PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : دراكيولا من أجل عيون ريم الشمال



Voodoo Doll
06-07-2006, 05:58
انا بنزل قصة دراكيولا من أجل طلب ريم الشمال..وهاهي....





1- جوناثان يغادر لندن
----------------------------------
لندن عام 1897..
عندما خرج جوناثان من مكتب المحاماة الذي يعمل به وجد خطيبته الجميلة مينا في إنتظاره كالعادة..وكما إعتاد دائما طبع قبلة حانية على جبينها الناصع ثم تأبط ساعدها وسارا وسط شوارع لندن المزدحمة..كان الجميع يعرفانهما تقريبا فهاهو السيد جيفر صاحب محل البقالة يرفع قبعته محييا وهاهي السيدة جلوريا البدينة التي تنهمك دائما في تنظيف أسماكها الطازجة ترفع ساطورها وهي تهتف بصوتها الجهوري:
- تفضلا يا أجمل عروسين في بريطانيا كلها..
وكانت مينا تبتسم وكذلك كان جوناثان ليضيفا على هيئتهما المزيد من الجمال والتألق.
وكان جوناثان محاميا ناشئا أسعده الحظ بأن أوجد له عملا في مؤسسة سترانسفورد للمحاماة أشهر مؤسسات إنجلترا في هذا المجال ,كان نشطا طموحا إستطاع أن يجد لنفسه مكانا مرموقا وسط أقرانه , ولعله كان من حسن حظه أيضا . وربما العكس..لأن محاميا شابا في نفس المكتب قد أصيب بلوثة عقلية مفاجئة لم يشف منها أبدا وإضطر الأطباء لإحتجازه في مصحة عقلية , كان هذا الشاب هو (وينفيلد) المشهور بالذكاء اللامع ,فلما ذهب هذا المسكين إلى مصيره جاء جوناثان ليحل محله وليثبت على مر الأيام كفاءته وقدراته مما جعل أصحاب المؤسسة يوكلون إليه معظم الأعمال , متنبئين له بمستقبل رائع..وكانوا في ذلك متفائلين فعلا!!
أما مينا فكانت شابة في العشرين من عمرها ذات جمال هادئ ووجه ملائكي..نشأت في أحد ملاجئ الأيتام ولكنها تعلمت تعليما متوسطا أهلها لأن تصبح معلمة في إحدى مدارس الصغار وبطبيعة الحال كان أمامها هي وخطيبها جوناثان الكثير من الوقت والجهد كي يتما زواجهما في ظل دخلهما المحدود والغلاء في كل شئ والذي كان سمة غالبة للحياة في لندن..
قادتهما قدماهما وهما يسيران إلى الشارع الرئيسي والذي تتوسطه مستشفى المقاطعة للأمراض العقلية..
كانت المستشفى عبارة عن مبنى عتيق تآكلت جدرانه وبهت طلاؤه تنتشرعلى واحهته نوافذ غرفه وكانت عبارة عن ثقوب ضيقة تتخللها قضبان حديدية سوداء ,وكانت تلك الفتحات هي الصلة الوحيدة بين هؤلاء المساكين المحتجزين بداخلها وبين العالم الخارجي.. وفي إحدى الغرف السفلية كانت غرفة وينفيلد المسكين الذي كان يقبض على القضبان الحديدية ملصقا وجهه بها وهو يصيح:
- إنه قادم..السيد قادم قريبا.
كان المارة يضحكون وقد اعتادوا مثل هذا الصراخ منه ,ومن غيره..
ولما إقترب جوناثان وخطيبته من المبنى..ازداد صراخ وينفيلد:
- إنه قادم يا آنسة مينا ,سيدي ينبئك بقرب وصوله فإستعدي له.
رغم أنها كانت صرخات مجنون وخزعبلات فاسد العقل إلا أن مينا شعرت بالإنقباض..فأخذت تلح على خطيبها بالإسراع لتجاوز المكان..

كان السيد ويلي مدير المؤسسة رجلا صارما لا يبتسم أبدا ,إعتاد أن يلقي كلماته أيا كانت بصيغة الأمر ولكنه مع ذلك كان طيب القلب ,عادلا منصفا سواء لعملاؤه أو موظفيه..وقد أضفت صفاته الشخصية تلك المزيد من الإحترام إلى مؤسسته.
وعندما دخل جوناثان إلى مكتب السيد ويلي..كان هذا الأخير منكبا على قراءة بعض الأوراق الهامة فلما أحس بدخول جوناثان رفع رأسه قائلا:
- مرحبا ياسيد جوناثان..
وقبل أن يرد جوناثان التحية استطرد ويلي:
- استعد للسفر ياسيد جوناثان..فقد كلفتك بمهمة جديدة..إنه أحد كبار القوم في ترانسلفانيا وهو يود شراء مجموعة من العقارات هنا في لندن..ستذهب إليه لتحصل على التوكيلات والمستندات اللازمة..سيكون عليك الرحيل غدا..جهز نفسك..

ثم مد يده إليه بمظروف كبير..
- ستجد كل التفاصيل هنا ولا تنسى قبل أن تنصرف أن تمر على رئيس الخزينة فهنال مبلغ محترما من المال خصص لك في هذه المهمة ,رغم أن عميلنا المحترم قد تكفل بكل نفقاتك حتى تعود..إلى اللقاء ياسيد جوناثان.
.
خرج جوناثان من المكتب بعد أن إنحنى إنحناءة إحترام لرئيسه..كان يشعر في قرارة نفسه بالحزن فهو مضطر لمفارقة مينا والتي لايطيق البعد عنها يوما واحدا ,ولكن مقتضيات الواجب ومسئولية المهنة تحتمان عليه السفر بعيدا إلى رومانيا القاصية..
عندما علمت مينا بمهمة خطيبها البعيدة انسابت الدموع من عينيها النجلاوين وأسرعت تدفن وجهها الرقيق في صدر خطيبها وهي تقول منتحبة:
- كان عليك أن ترفض هذه المهمة يا جوناثان..
داعب الشاب شعرها المنسدل وهو يقول:
-لايمكنني ذلك يا مينا..ثم ان الأمر لن يطول..أسبوع أو أسبوعان على الأكثر وبالإضافة إلى ذلك فقد وهبني السيد ويلي مبلغا محترما سيمكننا من الزواج سريعا..
رفعت مينا رأسها :
- أسبوعان..سيمران علي كالدهر..لقد إعتدت على رؤيتك كل يوم..يا إلهي..كيف سأحتمل فراقك!؟..
جوناثان:
- سأكتب لك كل يوم..ستعيشين معي في سفري..ستكون خطاباتي رسولي إليك حتى نلتقي ثانيا.
مينا:
- إن هناك إحساسا يغمرني ,أشعر بالإنقباض لسفرك وأتمنى ألا تبارحني..
جوناثان:
- لأن هذه هي أول مرة نفترق فيها..سأعود إليك سريعا يا حبيبتي وربما أمكننا الزواج بعد ذلك..

تمالكت مينا نفسها..ربما لأنها ادركت أن حبيبها مغادر لا محالة..ولربما هو الأمل الذي بثته كلماته في وجدانها بأن ميعاد إقترانهما قد إقترب وأن مصاعبها المالية قد ذللت تقريبا..
كان وداعا حارا..تخللته الدموع..والإبتسامات..
وكان وجهها الجميل هو آخر ما طالعت عيناه قبل أن يذهب بعيدا إلى غابات ترانسلفانيا القاتمة.

كانت الرحلة من لندن إلى مقاطعة ترانسلفانيا برومانيا بعيدة ومرهقة إلى أقصى حد..فبعد أن إستقل جوناثان القطار من لندن كان عليه السفر عبر الطرق البرية إلى أقصى الشرق..وهي طرق وعرة مقفرة تخلو من الحياة تقريبا إخترقتها العربة التي تجرها ست جياد قوية في ثلاثة أيام فلما إجتازت جبال الكابارات وقف السائق ليحصل المسافرون على بعض الراحة وليقوم بتبديل الخيول المنهكة..وفي تلك الإستراحة وجد جوناثان برقية بإسمه قدمها إليه رجل أحدب متشح بالسواد..فلما تناولها منه أسرع الأحدب مبتعدا دون أن ينطق بكلمة..وتابعه جوناثان ببصره مندهشا فلما أخفاه الظلام فتح البرقية وقرأ فيها:
"ستكون عربتي في إنتظارك عند ممر بورجو"
كونت دراكيولا

لم تحمل البرقية أكثر من تلك الكلمات المقتضبة لتزيده إنقباضا ووحشة بعد تلك الرحلة الطويلة المنهكة..
تمتم جوناثان وهو يضع البرقية في جيب سترته:
- لعلي أجد عند الكونت دراكيولا هذا ماءا ساخنا وسريرا ناعما.
ثم أخذ يرتشف قدح القهوة التي قدمت له في إستراحة الركاب..كان مذاقها غريبا ورائحتها منفرة ولكنها كانت ساخنة على الأقل وهذا ما شجعه على الإستمرار في إحتسائها..
إجتازت العربة ممر بورجو والذي كان المحطة الأخيرة لهذه الرحلة الكئيبة..كان جوناثان هوالراكب الأخيرفقد استمر نزول الركاب في المحطات السابقة ولم يبق سواه..فما إن وطأت قدميه الأرض حتى استدار السائق وهو يضرب ظهور جياده بسوطه الحاد فبدا له وكأنه يفر..
كان الظلام حالكا والبرد وبيلا وأصوات الريح تختلط بحفيف الأشجار لتضفي على المكان رهبة ووحشة عظيمة..ووسط هذه الأصوات المزعجة ترامى إلى أسماعه صوت عواء ذئاب..عواء متصل مخيف وقريب وكأن الذئاب جميعا قد أتت لإستقباله..لم يستطع الرؤية جيدا..ولكنه لاحظ وسط الظلام والضباب عيون لامعة ترمقه..كانت تلك عيون الذئاب بلا شك..واقتربت العيون منه وأصبح صوت العواء قريبا جدا..وتحول العواء إلى زمجرة..زمجرة حيوان أو حيوانات توشك على الثوب نحوه..
صرخ جوناثان..ولكن من الذي سيسمعه وسط هذا المكان المقفر..وفجأة سمع صوت حوافر الخيل تضرب الأرض..كانت عربة يجرها أربعة جياد سوداء تقترب منه..فلما وصلت إليه صاح قائدها فوقفت الجياد على الفور..وفتح بابها تلقائيا..فأسرع جوناثان يثب بداخلها..وعاد السائق يصرخ فتحركت الجياد مسرعة..التقط جوناثان أنفاسه..لابد أن هذه هي العربة التي أرسلها الكونت دراكيولا لتنقله إلى المنزل..
أخرج جوناثان رأسه وقال مخاطبا السائق:
- أشكرك سيدي..لقد كادت الذئاب أن تفتك بي.
لم يرد عليه السائق فعاد جوناثان يدخل رأسه من النافذة الضيقة ووقع بصره على أغرب ماقد يراه إنسان..كان قطيع من الذئاب يتبع العربة..ذئاب ضخمة سوداء لا يظهر منها غير أعينها الحمراء وأنيابهاالبيضاء..
تراجع جوناثان بظهره إلى مقعده وأخرج منديل يمسح جبينه الذي كان يفرز العرق مدرارا رغم البرد الشديد!! ما هذا المكان الذي جاء إليه؟وأين هو من لندن حيث الصخب وملامح الحياة المعروفة!!
لم يطل به التفكير طويلا ,فقد أحس بتوقف العربة فعاد يطل برأسه من نافذتها ليجد السائق قد وقف بها أمام باب حديدي ضخم ثم نزل السائق من مقعده الأمامي ,وتوقف أمام باب العربة ثم فتحه وأشار لجوناثان بالخروج..وفعل الشاب المذعور ذلك ,ولكنه كاد أن يتراجع حين رأى مجموعة الذئاب التي كانت تصحب العربة في رحلتها وقد جلست على قائمتيها الخلفيتين في إنتظار نزوله..كانت أعينها تبرق في ذلك الظلام البهيم الذي ضاعت معه ملامح أجسادها الشديدة السواد ولكن انيابها البيضاء كانت واضحة له..أنياب حادة تنتظر اللحم كي تنهشه..سواء كان لحما لحيوان أو آدمي..كانت جائعة فحسب..وجوناثان بشخصه يمثل وجبة شهية لها..
فلما لاحظ السائق تردد جوناثان في النزول من العربة ونظر إلى حيث نظر هو فوجد الذئاب الجائعة تستعد لتناول وجبتها المنتظرة ,فهم سر تردد الشاب..فصاح في الذئاب صيحة شديدة ففرت تلك مسرعة وسرعان ماغابت في الظلام ونزل جوناثان وحاول أن يحاور السائق قائلا:
- يا إلهي..إن هذه الحيوانات تطيعك طاعة عمياء يا سيد
لم ينطق السائق بكلمة ,وإنما مد ساعديه ليلتقط حقيبة جوناثان من مكانها فوق العربة ثم وضعها أمام البوابة الحديدية ,وقفز إلى مقعده وسار بعربته بعيدا تاركا جوناثان وحده وسط الظلام!!
كان الباب الحديدي ضخما وقد طلي باللون الأسود القاتم والشاب الصغير أمامه يمسك بمقبض حقيبته وهو لا يعلم ما يتوجب عليه فعله ,فليس على الباب مطرقة يدق بها ليعلن وصوله ,وليس فيه فتحة واحدة تظهر ما قد يكون خلفه..إلتفت جوناثان يمينا ويسارا ,فلم يجد إلا ظلاما ولم يسمع سوى زمجرة الرياح..ومع ذلك كان يشعر بأن هناك عيون تراقبه..وفجأة فتح الباب الحديدي على مصراعيه..لم يكن هناك من فتحه ,ولكنه إطمئن قليلا..فعليه الخول والهروب من ذلك الخلاء الموحش..حمل جوناثان حقيبته الثقيلة وسار في درب حجري على جانبيه حدائق طالتها يد الإهمال طويلا ,فلا أثر إلا لنباتات جافة وأوراق أشجار يابسة تتوسطها أكوام من القاذورات والنفايات لتصبح أقرب إلى الخرائب منها إلى الحدائق..ولأنه سار طويلا فقد أعتادت عينيه الظلام شيئا فشيئا ,ولمح أمامه بناءا عظيما يشبه القلعة الحصينة وأوحي له تصميم البناء بشئ ما لم يستطع تحديده ,وسار حثيثا نحوه وهو يمني نفسه بمقعد مريح يجلس عليه أو فراش وثير يرقد فيه..كان مرتعشا..خائفا جائعا ومنهكا ولاشك أنه خلف أبواب هذه القلعة سيجد بعض الراحة..أيا كان ما بداخلها..وكان هناك مجموعة من الدرجات الحجرية علىشكل سلالم تؤدي إلى باب القلعة..صعدها منهكا..فلما وصل إلى الباب وقف قليلا وحاول أن يعدل هندامه فهو سيكون بعد لحظات في حضرة الكونت دراكيولا صاحب القلعة ورب عمله الجديد..شد ياقته وإنتصب بجسده ,ثم خلع قبعته ومر بأصابعه على شعره ليمشطه وأعاد وضع القبعة على رأسه ,ثم مد قبضة يده ليطرق الباب ,وقبل أن تصل قبضته إلى هدفها ,فتح الباب وحده..ولأنه كان قد اعتاد على الغرائب منذ بداية رحلته المشئومة تلك ,لم يهتم كثيرا بل سار إلى الداخل الذي كان مضاءا بأنوار خافتة مصدرها تلك المشاعل المتناثرة على حوائط الردهة الفسيحة سار جوناثان حتى منتصفها ووقف يلتفت حوله وسرعان ما سمع صوتا:
- أهلا بك في منزلي ياسيد جوناثان..
================================================== ==============================
يتبع:)

ريم الشمال
06-07-2006, 16:19
شكرررررررررررررررررررررررررررررررا
والله انك فرحتنننننننني
مرررررررررررررره
وشكرا مره ثانيه اخوي voodoo doll

Rachel Benning
06-07-2006, 20:52
هههههههههههههههه...

وش حيثها ..

طيب انا ابغى روايه .. تنزليها لي ..


8
8
توريطه يافيدو .

yu-sora
06-07-2006, 20:54
شكرا انا قرأتها وحبيتها ,
كان الكاتب بسمي الكتاب " الذي لا يموت" بعدين غيره

Voodoo Doll
06-07-2006, 20:59
لا شكر على واجب ريم :):)
وأتمنى إن القصة تعجبك:مرتبك: :مرتبك:
وسلام..

Voodoo Doll
06-07-2006, 21:07
شكرا NORY التوريطة الجميييييييييييييييييييييلة :) :)
وياريت تورطيني كمان وكمان:D :D

Voodoo Doll
06-07-2006, 21:25
شكرا انا قرأتها وحبيتها


شكرا yu-sora على مرورك الغالي..
:) :) :)

Voodoo Doll
08-07-2006, 03:26
البقية:
---------------------------------------------------------
...كان صوتا رهيبا عميقا وكأنه قد أتى من دروب الأرض السفلى ,زادته وحشة المكان رهبة وجلالا..
إلتفت جوناثان بسرعة ناحية مصدر الصوت فوجد أمامه رجلا مهيب الطلعة يميل جسمه إلى الطول ,يرتدي روبا فضفاضا تعلوه عباءة طويلة حمراء اللون.
إنحنى الرجل إنحناءة خفيفة وفعل جوناثان مثله وعاد الرجل يقول:
- أرجو أن تجد راحتك هنا بعد رحلتك الطويلة ياسيدي أرجو هذا فقد كانت رحلة طويلة وشاقة أيضا.
أشار الرجل إلى جوناثان بأن يتبعه ,وسارا إلى حيث غرفة جانبية على يمين الردهة..فلما دخلها لاحظ جوناثان وجود مائدة ضخمة وسطها وقد إصطفت على جانبيها مجموعة من المقاعد الثمينة..جلس الرجل على إحداها وأشار لجوناثان إلى مقعد في مواجهته..فلما جلس أخذ جوناثان يتأمل وجه الرجل خلسة ,كان وجهه طويلا ولونه شاحبا لا أثر لجريان الدماء فيه ,وكأنه وجه رجل ميت لا حياة فيه ,وكانت عيناه غائرتان يظهر عليهما التعب الشديد وكأنه لا ينام أبدا ,أما أسنانه التي كانت تلوح له أحيانا فقد كانت صفراء حادة تشبه أسنان الحيوانات العقورة.
بادر الرجل بالحديث:
- أنا الكونت دراكيولا آخر من تبقى من ذرية دراكول التي قد تكون قد سمعت عنها من قبل..
أجاب جوناثان متلعثما:
- الواقع..ياسيدي..أنا...
قاطعه الكونت وهو يبتسم ابتسامة خفيفة لاحت معه أسنانه المفزعة مرة أخرى:
- دراكول أيها الشاب هي أشهر عائلات أوروبا في العصور الماضية ويعني إسمها التنين ,لقد خاضت عائلتي حربا ضروسا ضد الأتراك وأعداء الدين لذلك سيبقى اسمها خالدا مدى الدهر..
قال جوناثان وهو يتحاشى النظر إلى وجه محدثه المخيف:
- متى سنبدأ العمل ياسيدي؟
ضحك الكونت ضحكة قصيرة وقال همسا:
- أنتم أيها الشباب متحمسون جدا ,رويدك ياسيدي فعليك أن ترتاح جيدا أولا بعد رحلتك الطويلة..
ثم مد الكونت يده إلى طرف المائدة وأمسك بزجاجة من الشراب وصب في كأس صغير وناولها قائلا:
- ستشعر بالدفء بعد هذا الشراب.
تناول جوناثان الكأس شاكرا وقبل أن يرفعه إلى فمه سأل الكونت:
- وأنت ألن تشرب ياسيدي؟
أجابه الكونت:
- أنا لا أشرب أبدا..تفضل أنت..
شرب جوناثان شرابه بسرعة..وجلس صامتا ,محني الرأس فهو إلى ألآن لم ينظر إلى وجه الكونت جيدا..شيئا ما في نفسه جعله يتحاشى النظر إليه..وربما كان هذا بسبب هيئة الكونت نفسه ,فقد كان رجلا مهيبا ,عميق الصوت يبدو آتيا من الغيب ,فلما طالت فترة الصمت رفع جوناثان عينيه فجأة ليبصر الكونت محدقا في وجهه وهو يبتسم ,تلاقى الوجهان كانت عيني الكونت زرقاوين زرقة غريبة وكان بياضهما يميل إلى الإحمرار كالذي تجده عند هؤلاء المصابين بالأرق المزمن ,أو الخارجين لتوهم من نوبة بكاء متواصلة ورغم نظراته الغريبة فقد كان فيها سحرا خفيا ,كانت نظراته أخاذة تصيب من ينظر إليها بما يشبه التنويم المغناطيسي الذي يفقد المرء فيه كل حواسه ويصير عبدا طائعا لا إرادة له ولا قوة..ربما تعمد الكونت أن يلاحظ جوناثان نظراته ,ربما كان يريد أن يسيطر عليه بنحو ما ,ولغرض ما ,ولكن جوناثان هز رأسه وكأنه يحاول أن يفيق من غفوة أو شرود ذهنه..
قال الكونت:
- ستذهب ألآن لتنام..سأدلك بنفسي إلى غرفة نومك فأنا لا أحتفظ بخدم هنا..
قال جوناثان:
- ومن يعتني بشئون القصر ياسيدي؟
أجاب الكونت:
- هناك بعض أهالي القرية المجاورة ,يأتي بعضهم إلى هنا لأعمال النظافة وتلبية بعض الإحتياجات ,عدا ذلك فأنا أوثر الوحدة..ففي الوحدة يستطيع المرء أن يفكر جيدا..ويسترجع ماضيه ,ويتنبأ بخطواته القادمة أما الجلبة والصخب فهما كفيلان بتبديد السكون وإشاعة الفوضى..ألست من رأيى ياسيد جوناثان؟
أجاب جوناثان وهو يحاول أن يلقي بإجابة مرضية:
- نعم ياسيدي..ولكن المرء لا يستطيع أن يحيا وحده طوال الوقت..
ضحك الكونت ضحكة قصيرة وقال:
- على العموم..لست وحدي تماما..هيا..تعال لأدلك على غرفتك.
هب الكونت واقفا بقامته المديدة..وخرج من الغرفة وجوناثان يتبعه وهو يتجول ببصره في أرجاء المكان..كان المنزل كله يفتقد إلى العناية والنظافة ,بدت نوافذه وكأنها لم تفتح أبدا فشاعت رائحة منفرة بالمكان..رائحة التراب الممزوجة بالعفن والرطوبة كتلك الرائحة التي يشمها زائر المقابر أو مقامات المنبوذين والمشردين..
صعد الكونت درجات حجرية قليلة تؤدي إلى ردهة أخرى واسعة ,ثم توقف أمام باب خشبي عتيق أدار المفتاح في فتحته ,فأحدث صريرا مزعجا حين فتح ,مما يدل على طول الفترة التي بقى فيها مغلقا..كان هناك سريرا واسعا يتوسط الغرفة..وعلى يمين هذا السرير وضع مكتب صغير ومقعد أمامه..وفي أقصى الغرفة كان هناك حوضا صغيرا يعلوه صنبورا عتيقا ومرآه صغيرة ,وعلى جانب الحوض وضعت بعض المناشف الصغيرة وبعض الأدوات اللازمة..كان جوناثان ينظر إلى كل هذا وهو يسأل نفسه أين ثراء هذا الكونت وثروته ,إن المكان يشبه البيت المهجور ,لا إضاءة فيه ولا حياة ,وتلك الغرفة التي خصصت له أشبه بغرف المساجين المحكوم عليهم ,بالإضافة إلى أنه لم يعرض عليه تناول أي طعام وهو يكاد أن يموت جوعا بعد تلك الرحلة الطويلة..وكأن الكونت كان يقرأ أفكاره فقال:
- سأتيك ببعض الطعام البسيط مؤقتا وفي الصباح ستجد كل ما تشتهيه أمامك وألآن سأتركك لتسترح على أن نبدأ مساء الغد في عملنا.
قال جوناثان:
- ولماذا لا نبدأ في الصباح؟
أجابه الكونت وهو ينصرف:
- أنا لا أعمل في الصباح أبدا..إن نور النهار يؤذي بصري..ثم إني أقضي الليل كله مستيقظا ,فلا لي إلا في النهار..
فلما لاحظ الكونت دهشة الشاب استطرد قائلا:
- إنها بعض عاداتي ولا حيلة لي فيها عدا ذلك فأنا مثل أي شخص آخر..عمت مساءا ياسيد جوناثان.
انصرف الكونت وبقي جوناثان وحده يفكر في الأحداث القليلة التي وقعت قبل دخوله المنزل..فالكونت كما قال لا يشرب أبدا..كما أنه لا ينام..وهو على ما يبدو لا يأكل..ثم ماذا يفعل الخدم اللذين يأتون من القرية المجاورة كما قال ,هل ينظفون المكان أم يزيدونه قذارة!؟
أيقن جوناثان أنه في مكان غريب بكل معنى الكلمة ,وصاحبه أكثر غرابة ولكن عليه أن يقضي مدة عمله فيه ثم يعود إلى لندن حيث حبيبته مينا وإلى حيث سيكون بمقدوره بالمكافأه التي وعد بها أم يتم زواجه ,وساعتها لن تجبره قوة في الوجود على ترك مينا الرقيقة..
أثارت ذكراها مخيلته ,فقفز إلى سريره بملابسه تداعب خيالاته صورة مينا ,حركاتها وسكناتها ,حديثها وضحكتها ,كلماتها التي تؤجج مشاعره وتزيده وجدا وهياما..هاهو يتذكرها ويتخيل نفسه في لندن..يسيران جنبا إلى جنب فيثيران إعجاب الناس..أين هي تلك اللحظات الجميلة من ذلك الذي هو فيه ألآن؟..خراب ,رائحة عفنة وشخص غريب مخيف سواء في هيئته أو حتى اسمه ,..كونت دراكيولا..
سرعان ما غرق في نوم من أثر التعب والإرهاق ,ونتيجة لهذا السكون المهيب الذي يحيط به من كل جانب..
ولكنه استيقظ فجأة على صرخة مرعبة لا يدري مصدرها..
كانت الصرخة مدوية أصدرها صاحبها أيا كان بصوت حاد تدل على شدة الألم وهول المصاب..ثم تبعت تلك الصرخة أصوات كثيرة..ألم يقل الكونت أن القلعة خالية إلا منه!!..وأنه لا خدم لديه ولا أتباع..فمن أين أتت تلك الأصوات الكثيرة .ومن هو صاحب الصرخة المريعة..مرة أخرى راح في نوم عميق..ليس بفعل الإرهاق والسكون كما راح أول مرة ,وإنما بفعل الخوف الشديد..
لنترك جوناثان قليلا في محنته..ونذهب بعيدا مرة أخرى إلى لندن..

كانت مينا الجميلة جالسة في شرفة قصر صديقتها الثرية "لوسي وستيرنا" وهي فتاة رقيقة في مثل عمر مينا تقريبا ترك لها والدها ثروة هائلة جعلت منها إحدى سيدات مجتمع لندن الأرستقراطي ,ورغم ثراؤها ,وتواضع حال مينا إلا أن هذا لم يباعد بينهما وقد أصرت لوسي أن تقيم مينا معها طول الفترة التي سيبقى فيها جوناثان غائبا..فمينا كانت تشعر بالأسى لفقدانها حبيبها مؤقتا ,ولعل وجودها في صحبة لوسي تنسيها آلام الفراق وبعد الحبيب ,كانتا تقضيان معظم الوقت في الحديث..مينا تتحدث عن جوناثان وحبهما الناجح ,ولوسي تحدثها عن خطابها العديدين الذين يطلبون الزواج منها ثم يبدءا في استعراض هؤلاء الخطاب.
موريس..الضابط بالجيش الشاب الوسيم الذي تتهافت الفتيات عليه بقامته الممشوقة وحديثه الجذاب ,جاك الطبيب اللامع وذو المستقبل الباهر والذي لا يعيبه سوى الإهتمام الزائد بعمله وشغفه به الأمر الذي قد ينسيه كل ما حوله ,وآرثر..سليل النبلاء ,العاطل الثري الذي تملأ سيرة مغامراته العاطفية كل أوساط لندن..
قالت مينا مازحة:
- إنني أرى أفضلهم هو الدكتور جاك فهو بالإضافة إلى غزارة علمه وسعة أفقه يبدو شخصا محافظا محترما.
أجابت لوسي:
- نعم..ولكن من كانت مثلي تستعذب الكلام المعسول ,وعبارات الحب والغرام..أما جاك فسيلقي على أسماعي أخبار الإكتشافات العلمية الحديثة وطرق علاج الحمى وقرصات البعوض..
مينا:
- وموريس؟
- آه إنه وسيم جدا ولكنه مغرور ,والرجل إن كان مغرور سرعان ما يزهد في زوجته.
مينا:
- حسنا..وآرثر..
أسلبت لوسي عينيها وقالت بصوت حالم:
- هو أقربهم إلى قلبي..
مينا:
- ولكنه زئر نساء!!
لوسي:
- إنني أتذكر دائما حديث والدتي إلي..كانت تقول لي أن الرجل صاحب المغامرات العاطفية سرعان ما يستقيم بعد الزواج..ومع ذلك..فإنني أشعر أنني سأجد سعادتي في الزواج به سواء استمر في عاداته أم لا..وأنت يا مينا..هل تحبين جوناثان؟
مينا:
- آه من آلام الفراق..تسأليني إن كنت أحبه؟..نعم..نعم يا لوسي إنني لا أحتمل بعده وإن قصرت مدته ,ولا أظنني أستطيع بدونه...
لوسي:
- ولكن الحب خرافة..أراهنك أن قلبك ربما يتحول لو وجدتي من هو أكثر وسامة منه..أو أكثر ثراء أو وجاهة.
مينا:
- إياك والحديث عن جوناثان بهذه الصورة ,أنا أعلم أن هناك من هو أجمل منه ,أكثر ثراء..ولكن للقلب أحكام ولا سلطان لنا عليه..
ضحكت لوسي ضحكتها العذبة المألوفة وقالت:
- أما أنا فلا أؤمن بالحب..إن الحياة أقصر من أن نقضيها في أسر رجل واحد..الحياة قصيرة يا صاحبتي وكل الذي علينا أن نستمتع بكل لحظة فيها ,ففي القبر لا حبيب ولا أنيس..فقط المجهول..اليوم لك ولا تعرفين أبدا ما هو آت.
مينا:
- لا..لن يفرقني عن جوناثان إلا الموت ,وربما إلتقينا بعده..أنت يالوسي تتكلمين هكذا لأنك لا تعرفين معنى الحب كل ما يعطيه قلبك هو الإعجاب ..أو حب التملك.
واشتد بهما الجدل اللطيف في هذا الموضوع .فلوسي لن تتغير أبدا فهي ستبقى دائما تلك المرحة الجميلة التي تستغل كل شئ كي تسعد نفسها ,وستبقى مينا تلك الفتاة المحبة صاحبة الأحلام الوردية التي تنتظر حبيبها وتخلص له في حضوره وغيابه..شتان ما بينهما ولكن هذا التناقض في شخصيتيهما واختلاف وجهتي نظريهما في مواضيع شتى لن يفقد ما بينهما..سيبقيان صديقتان حميمتان.
* * *
ومازلنا في لندن..وبالتحديد في المصحة العقلية حيث لازال وينفيلد المسكين حبيس غرفته..أو زنزانته الضيقة..كان في نوبة هياج شديد لم يعتادها الأطباء منه ,كان يمسك بقبضتيه قضبان زنزانته الحديدية وهو يصيح ويصرخ بهيستيرية:
- إنه آت..لقد اقترب وصول سيدي ,لقد أخبرني بذلك وحين يصل سيحررني ,هكذا وعدني..سيدي لا يخلف وعده أبدا.
ثم ترك قضبان النافذة ,وأخذ يذرع زنزانته الضيقة جيئة وذهابا وهو يتمتم:
- أنا جائع..أنا جائع جدا..وقواي تخور..لابد أن أبقى قويا لأكون في صورة مناسبة عندما يأتي سيدي..الملاعين لا يعطوني ما يكفيني من الطعام..ألا يعرفون أنني يجب أن أكون بصحة جيدة حتى ألقى رضا سيدي..آه..لابد أن أعتمد على نفسي.
وجال ببصره في غرفتة القذرة..ووقع بصره على فأر صغير يحاول الهروب من أي منفذ قريب فوثب عليه ,وقبض عليه بأصابعه..ثم رفعه إلى وجهه وهو يقول:
- يالحظي السعيد..أطلب أي طعام فأجد لحما شهيا..
ثم قضم جسم الفأر بأسنانه وابتلع معظمه فسالت دماء الحيوان من فمه بعد أن أصدر صراخا حادا..ولكن وينفيلد التهم بقيته وهو يقول:
- كل حياة أبتلعها تمنحني حياة زائدة..
ثم لعق أصابعه الملطخة بالدماء بلسانه وهو يقول:
- الدم هوالحياة..أنا ألآن في أحسن حال..فليأت سيدي ألآن وسيجد خادمه المطيع مستعد لخدمته!!
-----------------------------------------------------------------
يتبع....:ميت:

nickcarter_2
08-07-2006, 07:03
الله يعطيك العافية وياليت تكملين الباقين
وكم عدد فصول القصة؟

Voodoo Doll
08-07-2006, 20:14
الله يعطيك العافية وياليت تكملين الباقين
شكرا على المرور محمد00002 وأنا الله بحاول أخلصها في أسرع وقت..

وكم عدد فصول القصة؟
القصة 6 فصول.. وما تسألنيش أنا نزلت كام فصل؟:D :D :rolleyes:

ريم الشمال
09-07-2006, 00:49
الله يكون بعونك اختي فيدو
والله يسعدك واذا تبين روايه وعندي ... ما عندي مانع انزلها لكي

Voodoo Doll
12-07-2006, 18:30
شكرا ريم ..
وأنا آسفة جدا ع التأخير..
المرة دي الفصل قصير إلى حد ما..هحاول ما أتأخرش..

Voodoo Doll
12-07-2006, 18:34
التكملة...
----------------------------------------
2- قلعة دراكيولا
-----------------
عندما أفاق جوناثان من سباته ,كان يشعر بالحيوية والنشاط بعد كل ما لاقاه من تعب ومشقة وبعض الفزع في ليلته الفائته..استيقظ جائعا ..فأبصر على المكتب الصير صينية صغيرة مغطاة بقطعة قماش رقيقة ,أزاحها فوجد ما يمكن أن يعتبر إفطارا مقبولا ,قطعتين من التوست وبيضا مقليا وكوبا من اللبن فانهمك في تناول افطاره وهو يستعيد بذاكرته أحداث الليلة الماضية ,وفكر في إنه فد يكون مغاليا في شعوره بالرهبه من الكونت دراكيولا ,ربما كان مجرد شخصا عاديا ذو طبائع غريبة فحسب..وأرجع رهبته منه إلى ما لاقاه من كد وتعب في سفره وسط الظلام..والضباب والذئاب..أما ألآن وقد نهض معافيا فهو يشعر بالنشاط ,والرغبة في بدء الأعمال المطلوبة منه ولكن الكونت أخبره أنه لا يعمل إلا في المساء..فأين سيقضي فترة النهار هذه؟
أخرج من حقيبة سفره صورة مينا التي كانت في إطار صغير أنيق ,وأخذ يتأملها ويحدثها بصوت هامس وكأنه يراها وكأنها تسمعه..ثم خطرت له فكرة أن يتجول في قصر مضيفه ,كطريقة يقتل بها الوقت وليرضي أيضا فضوله تجاه هذا المكان الغريب..بدا له المكان وقد تسلل إليه نور الشمس أقل وحشة وكآبة..ولكنه على العموم كان لا يدل إطلاقا على ثراء صاحبه المشهور..فعندما كان رب عمله يحدثه عن دراكيولا بدا وكأنه يحدثه عن ملك ,ويصف له حياة مرفهة لا عناء فيها .حياة شخص يشتري بعض العقارات الفخمة في لندن وفي ظل الإرتفاع الشديد في أسعار تلك العقارات فلابد أن يكون الكونت دراكيولا شخص عظيم الثراء..
سار جوناثان في ردهات القلعة..وأخذ يلمس بيديه بعض محتوياتها..كالسيوف المعلقة على حوائطها وكانت كثيرة ومنتشرة في معظم الحوائط ,والشمعدانات الثقيلة والكؤوس الغريبة الشكل..وأخذ يتأمل الصور المعلقة على الحوائط..لابد وأنهم أجداد وآباء دراكيولا فهم يشبهونه كثيرا..صورا يتسم أصحابها بالهيبه والجلال وقد ارتدى معظمهم الألبسة العسكرية وبزات الحرب ,وازدانت صدورهم بالأوسمة والنياشين..ألم يقل له دراكيولا أنه آخر سلالة دراكول التي تحملت مسئولية حماية الدين ضد غزوات البرابرة والأتراك..لاشك إذن أنها أسرة ذائعة الصيت ذات بصمات وعلامات في التاريخ ,وشعر جوناثان بالزهو وهو يفكر أنه يكفيه فخرا أنهسيعمل ولو لفترة محدودة عند هذا الرجل ذي التاريخ المجيد..
أخذ يتابع الصور وهو يتخيل أصحابها وكأنهم أحياء..وفجأة تسمرت قدماه عند أحد الصور المعلقة.
كانت الصورة لأمرأة شابة..تدل ثيابها على الفترة التي عاشت فيها والتي قد تعود إلى مائتا سنة ماضية..كانت تضع حول عنقها قلادة صغيرة وتشع من عينيها نظات ساحرة ,كانت آية في الجمال والحسن تبدو كالقديسات في طهرها ووداعتها..ولكنها كانت تشبه مينا خطيبته كل الشبه..بحيث يظن الناظر إليها أنها مينا نفسها وقد أسلمت نفسها للرسام الذي أخرجت فرشاته تلك التحفة الرائعة..وأقترب جوناثان من اللوحة أكثر وأكثر..ثم أخرج صورة مينا من جيب سترته ووضعها بجانبها على الحائط ,كانت الصورتان متطابقتان تطابقا غريبا تبدو كأنها مينا فعلا أو على الأكثر أمها..أو جدتها..ولكن مينا حبيبته لم تغادر لندن مطلقا..وحسب علمه فهي لا تنتمي أبدا لتلك البلاد البعيدة..
ربما كان مجرد شبه ,ربما صادف وكان هناك من يشبه مينا ,أو كانت مينا شبيهة لسيدة ما.وفزع جوناثان إذ فكر في أية صلة تربط مينا بهذا المكان الكئيب ,أو أسرة دراكيولا الغامضة...فأعاد صورة مينا إلى جيبه وسار يواصل جولته في القلعة وإن كان موضوع الشبه ذلك لم يبرح مخيلته مطلقا..
قادته قدماه إلى سلم ضيق تقود درجاته الحجرية إلى أسفل القلعة..فهبط درجات السلم بحرص فقد كانت معظم درجاته مكسورة وربما إن زلت قدماه سقط في هوة لا يعرفها..انتهت درجات السلم إلى باب خشبي ثقيل..دفعه بيده فانفتح محدثا صريرا مزعجا..فكر أن يتراجع ولكن الفضول قد يغلب الحرص أحيانا فدخل..ووجد نفسه داخل غرفة واسعة لا نافذة فيها ولا أية وسيلة للتهوية ساد فيها الظلام بدده قليلا ذلك الشعاع من الضوء الآتي من الأعلى..كانت أرضية الغرفة من التراب الرطب أما داخل الغرفة فقد اصطفت مجموعة من التوابيت الحجرية..كانت رائحة العفن تسود المكان والحشرات الزاحفة تتجول فيه بحرية إذ لم تعتد على وجود أحياء غيرها فيه..ولاحظ جوناثان أن غطاء أحد التوابيت الحجرية قد تزحزح عن مكانه قليلا..ودفعه الفضول مرة أخرى إلى ما قد يكون نهاية حياته..وتقدم من الغطاء الحجري وحاول إزاحته أكثر ليستطلع ما بداخله.. ,ولكنه كان ثقيلا جدا فحاول دفعه جاهدا بكلتا يديهوبعد جهد استطاع أن يبعده عن مكانه بحيث يستطيع أن يرى ما بداخله..ويالهول ما رأى..
كان الكونت دراكيولا راقدا بداخله ,لا حياة فيه وقد غمره التراب ,تراجع إلىالوراء مرعوبا والتفت يحاول الهرب من هذا المكان المفزع ,ولكنه عاد ودفع الغطاء فوق الضريح مثلما كان..
وأسرع إلى السلم الحجري وصعده..ثم إلى غرفته وهو يلهث....
---------------------------------------------------
يتبع...

ريم الشمال
14-07-2006, 06:21
على مهلك حبيتي والله ماني مستعجله اللي يريحك ومتى ما تبغي تكتبي اكتبي

Voodoo Doll
16-07-2006, 00:59
على مهلك حبيتي والله ماني مستعجله اللي يريحك ومتى ما تبغي تكتبي اكتبي
i'm so sorry Reem for late..
i'll try to be fast..:D :D

Voodoo Doll
16-07-2006, 01:03
الفصل الثاني..
-----------------------------------------------------------------------------
3- جوناثان حبيس القلعة
----------------------------------
- عندما ملك جوناثن رباطة جأشه ,وعاد الهدوء إلى نفسه قليلا أخذ يفكر بروية في الأحداث الماضية كان يمكنه تقبل فكرة وجود ذئاب متوحشة من حوله ,وأن يجد تفسيرا لسكنى الكونت دراكيولا داخل هذه القلعة المهجورة..فقد اعتاد أن يكون للأثرياء نزعات وعادات غريبة ,ولكن مالا يجد له تفسير مقنع هو شخصية الكونت دراكيولا نفسه ,فهو كما قال عن نفسه لا يأكل..ولايشرب ولاينام!!
وهاهو يشاهد فراشه فيجده تابوتا حجريا عفنا!!ثم ما هو سر تلك الصيحات المفزعة التي أيقظته من نومه العميق!!..إن كل شئ يدور حوله غريب ,ومخيف ولولا ما هو مجبول عليه من ثبات وجرأة..لشد زحالة عائدا إلى لندن حيث تسير الحياة بصورة طبيعية ,لا ذئاب فيها ولا صرخات ولكنه كان مصرا على إنهاء الأعمال التي كلف بها ,ففي ذلك إثباتا لجدارته في المقام الأول ثم يأتي بعد ذلك العائد المادي الذي قد يعود عليه من أداء هذه المهمة..وعزم أمره أن يستقبل كل الأحداث والمشاهد الغريبة بصورة طبيعية ,فلا شأن له أن نام الكونت في فراش الملوك أو في توابيت الموتى ,ولن يعنيه إن كان الكونت يأكل أو لا ينام أو بقى مستيقظا الدهر كله..
أحس بروح العزيمة تملأ كيانه ,وعاد تقريبا إلى حماسه المعروف وعاد تقريبا إلى حماسه المعروف وعقد العزم على بداية العمل مع مستخدمه الغريب..
قام وتوجه إلى الحوض الصغير في أقصى الغرفة ,ونظر للمرآة متحسسا وجهه..ثم شرع في حلاقة ذقنه وهو يتمتم بلحن أغنية صغيرة كان كثيرا ما يرددها مع مينا ,رغم صغر حجم المرآه إلا أنها كانت تعكس له معظم أنحاء غرفته الصغيرة..كان ينظر إليها وهو يمسك بالموسى يجتز بها شعيرات ذقنه..وفجأة شعر بيد تلمس كتفه ,فالتفت بسرعة محدثا جرحا صغيرا في خده من أثر المفاجأة ,كان الكونت دراكيولا خلفه فقال جوناثان:
- لقد أفزعتني ياسيدي فأنا لم أشعر بدخولك..
لم يجبه الكونت بل حدق في وجه الشاب وهو ينظر إلى الدم المسال على خده نظرة غريبة لم يستطع جوناثان فهم مغزاها..فنظر إليه بدهشة..
ولاحظ الكونت ذلك فقال بصوت مرتعش:
- لقد جرحت نفسك أيها الشاب..كن أكثر حرصا..فالدم ثمين وحرام أن يذهب هدرا؟..
لم يفهم جوناثان هذه الكلمات ,ومد الكونت يده النحيفة والتقط بأصابعه الموسى الملوث بالدم قائلا:
- اترك هذا الموسى الملوثة وسآتيك بآخر نظيف..
ثم دار الكونت بجسمه..بحيث لا يلحظ جوناثان مايفعله..قرب الكونت السلاح من فمه ,ثم أخرج لسانه ولعق الدماء الموجودة على الموسى!!
لم يشاهد جوناثان تلك الفعلة..ولكنه كان متحيرا ,وقد نظر عفويا إلى المرآه فلم يجد صورة الكونت الماثل بظهره أمامه!!
أما الكونت فقد استدار مرة أخرى في مواجهة جوناثان وقد انفرجت أساريره قليلا..كان يبدو مسرورا منتشيا وقد أخذ يمرر لسانه على شفتيه..ولم يفهم جوناثان دافعه إلى ذلك..
قال الكونت:
- بعد أن تنتهي من شئونك سنبدأ العمل فورا..أخرج الأوراق التي يتعين علي توقيعها..يجب أن يكون كل شئ جاهزا قبل سفري إلى لندن..
أجاب جوناثان:
- لندن..هل ستذهب إلى لندن؟..
قال الكونت:
- نعم قريبا..يجب أن أتفقد ممتلكاتي الجديدة هناك..ثم انني أرغب في رؤية بلادكم الجميلة كما تصفونها..
وخرج الكونت من الغرفة ,وبقى جوناثان يفكر..كيف لا تنعكس صورة هذا المخلوق في المرآه؟..ومامعنى قوله أن الدم ثمين!؟..ثم ما تلك الهيئة المفزعة التي ظهر بها الكونت أمامه ,فهو لم يتسنى له تأمل الكونت في الليلة الماضية ربما للتعب الذي أصاب جسمه من جراء الرحلة السوداء ,ولقصر المدة التي لاقاه فيها ,أما ألآن وفي الصباح فقد منحت له الفرصة لمعرفة تفاصيل جديدة..كان الكونت مديد القامة إلى حد ملحوظ يتسم بنيانه بالنحافة ,ورغم نحافته كان يبدو مهيبا وقورا وقد تدثر بثيابه السوداء وعباءته الطويلة الحمراء..وكانت أصابعه التي قبض بها على رسغه ليتناول الموسى طويلة..ونحيفة منفرة المنظر وقد أطال أظافره لتبدو كالمخالب أو أشد فتكا..
شئ ما يحدث في هذه القلعة..وأمر غامض يكتنف شخصية الكونت المخيفة ,هذا ما جزم به جوناثان وقد وطد العزم بأن يزيح السر عنم كل هذا الغموض وتلك الأسرار التي تحيط به تماما..
* * *
جلس الكونت على مقعده في الردهة المعتمة..بينما كان جوناثان يعرض عليه بعض الأوراق وهو يشرح مضمون ما فيها كان دراكيولا يهز رأسه بين الحين والآخر متفهما ما يلقيه جوناثان على مسامعه..ثم عرض عليه الأوراق لتوقيعها ففعل الكونت بيده المخيفة..لاحظ جوناثان أن الكونت كان يرمقه بنظره غريبة تغاضى عنها في سبيل لهو أعماله..وقال الكونت فجأة:
- قل لي يا سيد جوناثان..ما هو رأيك في قلعتي!؟..
أجاب جوناثان بأدب:
- انها رائعة يا سيدي ,فهي مقامة على مساحة شاسعة ,وموقعها فريد..لكن ينقصها بعض العناية والاهتمام..
رمقه الكونت بنظراته الأخاذة مرة أخرى ثم قال:
- آه منكم معشر الشباب ,اسمع جوناثان..مثلكم الأنجليزي يقول أن الفضول قتل القطة. أليس هذا ما تقولونه!؟
أجاب جوناثان وهو يزدرد لعابه:
- نعم..هذا مثل شائع في انجلترا ياسيدي..
الكونت:
- هل أنت فضولي ياسيد جوناثان؟
فاجئه السؤال..ولكنه أجاب بسرعة:
- إلى حد ما ياسيدي.
نظر الكونت إلى عينا الشاب وقال:
- أظنك كنت فضوليا بعض الشئ في الليلة الماضية..فقد أحسست بك أثناء رقودي في مخدعي..
أدرك جوناثان أن الكونت يحاول استدراجه..فأجاب:
- لا..يا سيدي..كل مافي الأمر أنني استيقظت على صوت صرخات رهيبة..فكان طبيعيا أن أبحث عن مصدرها ,وساقتني قدماي إلى حيث مخدعك.
ضحك الكونت ضحكة دموية ثم قال:
- أنت شاب ذكي..تستعمل نفس الألفاظ التي أستعملها..
جوناثان:
- أنا لا أفهم ياسيدي؟..
الكونت:
- لا..بل تفهم..الواقع يا سيد جوناثان أن النوم كان يمثل دوما مشكلة لسلالتنا..فقد اعتدت على مثل ما اعتاد عليه أبائى وأجدادي..فنحن لاننام..كل مايلزمنا هو السكون قليلا..ألم تسمع هؤلاء الذين يحبون النوم وهم يسمعون خرير الماء؟..أو هؤلاء الذين لايستطيعون النوم إلا في الضوء ,أو في الظلام..؟ أعتقد أنه من الممكن أن تكون لي عادات خاصة في النوم فأنا لا أرقد إلا داخل تابوت..والأكثر من ذلك يجب أن يكون التابوت مليئا بالتراب!!..
لاحظ الكونت الدهشة على وجه جوناثان..ولكنه تجاهلها واستطرد قائلا:
- للأسف ياسيد جوناثان أن الفضول دائما يضر ولاينفع.
لاحظ جوناثان نظرة التهديد في كلام الكونت..ولم يعرف بماذا يجيبه ,فبقى صامتا منتظرا أن يكمل الكونت حديثه..ولكن هذا قال:
- على العموم..هذا لا يهم..فلنتحدث في الأعمال قليلا..أعتقد أنني أصبحت بعد توقيع تلك الصكوك المالك الرسمي للعقارات المذكورة فيها أليس كذلك؟
أجاب جوناثان بأدب:
- نعم ياسيدي..وستقوم مؤسستنا كالمعتاد بلإيداع تلك الصكوك في خزانة البنك مع احتفاظك بالطبع بنسخ منها..
قال الكونت:
- نعم..نعم..هذا مناسب جدا..بقي أن أكلفك بأمر آخر يا عزيزي جوناثان انه عمل إضافي وسأجزل لك العطاء عنه بالطبع..
أجاب جوناثان:
- أنا في خدمتك دائما ياسيدي..
فرك الكونت يده بأصابعه..وقال:
- سأكون مشغولا تماما في الفترة المقيلة..وعليك أن تعد ترتيبات السفر ,سأكتب لك قائمة بالتجهيزات التي أريدها..وسيقوم رجال القرية بتنفيذ كل أوامرك بشأن إستيفاء ما فيها..هل يمكنك فعل ذلك؟..
أجاب جوناثان بحماس وهو يحاول كسب ثقة الكونت المخيف:
- نعم يا سيدي..بالتأكيد.
هب الكونت واقفا وهو يقول:
- حسنا..وألآن سأنصرف لقضاء بعض الأعمال الهامة..وتذكر ياسيد جوناثان اكبح جماح فضولك قليلا..فالمرء لا يعرف بالضبط عواقب أفعاله التي يأتيها بغير عمد أو قصد..تذكر هذا جيدا..
* * *
-----------------------------------------------------------------------------
يتبع بقية الفصل......

ريم الشمال
19-07-2006, 09:27
مشكوووووووووووووره فودو على التكمله يا عسل

ريم الشمال
19-07-2006, 09:27
مشكوووووووووووووره فودو على التكمله يا عسل

Voodoo Doll
21-07-2006, 15:28
التكملة.....
---------------------------------------------------
نعود مرة أخرى إلى لندن التي يشتاق إليها جوناثان كثيرا..
كانت لوسي الثرية تقيم حفلا في قصرها ,وهو أمر اعتادته دائما ,فالأسر الثرية كانت تقيم حفلات التعارف بين الحين والآخر..كفرصة للألتقاء واختيار الزوجات والأزواج ,وتبادل الحاديث والأتفاق على بعض الشئون التجارية..وغير ذلك..
بدت لوسي في قمة تالقها ,وبدت مينا في أروع صورها وهي ترتدي ذلك الرداء الثمين الذي أعارتها اياه صديقتها الحميمة..كانت نظرات الإعجاب الآتية من شباب العائلات الأرستقراطية تكاد أن تلتهم الفتاتين الجميلتين..وكان ضمن الحاضرين الشباب الثلاثة الذين يتنافسون على حب لوسي..جاك الطبيب وآرثر العاطل الثري وموريس صاحب الصولات والجولات في ميدان الحب والغرام!..كان كل منهم ينظر إلى لوسي بين الحين والآخر محاولا لفت انتباهها والماكرة كانت تعرف ذلك فلا تلتفت لأي منهم وهي تهمس لمينا بين الحين والآخر.
- هل تلاحظين ما يفعله آرثر؟..انه يتجاذب الحديث مع كل الفتيات اللاتي حضرن على ظن منه أن هذا سيشعل غيرتي..ولكن تبادله..
أو تقول..
- انظري إلى الدكتور جاك انه يتحدث بكل اهتمام إلى هؤلاء الرجال العجائز..لعله يلقي على مسامعهم محاضرة علمية أو يقص عليهم أخبار فاقدي العقول في مصحته..كانت الحفلة صاخبة..والضيوف ينتشرون في أرجاء البهو الواسع وقد حمل معظمهم كؤوس الشراب أو أطباق الطعام..يتناولونها في شغف وتلذذ غير مبالين بهؤلاء القابعين في الخارج..الجياع والمشردين..المرضى والمساكين ..ومن بينهم "وينفيلد" المجنون الذي كانت أصوات صخب الحفل تصل إلى مسامعه فيقهقه من داخل زنزانته وهو يصيح:
- نعم..امرحوا أيها الأغنياء واسعدوا..فماهي إلا لحظات قليلة وتنقلب سعادتكم إلى تعاسة عظيمة حيث لن يغني عنكم مالكم ولا أمجادكم المزيفة..لقد حدثني سيدي بأنه قادم ألآن..وحين يأتي..لن تعرف لندن إلا الخراب والموت..سيطلق السيد سراحي ووقتها سأنتقم من كل من أودعني ذلك السجن المقرف..نعم ..انه قادم..فلتستعدي يا لندن المسكينة لأستقبال سيدي العظيم.
ثم رفع وجهه وقال كأنه يحدث شخصا يراه:
- لقد أنبئتهم بقدومك كما أمرتني يا سيدي..وسأكون أنا دليلك في لندن فأنا أعرف كل شبر فيها..تأمرني فأطيع سأكون أكثر اخلاصا لك..لن أعارضك في شئ كما فعلت سابقا..لقد تأدبت يا سيدي فـأرجو العفو عني..س
كان هذا "وينفيلد" المسكين الذي كان أكثر نزلاء المصحة العقلية جنونا وعته..اعتاد الجميع مثل هذا الكلام منه دائما..فيستهزأون منه ويسخرون..عدا الدكتور جاك الذي كان يتحدث عنه في الحفل قائلا:
- لا أستطيع أن أجزم بأن "وينفيلد" مجنونا تماما..فهو يعي كل ما حوله ,وفي اللحظات التي يكون فيها هادئا يبدو كلامه منطقيا ومعقولا..
أجاب أحد الحاضرين:
- لاتنس يا دكتور جاك أنه كان قبل إصابته بالجنون محاميا محترما..ونحن لانعرف بالضبط ما الذي حدث له..لقد غاب طويلا في مأمورية في أحد البلدان البعيدة..عاد منها وقد فسد عقله وتشتت ذهنه..إنه مسكين بالفعل فكلنا يذكر كيف كان قبل هذا ,كان شابا لامعا أنيقا.
قال الدكتور جاك:
- مازلت أعتقد أنه قد عانى من أمر ما أثر على عقله ,على العموم لقد فكرت في اطلاق سراحه حتى يمكنني مراقبته في أمور حياته..
تدخل موريس في الحديث قائلا:
- آه..أطلق سراحه فيقتلنا جميعا..إن المصحة هي مقامه المناسب يا دكتور..ولن يغفر المجتمع لك أبدا إنه خرج منها وأصاب البعض بأي أذى متوقع.
سمعت مينا بعض هذا الحديث فاقتربت من المتحدثين مخاطبة الدكتور جاك قائلة:
- دكتور جاك..لقد تذكرت شيئا..كنت في أحد المرات قريبة من المصحة فإذا بـ"وينفيلد" المسكين يقول لي أن السيد سينبئك بقدومه . لقد كان يعنيني بحديثه هذا على ما أعتقد..أليس كذلك؟
أجاب جاك باهتمام:
- الواقع يا آنسة مينا أنه يردد اسمك باستمرار..
صاحت مينا:
- ولماذا أنا بالذات؟
أجاب جاك وهو يرفع حاجبيه:
- لا أعلم بالضبط..هل كنت تعرفينه من قبل؟
مينا:
- لا..ماذا تقصد يا دكتور فقد أصبتني بالفزع؟..
د.جاك:
- لا..لا داع للخوف..ربما كانت مجرد هلوسة..اسمعي..هل يروقك هذا الحفل؟
لم تفهم مينا تساؤله ولكنها أجابت:
- الواقع أنني لا أميل لمثل هذه الحفلات و...
قاطعها جاك وتناول ساعدها وهو يقول:
- ستأتين معي إلى المصحة..
مينا:
- ألآن؟..
جاك:
- نعم..نعم..أريد أن أستوثق من أمر ما..
تدخل موريس قائلا:
- ماذا ستفعل يا جاك؟..هل ستذهب بالآنسة مينا إلى المصحة؟..هل ستقابلها بالمجنون؟..ربما آذاها أو هجم عليها..لا..هذا لن يكون..
جذب جاك مينا برفق وهو يخرج بها قائلا:
- لا تخافي..سنتحادث معه من خلف باب غرفته..
* * *
لم يكن "وينفيلد" نائما تماما..بل كان منزويا في أقصى الغرفة جالسا القرفصاء وقد دفن رأسه بين ركبتيه..حين سمع طرقا خفيفا على باب غرفته.
- "وينفيلد"..هل أنت متيقظ!؟..
كان الصوت هو صوت الدكتور جاك الذي يعرفه"وينفيلد"..فهب واقفا وتوجه صوب الباب ملصقا وجهه بالفتحة الصغيرة بالباب والتي قد تتيح له رؤية محدثه..
قال الدكتور جاك:
- "وينفيلد"..أريد أن أعرف منك شيئا..هل تعرف هذه الفتاة؟..
نقل"وينفيلد" نظراته إلى مينا الواقفة بجوار الطبيب..ثم قال:
- نعم..انها الآنسة مينا..خطيبة السيد جوناثان الذي حل محلي في المؤسسة..
كان المجنون هادئا مسالما..وشعرت مينا بالإشفاق عليه..فأقتربت بوجهها من الفتحة قائلة:
- سيد "وينفيلد" لماذا تتحدث عني دائما..؟
لم يجبها "وينفيلد" بل بقى محدقا فيها..والدكتور جاك يراقبه في اهتمام..
مينا:
- تكلم يا سيد "وينفيلد"..هل هناك ما يمكن أن أقدمه لك؟..هل تريد إخباري بشئ؟..
أتى رد "وينفيلد" أخيرا جاء صوتته هادئا..حنونا وهو يقول:
- آه يا آنستي الصغيرة..أنت لا تعرفين ما يخبئه القدر لك..
مينا:
- ماذا تعني؟..
وينفيلد:
- لا أستطيع البوح بكل ما أعرفه..كل ما أستطيع أن أنصحك به هو أن تحاولي الفرار من لندن كلها..إن ما أقوله ألآن يعتبر خيانة عظمى لسيدي..ولكن براءتك وطهرك يدفعاني إلى إسداء تلك النصيحة لك..
- لا أستطيع الحديث معك أكثر من ذلك.
تدخل جاك قائلا:
- لا يجب أن تترك الآنسة في حيرة يا سيد "وينفيلد"..ماذا تعني بقولك؟..
لم يجب "وينفيلد"..بل بقى محدقا في مينا..وقد لاحظت في عينيه أمارات الإشفاق والعطف ,ولاحظت مينا مغزى نظراته..لم تتكلم بدورها..بل بادلته النظرات وكأن حديثا سريا يجري بينهما..
بعد فترة..أخفض "وينفيلد" رأسه..ثم عاد بطيئا إلى أقصى الغرفة وعاد إلى جلسته الأولى..ولكنه في هذه المرة كان ينتحب في صوت مكتوم!!..
أدرك الطبيب أن مريضه لن يتكلم أبدا..فأشار إلى مينا التي كانت شاردة بفكرها تماما..
- هيا يا آنسة مينا..
سارت معه طائعة وهي لا تشعر بما يدور حولها ,فرغم أن محدثها كان مجنونا بلا شك إلا أن كلماته صادقة وكأنها صادرة من عقل نافذ وقلب ملئ بالشفقة والطيبة..كان هذا احساسا أكيدا لديها فلم تسمع ماتفوه به جاك.
- لا تلفي بالا لكلماته..لقد تأكدت ألآن أنه مجنون حقيقي..

Voodoo Doll
21-07-2006, 15:31
* * *
- كانت القائمة التي تركها الكونت دراكيولا والتي تتضمن اللوازم التي طلبها للسفر غريبة..فبالإضافة إلى بعض الطلبات العادية كحقائب السفر والملابس وبعض الأدوات ,كان الاكونت يطلب أن تعبأ كمية كبيرة من الصناديق بالتراب الرطب الذي يحيط بالقلعة..كذلك تابوته الضخم الذي لمحه جوناثان راقدا فيه في ذلك لنهار الذي تجول فيه داخل القلعة..
أصبح جوناثان على يقين بأن الكونت هذا مجنون حقيقي ولكن كان عليه أداء هذه الأعمال الغريبة طمعا في المكافأة التي وعده بها.
لم يبصر جوناثان الكونت لمدة ثلاثة أيام..وقد علل هذا لنفسه بانشغال الكونت في التحضير للسفر..ولكن فجأة خطرت له فكرة غائبة..لقد قال له الكونت يوما أنه يمارس حياته في الليل أما النهار فهو يقضيه مستريحا..بالطبع داخل التابوت الكئيب..
عزم جوناثان أن يبقى ساهرا في الليل عله يرى أو يسمع شيئا يرضى فضوله.
ساد الظلام القلعة..أضاف إلى سكونها سكونا رهيبا..لم يكن هناك إلا ضوء القمر المكتمل يتيح لمن هو داخل القلعة أن يبصر أرجائها..وعلى ما يبدو كان جوناثان هو الوحيد في كل تلك القلعة بالإضافة إلى الكونت الذي قد يكون فيها أم لا..
فتح جوناثان باب غرفته بحرص ,وانسل خارجا وقد عقد العزم على التجول داخل القلعة كلها ,لن يترك ركنا فيها إلا ويستطلعه..كان في الطرف الآخر من الممر الذي تقع فيه غرفته بابا عتيقا من الخشب المتآكل من الرطوبة والقدم..اقترب منه ,وألصق أذنه به..وبالفعل سمع صوت همهمات خافتة..لم يعرف مصدرها..
دفع الباب بكتفه برفق..ودخل بجسمه ملتصقا..ولدهشته شاهد مجموعة من النساء يدرن له ظهورهن وقد جلسن على الأرض يرفعن أيديهن تجاه رجل عملاق ضخم يرتدي معطفا باليا وقد رفع ياقته فأخفت معظم ملامح وجهه ,كان يحمل في يده لفافة من القماش أسرع جوناثان بالإختباء خلف أحد الأعمدة القريبة في موضع يستطيع منه أن يسمع ويرى ما يحدث..
كانت النسوة يصرخن كالحيوانات الجائعة..والرجل يقول:
- انه طفل سمين أعتقد أنه سيكفيكن جميعا..
صاحت احدى النساء:
- ألقه إلينا..ألقه إلينا..نحن نكاد أن نموت..الرحمة ياسيدي..
مد جوناثان رأسه..كان الرجل يرفع اللفافات..ثم رفع بكلتا يديه طفلا صغيرا لايتعدى عمره العام الواحد تقريبا..كان الطفل عاريا يتعالى صراخه..
وقد أدرك بفطرته أنه أمام خطر ماحق يتربص به..
ألقى العملاق الطفل بكل قسوة لتتلقفه أيادي النساء المتلهفات وكأنك ألقيت بفريسة لسباع جائعة..انقضت النساء على الطفل الصغير وكأنهن يلتهمنه..
صاح جوناثان بعفويته:
- يا إلهي..ماذا يحدث!!
استدارت إحدى النساء برأسها وقد سمعت صيحة جوناثان..كان وجهها ملطخا بدماء الطفل المسكين ,فلما لمحت جوناثان أشارت إلى صويحباتها فأدرن رؤوسهن نحوه..كانت شفاهن ملطخة بالدماء وقد انفرجت أفواههن عن أسنان حادة ,وقد طالت أنيابهن وهن يصحن بصيحات تشبه مواء القطط..حاول جوناثان أن يهرب..ولكن رأسه اصطدم بالعامود الذي كان مختبئا خلفه..
فسالت الدماء من جبهته وقبل أن يسقط مغشيا عليه سمع صيحات مرعبة.
- دماء جديدة..يالحظنا..
- سنأكل جيدا اليوم..
- انظروا إلى لون دماؤه..انه دم نقي..
وأسرعن نحوه ووثبن فوقه..كانت تلك تقريبا نهاية حياة جوناثان وفضوله القاتل وقبل أن يغرسن أنيابهن في عنقه ,جاء صوتا هادئا مريبا..
- اياكن وهذا..ابتعدي عنه..
استدارت النساء..كان الكونت دراكيولا واقفا وقد أمسك بيده سوطا طويلا..رفعه عاليا وهوى به على ظهورهن فتراجعن في ذل..
صاح دراكيولا:
- انني أحذركن..لن يقترب منه أحدا..
قالت إحدى النساء في استعطاف:
- ولكننا جائعات يا سيدي..
وقالت أخرى..أرجوك يا سيدي..انظر إلى دمه..انه دم ثمين لم نتذوق مثله منذ فترة طويلة..
مد الكونت يده مشيرا بأصبعه في وجه النسوة..فسكت ضجيجهن وانعدمت صرخاتهن..وأمام نظرته الآمرة تراجعن سائرات على أربع وقد اعتمدن بأيديهن على الأرض الصلبة..
* * *
عندما أفاق جوناثان وجد نفسه في غرفته فوق فراشه..مسح بيده على جبهته متحسسا أثر الصدمة ليتيقن بعد ذلك أنه لم يكن يحلم وأن ما شاهده مع بشاعته وفظاعته كان أمرا حقيقيا..لقد مصت النساء دماء الطفل الصغير ,وأوشكن على مص دمه هو..فمن الذي أنقذه من هذا المصير الفظيع؟
فجأة وكعادته..دخل الكونت دراكيولا الغرفة دون أن يسمع دبيب خطواته ,ووقف عند رأسه محدقا بعينيه الساحرتين ,ثم انفرجت شفتاه عن ابتسامة مريبة بانت معها أنيابه وقد برزا خارج شفته السفلى..أغمض جوناثان عينيه وقد تأكد من مصيره ,فالكونت دراكيولا هو مصاص الدماء ذلك المخلوق الأسطوري الذي ظنه خيالا من قبل..أما ألآن فقد انقلب الخيال واقعا ,وهاهو نفسه في قبضة مصاص دماء رهيب..لم يشعر جوناثان بأي شئ..بل لم يحاول المقاومة أو حتى الصراخ تماما مثلما يكون مخدرا او غائبا عن الوعي..اقترب وجه الكونت من عنق جوناثان ,شعر بأنفاسه الكريهة وقد أوشكت شفتاه أن تلتصق به ,لكن الكونت عاد فرفع رأسه فجأة وقال:
- لقد عرفت سري أيها الشاب..
لم يجب جوناثان ,فمازال مشوشا فاقدا للإرادة..واستطرد الكونت:
- بإمكاني أن امص دمك الشهي ,لا تخف لن تموت إن أنا فعلت ذلك ,ستصبح واحدا منا نحن عشيرة مصاصي الدماء إن الدماء هي سائل الحياة ,فإن كانت هي غذاؤك الوحيد فلن تموت أبدا..,لقد أنقذتك البارحة من هذا المصير.
أجاب جوناثان بضعف وقد استعاد بعض توازنه العقلي:
- ولماذا أنقذتني؟
أجاب الكونت:
- مجرد شفقة عليك ,وهذا أيضا ما يمنعني من أن افعل بك مثل ما أردن..انني أدعوهن بناتي..بنات دراكيولا العظيم..لا..لست أبا فعليا لهم..بل أنا أبوهن الروحي لقد وهبتهن الخلود فلذلك أصبحن بمثابة بناتي..
ضحك الكونت ضحكته الرهيبة ثم قال:
- ومن أنت أيها المخلوق التافه حتى تنعتني بالجنون؟..أنت مجرد انسان فإنك ستموت سواء طالت حياتك أم قصرت..هل يمكنك تقدير عمري يا سيد جوناثان؟
تأمله جوناثان واوشك أن يتكلم ولكن الكونت قال:
- لا..لن تتمكن أبدا من تقدير عمري..لقد استقبلتني دنياكم منذ ثلاثمائة عام..تصور!..أنا عمري ألآن ثلاثمائة عام وربما اكثر فهل تعلم لماذا امتد عمري إلى هذا العمر؟..الدم..
جوناثان:
- أنت مخلوق مقزز..
عاد الكونت يضحك:
- نعم..نعم..وأنتم يا معشر البشر..ألا تاكلون اللحم؟..هل تعلم أن اللحم الذي تأكله يبقى في أمعاؤك ليتعفن لمدة يومين على الأقل!؟..ما الفرق بيني وبينك أنت تأكل اللحم..وأنا أشرب الدم..
جوناثان:
- لا أعرف أن في أكل اللحم أمرا شاذا ,ولكن شرب الدم هو الشذوذ بعينه..
دراكيولا:
- للأسف يا سيد جوناثان..أنت جاهل تماما..على العموم لقد عرفت سري وهذا ما سيجعلني أقرر شيئا..
ستبقى هنا في القلعة حتى أعود من انجلترا..لا تخف لن يمسك أحد..وعندما أعود سأنظر في أمرك..خاصة أنني سأعود إليك بمفاجأة سارة..
جوناثان:
- ماذا تعني؟
دراكيولا:
-ستكون حبيبتك مينا معي..
هب جوناثان من فراشه:
- ماذا..ماذا تقول؟
الكونت:
- نعم..ستكون مينا معي..الواقع يا سيد جوناثان ان مينا تخصني أكثر مما تخصك..
لم يفهم جوناثان مغزى حديث الكونت ولكنه تذكر صورة مينا أو شبيهتها على الحائط داخل قصر دراكيولا..وألآن هاهو مصاص الدماء يأتي على ذكرها..
جوناثان:
- ماذا تعني!؟..
الكونت:
- هل تريجد أن تعرف القصة بكاملها!؟..حسنا..سأقص عليك مالم يسمعه أحد من قبل..ستكون انت العارف الوحيد بسري الأكبر..وهذا ما سيجعلني..مرة أخرى مضطرا إلى احتجازك هنا..ربما إلى الأبد..هل أنت مستعد لسماع قصتي!!؟..
أجاب جوناثان بنردد:
- نعم..
كان الكونت واقفا بقامته المديدة وسط الغرفة شاخصا ببصره إلى الأعلى ,محدقا بعينيه في اللامنظور..ولاحظ جوناثان..ولأول مرة ببعض الألم في عينيه ,ونبرات صوته:
- كنت مثلك تماما..شابا يافعا ممتلئا بالصحة والعافية ,كنت اميرا على تلك المقاطعة الصغيرة..وكنت محبوبا من جميع الشعب الذي اعتبرني ملكا عادلا حتى بدأت الحرب على الأتراك الذين جاءوا لغرو البلاد..كانت مدينتنا محصنة جيدا..فلم يستطيعوا دخولها أبدا..لقد قتلت الكثيرين منهم بيدي..آه..نسيت أن أذكر لك بعض التفاصيل الصغيرة..كنت متزوجا بالطبع وكانت زوجتي التي كنت احبها حبا لا يوصف حاملا في جنينها الأول..المهم..عدت ذات يوم من ميدان القتال لأجد زوجتي مذبوحة وقد بقر الفاعل بطنها بوحشية..لم اعرف الفاعل هذا أبدا..ولكن موتها ذهب بصوابي..وأفقدني عقلي..فجثمت على ركبتاي وتناولت جثتها أو مابقي منها بين يدي..لم أصدق أنها ماتت فأخذت أخاطبها..واهزها..فلم تتحرك..وكان علي أن أقبلها القبلة الأخيرة..قبلة الوداع كما تسمونها..وعندما اقتربت شفتاي من وجهها..تذوقت طعم دمها..كان ذو مذافا ساحرا..فأخذت ألعقه ,لقد امتزج دم حبيبتي بدمي..أصبحت جزءا داخليا مني..لفد وهبني دمها الخلود ,كنت اعرف دائما انني ولابد ملاقيها في يوم من الأيام ومرت السنوات الطوال..حتى عرفت أن حبيبتي قد عادت إلى الحياة..
قال جوناثان وهو يشعر بالرعب الفائق يتسلل إلى فؤاده:
- عادت للحياة..ماذا تعني؟
دراكيولا:
- مثل ما تظن تماما..نعم..انها مينا..خطيبتك..
جوناثان:
- مينا..أنت مجنون..انها لا تتجاوز العشرين من عمرها..بينما أنت تقول أن عمرك يزيد عن الثلاثمائة عام..
ضحك دراكيولا ضحكته المجلجلة ,وعادت القسوة إلى ملامحة ولهجته وقال:
- لقد بقروا بطن زوجتي ,وأخرجوا منها جنينا حيا..كانت أنثى جميلة ولابد أن مينا من سلالتها.
جوناثان:
- أنت مجنون..حتى إن صح كلامك فمينا إذن حفيدتك وليست حبيبتك المفقودة..
أجاب الكونت:
- لايهم..أنا أريدها بقربي..أليست حقا لي؟..انها من سلالتي ومكانها هنا في القصر..لقد تحدثنا كثيرا االيوم..وعرفت مايكفيك وألآن..ستبقى هنا يا سيد جوناثان فأمامي مهمة شاقة في لندن ولكنني أعدك بأن أعود بها..لا..لن تصبح خطيبتك بعد ألآن..
إلى اللقاء يا سيد جوناثان...
استدار الكونت بجسمه بقوة فتطايرت عباءته الحمراء واختفى..بقى جوناثان وحده وهو يضرب الباب بقبضته ,كان موصدا ولا سبيل للخروج منه..هوى على ركبتيه ودفن رأسه وراح يبكي في هستيرية خوفا على مصير حبيبته مينا المحتوم.
---------------------------------
يتبع....

Voodoo Doll
21-07-2006, 18:06
فين الردود؟؟؟؟
:بكاء: :بكاء: :بكاء: :بكاء: :بكاء: :بكاء:

ريم الشمال
23-07-2006, 18:25
مشكووووووره فيدو على التكمله والله اني متحمسه مع القصة

Voodoo Doll
24-07-2006, 00:41
شكرا ريم على ردودك ومتابعتك..:D :D

Voodoo Doll
24-07-2006, 00:45
التكملة..
---------------------------------------------------------
4- دراكيولا في لندن:
--------------------
شغل المجتمع الأرستقراطي في لندن بالحديث عن الكونت الثري الذي وصلت سفينته إلى لندن في الليلة الماضية..فقد نشرت صحيفة التايمز العريقة نبا وصول السفينة وأوردت أن أحدا لم يشاهد الكونت بنفسه ,بل شاهدوا خدمه وحاشيته وهم ينقلون صناديقا ضخمة من السفينة ويحملونها على العربات التي اتجهت بها إلى القصر الجديد الذي اشتراه الكونت بالإضافة إلى عدة قصور فاخرة في ضواحي البلدة..وكمل هي العادة كان على العائلات العريقة أن تتسابق في دعوة الكونت - الذي لم يره أحد حتى ألآن - إلى محافلها فالمجتمع الإنجليزي الأرستقراطي مجتمعا منغلقا على نفسه ,يرحب بكل ذوي الحسب والنسب والثراء ولا مكان فيه للبسطاء أو العامة الذين كان شاغلهم الكبر هو تدبر سبل الحياة ووسائل المعيشة..
قالت لوسي وهي تطوي صفحات الجريدة محدثة مينا:
- لابد أن هذا الكونت سيكون شخصا رائعا..للأسف لم ترد في الصحيفة صورة له..
قالت مينا:
- ستجدينه أحد الأثرياء المدللين كمثل هؤلاء الذين نراهم جيدا..لا شئ جديد فيه فكلهم متشابهون..
قالت لوسي وهي تثب من فراشها:
- لا..أعتقد أنه مختلف كثيرا عنهم..سأرسل له دعوة للحضور هنا..لحسن الحظ أننا نعرف عنوان قصره على الأقل..
مينا:
- وإن أعجبك؟..
أجابت لوسي حالمة:
- إن أعجبني فسألقي عليه شباكي..
وضحكت ضحكتها الناعة واستطردت:
- تخيلي..لوسي وستيرنا..زوجة الأمير دراكيولا..سيكون شئ رائع..
نظرت مينا إلى لوسي ضاحكة فرغم اختلاف طبائعهما..كانت تجدها فتاة شقية محبة للحياة حالمة ولابأس إن هي شاركتها أحلامها اللذيذة تلك..
لوسي:
- سأكون في أبهى صورة لي حين يراني..أنا أعلم أن كل فتيات لندن سيتسابقن للفوز به ,ولكني سأكون الفائزة.
ثم سكتت فجأة وهي تنظر إلى مينا ثم قالت:
- آه..ولكن الخوف منك يا مينا ,أنت أكثر فتيات لندن جمالا حتى أنني أشعر بالغيرة منك أحيانا..لو رآك الكونت سيتعلق بك حتما ,وستذهب كل محاولاتي سدى..
ضحكت مينا ببراءة وقالت:
- لاتخافي يا لوسي..أنا كما تعلمين مخطوبة ,ولا أعتقد أن هناك رجلا في هذا العالم يجعلني أميل بقلبي عن جوناثان..
لوسي:
- آه جوناثان..صحيح..ما هي أخباره؟..
قالت مينا بأسى:
- للأسف ,انقطعت أخباره عني..سأذهب إلى السيد ويلي ,لأسأله إن كان يعلم شيئا عنه..
قالت لوسي ممازحة:
- لعله وقع في غرام شابة جميلة..لقد سمعت أن النساء في الشرق أكثر جمالا وسحرا من نساء لندن.
مينا:
- لا يمكن أن يفعل جوناثان هذا..
بعد عدة أيام..عرف الناس بعض التفاصيل الصغيرة..فالكونت - الشاب - هو فلاد أمير ساجايت التي لم يعرف أحد منهم موقعها ومكانها في العالم الأرضي..وهو شاب فائق الوسامة والثراء جاء إلى لندن لمباشرة أعمالة وللبحث عن زوجة مناسبة من بين فتيات لندن سليلات العائلات العريقة ,وإزاء هذه التفاصيل المقتضبة ,أصبحت الأسر في سباق محموم للفوز بهذا المحترم زوجا لبناتهن..كل بنت في لندن حلمت به خطيبا وزوجا.فمن سيختار هو؟..
بينما كانت لندن كلها تتحدث عنه ,كان الكونت دراكيولا الذي انتحل اسم فلاد يسير في شوارع لندن بعدما غابت الشمس وهدأت الحركة في الشوارع تقريبا..كان على غير هيئته المعهودة فهو ألآن شابا في العشرينات من العمر ,يرتدي بذلة حديثة فاخرة ,يضع على عينيه نظارة سوداء زادته وسامة..ولم يعرف أحد أنها لأتقاء أي ضوءالذي يزعج مصاص الدماء كثيرا..
وكانت مينا عائدة إلى قصر لوسي وهي تحمل بعض اللوازم الكثيرة ,وفجأة اصطدمت بالشاب القادم من الجهة المقابلة فتبعثرت حاجاتها على الأرض..ولم يكن هذا الشاب إلا فلاد أو دراكيولا..الذي لم يشاهده أحدا من قبل..قال فلاد آسفا:
- آسف يا آنستي..
ثم انحنى على الأرض يساعدها في جمع المنثورات..كان ينظر إليها وهي تتحاشى النظر إليه أدبا وخجلا ,ولكنها بعد ذلك كان عليها أن تشكره لمساعدتها فلما قالت:
- شكرا سيدي..آسفة لإزعاجك..
أبصرت وحهه الوسيم..شعرت بشئ ما وكأن قبضة قوية تقبض على قلبها الصغير.
وكان ينظر إليها وقد علت وجهه ابتسامة ساحرة..سادت بينهما فترة صمت قصيرة شعرة مينا فيها بأنها تعرف هذا الشاب الماثل أمامها..شعور خفي لا تفهم مصدره أكد لها أن هناك صلة ما تربطها بهذا الذي لم تره أبدا من قبل..قال الكونت بصوت رقيق:
- الواقع يا آنستي أنني غريب عن لندن فلا أعرف شوارعها ولا دروبها..
مينا:
- لاعليك..
ثم همت بالسير فاستوقفها قائلا:
- هل يمكنك أن تدليني إلى مكان المكتبة العامة؟..
أشارت مينا بإصبعها:
- انها ذلك المبنى الضخم هناك..
كان صوتها مرتعشا ,وقلبها ينبض بقوة..وأسرعت الخطى وهي تكاد تتعثر أما الكونت فقد ابتسم ابتسامة غامضة أضافت إلى وجهه الجديد سحرا وجمالا أخاذين.
كانت مينا تجد في سيرها وهي تنظر خلفها بين الحين والآخر وكأنها تخاف أن يتبعها فلما سارت في الشارع الذي يقع في نهايته قصر لوسي..سمعت صوتا يناديها:
- آنسة مينا..آنسة مينا..
التفتت مذعورة إلى مصدر الصوت..كان الوقت ظلاما ,ولم تتبين هيئة المنادي.
قالت مذعورة:
- من!؟ من الذي ينطق باسمي..
لاح لها شبحا يخرج من الظلام ويقترب منها ,وأوشكت على الصراخ ولكن الشبح قال هامسا:
- أرجوك يا آنسة مينا..لا تصرخي..
تبينت مينا بعض ملامح محدثها..كان وينفيلد المجنون..
صاحت مينا:
- سيد وينفيلد..كيف خرجت من المصحة؟..
وينفيلد:
- ألم أقل لكم دائما أن السيد سيحررني..لقد حررني بالفعل..المهم..أنا جئت لأحذرك..انفدي بجلدك..اهربي من لندن كلها..
قالت مينا مرتعبة:
- إن حديثك يخيفني يا سيد وينفيلد..ماذا تعني بضرورة هروبي؟ما هو الخطر الذي ينتظرني؟
وينفيلد:
- خطر عظيم يا آنستي..لا أستطيع الحديث أكثر من ذلك..
مينا:
- ولكن جوناثان يستطيع أن يحميني من أي خطر..و..
قاطعها وينفيلد:
- جوناثان..إن المسكين في خطر حقيقي هو الآخر..ربما لن تريه أبدا بعد ألآن..
صاحت مينا مذعورة:
- ماذا تقول؟..أنت مجنون فعلا كما يقولون؟
وينفيلد:
- نعم..أنا مجنون..ولكن حربي أن تستمعي لنصيحة مجنون..أنت على حافة النهاية يا آنسة مينا..إما جوناثان فلن يعود إلى هنا أبدا..
وأسرع وينفيلد واختفى وسط الظلام..
كان الأمير فلاد أمير ساجايت هو ضيف الشرف في حفلة الآنسة لوسي الضخمة..استطاع بحضوره الهادئ أن يفتن قلوب النساء جميعا وأثار بذلك غيرة كل الرجال الذين ظنوا أنفسهم - قبل وصوله - صفوة شباب العالم وأكثرهم جاذبية ووجاهة..
قالت لوسي محدثة ضيفها:
- قل لي يا سيدي..أين تقع ساجايت هذه بالضبط؟..
أجابها الكونت وهو يدور بعينيه في أرجاء المكان:
- انها مقاطعة في رومانيا..و..
لوسي:
- كبيرة!!؟
الكونت:
- نعم..
لوسي:
- وأنت أميرها؟..
- نعم..
لاحظت لوسي أن محدثها كلان شاردا نوعا ما..كما كان يشيح بوجهه عند اقترابه من أي مكان مضاء أو تنبعث منه الأنوار فلما لاحظ الكونت دهشتها قال:
- إن عيوني حساسة جدا للضوء..كما ترين..لاشئ في الدنيا مكتمل!
ضحكت لوسي قائلة:
- شخص وسيم ومحترم مثلك لايعيبه أبدا كرهه للضوء..هل تحب أن نذهب سويا إلى الحديقة..لن تجد فيها إلا ضوء القمر الخافت.
أجاب الكونت:
- ولكن المدعوين سيلاحظون خروجنا..
لوسي:
- لا يهم..
ثم أمسكت ساعده وسارت به إلى الشرفة المؤدية إلى الحديقة وكان هو في أثناء سيره يبحث ببصره عن مبتغاه الحقيقي ,وأخيرا لمحها..مينا التي كانت جالسة على مقعد منعزل نسبيا وقد بدت شاردة منزعجة..لاحظت لوسي الرجفة التي اختلج بها ساعد الكونت حين رأى مينا فنظرت إليه مندهشة فوجدته ينظر إلى صديقتها فقالت:
- انها مينا..صديقتي أو على الأصح وصيفتي..فتاة مسكينة يتيمة أتعهدها بالرعاية..
فقد شعرت لوسي بالغيرة تجتاح جوانحها وهي تلاحظ امارات اعجاب الكونت بها..,خرج الأثنان إلى الحديقة..واختارا مقعدا يتوسط أحواض الورود ذات الرائحة الذكية ,كان الظلام يسود المكان..لا يبدده سوى الضوء الخافت الصادر من ضياء القمر الذي يتوسط السماء ,فأضاف على المقام سحرا وجمالا..ورهبة..استعدت لوسي لعبارات الغرام والغزل التي لاشك ؛سيلقيها الكونت على مسامعها..فلما لم تسمع منه شيئا التفتت إليه..وهالها ما رأت..كان ينظر إلى عنقها محدقا..نظرة غامضة لم تستطع لوسي أبدا تفسيرها بالإعجاب..بل كانت نظرة جائعة..نظرة أشبه ما تكون بنظرة الذئب المتوحش إلى فريسته..
قالت لوسي لتطمئن نفسها:
- سيدي الكون ان نظراتك تفزعني!
اقترب الكونت بوجهه منها ,ظنت أنه سيقبلها فأغمضت عينيها حالمة..ولكن فجأة شعرت بوخز حاد في عنقها..لم تستطع المقاومة..تناهى إلى سمعها صوت كالصوت الذي يحدثه من يشرب سائلا ما..ثم غابت عن الوعي..
* * *
-------------------------------------------------------------------------------------------------
يتبع..

Voodoo Doll
24-07-2006, 00:48
نعود بسرعة إلى جوناثان المسكين حبيس قلعة الكونت دراكيولا..كان على يقين بأن خطرا عظيما يحيق بمحبوبته مينا بعد كل ما سمعه من الكونت وكان عليه أن ينقذها ,ولكن كيف!..وقد أوصد الكونت غرفته ,ولا شك أن "بناته" كما يدعوهن يتعهدن بحراسته فلا فكاك منهن ولا مهرب؟
كان يسمع أصواتهن خلف الباب وهن يتلصصن عليه في الظلام ,ولاشك أن كل واحدة منهن تتوق شغفا للإرتشاف دمه لولا تحذير سيدهن لهن..ولكن مايدريه إن هن تجاهلن هذا التحذير ,وشرعن بدافع جوعهن إلى مص دمه!!الأمر إذن لايتعدى بعض الوقت حتى يصبح فريسة حقيقية لهن..
كان يسمع من خلف الباب:
- سيد جوناثان..لقد وعدنا السيد بك بعد عودته من لندن بصحبة عروسه الجميلة.
وتقول أخرى:
- سيكون عنقك من نصيبي..
وأخرى تقول:
- أما أنا فيأنهش لحم كتفيك بأنيابي..أنا أفضل الكتف دائما..
ثم يسمع صوت ضحكاتهن المفزعة التي تشبه مواء القطط الجائعة..,فيشعر بالخوف الشديد على نفسه..أضيف إلى ذلك خوفه على مصير مينا المنتظر والتي تحتاج إلى مساعدته بسرعة..
وخطرت له فكرة عزم على تنفيذها حتى لو كلفته ياته ,فالموت عنده أهون من أن يصبح فريسة ويصفى دمه..ويتحول بعدها إلى مصاص دماء آخر..والموت عنده أهون من شرف محاولة حبوبته البريئة البعيدة عنه كل البعد.سينتظر حلول الفجر وانبعاث ضوء الشمس حيث تكون بنات دراكيولا في سباتهن داخل قبورهن..
بقى ساهرا حتى الصباح..فلما لاحت بشائره..زحزح السرير من مكانه ووضع فوقه المكتب الصغير..ثم المقعد وأسرع يعتلي كل هذا ليصل إلى النافذة الضيقة وبالفعل استطاع بعد جهد أن يفتح النافذة ويحشر جسمه من خلالها ,كانت الغرفة في برج شاهق الأرتفاع..نظر إلى الأسفل فوجد الحدائق وقد برزت صخورها التي ستتلقاه حتما..
كان يحيط بالنافذة من الخارج..سورا رقيقا قد يكفي بالكاد لقدمه إن هو فكر في السير فوقه..ولكن لا سبيل له إلا ذلك..وقف جوناثان على السور وأخذ يسير فوقه بحرص وهو يمسك بأصابعه النتوءات التي تظهر في جدار البرج المتهالك..كان يتحسس خطواته برقة..ظهره إلى الفضاء..يدير رأسه بين الحين والآخر ليلتمس له موضعا يهبط منه شبرا واحدا..ولكنه لم يجد..ظل على سيره..حتى نظر تحته فوجد غديرا من الماء الراكد..لم يعلم عمقه..ولكن كان هو كل ما لديه..
أغمض عينيه..ثم هوى بجسمه ناحية الماء..وارتطم جسمه به..ثم وجد نفسه يغوص داخل الماء..كان القاع بعيدا لحسن حظه..مما خفف أثر الصدمة..وبعد لحظات كان يخرج من الماء ذو الرائحة النتنة..مبتلا..منهكا..تفوح من جسمه الرائحة المنفرة..لا مال معه ولا زاد..كل ما يملكه هو حبه لمينا ,وفرحته بالخروج من هذا المكان حيا..
* * *
عندما استيقظت لوسي من نومها ,كان وجهها شاحبا..وعيناها غائرتين في وجهها..وكان أصدقاءها من حولها..وقد علموا أن مرضا شديدا قد أصابها..كان الدكتور جاك يتحسس جبينها..ثم يتابع نبض يدها بساعته..وهو يقول:
- لا أعلم بالضبط ما بها..لقد كانت في غاية الحيوية بالأمس.
فتحت لوسي عيناها..وقالت:
- أشعر بظمأ شديد..فليسقني أحدكم لو تفضلتم..
أسرعت مينا تقدم لها كوبا من الماء ,ما أن تناولت رشفة منه حتى راحت في نوبة سعال متواصل..أتبعته بشهقة كبيرة..ثم أغمضت عيناها وهي ترتجف بشدة..
مال عليها موريس:
- لوسي أيتها الحبيبة..ماذا أصابك؟..
لكم تجب لوسي ,بل أخذت في التأوه..
جاك:
- إن حالتها متدهورة للغاية ,فهي على وشك الموت.
مينا:
- يا إلهي!!
موريس:
- ماذا سنفعل؟..لابد من أن نتصرف سريعا..
جاك:
- سأعطيها بعض المسكنات..ثم بعد ذلك..علي أن أبرق لأحد الأطباء الكبار في أيرلندا..لعلي أجد لديه العلاج لتلك الحالة الغريبة.

--------------------------------------------------------------
يتبع...:) :)

Voodoo Doll
24-07-2006, 02:59
لتكملة..
-----------------------------------------------------------------------------------
5-الدكتور إبراهام فان هيلينج:
----------------------------------------------
عندما تلقى الدكتور إبراهام فان هيلسنج برقية تلميذه وصديقه الدكتور جاك أسرع يعد حقيبته الصغيرة للسفر إلى لندن فورا..
كان فان هيلسنج أحد أطباء اوروبا المشهورين..سبقت أبحاثه عصره..وذاع صيته في أوروبا كلها كأحد الأفذاذ في المجال الصحي..وكانت الأعراض التي وصفها جاك مختصرة في برقيته توحي بأمر ما لم يستطع الدكتور فان هيلسنج التحقق منه إلا بعد مباشرته المريضة بنفسه..
بمنتهى الجدية راح الدكتور فان هيلسنج يفحص المريضة ظاهريا..ثم استقام قائلا:
- هل نزفت من اثر جرح ما؟
قالت مينا:
- لا..
فان هيلسنج:
- الأمر في منتهى الغرابة..إن أوردتها خالية من الدم تقريبا..
جاك:
- ما معنى هذا؟..
لم يجب فان هيلسنج..بل شرع يفتش في جسم المريضة على أثر جرح ما..ثم أزاح بأصبعه الشعر المنسدل على عنقها..وسرعان ما صاح:
- آه..
اقترب الجميع منه..كان فان هيلسنج يشير بإصبعه إلى ثقبين صغيرين متباعدين قليلا في عنق لوسي النحيل..كان الثقبان أسفل الأذن اليسرى بقليل..
جاك:
- ما هذا؟..هل لدغتها حشرة ما؟..
أجاب فان هيلسنج بهدوء:
- لا..انظر إلى المسافة بين الثقبين..لا يوجد حشرة في العالم يبلغ اتساع فمها هذا الإتساع..
مينا:
- ماذا حدث إذن؟
ابتعد فان هيلسنج قليلا..ثم قال بهدوء:
- الواقع أيها السادة أن الآنسة المسكينة قد انتهى أمرها..
صاحت مينا:
- هل ستموت!!؟
أجاب فان هيلسينج بهدوء:
- نعم..تقريبا.
جاك:
- ماذا تعني يا دكتور فان؟..
قال فان هيلسنج:
- لقد مص دمها أحد مصاصي الدماء..
- مصاص دماء..كنت اظن أن الأمر مجرد أسطورة!!
فان هيلسنج:
- لا..هذا النوع من البشر موجود فعلا..لقد أكدت أبحاثي ذلك..
ثم انتصب بقامته..وقال بصوت يشوبه بعض الفخر والغرور:
- وأنا الوحيد في هذا العالم الذي يعرف كل شئ عنهم تقريبا.
قال جاك محتدا:
- إذن أنت تعرف علاجها؟..
هز فان رأسه قائلا بأسى:
- للأسف لا علاج لها..بل سنضطر لقتلها!!
وقعت كلمات فان هلسنج على الجميع وقع الصاعقة..وصاحت مينا برعب:
- قتلها!..هل سنقتلها؟..لماذا؟؟.إذا كانت ستموت فلنتركها تموت في سلام..
أجاب فان هيلسنج موضحا:
- لن تموت..بل ستتحول مع حلول ليل اليوم إلى مصاصة دماء أخرى..من كان معها آخر مرة؟..
أجابت مينا:
- كانت مع الأمير فلاد..
نظر إليها فان مندهشا:
- الأمير فلاد؟..من هو!؟
جاك:
- انه أحد أمراء الشرق..جاء إلى لندن منذ أيام و..
قاطعه فان هيلسنج:
- من لندن..أليس هو الذي تحدثت الصحف عن وصوله..وعن صناديق من التراب معه!؟..
د.جاك:
- نعم..
وضع فان هيلسنج يده على جبينه ثم وقال:
- يا إلهي..انه إذن الكونت دراكيولا..الأب الفعلي لكل مصاصي الدماء في العالم..
وما ان سمعت مينا هذه الكلمات حتى هوت مغشيا عليها..
* * *
إن كان جوناثان قد وجد مشقة قصوى في رحلته من لندن إلى ترانسلفانيا..فلاشك أن مقدار أضعاف هذه المشقة قد وجدها في رحلة عودته إلى لندن..فلولا عطف بعض المارة عليه..ولولا بعض سائقي العربات الذين قبلوا سفره معهم مجانا ما استطاع أبد أن يصل إلى لندن..كان مشعثا متربا..وهن جسمه وتحول لون شعره كله إلى البياض..من كان مثله..وواجه مثل ما واجهه ,فليحمد الله كثيرا على مجرد كونه حيا..
اقترب الليل..
والجميع حول فراش لوسي التي أخذت تستعيد وعيها تدريجيا ,فلما فتحت عينيها ,وأبصرت معظم معارفها حولها..ابتسمت قائلة:
- يا لحسن حظي..كل اصدقائي حولي..أنا إذن عزيزة عليكم كثيرا..
لم يجبها احد منهم..
- مالكم لا تتحدثون إلي!!؟
كان الجميع ينظرون إليها وقد علت وجوههم الدهشة..كان نابيها قد طالا قليلا اما وجهها فقد علاه شحوبا زائدا..وعيناها قد غارتا اكثر فأكثر وتحول لون بياضهما إلى اللون الأحمر الخفيف..
قالت لوسي:
- مينا..حبيبتي..مالك لا تتحدثين أنت الخرى؟..أنا صديقتك لوسي مدي إلي يدك..
همت مينا بالإستجابة ,ولكن الدكتور فان هيلسنج اعترضها قائلا:
- لا أنصحك بهذا آنستي..
ثم أشار بعينيه إلى الرجال من حوله..فشرع هؤلاء يقتربون من لوسي التي قالت في دلال:
- ماذا ستفعلون بي!!؟..انني أستطيع النهوض وحدي..
وهمت بالنهوض ولكن الدكتور فان هيلسنج صاح بهم:
- ألآن..
فأسرع الجميع نحوها يقيدون حركتها بأذرعتهم القوية..فأخذت لوسي تتمايل وتهتز محاولة الفكاك من قبضاتهم المحكمة..فلما شلت حركة يداها ,حاولت أن تعض بأنيابها كل ما تستطيع الوصول إليه من اجسامهم ولكن الدكتور فان هيلسنج صاح بهم:
- حذار أن تعض أحدكم..
قال ذلك وهو يخرج من حقيبته الصغيرة وتدا خشبيا حادا مدبب الأطراف كالسكين القاطع..
دفنت مينا وجهها بين راحتيها وراحت تبكي..
قبض فان هيلسنج على الوتد بكلتا راحتيه..ثم رفعه عاليا وهو يتمتم بعبارات لاتينية غير مفهومة..ثم هوى بالوتد على قلب لوسي التي صرخت صوخة عظيمة..
ولشدة دهشة الحاضرين..لم يروا أية دماء تنبثق من الجرح المميت الذي أحدثه الطبيب في قلبها..كل مالاحظوه..هوابتسامة هادئة علت وجه لوسي..وكأنها تخلصت من شئ ما..ولشدة دهشتهم أيضا ,وجدوا انيابها وقد عادت إلى حجمها الطبيعي..
فان هيلسنج:
-فلترقد العزيزة لوسي في سلام ألآن..انظروا إلى وجهها ألآن..أليست فائقة الحسن!؟..
لم تتحمل مينا ما رأته وسمعته..فأسرعت تخرج من الغرفة باكية فاصطدمت بشخص قادم فلما شاهدته صاحت:
- جوناثان!!..
أسرع جوناثان يحتضنها ولكنها ابتعدت عنه قائلة:
- ماذا أصابك؟..أنت تبدو في غاية الإعياء..وشعرك..إنه أبيض كالثلج..هل أنت جوناثان فعلا؟
قال جوناثان يائسا:
- نعم..سأقص عليك كل شئ..
ما أن أنهى جوناثان كلماته تلك حتى وثب عليه الدكتور فان هيلسنج ,وألقاه أرضا سائلا من حوله أن يقيده..
جوناثان:
- ما هذا!!؟..
قال فان هيلسنج وهو يتفحصه:
-علينا فحصك أولا..
ثم أخذ يفتش في جسمه كله..وأخيرا قال:
- لا أثر لعض مصاص الدماء فيه..
ثم مد يده وساعد الشاب على النهوض قائلا:
- حسبما علمت..فأنت كنت ضيفا على الكونت دراكيولا في قصره..ستجلس ألآن وتقص علي كل شئ ,لاتنس أي تفاصيل وإن بدت صغيرة..
قال جوناثان وهو يضع راحته على جبينه:
- يالهول ما رأيت..إت اكثر القصص رعبا قد تبدو في غاية التفاهة مقارنة بما عشت ورأيت..
وشرع يقص عليهم تفاصيل رحلته الغريبة إلى ترانسلفانيا.
* * *
اختفى الأمير فلاد من انجلترا كلها..وظن جوناثان ومينا أن الأمور قد عادت إلى طبيعتها..
وشيئا فشيئا أصبح أمر كل تلك الأحداث المفزعة مجرد ذكريات من الماضي الأليم..
لم يعد جوناثان إلى عمله..فقد قدم استقالته وافتتح لنفسه مكتبا خاصا سرعان ما ذاع صيته وازدادت شهرته..وأصبح ألآن مستعدا للزواج..والدكتور فان هيلسنج عاد إلى أيرلندا بعد ما فشل في العثور على الأمير فلاد في أي مكان بلندن..
واستطاعت مينا ان تتجاوز المحن الماضية وعادت إلى طبيعتها ونست أو تناست كل ما رأته وسمعته..وأقبلت على الحياة بروح جديدة..
قال جوناثان وهو يمسك براحتها الناعمة ويطبع قبلة حانية على ظهر يدها:
- اواه يا حبيبتي..آن لنا ألآن أن نستريح بعد كل هذه الأهوال..
مينا:
- نعم..و‘ن كنت أشعر بالأسى لفقدان عزيزتي لوسي ,ثم كانت نهايتها مفزعة...
ثم فجأة..سحبت مينا يدها من بين يدي جوناثان ,ووضعت كفيها على أذنيها وهي تصرخ..
لم يعلم جوناثان ما أصابها..فصاح بها:
- مينا..ماذا حدث!!؟..
كانت تصرخ بعصبية..وهي تهز رأسها في عنف..
جوناثان:
- ماذا يحدث؟؟..
أخيرا..هدأت مينا..ثم استدارت بوجهها إلى جوناثان قائلة:
- لقد دوى في أذني صوتا فظيعا..كان صوت الأمير فلاد أو الكونت دراكيولا..كان يقول..أنا آت..لا سبيل لجوناثان إليك..
قال جوناثان يطمئنها:
- انها مجرد أوهام من أثر ما عانيناه سابقا..اطمئني يا مينا..
مينا:
- لا..كان الصوت حقيقيا..أنا على يقين من انه هنا في مكان ما..
ثم وقفت تتلفت حولها:
- انه قادم..قادم إلي..أنا متأكدة..
ما أشبه قولها بقول وينفيلد المجنون..وكما صحت نبوءة المجنون..يبدو..أن ما سمعته مينا كان نذيرا حقيقيا..
----------------------------------------------------------------------------------------------------
يتبع الفصل السادس والأخير..:) :)

ريم الشمال
28-07-2006, 01:11
مشكوووووووووووووره
بس انتي فين واصله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

Voodoo Doll
31-07-2006, 01:49
الفصل السادس..
------------------------------------------------------------------------
6- مينا مواري في خطر داهم!
-----------------------------
كان من رأي الدكتور فان هيلسنج أن الأحداث الدامية السابقة لم تنتهي بعد!!وأن الكونت دراكيولا أو"الأمير فلاد" كما يسمى نفسه مازال في انجلترا منتظرا الفرصة ليضرب ثانية وكان من الواضح أن الجميلة مينا مواري هي هدفه القادم!!
أما مينا التي آلمها كثيرا فراق صديقتها لوسي!!والتي تعرف جيدا أن دراكيولا لابد وملاقيها في أي وقت من الأوقات ,كانت في غاية الخوف والذعر..ومالبثت صورة لوسي لاتبارح خيالها وهي تذبح بوحشية..ان الحيوان كان ليقتل بوسيلة أرحم من تلك التي ماتت بها لوسي..فليرحم الله روحها..
وأما جوناثان..فقد حاول عبثا إقناع مينا بإتمام زواجهما ولكنها أبت وكانت تقول:
- كيف سأستطيع أن أعيش معك كزوجة وأسعدك كزوجة ومصيري مازال معلقا!!؟إن دراكيولا خلفي..أنا أعرف هذا تماما.فأنا أسمع صوته ينادي باسمي..بل يخيل لي في بعض الأوقات أنه خلفي ,وتكاد أنفاسه الساخنة أن تخترق وجهي..
ويقول جوناثان مطمئنا إياها:
- لا يا حبيبتي.هذه مجرد أوهام..الخوف وحده يدفعك إلى هذا الشعور..
ولكن مينا ماكانت لتطمئن أبدا..والأكثر غرابة في ذلك!هو عدم شعورها بأي عاطفة حقد أو كره لذلك المخلوق الدموي..الكونت دراكيولا التي عرفته لأول مرة حين اصطدم بها في الطريق إلى المكتبة..كما زعم..
ويبقى التساؤل الذي حير الجميع..أين دراكيولا ألآن!!؟
* * *
كان فان هيلسنج جالسا على الطاولة يقلب بعناية صفحات كتاب ضخم..كان المجلد قديما..تهتكت أوراقه وتغير لونها بفعل الزمن..
خلع فان هيلسنج نظارته وقال مرحبا بجوناثان:
- أوه..عزيزي جوناثان..كيف حالك؟..وكيف هي الآنسة الجميلة مينا؟..
جلس جوناثان متهاويا على المقعد الخشبي قبالة الطبيب اللامع..وقال وهو يتنهد:
- الواقع يا دكتور فان ان حالها يؤرقني تماما..فالخوف يتملكها وهو المسيطر على جميع شئون حياتها ألآن!!
قال الدكتور وهو يرسم على وجهه ابتسامة باهتة:
- التمس لها العذر يا صديقي..فإن ما واجهته كفيل ببث الرعب في أكثر القلوب صلابة وقوة..ثم ان هناك دافعا حقيقيا لخوفها هذا..أليس كذلك!!؟
أجاب جوناثان:
- ماذا تعني؟!
تراجع فان هيلسنج بظهره للوراء..ثم قال:
- أنت نفسك تتذكر اللوحة المعلقة على جدار قصر الكونت كما حكيت..بل والأكثر من ذلك..اعلمك يا صديقي أنه طبقا لتسلسل الأحداث..فإنه كان من المفروض أن تحل مينا مكان لوسي..إن مينا هي هدفه..وقد وقعت لوسي بالصدفة في طريقه فكانت نهايتها المأسوية تلك..
كانت كلمات فان هيلسنج تخترق فؤاد جوناثان فتزيده خوفا وشفقة على محبوبته الصغيرة..وضع جوناثان يده على جبهته وأخذ يعتصرها بأصابعه..وقال الدكتور:
- اسمع..لقد قضيت سنوات عدة من عمري وأنا أدرس أحوال وطبائع مصاصي الدماء كان أساتذتي ومعارفي يسخرون مني على ما أظن أن تلك ما هي إلا مخلوقات أسطورية من نسج خيال العامة..ولكن من يتابع التاريخ جيدا سيتأكد من وجودهم الحقيقي في دنيانا الجميلة تلك..
ثم عاد الدكتور يرتدي نظارته..ويقرأ صفحات مجلده الضخم وهو يقول وكأنه يفكر بصوت عال:
- إنهالعنة قديمة تلك التي تحول الرجل العادي إلى مصاص دماء..ولاشك أن صاحبك الكونت دراكيولا هذا كان شخصا هاديا قبل أن تصيبه هذه اللعنة ,لقد بحثت في تاريخ الأسر المالكة في أوروبا..وكانت أسرة دراكيولا من أعظم هذه الأسر وأعلاها شئنا..حتى ماتت زوجته التي كان يحبها كثيرا..فجن جنونه..وكفر بكل دين ومذهب..فأصابته اللعنة..لعنة تبقيه خالدا يعيش على شرب دماء البشر..
قال جوناثان:
- وهل في ىالخلود لعنة!؟..انه نعمة..
ضحك الدكتور فان هيلسنج وقال:
-هذا ما تظن..سيكون الخلود نعمة إذا كان كل يوم يمر عليك يذكرك بأيامك الجميلة الفائتة..إن مجرد تذكره لحبيبته يحرق قلبه ويدمي كيانه..صدقني يا جوناثان حتى دراكيولا نفسه يتمنى الموت ولكنه لا يطوله..
قال جوناثانم بحماس:
- آه لو طالته يدي..سأحصل له على الموت الذي يتمناه كما تقول..
فان هيلسنج:
- لا يا عزيزي..ان سلالة مصاصي الدماء ستبقى خالدة كمؤسسها نفسه..إن كل شخص يمتص الكونت دماؤه يتحول إلى مصاص دماء جديد..أرأيت أعجب من هذا وسيلة للتكاثر!!؟
جوناثان:
- معنى هذا أننا لن نقضي عليهم أبدا..
فان هيلسنج:
- هذا لن يأتي هذا إلا كما فعلنا مع لوسي..لابد من دق وتد خشبي في قلب مصاص الدماء كي يموت..وهذا غير مضمون تماما فلا نعلم بالضبط كم شخصا امتصت دماؤه؟..وأين؟..ومتى؟..المهم ألآن أن ننقذ حبيبتك..
قال جوناثان بلهفة:
- وكيف ذلك وأنت تحكي لي عن امكانيات دراكيولا واستحالة قتله!!؟..
قلب فان هيلسنج صفحات الكتاب..ثم وقف عند صفحة معينة وأخذ يقرأ بصوت مرتفع:
- إن الضوء هو عدو مصاص الدماء الأكبر..ولذلك فإنه في فترة الصباح وحتى حلول الظلام ستكون حبيبتك آمنة..
جوناثان:
- وفي الليل؟..
استطرد فان هلسينج:
- عليك أن تبقي غرفة نومها..بل البيت كله مضاء جيدا..وبالمناسبة فإن مصاصي الدماء لايطيقون رائحة الثوم..ولذلك فعليك أن تملأ مقامها بهذه النبتة..بل أنني أقترح بأن تصنع منه عقدا يحيط بعنقها..هذه بعض النصائح المؤقتة أما همنا الأكبر فسيكون القضاء على دراكيولا نفسه..
جوناثان:
- بغرس الوتد الخشبي في قلبه..كيف سيمكنك هذا وهو ذا قوة جبارة؟
مرر فان فان هيلسنج أصابعه في خصلات شعره الأبيض الفضي وقال وهو يغمض عينيه:
- أثناء فترة سباته في النهار..المهم أن نعرف أين يقضي نهاره!!.
حل الظلام..وهجع الناس في بيوتهم..وخلت الشوارع من المارة إلا من بعض من تحتم عليهم أعمالهم العنل في الليل..كرجال الشرطة..وقلة من سائقي العربات التي تجرها الخيل والذين ينتظرون زبائنهم من رواد الحانات الليلية..وغيرهم..وإذا كانت هناك بعض مظاهر الحياة القليلة في شوارع المديتة..إلا ان تلك لن تجدها أبدا في المقابر..
كان الظلام دامسا فيها ,حتى الكلاب والقطط الضالة في حالة سبات أو سكون كامل..وبدت شواهد القبور المتفاوتة في ارتفاعاتها وعرضها كأشباح واقفة تراقب الظلام والضباب..عدا ذلك..لم يكن هناك سوى صفير الريح..وحفيف أوراق بعض الشجيرات المتناثرة في كل مكان من المقبرة..
وكان 0 وبإمعان النظر - يمكن رؤية شئ يتحرك..بل ويتكلم!!
كان وينفيلد المجنون جاثيا على ركبتيه بأرض المقبرة..وكان يهمس بصوت خفيض:
- سيدي..لقد جئت في موعدي وكما أمرتني تماما..لقد حصلت لك على كل ما تريده..
وبدت له حركة خفيفة جعلت التراب يختلج قليلر..ثم سكن!!..
عاد وينفيلد يقول متوسلا:
- إن خادمك الأمين في انتظارك يا سيدي..لقد...
وقبل أن يكمل كلامه أو همسه..انبعثت يد من تحت التراب وقبضت على عنقه..ثم أبصر وينفيلد الكونت دراكيولا أمامه وقد هب واقفا بقامته المديدة وهو مازال قابضا على عنقه..كاد وينفيلد أن يختنق وتذهب روحه..وبسط الكونت أصابعه فسقط وينفيلد على التراب..
قال الكونت بصوته الرهيب وهو يحدق بنظراته الآسرة:
- وينفيلد!!..أيها المسكين..مازلت حيا!؟
قال وينفيلد مذعورا:
- نعم يا سيدي..مازلت حيا في انتظارك..لقد أرادوا قتلي..ولكنني تدبرت أمر نفسي..كنت أشرب دماء الحيوانات والحشرات في زنزانتي..فقد كنت مصرا على البقاء حيا لإستقبالك..
اخترقت ضحكة الكونت المخيفة السكون الرهيب في هذا المكان الموحش تماما..ثم قال:
- بماذا ستخبرني أيها الشقي!..
قال وينفيلد ذليلا:
- لقد عاد جوناثان..أظنه نجح في الهروب من القلعة..
دراكيولا:
- نعم..أعلم ذلك..
- ولوسي التي أسعدتها بإختيارك لها قد ماتت..
دراكيولا:
- لا..لم تمت..انها في حالة سبات ألآن!!
هز وينفيلد رأسه نافيا وهو يقول:
-- لا يا سيدي..لقد غرسوا الوتد الخشبي في قلبها فهي ألآن ميتة فعلا..
ثم أشار إلى شاهد قبر قريب وهو يضيف:
- انها مدفونة هنا..يمكنك التأكد من كلامي!
ظهرت علامات الغضب على وجه دراكيولا..وكشر عن أنيابه التي بدت ناصعة وسط الظلام الدامس:
- من..!!من قتلها!؟..وكيف عرف تلك الوسيلة؟..
قال وينفيلد مرتجفا:
- انه أحد الأطباء الأيرلنديين.اسمه فان هيلسنج..
- فان هيلسنج!؟..إن هذا الشخص يعلم الكثير..أين هو ألآن؟..
وينفيلد:
- انه يقيم في منزل مينا طوال الوقت..
اختلج جسم الكونت وهو يسمع اسم مينا..فأرسل بصره إلى السماء وقد احمرت عيناه..وصرخ صرخة عظيمة..
لم يسمع الموتى تلك الصرخات بالطبع ولكن من حظ حارس المقبرة العاشر أن يسمعها..فهب من نومه العميق..وفتح الباب الخشبي لغرفته العتيقة وخرج يستطلع الأمر وهو يمسك ببندقيته الضخمة..فقد اعتاد أحيانا أن يواجه سارقي القبور بين الحين والآخر..
كان الحارس العجوز يسير ببطء يلتفت يمينا ويسارا باحثا عن مصدر الصوت ,حتى اذا ما لمح شخصين واقفين صاح وهو يصوب سلاحه نحوهما:
- قفا مكانكما وإلا سأطلق النار..
نظر الكونت اليه صامتا ثابتا..قال الحارس العجوز:
- اخرج من هذا المكان قبل أن أطلق عليك الرصاص..
ولكن الكونت بقي صامتا..وشعر العجوز بالخطر..فأطلق رصاص بندقيته صوب الجسم المديد..ولكن الكونت بقي ساكنا والطلقات تخترق جسده..شر العجوز بأن في الأمر شيئا خارقا فأطلق ساقيه للريح..ولكنه فجأة اصطدم بجسم الكونت الذي كان في مواجهته.
- ماذا؟..كيف ذلك!!؟..
لم يرد الكونت عليه..بل قبض على عنقه ورفعه عاليا..ثم قذف به في الهواء ليرتمي الحارس المسكين تحت قدمي وينفيلد..
قال الكونت مخاطبا خادمه المجنون:
- هذه مكافئتك..دما طازجا..
مثل الضباع الجائعة..ألقى وينفيلد بنفسه فوق الحارس العجوز..وغرس أنيابه في عنقه..
واخترق سكون الليل صرخة عظيمة أخرى..كانت صرخة الحارس الذي كان وينفيلد يرتشف من دمه بتلذذ!!
------------------------------------------------------------------------
يتبع.....

Voodoo Doll
31-07-2006, 01:51
التكملة..
---------------------------------------------------------------------------
كانت مينا راقدة على فراشها..وقد علقت لفائف من الثوم على الحوائط حولها..وحول عنقها..بالإضافة إلى بعض ثمراته المتناثرة حول الفراش وفي أرضية الغرفة..
وفي الغرفة المجاورة كان جوناثان نائما على مقعد كبير ,وبجواره مقعد آخر جلس عليه الدكتور فان هيلسنج الذي قرر الإنتقال إلى منزل مينا لحمايتها ولتكون تحت اشرافه دائما..
كان المنزل كله مضاء بالمشاعل والمصابيح اليدوية ,وكان الجميع نياما بحيث لم يسمع أحدهم صوت رذاذ المطر المتساقط على أشجار الحديقة الصغيرة التي تحيط بالمنزل..وماكانوا ليسمعوا أيضا صوت خطوات القادم الذي لاصوت لخطواته أبدا!!
اقترب الكونت من شرفة غرفة نوم مينا..فلما أصبح بأسفلها رفع رأسه وهو يبتسم ابتسامة الفائز..كان نابيه قد طالا استعدادا لوليمته القادمة..ثم نشب مخالبه في الجدار وارتفع بجسمه متسلقا بكل سهولة وكأنه يسير في طريق ممهد ,فلما وصل إلى الشرفة قفز فوق سورها..لا يفصله ألآن سوى النافذة الزجاجية العريضة الموصدة..من كان مثله يسير على الحائط ويدب على الأرض بلا صوت لن يعجز أبدا عن فتح النافذة الصغيرة..ومد يده ليدفعها ولكنه تراجع وقد أبصر الغرفة مضاءة..ولاحت له من خلال زجاج النافذة ثمرات الثوم المتناثرة في كل مكان..
غمغم الكونت ساخطا:
- فان هيلسنج الملعون..لقد تدبر الأمور جيدا!!..
ولكن الكونت ما كان لييئس..رفع كلتا يديه في الهواء فاشتد الريح عن ذي قبل..كأن قوى الطبيعة تبدو كأداة مطيعة في يده.
وانفتح مصراعي النافذة من شدة الريح..وبفعل الهواء الداخل ورذاذ المطر الذي دفعه الريح للداخل..اطفئت كل الأنوار المضاءة..وأصبح المكان مظلما إلا من ضوء القمر الخافت بفعل المطر والضباب.
خطا الكونت للداخل ولكنه توقف وقد وصلت إلى أنفه رائحة الثوم المنبعثة من كل مكان في الغرفة..
كانت مينا غارقة في نومها..
- مينا!!..
هتف الكونت بإسمها..كان الصوت عميقا رهيبا ولكنه تسلل إلى عقلها وسمعها النائمين!..
حركت مينا رأسها..وبقيت مغمضة العينين..عاد الصوت يقول:
- لقد أتيت يا مينا..ويجب أن تكوني في استقبالي!!..
فتحت مينا عينيها..ولم تبصر شيئا غير مألوفا عدا الظلام الذي يلف الغرفة..التفتت ناحية نافذة الشرفة وهي تعلم أن بابها المفتوح هو الذي أطفأ المشاعل..وفجأة شاهدت الكونت منتصبا يحدق فيها..هبت مينا جالسة وقد انتابها ذعر هائل وفتحت فمها لتصرخ..ولكن الصرخة لم تخرج من حنجرتها..عجزت عن الصراخ منن شدة رعبها وفزعها..وهي الصرخة التي لن يسمعها أبدا من بالغرفة القريبة والذين كانوا نائمين تماما..
نظرت مينا إلى الكونت الذي بقى واقفا في مكانه بعيدا عن فراشها..كان يتأملها بإعجاب شديد وقد بدت امارات الغرام والوله من بين نظراته المخيفة..
قالت مينا بصعوبة:
- ماذا تريد مني؟
قال الكونت:
- أريدك كما تريدينني..
شعرت مينا بأنها مسلوبة الإرادة أمام نظراته الجهنمية..فأغلقت عينيها وهي تقول:
- لا..أنا لا أريدك..اذهب من هنا فورا فهناك من يتربص بك..
أجاب الكونت بصوته الهادئ الذي اخترق جسمها:
- ستذهبين معي..
قالت مينا بضعف:
- لا..لا أستطيع..
الكونت:
- انظري إلي..لقد أتيت لك من أقصى الدنيا..وواجهت ماواجهته كي أصل إليك..أنت لي وأنا لك..هذا قدري وقدرك ولن يستطيع أحد أن يعيق مسار هذا القدر..
كان صوته مؤثرا..مسيطرا..وكأنه يلقي بتعويذة سحرية على أسماعها..
قالت مينا وهي تبكي:
- ولكنك قتلت صديقتي..
الكونت:
- أنت تعلمين أنني لم أقتلها..بلل قتلها خطيبك وذلك الدكتور المشعوذ ,لقد رأيت هذا بنفسك..هل تعتقدين أنني سأقتلك!!كنت أستطيع هذا وأنا في مكاني البعيد..الواقع أنني جئت لأهب لك الخلود..حياة أبدية نحياها معا..هيا يا حبيبتى..أبعدي تلك الثمرات من حولك كي أحتويك بين ذراعي إن رائحتها تضايقني..ولا أعتقد أنك تحبين مضايقتي..
وجدت مينا تقوم من فراشها طائعة ,وأخذت تلملم ثمرات الثوم من أنحائها وتلك التي حول عنقها..كانت ارادتها قد سلبت منها تماما..وأصبحت حتى دون أن يمسها الكونت تحت طاعته الكاملة!!
خطا الكونت داخل الغرفة وقد اختفت رائحة الثوم منها..واقترب من مينا التي وقفت صامتة كالتمثال الأصم..زاد اقترابه منها..فلما أصبح في مواجهتها مد يداه ودفع بها إلى صدره..وأخذ يتحسس شعرها ويشم رائحته في تلذذ ,شعرت مينا بانجذاب غريبل نحوه..نحو ذلك الذي جاء ليمتص دماءها ويحيلها إلى مخلوق متوحش مثله..
قال الاكونت:
- لا..لن يمتزج دمانا هنا..بل في قصري حيث مقامك الأبدي وحياتك الآتية..
قالت مينا بلا وعي:
- بلهنا..أنا أشتاق إليك كثيرا..كنت أقاوم عقلي وارادتي وانا بعيدة عنك كنت أعتبرك عدوي الأول أما ألآن وأنت بقربي فها أنا أقر لك بحبي..سأكون لك الخادمة المطيعة..
قاطعها الكونت:
- بل الحبيبة..أنت التي قضيت كل هذا العمر أبحث عنها..ولن أفرط فيك أبدا بعد ما التقيتك..
قالت مينا بوله:
- لنغادر ألآن..أنا مستعدة للذهاب معك إلى أقاصي الأرض..
الكونت:
- نعكم يا حبيبتي..وماذا عن جوناثان؟!!.
مينا:
- جوناثان..قبل مجيئك كان هو حبيبي الأوحد..ولم أظن أبدا أن حبي له سيخبو أو سيقل..
الكونت:
- هل تعلمين أنني أبقيت على حياته إرضاء لك!!كنت أتفادى أي سبب لحزنك أو تعاستك..
مينا:
- ولكني مازلت أشفق عليه ,أرجوك لا تؤذه..ولنرحل من هنا تاركين كل شئ خلفنا..
الكونت:
- نعم با حبيبتي..
دفع الكونت حبيبته مينا وحملها بين ذراعيه القويين..ثم قفز بها من الشرفة واختفى في الظلام الدامس.

---------------------------------------------------------------------------
يتبع....

Voodoo Doll
31-07-2006, 02:04
التكملة...
---------------------------------------------------------------------------------------
حين دخل جوناثان غرفة مينا في الصباح ولم يجدها صاح بالدكتور فان هيلسنج الذي أتى مسرعا..ووقف على باب الغرفة..
جوناثان:
- أين هي!؟
أجاب فان هيلسنج وهو يدور ببصره:
- لقد جاء دراكيولا هنا في الليل..انظر إلى ثمرات الثوم المكومة في الممر ,وتلك النافذة المفتوحة رغم أننا أحكمنا غلقها بالأمس..
جوناثان:
- هل خطفها!!؟
فان هيلسنج:
- نعم..ولا..
جزناثان:
- ماذا؟
فان هيلسينج:
-0 لقد سلب ارادتها..فلديه سحرا ما يذهب بالعقول وماحبيبتك مينا إلا ضحية لهذا السحر العجيب..لقد سارت معه بإرادتها وعلى الأصح بإرادتها المسلوبة..
قال جوناثان بحماس:
- سأتبعه حتى لو عدت إلى ترانسلفانيا..لن أترك مينا لتصبح ضحية جديدة له..
قال فان هيلسنج بهدوء:
- اطمئن..انه لم يغادر لندن بعد..
جوناثان:
- وكيف تعرف ذلك!؟.
فان هيلسنج:
- ان لسفره ترتيبات خاصة كما تعلم..ولا توجد أية سفينة غادرت لندن في الليل..في واقع الأمر انها معه ألآن في مكان ما..وفي الليل سيكون سفرهما إلى قلعته..
قال جوناثان وهو يخرج من الغرفة مسرعا:
- هيا بنا..لنتوجه إلى الميناء..أنا أعلم كيف أجده..
سأله فان هيلسنج وهو يسرع خلفه:
- ماذا تعني؟
- سنجد في السفينة صناديقا مليئة بالتراب وسيكون الكونت داخل إحادها في سباته النهاري..
عندما وصل الأثنان إلى الميناء كانت السفينة "فكتوريا" تطلق صفاراتها المتتالية فعلان المسافرين بقرب الرحيل..توجها إلى القبطان مباشرة..وسأله جوناثان:
-متى ستغادر السفينة!!؟
أجاب القبطان مندهشا:
- بعد ساعة تقريبا..ما الأمر؟
سأله فان هيلسنج:
- ما هي حمولتك..بالإضافة إلى المسافرين طبعا؟..
أجاب القبطان:
- ولماذا تسأل؟.ولماذا علي أن أجيبك!؟
فان هيلسنج:
- أرجوك يا سيدي..انها مسألة حياة أو موت..هل في قائمة مسافريك شخص يدعى الأمير فلاد!؟
أخرج القبطالن قائمة من جيب سترته..وأخذ يراجعها ثم قال:
- لا..ولكن..
جوناثان بلهفة:
- ولكن ماذا؟.
القبطان:
- الواقع أن هناك بعض الأغراض تخصه.بعص الصناديق المقفولة ولا أعلم ما بداخلها..الواقع أنها أشبه بالتوابيت الأثرية ربما اشتراها الأمير بدافع حبه للآثار فقد سمعت أنه شخص ثري للغاية.
لم يكن الأثنان في حاجة إلى المزيد من ثرثرة القبطان..فقد تأكدت مخاوفهما..ولابد أن الكونت دراكيولا قابع ألآن في أحد تلك التوابيت المليئة بالتراب..أما مينا..فلم يعلما أين هي!!
أخرج فان هيلسنج بطاقة من سترته قدمها للقبطان قائلا:
- أنا الدكتور فان هيلسنج من الجمعية العلمية البريطانية وأنبئك يا سيديأنك تحمل من ضمنن حمولتك ما يمكن أن يدمر بريطانيا كلها..وعلى ذلك أطلب منك السماح لنا بتفتيش مستودع المنقولات بسفينتك..
أمام الجدية التي أحاطت بحديث فان هيلسنج..قال القبطان:
- حسنا..ولكن تذكرا..سنبحر بعد نصف ساعة أنا لا أستطيع تحمل مسئولية التأخير..
نظر جوناثان في ساعته ثم الى فان هيلسنج وهو يقول:
- ان الوقت يمر بسرعة..
ثم أسرع الاثنان إلى قاع السفينة حيث مخزن المنقولات ,فقد كانت كبيرة الحجم وواضحة تماما وسط المنقولات المبعثرة هنا وهناك..
وبسرعة أخذ الأثنان يسزيحان أغطية التوابيت ,فلم يجدا بداخلها سوى ترابا عفن الرائحة..وبقي تابوت واحد لم يشك الأثنان في أنه يحوي بداخله جسم مصاص الدماء..فأسرعا الأثنين يتعاونان في ازاحة غطاءه..لاحت لهما قدمان ممددتان بداخله..
قال جوناثان وهو يلهث:
- انه هنا..
استكمل الأثنان رفع الغطاء..كان بداخله شخصا ممددا..ولكنه لم يكن الكونت..
صاح جوناثان:
- ماذا!؟ انه وينفيلد..
كان وينفيلد راقدا فوق تراب التابوت ,وقد شحب لونه وبدا ميتا ,وكان جوناثان يلتفت حوله كالمجنون في حين بقى فان هيلسنج صامتا لبرهه..ثم قال:
- لقد خدعنا الكونت..أعتقد أنه سيسافر بالقطار..هيا بنا.
وأسرع الأثنان خارجين من قبو السفينة ,وقابلهما القبطان الذي لاحظ استعجالهما فقال:
- هل وجدتما ما تبحثان عنه أيها السادة..
ولم يحصل على اجابة.إذ أسرع الاثنان خارج البناء وهما يسابقان الزمن ,أما القبطان فقد أخذ يتمتم:
- اللعنة..إن انجلترا تضج بالمجانين!!
كان الأمير فلاد أو دراكيولا واقفا في بهو محطة القطار يرتدي بذلة فاخرة ويضع نظارة سوداء على عينيه بينما تأبطت ذراعه مينا مواري التي كانت في أوج أناقتها ,لن يعرف رواد هذا المكان أن هذا الثنائي الفائق الجمال ما هو إلا مصاص دماء رهيب وضحيته المسكينة..
وفي اللحظة التي خطا فيها الأثنين على الدرجات الخشبية المتحركة المؤديةإلى داخل العربة وصل جوناثان يتبعه فان هيلسنج الذي كان يلهث..
صاح جوناثان:
- مينا..أفيقي.
تسمرت قدما الكونت..بينما ألتفتت مينا ناحية الصوت وصاحت:
- أوه..جوناثان..أرجوك ابتعد..
جوناثان:
- ماذا!؟
مينا:
- هذا قدري يا جوناثان..ستظل صديقا حميما لي..أما حبي فهو لأميري وسيدي الكونت دراكيولا..
أطل المسافرون برؤوسهم لمتابعة هذا الحوار العجيب..بينما وقف رواد المحطة على الرصيف يتابعون بدهشة ما يحدث أمامهم..
صاح جوناثان:
- كنت دراكيولا..اتركها واذهب لشأنك.
دوقف الكونت بقامته الهائلة مواجها جوناثان وفان هيلسنج من خلفه..ثم فتح فمه محدثا فحيحا مفزعا..وقال:
-اذهب أيها الشاب لحالك.ألم تعلم!؟نها ليست لك..فارضى بقدرك وإلا خسرت حياتك.
وهنا تقدم فان هيلسنج حتى أصبح في مواجهة الكونت تماما وقال بثبات:
- بل أنت الذي عليه أن يرضى بقدره..مينا ليست لك أيها الكونت..
صاح الكونت:
- أنت فان هيلسنج أليس كذلك؟..لقد كنت مصدر ازعاج كبير لي..
ثم دفع كتفه بيده بقوة فوجد فان هيلسنج نفسه يطير في الهواء ثم يصطدم بالحائط البعيد..
ويقدم جوناثان مهاجما الكونت ولكن الأخير قبض على عنقه ورفعه في الهواء مستعدا ليقذفه بعيدا ولكن مينا أمسكت ذراعه قائلة بتوسل:
- أرجوك يا سيدي..دعه يذهب في سلام..
إزاء توسل محبوبته..ترك الكونت عنق الشاب ليهوي على الأرض..ثم يهب واقفا مرة أخرى رافضا الإستسلام وهو يتساءل في نفسه أين فان هيلسنج..هل فر أم لقى حتفه!..
عاد جوناثان يهاجم الكونت بلا فائدة فقد كان هذا يدفعه عنه بحركات بسيطة لم يستطع الشاب أبدا مقاومتها..
وانطلقت صفارة القطار وانصرف الجميع إلى شئونهم وهم على يقين من أن الأمر لا يعدو شجارا بين رجلين على حبيبة واحدة..
كان جوناثان ملقيا على الأرض وقد سالت الدماء من الجروح الناتجة عن ضربات دراكيولا..
وكان الكونت ينظر إلى الدماء المسالة وقد استدعت رؤيتها جوعه وتعطشه للدم..ولكن مينا المشفقة اجتذبته من ذراعه واتجهت به إلى القطار المغادر.
وفجأة سطعت أنوار محطة القطار كلها وتحولت في لحظة واحدة إلى نهار كامل فترنح الكونت وهو يغطي وجهه بيديه..وألتفت جوناثان حوله..فرأى فان هيلسنج واقفا في مواجهة الكونت وهو يدفعه بقوة على كتفيه.
كانت مينا تصرخ اشفاقا على الكونت الذي بدا وكأنه حيوان محاصر ألتف الصائدون حوله..
وعرف جوناثان أن فان هيلسنج وراء هذا الحادث المفاجئ وبالفعل كان الطبيب الحاذق قد طلب من رئيس المحطة أن يضئ جميع أنوار المكان..فلم يكن سوى تلك الوسيلة لتعطيل الكونت..
سقط الكونت على أرضية المحطة وأخذ يتلوى بجسمه وهو يصدر صرخات حادة..
وألتفت فان هيلسنج حوله يبحث عن شئ ما..وأخيرا..أبصر الدرجات الخشبية التي توضع أمام عربات القطار لتساعد المسافرين على الدخول ,فأسرع يقتلع لوحا خشبيا منه..ثم أخذ يقطع بعض أجزاءه حتى حصل في النهاية على طرف مدبب..
كان يفعل ذلك بسرعة نسى خلالها الجروح التي أدمت يداه وهو يشذب اللوح الخشبي بيده..ولما حصل على ما أراد..أمسك قطعة الخشب المدببة بكلتا قبضتيه وتوجه إلى حيث كان الكونت على الأرض يتلوى من الألم..فلما أتيحت له الفرصة..هوى بقطعة الخشب على قلب الكونت الذي صاح صيحة هائلة..وأخذ يتلوى من الألم لفترة طويلة ثم هدأت حركته رويدا رويدا حتى سكنت تماما..
كانت مينا تصرخ بهستيرية..وأسرع جوناثان يضمها إلى صدره ولكنها أبعدته عنها بقوة وصاحت وهي ترتمي على جسد دراكيولا الممدد على الأرض:
- لقد قتلتموه..قتلتوا حبيبي الأوحد..
أما فان هيلسنج فقد ألقى قطعة الخشب من يده..وأخذ يتأمل كفيه وقد أغرقتها الدماء..لم يكترث لصرخات مينا..ولا لتوسلات جوناثان إليها كي تهدأ.إنما خاطب جوناثان بهدوء قائلا:
- اتركها..ستعود إلى رشدها لاحقا..مازال سحره عالقا فيها.
* * *
مثل كل الحكايات التقليدية..كانت النهاية السعيدة بإنتظار مينا وجوناثان بعد كل تلك الأحداث المفجعة..
فبعد مرور ثلاثة أشهر..عادت مينا خلالها إلى سابق طبيعتها..كان عقد قرانهما لينتقلا بعد ذلك إلى منزلهما الجديد حيث الحياة الجديدة التي تنتظرهما وحيث آمالهما في أولاد يحملون جمال أمهم وشجاعة أبيهم..
وعاد الدكتور فان هيلسنج إلى أيرلندا وهو يحمل في عقلة خبرة جديدة وتجربة فريدة يبدأ بهما بحثا رائدا عن مصاصي الدماء الذين أصبح العالم يصدق وجودهم حقيقة..
أما وينفيلد فلم يعرف أحد ماهو مصيره..هل مات وهو يهيم في الطرقات متشردا صعلوكا؟!! أم مازال على قيد الحياة في مكان ما!؟!..ومن سيهتم بهذا المخلبوق المجنون!؟
أما الكونت دراكيولا المزعج فقد غادر الدنيا بلا رجعة بعد حياة طويلة امتدت لمئات السنين..لم تنقض بموته سلالة مصاصي الدماء..فهم منتشرون في كل مكان هيئتهم عادية..ولنم يتعرف عليهم أحد أبدا إلا ذلك الذي سيلقيه حظه العاثر بين أنيابهم..
وهذه نهاية قصته.أشرس وحوش الأرض على الأطلاق ذلك الذي يفوق في شراسته الوحوش والسباع..مصاص الدماء الكونت دراكيولا أو أمير فلاد..هكذا تقول الأحداث التي شهدتها لندن وكان أبطالها جوناثان ومينا وفان هيلسنج..وآخرين!!
صفحات من الرعب والفزع طويت للأبد..
هكذا يظنون..
ولكن مهلا..
ما هذا النبأالذي نشرته صحيفة التايمز المحترمة!..
((مجهول ينبش قبر الأمير فلاد المعروف باسم الكونت دراكيولا واختفاء جثمانه))
القصة إذن لم تنته على ما يبدو!!
والنهاية ليست سعيدة كما اعتقد الجميع.




:) :)

ريم الشمال
31-07-2006, 21:09
مشكووووووووووووووره يا فودو على التكمله

Voodoo Doll
31-07-2006, 23:09
العفو ريم..
ده انتي تأمري..:) :)
بس ياريت ماتكونيش متضايقة عشان اتأخرت في التكملة..:مرتبك: :مرتبك: :مرتبك:

دموع الأمل
01-08-2006, 15:50
مشكورة مرة يا فودو وتسلمي

Voodoo Doll
01-08-2006, 18:01
العفو دموع الأمل ..
وشكرا على مرورك الغالي...

ريم الشمال
06-08-2006, 16:49
العفو ريم..
ده انتي تأمري..:) :)
بس ياريت ماتكونيش متضايقة عشان اتأخرت في التكملة..:مرتبك: :مرتبك: :مرتبك:

لا يا عسل والله مو مضايقني الا خوفي اذا كنت تعبتك

✿origami rose✿
19-08-2006, 14:16
شكرا ع القصة الرااائعة

Voodoo Doll
21-08-2006, 01:32
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!!!
شكرا على المرور والردود..
:D ريم الشمال :D
:D yami's girl :D
:D :D
:D

nightwish
25-08-2006, 19:41
مشكورة اختي الف شكر
والله شكلها تحمس ما بعد قريتها بس اني حفظتها عشان اتفرغ لها بكل قواي العقليه

ومشكورة مرة ثانيه

تسلم ايديك

والله ماقصرتي

Voodoo Doll
28-08-2006, 21:05
مشكورة اختي الف شكر

والله شكلها تحمس ما بعد قريتها بس اني حفظتها عشان اتفرغ لها بكل قواي العقليه

ومشكورة مرة ثانيه

تسلم ايديك

والله ماقصرتي

شكرا nightwish على مرورك وردك المفرحين::سعادة:: ::سعادة::
سلااااااااااااااااااااااااااام!!!

caabool_oo
08-11-2006, 13:38
مشكورة يا أختي ما قصرت ....... جزاك الله خير::جيد::

sHiTRA
13-11-2006, 16:21
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووور
يسلمووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو

beba87
04-02-2007, 13:55
حلوة اوى ومسلية بس فين البقية

سعودية كيوت
27-02-2007, 06:16
بانتظار التكمله عزيزي
تحياتي لك

سيناتور
02-03-2007, 10:45
السلام..
أنا قد قرأت هذه الروايه وأعجبتني من جد ..
وفي الكتاب أنتهت بنفس هذه النهايه ..هل هذي هي النهايه الحقيقيه للروايه برام ستوكر؟!
ياليت تردين

Voodoo Doll
02-03-2007, 21:09
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ايه أخبار اعضاء مكسات الحلوين؟؟

والله وحشتوني..المهم

شكرااااا جدا للأعضاء العسل اللي ردوا على الموضوع..


caabool_oo

sHiTRA

beba87

سعودية كيوت

(سناتور)



على فكرة حبيبتي سعودية كيوت القصة خلصت:) ماليهاش تكملة تانية..
عالعموم شكرا على مرورك العزيز..


السلام..
أنا قد قرأت هذه الروايه وأعجبتني من جد ..
وفي الكتاب أنتهت بنفس هذه النهايه ..هل هذي هي النهايه الحقيقيه للروايه برام ستوكر؟!
ياليت تردين

مشكور سناتور عالمرور وهيه فعلا القصة الاصلية لـ برام ستوكر ]

همس التحدي
03-03-2007, 01:20
يسلموووووووو اختي على القصة المشوقة
ما قدرت الا اني اتابع بشغف
سلمت اناملك على الاختيار المميز للقصة
ودمت مميزة

lanoo
13-04-2007, 15:19
مشكووووووووووووره على القصة الرائعة
ننتظر منك الاروع..............ز

Wakashimazu
27-04-2007, 09:41
يسلمووووووووووووووووووووووووووووووو

على المووضوع الحلووو



والله لا يحرمنا من مواضيعكم الشيقه والمثيره


اخوكم" الحارس رعد "

The X Detective
30-04-2007, 15:22
شكراً لك أخي على هذه الرائعة الرائعة ::جيد::

Voodoo Doll
02-05-2007, 18:03
أولا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

اللي يرد ماينساش يرد السلاااااااااااااااااااااااااام

;) ;)

ثانيا : شكرا لكل اللي كلف نفسه ومر على موضوعي ورد عليه..

همس التحدي

lanoo

الحارس رعد

the X detective



ثالثا : أنا بنت مش ولد..:D :D :D

وعلى العموم مشكور the X detective على مرورك وردك الكريم:) :) :)

شكراً لك أخي على هذه الرائعة الرائعة ::جيد::

ThePunisher
31-07-2007, 04:37
مشكورة يا فودو على الرواية ...