Eezabell Watson
05-01-2007, 14:58
http://img175.imageshack.us/img175/1030/1055d6a0ddbf9.gif
كيف حالكم جميعا؟
أتمنى أن تكونوا بألف خير
الموضوع اليوم عن إمبراطورة عربية إعتلت عرش روما لتثبت لجيل قادم كم نحن عظماء
أترككم للتعرف على شخصها
يتفق المؤرخون المعنيون بالتاريخ القديم على أن أبناء المشرق العربي لعبوا دورا مهما في تاريخ الرومان وحضارتهم, بحيث لم يقتصر هذا الدور على ميدان دون آخر وإنما شمل معظم الميادين, السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية. وكان الرومان قد احتلوا المشرق العربي خلال القرن الأول قبل الميلاد, حيث حلّوا محل السلوقيين في حكم سورية (الكبرى) منذ عام 63ق.م, ومحل البطالسة في حكم مصر منذ عام 30ق.م, ثم حكم البيزنطيون (الروم) المشرق العربي منذ عهد الإمبراطور قسطنطين الكبير (305 - 337م). وبعد ثلاثة قرون تقريبا سقط الحكم البيزنطي على أيدي الفاتحين العرب المسلمين.
ويهمنا أن نؤكد على إحدى الحقائق التاريخية الكبرى وهي أن الرومان أخفقوا في (رَوْمَنة) أبناء المشرق العربي, كما فشل أسلافهم الإغريق من قبلهم, وفشل خلفاؤهم البيزنطيون من بعدهم.فقد حافظ عرب المشرق على هويتهم الثقافية وتقاليدهم وأخلاقهم خلال حكم هؤلاء الغزاة, بل أسهم أبناء المشرق العربي وتراثهم في تكوين تاريخ هؤلاء الغزاة وحضاراتهم.
ثقافة الشرق والغرب
تنتسب جوليا دومنا إلى أسرة عربية من مدينة حمص السورية. ولدت عام 170م. والدها اسمه جوليوس (يوليوس)باسيانوس, وكان يشغل منصب الكاهن الأعظم لمعبد (إله الشمس) في حمص, أي المشرف الأعلى على الحياة الدينية فيها. ويبدو أن هذا المنصب الرفيع كانت تشغله هذه الأسرة بالوراثة من جيل إلى جيل. وأنجب جوليوس ابنتين وهما: جوليا دومنا وجوليا مايسا. وقد اهتم جوليوس بتربية ابنتيه وتعليمهما اهتماما بالغا. وقد بزّت جوليا دومنا بنات مدينتها بذكائها وقدراتها الفكرية, فقد درست تراث الشرق القديم وتراث الإغريق على السواء, واطلعت على ثقافة الرومان, الذين تعيش بين ظهرانيهم. أي أن جوليا دومنا كانت نموذجا للمثقف الهيلنستي الذي جمع في شخصيته ثقافة الشرق والغرب على السواء.كما كانت جوليا دومنا فائقة الجمال أيضا. ويقول أحد المؤرخين في هذا الصدد: (لقد وُهبت جوليا دومنا - حتى عندما تقدمت بها السنون - كل مفاتن الجمال, وجمعت بين روعة الخيال ورصانة العقل.. مما يندر أن يوهب لبنات جنسها).
وشاءت الأقدار أن يتعرف قائد القوات الرومانية في سورية, وهو سبتيموس سيفروس, على أسرة جوليا دومنا, ويتم الزواج بينهما عام 187م. فمن هو هذا القائد?
ولد سبتيموس سيفروس عام 145م في مدينة صغيرة اسمها ليبتس (بالقرب من طرابلس في ليبيا), من أسرة كنعانية الأصل. وهذه المدينة هي في الأصل مستوطنة بناها الكنعانيون الذين هاجروا من سورية, وازدهرت بفضل رعاية قرطاجة الكنعانية لها. أي أن سبتيموس يلتقي في أصله مع جوليا دومنا, فهما من أصل واحد وابنا وطن واحد. وكانت لغة سبتيموس هي (البونية) وهي اللهجة الكنعانية التي كان يتكلم بها أهالي قرطاجة, وهي لا تختلف كثيرا عن اللغة الآرامية, التي كانت سائدة في سورية آنذاك وتتكلم بها جوليا دومنا. وبالرغم من أن سبتيموس سيفروس قد تعلم منذ طفولته لغة الإمبراطورية الرومانية, وهي اللغة اللاتينية, فإن إتقانه لها لم يرق إلى مستوى إتقانه لغته الوطنية. وتؤكد بعض المراجع أن سبتيموس كان يعتز بأصله الكنعاني ويفتخر بالقائد القرطاجي هانيبال. وكان سبتيموس قد درس البلاغة والقانون والآداب والفلسفة في أثينا وروما. وأصبح عام 173 م عضوا في مجلس الشيوخ الروماني, بدعم من الإمبراطور ماركوس أوريليوس (ت 180م). وعُيّن عام 179م قائدا للقوات الرومانية المرابطة في سورية. ومع أنه تعرف على جوليا دومنا منذ إقامته في سورية, فإن الزواج تمّ, كما أشرنا, عام 187 م, وأنجبا ولدين هما: كاراكلا الذي ولد عام 188م, وجيتا الذي ولد عام 189 م.ولقد لفق المنجمون والمتملقون, بعد هذا الزواج, رواية مفادها أن جوليا دومنا قد حلمت بأنها ستكون ملكة بعد زواجها, وأن سبتيموس سيفروس, ما كاد يسمع بهذه النبوءة حتى أسرع بالزواج منها. ويقول أحد المؤرخين في هذا المعنى: (ما إن اكتشف سبتيموس سيفروس أن سيدة شابة من حمص في سورية قد خبأت لها النجوم طالعا ملكيا حتى أسرع في التوسل إليها وحظي بالزواج منها). وبعد أن تقلد سبتيموس سيفروس عدة مناصب في الإمبراطورية اعتلى العرش الروماني عام 193م.
لايهمنا في هذه العجالة عرض إنجازات الإمبراطور, وإنما ما يعنينا هو الإشارة إلى دور زوجته الإمبراطورة جوليا دومنا في قيادة الإمبراطورية إلى جانبه. وتؤكد المصادر أن جوليا دومنا لم تكن مجرد زوجة للإمبراطور فحسب وإنما أرادت أن تكون هي بذاتها سيدة لها مكانتها في العالم الروماني. ولهذا لا غرابة إذا أصبحت الشخصية الثانية في الإمبراطورية خلال الفترة الممتدة من اعتلاء زوجها العرش الروماني عام 193م حتى مقتل ابنها الإمبراطور كاراكلا عام 217م. فقد ساعدت زوجها في تصريف شئون الدولة, فعملت مستشارة له في الشئون السياسية, وأشرفت على دواوين الدولة, واتخذت من كبار الفقهاء القانونيين مستشارين لها, بل أوكلت إلى عددٍ منهم, لا سيما أولئك ذوي الأصول السورية, المناصب الرفيعة في الامبراطورية, أمثال أولبيان وبابنيان وغيرهما, وبالتالي استطاعت من خلالهم أن تُحكم قيادتها للدولة الرومانية, وتُحبط الكثير من المؤامرات والمكائد التي كانت تُنصب لها ولزوجها في روما وخارجها. وإزاء هذا الدور السياسي والإداري الذي نهضت به جوليا دومنا فقد مُنحت العديد من الألقاب الرفيعة. فقد منحها زوجها لقب (أوغسطا), أي إمبراطورة, كما منحت لقب (أم الوطن), و(أم مجلس الشيوخ), و(أم الجيوش), وهذا كله يكشف المكانة التي حظيت بها جوليا دومنا في العالم الروماني. ويضاف إلى ذلك كله فقد سك الدينار الروماني باسمها وقد نقشت عليه صورتها.
ولكن الدور السياسي الذي قامت به جوليا دومنا كان دورا متواضعا, قياسا بالدور العلمي والثقافي المتميز الذي نهضت به, وترك أثرا عميقا في تاريخ الحضارة الرومانية. حيث تجمع المصادر على أن جوليا دومنا كانت راعية لشئون الآداب والعلوم. فقد شكَّلت مجلسا ضم كبار العلماء والأدباء والفلاسفة والشعراء والأطباء والقانونيين المعاصرين لها. وكان هذا المجلس أو (الصالون) الأدبي والعلمي يُعقد بشكل منتظم تحت إشرافها, ويناقش الكثير من القضايا الفكرية والعلمية. ولم تكن الإمبراطورة تقف مكتوفة الأيدي في هذا المجلس وإنما كانت فاعلة فيه, حيث كانت تطرح الإشكاليات وتشارك في المناقشات مشاركة عميقة, وكانت آراؤها موضع احترام وتقدير العلماء والأدباء. وقد أكد الباحثون هذه الحقيقة, فقال جيبون: (وانصرفت جوليا دومنا إلى الأدب والفلسفة, وأحرزت شهرة كبيرة, وكانت ترعى كل فن وتشجع كل نبوغ). وقال بابليون (لقد أحاطت نفسها ببلاط من المثقفين, وكانت تعطي الردود على ما يثيره الفلاسفة من موضوعات مما يجعلنا على يقين بأنها كانت تتمتع برصيد ثقافي بالغ العمق والشمولية). ولهذا كان هذا المجلس العلمي على حق عندما منحها لقب (فيلسوفة).
يتبع.....
كيف حالكم جميعا؟
أتمنى أن تكونوا بألف خير
الموضوع اليوم عن إمبراطورة عربية إعتلت عرش روما لتثبت لجيل قادم كم نحن عظماء
أترككم للتعرف على شخصها
يتفق المؤرخون المعنيون بالتاريخ القديم على أن أبناء المشرق العربي لعبوا دورا مهما في تاريخ الرومان وحضارتهم, بحيث لم يقتصر هذا الدور على ميدان دون آخر وإنما شمل معظم الميادين, السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية. وكان الرومان قد احتلوا المشرق العربي خلال القرن الأول قبل الميلاد, حيث حلّوا محل السلوقيين في حكم سورية (الكبرى) منذ عام 63ق.م, ومحل البطالسة في حكم مصر منذ عام 30ق.م, ثم حكم البيزنطيون (الروم) المشرق العربي منذ عهد الإمبراطور قسطنطين الكبير (305 - 337م). وبعد ثلاثة قرون تقريبا سقط الحكم البيزنطي على أيدي الفاتحين العرب المسلمين.
ويهمنا أن نؤكد على إحدى الحقائق التاريخية الكبرى وهي أن الرومان أخفقوا في (رَوْمَنة) أبناء المشرق العربي, كما فشل أسلافهم الإغريق من قبلهم, وفشل خلفاؤهم البيزنطيون من بعدهم.فقد حافظ عرب المشرق على هويتهم الثقافية وتقاليدهم وأخلاقهم خلال حكم هؤلاء الغزاة, بل أسهم أبناء المشرق العربي وتراثهم في تكوين تاريخ هؤلاء الغزاة وحضاراتهم.
ثقافة الشرق والغرب
تنتسب جوليا دومنا إلى أسرة عربية من مدينة حمص السورية. ولدت عام 170م. والدها اسمه جوليوس (يوليوس)باسيانوس, وكان يشغل منصب الكاهن الأعظم لمعبد (إله الشمس) في حمص, أي المشرف الأعلى على الحياة الدينية فيها. ويبدو أن هذا المنصب الرفيع كانت تشغله هذه الأسرة بالوراثة من جيل إلى جيل. وأنجب جوليوس ابنتين وهما: جوليا دومنا وجوليا مايسا. وقد اهتم جوليوس بتربية ابنتيه وتعليمهما اهتماما بالغا. وقد بزّت جوليا دومنا بنات مدينتها بذكائها وقدراتها الفكرية, فقد درست تراث الشرق القديم وتراث الإغريق على السواء, واطلعت على ثقافة الرومان, الذين تعيش بين ظهرانيهم. أي أن جوليا دومنا كانت نموذجا للمثقف الهيلنستي الذي جمع في شخصيته ثقافة الشرق والغرب على السواء.كما كانت جوليا دومنا فائقة الجمال أيضا. ويقول أحد المؤرخين في هذا الصدد: (لقد وُهبت جوليا دومنا - حتى عندما تقدمت بها السنون - كل مفاتن الجمال, وجمعت بين روعة الخيال ورصانة العقل.. مما يندر أن يوهب لبنات جنسها).
وشاءت الأقدار أن يتعرف قائد القوات الرومانية في سورية, وهو سبتيموس سيفروس, على أسرة جوليا دومنا, ويتم الزواج بينهما عام 187م. فمن هو هذا القائد?
ولد سبتيموس سيفروس عام 145م في مدينة صغيرة اسمها ليبتس (بالقرب من طرابلس في ليبيا), من أسرة كنعانية الأصل. وهذه المدينة هي في الأصل مستوطنة بناها الكنعانيون الذين هاجروا من سورية, وازدهرت بفضل رعاية قرطاجة الكنعانية لها. أي أن سبتيموس يلتقي في أصله مع جوليا دومنا, فهما من أصل واحد وابنا وطن واحد. وكانت لغة سبتيموس هي (البونية) وهي اللهجة الكنعانية التي كان يتكلم بها أهالي قرطاجة, وهي لا تختلف كثيرا عن اللغة الآرامية, التي كانت سائدة في سورية آنذاك وتتكلم بها جوليا دومنا. وبالرغم من أن سبتيموس سيفروس قد تعلم منذ طفولته لغة الإمبراطورية الرومانية, وهي اللغة اللاتينية, فإن إتقانه لها لم يرق إلى مستوى إتقانه لغته الوطنية. وتؤكد بعض المراجع أن سبتيموس كان يعتز بأصله الكنعاني ويفتخر بالقائد القرطاجي هانيبال. وكان سبتيموس قد درس البلاغة والقانون والآداب والفلسفة في أثينا وروما. وأصبح عام 173 م عضوا في مجلس الشيوخ الروماني, بدعم من الإمبراطور ماركوس أوريليوس (ت 180م). وعُيّن عام 179م قائدا للقوات الرومانية المرابطة في سورية. ومع أنه تعرف على جوليا دومنا منذ إقامته في سورية, فإن الزواج تمّ, كما أشرنا, عام 187 م, وأنجبا ولدين هما: كاراكلا الذي ولد عام 188م, وجيتا الذي ولد عام 189 م.ولقد لفق المنجمون والمتملقون, بعد هذا الزواج, رواية مفادها أن جوليا دومنا قد حلمت بأنها ستكون ملكة بعد زواجها, وأن سبتيموس سيفروس, ما كاد يسمع بهذه النبوءة حتى أسرع بالزواج منها. ويقول أحد المؤرخين في هذا المعنى: (ما إن اكتشف سبتيموس سيفروس أن سيدة شابة من حمص في سورية قد خبأت لها النجوم طالعا ملكيا حتى أسرع في التوسل إليها وحظي بالزواج منها). وبعد أن تقلد سبتيموس سيفروس عدة مناصب في الإمبراطورية اعتلى العرش الروماني عام 193م.
لايهمنا في هذه العجالة عرض إنجازات الإمبراطور, وإنما ما يعنينا هو الإشارة إلى دور زوجته الإمبراطورة جوليا دومنا في قيادة الإمبراطورية إلى جانبه. وتؤكد المصادر أن جوليا دومنا لم تكن مجرد زوجة للإمبراطور فحسب وإنما أرادت أن تكون هي بذاتها سيدة لها مكانتها في العالم الروماني. ولهذا لا غرابة إذا أصبحت الشخصية الثانية في الإمبراطورية خلال الفترة الممتدة من اعتلاء زوجها العرش الروماني عام 193م حتى مقتل ابنها الإمبراطور كاراكلا عام 217م. فقد ساعدت زوجها في تصريف شئون الدولة, فعملت مستشارة له في الشئون السياسية, وأشرفت على دواوين الدولة, واتخذت من كبار الفقهاء القانونيين مستشارين لها, بل أوكلت إلى عددٍ منهم, لا سيما أولئك ذوي الأصول السورية, المناصب الرفيعة في الامبراطورية, أمثال أولبيان وبابنيان وغيرهما, وبالتالي استطاعت من خلالهم أن تُحكم قيادتها للدولة الرومانية, وتُحبط الكثير من المؤامرات والمكائد التي كانت تُنصب لها ولزوجها في روما وخارجها. وإزاء هذا الدور السياسي والإداري الذي نهضت به جوليا دومنا فقد مُنحت العديد من الألقاب الرفيعة. فقد منحها زوجها لقب (أوغسطا), أي إمبراطورة, كما منحت لقب (أم الوطن), و(أم مجلس الشيوخ), و(أم الجيوش), وهذا كله يكشف المكانة التي حظيت بها جوليا دومنا في العالم الروماني. ويضاف إلى ذلك كله فقد سك الدينار الروماني باسمها وقد نقشت عليه صورتها.
ولكن الدور السياسي الذي قامت به جوليا دومنا كان دورا متواضعا, قياسا بالدور العلمي والثقافي المتميز الذي نهضت به, وترك أثرا عميقا في تاريخ الحضارة الرومانية. حيث تجمع المصادر على أن جوليا دومنا كانت راعية لشئون الآداب والعلوم. فقد شكَّلت مجلسا ضم كبار العلماء والأدباء والفلاسفة والشعراء والأطباء والقانونيين المعاصرين لها. وكان هذا المجلس أو (الصالون) الأدبي والعلمي يُعقد بشكل منتظم تحت إشرافها, ويناقش الكثير من القضايا الفكرية والعلمية. ولم تكن الإمبراطورة تقف مكتوفة الأيدي في هذا المجلس وإنما كانت فاعلة فيه, حيث كانت تطرح الإشكاليات وتشارك في المناقشات مشاركة عميقة, وكانت آراؤها موضع احترام وتقدير العلماء والأدباء. وقد أكد الباحثون هذه الحقيقة, فقال جيبون: (وانصرفت جوليا دومنا إلى الأدب والفلسفة, وأحرزت شهرة كبيرة, وكانت ترعى كل فن وتشجع كل نبوغ). وقال بابليون (لقد أحاطت نفسها ببلاط من المثقفين, وكانت تعطي الردود على ما يثيره الفلاسفة من موضوعات مما يجعلنا على يقين بأنها كانت تتمتع برصيد ثقافي بالغ العمق والشمولية). ولهذا كان هذا المجلس العلمي على حق عندما منحها لقب (فيلسوفة).
يتبع.....