هديل الأنمي
09-11-2006, 14:05
إهداء:
^
^
^
إلى لطيفة !!!
إلى عتمة الظلام..
إلى من تبحث عن الود و الغرام..
!
!
!
أهدي هذه *&( الخطأ الرومانسي)&*
_
_
_
التحمت عقارب الساعة معلنة دخول منتصف الليل ، ثم أخذت تلك العقارب بالخلاف من جديد ، و بدأ كل عقرب في رحلة جديدة نحو القدر القادم ...
و كم كان هذا القادم ينبىء بسوء الطالع ، فها هي ( لطيفة ) تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها ، فـتكاد تبحر في العشرين ، و لا تزال تعيش الروتين اليومي منذ أعوام عديدة !!!
فبعد تخرجها من الثانوية ، حققت معدل يليق بطالبة في كلية الطب ، و لكن الأعراف و العادات العائلية لم تكن لتسمح لها بالدخول الى الجامعة ، خصوصا أن والدها كان يحترم تلك العادات و لم يكن ليسمح لها أو إحداى أخواتها بالدخول الى الجامعة ، و هن بدورهن لم يتجرأن بإختراق تلك الأعراف ...
كم كانت جميلة أيام الدراسة ، دائما ما تتذكر مقعدها في ذلك الصف ، نعم كان المقعد في حالة يرثى لها و كانت المدرسة بحال أسوأ من المقعد ذاته ، فالمبنى كان مستأجرا ، فتحول ( المجلس ) الى غرفة المديرة و ( المقلط ) الى غرفة الوكيلة ، أمام الصالة فتكفلت بحمل باقي المعلمات ، و كان ( المطبخ ) هو المقصف ، و كان ( الحوش ) هي الساحة التي تتجول فيها الطالبات أثناء ( الفـُسح ) ، أمام الفصول الدراسية فكانت بطبيعة الحال غرف النوم في الدور العلوي ... تذكرت ذات مره بإن ( مشرفه ) عـُيّـنت في المدرسة ، و كان من الواجب توفير غرفة خاصة لتلك المشرفه ، و لم تكن هناك غرفة واحده مؤهلة بإن تكون ( غرفة المشرفه ) ، فما كان من مديرة المدرسة الا أن حولت أحد دورات مياه الدور العلوي الى غرفة أصبحت بعد ذلك ( غرفة المشرفه ) ...
ضحكت كثيرا حينما وصلت بذكرياتها الى هذه النقطة ، فغرفة المشرفة ليست أكثر من دورة مياه ، كيف أن يكون للمشرفة و غرفتها هيبة و قيمة و هي و أورقها تسكن في حمام !!!
على أية حال كان ذلك يليق بالمشرفة ، فكانت في غاية الشدة و القسوة مع الطالبات ...
فكانت المشرفة تلزم الطالبات بلبس القفازات و الجوارب السوداءوين و عدم إخراج أي جزء من البشرة الخارجية من الجسم مهما كانت الأسباب و كيفما كانت ، و الطالبة التي لا تطبق هذه القاعدة تحاسب حساب عسيرا ، فلا تحضر الحصص و لا تدخل الإختبارات حتى يتم استدعاء ولية أمرها ...
المضحك في الأمر أنها قد ذهبت قبل فترة ليست ببعيدة الى إحداى حفلات الزواج و شاهدت ( المشرفة ) في ذلك الزواج ، و كانت المرشدة بالكاد تستر عورتها فلم تغطِ من تلك العورة إلا شيئا يسيرا ...
و تذكرت ( لطيفة ) حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : { ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة و لا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا }
فبفعل المشرفة عارية و تظن نفسها كاسية ضحكت من جديد عند هذا التصور ، فالمشرفة كانت فعلا بغاية الغرابة ... من يدري ربما أنها تغيرت بعدما تخرجت هي من المدرسة ، خصوصا أن الزمن قد تغير و قد طغت مؤخرا الموديلات و الأزياء ، فبتالي تغيرت العادات ، فأصبح من الطبيعي مثلا أن تردي الفتاة عباءة على الكتف في هذه الأيام ، أما قبل عشر سنوات مثلا كانت من تفعل ذلك ترتكب عمل لا تحمد عقباه !! ...
فتغيرت العادات فبتالي تغيرت المشرفه بدورها ، و أصبح ذلك كله جائزا و لا حرج فيه ...
فالقضية في نظرهم منذ البداية لا تخضع الى الدين و لا الى الشريعة حتى يمكن الحكم عليها ...
فهي تخضع الى العادات ، فما توافق مع تلك العادات فهو جائز و ما خالف فهو كبيرة لا يمكن غفرانها و للأسف الشديد رغم أن الحجاب واجب ديني شرعي إلا أن أغلب الناس أخضعه للعادات و التقاليد!!
فمنذ متى للعباءة موديل و موضة !!
أليست العباءة ثوابت لا تقبل التغيير؟
فلماذا يجرى عليها التعديل و التطوير و تتبدل و تتجد و كأنها سيارة أو جهاز هاتف محمول؟!!
اليوم مثله مثل أي يوم آخر ، بعد أن انتهت من تحضير عشاء والداها ، صعدت الى غرفتها و فور دخولها جلست على الفراش أو بالأحرى رمت نفسها على الفراش و بدأت تجول بخيالها من جديد ،،،
تذكرت قبل سنوات حينما تقدم لها ابن عمها ( خالد ) و هي في أواخر دراستها الثانوية و رفضت تماما ،
و تأزم الموقف خصوصا أن والديها يرون أنه من المناسب أن تتزوج في ذلك السن ، إلا أنها أبت إلا أن تكمل دراستها قبل أي شي آخر ...
حتى و إن كان والدها نفسه قد أعطى ( كلمة رجال ) لعمها ( عبدالكريم ) قبل أكثر من عقدين من الزمان و اتفق الشيخان على أن ( لطيفة ) لــ ( خالد ) هذا هو البند الظاهر ، أما البند السري هو أنه اذا كان لـ ( خالد ) رأي آخر فله حرية التصرف ... فبالتالي تكون الصياغة كالتالي :
( لطيفة ) لــ ( خالد ) إلا ان أراد خالد غير ذلك ، أما إن لم ترد لطيفة فلا إرادة لها ...
ابتسمت عندما وصلت عند هذه النقطة ، و أحست بشي من الزهو لأنها استطاعت أن تتغلب على جميع الضغوط من أهلها ، و أكملت دراستها و مضت في طريقها كما تريد ... و لكن ألم يكن من الأفضل أن توافق على خالد ،
فها هي الآن في البيت بعد أن حصلت على ما تريد ، ألم يكن بالإمكان الإتفاق مع ( خالد ) بإنها ستكمل دراستها سواء أكانت معه أم أنه ينتظر حتى تنهي دراستها و تتزوج منه ...
لم يكن ( خالد ) في الحقيقة شابا مميزا تخرج من المتوسطة ثم التحق بإحداى المعاهد العسكرية و تخرج منها و ثم خدم في إحداى القطاعات العسكرية ... و لا يمكن القول بأنه شاب سيء و لا أنه جيد ... فمؤهلاته عادية للغاية و شخصيته عادية و لا يشدها بأي شيء ... قيل لهم : بأن خالد ( راعي سفريات ) و أنه دائما ما يكون في ( تايلند ) أو ( الفلبين ) أو في ( البحرين ) على أقل و أسوأ تقدير ، و إن أهل خالد لم يكونوا على علم بسفرياته الى الخارج ، فهو كما سمعت ( راعي كأس ) أو كما قالت لها إحدى صديقاتها ... تذكرت أنها لم تسكت حينما قالت صديقتها تلك بأن ( خالد ) هو ( راعي كأس ) فهو مهما كان إبن عمها ، و لن تسمح لأحد بإن يسيء اليه ، و قالت لصديقتها بأنه قد يكون يسافر كثيرا الى الخارج و لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه (راعي كأس ) !! ... و لكن صديقتها لم توافقها الرأي أبدا و قالت لها :بأن أي شاب في عمر ( خالد ) يسافر الى الخارج إما أن يكون ( راعي كأس ) أو أن يكون ( راعي حريم ) أو كلاهما ، و هذا الشي يجب أن تضعه أمام عينيها ...
على كل حال تزوج ( خالد ) قبل سنتين و أنجب طفلة و هو يعيش حياة سعيدة ...
فقد حصل على وظيفة القطاع الخاص ، و استقال من الخدمة العسكرية و له تجارة بسيطة بالإضافة الى عمله ... و زوجه معلمة في إحداى مدراس الرياض ، بعد أن عملت لفصلين دراسيين في منطقة نائية في الصحراء لا يعلم مكانها أحد ، و لكن ( خالد ) إستطاع عن طريق أحد الضباط الكبار أن يجد واسطة و أن ينقل زوجه الى مدرسة قريبة للغاية من المنزل ، حتى أن زوجه تعود الى المنزل على قدميها في كثير من الأحيان ...
* * *
فجأة ارتفع صوت هاتفها الجوال معلنا عن وجود رسالة جديدة ... قرأت الرسالة :
شوفتك ترد الروح ،،،
بسمتك دواء الجــروح ،،،
و تبيني ما أحبك ...
يا عمي روح !!!
الرقم المرسل مجهول .. من تراه يكون ؟!! بدأت بالتفكير ... فمنذ فترة و هي تتلقى العديد من الإتصالات و الرسائل القصيرة ، من أشخاص مختلفين بعضهم يزعم أنه مخطىء و البعض الآخر يبدو كذلك ، أما الأغلبية فهم من طيور الظلام ... و هم دائما غاية في السذاجة و الوقاحة ، يكثرون من قلة الأدب ، معتقدين أن تلك هي الطريقة الأفضل لجذب الفتيات ... و هي تمقتهم حتى أنها في كثير من الأحيان لا ترد على أرقام مجهولة ، خصوصا اذا كانت في حالة مزاجية معكرة...
تجاهلت ( لطيفة ) الرسالة ، و تذكرت أول مكالمة كانت لها مع ( فيصل ) ...
ففي إحداى الليالي ، ارتفع رنين هاتفها النقال و أجابت ...
لطيفة : الو ...
فيصل: هلا !! ... يلاّ اطلعوا ...
لطيفة : من أنت ؟!!
فيصل: يلاّ أنا برا لا تتأخروا !!
لطيفة: معليش أخوي الظاهر إنك غلطان !!
فيصل: وش غلطان ... أقول اطلعوا لا أمشي و أخليكم :D !!
.
.
.
.
ثم حاولت ( لطيفة ) اقناع ( فيصل ) بالحجج بأنه مخطى ، حتى اقتنع أخيرا و أقفل الخط ...
و بعدها بلحظات قام بإرسال رسالة قصيرة يعتذر عن ما بدر منه من سوء سلوك ... فردت عليه لطيفة برسالة ممثالة بأن ليس لديها أية مشكلة و لا داعي للإعتذار ...
و بعدها بيوم أرسل ( فيصل ) لــها رسالة جديدة لا تذكر مضمونها بالضبط ، و لكنها بدأت تبادل ( فيصل ) الرسائل ... ثم بدأت بينهم علاقة لا تعلم هي حقيقتها ... و لم يتجرأ أحد من الطرفين المبادرة بالإتصال ، فكل ما يدور عبارة عن رسائل إما أن تكون رومانسية إحترازية او أن تكون ( نكت ) ...
و بعد مرور أيام ... اتصل ( فيصل ) أخيرا ... فأخذت دقات قلبها بالتسارع ، و ترددت ، ثم أجابت :
لطيفة: الو ...
ثم أرتفع صوت الغناء:
استشف الوجد في صوتك آهات دفيـنا ... يتوارى بين أنفاســك كي لا أستبينا ،،،
لست أدري أهو الحب الذي خفت شجونا ... أم تخوفت من اللوم فآثرت السكينا ،،،
.
.
.
كم هو جميل (فيصل) ... هو جميل في كل حالته ، يا طالما أحببته ، و إن لم تصرح له بذلك ... فهو حتما مختلف عن شباب هذ الزمان في كل شيء ... على الأقل فهو يضع قدرا كبيرا للمرأة ، فهي عندما تتحدث معه ، تجد منه احترما و تقديرا للجنس الناعم ، على النقيض من والدها و إخوانها ، الذين لا يعدون للمرأة أي وزن أو قدر ... غريبة هي الأيام ، يتحدثون عن الأصالة ، و أكثرهم لا ينتقون من الأصالة إلا أسوأ ما في التاريخ ... الأصالة عندهم هي وأد البنات ... ليس بالضرورة أن يكون الوأد ملموسا ، فأقساه ما كان وأدا للذات ...
مجرمون هم الرجال ... لا ... بل مقصرات هن النساء ... فمن تقبل على نفسها أن تنادى بــ ( هيش ) ، تستحق أن تكون أي شيء ، و أن يـُـفعل بها أي شيء ، إلا أن تكون إنسانا ...
ففي إحداى ليالي نجد الصيفية كانت تجلس في ( الحوش ) و بين يديها كتاب تقرأه ... ثم دخل أخوها الأكبر و برفقته أحد أصدقائه و نادى : (( هيش ... يا ولد ... )) ، فأحست بمهانة لم تستشعرها من قبل ... كان والدها لا ينادي أمها إلا بــ (( هيش )) و لم تكن تجد تلك الغضاضة في الأمر :mad: ... و لكنها اليوم تشعر و كأنها قطعة حذاء ملقاة بلا عناية في شارع ضيق في غاية القذارة ...
نفضت عن خيالها تلك الأفكار ثم قامت و أطفأت المصباح و عادت من جديد الى سريرها و ألقت نفسها عليه ، عسى أن تنام بضع ساعات قبيل أن يحل الفجر و تنجلي أنواره ثم تصحو من جديد حتى تقوم بإعداد ( القهوة و التمر ) لوالدها بعد عودته من صلاة الفجر ...
* * *
ارتفع رنين الهاتف من جديد ...
ففتحت عينيها المسهدتين ، و عتمة كثيفة لا تزال جاثمة على صدر المكان ...
فدعكت عينيها الواسعتين بقوة ، ثم نظرت إلى يديها في الظلام ، و كلها حرقة على تلك الشعيرات التي سقطت من أهدابها التي طالما كانت محل إعتزازها و كانت في الوقت ذاته محل مقت رفيقاتها ... دائما ما كانت تعاهد نفسها أن لا تعود الى هذه العادة السيئة ، حفاظا منها على جمال أهدابها ، و لكنها لا تنجح فقد كانت متعة الدعك تفوق بكثير تلك الشعيرات المتساقطة و بمراحل كثيرة ... ثم تنهدت و أجابت :
.
لطيفة: مرحبا!!
0
0
0
0
0
و البقية في العدد القادم.. فكونوا بالإنتظار::جيد:: ..
^
^
^
إلى لطيفة !!!
إلى عتمة الظلام..
إلى من تبحث عن الود و الغرام..
!
!
!
أهدي هذه *&( الخطأ الرومانسي)&*
_
_
_
التحمت عقارب الساعة معلنة دخول منتصف الليل ، ثم أخذت تلك العقارب بالخلاف من جديد ، و بدأ كل عقرب في رحلة جديدة نحو القدر القادم ...
و كم كان هذا القادم ينبىء بسوء الطالع ، فها هي ( لطيفة ) تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها ، فـتكاد تبحر في العشرين ، و لا تزال تعيش الروتين اليومي منذ أعوام عديدة !!!
فبعد تخرجها من الثانوية ، حققت معدل يليق بطالبة في كلية الطب ، و لكن الأعراف و العادات العائلية لم تكن لتسمح لها بالدخول الى الجامعة ، خصوصا أن والدها كان يحترم تلك العادات و لم يكن ليسمح لها أو إحداى أخواتها بالدخول الى الجامعة ، و هن بدورهن لم يتجرأن بإختراق تلك الأعراف ...
كم كانت جميلة أيام الدراسة ، دائما ما تتذكر مقعدها في ذلك الصف ، نعم كان المقعد في حالة يرثى لها و كانت المدرسة بحال أسوأ من المقعد ذاته ، فالمبنى كان مستأجرا ، فتحول ( المجلس ) الى غرفة المديرة و ( المقلط ) الى غرفة الوكيلة ، أمام الصالة فتكفلت بحمل باقي المعلمات ، و كان ( المطبخ ) هو المقصف ، و كان ( الحوش ) هي الساحة التي تتجول فيها الطالبات أثناء ( الفـُسح ) ، أمام الفصول الدراسية فكانت بطبيعة الحال غرف النوم في الدور العلوي ... تذكرت ذات مره بإن ( مشرفه ) عـُيّـنت في المدرسة ، و كان من الواجب توفير غرفة خاصة لتلك المشرفه ، و لم تكن هناك غرفة واحده مؤهلة بإن تكون ( غرفة المشرفه ) ، فما كان من مديرة المدرسة الا أن حولت أحد دورات مياه الدور العلوي الى غرفة أصبحت بعد ذلك ( غرفة المشرفه ) ...
ضحكت كثيرا حينما وصلت بذكرياتها الى هذه النقطة ، فغرفة المشرفة ليست أكثر من دورة مياه ، كيف أن يكون للمشرفة و غرفتها هيبة و قيمة و هي و أورقها تسكن في حمام !!!
على أية حال كان ذلك يليق بالمشرفة ، فكانت في غاية الشدة و القسوة مع الطالبات ...
فكانت المشرفة تلزم الطالبات بلبس القفازات و الجوارب السوداءوين و عدم إخراج أي جزء من البشرة الخارجية من الجسم مهما كانت الأسباب و كيفما كانت ، و الطالبة التي لا تطبق هذه القاعدة تحاسب حساب عسيرا ، فلا تحضر الحصص و لا تدخل الإختبارات حتى يتم استدعاء ولية أمرها ...
المضحك في الأمر أنها قد ذهبت قبل فترة ليست ببعيدة الى إحداى حفلات الزواج و شاهدت ( المشرفة ) في ذلك الزواج ، و كانت المرشدة بالكاد تستر عورتها فلم تغطِ من تلك العورة إلا شيئا يسيرا ...
و تذكرت ( لطيفة ) حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : { ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة و لا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا }
فبفعل المشرفة عارية و تظن نفسها كاسية ضحكت من جديد عند هذا التصور ، فالمشرفة كانت فعلا بغاية الغرابة ... من يدري ربما أنها تغيرت بعدما تخرجت هي من المدرسة ، خصوصا أن الزمن قد تغير و قد طغت مؤخرا الموديلات و الأزياء ، فبتالي تغيرت العادات ، فأصبح من الطبيعي مثلا أن تردي الفتاة عباءة على الكتف في هذه الأيام ، أما قبل عشر سنوات مثلا كانت من تفعل ذلك ترتكب عمل لا تحمد عقباه !! ...
فتغيرت العادات فبتالي تغيرت المشرفه بدورها ، و أصبح ذلك كله جائزا و لا حرج فيه ...
فالقضية في نظرهم منذ البداية لا تخضع الى الدين و لا الى الشريعة حتى يمكن الحكم عليها ...
فهي تخضع الى العادات ، فما توافق مع تلك العادات فهو جائز و ما خالف فهو كبيرة لا يمكن غفرانها و للأسف الشديد رغم أن الحجاب واجب ديني شرعي إلا أن أغلب الناس أخضعه للعادات و التقاليد!!
فمنذ متى للعباءة موديل و موضة !!
أليست العباءة ثوابت لا تقبل التغيير؟
فلماذا يجرى عليها التعديل و التطوير و تتبدل و تتجد و كأنها سيارة أو جهاز هاتف محمول؟!!
اليوم مثله مثل أي يوم آخر ، بعد أن انتهت من تحضير عشاء والداها ، صعدت الى غرفتها و فور دخولها جلست على الفراش أو بالأحرى رمت نفسها على الفراش و بدأت تجول بخيالها من جديد ،،،
تذكرت قبل سنوات حينما تقدم لها ابن عمها ( خالد ) و هي في أواخر دراستها الثانوية و رفضت تماما ،
و تأزم الموقف خصوصا أن والديها يرون أنه من المناسب أن تتزوج في ذلك السن ، إلا أنها أبت إلا أن تكمل دراستها قبل أي شي آخر ...
حتى و إن كان والدها نفسه قد أعطى ( كلمة رجال ) لعمها ( عبدالكريم ) قبل أكثر من عقدين من الزمان و اتفق الشيخان على أن ( لطيفة ) لــ ( خالد ) هذا هو البند الظاهر ، أما البند السري هو أنه اذا كان لـ ( خالد ) رأي آخر فله حرية التصرف ... فبالتالي تكون الصياغة كالتالي :
( لطيفة ) لــ ( خالد ) إلا ان أراد خالد غير ذلك ، أما إن لم ترد لطيفة فلا إرادة لها ...
ابتسمت عندما وصلت عند هذه النقطة ، و أحست بشي من الزهو لأنها استطاعت أن تتغلب على جميع الضغوط من أهلها ، و أكملت دراستها و مضت في طريقها كما تريد ... و لكن ألم يكن من الأفضل أن توافق على خالد ،
فها هي الآن في البيت بعد أن حصلت على ما تريد ، ألم يكن بالإمكان الإتفاق مع ( خالد ) بإنها ستكمل دراستها سواء أكانت معه أم أنه ينتظر حتى تنهي دراستها و تتزوج منه ...
لم يكن ( خالد ) في الحقيقة شابا مميزا تخرج من المتوسطة ثم التحق بإحداى المعاهد العسكرية و تخرج منها و ثم خدم في إحداى القطاعات العسكرية ... و لا يمكن القول بأنه شاب سيء و لا أنه جيد ... فمؤهلاته عادية للغاية و شخصيته عادية و لا يشدها بأي شيء ... قيل لهم : بأن خالد ( راعي سفريات ) و أنه دائما ما يكون في ( تايلند ) أو ( الفلبين ) أو في ( البحرين ) على أقل و أسوأ تقدير ، و إن أهل خالد لم يكونوا على علم بسفرياته الى الخارج ، فهو كما سمعت ( راعي كأس ) أو كما قالت لها إحدى صديقاتها ... تذكرت أنها لم تسكت حينما قالت صديقتها تلك بأن ( خالد ) هو ( راعي كأس ) فهو مهما كان إبن عمها ، و لن تسمح لأحد بإن يسيء اليه ، و قالت لصديقتها بأنه قد يكون يسافر كثيرا الى الخارج و لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه (راعي كأس ) !! ... و لكن صديقتها لم توافقها الرأي أبدا و قالت لها :بأن أي شاب في عمر ( خالد ) يسافر الى الخارج إما أن يكون ( راعي كأس ) أو أن يكون ( راعي حريم ) أو كلاهما ، و هذا الشي يجب أن تضعه أمام عينيها ...
على كل حال تزوج ( خالد ) قبل سنتين و أنجب طفلة و هو يعيش حياة سعيدة ...
فقد حصل على وظيفة القطاع الخاص ، و استقال من الخدمة العسكرية و له تجارة بسيطة بالإضافة الى عمله ... و زوجه معلمة في إحداى مدراس الرياض ، بعد أن عملت لفصلين دراسيين في منطقة نائية في الصحراء لا يعلم مكانها أحد ، و لكن ( خالد ) إستطاع عن طريق أحد الضباط الكبار أن يجد واسطة و أن ينقل زوجه الى مدرسة قريبة للغاية من المنزل ، حتى أن زوجه تعود الى المنزل على قدميها في كثير من الأحيان ...
* * *
فجأة ارتفع صوت هاتفها الجوال معلنا عن وجود رسالة جديدة ... قرأت الرسالة :
شوفتك ترد الروح ،،،
بسمتك دواء الجــروح ،،،
و تبيني ما أحبك ...
يا عمي روح !!!
الرقم المرسل مجهول .. من تراه يكون ؟!! بدأت بالتفكير ... فمنذ فترة و هي تتلقى العديد من الإتصالات و الرسائل القصيرة ، من أشخاص مختلفين بعضهم يزعم أنه مخطىء و البعض الآخر يبدو كذلك ، أما الأغلبية فهم من طيور الظلام ... و هم دائما غاية في السذاجة و الوقاحة ، يكثرون من قلة الأدب ، معتقدين أن تلك هي الطريقة الأفضل لجذب الفتيات ... و هي تمقتهم حتى أنها في كثير من الأحيان لا ترد على أرقام مجهولة ، خصوصا اذا كانت في حالة مزاجية معكرة...
تجاهلت ( لطيفة ) الرسالة ، و تذكرت أول مكالمة كانت لها مع ( فيصل ) ...
ففي إحداى الليالي ، ارتفع رنين هاتفها النقال و أجابت ...
لطيفة : الو ...
فيصل: هلا !! ... يلاّ اطلعوا ...
لطيفة : من أنت ؟!!
فيصل: يلاّ أنا برا لا تتأخروا !!
لطيفة: معليش أخوي الظاهر إنك غلطان !!
فيصل: وش غلطان ... أقول اطلعوا لا أمشي و أخليكم :D !!
.
.
.
.
ثم حاولت ( لطيفة ) اقناع ( فيصل ) بالحجج بأنه مخطى ، حتى اقتنع أخيرا و أقفل الخط ...
و بعدها بلحظات قام بإرسال رسالة قصيرة يعتذر عن ما بدر منه من سوء سلوك ... فردت عليه لطيفة برسالة ممثالة بأن ليس لديها أية مشكلة و لا داعي للإعتذار ...
و بعدها بيوم أرسل ( فيصل ) لــها رسالة جديدة لا تذكر مضمونها بالضبط ، و لكنها بدأت تبادل ( فيصل ) الرسائل ... ثم بدأت بينهم علاقة لا تعلم هي حقيقتها ... و لم يتجرأ أحد من الطرفين المبادرة بالإتصال ، فكل ما يدور عبارة عن رسائل إما أن تكون رومانسية إحترازية او أن تكون ( نكت ) ...
و بعد مرور أيام ... اتصل ( فيصل ) أخيرا ... فأخذت دقات قلبها بالتسارع ، و ترددت ، ثم أجابت :
لطيفة: الو ...
ثم أرتفع صوت الغناء:
استشف الوجد في صوتك آهات دفيـنا ... يتوارى بين أنفاســك كي لا أستبينا ،،،
لست أدري أهو الحب الذي خفت شجونا ... أم تخوفت من اللوم فآثرت السكينا ،،،
.
.
.
كم هو جميل (فيصل) ... هو جميل في كل حالته ، يا طالما أحببته ، و إن لم تصرح له بذلك ... فهو حتما مختلف عن شباب هذ الزمان في كل شيء ... على الأقل فهو يضع قدرا كبيرا للمرأة ، فهي عندما تتحدث معه ، تجد منه احترما و تقديرا للجنس الناعم ، على النقيض من والدها و إخوانها ، الذين لا يعدون للمرأة أي وزن أو قدر ... غريبة هي الأيام ، يتحدثون عن الأصالة ، و أكثرهم لا ينتقون من الأصالة إلا أسوأ ما في التاريخ ... الأصالة عندهم هي وأد البنات ... ليس بالضرورة أن يكون الوأد ملموسا ، فأقساه ما كان وأدا للذات ...
مجرمون هم الرجال ... لا ... بل مقصرات هن النساء ... فمن تقبل على نفسها أن تنادى بــ ( هيش ) ، تستحق أن تكون أي شيء ، و أن يـُـفعل بها أي شيء ، إلا أن تكون إنسانا ...
ففي إحداى ليالي نجد الصيفية كانت تجلس في ( الحوش ) و بين يديها كتاب تقرأه ... ثم دخل أخوها الأكبر و برفقته أحد أصدقائه و نادى : (( هيش ... يا ولد ... )) ، فأحست بمهانة لم تستشعرها من قبل ... كان والدها لا ينادي أمها إلا بــ (( هيش )) و لم تكن تجد تلك الغضاضة في الأمر :mad: ... و لكنها اليوم تشعر و كأنها قطعة حذاء ملقاة بلا عناية في شارع ضيق في غاية القذارة ...
نفضت عن خيالها تلك الأفكار ثم قامت و أطفأت المصباح و عادت من جديد الى سريرها و ألقت نفسها عليه ، عسى أن تنام بضع ساعات قبيل أن يحل الفجر و تنجلي أنواره ثم تصحو من جديد حتى تقوم بإعداد ( القهوة و التمر ) لوالدها بعد عودته من صلاة الفجر ...
* * *
ارتفع رنين الهاتف من جديد ...
ففتحت عينيها المسهدتين ، و عتمة كثيفة لا تزال جاثمة على صدر المكان ...
فدعكت عينيها الواسعتين بقوة ، ثم نظرت إلى يديها في الظلام ، و كلها حرقة على تلك الشعيرات التي سقطت من أهدابها التي طالما كانت محل إعتزازها و كانت في الوقت ذاته محل مقت رفيقاتها ... دائما ما كانت تعاهد نفسها أن لا تعود الى هذه العادة السيئة ، حفاظا منها على جمال أهدابها ، و لكنها لا تنجح فقد كانت متعة الدعك تفوق بكثير تلك الشعيرات المتساقطة و بمراحل كثيرة ... ثم تنهدت و أجابت :
.
لطيفة: مرحبا!!
0
0
0
0
0
و البقية في العدد القادم.. فكونوا بالإنتظار::جيد:: ..