Catooo
13-01-2007, 21:01
" يمنع نقل القصة او نسخها ..
اذ ما كنت رقيبة عليك .. الله وحده الرقيب "
:D
اسم العضوة : Catooo
نوع القصة : خيال ممزوج بالغموض والرعب
مقدمة :
السلام عليكم
بداية احترت في عنونة هذه القصة ، هل أسطرها تحت عنوان " نظرات قاتلة " .. أم " نظرات كادت تقتله " ، لكني وجدت العنوان الأول هو الأجدر ، لأنه إن كان بطل القصة قد نجا وبأعجوبة من تلك النظرات ، فإن غيره لن ينجو منها ، فهي - في جميع الأحوال - .. قاتلة !
لكم الحق في إبداء الرأي .. فأنا مازلت تلميذة في مدرسة القصة والرواية
________________________________
نظرات قاتلة
بقلم : Catooo
في هذا الصباح أصبح يرى الوجود جميلاً ! ..
هكذا هي مشاعر الفرح حين تتأجج في داخلك وتسيطر عليك للحظات ، فتعميك عن رؤية الحقيقة وتجعلك ترى كل ما حولك جميل ...
تفجّرت في داخله موجة من الفرح والسرور فأخذ يجول ببصره هنا وهناك ، كل ما حوله بهيج وقد كان يصف المدينة في كل صباح يذهب فيه إلى العمل بـ " المقبرة المتعفنة " ، كل ذلك لأنه أخذ إجازة عمل في منتصف الأسبوع ، ويالها من معجزة ! ..
في غمرته أحس بفورة من النشاط تنبعث من داخله ، تتفجّر في سيّالات عصبيّة دمّرت حواسه الخمس ، فأصبح يسمع ضوضاء المدينة موسيقى ، ويشتمّ دخان السيارات عبيراً ، كلها من لواحق الفرح اللامبالي حتى انه خشي أن يكون هذا النشاط - كما يقول الإنجليز - " نشاط ما قبل الموت " ...
كان قد تأبّط صحيفته يحمل في يده كوباً من قهوة " ستاربكس " ، قاصداً الحديقة العامة لقضاء يومه المعجزة ، حيث الأشجار الخضراء تحتضنك بين ربوعها لتريحك من ضغوط الحياة العملية المملة ، وتوفر لك كل الحب والعطاء من أنفاسها النقية فتستنشقها وأنت مستلقٍ على البساط الأخضر أو جالساً بجوارها على مقعدٍ من جذعها العتيق ..
جلس على أحد المقاعد ، يرتشف من قهوته مستمتعاً .. ينظر بشمولٍ إلى أرجاء الحديقة التي خلت إلا من بعض الرياضيين وهواة التزحلق بالمزلجات ، تمر المشاهد أمام عينيه سريعاً وكأنها فيلم سينمائي قصير ، وهنا توقف الفيلم فجأة .. حين وقعت نظراته على تلك العينين الرماديتين ..
كانت ومن معها يمثلن ما دون العاشرة من العمر ، رسمن على أرضية الممشى مربعات مرقمة ، يلعبن لعبة الـ " ثمانية بيوت " أو " الحجلة " كما يطلق عليها البعض الآخر ، فترمي إحداهن الحجر المسطح الصغير على أحد المربعات ، وعلى قدم واحدة تقفز من فوقه إلى المربع الذي يليه ، جميعهن تبادلن الأدوار إلا هي فقد بقيت صامتة تنظر إليه حتى بعد أن أزاح ناظريه عنها ..
نظراتها إليه تدل على أنها كانت تحدق به مذ وصوله إلى الحديقة وجلوسه على المقعد ، بداية لم يُعِرها انتباهاً ، لكن حين انتهى من قهوته وأخذ يشعل السيجارة .. ألقى نظرة خاطفة فوجدها لا تزال تمثالاً متحجراً منحوتاً أمامه ، ترميه بتظراتها الباردة ..
كانت جميلة بجمال أزهار الحديقة المتفتحة من حولها ، ذات عينان لوزيتان زاويتهما المتباعدتان مائلتان إلى الأسفل توحي لك بأنها على وشك الغرق في سبات عميق ، يعلو رأسها " فيونكتين " من الشرائط الزهرية .. ينساب منهما شلالان متوازيان من الخصل السوداء اللامعة ، واللذان يصبان في بحر كتفيها الهزيلين ..
كانت ضئيلة الحجم بالنسبة إلى صديقاتها ، ويبدو أنها أصغرهن سناً ، وقد رأى من ملابسها الرثة وسلة الأزهار المعلقة على ساعدها الأيمن أنها تنتمي إلى باعة الأزهار الجوّالة ..
كانت - ولازالت - جامدة في مكانها ، لأول وهلة ظنّ أنها تلعب مع صديقاتها لعبة " حركة - صنم " وبطريقة دراماتيكية ، لكن حدسه قد خانه في هذه إذ ضايقها سقوط خصلة سوداء سميكة على شقها الأيسر فأزاحتها عن وجهها بكل عناية واعتدلت في وقفتها ، لكن نظراتها بقيت كما هي ! .
هذه المرة أصاب الوسواس نفسه و شعر بالضيق الشديد ، عدل ربطة عنقه في غرور ودفن رأسه خلف الصحيفة يقرأها سريعاً ويقلب صفحاتها متظاهراً لها بعدم الإكتراث ، يختلس النظر إليها بين الفينة والاخرى فيجدها لاتزال على حالها الغريبة ، قال في نفسه بعد أن اشتعل غضباً : " تباً .. مالذي تريده مني هذه الطفلة ؟!"
اقترح على نفسه أن يشتري لها بعض الحلوى ويستلطفها قليلاً ليعرف سر تلك النظرات المثيرة للريبة ، اقترب قليلاً ودنا حتى أصبح بمستوى طولها تقريباً ، سألها بعد ان اصطنع الإبتسامة : " ما اسمك يا حلوة ؟"
- ...............
- أتريدين بعض السكاكر ؟
- ...............
وهنا اقتربت منها صديقتها تهمس لها في أذنها بعدة تمتمات ، بعدها نطقت فتاة الصمت قائلة بصوتها المتقطع البارد :
" ماما أخبرتني أن لا أحادث الغرباء "
هنا طفح الكيل ، احمرّ وجهه غضباً وقد بدا مصعوقاً بعض الشيء ، ابتسم لها ابتسامة وقحة وقال بسخط :
" إذاً .. فلتذهبي أنتي ونظراتك إلى الجحيم !
عاد إلى مقعده وقد التقط جريدته بعنف ، يكرر في نفسه ما قالته تلك الصغيرة سخرية :
" ماما أخبرتني أن لا أحادث الغرباء .. ألم تعلمك أمك أن لا تحدقي بالآخرين هكذا ؟! "
مرّت لحظات كان قد نسي فيها أمر تلك الطفلة وانغمس في قراءته للصفحات الإقتصادية ، وبينما هو كذلك أحس بشيء من الوخز يطعن في داخله ، تجاهل ذلك ملياً ، لكن مع مرور الدقائق تطوّر هذا الوخز وأصبح ألماً لا يطاق !
اتسعت عيناه فجأة ! ، وندّت عنه صرخة ألم علت في الهواء الطلق ، لم يستطع تمييز موضع الجرح إذ بدأت أنسجته الوعائية بالتمزّق فأخذ يسعل دماً ، أدرك حينها لحظة الخطر ، التفت إلى الخلف فرأى تلك النظرات الجهنمية تطعنه بسهامها وقد رسمت على شفاه راميتها نصف ابتسامة لاحت على وجهها وكأنها دليل انتصار !..
امتلأ قلبه رعباً، وسيطرت عليه مشاعر الخوف والهلع ، في الحال ركض مهرولاً بساقين ترتعشان تريدان النجاة بما تبقى منه ، لكنه تعثّر بصخرة أو صخرتين .. فسقط مغشياً عليه ..
تمت .
اذ ما كنت رقيبة عليك .. الله وحده الرقيب "
:D
اسم العضوة : Catooo
نوع القصة : خيال ممزوج بالغموض والرعب
مقدمة :
السلام عليكم
بداية احترت في عنونة هذه القصة ، هل أسطرها تحت عنوان " نظرات قاتلة " .. أم " نظرات كادت تقتله " ، لكني وجدت العنوان الأول هو الأجدر ، لأنه إن كان بطل القصة قد نجا وبأعجوبة من تلك النظرات ، فإن غيره لن ينجو منها ، فهي - في جميع الأحوال - .. قاتلة !
لكم الحق في إبداء الرأي .. فأنا مازلت تلميذة في مدرسة القصة والرواية
________________________________
نظرات قاتلة
بقلم : Catooo
في هذا الصباح أصبح يرى الوجود جميلاً ! ..
هكذا هي مشاعر الفرح حين تتأجج في داخلك وتسيطر عليك للحظات ، فتعميك عن رؤية الحقيقة وتجعلك ترى كل ما حولك جميل ...
تفجّرت في داخله موجة من الفرح والسرور فأخذ يجول ببصره هنا وهناك ، كل ما حوله بهيج وقد كان يصف المدينة في كل صباح يذهب فيه إلى العمل بـ " المقبرة المتعفنة " ، كل ذلك لأنه أخذ إجازة عمل في منتصف الأسبوع ، ويالها من معجزة ! ..
في غمرته أحس بفورة من النشاط تنبعث من داخله ، تتفجّر في سيّالات عصبيّة دمّرت حواسه الخمس ، فأصبح يسمع ضوضاء المدينة موسيقى ، ويشتمّ دخان السيارات عبيراً ، كلها من لواحق الفرح اللامبالي حتى انه خشي أن يكون هذا النشاط - كما يقول الإنجليز - " نشاط ما قبل الموت " ...
كان قد تأبّط صحيفته يحمل في يده كوباً من قهوة " ستاربكس " ، قاصداً الحديقة العامة لقضاء يومه المعجزة ، حيث الأشجار الخضراء تحتضنك بين ربوعها لتريحك من ضغوط الحياة العملية المملة ، وتوفر لك كل الحب والعطاء من أنفاسها النقية فتستنشقها وأنت مستلقٍ على البساط الأخضر أو جالساً بجوارها على مقعدٍ من جذعها العتيق ..
جلس على أحد المقاعد ، يرتشف من قهوته مستمتعاً .. ينظر بشمولٍ إلى أرجاء الحديقة التي خلت إلا من بعض الرياضيين وهواة التزحلق بالمزلجات ، تمر المشاهد أمام عينيه سريعاً وكأنها فيلم سينمائي قصير ، وهنا توقف الفيلم فجأة .. حين وقعت نظراته على تلك العينين الرماديتين ..
كانت ومن معها يمثلن ما دون العاشرة من العمر ، رسمن على أرضية الممشى مربعات مرقمة ، يلعبن لعبة الـ " ثمانية بيوت " أو " الحجلة " كما يطلق عليها البعض الآخر ، فترمي إحداهن الحجر المسطح الصغير على أحد المربعات ، وعلى قدم واحدة تقفز من فوقه إلى المربع الذي يليه ، جميعهن تبادلن الأدوار إلا هي فقد بقيت صامتة تنظر إليه حتى بعد أن أزاح ناظريه عنها ..
نظراتها إليه تدل على أنها كانت تحدق به مذ وصوله إلى الحديقة وجلوسه على المقعد ، بداية لم يُعِرها انتباهاً ، لكن حين انتهى من قهوته وأخذ يشعل السيجارة .. ألقى نظرة خاطفة فوجدها لا تزال تمثالاً متحجراً منحوتاً أمامه ، ترميه بتظراتها الباردة ..
كانت جميلة بجمال أزهار الحديقة المتفتحة من حولها ، ذات عينان لوزيتان زاويتهما المتباعدتان مائلتان إلى الأسفل توحي لك بأنها على وشك الغرق في سبات عميق ، يعلو رأسها " فيونكتين " من الشرائط الزهرية .. ينساب منهما شلالان متوازيان من الخصل السوداء اللامعة ، واللذان يصبان في بحر كتفيها الهزيلين ..
كانت ضئيلة الحجم بالنسبة إلى صديقاتها ، ويبدو أنها أصغرهن سناً ، وقد رأى من ملابسها الرثة وسلة الأزهار المعلقة على ساعدها الأيمن أنها تنتمي إلى باعة الأزهار الجوّالة ..
كانت - ولازالت - جامدة في مكانها ، لأول وهلة ظنّ أنها تلعب مع صديقاتها لعبة " حركة - صنم " وبطريقة دراماتيكية ، لكن حدسه قد خانه في هذه إذ ضايقها سقوط خصلة سوداء سميكة على شقها الأيسر فأزاحتها عن وجهها بكل عناية واعتدلت في وقفتها ، لكن نظراتها بقيت كما هي ! .
هذه المرة أصاب الوسواس نفسه و شعر بالضيق الشديد ، عدل ربطة عنقه في غرور ودفن رأسه خلف الصحيفة يقرأها سريعاً ويقلب صفحاتها متظاهراً لها بعدم الإكتراث ، يختلس النظر إليها بين الفينة والاخرى فيجدها لاتزال على حالها الغريبة ، قال في نفسه بعد أن اشتعل غضباً : " تباً .. مالذي تريده مني هذه الطفلة ؟!"
اقترح على نفسه أن يشتري لها بعض الحلوى ويستلطفها قليلاً ليعرف سر تلك النظرات المثيرة للريبة ، اقترب قليلاً ودنا حتى أصبح بمستوى طولها تقريباً ، سألها بعد ان اصطنع الإبتسامة : " ما اسمك يا حلوة ؟"
- ...............
- أتريدين بعض السكاكر ؟
- ...............
وهنا اقتربت منها صديقتها تهمس لها في أذنها بعدة تمتمات ، بعدها نطقت فتاة الصمت قائلة بصوتها المتقطع البارد :
" ماما أخبرتني أن لا أحادث الغرباء "
هنا طفح الكيل ، احمرّ وجهه غضباً وقد بدا مصعوقاً بعض الشيء ، ابتسم لها ابتسامة وقحة وقال بسخط :
" إذاً .. فلتذهبي أنتي ونظراتك إلى الجحيم !
عاد إلى مقعده وقد التقط جريدته بعنف ، يكرر في نفسه ما قالته تلك الصغيرة سخرية :
" ماما أخبرتني أن لا أحادث الغرباء .. ألم تعلمك أمك أن لا تحدقي بالآخرين هكذا ؟! "
مرّت لحظات كان قد نسي فيها أمر تلك الطفلة وانغمس في قراءته للصفحات الإقتصادية ، وبينما هو كذلك أحس بشيء من الوخز يطعن في داخله ، تجاهل ذلك ملياً ، لكن مع مرور الدقائق تطوّر هذا الوخز وأصبح ألماً لا يطاق !
اتسعت عيناه فجأة ! ، وندّت عنه صرخة ألم علت في الهواء الطلق ، لم يستطع تمييز موضع الجرح إذ بدأت أنسجته الوعائية بالتمزّق فأخذ يسعل دماً ، أدرك حينها لحظة الخطر ، التفت إلى الخلف فرأى تلك النظرات الجهنمية تطعنه بسهامها وقد رسمت على شفاه راميتها نصف ابتسامة لاحت على وجهها وكأنها دليل انتصار !..
امتلأ قلبه رعباً، وسيطرت عليه مشاعر الخوف والهلع ، في الحال ركض مهرولاً بساقين ترتعشان تريدان النجاة بما تبقى منه ، لكنه تعثّر بصخرة أو صخرتين .. فسقط مغشياً عليه ..
تمت .