل وقته "
واخذت رافينا ترتقي درجات السلم بسرعة وعبرت البهو الى الفسحة المؤدية الى برج الفارس حيث كانت وجنتاها ساخنتين وقلبها يدق دقات متلاحقة وشعرت انها تكره مارك لانه اصدر اوامره للتجسس عليها كما تكره هذا البيت لذا قررت ان تقضي غدا اليوم بطوله في احضان الشمس والريح....وفي صحبة استيليو .






***نهاية الفصل الرابع***

ماري-أنطوانيت
04-07-2007, 16:50
ماري .. ماري .. ماري ؟؟


أين الملكة ياترى؟؟


ملكت القلوب وتوارت عن الأنظار..!!


قدمت لنا روايه جميله .. شيقه .. وجعلتنا نقدم على الإنتظار


الحار!!


***************


هههه شفتي إيش يسوي الإنتظار؟؟؟؟


الحين قبل يومين كاتبه خطاب عتاب طول وعرض عن خمود


الموضوع....


وأخر شئ أنا اللي تركته!!:D :D :D


سامحوني


تخربط دماغي من القصص اللي أقرأها ولما خلصت الروايه اللي


بيدي ركضت للموضوع


والروايه رووووووووووووووووعه


تعبناك حبيبتي ومشكوره عالمجهود الكبير كثيرا كثيرا كثيرا::سعادة:: ::سعادة::


انا بالإنتظار


:مرتبك: :مرتبك: :مرتبك:
:مرتبك: :مرتبك:
:مرتبك:







اهلييييييييييييييييييييين لموسه....

سعيده كالعادة بطلتك الحلوه...::سعادة:: ::سعادة::

والله على بالي انك زعلت لما قلت عنك " عجوله "

عشان كذا ما سرت تدخلين على المشروع وتكتبن ردود....

وريحتيني كثيييييييييير بالرد الاخير

وقلت الحمد لله انها مو زعلانه مني....


وبأنتظار ردودك الحلوه دايما..:D

*لميس*
04-07-2007, 17:36
والله على بالي انك زعلت لما قلت عنك " عجوله "



عشان كذا ما سرت تدخلين على المشروع وتكتبن ردود....


شدعوه ماري حبيبتي


ليه أزعل؟؟؟:مندهش:


يمكن أنا عجوله >>> تسوي إنها ماتدري خخخ((عندي روح رياضيه)):D :D :D


بعدين أنا رديت عليك وشكلك ماشفتي ردي


ولاكان عرفتي إني مازعلت:D :D

حسناء الظلام
05-07-2007, 08:25
ماري انطوانيت


صراحه مجهود اروع من رائع



و يعطيكي الف عافيه


بس يا ريت تكملي الروايه الحاليه


تحيااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااتي

sa3et 7anan
05-07-2007, 15:55
زى


رواية الجميلة والوحش


بتفكرنى بيها


منتظرة التكملة على نار

عضوة

جديدة

فى

الردود بس

ساعة حنان

متنسيش

التكملة

بسرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررع ة

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 16:53
5-أصدقاء أم عشاق ؟


شعرت رافينا باجهاد في اليوم الذي امضته على الشاطئ لذلك استيقظت اليوم التالي في ساعة متأخرة من النهار ورأت اشعة الشمس تملأ غرفتها وادركت انها نامت فترة طويلة. جلست على الفراش فوجدت صينية بجوار السرير وضعتها على ركبتها وصبت فنجانا من القهوة واكلت المربى والبيض بشهية واحست ان النهار ملك لها تفعل ما تشاء فان دونا جوكاستا لن تستطيع ان تجعلها سجينة غرفتها.
وبعد انقضاء ساعة اغتسلت رافينا وعقصت شعرها في تصفيفة ذيل الحصان وارتدت بلوزة وسروالا فبدت اكثر شبابا وعندما تطلعت الى المرآة تبادر الى ذهنها صورة دوناتا المعلقة في برج المادونا وتذكرت ما قاله لها ستيليو فابريزي عن مارك عندما التقى به في روما منذ ست سنوات. كان بهي الطلعة سعيدا بلا ظلال شقاء في عينيه.
راودتها الرغبة في ان تشاهد الصورة الان قبل ان تذهب الى الشاطئ واسرعت بفتح باب غرفتها فلم تجد احدا فالخدم منهمكون في تنظيف الدور السفلي ولن تحظى غرف الدور العلوي بالاهتمام الا فيساعة متأخرة من النهار وهذا يتيح لها فرصة التسلل الى برج المادونا دون ان يلحظها احد. انسلت من باب صغير في جدار برج الفارس ووجدت نفسها امام جسر حجري صغير يربط بين البرجين وكان برج المادونا يشبه برج الفارس في تصميمه فعثرت على باب صغير في الجدار قادها الى ممر معتم يتسلل اليه النور ضعيفا من نافذة ضيقة وكانت الغرفة التي عاش فيها مارك ودوناتا لا تختلف عن غرفة العروس التي يشغلها الان مع رافينا.
كانت غرفة دوناتا تكسوها الاتربة واسرار الماضي اصبحت رهينة اثاثها وتحفها والستائر المسدولة تطوي الهمسات التي دارت بين الجدران والسجادة صامتة صمت الدخان وهو يسعى هادئا والحائط يحمل صورة الفتاة التي عبدها مارك. لم تستطع رافينا ان تدرك ملامح زوجة مارك في البدية او الثياب التي ترتديها وكانت الشمعدانات مطفأة وهي قابعة تحت اللوحة والى جوارها علب الثقاب وتشير الى ان شخصا ما يأتي بينحين واخر ليشعلها ويقوم بتأمل اللوحة وسط السكون الهامس الذي يشيع في ارجاء الغرفة. اشعلت رافينا الشموع فألقت بأضواها على الصورة فرأت الثوب الذي ترتديه دوناتا كان يمثل عصر ميدتشي وقد تهدل في ثنايا رقيقة فأبرز قوامها النحيل

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 16:54
وتناثرت اللألئ على شعرها الاسود وصفوف اخرى منها تحيط بعنقها الابيض الطويل. من الممتع ان يتأمل المرء صورتها بقدر المه لفقدها.
حملت رافينا شمعدانا واحست انها فقدت الاحساس بالزمن عندما راح تتأمل الفتاة التي منحت مارك نعمة السعادة لدرجة ان اي امرأة لم تستطع ان تشغل بعد رحيلها مكانها في قلبه او عقله او احاسيسه. كانت تبدو شابة ومارك في العشرين عند زواجهما. كانت دوناتا هبة من السماء.
التقت عينا رافينا بعيني دوناتا وفي لحظة رأت فيهما الحيوية والوعي والعداء لها. وفجأة سرى تيار من الهواء اطفأ اللهب المشتعل في الشمعة فتراقصت الظلال في الغرفة وعندئذ انتابها ذعر شديد فأسرعت الى الباب تبغي الهروب وادارت المقبض يمينا ويسارا ولكن الباب كان مغلقا بل موصدا ووقفت رافينا مذهولة ولم تصدق انها اصبحت سجينة البرج وان احدهم تسلل عبر الممر الضيق واغلق الباب عليها وهو يعرف انها هنا وحدها مع الصورة. تملكها الغضب وراحت تدق الباب بقبضة يدها مرة ومرتين حتى ادركت الا جدوى من محاولاتها وانها اصبحت سجينة لاحد سببين: اما لمعاقبتها على ما حدث بالامس او بهدف ارهابها.
ادارت ظهرها للباب واسرعت الى اقرب نافذة وازاحت الستارة جانبا وفتحت مصراعيها واطلت برأسها فوجدت ان المسافة طويلة بين البرج وفناء البيت الواقع تحتها. كانت عيناها الحزينتين وشعرها المتهدل يوحيان بأنها حورية سجينة البرج منذ مدة طويلة ولكنها تبحث عن طريقة للهروب او فارس يسرع الى انقاضها. ولكن ليس من منقض كان الفناء شاغرا والعمال في حدائق الليمون مختفين وراء الاشجار وكانت الريح تهب حول البرج وصرخات الطيور اشبه بصرخات السخرية لديها اجنحة تطير بها كما تشاء اما هي فسجينة هنا حتى يأتي احدهم ليطلق سراحها.
دونا جوكاستا سجنتها هنا او ارسلت بابتيستا المطيعة لتفعل ذلك انها ظل سيدتها التي لا تفارقها. سرت قشعريرة باردة في جسم راينا ولا تدري كم من الوقت مضى عليها وهي سجينة ولابد ان تمر ساعات طويلة قبل ان تطلق دونا جوكاستا سراحها من البرج انه مجرد درس تلقيه على عروس مارك لأنها تجرأت وتحدثت الى رجل وتحدتها بعزمها على مقابلته ثانية. تطلعت الى الجدران لعلها تجد سردابا سريا لاشك ان هذه الفكرة محتملة. فقديما في عصر غارات القراصنة كان الانسان يشيد بيته بحيث يضم غرفا سرية فيها تختبئ اسرته او يبني سردابا يساعدها على الهرب اذ ما فكر المهاجرون في

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 16:55
اقتحام البيت وشرعت رافينا في الطرق على اماكن متفرقة من الجدار ولكن لم تكن هناك اي استجابة لطرقاتها او يدور اي اطار بارز ليفتح لها سردابا يساعدها على الهروب من الجدران السميكة.
دارت بعينيها في ارجاء الغرفة ووقع بصرها على المرآة فرأت نفسها ترتدي السروال والقميص الصبياني فلم تصدق انها زوجة مارك وبدا لها ان دوناتا مازالت تحتل مكانها كسيدة القصر اما الصورة التي تعكسها المرآة فهي لا تعدو ان تكون صورة طفلة شقية وقد قال لها مارك ذات يوم وهما يغادران رافنهول" انت ترتدين ثياب صبي وانا اتوقع ان اتزوج امرأة ".
وادارت باصابعها خاتمها الذهبي الذي يدل على زواجهما وعادت تتجول في الغرفة حتى وقفت امام النافذة حيث وجدت فيها فجوة عميقة فقبعت فيها كما يقبع القط المتفطر قلبه وبدت السماء الزرقاء ساخنة واشجار السرو داكنة وهي تناطح عنان السماء. كان الصباح جميلا فضحكت رافينا لانها احتجزت بهذه الطريقة الغريبة في خلال هذه الساعة المشمسة التي كان من المنتظر ان تقضيها مع ستيليو فابريزي وكلبه تيو ولابد انه حدث الشاطئ بأنها لا تتمتع بالحرية التي تبيح لها ان تنضم اليه في الشاطئ وتتمتع برحلة بحرية ولا يدري ان الابواب اوصدت عليها واصبحت سجينة.
فكرت في جاردي الذي يعتقد الان انها سعيدة عندما يتلو رسالتها التي تسلمها الان منها ولكن اي سعادة تتكلم هي عنها؟ كيف تجدها في مثل هذا البيت المسكون بالفتاة الفاتنة دوناتا وتحكمه سيدة عجوز كانت ترغب ان يتزوج حفيدها بفتاة من اختيارها. شعرت رافينا بوطأة السكون والوحدة تجثم على صدرها وبخوف مفاجئ من ان يمضي مارك غائبا لعدة ايام فتقع تحت رحمة تصرفات شاذة اخرى ومزيد من المؤامرات التي تثبط من روحها وتصبح في النهاية ظلا مطيعا مثل بابتيستا. عندئذ صرخت قائلة: " لا ".
وجرت نحو الباب لتتبين ما اذ كان مفتوحا ام مازال مغلقا ولكنها وجدته مؤصدا وشعرت برغبة في البكاء وبلعت ريقها وحاولت ان تعزي نفسها بأن دونا جوكاستا سوف تطلق سراحها حينما يحين موعد تناول طعام الغداء ولن تكون قاسية فتدعها سجينة حتى يحل الظلام وتسمع نعيق البوم .
اخذت وسادة من احد المقاعد وازالت الغبار عنها وهيأتها بحيث تستطيع ان تغمض عينيها عليها....وتعود القهقري الى رافنهول....اجل حيث توجد شجرة الدردار والارجوحة التي سقطت منها يوم دفعها رودري عاليا واحست بالسعادة عندما طارت عاليا ويغمرها الخوف في الوقت نفسه وصاحت به

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 16:56
ضاحكة: " كفى ". ولكن رودري لم يأخذ بصيحتها وواصل دفع الارجوحة حتى سقطت منها وسمعت صوتا يقول: " رافينا "
احست بفزع وشعرت بألم في ذراعها فقالت:
" او....رودري..."
انسحبت اليد فجأة من فوق رأسها بعنف واستيقضت تماما وهي فزعة عندما رأت ان الشخص الماثل امامها كان مارك وان الالم الذي احست به كان نتيجة ضغط كتفها فوق سور النافذة. قالت بدهشة:
"مارك! "
قال:
" انا اسف لازعاج احلامك الجملية "
دعكت رافينا ذراعها الخدرة واحست قليلا بالدوار:
" لقد..لقد خلدت للنوم "
سألها:
" ماذا تفعلين هنا ؟"
احست بعينيه تتأملان شعرها وسروالها الصبياني وشعرت ببرودة تسري في اوصالها وقالت له:
" اوصد احدهم علي الباب منذ ساعات مضت. جدتك فعلت هذا يا مارك ان اعرف ذلك تماما "
قال متجهما:
" اوصدت عليك الباب؟ الباب كان مفتوحا وفي وسعك ان تتأكدي بنفسك. لماذا تتوهمين ان دتي تفعل مثل هذا الامر معك؟ "
قالت:
" انا لا اتوهم شيئا. ان دونا جوكاستا تكرهني وتريد ان تخيفني "
بدت الدهشة وعدم تصديق كلامها على وجهه. سألها:
" اعتقد انك اتيت الى هنا من قبيل حب الاستطلاع . لم نعد نستعمل هذه الغرف فأصبحت اقفالها صدئة "
" اوصدوا الابواب علي وقرعت ولكنها لم تفتح "
سألها:
" ولكن اين كان المفتاح؟ "
" كل مفاتيح البيت مع دونا جوكاستا. اخبرتني ليلة امس انها بحوزتها وانها لن تعهد بها لأحد "

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 17:01
" هل سألتها عنها؟ "
تنهدت رافينا:
" بالطبع لم اسألها. لم نتشاجر بسبب ادارة الكازا وانما..."
" اذن اخبريني عن سبب المشاجرة؟ "
" ذهبت الى الشاطئ وكنت انوي الذهاب اليو ايضا. هناك قابلت ستيليو فابريزي وخذني في ورقه وقمنا برحلة بحرية وعندما عدت الى المنزل سألتني جدتك اين كنت ولما اخبرتها امرتني بألا ارى سنيور فابريزي مرة ثانية وظننت انها شخص دكتاتوري فقلت لها بأنها لا تستطيع ان تمنعني من ان اعقد صداقات مع الاخرين. وهذا الصباح لابد انها رأتني اعبر الجسر المؤدي الى برج المادونا وانا واثقة تماما انها امرت بابتيستا ان توصد الباب علي حتى لا استطيع الذهاب الى الشاطئ "
" وهل اعددت الامر لمقابلة فابريزي اليوم ؟؟"
ووقع السؤال عليها مثل لسعة السوط وتذكرت ان الشخص الذي تتحدث اليه هو زوجها وان من حقه ان يعترض بشدة على ان تقيم اي صداقة مع الفنان الجذاب قالت بصوت مرتجف:
" اخبرني انه يريد ان يرسم رسوما تخطيطية لصورتي فقلت له يجب ان يسألك اولا "
احكم مارك قبضته وضغط بها على رسغها وبدأت الجهامة تزول تدريجيا من وجهه وقال:
" انا ممتن انك مازلت تتذكرين وجودي. سوف لا اغضب منك فأنت جديدة على اساليب معيشتنا وتعتبرينها قيدا على حريتك "
" اعتقد ان حبسي في البرج يعد قيدا لحريتي "
" لانونا واحدةمن اهالي ساردينيا ومن المحتمل انها ظنت بأن ما تفعله هو تأمين لسلامتك "
" مارك...هل من المعقول ان اعمال معاملة الطفل العاق لمجرد انني تناولت السجق والجبن مع سنيور فابريزي "
انت لست طفلة في نظر جدتي انت امرأة..بل زوجتي واهل الجزيرة يعتبرون لقاء رجل بأمرأة وحدهما انما لغرض واحد وهو ان يمارسا الحب "
صاحت قائلة:
" مارك هذا كلام غريب! في وطني يمكن للنساء والرجال ان يكونوا اصدقاء دون ان يكونوا عشاقا "

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 17:07
" انت الان هنا في وطنك يا رافينا "
اشتدت قبضة يده واقترب منها وهو ينظر الى عينيها مليا ورفع رأسها بيده الاخرى حتى تألق احمرار شعرها في ضوء الشمس الذي تسرب من خلال النافذة
" هل لي ان اذكرك بأن من حقي ان اكون الرجل الوحيد الذي يحتل كل تفكيرك؟ هل جئت هنا لرؤية الصورة المعلقة على الجدار؟ وهل كانت تحدوك الرغبة في معرفة ما اذا كانت دوناتا اجمل وادفأ واكثر انوثة منك؟ "
وحملها مارك بين يديه ولم تبدي اي مقاومة واتجه الى الجسر ثم اضاف:
" سأطلب من فابريزي ان يرسمك عرفته في روما قبل ان يصبح مشهورا في دنيا الفن. طبعا اخبرك بأننا التقينا هناك "
" اجل يا مارك انزلني من فوق ذراعك اشعر بالدوار وانا انظر حولي دون ان اتعلق بسور الجسر "
" تعلقيبي ضعيذراعك حول عنقي ايتها الساحرة الباردة "
ضحك مارك وترددت ضحكته في كبرياء وهما يسيران فوق الجسر. انه رجل قوي وقاس لا يلين مثل الارض التي يمتلكها ولا تستسلم بسهولة لليد التي تحرثها. وحتى هذه اللحظة كانت رافينا تحس بالخجل من ان تلمسه وتمنت ان يدعها تقف على قدميها حينما رأت شخصا يقف تحت المنزل ينظر اليهما فقالت:
" مارك...انظر سنيور فابريزي يتطلع الينا "
كان ستيليو يلوح لهما وشعرت بنفسها تحرر من ذراعه وهي تقول:
" يجب علي ان اذهب لاغير ملابسي وسوف انضم اليكم "
واسرعت عبر الجسر ودلفت الى رج الفارس واحست بالراحة عندما وجدت نفسها وحيدة في غرفتها وجذبت حبل الجرس لتستدعي الخادم وسألته ان يحضر لها ماء ساخنا وتعجبت ان مارك لم يمد بيته بأنابيب المياه الساخنة وسوف تتحدث معه في هذا الامر واجفلت عندما امتد تفكيرها الى نفسها كزوجة وان من حقه ان يملي عليها طلباته. عاد مارك الى البيت وفي هذه الليلة سيحاول ان يوقظها ليس من اجل ان تستجيب لهذا الخدر الغريب الجامح الذي نسميه الحب انما لتستجيب لهذا الجوع الذي يعربد في اعماقه وتكون ثمرته طفلا جديدا تلده له.
احضر الخادم الماء يتصاعد منه البخار وعندما خرج فضت ثيابها وراء الستائر وغسلت جسمها النحيل وتخلصت من التراب واحاطت جسمها بفوطة

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 17:16
ثم سارت الى خزانتها لتنتقي احد الاثواب لابد ان ستيليو سيبقى ليحتسي شرابا مع مارك وان يتبادلا الرأي حول موضوع الصورة وتحديد موعد الجلسات التي تقف فيها امام الفنان كانت ترغب في ان تظهر على لوحة القماش في صورة ابهى من صورة دوناتا حتى تثير اعجاب الجميع بها.
ابتسمت رافينا وهي تتطلع الى نفسها في المرآة فرأت ساقين طويلتين ونحيلتين وقدمين باصابع طفل وذراعين لهما استدارة محببة وخصلات شعرها الاحمر تنسدل مثل ذوائب الهب فوق كتفيها الشاحبين. سمعت صوتا يأتيها من خلفها يقول:
" ياللأسف انني لا اسمح برسمك في مثل هذا الوضع الذي اراه الان "
سرت قشعريرة في اوصالها بينما كان مارك يعقد رباط عنقه عند باب الغرفة فهو الشخص الوحيد الذي يحق له التطلع اليها وهي في غرفة نومها.
قال لها:
" دعوت فابريزي لتناول طعام العشا معنا "
قال:
" هذا شئ جميل "
وامسكت بثوب اصفر اللون واكمام من الشيفون وكان مارك قد اقترب من المرآة ليثبت ربطة عنقه فسألها:
" هل تحبين احتسا الشراب في الشرفة المطلة على البحر؟ "
ثم تحول لمواجهتها واجفلت كعادتها من نظرة افتراسها التي تتلألأ في عينيه ورسمت ابتسامة على شفتيها حتى تخفي اجفالها وقالت له:
" وشيئا لنأكله. انني لا استطيع ان ابقى بدون طعام حتى موعد تناول العشاء. يكاد يغمى علي "
ضاقت عيناها وهو يسألها:
" الم تتناولي طعام الغداء؟ "
قال وهي تضحك:
" اخبرتك ان احدهم اوصد الباب علي وانا في البرج ولم يكلف نفسه حتى تقديم كسرة خبز او كوبا من الماء "
تقدم نحوها في خطوة حازمة وقال:
" رافينا انا اسف ان تفوتك وجبة طعام الغداء وهذه تجربة مثيرة للاعصاب ولن تحدث ثانية. سوف اتحدث الى جدتي بقسوة

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 17:17
هزت رافينا يده وقالت:
" لا يا مارك سوف يزيد ذلك من عداوتها لي اذا ما تحدثت معها بعنف "
تجهم وهو يقول:
" عداوتها؟ هل تظنين الامر كذلك؟ "
قالت:
" وماذا يكون الامر غير ذلك؟ كانت ترغب في ان تتزوج فتات من سردينيا بدلا من ان تأتي بفتاة غريبة ربما فطنت ان زواجنا يا مارك لا يقوم على الحب "
حدق في وجهها وارتفع حاجباه فرأت فيه الرجل الذي اجبرها على الزواج دون ان يتفوه بكلمة رقيقة وجذبت نفسها منه وتحولت عنه لترتدي الثوب وسألته:
" كيف عرفت انني في البرج الاخر؟ "
قال:
" الستائر كانت مفتوحة. كان يجدر بك الا تذهبي الى هناك. الغرف كلها كئيبة ويجب ان تظل مغلقة سألقي عليها نظرة "
وفي اللحظة التالية غادر الغرفة بسرعة تاركا رافينا وراءه لترتدي ثوبها وتصفف شعرها في شينون وكانت فتحة الثوب تمتد ما بين كتفيها لتبرز نضارة بشرتها وعظمتي الترقوة. وراحت تتأمل نفسها في المرآة وقررت ان تزين صدرها بالصليب الذي اهداه اياها مارك. تحولت رافينا عن المرآة لانها رأت نفسها في صورة فتاة اشبه منها بالمرأة الناضجة التي يبحث عنها مارك لتنجب له الطفل الذي يتوق الى رؤيته ليمحومن ذاكرته ذكرى الطفل الذي فقده بقسوة.
اقبل ستيليو وعلى شفتيه ابتسامة ثم قبل يد رافينا وقال لها:
" التقينا ثانية يا دونا والسنيور زوجك اذن لي برسم صورتك ولا استطيع الانتظار طويلا "
حيا ستيليو مارك بابتسامة سريعة ثم قدم مارك مقعدا لرافينا لتجلس عليه بالقرب من ازهار البرتقال التي كست جدار الشرفة المطلة على الشاطئ. قال الفنان:
" ليست السنيورا موضوعا يسهل ابرازه على اللوحة ولكنني استمتع بالتحدي "
سأله مارك:
" لماذا لا تجدها موضوعا سهلا ؟"

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 17:18
ثم راح يتأمل مليا ثوبها الاصفر ويقارنه بلون نبتة البرتقال المرتعشة واشعة الشمس الحمراء التي تنعكس على شعرها ثم اردف يقول:
" يبدو لي ان زوجتي لديها الالوان التي تحوز اعجاب الفنان تيتان؟ "
قال ستيليو مؤيدا:
" تماما كما تقول. العينان تتغيران من خضرة البحر الى لون اشجار الغابة الغامضة تبعا لتغير مزاج صاحبتها "
وشعرت رافينا بالخجل من الطريقة التي تناقش بها موضوع رسمها واحست بالارتياح عندما ظهر رينزو حاملا صينية عليها المشروبات والساندويتشات وفي اعقابه يسير الظبي بامبو فأقبلت عليه رافينا بفرح شديد. قال رينزو معتذرا:
" ظن نفسه كلبا كبيرا يا سنيورا فاقتفى خطاي هل اعود به الى الاسطبل ؟ "
ابتسمت رافينا وربتت على اذني الظبي وقالت:
" دعه لي يا رينزو...انه جذاب اليس كذلك "
قال مارك:
" لا يمكنك ان تتناولي الساندوتشات والظبي في حجرك. انظري انه يحك انفه في شعرك "
اشارت رافينا بأصبعها الى الظبي تحذره قائلة:
" اهدأ "
ثم التفتت الى مارك وقالت:
" سيكون رائعا متألقا مثل الذهب "
قدم مارك لها طبقا عليه ساندوتشات ثم التفت الى ستيليو وقال:
"هل تشرب كأسا يا سنيور فابريزي؟ "
قال ستيليو وهويتقبل الكأس:
" شكرا "
ثم تطلع الى رافينا والظبي واردف يقول:
" وجدت الان فكرة الصورة التي سأرسمها لك بينما الظبي يقبع في حجرك او ربما ادعه تحت قدميك "
" هذا اذا جلس فترة طويلة ساكنا. الا تشاركني تناول الساندويشات انها لذيذة "
كان مارك غارقا في مقعده ممسكا كأسه وهز رأسه بالرفض بينما استند ستيليو بظهره الى حائط الشرفة والقلق يتراقص في عينيه وتحدوه الرغبة

ماري-أنطوانيت
05-07-2007, 17:19
في ان يبدأ العمل على قماشالرسم ويقول لنفسه: " انها فتاة جذابة كأي فتاة ايطالية" ولاحظ ضوء النهار وهو يبعث بأشعته على الشرفة في هذه اللحظة من وقت الاصيل وقال:
"هل تأذن لي يا سنيور بأن ارسم الصورة هنا في الشرفة. احس ان السماء والجبال تمثلان اروع خلفية لصورة رافينا "
تطلع مارك بعينيه الى رافينا وقال:
" يعجبني ثوبك يا رافينا. هل يمكنك ارتداءه عند رسم صورتك؟ "
" كما تشاء يا مارك "
قال ستيليو مقترحا:
" وشعرها مسترسل وقد تطاير قليلا مع مهب الريح "
راحت رافينا تراقب الشمس وهي تحترق في الافق وبعد قليل اقترحت الدخول الى البيت فقد احست بالبرودة تشيع الجو...قال ستيليو:
" لاشك انك تعرضت لرياح الجبل بعدما غابت الشمس "
قالت رافينا:
" هناك نار في مدفأة الصالون "
حملت رافينا الظبي وساروا جميعا الى الداخل وكانت ترجو ان لا تشاركهم دونا جوكاستا طعام العشاء وتحققت امنيتها واقبلت بابتيستا وقدمت ورقة لمارك وغادرت المكان قرأها بتجهم ثم القى بها في النار وسأل رافينا وضيفه ان يسمحا له بالانصراف لعدة دقائق. وخيم الصمت على الصالون لمدة وجيزة قطعه صوت تكسر الخشب المحترق في المدفأة. سألها ستيليو:
" كيف تسير اموركا مع البادرونا العجوز؟ "
نظرت اليه رافينا بتأمل وقالت:
" انها لا تسير سيرا طيبا. اصيبت بخيبة امل عندما تزوج مارك بأجنبية اظن انها كانت تعبد دوناتا وهي دائما تعقد مقارنة بيني وبينها "
قال ستيليو بهدوء:
" ليست هناك اي مقارنة "
ركعت رافينا على ربتيها فوق السجادة ومدت يدها تلتمس الدفء من نار المدفأة وقالت:
" اعرف ذلك. كانت دوناتا جميلة كما انها كانت تتمتع بكل اسباب الكياسة "
ساعدها ستيليو على الوقوف على قدميها وراح يتأملها على ضوء اللهب ثم قال لها:
"لكنك تتمتعين بجمال الروح يا رافينا في كمال المقياس ولديك جمال الجسم"
وجذبت نفسها من يده مذعورة كانت تخشى ظهور مارك المفاجئ فيراها على مقربة من الفنان المليح الوجه واردفت تقول:
" اريد ان نكون اصدقاء ومن المستحيل ان تتفوه بمثل هذه العبارات التي لا يحبها مارك "

ماهيما
05-07-2007, 18:40
تابعي ماري الى الامام ومجهودك روووووووووووووووووووووووووعة

والله يوفقك يارب::جيد::

sa3et 7anan
05-07-2007, 20:05
الساعة 11

مشتاقة جدا

اتمنى انها تقرب من مارك اكتر

.

*لميس*
06-07-2007, 07:29
وش تبغى هاذي العجوز؟؟؟أفففف .... قهرتني!!!

هو اللي متزوج ولاهي؟؟

عموما

كانت التكمله راااااااااااااااائعه::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::



تابعي حبيبتي ماري والله يوفقك ويصلح النت اللي عندك:D :D


أنتظر البقيه::جيد::

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 09:25
قال بهمس:
" هل اتظاهر بعدم وجود امس..فيه رأيتك اسعد حالا من اليوم هل تشعرين بالسعادة عندما يغيب زوجك عن البيت؟ "
واحست انه يطرق الحقيقة فقال له:
" ليس من حقك ان تقول اشياء مثل هذه. لقد سألك مارك ان ترسم لي صورة لا ان تقوم بدور محلل نفسي لي"
" الفنان يتعلم قراءة لغة العيون والعيون نافذة تطل على الروح. كم تمنيت ان تكون دروبنا التقت قبل ان يطرق مارك باب حياتك. اظن يا مادونا اننا انت وانا كنا سنعثر على الشئ الكثير الذي نستمتع به سويا "
قالت بحزم:
" اعتقد انك تجاوزت حدود كرم مارك انا لست واحدة من زبائنك التي تستهويها مغازلة فنان مليح الوجه مثلك واظن انه من الافضل ان نلغي جلساتنا :
قال بهدوء:
" سوف تندمين "
" اندم؟ ماذا تقصد؟ "
" اعتقد انك بحاجة الى صديق ولم افترض ابدا انك واحدة من النساء الاتي جلسن امامي. ان سعادتهن تبلغ درجة عالية عندما يقوم فابريزي برسم صور لهن ومغازلتي لهن ترضي غرورهن اما انت فشصية مختلفة تماما انا معجب بك واريد رسم صورتك لانك صورة للتحدي وادهشني كثيرا عندما اسائل نفسي هل في وسعي ان انقل الى القماش هذا السحر الذي اراه في عينيك وجوهر الحزن الذي يشوبهما وهل يمكن ان يكون الامر غير ذلك وانت شابه تعيش مع زوجها ويشاركهما الحياة شبح امرأة اخرى "
وتطلع كل واحد منهما الى الاخر حينما فجأة توهج لهب النار وكش لها الحقيقة واضحه فحاولت رافينا ان تبدو مثل المضيفة الفخورة ببيتها. قالت:
" هذه الغرفة جميلة اليس كذلك؟ "
وراحا يتبادلان الرأي حول النقوش المرسومة على السقفعندما رأت مارك يقبل عليها شاهدت مسحة من التجهم مرتسمة على جبينه وادركت ان دونا جوكاستا بعثت الضيق في نفسه ولكنه سرعان ما تخلص من مزاجه المنحرف وبدا جذابا وهم يتناولون الطعام وحاول ان يذكر رافينا كيف استطاع ان يجذب اليه جاردي عندما كانا يتناولان الطعام في رافنهول وراح يسرد عليها قصص طريفة اشاعت في نفسها الضحك وجعلها تنسى ندوبه المخيفة فبدا لها ساحرا. اخذت رافينا تعبث باصابعها فوق حافة الكأس ولاح لها ان هذه الغرفة الكئيبة لم تشهد منذ فترة طويلة ضحكات مجلجلة كما تشهد الان ستيليو وهو يضحك بمرح. كان في ضحكه جذابا تتلألأ اسنانه وسط بشرته الايطالية وعليها ان تكون حريصة في الايام المقبلة على الا تظهر اعابها للرجل التي ستمضي معه في الشرفة اصيل كل يوم. استعد الفنان للرحيل فقالت له رافينا:
" احضر معك تيو سيفتقدك كثيرا بحضور وحدك هنا "
وجه ستيليو حديثه الى مارك وقال:
" زوجتك يا سنيور تتمتع بقلب حنون. انها تفكر ايضا في كلبي الصغير سأحضره معي احيانا بعد ذلك "
قال مارك " طبعا "
ثم وضع يده حول خصر رافينا وسقط نور مصابيح الباب فوقهما بينما ستيليو كان يستعد للجلوس خلف عجلة القيادة فالتفت اليهما وقال :
" وداعا "
وكان الليل ينبض بالحياة بصوت محرك سيارته ولكن الصمت خيم على المكان بعد رحيله كان الليل سانا الا من همس خافت يجوب بين اشجار السرو ووميض خفيف ينبعث من الازهار الغامضة التي تتبدل من اللون الازرق الى اللون الابيض عندما يرخي الليل سدوله .
تمتم مارك قائلا:
" الزهور مثل افكارنا تتغير مع مجيئ الليل انت صامتة يا رافينا وهذا يدعوني الى معرفة افكارك "
قالت:
" انا...انا ارجو ان تكون الامور قد استقرت في المصنع "

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 09:39
" اجل...انتهينا من موضوع الالة الجديد. بعض العمال يتشككون من الالات الحديثة. الم اقل لك ان اهالي سردينيا يتمسكون دوما بالاساليب القديمة "
اصاب رافينا التوتر عندما شعرت بيده تتلمس شعرها فقالت:
" مارك...ارجو ان لا يكون قد نشب جدال بينك وبين جدتك "
اجابها ضاحكا:
" هل تتصورين اننا لم نتبادل الكلمات من قبل اننا نتميز بالعزيمة القوية وبالطبع الحاد في الجدال كل منا مولع بالاخر وسرعان ما ننسى ونغفر. اخبرتها ان السنيور فابريزي سيأتي الى هنا كل يوم ليقوم برسمك فاتهمتني بالحماقة وسألتني ان اعهد برسمك الى فنان اقل شبابا وجاذبية من ستيليو "
وبحركة سريعة دار جسم رافينا حتى واجهته واحاط خصرها بذراعيه وقال:
" ان شرف بيت السردي يقوم على طريقه محافظته على زوجته "
قالت:
" لم اجد مشقة في فهمك ولكن ماذا تفعل لو انني خنتك هذا اذا اكتشفت الامر بنفسك "
وتلألأ نور المصباح في عينيه السوداوين وهما تتطلعان في عينيها ورأت في اغوارهما شيئا يخيفه وقال بهدوء:
" اذا تجاوز رجل حدوده معك سأحطمه سيفقد كل شئ ثمين لديه "
تطلعت رافينا الى وجه مارك ورأت نور المصباح يكشف الندوب الغائرة على صفحته والقسوة في كلامه فتراجعت الى الوراء واحست ببرودة تهز كيانها وخضرة عينيها تخفق عبر رموشها. سألته:
" هل ندخل البيت؟ "
قال: " اجل "
دخلا البيت واوصد الباب الكبير وراءه ثم امسك بيدها وسارا عبر الصالة التي تؤدي الى السلم فأحست بيده دافئة وقوية وهما يرتقيان الدرجات وذكرت الليلة التي حملها فيها مارك الى برج افارس والغضب يموج في اعماقه اما هذه الليلة فان مزاجه يبدو ارق وهو ممسك بيدها كأنه يخشى ان تهرب منه.


***نهاية الفصل الخامس***

*لميس*
06-07-2007, 12:46
جميـــــــــل !! ..... جميــــــــــــل جدا!!::جيد:: ::جيد:: ::جيد::




ننتظر الفصل السادس بشوق::سعادة::



:
:
:
الله يعطيك العافيه:D

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 13:20
وش تبغى هاذي العجوز؟؟؟أفففف .... قهرتني!!!

هو اللي متزوج ولاهي؟؟

عموما

كانت التكمله راااااااااااااااائعه::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::



تابعي حبيبتي ماري والله يوفقك ويصلح النت اللي عندك:D :D


أنتظر البقيه::جيد::









اي والله انا بعد تقهرني بس مو مثل

ما يقهرني الرسام فابريزي...:mad: :mad:

يعني ما يشوف انها متزوجة....

وبعد يتغزل فيها في بيت زوجها..........


ّّّّّّّّّّّّّّّّ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

ان شاء الله التكمله بنزلها اول ما اخلص منها....::جيد::

*لميس*
06-07-2007, 14:13
بس مو مثل



ما يقهرني الرسام فابريزي...:mad: :mad:


يعني ما يشوف انها متزوجة....


وبعد يتغزل فيها في بيت زوجها..........



عادي ... الرجال دايما كذا يعني تصرفه صحيح سئ


لكنه معتاد ..الرجال لما ينتبهوا أنه في بنت حلوه وتعيسه


يحاولون يأثرون فيها:نوم: :نوم:






بس العجووووووز ...أففففففف ...:mad: :mad: :mad:



إنشالله تخلصي منها بأسرع وقت!!::جيد::




لأني أتوقع إن الرسام بيوقعها بورطه:محبط: مع مارك


!!!

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 20:28
6-أدونيس جواد أسود


وعد مارك رافينا ان يقدم لها جوادا يكون ملكا لها تمتطيه وقتما تشاء واختار لها مهرا اغبر ابوه ذو فحولة يركض بجنون عبر تلال سردينيا وكان المهر رقيقا استطاع ان يربط اواصر الصداقة بينه وبين رافينا. وكان ادونيس الاسود هو الجواد المفضل عند مارك وذات صباح هبطت رافينا الى الاسطبلات لتلهو مع المهر وعلمت من صبي السائس ان ادونيس قد القي بصاحبه السابق ارضا ووطأه بحوافره. قال الصبي موضحا:
" ادونيس يحب الا يضربه احد بالسوط ومارك لا يحمل اي سوط ولهذا كان الجواد اليفا معه "
وقفت رافينا على باب حظيرة ادونيس تحمل قطعة من السكر في راحتها واشاح الجواد بأنفه ورفض ان يقبل الرشوة من شخص مازال غريبا عنه. ضحكت رافينا وقالت:
"ايها الشيطان المتنكر لشدة ما اتساءل اي شخص تريد ان يمتطيك؟ "
عندما كانت رافينا قاصرا تعيش تحت وصاية واحد من الفرسان كانت تستمتع بركوب الخيل وهي مازالت شابة صغيرة..تعلمته هي ورودري حتى اتقنته واصبحت الان تمسك بمقود الجواد وتقوده وهي ثابتة الجنان فوق السرج فاستحقت ان تكون فارسة ممتازة ونالت اعجاب مارك عندما رأها تمتطي برشاقة فوهبها المهر كدليل على تقديره لطريقتها في ركوب الخيل وادركت ان زوجها سردي لا يعبر عن اطرائه بالكلمات وانما هو رجل عملي.
وبينما هي واقفة تتأمل ادونيس باعجاب تناهى الى سمعها وقع حذاء يعبر فناء الاسطبل فاستدارت لترى مارك يرتدي سروال ركوب الخيل وقميصا ابيض اللون جعله يبدو اكثر شبابا ورياضيا في لباس الفرسان. وفي الحقيقة لم تعرف رافينا رجلا سليم البنيان دؤوبا مثل زوجها فهو يمضي ساعات طويلة يتفقد اعماله ويعكف في مكتبه على دراسة اوراقه الهامة حتى ساعات متأخرة كما انه يعمل على انجاز شؤونه المحلية بنشاط ملحوظ. ابتسمت وهي تشعر بالخجل يعتصر قلبها ثم قالت:
" صباح الخير..احاول ان اكسب صداقة ادونيس ولكنه يبدو خجلا مني "
" ارجو ان لا تكوني حاولت دخول حظيرته لقد اسيئت معاملته مرة فأصبح يشك في اغلب الناس "
قالت:
" اكره التفكير في ان يكون احد ألم مثل هذا الحيوان المتكبر "
ارتسمت ابتسامة على شفتي مارك وهو يدلف الى حظيرة ادونيس فناولته رافينا السكر الذي التهمه الزواج وهو يدفع عنقه في كتف مارك ثم وضع السرج على متنه واللجام في فمه وادركت تماما مدى التفاهم بينهما. انهما يقتسمان ألم الذكرى السوداء ويشتركان في الخطر الداهم الذي يتعرض له المرء اذا ما راودته فكرة الاقتراب منهما.
ثم سمعت وقع حوافر مهرها على ارض الاسطبل بعد خروجه من حظيرته وقد اعد السرج على ظهره استعدادا لرياضة الصباح فأسرعت الى امتطائه وتألقت شمس الشروق فوق شعرها المتوهج وسرح المهر الذي انتصبت اذناه واهتز لجامه وكأنه يقول لراكبته ( هيا بنا... دعينا ننطلق ).
استدارت لترى ما اذا كان مارك قد امتطى جواده فتبينت انه قد استقر فوق ظهر الحصان وارخى حافة القبعة فوق وجهه الاسمر وغادرا فناء الاسطبل وانطلقا الى رحاب الريف. واحست رافينا بالحرية وهي تركض بجوادها عبر الارض الشاسعة رغم وجود مارك بجوارها. هناك سحر يكسو المكان في رائحة العشب وقطرات الندى التي فوق عيدان الحشائش وسيقان الاشجار الشوكية وبعد قليل سوف تستنزف الشمس بيد حانية الالوان من الحشائش والزهور البرية .
كان قلب رافينا يشدو بأغنية غريبة نصفها مرح ونصفها الاخر دهشة اذ احست انها قريبة من دنيا السعادة وخيل لها ان الريح تلهب سياطها فوق شعرها فانطلقت بجوادها تسابق مارك على ارضه التي يعرف فيها كل شبر وكل صخرة وكل شجرة زيتون وسألت نفسها: هل تريد الهروب منه؟.
والتفتت تنظر اليه فرأت ابتسامة تكشف عن اسنانه البيضاء وسط وجهه الاسمر وقد كبح جواده عن المضي في الجري تاركا اياها تعتقد ان في وسعها الهرب منه واندفعت قبعته لتسقط وراء رقبته فبدا لها في صورة قاطع طريق يتعقب خطاها وتولتها رعدة من الخوف سرت في اوصالها رعدة دفعتها الى ان تحث مهرها الى الاسراع وتشبثت ركبتاها بالسرج وهو يتخذ طريقه الى غابة الصنوبر الكثيفة وعندها تناهى الى سمعها صوت الحصى وهو يتناثر تحت وطأة حوافر ادونيس كان المهر قد بلغ الممر الطحلبي المؤدي الى داخل الغابة ثم شمت رائحة الراتنغ الصمغية المنبعثة من الاشجار ويبدو انها خدرتها هي ومهرها وحينما بلغت رافينا موقع جدول يتدفق فيه الماء عبر الغابة توقف المهر فجأة فاهتز جسمها فوق السرج

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 20:31
وانتابها دوار وتقطعت انفاسها ولفتها ظلال اشجار الصنوبر ونظرت حولها فرأت مارك في محاذاتها.
قالت لاهثة:
" هذا...هذا الماء اهو صالح للشرب يا مارك؟ "
قال:
" انه يتدفق من الجبال عذبا صافيا "
رمقته بنظرة سريعة ثم انزلقت بجسمها من فوق السرج واسرعت تركع فوق ضفة الجدول واستخدمت راحتيها لشرب الماء وكان باردا كأنه مثلج وطفقت تستعذبه وهو يجري لذيذا عبر حلقها. سألت مارك وهو يترجل من على حصانه ويسند ظهره الى شجرة صنوبر:
" الا تشعر بالظمأ؟ "
قال:
" في وسعي ان احتسي قليلا من القهوة "
وشعرت انه يتطلع اليها وهي جالسة على حافة الجدول تجفف يدها ثم اردفت يقول:
" اتحبين الذهاب الى مطعم صغير اعرفه حيث نتناول طعام الافطار؟ انهم يصطادون السردين مباشرة من البحر ويعدونه مشويا او محشوا بالخضرة"
قالت:
" انا جائعة. ان ركوب الخيل يفتح شهيتي "
" انت تحبين ركوب الخيل...اليس كذلك يا رافينا ؟ "
قالت:
" لم امتطي جوادا رائعا مثل هذا المهر "
ورمقت المهر بشغف ثم اردفت تقول:
" احب رائحة الصنوبر انها نقية منعشة طلقة مثل ركوب الخيل السريع عبر الريح الباردة وكل شئ له لذعة قارصة "
وتطلعت الى مارك ورأت لمعان اسنانه وعلى شفتيه ابتسامة وادركت انهما وحدهما. انه زوجها ومع ذلك انه الشخص الوحيد الذي يستطيع ان يدغدغ اعصابها وقد بدا جسمه واضحا لها انه عريض المنكبين وتتراقص الرغبة تحت قميصه الابيض واطرافه طويلة واضاف حذاءه الذي يصل الى ركبته سمة القوة الى هيئته وكان لابد لها ان تمر بجواره كي تصل الى مهرها فأخذ قلبها يدق وهي تنهض واقفة واتخذت سبيلها نحوه.
مد يده في تراخ وجذبها نحوه ونفذت يده الاخرى في اغوار شعرها المتطاير وفجأة اشتدت قبضته عليها وهو يتحدث اليها:
" قبلتك تبدو وكأن الثلج يسري في عروقك بينما تبدو النار في نظرة عينيك ما من مرة يا رافينا خلال الاسابيع التي امضيناها سويا شعرت بالدفء في قلبك "
قالت والبرودة تشوب صوتها :
" منحتك كل ما يمكنني ان اعطيك اياه. اذا كنت تريد الحب يا مارك كان الاحرى بك ان لا تجبرني على الزواج منك "
سألها وفي صوته نبرة سخرية:
" هل كنت تصيغين السمع لي لو غازلتك بالطريقة التقليدية؟ ماذا كان تفكيرك عندما التقينا في المرة الاولى ؟ "
احست بنبضات قلبها تخفق قريبا من قلبه وادركت انه يشعر بهذه الدقات المجنونة حينما قالت له:
" كنت ارجو ان تذهب بلا عودة "
لمس وجهها وراح يتحسس العظام الرقيقة اسفل بشرتها الناعمة وسألها:
" كأن الشيطان قام بزيراتك اليس كذلك؟ هل كنت ابدو شيطانا امامك يا رافينا؟ هل بعثت الشقاء في نفسك ؟ منذ لحظة وجيزة كانت عيناك تتألقان "
قالت:
" انا...انا احب ان امتطي مهري. من الافضل ان تعطيني جوادا استطيع ان امتطيه جيدا ".
"لا بد انك تعلمت ركوب الخيل منذ طفولتك".
" اجل..جاردي كان دائما يعاملني وكانني ابنته،وما تعلمه رودري لم يكن ضنينا على به. ذهبنا سويا الى مدرسة تعلم ركوب الخيل".
"هل عشتما مع بعضكما البعض فترة ".
وتطلعت اليه، ولمحت القسوة في عينيه وقالت له:
" كما اخبرتك من قبل يا مارك انني لا استطيع ان امحوذكرى رودري من عقلي كما عرفته كان مرحا انيقا في زيه العسكري وجذابا "
قال مارك بنبرة مريرة متسائلا:
" جذابا؟ هيا بنا دعينا نذهب لتناول طعام الافطار "
وقاما بامتطاء الجوادين وقفلا عائدين من غابة الصنوبر وكانت الشمس دافئة وهما يمضيان في الممر المؤدي الى الفندق الصغير القائم فوق التل

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 20:37
ا
لمطل على الشاطئ وكانت جدرانه الخشبية بيضاء وسطحه منحدرا قليلا وله حديقة تناثرت فيها اشجار الكروم والجميز وشجرة توت كبيرة صفت الموائد تحت اغصانها. قادهما شاب خجول الى احد الموائد وكان يتحدث بانجليزية ركيكة سريع الحركة اطاح الحركة وهو يفرد الفوطة ويضعها على حضن رافينا وقال:
" اجل...اجل يا سيدي..سيدتي السردين طازجا من البحر مباشرة "
وظهرت في الحديقة شابة حافية القدمين ترتدي ثوبا قرمزي اللون وتحمل فوق كتفها سلة مملوءة بالسمك منحت مارك ابتسامة سريعة ورمقت رافينا بفضول ثم قالت:
"صباح الخير يا سيدي هل اتيت لتتناول السردين المشوي كما كنت تفعل في الايام الخوالي؟ "
" اجل يا سانتوزا. احضرت زوجتي لتأكل الذ طعام افطار موجود في كل ساردينيا "
قالت سانتوزا:
" لطيف منك ان تقول هذا يا سيدي "
ومنحته الشابة انحناءة احترام وادهش رافينا جرأتها ونظراتها الضاحكة وقد اضافت بلوزتها الزرقاء وتنورتها القرمزية الحيوية لشبابها كما لاحظت انها تنظر الى مارك كما لو كان بينهما صداقة قديمة. حملت سانتوزا السلة الى الفندق وطلب مارك كوبين من اللبن ليحتسياه حتى الانتهاء من طهي السمك واتت سيدة عجوز بالكوبين وكانت ترتدي وشاحا اسود اللون فوق رأسها شأنها في ذلك كل جيلها المسن. قالت بالانجليزية:
" اتذكر يا سيدي عندما كنت تحضر ابنك معك هذا الصقر الشقي ليحتسي لبننا"....ثم اضافت بالايطالية:
" كوزي ايستا لافيتا "
ثم طفقت تجوب بنظراتها لتتأمل رافينا فأدهشها لون شعرها الاحمر وبشرتها البيضاء واردفت تقول بالانجليزية :
" انها قطعة رائعة الجمال لابد انها تدير رأس اي رجل ولكن من الافضل ان تقترن بواحدة منا "
وراحت تتمتم وهي تغادر المكان وتركت وراءها رافينا مدهوشة وسألت مارك:
" انها تعني...هكذا هي الحياة "
وكأنما الكلمات التي تفوهت بها العجوز اعادت الزمن القهقري وتذكر مارك بوضوح عدد المرات التي جاء فيها الى الفندق بصحبة فتاته ذات الشعر الاسود لتتناول معه طعام الافطار وبعد مدة كان يأتي معهما ابنهما الصغير...
الصقر الصغير الشقي. احتست رافينا رشفة من اللبن وراحت تبحث عن شئ تقوله...اوه لماذا اتى مارك بها الى هنا ؟ لماذا..... وهذا المكان يحمل ظلالا من الذريات وقد يحدث ان يسمع ضحكات طفل توارى وراء اشجار الكروم والجميز. قالت:
" مارك "
ولكنه قاطعها قائلا:
" كل شيئ على ما يرام رافينا. اشكرك على تلك النظرة التي تجول عينيك...الشفقة من اجل الطفل. كان يحلو له المجئ الى هنا والاختباء وراء الاشجار ورش الماء من النافورة العتيقة ولكن الذكريات لا يمكن محوها كما تقولين كما انه لا يمكن الاختباء منها. هاهي نتاليا تأتي بالسردين "
اقبلت رافينا على الطعام بشهية وهي تقول:
" لم اذق في حياتي مثل هذا السردين اللذيذ والخبز ما زال دافئا خرج لتوه من الفرن والزبدة تسيح من شريحته "
قال مارك:
" يبدو منظرك كتلميذة جائعة "
حقا كانت رافينا بشعرها المتطاير وقميصها المفتوح وهي ممسكة بقطعة الخبز المدهونة بالزبدة لا تكاد تبدو انها زوجة ولا يؤكد زواجها شئ سوى خاتم الزفاف الذي يزين يها اليسرى وادركت ان مارك يعقد مقارنة بينها وبين دوناتا. لابد انها كانت هادئة وفاتنة ورشيقة وشعرها الاسود ناعما وعيناها على استعداد لان تهبه ابتسامة خلابه وصوتها الناعم فيه سحر اغراء.
مسحت رافينا شفتيها ولابد انها كتمت الصرخة التي ندت من قلبها. لقد عرف مارك الحب ولكنه حرمها الفرحة الممتعة لهذه العاطفة كل ما لديه هو الرغبة فقط. سألها:
" ماذا تريدين الان ايتها العروس؟ هل تودين مشاركتي تناول فاكهة بيرسيفون ؟"
راحت تراقبه وهو يقطع الفاكهة مناصفة ورأت العصير يجري فوق يده التي كستها الندوب واردف يسألها:
" هل تعرفين اسطورة بيرسيفون؟ "

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 20:43
التهمت رافينا قطعة من الفاكهة اللذيذة وقالت :
" التقى بها ادونيس مصادفة وهي تقطف الزهور وحملها معه الى قصره. هل تسمح لي بعد مضية ستة شهور ان اعود الى عالمي مرة اخرى "
تطلع اليها مارك وقال:
" اذا كنت ترغبين في رؤية جاردي فلن اقف دون ذلك ولكن ان كنت ترغبين في رؤية رودري الجذاب فهذا شئ اخر "
" ارجوك هل من المحتم ان يدور حديثنا عنه ؟"
قفزت رافينا واقفة على قدميها واخذت تتجول بين اشجار الكروم والجميز وكانت عناقيد العنب صغيرة ومرة وعثرت على عريشة تظلل مقعدا صغيرا من الحيد جلست عليه واخذت اصابعها تلوي بعنف منديلها ولم ترفع رأسها حينما اظلم المدخل بجسم مارك الفارع. قال:
" يجب ان نعود الى البيت "
وتذكرت بيتها في وطنها وتواردت الصور في عقلها عندما فكرت في العودة الى بيتها الى غرفتها في رافنهول بنافذتها الدائرية وشرفتها الممتدة وكتبها وخلوتها التي تطمئن اليها في احضان الجدران البيضاء .
قال لها : " تعالي "
وشعرت انها وقعت في شر ولا سبيل لها للخروج من العريشة الا الوقوع في احضانه فصرخت قائلة :
" اكرهك....لن اشعر بشئ سوى الكراهية نحوك والقلعة والريح التي تهز اشجار السرو انها تبكي في الليل لا شئ سوى النحيب في الكازا هل شعر هذا البيت يوما بالسعادة؟ "
قال لها:
" مازلت صغيرة "
وجذبها نحوه ولما حاولت ان تفلت هاربة من بين يديه شعرت بقوته تجذبها ثانية فقالت له:
" انت تحب ان تثبت لي انني لا استطيع الفرار منك. هذا ما تحبه...اليس كذلك؟ "
ضحك بمرح وجذب وجهها نحوه وتمتم:
" عيناك خضراوان وثائرتان "
اشاحت بوجهها وهي تقول:
" لا تفعل...."
وكانت تدرك انه يحاول تقبيلها فضحك ثانية وجرت يده التي تكسوها الندوب على طول شعرها الاحمر وقال:
" هيا بنا نعود ".




* * * * * * *

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 20:50
التهمت رافينا قطعة من الفاكهة اللذيذة وقالت :
" التقى بها ادونيس مصادفة وهي تقطف الزهور وحملها معه الى قصره. هل تسمح لي بعد مضية ستة شهور ان اعود الى عالمي مرة اخرى "
تطلع اليها مارك وقال:
" اذا كنت ترغبين في رؤية جاردي فلن اقف دون ذلك ولكن ان كنت ترغبين في رؤية رودري الجذاب فهذا شئ اخر "
" ارجوك هل من المحتم ان يدور حديثنا عنه ؟"
قفزت رافينا واقفة على قدميها واخذت تتجول بين اشجار الكروم والجميز وكانت عناقيد العنب صغيرة ومرة وعثرت على عريشة تظلل مقعدا صغيرا من الحيد جلست عليه واخذت اصابعها تلوي بعنف منديلها ولم ترفع رأسها حينما اظلم المدخل بجسم مارك الفارع. قال:
" يجب ان نعود الى البيت "
وتذكرت بيتها في وطنها وتواردت الصور في عقلها عندما فكرت في العودة الى بيتها الى غرفتها في رافنهول بنافذتها الدائرية وشرفتها الممتدة وكتبها وخلوتها التي تطمئن اليها في احضان الجدران البيضاء .
قال لها : " تعالي "
وشعرت انها وقعت في شر ولا سبيل لها للخروج من العريشة الا الوقوع في احضانه فصرخت قائلة :
" اكرهك....لن اشعر بشئ سوى الكراهية نحوك والقلعة والريح التي تهز اشجار السرو انها تبكي في الليل لا شئ سوى النحيب في الكازا هل شعر هذا البيت يوما بالسعادة؟ "
قال لها:
" مازلت صغيرة "
وجذبها نحوه ولما حاولت ان تفلت هاربة من بين يديه شعرت بقوته تجذبها ثانية فقالت له:
" انت تحب ان تثبت لي انني لا استطيع الفرار منك. هذا ما تحبه...اليس كذلك؟ "
ضحك بمرح وجذب وجهها نحوه وتمتم:
" عيناك خضراوان وثائرتان "
اشاحت بوجهها وهي تقول:
" لا تفعل...."
وكانت تدرك انه يحاول تقبيلها فضحك ثانية وجرت يده التي تكسوها الندوب على طول شعرها الاحمر وقال:
" هيا بنا نعود ".



* * * * * * *

بحر الامان
06-07-2007, 20:58
الله يعطيك العافيه
تعبناك معانا
واحنا بس نقول هات
ولا نرحم ولا نصبر
بس انتي كريمه واحنا نستاهل
صح
اكيد صح خخخخخخخخ
الروايه من جد رائعه

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 21:00
وصل ستيليو عقب الغداء ليواصل رسم صورة رافينا ولكنه بعد مضي ساعة القي بفرشاته وسار تجاه المائدة ليحتسي كوبا من عصير الاناناس المثلج الذي يحبه ثم قال بتجهم:
" انني اتحدى يدي اليوم. هل ترغبين في كوب من العصير؟ "
هزت رأسها وهي تسترخي على سور الشرفة وقد تبين لهما ان الظبي لن يكون هادئا اثناء الرسم لذلك فضل ستيليو ان يرسمها وحدها بجوار السور وساعده ذلك على مواصلة عمله. القى عليها نظرة فاحصة طويلة ثم سألها:
" ماذا يزعجك؟ بدوت غريبة على الابتسامة. انني اصر ان ترسم ابتسامة الموناليزا على شفتيك وانا ارسمك "
قالت:
" المرء لا يستطيع دائما الابتسام انني...انني اشكو من صداع خفيف "
سار نحوها بقميصه الازرق الشاحب وتطلع اليها بعينين تتلألأ فيهما اضواء كهرمانية اللون وسألها:
" هل انت صادقة معي؟ ربما قلبك يسبب لك الما؟ "
اجفلت رافينا لنفاذ بصيرته ورأت ان عليها ان تكون حريصة مع ستيليو فهو شخص جذاب وعطوف وفي هذه اللحظة احست انها بحاجة الى قليل من هذا الحنان والى كتف تريح رأسها عليه لمجرد لحظات قليلة ولم تحتمل نظراته الغاوية التي تتلألأ في عينيه فأشاحت بوجهها بعيدا عنه وشخصت ببصرها نحو الجبال ومياه البحر التي تجري تحت البيت وكانت تنبض مثل نبض قلبها في موجات متتالية وكان الجومشبعا بالحرارة وكأن عاصفة تنذر بالقدوم.
قالت:
" الجو ثقيل يدفعني الى القلق "
لقترب ستيليو منها وقال:
" انها الرياح الشرقية الحارة التي تهب من افريقيا وهي تثير اعصاب اي شخص غريب "
قالت بحدة :
" كفى....يا ستيليو "
" اريد ان اقول انها اثارت اعصابك خلال الساعة الماضية. انت تعيسة يا رافينا وانا اعرف السبب "
ورسمت ابتسامة على شفتيها وهي تنظر اليه ثم قالت:
" لا تستطيع ان تعرف السبب بسهولة. ارجوك يا ستيليو اصحبني بجولة في السيارة "
قال والاضواء الكهرمانية تحترق في عينيه:
" على الرحب والسعة ولكن ماذا عن زوجك؟ "
" ان مارك في اجتماع مع صانعي الشراب ولن يعود قبل ساعات وانا اريد ان اشعر بالريح تلفح وجهي "
قال: " اذن هيا بنا "
امسك ستيليو بيدها ومثل اطفال المدارس انطلقا يهبطان درجات السلم ويخترقان الصالة ويغادران باب البيت. ولم يلحظ احدهما السيدة ذات الرداء الاسود وهي تتلصص عليهما واقفة في الرواق بنظرات تومض ومضا سريعا ثم هرعت لتفضي الى سيدتها بأن البادرونسيتا انطلقت تجري من البيت يحدوها مرح القبرة وهي ممسكة بيد الفنان الايطالي.
كان اون سيارة ستيليو اللوتس رماديا واخذت تسابق الريح عبر الطرقات التي تخترق الجبل وفي كل منحى كانت رافينا تمسك انفاسها وتشعر انها تطير في الهواء ولن تفكر في ركوبها مرة ثانية اما الان فهي ترغب ان تمتع نفسها وكان ستيليو يهلل كلما لفحته نسمات الهواء ويقول لها:
" انها منعشة اليس ذلك؟ "
ضحكت قائلة:
" انها رائعة من الافضل لك ان تكون سائقا لسيارات السباق "
قذفها بابتسامة سريعة وقال:
" ان الريح تلسع شعرك بالسيط. ما رأيك يا رافينا ان نتوجه الى الساحل..."
" لا..لا..انه بعيد جدا "
" ليست المسافة بعيدة وانت تركبين لوتي وفي وسعي ان اقدم لك شرابا مثلجا في مسكني وسأعود بك في الساعة السادسه. هل انت خائفة ؟ "

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 21:01
قالت ساخرة:
" منك..؟ "
" لا...وانما من زوجك "
ويبدو ان شيئا اعتصر قلبها ودفعها الشعور بالخوف من مارك الى التمرد فقالت بلا اكتراث:
" يمكنك ان تقدم لي شرابا باردا. انتظر...دعني افكر ثانية "
قاطعها ضاحكا:
" افلت الامر من يديك. لقد بلغنا الطريق المؤدي الى الساحل "
" كنت اود ان اقول انني افضل عصير البرتقال "
واخذت السيارة تطوي الطريق الناعم المحاذي للشاطئ وانقضت فترة قبل ان يرخي الخوف اصابعه التي نشبت اظافرها في قلب رافينا. كانت تدرك انها ترتكب جرما تجاه مارك وقررت ان تخفي عنه زيارتها لفلا ستيليو ما يجهله مارك لا يسبب في قلقه...اخيرا وقفت السيارة امام فيلا رائعة الجمال تقع في ميدان يضم عددا من المنازل الفاخرة ورأت سلما ابيض اللون عربي التصميم يؤدي الى الشرفة كان المنزل يبعث على الشعور بالبهجة والمكان يناسب حقا فنانا غير متأهل. وضع ستيليو مرفقه على عجلة القيادة وسألها:
" حسنا...هل تدخلين الفيلا؟ "
قالت:
" كيف لي ان اقاوم "
وانزلقت تغادر السيارة واستدار هو من الجانب الاخر لينضم اليها وارتقيا السلم المؤدي الى الشرفة وفتح الباب ودخلا غرفة واسعة وباردة بها اريكة هلالية الشكل مكسوة بالقطيفة وبعض الزخارف النحاسية ودولاب للشراب فارسي التصميم ولوحات ايطالية تزين الجدران وولاعة على شكل بجعة فوق منضدة صغيرة.
قالت رافينا بابتسامة :
" انت مترف "
نظر اليها بجسارة وقال:
" كنت شابا محروما. ذقت الفقر والحرمان في مطلع حياتي. اجلسي من فضلك وسو اسكب لك شيئا "
قالت بخفة:
" اريد ان احتسي عصير البرتقال "

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 21:04
ثم جلست في احد المقاعد الوثيرة وامتزج لون فستانها الاصفر بلون قماش القطيفة البرتقالي الذي يكسو المقاعد ووضعت يدها على شعرها لتسوية خصلاته والقى ستيليو نظرة اليها قبل ان يتوجه الى دولاب الشراب وفتح احد مصراعيه وقال:
" لم يعد عندي عصير برتقال...الا تثقين بي؟ "
قالت:
" افضل ان احتسي مقويا ممزوجا بالثلج "
تطلعت الى خاتم الزفاف في يدها اليسرى ثم تفرست في ستيليو وسألته:
" هل تعيش وحدك هنا ؟ "
" اجل الا تشعرين بالاسف لي. هناك سيدة تأتي لتنظيف البيت وتلمعيه وتقوم بطهو الطعام اذا دعوت بعض الضيوف ولكني اعتدت ان اتناول عشائيفي المطعم "
قدم لها الشراب في كأس على شكل زهرة التيولب ثم سألته:
" دائما وحدك؟ "
جلس على الاريكة الهلالية الشكل ومد ساقيه حتى تقاطعا ورفع كأسه وقال لها:
" في صحتك..ان الرجل يعتاد على الوحدة ولكن يوجد علاج واحد لها. في اي حال هل ابدو لك انني من النوع الذي يستطيع ان يعيش حياة الرهبان؟ "
ابتسمت وهزت رأسها وقالت:
" كنت دائما اعتقد ان الايطاليون يتزوجون في سن مبكر ليكون لهم عائلات كبيرة "
قال:
" لكل قاعدة شواذ خذي نفسك مثلا انت فتاة جميلة...وتتزوج ضد رغبتها "
تجمدت الابتسامة على شفتيها وقالت :
" ما جئت هنا لنتحدث عن زواجي انما جئت...."
قاطعها قائلا:
" لتنسيه فترة. لا داعي للتظاهر معي رأيتك على حقيقتك وانا اقوم برسمك وكيف يكون شكلك عندما ينضم مارك دي كورزيو الينا ونحن على الشرفة في الكازا كأن الضوء يهرب من عينيك...وكأنك تتخلين عن نفسك "
وضعت كأسها على المنضدة وقفزت واقفة على قدميها وقالت:
" كفى ما جئت الى هنا لتقوم بتحليل زواجي او مناقشة مشاعري الشخصية ليس هذا من شأنك "

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 21:06
قال: " هل تظنين ذلك؟ "
ثم وقف بدوره ورأت سمة الجدية في نظراته ثم اردف يقول:
" التقين على الشاطئ وكنت جذابة والتقيت بك ثانية في بيت دي كورزيو ورأيت فيك فتاة تختلف تماما عن تلك الفتاة التي توجهت معي الى الكهف. في كل يوم منذ التقينا وانا احوال ان انقل الاضواء الضاحكة التي تتلألأ في عينيك الى اللوحة لكن هذا مستحيل! انها لم تعد هناك شئ غامض يحاول ان يقبعها"
وتجرع بقية الشراب ثم استطرد يقول:
" سيدتي هل تتصورين اني احمق؟ هل تظنين انني خبرت هذه الدنيا قليلا فلا ادرك حقيقة المرأة التعيسة عندما يقع بصري عليها؟ "
" وهل تظن اني جئت الى هنا لتقدم لي العزاء؟ وهل هذا هو الاسلوب الذي يستجيب به زبائنك التعساء الى سحرك؟ "
قال لها:
" لكنك صرحت لي بأنك تعيسة "
وقام ليتناول سكارة ثم توجه ليغلق الابواب الزجاجية التي كانت تسمح بدخول نسمة حارة جعلت رافينا تلهث بأنفاسها ولما عاد وقف الى جوار كتفها شعرت بالتوتر ولم يكن سبب توترها خوفها من دافع غريزي منه وانما كانت تشعر بنوع من الود يضفيه عليها والحنان يعتبر اخطر عاطفة عندما تكون المرأة بحاجة اليه.
قالت:
" كل شئ يسوده الهدوء حتى جمع الحصاد هدأ والاشجار نسجت خيوطها بزرقة السماء الحارة "
تمتم قائلا:
" كم احب سماع بلاغة وصفك. لديك سمة تصيب المرء بالهوس لم اجدها من قبل في اي امرأة اخرى "
" هل عرفت نساء كثيرات يا ستيليو ؟"
" انا في الثانية والثلاثين من عمري وفنان له مكانته لابد ان يتعرف بالناس"
" انا اسفة انك تلقى المتاعب بسبب صورتي وربما تنفض يديك منها قريبا "
" يجب ان اتخلى عنك لأتخلى عن الرسم. لقد فتنت بجمالك يا رافينا ارجوك لا تغادري المكان انني لن المسك او اجبرك على مشاطرتي مشاعري انا اعرف انك فتاة وفية لزوجك حتى لو لم تشعري بالحب نحوه. ذات يوم...ربما...سوف تفضين لي بسبب زواجك منه "

ماري-أنطوانيت
06-07-2007, 21:10
تولتها رعدة خفيفة ربما كان السبب زمجرة الريح او وميضا في السماء دفعها الى ان تتراجع عن النوافذ وجعلها تقترب من ستيلو ليصتدما برفق. اغمضت عينيها واندفعت ذكرى جاردي الى عقلها. كان رقيقا وحانيا عليها واعتاد ان يقبلها على وجنتها حين عودتها من المدرسة طفرت الدموع من عينيها وانسابت على وجنتيها بينما كانت السحب تبرق خارجا وهدير المطر يتدفق من عنان السماء ويتطاير رذاذ منه على زجاج الابواب المفتوحة فسحبها بعيد واظلمت الغرفة وبدأ الهواء يهب بعنف. مسحت رافينا وجنتيها المبللتين وفتحت عينيها تشاهد العاصفة وقالت:
" ما كان يجدر بي ان اتي الى هنا. الى متى سيدوم هطول المطر ارغب في العودة الى البيت يا ستيليو "
فنظر اليها مأخوذا وقال:
" لا استطيع ان اعود بك في مثل هذا الجو انت لا تعرفين كم هيسيئة طرق الجبل حينما يكسوها المطر اهدئي وكوني ظريفة ان المطر المنهمر لا يدوم طويلا وسأعود بك بأسرع ما يمكن "
راحت رافينا تقطع الغرفة جيئة وذهبا وهي تسائل نفسها: لملاذ وافقت على المجئ معه؟ ادركت انها اخطأت ووقعت في شراك العاصفة ويبدو ان غضب المطر لن يتوقف .
قال لها: " اجلسي "
وسكب لها شرابا طازجا احتسته وشعرت برأسها يسبح بخفة والحرارة تدب في اوصالها وزاد نحيب قلبها كانت خائفة على نفسها وعلى ستيليو.
قالت:
" مارك سيغضب. انني لن اخبره بمجيئي معك الى هنا "
مال ستيليو نحوها وقال:
" ماذا في وسعه ان يفعل؟ علام يغضب اذا علم الحقيقة..بأننا شربنا..بأننا تحدثنا..بأننا اصدقاء "
" من الصعب تعليل هذا التصرف "
" حاولي يا رافينا...دعيني افهم السبب الذي يدفع فتاة مثلك ان تعيش في خوف من رجل من واجبه ان يشعر بالحب نحوك وان يرغب في اسعادك "
حاولت ان تبتسم ولكن محاولتها باءت بالفشل.
سألها ستيليو:
" الا تخطئين فتتصورين الحب...جاذبية ؟"
قالت متسائلة:
" الحب؟! "
وحدقت في المطر المنهمر كأنه سياط تلهب ارضية الشرفة فسارع ستيليو الى غلق الابواب الزجاجية فتوقف تيار الهواء. قالت رافينا بهدوء:
" عندما يوجه القدر حياتك بقسوة يتوقف ايمانك بالحب. لم يطلب مارك مني حبي مطلقا ولم يسألني الزواج منه الا امتثالا لاسلوبه معي "
امسك ستيليو بيدها اليسرى وتحسس خاتم الزواج وقال:
" لماذا؟ الانك شعرت بالشفقة نحوه؟ الانك لا تحتملين ان تكوني سببا في ايلام رجل سبق ان لحق به اذى؟ رافينا ان زواجك منه يعد تضحية "
بدا وجهها في ضوء العاصفة مستغرقا في التفكير وعيناها مثل البرك الموحلة بالطين. اجل انها تضحية ولا يمكن انكار هذه الحقيقة ومع هذا فانها لا تسمح لاستيليو ان يعزف على لحن حاجتها الى الحنان وعليها ان تحارب هذا الضعف الذي تشعر به في اعماقها والا سيصبح مصيرها الارتماء بين احضانه.
قالت:
" عندما كنت طفلة وكان المطر يحول دون خروجي اعتدت ان اردد اغنيى يا مطر...يا مطر...ارحل بعيدا وعد ثانية في يوم اخر. فهل تظن ان سحريسوف يفلح؟ "
قال واصابعه تقبض على اصابع رافينا:
"اعتقد ان هناك فرصا تتحقق فيه الامنية ولم يحدث ان التقيت شخصا في وسعه ان يلقي بسحره مثلما تفعلين "
وفي هذه اللحظة ترددت اصداء رنين اجراس الباب في ارجاء الفيلا وزمجرة الرعد وتألق البرق في عيني ستيليو عندما راح كل منهما يحدق في الاخر. كانت عيناها تنذران بهجوم مباغت تردد صداه عبر عيني رافينا "






***نهاية الفصل السادس***

حسناء الظلام
07-07-2007, 05:38
في انتظار التكمله

BonBony
07-07-2007, 06:21
لأآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآ

لا الوقت المناسب ولا المكان المناسب فى الأحداث

ياريت التكملة بسررررررررررعة بليز

نفسى أعرف هل العاصفة فى الداخل هتكون أكبر ولا أصغر من العاصفة فى الخارج

أول ما الجرس رن حبست أنفاسى

كملى أحسن أتخنق

ماري-أنطوانيت
07-07-2007, 10:57
لأآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآ

لا الوقت المناسب ولا المكان المناسب فى الأحداث

ياريت التكملة بسررررررررررعة بليز

نفسى أعرف هل العاصفة فى الداخل هتكون أكبر ولا أصغر من العاصفة فى الخارج

أول ما الجرس رن حبست أنفاسى

كملى أحسن أتخنق




مراااااااحب بون بوني

والله بعتذر لك ولكل العضوات بخصوص الفصل السابع .....:مذنب: :مذنب:

اني ماراح اقدر انزله اليوم لاني مشغووووووووووووله حيل :( :mad:

بس ان شاء الله راح انزله بكره مع الفصل الثامن....:D :D

واعرف ان اعصابك ما تستحمل....:p :p :p

بس اعذروني مو بيدي الموضوع.....

المخلصة ماري-أنطوانيت

ماري-أنطوانيت
07-07-2007, 11:12
الله يعطيك العافيه
تعبناك معانا
واحنا بس نقول هات
ولا نرحم ولا نصبر
بس انتي كريمه واحنا نستاهل
صح
اكيد صح خخخخخخخخ
الروايه من جد رائعه


اهليييييين بحر الامان...:D

كيفك..؟

لا والله لا تعب ولاشي...

الي يحب الشي ما يتعب فيه....صح..

وانتوا تستاهلون اكثر من هذا والله...::سعادة:: ::سعادة::

حسناء الظلام
07-07-2007, 12:18
ما عليه حبيبتي ماري

خدي راحتك


بس لا تطولي




اصلا احنا تعبناك معنا

shining tears
07-07-2007, 13:07
السلام علكم ورحمة الله وبركاتة
انا عضوة جديدة بالمنتدى وعجبني الموضوع والقصص الي هنا جديده علي وحبت اشارك وهاي المجموعة الي عندي
1. giاغنية الفجر
2. البيت الخشبي الصغير
3. قرار متهور
4. يبقى الحب
5. وكان الصيف – ريث لانغن
6. حبي الوحيد- سوزان مكارثي
7. خطوات متهورة- سارة كارفن
8. يقظة عاشقة – كاثي وليامز
9. سيدة نفسها – ليليان بيك
10. المكابرة- مارغريت بارغيتر
11. العائدة- كاي ثورب
12. ارجوحة المصير – آن ميثر
13. وعاد في المساء – ماري ويبرلي
14. الراقصة والاستقراطي – سوزان بيكر
15. الاغنية المتوحشة – سارا كرايفن
16. انت قدري – ربيكا وينترز
17. عاصفة الحب- ايما جولدريك
18. حقيبة الجراح- جانيت ديلي
19. قلب في المحيط- آن هامبسون
20. هبت الريح لاجلك- آن ارثر
21. السر الدفين- ماري وبرلي
22. درهم الارملة- اما غولدريك
23. قل كلمة واحدة- آن ميثر
24. مؤامرة قاسية- هيلين بروكس
25. قبل ان ترحل- مارجري هيلتون
26. فصول النار-بيتي نيلز
27. المطاردة الحلوة المريرة- مارجريت ماثيو
28. البحث عن وهم- سالي ونتوورث
29. مهما كان الثمن- روز ماري كارتر
30. وداعا للهدوء- شارلوت هدسون
31. اوقفوا هذا الزفاف- ماري سول
32. الحبيب الغريب- اليزابيث اولد فيله
33. موعد مع الغرام- روز ماري كارتر
34. المتهورة- روز ماري كارتر
35. عصفورة النار- آن مثير
36. الحيرة القاتلة – انابيل موراى
37. ضفاف سيلبرس- جان اريور
38. احتضنني اللهب- ساندرا مارتون
39. مصارع الثيران- فلورا كيد
40. لاتعتذر ابدا- باميلا بوب
41. المشاعر القديمة- بيتي سبير
42. انت قدري – فلورا كيد
43. وعد بالزواج- ديبورا هوبر
44. كوخه قرب قصرنا- ماري ويبرسي
45. لا تقولي لا- فلوراكيد
46. لحظة ندم- ليز فيلدنغ
47. رقم الحظ- ناتالي
48. والتقينا من جديد- كارول مورثمر
49. عهد الحب- كاثرين جورج
ولاني ما اقدر اجي نت الي مرة في الاسبوع راح اكون كاتبة رواية كاملة وراح انزلها على طول واتمنى ما ازعجكم

*لميس*
07-07-2007, 13:47
فصل راااااائع



والآن وصلنا لمرحلة عقدة القصه كما أعتقد!!!:rolleyes: :rolleyes:



وعادي حبيبتي ((ماري)) نقدر ننتظر لاتشيلين هم



:
:
:
:
:



ياما إختنقنا وحبسنا أنفاسنا >>> كيف تكون القصه مشوقه


إذا ماهمك خلصت ولا ماأكتملت؟!!!!


صح؟؟



الله يوفقك ويسعدك::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: عملت مجهود كبير للمشروع::جيد:: ::جيد::



وأنا ماعندي غير الهذره:D :D :D :D :D :D

shining tears
07-07-2007, 14:09
راح تكون رواية لحظة ندم موجوده في اي وم من الاسبوع الجاي انشاء الله تكون كاملة
بس بجد بجد الرويات الي نزلتوها روعه

آن همبسون
07-07-2007, 16:55
رووووووووووووعة ماري من جد الرواية جنااااااااااااان

تسلمين لنا ياملكتنا ,,


الله لا يحرمنـــــــــــا منك يا قمرنا

آن همبسون
07-07-2007, 16:59
السلام علكم ورحمة الله وبركاتة
انا عضوة جديدة بالمنتدى وعجبني الموضوع والقصص الي هنا جديده علي وحبت اشارك وهاي المجموعة الي عندي
1. giاغنية الفجر
2. البيت الخشبي الصغير
3. قرار متهور
4. يبقى الحب
5. وكان الصيف – ريث لانغن
6. حبي الوحيد- سوزان مكارثي
7. خطوات متهورة- سارة كارفن
8. يقظة عاشقة – كاثي وليامز
9. سيدة نفسها – ليليان بيك
10. المكابرة- مارغريت بارغيتر
11. العائدة- كاي ثورب
12. ارجوحة المصير – آن ميثر
13. وعاد في المساء – ماري ويبرلي
14. الراقصة والاستقراطي – سوزان بيكر
15. الاغنية المتوحشة – سارا كرايفن
16. انت قدري – ربيكا وينترز
17. عاصفة الحب- ايما جولدريك
18. حقيبة الجراح- جانيت ديلي
19. قلب في المحيط- آن هامبسون
20. هبت الريح لاجلك- آن ارثر
21. السر الدفين- ماري وبرلي
22. درهم الارملة- اما غولدريك
23. قل كلمة واحدة- آن ميثر
24. مؤامرة قاسية- هيلين بروكس
25. قبل ان ترحل- مارجري هيلتون
26. فصول النار-بيتي نيلز
27. المطاردة الحلوة المريرة- مارجريت ماثيو
28. البحث عن وهم- سالي ونتوورث
29. مهما كان الثمن- روز ماري كارتر
30. وداعا للهدوء- شارلوت هدسون
31. اوقفوا هذا الزفاف- ماري سول
32. الحبيب الغريب- اليزابيث اولد فيله
33. موعد مع الغرام- روز ماري كارتر
34. المتهورة- روز ماري كارتر
35. عصفورة النار- آن مثير
36. الحيرة القاتلة – انابيل موراى
37. ضفاف سيلبرس- جان اريور
38. احتضنني اللهب- ساندرا مارتون
39. مصارع الثيران- فلورا كيد
40. لاتعتذر ابدا- باميلا بوب
41. المشاعر القديمة- بيتي سبير
42. انت قدري – فلورا كيد
43. وعد بالزواج- ديبورا هوبر
44. كوخه قرب قصرنا- ماري ويبرسي
45. لا تقولي لا- فلوراكيد
46. لحظة ندم- ليز فيلدنغ
47. رقم الحظ- ناتالي
48. والتقينا من جديد- كارول مورثمر
49. عهد الحب- كاثرين جورج
ولاني ما اقدر اجي نت الي مرة في الاسبوع راح اكون كاتبة رواية كاملة وراح انزلها على طول واتمنى ما ازعجكم




هلا حبوبتي ,, كيفك ؟؟


شكل الروايات حلووووة ياليت فعلا تكتبينها لنا ,, مشكوووورة ياعسوولة


الله يعطيك الصحة والعافية




آن همبسون

sa3et 7anan
07-07-2007, 19:19
الف

الف

الف

شكر

لكى

مارى

منتظرين البقية على نار

توقعاتى الخاصة حان الوقت ليصفع مارك رافينا

.

*لميس*
07-07-2007, 20:06
توقعاتى الخاصة حان الوقت ليصفع مارك رافينا





:D :D :D :D :D :D
حبيبتيsa3et 7anan


أعجبتني عبارتك والله >>> حان الوقت ليصفع مارك رافينا!!!!!!::جيد::


ترجمتي توقعي بعباره جميله:p



:D :D :D :D :D :D



صحيح البنت مجبوره ع الزواج لكن هي زودتها كل ماشفت الندوب


ترتعش ومادري أيش؟؟:mad: برأيي مايحتاج كل هذا القرف:confused:


بس من جد هي في ورطه كبيره هالمره!!!:eek: :eek: :eek:



نصبر ونشوف:rolleyes: :rolleyes: !!!!

البدر المضاء
08-07-2007, 04:43
http://www.up07.com/up3/uploads/52b9804896.gif (http://www.up07.com/up3/)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اسعدني تواجدك ...
وما خط به قلمكم الراقــي

تسلمين لنا ياملكتنا ,,

في انتظار التكمله

صحيح البنت مجبوره ع الزواج لكن هي زودتها كل ماشفت الندوب



ترتعش ومادري أيش؟؟ برأيي مايحتاج كل هذا القرف



بس من جد هي في ورطه كبيره هالمره!!!


أعجبتيني في كلمتك معك حق
http://www.up07.com/up3/uploads/0db69c158c.gif (http://www.up07.com/up3/)
البدر المضئ

sa3et 7anan
08-07-2007, 12:34
تسلمى لميس:D

منتظرين البقية

فى

انتظار

الملكة;) ;)

احباب الروح
08-07-2007, 14:23
الســلام عليــكم ورحمــة الله وبركـــاتــه


اخبــــــااااركـــم ..؟؟
جميع اعضاء الفريق والاعضاء المتابعيـــن
ان شاءالله الكل بخيـــر ..



اخبار المشروع ؟
مين من الاعضاء غايب ومين رجع ؟ :)


بس شكله كل شي تمام

وانا بعد من متابعي الرواية اللي تنزلها الاخت ماري انطوانيت
جد رووعــه .. بس مارك كاسر خاطري حيل :(


لو يسوي عملية تجميل مثلا :D
راح تصير الرواية احلا
لان ما اقدر اتخيله وهو مشــووه
واحــس انه على طـول حزيـــن

تعبــت نفسيتــي وانا اشوفـه بهالحــاله :(


..



يعطيــج الــف عــافيــه حبيبتــي

و مشكـــووره على مجهودج


::جيد::


..

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 14:39
الســلام عليــكم ورحمــة الله وبركـــاتــه


اخبــــــااااركـــم ..؟؟
جميع اعضاء الفريق والاعضاء المتابعيـــن
ان شاءالله الكل بخيـــر ..



اخبار المشروع ؟
مين من الاعضاء غايب ومين رجع ؟ :)


بس شكله كل شي تمام

وانا بعد من متابعي الرواية اللي تنزلها الاخت ماري انطوانيت
جد رووعــه .. بس مارك كاسر خاطري حيل :(


لو يسوي عملية تجميل مثلا :D
راح تصير الرواية احلا
لان ما اقدر اتخيله وهو مشــووه
واحــس انه على طـول حزيـــن

تعبــت نفسيتــي وانا اشوفـه بهالحــاله :(


..



يعطيــج الــف عــافيــه حبيبتــي

و مشكـــووره على مجهودج


::جيد::


..






مرااااااااااااااااااااااحب احباب الروح....

الحمد لله على السلامة..

والله منوره المشروع بعد الغيبة الطويله....

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:01
رسالة ترحيب...

قبل ما انزل الفصل السابع

حبيت ارحب بكل من العضوات...

حسناء الظلام...Bon Bony...shining tears...sa3et 7anan

الي شاركونا في ردودهم الحلوه ومتابعتهم الدائمة :D :D

وحبيت اقولهم اهلا فيكم بالمشروع والله منورينه::سعادة:: ::سعادة::

~~~~~~~~~~~~~


وطبعا شكر خااااااااااااااص


للاموره لميس....وان هامبسون... والبدر المضاء...وبحر الامان

الي دايما طالين علي بالردود الحلوه

~~~~~~~~~~~~

والله المشروع كان خامد شوي زي ما قالت لميس

بس الحين رجع لنشاطه القديم

بمجهودكم الحلوووو::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::


المخلصة
ماري-أنطوانيت

*لميس*
08-07-2007, 15:03
هلا والله بأحباب الروح


منوره المشروع والله فرحت كثير لما شفتك وشفت ردك


وإن شاءالله... نفرح أكثر برجوع باقي اللأعضاء


والأعضاء اللي مايقدروا يتابعوا أول بأول

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:32
7-ليلة العاصفة


سأل ستيليو متجهما:
" من يطرق الباب في مثل هذه العاصفة ؟"
ونهض واقفا عندما دق الجرس مرة اخرى واردف يقول:
" لابد ان اجيب على الطارق يا رافينا "
قالت: " بالطبع "
والتقت عيناهما وراودهما سؤال واحد فهز ستيليو كتفيه باستخفاف وخطا خطوات واسعة وارهفت رافينا سمعها علها تلتقط صوت الزائر حينما يفتح ستيليو الباب. وشعرت انها مذنبة فالاتهام الذي سيوجه لها ولستيليو بأنهما عاشقان. وان مارك جاء سعيا وراءها. وشخصت ببصرها نحو الباب حينما لاح لها شبح طويل بلله المطر وقد وقف عند المدخل وتحققت مخاوفها العميقة.
قال صائحا: " رافينا "
وكانت قطرات المطر تتساقط من فوق شعر مارك الاسود لتستقر على عينيه وطفقت نظراته تفحص جسمها النحيل الغارق في المقعد الواسع المكسو بالقطيفة. ولم تستطع رافينا ان تحرك ساكنا وتركزت عيناها على وجهه الصارم. لم تصدق عينيها في بادئ الامر ولكنها كانت حقيقة واقعة ان مارك جاء بحثا عنها .
سار الى الغرفة يتبعه ستيليو الذي بدا صبيا الى جوار مارك ونفر عصب في احد صدغيه عندما استدار ليواجه الرسام قال مارك بصوت بارد تشوبه مرارة الغضب:
" احب ان تقدم لي تفسيرا لهذا الموقف...ماذا تفعل زوجتي هنا؟ "
كسا المطر الشرفة ودقت الساعة معلنة الوقت كأنها تريد ان تنبه رافينا بأن مكانها في هذه اللحظة يجب ان يكون في بيتها وليس الاستكانة الى فنان فاسق. سألت مارك:
" ماذا تفعل هنا؟ هل رأني احدهم وانا اغادر الكازا مع ستيليو؟ هل جئت الى هنا لتأخذني بعيدا؟ "
رمقها بنظرة سوداء وقال:
" لا...تعطلت عربتي في مكان ليس ببعيد من هنا واعرف ان فابريزي لديه هاتف فجئت استأذن منه الحديث الى الكراج. ولم يكن لدي ادنى فكرة انني سأجد زوجتي مع السنيور "

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:35
مضت لحظة من لحظات الصمت التي تبدو فيها البراءة وكأنها اثمة ولم يقطع الصمت سوى صوت المطر المنهمر ولم تستطع رافينا ان تقاوم رغبتها في ان تختلس النظر الى ستيليو ولما حاول ستيليو الكلام بدت نبرته وكأنها تؤكد كل مظاهر الاثم. قال ستيليو:
" كان الجو شديد الحرارة والرطوبة فرأينا ان نقوم بنزهة في السيارة. انني السبب في دعوة رافينا الى المجئ الى هنا لتناول بعض المشروبات ولما وصلنا فاجأتنا العاصفة وحاولت ان اقنعها بأنه من الجنون قيادة السيارة عبر الجبال وسط هذا السيل المنهمر. لو ان العاصفة لم تحدث....."
قاطعه مارك قائلا:
" لكنت حملتها الى البيت دون ان اعرف انها كانت هنا بصحبتك "
ونظر الى رافينا بنظرات مبهمة مدركا انها كانت ستكتم ما حدث وعندما تقدم خطوة نحوها تراجعت والذعر يتملكها وكأنها تخشى ان يلمسها وقالت له بتحد سافر:
" هل نخلق من هذا الامر مأساه؟ احتسيت كأسا ولم يكن سوى مقو بالثلج "
ولمح مارك كأس التيوليب فوق المنضدة الواقعة الى جوار المقعد الذي تجلس عليه فالتقطها وراح يتشممها واعاد الكأس الى مكانه وسأل ستيليو:
" هل فرغت من رسم صورة زوجتي ؟ "
اجاب ستيليو:
" فشل الرسم فشلا ذريعا. ظننت في البداية ان رافينا موضوع سعيد يصلح للرسم ولكني الان عرفت انها امرأة تعيسة ولست استطيع ان انقل الى القماش حقيقتها. ليس في وسعي ان افعل المزيد من الرسم مثلما عجزت انت على ان تستحوذ على قلبها يا سنيور دي كورزيو "
واجه الرجلان كل منهما الاخر حينما تألق بريق ضوء عبر الغرفة فتطلع مارك اليه وقال ساخرا:
" هل تتصور انك استحوذت على قلبها ؟ انت تخدع نفسك يا سنيور. ان الرجل الذي يستحوذ على قلب رافينا بعيد من هنا. يمكنها ان تغفر له خطاياه والمرأة تستطيع ان تفعل ذلك من اجل الرجل الذي تحبه "
وتطلع ستيليو نحوها وبدت الحيرة في عينيه وقال:
" رافينا! "

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:36
قالت وهي تتطلع الى مارك:
" اريد العودة الى البيت. لن اخشى طرقات الجبل اتصل بالكراج هاتفيا ودعهم يصلحون سيارتك "
قال ستيليو بصوت حاسم:
" خذ سيارتي اليك المفاتيح سوف استأجر زورقا يحملني غدا الى الكازا لاجمع ادوات الرسم وسوف اعود بسيارتي الى بيتي "
وكان ستيليو يتحدى مارك في ان يقود السيارة اللوتس في خضم العاصفة ويخترق بها الطرقات التي تتعرض لانهيار التربة نتيجة للسيل المنهمر ثم انتقل ببصره الى رافينا وكانت عيناه جامدتين ولم تتفوه رافينا بكلمة. كانت واثقة ان مارك سوف يقبل التحدي اذ قال لستيليو:
" هل لك ان تعير زوجتي معطفا ؟ "
واحنى الرسام رأسه بالايجاب وغادر الغرفة ليحضر معطفا. وحرك مارك مفاتيح السيارة بيده وسأل رافينا:
" هل انت عصبية؟ "
وحملق فيها وبرق ضوء غريب في عينيه وقال:
" انا معجب دائما بشجاعتك الامر الوحيد الذي لا يمنع دهشتي هو ان فتاة لها مثل شجاعتك تقع في حب جبان "
وتوقف مارك عن مواصلة الكلام حينما عاد ستيليو وهو يحمل معطفا واقيا من المطر وكانت عيناه مضطربتين وقال:
" سنيور الا تمكث هنا حتى تهدأ العاصفة. هناك طعام في الثلاجة "
امسكت رافينا المعطف وقالت:
" ستيليو عندما يصدر مارك قرارا لتنفيذ امر ما فلا احد يمكنه ان يثنيه عن عزمه. اذا سألت يا مارك...كلا لن اتوسل شيئا...."
وسارت الى الباب وبدت نحيلة وهي ترتدي المعطف الفضفاض الطويل وقالت:
" الا نذهب يا مارك؟ سرعان ما يهبط الظلام "
واستمر هطول المطر بينما اخذت عجلات السيارة تغادر ارض الفيلا وحدقت رافينا بنظراتها عبر النافذة التي راحت المساحات تزيل الماء اللاصق فوق سطحها وكان مارك يمسك عجلة القياة بثقة تامة ولم يتفوه بكلمه وانما كانت نظراته مثبتة على الطريق الممتدة امامه. وسار بالسيارة نصف ساعة توقف

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:39
بعدها عند مكان يجاور ارضا مزروعة بالحشائش يقع تحت الجبال ثم استدار نحو رافينا وتلألأء الضوء على وجهه المشوه بالندوب وقال بوحشية:
" لا استطيع ان افعل ذلك "
وتطلع الى يديه اللتين تقلصتا على عجلة القيادة فبدت الحروق واضحة واستطرد يقول:
" سيكون من الجنون في مثل هذه الليلة "
وتركز بصر رافينا فوق وجهه وادركت اي ذكرى مخيفة تسيطر عليه بضراوة وتحول دون مواصلة قيادة السيارة فقد تذكر دريستي حينما وقع في شراك تحطم السيارة الاخرى. وفجأة جذب المعطف عنها فبدا جسمها صغيرا وضائعا في ثناياه وقال لها:
" يجب ان نمكث هنا قليلا. لا...تذكرت الان يوجد كوخ راع على مقربة من هنا. تعالي يمكننا ان نتناول عشاء من لحم الضأن المسلوق اذا اسعدنا الحظ"
وراحا يقطعان الحقل بسرعة تحت وابل المطر المنهمر وقد التفت ذراعه حول وسطها بينما كان المعطف يتطاير في الهواء. ثم توقفا امام كوخ يتكون من غرفة مستطيلة لها قبة مخروطية الشكل كالصنوبر وعالج مارك الباب فانفتح بسهولة. كانت النار خابية ولا يوجد اي قدر فوق المدفأة وكشف وميض البرق عن وجود اريكة خشبية عريضة عليها ربطة من فرو الغنم وكرسي مستدير بثلاثة ارجل وهراوة مستندة الى الجدار وهبت الريح فاهتزت لها الهراوة وسقطت على الارض مما دفع رافينا لان تقفز بعصبية.
قال لها مارك: " ادخلي "
وهو يشعل عودا من الثقاب. وطفق يتجول في الكوخ المهجور ورأى شمعة في فتحة زجاجية فأشعلها وتطلعت رافينا الى مارك وقد وقف يحمي لهب الشمعة بيديه من تيار الهواء .
قال لها:
" اقفلي الباب "
قالت وهي ترتجف:
" هل تنوي المكوث هنا؟ "
تركها ليغلق الباب بنفسه ثم قال:
" ليس هناك بديل لذلك في الوقت الحاضر. انه مكان غريب يصلح لايواء اثنين في ليلة عاصفة كهذه. يمكننا ان نشعل النار...هل تخشين من وجودك وحدك معي في حين واتتك الجرأة للذهاب بالسيارة وسط العاصفة؟ "

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:42
" انني اخاف من وجود الفئران "
قال بابتسامة ساخرة:
" فئران الحقل لا تؤذيك "
وعثر على كوة في الجدار وضع فيها الشمعة التي راحت تلقي بضوءها على مارك وهو يسعى نحو المدفأة ليوقد فيها نارا وقال:
" الخشب جاف وسوف يحترق جيدا تعالي يارافينا سوف نتمتع بدفء عائلي قبل ان ينبلجنور الصباح "
ودس يديها المضطربتين في جيوب المعطف فلم يحدث لها من قبل ان انفردت تماما بمارك حقا انه زوجها ومع ذلك فهو الرجل الذي يجعلها تشعر بالخجل وتدرك انها امرأة وانتابها الوهن فاستندت بجسمها الى الباب الذي كان يهتز تحت وطأة عصف الريح.
قال لها مارك:
" لا تقفي هناك في مواجهة تيار الهواء تعالي رافينا "
امتثلت لامره وكأنها مسلوبة الارادة واحست بيديه تلمسان شعرها.
فقال لها:
" شعرك مبتل من المطر. سأشعل النار حالا "
وكانت خصلات شعره تنسدل مبللة فوق عينيه واحست باغماءة خفيفة وعندئذ ادركت ما يريد منها في هذا المكان الغريب الذي يقع في البراري وعندما بدأت ساقاها تتهاويان قام سريعا يرفعها الى الاريكة وارقدها فوق فروة الغنم وازاح خصلات شعرها من فوق جبينها وقال:
" حسنا...انا لست غاضبا منوجودك مع فابريزي انت طفلة مسكينة ممزقة الاعصاب "
" مارك..."
" ولا كلمة...استريحي قليلا حتى اشعل النار "
وتوجه الى المدفأة وبدأ في قطع الحطب وراح يبحث عن ورقة في جيبه يضعها تحت الحطب حتى تساعد على اندلاع النار ولمحت رافينا انه يسحب خطابا من جيبه ويطلق زفرة حارة من صدره ثم كوره ووضعه تحت الخشب واضرم النار فيه وبينما كان الخطاب يحترف سمعت الحطب يصدر طقطقة وكان مارك يحدق في اللهب المشتعل وقد ران عليه السكون.
فجأة استوت رافينة جالسة على الاريكة وارادت ان تعرف فحوى الرسالة التي كانت تحترق في المدفأة. سألته:
" مارك ما هذا الخطاب؟ ارجوك انظر الي واخبرني "

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:45
انتصب قوامه مشدودا وعندما استدار كان قناعا اسود اللون يكسو وجهه وقال بصوت خلا منه الدفء:
" غدا اخبرك "
" كلا اخبرني الان "
ونظرت الى النار التي تحرق الرسالة وحولتها الى رماد واحست بدقات قلبها تتدافع بسرعة وقال لها مارك بخشونة:
" انه خطاب مرسل الى رودري برينين ععرت عليه في غرفتك منذ فترة. خطاب لم تبعثي به اوردت فيه مقابلتك له يوم زفافنا. هل اردد على مسامعك كلماته؟ "
رفعت رافينا يدها وتحسست رقبتها وسمعت صوت مارك رقيقا تشوبه نبرة خطرة :
" احترق الخطاب ولكن الكلمات لم تحترق. كانت تقول...( ارغب في رؤيتك مرة اخرى وانا لست اسفة حتى لو غضب مارك ان تلك الساعات التي امضيتها معك ساعدتني على مواجهة موقف بالغ الخطورة ان روابط الحب بيننا تتطلب السرية التامة انني اتعلق بها كلما احسست انني اغرق في عمق الماء الذي اتردى فيه... ) صمت ثم اردف يقول:
" هنا توقفت الرسالة...لم تحاولي اتمامها هل شعرت بانك لا تتحملين ارسال خطاب اليه في حين كنت تتوقين دائما الى صحبته؟ ان الكتابة عن تلك الساعت التي امضيتها معه يوم زفافنا لابد انها عذبتك حتى انك كورت الرسالة والقيت بها ولم يتطرق الى ذهنك ان زوجك قد يعثر عليها فيلتقطها ويفضها من باب الفضول "
حدقت رافينا ببصرها الى مارك وادركت سوء الفهم الذي التبس عليه عندما قرأ عبارة ( تلك الساعات التي امضيتها معك ) كلمات تحمل معنى واحد عند مارك فقد ظن انها ورودري عاشقان. لابد من سبيل لنفي هذه التهمة ولكنها رأت صورة المررة التي ارتسمت على فمه وانه على استعداد لان يزدري اي شئ تقوله وانتابتها رجفة حينما زمجرت الريح حول الكوخ.
فقال لها:
" انا اسف ليس لدينا اي طعام نأكله او شراب نحتسيه وخير لكان تكوني جائعة من ان نتورط في حادث على طريق الجبل "
وبحث مارك في جيبه ةاخرج علبة تبغ واستطرد يقول:
" ان واحدة منها سف تصيبك بدوار..هل يضايقك ان دخنت لفافة؟ "
قالت بصوت يشوب نبرة اليأس:
" لا..يمكنك ان تدخن

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:46
اخرج سيكاره واشعلها ونفث الدخان دون ان يرفع بصره عن عينيها ولم تحتمل قوة نظراته التي تحاول ان تقرأ ما يدور في عقلها وسارت الى المقعد المستدير ذو الثلاثة ارجل وسحبته قريبا من النار وجلست عليه وراحت تدفء يدها. قالت:
" انا لست جائعة انما اريد احتساء كوبا من الشاي "
وتصاعدت حلقات الدخان في الهواء وكأنها علامات تساؤل وقال:
" لانونا سوف تقلق علينا. اماذا لم تمكثي في البيت. كان في وسعي ان اعود الى البيت وحدي لكن الامر لا يهم كثيرا "
قالت رافينا:
" سوف تغامر بحياتك؟ "
هز كتفه باستخفاف وقال:
" ولن اغامر بحياتك يا عزيزتي! لا تنظري بانزعاج لست بصدد ان اعلن مدى حبي لك. انت صغيرة ودريستي كان صغيرا والحياة حله حتى لو امتزج اللوز المر بالقرنفل "
سألته :
" هل كان دريستي يشبهك؟ "
لم يسبق لها ان طرحت عليه هذا السؤال من قبل ولكنها الان تشعر بدافع قوي لان تعرف ذلك وتطلعت الى وجهها وبالرغم من الندوب الرهيبة التي تشوه وجهه الا انه بدا لها انيقا في ضوء النار المشتعلة.
هز رأسه بالايجاب:
" اجل كان يشبهني يجب ان اريك صورته "
وشد على شفتيه وهو يخرج محفظته ويفتحها ويسحب منها صورة صغيرة ويناولها اياها. وراحت تتفحص صورة الطفل ذي الشعر الاسود عيناه تتلألأن مرحا, وصفحة وجهه تعكس صورة وجه ابيه قبل ان يصيبه الحادث. وطفقت رافينا تتأمل الصورة فترة طويلة وراحت تكافح الدموع التي اوشكت ان تنهمر من عينيها. الان فقط اركت السبب الذي يدفعه الى البحث عن الفتاة القريبة من قلب رودري ليجبرها على الزواج منه هو .
منذ ان بدأت الحياة منذ امنا حواء ومنذ عهد هيلين كان على المرأة ان تدفع الثمن ففي وسعها ان تتذوق المرارة مع حلاوة الحب وعندما اعادت له الصورة تلامسة ايديهما وتذكرت انهما وحدهما في الكوخ .

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:48
قالت له:
" يبدو ان الريح بدأت تهمد في الخارج "
ولكن العاصفة كانت لاتزال تصفق الباب فابتسمت بعصبية وطفقت تهز كتفيها باستخفاف.
قال مارك:
" انت متعبة اخلدي الى النوم ان الاريكة تصل للنوم. هي خشنة ولكنها نظيفة "
لم تنهض رافينا من فوق المقعد وسألته:
" ماذا عنك يا مارك؟ انا مستريحةهنا بجوار النار "
قال:
" الحطب اوشك على ان يذوب وعندما تخمد النار سيزداد البرد في المكان وافضل ان تتدثري وانت نائمة فوق الاريكة. تعالي "
ومد لها يدها ليساعدها على النهوض فقالت له بتردد:
" لا يمكنك الجلوس على المقعد انه منخفض وانت طويل "
" سأكون بخير...النساء يتمتعن بنعمة القلق "
قالت:
" اننا نستطيع ان نجلس سويا على الاريكة "
توردت وجنتاها بحمرة الخجل وكأنها عروس في ليلة زفافها واستطردت تقول:
" لا تستطيع ان تتجول في الكوخ طوال الليل لن يطرق النوم اجفاني وانا اراك لا تقوى على الرقاد "
قال ضاحكا:
" هل انت الانسانة التي تفكر فيََََّ ؟"
وفجأة انتصبت ورفعها بذراع واحدة واستطرد يقول:
" لا استطيع ان اقاسمك الجلوس على الاريكة فسرعان ما ينتابك الذعر وحتى الان مازلت عصبية من لمسة يدي "
ادخت رافينا قدميها في فروة الغنم لتشعر بالدفء والقى مارك بأخر قطعة من الخشب في المدفأة وفي هذه اللحظة انطفأت الشمعة وعلى ضوء النار المشتعلة عاد وجلس الى جوارها وجذبها الى كتفه وراحا يتطلعان الى النار الذي اخذ لهيبها يخبو تدريجيا. وبدأت اصوات الريح تتلاشى بينما استغرقت رافينا في النوم ورأسها مستقر فوق كتفه العريضه وامضيا ليلة غريبة وعندما استيقظت رافينا عند الفجر وجدت نفسها بين ذراعي مارك ووجها يتمتع بدفء عنقه وظنت وهي نصف حالمة انهما ببرج الفارس ولكنها ادركت الحقيقة عندما افاقت تماما ورأت كوخ الراعي وبقايا الرماد في المدفأة .

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:51
تركت بصرها يعود ليستقر على وجه مارك الذي ان مستغرقا في النوم وقد استند بظهره الى الاريكة ولما كان البرد الشديد قد زحف الى الكوخ اثناء الليل فانه جذبها بذراعه وضمها الى صدره ليلتمس الدفء فلم تشعر بأدنى خوف منه. والان ادركت فقط كيف يكون الرجل غير محمي وهو في قبضة النوم. كان شعره مشعثا وذقنه التي كساها الشعر زرقاء وقوية وشفتاه صارمتان ووجنتاه تبرزان التجاويف تحتهما اما ندوبه فلم تنتقل الى ابه وانما ورث عنه الكبرياء والعناد. تملكها الذعر فأسرعت تسبل رموشها عندما شعرت بذراعيه تشتدان حولها عندها بدأ يستيقظ واطلق زمجرة واستدار بوجهه وهمس قائلا:
" يا حبيبتي "
لم يسبق له استعمال هذه الكلمة من قبل نفدت من فمه ناعمة تشوبها الالفة والمودة وعرفت انه نصف حالم ولا يتفوه بها انسان الا للمرأة التي احبها ثم فقدها. فتح عينيه وتطلع الى رافينا وفي الحال بدت فيهما نظرة الحارس الذي يذود عن املاكه وفجأة تبين المكان الذي يحيط بهما فأطلق سراحها بسرعة وانتفض واقفا على قدميه وقال:
" يا له من مكان كئيب هيا بنا يا رافينا المطر قد توقف وحان الوقت كي نعود الى البيت "
تركت رافينا الاريكة ومدت ذراعيها امامها ثم قامت بتسوية شعرها بيدها وقال:
" اشعر بالفوضى في مظهري "
وطفق مارك يجيل ببصره عليها ولاح التجهم في شفتيه ثم قال:
" يبدو عليك وكأنك امضيت ليلة مضنية فوق سطح قرميدة "
قالت ضاحكة:
" انظر الى نفسك "
وسبقته الى مغادرة الكوخ لتستقبل هواء الصباح. رأت السنة من اشعة الشمس في الافق وسمعت الطيور تشدو على الاغصان. سارا فوق الحشائش المبتلة ووجدا السيارة مغطاة بقطرات المطر. مسح مارك الزجاج قبل ان يتخذ مكانه وراء عجلة القيادة ويستقر الى جوار رافينا واتجها صوب اشعة الصباح المشرقة. بدأت نسمات الفجر تهب عبر النافذة وبدت الزهور متفتحة وامتزج شروق الشمس بأمواج البحر ليصنعا معا لوحة رائعة التكوين وعندما سألها مارك اذا كانت تحب ان يكشف غطاء السيارة ابتسمت موافقة والتقطت انفاسها عندما اخذ الهواء يداعب شعرها المتطاير. انهما يستحقان مثل هذه الرحلة الصباحية بعدما اقتسما سويا ليلة غريبة امضياها في الكوخ الكئيب وناما على اريكة خشبية.
وفجأة رأى مارك شجرة اقتلعتها الرياح من ارضها تعترض الطريق فأوقف السيارة سريعا وكان من الواضح انه لابد من المرور بمحاذاة حافة الطريق الشديدة الانحدار اذا ما فكر في ان يدور بالسيارة حول الشجرة. ومال نحو رافينا وفتح له الباب المجاور لها وقال:
" من فضلك اذهبي وحدك سيرا على الاقدام لن اعبر بالسيارة حول الشجرة ومعي راكب "
" ولكن يا مارك...."
" لن اناقش الامر "
ودفعها خارج السيارة واستطرد يقول:
" سيري حول الشجرة وانتظريني على بعد خطوات منها "
قالت:
" انت السيد "
وامتثلت لامره. لم ينسى مارك حطام السيارة الاخرى والمخاطر التي اجتازها ولن يجرؤ على ان يجتاز مخاطرة اخرى. وعندما سارت رافينا واستدارت حول الشجرة تبينت ان المسافة التي ستعبرها السيارة بالغة الضيق وعلى مارك ان يجتازها بحذر شديد فقفز قلبها بين ضلوعها وراودتها الرغبة في ان تعود اليه وتتوسل له الا يخاطر بحياته وفي وسعه ان يترك السيارة مكانها ويغلق ابوابها ويطلب من ستيليو الحضور لاستعادتها من هذا المكان لكنها ما كادت تبدأ بالعودة حتى رأت مارك يدير محرك السيارة ويسير بها بين نهاية اغصان الشجرة وحافة الجبل .

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:53
تسمرت قدما رافينا وبدت كالتمثال الاصم لا يتحرك منها شئ سوى شعرها الاحمر المتطاير وتوقفت انفاسها وهي ترى السيارة تنسل من الممر الضيق لتنطلق الى الطريق الواسع وتتوقف الى جوارها ويفتح مارك لها الباب وينظر اليها نظرات متسائلة ويقول لها:
" ادخلي "
وقفت جاحظة العينين ولم تتصور انه يخاطر بهذه الطريقة فانتابها غضب شديد هزها من رأسها الى اخمص قدميها قالت له:
" لماذا تشدني الى حياتك؟ اذا كنت ترغب ان تعيش مع اشباحك فلماذا لم تتركني مع جاردي؟ انه سوف يهتم بي "
" رافينا......"
وراحت تبتعد عن السيارة ثم بدأت تجري في كل اتجاه ولم تكن تكترث بما قد يحدث وسمعت وراءها صوت خطوات تقتفي اثرها واحست بحشرجة في حلقه عندما اطبق مارك على عنقها وامسك بها:
" رافينا...انني اسف لاني افزعتك "
القت بنفسها عليه وقالت:
" انت لم تفزعني ولكنك اريتني كيف يبدوزواجنا في صرة مسرحية هزلية ساخرة جوفاء. لم يكن شيئا غير ذلك...ليس هنالك حب ولا عاطفة لاشئ البتة سوى الذكريات التي التي نحياها..اوه...لماذا لا تتركني وحدي؟ هل تعرف يا مارك ماذا فعلت بي؟ هل يهمك ذلك كثيرا؟ "
هزت رأسها وانعكست اشعة اشمس على شعرها فبدا متألقا بينما كانت عيناها قد فقدت ظلالهما واستطردت تقول:
" عرفت الان الى اي مدى تهتم بي لن اغفر لك...مطلقا "
وتخلصت منه...وعادت الى السيارة واستقرت في مقعدها ولم تعد ترى زرقة السماء او المياه الفضية للمحيط ولم تكلف نفسها مشقة التطلع الى مارك وهو يتخذ مكانه بجوارها ليقود السيارة. كان وجها باردا ولم تعد شفتاها ترتجفان تملكها تحفظ بارد فلم ترغب في التحدث او حتى سماع اي حديث. واحترم مارك صمتها وهو يتخذ طريقه الى منزل السرو.



* * * * *

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:55
مرت الايام بعد ذلك خاوية فلم يأت ستيليو الى البيت وخلال النهار كانت تقوم رافينا بجولة حول القرية وترتقي التل حتى تبلغ قمته او تستلقي في تكاسل على الشاطئ وتسلمت رسالة من جاردي واجابت عليها فوصفت له كاسيل مونتي باستفاضة ولكنها كانت مقتضبة في الكتابة عن حياتها مع مارك وسوف يعزو سبب اقتضابها الى خجلها الطبيعي وفي ختام الرسالة بعثت تمنياتها الطيبة الى رودري ولن تستطيع الكتابة اليه بعد تلك الرسالة التي وقعت في يد مارك.
ولم يحاول مارك الاشارة الى الرسالة الناقصة ثانية وكانت تدرك انه قرأها مرارا قبل ان يلقي بها في النار وانه يقتبس منها عبارات كتبتها كاملة من بينها عبارة ( تلك الساعات التي امضيتها معك ). كيف تستطيع ان تقنع مارك بأن الحديث وحده هو الذي ملأ هذه الساعات التي امضتها معه.
اتخذت رافينا طريقها الى مكتب بريد القرية لتبعث برسالتها وفي طريق عودتها للبيت مرت بمنزل جلست بباه سيدة ترتدي شالا اسود اللون وتصنع احدى شرائط الزينة فتوقفت لتبدي اعجابها بالشريط وسألتها ان كان بوسعها شراؤه..دعتها السيدة الى داخل البيت لتلقي نظرة على عينات مختلفة من صنع يدها فاشترت باقة جميلة وزوج من الاساور. وقالت المرأة ان اسمها فيرتيويللا وطلبت من رافينا ابتسامة ان تمكث قليلا وتتناول فنجان من القهوة معها وكان ارتياد طرقات القرية جعلها تشعر بالظمأ فجلست الى مائدة تكسوها المرأة بوشاح من الحرير الازرق وانطلقت المرأة بسرعة تجول مطبخها الصغير وتعو بالفطائر لتقدمها لرافينا فكانت لذيذة.
قالت رافينا:
" يجب ان تعلميني طريقة عمل الفطائر اعتدت طهو بعض الاطعمة قبل زواجي ويجب ان اعيد المحاولة ثانية وتحدوني الرغبة في غزو المطبخ في الكازا ولكن دونا جوكاستا تدير كل شئ وانا لا احب ان اتدخل في شؤنها"
وحدقت فيرتيويللا في وجه رافينا وانتابتها الدهشة لهذا النبأ الجديد ثم قالت ببطء:
" انت تختلفين عن سينيورا دوناتا فهي كانت تدير كل شئ ولم تحاول ان تشتري مني احد الشرائط لتزين بها ثوبها بل اعتادت ان تشتري ثيابها من روما وكانت انيقة ومحبوبة جدا "
قالت رافينا بهدوء:
" رأيت صورتها كانت فاتنة "

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:57
قالت فيرتيويللا:
" كانت تبدو سيدة عظيمة "
واحست رافينا بنبرة ساحرة في صوت فيرتيويللا كما ان نظراتها كانت تدعو الى التساؤل وفتحت المرأة صندوك سكائر موضوعا فوق المائدة وتناولت علبة اوراق الكوتشينة:
" انها سيدة عظيمة مثلك هل تحبين ان اقرأ لك طالعك؟ "
وضعت فيرتيويللا الورق وانكفأت الصور على وجهها فوق المائدة فدق قلب رافينا وهي تقول:
" انت تعنين انك تريدين قراءة حظي؟ "
هزت المرأة رأسها بالايجاب وبدت في صورة امرأة غجرية بوجهها الذي لفحته اشعة الشمس وشالها الاسود الذي يكسو رأسها وكانت عينيها مسلطتين على وجه رافينا وقالت لها:
" الا تخافين من قراءة الورق ومما قد يكشفه لك؟ والا يراودك الشك فيما يقوله لك؟ "
هزت رافينا رأسها بالنفي وقالت:
" ابدا انا سلتية وهذا معناه اني لا اسخر من السحر واؤمن بوجود اشخاص لهم القدر على قراءة الغيب "
" اذن اقلبي ثلاثة ورقات لتبدو صورها امامي "
امتثلت رافينا لطلبها وقامت مضيفتها بفحص الاوراق وكان الهدوء يسود البيت الامن بعض الاصوات التي تأتي من حفيف الحطب الموجود فوق السطح وبين لحظة واخرى كان الاتان يرفس المربط وكأنه يتململ من صحبته واخيرا قالت فيرتيويللا:
" اه...هناك احتفال ينتظرك يا سنيوريتا. هل ترين؟ هناك مهرج في اول ورقة وقع اختيارك عليها وهو مستغرق في الضحك. اجل احتفال...وقت طيب لك "
ابتسمت رافينا وقالت:
" ربما يكون احتفال مادري روزاريا الذي سنقوم بمشاهدته "
" انت والسنيور..."
" اجل. انه يرغب في ان نذهب الى هناك هذا العام "
هزت المرأة رأسها ثم ركزت عينيها السوداوتين على الورقة الثالثة وكأن الوقة الثانية لم تثر اهتمامها كثيرا وتمتمت قائلة:
" هناك طائر بأجنحة سوداء..اه انه نذير نحسيا سنيورا! من المحتمل ان يعني....."
وتمهلت قليلا لتفحص وجه رافينا التي سألتها:
" ماذا يمكن ان يعني؟ اجوك اخبريني "
راحت فيرتيويللا تخلط الورق ثم قالت:
" اوه. وقت غير سار ربما اخبار سيئة..اوه..ولكن هذا مجرد تسلية ويجب عليك ان لا تأخذي الامر باهتمام بالغ "
وقفت رافينا وقالت وهي شاردة الذهن:
" ابدا...يجب ان اعود الى البيت..اشكرك على شرائط الياقة والاساور ستبدو جميلة على ثوبي الاخضر "

ماري-أنطوانيت
08-07-2007, 15:58
وفي طريق العودة الى الكازا اخذت الافكار تطن في ذهنها حول ما قالته اوراق الكوتشينة وحاولت ان توحي لنفسها انها مجرد تسلية ولكنها ما كانت تقترب من منزل السرو حتى حلق طائر موحش اسود اللون في كبد السماء. كان نفس الطائر الذي رأته في الورقة التي قلبتها امام فيرتيويللا. وعندما دخلت فناء البيت وجدت مارك يقف في ظلال احدى فجوات المنزل ينفث لفافة تبغه فأسرحت نحوه وهي تمسك بالطرد الصغير الذي يحتوي على شرائط الزينة وقالت له:
" مرحبا "
وارادت ان يضع ذراعه حولها وان يطرد دفء رجولته البرودة التي تملكتها منذ لحظات وجيزة ولكنها كانت تشكو من البرودة نحوه لعدة ايام مضت ولم يبذل اي محاولة لكي يلمسها .
سألها:
" اين كنت؟ "
" ذهبت الى القرية واشتريط بعض شرائط الزينة "
واحست بشئ يعتصر حلقها ويخنقها وبدا لها انه يدرك حاجتها الى الراحة ثم استطردت تقول:
" اشتريتها من سيدة تدعى فيرتيويللا جلست معها واحتسينا فنجان من القهوة "
قال وهو ينفض رماد السكارة:
" حسنا انا سعيد لانك اقمت علاقات صداقة مع بعض الناس "
ارخت رافينا جفنيها واحست بالدموع تطفر من عينيها فدخلت وعبرت الصالة التي تؤدي الى درجات السلم وفي هذه اللحظة لم يبدو لها منزل السرو غريبا عنها او وحيدا فوق الجبال! "



***نهاية الفصل السابع***

sa3et 7anan
08-07-2007, 21:09
مارى


شكرا لترحيبك بى مع انى عضوة من زمااااااااااااااااااااااااااان لكن بدأت اشارك برايى من مدة قصيرة جدا

وعلى فكرة انا قرايت تقريبا كل الروايات اللى نزلت صراحة مجهود عظيم

بالنسبة للقصة اتمنى اعرف اجابة سؤال واحد

هل هو لايزال متزوجها بهدف الانتقام وانجاب الطفل


من معاملته ليها اظن انه بيميل لها كثييييييييييييييراّّّّّّّّّ!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! !!!!!

فى انتظار الفصل التامن

تحياتى

sa3et 7anan

بحر الامان
08-07-2007, 22:20
الله عليك يا ماري
من جد
رائعه
شديتي اعصابي على الاخر
يا ترى باقي كثير

حسناء الظلام
09-07-2007, 02:54
ماري يا ماري

شوقتينااااااااااااااااااااااااااا

بانتظارك

البدر المضاء
09-07-2007, 04:25
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

غاليتي

مشكوورةالرواية راائـعة بل واكثـر من رائـعة

سلمت اناملكـِ النقيـة التـي دائمـا ماتأتي بالجديد

مشكوررررررة وما قصرتي حبيبتي

بالورود .......... لكي مني أحلى تحية

http://www.up07.com/up3/uploads/d5ef1d2a9e.jpg (http://www.up07.com/up3/)

تسلمين لنا ياملكتنا ,,

وفي انتظار التكمله....

http://www.up07.com/up3/uploads/b9c16e4f2b.gif (http://www.up07.com/up3/)

البدر المضئ

BonBony
09-07-2007, 05:38
شكراً على اختيارك تلك القصة الجميلة

إختيار رائع أشكرك عليه

بس ياريت كملى بسرعة

نفسى أعرف إيه اللى حصل

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:06
8-خيانة في العيد


كانت اشجار الكروم مثقلة بعناقيد العنب وكان عصيرها حلوا ولكن رافينا احست بمرارة عندما تذوقته لان العناقيد لم تكن معدة بعد لعصرها.
الجميز اينع فوق الاشجار وحدائق الليمون تفوح برائحة نفاذة كل شئ مفعم بالحياة يحمل رافينا على الهروب الى المغارة حيث تقرأ كتابا او ترطب اصابعها في النافورة وتتأمل مليا في المستقبل. واحيانا تمر بها ساعات تستمتع فيها بوحدتها قبل ان يقطع عليها خادم خلوتها ليدعوها الى تناول طعام الغداء او تناول الشاي مع زائر. وعندما تأتي زوجات شركاء مارك في العمل لزيارتها كن يلمحن لها انها تمتلك المقدرة على ان تسوس قياد رجل قهار مثل مارك وكانت تضحك قائلة:
" انني لا اقوى على ان اسوس مارك والا كنت مثل الهرة الصغيرة التي تحاول ان تروض نمر "
وكانت بعض النسوة يسألنها:
" وهل تطرق حديثه معك الى الكلام عن دوناتا؟ كانت فتاة جميلة ولكنها لم تكن هرة صغيرة "
ولم تشهد دونا جوكلستا مثل هذه الزيارات التي كانت تطرح فيها النسوة مثل هذه الاسئلة ولكنها كانت تحب ان تسمع مادار في هذه اللقاءات وتدعو رافينا من حيت لاخر الى صالونها لتتناول معها كأس من الشراب.
وفي احدى المرات كانت تهز كأسها وهي تستمع للحديث الذي دار بين رافينا وضيوفها ونظراتها مسلطة عليها ولكن رافينا هربت من نظراتها ليستقر بصرها على الشراب الذي يتراقص في كأسها وانتابتها رغبة مفاجئة في ان تمتطي جوادها وتنطلق به. اسرعت الى غرفتها بعد ان ودعت دوناجوكاستا وبدلت ثيابها وارتدت سروالا وقميصا وعقصت شعرها وطوته تحت قبعتها وبعد عشر دقائق امتطت صهوة جوادها وانطلقت الى رحاب الشمس التي كانت لا تزال تفيض على الكون بأشعتها. كانت هذه الايام حارة وطويلة ولكن الريح كانت دائما تهب عبر السهل الواسع المعشب المطل على البحر وكان من دواعي البهجة ان يرتاض المرء بجواده ليتنسم الهواء النقي واحست رافينا ان الجواد يطير بخيلاء تحدوه سعادة لا تقل عن سعادتها وهو ينطلق الى رحاب الهواء الطلق حتى بلغا حدود السهل وعلى حين فجأة طارت قبعتها من فوق رأسها وكان لزاما عليها ان تترجل لتستعيدها ولكن الهواء

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:07
حمل القبعة بعيدا حتى استقرت عند اكمة حشائش تقع على حافة المنحدر الصخري الشاهق وعندما انقضت على القبعة تمسكها بيدها لمحت عند المنحدر رجلا وفتاة يتجاذبان الحديث وكانت الفتاة ذات شعر اسود اللون يتطاير مع نسمة الهواء وتتحدث باهتمام شديد معه وفجأة احاطت عنقه بذراعيها ودفنت وجهها في وجهه ولم يدفعها عنه وانما اخذ يضمها الى صدره .
كان العشب يبدو اطول من الاثنين فركعت رافينا وراحت تحدق فيهما بعينين شابتهما برودة الثلج انها تستطيع ان تتعرف على الرجل في وسط اي زحام ولا يمكن ان تخطئ شخصيته وهو واقف مع الفتاة. نهضت رافينا وابتعدت وتذكرت اين رأت الفتاة التي كانت بين ذراعي مارك انها الفتاة الحافية القدمين التي شاهدتها في المطعم حيث قامت على خدمتهما بتقديم اطباق السردين. احنى الجواد رأسه يلتهم العشب وحينما اراحت رافينا رأسها على سرجه ادار رأسه ووهبها نظرة حنان وكأن بهجتها الموؤدة انتقلت اليه.
لم يكن شعورا بالغضب او بالصدمة هو الذي انتابها وانما شعور بالحزن لأن مارك اجبرها على الزواج منه بينما كان في وسعه ان يجد سعادته او ربما يستطيع ان ينسى ماضيه مع فتاة من بنات اهله ولدت وترعرعت هنا وتحب الجزيرة كما يحبها هو وتعرف تقاليد اهل ساردينيا وعاداتهم .
تنهدت رافينا وتنهد جوادها بدوره وادارت رأسه ليتخذ طريقه الى الكازاتشيبريسو عائدة الى المنزل مرورا بحقول الكروم واعتذرت عن الهبوط لغرفة الطعام لتناول الغداء وعللت اعتذارها انها تناولت بعض عناقيد العنب الفجة فأصابتها بألم خفيف في معدتها.
ترك مارك ربطة عنقه غير معقودة واقترب من فراشها وانحنى عليها وتحسس جبينها بيده وقال لها:
" انت تعانين من حمى خفيفة سوف استدعي لك الطبيب "
اجفلت وقالت:
" لا ارجوك لا تفعل يا مارك سأشعر بتحسن حالا. كل ما في الامر انني لا اشعر بأدنى رغبة بتناول الطعام "
قال مقترحا عليها:
" ربما وجبة خفيفة تناسبك "

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:08
هزت رأسها بالرفض لانها لم تكن تشعر بادنى شهية للطعام وكانت كل ما رغبت فيه هو ان يدعها وحدها والقى المصباح بضوءه عليها فبدت رافينا ضائعة وحزينة.
سألها:
" هل ترغبين في ان امكث بجوارك؟ "
ندت من فمها كلمة:
" لا...لا...سأكون بخير "
" ما بك يا رافينا؟ "
تطلعت اليه فرأت ربطة عنقه المحلولة وشعره الاشعت وبدا لها كأنه كان مستعجلا في ارتداء ملابسه وشعرت بطعنة نجلاء تخترق ظهرها عندما ابدى رغبته في المكوث معها وودت لو ابدت له احتقارها لرغبته في الوقت الذي يكرس فيه كل افكاره واشواقه للفتاة الاخرى .
قالت له:
" اريد ان انفرد بنفسي...اشعر بألم خفيف "
" لانك تناولت الحصرم ؟"
اشاحت بوجهها عنه ولكنه جلس الى جوارها على الفراش وامسك برأسها المتوج بالشعر الاحمر وانتشرت خصلاته فوق الوسائد البضاء وتلألأت عيناها الخضراوان وسط امتقاع لون وجهها.
سألها:
" لم كل هذا العبوس؟ هل قالت لانونا شئ اثارك؟ لدي انطباع بأن وشائج الصداقة بدأت تربط بينكما "
" هل من الضروري ان اقدم لك تفسيرا لكل حالة نفسية امر بها؟ الا تدعني انعم بالهدوء؟ "
" انت في حالة نفسية غريبه وهذا ما يقلقني يا رافينا "
" لا تبالي البتة يا مارك ولا تفسد طعام غدائك بأمري "
شاهدت نظرة عتاب في عينيه وتساءلت هل يجرؤ على ان يعاتبها؟
توسلت اليه قائلة:
" اتركني وحدي انا...انا لا احتمل ان يلمسني احد الليلة "
سألها بهدوء:
" ايهما تكرهين اكثر...ندوبي ام قبلاتي؟ "

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:10
وشعرت مرة اخرى بطعنة من الالم تخترق جسمها وارتسمت صرخة مكتومة على فمها سرت في اوصالها فأطلق مارك صراحها وتركها ترقد ساكنة فوق الفراش ثم غادر غرفتها الى غرفته واغلق الباب وراءه بهدوء. ولم يقم بزيارتها ثانية وبعد نصف ساعة جاءتها صينية عليها شريحة من البطيخ وقطعة لحم وبطاطا والى جوار كل هذا رأت ورقة مطوية واحست رافينا باهتزاز اصابعها وهي تقوم بفضها فقرأت:
{ استدعيت في مهمة عمل وارجو ان اعود في نهاية الاسبوع مع موعد الاحتفال بعيد مادري روزاريا ربما نكون حينئذ في احسن حال . مارك }
حدقت رافينا في الخط الاسود الفاحم الواضح وضوح الفتاة ذات الشعر الاسود الفاحم التي كانت في احضان مارك وبهدوء سحقت الورقة كان يعلم تماما ان زواجهما يشوبه التوتر الحاد ومع هذا اجبرها للرضوخ لرغبته ورغم الشك الذي راوده في علاقتها برودري فانه هو السبب في ان حياتهما لا تطاق. تناولت طعامها دون ادنى احساس بمذاقه ثم جلست اتجاه النافذة وراحت تتطلع الى القمر وهو يعتلي قمة اشجار السرو وكانت اشعته الفضية والنجوم المتلألأة تغسل صفحة السماء كما تنعي هي وحدتها !!!



* * * * *

استيقظت رافينا في صباح يوم العيد يحدوها الاحساس بالاضطراب والامل الذي يخالج كل شابة. انها سوف تستمتع بيوم كامل تهرب فيه من الكازا....يوم كله مرح وانطلاق. عاد مارك متأخرا في الليلة التي تسبق يوم العيد واستطاعت ان تسمع حركاته في الغرفة المجاورة لغرفتها وهو يفتح الدولاب ويسقط حذائه ربما نتيجة اضطرابه بقدوم اليوم التالي.
اخذت رافينا حماما وساعدتها وصيفتها في ارتداء ثوبا اخر من اثواب الجدة ديمليزا وكانت الوصيفة فرحة بالعيد وعلمت رافينا منها ان القرية بأسرها تنطلق الى التلال في هذا اليوم. كل اسرة تركب عربة مزينة اروع زينة ومزدانة بالشرائط الملونة وحت الاتان يكون مكسوا بالورد.
ابتسمت رافينا وقالت:
" اظن انه احتفال ديني "

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:11
" اجل يا بادرونسيتا. تتقدم صورة مادري روزاريا الموكب الذي يحمل المشاعل بينما يقوم الكاهن بتوزيع البركات على كل انسان ثم يبدأ المهرجون بأداء العابهم النارية على انغام الموسيقى .
" ارى مدى لهفتك يا روزيتا على الذهاب الى هناك. هل سيذهب صديقك معك؟ "
توردت وجنتا روزيتا بحمرة الخجل وخفضت جفنيها وقالت:
" تونيو سيصحبني معه على ظهر جواده انها الطريقة التي يذهب بها المحبون الى الاحتفال "
قالت رافينا:
" ياله من تقليد جميل "
ثم فتحت صندوق مجوهراتها وتناولت صليبها ووضعته على صدرها فوق بلوزتها البيضاء ولاحظت وجود قرط كانت نادرا ما ترتديه اخذته وامرت روزيتا ان تقف ساكنة حتى تثبته في اذنيها فزاد تورد خدي الفتاة وهي تقول:
" بادرونسيتا....هذا القرط لي انا؟ "
" اجل..كم هو جميل في اذنيك. والان انطلقي واستعدي للذهاب الى الاحتفال مع صديقك تونيو "
امسكت الفتاة بيد رافينا وراحت تقبلها وقالت لها:
" انت طيبة القلب..انني سعيدة الحظ لانني اقوم بخدمتك يا بدرونسيتا "
" انطلقي الان ولا تجعلي صديقك يطيل انتظاره "
وهزت الفتاة رأسها لتشعر باهتزاز القرط المتلألئ في اذنيها وبابتسامة سعيدة اسرعت تغادر الغرفة وعندما ثببت رافينا الصليب حول عنقها تساءلت لماذا لا يحدوها الاحساس بأن تكون خالية البال مثل وصيفتها التي انطلقت الى الاحتفال بصحبة شاب يحبها.
كان الهدوء يسود الغرفة المجاورة وحدست ان مارك هبط الى الدور الارضي لتناول طعام الافطار وشعرت بطعنة الم لأنه لم يأت لرؤيتها وهي ترتدي ثوبها الجميل الذي قدمه لها. راحت تتأمل نفسها في المرآة الطويلة المثبة في الخزانة وحاز مظهرها على اعجابها. كان الثوب اخضر اللون بحافته اهداب قمحية اللون تلائم بشرتها اما شعرها فقد عقصته في تسريحة بديعة واشرأب عنقها من بين ثنايا فتحات البلوزة وتألقت عيناها بخضرة الجواهر

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:12
وبالرغم من تجاهل مارك لها والاضطراب الذي اجتاحها الا ان عزمها اقر على الاستمتاع بكل لحظة من لحظات الاحتفال.
وتساءلت: هل تتوقع وجود ستيليو في الاحتفال؟ افتقدت مداعباته وتمنت ان تراه. وبشعور اشبه بشعور فتاة تعيش في اوائل القرن جمعت اطراف ثوبها في يدها واتخذت سبيلها وراحت تهبط درجات السلم ولم تقابل احدا في طريقها فالخدم نالوا اجازة للمشاركة في الاحتفال مما اشعرها بأن الكازا اصبحت مهجورة. عبرت رافينا البهو ودلفت الى غرفة المعيشة حيث وجدت طعام افطارها معدا على المائدة...القهوة, والخبز, والعسل وتساءلت وهي تحتسي القهوة الى اي مكان توجه مارك الان..ربما يكون بصحبة لانونا التي ذكرت في الليلة السابقة بأنها كانت تحرص على مشاهدة الاحتفالات ولكن عظامها الان لم تعد تساعدها الان على مغادرة المنزل.
انتاب رافينا القلق فلن تستطيع المكوث اكثر في الكازا فانطلقت الى الفناء حيث وقفت تستمتع باشعة الشمس وراحت تتناول قطعة من الخبز المقدد عليه طبقة من العسل وبينما كانت تمسح شفتيها تناهى الى سمعها صوت حوافر حصان تقعقع في الارض ولاح الجواد ادونيس في الفناء وعلى ظهره مارك.
هز الجواد عرفه وبرزت عضلاته تحت سرجه المصنوع من الجلد الاسود وكان مارك يرتدي بنطلونا قصيرا اسود اللون وصديري مطرزا فوق قميص مكشكش واكدت حافة قبعته تألق عينيه. كان يبدو في كل شبر منه واحدا من اهالي سردينيا او فارسا متكبرا ينطلق للصيد بصحبة الصقور وكلاب الصيد.
قال مارك لرافينا:
" تعالي اصعدي واجلسي امامي فوق الجواد "
لم تكن هذه هي المرة الاولى التي تشدها عيناه وتسحرها وبحركة قوية رفعها واجلسها امامه واقشعر بدنها قشعريرة خفيفة مقترنة بسرور خفي وامسك بها بشدة بينما اخذ الجواد يبارح الفناء لينطلق الى عرض الطريق. وبعد لحظات اصبحا ضمن الموكب المرح الذي كان يسلك طريقه متجها الى الجبال حيث كنيسة مادري روزاريا وكانت البغال محملة بأكوام من الفراش والاطفال الهازجين والعربات المطلية باللونين البرتقالي والازرق. تطايرت اشرطة الزينة في الهواء وامتطا العشاق الجياد العربية الذين راحوا يطلقون اصواتهم بالغناء على انغام الات الاكورديون .

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:13
كان المنظر كالحلم الجميل ورافينا تبدو كالطفل المأخوذ الذي لا يجرؤ على الحديث او الحركة خشية ان يتبخر سحر الحلم وشعرت بمارك يختلس النظر اليها ولم تقو على التفكير في الايام الثلاثة التي امضاها بعيدا عنها فكانت مأخوذة بسحر اللحظة التي تعيش فيها. وتطلعت اليه وغط رأسها بوشاح حريري تتقي به حرارة الشمس وقالت له:
" المنظر بديع اليس كذلك؟ انظر الى هؤلاء الصبية الاربعة الذين يمتطون البغال وهذه المرأة التي تحمل الطعام فوق رأسها...على فكرة يا مارك نسينا احضار الطعام لنا "
وضحك مارك وبدا خالي البال مرحا ولم تستطع ان تمنع دهشتها من رؤية هذا التألق الذي لاح في عينيه وقال:
" قدمت زوجين من الغنم للحفل الذي سيقام هذا المساء واما عن طعام الغداء فاننا سنجد العديد من الناس الذين سيسارعون الى تقديم الفطائر والجبن والفاكهة ولا ادري كيف سنأكل كل ما سيقدمونه لها "
ازدادت عيناها عمقا وسوادا عندما راح يتفرس في رافينا ثم اردف يقول:
"لم اشهد الاحتفال منذ مدة واخشى ان يغمرنا الناس بكرمهم "
وبينما كان مارك يتحدث الى رافينا اطلت مرأة من عربتها وقالت:
" انه حدث جميل ان يشاركنا البادرون وزوجته هذا العام فالتبارككما مادري روزاريا "
" وانت ايضا يا سنيورا وزوجك الطيب واولادك الصغار "
واحست رافينا بذراع مارك وعندما تطلعت اليه رأت في وجهه هذا الجمال الاسمر الذي اشارت اليه السيدة فيرتيوللا يوم اشترت منها اشرطة الزينة اذ قالت:
" انه اشبه بأمير بل رجل تعشقه الفتيات! "
واليوم يبدو مارك للمرة الثانية وهو يرتدي الثوب السردي وعيناه فرحتان بين موكب الاطفال والجمال المتوحش للجبال كما رأت فيه رجلا لا يتحرق الى الانتقام لنفسه فرفعت يده المكسوة بالندوب في ايماءة تنم عن عاطفة وكأنها تريد ان تخفف من ذكرى الالم الذي اعتصر عظامه وبشرة يده التي احترقت ولم يتبادلا الحديث ثانية حتى توقف الجميع لتناول طعام الغداء في مكان يقع عند منصف الطريق المؤدي الى الجبل وما كاد مارك يرفعها من فوق الجواد ويهبط بها الى الارض حتى احاط بها العديد من افراد العائلات الذين راحوا يقدمون لهما الوانا من الطعام.

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:25
انها نزهة تتسم بالمرح جلسا على العشب وراحا يلتهمان الخبز مع شرائح اللحم والزيتون الاسود ويحتسيان كوؤس الشراب وكانت الاغاني تتردد على انغام الموسيقى عندما حان الوقت للعودة سارا الى حيث كان يقف ادونيس بجوار الجدول وشعرت بيدي مارك تكتنفهما قسوة خفيفة فندت منها صرخة قائلة:
" مارك! "
قال لها:
" ايتها الساحرة الصغيرة عيناك في خضرة اوراق الشجر يتلألأ فيهما سحر يحطم قبضتي او يحيلني الى تمثال اصم "
تلاحقت انفاسها عندما جذبها بعيدا عن الجواد واختفى بها وراء صخرة كبيرة تتاخم الجدول وهناك اجفلت وغطت عينيها بيدها ومال مارك نحوها وارتكز بمرفقه على الصخرة وراح يتطلع اليها وتهدلت خصلات شعره الاسود فوق عينيه حيث تألق فيهما حيوية الشباب المتوحش وقام بحل جدائل شعرها واخذ يلف خصلاته حول عنقها الابيض وسألها عن رودري من جديد فقالت مدافعة:
" هذا موضوع ليس له مكان في يومنا هذا ارجوك انسى امر رودري وانا سأنسى امر تلك الفتاة "
وتوقفت عن مواصلة الحديث عندما ضاقت عيناه وازدادت حده وسألها:
" اي فتاة تقصدين ؟ "
قالت:
" انت تعرف ما اعنيه. الجميع شرعوا في الاستعداد للرحيل وخير لنا ان نرحل معهم "
القت رافينا نظرة متعجلة على وجهه المتجهم وحينما خطا خطوة واحدة اخذت في الدوران حول الصخرة هاربة منه وسارت حيث كان يقف ادونيس وكان الناس مستعدين لقطع نصف المسافة المتبقية التي تؤدي الى الكنيسة فوق الجبل وكانو يرددون ان الريح وحدها هي التي تدق اجراسها وبلا تفكير اسرعت نحو الجواد ووضعت قدمها على الركاب وسمعت صرخة عاجلة:
" رافينا..."
ظنت انها صرخة غاضبة فأمسكت بعرف ادونيس ليساعدها على امتطائه عندها تراجع الجواد الى الوراء ليلقي بها عن ظهره وقد تعلقت قدمها بالركاب وشعرها اللامع يتجرجر على الارض. تعالت الصرخات تنبه الى الخطر المباغت فأسرع مارك الى الجواد الذي ارتفعت ساقاه الاماميتان عاليا فأمسك باللجام ليكبح جماحه ويهدئ من روعه وفي الوقت نفسه سارع شاب لانقاذ رافينا التي كانت تعض شفتيها من شدة الالم.

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:26
اطلق مارك صراح قدم رافينا من قبضة الركاب ولم تستطع ان تكتم صرختها من الالم الذي نجم عن التواء كاحلها فناولها البعض قليلا من الشراب وقام البعض الاخر يغمس قطعة قماش في ماء بارد ثم عصبوا بها الكاحل. ابعد مارك خصلات شعرها عن وجهها الشاحب ثم قال:
" سأعود بك الى البيت "
امسكت بذراعه وقالت:
" لا..انني اريد ان احضر العيد "
قال غاضبا :
" عيد سعيد "
بينما كانت الوجوه تطل من فوق كتفه تمتمت امرأة تسأل البادرونسيتا ان تركب معها ومع اطفالها عربة العائلة. حاولت رافينا ان ترسم ابتسامة فوق شفتيها المرتجفتين ثم قالت:
" ارجوك يا مارك تخلص من الاضطراب الذي يكسو وجهك انت تخفيني اكثر مما فعله ادونيس بي "
قال:
" كان يمكن ان يسحقك الجواد بحوافره. ماذا كنت تحاولين عمله؟ هل كنت عازمة على الهروب ثانية! "
عضت شفتها وقالت:
" مارك...كل واحد منا يعترض طريق الاخر "
" هل تعترضين طريقي؟ "
حدثته بعينيها الخضراوان قائلة:
" اذا كنت ترغب في ان اقول لك نعم اذن هي نعم "
قال مارك:
" يوما ما سوف اصفعك يا رافينا "
وكان احدهم يعرف الانجليزية فأطلق ضحكة خافتة كسرت حدة التوتر الذي ساد الموقف فرفعها مارك فوق ذراعه وحملها الى عربة يقودها اتان هزيل تتطلع من فوقها روؤس اطفال صغار دفعتهم امهم جانبا قائلة لهم:
" افسحو المكان للسنيور "

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:36
وقدمت بطانية لتجلس عليها رافينا ثم اردفت تقول:
" ضعي قدمك فوق هذه الوسادة..يا سنيورا "
ابتسمت رافينا في وجه الاطفال الاربعة وقالت:
" شكرا انتم اكثر طيبة مما كنت اتصور "
وراحت رافينا تتطلع الى وجه مارك وبعد بضعة كلمات تبادلها معها استدار وسار الى حيث يقف ادونيس الذي نكس رأسه نحو الارض ورأته يعتلي السرج وعندما جالت ببصرها في العربة رأت طفلة صغيرة ترفع يدها الى وجنتها وكأن عيناها تسألان رافينا سؤالا فأجابتها برقة:
" السنيور...زوجي جرح وجهه في حريق "
قالت الطفلة:
" مسكين وجهه "
واشاحت رافينا بوجهها عندما احست بالدموع تكاد تطفر من عينيها وطفقت تقول لنفسها: اوه يا مارك اريد ان افهم السبب الذي يشدنا الواحد للاخر والدافع الذي يدفع الواحد الى الابتعاد عن الاخر! .
اخذ الاتان يسعى ويرتقي الممرات في الارجاء دقت الاجراس التي نصبت في برج الكنيسة .
قالت ام الاطفال الاربعة:
" اوشكنا على الاقتراب من الكنيسة "
ولاحت لهم جدران الكنيسة والبرج المخروطي الشكل والابواب المفتوحة ورأت رافينا جوادا اسود اللون فوق التل وفارسه جالسا على ظهره في هدوء تام يقف وحيدا تكتنفه العزلة وقد نأى بعيدا عن ضجيج الموكب ودقات الترحيب التي تعلنها الاجراس. تساءلت رافينا وهي تراقبه فيم يفكر هذا الفارس وهو جالس هناك هل يفكر في اخر مرة شاهد فيها الاحتفال ام المرة الاولى التي حضر فيها لاحتفال بصحبة دوناتا لابد انهما جلسا سويا فوق السرج وهما يرتقيان الطريق المؤدي الى الكنيسة ولابد انه كان يهمس لها على انغام دقات الاجراس: احبك يا دوناتا...سأحبك دائما. وفجأة ادار رأس جواده واقترب من العربة التي توقفت عند جانب الطريق وقال:
" مرحبا بك في كنيسة مادري روزاريا. سندخل فيما بعد لنشعل الشموع. اخبرني كيف حال كاحلك؟ "
انزلق مارك من فوق الجواد وبادر الى مساعدتها على مغادرة العربة وسمعا سويا صوتا هادئا يقول: " هالو.. "

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 09:50
التفت مارك نحو صاحبة الصوت فوجد الطفلة الصغيرة تتعلق بالتنورة الحريرية التي ترتديها رافينا فابتسم لها وقال:
" يجب ان اخذ السيدة معي! "
فاهتزت الابتسامة على شفتي الطفلة وقالت: " أوه.."
مال بجسمه على الطفلة ولمس برقة خدها وقال:
" انت ترين يا صغيرتي ليس معي احد يشاركني الاحتفال بالعيد سأكون وحيدا عندما يطلقون العابهم النارية "
" ليس عنك اطفال يا سنيور؟ "
" لا..ليس عندي اطفال ولكن السنيورة زوجتي تريد ان تشاركني مشاهدة الالعاب النارية هل تسمحين لي بذلك؟ "
ابتسمت الطفلة الصغيرة وهزت رأسها بالايجاب وتركت يدها التي كانت ممسكة بالتنورة الخضراء وحمل مارك رافينا وحينما تطلعت اليه وجدت الابتسامة غامضة من وجهه وتحولت الى كآبة. لا شك ان الامر لا يمكن تجنبه كان وجود طفلة ساحرة لابد ان تذكره بابنه الذي فقده وعندما لوح بيده عادت النظرة المظلمة الى عينيه وقال:
" تعالي...يجب ان نجد مكان نمضي فيه الليلة ونقيم فيه الفراش حتى يدرك الاخرون اننا حجزنا مكاننا. هل تعرفين انه من الضروري ان نمضي هذه الليلة في احضان التل؟ "
هزت رافينا رأسها بالايجاب ورأت المصابيح بدأت ترسل اضواءها ودقات الاجراس راحت تدوي وتتردد اصداءها فوق الجبال وتلمس كل قلب بلمسة ساحرة وبعد قليل سوف تشتعل الاف الشموع فتبدد الظلام الذي يسود مدخل الكنيسة ولابد من مرور موكب حاملي المشاعل الذي تتقدمه صورة مادري روزاريا ويحملها احدهم عاليا حتى يتاح للجميع رؤيتها وسوف تخترق الالعاب النارية كبد السماء وتقام الموائد وتعزف الموسيقى.
كانت التلال شاهقة الارتفاع حتى لامست قممها النجوم التي كانت اضواءها تتألق في عيني رافينا.




***نهاية الفصل الثامن***
{وترقبوا الفصل التاسع والاخير..}

احباب الروح
09-07-2007, 13:26
مرااااااااااااااااااااااحب احباب الروح....

الحمد لله على السلامة..

والله منوره المشروع بعد الغيبة الطويله....




هلا والله حبيبة قلبي ^_*


النـــور نورج يا قـمــر

والله يسلمج


و يعطيج العافيه حبيبتي



ولا تتأخري علينا بالتكمله

ناطرين على احر من الجمر


بس على بالي باقي كثير ..تفاجأت انه بس 9 اجزاء

المهم نشوف شو يصير

^_^




..










هلا والله بأحباب الروح


منوره المشروع والله فرحت كثير لما شفتك وشفت ردك


وإن شاءالله... نفرح أكثر برجوع باقي اللأعضاء


والأعضاء اللي مايقدروا يتابعوا أول بأول












هلاااااا

وانا بعد فرحت بشوفتج قلبي

^_^ كالعادة منورة المشروع بردودج


ان شاءالله يوم اللي يرجعوا باقي العضوات

ويرجع المشروع مثل اول


:)



يعطيج العافيه عسوله


^_^



..

ماهيما
09-07-2007, 14:36
رسالة ترحيب...

قبل ما انزل الفصل السابع

حبيت ارحب بكل من العضوات...

حسناء الظلام...Bon Bony...shining tears...sa3et 7anan

الي شاركونا في ردودهم الحلوه ومتابعتهم الدائمة :D :D

وحبيت اقولهم اهلا فيكم بالمشروع والله منورينه::سعادة:: ::سعادة::

~~~~~~~~~~~~~


وطبعا شكر خااااااااااااااص


للاموره لميس....وان هامبسون... والبدر المضاء...وبحر الامان

الي دايما طالين علي بالردود الحلوه

~~~~~~~~~~~~

والله المشروع كان خامد شوي زي ما قالت لميس

بس الحين رجع لنشاطه القديم

بمجهودكم الحلوووو::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::


المخلصة
ماري-أنطوانيت


ماااااااااااااااااااااااااااااااري حرام عليك يعني اختفيت كم يوم حذفتيني من القائمة:eek:

خلاص الحمدالله انك علمتيني من البداية عشان مااتعب نفسي بالرد ولا اضيق المكان بردي

دام مافيه احد يقدر ليش ارد:mad: :mad: :mad:

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 16:09
ماااااااااااااااااااااااااااااااري حرام عليك يعني اختفيت كم يوم حذفتيني من القائمة:eek:

خلاص الحمدالله انك علمتيني من البداية عشان مااتعب نفسي بالرد ولا اضيق المكان بردي

دام مافيه احد يقدر ليش ارد:mad: :mad: :mad:




لا حبيبتي ماهيما ....

والله راح تزعلني بكلامك..:( :(

انا والله والله ما نسيتك...:بكاء: :بكاء:

وانا على بالي انك ما راح تدخلين كم يوم

وكنت استنى ترجعين عشان يكون لك رساله خاصه والله


والله ما كان قصدي اني احذفك حبيبتي

ما يسير...........:eek: :eek: :eek:

انت على الراس حتى لو ما كتبتك معاهم

واعرف انك ما راح تصدقين عذري

بس والله مو زي ما انت مفكره

لاني لما كتبت الرساله كانت فكره حلوه وقتها

اني استنى انك تدخلين بعدين اهديلك...

بس اذا كنت بتفكرين كذا من الاحين راح احذف الرسالة

واكتبل رساله خااااااااااااااااصه لك لوحدك :D :D

وانا كم ماهيما عندي عشان ازعلها...:o :o


تقبلي اعتذاراتي الحارة

ماري انطوانيت

*لميس*
09-07-2007, 17:36
ألف ألف ألف شكر لك ياأحلى ماري::جيد::




أنتظر الفصل التاسع غلى أحر من الجمرررر:D :D



لاتطولين علينا::سعادة::



*******************************************


مـــــــ ـ ـ ــــــــاهيما



حبيبتي مـــــــــــــايصير ماتردين:eek:



أنا أشوفك متواجده دائما وهذا يسعدني جدا لأن ردك يسعدني


أكثر ... أنتي صرت من الأعضاء المميزين هنا::جيد:: صدقيني::جيد::


أنا متأكده أنه ماري ماقصدت مثل ماقالت


لاتتركين المشروع وتزعلينا ... وتخلينامانشوف ردودك المرحه:o


*******************

ماري-أنطوانيت
09-07-2007, 17:44
ألف ألف ألف شكر لك ياأحلى ماري::جيد::




أنتظر الفصل التاسع غلى أحر من الجمرررر:D :D



لاتطولين علينا::سعادة::



*******************************************


مـــــــ ـ ـ ــــــــاهيما



حبيبتي مـــــــــــــايصير ماتردين:eek:



أنا أشوفك متواجده دائما وهذا يسعدني جدا لأن ردك يسعدني


أكثر ... أنتي صرت من الأعضاء المميزين هنا::جيد:: صدقيني::جيد::


أنا متأكده أنه ماري ماقصدت مثل ماقالت


لاتتركين المشروع وتزعلينا ... وتخلينامانشوف ردودك المرحه:o


*******************




شفتي يا لميس خليها تسامحني.....:( :( :( :( :(

والله مو قاصده..........

والله ضايق صدري من يوم ما قريت ردها

قولولي ايش اسوي عشان اراضيها

وانا مستعده لاي شي.....

:بكاء: :بكاء: :بكاء: :بكاء: :محبط: :محبط: :محبط: :بكاء: :بكاء: :محبط:

*لميس*
09-07-2007, 17:58
شفتي يا لميس خليها تسامحني.....:( :( :( :( :(

والله مو قاصده..........

والله ضايق صدري من يوم ما قريت ردها

قولولي ايش اسوي عشان اراضيها

وانا مستعده لاي شي.....

:بكاء: :بكاء: :بكاء: :بكاء: :محبط: :محبط: :محبط: :بكاء: :بكاء: :محبط:





والله ياقلبي ماري أنا ضاق صدري لما شفت الرد

بالحييييل:محبط: :محبط: :محبط: :محبط:

إنشالله تشوف ردودنا وتعرف قد إيش هي غاليه علينا::سعادة:: ::سعادة::

وأنا عارفه يا ماري أنه موقصدك تتناسيها بس الموضوع

لما دخلتي مليان ردود وأنتي شايله المشروع كله

إنشالله تعذرك:o وتسامحك

لاتشيلي هم أنا عارفه إنها طيوبه

بحر الامان
09-07-2007, 22:28
ماهيما حبيبتي
السموحه
ماري اعتذرت مو قصدها

بحر الامان
09-07-2007, 22:32
ماري تكفين طلبتك
لا تطولين علينا الغيبه

sa3et 7anan
10-07-2007, 05:30
لا تطولين مارى:D


ماهيما بجد نفتقدك:بكاء: :بكاء:

BonBony
10-07-2007, 06:01
مارى
بلييييييييييييييييييييييييييييز

كملى بأة بسرعة

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 09:13
الى الغاليه ماهيما..

http://wWw.ReemDubai.Com/uploader/2007/9bb34f8ee5.jpg
شكر خاص للغاليه سام على التصميم



ماري-أنطوانيت

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 12:34
9-المكتوب...هو المكتوب


تطايرت الالعاب النارية وانفجرت ثم امطرت وابلا من الاضواء الملونة على الوجوه المشرئبة دهشة وكان الشواء محملا في اسياخ تتقلب فوق فحم متأجج بالنار. وكان الاطفال يمرحون وهم ممسكون بالبالونات بينما اخذ بائع متجول يعرض على الجماهير الحلى الصغيرة وقام اخر ببيع الدمى المكسوة بالثياب في حين وقف غراب اسود على كتف غجري وراح يلتقط اوراق الكوتشينة من رف صغير وحينما قرأ الغجري المستقبل لاثنين من الفتيات انفجرتا بالضحك .
وانهمكت رافينا في التطلع الى كل شئ حتى كادت تنسى الم كاحلها كانت ترتدي ثوبا تقليديا جعلها تشعر بأنها مثل هؤلاء الفتيات الضاحكات وكانت ذراع الرجل السردي تحيط بوسطها فانتابها الاضطراب ازاء احساسها بالسعادة التي تشبثت بها كما يتشبث هؤلاء الاطفال ببالوناتهم الملونة التي قد تتعرض لشرارة فتنفجر.
سألها مارك:
"هل تأخذين حلية صغيرة او دمية او ترغبين في معرفة المستقبل يمكنك ان تنالي الثلاثة اذا شئت "
قالت مبتسمة:
" الحلى الصغيرة لا تناسبني وعرفت مستقبلي ولكنني اظن انني اريد دمية"
اومأ مارك للبائع للمجئ لأن رافينا سوف تضطر الى ان تمر وسط الجماهير لتصل اليه وعندما وصل اليهما البائع اختارت دمية ترتدي ثوبا قرمزي اللون الصدر مطرز والتنورة مكشكشة وشريط زينة رفيع الثنية.
قال مارك:
" اعطني الدمية ذات الرداء الوردي ايضا "
والتقطها وناولها لرافينا ثم اردف يقول:
" هذه الدية للطفلة الصغيرة ذات العينين الكبيرتين ربما نراها ثانية بمحض الصدفة "
شعرت رافينا بالسعادة لان تجد مارك يتذكر صديقتها الصغيرة التي كانت تجلس معها في العربة. ةاخذت تتأمل الدمى بينما كان مارك يدفع ثمنها.
سألها مارك:
" قلت انك عرفت مستقبلك من اخبرك بحظك؟ "

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 12:44
قالت:
" انها امرأة تعيش في القرية تدعى فيرتيويللا "
" تقولين فيرتيويللا ! آه تلك المرأة التي هجرها ابنها ماركو راعي الغنم ابن الثمانية عشر ربيعا الذي ضجر من حياته وانضم الى عصابة قطاع الطرق بغية رغد العيش "
" الا تستطيع فعل شئ لمساعدته ؟ ان امه امرأة طيبة تعمل بجد وقلقة على ابنها "
" يجب ان يترك ماركو العصابة قبل ان يمد المرء يده لمساعدته ويتكفل بأمره. ان المشكلة يا رافينا تكمن في اننا نجد الناس غير مستعدين دائما للعطاء عندما نطلب منهم بذل جهودهم. حاولت في اليوم الاخر ان اشرح السبب....ولكن....انظري....هاهي ذي الطفلة الصغيرة ذات الشريط المعقود في شعرها "
كانت الطفلة تجلس مع عدد كبير من الاطفال امام مسرح العرائس تحدق باهتمام فيما تؤديه الدمى.
تمتم مارك قائلا:
" الاطفال يحبون مشاهدة مسرح العرائس "
واحست رافينا بالحزن يشوب صوته وحدست انه كان يقف هنا مع ابنه منذ سنتين وكان يضحك مثل هؤلاء الاطفال الضاحكين وعيناه تتألقان بمثل الصدق والسعادة اللتين تنبعثان من عيون الاطفال .
قال مارك:
" اعطها الدمية "
واشاح بوجهه الذي اضاءته شعلة من عود الثقاب الذي اشعل به سكارته وارخى الدخان ستاره فوق التغيير الذي بدا في عينيه وهما يبارحان سويا بعيدا عن صوت ضحكات الصغار.
اقبل الليل...وبعد الانتهاء من مشاهدة الالعاب النارية جلس الناس جماعات والتفت كل جماعة حول النار التي اضرمت في الهواء الطلق وراحوا يتناولون شرائح اللحم المشوي وقطع الخبز واديرت اكواب الشراب بينما راح المنشدون ينشدون اغاني سردينيا القديمة على الات الماندولين.
كان مذاق الطعام طيبا وكان كتف الرجل مكانا مريحا كي تريح رأسها بينما تلاعبت السنة اللهب فألقت ظلالها على الوجوه التي بدت عليها القوة والجمال والوقار. عكس شعر رافينا تألق النار وتلألأت عيناها بخضرتهما

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 12:49
وهي تستمع الى اغنية سردينيا تروي قصة حب راعي غنم وسرها ان تدرك معنى الكلمات التي تتردد بالهجة المحلية وكانت تقول: الحياة تجعلني اصرخ..واضحك..واتنهد. احبها كلها..اما انت فأحبك اكثر من اي شئ اخر!
ودفعها شئ مبهم الى التطلع لمارك. بينما كانت الموسيقى والكلمات تخفت تدريجيا وظنت انها ترى ومضة حنان في عينيه وسرعان ما ادركت السبب اذ دخل فجأة قوام نحيل الى دائرة ضوء القمر لها شعر اسود, حافية القدمين تمسك بيدها دفا صغيرا. انها فتاة المطعم التي راحت تبتسم وهي تدور بين الناس ثم خطت خطوات سريعة حتى تطايرت تنورتها الحمراء في الهواء وتوقفت امام مارك وزوجته وشوهدت ابتسامة على شفتيها يشوبها اليأس ثم قالت:
" بادرون؟ ! "
كانت كلماتها تحمل نبرة التوسل وتشبثت نظراته بعينيها ثم بدأت من جديد ترقص رقصة الدف. توترت رافينا وهي جالسة الى جوار مارك خلال الرقصة وودت ان تلوذ بالفرار ولكن كيف لها السبيل وكاحلها يعوقها عن السير وسوف تبدو كبرياؤها مهانة اذا هي فرت من فتاة ترقص لزوجها وحده.
رأت رافينا ان الرقصة لن تنتهي واصبح فوق احتمالهل ان تجلس هكذا الى جوار مارك وشعرها يحك ذقنه ودفء كتفه ينفذ خلال بلوزتها الحريرية.
وكانت رعشة الدفء وظلال الفتاة تطوف بكل مكان في دائرة ضوء النار واخيرا غربت الفتاة ولكن ظلها بقي في المكان فأشاع سحابة من الكآبة على رافينا ولم تستطع الفكاك من اسرها.
بدأ الناس يتثائبون واخذوا يسعون للنوم اما في خيامهم او في عرباتهم وتبادلوا القبلات وهم يرددون التهنأة بالعيد السعيد. شعرت رافينا بيد مارك فوق كتفها ونظرت اليه بوحشية عندما جذبها الى صدره ولكنها سحبت نفسها دون ان تبادله قبلته.
قال بنبرة باردة:
" انها عادة ان يتبادل الناس القبلات في العيد الم يدخل المهرجان السعادة الى قلبك؟ "
قالت:
" انا...انا امضيت وقتا طيبا "
ابتسم ساخرا وقال:
" وقت طيب؟ متى تتعلمين ان تكوني منا وتشعرين بالعاطفة نحو شئ ما؟ تبدو عليك القسوة حتى يباغ بك الامر ان تنتزعي الاقراط من اذنيك. هل تدعين فتاة اخرى تسرق منك حبيبك؟ "

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 12:53
قالت ببرود:
" انا لا اضع اقراطا في اذني ومرحبا بالفتاة التي تستطيع ان تسرقك "
وحاولت ان تفلت منه ولكن الم كاحلها افسد عليها المحاولة وكادت ان تتهاوى ولم تجد امامها الا ان تستعين بساعدة مارك في التوجه الى خيمتهما. كانت ليلة مخملية يتألق فيها ضوء النجوم وكانت رافينا قد اعتادت في رحلاتها المدرسية ان تنام في المخيمات التي تقام في الهواء الطلق اما الليلة فان الامر مختلف تماما انها تسمع صوت الريح تشدو اناشيدها عبر الاشجار التي تكسو الجبال وعندما تخلد الى النوم فنها سوف تشارك مارك التدفئة ببطانية من جلد الغنم لتواجه برودة هواء الجبل.
قال مارك:
" الرباط يجب ان يخفف قليلا حول كاحلك. اجلسي على هذه الشجرة المتهاوية وسأفعل ذلك بنفسي "
وكان مستحيلا على رافينا مناقشة مارك وامتثلت لطلبه وشعرت بقوة لمسة اصابعه وهو يحل الرباط الحريري ويعيد تثبيته خفيفا حول كاحلها حتى لا تشعر بالخدر اثناء نومها .
" هل الرباط مريح؟ "
" اجل شكرا لك "
وقف ثم استدار بظهره الى شجرة وقال:
" قلت شيئا قبل اصابة كاحلك ولكنني نسيته حتى الان. لقد اشرت الى فتاة..."
قالت:
" ليس الوقت او المكان مناسبين لمناقشة الموضوع انا متعبة جدا ويوجد هناك اناس بالقرب منا "
" بالطبع ولكن اجيبي فقط على سؤالي يا رافينا هل تظنين انني على علاقة بامرأة اخرى؟ "
وقع عليها السؤال واقعا مفاجئا قاسيا فقالت:
" اذا كنت تبغي امرأة اخرى فمن الخير ان تدعني ارحل "
ووقفت على قدميها لمواجهته واردفت تقول:
" لا تحتفظ بي معك يا مارك. انت تعلم بانتفاء السعادة بيننا وحياتنا تسير هكذا "

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 12:59
واستدارت لتبتعد عنه وترقد فوق السجادة وودت لو تخلد للنوم قبل ان يلحق بها ولكنها سمعت وقع اقدامه تقترب منها وتوتر جسمها عندما نام الى جوارها وانتظرت الى ان يلف ذراعه حولها كعادته الا انه رقد بعيدا عنها .
استيقظا مبكرين في الصباح وطويا فراشهما وغادرا المكان متجهين الى منزل السرو وبدت لهما الجبال خالية من الناس ولم يبق احد سواهما وخيل لهما ان هذا الحدث لن يتكرر ثانية وحدثت نفسها قائلة : انني لا اشعر انني انبض بالحياة او انني امرأة بصحبة رجل كما اشعر الان. مارك...اوه لو استطيع ان اعرف حقيقة قلبك...كما اعرف شكل وجهك .
وصلا البيت قبل الظهر وكانت رافينا سعيدة ان تدخل غرفتها وتغسل جسمها وترتدي ثيابا خفيفة فضفاضة وتناولت الطعام وحدها وامظت فترة بعد الظهر وحيدة وشعرت ان مارك نأى بعيدا عنها لأن لديه شيئا على جانب من الاهمية يخص مستقبلها يريد ان يفضي به اليها. واستبدلت ثوبا حريريا بثوبها وهبطت درجات السلم لتنتظر مارك في غرفة الاستقبال حيث كانت تلتمس الهدوء لقلبها....وعقلها !. اخيرا جاء مارك وبدا لها رجلا مختلفا وهو في بدلته الرمادية. كان صارما طويلا متحفظا وليس في صورة السردي الذي حملها فوق جواده لمشاهدة الاحتفال بالعيد. واستقرت عيناه على قدميها التين استراحتا على مقعد مستدير صغير وقال:
" كيف حال كاحلك؟ "
" يؤلمني. ولكنني سأعيش. الا تجلس يا مارك..انت تثيريني بقوامك الفارع وهو يطل علي "
غاص مارك في احد المقاعد الوثيرة وراح يبحث عن صندوق لفائفه وسألها:
" هل يمكنني التدخين؟ "
قالت:
" طبعا يمكنك التدخين انت تعرف انني احب رائحة الدخان "
قال
" رافينا..."
ردد اسمها وشعرت ان ما سيقوله مارك سوف يحدد مصير مستقبلها وحتى هذه اللحظة كان قلبه لا يلين امام اي شئ كان صارما عندما قال لها ستتزوجينني وستتعلمين كيف تعيشين مع وجهي هذا .

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 13:03
استقرت عيناها على وجهه وكان غريبا ان تشعر بأن ندوبه لم تعد تثيرها كثيرا. الأنه لم يتعود ان يطأطئ رأسه ليخفيها عن الناس واحست انها توارت عن بصرها واصبح ما يعنيها منه قوته وسحر عيني.
سألته:
" ما الامر يا مارك؟ "
وتقلصت يدها وفكرت في الكلمات التي تفوهت بها وهما فوق الجبل حينما قالت له ان السعادة الحقيقية لن تعرف مكانها بينهما .
قال بصوت حاسم المخارج قاطع النبرات :
" سأغيب عن البيت اسبوعا لن اخبرك بالسبب او المكان الذي سأتوجه اليه ولكن عندما اعود ستكون لدينا امور يجب مناقشتها وحقائق يجب ان نواجهها "
برزت عيناها وسألته:
" الا نستطيع مناقشتها الان...هل يجب علي الانتظار اسبوعا اخر؟ "
نهض مارك واقفا على قدميه وقال:
" اجل...لقد طلبت منك الشئ الكثير يا رافينا والان اطلب منك الصبر "
" تطلب مني الصبر يا مارك؟ ان امضي اسبوعا كله انتظار وتساؤل بينما تذهب انت اينما تشاء هل هي رحلة عمل ايضا؟ "
قال مترددا:
" ليس تماما "
" هل لها علاقة بتلك الفتاة صاحبة الشعر الاسود التي رقصت لك ليلة امس؟"
توهجت عيناها لتلتقيا بعينيها وقال:
" رقصت لي؟ هل تظنين.... ؟ "
شعرت رافينا بالبرود يكتنفها واستجمعت شجاعتها وقالت له:
" انني اعرف انك تورطت في علاقتك مع هذه الفتاة ومن اجلها تتغيب كثيرا عن البيت. اسمعني يا مارك ليس من المحتم ان انتظر اسبوعا اخر نناقش فيه امر مستقبنا يمكننا مناقشته الان. اذا اصررت على الذهاب فلا تتوقع ان تجدني هنا حينما تعود "
بدا التجهم على وجهه وتقدم نحوها وقال:
" بل يجب ان تكوني هنا. انني اصر ان تعديني بالبقاء حتى اعود "
وارتجف صوتها وسألته:
" لماذا تصر على وعدي؟ دونا جوكاستا تستطيع ان تحتجزني في غرفتي "

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 13:18
برزت الندوب جلية في وجهه وهو يقول:
" لا تكوني طفلة. كل ما اطلبه هو ثقتك لمدة اسبوع واحد فقط. هل يمكنك ان تمنحيني اياها على الاقل؟ "
قالت مترددة:
" على الاقل؟ ظننت اني اعطيتك كل شئ طلبته مني...اني اسفه...كل شئ تراه يعد قليلا في نظرك في الوقت الذي يعني عندي المزيد من الالم. انني اعاني من الشقاء وانا بعيدة عن وطني وانت تأتي بي الى هنا الى بيت الاشباح والذكريات. هل تظن انني امضيت يوما سعيدا هنا؟ هل تظن انني اكترث كثيرا في ان تفضي الي الان او بعد اسبوع بأن لعبة التأثر انتهت ؟ "
نهضت واقفة وراحت تجيل طرفها فيه فلم تأبه لقوته اذا ما قورنت بنحالة اقدامها فقال لها:
" اجل ان لعبة التأثير انتهت. هناك بعض الكلمات التي لم تقل بعد ولكن بحق الشيطان لن اتفوه بها الان. لا اظن انني لا استطيع ان اقولها "
وتنحى جانبا فبدت صورته الجانبية باردة متكبره ثم قال:
" كم اود ان اجعل تفهمين بأن هذه الحالة هامة وغير هامة في الوقت نفسه وعلي ان اذهب لانني وعدت بالذهاب...الا يمكنك ان تعديني ؟ "
قالت ببرود:
" لا...لا يا مارك "
هز كتفيه العريضين باستخفاف وقال:
" المكتوب هو المكتوب "
حملقت رافينا فيه وهو يغادر غرفة الجلوس وقد تجمدت كلماته (المكتوب هو المكتوب) على شفتيها واحست ان الرباط الضاغط الملفوف حول كاحلها قيودا تغل حركتها ان المكتوب هو المكتوب ولن تستطيع ان تفعل شيئا لتغيير مجرى الاحداث. ووقفت مكبلة بالكبرياء والدموع تنهمر على وجنتيها وتركته يذهب الى الفتاة الاخرى .



* * * * * *

لانونا لابد ان تكون راودها الشك في حدوث صدع في علاقة حفيدها بزوجته ولكنها لم تشر الى رحيله المفاجئ من المنزل عندما التقت بها في صالونها هذا المساء وانما تحدثت عن تلك الايام التي امضتها في الجزيرة وتفحصت رافينا ببصرها مليا وهي جالسة على السجادة بجوار المدفأة وقالت لها:
" يمكنك ان تعتبري نفسك امرأة يوم ان تفهمي السردي. انت تجلسين تماما كما جلست في تلك الليلة الاولى التي اتيت فيها كنت طفلة ورحت اتطلع الى شعرك في ضوء النار وقلت لنفسي: أه...هذه الفتاة ذات الشعر الاحمر والعينين الخضراوين ستتسبب في اثارة متاعب كثيرة.
قالت رافينا:
" كنت تريدين فتاة مطيعة سهلة الانقياد! "
قالت الجده:
" اريد السعادة فقط لماركوس بعد طول الحزن بعد ظننت ان الحزن سوف يقضي عليه او سيقوده الى الجنون...اخبريني يا رافينا متى تفضين له بوجود جنين في احشائك؟ "
نظرت رافينا اليها وودت ان تنكر ما حدسته لانونا ولكنها اصدمت بالامنية الدفينة التي تتراقص في عينيها فوجدت انه من الحماقة الانكار فقد رأت لانونا الكثير من هذه النيا وتشعر بما يتمناه مارك. نزلت الدموع فجأة من عيني رافينا وقالت:
" وماذا يهم في الامر؟ كنت محقة من البداية يا لانونا قلت لابد للانسان ان يتزوج من قريته...وانا راحلة "
قالت وهي مصدومة:
" لا تستطيعين هناك طفل...ربما يكون ابنا لماركوس "
" لا يهمني...انني ماجئت الى هنا لاقدم الى مارك ما يريد مني دون اي اعتبار لمشاعري ان احاسيسي لم تعد تعنيني فهو واقع في غرام فتاة اخرى"
اقتربت لانونا من رافينا ولمست دموعها التي انحدرت على وجنتيها وكأنها اعتادت ان تؤمن بما تشعر به. قالت:
" ما هذا الذي تقولينه؟ كيف تكون فتاة اخرى؟ ماركوس تزوجك انت "
اطلقت رافينا ضحكة مريرة وقالت:
" ولكنه يأسف الان على هذا الزواج. زواجنا انتهى يا لانونا وانا راحلة "
قالت الجدة:
" هنا بيتك. كل اطفال دي كورزيو ولدوا في منزل السرد وهنا سيولد طفلك"

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 13:38
قالت:
" سيولد طفلي في رافنهول "
ووقفت على قدميها واستطردت تقول:
" الا تعلمين ان مرك يمضي هذه الليلة بصحبة امرأة اخرى؟ انها من بنات الجزيرة لها شعر اسود مثل دوناتا ربما يجد لديها كل ما فقده "
" انه طفل...كوني عاقلة "
" كنت عاقلة اكثر من اي انسان اخر ولكنني لا استطيع ان اتمسك بالتعقل تجاه علاقة مارك بفتاة "
وبدت لانونا فجأة امرأة عجوز طاعنة في السن بالغة الاعياء وقالت:
" لا توجد اي علاقة على الاطلاق. زوجك يا طفلتي ذهب للبحث عن ماركو كريستي. وهذا معناه ان يذهب الى الجبل حيث يختفي قطاع الطرق. لم يرغب مارك في ان تعرفي بالامر وانما افضى به الي وطلب مني ان اكتم السر. انهم رجال خارجون عن القانون وقد توسلت له الفتاة ان يبحث عن فتاها. وقال انه سيسرك اذا استطاع ان يقنع ابن فيرتيويللا بالعودة الى امه ويسلك حياة شريفة "
شيئا.. فشيئا.. اخذت الكلمات تخترق قلب رافينا وسألت:
" لماذا لم يخبرني؟ لماذا احتفظ بالسر؟ "
قالت الجدة:
" ربما ظن انك ستقلقين عليه او ربما خشي ان لا تسمحين له بالذهاب "
واخذت يدها تهتز واومأت لرافينا قائلة:
" الا تسكبين لي كأسا من الشراب يا طفلتي؟ اشعر في انني بحاجة اليه. ومن طلعة وجهك ارى انك يجب ان تشاركيني باحتساء كأس سوف يساعدك على النوم " .
وبعد مضي يومين سمعت طرقة على باب غرفة نومها ففتحته ورأت رينزو امامها ومعه رسالة لها وصلت لتوها وشاهدت طوابع انجليزية على ركن الظرف وبدا عليه خط رودري في غير تناسق.
سألها رينزو وعلى وجهه علامات قلق واضح:
" هل تريد سيدتي فنجانمن القهوة؟ "
" اجل احضره لي في غرفة الجلوس سأقرأ الرسالة هناك "

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 13:56
وقفت في غرفة الجلوس فترة طويلة تحاول فض الرسالة ولكن اصابعها لم تطاوعها على فتحها وكانت تخشى ان تحوي في طياتها انباء سيئة. ولكنها تحاملت على نفسها في النهاية وفتحت الرسالة بأصابع باردة ومتوترة.
كتب رودري لها يخبرها بعودته الى استراليا واقنع اباه بالذهاب معه وانهم سيستقلون الباخرة واخبره الطبيب بأن الرحلة البحرية سوف تفيد جاردي وحيث ان رافينا تزوجت واستقر بها المقام فيسردينيا فلا يوجد اي مبرر للابقاء على رافنهول فأعلنوا عن بيعه.
جلست رافينا على مقعد لانها شعرت بوهن يسري في اوصالها .
انها لا تصدق ان جاردي يبيع رافنهول وسوف يذهب مع رودري الى نيوساوث ويلز انه مكان بعيد يصعب عليها بلوغه وشعرت ان اقرب الناس هجروها.
وتذكرت طفلها! قالت منذ ليال قليلة مضت انه سيولد في رافنهول لكن البيت الذيامضت فيه طفولتها سيصبح ملكا لانسان غريب واحست برغبة في البكاء فلم يعد هناك اي شئ تتعلق به لا جاردي ولا بيت ولا احد يمكن ان تركن اليه وعندئذ سمعت اقدام تقترب منها وتقول:
" ان فنجان من القهوة افضل من لا شئ "
وتطلعت ببصرها لتأخذ الفنجان فوجدت انسان طويلا يقف عند الباب وبدا عليه الاجهاد وفي نظراته علامات الفضول فصرخت قائلة:
" مارك!!!"
فقال مبتسما :
" ظننت انك رحلت "
قالت:
" لانونا اخبرتني بسبب ذهابك للجبل "
عقد مارك ما بين حاجبيه وكسا التراب حذاءه ورأت مزقا في قميصه.
قال:
" لا تقولي انك كنت قلقة علي؟ "
سألته وهي تمزق رسالة رودري قطعا صغيرة:
" هل وجدت ابن فيرتيويللا؟ هل تحدثت معه؟ "
" اجل كان في حاجة الى من يقو له [ انت فتى احمق] وان امه وفتاته في انتظار عودته الى البيت ليمنحاه حبهما هذا الحب الذي لا يستطيع ان يطلبه او يستدينه او يسرقه. انني احسده "

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 14:03
ورفعت رافينا عينيها عن الرسالة الممزقة وتطلعت الى مارك وقالت:
" الا من الفتاة التي تحبه؟ "
" اجل على الرغم من الاذى الذي اصابها منه فانها تحبه....انت تمزقين هذه الرسالة يا رافينا"
نظرت الى قطع الرسالة في دهشة وقالت:
" انها رسالة من رودري "
انتصب مارك واقفا وقال:
" برينين؟ وتمزقين رسالته؟ لماذا؟ "
" انا...انا لم الحظ ابدا انه سيذهب الى استراليا مرة اخرى وبصحبته جاردي...لقد باعوا رافنهول "
" اذن لن يكون امامك اي مكان تهربين اليه؟ "
" اوه مارك"
ووضعت وجهها بين يديها لانه لا يشعر بما تشعر وتمنت...ولكن تمنت ماذا؟ وسرت رعشة في اوصالها عندما خطا نحوها ولمست يداه كتفيها. سألها:
" هل تريدين الذهاب الى استراليا ؟"
شعرت بقربه الى جوارها وادركت تماما ماذا تريد..انها تريده هو...هو فقط.
هزت انفاسه شعرها وسألها:
" رافينا هل تريدين ان احررك مني؟ "
تطلعت اليه وادركت انها لن تتحرر منه ولن تهرب من الحب اذا نبض القلب به. وفي هذه اللحظة شعرت انها لا تستطيع ان تختار حريتها كما انها لم تعد تقوى على العيش معه دون حبه. سألته:
" هل ستدعني ارحل؟ "
" لن ادفعك الى البقاء. هذا اذا لم تكوني راغبة في ذلك "
ولاول مرة رفع مارك يده ليغطي وجنته المشوهة وقد بدت سحب الالم في عينيه واستطرد يقول:
" كيف لي ان اسألك ان تحبيني كيف لي ان اطمع في قدرتك على الاحتمال؟ انني لا املك حديقة ورد اقدمها لك. وكل ما املكه منزل اشباح وذكريات "
واستعد ليغادر الغرفة عندما استوعبت فجأة كل ما قاله لها فقفزت واقفة على قدميها وصرخت تنادي اسمه:
" مارك..حبيبي! "

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 14:17
فوقف ساكنا تماما رأسه شامخ بالكبرياء ولم يستطع ان يلتفت ليتطلع اليها فأسرعت وشخصت ببصرها اليه وقالت برقة:
" انني لا اكره قبلاتك او ندوبك "
واشرأبت بجسمها وجذبت رأسه اليها وكانت شفتاها ناعمتان وهي تطبع قبلة على وجنته التي تكسوها الندوب واردفت تقول:
" ان الحب اعمق من الندوب الغائرة يا مارك "
سألها والشك في نظراته:
" كم يطول هذا الحب؟ "
اشارت باصابعها الى المزق في قميصه وقالت:
" لا اعلم...ولكنني كنت دائما اشعر انني احبك "
" كنت تكنين لي الكراهية "
امسك بيدها وشعرت بنبض قلبه واردف يقول:
" انت تزوجتني وانت تعرفين بأنني لن اقوى على الحاق الاذى بصديقك الغالي رودري انك توجهت الى مقابلته يوم زفافنا "
قاطعته قائلة:
" جاردي كان مريضا وكنت خائفة من نتيجة ما سيحدث لو ان رودري افضى له بحادث السيارة. كان رودري يريد ان يعترف لابيه واستغرق الامر مني فترة لكي يعدل عن اصراره على الاقرار بجريمته "
" كان اعترافه سيحررك من اي التزام نحوي الم تراودك الرغبة في ان تكوني حرة؟ "
جذبها وهو يتحدث اليها فوضعت ذراعيها حول عنقه ونظرت الى عينيه و في خجل ضغطت وجهها على صدره وقالت:
" لم اكن اعرف حقا ما اريد حينئذ ولكنني الان اعرف ما اريد. انني اريد ان اسعدك يا مارك سعادة تفوق ما قدمته لك دوناتا "
التفت يداها حول وسطها وندت زفره من فمه وقال:
" تزوجت دوناتا لارضي اسرتي ولكني تزوجتك لارضي نفسي. كنت على استعداد لان ازيح من الوجود اي انسان يعترض طريقي باستطاعتك القول انه الحب من اول نظرة. كنت اطالبك بدفع الثمن للطريقة التي فقدت بها ابني درستي اما الان فلا اتصور انك تقدمين لي حبي "
وقفت رافينا على اطراف اصابع قدميها وهمست في اذنه بسر معين ومضى وقت طويل قبل ان يعود كل واحد منهما الى الحديث.

وسرعان ما غابت الظلال من منزل السرو وترددت ضحكات طفل في ارجائه وراحت رافينا تراقب بحب زوجها وهو يرفع ابنهما الى كتفه وينظر اليها بعينين تتألقان حبا ولسان حالهما يردد:
" المكتوب...هو المكتوب "





***تمت بحمد الله***

*لميس*
10-07-2007, 14:52
مـ ـ ـ ـ ـ ــــــــــــــــــــــــاري



الله يعطيك العافيه مشكووووووووووووووووووووررررره::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

ع الروايه الأروع الأجمل ... ماأعرف إيش أقول!!:eek: :eek: :eek: :eek:

أصبري شوي...

>>>بمسح دموعــــــــــــــــــي:بكاء: :مرتبك: :مرتبك: :مرتبك: :مرتبك:


ألف ألف ألف شكر لك ياأحلى ملكه::جيد:: ::جيد:: ::جيد::


*********************************

sa3et 7anan
10-07-2007, 16:12
جميلة


ربنا يخليكى لينا

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 16:36
مـ ـ ـ ـ ـ ــــــــــــــــــــــــاري



الله يعطيك العافيه مشكووووووووووووووووووووررررره::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

ع الروايه الأروع الأجمل ... ماأعرف إيش أقول!!:eek: :eek: :eek: :eek:

أصبري شوي...

>>>بمسح دموعــــــــــــــــــي:بكاء: :مرتبك: :مرتبك: :مرتبك: :مرتبك:


ألف ألف ألف شكر لك ياأحلى ملكه::جيد:: ::جيد:: ::جيد::


*********************************





مشكوره حبيبتي لموسه ...

واسعدني جدا ان القصه اعجبتك.........

::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 16:40
جميلة


ربنا يخليكى لينا





اهلييييييييين ( sa3et 7anan )

شكووووره حبيبتي....

وان شاء الله تعجبك الرواية الثانيه

الي ان شاء الله راح تنزلها ( شاينينج تيرز )

ماري-أنطوانيت
10-07-2007, 16:50
واخيييييييييييييييييييييييييييرا تمت بحمد الله

رواية العروس الاسيره

~~~~~~~~~~~~~~~~~
وان شاء الله راح تنزلنا الغاليه


( شاينينج تيرز )


رواية ( لحظة ندم )

احنا بانتظااااااااااااااااااااااااااارك حبيبتي

على احر من الجمر........


~~~~~~~~~~~~

*لميس*
10-07-2007, 17:56
بإنتظارك shining tears

وبإنتظار الروايه


وبالتوفيق!::جيد:: ::جيد::

بحر الامان
10-07-2007, 22:09
رائعه ماري
تسلمين
يارب يخليك ويديك الصحه والعافيه

آن همبسون
10-07-2007, 22:14
مــــــاري ياعسووولة رواية جميلة وراااااااااااااااااااااااااااااااااائعه


الله يسعدك ولا يحرمنـــــــــــــا منك ياقلبي ...



وبانتظااار رواية لحظة ندم من القمررر shining tears



لا تطولين علينا ياعســــل ...



تحيـــــــــــــاتي للجميع

آن همبسون

BonBony
11-07-2007, 07:05
جميلة يا مارى

تسلم إيدك

القصة تحفة حبيبتى

فى إنتظار المزيد

فلا تتأخرى

إكليل
12-07-2007, 04:40
مشكوووووورة على الروايات ياقمر...
بس ياليت بعد ما تخلصين كل رواية تنزليها في ملف مفكرة او وورد مضغوطين::جيد:: ::جيد:: ...
وترفقينها في المرفقات...
وكذا نشوفها في موبايلاتنا اذا مالقينا وقت على النت

دقة الساعات
12-07-2007, 07:43
المــوضـــوع رووعــــــه

والفكره اروع حبيبتي

*لميس*
12-07-2007, 12:03
مـــــــــــ ـ ـ ـ ـ ـــــــايصير !!!!!:eek: :eek: :eek: :eek:



العطله مو معناها نوووووووم على طووووول::مغتاظ:: ::مغتاظ:: ::مغتاظ::


نايمين والموضوع نايم بعد؟؟؟:confused: :confused: :confused: :confused:


أعرف أنه الكتابه وتنزيل القصص تعب مشكورين وماقصرتوا


لكن.....


أنا خايفه بعد كذا الموضوع راح يضل نايم الى مايدخل بسبات


عميق!!!:محبط: :محبط: :محبط: :محبط:


ونقرأ قصه ولانموت مللا!!!:eek: :D :D


********************


:
:
:


((مازلت بإنتظار الروايه القادمه))



::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

ماري-أنطوانيت
12-07-2007, 13:06
مـــــــــــ ـ ـ ـ ـ ـــــــايصير !!!!!:eek: :eek: :eek: :eek:



العطله مو معناها نوووووووم على طووووول::مغتاظ:: ::مغتاظ:: ::مغتاظ::


نايمين والموضوع نايم بعد؟؟؟:confused: :confused: :confused: :confused:


أعرف أنه الكتابه وتنزيل القصص تعب مشكورين وماقصرتوا


لكن.....


أنا خايفه بعد كذا الموضوع راح يضل نايم الى مايدخل بسبات


عميق!!!:محبط: :محبط: :محبط: :محبط:


ونقرأ قصه ولانموت مللا!!!:eek: :D :D


********************


:
:
:


((مازلت بإنتظار الروايه القادمه))



::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::






لا ان شاء الله المشروع ماراح ينام

مادام الملكه موجوده...ههههه:p :p :p

واذا الغاليه ( شاينينج تيرز ) تأخرت اكثر من ثلاثة ايام

انا راح ابدأ انزل رواية ( ارياف العذاب )

ها لموسه حبيبتي.....يرضيك هالترتيب :D :D

http://http://roro1981.jeeran.com/photos/536538_l.jpg

ماري-أنطوانيت
12-07-2007, 13:12
مشكوووووورة على الروايات ياقمر...
بس ياليت بعد ما تخلصين كل رواية تنزليها في ملف مفكرة او وورد مضغوطين::جيد:: ::جيد:: ...
وترفقينها في المرفقات...
وكذا نشوفها في موبايلاتنا اذا مالقينا وقت على النت






مراااااااااااااااااااحب بك اكليل

والله الفكره مررررررررررررررررررررره روعه...::جيد:: ::جيد::

وان شاء الله بناخذها بعين الاعبار....

بس تحتاج لشوية وقت الى ان ترجع الغاليه ( لوفلي سكاي )

لأنها صاحبة المشروع ولازم ناخذ رايها في الموضوع

::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

*لميس*
13-07-2007, 14:42
حبيبتي ماري

أسفه ع الإزعاج أنتم أعضاء الفريق

أنتم اللي تحددون شكل الترتيب واللي يريحكم

كل اللي أقصده أنتبهوا للخمول فقط

وشكلي أزعجتك >>فأعتذر مجددا

ماري-أنطوانيت
13-07-2007, 17:05
حبيبتي ماري

أسفه ع الإزعاج أنتم أعضاء الفريق

أنتم اللي تحددون شكل الترتيب واللي يريحكم

كل اللي أقصده أنتبهوا للخمول فقط

وشكلي أزعجتك >>فأعتذر مجددا




لا لا لا لا لا لا لا

لا لموسه عيب تقولين هذا الكلام:( :(

احنا نحط الي يعجبكم انتو ويريحكم

وانت حبيبتي ابدا ما تزعجينا

والله بالعكس انت روح الفريق والي تنشطينا

وبعدين انا ما ادري ليش الكل ساير يفهمني خطأ :محبط: :محبط:

انا قلت اذا الترتيب عجبك مو عشان ازعجتيني

العكس والله ..لاني مهتمه برأيك

ومره ثانيه لا تقولين انك ازعجيتينا والا بزعل منك....طيب;) ;)

*لميس*
13-07-2007, 18:29
مــــــ ـ ـ ـ ـ ـــــــــــــــاري الحلوه


أرجع أقولك ......


أنا أسفه فهمتك خطا وانتي فهمتيني خطأ

تفاهم متبادل لكن معكوس:D :D :D :D :D


خفت أضغط عليكم وأنتم قدمتوا الكثير لنا هذا ماقصدت

فقط!!!:مرتبك: :مرتبك: :مرتبك: :مرتبك:

أسعدني أهتمامك برأيي وهذا يعني لي الكثير >>>صدقيني::سعادة::


طيب حبيبتي؟؟


لاتزعلي علي؟؟؟ من وين ألقى ماري ثانيه طيوبه زيك؟!!!::جيد:: ::جيد::

ماري-أنطوانيت
13-07-2007, 21:29
والله ريحتيييييييييييييييييييييييييييييني

كثير لموسه

والحمد لله انه كان مجرد سوء تفاهم

::سعادة:: :D ::سعادة:: :D ::سعادة:: :D ::سعادة:: :D ::سعادة::

البدر المضاء
14-07-2007, 00:07
http://www.up07.com/up3/uploads/fa0841808d.gif (http://www.up07.com/up3/)
مشكوووووورة

تسلم إيدك القصة رائعة حبيبتى

الله يسعدك ولا يحرمنـــــــــــــا منك ياقلبي

وبإنتظار الروايه

http://www.up07.com/up3/uploads/ed3951344e.gif (http://www.up07.com/up3/)

sa3et 7anan
14-07-2007, 15:42
انتم فين

لا تتاخروا علينا

ماااااااااااااااااااارى

ماري-أنطوانيت
14-07-2007, 16:07
[QUOTE=sa3et 7anan;7029474]انتم فين

لا تتاخروا علينا

ماااااااااااااااااااارى[/QUOT



ان شاء الله

بس احنا في انتظار ( شاينينج تيرز )

لأن دورها في تنزيل روايه...:D :D

~~~~~~~~~~~~

لنا بانتظارك حبيبتي ( شاينينج تيرز )

لا تتأخري علينا

كلنا قاعدين نستنى على نار::سعادة:: ::سعادة::

بحر الامان
14-07-2007, 17:30
حرام
طال انتظاري
تكفين ماري
هذا تعذيب
موت بطيء:ميت:

*لميس*
14-07-2007, 20:31
خلاااااااااااااااااااااص مليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت

:مذنب: :مذنب: :مذنب: :مذنب: :مذنب: :مذنب: :مذنب:


شاينينغ تيرز >>>>>>>>>> وينك



هذا مو موت بطئ >>>>>>>>>>إعدااااام:eek: :eek: :eek: :eek:


لاتطولين علينا بالروايه:confused: :confused: :confused:


بانتظارك::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

ماري-أنطوانيت
15-07-2007, 12:24
هههههههههههههههه

معليش بنات شوية صبر....

اعرف انكم قاعدين على نار...

ويمكن احترقتوا بعد http://wWw.ReemDubai.Com/uploader/2007/2bf2263787.gif (http://wWw.ReemDubai.Com/uploader)

هههه لا....بسم الله عليكم

والله انا بعد مثلكم

بس ان شاء الله ( شاينينج تيرز)

ما راح تخلينا نتعذب اكثر من كذا

وان شاء الله تنزل روايتها عن قريب

*لميس*
15-07-2007, 15:43
السلام عليكم



كيفكم بنات؟؟؟ اتوقع كلكم قاعدين على نار من طول الإنتظار؟


:eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek:
:eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek: :eek:
:eek: :eek: :eek: :eek:
:eek: :eek:
:eek:



ولهذا السبب .... عندي فكره أبغى أشوف رأيكم فيها أول.!!!



مارأيكم... :rolleyes: :rolleyes: :rolleyes:



لو وضعت لكم أحد قصص أحلام بصيغة pdf لأن هذا المتوفر عندي :D :D .... مادام المشروع متوقف حاليا ولن يعيق هذا نزول


رواية أختي شاينينغ تيرز لو نزلتها!!


:لقافة: :لقافة: :لقافة: :لقافة: :لقافة: :لقافة: :لقافة:
:لقافة: :لقافة: :لقافة: :لقافة:


صحيح هذا المشروع للروايات المكتوبه نصا عشان كذا أخشى


ماتعجبكم الفكره ويمكن مايوافقون عليها أعضاء الفريق:confused: :confused:


أبغى أشوف ردودكم عشان أقرر::جيد:: ::جيد:: ::جيد::


::سعادة:: تحياتي::سعادة::


:
:
:


*لميس*


:p :p :p :p
:p :p
:p

ماري-أنطوانيت
15-07-2007, 16:18
يا سلااااااااااااااااااام

حبيبتي لموسه...

اتوقع ان ما في اي مشكله

وللضرورة احكام........صح

واتوقع ان الاعضاء ملو من الانتظار

ويحتاجون لتصبيره :D :D

خلاص لموسه انتي نزلي روايتك

واحنا بالانتظار ::سعادة:: ::سعادة::

بحر الامان
15-07-2007, 17:56
تكفين لموسه بسرعه لحقي علينا
ترى ملينا من الانتظار

*لميس*
15-07-2007, 20:15
.:؛‘ الســلام عليكــم ورحمــة الله وبركاتــــه‘؛:.



حبيت أقدم لكم أحد الروايات التي نالت إستحساني وأرجو ا أن تنال


إعجــــابكــم::سعادة::


:
:
:


.::أسم الروايه::.



{ المــد للــه }



.::أسم الكاتبه::.


{جيسيكا هارت}



:لقافة: :لقافة: :لقافة:
:لقافة: :لقافة:
:لقافة:




.:× الملخـــــص ×:.


أحس ماكس فالكونر أنه لم يظلم كايرو حين حكم عليها


بأنها فتاة ثريه أفسدها الدلال, أولم تحتل عليه لتجبره على


إصطحابها إلى الصحراء الأفريقيه القاسيه؟!!



........"





تريدون البقيه؟!!:rolleyes: :rolleyes: :rolleyes:



أضغطوا على هذا الرابط ... وأقضوا أمتع الأوقات مع (ماكس)و


(كايرو):D :D :D




:
:
:
:




.:×كلمة السر لفك الضغط×:.



tipsclub







لما تجون تكتبون كلمة السر لاتسوون لها نسخ ولصق


أكتبوها بنفسكم ^_^








المدللـــــــه (http://www.4shared.com/file/19942495/d6ef1fa1/nh210.html)


(http://www.4shared.com/file/19942495/d6ef1fa1/nh210.html)

*لميس*
15-07-2007, 20:20
عـــــــــاد إذا اعجبتكم لاتنسوني من الأخبار الحلوه::جيد:: ::جيد:: ::جيد::


وإذا ماأعجبتكم أنزلكم ثانيه من عيوني::سخرية:: ::سخرية:: ::سخرية::


:D :D :D :D


أتمنى لكم قراءه ممتعه

×××××

تحياتي

*لميس*

بحر الامان
15-07-2007, 22:21
يعطيك العافيه لموسه
جاري التحميل

ماري-أنطوانيت
16-07-2007, 12:09
يعطيك الف الف عافيه حبيبتي

لموسه

ان شاء الله راح احملها عن قريب

واقولك رأي لما اخلصها...


~~~~~~~~~~~~

حبيت ابلغ الغاليات

اني راح اتغيب عن المنتدى لمدة اسبوعين

ويمكن اقل او اكثر على حسب الظروف http://wWw.ReemDubai.Com/uploader/2007/83fb5c0a0e.gif (http://wWw.ReemDubai.Com/uploader)

واذا اي وحده اخذت على خاطرها مني

فأنا اعتذرلها من كل قلبي........


واهم شئ يا بنااااااااااااااات

لا تخلون المشروع ياخذ ولو غفوه صغيره :p :p

ولا تخلونه يخمد وينام..

وانا ان شاء الله لما ارجع راح

انزل لكم روايه باذن الله


وان شاء الله نلتقي على خير.... http://wWw.ReemDubai.Com/uploader/2007/933e8b834f.gif (http://wWw.ReemDubai.Com/uploader)

ماري-أنطوانيت

*لميس*
16-07-2007, 12:26
مرحبــــــا



أقدم لكم روايه ثانيه أعجبتني


حتى اللي ماتعجبه الروايه الأولى أو يكون قرأها سابقا


مايخيب أمله بقضاء وقت ممتع بالقراءه::جيد::



×أسم الروايه×
( المــــغــــرور)


×كلمة السر×


(نفس الروايه السابقه);)



هذا الرابط..


.::×المــــــغــرور×::. (http://www.4shared.com/file/19977007/9e54e7fa/nh212.html)




تحيـــاتي



*لميس*


××××××××××
××××××××
××××
××
×

*لميس*
16-07-2007, 12:29
يعطيك العافيه لموسه
جاري التحميل


بحوووووره


أنتظر الأخبار الحلوه

*لميس*
16-07-2007, 12:33
يعطيك الف الف عافيه حبيبتي



لموسه


ان شاء الله راح احملها عن قريب


واقولك رأي لما اخلصها...










ماسويت شيء حبيبتي هذا عربون شكر بسيط لما كنتم تقدمونه لنا
أنتظر رأيك بالروايه على أحر من الجمر::سعادة::


وترجعين لنا بالسلامه ياأحلى ماري


راح نشتاقلك جدا:o :o

sa3et 7anan
16-07-2007, 20:07
المسااااااااااااااااااااعدة

كل ما ابدا فى التحميل يحصل عطل فى الشبكة


؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


شكرااااااااااا

عليها بس انا عايزة اقراها

.

*لميس*
16-07-2007, 20:24
أيش المشكله حبيبتيsa3et 7anan

؟؟؟

مافهمت ؟؟

أنا مجربه الروابط امس وتشتغل صح!!

shining tears
18-07-2007, 22:25
اسفة يا جماعة لاني تاخرت وانتم قدرتوا تاخري والله مني بقاصده اتاخر ولا من شان احركم بس لضروف قاهره اجبرتني ولاني ماقدرت اكتب غير هذا الكم البسيط وان شاء الله راح اقدر انزل الكم اكثر من كده بس اعذروني لتقصيري معكم

shining tears
18-07-2007, 22:34
لحظة الندم
ليز فيلدنغ عدد الصفحات 195
الملخص/
لم تكن لدى جوانا أية خبرة مع الرجال , من قبل لقد دخلت عالم الرجال كمهندسة مدنية وشعرت بالمودة نحو البعض منهم بالتاكيد , ولكنها لم تعرف , من قبل, مثل هذا الشعور المغناطيسي الذي شدها الى كلاي تاكيراي.لقد احبته, ولم تشك في هذا .. وقد لاحقها هو برغبته... وهذا كان الاختلاف الاول بينهما...
الاختلاف الثاني كان حين أخذت تتساءل عما إذا كان يرغب فيها لنفسها ام لاسهمها في الشركةوفي النهاية لم تشأ أن ترتدي المئزر لتطبخ وتعتني بالاطفال . وقد قيل " لاتتزوج بسرعة , فتندم على مهل"


















الفصل الاول:
تصاعد رنين جرس الباب ملحا. تملمت جوانا في سريرها متذمرة, فقد كانت قد صممت على ان تمضي صبيحة هذ اليوم السبت متكاسلة في فراشها حيث أنعا كانت أول عطلة تأخذها منذ اسابيع. وما لبثت أن تناولت رداءها المنزلي كي تضعه على جسمها , وهي تصرخ قائلة: " ها انا قادمة"
ابتسم ساعي البريد عندما فتحت الباب وهو يقول:"أنا آسف لازعاجك يا آنسة غرانت. ولكن هناك رسالة مسجلة تحتاج إلى امضائك."
اخذت جو منه الرسالة بعد ان وقعت بإمضائها, ابتسم الساعي مرة اخرى وهو يقول:"شكرا . يمكنك ان تعودي الان الى فراشك." نظرت اليه مبتعدا, ثم عادت تنظر الى المغلف السميك في يدها.لابد ان ثمة شيئا هاما في داخله, وفتحته ,لتخرج منه ورقة واحدة قرأتها بسرعة, ثم قطبت حاجبيها. كانتالرسالة من مكتب شركة المحامين يقدم عرضا مغريا لشراء العدد الكبير من الاسهم التي ورثتها عن ابيها.
اعادت قراءة الرسالة للمرة الثانية.لم يكن ثمة اسم الشاري , وانما ,"وصلنا عرض من شخص بأن..."
وهذا كل شيء. هزت جو كتفيها, ثم القت بالرسالة بعيدا لكي ترد عليها في مابعد .ان شخصية الشاري لاتهمها, لان اسهمها من شركة ريدموند للبناء ليست للبيع.
"انت , يافتى!"
القت جو نظرة ساخطة من فوق السقالة.انه احمق آخر قصير النظر يظنها فتى لانها تقف الى ناحية البناء. ولكنها مع هذا, أخذت تتفحص باهتمام ذلك الرجل الذي كان واقفا في الساحة, وبالرغم من بعد المسافة, فقد استطاعت ان ترى أنه طويل القامة يرتدي بذلة من التويد جميلة التفصيل. كان يبدو, على وجه العموم انيقا لا تشوبه شائبة.
ردت عليه من اعلى "ماذا تريد؟"
رفع يده يقي عينيه من اشعه الشمس وهو يصرخ مجيبا:"اريد السيد جو غرانت.هل هو عندك هناك؟"
ردت عليه قائلة:"ها انا نازلة اليك." وهبطت الدرجات مسرعة لتستدير الى حيث واجهت الرجل الغريب ذاك. وكانت على صواب بالنسبة الى طوله, اذ وجدته يفوقها طولا بحيث انها وهي التي يقارب طولها المئة وسبعين سنتمترا وجدت نفسها ترفع راسها لتنظر الى وجه لوحته الشمس لرجل تستدعي شخصيته الاهتمام, ذي عينين زرقاوين تتالقان بالحيوية وتتناقضان مع شعر اسود مجعد لم يكن يبدو عليه القابلية للخضوع لاية قصه او تسريحة مهما بلغت مهارة الحلاق. واخذت عيناه الزرقاوان تحدقان فيها بحيرة وكانه شعر بان ثمة خطأ في مفهومه نحوها, لايدري ماهو بالضبط. اهتز اعتدادها وثقتها بنفسها ازاء السرعة المفاجئة لضربات قلبها عندما وقع نظرها على هذا الغريب الملوح البشرة, لتشعر بوجنتيها تلتهبان بينما فغرت فاها صامتة تنظر اليه. واخيرا جاء صوتها الذي كان حادا لدرجة صعقت لها وهي تقول :"حسنا؟".
بد على جبينه تقطيبة بسيطة, وقال برقه نفذت الى اعماق نفسها :"اسمي تاكيراي,واريد ان ارى جو غرانت لقد اخبرتني فتاة في المكتب انه يعمل هنا."
وضعت جو يديها في جيبي سروالها بحركة صبيانية دون وعي منها, ثم مشت مبتعده عنه وهي تناديه من فوق كتفها قائلة:"يمكنك ان تتفضل الى هذا المكتب ياسيد تاكيراي."
اجاب متباطئا في اللحاق بها:"لقد سبق وذهبت الى ذلك المكتب ولكنه لم يكن هناك." قالت جو وهي تفتح باب المكتب ثم تنتظره:"لابأس, سيكون هنا" ثم دخلت المكتب بينما هز كتفيه وتبعها. خلعت قبعتها الخشنة وقد دخلها سرور الظفر وهي تسمع هتاف الدهشه من ذلك الرجل لدى رؤيته لشعرها الكث الكستنائي الفاتح وهو يتناثر حول وجهها, ثم استدارت تواجهه قائلة:"انني جو اغرانت,ياسيد تاكيراي, والانمالذي تريده بالضبط؟"
بدت في عينيه ابتسامة دافئة وهو يعترف بغلطته قائلا:" ثمة امور كثيرة في فكري. ربما تتقبلين اعتذراي المتواضع؟"
اجابت:"ربما" ولكنها كانت تشعر, وهي تحاول ان تغطي تصاعد نبضها, ازاء ابتسامته باظهار التهذيب الهادئ
سالها:"هل يحصل ,عادة. مثل هذا الخطأ؟"
اجابت:"كثيرا جدا. ليس ثمة سبب لكي تظن في نفسك الغباء."
قال"اوه انني لا أشعر بذلك .حتى اجمل امرأة قد تبدوكالرجال إن هي ارتدت مثل هذه القبعه والجاكيت."
لم يفتها تهكمه المبطن وهو يلمح الى انها.مادامت غير جميلة جدا, فمن المنطقي ان يخطئ هو بهذا الشكل.
قالت له:"ربما من الافضل ان تدخل في الموضوع , ياسيد تاكيراي."
سألها:"اي موضوع يا آنسة غرانت؟"
أجابت:"لقد كنت تبحث عني, وها انك وجدتني الان."
تلاشت الابتسامة عن وجهه واتخذت ملامحه سمة الجد وهو يقول:"آه, تعنين ذلك الموضوع. حسنا, الموضوع ياانسة جو غرانت, انني جئت لادعو صاحب هذا الاسم الى الغذاء . ماقولك؟"
وقطبت جو جبينها بدهشة وهي تقول:"الغذاء؟ ولماذا تريد دعوتي الى الغذاء؟"
نظر اليها وقد ازداد التصميم في عينيه وسالها:" وهل تدهشك مثل هذه الدعوه؟" كان ثمة هالة من الجاذبية تحيط به. وادركت هي بشيء من الاثارة. انه يعبث معها.
أجابت"انها تدهشني طبعا لانك لاتعرفني."
قال:"هذا صحيح . وانني اعترف ان جو غرانت الذي ابحث عنه هو رجل ملتح ضخم الجسم, في الخمسين من عمره. ولكنني سعيد جدا بان تكوني ممثلة له."
فجأة جلست جو وهي تقول :"انني لست ممثلة له , بل انا اقرب الناس اليه.ذلك ان ابي قد توفي."
بانت في صوته صدمة وهو يقول:"هل توفي جو ؟ ولكنه لم يكن كبير في السن."
وبدا عليه الاسى بشكل واضح وهو ينظر من النافذه لبرهه. ثم مالبث ان نظر اليها وكانه رآها لتوه ثم سألها:"هل انت ابنة جو؟صاحبة تلك الصورة الموضوعه على مكتبه؟ ولكنك كنت تضعين نظارة طبية؟"
تذكرت جو تلك الصورة المفزعه التي تحيط بها اطار قديم, والتي كانت مدفونة تقريبا في الفوضى التي كان غارقا فيها مكتب ابيها, وقالت:"نعم لقد كنت اضع نظارة مسكين ابي. لقد كنت ,عادة, اتجنب ان تؤخذ لي اية صور فوتوغرافية.ولكن لك يكن ثمة مهرب من ان تؤخذ لي صورة في المدرسة, واضطرت امي الى شرائها . ولكنها, مراعاة لشعوري, لم تضعها بقرب صورة شقيقتي."
قال:"احقا؟ولماذا كان ذلك؟"
هزت كتفيها قائلة:" ان لشقيقتي هيثر شعرا اجعد واسنانا منتظمة جميلة وعينين سليمتي النظر. ولكن ابي اشفق علي ووضع صورتي على مكتبه."

نظر اليها متفحصا بعينين تنطقان بالثقه بالنفس ثم سألها:" انني متاكد من انك تسلمين هذه الايام, لاختك صلاحية استخدام اموالها, يا انسة غرانت"
ابتسمت بهدوء وهي تقول:" اخشى ان لايكون الامر كذلك ياسيد تاكيراي, ذلك ان هيثر مازالت تمثل الجمال في الاسرة, بينما علي انا ان اتعامل مع العقل."
قال:" مسكينة انت."
تصلب جسدها وهي تقول على الفور:" انني لا اريد الشفقة من احد, ياسيد تاكيراي." ومالبثت ان تضرج وجهها غضبا اذا انتبهت الى تسرعها الغبي وهي ترى الضحك في عينيه.
ان هذا الرجل يتدخل في حياتها, محطما الحواجز التي تقيمها حولها كثمن لقبولها في عالم الرجال.
قال:" انك في حاجة الى تقوية تقديرك لنفسك وارجو ان لايسيئك قولي هذا. ولكنني اوفق معك انك لست في حاجة الى شفقه مني او من غيري." وقبل ان تجيبه ,كان هو قد غير الموضوع قائلا:" لقد قال جو, عند ذاك, انك ستتابعين عمله, وقد ظننته, في ذلك الحين , يمزح."
قالت:" هذا صحيح, ياسيد تاكيراي,وعندما ادرك غلطته, كان الاوان قد فات لكي يفعل اي شيء بذلك الشأن."
سألها:" وهل حاول ذلك؟"
اجابت وهي تتذكر الزهوالذي ساد ملامح ابيها, يوم تخرجت من الجامعه:" لم يحاول بشكل كاف."
بان عليه التفكير وهو يقول:"فهمت"
كانت تظن انه بعد ان اكتشف ان مهمته كانت فاشلة, لابد سيستأذن خارجا, ولكنه بدلا من ذلك,قال:" انني شديد الاسف لما سمعته عن موت جو, يا انسة غرانت , مالذي حدث؟" وكان يبدو على وجهه الاهتمام البالغ مما جدد الامها وبعث غصة في حلقها. واخذت تحدق في البرنامج الموضوع على مكتبها الى ان استطاعت ان تتمالك دموعها فلا تنهمر.
عادت جو من ذكرياتها لتنظر اليه قائلة:"لقد كان في سيارته عندما اصابته ذبح قلبية قبل ثلاث سنوات.."
قال:" انني اسف. انني لم اعلم بذلك اذ كنت في الخارج اعمل في كندا, وعندما ابتدأت اجدد العهد بمعارفي القدماء اتصلت هاتفيا بمكتب ريدموند, سائلا عن ابيك, فاجابوني.."
قاطعته قائلة:"لاباس. انها غلطة بسيطة وهي تحدث دوما. لقد تعودت على ذلك." ومدت اليه يدها مصافحة بابتسامة شابها اسى خفيف:" جوانا غرانت."
كانت قبضته دافئة قوية .قبضة رجل جدير بالثقه قدم نفسه قائلا:"كلايتون تاكيراي."
قالت : "حسنا انني اسفه اذا جاءت رحلتك الينا خائبة, ياسيد تاكيراي."
وقال وقد بان العزم في عينيه:" انها لم تكن خائبة." نظر في عينيها, فأسرعت تشيح بناظريها عنه بعيدا, وهي تقول: "ليس في إمكاني ان اكون بديلا كاملا من ابي."قال:" لقد كنت احب اباك واعجب به , ياجوانا. ولكنني اظن ان الغذاء معك سيكون ممتعا. خصوصا, ان استغنيت عن حمالات السروال."
قالت معترضة:"ليس عليك ان تدعوني, فلا تكن احمق لاينبغي علي..."
سألها:لم لا؟"
اجابت:" لان....." وسكتت اذا لم يكن هناك اي سبب في الحقيقة, عدا عن انها تبالغ في سبيل الاحتفاظ بسكنتها النفسة.
ابتسم وكأن في استطاعته ان ينهي المعركة التي تدور في اعماقها, وقال:"ارغمي نفسك على ذلك, ياجوانا."
قالت وهو مازال ممسكا يدها بيده الكبيرة:"انني اشكرك"وهكذا وجدت نفسها تقبل الدعوة دون ان تفهم تماما السبب في ذلك, غير مدركة انه رجل لايقبل كلمة , لا جوابا.
قال:"ان هذا من دواعي سروري, وقد حجزت مائدة في مطعم جورج في طريقي الى هنا. فقد كنت مصمما على دعوة ابيك."
قالت مازحة وهي تميل براسها جانبا:"حقا؟من الافضل اذا ان اغير حذاء العمل هذا. ولكن ليس عليك ان تكلف نفسك, ياسيد تاكيراي, فما انا الامهندسة هنا, وعادة انتاول سندويشا وقت الغذاء."
اشرق وجهه ضاحكا لتتغضن زوايا عينيه وفمه, وهو يقول: انني لست باحثا عن عمل, ياجوانا,كما ان اصدقائي يدعونني كلاي.سأنتظرك في السيارة بينما تقومين باصلاح شأنك كما تريدين."
خلعت حذاء العمل من قدميها لتضع بدلا منه حذاء ذاكعب عال. ومررت على سروالها الرمادي الفرشاة وهي تتمنى لو ان لديها تنورة في المكتب لترتديها, بدلا منه. لقد فضلت, عند شراء تنورتها الصوفية الناعمة العاجية اللون ,ان تضمن فيها الراحة اكثر من الزي الذي ترتديه. ولكن كنزتها كانت جميلة على الاقل, يمتزج فيها اللونان الوردي والابيض والتي كانت هدية من اختها الكبرى هيثر التي كانت تدير متجر اللازياء, والتي كانت تحرص على اضافة لمسات انثوية الى خزانة اختها جو التي لم تكن تحوي سوى ثياب العمل الخشنة. وازاحت جانبا التقويم السنوي الذي يغطي المرآة التي كانت قد اتخلت عنها في عالم الرجال هذا الذي تعيش فيه, ثم القت على نفسها نظرة معترضة.
قالت تحدث نفسها بحزم وهي تهز كتفيها:"لاتخدعي نفسك ياجو,فهو لم يدعك الى الغذاء الا لانه يعرف اباك, فلاتدعي الافكار الحمقاء تراودك." ومطت شفتيها ساخرة من نفسها, لكن, لابد ان هيثر كانت ستشعر بالسرور وهي ترى اختها تطيل وقوفها امام المرآة تصلح من شعرها وزينتها.
فتح لها كلاي باب السيارة حيث اطمأن الى راحتها قبل ان يتخذ مقعد القيادة. ولاحظت هي الاعين التي تراقبها باهتمام من مختلف الانحاء, وعرفت انها ستكون عرضة للالسن لايام عديدة بعد ذلك, من قبل زملائها الرجال الذين يعملون على السقالات اذا يمدون لها ايديهم يساعدونها بأدب مبالغ فيه.
قال:" الامر نفسه كان سيحدث من قبل زملاء العمل لو كنت انت رجلا اصطحبتك فتاة, وربما اسوأ."
ضحكت هي قائلة:"هل تحصل معيشتك من وراء قراءة الافكار؟"
اجاب"كلا, ولكني كنت مهندس بناء انا ايضا."
قالت وهي ترمقه بنظرة جانبية من تحت اهدابها الكثيفة:"احقا؟ ليس عندي شك في ان ثمة فتيات كثرات كن يلاحقنك."

shining tears
18-07-2007, 22:36
استدار اليها باسما وهو يقول:" بل قليلات, وابوك كان يعرف تماما كيف يغيظني."
قالت :"نعم. هذا صحيح." فقد كانت تعمل مع ابيها في البناء اثناء عطل الصيف الطويلة من الجامعة وكانت تعرف طريقته في العمل. فقد كان يستغل اقل خطأ ليجعل من مقترفه موضع سخرية وهزء. وكانت هي تكره هذا الاسلوب.ولكن هذا خشن من شخصيتها.هدرت سيلرة الاوستن بخفة وهو يتوجه بها نحو الشارع الريئسي, قالت جو:"انها سيارة جميلة"
اجاب:"نعم,كانت لابي,انه لم يستعملها كثيرا,مؤخرا, ولكنه لم يقبل ان يبيعني اياها الا بعد ان تاكد من ان عمري كاف لجعله يثق بي."
سألته:"وكم عمرك؟"
اجاب:"ثلاث وثلاثون.ما رايك؟لقد ارد الرجل العجوز ان ينتظر عاما آخر.ذلك انه لم يمتلك سيارته الاوستن الاولى الا في الخامسة والثلاثين. ولكنني ارغمته على تسليمي اياها بعد ان هددته بشراء سيارة ب.ام دبليو."
دخل في هذه ااثناء موقف سيارات مطعم جورج. قالت:"ما اشد فظاعة صنعك هذا"ولكن ضحكها لطف من كلماتها.
قال:"حقا؟" وتلامست يدهما بينما كان يفك حزام امان السيارة من حولها.تلاقت انظارهما, وللحظة طويلة, ظنت جو ان الزمن قد توقف.
قال"اريد ان اقبلك, ياجو غرانت." مست نبرات صوتهكل عصب في جسدها. غصت بريقها وهي تشعر بصعوبة في تنفسها يبنما كانت دقات قلبها تعلو.ليس من المفروض ان تقبل الفتيات الرجال في اول مرة يتقابلن فيها.كما انهن لاينبغي ان يعترفن برغبتهن في ذلك. رفعت حاجبها وهي ترد عليه قائلة:" وهل تحصل دائما على ماتريد , ياكلايتون تاكيراي؟"
قال بثقة:"دائما"
تملكها الاضطراب للعزيمة التي لمحتها في عينيه, وحاولت ان تضحك قائلة:" احقا ياسيد تاكيراي؟ لقد كنت اظن ان العادة تقضي بان تطعم الفتاة قبل ان تحقق هدفك."
حدق فيها كلاي تاكيراي لحظة, ثم ترك الحزام من يده وهو يقول:" معك حق, طبعا. فهذا مجرد غذاء فقط, ولكنني سأعطيك فكرة عن موضوع العشاء."
قبل ان تستطيع استجماع افكارها, كان قد فتح باب السيارة لها. ولم ينطقا بكلمة وهو يقودها الى داخل المطعم بيد شعرت بها تحرق ذراعها. وبنظرة من كلاي الى النادل سارع هذا يقودهما الى مائدة بجانب نافذة تطل على النهر. بقيت تحدق من النافذة الة ذلك المنظر او اي شيء يجعلها تتجنب النظر في ذلك الوجه المقابل لها. لقدامضت حياتها العملية بجانب الرجال, وكان من النادر ان يعوزها الامر الى كلمة واحدة معهم. ولكنها الان لاتجد شيئا تقوله .
لكن مشكلة كهذه لم تكن تضايق كلاي الذي قال:" دعيني احاول ان اقرا افكارك مرة اخرى." واتسعت عينا جوالرماديتان.لم تكن الافكار التي تعتمل في ذهنها من النوع الذي تحب ان يقرأه. سالها ببشاشة:" البط؟"
قالت في محاولة لتلطيف الجو:" هل هذا يعود الى التدريب ام الى قوة الملاحظة؟"
اجاب مشيرا الى الطيور في النهر:"قوة الملاحظة. بدا لي اعجابك بها فتساءلت عما اذا كنت تودين واحد منها لغذائك ." وناولها قائمة الطعام متابعا قوله:" او ربما تريدين القاء نظرة على انوع الطعام هنا."
عندما عاد النادل اليهما, كانت قد اختارت ماتريد بهدوء.
سألها :( اتريدين أن تشربي شيئاً؟)
أجابت : (عصير الأناناس من فضلك.) وأدلى كلاي بطلبه إلى النادل طالباً مياها معدنية لنفسه.
سألته: ((لقد قلت انك قادم لتوك من كندا؟ ماذا كنت تعمل هناك ؟)) كانت تحاول أن تجعل جو الحديث طبيعياً.
أجاب:( كنت أعمل. لقد كانت أمي كندية _فرنسية. وعندما توفيت، أدركت انني لااعرف عنها وعن وطنها سوى القليل ،فاردت ان اتعرف اللا كل ذلك.)
عادت تساله : ( هل انت في عطلة الآن ؟)
تردد برهة قبل ان يقول: " ليس تماماً . ولكنني ابحث عن اصدقائي القدامى . وعندما قالت موظفة الاستقبال في شركة ريدموند ان جو كان يعمل هنا ، كان من السهل علي ان اجرب حظي في ان اجده حيث يقوم البناء نظراً لقربه من منزلي."
سالته وهي تحاول تجاهل تصاعد ضربات قلبها بعد إذ عملت ان منزله قريب :" منزلك؟"
أجاب :" لقد اشتريت كوخاً على ضفاف النهر في ناحية كاملي عندما كنت هناك في عطلة الميلاد."
حسنا ً. هذا شأنه هو، فما الذي دعاها لأن تثرثر فرحة كالاطفال قائلة: "انني اعشق تلك الناحية ،كاملي ، فهي ما زالت تمثل جمال الطبيعة الفطري الذي لم يلحقه التشويه."
قال دون ان يلحظ ما اصابها من إثارة : " نعم ، ولهذا السبب اشتريته. وقد تبدو هذه حماقة ،إذ ان مكتبي في لندن وكان يناسبني اكثر لو اشتريت شقة هناك. ولكنني لم استطع مقاومة جمال ذلك الكوخ ، إنه قديم وفي حاجة الى اصلاحات كثيرة ولكنني اظن ذلك جزءاً من سحره . لقد انتهى ترميمه الآن، وهو صالح للسكن ولكنني مازلت مخيماً بجانبه حالياً. "

سالته:" إذاً ،فانت لن تعود الى كندا؟"
أجاب :" ليس في المستقبل المنظور غلى الأقل."
لحظها بنظرة ثاقبة وهو يسألها هازلاً :" هل سرّك هذا ؟" انقذها مجيء النادل بالطعام ، من الارتباك في الجواب .ونظرت إلى سمك السلمون الذي وضعه امامها وقد شعرت بالاشمئزاز من لونه الوردي ، نفس اللون الذي كانت تدرك جيداً أنه يصبغ جبينها.
قال وهو يقدم الطبق :" سلمون؟ انني مسرور جداً به."
نظرت اليه لتكتشف انه لم يكن يسخر منها، كما ظنت، وان ابتسامته كانت للطعام.
ازدردت ريقها ،وهي تتناول منه الطبق سائلة: "هل عملت مع أبي مدة طويلة؟"
أجاب :" مانأول مدير مشاريع أعمل معه .التحقت بشركة ريدموند عقب تخرجي من الجامعة ووضعت تحت امرته في العمل ، وكنت بذلك محظوظاً جداً. لابد أنكِ تفتقدينه كثيراُ؟"
قالت: "نعم ، إنني افتقده . لقد كنت اريده لكي........."وسكتت إذ كان ماتعنيه شاناً خاصاً لاتحب ان تشارك فيه احداً أو تتحدث فيه عالناً .
أحس بانه دخل خطأ ، منطقة خطيرة من مشاعرها ، فغير الموضوع حيث أخذ يصف حياته في كندا، والبلاد نفسها، حتى بدأت اخيراً تسنرخي في مكانها.
عندما قدمت القهوة ، اتكا في مجلسه إلى الخلف وأخذ ينظر إليها جاداً وهو يسألها :"ماهي خطتك المهنية للمستقبل ،ياجوانا ؟ إنك ، طبعاً ، لن تبقي في البناء؟"
أجابت بزهو : " أنني أول امرأة استخدمتها شركة ريدموند كمهندسة بناء. وقد قررت ان اكون اول امرأة يستخدمونها مديرة للمشاريع."
إذا كان قد شعر بالدهشة لجوابها هذا, فانه استطيع اخفاءها ، ولكن سؤاله التالي أوضح تفهماً منه لما يمكن ان ينطوي تحت هذا القرار من مشكلات . إذ قال: "اتظنين أن هذا العمل يترك مكاناً لحياة خاصة بك؟"
أقرت قائلة:"ليس كثيراً"
عاد يسألها :" ولكن ، ماذا بالنسبة إلى الزواج وإنشاء اسرة؟"
أجابت :"إن الرجال يستطيعون القيام بالامرين في الوقت ذاته"لم تكن غريبة عن مثل هذه المناقشات . فقد اعتادت شقيقتها الكبرى دوماً ان تحاول اقناعها بأن تتخذ مهنة تقليدية، حتى انها عرضت مرة ان تسجل هذه المناقشات على آلة التسجيل كي تستمع اليها ولو مرة واحدة يوميا ..
وذلك تجنبا لها للمضايقة ، ولكن عبثا . فمنذ وقت طويل توقفت هيثر عن محاولة تغيير اطباع شقيقتها ، وتكتفي حاليا بان تثابر على تقديم الثياب الجميلة لها ، من متجرها , لكي تحسن من مظهرها .
اجاب كلاي : " هذا صحيح , ولكن الرجال لايحبون. وصعود السلالم ونزولها طيلة النهار ,بالنيبة اللا امرأة حامل يسبب مشكلات لها ,ألاتظنين هذا؟"
لكن ,لما كانت جو غير مصممة على الزواج في المستقبل المنظور ,فقد تجاهلت السؤال ,والقت نظرة الى ساعتها قائلة:"يجب ان اعود , فقد تاخرت."
نظر اليها كلاي لحظة, مفكراً , ولكنه لم يتابع الموضوع بل العكس , اشار الى النادل طالبا قائمة الحساب ثم سألها : " وبالنسبة إلى العشاء , أين سأوافيك بالسيارة "
حملتها دهشتها لرغبته في ان يراها مرة اخرى , على ان تطلق ضحكة حائرة وهي تقول : " ليس ثمة حاجة لذلك يا كلاي . لقد كان لطفا منك ان تدعوني مرة الى الغذاء ... "
مال الى الامام قائلا : " انني لم احضرك الى هنا لاكون لطيفا . انني مازلت اريد ان اقبلك , يا جو غرانت . لقد كنت انت من اشترط ذلك في البداية . طبعا , ربما غيرت رأيك ."
" لكنني لم ... " واحجمت جوانا عن انكارها وهي تقف .

shining tears
18-07-2007, 22:39
لقد كان حوارا سخيفا ولم يكن في نيتها الاستمرار فيه . ونهض كلاي بدوره , بينما ابتسمت هي قائلة وهي تمد يدها اليه برزانة قائلة : " لااريد ان استعجلك .واشكرك على هذا الغذاء , انني لن ازعجك في توصيلي اذ يمكنني ان استقل سيارة اجرة الى عملي ."
هز يدها صامتا , بينما اجتازت هي قاعة الطعام قاصدة مكتب الاستقبال لتستعمل الهاتف . واخذت تفتش في حقيبتها بضيق , وكان هو مستندا الى الجدار يراقبها , فقال : " ايمكنني ان اقدم اليك بعض القطع النقدية الصغيرة ؟ "
قالت ببرود : " كلا , شكرا ." ولكن , لما لم تجد شيئا منها في حقيبتها , غيرت رايها , فقالت في حدة : " نعم ."
قال برقة وهو يقدم اليها حفنة من قطع النقد الفضية : " لن تصل اية سيارة قبل عشر دقائق . لماذا تعارضين ان اوصلك بسيارتي ؟ "
رفضت ان تبادله نظراته . وهي تختار قطعة العشرة بنسات , ثم طلبت بغضب رقم مركز التاكسي في الهاتف .
كان الهاتف يرن في اذنيها : " مركز التاكسي , اية خدمة ؟ "
قالت جو متجاهلة الراجل الواقف الى جانبها : " اريد سيارة الى مطعم جورج باسرع وقت ممكن."
قالت الفتاة : " اننا مشغولون قليلا الآن , ولايمكننا تامين ذلك قبل عشرين دقيقة ."
هتفت هي : " عشرون دقيقة ؟ "
تناول كلاي السماعة من يدها وقال : " لا ضرورة لذلك . شكرا " ثم وضع السماعة قائلا لها : " لا يمكنني ان اجعلك تتاخرين عن العمل , خاصة بالنسبة الى وقتك في مواعيدك . واعدك بان تكوني آمنة معي , فلا تخافي ."
قبل ان تقول شيئا , كان قد فتح الباب مسرعا بها نحو السيارة . جلست جو على المقعد الجلدي وهي تشعر بصعوبة في تنفسها .
كانت دوما متمالكة الاعصاب في العمل ماعدا اثناء زيارة مدير المشاريع . ولكنها لا تدري لماذا فقدت سيطرتها على اعصابها عندما دخل كلاي تاكيراي مكتبها . ان كلمة ( آمنة ) غير صحيحة ابدا , ذلك انه كان رجلا مزعجا لدرجة خطيرة .
لم يدر بينهما اي حديث وهما يخترقان الطريق الريفي . شعرت جو بالارتياح اخيرا , وهي ترى اعمال البناء تلوح لها من بعيد . ودخل كلاي الساحة ثم توقف .
حاولت ان تهرب , ولكنه كان اسرع منها اذ قبض على يدها التي كانت تفك الحزام , ووضعها على صدره فشعرت بضربات قلبه الرتيبة وهو يقول لها : " والآن عليك ان تقرري , يا جو غرانت ."
حدقت جو به وهي تقول : " ولكنك وعدت ."
قال متحديا بلطف : " هل فعلت انا ذلك ؟ انني اذكر قولي لك وهو انك ستكونين آمنة . ولكنني لم احدد من اي شيء سأجعلك آمنة ."
كيف يمكن لهاتين العينين المتسعتين ببراءة , ان تخفيا كل هذه المراوغة ؟ وقالت ساخطة : " في هذه الحالة , سانهي الامر معك , اذا كان ذلك لا يشكل لديك اي فرق ."
تجاهلت حقيقة وجودهما حيث العمال يراقبونهما , اغمضت عينيها وانتظرت ان يقبلها . ولكن ضحكة خفيفة منه جعلتها تفتح عينيها . وكان كلاي يهز راسه وهو يميل ليفتح لها باب السيارة . وبقيت هي لحظة دون حراك وقد ساورها الارتباك تماما . وقال : " حسنا , هل ستبقين جالسة هنا طيلة بعد الظهر ؟ كنت اظنك في عجلة من امرك ؟"
اجابت وهي تحاول جمع شتات نفسها : " نعم . اشكرك مرة اخرى على الغذاء."
ترجلت من السيارة , ثم اسرعت في اتجاه مكتبها , رافضة ان تستسلم للدافع الذي كان يغريها بالنظر الى الخلف.
لم يتصل هاتفيا بها الا يوم الخميس , وكان قد مضى اسبوع باكمله .
عندما سمعت صوته الخفيض يقول : " جوانا ." توقف قلبها عن الخفقان.
قالت بمثل لهجته : " كلاي؟" ولكنها اعترفت, باسى , ان الرجل يعرف جيدا كيف يلعب لعبته . لقد امضت طيلة الاسبوع على احر من الجمر , وهي تتوقع , كل لحظة , ان تراه يدخل الى ساحة البناء . وكان قلبها يقفز كلما وقعت انظارها على سيارة رمادية , ولكنه لم يات , فاخذت تشتم نفسها وتنعتها بكل انواع الحماقات لرفضها دعوته الى العشاء , لتعود فتنعت نفسها بشتى انواع الحماقات لرغبتها في التورط معه , ذلك انه كان بعيدا عن منالها تماما. اذ لا خبرة لديها في التصرف مع رجل كهذا.
قال لها : " كيف حالك , يا جوانا ؟ " وامكنها ان تتصور النظرة الفكهة في عينيه تلك.
اجابت هي : " انني بخير , شكرا . وانت.؟ هل تستمتع باجازتك؟"
اجاب : "ليس كثيرا, فقد كنت في ميدلاند طيلة الاسبوع في عمل . ولكن يمكنك ان تنسيني مشقة كل ذلك . انني ادعوك الى العشاء هذه الليلة ."
قالت متجنبة الرد : " لماذا انا ؟هل تزوجت جميع صديقاتك القديمات اثناء غيابك؟" لم تكن تريد ان تظهر تشوقها البالغ لهذه الدعوة .
ضحك قائلا :" معظمهن .فقد مضى على ذلك سبع سنوات تقريبا . هل ستاتين؟"
دار صراع في نفسها بين رغبتها وعقلها, لتتغلب الرغبة اخيرا بقولها :" بكل سرور."

shining tears
18-07-2007, 22:41
الفصل الثـــــــــاني
كان الوقت متاخرا, عندما اوقفت جو سيارتها وراء المنزل القديم قرب سوق المدينة , وود هيرست ودخلت الى الشقة الواقعة في الطابق الاول والتي استاجرتها اثناء مدة العمل , ثم القت بمشترياتها على مائدة المطبخ.
لم تضيع وقتا طويلا في الحمام , ثم جففت بسرعة شعرها الكثيف الاشقر الغامق ,ذا التموجات الفاتحة لكثرة بقائها خارج المنزل .لقد سبق وتساءلت , في ما مضى , كيف تبدو ان جعدت شعرها مثلما تفعل شقيقتها . ولكنها مالبثت ان اقتنعت بان هذه الاشياء ليست لها , فقد كان انفها بارزا قليلا , وفمها اكبر مما ينبغي , وقد اخبرها الحلاق بلطف , وكانت في الرابعة عشر من عمرها حين جاءت اليه ليصلح النتيجة الفظيعة لمحاولة اختها هيثر ان تجعد لها شعرها في المنزل , بان تجعيد الشعر هو فقط لتلك الفتيات اللاتي ليس في ملامحهن صفات مميزة , ولكنها لم تصدقه عند ذاك. ولكنها الان تطلب طرازا لشعرها هو اكثر من مجرد قصة كل ثلاث اسابيع لتحتفظ بمظهره الحسن .
عندما رضيت عن مظهر شعرها , امضت وقتا اطول من المعتاد في التبرج وصبغ اظافرها بلون وردي فاتح , ذلك انها قررت ان تكون هذه الليلة جوانا غرانت . اما جو , مهندسة البناء, فيمكنها ان تتوارى هذه الليلة.
كانت ملابس المساء عندها قليلة , ولكنها لن تتردد طويلا ,فارتدت تنورة واسعة من الجورجيت ذات لون رمادي فاتح , فوقها بلوزة بكمين طويلين والوان رمادية ووردية مع لمسات فضية . ثم تاملت نفسها راضية عن مظهرها . وفكرت بشيء من التسلية , ربما تصادف بعض زملائها الليلة , وسيكون من الصعب عليهم تمييزها بهذا المظهر الجديد عليهم.
انتعلت حذاءاً رماديا منخفض الكعب . وكانت تدور حول نفسها امام المرآة عندما تصاعد رنين جرس الباب. وقفت لحظة وقد شعرت بالضعف وعدم الثقة بنفسها , ثم, خوفا من ان يسأم من الانتظار, اسرعت تفتح الباب.
كان كلاي , بقامته الفارعة , ومضهره البالغ الاناقة في سترته السوداء, متكئا على حلجز السلم ينظر الى مقدمة حذائه , وارتفعت عيناه عندما فتح الباب وابتسم, محدقا في تلك الفاتة الواقفة عند الباب.
سالته جو اخيرا لتخترق الصمت : " هل هذه الازهار لاجلي؟"
انحدرت انظاره الى ازهار وردية وكانه لا يستطيع التذكر من اين اتى بها , ثم عاد ينظر اليها وقال :" اظن انها لأجلك."
قالت :" ادخل, ساضعها في الماء. اتريد ان تشرب شيئا؟" سألته ذلك وهي تحاول ان تتذكر مالذي فعلته بزجاجة شراب مازالت عندها منذ عشية الميلاد.
تبعها الى المطبخ وهو يقول :" كلا, شكرا." واخذ يراقبها وهي تضع الأزهار في وعاء عميق مملوء بالماء.
استدارت اليه تقول:"ما اجملها من ازهار. شكرا يا كلاي."
تقدم نحوها خطوة وهو بقول:" هذه انت الان, ياجوانا, ولن يخطئ احد ابدا فيظنك فتى هذه الليلة"
ثم ابتعد عنها قائلا:"حسنا.فلنخرج."
"الى اين نحن ذاهبان؟"
"الى مكان صغير اعرفه قرب النهر."كان وصفه هذا يقلل من شان ذلك المطعم الجميل المطل على النهر, واخبرته برايها هذا عندما جلسا هناك.قال وقد بدا عليه الذهول:" ظننت انه ربما يعجبك الحضور الى هنا."
قالت:"انه رائع الجمال."
استدار ينظر اليها قائلا:"نعم. انه كذلك." ورفع يده يلامس وجنتها الناعمة وهو يقول:" جميل تماما."
جاءهما صوت النادل:"هل تتفضلان بالحضور الى مائدتكما ياسيدي؟ "
اعاد هذا الصوت كلاي الى واقعه, فتأبط ذراع جوانا, ليسير بها مجتازا قاعة المطعم جاعلين رؤوسا عديدة تستدير لتنظر اليهما.كانت جوانا في العادة تضطر الى اخفاء طولها حين تسير مع رجل ما, فهي لاتنتعل مطلقا كعبا عاليا. وكان عليها, على الاقل ان تتراخى في وقفتها, حسب قول ابيها, والان وهي بجانب قوام كلاي القوي حيث قمة راسها تصل الى اذنه, كانت تمد قامتها بحرية شاعرة بالسرور لادراكها انها محسودة من نصف الحاضرات, ان لم يكن اكثر. في مابعد, لم تستطع ان تتذكر حتى نوع الطعام الذي تناولته ولا الحديث الذي تبادلاه . كل ماتذكره هو حديثه عن شيء يتعلق بدائرة استشارية بدأها في كندا وخطته لتوسيعها الى بريطانيا , ثم وجه كلاي في ضوء الشموع , ثم يده تمسك بيدها على المائدة , ثم كلماته وهو يقول :" فلنذهب."
جلست في مقعدها في السيارة , متكوّرة الى جانبه وكانها تعرفه منذ سنين , وامتدت ذراعه تدنيها منه , وبدا ذلك طبيعياً تماماً فلم تتردد في ان تريح رأسها على كتفه. ولم تفكر بالمكان الذي كانا ذاهبين إليه , ولم تهتم ما دام هو معها. وتوقفت السيارة , ورفعت راسها متسائلة :" أين نحن؟."
" أنت في منزلك , ياسيدتي الجميلة, أين تتوقعين أن تكوني اذأً؟"
أخفى الظلام احمرار وجهها , ثم دعته ان يساعدها في الترجل من السيارة.
" سأوصلك إلى الباب."
في أعلى السلم , استدارت إليه تسأله :" أتريد فنجاناً من القهوة؟"
كانت ذراعه حول خصرها وهو يقول :" أظن يكفيني الإزعاج الذي سألاقيه أثناء النوم , يا جو "
كانت تتمنى لو انه لا يتركها . وكأنما كان يقرأ افكارها , جذبها نحوه لترتمي بين ذراعيه.
عندما تركها أخيراً , بالكاد استطاعت الوقوف على ساقيها , فوضع ذراعيه حولها يسندها بينما وضعت رأسها على كتفه.
" يجب أن أذهب ."
" أيجب عليك ذلك حقاً ؟"
قال :" لا تجعلي الأمر صعباً عليّ ." قبل جبينها , فرفعت ناظريها إليه , ولكنه بدا شارد الذهن بعيداً عنها , وفتشت في حقيبتها عن مفتاحها ليأخذه ويفتح الباب.
سألها : " هل يمكنني رؤيتك غداً؟"
ترددت لحظة , ولكنه , عندما ابتسم اومأت برأسها هامسة :" نعم."
رفع يده قائلاً باختصار :" سآتي عند الساعة السابعة ." ثم ذهب دون ان يلتفت الى الوراء.
تساءلت جو وهي تقف تحت الدوش , عما كانت تفكر فيه بالضبظ قبل ظهور كلاي تاكيراي في حياتها , مادام ظهوره منذ اسبوع فقط كان كافياً ليملأ نهارها وجزءاً من ليلها.
قطع هذه الافكار , قرع جرس الباب , فوضعت على جسدها معطف الحمام ثم خرجت لترى من القادم.
هتفت :" كلاي."
قال معتذراً :" جئت مبكراً قليلاً "
ضحكت وعيناها تتراقصان قائلة :" قليلاً فقط؟ ظننت أن لقاءنا الساعة الساعة السابعة مساء وليس صباحاً."
قال:" لقد شعرت برغبة مفاجئة في أن أرى كيف يكون شكلك في الصباح."
شدت معطفها حول جسدها وهي تقول :" حسناً؟"
" كما توقعت تماماً أن أراك , الوجه خالٍ من الزينة, القدمان حافيتان , الشعر مبلل ... وجميلة تماماً ."
دخل مغلقاً الباب خلفه .