PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : لمحبي القصص القصيره



coco crazy
16-08-2006, 06:39
بســـــــــم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم يا أعضاء مكسات الغالين إن شاء الله إنكم مبسوطين
عموماً جبت لكم موضوع رائع وهو عباره عن قصص قصيره أخذتها من إحدى الجرائد الشهيره
والقصص هذي للكاتب الرائع و المبدع محمود شقير
بس قبل لا ابدأ في سرد القصص لازم نعرف من هو محمود شقير وهذي سلمكم الله نبذه عنه :
#مواليد القدس 1941
#حاصل على ليسانس فلسفه واجتماع – جامعة دمشق 1965
#ابتدأ الكتابه سنة 1962 ونشر العديد من القصص القصيره منذ أواسط الستينات
#نشر العديد من القصص في صحف فلسطينيه واردنبه وعربيه إضافة إلى العشرات من المقالات الأدبية والسياسية
#صدر له أكثر من عشرين كتاباً تراوحت بين القصه القصيره والسيره واليوميات وأدب الطفل , منها:
خبز الآخرين 1975 , طقوس للمرأه الشقيه 1986 , ظل آخر للمدينه , سيره للمكان 1998, مرور خاطف 2002, صورة شاكيرا 2003 , ابنة خالتي كونداليزا 2004 .
#فيما كتب السيناريو لمجموعه من الأعمال التلفزيونيه , إضافة إلى عدد من النصوص المسرحيه .
#ترجمت بعض أعماله القصصيه إلى لغات عده منها : الانجليزية والفرنسية والاسبانية والصينية
#حائز على جائزة محمود سيف الدين الإيراني للقصه القصيره 1991
#مقيم حالياً في مدينة القدس متفرغاً للكتابه.

وهذي هي سيرة الكاتب ...

والآن نأخذ بعض من أعماله الجميله
***********
أظافر
تعلّقت به بعد عدد من اللقاءات. قالت إنها غير قادرة على العيش دون أن تراه. غادرها وهو يقول : هذا هو اللقاء الأخير . قالت وهي تصبغ أظافر قدميها بلون قرمزي: قلت ذلك في المرة السابقة. 2005

ثوب
رأيتها في المنام . ترقص حافية وهي في ثوب خفيف . الشرطيات والشرطيون , يتحلقون من حولها وهم يقذفون قبعاتهم في الفضاء . وهي ترقص وأنا انهض من نومي. أراها واقفة فوق رأسي , تناولني بيدها اليسرى كأس ماء , وأنا لا أتناول الكأس من يدها , أعود إلى النوم لكي أراها وهي تستأنف الرقص في الثوب الخفيف . 2005

كرسي
قالت: اجلس هنا على حافة السرير . قال: اجلسُ على الكرسي . ظلت واقفة مثل علامة تعجب ! بدأ الموقف مربكاً . ضلفة النافذة تصرفت بحنكه حينما انصفقت, وهيأت الفرصة لكلام كثير . 2005


هناك
استغرقوا في النوم . الرجال في غرفه والنساء في غرفه . الريح شديده في الخارج , وثمة أحلام صغيره تتجول في فضاء شحيح . قال الحارس: لم أنم حتى الصباح, مع أنني لم أكن هناك. 2005

فرس
وهما يقطعان الممر الطويل المفضي إلى غرفة الانتظار , قالت: حذائي يدق البلاط وأنا اشعر بالحرج ز قال: أنت تتقمزين مثل فرس وهذا الصوت يروق لي . خلعت حذائها وقالت: تتعبني كثرة المديح! مشت إلى جواره حافية , وصوت الحذاء يرن في الصمت بكل وضوح . 2005

فستان
اجتزت الغابة الصغيرة , وجلست على الطرف الأيسر للمقعد المخصص للمتنزهين . قالت المرأة الجالسة على الطرف الأيمن للمقعد: أنت تجلس على فستاني, ارفع جسمك قليلاً. كنت اجلس على خشب المقعد , والمسافة الفارغة بيني وبينها تزيد عن متر ونصف المتر , ومع ذلك لم أشأ أن اعقّد الأمور بيننا .
أنا رفعت جسمي قليلاً , وهي في اللحظة نفسها راحت تسحب الفستان . 2005

تماثيل
التماثيل المنصوبة على الجسر الكبير, استقالت من عملها في الساعة التي تغلق فيها المحلات التجارية أبوابها 0ويعود الناس إلى بيوتهم متعبين.
الملك القديم خلع تاجه, نزل عن العرش, ومضى في الشارع مثل سائر خلق الله.
الغزالة تلفت يسرة ويمنة, لتتأكد من خلو الشارع من الصيادين, وانطلقت فوراً إلى الغابة. الرجل والمرأة اللذان كانا في عناق دائم, اتجها إلى موظف الاستقبال وطلبا منه غرفة بأي ثمن.
الوحيد الذي بقي مكانه هو تمثال الأم التي ترضع طفلها , لان الطفل نام , فلم تشأ أمه أن تعيد ثديها إلى داخل الثوب , كي لا ينزعج الطفل , ويستيقظ من رقاده اللذيذ . 2002

تمساح
تمساح باهت الجلد , مسترخ تحت شمس الظهيرة , مرتاح لبلادته التي لا توصف , يرقب بسكينه ودعه , المرأة التي تتعرى ببطء لذيذ. يرقب بالسكينة نفسها والدعة نفسها , الرجل وهو يتمسح بالمرأة التي تبدو مثل فريسة سهلة المنال.
التمساح وهو مسترخ تحت شمس الظهيرة, يذرف الدموع شفقة على المرأة التي ركضت ضاحكه, مستثارة, نحو حافة الماء, وهي لا تري أنها تغوي تمساحين اثنين في وقتٍ واحد. 2002

رمح
وهما يغادران غرفتهما في الطابق الحادي عشر نحو باب المصعد. قالت: أين تمضي بهذا الرمح؟ وقف حائراً وهو يعرف انه لايمكن إدخاله في المصعد. قالت: اتركه هنا ! المدينة آمنه ولن تحتاج إليه . تركه عند باب المصعد, ولم يكن راغباً في ذلك. هبطا نحو المدينة. سارا على أرصفة تظللها الأشجار . لحقت بهما إحدى عاملات الفندق , قالت وهي تقترب منه لاهثة : ياسيدي , هذا رمحك أحضرته لك .
حمل الرمح ومضى إلى جانبها , والناس من حولهما يخلعون قبعاتهم احتراماً لهما, ربما لاعتقادهم أنهما قادمان للتوّ , من القرن الخامس عشر . 2005

عربه
اختلفا على أشياء كثيرة , اختلفا على الأمكنه التي سيذهبان إليها معاً . قالت: أنت لا تثق في اختياراتي. قال: أثق فيها , ولكن! قالت : ولكن ماذا؟ لم يجب , وبقيا صامتين .
ركبا عربه من عربات القرون الوسطى , وقالت للحوذي: خذنا إلى القرن العاشر من فضلك . 2005

سفر
البنت ترقب كل مساء قطار الساعة السادسة.
تتأمل المسافرين الذين يحدقون من خلف النوافذ, وهي في نفسها توق إلى المسافات البعيدة.
الأب يعتني في المساء بالحديقة الصغيرة , ولا يرفع رأسه للقطار الذي يموت رتيباً .
الكلب يقعي قرب السياج , يطلق دون أن يتحرك من مكانه نباحاً متقطعاً للإيحاء بان له دوراً يؤديه , ثم يصمت على نحوٍ قابل لكل الاحتمالات . البنت, ذات مساء, تركب القطار وتمضي بعيداً .
والأب, في إحدى الليالي, يموت تاركاً الكلب وحده في فناء الدار. 2002

رحيل
تخرج من تحت الماء على صافرة السفينة وهي تهذي: لو أن المدينة بلا ميناء . ترتدي فستانها فوق اللحم على عجل , تركض في الشارع المليء بالأنقاض ودم الضحايا الذي جففته الشمس وهواء البحر المالح , فقد ذكرتها السفينة أن موعد رحيله القسري قد حان .
يركض مبتعداً عن الميناء , وسط دهشة المقاتلين وحزن النسوة في الشرفات , يركض وهو يهذي باسمها البريء . فقد جاء هذا الرحيل قبل الأوان .
تنوح صافرات السفن وهو مختبئ في ظل صدرها , تهديه خصلة من شعرها , ثم يتعاهدان على اللقاء بعد انتهاء الحروب .
هاهي ذي السفينة تمضي به فيما تنتظره حرب لا يدري بها , حرب ليست هي الأخيرة على أية حال. 1986

اجازه
يحدث أن يكون ماشياً إلى جوارها في المدينة, فتقول له بعد ساعتين أو ثلاث: أين ابتعدت عني ؟ تركتني امشي في المدينة وحدي, ولم تكن إلى جواري !
يحدث أن تكون ماشيه إلى جواره, فيقول لها بعد ساعتين أو ثلاث:أين ابتعدتِ عني؟ ولم تكوني إلى جواري!
يحدث أن يكونا معاً في ردهة الفندق, فيقول لهما موظف الفندق: أين كنتما ؟ منذ يومين أو ثلاثة لم ألحظكما هنا !
ويحدث أن يكونا عائدين إلى الفندق بعد رحله إلى التلال المحيطة بالمدينة, يبحثان عن الفندق فلا يعثران عليه. يقرآن بطاقة صغيره تركها لهما في بقاله مجاوره , يقول فيها انه كان مضطراً إلى المغادرة , لأن موعد إجازته قد حان . 2005



خيبه
المرأة العانس لم تكن قد أخذت زينتها بعد, حينما اقتحم عليها الباب موظف الفندق, ليخبرها أن الجهة المضيفة قد توقفت عن تسديد الفواتير.
المرأة العانس بكَت, لان موظف الفندق شاهد بأم عينيه طاقم أسنانها منقوعاً في كأس ماء, قرب سريرها, وهي لم تأخذ زينتها بعد. 1986

تفاصيل
تحدثه عن أفراد أسرتها واحداً واحداً وهو يصغي باهتمام. أمها التي ثكلت زوجها مصابه بالربو وبحساسية في الأنف, تعطس دون مناسبة في كل الأوقات. أختها الصغرى التي ودّعت عامها الرابع عشر تقضي كل وقتها في كتبها المدرسية, وتصلي لربها على نحوٍ متقطع في بعض الأحيان. أخوها الذي يعمل تاجراً في سوق القماش أحب أمراه جاءته مره للشراء, غير أن حبهما بعد أشهر مات. أختها التي تصغرها بأربع سنوات تدرس الفلسفة في جامعة بعيده, وتحلم دوماً بفتى لا يخون, هكذا تكتب لها في رسائلها, وتتمنى أن تصبح كاتبه ذات شأن.
تحدثه عن كل التفاصيل , وتقول إنها حزينة لان الاسره لا تلتئم إلا نادراً على مائدة العشاء , ثم تطفر عينيها من الدموع وهي تتذكر أباها الذي مات قبل أن يشبع من الحياة .
ويفترقان , فيعتريه الهم لان للمرأة التي تبوح له بكل شيء قلباً قد ينفطر إذا ماتت الأم بغتة , أو رسبت الأخت الصغرى في الامتحان , أو وقعت الأخت الكبرى التي تدرس الفلسفة في قبضة فتى خوّان . 1986

ديمومة رحله
ترتدي جورباً رخيصاً وتمضي .
منذ سنوات وهي تقطع الطريق نفسه مارة بقلب المدينة, حيث يتزاحم العمال في انتظار فرصة للعمل.
هذا الصباح , تنتابها بروده فاجعة , ظنت غير مرة أن ثمة دموعاً تتجمع في عينيها , تمرر إصبعها اليابسة فوق الجفنين فلا تعثر على شيء .
وتمضي , تهب ريح قاسيه في الطرقات, يضطر العمال إلى رفع ياقات معاطفهم المهترئه , تحكم قبضة يدها فوق معطف باهت , كي لا تتسرب الريح إلى صدرها , إذ تكفيها البرودة التي تنموا في داخلها منذ الصباح .
وتمضي, لكن الجوربين ينزلقان فوق الساقين , تشف تجعداتها الرخوة عن بؤس لا حدود له , تتوقف لحظه, تشد الجوربين إلى أعلى , ينظر إليها بعض المارة في إشفاق :إنها رحله قاسيه .
غير أنها تمضي غالى رغيف الخبز كعادتها منذ سنوات .1986

coco crazy
16-08-2006, 06:43
ديمومة
مضيفات الرحلة الجوية الأخيرة, اللواتي هبطن إلى المدينة الصاخبة هذا المساء ,غير آبهات لزخّات المطر والضباب ,ما إن دخلن صالة الليل التي اعتدن على ارتيادها ,حتى انخرطن في الرقص دون أن يفكرن في مصائر المسافرين الذين غادروا الطائرة, وهن يقفن في وداعهم , وعلى ثغورهن ابتسامات رقيقة صقلتها يد المهنة المثابرة.
المضيفات البهيجات مثل ورود الحديقة , لن يعرفن إلى الأبد أن واحداً من مسافري الرحلة الاخيره , قد قضى نحبه في حادث غامض بعد مغادرته الطائرة بساعتين اثنتين , أي فيما كانت المضيفات منهمكات في الرقص اللذيذ , استعداداً لبضع ساعات من النوم الهادئ , ثم الاستيقاظ صباحاً كالمعتاد , لتقديم القهوة الطازجة مع الابتسامات ,لمسافرين جدد يجوبون هذا العالم من أقصاه إلى أقصاه. 1986


حياة
المرأة الحامل , التي بقيت على وجه الأرض صدفه بعد أن حصد السلاح النووي كل شيء , ولدت طفلاً وسيماً , غير انه في اللحظة التالية لولادته , وقعت ذره من الإشعاع النووي فوق انفه الصغير , فاستطال الأنف إلى درجه مريعة , مما يضطر الأم كل صباح إلى قطع ثلاثة آلاف ياردة سيراً على الأقدام , للوصول إلى طرف انفه القصي , كي تغسله بالماء والصابون , ثم تعود لترضع الطفل حليب الصباح. 1986

امرأة
المرأة التي أعدت له زاد السفر, وقفت بالباب تحبس دمعها حينما قال: ألقاك قبل أن يحل الخريف .
المرأة التي وقفت تودعه لم تزل واقفة وهو يقترب الآن من قمة الجبل.
الرجل الذي قال للمرأة ماقال , يرنو نحوها الآن وهي تقف بالباب عند السفح البعيد , يصلي في أعماقه ك تبارح المرأة الباب بعد أن يغيب .
ياإلهي! هاهو ذا الرجل يقطع بحوراً سبعه والمرأة مازالت واقفة هناك بالباب. 1986

اختطاف
أحضرت الحصان إلى غرفتها , ثم قيدته من قوائمه وربطت عنقه إلى ساق السرير , وأمرته أن يكف عن الصهيل كي لا يستيقظ الجيران , فتجأر حناجرهم بالصياح والغضب , أو تذهب بهم الظنون حد اتهامها إحضار كائنات غريبة إلى غرفتها بعد انقطاع السابلة , وانطفاء الأضواء.
أذعن الحصان لرغبتها كما اعتقدت , ثم نامت مطمئنه فوق سريريها كما لم تنم منذ أجيال.
استيقظت صباحاً فلم تجد أثراً للحصان ولا لسريرها الذي فر من تحتها تحت جنح الظلام.
حدث هذا لدهشتها البالغة, والباب مازال موصداً من الداخل تماماً مثلكما كان قبل أن ينام الحصان. 1986

حب
لم يقل لها مره واحده: احبك, فهو يكتفي بالنظر في عينيها, وبين الحين والآخر يمد أصابعه بحنو يسوّي خصلات شعرها التي تبعثرها ريح المساء دون استئذان.
لم تقل له مره واحده: احبك , فهي تكتفي بالسير صامته إلى جواره , وفي الصباح التالي تأتي وحيده تلملم آثار خطواتها خوفاً من قسوة المارة , ثم تعود وعلى رأسها سله كبيره لايدري احد ماذا خبأت فيها. 1986

وحده
بعد منتصف الليل بقليل , أيقظه لسع الهواء البارد , اتجه نحو النافذة وهو يؤنب نفسه , لأنه لم يفطن إلى إغلاقها قبل النوم .
عاد الى سريره ثم توقف حينما انتبه إلى أن القطه ليست على السرير , ولا في ركن الغرفة أو تحت المائدة الهرمة .
اتجه نحو النافذة من جديد وانتظر, وحينما أدركه اليأس انزوى في سريره وهو يتمتم: كم مره حذرتها من الخروج ليلاً ! قال ذلك وهو يسعل, قاله وكأنه يقصد امرأة. 1986

أشياء
لم يبق من راتبها الضئيل شيء, اشترت كعادتها كل شهر أدوية للرجل الذي ينام في البيت منذ سنوات. اشترت مريولاً مدرسياً للبنت , وبنطالاً ترتديه البنت تحت المريول . اشترت حلوى ودفاتر للأولاد , وبما تبقى لديها من نقود , اشترت لأول مرة منذ سنوات , كحلاً لعينيها ومساحيق وعطور لها رائحة ما , من بائع أعمى يقعي خلف صندوقه الزجاجي فوق الرصيف . 1986

جنازة
الكهل النحيف ذو العنق الطويلة المضحكة مات وهو يعتقد انه عاش حياة صاخبة , لأنه منذ اشتغل ضارباً على الدف في الملهى الليلي , هزت أردافها على الدف تضربه يداه , سبع وأربعون راقصه , لكل واحدة منهن قصة لا يعلم أسرارها احد سواه.
الكهل النحيف أيقن وهو يموت وحيداً في كوخه أن راقصات الملهى لن يتخلفن عن حضور جنازته, وقد يلطمن خدودهن -المليئة بالأصباغ- وجداً عليه.
الكهل النحيف مات والراقصات مستغرقات في قيلولة ما بعد الظهر, تأهباً لليلة طويلة من الرقص المحموم, فلم يشارك في جنازته سوى حارس المقبرة, واثنين من عابري السبيل, وأربعة من أهل البر, وكلب الحي البائس ذي الذنب المقطوع. 1986

حافلة
الحافلة تسير .
تقطع السهول الفسيحة الغارقة في الظلمة .
تجتاز أراضي الهنود الحمر الذين لم يعد لهم أثر, بعد أن أبادهم المهاجرون الجدد.
انظر إلى ركاب الحافلة , أتفحصهم في الضوء الشحيح المنبعث من سقف الحافلة , أتفحصهم كما لو أنني مسؤول الرحلة :بعضهم غارقون في النوم , وبعضهم يتناولون طعاماً خفيفاً أو فاكهه , والبنت التي في المقعد المجاور لي , تثرثر مع امرأة بدينه في المقعد الذي يلي مقعدها , تثرثر ثم تمعن في الضحك , وأنا أتأمل الركاب كما لو أننا أفراد أسره واحده تمضي في الظلمة الممتدة إلى غايات مختلفة .
البنت تكف عن الثرثرة مع المرأة البدينة ثم تنام.
يميل رأسها نحو كتفي , يستقر هناك دون استئذان , وينشر شعرها على صدري وقريباً من وجهي و لكنني أحاذر من ملامسته , رغم رغبت الخفية في ذلك , لأننا لسنا أفراد عائلة واحده , ولأنني هندي أحمر على أية حال . 2002

عربات
عربات الترام المتجهة نحو المحطة الأخيرة في الحي البعيد , يصطك حديدها عند المنعطفات , فيصدر اصواتاً كالعويل .
تقف المرأة في الطابق السابع, تتأمل العربات في الليل الموحش, فلا ترى عبر نوافذها المضاءة سوى حفنه من الركاب الغامضين, يعتريها إحساس بأن في هذا الكون خللاً ما.
يقف الرجل في الطابق السادس يتأمل العربات, ولا يعرف أن المرأة تشاطره الإحساس نفسه. يبكي الطفل في الطابق الأرضي, فلا تأتيه أمه كعادتها, لأنها في الحمام, تفرك جسدها بالماء الساخن والصابون, احتفاء بزوج لا يجيء.
والعربات في الخارج تنتظر الركّاب, فلا يأتون في مثل هذا الوقت من الليل.
تعود إلى قلب المدينة يملؤها العويل. 2002

حرمان
الطفل الذي صحا من نومه في الصباح المغبش , لم يشأ أن يوقظ أمه من نومها الثقيل . ها هو ذا يجلس قربها في السرير, يتأمل وجهها الساكن مثل صفحة ماء.
الطفل الذي صحا من نومه مبكراً جاع, مال نحو صدر الأم كي يخرج الثدي من تحت الرداء, غير أن يديه الطفلتين خابتا.
الطفل الرضيع ارتمى في حضن البكاء . تجمهر في البيت أناس جاءوا من كل الأنحاء. بكوا في البيت وقتاً . ثم حملوا أم الطفل إلى حيث لا يدري حتى الآن. 1986

وترى القصص ماخلصت بس اصبروا علي .........واتمنى انها تعجبكم مثل مااعجبتني

coco crazy
18-08-2006, 09:33
ليش مافيه ردوووود ؟

فلسطينية الهوية
18-08-2006, 12:40
شكرا اختي على القصص الروعة الجميلة
و ننتظر البقية

sakoora
20-08-2006, 03:58
يسسسلموووو coco crazy ع الاختيـار والنقــل

بانتظـــار التكمــلـــــة

bjn_02
20-08-2006, 10:57
مشكورة على القصص الجميلة

حسام خالد
23-08-2006, 08:35
موضوعي أفضل بكثير موضوعي قصص هاري بوتر

coco crazy
15-10-2006, 05:16
مايكل جاكسون في حينا
مايكل جاكسون جاء إلى حيّنا وغنى عدداً غير قليل من أغنياته القديمة , غنى بعض أغنياته الجديدة أيضا .
الفكرة نبتت أصلا , في رأس ابن عمي الذي تعرف على مايكل جاكسون , أثناء حفل غنائي صاخب في نيويورك . قال لنا ذات مساء كمن يحلم : سأحضر مايكل جاكسون إلى هذا الحي بالذات , سأجعله يغني أغانيه العذبة أمام فتيان الحي وفتياته , وأنا أشهدكم جميعاً على ما أقول .
صدقنا ابن عمي , وقلنا : يبدو أن له سطوه بالغه على الأمريكان , وإلا لما تحدث بمثل هذا اليقين.
بدا واضحاً , أن هذه السطوة تعززت , بعد أن أرسلته المنظمة غير الحكومية التي يعمل فيها , إلى أمريكا , للمشاركة في دوره للإدارة الحديثة مدتها ستة أشهر . عمي الكبير بدا معنياً بشيء واحد وهو يودع ابنه لحظة السفر : ألا يعود إلى البلاد ومعه زوجه أمريكية ! لعمي رأي متطرف تجاه الزواج من أجنبيات , وله حكمه يرددها باستمرار : من طين بلادك لٌطّ اخدادك . ولم يُبد عمي اهتماماً بأي شيء آخر .
ابن عمي عاد من أمريكا بأفكار متناثرة , يتسم بعضها بقدر من العبث . قال انه سينقل الحي , حيّنا , إلى عصر ما بعد الحداثة . عمي لم يفقه شيئاً مما يقوله ابنه , اكتفى بالقول : الله يرضى عليك يا ابني . أسس ابن عمي لجنه للحي تولى هو رئاستها , وقال انه سيحضر مايكل جاكسون إلى الحي , بدا واثقاً من نفسه وهو يقول ذلك , تهامس بعض أهل الحي : الولد مسنود . بعد ذلك أثيرت الشكوك حول ابن عمي, قال بعض الناس: انه مرتبط بوكالة المخابرات المركزية, حدث ذلك أثناء إقامته في أمريكا, بعضهم الآخر قال: انه مرتبط بها قبل سفره بوقت معقول. وابن عمي لم يحظ بالسفر إلى هناك, إلا بعد أن تأكدت وكالة المخابرات المركزية من نظافة سجله الأمني , ومن انه مقبول لديها تماماً . لم تتوقف الشكوك عند حد بعضهم قال إن جورج تينيت لم يزر منطقتنا ولم يضع وثيقته التي تنص على توفير بعض الترتيبات الأمنية بين الفلسطينيين والإسرائيليين , إلا بعد الاستئناس برأي ابن عمي والتشاور معه في كل صغيره وكبيره .
ابن عمي لم يلق بالاً لكل هذا الكلام , قال : سأحضر مايكل جاكسون للغناء في الحي , لكي اسري عن أهل الحي ولأخفف من معاناتهم جرّاء رؤيتهم مناظر الدماء البريئة التي تسير في بلادنا كل يوم . قال : سأحضره لكي اثبت للقاصي والداني أننا لسنا إرهابيين ! لان من يستمع إلى مايكل جاكسون لا يمكن أن يكون إرهابيا . لاحظنا انه مصر على التلفظ بهذه الجملة الاخيره , كأنه معني أن تسمعه جهة ما . يتلفظ بها بمناسبة وبغير مناسبة , وكلما دق الكوز في الجره , كما يقول عمي الكبير .
عمي الكبير أبدى معارضه مبدئية لقدوم مايكل جاكسون . عمي لا يحب الغناء ولا يشجع عليه , يقول انه ينشر الميوعه في نفوس الشباب , ويغري البنات بالإقدام على أفعال يندى لها الجبين . عمي , منذ أن دخل التلفاز الحي , وهو يشن حرباً شعواء عليه . يقول: ابعدوا صندوق الشر هذا من داخل بيوتكم ! عمي لا يعرف شيئاً عن صندوق باندورا , غير أن المشترك في التجارب الإنسانية يلهمه بعض أقواله كما يبدو , يقول : صندوق الشر هذا سيحول نساءنا إلى عاهرات ! يجد عمي بطبيعة الحال من يصدقه ويشد على يديه , ويجد من يهزأ منه ويتهمه بأنه مخرخش , منقطع عما حوله منذ سنوات .
ابن عمي اعدّ لمجيء مايكل جاكسون إعدادا حسناً . حوّل قاعة الاجتماعات في المدرسة الثانوية إلى مسرح , خصص صندوقاً للرسائل التي يرغب المعجبون بمايكل جاكسون, وكذلك المعجبات به , في إيصالها إليه ,أكد على رؤوس الأشهاد أن أحدا لن يطّلع على الرسائل سوى مايكل جاكسون نفسه . تشجع عدد من الفتيان المعجبين بالمغني الشهير على , وكتبوا له رسائل قذفوا بها في الصندوق , فعلت الشيء نفسه كثره من الفتيات المعجبات به , كتبن رسائل وقعت كلها في يد ابن عمي , الذي أخلّ بالوعد , فضّ الرسائل واحدة بعد أخرى , بشهوانيه واضحة , قراها بإمعان , واخبرني بكل مافيها من أسرار . قال انه فعل ذلك لكي يعرف اتجاهات الجيل الجديد, وطريقة تفكيره ونوعية نظرته إلى الحياة. قال : وجدت السطحية متفشية في تفكير الفتيان , أو على الأقل , هذا ما تشي به عقلية الشريحة المعجبة بمايكل جاكسون , مثلاً : يسألون المغني الشهير عن وجبة الطعام التي يشتهيها , يسألونه عن آخر نكته سمعها , يسألونه عن اللون المفضل لديه . قلت لابن عمي مقاطعاً: هذا من تأثير التلفاز, دون أن يعني هذا أنني أوافق عمي الكبير على موقفه منه. أبديت رغبه في معرفة كيف تفكر الفتيات, لم انتظر كثيراً, قال ابن عمي: الملعونات يعانين من كبت مسعور, تصوّر, تسع عشرة فتاة من أصل أربع وعشرين يعرضن على المغني, الزواج. قلن له أنهن يرغبن في الزواج منه ! هكذا بكل صراحة ووقاحة! واحده فقط اقترحت أن يتخذ منها أختا له , لتمنحه شيئاً من الحنان الذي افتقده لدى أخته التي نشرت عنه كلاماً غير لائق في وسائل الإعلام . واحده أخرى , وجهت له سؤالاً لا ينبئ بأي احترام : لماذا قمت بتغيير لون بشرتك بحيث تبدو بيضاء ؟ وماله اللون الأسود يا حبيب أمك ؟ قال ابن عمي : ثلاث فتيات سخرن من المغني , قلن في رسائلهن انه ولد مائع ولا يقبلنه مجرد ماسح لأحذيتهن .
ابن عمي أغلق الرسائل بطريقه محكمه , أعادت إلى ذهني الشكوك التي يثيرها حوله بعض أبناء الحي , أعاد الرسائل إلى الصندوق , وراح يواصل الاستعدادات , لتنظيم استقبال يليق بمايكل جاكسون , الذي لبّى دعوة ابن عمي له وجاء ليغني ف الحي .
عمي الكبير قرر مقاطعة الحفل . قال انه سيجلس في المضافة التي خصصها لضيوفه الكرام, سيغني على أنغام ربابته أشعارا شجيه من أيام زمان. تراجع عن قراره أمام ضغوط طفيفة من بعض أهل الحي, تراجع حينما فكر في مصلحة ابنه الذي له سطوه واضحة , كما يبدو , على الأمريكان , قال مخفياً موقفه الأناني : احضر الحفل من اجل مصلحة الحي . عمي ليس سيئاً بوجه الإجمال , وهو لا يؤذي أحدا , طوال تاريخه لم يقم بإيذاء احد , غير انه يجيد الزوغان حينما تهب على المنطقة رياح شريرة . كان قريباً من معظم الهزّات السياسية التي وقعت في البلاد , غير انه لم يكن مندمجاً فيها على نحو يجعله عرضه لمساءلة أو مخاطره , انه من النوع الذي يحب أن يظل على الشط , هذه هي فلسفته التي اختطها لنفسه خلال السنوات الخمسين الماضية , لولا بعض النزوات العابرة التي قد تنفع حيناً وتضر في بعض الأحيان . لذلك , قرر أن يحضر الحفل مع انه غير راضٍ عن ذلك في قرارة نفسه . ازداد عدم رضاه حينما رأى النساء والفتيات يتقاطرن إلى القاعة , دون خشية أو خجل , للاستماع إلى المغني الغريب .
مايكل جاكسون ظهر على حلبة المسرح مثل غزال , شعر عمي الكبير بالخزي : كيف يسمح لنفسه بحضور حفل لمغن يطيل شعره مثل النساء ويضع حلقه فضيه في إحدى أذنيه ! جاشت شاعريته , نهض عن كرسيه , انشد بصوت جهير شيئاً من الشعر العامي اعتاد ترديده على أنغام ربابته في ليالي السهر : ليت المنايا ال تجي يا سلامه | تدور ع الظالمين دار بدار ! جوبه عمي باحتجاجات صاخبة , لم يستجب احد من جمهور القاعة لإنشاده , ماجعله حانقاً حنقاً أنساه مصلحة ابنه ذي السطوة القوية على الأمريكان , قال : تفوه على هذا الزمان , رجل مثل المره , مثل المره والله !
ابن عمي اسقط في يده, كاد الحفل ينتهي قبل أن يبدأ بسبب الحنق الذي تلبس عمي الكبير. مايكل جاكسون , وهو ابن الدولة التي تحكم العالم , لم يتوقع هذا التطاول من عمي الكبير , شعر انه مهان حتى العظم , (سبحان الله , كأنه يفهم العربية !) . أخرج هاتفه النقال من جيبه , قال كلاماً اترجمه الآن إلى العربية : سأتصل بوزير دفاعنا رامسفيلد , سأطلب منه أن يرسل في الحال طائره من نوع شبح أو طائرتين . عمي الكبير انتفض مثل المجنون وهو يهز عصاه , في وجه المغني الشهير : تهددني يا داشر ! أنت تهددني ! (سبحان الله كأنه يفهم الانجليزية !) . مايكل جاكسون أدرك أن شرف الدولة الكبرى لن يسلم من الأذى إن لم يقدم على فعل كبير , ويبدو انه كان محتاطاً لمثل هذا الأمر , اخرج من تحت ثيابه مسدساً من نوع برابيللو , يتسع مخزنه لأربع عشرة رصاصه , صوّب فوهة المسدس نحو رأس عمي الكبير , سحب عمي عصاه من فوق رأس المغني , قال بهدوء ملتبس وهو يتجه نحو الباب : سأذهب لأداء الصلاة .
مايكل جاكسون ابتهج للنصر المؤزر الذي أحرزه , تحول وجه ابن عمي من الأصفر الفاقع إلى الأحمر المشوب بصفره مؤسفة . انطلق المغني يغني ويرقص مثل مهر جامح , جمهور القاعة يصفق ويهتز طرباً , وابن عمي يؤكد لي وهو يبرأ من اضطرابه : سأنقل هذا الحي إلى عصر مابعد الحداثة !
عمي الكبير لم يغب طويلاً . استغرقه الأمر بضع دقائق , تمكن خلالها من خلع شباك المبنى , بمعونة من بعض مؤيديه المخلصين . دخل من خلف خشبة المسرح , اقترب من مايكل جاكسون ولم يشأ أن يضربه من الخلف ضربه غادره , لأنه يحترم أصول المشاجرات , صاح في المغني صيحة هادرة : دافع عن نفسك ياولد . مايكل جاكسون قفز مبتعداً مثل قرد مذعور , حاصره عمي في زاوية المسرح , أهوى بالعصا على رأسه , زاغ المغني عنها في اللحظة الاخيره , لم يفطن , بسبب كما يبدو , إلى المسدس الذي خبأه تحت ثيابه . عمي الكبير أمره بحزم : ارفع يديك .
المغني امتثل لكلام عمي الكبير , (سبحان الله , كأنه يفهم العربية !) اقترب منه عمي, انتزع المسدس من تحت ثيابه بحركة بارعة من يده. اقر المغني بهزيمته أمام عمي , عيناه قالتا ذلك بكل وضوح , عمي اكتفى بما قالته عينا المغني , ألقى بالمسدس بعيداً , ثم مضى وهو مرفوع الرأس معتداً بالنصر الذي أحرزه , عمي الكبير غادر القاعة دون أن يقول شيئاً , فالنصر الذي أحرزه غني , كما يبدو , عن أي كلام .
مايكل جاكسون تناسى كل شيء وعاد إلى مواصلة الغناء , صفق له الجمهور بحماس . خرجت بعض فتياتنا إلى خشبة المسرح , رقصن مع المغني الشهير وهن في أتم انبساط , رقص الفتيان كذلك بابتهاج , وظل مايكل جاكسون يترنم بالأغنية تلو الأخرى في حينا البائس حتى مطلع الفجر , أي والله , حتى مطلع الفجر !
2003

coco crazy
15-10-2006, 05:21
صورة شاكيرا
للمرة السابعة, يرابط ابن عمي على باب مكتب الداخلية الإسرائيلية, لتجديد الوثيقة التي لولاها لما استطاع السفر عبر المطار. اعتاد أن يأتي في الساعة السادسة صباحاً,يُفاجأ بطابور طويل من الناس الذين جاء بعضهم بعد منتصف الليل بقليل. أخيراً,لجأ إلى منظمة إسرائيليه غير حكوميه , تبنى مديرها الموضوع للمرة الأولى الاخيره , واستطاع أن يحجز موعداً لابن عمي لخول إلى المبنى الذي يتعذب أبناء القدس على بابه منذ سنوات .
جاء ابن عمي إلى مكتب الداخلية هذه المرة وهو أكثر ثقة بنفسه , لأنه والحق يُقال, كاد يكفر بكل شيْ كلما وجد نفسه محشوراً بين حشد متن الناس المتدافعين دون تهذيب, بل انه كاد يشتبك بالأيدي مع شابين , قاما بتخطي كل الناس , بمن فيهم ابن عمي . ابن عمي اختصر الشر , وترك الشابين يفعلان مايريدان ولم يحدث أحدا غيري عن معاناته , لأنه معني بأن يظل أهل الحي مقتنعين بأنه ذو بأس , ولا يُغلق في وجهه أي باب .
صاح الحارس من خلف شبك الحديد : طلحة شاكيرات! رد ابن عمي في الحال : نعم , نعم , أنا طلحه شاكيرات . فتح الحارس الباب لابن عمي الذي اجتاز الباب باعتداد وسط حسد الحشد المنتظر منذ ساعات حدّق الحارس في ابن عمي لحظه , ثم سأله: شاكيرات! هل تعرف شاكيرا ؟ لم يتأخر ابن عمي في الإجابة لحظة واحده : طبعاً , إنها واحدة من بنات العائلة . بدا الحارس مبهوراً بالأمر : أنا معجب بأغانيها , هل تعرف ذلك ؟ قال ابن عمي: من أين لي أن اعرف ! لكنني سأهديك بعض أغانيها التي أرسلتها لي قبل أسابيع! مدّ ابن عمي يده لمصافحة الحارس , مدّ الحارس يده وقال : أنا روني . قال ابن عمي : أنا طلحة شاكيرات ! ثم صعد درجات المبنى وهو مسرور لهذه العلاقة التي مهدها له اسم شاكيرا, وأبدى امتناناً لجده شاكيرات الذي شاءت الصدف أن يحمل هذا الاسم بالذات , ولا لظلت شاكيرا بعيده عن التأثير في مصيره , ولما أتيح له أن يبني علاقة مع حارس من حراس مكتب الداخلية بمثل هذه السرعة التي لم تكن في البال . ابن عمي بنى آمالاً عريضة على تلك العلاقة , فهو محتاج إلى خدمات مكتب الداخلية , أفراد آخرون من العائلة محتاجون لخدمات المكتب أيضا . وحينما يكون لابن عمي علاقة غير مشبوهة مع احد الحراس , (نعم , علاقة غير مشبوهة! وهذا أمر يصر عليه ابن عمي , لأنه لا يحب أن يقال عنه انه مرتبط بعلاقة مشبوهة مع سلطات الاحتلال ) فإن ذلك سيتيح له أن يمارس رغبته في الظهور بمظهر الشخص القادر على مساعدة الأقارب والأصدقاء , الذين يتذمرون من سوء المعاملة التي يتعرضون لها أمام مبنى الداخلية باستمرار .
ابن عمي لم يضيع دقيقه من وقته . ما إن غادر مبنى الداخلية , حتى اتجه إلى اقرب محل لبيع الاسطوانات وأشرطة الغناء , سال عن احدث اغني شاكيرا . باعه صاحب المحل عدة اسطوانات حملها بحرص بالغ وعاد بها إلى البيت . استمع إليها عدة ساعات دون انقطاع . ثم اخبر والده بحقيقة أن ثمة واحدة من بنات العائلة تمارس الغناء ! عمي الكبير اظهر استياءه الفوري من هذا الخبر , لأنه لا يطيق أن يمس احد سمعة العائلة بكلام لا يليق . غير أن ابن عمي خفف من وقع المفاجأة على والده , وحدثه عن الحارس روني المعجب بشاكيرا , (عمي يحاول منذ أشهر الدخول إلى مبنى الداخلية دون جدوى ) وحدثه كذلك عن النجاحات التي تحققها شاكيرا في عالم الغناء , وكيف أن العائلة , عائلة شاكيرات , يمكنها أن تجني فوائد جمة من علاقة كهذه ! حينما شم عمي الكبير رائحة المصالح تفوح من الخبر الذي سمعه , انتعش دون الحاجة إلى دواء , وراح يستفسر من ابنه عما لديه معلومات عن شاكيرا , لكي يطابقها مع معلوماته عن شجرة العائلة , التي يحفظها عن ظهر قلب .
بعد تمحيص سريع , أكد عمي الكبير لمن يرتادون مضافته من أهل الحي , أن جد شاكيرا الأول ينتمي إلى عائلة شاكيرات , وانه رحمة الله عليه اختلف مع إخوته في تقسيم الإرث الذي تركه والدهم , فاختار الهجرة إلى لبنان , وهناك , غيّر ديانته حينما أحب حتى الجنون , امرأة لبنانية جميلة , تنتمي لديانة سيدنا عيسى عليه السلام , ثم تزوجها وأصبح له منها أولاد كثيرون ظلوا يتناسلون حتى جاء إلى الدنيا والد شاكيرا , التي لولا شهرتها المفاجئة في عالم الغناء , لظل هذا الفرع من عائلة شاكيرات مجهولاً ,لا يعرف احد من أبناء حينا شيئاً عنه .
حينما أصبح الحي كله يتناقل أدق التفاصيل عن شاكيرا , اخذ عمي الكبير يشعر بالحرج , فالبنت متحررة تماماً كما يبدو , ربما لأنها تعيش في الجزء الغربي من الكره الارضيه , (في بلاد اسمها كولومبيا ياسيدي! هذا ما يقوله عمي بشيء من التذمر ) ولو كانت مقصوفة العمر تعيش هنا في هذا الحي (حيّنا), لما سمح لها عمي الكبير بالرقص الغناء , وهي شبه عارية ! عمي الكبير لا يصدق أن شاكيرا تظهر شبه عارية على التلفاز, هو لايشاهد التلفاز , لكن أناسا كثيرين روو لعمي أنهم شاهدوا شاكيرا على شاشة التلفاز , ببطن عارٍ وفخذين مثل الالماز, يستمع عمي الكبير إلى كلامهم , ولا يجرؤ على تكذيبهم , لكنه يتملص بشكل أو بآخر من الموضوع , يحاول صرف الأذهان عن الرقص والغناء , بالعودة إلى الماضي الجميل , يحدثهم عن شجاعة الجد الأول لشاكيرا , وكيف انه صادف ضبعاً في البرية ذات مساء , فلم يجبن ولم ينضبع , بل انه ظل يصارع الضبع حتى صرعه , سلخ جلده وباعه بأرخص الأثمان !
حينما يخلو همي الكبير إلى نفسه , يميل إلى تصديق كلام أهل الحي : لولا أنهم شاهدوها ترقص شبه عارية لما تحدثوا عن ذلك . كان يفاتح ابنه بهواجسه هذه , وفي بعض الأحيان , كان يشتم شاكيرا بألفاظ نابيه , فلم يجرؤ ابن عمي على إخبار أبيه بان شاكيرا متورطة في علاقة حب مع ابن رئيس الأرجنتين , لو عرف عمي ذلك , ربما اندفع إلى نزع صورة شاكيرا عن صدر الحائط في بيته . الصورة احضرها ابن عمي طبعاً , وجدها منشوره في إحدى الصحف , فأخذها إلى المصور وطلب منه أن يكبّرها , كبّرها المصور واحضرها ابن عمي , واقترح على أبيه أن يعلقها على صدر الحائط في المضافة , غير أن عمي استكثر هذا وقال : منذ متى ياطلحه نقبل أن نضع صور نسائنا في المضافة التي يأتيها الناس من كل مكان ! فاختصر ابن عمي النقاش حول الأمر وعلّق الصورة في إحدى غرف البيت المخصصة للنساء. وقد اضطر عمي الكبير إلى الرضوخ لمشيئة ابنه , (اضطر لذلك أملاً في الحصول على بطاقة هوية تمكنه من السفر عبر الجسر , فقد ضاعت بطاقة هويته التي استلمها من الإسرائيليين بعد احتلالهم القدس) غير انه وضع شالاً فوق إطار الصورة لكي يحجب شعر شاكيرا وكتفيها العاريين عن العيون . فعل عمي الكبير ذلك , لحفظ سمعة شاكيرا والعائلة من السنة النساء اللواتي يأتين بين الحين والآخر إلى البيت , للزيارة ولنقل الشائعات .
ولم تكن هذه هي الصورة الوحيدة لشاكيرا , فقد امتلأ مكتب ابن عمي بصور مختلفة للمغنية الشابة . ألاحظ ذلك حينما أزوره بين الحين والآخر , أمد يدي له بالتحية وأنا أحدجه بنظره تنم عن اتهامي له بأنه كلب ! يمد يده لي بالتحية وهو يحدجني بنظره تنم عن اتهامه لي بأنني حمار . يقول لي : أنت مازلت دقه قديمه , خليك ملحلح شويه ! الظروف تغيرت , ونحن نعيش زمن الانترنت والقنابل الذكية ! اجلس في مكتبه العامر بالإيحاءات العصرية , أتابع اتصالاته الهاتفية التي لا تنقطع , أحاول معرفة مايدور على شاشة الكمبيوتر المتربع على مكتبه , فلا اعرف شيئاً , يضحك بين الحين والآخر ضحكه سمجه , ثم يحدق في الشاشة , وبالذات كلما أراد أن يستريح بالكلام معي , أو لكي يتهرب من سؤال لا يحب أن يجيب عليه .
لابن عمي علاقات كثيرة من هذا الطراز , وهو مقتنع بأنها ستعود عليه ذات يوم بالنفع العميم . مثلاً , حينما راج الخبر حول علاقة الحب التي تربط شاكيرا بابن رئيس الأرجنتين , لم يعلق هذا الخبر بذهني سوى لحظة واحده . أما ابن عمي , فقد راح يوظفه في شبكة استعداداته للمستقبل . قال لي : سأوثق علاقتي بالأرجنتين انطلاقاً من هذا الخبر , سأسعى لكي أصبح وكيلاً لبعض الشركات الأرجنتينية , وقد أصبح ذات يوم قنصلاً فخرياً للأرجنتين في المشرق العربي كله ! حينما ابتسمت ساخراً منه, ضحك باستهزاء وقال: واحد درويش ! (يقصد حمار بطبيعة الحال )
ولابن عمي اجتهادات عجيبة غريبة . تحداني مره قائلاً : استطيع أن أدعو عشرة رجال وعشرة نساء لتناول طعام الغداء في بيتي , اسكب لهم الطعام من طناجر فارغة في صحون فارغة , وسيأكلون حتى الشبع , وسيعودون إلى بيوتهم وهم متخمون من كثرة ما التهموا من طعام ! يقول ابن عمي متباهياً بقدراته الذهنية , معتداً بانتباهه الدقيق لإيقاع العصر ومنطقه : تستطيع أن تخلق لنفسك الحقائق التي تريدها , وتستطيع في الوقت نفسه أن تقنع أعدادا متزايدة من الناس بهذه الحقائق التي لا يمكن لمسها أو إقامة الدليل المادي على وجودها ! المهم في الأمر أن تكون على قدر اللحلحه والبراعة والذكاء . كنت أتجنب الدخول في رهان مع ابن عمي لسبب ما .
أما عمي الكبير فقد دخل الرهان , وأيقن أن الحارس روني سيستقبله ويأخذه في الأحضان , سيحدثه عمي عن جد شاكيرا الأول , سيقول له إن هذا الفرع من العائلة معروف بحب الطرب وبالميل إلى الغناء منذ زمن بعيد , ولذلك , فإن العائلة لم تستغرب أمر نبوغ شاكيرا في الرقص والغناء ! سيروي له إن سمح وقته , (وقت روني ) نوادر كثيرة عن جد شاكيرا الأول . عمي الكبير دخل الرهان , وأيقن انه سيحصل على بطاقة هوية جديدة , وسيذهب إلى عمّان , للحصول على جواز سفر مؤقت ,سيذهب إلى اسبانيا لقضاء عدة أسابع هناك . اعتاد عمي الكبير أن يتفشخر أمام الناس , فيقول على نحوٍ مثير للفضول : سأذهب إلى اسبانيا لزيارة ابنتنا ! ولما كان أهل الحي يعرفون أن كل بنات عمي الكبير مقيمات هنا في الحي , فإنهم كانوا يسارعون إلى طرح السؤال عليه : من هي ابنتكم هذه ؟ فيجيبهم متباهياً : شاكيرا ! إن لها بيتاً فخماً في اسبانيا تقيم فيه عدة أشهر كل عام .
ولن يكتفي عمي الكبير بزيارة شاكيرا , (الفالته اللي ماخلّت دف إلا رقصت عليه! يقول عمي ذلك للصفوه من أبناء العائلة) فقد قرر أن يزور الديار الحجازية لأداء فريضة الحج بعد طول انتظار . عمي الكبير لا يقطع فرضاً , يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها , غير انه يشعر بالندم لأنه ارتكب بعض الذنوب في أيام شبابه . مره, عمل عمي الكبير في التجارة . كان يذهب إلى إحدى القرى في موسم الزيت , يشتري خمسين تنكه من زيت الزيتون , يدخلها إلى مخزن أعدّه خصيصاً لهذا الغرض ,ثم يخرجها منه لكي يبيعها وقد أصبح عددها مائة تنكه , (كانت لعمي طريقة بارعه في الغش) , كان يدهن رقبته بزيت الزيتون خفية , متوقعاً أن يستحلفه الناس إن كان الزيت الذي يبيعه لهم زيتا أصليا ,يتظاهر عمي الكبير بأنه يحلف وهو يقول : على رقبتي زيت زيتون أصلي , فيصدقون .
عمي الكبير اسرّ لي بذلك لكي يتخفف شعوره بالذنب, وقال : سأذهب لأداء فريضة الحج كي يغفر الله لي هذا الذنب .
ولعمي الكبير ذنوب أخرى , مرة جاءت بائعة الحليب إلى بيته في الصباح . فتح لها الباب , فأعجبه قوامها المديد , مد يده إلى صدرها , بائعة الحليب ابتعدت عبه وهي تقول : آه من قلة حيائك يا رزيل .عمي الكبير يشعر الآن بالحرج , إذ كيف سيقابل وجه ربه في الآخرة , وكيف سيكون حاله يوم يسأله الملكان اللذان سيشرعان في الكشف عن ذنوبه فور نزوله إلى القبر : عمي الكبير لم يبح لي بهذا الذنب الذي ارتكبه , وإنما وصلني عن طريق احد مجايليه , وهو يصر على انه لم يرتكب ذنباً آخر سواه , مع أن الشائعات تتحدث عن ذنوب أخرى ارتكبها عمي الكبير .

coco crazy
15-10-2006, 05:22
سمعته غير مره في زمن سابق يتعجب من استعجال ابنه ورغبته الطاغية في الشهرة والثراء , كان ينصحه قائلاً : ياولد ريغا ريغا , والعجلة من الشيطان ! هذه المره تخلى عمي عن حذره ودخل الرهان . في صبيحة احد الأيام , ذهب صحبة ابنه , إلى مبنى الداخلية للحصول على بطاقة هوية . ذهبت معهما مدفوعاً بالفضول , ولم نذهب إلا في وقت متأخر من الصباح , لان ابن عمي كان على ثقة من أن الحارس روني سيهبّ لاستقبالنا حالما يرانا , وسيفتح لنا باب المبنى الحديدي في الحال . وصلنا المبنى وهالنا عدد الناس المتجمهرين هناك تحت حر الشمس . نظر ابن عمي عبر الشبك الحديد , قال لنا باعتزاز وهو يشير إلى شخص له شعر أشقر طويل : هاهو روني ! رفع عمي يده محيياً , فلم يستجب لتحيته احد . قال ابن عمي : انه مشغول , هو دائماً مشغول في هذه القضية أو تلك . وقال : ننتظر قليلاً حتى ينتبه لنا . سأله عمي : متى كانت آخر مره قابلته ؟ قال : قبل اسبوعين , حينما أحضرت له مجموعه من أغاني شاكيرا . ارتاح بال عمي قليلاً , لكنه بدا قلقاً بعد ذلك بلحظات .
حاول ابن عمي أن يميز نفسه قليلاً عن جمهور الناس المتزاحمين حول شبك الحديد وأمام باب المبنى , وقف على رؤوس أصابع قدميه , رفع يده عالياً فوق رأسه , وراح يلوح يده لروني لعله يراه . كان روني مشغولاً في انتهار الناس الذين يلحون عليه من اجل السماح لهم بالدخول إلى المبنى , آثر ابن عمي الانتظار بعض الوقت دون الإتيان بأية إشارات من يده . غير انه تضايق حينما سمع عمي الكبير يسعل , تعبيرا عن الضيق والاستعجال . اضطر ابن عمي إلى رفع صوته منادياً : روني ! قالها بصوت خافت أول الأمر , فلم ينتبه له روني . كرر النداء بصوت ممطوط مشوب بالثقة نوعاً ما : روني ! ناداه ابن عمي من جديد بصوت مشوب بالارتباك : ياسيد روني ! حاول ابن عمي أن يستنفر إحساسه بإيقاع العصر ومنطقه : أدون روني ! أدون روني ! نظر روني نحو ابن عمي نظره سريعة , ثم أشاح بعينيه عنه لسبب ما . كرر ابن عمي المحاولة بعدة لغات : ماشلوم خا أدون روني ! هاو آر يو مستر روني ! كيف حالك ياسيد روني ! بدا واضحاً أن روني قد سمعه , لكنه لم يعره أية اهتمام .
لم يستطع عمي الكبير احتمال هذا التجاهل الذي أظهره تجاهنا الحارس روني . صاح بصوت حاد: يا خواجا روني ! رُد علينا ياخواجا ! انتبه روني إلى الصيحه الجارحه التي أطلقها عمي , سأل وهو مستفز تماماً : ايش بدّك, قل لي ؟ قال عمي بلهجه محمله بالود والرجاء : ابني طلحه, يناديك ّ! ايش بدُّه , ابنك , قل لي ؟ ابتسم ابن عمي ابتسامه عريضه لتهدئة الموقف , ولم يجد عمي بُدّاً في اطلاق آخر سهم في جعبته لعله بذلك ينعش ذاكرة روني من سباتها اللعين, قال : احنا أقارب شاكيرا , شو ! نسيتن يا رجل ! اغتنم ابن عمي لحظة الصمت التي سيطرت على الموقف , قال باستعطاف : اسمح لنا بالدخول يا ادون روني . ردّ روني بغطرسه : بدّك تنتظر ! انا مش فاضي لك . ثم أدار ظهره دون اكتراث . حدقتُ في وجه ابن عمي : (كلب) حدّق ابن عمي في وجهي : (حمار ) ولم نتبادل أي كلام .
اعتزل عمي الكبير الناس ثلاثة أيام , قام أثناءها بنزع صورة شاكيرا عن الحائط . ألقى بها بقوه على الأرض فاستحال زجاجها إلى شظايا متناثره . ولم يسافر عمي إلى اسبانيا , كما لم يذهب إلى الديار الحجازيه لأداء فريضة الحج , أما ابن عمي فقد اخبرني بأنه سيذهب إلى الحارس روني مرة أخرى , ومعه مجموعه من أغاني ابنة العائلة , شكيرا المحبوبة , حفظها الله .
2003

coco crazy
15-10-2006, 05:25
ما بعد صورة شاكيرا

حينما نشرت" صورة شاكيرا "في صحيفة عربية تصدر في أحدى العواصم الاوروبيه , لم أتوقع أن يكون للقصة مابعدها .
غير أن الوقائع كذبتني , وبدا انه لا بد لي من تقبل كل ما له علاقة بما بعد صورة شاكيرا .
ابتدأ هذا الـ"ما بعد "حينما أعدت نشر القصة في صحيفة محليه , لان الصحيفة العربية المنوّه عنها أعلاه لا تستطيع الدخول إلى هذا البلد لأسباب أظنها معروفه , قلت : أعيد نشرها لعل أحدا هنا يقرأها أو يهتم بها . وبالفعل لم تعدم القصة من يهتم بها! فقد التقيت احد الزملاء ممن لهم اهتمام بالشأن العام , عند حاجز قلندية ذات ظهيرة قائظه . وقفنا في الطابور الطويل ننتظر فرصة لعبور الحاجز , وبعد نصف ساعة من الثرثرة التي ساعدتنا على قطع الوقت , قال زميلي : رأيت مقالة لك في الصحيفة ! قلت مصححاً : تقصد قصه ! قال : أظنها قصه ,نعم.نعم.قصه!وراح يستجمع شتات ذاكرته ثم أضاف :صورة شكورا! هل هذا صحيح؟لم أشأ أن أصحح كلامه مرة أخرى , قلت : صحيح . ابتسم على نحو يوحي بأنه معتد بقوة ذاكرته وبسعة اطلاعه, قال : عَمْ بقول لك , بعيني هاتين رأيت القصة ! لم أساله إن كان قرأ القصة بعد أن رآها بعينيه , لأنه سألني على الفور: هل دفعت لك الصحيفة شيئاً؟أجبت بالنفي . قال : يعني لا حمداً ولا شكورا! أدرك أن كلامه انحبك مع عنوان القصة الذي استله من ذاكرته , أطلق ضحكه مجلجلة جعلت جنود الحاجز يرسلون إليه نظرات زاجره , قال وقد راق مزاجه : ألحق عليك,يعني لازم تسميها صورة شكورا! قهقه من جديد كأنه يشمت بي . صاح احد الجنود محذراً : شيكت ّ ضَحِكْ وَحكي مش لازم ! سكت زميلي مضطراً , وواصلنا التقدم ببطء شديد ! تمنيت يومها أن لا اسمع أي تعليق آخر على القصة.
غير أن صاحب الحانوت الوحيد في حيّنا , لم يترك الأمور تجري مجراها الساكن الرتيب . اشترى رزمه من الصحف القديمة ليستخدمها في لفّ بضاعته التي يبيعها للنسوة والأطفال . وإمعاناً منه في الاستفادة من هذه الصحف , وجد أن بوسعه تصفحها أثناء انقطاع الزبائن عن حانوته , فعل ذلك وهو جالس صحبة ثلاثة من أبناء الحي العاطلين عن العمل . رأى البائع صوره جميله لإمراه شابه , قرأ اسمها : شاكيرا!أعجبه جمال المراه , قص الصورة واحتفظ بها في جيبه لسبب لم يفصح عنه , وحينما قرأ اسمي مكتوباً تحت عنوان القصة , انكب على القصة ليقراها لسبب وحيد كما قيل لي فيما بعد , وهو أنني كاتبها . غير أن البائع لم يستطع قراءة القصة كلها , قرأ سطراً هنا وسطراً هناك ثم أدركه الملل , رمى الصحيفة وانطلق يثرثر مع الرجال الثلاثة حول ماقرأه , فاختلط الكلام بالكلام .
بعد ذلك بيوم واحد راجت شائعة في الحي تقول أنني متزوج, سراً, من راقصه تقيم في بلاد بعيده اسمها كولومبيا , ولي منها ولد وثلاثة بنات , واحدة من البنات خرساء , وتضيف الشائعة أن للراقصة أربع بنات من زواجها السابق , وبذا فإن المجموع الكلي لنسل الراقصة : سبع بنات وولد . (سبحان الواحد الأحد صاحب الحكمة والتدبير!) قيل يومها أن ثمة من يشفق عليّ في الحي , لان الإنفاق على سبع بنات وولد في مثل ظروفنا التي نحياها يعتبر أمراً غير هيّن بتاتاً ! تلهيتُ بهذه الشائعة يوماً أو يومين ثم أهملتها , ولم يهملها بعض أهل الحي.
بعد ثلاثة, أيام رن جرس الهاتف في بيتي .
تعرف مين بتحكي معك؟
لا والله لا أعرف.
أنا أم شكريه ! بتعرف شكريه ؟
لا والله لا اعرفها
شكريه الممرضة اللي في الكوبات حوليم , مابتعرفها ؟
والله لا اعرفها.
ولآ ياسافل كيف بتكتب عنها في الجريدة , إنها فالته وما خلّتْ دَف الّا ورقصتْ عليه !
ياخالتي الله يسعدك , قولي غير هذا الكلام !
اسمع لما أقولك : بنتي مش مقطوعة من شجره ! بنتي وراها رجال , الواحد منهم مثل السبع !
حاولت تهدئة الموقف , غير أن المراه قطعت المكالمة وتركتني عرضه لأنياب السباع , ولولا تدخل المجلس العشائري الذي يسهر على شؤون الحي , لذهبت ضحية سوء الفهم الذي وقع من دون أن تكون لي يد فيه , ولم يخفف من نكدي سوى زيارة مفاجئه إلى بيتي , قام بها المغني الذي لا تتجاوز شهرته حدود الحي , رحبت به لعل وراءه خبراً ساراً ! قال :
- سمعت انك على علاقة طيبه مع شاكيرا .
- أراها على شاشة التلفيزيون وهي تغني , وهذا كل ما في الأمر.
- بس أنا متأكد انك تستطيع التأثير عليها .
- طيب , لنفرض ذلك , ماالذي تريده؟
- عندي رغبه في الظهور معها في البوم غنائي مشترك !
أخبرني أن ألبومه الثاني حظي باهتمام عشاق الغناء , قال انه أرسل نسخة منه إلى نانسي عجرم فأبدت إعجابها به , قال إن نانسي عجرم اقترحت عليه أن تظهر معه في البوم مشترك , غير انه مازال متردداً . راح يخلط كلاماً ف كلام , قال إن مشكلته تكمن في كثرة تردده , أسرّ لي أن ثمة احتمالاً مؤكداً بأن يُشارك في الحكومة الجديدة , وقد تُسند إليه وزارة الداخلية التي طال الجدل حولها , قال انه الوحيد القادر على التفاهم مع حماس , غير انه متردد في قبول المنصب , فإذا ما حسم تردده وقبِل المنصب فسوف يصرفه ذلك عن مواصلة الغناء , وهو يرى أن الفن أكثر أهميه من المناصب الوزارية , (بعد ذلك بثلاثة أيام , أعلنت أسماء الوزارة في الحكومة الجديدة ولم يكن اسمه مدرجاً بين الأسماء ) حينما لا حظ أنني لم أتمكن من مغالبة الضحك , قال لي : اضحك كما تريد , ولكنك ستتأكد من صدق كلامي في وقت قريب ! قلت مدارياً حرجي : اعذرني داهمني الضحك لأنني تذكرت نكته رواها لي احد الأصدقاء , ولم يقنعه كلامي, قال : إياك أن تستهين بي , بعد ثلاثة أشهر ادخل الأربعين , وهذا هو سن النضج كما تعلم . أخبرني انه عرضه لمؤامرات عديدة, قال إن الصحيفة المحلية تتجاهله وتعتّم على أخباره, وان محرر الصفحة الفنية في الصحيفة يحقد عليه, لأنه كان متفوقاً عليه في كل الدروس أيام المدرسة. اخبرني انه وضع هذا المر بين يدي مجلس العائلة, عائلته, وبعد مداولات سريعة, قرر المجلس إرسال عدد من أبناء العائلة لمعاقبة المحرر الفني. ذهب أربعه من الشباب الصناديد ومعهم العصي, كمنوا للمحرر في الليل منتظرين عودته من عمله في الصحيفة, أطعموه بدن لن ينساه إلى أن يتوفاه الله, نام في المستشفى سبعة أيام . بعد ذلك, تمت تسوية الأمر, تدخل المجلس العشائري, طبطبَ الموضوع وجرت مصالحه عشائرية, حيث أظهرت عائلة المحرر الفني كرماً عربياً حاتمياً أصيلا, تمثل بالتنازل عما لها من حقوق لابنها المضروب ! الابن المضروب تعهد أمام الجميع بأنه سيهتم بأخبار المغني, وسينشرها تباعاً في الصحيفة ابتداء من مطلع الشهر القادم. قال لي المغني مطمئناً :
هذا التجاهل لن يستمر , بعد أيام رايح تقرا أخبار ساره .
بعد صمت دام لحظات, أضاف :
ارجوا ألا تتجاهل طلبي !
تمعنت قليلاً في معنى كلامه !
وإن تجاهلت طلبك, فماذا ستفعل ؟
حاول تلطيف الموقف :
أنا احكي معك بالأمل.
قلت محاولاً إحراجه :
هل تعرف شيئاً عن أخبار عمرو دياب ؟
إيه, هذا صاحبي, أرسلت له ألبومي الثاني وأعجبه !
هل تعلم انه عرض على شاكيرا مليون ونصف المليون دولار من اجل أن تظهر معه في البوم مشترك ؟
هذا الحكي لا أعلم عنه . أما بالنسبة لي فأنا غير مستعد للدفع ! واذا لم توافق شاكيرا على اقتراحي فسوف ألجأ إلى أسلوب آخر !
ماذا ستفعل ؟ قل لي .
اترك هذا المر إلى وقته المناسب .
بدا صامتاً كأنه يُجري تعديلاً على ما خططه . قلت :
ماذا تريد مني الآن؟
سلامتك. ماأريده سيتحقق غصباً عنك !
عدت إلى لغة التهديد !
نهض في هدوء, وفيما هو متجه نحو الباب قال :
أنا لا أهددك, صدقني, ولكنك ستحقق بعض ما أريده في أسوأ الأحوال !
أثار فضولي بكلامه !
ماذا تقصد ؟ تكلم بوضوح !
اتكأ على الباب وهو يبتسم :
قرأت مره في الصحيفة أن مطرباً معروفاً شكا من تراجع شعبيته , والدليل أن الصحف لم تعد تنشر أخبارا عنه , نصحه مستشاروه بأن يقوموا بحملة تشهير ضده , وبنشر الإشاعات حوله , وبهذا تعود الصحف بالاهتمام به وبأخباره !
فتح الباب وخرج , تبعته ووقفنا أمام البيت , مرت دوريه عسكريه إسرائيليه راجلة , يتلكأ أفرادها في مشيتهم لسبب غير معروف . قال وهو يتظاهر بالحكمة :
شُفت حب الشهرة شو بيعمل !
أطلق ضحكه مجلجلة جعلت جنود الدورية يتوقفون , حدقوا بي وبالمغني بعض الوقت , ثم واصلوا سيرهم على الرصيف بالمشية المتلكئة نفسها . قلت:
فهمت قصدك , لن أكتب عنك كلمه واحده !
ستكتب, أنا متأكد !
العكروت ! كأنه يقرأ خواطري .
سأكتب قصه, لكنني لن اذكر اسمك. لن تفرح بذلك !
ومع هذا, رايح تكتب عن مغني الحي , وهذا يكفيني . من هو مغني الحي ؟ أنا ! سيبحث الناس عني ويعرفون اسمي !
جاء دوري لكي اضحك:
أنت متفائل , لا احد يقرأ القصص هذه الأيام !
مضى مبتعداً , بقيت ارقبه وهو يدب على الرصيف بخطوات , لا يمكن وصفها إلا أنها خطوات بائسة . تأملته بنوع من الشفقة , ولمتُ نفسي لأنني تعاملت معه بشيء من القسوة , فكرت في أن استوقفه للتوصل إلى تسويه تجعل ضميري مرتاحاً , وقبل أن أناديه انطلق يركض هارباً كَمَنْ يطارده سرب دبابير ! لم يطل تعجبي من هذا الأمر المفاجئ , عرفت بعد وقت ٍ قصير , أن ثمانية أشخاص من عائلة المحرر الفني , برزوا للمغني من شارع فرعي , أدركوه بعد مطارده مربكه , وظلوا يضربونه بالعصي حتى تعطلت حنجرته عن الغناء , ولن تعود قادرة عليه , بحسب تقارير الأطباء , إلا بعد ثلاثة أشهر على وقت التقريب .
2004

lizzey
15-10-2006, 20:29
يعطيك ألف عافيه
وتسلم هل يدين الرائعة والله
الله لا يحرمنا منك ومن جديدك المميز

coco crazy
16-10-2006, 06:02
شكرا شكرا شكررررررا lizzey
على المرور الحلوو
والرد الراااائعععع مثلك
وترى للموضوع بقيه
وبقيه احلى واحلى
بس بليييييز
اصبروا علي

باي باي

bint_almuhairi
19-10-2006, 00:38
مشكوووووووووووووووووووووور وتسلم وكتابتك اكثر رايعه

netdevil
27-10-2006, 15:27
مشكووووووووووور ة وما قصرتي

coco crazy
02-11-2006, 08:28
مشكورين على الردود

Blanc Jasmin
05-11-2006, 18:57
يعطيك العافيه على القصص وفعلا هي رائعة والدليل أسمائها

يسلمو

coco crazy
22-11-2006, 12:26
يعطيك العافيه على القصص وفعلا هي رائعة والدليل أسمائها
تسلمين اختي Blanc Jasmin على الرد الحلو يا حلو

coco crazy
16-12-2006, 22:50
هاي
راح اكمل الموضوع باذن الله
واعتذر اني طولت وماكملت الموضوع

مقعد رونالدو
لم يأبه كاظم علي لكل المتاعب التي تعرض لها, بسبب حماسه للاعب كرة القدم البرازيلي, رونالدو.
كاظم علي يعشق كرة القدم, وأهل حارته لا يعشقونها, ولا يعيرونها أي اهتمام. يقولون:لدينا هموم كثيرة, ولا نملك وقتاَ لنضيعه على الكره. من فرط حماسه , أكّد كاظم علي أن ثمة مراسلات على الانترنت بينه وبين رونالدو . أثمرت هذه المراسلات, كما قال كاظم علي لأهل الحارة , وعداَ قاطعاَ من رونالدو, بالقدوم هو وزوجته وطفله,لزيارته,ولقضاء شهر أو شهرين في ضيافته, كاظم علي أكّد أن رونالدو قادم لا محالة.
حتى هذه اللحظة لم تقع أي مشكله جراء ذلك, فقد اعتاد أهل الحارة على سماع قصص غريبة يرويها كاظم علي, بين الحين والآخر, تتمحور في الغالبية العظمى منها, حول كرة القدم. يقول الواحد منهم للآخر بعد الاستماع إلى كاظم علي:حُطْ في الخُرج, ولا تصدق ما يقوله هذا السائق الثرثار. لم يكن هذا الكلام يقال لكاظم علي مباشرة, غير أن الكلام كان يصله بهذا الشكل أو ذاك. يشعر بالاستياء, ويواصل تأكيداته بان رونالدو قادم.
ذات صباح, حاول أكثر من واحد من أبناء الحارة, الجلوس في المقعد الأمامي لسيارة الأجرة التي يقودها كاظم علي. لم يسمح كاظم علي لأحد بالجلوس في المقعد الأمامي , اكتفى بتكرار جمله واحده على أسماع الجميع : هذا المقعد محجوز لرونالدو. تنطلق السيارة إلى المدينة دون أن يصعد إليها رونالدو , ودون أن يفكر احد بالدخول في نقاش عقيم مع كاظم علي . لم يكن من الصعب طرح عدة تساؤلات سريعة:أين هو صديقك البرازيلي يا كاظم علي ؟أين هي زوجته وطفله؟ أين هو هذا المدعو فونالدو؟(يضحك كاظم علي وهو يحاول تصحيح الاسم دون جدوى)ولا يجيبهم على تساؤلاتهم بشكل واضح , ما يزيد الأمر غموضا وغرابه. ولا يتوقف في الوقت نفسه على تكرار السلوك نفسه, والتلفظ بالكلمات نفسها في الصباح وفي المساء : هذا المقعد محجوز لرنالدو . يسكت الجميع ولا يفكرون بمجرد الاعتراض , ولا يعودون إلى طرح الأسئلة.
غير أن شائعة لم تخطر على البال , ثارت كالزوبعة في الحارة : كاظم علي يحجز المقعد الأمامي في سيارته , لغايات التهتك والولدنه مع بنات الناس ! رآه احد أبناء الحارة , (هكذا تقول الشائعة (وهو يميل برأسه نحو فتاة تجلس إلى جواره في المقعد الأمامي بعد الغروب, ولم يكن في السيارة احد سواهما ! كاظم علي ولد ملعون, قليل الأدب, يسخّر سيارته لخدمة نزواته الطائشة, ولابد من تلقينه درسا في الأخلاق.
وصلت الشائعة إلى كاظم علي , سخر منها , اعتبرها مجرد كلام أطلقه شخص مأزوم , فالحارة كلها تعرف أن كاظم علي يحب زوجته التي تزوجها بعد شهرين من اقتران رونالدو بفتاة أحلامه . كاظم علي لم يعد إلى التحرش بالبنات بعد زواجه مباشرة, على العكس من بعض أصدقائه سائقي سيارات الأجرة, الذين لم يعصمهم الزواج من الاستمرار في إقامة علاقات خفيه مع بنات جميلات. كاظم علي له رأي ثابت بخصوص الزواج:لا تتزوج الفتاة التي تستجيب لك من أول نظره. وقد اقترن بزوجته استئناسا بهذا الرأي:ذات صباح, صعدت فتاة إلى سيارة الأجرة, لم يكن فيها احد سوى سائقها كاظم علي. صعقته الفتاة بجمالها, تأمل خديها وعنقها وأصابع يديها, قال دون مقدمات :أنا طالب القرب.خلعت الفتاة فردة حذائها, هزتها في وجه كاظم علي, كادت تضربه لو لا انه اعتذر إليها في الحال.
ظل كاظم علي يبحث ثلاثة أيام متواصلة عن بيت الفتاة, ولما عرفه أرسل أمه وخالته وأخته للتعارف مع أهل الفتاة تمهيدا لطلب يدها. بعد عدد من الإجراءات الروتينية تمت الخطوبة

رح اكمل القصه اذا شفت الردود

سراب الصحراء
17-12-2006, 21:51
شكررررررررررا على القصص الروعة

coco crazy
21-12-2006, 19:32
عفووووا ويعطيك الف عافيه على الرد الأروع

hajo
26-12-2006, 01:50
كوكو كريزي ... رائع
.. شكرا

coco crazy
26-12-2006, 12:08
الف شكر لك حبيبتي hajo على الرد الروعه

وعلى فكره ...أنا بنت