PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : موت السيدة ماغنتي إلى أغاثا كريستي



شيهيرو
12-04-2006, 15:06
لتحميل الرواية كاملة اضغط هنا (http://www.4shared.com/get/c560BY8j/_____.html) ,

راح احط بقدر الامكان كل يوم فصل واتمنى تعجبكم
.................................................. ...............................
خرج هيركيول بوارو من مطعم فييل غراندمير إلى سوهر ,ورفع ياقة معطفه إلى عنقه من قبيل الحذر لا من قبيل الحاجة, إذ أن الطقس لم يكن بارداً تلك الليلة . وكأن لسان حاله يقول :"ولكن المرء _في مثل سني_ لا يجازف"
كانت في عينيه سعادة ناعسة متأملة وكانت وجبة المأكولات البحرية في مطعم فييل غراندمير شهية . ذلك المطعم الصغير البسيط كان كسباً بالنسبة لبوارو الذي راح يمرر لسانه على شفتيه متأملا كالكلب الشبعان ثم أخرج منديله من جيبه ومسح به شاربيه .
نعم , لقد تناول عشاء جيداً , فماذا يفعل الآن ؟ تبأطات سيارة أجرة كانت تمر بجانبه كأنها تدعوه للركوب .تردد بوارو قليلاً ولكنه لم يصدر أي أشارة ,فلماذا يستأجر سيارة ؟ إنه سيصل إلى بيته _على أيه حال_ في وقت مبكر عن موعد نومه.
تمتم مخاطباً :" من المؤسف أن لا يستطيع المرء أن يأكل أكثر من ثلاث مرات في اليوم " ذلك أن الوجبة التي يتناولها الإنكليز مع الشاي عصراً كانت وجبة لم يستطيع بوارو التأقلم معها ,وكان ويشرح ذلك قائلاً:" إن تناول أي شئ عند الساعة الخامسة سيفقد المرء شهيته للعشاء , ويجب أن ننسى أن وجبة العشاء هي وجبة اليوم الفاخر" ولم يكن أيضاً معتاداً على شراب قهوة الضحى . لا , بل كان يفضل مشروب الشُكلاتة مع بعض المعجنات في وجبة الفطور , ثم يتناول الغداء في حدود الساعة الثانية عشرة والنصف إن أمكنه ذلك , بشرط أن لا يتجاوز موعد الغذاء الساعة الواحدة .وأخيراً تأتي وجبة التتويج : العشاء.
كانت تلك المواعيد هي لحظات الذروة في يوم هيركيول بوارو . كان رجلاً يأخذ حاجة معدته دائماً على محمل الجد , وها هو ذا يجني ثمار ذلك في شيخوخته . لم يعد الطعام متعة جسدية فحسب بل أصبح عملية بحث عقلية, لأنه كان _ بين الوجبات _ يبحث ويفتش عن مصادر جديدة للطعام الشهي . وكان مطعم فييل غرابدمير نتيجة إحدى عمليات البحث التي قام بها, وقد حظي هذا المطعم لتوه بقبول بوارو ورضاه. والآن بقي عليه _مع الأسف _ أن يقضي فترة المساء .
تنهد هيركيول بوارو ,وفكر قائلاً لنفسه : لو أن هيستنغز كان موجوداً فقط!
استغرق بسرور في ذكرياته مع صديقه القديم "إنه أول صديق لي في هذه البلاد ...ومازال أعز أصدقائي .صحيح أنه كان يغضبني أحياناً ,ولكن هل أتذكر ذلك الآن ؟ لا. إنني لا أذكر إلا تعجبه الساذج وتقديره_بفم مفتوح_لقدرتي ....البساطة التي كنت أضلله بها دون أن أنطق بكلمة واحدة غير صحيحة , وحيرته , ودهشته الهائلة وهو يدرك_في النهاية _ الحقيقة التي كانت واضحة جلية لي منذ البداية
آه ياصديقي العزيز !إن نقطة ضعفي كانت دوماً حبي للمباهاة. تلك الصفة التي لم يفهمها هيستنغز أبداً. ولكن من الضروري جداً _ في الحقيقة أن يعجب رجل له مثل قدراتي بنفسه ... ومن أجل ذلك لابد له من محفز خارجي .إنني لاأستطيع ، لاأستطيع حقاً , الجلوس على كرسي طوال اليوم وأنا أفكر كم أنا مثير للإعجاب , فالمرء يحتاج إلى لمسة إنسانية . يحتاج _كما يقولون في هذه ا لأيام_ إلى التابع الذي تظهر بالنقيض معه عبقرية المرء.
تنهد هيركيول بوارو وانعطف إلى شارع شافتسبري . أيقطع الشارع ويذهب إلى ساحة ليستر ليقضي مساءه في إحدى دور السينما؟ هز رأسه بالنفي وهو متجهم قليلاً,إذ غالباً ماكنت السينما تثير غضبه بسب ضعف حبكة أفلامها وقلة الترابط المنطقي في حواراتها . وحتى التصوير_الذي كان الكثيرون يسهبون في امتداحه _
لم يبدُ في نظر هيركيول بوارو إلا مجرد رسم لمشاهد وأشياء بحيث تبدو مخافة تماماً لحقيقتها في الواقع .
رأى بوارو أن كل شئ غدا صناعياً هذه الأيام. لم يبق َ في أي مكان حب النظام والمنهجية اللذين يقدرهما بوارو عالياً, وكان نادراً ما يجد تقديراً للرقة والذوق الحساس الدقيق. كانت مشاهد العنف والوحشية الفظة هي الموضة السائدة , ولأن بوارو كان ضابط شرطة سابقاً فإنه سئم الوحشية . لقد شاهد الكثير من الوحشية الفظة في شبابه , إذ كانت تلك هي القاعدة وليست الاستثناء . وقد وجدها مرهقة وسخيفة .
وعندما اتجه بوارو إلى بيته فكر قائلاً لنفسه:" الحقيقة هي أنني غير منسجم مع هذه العصر,وأنني (وإن بطريقة متفوقة ) عبد كغيري من الناس .لقد استعبدني عملي كما استعبدت الناس أعمالهم , فعندما تتوفر لديهم ساعة فراغ لايدرون ماذا يفعلون بها ,
فتجد المصرفي المتقاعد يمارس الغولف ,والتاجر الصغير يزرع الورود في حديقة منزله, أما أنا فإنني آكل . ولكن ها أنا ذا أعود إلى نفس المشكلة : إن المرء لايستطيع أن يأكل أكثر من ثلاث مرات في اليوم,وبين هذه الوجبات تكون الثغرات.
مر بوراو بجانب بائع صحف ووقف قليلاً يستعرض العناوين :" نتيجة محاكمة ماغينتي . الحكم النهائي " .
لم يثر ذلك اهتمامه , وتذكر _بشكل مبهم _ فقرة صغيرة قرأها في الصحف . لم تكن حالة قتل مثيرة , فقد قتلت امرأة عجوز بائسة بضربة على رأسها من أجل جنيهات قليلة , وكل ذلك جزء من الوحشية الفظة القاسية لهذه الأيام.
دخل بوارو إلى ساحة المجمع الذي توجد به شقته . كعادته , امتلأ قلبه بالاستحسان للمجمع . وكان فخوراً ببيته , ذلك البناء الرائع المتناسق . وحمله المصعد إلى الطابق الثالث حيث توجد شقته الفاخرة المفروشة كنبات مربعة الشكل وتحفيات مستطيلة بشكل صارم تمام .يمكن القول _ بالفعل_ إن البيت يخلو من أي شكل منحن .
وفيما هو يفتح الباب ويدخل الصالة المربعة البيضاء , تقدم خادمة جورج لاستقباله قائلاً: " مساء الخير يا سيدي .يوجد... سيد ينتظر مقابلتك " .ثم قام بمساعدة بوارو على خلع معطفه برفق.
انتبه بوارو لتلك الوقفة الخفيفة جداً قبل كلمة سيد . لقد كان جورج خبيراً باعتباره ممن يكنون تقديراً مبالغاً به للمكانة الاجتماعية .
سأله بوراو : حقاً؟ما اسمه؟
_رجل يدعى السيد سبنس يا سيدس.
_سبنس.
لم يعن هذا الاسم شيئاً بالنسبة لبوارو لأول وهلة , ومع ذلك أدرك أنه يجب أن يعنى شيئاً.

شيهيرو
12-04-2006, 15:07
وقف قليلاً أمام المرآة ليعدل شاربيه على درجة الكمال , ثم فتح باب غرفة الجلوس ودخل . ونهض الرجل الذي كان يجلس في إحدى الكنبات الربعة الكبيرة وقال: مرحباً يا سيد بوارو .أرجوا أنك تتذكرني ,لقد مضى وقت طويا .أنا المفتش سبنس. _بالطبع !
صافحه بوارو بحرارة .المفتش سبنس من شرطة كيلشستر. كانت تلك القضية مثيرة جداً.... قبل زمن طويل كما قال سبنس .
عرض بوارو على ضيفه أنواعاً مختلفة من المرطبات , عصير الرمان , أو شراب النعناع ,أو الكاكاو الحار؟ وفي تلك اللحظة دخل جورج يحمل طبقاً عليه إبريق الشاي وقال: لعلك تفضل الشاي يا سيدي.
تهلل وجه المفتش سبنس الأحمر الضخم وقال : نعم , هذا ما أفضله .
وعندما قدم لسبنس كوب شاي سكب بوارو لنفسه كأساً من شراب النعنع الأخضر اللامع وقال : كم هو رائع منك أن تأتي لزيارتي !رائع .من أين جئت؟
جئت من كيلشستر . سأتقاعد خلال ستة أشهر, وقد استحق موعد تقاعدي عملياً قبل سنة ونصف , ولكنهم طلبوا مني البقاء في الخدمة ففعلت .
قال بوارو بحرارة: لقد كان قراراً حكيماً ........... حكيماً جداً .
_أحقاً ؟أشك في ذلك .لست متأكداً من صحة قراي .
أصر بوارو قائلاً: بلى, لقد كانت حكيماً في قرارك. إنك لا تتصور الساعات الطويلة التي ستقضيها بملل وسام .
_آه ,سيكون لدي الكثير من الأعمال عندما أتقاعد , فقد انتقلنا إلى بيت جديد في العام الماضي وفيه حديقة لا بأس بها ولكنها مهملة إلى حد معيب ,ولم يسعفني الوقت _بعد _ لأعتني بها بالشكل المناسب .
_ آه ,نعم , أنت ممن يحبون ترتيب الحائق . أما أنا فقد قررت _مرة_ أن أعيش في الريف وأزرع الكوسا, ولكن محاولتي لم تنجح , ليس لدي الميل لذلك.
قال سبنس متحمساً: كان يجب أن ترى ثمار الكوسا التي أنتجتها العام الماضي ,كانت عملاقة ! والأزهار أيضاً ... أنا مغرم بزراعتها , وسأحصل على .....
ثم توقف عن الحديث فجأة وقال : ليس هذا ما جئت للحديث عنه .
_نعم, نعم, لقد جئت لترى صديقاً قديماً لك, وهذا لطف منك .إنني أقدر ذلك.
_ أظن أن الأمر أكبر من ذلك يا سيد بوارو . سأكون صادقاً معك . إني أريد شيئاً.
همهم بوارو بحذر: لعل بيتك مرهون ؟ وأنت تريد قرضاً.....
قاطعة سبنس بصوت مرتعب: يا ألهي ! ليست المسألة مسألة مال ! لا شئ من هذا القبيل .
_لوح بوراو بيديه معتذراً وقال: أرجوا المعذرة .
_سأخبرك مباشرة . إن مجيئي إلى هنا وقاحة , ولن أستغرب إذا ما أخرجتني مذموماً.
_لن يكون ذم.أكمل .
_إنها قضية ماغينتي .لعلك قرأت عنها؟
هز بوارو برأسه بالنفي وقال: لم أقرأ عنها باهتمام .السيدة ماغينتي .... امرأة عجوز في بيت أو دكان . وقد ماتت, نعم . كيف ماتت؟
حملق سبنس في بوارو وقال: يا ألهي !إن هذا يذكرني بالماضي .أمر غريب ,ولم أفكر به حتى هذه اللحظة .
_ عفواً ,ماذا تقول؟
_لا شئ.مجرد لعبة .... لعبة للأطفال كنا نمارسها ونحن أطفال .كنا نقف معاً في صف واحد ويجيب الآخر , وهكذا نستمر إلى النهاية ."ماتت السيدة ماغينتي " "كيف ماتت؟" " متكئة على ركبة واحدة كما أتكئ أنا "ثم يسأل السؤال الثاني : "السيدة ماغينتي ماتت" ....." كيف ماتت؟" .. "مادة يدها كما أمدها أنا" .ثم نركع جميعاً رافعين أيادينا اليمنى .ثم يأتي السؤال: " السيدة ماغينتي ماتت" ..كيف ماتت؟" .وهوب... يسقط منَ في رأس الصف جانباً فنسقط جميعاً معه كحزمة من العيدان!
ضحك سبنس بصوت عالٍ على هذه الذكرى وقال: لقد رجعتنى إلى الأيام الخوالي فعلاً.
انتظر بوارو بأدب . كانت تلك لحظة من اللحظات إلي وجد فيها الانكليز غير مفهومين رغم أنه أمضى نصف حياته في إنكلترا. لقد كان يلعب ألعاباً كثيرة في طفولته , ولكنه لم يشعر برغبة في التحدث عنها, ولا حتى بالتفكير فيها.
وعندما سيطر سبنس على انفعاله أعاد بوراو السؤال بأثر بسيط من السأم : كيف ماتت؟
زالت آثار الضحك عن وجه سبنس وعاد إلى طبيعته فجأة وقال : لقد ضربت على مؤخرة رأسها بأداة ثقيلة حادة, وقد أخدت مدخراتها التي تبلغ ثلاثين جنيهاً بعد أن تم تفتيش غرفتها . كانت تعيش وحيدة في بيت صغير , باستثناء مستأجر اسمه جيمس بنتلي .
_ آه , نعم , بنتلي .
_ لم يقتحم البيت بالكسر والخلع ، ولا آثار للعبث بالنوافذ والإقفال . كان بنتلي مفلساً,
إذ فقد عمله , وتراكمت عليه أجرة شهرين . وقد عثر على الأموال مخبأة تحت حجر خلف المنزل , ووجدت على كم سترة بنتلي بعض الدماء والشعر . وكان الدم من نفس زمرة دم القتيلة , وكذلك الشعر من شعرها , ووفقاً لما قاله بنتلي في أول إفادة له فإنه لم يقترب أبداً من الجثة , ولذلك لا يمكن أن يكون الدم والشعر قد جاء إلى كمه بالمصادفة.
_من الذي عثر عليها؟
_جاء الخباز إليها بالخبز في اليوم الذي يتقاضي فيه حسابه . وفتح له الباب جيمس بنتلي وقال إنه طرق باب غرفة نوم السيدة ماغينتي فلم يرد عليه أحد اقترح الخباز أنها قد تكون أصيبت بسوء,فطلبا من صاحبة البيت المجاور أن تصعد وترى. لم تكن السيدة ماغينتي في غرفة نومها , ولم تكن قد نامت في الفراش , ولكن الغرفة قد فتشت وتم خلع الألواح الخشبية عن أرضيتها . ثم فكروا بالنظر في صالة الاستقبال

شيهيرو
12-04-2006, 15:08
وقف قليلاً أمام المرآة ليعدل شاربيه على درجة الكمال , ثم فتح باب غرفة الجلوس ودخل . ونهض الرجل الذي كان يجلس في إحدى الكنبات الربعة الكبيرة وقال: مرحباً يا سيد بوارو .أرجوا أنك تتذكرني ,لقد مضى وقت طويا .أنا المفتش سبنس. _بالطبع !
صافحه بوارو بحرارة .المفتش سبنس من شرطة كيلشستر. كانت تلك القضية مثيرة جداً.... قبل زمن طويل كما قال سبنس .
عرض بوارو على ضيفه أنواعاً مختلفة من المرطبات , عصير الرمان , أو شراب النعناع ,أو الكاكاو الحار؟ وفي تلك اللحظة دخل جورج يحمل طبقاً عليه إبريق الشاي وقال: لعلك تفضل الشاي يا سيدي.
تهلل وجه المفتش سبنس الأحمر الضخم وقال : نعم , هذا ما أفضله .
وعندما قدم لسبنس كوب شاي سكب بوارو لنفسه كأساً من شراب النعنع الأخضر اللامع وقال : كم هو رائع منك أن تأتي لزيارتي !رائع .من أين جئت؟
جئت من كيلشستر . سأتقاعد خلال ستة أشهر, وقد استحق موعد تقاعدي عملياً قبل سنة ونصف , ولكنهم طلبوا مني البقاء في الخدمة ففعلت .
قال بوارو بحرارة: لقد كان قراراً حكيماً ........... حكيماً جداً .
_أحقاً ؟أشك في ذلك .لست متأكداً من صحة قراي .
أصر بوارو قائلاً: بلى, لقد كانت حكيماً في قرارك. إنك لا تتصور الساعات الطويلة التي ستقضيها بملل وسام .
_آه ,سيكون لدي الكثير من الأعمال عندما أتقاعد , فقد انتقلنا إلى بيت جديد في العام الماضي وفيه حديقة لا بأس بها ولكنها مهملة إلى حد معيب ,ولم يسعفني الوقت _بعد _ لأعتني بها بالشكل المناسب .
_ آه ,نعم , أنت ممن يحبون ترتيب الحائق . أما أنا فقد قررت _مرة_ أن أعيش في الريف وأزرع الكوسا, ولكن محاولتي لم تنجح , ليس لدي الميل لذلك.
قال سبنس متحمساً: كان يجب أن ترى ثمار الكوسا التي أنتجتها العام الماضي ,كانت عملاقة ! والأزهار أيضاً ... أنا مغرم بزراعتها , وسأحصل على .....
ثم توقف عن الحديث فجأة وقال : ليس هذا ما جئت للحديث عنه .
_نعم, نعم, لقد جئت لترى صديقاً قديماً لك, وهذا لطف منك .إنني أقدر ذلك.
_ أظن أن الأمر أكبر من ذلك يا سيد بوارو . سأكون صادقاً معك . إني أريد شيئاً.
همهم بوارو بحذر: لعل بيتك مرهون ؟ وأنت تريد قرضاً.....
قاطعة سبنس بصوت مرتعب: يا ألهي ! ليست المسألة مسألة مال ! لا شئ من هذا القبيل .
_لوح بوراو بيديه معتذراً وقال: أرجوا المعذرة .
_سأخبرك مباشرة . إن مجيئي إلى هنا وقاحة , ولن أستغرب إذا ما أخرجتني مذموماً.
_لن يكون ذم.أكمل .
_إنها قضية ماغينتي .لعلك قرأت عنها؟
هز بوارو برأسه بالنفي وقال: لم أقرأ عنها باهتمام .السيدة ماغينتي .... امرأة عجوز في بيت أو دكان . وقد ماتت, نعم . كيف ماتت؟
حملق سبنس في بوارو وقال: يا ألهي !إن هذا يذكرني بالماضي .أمر غريب ,ولم أفكر به حتى هذه اللحظة .
_ عفواً ,ماذا تقول؟
_لا شئ.مجرد لعبة .... لعبة للأطفال كنا نمارسها ونحن أطفال .كنا نقف معاً في صف واحد ويجيب الآخر , وهكذا نستمر إلى النهاية ."ماتت السيدة ماغينتي " "كيف ماتت؟" " متكئة على ركبة واحدة كما أتكئ أنا "ثم يسأل السؤال الثاني : "السيدة ماغينتي ماتت" ....." كيف ماتت؟" .. "مادة يدها كما أمدها أنا" .ثم نركع جميعاً رافعين أيادينا اليمنى .ثم يأتي السؤال: " السيدة ماغينتي ماتت" ..كيف ماتت؟" .وهوب... يسقط منَ في رأس الصف جانباً فنسقط جميعاً معه كحزمة من العيدان!
ضحك سبنس بصوت عالٍ على هذه الذكرى وقال: لقد رجعتنى إلى الأيام الخوالي فعلاً.
انتظر بوارو بأدب . كانت تلك لحظة من اللحظات إلي وجد فيها الانكليز غير مفهومين رغم أنه أمضى نصف حياته في إنكلترا. لقد كان يلعب ألعاباً كثيرة في طفولته , ولكنه لم يشعر برغبة في التحدث عنها, ولا حتى بالتفكير فيها.
وعندما سيطر سبنس على انفعاله أعاد بوراو السؤال بأثر بسيط من السأم : كيف ماتت؟
زالت آثار الضحك عن وجه سبنس وعاد إلى طبيعته فجأة وقال : لقد ضربت على مؤخرة رأسها بأداة ثقيلة حادة, وقد أخدت مدخراتها التي تبلغ ثلاثين جنيهاً بعد أن تم تفتيش غرفتها . كانت تعيش وحيدة في بيت صغير , باستثناء مستأجر اسمه جيمس بنتلي .
_ آه , نعم , بنتلي .
_ لم يقتحم البيت بالكسر والخلع ، ولا آثار للعبث بالنوافذ والإقفال . كان بنتلي مفلساً,
إذ فقد عمله , وتراكمت عليه أجرة شهرين . وقد عثر على الأموال مخبأة تحت حجر خلف المنزل , ووجدت على كم سترة بنتلي بعض الدماء والشعر . وكان الدم من نفس زمرة دم القتيلة , وكذلك الشعر من شعرها , ووفقاً لما قاله بنتلي في أول إفادة له فإنه لم يقترب أبداً من الجثة , ولذلك لا يمكن أن يكون الدم والشعر قد جاء إلى كمه بالمصادفة.
_من الذي عثر عليها؟
_جاء الخباز إليها بالخبز في اليوم الذي يتقاضي فيه حسابه . وفتح له الباب جيمس بنتلي وقال إنه طرق باب غرفة نوم السيدة ماغينتي فلم يرد عليه أحد اقترح الخباز أنها قد تكون أصيبت بسوء,فطلبا من صاحبة البيت المجاور أن تصعد وترى. لم تكن السيدة ماغينتي في غرفة نومها , ولم تكن قد نامت في الفراش , ولكن الغرفة قد فتشت وتم خلع الألواح الخشبية عن أرضيتها . ثم فكروا بالنظر في صالة الاستقبال و فوجدوها هناك ممددة على الأرض ,وانفجرت جارتها بالصراخ بأعلى صوتها .ثم استدعى الشرطة بالطبع .
_وهكذا ألقي القبض على بنتلي وقدم للمحاكمة , أليس كذلك؟
_بلى , وقد انتهت القضية في المحكمة العليا بالأمس , وكانت قضية مباشرة لا خلاف حولها . اجتمعت هيئة المحلفين لمدة عشرين دقيقة فقط , وكان الحكم أنه مذنب , وحكم عليه بالإعدام .
أومأ بوارو برأسه وقال : وبعد ذلك , بعد صدور الحكم ,ركبتَ القطار وجئت إلى لندن لتقابلني .لماذا؟
كان المفتش سبنس جالساً يتأمل كوب الشاي .مرر إصبعه على حافة الكوب ببطء وقال: لأنني لا أحسب أنه ارتكب الجريمة !

شيهيرو
12-04-2006, 15:09
هذا فصل كامل وراح ان شاء الله ابدأ بكتابة الثاني بس لا تنسونا فى الردود

السلحفاة المحتجة
12-04-2006, 15:49
ماشالله عليك شيهيرو
ايش كل النشاط هذا (من جد انك فررررررررررررررررررررررررررررررررررررراشة المنتدى)

thanks

رتّوشه
12-04-2006, 20:27
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..


الله يعطيج العافيه إن شاء الله أختي ,, و الله ما تقصرين ..


مشكوووره ..

Ms.Mimi
12-04-2006, 21:20
مشكوره .. الله يعطيك العافيه
منتظره الفصل الثاني الله يحفظك

شيهيرو
12-04-2006, 22:41
تسلموا على الردود والمرور الطيب وان شاء الله بوكرة راح احط الفصل الثاني

AlEX 7
13-04-2006, 06:49
اللللللللللللللللللللللللللله عليكي يا شيهيرو والله انك بتستحقي الشكر والف شكر

شيهيرو
13-04-2006, 14:01
تسلمي AlEX 7 هذا من ذوقك واحين الفصل الثاني
.................................................. ...........................
سادت لحظات صمت , ثم قال بوارو : لقد جئت إلي ........
لم يكمل بوارو الجملة . رفع المفتش سبنس بنظرة إلي الأعلى , وكان وجهه قد احمر أكثر من ذي قبل . أصبح وجهاً نموذجياً لرجل ريفي ,وجهاً متحفظاً خالياً من التعبير , ذا عينين حادتين ولكنهما صادقتان . كان وجه رجل ذي معايير ثابتة محددة ليس من شأنه أبداً أن تزعجه شكوك بنفسه أو شكوك في ماهية الصواب والخطأ.
قال: لقد قضيت ُ زمناً طويلة في سلك الشرطة , ولدي خبرات طويلة ومتنوعة في مختلف الموضوعات , وأستطيع أن أحكم على الرجال كأي شخص آخر . وقد تعاملت مع حالات قتل أثناء خدمتي. كان بعضها مباشراً سهلاً, وبعضها الآخر لم يكن مباشراً بنفس الدرجة .وأذكر حالة تعرفها أنت يا سيد بوارو .
أومأ بوارو برأسه موافقاً , ومضى سبنس يقول: كانت قضية معقدة , ولعلنا ما كنا
لنرى الأمور بوضوح , ولم يكن في الموضوع أي شك . وينطبق الأمر على القضايا الأخرى التي لا تعرفها : ويسلر الذي قتل (وكان يستحق ذلك) , وأولئك الرجال الذين قتلوا العجوز غوترمان ,وفيرال وزرنيخه,ةترانتر الذي تمكن من أن ينجو من العقاب .... ولكنه قام بعمله بشكل جيد, والسيدة كورتلاند التي كانت محظوظة , فقد كان زوجها ضالا ً منحرفاً مما جعل هيئة المحلفين تبرئها ,ليس بدافع العدالة ... بل بسبب العاطفة . لابد للمرء أن يضع في الحسبان ورود مثل هذا الأمر بيت الحين والآخر . أحياناً لا تتوفر أدلة كافية , وأحياناً تتدخل العواطف ,وقد يستطيع قاتل أحياناً أن يوهم المحلفين ببراءته .... وهذه الحالة الأخيرة لا تحدث كثيرا , ولكنها يمكن أن تحدث. أحياناً يكون السبب التصرف ذكياً من الدفاع , أو بسبب استخدام الادعاء العام أسلوباً خاطئاً . نعم , لقد شاهدت حالات كثيرة من هذه النوع .ولكن ....ولكن........
لوح سبنس بسبابة ثقيلة وقال: أنا لم أشهد _طوال فترة خبرتي _ رجلاً بريئاً يُعدم لشيء لم يرتكبه, وهذا أمر لا أريد أن أراه يا سيد بوارو .ليس في هذا البلد.
نظر بوارو إليه وقال: وأنت تظن أنك ستراه الآن ؟ ولكن لماذا؟
قاطعه سبنس قائلاً: أعرف بعضاً مما ستقوله , وسأجيبك عنه قبل أن تسأل . لقد كلفت بهذه القضية , وطُلب مني جمع الأدلة على ما حدث . استعرضتُ القضية كلها بكل دقة , وتوصلت إلى الحقائق ....جميع الحقائق التي استطعت التوصل إليها .وقد أشارت كل الحقائق إلى اتجاه واحد ..... إلى شخص واحد . وبعد أن جمعت الحقائق رفعتها إلى رئيسي , وبعد ذلك خرج الأمر من يدي, فقد رُفعت القضية إلى المدعي العام وأصبح القرار قراره , وقد قرر ملاحظة الرجل قضائياً . لم يكن بوسعه اختيار شيء آخر بعد كل تلك الأدلة .وهكذا اعتقل جيمس بنتلي وقدم للمحاكمة وتقررت إدانته , ولم يكن بالإمكان إصدار حكم آخر في ضوء الأدلة المتوفرة . وهيئة المحلفين لا تعتمد غلا على الأدلة , ولا أحسب أنهم قد شعروا بأي تردد أيضاً .نعم , أحسب أنهم كانوا جميعاً مقتنعين بأنه مذنب.
_ولكنك ....... لست مقتنعاً؟
_نعم , غير مقتنع .
_لماذا؟
تنهد المفتش سبنس وفرك ذقنه بيده الكبيرة متأملا ً وقال: لا أدري .ما أقصد هو أنني لا أستطيع إعطاء سبب ذلك...... سبب ملموس . لقد بدا لهيئة المحلفين وكأنه قاتل ,أما بالنسبة لي فلم يبدُ كذلك , وأنا أعرف عن القتلة أكثر بكثير مما يعرفون.
_نعم ,نعن, أنت خبير .
_أحد أسباب ذلك أنه لم يكن مختالاً .لم يكن مختالاً الإطلاق , ومن خبرتي فقد لاحظت أن القتلة عادة ما يكونون كذلك , يكونون دائماً مسرورين بأنفسهم , ويظنون أنهم يخدعونك , وهم متأكدون دائماً من أنهم أذكياء في كل ما فعلوه . وحتى عندما يكونون في قفص الاتهام حيث يجب أن تعلموا أنهم وقعوا , تجدهم ما يزالون يحسون بشيء من الإثارة الغريبة من الأمر كله .فا لأضواء مسلطة عليهم , وهم الشخصيات الرئيسة .......يلعبون دور البطولة,ربما لأول مرة في حياتهم .إنهم ... إنهم مختالون!
قال سبنس كلمته الأخيرة بشيء من الحسم النهائي ,ثم قال : أنت تدرك ما أعنيه بذلك يا سيد بوارو .
_أدرك ذلك جيداً. وهذا الرجل ,جيمس بنتلي .... ألم يكن على هذا النحو؟
_بل كان ...... خائفاً جداً فقط , خائفاً جداً منذ البداية . ومن شأن ذلك أن يدل _في رأي بعض الناس _ على أنه مذنب , أما أنا فلا أتخدع لذلك .
_نعم , أوفقك الرأي .كيف هو , هذا السيد بنتلي ؟
_ إنه في الثالثة والثلاثين من عمره. وهو متوسط الطول , وشاحب البشرة , ويلبس نظارات ........
تدخل بوراو ليوقف استرسال محدثه قائلاً: لا ,لا أقصد صفاته الجسدية . ما نوع شخصيته ؟
_ آه شخصيته .
فكر المفتش سبنس ثم قال: شخص غير جذاب , مرتبك التصرف , ولا يمكنه أن ينظر مباشرة في وجهك , وله طريقة جانبية ماكرة في النظر إليك . وهذا أسوأ نمط يمكن عرضُه على هيئة المحلفين . تجده أحياناً متذللاً متملقاً ,وأحياناً مشاكشاً متحدياً ويتوعد بطريقة لا يتقنها تماماً.
سكت قليلاً ثم أضاف بأسلوب عرضي : إنه من النوع الخجول حقاً .لي ابن عم يشبهه في هذه الصفة , فإذا ما أفسد أمرا جاءك بكذبة سخيفة لا يمكن لأحد أن يصدقها.
_لا يبدو صاحبك جيمس بنتلي جذاباً.
_ آه , أبداً. لا يمكن لأحد أن يحبه , ولكني لا أريد أن أراه يعدم لأنه كذلك.
_أو تظن أنه سيعدم ؟
_لا أرى ما يمكن أن يمنع ذلك. لعل محاميه يقدم استئنافاً , ولكن إذا حدث ذلك فستكون المبررات واهية جداً .... اعتماداً على نقطة فنية ما, ولا أرى لها فرصة النجاح .

شيهيرو
13-04-2006, 14:01
هل توفر له محامٍ جيد؟
_ لقد عين له المحامي يونغ غريبروك بموجب " قانون الدفاع عن الفقراء" .أحسبه كان حيّ الضمير وبذل قصارى جهده.
_إذن فقد نال الرجل محاكمة عادلة و أدانته هيئة المحلفين من مواطنيه.
_ هذا صحيح .كانت هيئة المحلفين ذات مستوى جيد , سبعة رجال وخمس نساء , وكلهم شخصيات شريفة معقولة .وكان القاضي هو العجوز ستانسديل. وهو شديد التحرز في إنصافه وليس ذا هوى .
_أليس لدى بنتلي _إذن_ ما يشكو منه وفق القوانين .
_إذا ما شنق لجريمة لم يرتكبها فسيكون له ما يشكو منه .
_ملاحظة منصفة جداً.
_وقد كانت قضية إدانته قضيتي أنا , أنا الذي جمعت الحقائق وقدمتها , وقد أدين بموجب تلك الأدلة والحقائق . وأنا غير مرتاح لذلك يا سيد بوراو... غير مرتاح .
أطال بوراو النظر إلى وجه المفتش سبنس الأحمر المنفعل ثم قال: حسناً .ماذا تقترح؟
_ بدا سبنس محرجاً بشدة وقال: أحسب أنك قد عرفت تماماً الآن ما سيحدث. لقد أغلقت قضية بنتلي , وأنا الآن أعمل في قضية أخرى , قضية اختلاس .وعليّ أن أذهب إلى اسكتلندا هذه الليلة. لست رجلاً حر التصرف.
_وهل أنا ..... كذلك ؟
و أومأ سبنس برأسه بخجل وقال: لقد غلبتني .ستظن أنها وقاحة بالغة مني , ولكني لا أستطيع أن أفكر بأي تصرف آخر... بأية طريقة أخرى.فعلت كل ما بوسعي في ذلك الوقت , درست كل احتمال ممكن ,ولم أصل إلى شيء , ولا أظن أنني سأصل إلى شيء أبداً . ولكن من يعلم ,ربما كان الأمر مختلفاً معك أنت, فأنت تنظر إلى الأشياء بطريقة غريبة ,وأرجوا المعذرة على هذا التعبير .ولعل تلك هي الطريقة التي ينبغي النظر بها إلى الأمور في هذه القضية , فإن لم يكن جيمس بنتلي قد قتلها .
لا يمكن أن تهشم مؤخرة رأسها بنفسها . ولعلك تستطيع العثور على شيء لم أجده ليس من سبب يدفعك للعمل في ه1ه القضية , ومن الوقاحة البالغة أن اقترح عليك ذلك, ولكن هذا ما حصل , لقد جئت إليك لأن ذلك كان الشيء الوحيد الذي استطعت التفكير فيه , ولكن إذا كنت لا تريد إزعاج نفسك .....ولماذا عساك ترغب بذلك......
قاطعه بوراو قائلاً: ولكن في الحقيقة عندي أسباب. لديّ وقت فراغ ,وقت فراغ طويل , وقد أثرت َ اهتمامي .نعم , لقد أثرت اهتمامي كثيراً .إنه تحدًّ ....تحدًّ لخلايا الدماغي الرمادية الصغيرة . وبعد ذلك فأنا أكن لك احترماً , وبوسعي أن أتصورك وأنت تعمل في حديقتك بعد ستة أشهر ,مشغولاً ربما بزراعة الأزهار , وفيما أنت تزرعها لن تكون سعيداً كما يجب , لأن في خلفية عقلك ألماً أو ذكرى تحاول التخلص منها, ولن أحصل هذا الشعور ينتابك يا صديقي.أخيراً.....
جلس بوراو منتصباً وأومأ برأسه بقوة وقال: " وأخيراً يوجد مبدأ في هذا الأمر. إذا لم يرتكب الإنسان جريمة قتل فلا يجب أ يشنق" وتوقف قليلاً ثم أضاف قائلاً : ولكن ماذا لو تبين في نهاية الأمر أنه هو الذي قتلها؟
_ في تلك الحالة سأكون شاكراً لك لاقتناعي بالأمر.
_ ورأي اثنين خير من رأي واحد .أليس كذلك؟حسناً, انتهى الأمر. سأكرس نفسي للعمل في هذه القضية . من الواضح عدم وجود وقت نضيعه, فقد بهتت آثار الجريمة أصلاً. متى قُتلت السيدة ماغينتي ؟
_ في الثاني والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
_إذن دعنا ندخل فوراً في حقائق القضية .
_ لدي ملاحظاتي الخاصة عن القضية وسأضعها بين يديك.
_ حسناً! نحن الآن بحاجة إلى الصور العامة فقط . إذا لم يقتل جيمس بنتلي السيدة ماغينتي فمن الذي قتلها ؟
رفع سبنس كتفه حيرة وقال بحزن : لا أحد بقدر ما أرى.
_ ولكننا لا نقبل هذه الإجابة .بما أن دافعاً يقف خلف كل جريمة قتل , فما هو الدافع في حالة السيدة ماغينتي ؟ الحسد , الانتقام , الغيرة , الخوف ,المال ؟ أنبدأ بالدافع الأخير والأسهل ؟ من الذي استفاد من موتها؟
_لم يستفد أحدٌ كثيراً. كان لديها مئتا جنيه في بنك الادخار وقد آلت إلى ابنة أختها.
_إن مبلغ مئتي جنيه ليس كبيراً , ولكنه قد يكون كافياً في ظروف معينة , لذلك دعنا نفكر في أمر ابنة أختها.أعتذر _يا صديقي _ لأنني أتبع نفس خطاك ,فأنا أعرف أنك قد فكرت بكل هذه الأمور , ولكني مضطرٌ لأن أراجع معك ما سبق تمهيده في هذا الحقل.
أومأ سبنس برأسه الكبير وقال: لقد درسنا وضع ابنة الأخت طبعاً .إنها امرأة متزوجة في الثامنة والثلاثين من عمرها. زوجها يعمل رساماً في مهنة البناء والديكور , وهو رجل ذكي ليس بالحمق المغفل وذو شخصية جيدة وعمله مستقر . وهي شابة مرحة ,تميل للثرثرة قليلاً, وتبدو محبة لخالتها باعتدال. ولم يكن لأي منهما حاجة ماسة لمئتي جنية , رغم أنهما فرحا تماماً بالحصول عليها كما أظن.
_ماذا بشأن البيت الصغير ؟ هل يحصلان عليه؟
_لقد كانت القتيلة مستأجرة لا غير , وبموجب " قانون محددات الإيجار" لم يكن بوسع صاحب العقار إخراج العجوز منه .أما الآن فقد ماتت ,ولا أظن أن بمقدور ابنة أختها السكن فيه. وعلى أية حال فإنها وزوجها لا يريدان ذلك, فلديهما بيت صغير حديث من البيوت التي توزعها البلدية , وهما فخوران جداً به .
ثم تنهد سبنس وأضاف : لقد درستُ حالة ابنة أخت وزوجها عن كثب , فقد بدا أنهما أفضل مرشحين كما سترى ,ولكني لم أستطيع العثور على شيء ضدهما.
_حسناً ,دعنا نتحدث الآن عن السيدة ماغينتي نفسها. صفها لي ..... ليس من الناحية الجسمية فقط إذا سمحت .
ابتسم سبنس و قال:ليس وصف الشرطة هو ما تريده , أليس كذلك؟ حسناً , كانت في الرابعة والستين من العمر , وكان زوجها يعمل في قسم الخياطة في محلات هودجيز في كيلشستر ومات قبل سبع سنوات على أثر إصابته بذات الرئة, ومنذ ذلك الحين اعتادت السيدة ماغينتي أن تخرج يومياً للعديد من البيوت في المنطقة للقيام ببعض الأعمال البيتية .إن بروديني قرية صغيرة أصبحت مؤخراً منطقة سكنية . يسكن فيها

شيهيرو
13-04-2006, 14:02
واحد أو اثنان من المتقاعدين , وأحد الشركاء في ورشة هندسية , وطبيب, وغير ذلك . وتوجد خدمة حافلات وقطارات جيدة بينها وبين كيلشستر , وعلى بعد ثمانية أميال منها تقع كولينكيه التي تعتبر مصيفاً كبيراً, ولكن بروديني نفسها مازالت ريفية وجميلة , وهي تبعد نحو ربع ميل عن الطريق العام المؤدي إلى درايماوث وكيلشستر .
أومأ بوراو برأسه ,فيما مضى سبنس قائلاً: كان منزل السيدة ماغينتي أحد البيوت الربعة التي تشكل مجمل القرية .ويوجد مكتب بريد ومحل للقرية , ويسكن عمال الزراعة في البيوت الأخرى.
_ وقد أسكنت عندها مستأجراً؟
_نعم. قبل موت زوجها كانت تستقبل نزلاء لفترة الصيف فقط, وبعد وفاته أخذت تكتفي بنزيل واحد دائم , وكان قد مر على إقامة جيمس بنتلي عندها بضعة أشهر.
_وهكذا نصل إلى........ جيمس بنتلي ؟
_كان آخر عمل جيمس بنتلي مع أحد المكاتب العقارية في كيلشستر , وقبل ذلك كان يعيش مع والدته في كولينكيه . كانت والدته مقعدة وكان يقوم على رعايتها ولا يخرج كثيراً .ثم توفيت , وتوفي بوفاتها الرتب السنوي الذي كانت تتقاضاه . ولذلك باع ابنها البيت الصغير ووجد له عملاً .إنه رجل ذو تعليم جيد , ولكن ليست لديه مؤهلات أو قابليات خاصة. وكما قلت لك , فإنه ذو سمت مُنفّر. وجد صعوبة في الحصول على عمل . ولكن شركة بريثر أند سكاتل منحته عملاً , وهي شركة من الدرجة الثانية تقريباً.لا أحسبه كان متميزاً أو ناجحاً بشكل خاص، وعندما قامت الشركة بتخفيض عدد موظفيها كان هو ممن فقدوا أعمالهم , ولم يستطع العثور على عمل آخر , ونفدت أمواله . اعتاد أن يدفع للسيدة ماغينتي أجرة غرفته كل شهر , وكانت تقدم له وجبتي الإفطار والعشاء لقاء ثلاثة جنيهات أسبوعياً , وهو سعر معقول عموماً. كان قد تأخر عن دفع الأجرة مدة شهرين , ولم يجد عملاً آخر, وكانت السيدة ماغينتي تطالبه بما استحق عليه من أجور.
_ وهل كان يعرف أن لديها ثلاثين جنيهاً في البيت ؟ لماذا كانت تحتفظ بثلاثين جنيهاً في البيت بالمناسبة , طالما أن لها حساباً في بنك الادخار؟
_ لأنها لم تثق في الحكومة . قالت إن الحكومة حصلت على مئتي جنية من أموالها ,
ولكنها لن تحصل على المزيد و وإنها ستحتفظ بذلك المبلغ حيث يكون في متناول يدها عندما تشاء . أخبرت بذلك شخصاً أو شخصين , وكان المبلغ تحت لوح خشبي مخلوع في أرضية غرفة نومها .... مكان واضح جداً . وقد اعترف جيمس بنتلي بأنه كان يعرف بوجود المبلغ هناك.
_ هذا فضل بالغ ٌ منه . هل كانت ابنة أختها وزوجها يعلمان بذلك أيضاً؟
_ نعم.
_ ها قد عدنا إلى أول سؤال طرحته عليك. كيف ماتت السيدة ماغينتي ؟
_ ماتت في ليلة الثاني والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) , وقدر الطبيب الشرعي وقت وقوع بين الساعة السابعة والعاشرة مساءً .كانت فقد تناولت عشاءها المكون من سمكة وخبز و زبده, وتشير جميع المعلومات إلى أنها كانت تتناول عشاءها نحو الساعة السادسة والنصف .ولئن كانت قد التزمت بذلك تلك الليلة , فإن الدليل الطبي المتعلق بمستوى الهضم يشير إلى أنها قُتلت مابين الساعة الثامنة والنصف والتاسعة .أما جيمس بنتلي فقد أفاد بأنه كان خارجاً يتمشى مابين الساعة السابعة والربع والتاسعة. كان يخرج للمشي كل مساء تقريباً بعد حلول الظلام , ووفقاً لروايته هو, فقد رجع إلى البيت في نحو التاسعة (وكان لديه مفتاح خاص به) وصعد فوراً إلى غرفته ( وكانت السيدة ماغينتي قد ركبت مغاسل في غرف النوم لاستخدام زوار الصيف ) . قرأ لمدة نصف ساعة ثن أوى إلى فراشه, ولم يسمع أو يلاحظ شيئاً
خارجاً عمن المألوف . وفي صباح اليوم التالي نزل إلى الطابق الأول ونظر إلى المطبخ فلم يرَ فيه أحداً, ولم يرَ ما يدل على إعداد الإفطار . قال إنه تردد قليلاً ثم طرق باب السيدة ماغينتي فلم يحصل على إجابة , فظن أنها ما تزال مستغرقة في نومها , ولم يشأ الاستمرار في طرق الباب. ثم جاء الخباز فذهب بنتلي وطرق الباب مرة أخرى , وبعد ذلك ذهب الخباز_ كما قلت لك _ إلى البيت المجاور وأحضر سيدة تُدعى السيدة إليوت , وهي التي عثرت أخيراً على الجثة فكادت تفقد عقلها. كانت السيدة ماغينتي ممدة على أرض الصالة , وكانت قد ضُربت على مؤخرة رأسها بأداة تكاد تشبه ساطور اللحم ذات حافة حادة جداً .وقد قتلت على الفور . وكانت الأدراج قد فتحت , والأشياء قد بعثرت , واللوح المرتخي في الأرضية قد خلع , وكان المخبأ تحته فارغاً. كانت النوافذ كلها مغلقة من الداخل , ولم توجد آثار لعبت بأقفالها أو كسر أو اقتحام من الخارج.
قال بوراو : لذلك إما أن يكون جيمس بنتلي هو القاتل ,وإما أنها قد أدخلت قاتلها بنفسها إلى البيت أثناء غيابه.
_بالضبط . لم تكن عملية سرقة أو سطو .والآن :من هو _ يا ترى_ الذي يمكن أن تدخله إلى بيتها؟ أحد جيرانها أو ابنة أختها أو زوج ابنة أختها ؟ هذه هي النقطة الرئيسة. لقد استبعدنا الجيران , وكانت ابنة أختها وزوجها في إحدى دور السينما في تلك الليلة . من الممكن..... من الممكن فقط أن يكون أحدهما قد غادر السينما خلسة وركب دراجة لمسافة ثلاثة أميال وقتل العجوز ثم خبأ الأموال خارج البيت وعاد إلى السينما دون أن يلاحظه أحد .لقد درسنا هذا الاحتمال ولم نجد ما يؤكده , وإن كان الأمر كذلك فلماذا يخبئ المال خارج بيت ماغينتي ؟ سيكون من الصعب عليه أن يأخذه فيما بعد. لماذا لم يخبئه في مكان آخر على الطريق الممتد ثلاثة أميال . لا, إن السبب الوحيد لإخفاء الأموال في المكان الذي كانت فيه هو.........
أكمل بوارو الجملة عنه: هو أن القاتل يعيش في البيت , ولم يشأ أن يخبئها في غرفته أو في أي مكان داخل البيت . أي أننا نعود في الحقيقة إلى جيمس بنتلي .
_ هذا صحيح . أينما ذهبت وكيفما حللتَ تجد نفسك أمام بنتلي. وأخيراً كان الدم على كمه.
_كيف فسر ذلك؟
_ قال إنه تذكر احتكاكه بمحل جزرا لدى مروره أمامه في اليوم السابق .مجرد هراء , فلم يكن الدم دم حيوان .
_ وهل تمسك بهذا التفسير؟
_لا, بل روى في المحكمة قصة مختلفة تماماً. فقد كانت على كم معطفه شعرة أيضاً.... شعرة ملطخة بالدم , وكانت الشعرة مطابقة تماماً لشعر السيدة ماغينتي , وكان عليه تفسير ذلك. اعترف _وقتها_ أنه دخل إلى الغرفة في الليلة السابقة عندما رجع من نزهته. قال إنه دخل بعد أن طرق الباب فوجد السيدة ماغينتي هناك ممددة على الأرض ,ميتة. وقد انحنى ولمسها ليتأكد من حالتها . ثم فقد صوابه , فقد كان دوماً يتأثر لرؤية الدم , فذهب إلى غرفته منهاراً يكاد يغمى عليه . وفي الصباح لم يستطع حمل نفسه على الاعتراف بأنه يعرف ما حدث.
علق بوارو قائلاً: قصة مريبة جداً.
قال سبنس : " أنها كذلك بالفعل" . ثم أضاف متأملاً: ومع ذلك فقد تكون صحيحة . إنها ليست مما يمكن للإنسان العادي (أو حتى لهيئة المحلفين) تصديقه, ولكني أناساً على هذا النحو . أنا لا أقصد قصة الانهيار ,بل أقصد أولئك الذين يواجهون موقفاً يتطلب منهم عملاً مسؤولاً فلا يستطيعون مواجهته .فلنقل إنه دخل فعثر عليها ميتة .
إنه يعرف أن عليه أن يفعل شيئاً : أن يتصل بالشرطة,أو يذهب إلى أحد الجيران , أو يقوم بالتصرف الصحيح كائناً ما كان . ولكنه جبُنَ وترك المر , قال لنفسه: لست بحاجة لمعرفة شيء عن الأمر , وما كان ينبغي لي أن آتي إلى هنا الليلة . سأذهب إلى فراشي وكأنني لم أدخل إلى هنا أبداً " وبالطبع فإن خلف ذلك كله الخوف, الخوف من الاشتباه في تورطه في العملية . لقد ظن أنه سيُبعد نفسه عن القضية أطول وقت ممكن , وهكذا تورط هذا الساذج الغبي في المر حتى أذنيه . من الممكن أن يكون هذا ما حدث.
قال بوارو متأملاً: ممكن.
_أو أنها لا تعدو أن تكون أفضل قصة فكر له بها محاميه! تقول النادلة في مقهى كيلشستر_ حيث كان يتناول غداءه عادة_ إنه كان دائماً يجلس على مائدة بحيث يكون نظره متجهاً إلى حائط أو زاوية, بحيث لا يرى الناس . لقد كان من هذا النوع من الرجال , فيه شيء من غرابة الأطوار, ولكن لايبلغ به ذلك درجة القتل . ليست لديه عقدة اضطهاد أو شيء من هذا القبيل .
نظر سبنس إلى بوارو بشيء من الأمل ,ولكن بوراو لم يستجب له, فقد كان متجهماً,
وجلس الرجلان صامتين لبعض الوقت.

..................................................
يتبع الفصل الثالث وارابع عما قريب قراءة ممتعة ::جيد::

رتّوشه
13-04-2006, 15:52
يعطيج العافيه أختي ..

القصة حيــل رووعه ..

و أنا متحمسه للحل ..

مشكووره ..

شيهيرو
13-04-2006, 17:14
ولو لا شكر على واجب

شيهيرو
14-04-2006, 13:38
انا جئت ههههههههههههههههههه وهذا الفصل الثالث والرابع .................................................. ..........................................


الفصل الثالث
وأخيراً خرج بوراو من استغراقه بزفرة وقال: حسناً,لقد فرغنا من دراسة دافع المال . دعنا ننتقل لدراسة نظريات أخرى . أكان للسيد ماغينتي أعداء؟ هل كانت خائفة من أحد؟
_لا دلائل تشير إلى ذلك .
_ ماذا قال جيرانها؟
_لم يقولوا الكثير. وما كانوا ليخبروا الشرطة بالكثير , ولكني لا أحسبهم أخفوا شيئاً. قالوا إنها كانت منطوية على نفسها , ولكن هذا يعتبر طبيعاً تماماً . إن قرانا _يا سيد بوارو _ لا تتسم بالود والاجتماعية , وقد لاحظ ذلك اللاجئون الذين تم إخلاؤهم أثناء الحرب. كانت السيدة ماغينتي تقضي سحابة النهار مع الجيران, ولكن العلاقة لم تكن حميمة.
_كم سنة عاشت هناك؟
_ أظنها قضت هناك نحواً من ثمانية عشر عاماً أو عشرين .
_ وماذا عن سنواتها الأربعين قبل ذلك؟
_ما من ألغاز في حياتها . إنها ابنة مزارع من نورث ديفون , وقد عاشت مع زوجها فترة من الزمن في إلفراكوم ثم انتقلا إلى كيلشستر. استأجرا بيتاً في الجانب الآخر من القرية , ولكنه كان رطباً فانتقلا إلى بروديني . ويبدو أن زوجها كان هادئاً ومستقيماً ورقيقاً, ولم يكن من النوع الذي يتردد على الحانات . كل ما في حياتهما محترم وواضح , ما من ألغاز ولا أسرار.
_ومع ذلك قُتلت؟
_ومع ذلك قُتلت ؟
_ألا تعرف ابنة أختها أحداً يحمل ضغينة لخالتها؟
_قالت إنها لا تعرف .
فرك بوارو أنفه بغيط وقال: لعلك تدرك_يا صديقي العزيز_ أن من شأن هذه القضية أن تكون أسهل بكثير لو أن السيدة ماغينتي لم تكن السيدة ماغينتي إذا صح التعبير. لو أنها كانت تسمى " المرأة الغامضة" ...لو كانت امرأة ذات تاريخ .
قال سبنس بعناد: ولكنها لم تكن كذلك , بل كانت السيدة ماغينتي وحسب . امرأة لا تكاد تكون متعلمة , تؤجر الغرف وتخرج للخدمة في البيوت . يوجد الآلاف من أمثالها في طول إنكلترا وعرضها.
_ولكنهن لا يُقتلن جميعاً.
_نعم ,أوفقك الرأي .
_ إذن لماذا تُقتل السيدة ماغينتي ؟ الجواب الواضح غير مقبول لدينا, فماذا يبقى؟ ابنة أخت مبهمة غير محتملة , وغريب أكثر إبهاماً وأبعد احتمالاً . الحقائق؟ دعنا نلزم جانب الحقائق المجردة . ما هي الحقائق ؟ خادمة عجوز تُقتل , وشاب حيي جلف يُعتقل ويدان بجريمة القتل . لماذا اعتقل جيمس بنتلي ؟
حدق سبنس إليه وقال: للأدلة التي كانت ضده . لقد أخبرتك....
_نعم ,الأدلة . ولكن أخبرني يا صديقي , أكانت أدلة حقيقية أم ملفقة؟
_ملفقة؟
_ نعم ... إذا سلمنا بفرضية براءة جيمس بنتلي يبقي لدينا احتمالان . إما أن تكون الأدلة ملفقة عمداً لإثارة الشكوك حوله , أو أنه كان مجرد ضحية عاثرة الحظ بسبب الظروف .
_ليست لدينا أدلة تشير إلى صحة الاحتمال الأول ,ولكم ليست لدينا أيضاً أدلة تنفي صحته . أخذ المال وأخفي خارج البيت في مكان يسهل العثور عليه . إن إقدام القاتل على إخفاء الأموال في غرفة بنتلي سيكون أمراً أوضح من أن يصدقه الشرطة . ارتكبت جريمة القتل في وقت كان فيه بنتلي يتنزه وحيداً خارج البيت كالمعتاد .هل أتت بقعة الدم إلى كمه بالكيفية التي وصفها في المحكمة , أم كان ذلك مدبراً أيضاً؟ هل اصطدم به أحدهم في الظلام ولطخ كمه بدليل موح وحاسم ؟
_أظن أن هذا مًستبعد قليلاً يا سيد بوراو.
_ربما , ربما .ولكن علينا أن نتوسع في افتراضاتنا . أعتقد أن علينا _ في مثل هذه القضية _ أن نذهب أبعد مما يستطيع خيالنا أن يقودنا لرؤية الطريق بوضوح , لأنه إذا كانت السيدة ماغينتي _يا صديقي سبنس _ مجرد خادمة عادية فإن القاتل لا بدأن يكون استثنائياً.نعم ... هذه نتيجة منطقية .إن اهتمامنا في هذه القضية ينصب على القاتل وليس على القتيلة , والحالة لا تكون هكذا في معظم الجرائم ,إذ عادة ما يكمن لب القضية في شخصية القتيل . إن الموتى الصامتين هم الذين أهتم بهم عادة . أهتم بما كانوا يكرهونه, وما كانوا يحبونه , وما كانوا يفعلونه. وعندما تعرف حقاً شخصية الضحية فإنك تجدها تتكلم وتنبس شفتاها الميتتان بالاسم... بالاسم الذي تريد معرفته.
بدا على سبنس شيء من عدم الارتياح , وبدا وكأنه يقول لنفسه : يا لهؤلاء الغرباء!
مضى بوراو قائلاً: ولكن الصورة معكوسة في هذه القضية . إننا هنا ننطلق تخميناتنا على شخصية مجهولة ... على شخص مازال مختفياً في الظلام . كيف ماتت السيدة ماغينتي ؟ ولماذا ماتت؟ أنت لن تجد الجواب في حياة السيدة ماغينتي , بل ستجده في شخصية القاتل . هل توافقني في هذه النقطة؟
قال المفتش سبنس بحذر: أظن ذلك.
_ما الذي أراده أحدهم ؟ أن يقضي على السيدة ماغينتي ؟ أم أن يقضي على جيمس بنتلي ؟
أطلق المفتش سبنس همهمة مرتابة, فيما مضى بوارو قائلاً: نعم ,نعم . هذه واحدة من أولى النقاط التي يجب أن تُحسم . من هو الضحية الحقيقي؟ ومن كان الضحية المقصودة؟
قال سبنس غير مصدق : أتظن حقاً أن من شأن امرئ أن يقتل امرأة مسالمة تماماً لمجرد جعل شخص آخر يُعدم بتهمة القتل ؟
_ يقال إن المرء لا يستطيع صنع العجة دون أن يكسر بيضاً. ربما كانت السيدة ماغينتي هي البيضة , وكان جيمس بنتلي هو العجة .
لذلك أخبرني : ماذا تعرف عن جيمس بنتلي ؟

شيهيرو
14-04-2006, 13:39
_لا أعرف الكثير عنه . كان والده طبيباً , وقد توفي عندما كان جيمس في التاسعة من عمره. والتحق بإحدى المدارس الحكومية الصغيرة , ولم يكن يصلح للخدمة العسكرية لمرض في صدره , وقد عاش مع أم مسيطرة مستحوذة.
قال بوارو : توجد احتمالات معينة فيما تقوله...... أكثر من الاحتمالات الموجودة في تاريخ حياة السيدة ماغينتي .
_هل تعتقد جدياً بما تقول؟
_ لا. أنا لا أؤمن بشيء حتى الآن , ولكني أقول إن أمامنا خطين منفصلين للبحث والتحري , وإن علينا أن نقرر _ في أقرب وقت _ الخط الصحيح الذي يجب أن تسلكه .
_كيف ستشرع في هذا الأمر يا سيد بوارو ؟ أيوجد ما أستطيع عمله ؟
_ أولا ً , أريد مقابلة جيمس بنتلي .
_ يمكن ترتيب ذلك, سأتصل بمحاميه.
_وبعد ذلك, وبناء على نتيجة المقابلة ( إذ خرجنا بنتيجة, وأنا لست متفائلاً) سأذهب وبمساعدة الملاحظات التي سآخذها منك, سأستعرض _بأسرع ما يمكن_ الأمور التي سبق لك استعرضها .
قال سبنس بابتسامه كئيبة:لعلي أكون قد أغفلت شيئاً.
_بل أُفضل القول: لعل بعض الأمور تثير انتباهي بطريقة تختلف عما أثارته لديك. إن ردود الفعل البشرية تختلف , وكذلك الخبرة الإنسانية . إن تشابهاً بين رجل مصرفي وآخر صانع صابون كنتُ أعرفه في منطقة ليغ أدى مرة إلى نتيجة مُرضية تماماً, ولكن لا حاجة للدخول في هذا الموضوع . إن ما أريدها لآن هو استبعاد أحد المسارين اللذين ذكرتهما فبل قليل .وإن استبعاد المسار المتعلق بالسيدة ماغينتي (ولنسمه المسار رقم1) سيكون أسرع وأسهل من معالجة المسار رقم 2 و الآن ,أين يمكنني أن أقيم في بروديني ؟ أيوجد فيها فندق يحقق الحد الأدنى من الراحة ؟
_ يوجد هناك نُزُل ثري داكس , ولكنه لا يقدم خدمات النوم .
وفندق لامب في كولافون على بعد ثلاثة أميال , وأيضاً نُزُل في بروديني نفسها . إنه ليس نُزُلاً حقاً , مجرد بيت ريفي بالٍ يملكه زوجان شابان يستضيفان فيه النزلاء , ولا أظنه مريحاً جداً .
أغمض بوارو عينيه ألماً وقال : إن لم يكن من المعاناة بدُّ فلتكن , فلابد من ذلك.
تابع سبنس بارتياب وهو ينظر إلى بوارو : لا أدرى بأي صفة ستذهب إلى هناك ؟ بوسعك أن تدعى أنك مغني أوبرا , وقد ذهب صوتك مؤقتاً بحيث اضطررت للاستراحة.قد ينجح ذلك.
قال بوارو بلهجة ملوكية: سأذهب بصفتي الحقيقة.
استقبل سبنس هذا التصريح بزمّ شفتيه وقال : أتحسب ذلك تصرفاً محموداً ؟
_بل أحسبه جوهرياً .نعم , جوهري .تذكر_ يا صديقي_ أن الوقت هو العامل الحاسم في عملنا . ما الذي نعرفه ؟ لاشيء. ولذلك فالأمل الوحيد والأفضل هو أن أذهب إلى هناك متظاهراً بأنني أعرف الكثير , وعندما سيقال مقتنع إنني أنا( هيركيول بوراو ,هيركيول بوارو العظيم والفريد) غير مقتنع بقرار المحكمة في قضية ماغينتي , وإن لدي أنا( هيركيول بوارو ) حدسٌ يكاد يكون مصيباً بحقيقة ما حدث. وبذلك سيكون ظرف لا يقدر قيمته إلا أنا فقط.هل فهمت؟
_ وبعد ذلك؟
_وبعد ذلك , بعد أن أثير التأثير المطلوب, سأراقب ردود الأفعال ,إذ ستظهر ردود أفعال بالتأكيد ...... ستظهر ردود أفعال .
نظر المفتش سبنس بقلق إلى الرجل الضئيل وقال: اسمعني يا سيد بوارو ,لا تذهب إلى هناك وتعرض نفسك للمخاطر . لا أريد أن يمسك مكروه.
_ولكن إذا مسني مكروه فسيثبت أنك على حق دون أدنى شك, أليس كذلك؟
قال المفتش سبنس : لا أريد إثبات ذلك بهذه الطريقة المكلفة
..............................................
الفصل الرابع
..............................................
نظر هيركيول بوارو حوله إلى الغرفة التي يقف فيها بتقزز شديد . كانت غرفة رحبة الأبعاد , ولكن جاذبيتها تنتهي عند هذا الحد , وتجهم وجهه وهو يُجري إصبعاً مرتابة على طول سطح خزانة كتب, فقد وجد شكوكه في محلها ....... تراب! ثم جلس بحذر على أريكة فانخسفت لوالبها المكسور تحته , فأدراك أن الكنبتين باهتتي اللون أفضل نسبياً من الأريكة . زمجر كلب الشرس المنظر يجلس على كرسي رابع مريح قليلاً , وكان بوارو يشك بإصابة الكلب بالجرب.
كانت الغرفة كبيرة وعلى جدرانها ورق باهت اللون , وعلى الجدران علقت_بشكل مائل_ منقوشات فولاذية ذات موضوعات كريهة,مع لوحة أو لوحتين زيتيتين جيدتين .أما قماش الكراسي فكان قذرا ًوباهتاً في الوقت ذاته , وقد كثرت الثقوب في السجادة التي لم يكن نقشها جميلاً أصلاً ، وتناثرت أشياء كثيرة متنوعة هنا وهناك في الغرفة .وكانت الطاولات تتأرجح على نحو خطير , وقد فتحت إحدى النوافذ ولم يبدُ أن قوة في الأرض تستطيع إغلاقها , أما الباب الذي كان مغلقاً مؤقتاً فلم يكن من المحتمل أن يبقى هكذا طويلاً . المزلاج لا يثبت, ومع كل هبة ريح ينفتح الباب ليدخل الهواء البارد ويلف الغرفة .
قال بوارو وهو يراثي كثيراً لنفسه :إنني أعاني .نعم , إنني أعاني.
وفجأة فُتح الباب ودخل الهواء والسيدة سمرهيز معاً . أجالت نظرها في الغرفة ثم صرخت لشخص بعيد:" ماذا؟", وخرجت.
كان للسيدة سمرهيز شعر أحمر ووجه منمش على نحو جذاب, وكانت دوماً في حالة من الشرود الذي يتوزع بين وضع الأشياء في أي مكان وبين البحث عن تلك الأشياء.
نهض بوارو مسرعاً وأغلق الباب , وبعد لحظات قصيرة فتح الباب وظهرت السيدة سمرهيز مرة أخرى, وهي تحمل _هذه المرة_ وعاءً معدنياً ضخماً وسكيناً .
سُمع صوت رجل ينادي من بعيد : مورين ,لقد مرضت تلك القطة مرة أخرى .ماذا أفعل؟
نادت السيدة سمرهيز تجيبه: أنا قادمة يا عزيزي ,لا تلمس شيئاً.
وضعت الوعاء والسكين أرضاً وخرجت مرة أخرى .ونهض بوارو وأغلق الباب من جديد قائلاً: إنني أعاني بكل تأكيد.
وقفت سيارة خارج البيت , فقفز الكلب الضخم عن الكرسي ورفع نباحه الأجش, ثم قفز على طاولة صغيرة بجانب النافذة فانهارت الطاولة محدثة صوتاً عالياً, فقال بوارو : يا ألهي !شيء لا يحتمل .
فُتح الباب واندفع الهواء إلى الغرفة , وانطلق الكلب خارجاً وهو ينبح , وجاء صوت مورين عالياً وواضحاً: جوني , لماذا تركت الباب الخلفي مفتوحاً بالله عليك ! لقد دخلت تلك الدجاجات إلى مكان حفظ الأغذية .
قال بوارو بحزن : أمن أجل هذا أدفع سبعة جنيهات أسبوعياً؟
فتح الباب من جديد محدثاً دوياً , وسمع من النافذة صوت قرق الدجاجات الغاضبات .ثم فتح مرة أخرى ودخلت مورين سمرهيز وانكبت فوق الوعاء وهي تصرخ فرحاً: لم أدر أين تركتُه.
هل سيزعجك كثيراً يا سيد ....... أقصد هل أزعجك إذا قطعت الفاصولية هنا ؟ إن رائحة المطبخ كريهة.
_سيسعدني ذلك يا سيدتي .
لعل هذا العبارة لم تكن دقيقة و ولكنها كانت قريبة لما أراده بوراو , فخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية كانت هذه أول مرة تتاح فيها لبوراو فرصة للتحدث مدة تزيد ست ثوان.
جلست السيدة سمرهيز على أحد الكراسي وبدأت تقطع الفاصولية بنشاط محموم وبكثير من عدم المهارة .قالت : أتمنى أن تشعر بالارتياح . أخبرني إن كنت تريد تبديل شيء.
كان بوارو قد أصبح مقتنعاً بأن الشيء الوحيد الذي يمكنه احتماله في لونغ ميدوز هو مضيفته .أجاب بأدب : أنت شديدة اللطف يا سيدتي . أتمنى لو كان بوسعي أن أؤمن لك خادمة مناسبة .
صرخت السيدة سمرهيز : خادمة ؟ يا لها من أمنية ! أنا لا أستطيع حتى تأمين خادمة نهارية. لقد قتلت خادمتنا التي كانت جيدة حقاً , وهذا من سوء حظي .
قال بوارو : لابد أنها السيدة ماغينتي .
_ نعم , كانت السيدة ماغينتي .يا ألهي و كم أفتقدها ! لقد كان قتلها حدثاً مثيراً وقتها . إنها أول حالة قتل تحدث في القرية , وكما قلت لجوني فإن ذلك كان من سوء حظنا ,إذ لا أستطيع تدبر ـموري دون السيدة ماغينتي.
_هل كانت تحبينها؟
_ يا سيدي العزيز, لقد كانت امرأة موثوقة . وكانت مواظبة , تأتي مساء الاثنين وصباح الخميس من كل أسبوع .... كالساعة في مواعيدها . والآن تأتيني امرأة تسمى بيرب من مكان بجانب المحطة , ولديها زوج وخمسة أطفال , ولذلك فمن الطبيعي أن لا تأتي إلا لماماً. فإما أن يتوعك زوجها أو تمرض أمها العجوز , أو يقع أطفالها ضحية هذا المرض أو ذاك . أما السيدة ماغينتي فيكفي أنها كانت الوحيدة التي يمكن أن تمرض, والحقيقة أن ذلك لم يكن يحدث إلا نادراً.

شيهيرو
14-04-2006, 13:41
أكنت تجدينها دوماً أمينة موثوقة ؟ أكانت لك ثقة بها؟
_آه, لم يسبق لها أبداً أن سرقت شيئاً , ولا حتى الطعام . كانت فضولية قليلاً .بالطبع, تلقي نظرة على الرسائل أحياناً وغير ذلك, ولكن المرء يتوقع مثل هذه الأمور .أقصد أن هؤلاء الناس يعيشون _دون شك_ حياة مملة جداً,أليس كذلك؟
_أكانت حياة السيدة ماغينتي مملة؟
قالت السيدة سمرهيز بشيء من الغموض: أحسبها كانت حياة كريهة , وهي جاثية دوماً تمسح الأرض , وتجد كلما أتت صباحاً أكواماً من أواني الآخرين تنتظر الجلي في المجلى . ولو أنني اضطررتُ لمواجهة ذلك كل يوم لرأيت في مقتلي راحة بالتأكيد.
ظهر وجه الميجر سمرهيز بشيء من الغموض من خلال الباب الزجاجي .نهضت السيدة سمرهيز مسرعة ونثرت الفاصولية وانطلقت نحو الباب الزجاجي ففتحته عن آخره . قال الميجر : لقد التهم ذلك الكلب الخبيث علف الدجاج مرة أخرى يا مورين .
_آه ,تباً .سيمرض الآن هو الآخر .
عرض جون سمرهيز عليها وعاءً مملوءاً بالخضار وقال: انظري.... هل يكفي هذا القدر من السبانخ؟
_كلا بالطبع .
_يبدو لي أنها كمية كبيرة .
_ سيصبح قليلاً جداً عندما يطبخ .ألا تعرف طبيعة السبانخ حتى الآن ؟
_يا ألهي !
_هل وصل السمك؟
_ لم يظهر له أثر.
_ تباً, سنضطر لفتح علبة من شيء آخر .بوسعك أن تفعل ذلك يا جوني ! علبة من تلك العلب في زاوية الخزانة. تلك العلبة التي ظننا أنها منتفخة .أحسب حقاً أنها ما تزال على ما يرام.
_وماذا عن السبانخ؟
_أنا سأحضرها.
خرجت مسرعة من الباب الزجاجي , وابتعد الزوجان معاً.
قام بوراو وأغلق الباب الزجاجي بقدر ما يمكن من إحكام , ولكن صوت الميجر سمرهيز بقي يصل إليه عبر الأثير وهو يقول: ماذا عن الرجل الجديد يا مورين ؟ يبدو لي غريب الشكل . ماذا قلت اسمه ؟
_لم أستطع تذكر اسمه وأنا أتحدث معه قبل قليل و واضطررت لمخاطبته بكلمة سيد...... آه , بوراو , هذا هو اسمه .إنه فرنسي .
_يبدو أنني رأيت ذلك الاسم في مكان ما.
_ربما رأيته بمجلة تسريحات الشعر , يبدو أشبه بحلاق .
تقبض بوراو فيما مضى الميجر يقول لزوجته :لا, يبدو أنني سمعت اسمه مقروناً بالمخللات .لا أدري , ولكن اسمه مألوف بالتأكيد . يفضل أن تأخذي منه الجنيهات السبع بسرعة .
ثم ابتعد صوتاهما وتلاشيا. وقام بوارو بالتقاط ما تناثر من الفاصولية على أرض الغرفة , وما أن انتهى من ذلك حتى دخلت عليه السيدة سمرهيز مرة أخرى . أعطاها الفاصولية بأدب وهو يقول : هاك يا سيدتي.
_آه, أشكرك كثيراً . يبدو أن لون هذه الفاصولية قد اسود قليلاً . إننا نملحها ونخزنها في وعاء فخاري, ولكن يبدو أن هذه الكمية قد فسدت , وأخشى أنها لن تكون لذيذة تماماً.
_وأنا أخشي ذلك أيضاً. هل تسمحين لي بإغلاق الباب ؟ يوجد تيار هواء قوي.
_ آه, نعم , أغلقه. أظنني أترك الأبواب مفتوحة دوماً.
_ هذا ما لاحظته .
_ولكن هذا الباب لا يبقي مغلقاً أبداً. والحقيقة أن هذا البيت يتداعى .لقد عاش والدا جوني هنا, وكان المسكينان فقرين فلم يصلحا فيه شيئاً . وعندما جئنا من الهند لنسكن هنا لم يكن لدينا ما نصلحه به أيضاً , ومع ذلك فهو ممتع للأطفال أيام العطل , ففيه مجال واسع للعب, بالإضافة إلى الحديقة وغير ذلك. إن استقبال النزلاء هنا يكاد يساعدنا إلا في الاستمرار بالحياة , رغم أننا تلقينا بعض الصدمات الوقحة.
_أأنا نزيلكم الوحيد حالياً؟
_لدينا سيدة عجوز في الطابق العلوي .وقد مرضت فلزمت فراشها منذ يوم قدومها , ومازالت فيه. أنا لا أرى بها علة, ولكنها ترقد طوال الوقت . إنني أقدم لها أربع وجبات يومياً, ولا تشكو شهيتها من شيء. وعلى أية حال فهي ذاهبة غداً لابنة أختٍ لها أو ما شابه ذلك.
توقفت السيدة سمرهيز لحظة قبل أن تستأنف حديثها بصوت متكلف بعض الشيء: سيأتي بائع السمك بعد قليل . أتساءل إن كنت لا تمانع .... لا تمانع في دفع أجرة أول أسبوع ؟ أنت ستقضي أسبوعاً هنا , أليس كذلك؟
_ربما أكثر من أسبوع.
_أنا آسفة لإزعاجك , ولكن ليست لذي نقود جاهزة في البيت , وأنت تعرف طبيعة هؤلاء الباعة ... دائماً يطالبون بديونهم .
_أرجوك لا تعتذري يا سيدتي.
أخرج بوراو سبعة جنيهات وأضاف إليها سبعة شلنات . وأخذت السيدة سمرهيز النقود بجشع وقالت : شكراً جزيلاً.
_يحسن أن أخبرك بالمزيد عن نفسي يا سيدتي. أنا هيركيول بوراو .
لم يترك الاسم أثراً لدى السيدة سمرهيز , وقالت بلطف : يا له من اسم جميل !إنه اسم يوناني ,أليس كذلك؟
دق بوراو على صدره وقال : لعلك تعرفين أنني رجل تحر, وربما أشهر رجال التحري قاطبة.
صرخت السيدة سمرهيز اهتماماً وقالت: أرى أنك صاحب ظرف وطرافة يا سيد بوارو . ما الذي تتحرى عنه ؟ وماد لفائف التبغ وآثار الأقدام؟
_بل أتحرى مسألة مقتل السيدة ماغينتي , وأنالا أمزح .
صاحت:" آه .... لقد جرحت يدي ". ورفعت أحد أصابعها وتفحصته ,ثم حملقت في بوراو وقالت: انظر! هل تعني ما قلته ؟ أقصد أن الأمر قد انتهى.لقد اعتقلوا ذلك الأحمق الذي كان ساكناً هناك وحوكم وأدين وانتهى الأمر , ولعله شنق الآن.
_لا يا سيدتي , إنه لم يشنق بعد , ولم تنته قضية السيدة ماغينتي بعد . سأذكرك ببيت من الشعر قاله أحد شعرائكم :" إن القضايا لا تحل أبداً حتى تحل بالشكل الصحيح ".
قالت السيدة سمرهيز وقد تحول انتباهها من بوارو إلى الوعاء أمامها : أووه...... إن دمى ينزف على الفاصولية , وهذا ليس جيداً لأننا سنتناولها على الغداء. ومع ذلك فلن يؤثر ذلك حقاً , لأنها ستغلى في الماء , وإذا غليت المواد الغذائية فلا باس عليها ,أليس كذلك؟ حتى المعلبات ؟
قال بوارو بهدوء: لا أظنني سأكون هنا لتناول الغذاء.


.................................................. .
يتبع الفصل الخامس

sola
14-04-2006, 21:39
يسلمووووووووووووو حبيبتي على الروايــــــــــــة

واتمنى انك تكميليها في أسرع وقت ممكن

^_____^

رتّوشه
14-04-2006, 23:13
ههههه


مسكين بوارو كسر خاطري ,, ذكَّرني بمونك التحري مهووس النظافة و الدقة ..

عاد الأحداث بدت تاخذ منحنى مثير بعض الشيء ..

يعطيج العافيه أختي الغاليه ,, و ما تقصرين ..

شيهيرو
15-04-2006, 15:39
مايقدر تحسى حياته مرتبة اصلا
وان شاء الله راح احاول احط الفصل السادس مع الخامس
مشكورة solaورتوشة

RED ROUS
15-04-2006, 17:10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا على الرواية وعلى هذا النشاط ربنا يعطيك العافية

شيهيرو
15-04-2006, 19:31
تسلمي ريد رزوز والله يعطيط العافية والتوفيق انت بعد

تحياتي

شيهيرو
16-04-2006, 01:06
الفصل الخامس
..............................................
قالت السيدة بيرتش: إنني حقاً لا أدري.
كانت قد قالت ذلك ثلاث مرات حتى الآن . لم يكن من السهل عليها التغلب على عدم ثقتها الفطرية برجال غرباء المظهر ذوي شوارب سوداء ومعاطف مخططة من الفرو .
تابعت قائلة : لقد كان أمراً بشعاً جداً........ أن تُقتل خالتي ويأتي الشرطة للتحقيق , فقد أخذوا يعبثون في كل مكان , ويفتشون كل شيء , ويطرحون أسئلة . والجيران متلهفون تأكلهم اللهفة . لم أشعر في البداية أننا سننسى ذلك , وقد تصرفت والدة زوجي بشكل سيء جداً إزاء الموضوع , وبقيت تقول إن أسرتها هي لم تشهد شيئاً من هذا القبيل وتردد طوال الوقت "جو المسكين" وغير ذلك . وماذا عني أنا؟ ألستُ مسكينة ؟ لقد كانت خالتي أنا ,أليس كذلك ؟ ولكني ظننُ حقاً أن الأمر قد انتهى الآن.
_وماذا لو كان جيمس بنتلي بريئاً في النهاية ؟
صاحت السيدة بيرتش: هراء . إنه ليس بريئاً بالطبع , لقد ارتكب الجريمة بالتأكيد . لم تعجبني نظراته أبداً, وقد كان يتجول ويهمهم لنفسه . لقد قلت لخالتي : "ينبغي أن لا تُسكني مثل هذا الرجل في بيتك, فربما فقد صوابه " ولكنها قالت إنه رجل هادئ ولطيف ولا يسبب أية مشكلات . قالت إنه لا يشرب , بل لا يدخن أيضاً .لقد عرفت المسكينة الحقيقة بشكل أفضل الآن .
نظر بوارو إليها متأملاً .كانت امرأة ضخمة الجسم ممتلئة , يشع منها لون الصحة ويوحي فمها بالمرح . وكان البيت الصغير مرتباً ونظيفاً تنبعث فيه روائح المنظفات الأثاث والنحاس , وقد انبعثت من ناحية المطبخ رائحة تفتح الشهية .
زوجة صالحة تعنى بنظافة بيتها وتطهو لزوجها , وقد استحسن بوراو ذلك.كانت متحيزة وعنيدة , ولكن لم لا تكون كذلك؟ إنها ليست_ بالتأكيد_ من ذلك النوع من النساء اللاتي يمكن للمرء أن يتخيلهن وهن يستخدمن ساطوراً لضرب خالاتهن أو يتواطأن مع أزواجهن على ذلك . لم ير المفتش سبنس أنها من هذا النوع من النساء , و بشيء من التردد لم ير بوارو بُداً من الاتفاق مع سبنس في رأيه هذا . لقد درس سبنس الخلفية المالية لأسرة بيرتش ولم يجد فيها دافعاً للقتل , وكان سبنس رجلاً دقيقاً جداً.
تنهد واستمر بمهمته , وهي محاولة تبديد ارتياب السيدة بيرتش بالأجانب . صرف الحديث عن الحادثة القتل ليركزه على الضحية . طرح عدة أسئلة عن "الخالة المسكينة" , عن صحتها , وعاداتها, وما تفضله من طعام وشراب , وعن آرائها السياسية , وعن زوجها المتوفى, ونظرتها للحياة , وعن الأطفال , والحيوانات .
لم يكن يعلم إن كان سيجد أية فائدة في أي من هذه القضايا غير ذات الصلة . لقد كان يبحث عن إبرة في كومة قش , ولكنه كان يزيد _عرضياً_ حجم معرفته بالسيدة بيسي بيرتش.
لم تكن بيسي تعرف الكثير عن خالتها. كانت علاقتهما مجرد رابطة أسرية يجري احترمها على هذا الأساس , ولكنها لم تكن علاقة حميمة .كانت تذهب مع زوجها جو لتناول الغداء مع خالتها مرة كل شهر تقريباً, وكانت زيارات الخالة لهما أكثر ندرة , وكانوا يتبادلون الهدايا في عيد الميلاد . وكان الزوجان يعلمان أن خالتهما قد ادخرت بعض المال وأنهما سيرثانه بعد موتها, وقد شرحت السيدة بيرتش ذلك قائلة وقد احمر وجهها : ولكن هذا لا يعني أننا كنا بحاجة إليه, فقد ادخرنا_نحن أيضاً_ بعض المال,وقد جهزنا دفنها بشكل رائع.كانت جنازتها رائعة ..... باقات الأزهار وكل شيء .وقد كانت خالتي مولعة بالحياكة . لم تكن تحب الكلاب لأنا تسبب فوضى في البيت , ولكنها كانت تحتفظ بقطة بنية اللون,وقد ضلت وضاعت, فلم تعد خالتي لتربية غيرها , ولكن موظفة مكتب البريد كانت ستعطيها قطة صغيرة . كانت تحافظ على بيتها نظيفاً وأنيقاً ولم تكن تحب الأشياء المبعثرة. كانت تحافظ على نحاسياتها في أنظف صورة , وتمسح أرض المطبخ كل يوم. وقد جمعت قدراً لا بأس به من المال من عملها خارج البيت . كانت تحصل على شلن وعشرة بنسات في الساعة ...بل تحصل على شلنين في الساعة في منزل هولملي , وهو بيت السيد كاربنتر .كانت أسرة كاربنتر ثرية جداً, وكانوا يحاولون إقناع خالتي بأن تعمل عندهم عدداً أكبر من الأيام , ولكنها لم تشأ خذلان السيدات الأخريات اللاتي بدأت العمل عندهن قبل عملها عند أسرة كاربنتر.
ذكر بوارو اسم السيدة سمرهيز في منطقة لونغ ميدوز فقالت السيدة بيرتش:آه, نعم. كانت خالتي تذهب إليها يومين في الأسبوع .لقد رجعوا من الهند حيث كان عندهم خدم كثيرون من أهل البلاد , ولم تكن السيدة سمرهيز تعرف شيئاً عن شؤون البيت . وقد حاولوا أن يزرعوا جزء من الحديقة للأغراض التجارية , ولكنهم لم يكونوا يعرفون شيئاً عن ذلك أيضاً.وعندما كان الأطفال يأتون إلى البيت لقضاء الإجازة كان البيت يتحول إلى فوضى عارمة . ولكن السيدة سمرهيز كانت سيدة لطيفة , وقد أحبتها خالتي .
وهكذا اتضحت الصورة تدريجياً عن السيدة ماغينتي .كانت تحوك الملابس وتمسح أرضيات المنازل والنحاس , وتحب القطط ولكنها لا تحب الكلاب ,وتحب الأطفال (ولكن ليس كثيراً) , وكانت انطوائية . وقد كانت تذهب إلى السينما أحياناً , وإن كان نادراً .ولم تكن تقر فساد الأخلاق (وقد تركت العمل لدى فنان وزوجته عندما اكتشفت أنهما غير متزوجين بشكل سليم).لم تكن تقرأ كتباً, ولكنها كانت تحب قراءة صحيفة يوم الأحد وتحب المجلات القديمة التي تعطيها لها السيدات اللاتي تعمل لديهن.ورغم أنها لم تكن ترتاد السينما كثيراً إلا أنها كانت تحب سماع أخبار النجوم السينما. ولم تكن مهتمة بالسياسة ولكنها كانت تصوت للمحافظين كما كان يفعل زوجها دائماً.ولم تكن تنفق الكثير على شراء الملابس لأنها كانت تأخذ معظم ملابسها من سيداتها , وكانت تميل للتوفير والادخار.
لقد كانت السيدة ماغينتي _ في الحقيقة_ كما توقع بوارو أن تكون , وكانت بيسي بيرتش كما وصفها سبنس في ملاحظاته.
وقبل أن يغادر بوارو عاد جو بيرتش إلى البيت ليتناول غداءه.رجل ظاهر الذكاء صغير الجسم , يجد المرء من الصعوبة في الجزم بشأنه أكثر مما يجده في حالة زوجته . بدا على سلوكه أثرٌ قليل من الارتباك, ولكنه لم يُبدِ تجاه بوراو ما أبدته زوجته من الريبة والعدوانية , بل إنه بدا متلهفاً على الظهور بمظهر المتعاون . وفكر بوارو بأن ذلك كان غير منسجم _ إلى حد ما_ مع شخصيته . فلماذا يكون جوبيرتش حريصاً على مجاملة شخص غريب مزعج؟ السبب الممكن الوحيد هو أن يكون هذا الغريب قد أحضر معه رسالة من المفتش سبنس من شرطة المنطقة .
أكان جو بيرتش حريصاً_ إذن_ على تبييض صفحته أمام الشرطة ؟ أيكون ذلك لأن وضعه لا يسمح له بانتقاد الشرطة كما فعلت زوجته ؟ لعله يكون غير مرتاح الضمير .لماذا كان ذلك الضمير مؤرقاً؟ قد توجد أسباب كثيرة ..... ليس لأي منها علاقة بموت السيدة ماغينتي . أيمكن أن يكون غيابه عن مكان الجريمة (ووجوده في السينما وقتها) عذراً ملفقاً بطريقة ذكية ما. ويكون جو بيرتش هو الذي طرق الباب السيدة ماغينتي فأدخلته إلى بيتها ليقوم بضرب العجوز الغافلة ؟ أن من شأنه أن يفتح الأدراج ويفتش الغرف ليعطي الانطباع بأنها حادثة سطو , وربما أخفى النقود خارج البيت بخبث ليدين جيمس بنتلي بالجريمة , إذ أن المال المودع في البنك هو فعلاً ما كان يسعى إليه . مئتا جنية تأتي لزوجته , وهو مبلغ يحتاجه حاجة ماسة لسبب غير معروف الآن . وتذكر بوارو أن سلاح الجريمة لم يعثر عليه أبداً! لماذا لم يعثر على السلاح أيضاً في مسرح الجريمة ؟ إن أي مغفل يعرف ضرورة ارتداء قفازين ومسح بصمات الأصابع .إذن لماذا يؤخذ السلاح وه سلاح ثقيل الوزن حاد الشفرة دون شك؟ ألأن من السهل تمييزه على أنه من أدوات بيرتش المنزلية ؟ أيكون ذلك السلاح نفسه موجوداً هنا في المنزل الآن بعد أن تم غسله وتلميعه؟ لقد قال الطبيب العدلي إنه شيء أشبه بساطور اللحم ...... ولكن بدا أنه لم يكن ساطوراً بالفعل . ربما كان شيئاً غريباً نوعاً ما, شيئاً خارجاً قليلاً عن المألوف ومن السهل تمييزه , وقد بحث عنه رجال الشرطة ولكنهم لم يعثروا عليه . لقد بحثوا عنه بين الأشجار وفي برك الماء .لم يُفقَد شيء من مطبخ السيدة ماغينتي ,ولم يكن بوسع أحد القول إن لدى جيمس بنتلي شيئاً كهذا بحوزته , إذ لم يستطع رجال الشرطة تتبع أي أثر لشراء جيمس بنتلي ساطور لحم أو أي شيء يشبهه . نقطة صغيرة لصالحه , ولكنها نقطة سلبية , وقد تجاهلوها في ضوء الأدلة الوفيرة الأخرى . ولكنها نقطة رغم ذلك........
ألقى بوارو نظرة سريعة على غرفة الجلوس الصغيرة المزدحمة بالأثاث التي كان يجلس فيها. أكان السلاح هنا , في مكان ما من هذا البيت ؟ ألهذا السبب كان جوبيرتش مجاملاً وغير مرتاح؟
لم يعرف بوارو جواباً لذلك . لم يكن يظن ذلك حقاً , ولكنه لم يكن متأكداً تماماً.
.................................................. .................................................. .................................................. .....
يتبع الجزء السادس في الحلقة القادمة من مسلسل موت السيدة ماغينتي ... بطولة المحقق المشهور هيركيول بوارو (ههههههههههههههههه بسوية مسلسل من اخراجي) قراءة ممتعة

رتّوشه
16-04-2006, 01:28
هههههه


الله يعيننا على هيركيول بوارو و خلاياه الرمادية ..

يعطيج العافيه حبي ,, و ما تقصرين و الله ..

شيهيرو
16-04-2006, 12:07
تسلمي رتوشة على ردودك الرائعة لا تحرمينا منهم ومن مرورك

بتوفيق

AlEX 7
16-04-2006, 13:00
يسلموووووووووووووووووو شيهيرو والله لا يحرمنا منك

شيهيرو
16-04-2006, 14:23
ولامنكم تسلمي حبيبتي alex7على مرورك الرائع

شيهيرو
17-04-2006, 18:15
الفصل السادس
.............................
في مكتب بريذر وسكاتل العقاري , وبعد شيء من الاعتراض , سُمح لبوراو بالدخول إلى غرفة السيد سكاتل نفسه.
كان السيد سكاتل نشيطاً حيوياً ذا أسلوب منفتح.قال وهو يفرك يديه: صباح الخير ,صباح الخير .ماذا بوسعنا أن نقدم لك؟
ثم ألقى نظرة حاذقة إلى بوارو وهو يحاول تصنيفه,كما لو كان يدون سلسلة من الملاحظات الهامشية:أجنبي ,ملابس ذات نوعية جيدة,قد يكون غنياً. أتراه صاحب مطعم ؟أم مدير فندق ؟أم يعمل في صناعة الأفلام؟
قال بوارو: أرجو أن لا آخذ من وقتك الكثير. لقد أردت التحدث معك بشأن موظفك السابق ,جيمس بنتلي.
ارتفع حاجبا السيد سكاتل المعبران مقدار بوصة ثم انخفضا, وقال :" جيمس بنتلي .... جيمس بنتلي ؟" ثم سأل :أأنت صحفي؟
_لا.
_ألست من رجال الشرطة؟
_بلى .على الأقل ....... لست من شرطة هذه البلاد .
_لست من هذه البلاد؟
قام السيد سكاتل بالاحتفاظ بهذه المعلومة كمن يريد العودة لها مستقبلاً , ثم قال : ما الأمر؟
لم يكن يعيق بوارو أبداً أي احترام لحرفيات الحقيقة, فانطلق قائلاً: إنني أشرع في تحقيق في قضية جيمس بنتلي ..... بناء على طلب بعض أقربائه.
_لم أكن أعلم أن له أقارب . وعلى أية حال فقد أدين وحُكم عليه بالإعدام.
_ولكنه لم يعدم بعد.
قال السيد سكاتل : "الأمل باقٍ ما بقيت الحياة .أليس كذلك؟ "
ثم هز رأسه وقال: ومع ذلك فإنني أشك في الأمر, فقد كانت الأدلة قوية . من هم أقاربه هؤلاء؟
_أستطيع أنأخبرك فقط أنهم أغنياء وأقوياء .أغنياء جداً.
لم يملك السيد سكاتل أن يخفف من غلوائه قليلاً,فقد كان لعبارة "أغنياء جداً" خاصية رائعة ومهدئة لنفسه, فقال :أنت تدهشني .نعم, أنت تدهشني حقاً.
أوضح بوارو قائلاً: لقد قامت والدة بنتلي الراحلة بالانفصال مع ابنها عن العائلة تماماً.
_لعلها كانت واحدة من تلك الخلافات العائلية ,أليس كذلك؟ حسناً .وبقي الشاب بنتلي معدماً لا يملك شيئاً. من المؤسف أن هؤلاء الأقارب لم يتدخلوا لإنقاذه من قبل .
_ لقد اتضحت لهم الحقائق مؤخراً فقط, وقد استأجروني لآتي بكل سرعة إلى هذا البلد وأقوم بكل ما يسعني عمله .
اتكأ السيد سكاتل على ظهر كرسيه متخلياً عن أسلوبه العملي الرسمي وقال: لا أدري ماذا بوسعك أن تعمل. أحسب أن لديه عرق جنون ! لقد تأخر الوقت قليلاً الآن على استخدم هذا العذر , ولكن إذا استطعت إقناع أطباء كبار بالأمر .... أنا بالطبع لست خبيراً بمثل هذه الأمور.
انحنى بوارو إلى الأمام وقال: لقد عمل جيمس بنتلي هنا يا سيدي, وبوسعك أن تحدثني عنه
_ لا أعرف عنه إلا القليل ,فلقد كان أحد موظفينا الصغار.ولاشيء ضده .بدا شاباً شريفاً تماماً وذا ضمير حي, ولكن لم تكن لديه فكرة عن الفن البيع ,ولم يكن بوسعه أن ينجز مشروعاً يطلب منه .وهذا لا ينفع في مهنتنا هذه , فإذا ما جاءنا زبون يريد بيع بيت له فإن مهمتنا أن نبيعه له , وإذا ما أراد زبون آخر شراء بيتٍ علينا أن نجد له بيتاً . وإذا كان البيت في مكان منعزل وليست له خصائص جيدة فإننا نركز على مسألة كونه تحفة أثرية ولا نذكر شيئاً عن تمديداته الصحية!وإذا كان المنزل يُطل مباشرة على مصانع الغاز فإننا نتحدث عن الخدمات والمرافق ولا نذكر شيئاً عن إطلالته . إن عملنا هنا هو أن ندفع زبوننا دفعاً لإمضاء الصفقة . ولدينا أنواع كثيرة من الحيل الصغيرة للقيام بذلك, كأن نقول للسيدة " ننصحك بأن تقدمي عرضاً سريعاً, فأحد أعضاء البرلمان مهتم جداً بشراء هذا البيت,وسيأتي لمعاينته مرة أخرى هذا المساء" .إنهم ينخدعون دوماً بذلك.إن الإشارة لعضو برلمان تشكل لمسة جيدة دوماً ,لا أدري لماذا.مع أنك لا تجد عضو برلمان يسكن خارج دائرته الانتخابية ! لعله فقط ثقل وتأثير الاسم.
ضحك فجأة مظهراً طقم أسنانه اللامع وأضاف : إنه علم النفس..... هذا كل ما في المر . مجرد علم النفس.
التقط بوارو هذه الكلمة وقال : علم النفس, كم أنت مُحق في ذلك .أرى أنك ذو فراسة في الرجال.
قال السيد سكاتل بتواضع :لست سيئاً في ذلك, لست سيئاً.
_ولذلك فإنني أسألك مرة أخرى : ماذا كان انطباعك عن جيمس بنتلي ؟ الأمر سري بيننا فقط......... أتظنه قتل العجوز؟
_حق سكاتل إليه وقال: بالطبع.
_وهل تظن أنت أن ذلك كان تصرفاً يُحتمل أن تأتي منه .. أعني من الناحية النفسية؟
_حسناً. إن كنت ستعبر عن المر بهذه الطريقة.....فلا, لا أظن ذلك حقاً.لا أحسب أنه كان يمتلك الجرأة على فعل ذلك. وإذا أردت رأيي بصراحة, لقد كان دوماً ضعيفاً من الناحية العقلية , فإذا أضفنا إلى ذلك بقاءه بلا عمل وقلقه وغير ذلك , أمكننا القول إن الكيل فاض به أخيراً وخرج عن طوره.
_ أكان لإنهاء خدماته سبب خاص؟
هز سكاتل رأسه بالنفي وقال: كان الموسم موسم ركود , ولم يكن لدى الموظفين ما يعملونه, فقمنا بفصل أقلهم كفاءة. وكان هو بنتلي , وأحسبه سيكون دوماً كذلك. وقد أعطيته رسالة تزكية جيدة, ومع ذلك لم يحصل على عمل آخر. ليس لديه اندفاع , وهو يعطي انطباعاً سيئاً للناس .

شيهيرو
17-04-2006, 18:16
فكر بوارو وهو يغادر المكتب بأن الأمور تعود دوماً إلى هذه النقطة , وهي أن جيمس بنتلي أعطى الناس انطباعاً سيئاً عن نفسه . واستغرق بالتفكير في العديد من القتلة الذين عرفهم ممن كان معظم الناس يرونهم شديدي الفتنة والسحر.
***************
_أنا آسفة ,أتمانع في أن أجلس لأتحدث إليك قليلاً؟
فوجئ بوارو_ المستقر على طاولة في مطعم بلوكات_ ورفع نظره عن قائمة الأطعمة التي كان يستعرضها .كان الجو مظلماً قليلاً في مطعم بلوكات المشهور بما يعطيه من انطباع بالانتماء للعالم القديم بنوافذه المؤطرة بخشب البلوط المطعم بالرصاص . ولكن المرأة التي جلست قبالته لتوها تميزت بإشراقها على تلك الخلفية المظلمة . كان شعرها ذهبياً تماماً, وكانت ترتدي بذلة زرقاء. وفوق ذلك انتاب بوارو شعور بأنه لاحظ وجودها في مكان ما قبل وقت قصير.
تابعت حديثها : لم أمللك إلا الاستماع إلى شيء من حديثك مع السيد سكاتل.
أومأ بوراو برأسه . كان قد أدرك أن الحواجز في مكتب بريذروسكاتل قد وضعت لأعراض وظيفية, وليس لتأمين العزلة والسرية لكل غرفة. ولكن ذلك لم يثر قلقه وقتها, طالما أنه كان يسعى _ أصلاً_ للتعريف بمهمته على أوسع نطاق . قال لها: لقد كنتِ تطبعين إلى يمين النافذة الخلفية.
أومأت برأسها موافقة, وابتسمت ابتسامة أبدت أسنانها اللامعة . شابة في أتم الصحة ذات جسم ممتلئ , وقدر بوارو أنها في نحو الثالثة والثلاثين من العمر,وأنها قد ولدت أصلاً بشعر أسود , ولكنها لم تكن ممن يستسلمون لأحكام الولادة ! قالت : أريد الحديث عن السيد بنتلي.
_ماذا عن السيد بنتلي ؟
_هل يستأنف الحكم؟ هل يعني ذلك وجود أدلة جديدة ؟ آه, أنا سعيدة جداَ . لم أستطع ..... لم أستطع أن أصدق أنه فعل ذلك.
ارتفع حاجبا بوارو وقال ببطء: أنت لم تري _ أذن _ أنه ارتكب الجريمة.
_ في البداية على الأقل . ظننت في الأمر خطأ دون شك, ولكن جاءت الأدلة بعدها ...
ثم توقفت , فقال بوارو : نعم....... الأدلة .
_لم يبدُ ممكناً أن يكون أحد غيره ارتكبها. وقلت لعله أصيب بقليل من الجنون.
_ هل سبق له أبداً أن بدا لك...... غريب الأطوار مثلاً؟
_ آه ,لا. لم يكن غريباً بهذا المعنى . كان فقط حيياً لا يُحسن التصرف ببراعة , كما يمكن لأي شخص آخر أن يكون . والحقيقة أنه لم يقدم أفضل ما عنده, إذ لم يكن له ثقة بنفسه.
نظر بوارو إليها. كانت لديها بالتأكيد ثقة بنفسها , وربما كان لديها من الثقة ما يكفي لاثنين . سألها : أكان يعجبك؟
احمر وجهها خجلاً وقالت :نعم . كان يعجبني . كانت أيمي (الفتاة الأخرى في المكتب) تسخر منه وتسميه أخرق, ولكني كنتُ أشفق عليه كثيراً كان لطيفاً ومهذباً, وكان يعرف الكثير حقاً .. وأعني بذلك كثيراً من المعلومات من قراءة الكتب.
_آه ,نعم . من الكتب.
_لقد فقد والدته , وكانت مريضة لسنوات طويلة. والأحرى أنها لم تكن مريضة فعلاً . بل لم تكن قوية , وقد قام بكل شيء من أجلها.
أومأ بوراو برأسه ,فقد كان يعرف ذلك النوع من الأمهات .
_وهي أيضاً كانت تعتني به طبعاً. أعني أنها كانت تعتني بصحته وبطعامه وغير ذلك.
أومأ بوارو ثم سأل : أكنتما صديقين؟
_لا أدري....... لم نكن كذلك تماماً. كنا نتحدث أحياناً , ولكن بعد أن ترك العمل ولم يعد ...... لم أعد أراه كثيراً .أرسلتُ له رسالة ودية مرة ولكنه لم يجب عليها.
قال بوارو بلطف: ولكنك تحبينه ؟
قالت بشيء من التحدي : نعم , أحبه.
_هذا رائع .
تذكر بوارو يوم مقابلته للسجين المدان . رأى جيمس بنتلي يرتسم في مخيلته بوضوح : شعر بلون الفئران , وجسم نحيل غير متناسق ويدان ذواتا سلاميات بارزة وقبضتين ضخمتين , والحنجرة البارزة في عنقه النحيف . رأى النظرة الزائغة المحرجة ....... التي تكاد تكون ماكرة "شاب متكتم ماكر ومخادع يتكلم بطريقة سيئة يرش فيها الكلام رشاً على نحو متقطع"... كان هذا هو الانطباع الذي من شأن جيمس بنتلي أن يعطيه عن نفسه لأغلب المراقبين السطحيين. وهو الانطباع الذي أعطاه عن نفسه في قفص الاتهام , بأنه من ذلك النوع الذي من شأنه أن يكذب ويسرق المال ويضرب امرأة عجوزاً على رأسها.
ولكنه لم يترك ذلك الانطباع عند المفتش سبنس الذي كان يعرف الرجال. ولا عند بوارو أيضاً........ والآن هاهي هذه الفتاة أيضاً .
_ما اسمك يا آنسة؟
_مود ويليامز . هل يوجد ما يمكنني فعله .... للمساعدة؟
_ نعم, أظن ذلك. يوجد أناس _ياآنسة ويليامز_ يظنون أن بنتلي برئ , وهم يعملون لإثبات تلك الحقيقة . وأنا الشخص المكلف بالتحقيق , وبوسعي أن أخبرك أنني حققت تقدماً كبيراً حتى الآن ....... نعم, تقدماً كبيراً .
تفوه بوارو بتلك الكذبة دون أن يرف له جفن, فقد رأى أنها كذبة ضرورية جداّ , ففي مكان ما شخص ما ينبغي أن يتم دفعه للتململ والقلق . ستتكلم مود ويليامز , والكلام أشبه بحجر يُلقى في بركة ماء فيطلق دوائر تتسع باطراد.قال لها: قلتِ لي إنك و بنتلي كنتما تتحدثان معاً , وقد حدثك عن والدته وحياته في بيته . هل ذكر أمامك أحداً كان هو أو أمه على علاقة سيئة معه؟
فكرت مود ويليامز ثم قالت : لا, ليس ما يمكن أن نُطلق عليه عبارة علاقات سيئة , ولكني فهمتُ أن والدته لم تكن تحب الفتيات كثيراً.
_ أن الأمهات اللاتي يلقين تعلقاً كبيراً من أبنائهن لا يحببن الفتيات أبداً في العادة . كلا , أنا أقصد أكثر من ذلك. أعني شجاراً عائلياً , أو أعداءً ما . شخصاً يحمل ضغينة؟

شيهيرو
17-04-2006, 18:17
هزت رأسها بالنفي : لم يذكر لي شيئاً من هذا القبيل أبداً.
_ هل حدثك عن صاحبة البيت , السيدة ماغينتي؟
ارتعدت مود قليلاً وقالت: لم يذكر اسمها. قال إنها كانت تُقدم له السمك المدخن ... وقال مرة إنها حزنت لأنها فقدت قطتها.
_ حسناً ,سأسألك سؤالاً وأرجو أن تكوني صادقة في الإجابة : هل سبق له أن ذكر لك بأنه يعرف أين كانت تحتفظ بأموالها ؟
تغير لون وجه الفتاة قليلاً ولكنها رفعت رأسها بتحدً وقالت : نعم, لقد فعل . كنا نتحدث عن عدم الثقة الناس في البنوك , فذكر أن صاحبة البيت تحتفظ بأموالها تحت لوح في أرض الغرفة . وقال: " بوسعي أن آخذ منه ما أشاء عندما تكون السيدة خارج البيت" . لم يقل ذلك على سبيل المزاح تماماً, بل كما لو كان قلقاً حقاً من إهمالها.
_ آه , هذا جيد . أعني أنه جيد من وجهة نظري , فعندما يفكر جيمس بنتلي بالسرقة فإنه يتخيل هذا التصرف كتصرف يُرتكب في غياب الشخص المعني. ولعله قال :" سيضربها أحدهم على رأسها يوماً ما من أجل هذا المال ".
_ولكنه _في كلا الحالين_ ما كان ليقصد ذلك.
_ آه, نعم . ولكن الحديث _مهما كان عرضياً ولاهياً _ يكشف نوعية قائله. ليس من شأن المجرم الحكيم أن يفتح فمه أبداً, ولكن نادراً ما يتصف المجرمون بالحكمة , وهم عادة مغرورون ويثرثرون كثيراً.... ولذلك يلقي القبض على معظم المجرمين.
قالت مود ويليامز فجأة: ولكن لابد أن أحدهم قد قتل العجوز.
_بالطبع.
_ من هو؟ هل تعرفه؟ ألديك فكرة؟
قال بوارو كاذباً: نعم .أظن أن لدي فكرة جيدة جداً عنه, ولكننا في بداية الطريق.
نظرت الفتاة إلى ساعتها : يجب أن أعود . يُفترض أن لا نغيب عن المكتب أكثر من نصف ساعة.إن كيلشستر مكان صغير , وقد كنت أعمل دائماً في لندن فيما مضى . هل سُتبلغني في حال وجود أي شيء أستطيع عمله ؟ أنا جادة فعلاً.
أخرج بوارو بطاقة له وكتب عليها اسم لونغ ميدوز ورقم الهاتف , وأعطاها لها قائلاً: هذا هو المكان الذي أقيم فيه.
ولاحظ بوارو _ بانزعاج شديد_ أن اسمه لم يترك أي انطباع لديها, ولم يملك إلا أن يشعر بأن الجيل الجديد يفتقر بشدة لمعرفة الشخصيات البارزة.
************
استقل هيركيول بوارو الحافلة إلى بروديني وهو يشعر ببعض البهجة, فقد وجد- على أية حال_ شخصاً واحداً يوافقه الرأي بأن جيمس بنتلي بريء. لم يكن بنتلي بلا أصدقاء كما جعل الناس يظنون.
عاد ذهنه_ثانية_ إلى بنتلي في السجن .كم كانت مقابلة مُثبَّطة , لم تتم فيها إثارة أي أمل أو تحريك أي اهتمام . كان بنتلي قد قال بسأم: أشكرك , ولكني لا أظن أنه يوجد شيء يستطيع أحد عمله.
كان قد قال إنه متأكد من عدم وجود أعداء له, وعلق قائلاً: عندما لا يكاد الناس يلاحظون أنك حي ترزق, فليس من المحتمل أي يكون لك أي أعداء!
_ وأمك ؟ هل كان لها أعداء؟
_كلا بالتأكيد , كان الجميع يحبونها ويحترمونها.
_ ماذا عن أصدقائك؟
و كان جيمس بنتلي قد قال وقتها:" ليس لي أي أصدقاء". ولكن ذلك لم يكن صحيحاً تمامً , لأن مود ويليامز كانت صديقة.
فكر بوارو قائلاً لنفسه: "يا لها من حكمة إلهية عجيبة أن يكون كل رجل_ بالغاً ما بلغ قبحه الظاهر_ موقع اختيار امرأة ما" فرغم مظهر الآنسة الجذاب ,إلا أن بوارو خمن تخميناً ذكياً بأنها من النوع الذي يحب حب الأم لابنها. كانت لها كل الخصائص التي يفتقر إليها جيمس بنتلي : الحيوية , والطموح , ورفض الهزيمة, والتصميم على النجاح.
تنهد بوارو . يا للكذبات الفظيعة التي أطلقها في ذلك اليوم! ولكن لا بأس , لقد كانت ضرورية . قال لنفسه وهو ينخرط في سيل من التبريرات : ذلك لأنها توجد _في مكان ما_ إبرة في القش , ومن بين الكلاب النائمة ثمة كلب سأطأ عليه , وعندما أرمي السهام في الهواء سينزل واحد منها ليصيب بيتاً زجاجياً!

رتّوشه
17-04-2006, 19:40
يعطيج العافيه أختي ..

الأحداث كل ما لها و تتعقد ,, مشكوره ..

شيهيرو
18-04-2006, 00:16
تسلمي رتوشة راح ابدا اجزاء الفصول لان كل ما جاءها تكبر وراح احط كل يوم جزء
سلام

رتّوشه
18-04-2006, 00:40
تسلمي رتوشة راح ابدا اجزاء الفصول لان كل ما جاءها تكبر وراح احط كل يوم جزء
سلام



الله يسلمج أختي , و سوِّي إللي يريحج إنتي ..

يعطيج العافيه ..

شيهيرو
18-04-2006, 13:09
تسلمي حبيبتي

Ms.Mimi
19-04-2006, 21:59
اتحمست ابغى اعرف من القاتل؟!
يعطيك العافيه شيهيرو على الروايه المثيره
مشكوره وبانتظار باقي الروايه

شيهيرو
19-04-2006, 22:59
اتحمست ابغى اعرف من القاتل؟!
يعطيك العافيه شيهيرو على الروايه المثيره
مشكوره وبانتظار باقي الروايه

تصدقي حتى اني نسيت من القاتل ............. ومشكورة على المرور
التكملة
.................................................. ................................................
الفصل السابع
.............................
كان البيت الصغير الذي عاشت فيه السيدة ماغينتي على بعد خطوات من موقف الحافلات . وعلى عتبة الباب كان صبيان يلعبان , أحدهما يأكل تفاحة وتبدو وقد نخرها الدود , فيما راح الآخر يصرخ ويضرب الباب بطبق معدني . بدا الاثنان سعيدين تماماً , وأضاف بوارو إلى ضجيجهما وضرب الباب بقوة .
نظرت من زاوية المنزل امرأة ذات شعر أشعث ترتدي سروال عمل ملوناً وقالت :كُفّ عن ذلك يا إيرني .
قال إيرني دون توقف: لا, لن أتوقف .
ابتعد بوارو عن عتبة الباب واتجه نحو ركن المنزل . قالت له المرأة : لا يمكنك عمل شيء مع الأطفال ,أليس كذلك؟
فكر بوارو بأن بالإمكان فعل شيء , ولكنه امتنع عن قول ذلك. وأشارت له المرأة كي يتبعها إلى الباب الخلفي قائلة : إنني أبقي الباب الأمامي مقفلاً بالمزلاج يا سيدي , تفضل بالدخول.
عبر بوارو غرفة أطباق قذرة جداً إلى مطبخ يفوقها قذارة وقالت المرأة : لم تُقتل هنا, بل في الردهة.
رمش بوارو بعينيه قليلاً من الدهشة فقالت المرأة: لهذا أنت هنا,أليس كذلك؟ أنت السيد الأجنبي القادم من بيت سمرهيز!
قال بوارو : "إذن أنت تعرفين كل شيء عني"؟ , ثم أردف وقد انفرجت أساريره: نعم ,هو كذلك يا سيدة........
_كيدل. زوجي يعمل في الجص , وقد انتقلنا للعيش هنا قبل أربعة أشهر, وكنا نقيم مع والدة بيرت قبل ذلك . قال بعض الناس : "لا نحسبكم تسكنون بيتاً وقعت فيه جريمة قتل بالتأكيد؟" , ولكن ما قلته أنا هو أن المنزل يبقى منزلاً, وهو أفضل من العيش في غرفة جلوس خلفية ومن النوم على أريكتين . مُريع هذا النقص في المساكن ,أليس كذلك؟ وعلى العموم لم نواجه أي مشكلات هنا.
يزعمون أن أرواح القتلى تمشي في بيوتها, ولكن هذا غير صحيح ! أتحب أن ترى أين وقعت الجريمة؟
وافقها بوارو وهو يحس وكأنه سائح يسير به دليل يقوده,واقتادته السيدة كيدل إلى غرفة صغيرة يثقلها طقم جلوس من طراز عصر جيمس الأول. وبخلاف بقية البيت , لم يظهر على الغرفة ما يشير إلى أنها كانت مأهولة أبداً. قالت السيدة كيدل: كانت ملقاة على الأرض وقد انفلقت مؤخرة رأسها, وقد خلع ذلك فؤاد السيدة إليوت, فهي التي عثرت عليها....... هي و لاركن الذي يأتي بالخبز من الجمعية . ولكن النقود أخذت من الطابق العلوي .تعال لأريك أين.
قادت السيدة كيدل الطريق صعوداً على الدرج إلى غرفة نوم كان فيها خزانة كبيرة ذات أدراج, وسرير نحاسي ضخم, وبعض الكراسي , ومجموعة كبيرة من الملابس الأطفال المبتلة والجافة. قالت السيدة كيدل باعتزاز : هنا كانت النقود بالضبط.
نظر بوارو حوله. من الصعب التصور أن هذا المعقل المفعم بالحيوية والإنجاب العشوائي كان يوماً المملكة النظيفة لامرأة كهلة تعتز بمنزلها . هنا كانت السيدة ماغينتي تعيش وتنام!
سأل بوارو المرأة : لا أحسب أن هذا أثاثها ,أليس كذلك؟
_آه, نعم , إنه أثاثي . لقد جاءت ابنة أختها التي تسكن كولافون وأخذت أثاثها كله.
لم يبق هنا شيء من السيدة ماغينتي .لقد جاءت عائلة كيدل واحتلت المكان . كانت الحياة أقوى من الموت!
ارتفع عويل شديد لطفل من الطابق السفلي , فقالت السيدة كيدل: " لقد استيقظ الطفل"
ثم أسرعت إلى الطابق السفلي وتبعها بوراو.
لم يكن في هذا البيت شيء يهمه,ولذلك ذهب إلى البيت المجاور.
*****************
_نعم يا سيدي, أنا عثرت عليها.
كانت السيدة إليوت تميل للإثارة في حديثها . بيتها مرتب وصغير , ليس فيه من الإثارة إلا السيدة إليوت نفسها, امرأة طويلة نحيلة , سوداء الشعر, تسرد اللحظة المجيدة الوحيدة في حياتها.
_ جاء لاركن الخباز وطرق الباب , ثم قال: " إنها السيدة ماغينتي , لا تسمعنا. لعلها تعرضت إلى سوء ". وفعلاً رأيتُ إنها ربما تعرضت لسوء , فلم تكن شابة أبداً, وأنا أعرف _تمام المعرفة _ أنها تعرضت لخفقان في القلب فيما مضى. ظننتُ أنها ربما أصيبت بنوبة قلبية , ولذلك أسرعت , إذ لم تكن هناك غير الرجلين , وما كانا ليحبا دخول غرفة نومها بالتأكيد.
تقبل بوارو هذه التصرف المهذب بتمتمة تنم على الرضا.
_ أسرعتُ بصعود الدرج , وكان هو على استراحة الدرج شاحباً شحوب الموتى . وهذا لا يعني أنني ارتبتُ به وقتها , فلم أكن أعرف ما لذي حدث بالطبع. قرعت الباب بشدة ولم يأت أي جواب , ولذلك أدرت قبضة الباب ودخلت . كانت الغرفة في فوضى عارمة , وكان لوح من الأرضية مخلوعاً . قلتُ :" إنها عملية سطو. ولكن أين المسكينة نفسها؟". عندها فكرنا أن نبحث في غرفة الجلوس . وكانت هناك ممددة على الأرض ورأسها مهشم. جريمة قتل ! عرفت على الفور ما حدث ..... جريمة قتل! لا يمكن أن تكون أي شيء آخر . سطو وقتل! وهنا في بروديني . صرخت وصرخت! لقد سببتُ لهم مشكلة كبرى, فقد أغمى عليّ تماماً, وقد تعين عليهم أن يحضروا لي شراباً منعشاً , وبقيت بعدها أرتجف لساعات وساعات , وقال لي الرقيب عندما أتى:" لا تخافي هكذا يا خالة, لا تخافي . اذهبي إلى البيت واصنعي لنفسك كوباً من الشاي". وهذا ما فعلته . وعندما جاء إليوت قال وهو يحدق إليّ:"ما لذي حدث ؟", وكنت ما أزال أرتجف . أنني حساسة منذ أن كنتُ طفلة.
قاطع بوارو _بمهارة_ هذا السرد الشخصي المثير: نعم , نعم , يستطيع المرء أن يرى ذلك. متى كانت آخر مرة رأيت فيها السيدة ماغينتي المسكينة؟
_ لابد أن ذلك كان في اليوم السابق , عندما خرجَت إلى الحديقة الخلفية لتقطف بعض النعناع . كنت أقوم بإطعام الدجاجات.
_ هل قالت لك أي شيء؟
_ تحية المساء فقط, وسألتني إن كانت الدجاجات تبيض بشكل أفضل.
_ هل كانت تلك آخر مرة تشاهدينها فيها؟ هل شاهدتها يوم موتها؟
قالت السيدة إليوت :" لا, ولكنني رأيته هو ". ثم خفضت صوتها وأضافت:في نحو الحادية عشرة صباحاً. وكان يمشي في الطريق , ويجر قدميه كعادته دائماً .
انتظر بوارو ولكن بدا أنها لا تملك ما تضيفه. سألها: هل فوجئت عندما اعتقله الشرطة ؟
_ الحقيقة أنني فوجئتُ ولم أفاجأ. لقد رأيتُ دائماً أنه معتوه بعض الشيء , وما من شك أن هؤلاء المعتوهين يصبحون سيئين أحياناً. إن لدى خالي ولداً ضعيف العقل , وهو ينقلب ليصبح سيئاً جداً أحياناً , ولا يعرف أحد مقدار قوته. نعم إن بنتلي هذا كان معتوهاً حقاً, وما كنتُ لأدهش إذا لم يشنقوه عندما يأتي موعده, بل أرسلوه إلى مصحة للمعتوهين عوضاً عن ذلك .انظر أين خبا النقود . لا أحد يضع نقوداً في مكان كهذا إلا إذا أراد أن تُكشف. مجرد شاب سخيف وساذج , وهكذا كان.
تمتم بوارو قائلاً:إلا إذا أراد لها أن تُكشف ..... هل صدف وفقدتِ ساطوراً أو بلطة؟
_لا يا سيدي لم أفقد . لقد سألني الشرطة نفس السؤال , سألوا جميع ساكني البيوت هنا. مازال السلاح الذي قتلها به لغزاً مجهولاً.
**********************

الأميرة شوق
19-04-2006, 23:19
الله يعطيك العافيه
بانتظارك

ba6a
20-04-2006, 22:59
شكــــــرا حبيبتي على الروايـــــة


قراتها قبل كذا وممممرة عجبتني


^_^

رتّوشه
21-04-2006, 00:42
يعطيج العافيه أختي ..

ما قصَّرتي ..

شيهيرو
21-04-2006, 21:11
تسلموا حبايبي على الردود
زهذا اخر جزء من الفصل السابع
.................................................. ....................................
اتجه هيركيول بوارو صوب البريد . لقد أراد القاتل للنقود أن تُكتشف . ولكن لم يشأ أن يُكتشف سلاح الجريمة , لأن من شأن النقود أن تشير إلى جيمس بنتلي, أما السلاح فمن شأنه أن يشير إلى ........ إلى مَن؟
هز بوارو رأسه . كان قد زار البيتين الآخرين اللذين كانا أقل حيوية من بيت السيدة كيدل وأقل إثارة من بيت السيدة إليوت , وقد قال أصحاب البيتين إن السيدة ماغينتي كانت سيدة محترمة وكانت منطوية على نفسها, وإن لها ابنة أخت في كولافون, وإن أحداً لم يكن يأتي لرؤيتها غير ابنة أختها, وإن أحداً_ حسب علمهم _ لم يكن يكرهها أو يحمل لها ضغينة .وقد سألوا إن كانت عريضة التماس تُعدّ لصالح جيمس بنتلي , وهل سيُطلب منهم توقيعها .
قال بوارو لنفسه: لم أصل إلى شيء ...... أي شيء. لا يوجد أي شيء , ولا طرف خيط بسيط . بإمكاني أن أفهم جيداً يأس المفتش سبنس , ولكن الأمر ينبغي أن يكون مختلفاً في حالتي أنا! إن المفتش سبنس ضابط شرطة جيد ومثابر , أما أنا ,فأنا هيركيول بوارو . أمامي أنا يجب أن يكون كشف !
زلق حذاؤه الجلدي اللامع في مخاضة صغيرة فجفل . إنه هيركيول بوارو العظيم, الفريد, ولكنه أيضاً رجل مُسن وحذاؤه ضيق.
دخل مكتب البريد. كان الجانب الأيمن مخصصاً لخدمات البريد, أما الجانب الأيسر فقد كان معرضاً لخليط منوع من البضائع التي تشمل الحلويات , والمواد الغذائية , الألعاب , الأدوات , و القرطاسية , وبطاقات الأعياد, وصوف الحياكة , وملابس الأطفال الداخلية .
تقدم بوارو لشراء بعض الطوابع . كانت المرأة التي تقدمت لخدمته في أواسط عمرها
ذات عينين حادتين لامعتين . قال بوارو لنفسه : هنا يكمن _بلا شك_ عقل قرية بروديني.
كان اسمها السيدة سويتيمان. قالت وهي تنتزع الطوابع بمهارة من دفتر ضخم: اثنا عشر بنساً أخرى , أي أن المجموع يصبح أربعة شلنات وعشرة بنسات . هل تحتاج شيئاً آخر؟
ركزت عليه نظرة دقيقة متلهفة , وظهر من خلال باب خلفها رأس فتاة تستمع بشغف . كان شعرها غير مرتب وبدا أنها تعاني من الزكام. قال بوارو بتجهم : أنا غريب في هذه المنطقة .
وافقته السيدة سويتيمان قائلة: هذا صحيح يا سيدي. لقد جئت من لندن ,أليس كذلك؟
قال بوارو بابتسامة خفيفة : أحسب أنك تعرفين عملي هنا كما أعرفه أنا تماماً.
قالت السيدة سويتيمان بطريقة آلية تماماً: آه, لا يا سيدي . أنا حقاً لا أعرف.
_السيدة ماغينتي .
هزت السيدة سويتيمان رأسها وقالت: كان هذا أمراً مؤسفاً.... بل مفجعاً.
_ أحسبك كنت تعرفينها جيداً؟
_ نعم , يمكنني القول إنني كنتُ أعرفها كما أعرف أي شخص آخر في بروديني . كانت تمضي سحابة النهار معي عندما تجئ لأمر ما.نعم,كانت مأساة مريعة , ولم تنته بعد, أو هذا ما سمعت الناس يقولونه على الأقل.
_ إن بعض الأوساط تشك في صواب إدانة جيمس بنتلي.
_ حسناً, لن تكون هذه المرة الأولى التي يُلقي فيها الشرطة القبض على الرجل الخطأ........ رغم أنني لا أحسب أنهم أخطؤوا في هذه الحالة . وهذا لا يعني أنني كنتُ أتوقع منه مثل هذا العمل حقاً. رجل من النوع الحيي المفتقر للبراعة, ولكنه ليس خطيراً , أو أن هذا ما يراه المرء. ولكن أحداً لا يستطيع الجزم ,أليس كذلك؟
جازف بوارو وطلب ورقة رسائل .
_ بالطبع يا سيدي ,هل لك أن تأتي إلى الجانب الآخر.
استدرت السيدة سويتيمان لتأخذ مكانها خلف الحاجز الخشبي الأيسر, ثم قالت وهي تمد يدها إلى الرف العلى لتجلب الورقة والمغلف : الأمر الذي يصعب تخيله هو: مَن عساه يكون الفاعل إن لم يكن السد بنتلي ؟ إن لدينا بعض المتشردين السيئين هنا أحياناً , ومن الممكن أن يكون أحدهم قد وجد نافذة غير محكمة الإغلاق فدخل منها.
ولكنه ما كان ليذهب تاركاً النقود وراءه ,أليس كذلك؟ ليس بعد ارتكابه جريمة قتل من اجلها. وهي أوراق من فئة الجنية الواحد على أية حال , ولا يمكن أن تكون أرقامها مُسجلة أو تكون مُعلمة . تفضل يا سيدي . هذه أوراق فخمة زرقاء, وهذه مغلفات تناسبها.
دفع بوارو الثمن ثم سألها: ألم تتحدث السيدة ماغينتي أبداً عن قلقها أو خوفها من أحد؟
_لم تتحدث معي أنا بشيء كهذا , وهي لم تكن امرأة كثيرة القلق .كانت تتأخر_أحياناً_ عند عائلة كاربنتر في هولملي على قمة التلة,إذ غالباً ما يكون لديهم ضيوف على العشاء, فكانت تذهب في المساء لتساعد في غسل الأطباق , وكانت تهبط التلة في الظلام, وهذا أفظع من أقوم به , الهبوط عن التلة في الظلام الدامس!
_هل تعرفين ابنة أختها ,السيدة بيرتش؟
_معرفة عادية فقط. إنها تأتي هي وزوجها من حين لآخر.
_ لقد ورثا بعض المال عند وفاة السيدة ماغينتي.
نظرت إليه بعينيها السوداوين النفاذتين بشدة وقالت:هذا أمر طبيعي تماماً, أليس كذلك يا سيدي؟ لا تستطيع أخذ المال معك , وإنه امن الطبيعي تماماً أن يحصل عليه أقاربك الأقربون.
_ آه ,بلى ,بلى ,أتفق معك كلياً. أكانت السيدة ماغينتي تحب ابنة أختها؟
_ أظنها كانت تحبها كثيراً, على نحو هادئ.
_ وكانت تحب زوج ابنة أختها؟
بدت نظرة مراوغة على وجه السيدة سويتيمان وقالت: على ما أعلم.
_ متى رأيت السيدة ماغينتي آخر مرة ؟
فكرت السيدة سويتيمان , عائدة بذاكرتها إلى الوراء وقالت: دعني أتذكر , متى كان ذلك يا إدنا؟
نشقت إدنا وهي تقف في المدخل دون أن تجيب, ومضت السيدة سويتيمان قائلة : أكان ذلك يوم موتها؟ لا,بل اليوم الذي سبقه ..... أو اليوم الذي سبق ذلك أيضاً؟ نعم ,كان يوم الاثنين . هذا صحيح ... لقد قُتلت يوم الأربعاء.نعم , كان يوم الاثنين ,حين جاءت لتشتري زجاجة حبر.
_ زجاجة حبر؟
قالت السيدة سويتيمان بزهو: أحسبها أرادت أن تكتب رسالة .
_ يبدو هذا محتملاً . هل كانت على طبيعتها تماماً وقتها؟ هل بدت مختلفة بأي شكل؟
_كـ.... كلا , لا أظن ذلك.
عبرت إدنا من الباب بسرعة إلى الركن المستخدم كدكان واشتركت فجأة في الحديث مؤكدة : لقد كانت مختلفة , كانت مسرورة لأمر ما. ليست مسرورة تماماً......... بل منفعلة.
قالت السيدة سويتيمان : ربما كنت على حق , مع أني لم ألاحظ ذلك في حينه. أما وقد ذكرت ذلك الآن ,فقد تذكرت .... كان بها شيء من الحيوية والنشاط.
_ هل تذكرين أي شيء قالته في ذلك اليوم ؟
_ ما كُنت لأذكر في الأحوال العادية . ولكن مقتلها و مجئ الشرطة وغير ذلك قد جعل الأشياء تبرز إلى ذاكرتي. لم تقل شيئاً عن جيمس بنتلي , هذا ما أنا متأكدة منه تماماً, بل تكلمت قليلاً عن عائلة كاربنتر وعن السيدة أبورد .... عن الأماكن التي اشتغلت بها.
_ آه, نعم. كنت سأسأل من هم الذين اشتغلت عندهم بالضبط؟
أجابت السيدة سويتيمان بسرعة : أيام الاثنين والخميس كانت تذهب إلى السيدة سمرهيز في لونغ ميدوز.هذا حيث تقيم أنت, أليس كذلك؟
تنهد بوارو وقال : بلى,لا أحسب أنه يوجد مكان آخر للإقامة.
_ نعم, لا يوجد في بروديني نفسها مكان آخر. أظن أنك لست مرتاحاً تماماً في لونغ ميدوز, أليس كذلك؟ إن السيدة سمرهيز سيدة لطيفة ولكنها لا تعرف أبسط الأشياء عن شؤون المنزل.هؤلاء السيدات القادمات من بلاد أجنبية لا يعرفن هذه الأمور! وأنت تجد هناك دوماً فوضى مريعة بحاجة إلى ترتيب وتنظيف , أو هذا ما كانت تقوله السيدة ماغينتي . نعم, كانت تعمل مساء كل ثلاثاء وصباح كل خميس عند السيدة سمرهيز, وصباح كل ثلاثاء عند الدكتور رندل, وبعد الظهر لدى السيدة أبورد في منزلها المدعو ليبرنامز,أما الأربعاء فكان للسيدة و ذربي في هنتركلوز
وأيام الجمعة للسيدة سيلكيرك.... وهي الآن السيدة كاربنتر .إن السيدة أبورد سيدة كهلة تقطن مع ابنها,ولديها خادمة ولكنها متقدمة في السن, وقد اعتادت السيدة ماغينتي أن تذهب مرة في الأسبوع لتقوم بتنظيف شامل للبيت . أما السيد والسيدة وذربي فيبدو أنهما لا يحتفظان بأية خادمة طويلاً, والسيدة وذربي مقعدة بعض الشيء . السيد والسيدة كاربنتر لديهما بيت جميل ويستضيفان الكثير من الناس ... إن هؤلاء الناس لطفاء جميعهم .
ومع آخر تصريح عن سكان بروديني خرج بوارو إلى الشارع مرة أخرى,ومشى ببطء إلى أعلى التلة باتجاه لونغ ميدوز. كان يأمل أن تكون محتويات علبة الفاصوليا المنتفخة والفاصوليا التي تلوثت بالدم قد أُكلت على الغذاء ولم يُحتفظ بشيء منها لإقامة مأدبة عشاء له. ولكن يمكن أن تكون هناك علب أخرى مشكوك بها. إن للحياة في لونغ ميدوز مخاطرها بالتأكيد!
لقد كان_على العموم_ يوماً مخيباً للآمال. فما الذي علمه؟ علم أن جيمس بنتلي صديقة, وأنه ليس له ولا للسيدة ماغينتي أي أعداء , وأن السيدة ماغينتي بدت منفعلة قبل يومين من موتها,وأنها اشترت زجاجة حبر.
توقف بوارو متجمداً في مكانه . أكانت تلك الحقيقة , حقيقة صغيرة حصل عليها أخيراً؟ كان قد سأل _دون اهتمام_ عما يمكن أن يدفع السيدة ماغينتي لشراء زجاجة حبر, وكانت السيدة سويتيمان قد أجابت بشكل جاد تماماً بأنها تفترض أن السيدة ماغينتي أرادت أن تكتب رسالة .
كانت في هذه النقطة أهمية .... أهمية كادت تفوته , لأن كتابة رسالة بالنسبة له(كما هي بالنسبة لمعظم الناس) إنما هي حدث يومي اعتيادي. ولكنها لم تكن كذلك بالنسبة للسيدة ماغينتي .كانت كتابة رسالة _ بالنسبة للسيدة ماغينتي _ حدثاً غير عادي بحيث أنها تضطر للخروج وشراء زجاجة حبر إن هي أرادت فعل ذلك.
إذن فإن السيدة ماغينتي لم تكد تكتب رسائل أبداً , وقد كانت السيدة سويتيمان (وهي مأمورة البريد) مدركة تماماً لهذه الحقيقة .ولكن السيدة ماغينتي كتبت رسالة قبل يومين من وفاتها , فلمن كتبت تلك الرسالة ؟ولماذا ؟
قد تكون النقطة غير مهمة أبداً و فلعلها كتبت الرسالة لابنة أختها أو لصديقة غائبة . من السخف أن نضع كل هذه الأهمية على أمر بسيط مثل زجاجة حبر. ولكن هذا هو كل ما استطاع الحصول عليه , وهو عازم على متابعته.
زجاجة الحبر....


ماقصة الرسالة والحبر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انتظروا فب الحلقة القادمة من المحقق بوارو .
seeyou

رتّوشه
22-04-2006, 16:15
ممممم

مثير للاهتمام ..

غريبه ,, شسوت العجيِّز بالرساله ..

شكرا لج أختي ..

شيهيرو
23-04-2006, 22:30
الفصل الثامن
...........................
_ رسالة ؟
هزت السيدة بيرتش رأسها بالنفي وأضافت:لا لم أتلق أية رسالة من خالتي .وعن ماذا عساها تكتب لي؟
اقترح بوارو قائلاً: ربما كان لديها شيء رغبت بقوله لك.
_ لم تكن خالتي تتقن الكتابة كثيراً . لقد كانت تقترب من السبعين , وفي صباها لم تكن الفتيات يتلقين قسطاً وافراً من التعليم.
_ ولكنها كانت تستطيع القراءة والكتابة ,أليس كذلك؟
_ بالطبع. ولكنها لم تكن تميل كثيراً للقراءة , رغم أنها كانت تحب قراءة صحيفة الصندي كوميت . ولكن الكتابة تكون أصعب دائماً, ولو كان لديها شيء أرادت أن تخبرني به, كتأجيل موعد زيارتي لها أو لتخبرني بأنها لا تستطيع زيارتي, فإنها كانت تتصل عادة بالسيد بنسون , الصيدلي الذي يسكن في البيت المجاور لنا , ويقوم هو بإيصال الرسالة لي . وهو رجل بالغ اللطف في هذا الأمر. إننا نسكن في منطقة واحدة, ولذلك فالمكالمة لا تكلف سوى بنسين, وفي مكتب البريد في بروديني هاتف عمومي.
أومأ بوارو برأسه ,فقد قدر حقيقة أن بنسين أفضل من بنسين ونصف , وكان قد تمكن من تكوين صورة عن السيدة ماغينتي كسيدة من النوع المقتصد الموفر. رأى أنها كانت مغرمة جداً بالمال .
ولكنه تابع إصراره برفق: ولكن أحسب أن عمتك كانت تراسلك في بعض الأحيان ,أليس كذلك؟
_ كنا نتبادل البطاقات في الأعياد.
_وربما كان لها أصدقاء في أجزاء أخرى من إنكلترا كانت تراسلهم؟
_لا علم لي بذلك . كانت عندها أخت زوجها, ولكنها توفيت منذ سنتين, وامرأة تدعى السيدة بيردليب, ولكنها متوفاة أيضاً.
_فلو كتبت إذن لأحد , لكان ذلك_على الأرجح_ رداً على رسالة تلقتها؟
مرة أخرى بدت بيسي بيرتش مرتابة بذلك وقالت: "لا أعلم من يمكنه أن يرسلها".ثم أردفت وقد تهلل وجهها: باستثناء معاملات الحكومة بالطبع!
وافق بوارو على أن المراسلات القادمة في هذه الأيام مما أسمته بيسي_ تعميماً_ "الحكومة" كانت هي القاعدة وليس الاستثناء.
قالت السيدة بيرتش:وعادة ما يكون معظمها سخيفاً :استمارات للتعبئة , وكثير من الأسئلة الوقحة التي يجب أن لا تُطرح على أي إنسان محترم.
_ إذن ربما كانت السيدة ماغينتي قد تلقت بعض الرسائل الحكومية التي اضطرت للرد عليها؟
_ لو كان ذلك صحيحاً لأحضرت الرسالة إلى جو ليساعدها بها. هذه الأشياء كانت تربكها وكانت دائماً تحضرها لجو.
_ هل تذكرين وجود أية رسائل بين ممتلكاتها الخاصة.
_ لا يمكنني الجزم بدقة . لا أذكر شيئاً, ولكن رغم ذلك فإن الشرطة وقد وضعوا أيديهم على كل شيء في البداية , وقد مر وقت طويل قبل أن يأذنوا لي بجزم أشيائها وأخذها معي.
_ وماذا حدث لهذه الأشياء ؟
_ ذلك الصندوق التي تراه هناك لها, وهو مصنوع من خشب الماهوغاني القوي الجيد, وتوجد أيضاً خزانة في الطابق العلوي , بالإضافة إلى بعض أجهزة المطبخ الجيدة. أما بقية الأشياء فقد قمنا ببيعها لعدم وجود متسع لها.
_ قصدت أشياءها الخاصة , كا لفراشي والأمشاط والصور,وأدوات الزينة , والملابس........
_ آه, هذه الأشياء! سأكون صادقة معك , لقد وضعتها في حقيبة ولازالت في الطابق العلوي . لم أعرف ماذا أفعل بها, فكرت بأن آخذها إلى السوق الخرداوات قبل عيد الميلاد, ولكني نسيت . ولم يبد لي لائقاً أن آخذها لأولئك المتاجرين بالثياب المستعملة.
_ إني لأتساءل ......هل بإمكاني رؤية محتويات تلك الحقيبة ؟
_ على الرحب والسعة بالتأكيد . رغم أنب لا أحسب انك ستجد ما يساعدك , فقد قام الشرطة بذلك من قبل .
_ أعلم هذا , ولكن مع ذلك........
قادته السيدة بيرتش بخفة إلى غرفة نوم خلفية صغيرة لاحظ بوارو أنها تُستخدم _بشكل رئيس_ لخياطة الملابس البيتية.سحبت حقيبة من تحت السرير وقالت: حسناً, هاك الحقيبة , وأرجوا أن تعذرني ولكن علي أن أهتم بالطعام.
عذرها بوارو بامتنان , وعاد ليسمع صوت خطواتها الثقيلة في الطابق الأسفل . سحب الحقيبة نحوه وقام بفتحها . وهبت رائحة النفتالين من الحقيبة لتحييه . أخرج المحتويات وقد تملكه شعور من الشفقة ,فقد كانت فصيحة في تعبيرها عن امرأة ماتت.
كان في الحقيبة معطف أسود طويل لحقه البلى , وسترتان من الصوف, وتنوره ,وجوارب (لم يجد ملابس داخلية , على الأغلب أن بيسي بيرتش قد أخذتها لاستخدامها), وزوجان من الأحذية ملفوفان بصحيفة , وفرشاة ومشط كلاهما عتيق ولكنه نظيف , ومرآة قديمة ذات خلفية فضية وتقعر يشوه الصورة فيها, وصورة داخل إطار جلدي لعروسين يرتديان ثياباً تعود في طرازها لثلاثين سنة خلت ( ويفترض أن تكون للسيدة ماغينتي وزوجها), وبطاقتان بريديتان على شكل صورتين لمدينة مارغيت , وكلب من خزف, وقصاصة من صحيفة لوصفة لصنع مربى الخضار,وقصاصة أخرى تتناول موضوع " الصحون الطائرة "بطريقة مثيرة .
لم يكن هنا حقائب يد أو قفازات. يُفترض أن يكون بيسي بيرتش قد أخذت هذه الأشياء
أو أعطتها لأحد ما. وخمن بوارو أن الملابس الموجودة هنا أصغر من أن تناسب بيسي ذات الجسم الممتلئ , لقد كانت السيدة ماغينتي امرأة نحيلة وصغيرة الحجم.
نزع بوارو الصحيفة عن أحد زوجي الأحذية . كان الحذاء ذا نوعية جيدة ولم تكن بالياً كثيراً, وكان_ بالتأكيد_ أصغر من قياس قدم بيسي بيرتش . وكان على وشك أن يعيد لف الحذاء مرة أخرى عندما لفت نظره عنوان على قصاصة الصحيفة.
كانت صحيفة صندي كوميت , وكان التاريخ هو التاسع عشر من شهر تشرين ثاني(نوفمبر), ولقد قُتلت السيدة ماغينتي في الثاني والعشرين من ذلك الشهر!
هذه_إذن _ الصحيفة التي اشترتها يوم الأحد الذي سبق وفاتها. وكانت ملقاة في غرفتها, وقد استخدمتها بيسي بيرتش فيما بعد لتلف بها بعض أغراض خالتها.
الأحد 19 تشرين ثاني . ويوم الإثنين ذهبت السيدة ماغينتي إلى مكتب البريد لشراء زجاجة من الحبر ...أيمكن أن يكون ذلك بسبب شيء رأته في الصحيفة يوم الأحد؟
نزع بوارو عن زوج الأحذية الآخر , ومسد الصحيفتين ثم أخذهما إلى كرسي حيث جلس وشرع في قراءتهما. واكتشف شيئاً عل الفور , فعلى إحدى صفحات الصندي كوميت كان شيء مقصوص. كانت قصاصة مستطيلة منزوعة من الصفحة الوسطى, وكانت المساحة أكبر بكثير من أن تناسب أياً من القصاصات التي وجدها!
تفحص كلا الصحيفتين ولكن لم يجد ما يثير الاهتمام فقام بلفهما حول الأحذية مرة أخرى وحزم الحقيبة بشكل مرتب, ثم نزل إلى الطابق الأرضي.
كانت السيدة بيرتش مشغولة في المطبخ .قالت:لا أظنك وجدت شيئاً؟
قال بوارو :"نعم, لك أجد شيئاً للأسف". ثم أضاف بأسلوب عرضي غير مكترث : أتذكرين إن كانت في محفظة خالتك أو حقيبة يدها قصاصة من صحيفة؟
_ لا أذكر وجود أية قصاصة . لعل الشرطة أخذوها .
ولكن الشرطة لم يأخذوها . كان بوارو يعرف ذلك من دراسته لملاحظات سبنس , فقد دُوَّنت محتويات حقيبة المرأة المتوفاة في قائمة, ولم تكن بينها قصاصة صحيفة.
قال بوارو مخاطباً نفسه: حسناً, الخطوة التالية سهلة . إما أن ينتهي المر بفشل ذريع..... أو أنني_ أخيراً_ أحرز تقدماً.

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
يتبع

Ms.Mimi
24-04-2006, 19:32
مشكوره اختي .. يعطيك العافيه

شيهيرو
27-04-2006, 13:51
جلس بوارو جامداً تماماً والملفات المغبرة للصحيفة أمامه, وقال لنفسه إن إدراكه لأهمية زجاجة الحبر لم يذهب عبثاً.
كانت صحيفة الصندي كوميت تميل لسرد قصص رومانسية لأحداث خلت . كان العدد الذي ينظر إليه بوارو من صحيفة صندي كوميت عدد يوم الأحد 19 تشرين الثاني (نوفمبر) , وفي أعلى الصفحة الوسطى كانت هذه الكلمات مطبوعة بخط كبير: النساء من ضحايا المآسي القديمة ....... أين هؤلاء النساء الآن؟
وتحت هذا العنوان وُضعت أربع صور غير واضحة أبداً أخذت منذ سنوات عديدة كما هو واضح.
لم تبدُ صاحبات الصور مأساويات الشكل , بل ظهرن _ في الواقع_ سخيفات إلى حد ما , ذلك أنهن كن يرتدين جميعاً ملابس ذات طراز قديم, ولاشيء يبدو أسخف من طرازات الأمس ... رغم أنها قد تستعيد سحرها بعد مضى ثلاثين سنة أخرى !
كان تحت كل صورة اسم.

إيفا كين ," المرأة الأخرى" في قضية كريغ الشهيرة .
جانس كورتلاند, " الزوجة المأساوية " التي كان زوجها
شيطاناً على هيئة إنسان.
ليلي غامبول الصغيرة , طفلة مأساوية من نتاج عصرنا
المزدحم.
فيرا بليك , الزوجة الغافلة لقاتل .
أين هؤلاء النساء الآن؟
رمش بوارو بعينية , واستعد ليقرأ بدقة متناهية النثر الرومانسي الذي يروي قصة حياة هؤلاء البطلات الغائمات غير الواضحات .
كان يذكر اسم إيفا كين , ذلك لأن القصة كريغ كانت مشهورة جداً . كان ألفرد كريغ موظف البلدية في بارمينستر, وكان رجلاً ضئيل الجسم حي الضمير , عادياً لا يوجد ما يميزه, دقيقاً ولطيفاً في سلوكه. وكان من سوء حظه أن تزوج امرأة متعبة مزاجية , وقد جعلته زوجته يغرق في الديوان وجعلت حياته جحيماً, وكانت تعاني من أمراض عصبية وصفها أصدقاء خبثاء بأنها كانت متخيلة كلها وكانت إيفا كين مربية الأطفال الشابة في البيت . كانت في التاسعة عشر من عمرها, جميلة , بسيطة, مغلوبة على أمرها. وقعت في حب السيد كريغ وبادلها الحب. و بعدئذ , وفي أحد الأيام , سمع الجيران بأن السيدة كريغ قد" نُصحت بالسفر إلى الخارج" من أجل صحتها. كانت تلك هي قصة كريغ , وقد أخذها إلى لندن في المرحلة الأولى من الرحلة بسيارة في وقت متأخر من أحد الأمسيات , وقام "بتوديعها" إلى جنوب فرنسا, ومن ثم عاد أدراجه إلى بارمينستر,وكان يشيع _ بين فترة وأخرى_ كيف كانت صحة زوجته تتدهور حسبما كانت تذكر في رسائلها . وبقيت إيفا كين لتدبر له أمور المنزل , وسرعان ما بدأت الألسن تتحدث . وفي النهاية , تلقى كريغ خبراً يفيد بأن زوجته توفيت في الخارج , فسافر لمدة أسبوع ثم عاد بخبر عن الجنازة.
كان كريغ رجلاً بسيطاً من بعض الجوانب , فقد ارتكب خطأ إذ ذكر المكان الذي توفيت فيه زوجته , وهو منتجع معروف _ نوعاً ما_ في الريفيرا الفرنسية . وبذلك لم يعد الأمر يتطلب إلا أن يقوم أحدهم (ممن له قريب أو صديق يعيش هناك) بكتابة رسالة لذلك القريب أو الصديق , بحيث يكتشف عدم وجود وفاة أو جنازة لشخص بهذا الاسم , ثم يقوم _ بعد فترة من الشائعات البشعة_ بالاتصال بالشرطة .
أما الأحداث اللاحقة فيمكن تلخيصها : لم تذهب السيدة كريغ إلى الريفيرا, فقد تم تقطيعها إلى قطع صغيرة ودفنها في قبو المنزل , وأظهر تشريح البقايا بأنها قد سُممت عن طريق قلويات نباتية. تم القبض على كريغ وتقديمه للمحاكمة. أما إيفا كين فقد اتهمت في البداية بالتواطؤ كشريكة له, ولكن تم إسقاط التهمة لأنه ظهر جلياً بأنها كانت طوال الوقت جاهلة تماماً بما حدث . وفي النهاية أدلى كريغ باعتراف كامل ومن ثم حوكم وأعدم.
وغادرت إيفا كين (التي كانت تنتظر طفلاً) مدينة بارمينستر. وقد مضت صحيفة صندي كوميت لتقول:
أقرباء طيبون في العالم الجديد قدموا لها مأوى .وبعد
أن غيرت اسمها ,قامت الفتاة المسكينة _ التي أغواها
في شبابها الساذج مجرم عاتٍ _ بمغادرة تلك الشواطئ
إلى الأبد , لتبدأ حياة جديدة ولتخفي عن ابنتها اسم أبيها
وتبقيه في قلبها إلى الأبد.
"ستكبر ابنتي سعيدة بريئة ,ولن تُلطخ حياتها قسوة الماضي.
هذا ما أقسمت عليه ,وسأحتفظ بذكرياتي المأساوية لنفسي"
يا لإيفا كين المسكينة الساذجة! وقد عرفت _منذ الصغر_
وضاعة ودناءة الإنسان .أين هي الآن ؟ أتراها في إحدى
مدن الغرب الأوسط, امرأة كهلة , هادئة محترمة من
قبل جيرانها , وفي عينيها سحابة حزن؟ وهل تأتي إليها
شابة سعيدة مرحة _ لعل لها أطفالاً _ لتزور "ماما" و
ترى لها مصاعب ومشكلات الحياة اليومية دون أن
يكون لديها أدنى علم عما كابدنه أمها من الآم الماضي؟
قال هيركيول بوارو مع نفسه : "آه ,لا,لا!" .ثم انتقل إلى الضحية المأساوية التالية :
لقد كانت جانس كورتلاند( الزوجة المأساوية )سيئة الحظ مع زوجها بالتأكيد ,فقد عانت لثماني سنوات من تصرفاته العربية التي أشارت لها صحيفة بطريقة خفية تثير الفضول فوراً. ثماني سنوات من التضحية , كما أكدت الصندي كوميت . وبعد ذلك وجدت جانس صديقاً , شاباً مثالياً متفانياً , ذُعر إذ رأى _بالمصادفة_ مشادة بين الزوج والزوجة بمهاجمة الزوج بقوة كبيرة جداً لدرجة أن جمجمة الزوج تهشمت على الحافة الرخامية الحادة للموقد . وقد وجدت هيئة المحلفين أن ما تعرض له الشاب من استفزاز كان شديداً, وأن المثالي الشاب لم يكن ينوي القتل , وحكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة القتل غير العمد .
وقد أفزعت جانس المتألمة الضجة والفضيحة التي أحدثتها القضية , فرحلت إلى الخارج "لتنسى" . وتساءلت الصندي كوميت:
" هل استطاعت النسيان ؟ نأمل ذلك. ربما كانت هناك
_في مكان ما_ زوجة وأم سعيدة تبدو لها الآن تلك
السنوات من الكوابيس والمعاناة التي تحملتها أشبه بحلم "
قال بوارو :" حسناً, حسناً ". ثم انتقل إلى ليلي كامبول, الطفلة المأساوية من نتاج عصرنا المزدحم .
وقد بدا أن ليلي كامبول كانت قد نُقلت من بيتها المزدحم , فقامت برعايتها عمة لها. رغبت ليلي أن تذهب إلى السينما , ولكم العمة قالت لها :"لا", فالتقطت ليلي ساطور اللحم المُلقى على الطاولة في متناول اليد وعاجلت عمتها بضربة به, ورغم أن العمة كانت استبدادية إلا أنها كانت صغيرة الحجم ضعيفة,فقتلتها الضربة .
لقد كانت ليلي كاملة النمو قوية البنية بالنسبة لسنها الذي لم يتجاوز الثانية عشرة . وقد فتحت دار للأحداث أبوابها لتختفي ليلي من الحياة العامة .
ولكنها لآن امرأة,وقد عادت حرة لتأخذ مكاناً
لها في حياتنا, ويقال إن سلوكها خلال فترة
الاحتجاز والمراقبة كان مثالياً. ألا يثبت ذلك
بأن علينا أن نلقي اللوم على النظام وليس على
الطفلة ؟ لقد كانت ليلي الصغيرة (التي تربت في
بيئة جاهلة ) ضحية بيئتها .
والآن وقد كفرت عن زلتها المأساوية , نأمل
أنها تعيش في مكان ما موطنة سعيدة ,وزوجة
وأماً صالحة .يا للمسكينة الصغيرة ليلي كامبول!
هز بوارو رأسه عجباً, إذ كان يرى أن طفلة في الثانية عشرة تهاجم عمتها بساطور اللحم وتوجه لها ضربة قوية بحيث تقتلها لا يمكن أن تكون طفلة لطيفة . كانت عواطفه في هذه القضية مع العمة .
انتقل إلى فيرا بليك .
بدا واضحاً أن فيرا بليك كانت واحدة من أولئك النساء اللاتي يعاكسهن الحظ دائماً,
ففي البداية اتخذت لها صديقاً تبين أنه من رجال العصابات يسعى القانون في أثره لقتله حارس بنك, ومن ثم تزوجت تاجراً محترماً تبين_ فيما بعد _ أنه كان يشتري بضائع مسروقة . وبالمثل فإن طفليها لفتا بعد أنظار الشرطة إليهما, فقد كانا يذهبان مع أمهما إلى المحلات التجارية الكبرى فيسرقان منها البضائع . ولكن ظهر في نهاية المطاف "رجل صالح" على الساحة, وقدم لفيرا التعسة بيتاً في إحدى المستعمرات , وغادرت مع طفليها هذا البلد المُنهك.
ومنذ ذلك الحين كانت بانتظارهم حياة جديدة.
وأخيراً _وبعد سنوات طويلة من صفحات الحياة
المتكررة _ انتهت متاعب فيرا.
قال بوارو مشككاً: أشك في ذلك ,فمن المرجح كثيراً أن تكتشف أنها قد تزوجت مخادعاً أفاكاً بمارس الأعاجيب .
استند بوارو إلى مسند كرسيه وتفحص الصور الأربع .إيفا كين ذات القبعة الضخمة والشعر المموج والأشعث المتدلي على أذنيها , وهي تمسك بباقة أزهار تقربها إلى أذنيها وكأنها سماعة هاتف. وجانس كورتلاند التي ترتدي قبعة تتدلى إلى أذنيها وحزاماً يلتف حول ردفيها . أما ليلي كامبول فقد بدت طفلة دميمة يعطي فمها المفتوح انطباعاً بإصابتها بالجيوب وتضع نظارات سميكة .أما فيرا بليك فكانت صورتها بالأبيض والأسود غائمة إلى حد لا تظهر معه أي من قسماتها .
ولسبب ما, قامت السيدة ماغينتي بنزع كل هذه المقال والصور وكل شيء . لماذا؟ لمجرد الاحتفاظ بها لأن القصص أثارت اهتمامها؟ لم يظن بوارو ذلك , فقليلة جداً هي الأشياء التي احتفظت بها السيدة ماغينتي طوال السنوات التي تزيد عن الستين من حياتها . كان بوارو يعرف ذلك من تقارير الشرطة عن مقتنياتها .
لقد نزعت هذه المقال يوم الأحد, وفي اليوم التالي قامت بشراء زجاجة الحبر , والاستنتاج هو أنها_ وهي التي لم تكتب رسالة قط_ كانت على وشك أن تكتب رسالة.فلو كانت تلك الرسالة تخص أموراً عملية لقامت _على الأغلب_ بطلب المساعدة من جوبيرتش . ولذلك فإن تلك الرسالة لم تكن تتعلق بأمور عملية . لقد كانت........ ماذا؟
استعرضت عينا بوارو الصور مرة أخرى . لقد تساءلت جريدة الصندي كوميت :"أين هؤلاء النساء؟" ...... وخطر لبوارو أن واحدة منهن ربما كانت في بروديني في تشرين الثاني !
*****************

شيهيرو
27-04-2006, 13:52
باقي جزء وندخل في الفصل التاسع
وسوري على التاخير

شيهيرو
28-04-2006, 14:21
لم يستطع بوارو تأمين مقابلة شخصية خاصة مع الآنسة باميلا هورسفول إلا في اليوم التالي . ولم تستطع الآنسة هورسفول أن تعطيه الكثير من وقتها, إذ أوضحت أن عليها لأن تسرع إلى شيفيلد.
كانت الآنسة هورسفول طويلة رجولية المظهر , ولم يكن من شأن الذي يراها أن يتصور أن يكون قلمها هو الذي خط تلك العواطف الساذجة المبتذلة في الصندي كوميت .إلا أن ذلك كان صحيحاً.
قالت الآنسة هورسفول لبوارو بصبر نافد: هيا, قل ما عندك؟ فعلي أن أذهب.
_ الأمر يتعلق بمقالك في تشرين الثاني الماضي . تلك السلسلة حول النساء المأساويات .
_ آه, تلك السلسلة .إنها مقرفة جداً, أليس كذلك؟
لم يعط بوارو رأيه حول هذه النقطة ,بل قال :أنا أشير_ بشكل خاص_ إلى تلك المقالة التي نُشرت في التاسع عشر من تشرين ثاني حول"نساء ارتبطن بجرائم". وقد تناولَتْ إيفا كين ,وفيرا بليك, وجانس كورتلاند , وليلي غامبول.
ابتسمت الآنسة هورسفول وقالت:" أين هؤلاء المأساويات الآن؟".....نعم ,أذكر ذلك.
_ أحسب أنك تتلقين أحياناً رسائل بعد ظهور هذه المقالات ,أليس كذلك؟
_ آه , بالتأكيد! إذ يبدو أن بعض الناس لا يفعلون شيئاً سوى كتابة الرسائل ,فهذا "شاهد المجرم كريغ يمشي في الشارع", وتلك تود لو تخبرني "بقصة حياتها الأكثر مأساوية من أي شيء يمكنني تخيلة".
هل تلقيت رسالة بعد ظهور تلم المقالة من امرأة تدعى السيدة ماغينتي من منطقة بروديني؟
_ يا سيدي العزيز,كيف لي أن أعرف ذلك بربك؟ إنني أتلقى أكوماً من الرسائل .كيف لي أن أتذكر اسماً بعينه؟
_ظننت أنك ربما تذكرين ,لأن السيدة ماغينتي قُتلت بعد ذلك بأيام قليلة .
نسيت الآنسة هورسفول نفاد صبرها للذهاب إلى شيفيلد وجلست على كرسي وقالت: أما وقد ذكرت ذلك, فانتظر. ماغينتي....... أنا أذكر الاسم . ضُربت على رأسها من قبل المستأجر .ليست بالجريمة المثيرة من وجهة نظر الرأي العام. أتقول إن المرأة كتبت لي؟
_أحسبها كتبت لجريدة الصندي كوميت .
_ نفس الشيء , فستصل الرسالة لي . ومع وقوع جريمة القتل ... وبظهور اسمها في الصحف ... يجب أن أتذكر بالتأكيد.
توقفت الآنسة هورسفول لبرهة ثم تابعت: اسمع ,لم تكن الرسالة من بروديني, بل من برودوي.
_إذن فأنت تذكرين؟
_لست متأكدة .ولكن الاسم ... إنه اسم مضحك ,أليس كذلك؟ ماغينتي! نعم, كانت كتبتها فظيعة , وأمية تماماً.لو أنني أدركت فقط .... ولكني متأكدة أن الرسالة جاءت من برودوي.
_ أنت نفسك تقولين إن كتابتها كانت سيئة , ويمكن لبرودوي وبروديني , أن ابدوا متشابهتين .
_ نعم..... يمكن أن تكون الأمر كذلك ,إذ لا يحتمل _ في النهاية الأمر_ أن يعرف المرء تلك الأسماء الريفية الغربية . ماغينتي .... نعم أذكر ذلك .ربما ساعدت الجريمة في بقاء الاسم عالقاً في ذهني.
_ هل يمكنك تذكر ما قالت في رسالتها؟
_ شيئاً ما عن صورة . قالت إنها تعرف مكان صورة مثل تلك التي نشرت في الصحيفة . وسألت إن كنا مستعدين أن ندفع شيئاً مقابل هذه المعلومة , وكم ندفع؟
_ وهل أجبت على الرسالة؟
_يا سيدي العزيز, إننا لا نريد شيئاً من هذا القبيل . أرسلنا لها الإجابة المتعارف عليها: اعتذاراً مؤدباً ليس أكثر.ولكن بما أننا أرسلنا الجواب إلى برودوي, فلا أحسب أنه وصلها أبداً.
_ كانت تعرف مكان وجود صورة .......
عادت إلى ذهن بوارو ذكرى سابقة .صوت مورين سمرهيز اللامبالي وهو يقول: "كانت بالطبع فضولية قليلاً".
كانت السيدة ماغينتي تحشر أنفها.كانت شريفة نزيهة , ولكنها كانت تحب أنتعرف الأمور. وكان الناس يحتفظون بأشياء.... أشياء سخيفة لا معنى لها من الماضي,يحتفظون بها لأسباب عاطفية ,أو أنهم يغفلون عنها فقط ولا يذكرون وجودها . وقد رأت السيدة ماغينتي صورة قديمة , وفيما عليها عندما أعيد نشرها في الصندي كوميت .وقد تساءلت عما إذا كان في الأمر مال تجنيه.
نهض بوارو بخفة قائلاً: شكراً لم آنسة هورسفول. أرجو أن تعذرين, ولكن هل كانت تلك الملاحظات عن القضايا التي كتبت عنها دقيقة؟ فقد لاحظت _مثلاً_ أنك قد أخطأت في تحديد السنة التي تمت فيها محاكمة كريغ ,فقد كانت عملياً بعد سنة من التاريخ الذي ذكرته. وفي قضية كورتلاند كان اسم الزوج_فيما أذكر_ هيربرت وليس هوبرت . وقد عاشت عمة ليلي غامبول في بكينغها مشير وليس بيركشير.
لوحت الآنسة هورسفول بيدها وقالت: يا سيدي العزيز! لا جدوى من الدقة . لقد كان الأمر برمته مجرد خلطة رومانسية من البداية حتى النهاية . لقد درست الحقائق قليلاً , ثم شطحت بها عالياً.
_ ما أحاول قوله هو أن شخصيات بطلاتك ربما لم تكن كما وصفتها تماماً.
أصدرت باميلا صوت صهيل كصوت حصان: بالطبع لم تكن كذلك , فماذا تحسب أنت؟ أنا لا أشك بأن إيفا كين كانت سيئة بكل معنى الكلمة , لا مجرد فتاة بريئة مجروحة. أما بالنسبة لكورتلاند ,فلماذا عانت بصمت لثماني سنوات مع رجل سادي؟ لأنه كان يتقلب في الثروة , ولم يكن حبيبها الرومانسي يملك شيئا من هذا.
_ والطفلة المأساوية ,ليلي غامبول؟
_ ما كنتُ لأحب أن تلعب تلك الفتاة حولي ومعها ساطور.
نقر بوارو بأصابعه و قال: لقد غادرن البلد وذهبن إلى العالم الجديد, إلى الخارج ,"إلى المستعمرات..... ليبدأن حياة جديدة" على حد تعبيرك. ولكن ليس لدينا ما يشي إلى عدم عودتهن إلى البلد مرة أخرى,أليس كذلك ؟
وافقته الآنسة هورسفول قائلة: بلى, بالتأكيد. والآن..... يجب فعلاً أن أسرع بالخروج.
في وقت لاحق من تلك الليلة اتصل بوارو بالمفتش سبنس الذي بادره قائلاً:لقد كنت أنساءل عما جرى يا بوارو ,هل توصلت إلى شيء ؟أي شيء؟
قال بوارو متجهماً: لقد أجريت تحرياتي.
_ وماذا وجدت؟
_نتيجة هذه التحريات هي مايلي: إن جميع الناس الذين يعيشون في بروديني لطفاء جداً.
_ ماذاتقصد بذلك سيد بوارو؟
_ آه, يا صديقي ,فكر." أناس لطفاء جداً" وقد سبق لهذا أن كان دافعاً للقتل.
*********

انتهى الجزء الثامن وندخل في الجزء التاسع قريب

Ms.Mimi
09-05-2006, 12:42
تسلمين اختي .. الله يعطيك العافيه
ومشكوره على الجهد الي تبذلينه في كتابة الروايه
منتظره الجزء التاسع ^_^

لطيفه
10-05-2006, 13:07
عندي مثها طوييييييييييييييييييييلللللللللللللله مررررررررره
بس قريتها كلها من زمان
وشكرا

LOL0L0
10-05-2006, 22:54
شكرا لك

ولانتظار التكمله

الله يعطيك العافيه

(المتحري سينشي)
04-06-2006, 12:08
شكرااااا أختي على الموضوع الراااااااااااائع



وفي انتظار التكملة

pink dreamz
11-06-2006, 13:58
انا عندي هذي الرواية وقريتها
واصلا كل روايات اغاثا كريستي روعة
واذا تبغي مساعدة في تكملة كتابة القصة قولي لي ولا تستحي انا بالخدمة

sakoora
23-06-2006, 05:57
يسلمووو شيهيرو عالقصة

جهد تشكري عليه

وبـانتظـار التكمـلة

توم سوير
07-07-2006, 01:14
في انتظار التكملة

عشان اقراها


يعطيج العافية

nickcarter_2
08-07-2006, 07:03
ياهوووه مر شهرين ولم يتم إكمال القصة
بليييز أي حد منكم يكملها

شذى الروح
09-07-2006, 09:40
رووووووووووووووووووووووووووووووعة

sakoora
10-07-2006, 03:32
بالانتظااااااااااااار

شيهيرو
10-07-2006, 22:38
اسفة على التاخير ظروف مرت بي والحين التسجيل حق الجامعة ماخذ عقلي:بكاء:
اعطوني اسبوع وراح اكتب جزء كامل وراح احطها ان شاء الله ::سعادة::
اسفة مرة ثانية

شيهيرو
11-07-2006, 21:52
الفصل التاسع
تمتم بوارو مع نفسه وهو يستدير ليدخل بوابة كروسويز قرب المحطة :جميعهم لطفاء جداً!
أظهرت لافته نحاسية مثبتة قرب الباب أن الدكتور ريندل يسكن في ذلك المكان .كان الدكتور ريندل رجلا ضخماً مرحاً في الأربعين من عمره ,وقد رحب بضيفة بحفاوة خاصة قائلاً: لقد تشرفت قريتنا الصغيرة الهادئة بوجود هيركيول بوارو العظيم.
رد بوارو وقد طرب لهذا المديح :آه, أوقد سمعتم بي أذن؟
_بالطبع سمعنا بك , ومن لم يسمع بك؟
كان من شأن الإجابة على هذا السؤال أن تكون مدمرة لاحترام بوارو لنفسه , ولذا اكتفى بالقول بأدب :من حسن حظي أني وجدتك في البيت .
لم يكن ذلك من باب الحظ تحديداً, وبل كان_على العكس من ذلك _ توقيتاً حاذقاً ,ولكن الدكتور ريندل أجاب بمرح :نعم.لقد أمسكت بي بصعوبة , فلم يبق على موعد الالتحاق بالعيادة سوى ربع ساعة .والآن :ماذا بوسعي أن أفعل لك؟ إن الفضول ينهشني لمعرفة ماتفعله هنا. أهي راحة استجمامية ؟أم أن بين ظهرانينا جريمة؟
_يمكنك قول ذلك , ولكن بصيغة الماضي وليس الحاضر.
_الماضي ؟لا أذكر........
_السيدة ماغينتي .
_بالطبع , بالطبع ,كدت أن أنسى .ولكن لاتقل لي إنك مهتم بذلك.... بعد مرور كل هذا الوقت؟
_سوف أبوح لك بسر: لقد قامت هيئة الدفاع باستخدامي لظهور دليل جديد يمكننا من تقديم استئناف .
قال الدكتور ريندل بحدة: ولكن أي دليل جديد يمكن أن يكون قد ظهر؟
_هذا _للأسف_ما يمكن أن أبوح به.
_آه , تماماً.أرجو أن تعذرني.
_ولكني صادفت أموراً معنية يمكن القول أنها ....... غريبة جداً.كيف يمكنني أن أعبر عن ذلك؟ أأقول إنها أمور شديدة الدلالة؟ وقد جئتك_دكتور_ريندل لأنني أعرف أن السيدة ماغينتي كانت تعمل هنا أحياناً.
_آه.نعم, نعم ,كانت تعمل هنا. هل لك بشرب شئ؟شاي؟أي عصير؟ هل تفضل العصير؟ حسناً, وأنا كذلك.
أحضر كأسين وجلس بجانب بوارو ثم تابع قائلاً: لقد اعتادت أن تأتي مرة في الأسبوع لتقوم بأعمال تنظيف إضافية.لدي مدبرة منزل جيدة جداً, بل ممتازة. ولكن مدبرة منزلي _السيدة سكوت_ لاتستطيع تلميع النحاسيات ومسح أرضية المطبخ لأنها تجد صعوبة في الانحناء على ركبتها,وقد كانت السيدة ماغينتي عاملة ممتازة .
_أتظن أنها كانت صادقة؟
_صادقة؟هذا السؤال غريب .لا أحسبني أستطيع الجزم ,فلم أجد فرصة لمعرفة ذلك.لقد كانت صادقة تماماً وفق ماأعلمه .
_إذن فأنت تظن أنها إذا ما أدلت بقول لأحد,فإن قولها يُرجح أن يكون صحيحاً؟
بدا الدكتور ريندل مضطرباً قليلاً وقال: آه, ما كنتُ لأذهب إلى هذا الحد ,فأنا لا أعرف عنها_حقاً_سوى القليل .بإمكاني أن أسال السيدة سكوت ,فمن شأنها أن تعرف أفضل مني.
_لا, لا. من الأفضل أن لا تفعل ذلك.
قال الدكتور ريندل بمودة :أنت تثير فضولي ,فما هو ذلك الشيء الذي كانت تدور وتتحدث به؟ أهو شيء تشهيري قليلاً؟ أعني:أهو قذف أو تشهير بالآخرين .
اكتفى بوارو بهز رأسه بالنفي , ثم قال : أنت تدرك أن الأمر كله سري للغاية في الوقت الحاضر,فأنا مازلت في بداية تحقيقاتي.
فقال الدكتور ريندل بشيء من الجفاء:سيتعين عليك أن تسرع قليلاً,أليس كذلك؟
_أنت على حق,فالوقت المتاح لي قصير .
_إنك تثير دهشتي .لقد كنا هنا متأكدين جميعاً من أن بنتلي هو الذي فعل ذلك ,ولم يبد في ذلك أي شك.
_لقد بدت جريمة قذرة عادية ليس فيها الكثير من الإثارة .أهذا ما تريد قوله؟
_نعم,نعم ,هذا ما يجُمل الموضوع بشكل حسن .
_أكنت تعرف جيمس بنتلي؟
_لقد جاء لمراجعتي طبياً مرة أو مرتين , وكان قلقاً بشأن صحته . يُخيل إلي أن أمه بالغت في حمايته . كثيراً ما يصادف المرء مثل هذه الأمور,ولدينا حالة مشابهة هنا.
_آه,حقاً؟
_نعم السيدة أبورد, لورا أبورد. إنها شغوفة بابنها روبن إلى حد سخيف , وتبقيه مرتبطاً بها دائماً.إنه شاب ذكي , وإن لم يكن بذلك الذكاء الذي يراه في نفسه(وهذا الكلام بيننا بالطبع ). ولكنه _مع ذلك_ موهوب بالتأكيد. إن روبن هذا كاتب مسرحي واعد.
_هل يعيشون هنا منذ مدة طويلة؟
_منذ ثلاث سنوات أو أربع.لا أحد يسكن في بروديني منذ مدة طويلة ,فالقرية الأصلية كانت مجموعة من البيوت الصغيرة تتجمع حول لونغ ميدوز .لقد فهمت أنك تنزل هناك؟أليس كذلك؟
رد بوارو دون حماسة زائدة:بلى.
بدا الدكتور ريندل مسروراً,وقال: يا له من نُزُل! إن تلك الشابة لا تعرف شيئاً عن إدارة فندق أو نُزُل.لقد عاشت في الهند طوال حياتها الزوجية والخدمُ يطوفون حولها من كل جانب. أراهن على أنك على أنك غير مرتاح, فلا أحد يمكث فترة طويلة هناك. أما المسكين سمرهيز فإنه لن يجني شيئاً من محاولته الانكباب على زراعة حديقته بالخضار بقصد تسويقها. إنه رجل لطيف, ولكن لا فكرة لديه عن الحياة التجارية , وعلى المرء أن يتقن فهم الحياة التجارية إذا ما أراد أن ينجح .ومع ذلك فأنا أحب عائلة سمرهيز, فالزوجة سيدة رائعة, ورغم أن الزوج ذو طبع حاد ويميل إلى المزجية إلا إنه واحد من الحرس القديم , إنسان ممتاز تماماً. ليتك كنت تعرف الكولونيل العجوز سمرهيز ,فقد كان عنيف الطبع شديد الفخر بنفسه.
_أهو والد الميجر سمرهيز؟
_نعم. لم تملك العائلة الكثير من المال عندما مات الأب , وقد عانى أفرادها _بالطبع_ من تكاليف الوفاة, ولكنهم كانوا مصرين على البقاء في القرية. ولا تعرف المرء هل يعجب بهم أم ينعتهم "بالحمقى السخفاء".
نظر الدكتور ريندل إلى ساعته, فقال بوارو : يجب أن لا أؤخرك.
_مازالت أمامي بضع دقائق , كما أنني أود أن تقابل زوجتي.لا أعرف أين هي, لقد اهتمت شديد الاهتمام عندما علمت أنك جئت إلى القرية,فكلانا مهتم جداً بالجرائم ونقرأ كثيراً عن هذا الأمر.
سأل بوارو مبتسماً: عن علم الجريمة, أم القصص, أم صحيفة الصندي كوميت؟
_الثلاثة معاً.
_هل تتنازل إلى مستوى الصندي كوميت؟
رد ريندل ضاحكاً:وما طعم يوم الأحد من دونها؟
_لقد نشروا بعض المقالات المثيرة للاهتمام منذ خمسة أشهر . كانت إحداها_تحديداً_ تتحدث عن نساء متورطات في جرائم قتل وعن مآسي حياتهن.
_نعم ,أذكر تلك المقالة التي تتحدث عنها, رغم الكثير من السخف الذي ورد فيها.
_آه , أتظن ذلك؟
_أنا _بالطبع_ لم أعلم بقضية كريغ إلا من خلال قراءتي عنها, ولكن في واحدة من القضايا الأخرى (هي قضية كورتلاند)أستطيع أن أؤكد لك بأن تلك المرأة لم تكن بالبريئة العاثرة الحظ, بل كانت شريرة تماماً. أعرف ذلك لأن عماً لي كان يشرف على علاج الزوج. صحيح أن الزوج لم يكن بالرجل الصالح, ولكن زوجته لم تكن أفضل منه. لقد سيطرت على ذلك الشاب اليافع وأغواته لارتكاب الجريمة, ومن ثم دخل هو السجن بتهمة القتل غير المتعمد ,فيما سافرت أرملة غنية وتزوجت برجل آخر.
_لم تذكر الصندي كوميت ذلك.هل تذكر بمن تزوجت؟
هز ريندل رأسه بالنفي وقال: لا أظنني سمعت اسم زوجها أبداً, ولكن أحدهم أخبرني بأنها نجحت وازدهرت أيما أزدهار.
قال بوارو متأملاً :لقد تساءل المرء _هل يقرأ تلك المقالة_ عن أماكن أولئك النساء الأربع؟
_أعرف. ربما كان المرء قد صادف إحداهن في حفلة في الأسبوع الماضي.أراهنُ لأنهن يخفين جميعاً ماضيهن بشكل جيد ,وما كان المرء ليعرف_قطعاً_ أياً منهن من تلك الصور ,فقد ظهرن فيها دميمات تماماً.
دقت الساعة فنهض بوارو قائلاً: عليّ أن لا أؤخرك أكثر من ذلك, لقد كنت بالغ اللطف معي.
_أخشى أنني لم أساعدك كثيراً. إن الرجل العادي لا يكاد يعرف كيف تبدو عاملة التنظيف التي تعمل عنده. ولكن انتظر لحظة ,يجب أن تقابل زوجتي,وإلا فإنها لن تغفر لي أبدا.
تقدم ريندل ضيفه إلى القاعة منادياً بصوت عالٍ: شيلا...
جاء رد خافت من الطابق العلوي,فقال: انزلي إلى هنا ,عندي لك شيء.
نزلت امرأة نحيلة شاحبة ذات شعر جميل تركض على الدرج .
_أقدم لك السيد هيركيول بوارو يا شيلا. ما رأيك بهذا ؟
_آه.
بدا وكأن السيدة ريندل قد صعقت بحيث خانها الكلام ,وحدقت عيناها الزرواقاوان الشاحبتان إلى بوارو بشيء من الخوف.قال بوارو:منحنياً بطريقة الأجنبية : سيدتي.
قالت شيلا ريندل :لقد سمعنا أنك هنا, ولكن لم نعلم ...
وقطعت جملتها قبل أن تكلمها , ثم تحولت عيناها الفاتحتان بسرعة إلى وجه زوجها.
فقال بوارو لنفسه:"لا بد أنها تتلقى توقيت غرينتش من زوجها " .ثم تكلم ببعض عبارات المجاملة واستأذن خارجاً.
بقى لديه انطباع عن الدكتور ريندل كرجل ودود,وعن السيدة ريندل كامرأة مربوطة اللسان خائفة.هذا ما يتعلق بعائلة ريندل ,حيث كانت السيدة ماغينتي تعمل صباح كل خميس.
********************************************

شيهيرو
11-07-2006, 21:54
كانت بناية هنتر عبارة عن منزل بُني على الطراز الفكتوري متصل بشارع طويل مهلهل تنامت عليه الأعشاب , ولم يكن في الأصل يُعتبر منزلاً كبيراً, ولكنه أصبح الآن منزلاً واسعاً بحيث يتسع لعائلة .
سأل بوارو الشابة الأجنبية التي فتحت الباب عن السيدة ويذربي.حدقت الشابة إليه ثم قالت:لا أعلم , أرجوا أن تدخل .لعلها الآنسة هندرسُن؟
تركته وافقاً في القاعة التي كانت "كاملة الفرش" بلغة مكاتب العقارات و بها كثيراً من التحف من مختلف أنحاء العالم , ولم يبدُ فيها شيء حسن التنظيف .وسرعان ما ظهرت الفتاة الأجنبية مرة أخرى قائلة:أرجو أن تدخل.
ثم أدخلته إلى غرفة صغيرة باردة فيها مكتب كبير. وكان على رف الموقد إبريق قهوة نحاسي كبير يوحي شكله بالشر, وله فوهة كبيرة معقوفة مثل أنف ضخم معقوف.
فُتح الباب خلف بوارو ودخلت فتاة إلى الغرفة, ثم قالت : إن أمي تأخذ قسطاً من الراحة, هل بوسعي عمل شيء لك؟
_أأنت الآنسة ويذربي؟
_بل هندرسُن . السيد ويذربي هو زوج أمي .
كانت فتاة لا جمال فيها ,في العقد الثالث من عمرها ,ذات جسم ضخم مرتبك التقسيم وعينين محترستين .
_كنتُ أود أن أسمع ما يمكنك قوله لي عن السيدة ماغينتي التي اعتادت أ ن تعمل هنا.
حدقت الآنسة هندرسُن إليه وقالت: السيدة ماغينتي؟ ولكنها ...
رد بوارو بلطف : أعرف ذلك , ومع ذلك أود أن أعرف عنها.
_آه, أمن أجل التأمين أو ما يشبه هذا ؟
_ليس بشأن التأمين , ولكنها مسألة دليل جديد.
_ دليل جديد.أتقصد .... موتها؟
_ لقد كلفني محامو الدفاع بأن أجري تحقيقاً لصالح جيمس بنتلي.
سألته وهي تحدق إليه : ولكن ألم يكن هو مرتكب الجريمة؟
_ لقد رأت هيئة المحلفين ذلك, ولكن المعروف عن هيئات المحلفين أنها ترتكب الأخطاء.
_إذن فإن من قتلها كان في حقيقة شخصاً آخر؟
_ربما كان الأمر كذلك.
سألت فجأة: من؟
رد بوارو برفق : ذلك هو السؤال.
_ إنني لا أفهم شيئاً.
_حقاً؟ ولكن يمكنك أن تخبريني شيئاً عن السيدة ماغينتي , أليس كذلك؟
قالت بشيء من التردد: أظن ذلك. ما الذي تريد معرفته؟
_حسناً... بداية ,ما هو رأيك فيها؟
_آه,لا رأي لي تحديداً . كانت مثل أي شخص آخر.
_ثرثارة أم قليلة الكلام؟ فضولية أم متحفظة؟ بشوشة أم نكدة؟ امرأة لطيفة أم غير لطيفة؟
فكرت الآنسة هندرسُن ثم قالت : كانت تعمل جيداً,ولكنها كانت تتكلم كثيراً, وكانت تقول أشياء غريبة أحياناً.لم أكن أحبها كثيراً في الحقيقة.
فُتح الباب وقالت الخادمة الأجنبية :آنسة ديردرا , تقول أمك إن بإمكانك أن تحضريه.
_أتريد أمي أن أصطحب السيد إليها في الطابق العلوي؟
_نعم, رجاءً.
نظرت ديردرا هندرسُن إلى بوارو بارتياب وقالت: هل تود الصعود إلى أمي؟
اصطحبته ديردرا عبر القاعة ثم صعوداً على الدرج ,و ما لبثت أن قالت دون مناسبة: إن المرء ليسأم كثيراً من الأجانب.
وبما أنه كان واضحاً أنها تفكر في خادمتها الأجنبية وليس في زائرها, فإن بوارو لم يشعر بإهانة. فكر بأن ديردرا تبدو شابة بسيطة جداً... بسيطة لدرجة تفتقر فيها إلى اللباقة.
كانت الغرفة في الطابق العلوي مليئة بالتحف الرخيصة .كانت غرفة امرأة سافرت كثيراً وحرصت على أن تأخذ تذكاراً من كل مكان تذهب إليه , وبدا واضحاً أن معظم هذه الهدايا التذكارية قد صُنعت من أجل إمتاع السياح واستغلالهم . كان في الغرفة الكثير من الأرائك والطاولات والكراسي, والكثير من الأقمشة والستائر, والقليل من الهواء .... ووسط ذلك كله كانت السيدة ويذربي.
بدت السيدة ويذربي امرأة صغيرة الجسم .... امرأة صغيرة الجسم مثيرة للشفقة في غرفة ضخمة . كان ذلك هو الانطباع السائد ,ولكنها لم تكن _حقاً_ صغيرة الجسم بقدر ما اختارت أن تبدو. إن ذلك النمط من النساء اللاتي لا يفتأن يقلن:" أنا المسكينة الصغيرة" يمكن أن تحققن ما يردنه بنجاح ,حتى وإن كُن متوسطات الطول.
كانت مستلقية بكل ارتياح عل إحدى الأرائك , وبالقرب منها كتب وبعض أشغال الحياكة وكأس من عصير البرتقال وصندوق من الشكلاتة.قالت :اغفر لي عدم نهوضي ,فالطبيب يصر على استراحتي كل يوم , والجميع يعنفونني إذا لم أفعل ما يُطلب مني.
انحنى بوارو متمتماً بالتحية المناسبة, وقالت ديردرا المُعاندة من خلفه : إنه يريد أن يعرف شيئاً عن السيدة ماغينتي.
تصلب وجه السيدة ويذربي وقالت وهي تطلق ضحكة خفيفة : كم أنت سخيفة يا عزيزتي ديردرا ! من هي السيدة ماغينتي؟
_آه , ماما..... أنت تذكرينها دون شك ,فلقد كانت تعمل لدينا . تلك التي قُتلت .
أغلقت السيدة ويذربي عينيها وارتجفت قائلة:لا تذكرني بذلك.بقد كان المر كله فظيعاً,ولقد بقيتُ عصبية المزاج لعدة أسابيع بعد الحادث .يا للعجوز المسكينة! ولكن من الغباء الشديد أن تحتفظ بمالها تحت الأرض, فقد كان عليها أن تودعه في البنك.
إنني أذكر ذلك كله بالطبع .... ولكني نسيت اسمها فقط.
قالت ديردرا ببلادة: إنه يريد أن يعرف عنها شيئاً.
_أرجو أن تجلس يا سيد بوارو ,إن الفضول يقتلني . لقد اتصلت السيدة ريندل لتوها وقالت إن لدينا هنا عالم جريمة مشهوراً جداً, وقامت بوصفك . وبعد ذلك ,عندما جاءت فريدا الغبية ووصفت زائراً جاءنا كنت على ثقة بأنك أنت, وأرسلت في طلبك والآن قل لي: ما هذا الأمر كله ؟
_الأمر كله كما تقول ابنتك .أريد أن أعرف أشياء عن السيدة ماغينتي.لقد عملت هنا, وفهمت أنها كانت تأتي أيام الأربعاء . وقد كان موتها يوم أربعاء .إذن فقد كانت هنا في ذلك اليوم ,أليس كذلك؟
_أطن ذلك .بلى, أظن ذلك .لا أستطيع الجزم الآن ,فقد مر زمن طويل.
_نعم ,مرت عدة أشهر .ألم تقل شيئاً في ذلك اليوم... أي شيء خاص؟
قالت السيدة ويذربي باستياء :أفراد تلك الطبقة من الناس عادة ما يتحدثون كثيراً,والمرء لا يصغي حقاً لكل ما يقولونه.وعلى أية حال ما كان لها أن تعرف ستُسرق وتُقتل في تلك الليلة ,أليس كذلك؟
_يوجد ما يدُعى السبب والنتيجة.
قطبت السيدة ويذربي جبينها قائلة: لا أفهم ما تقصد.
_ربما كنتُ أنا الآخر لا أفهم .... حتى الآن . إن المرء يسعى في الظلمة حتى يصل إلى النور.هل أنتم مشتركون بصحف يوم الحد يا سيدة ويذري؟
فتحت عينيها الزرقاوين على أتساعهما وقالت: نعم,بالطبع . لدينا صحيفتا الأوبزيرفر و الصندي تايمز .لماذا ؟
_كنت أتساءل .لقد اعتادت السيدة ماغينتي قراءة الصندي كوميت.
توقف قليلاً,ولكن أحداً لم يقل شيئاً .تنهدت السيدة ويذربي وكادت تغمض عينيها ,ثم قالت: كان ذلك كله مزعجاً جداُ ,وذلك المسُتأجر الفظيع لديها.لا احسب حقاً أنه كان سليم العقل , ويبدو أنه كان مثقفاً بشكل جيد أيضاً؟مما يجعل الأمر أسوأ ,أليس كذلك؟
_هل يجعله أسوأ حقاً؟
_نعم, بالتأكيد .يا لها من جريمة وحشية!ساطور لحم .أوف!
_ولكن الشرطة لم يجدوا السلاح أبداً.
تنهدت أمها قائلة: يا عزيزتي ,لا تثيري اشمئزازي .تعرفين كم أكره التفكير بأشياء كهذه .آه ,رأسي!
التفتت الفتاة إلى بوارو بعنف وقالت: يجب أن لا تستمر في ذلك.إنه سيء بالنسبة لها, فهي حساسة جداً, بل أنها لا تستطيع قراءة القصص البوليسية.
قال بوارو وهو ينهض: أعتذر عن ذلك .لدي مبرر واحد ,وهو أن رجلاً سيُشنق فيغضون ثلاثة أسابيع .فإن لم يكن هو الفاعل....
رفعت السيدة ويذربي نفسها متكئة على موفقها وصاحت بصوت حاد عالٍ: هو الفاعل بالطبع , هو الذي فعل ذلك بالطبع.
هز بوارو رأسه قائلاً: "أنا لست متأكداً تماماً من ذلك" ثم غادر الغرفة بسرعة. وبينما كان ينزل الدرج لحقت به الفتاة, ووصلت إليه وهو في الصالة فسألته :ماذا تقصد؟
_أقصد ما قلتُه يا آنسة.
قالت :"نعم,ولكن...", ثم سكتت,ولم يقل بوارو شيئاً.
قالت ديردرا هندرسُن ببطء:لقد أزعجت أمي, فهي تكره مثل هذا الأشياء ....السرقات وجرائم القتل والعنف.
_لا بد _إذن _أنها شعرت بصدمة كبيرة عندما قُتلت امرأة كانت تعمل لديها.
_نعم ,نعم, كانت صدمة بالفعل .
_هل هدتها تلك الصدمة ؟
_لم تشأ سماع شيء عن الموضوع .أني ....أو إننا....نحاول أن ... أن نوفر عليها سماع الأمور .سماع الأمور الوحشية.
_وماذا عن الحرب ؟
_لحسن الحظ لم تسقط أية قنابل بالقرب من هنا.
_ماذا كان دورك في الحرب يا آنسة؟
_آه, لقد عملت في فرقة مساعدة التطوعية في كيلتشستر, وعملت سائقة أيضاً في الخدمات التطوعية. ما كان بإمكاني أن أغادر البيت بالطبع ,فقد كنت أمي بحاجة إلي,وقد كانت أصلاً تقلق كثيراً لوجودي خارج المنزل. كان الأمر صعباً جداً. وأيضاً مسألة الخدم...ومن الطبيعي أن أمي لم تقم أبداً بأية أعمال منزلية,فهي ليست على تلك الدرجة من القوة, وكان من الصعب جداً الحصول على خدم . ولهذا فقد كانت السيدة ماغينتي نعمة كبرى, وعندما بدأت تأتي إلينا . كانت عاملة ممتازة, ولكن ما من شيء يبقى كما كان في أي مكان .
_وهل تهتمين لذلك كثيراً يا آنسة؟
قالت وقد بدت مدهوشة:أنا,آه,لا . ولكن الأمر مختلف بالنسبة لأمي.فهي.... إنها تعيش في الماضي كثيراً.
قال بوارو :" بعض الناس يعيشون في الماضي". واستعادت مخيلته صورة الغرفة التي كان فيها منذ برهة. وكان هناك دُرجُ مكتب نصف مفتوح .درج ملئ بمختلف الأشياء :مغرز دبابيس حريري , ومروحة يدوية مكسورة , و مغلاة قهوة فضية , ومجلات قديمة. كان الدرج مليئاً إلى حد يصعب معه إغلاقه.
استأنف قائلاً بلطف: يعيشون في الماضي ويحتفظون بأشياء .أشياء تذكرهم بالأيام الخوالي..... صور أصدقاء مضوا, بل حتى قوائم الطعام وبرامج المسرح , ذلك أن النظر إلى تلك الأشياء يعيد الذكريات إلى الحياة.
_أظن أن ذلك هو السبب .أنا_شخصياً_ لا أستطيع فهم ذلك, وأنا لا أحتفظ بشيء البتة.
_لأنك تنظرين إلى الأمام ,لا إلى الخلف.
قالت ديردرا ببطء: لا أدري إن كنتُ أنظر بأي اتجاه ....أعني أن اليوم الحاضر يكفي ,أليس كذلك؟
فُتح الباب الأمامي ودخل الصالة رجل كهل طويل عريض, وعندما رأى بوارو توقف جامداً. نظر إلى ديردرا وقد ارتفع حاجباه استفهماً, فقالت : أقدم لك زوج أمي. ولكني ... ولكني لا أعرف اسمك؟
قال بوارو بذلك الارتباك المعتاد لمن يُعلن اسماً ملوكياً: أنا هيركيول بوارو.
لم يبدُ على السيد ويذربي التأثير , واكتفى بالقول :"آه !" ,ثم استدار ليُعلق معطفه.
قالت ديردرا :لقد جاء يسأل عن السيدة ماغينتي.
بقى السيد ويذربي جامداً للحظة,ثم أكمل تسوية معطفه على المشجب وقال: يبدو لي ذلك غريباً بعض الشيء .لقد لاقت المرأة حتفها منذ أشهر , ورغم أنها عملت هنا, إلا أننا لا نملك معلومات عنها أ, عن عائلتها, واو كانت لدينا معلومات لكنا قد أعطيناها للشرطة أصلاً.
كان في نبرته ما يوحي بحسم الحديث .نظر إلى ساعته وقال: أحسب أن الغذاء سيكون جاهزاً خلال ربع ساعة.
_أخشى أن يتأخر قليلاً اليوم.
ارتفع حاجبا السيد ويذربي مرة أخرى وقال :أحقاً؟ وهل لي أن أسال عن السبب؟
_كانت فريد ا مشغولة جداً.
_يا عزيزتي ديردرا, إنني أكره أن أذكرك .... ولكن مهمة إدارة المنزل تقع على عاتقك أنت, و يهمني أن أجد مزيداً من الدقة.
فتح بوارو الباب الأمامي وخرج, ثم التفت ليلقي نظرة. ورأى كراهية مباشرة في نظرة السيد ويذريي لابنة زوجته , وشيئاً أشبه بالكراهية في عيني ديردرا وهما تبادلانه النظر .
********************************************
وراح ابدء بكتابة الجزء العاشر

sakoora
12-07-2006, 06:04
يسلمووو شيهيرو عالتكمـلة

بالتوفيق في التسجيل ::جيد::

وسوري ع الضغط اللي عملناه عليج :p

nickcarter_2
12-07-2006, 06:18
الله يعطيك العافية
ريحتينا الحين

sakoora
14-07-2006, 05:52
. . . . .

^

^^^

.. :rolleyes: .. :rolleyes: ..

^^^

^

. . . . .

توم سوير
16-07-2006, 10:21
الله يعطيج العافية و يوفقج انشالله في التسجيل

واهم شي مستقبلج الدراسي


وتكملة القصة يصير خير عليها

(المتحري سينشي)
16-07-2006, 18:36
الله يوفقك أختي في مستقبلك ::جيد::

شيهيرو
16-07-2006, 20:23
تسلموا حبايبي والجزء العاشر قريب يكوزن موجود

nickcarter_2
17-07-2006, 21:50
شيهيرو الله يوفقك في دراستك
وأنا تحت الطلب لدي العديد من القصص والروايات المترجمة نزلتها تحت كم موضوع في المنتدى وفي خارجه
لكن كم جزء باقي على نهاية القصة؟؟

شيهيرو
20-07-2006, 16:08
الله ماادري بس راح اتاخر شوي في تنزيل الجزء الجاي

شيهيرو
24-07-2006, 21:42
أجل بوارو زيارته الثالثة إلى ما بعد الغداء.وكان الغداء م}لفاً من حساء ذيل الثور الذي لم يكتمل نضجه , وبطاطا مائعة , وطبق كانت مورين تأمل أن تأخذ شكل فطيرة . وكان غداء غريباً جداً.
صعد بوارو التلة ماشياً ببطء. إن من شأنه أن يصل بعد قليل إلى ليبرنا مز, وهو بيت صغير نتج عن دمج بيتين اثنين وجرى له تحسين بحيث يوائم الذوق الحديث. هنا تعيش السيدة أبورد وذلك الكاتب المسرحي الواعد روبن أبورد.
توقف بوارو لحظة عند البوابة ليمسّد شاربيه. وبينما كان يفعل ذلك , جاءت سيارة تتمايل ببطء في انحدارها على التلة, وإذا بلُب تفاحة موجه بقوة يصيبه في خده. أطلق بوارو صرخة احتجاج وقد جفل, فتوقفت السيارة وخرج رأس من النافذة: آسفة جداً, هل أصبتك؟
توقف بوارو وهو يهم بالإجابة. نظر إلى الوجه الذي يوحي بشيء من النُبل, وإلى الحاجب الضخم,وإلى موجات الشعر الشيب غير المرتب, وتحرك داخله شريط الذكريات(وقد ساعد لبّ التفاحة أيضاً ذاكرته). هتف قائلاً: أهذه أنتِ, السيدة أوليفر؟
كانت هي كاتبة القصص البوليسية الشهيرة بالفعل. هتفت قائلة :"آه, السيد بوارو!", ثم حاولت أنتخلص نفسها وتخرج من السيارة. كانت السيارة صغيرة , وكانت السيدة أوليفر امرأة ضخمة. وأسرع بوارو لمساعدتها.
تمتمت شارحة:"لقد تصلب جسمي بعد هذه ا لسفرة الطويلة". ثم خرجت إلى الطريق مثل بركان انفجر. فقد خرجت بخروجها كميات هائلة من التفاح وتدحرجت بشكل مضحك إلى أسفل التلة.
قالت السيدة أوليفر شارحة:"لقد انشق الكيس". ثم قامت بنفض بقايا التفاح مقضوم عن صدرها, وهزت جسمها مثل كلب ضخم.أما التفاحة الأخيرة, المختبئة في ثنايا جسمها ,فقد لحقت بأخواتها.
قالت السيدة أوليفر : من المؤسف أن ينشق الكيس, فقد كان التفاح من نوع كوكس الفاخر. على أي حال , أحسب أنه يوجد الكثير من التفاح هنا في الريف, أليس كذلك؟ أم أن الموسم قد انتهى؟ أنا أجد الأمور غريبة جداً هذه الأيام .حسناً, كيف حالك يا سيد بوارو؟ لا أحسبك تعيش هنا ,أليس كذلك؟ بلى, أنا متأكدة انك لا تعيش هنا. أأقول إن في الأمر جريمة قتل إذن ؟ آمل أن لا تكون القتيلة مضيفتي.
_ومن هي مضيفتك؟
قالت السيدة أوليفر وهي تومئ برأسها: هناك, إذا ما كان هذا هو البيت المسُمى ليبرنا مز. قيل لي إنه في منتصف الطريق على التلة إلى اليسار. نعم, لابد أنه هو. ولكن كيف هي مضيفتي؟
_ألا تعرفينها؟
_نعم , لا أعرفها, فقد جئت إلى هنا في أمر يخص عملي. إذ يتم تحويل إحدى فصصي إلى مسرحية.... على يد روين أبورد. ويُفترض أن نتعاون معاً للقيام بذلك.
_تهاني يا سيدتي.
_ليس الأمر كما تظن أبداً, فهو لا يعدو أن يكون عذاباً بحتاً حتى الآن . لا أعرف لماذا سمحت لنفسي بالتورط في ذلك. إن قصصي تُدرّ ما يكفي من المال.... رغم أن مصّاصي الدماء من الناشرين يأخذون معظم المال , وإذا ما ربحت ُ أكثر فإنهم يأخذون أكثر , ولذلك فإنني لا أرهق نفسي كثيراً! ولكنك لا تعرف مقدار الألم الذي تُحسه عندما يأخذون شخصياتك ويجعلونها تقول أشياء ما كانت لتتفوه بها أبداً, وتفعل أشياء ما كانت لتفعلها أبداً.وأذا ما حاولت الاحتجاج, فإن كل ما تتلقاه هو قولهم إن ذلك من ضرورات "المسرح الجيد" .هذا كل ما يفكر به روبن أبورد .يقول الجميع إنه ذكي جداً, فإذا كان ذكياً لهذه الدرجة, فلا أدري لماذا لا يؤلف مسرحية خاصة به ويترك شخصية ذلك الفنلندي المسكين وشأنها. بل إنه لم يعد فنلندياً,إذ أصبح عضواً في حركة المقاومة النرويجية!
مررت أصابعها خلال شعرها وأضافت : ما لذي فعلتُه بقبعتي؟
نظر بوارو إلى داخل السيارة وقال: أحسب _يا سيدتي_ أنك كنتٍ جالسة عليها.
قال السيدة أوليفر وهي تنظر إلى حطام القبعة:"يبدو أنني صنعت ذلك بالفعل ". ثم تابعت بمرح :حسناً,لم أكن أحبها كثيراً. ولكن قل شيئاً عن جريمة القتل, كائناً ما كان نوعها. هل تذكر جريمتنا؟
_أذكرها جيداً.
_كانت متعة حقاً, أليس كذلك؟ لا أعنى الجريمة بحد ذاتها ... فلم تعجبني تلك الجريمة أبداً. ولكن المتعة كانت فيما حدث بعد ذلك . من هي الضحية هذه المرة؟
_ليست الضحية بمثل غرابة وحيوية السيد شايتانا. إنها خادمة كهلة سُرقت وقتلت قبل خمسة أشهر .لعلك قرأت عن ذلك. السيدة ماغينتي . وقد أدين شابٌ وحُكم عليه با لإعدام .
قالت السيدة أوليفر بسرعة : وهو لم يفعل ذلك, ولكنك تعرف الفاعل, وتسعى لإثبات ذلك.... رائع.
تنهد بوارو وقال: أنت سريعة جداً في استنتاجك.لا أعرف بعد من فعل ذلك, ولو عرفتُ لتطلب الأمر فترة طويلة لإثباته.
قال السيدة أوليفر باستهانة: الرجال بطيئون جداً.سأخبرك قريباً من الفاعل.أحسبه شخصاً يسكن هنا! أعطني يوماً أو يومين أبحث فيهما وسأضع يدي على القاتل. إن ما تحتاجُه هو حدس المرأة.لقد كنتُ على حق تماماً في قضية شايتانا,أليس كذلك؟
ولكن شهامة بوارو منعته من أن يُذكرهاِ بالتغيرات السريعة لشكوكها في تلك القضية.
قالت السيدة أوليفر بلطف: يالكم معشر الرجال!لو كانت امرأة هي من تترأس سكوتلانديارد...............
تركت ذلك الموضوع المطروق كثيراً مُعلقاً عندما حياهما صوت من باب البيت.نادى الصوت بنغمة لطيفة مرحة: مرحباً, أأنت السيدة أوليفر؟
ردت السيدة أوليفر منادية: "ها أنذا". ثم تمتمت قائلة لبوارو :لا تقلق ,سأكون متكتمة.
_لا,لا يا سيدتي. لا أريدك أن تكوني متكتمة, بل على العكس من ذلك تماماً.
جاء روبن أبورد نازلاً الممشى وعبَرَ البوابة . كان مكشوف الرأس يلبس بنطالاً
رمادياً قديماً جداً و معطفاً مهترئاً,ولولا ميله للبدانة لكان وسيم الشكل.
هتف قائلاً وهو يصافح السيدة أوليفر:"أريادني,سيدتي العزيزة". ثم ابتعد قليلاً وهو يقول: عزيزتي , لقد خطرت لي فكرة رائعة للفصل الثاني.
قالت السيدة أوليفر بفتور: حقاً؟أقدم لك السيد هيركيول بوارو.
قال روبن: رائع.هل تحملين أية أمتعة؟
_نعم إنها في الخلف.
سحب روبن حقيبتين من السيارة قائلاً:يا للإزعاج!ليس لدينا خدم لائقون,باستثناء العجوز, وعلينا دائماً أن نوفر عليها المشقة. إن ذلك إزعاجاً بالغاً, أليس كذلك؟ كم هي ثقيلة حقائبك, ها تحملين قنابل بها؟
وراح يترنح وهو يصعد الطريق منادياً وهو يلتفت : ادخلا وتناولا كأساً من العصير المنعش.
قالت السيدة أوليفر وهي تسحب حقيبة يدها وزوجاً من الأحذية القديمة من المقعد الأمامي: إنه يقصدك. ولكن هل قلت الآن إنك تريدني أن لا أكون متكتمة.
_كلما قللتِ تكتمك كان ذلك أفضل .
_ما كنتُ لأتعامل مع جريمة قتل بهذه الطريقة, ولكنها جريمتك, وسأبذل ما في وسعي لمساعدتك.
كرر روبن مرة أخرى وهو عند عتبة الباب الأمامي :تفضلا, ادخلا. سنتدبر أمر السيارة لاحقاً. إن أمي متشوقة لمقابلتكما.
صعدت السيدة أوليفر الممشى مسرعة يتبعها بوارو.
كان بيت ليبرنامز رائعاً من الداخل. وخمن بوارو بأن مبلغاً كبيراً من المال قد أنفق عليه, وكانت النتيجة بساطة جميلة باهظة الثمن. كانت كل قطعة صغيرة من خشب البيت من البلوط الأصلي.
ابتسمت لورا أبورد ترحيباً وهي تجلس على كرسي متحرك قرب موقد غرفة الجلوس. بدت امرأة قوية تجاوزت الستين من عمرها ذات شعر أشيب وذقن يوحي بالعزم. وطلبت من روبن أن يحضر العصير للضيوف ثم قالت: يسعدني لقاؤك يا سيدة أوليفر. أظنك تكرهين حديث الناس معك عن قصصك, ولكنها كانت عزاءً عظيماً لي لسنوات طويلة,وخاصة منذ أن غدوت مُقعدة على هذا النحو.
قالت السيدة أوليفر وقد بدا عليها الضيق وبدأت تفرك يديها كطالبة مدرسة:هذا لطف بالغ منك.آه, أقدم لك السيد هيركيول بوارو.إنه صديق قديم لي, وقد تقابلنا مصادفة هنا خارج البيت. والحقيقة أنني ضربته بلُب تفاحة. كما حدث لويليام تيل... ولكن بالعكس.
_تشرفنا يا سيد بوارو .أأنت كاتب أيضاً؟
قالت السيدة أوليفر: آه,لا. إنه رجل تحرً,من نوع شيرلوك هولمز!وقد جاء إلى هنا ليحل لغز جريمة قتل.
سُمعت رنة خافتة لزجاج ينكسر,فقالت السيدة أبورد بحدة: "روبن,كن حذراً".ثم قالت لبوارو: هذا مثير جداً للاهتمام يا سيد بوراو.
هتف روبن قائلاً: إذن فقد كانت مورين سمرهيز على حق,فقد حكت لي قصة طويلة عن وجود رجل تحر في المنطقة.بدا وكأنها ترى الأمر كله مضحكاً للغاية .ولكن الأمر جدي تماماً,أليس كذلك؟
قات السيدة أوليفر:إنه جدي بالطبع , يوجد مجرم بينكم.
_نعم, ولكن قولوا لي, من الذي قُتل؟أم أنه شخص تم إخراج جثته من القبر ويتم التعامل مع الأمر بشكل سري للغاية.
قال بوارو :ليس في الأمر سرية, وأنتم تعرفون جريمة القتل.
قالت السيدة أوليفر: إنها خادمة التنظيف, السيدة ماغــــ......التي قُتلت في الخريف الماضي.
قال روبن أبورد وقد بدا عليه شيء من خيبة الأمل: آه, ولكن ذلك كله انتهى.
قالت السيدة أوليفر : بل لم ينته أبداً.لقد قبضوا على الرجل الخطأ, وسوف يُشنق إن لم يجد السيد بوارو القاتل الحقيقي في الوقت المناسب.الأمر مثير للغاية.
وزع روبن الضيافة. وعندما قدم لأمه شرابها قالت: شكراً, يا ولدي العزيز.
قطب بوارو جبينه قليلاً, وجاء روين فقدم العصير للسيدة أوليفر ولبوارو, ثم شرب كأسه وقال: لقد كانت تعمل هنا.
سألت السيدة أوليفر: السيدة ماغينتي؟
_نعم ,أليس كذلك ياأمي؟
_لا يصح القول إنها كانت تعمل هنا,فقد كانت تأتي مرة في الأسبوع.
_وأحياناً في أوقات العصر .
سألت السيدة أوليفر :كيف كانت؟
أجابها روبن :محترمة جداً, ومرتبة إلى حد يبعث على الجنون. كانت لديها طريقة فظيعة في ترتيب كل شيء ووضعه في الأدراج بحيث لا يمكنك أن تخمن أين هي تلك الأشياء.
قالت السيدة أبورد بروح فكاهية ثقيلة: إن لم يقم أحد بترتيب الأشياء وإعادتها إلى أماكنها مرة واحدة في الأسبوع على الأقل فإنك سرعان ما تفقد القدرة على تحرك في هذا المنزل الصغير.
_أعرف ياأمي,أعرف. ولكن مالم تُترك الأشياء في المكان الذي وضعتُها فيه,فإنني لن أستطيع العمل إطلاقاً, وستختلط ملاحظاتي كلها.
قالت السيدة أبورد : من المزعج أن يكون الشخص عاجزاً مثلي. لدينا خادمة مخلصة عجوز, ولكن كل ما تستطيع القيام به لا يعدو أن يكون القيل من الطبخ البسيط.
سألت السيدة أوليفر :ما هو مرضك؟ التهاب المفاصل؟
_شكل من أشكال التهاب المفاصل.أخشى أن يترتب علي أن أحصل على ممرضة مرافقة تقيم معي بشكل دائم,وهو أمر ممل جداً,فإنا أحب أن أكون مستقلة.
قال روبن: "ياعزيزتي,لا داعي لأن تزعجي نفسك بهذا الشكل".ثم ربت على ذراعها, فابتسمت له بلطف مفاجئ قائلة: يكاد روبن يكون_في طيبته معي_ بمثابة الابنة.إنه يقوم بكل شيء, ويفكر بكل شيء, لا يوجد من هو أكثر منه مراعاة لمشاعري.
ثم تبادلت الأم وابنها الابتسام,ووقف هيركيول بوارو قائلاً: علي أن أذهب مع الأسف, فلدي زيارة أخرى أقوم بها,وقطار علي أن الحق به. سيدتي, أشكرك على ضيافتك.سيد أبورد,أتمنى كل النجاح للمسرحية.
قال السيدة أوليفر:وكل التوفيق لك بجريمتك.
سأل روبن أبورد: أهذا الأمر جدي حقاً يا سيد بوارو؟
أجابته السيدة أوليفر قائلة:الأمر جدي للغاية. إنه لم يشأ أن يخبرني بهوية المجرم, ولكنه يعرفه,أليس كذلك؟
قال بوارو محتجاً وقد وضع في نبرته القدر الكافي من عدم الإقناع :أبداً يا سيدتي,لقد أخبرتك أنني لا أعرف حتى الآن.
_هذا ما قلته أنت, ولكنى أظنك تعرف فعلاً..... غير أنك متكتم للغاية,أليس كذلك؟
قالت السيدة أبورد بحدة: أهذا حقاً صحيح؟أليس مزحة؟
قال بوارو بجدية:"إنه ليس مزاحاً يا سيدتي".ثم انحنى وغادر المنزل.


والباقي بعد ايام بسيطة ان شاء الله

nickcarter_2
24-07-2006, 23:13
ماقصرتي ياشيهيرو جربت الكتابة على الكمبيوتر والله متعبة
لكن أتسائل كم بقي من الفصول؟

شيهيرو
25-07-2006, 13:35
الحادي عشر الى الجزء السابع وعشرين والاجزاء الاخيرة تكون صغيرة مرررررة
وتسلم على متابعتك اخوي

(المتحري سينشي)
26-07-2006, 10:58
ماقصرتي والله أختي في التكمله

شكرااااااااااا

وفي انتظار جديدك ::جيد:: إذا ما كان يتعبك :مرتبك:

sakoora
27-07-2006, 05:28
يسلمووووو شيهيروووو ع التكملة

بالتوفيق

وبانتظار الباقييييي

شيهيرو
27-07-2006, 14:20
ماقصرتي والله أختي في التكمله

شكرااااااااااا

وفي انتظار جديدك إذا ما كان يتعبك
*************************
تسلم اخوي على متابعتك لي وان شاء الله بس اخلص هذا الرواية راح اكتب الستارة اخر رواية حق بوارو

***********************************
يسلمووووو شيهيروووو ع التكملة

بالتوفيق

وبانتظار الباقييييي
**************************************8
تسلمي خيتو على المتابعة
*******************************************
وهذا الجزء
وفيما هو ينزل عبر الممشى سمع صوت روبن أبورد الصادح الجلي يقوا: ولكن يا عزيزتي أريادني, كل ما تقوليه رائع ,ولكن يمثل ذلك الشارب وتلك الهيئة كيف يمكن لأحد أن يأخذه على محمل الجد ؟أتعنين حقاً أنه جيد؟\
ابتسم بوارو لنفسه: جيد حقاً!
وفيما هو على وشك العبور الشارع, عاد وقفز إلى الخلف في اللحظة المناسبة, فقد جاءت سيارة عائلة سمرهيز تتمايل وتتخبط عابرة أمامه, وكان سمرهيز يقودها.فقال منادياً:"آسف, علي أن ألحق بالقطار". ثم أضاف بصوت تلاشى مع البعد:كوفنت غاردن..........
وقد نوى بوارو أيضاً أن يستقل قطاراً لكيلشستر, حيث رتب للقاء مع المفتش سبنس.
وكان لديه_قبل استقلال القطار_وقت يسمح بزيارة أخيرة.
صعد إلى أعلى التلة, وعبر بوابات أوصلته إلى ممشى مرتب يؤدي إلى بيت حديث من الإسمنت ذي السطح الخشن, وكلن سقف البيت مربعاً وله نوافذ كثيرة. كان هذا بيت السيد والسيدة كاربنتر. وكان غاي كاربنتر شريكاً في شركة ضخمة هي كاربنتر للأعمال الهندسية",وكان رجلاً ثرياً للغاية دخل في معترك السياسة مؤخراً,وقد تزوج منذ فترة وجيزة.
لم تفتح الباب الأمامي لعائلة كاربنتر خادمة أجنبية أو خادمة عجوز, بل فتحة خادم هادئ وقور كره أن يُدخل هيركيول بوارو.فقد كان بوارو_برأيه_من ذلك النوع من الزوار الذين يجب أن يُتركوا خارج البيت, ومن الواضح أنه أشتبه بأن هيركيول بوارو قد جاء لبيع شيئاً.قال :السيد والسيدة كاربنتر ليسا في البيت.
_هل بوسعى _إذن_ أن أنتظر؟
قال:"لا أعرف متى يصلان", ثم أغلق الباب.
ولكن بوارو لم يسر على الممشى إلى البوابة ,بل مشى_بدلاً من ذلك_ حول الزاوية المنزل وكاد أن يرتطم بشابة طويلة ترتدي معطفاً من الفرو. قالت :مرحباً,ماذا تريد بالله عليك؟
رفع بوارو قبعته بأدب قائلاً:كنت آمل أن أرى السيد والسيدة كاربنتر.أهي السيدة كاربنتر التي أتشرف بالحديث معها الآن؟
_أنا السيدة كاربنتر.
كانت تتحدث بفظاظة, ولكن بدا وجود إيحاء خفيف بالهدوء خلف سلوكها.
_أنا هيركيول بوارو.
ولم يبد أي رد فعل. لم يكن الاسم العظيم الفريد مجهولاً بالنسبة لها فحسب, ولكنه رأى أيضاً أنها لم تتعرف عليه باعتباره آخر النزلاء عند مورين سمرهيز. هنا_إذن_لاتصل خدمات وكالة الأنباء المحلية المعنية بنشر الشائعات. حقيقة بسيطة ولكنها ذات دلالة.
_نعم؟
_لقد طلبت مقابلتك أو مقابلة السيد كاربنتر, ولكنك _يا سيدتي_ ستفين بالغرض الذي جئت من أجله بشكل أفضل, لأن ما أود السؤال عنه هو بعض الأمور المنزلية.
قالت السيدة كاربنتر بارتياب: لدينا مكنسة كهربائية.
ضحك بوارو وقال:لا,لا, لقد أساءت فهمي!إنها فقط أسئلة قليلة سأطرحها جول مسألة تتعلق بالبيت.
قالت:"آه, تقصد استبانات الخدمات تلك.أحسب أنها إجراء غبي جداً...",ثم توقفت وقالت:لعل من الأفضل أن تدخل إلى البيت.
ابتسم بوارو ابتسامة خفيفة,فقد توقفت عن الكلام وهي على وشك التعليق بملاحظة انتقادية, ولكن انخراط زوجها بنشاطات سياسية يتطلب الحذر من انتقاد نشاطات الحكومة.
قادته عبر القاعة إلى غرفة واسعة تطل على حديقة توحي بعناية جيدة. كانت غرفة جديدة المظهر , تحتوى على طقم من الأرائك الموشحة و كرسين ومكتب وطاولة كتابة.بدا واضحاً أن الغالي والنفيس قد بُذل في هذا البيت ,وتم توظيف أفضل الشركات , ولم تكن فيه أية دلائل على ذوق فردي لأصحابه .قال بوارو لنفسه:لقد كانت العروس....ماذا ؟ غير مهتمة؟
نظر إليها نظرة تقويم وهي تستدير: شابة جميلة المظهر ذات أذواق مُكلفة .شعر أشقر بلاتيني, وأصباغ وُضعت بعناية, وعينان زرقاوان واسعتان ....عينان ذواتا نظرة واسعة باردة... عينان جميلتان غارقتان .وقالت ونبرة لطف الآن, ولكنه لطف يُخفي تحته ضجراً: تفضل بالجلوس.
جلس ثم قال: أنت في غاية اللطف يا سيدتي. أما الأسئلة التي أود أن أسالك إياها فهي تتعلق بسيدة تُدعى ماغينتي,التي توفيت (أو بالأحرى قُتلت)في تشرين الثاني الماضي.
_السيدة ماغينتي؟لا أعرف ماذا تقصد؟
كانت تحدق إليه وعيناها مثبتتان مرتابتان.
_ألست تذكرين السيدة ماغينتي؟
_نعم, لا أذكرها.لا أعرف شيئاً عنها.
_أتذكرين مقتلها؟ أم أن القتل الشائع جداً بحيث لا تلاحظينه مجرد ملاحظة؟
_آه, جريمة قتل؟نعم, بالطبع. لقد نسيت اسم تلك المرأة العجوز.
_رغم أنها عملت هنا في هذا البيت ؟
_لم أكن أعيش هنا وقتها.لقد تزوجت السيد كاربنتر منذ ثلاثة أشهر فقط.
_ولكنها عملت عندك, في صباحات الجمعة فيما أظن. وكنت_آنذاك_ السيدة سيلكيرك, وكنت تعيسين في البيت المسمى روز.
قال بنكد: إذا كنت تعرف إجابات جميع الأسئلة فإنني لا أفهم لماذا أنت بحاجة لطرحها.على كل حال, ماهي المسألة؟
_أنا أقوم بتحقيق في ظروف الجريمة؟
_لماذا ؟ لماذا بالله عليك؟ على أية حال, لماذا جئت إلي أنا؟
_ربما كنت تعرفين شيئاً.... يمكن أن يساعدني.
_لا أعرف شيئاً البتة.ولماذا أعرف؟ كانت مجرد خادمة عجوز غبية, وكانت تحتفظ بنقودها تحت الأرض, وقام أحدهم بسرقتها وقتلها لأجل تلك النقود. كان الأمر كله مقرفاً....همجياً,كتلك الأمور التي تقرؤها في صحف يوم الأحد.
التقط بوارو ذلك بسرعة وقال: كصحف يوم الأحد,نعم, مثل الصندي كوميت.لعلك تقرئين الصندي كوميت.
قفزت قائمة, ثم اتجهت بارتباك نحو الباب الزجاجي المفتوح, وكان سيرها مرتبكاً إلى حد ارتطمت معه بإطار الباب. وتذكر بوارو فراشة كبيرة وجميلة ترفرف عمياء حول الضوء كصباح. نادت قائلة: غاي....غاي.
ورد صوت رجل من بُعد قائلاً:ماذا يا إيف؟
_تعال إلى هنا بسرعة.
ظهر رجل طويل في نحو الخامسة والثلاثين .أسرع خطاه عابراً المصطبة الخارجية إلى الباب الزجاجي, وقال إيف كاربنتر بحماسة: إن لدينا رجلاً هنا.... رجلاً أجنبياً.إنه يسألني شتى أنواع الأسئلة عن تلك الجريمة الفظيعة التي حدثت السنة الماضية. تلك الخادمة العجوز......... هل تذكر ذلك؟أنني أكره مثل هذه الأشياء.أنت تعرف أنني أكره ذلك.
عبس غاي كاربنتر,ثم دخل غرفة الاستقبال.كان ذا وجه شاحب طويل كوجه الحصان , وبدا متعالياً ذا أسلوب متعجرف.
وجده هيركيول بوارو يديه قائلاً:إن آخر ما أتمناه هو أن أزعج سيدة فاتنة كزوجتك, ولكن بما أن السيدة المتوفاة كانت تعمل هنا فقد ظننت أن يكون بإمكانها أن تساعدني في التحقيقات التي أجريها.
_ولكن.... ماهي تلك التحقيقات؟
حثته زوجته قائلة: نعم.اسأله عن ذلك.
_إن تحقيقاً جديداً يُجرى الآن في ظروف مقتل السيدة ماغينتي.
_هُراء..... إن القضية منتهية.
_لا,لا. أنت مخطئ في هذه النقطة,إن القضية لم تنته.
سأل غاي كاربنتر عابساً: "أتقول تحقيقاً جديداً؟".ثم قال بريبة: من قبل الشرطة ؟هُراء...لا شأن لك بالشرطة.
_هذا صحيح .إنني أعمل بشكل مستقل عن الشرطة.
تدخلت إيف كاربنتر قائلة: إنه من الصحافة ,مندوب إحدى الصحف الأسبوعية الفظيعة. هو الذي قال ذلك.
ظهرت ومضة من الحذر في عيني غاي كاربنتر, ففي مركزه هذا لك يكن حريصاً على معاداة الصحافة, فقال بتودد: إن زوجتي حساسة جداً. جرائم القتل وما يشابهها تزعجها كثيراً.أنا متأكد أنك لا تجد ضرورة لإزعاجها ,فهي لا تكاد تعرف المرأة.
قال إيف بحدة: "كانت مجرد خادمة عجوز غبية. لقد قلت له ذلك".ثم أضافت :وكانت أيضاً كاذبة فظيعة.
قال بوارو :"آه,هذا أمر مثير". ثم أدار وجهه المتهلل بينهما قائلاً:لقد كانت تكذب إذن. يمكن أن يعطينا هذا مؤشر مهماً جداً.
قال إيف بنكد: لا أفهم كيف يمكن ذلك.
قال بوارو: إن الخط الذي أتابعه هو محاولة تحديد الدافع.
قال كاربنتر بحدة: لقد سُرقت مدخراتها, وكان ذلك دافع الجريمة.
قال بوارو بلطف:"آه,أكان ذلك هو لدافع فعلاً؟".ثم نهض كممثل ألقى لتوه سطراً مهماً وقال بأدب:أعتذر إن كنتُ قد سببتُ للسيدة أي ألم,إن هذه القضايا تكون كريهة دوماً.
قال كاربنتر بسرعة: كان الأمر محزناً, ومن الطبيعي أن زوجتي لا تحب أن يُذكرها أحد بذلك. أنا آسف لا نستطيع مساعدتك بأية معلومات.
_ولكنكما ساعدتماني.
_عفواً,ماذا قلت؟
قال بوارو بهدوء : كانت السيدة ماغينتي تكذب.حقيقة مهمة.ماهي بالضبط الأكاذيب التي كانت تقولها يا سيدتي؟
انتظر إجابة إيف كاربنتر بأدب, وأخيراً قالت:آه, لاشيء على وجه التحديد .أعني... لا أستطيع أن أتذكر.
ولعلها أحست بأن الرجلين كانا ينظران إليها متوقعين شيئاً,فقالت :أشياء غبية....عن الناس, أشياء لا يمكن أن تكون صحيحة.
ومع ذلك بقى السكون مخيماً,ثم قال بوارو :فهمت ....كان لها لسان خطير.
قامت إيف كاربنتر بحركة سريعة قائلة:لا, لم أقصد ذلك.كانت ثرثارة فقط, هذا كل ما في الأمر.
قال بوارو بهدوء: ثرثارة فقط؟
ثم أشار مودعاً.ورافقه غاي كاربنتر إلى الصالة وقال: تلك الصحيفة التي ذكرتها....تلك الصحيفة الأسبوعية.أية واحدة هي؟
رد بوارو بحذر: الصحيفة التي ذكرتها للسيدة هي الصندي كوميت.
ثم سكت, فردد غاي كاربنتر متأملاً: الصندي كوميت.أخشى أنني لا أرى هذا الصحيفة كثيراً.
_إنها تنشر أحياناً مقالات مثيرة للاهتمام , وصوراً مثيرة للاهتمام.
وقبل أن يطول التوقف عن الكلام كثيراً, انحنى بوارو وقال مسرعاً: وداعاً سيد كاربنتر, وأعتذر إذا ما سببت لك إزعاجاً.
وخارج البوابة, نظر بوارو خلفه إلى البيت قائلاً:إنني أتساءل.....نعم,أتساءل.

sakoora
28-07-2006, 04:45
وان شاء الله بس اخلص هذا الرواية راح اكتب الستارة اخر رواية حق بوارو

ما شاء الله عليج

تسسسسسلمي والله

وبالتوفيق
واحنا لا زلنا في الانتظار

(المتحري سينشي)
28-07-2006, 10:55
[COLOR="Red"]*************************
تسلم اخوي على متابعتك لي وان شاء الله بس اخلص هذا الرواية راح اكتب الستارة اخر رواية حق بوارو





الله يسلمك أختي ::جيد:: ::جيد::


وشكرااااااااااا لك على التكمله ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::جيد::


الله يوفقك::سعادة::

sakoora
01-08-2006, 03:50
للرفـ ـ ـ ـ ــع

شيهيرو
01-08-2006, 13:53
الفصل الحادي عشر
**************************
جلس المفتش سبنس قُبالة بوارو, فتنهد وقال ببطء: أنا لا أقول إنك لم تتوصل إلى شيء يا سيد بوراو,بل أحسب أنك توصلت إلى شيء. ولكنه ضئيل ....ضئيل للغاية.
أومأ بوارو برأسه موافقاً وقال: إن ما توصلتُ إليه لا يكفي بمفرده, يجب أن أعثر على المزيد.
_كان يُفترض أن أنتبه _أنا والرقيب الذي عمل بإمرتي_ إلى تلك الصحيفة .
_لا, لا يمكن أن تلوم نفسك, فقد كانت الجريمة واضحة جداً. سطو باستخدام العنف, والغرفة فوضى ,والنقود مفقودة, فلماذا تخطى باهتمامك مزقة من صحيفة وسط كل تلك الفوضى؟
ردد سبنس بعناد: كان عليّ أن أنتبه لذلك. وزجاجة الحبر....
_أنا أعرف بأمرها بمحض المصادفة.
_ومع ذلك فقد عنت شيئاً لك.لماذا؟
_لم يكن ذلك إلا بسبب تلك الجملة العابرة عن كتابة الرسائل .أنا وأنت _يا سبنس_ نكتب العديد من الرسائل , وهذه مسألة عادة بالنسبة لنا.
تنهد المفتش سبنس , ثم وضع على الطاولة أربع صور وقال: هذه هي الصور التي طلبت مني الحصول عليها, الصور الأصلية التي استخدمها الصندي كوميت. وهي _على أية حال_أوضح قليلاً مما ظهرت في الصحيفة , ولكني لا أرى فيها الكثير مما يمكن الاعتماد عليه, فهي قديمة وباهتة, وبالنسبة للنساء فإن تسريحة الشعر تؤثر كثيراً في أشكالهن.لا يوجد في أي منها شيء محدد يمكن الاعتماد عليه كالأذنين والمنظر الجانبي للوجه. قبعة متهدلة, وشعر مبالغ في تصفيفه وورود! إن هذا كله لا يعطيك فرصة لاكتشاف شيء.
_أتتفق معي في أننا نستطيع استثناء فيرا بليك؟
_أظن ذلك, فلو كانت فيرا بليك في بروديني لعلم كل شخص بذلك, إذ يبدو أنها تخصصت في سرد قصة حياتها المحزنة على الجميع.
_وماذا يمكنك أن تخبرني عن الأخريات.
_لقد حصلت لك على ما أستطيعه في مثل هذا الوقت. لقد غادرت إيفا كين البلد بعد أن صدر الحكم على كريغ . وأستطيع أن أخبرك بالاسم الذي اتخذته,إنه هوب(أي الأمل), ولعل لذلك مغزى!
تمتم بوارو :نعم ,نعم ....... الأسلوب الرومانسي في التفكير.
"الجميلة إيفلين هوب ميتة". هذا سطر مأخوذ من أحد شعرائكم, وأحسب أنها فكرت بذلك. بالمناسبة, أكان اسمه إيفلين؟
_نعم.أحسبه كان كذلك,ولكنها كانت معروفة دوماً باسم إيفا. وبالمناسبة يا سيد بوارو,بما أننا نتحدث بالموضوع فإن رأي الشرطة في إيفا كين لا يتوافق أبداً مع ما جاء في هذه المقالة,بل هو أبعد ما يكون عنها.ً
ابتسم بوارو وقال: إن رأي الشرطة لا يكون دليلاً,ولكنه يكون مؤشراً ومرشداً جيداً في العادة.ماذا كان رأي الشرطة في إيفا كين؟
_لم تكن بأية حال تلك الضحية البريئة كما أظن الجمهور.لقد كنتُ يافعاً آنذاك,وأذكر أنني مناقشة للقضية بين رئيسي القديم والمفتش تريل الذي كان مسؤولاً عن القضية. لقد رأي تريل (ولكن دون توفر دليل لديه) أن تلك الفكرة الذكية بالتخلص من السيدة كريغ كانت فكرة إيفا كين.فقد عاد كريغ إلى البيت في أحد الأيام ليجد أن صديقته الصغيرة قد اختصرت الطريق,وأحسبها رأت أن الأمر كله سيجري تقبله كما لو كان وفاة طبيعية. ولكن كان كريغ أوسع منها إدراكاً, وقد خاف وتخلص من الجثة في القبو,وطور خطة تقول إن السيدة كريغ ماتت في الخارج.وبعدئذ, وعندما انكشف الأمر برمته,أصر كريغ_بشكل محموم_ على أنه قام بالجريمة وحده وأن إيفا كين لم تعرف شيئاً عن ذلك.
ثم رفع كتفيه حيرة وقال: ولم يستطيع أحد أن يثبت خلاف ذلك.لقد كان السم في البيت,وكان بوسع أي منهما استخدامه.وقد مثلت الجميلة إيفا كين دور البريئة المذعورة,ومثلته بشكل رائع أيضاً.كانت ممثلة صغيرة ذكية,وقد كان المفتش تريل شكوكه,ولكن لم يكن لديه شيء يمكن الاعتماد عليه.إنني أخبرك بذلك _يا سيد بوارو_دون أن أضمن صحته,فهو لا يشكل دليلاً.
_ولكن ذلك ينطوي على احتمال بأن واحدة من أولئك "النساء المأساويات"_على الأقل_ كانت أكثر من مجرد امرأة مأساوية, وأنها كانت قاتلة,وأنها يمكن أن تقتل مرة أخرى إذا ما كان الدافع قوياً بما فيه الكفاية..... الآن إلى المرأة التالية,جانس كورتلاند.ماذا يمكنك أن تخبرني عنها؟
_لقد رجعتُ الملفات, وهي امرأة قذرة تماماً.ولئن كنا قد شنقنا إيديث تومبسون,فقد كان علينا _بالتأكيد_أن نشنق جانس كورتلاند,فقد كانت وزوجها زوجين بغيضين,
لا فرق بينهما,فقد أغوت ذلك الشاب حتى أصبح طوع أمرها.ولكن اعلم أنه كان يوجد_منذ البداية_رجل غني خلف الكواليس,وكان قتلها لزوجها لغرض الزواج به.
_وهل تزوجته؟
هز سبنس رأسه وقال:لا أدري.
_لقد سافرت إلى الخارج.... وبعد ذلك؟
هز سبنس رأسه ثانية وقال: كانت امرأة طليقة,إذ لم تُتهم بشيء,ولا نعرف أتزوجت أم ماذا حدث لها.
قال بوارو متذكراً عبارة الدكتور ريندل:لعل المرء يلتقيها في حفل عشاء في أي يوم.
_بالضبط.
نقل بوارو نظرته إلى الصور الخيرة قائلاً:والطفلة؟ليلي غامبول.
_كانت أصغر من أن تُتهم بجريمة قتل.أرسلت إلى مدرسة أحداث,وكانت ذات سجل جيد هناك.تم تعليمها الطباعة والاختزال, وعُثر لها على عمل في فترة إطلاق سراحها التجريبي, وكان سلوكها جيداً.وآخر ما عُلم عنها أنها في إيرلندا.أظن _يا سيد بوارو_أن بإمكاننا استبعادها مثل فيرا بليك, فقد كان سلوكها حسناً في نهاية المر,والناس لا يُبقون على تقريعهم لطفلة في الثانية عشرة لقيامها بشيء في لحظة هياج .ما رأيك باستبعادها؟
_كان بإمكاني استبعادها لولا الساطور, فمن الثابت أن ليلي غامبول استخدمت ساطوراً في قتل عمتها,وقد استخدم قاتل السيدة ماغينتي المجهول سلاحاً سلاحاً وُصف بأنه يشبه الساطور.
_لعلك على حق.والآن يا سيد بوارو,لنستمع إلى ما يتعلق بك من الأمور.يسعدني أن أرى أن أحداً لم يحاول قتلك.
قال بوارو بقليل من التردد:نـــ.....نعم.
_لا أخفيك أنني خفتُ عليك مرة أو مرتين منذ ذلك المساء في لندن.والآن ما هي الاحتمالات من بين أهالي بروديني؟
فتح بوارو دفتر ملاحظاته الصغير وقال: إيفا كين .إذا ما كانت باقية على قيد الحياة فمن شأنها أن تقترب الآن من الستين من عمرها.أما ابنتها_التي رسمت الصندي كويمت صورة مؤثرة لحياتها وهي ناضجة_فمن شأنها أن تكون الآن في الثلاثينيات.
وستكون ليلي غامبول في مثل هذا السن أيضاً.وسيكون عمر جانس كورتلاند مقترباً من الخمسين.
أومأ سبنس موافقاً,وأكمل بوارو:إذن نصل الآن إلى أهالي بروديني,وخاصة أولئك الذين كانت السيدة ماغينتي تعمل لديهم .
_أحسب أن هذا الأخير افتراض معقول.
_نعم,إن الأمر معقد لأن السيدة ماغينتي كانت تقوم بأعمال متفرقة في العديد من الأماكن,ولكنا سنفترض_في الوقت الحاضر_بأنها رأت ما رأته(ويُفترض أن يكون صورة)في أحد البيوت التي كانت تعمل فيها بشكل مُنتظم.
_متفقون.
_وإذا ما أخذنا مسألة السن بالحسبان,فإن ذلك يعطينا احتمالات.أولاً:عائلة ويذربي,حيث عملت السيدة ماغينتي يوم مقتلها.وإن عُمر السيدة ويذربي يناسب عمر إيفا كين , كما أن لها ابنة في عمر ابنة إيفا كين,ابنة يقال إنها من زواج سابق.
_وماذا عن شبهها بالصورة؟
_يا صديقي العزيز,من المعتذر التعرف بشكل مؤكد على صاحبات هذا لصور.لقد مر زمن طويل, وتغير الكثير من الأمور.
كل ما يمكن للمرء قوله هو التالي:من المؤكد أن السيدة ويذربي كانت امرأة جميلة, وهي تبدو أرقّ وأوهى من أن ترتكب جريمة قتل,ولكن هذا كان هو الاعتقاد السائد عن إيفا كين كما فهمت .من الصعب تقدير ما يتطلبه قتل السيدة ماغينتي من قوة جسدية فعلية دون أن نعرف بالضبط ما هو السلاح الذي استُخدام,والقبضة التي يُمسك بها ,ومدى سهولة الضرب به,ومدى حدة شفرته....
_نعم,نعم.لا أدري لماذا لم نستطع العثور على ذلك السلاح.ولكن تابع كلامك.
_الملاحظات الوحيدة الأخرى التي يمكن أن أضعها عن عائلة ويذربي هي أن السيد ويذربي يمكن أن يجعل من نفسه (وهو يجعل نفسه فيما أرى)شخصاً كريهاً جداً إذا
ما أراد ذلك.إن الابنة مخلصة لوالدتها بشكل جنوني,وهي تكره زوج أمها.أنا لا أعلق على هذه الحقائق, بل أعرضها للنظر فيها فقط.إن الابنة يمكن أن تقتل لتحول دون وصول ماضي أمها لمسامع الزوج,ويمكن للأم أن تقتل لنفس السبب, ويمكن للأب أن يقتل لمنع حدوث"فضيحة".إن ما ارتكب من الجرائم من أجل السمعة أكثر مما يمكن تصديقه!

شيهيرو
01-08-2006, 13:54
أومأ سبنس قائلاً: إذا ما كان في مسألة الصندي كوميت شيء (وأقول إذا..)فمن الواضح أن عائلة ويذربي هم الأرجح احتمالاً.
_بالضبط,إن المرأة الوحيدة الأخرى في بروديني التي يناسب عُمرها عمر إيفا كين هي السيدة أبورد,وسنجد سببن يحولان دون الشك بأنها قد قتلت السيدة ماغينتي وأنها هي إيفا كين ,أ,أولهما أنها تعاني من التهاب المفاصل وتمضي معظم وقتها على كرسي متحرك...
قال سبنس أسفاً: في القصص البوليسية يمكن أن يكون أمر الكرسي المتحرك مزيفاً,أما في الحياة الواقعية فيُرجح أن يكون ذلك حقيقاً.
قال بوارو متابعاً: ثانياً,تبدو السيدة أبورد ذات طبع مبدئي وقوي,تميل إلى المواجهة أكثر من ميلها للخدع بمعسول الكلام,المر الذي لا يتفق وشخصية صاحبتنا إيفا في شبابها. ولكن بالمقابل,فإن شخصيات الناس تتطور,وتأكيد الذات ميزة غالياً ما تظهر مع التقدم في السن.
سلم سبنس بذلك قائلاً: هذا صحيح تماماً.السيدة أبورد.....ليس من المستحيل أن تكون هي,ولكنه غير مُرجح.والآن الاحتمالات الأخرى.جانس كورتلاند؟
_أحسب أن بالإمكان استثناءها,فلا يوجد أحد في بروديني في نفس العمر.
_إلا إذا كانت إحدى الشابات هي جانس كورتلاند وقد شدت وجهها بعملية تجميل.اعذرني أرجوك...كانت هذه مجرد طرفة.
_توجد ثلاث نساء يبلغن ثلاثين سنة ونيفاً.ديردرا هندرسُن,وزوجة الدكتور ريندل ,وزوجة غاي كاربنتر.أي أن أياً منهن يمكن أن تكون ليلي غامبول أو ابنة إيفا كين,إذا ما نظرنا للعمر.
_وإذا نظرنا للاحتمالات؟
تنهد بوارو قائلاً:يمكن أن تكون ابنة إيفا كين طويلة أو قصيرة,سمراء أو بيضاء,فلسنا نملك مؤشراً لشكلها.وكنا قد فكرنا بديردرا هندرسُن في هذا الدور.
أما بالنسبة للسيدتين فسأبدأ بإخبارك بالأمر التالي:إن السيدة ريندل تخاف من شيء ما.
_تخافك أنت؟
_أظن ذلك.
قال سبنس ببطء: قد يكون ذلك مهماً.أنت تشير إلى أن السيدة ريندل قد تكون ابنة إيفا كين أو ليلي غامبول.أهي بيضاء أم سمراء؟
_بيضاء.
_لقد كانت ليلي غامبول طفلة ذات شعر أشقر.
_السيدة كاربنتر ذات شعر أشقر أيضاً,وهي شابة تتجمل على نحو باهظ التكاليف.وبغض النظر عن مقدار جمالها,فإن عينيها رائعتان تماماً.عينان زرقاوان داكنتان شديدتا الاتساع.
هز سبنس رأسه لصديقه وقال : ما هذا يا بوارو؟
_أتعرف كيف بدت عندما ركضت خارج الغرفة لتنادي زوجها؟لقد ذكرتني بفراشة رائعة ترفرف,وقد ارتطمت بالأثاث ومدت يديها كأنها عمياء.
نظر سبنس بعطف وقال: أنت رومانسي حقاً يا سيد بوارو,أنت وفراشاتك الجميلة المرفرفة والعيون الزرقاء الواسعة.
_أبداً.لقد كان صديقي هيستنغر هو الرومانسي العاطفي,أما أنا فلست كذلك أبداً,بل أنا رجل عملي على نحو صارم.ما أعنيه هو أن الفتاة _إذا اعتمد جمالها بشكل أساسي على جمال عينيها _ستخلع نظارتها كائناً ما كان قصر نظرها,وستتعلم تحسس طريقها حتى إن كانت الأشياء غائمة أمامها وكان من الصعب عليها الحكم على المسافات.
ثن نقر بسبابته على صورة الطفلة ليلي غامبول التي تضع نظارات سميكة تشوه مظهرها.
_أهذا إذن ما تراه ؟أتظنها ليلي غامبول؟
_أنا أتكلم عما هو ممكن فقط.في الوقت الذي ماتت فيه السيدة ماغينتي لم تكن السيدة كاربنتر قد تزوجت وحملت هذا الاسم.كانت أرملة صغيرة من أرامل الحرب,في وضع مالي سيء جداً,وتعيش في بيت صغير من بيوت العمال.وكانت مخطوبة للرجل الغني في المنطقة,رجل ذي طموحات سياسية وإحساس كبير بأهميته.ولو اكتشف غاي كاربنتر أنه على وشك الزواج _مثلاً_ بطفلة ذات أصل متواضع اكتسبت سمعة سيئة كم ضربها عمتها على الرأس بساطور,أو ابنة كريغ أحد أعتى مجرمي القرن(وتمثاله موجود في مكان بارز في متحف الرعب لديكم),عندها يتساءل المرء:أكان من شأنه أن يمضي قُدماً في ذلك؟ولعلك تقول إنه سيمضي قدماً إذا أحب الفتاة.ولكنه ليس تماماً من ذلك الصنف من الرجال.إنني أحسبه أنانياً طموحاً,وهو رجل حساس فيما يتعلق بسمعته.وأحسب أن السيدة الشابة سيلكيرك_كما كانت وقتها,قبل الزواج به_ لو كانت حريصة على إتمام الزواج لحرصت أشد الحرص على أن لا يصل إلى مسامع خطيبها شيء سيء إليها .
_فهمت.فأنت ترى أنها هي القاتلة إذن,أليس كذلك؟
_يا عزيزي,أقول لك ثانية لا أدري.أنا أدرس الاحتمالات فقط.لقد كانت السيدة كاربنتر حذرة مني,محترسة خائفة.
_هذا يبدو سيئاً.
_نعم,نعم,ولكن الأمر كله صعب للغاية.حدث مرة أن أقمت مع أصدقاء لي في الريف,وقد خرجوا للصيد.هل تعرف كيف تسير الأمور؟يمشي أحدهم بالكلاب والبنادق,والكلاب تجعل الطيور تنفر من مخابئها,فتطير من الغابة عالياً في الهواء ويبدأ إطلاق النار.وهذا أشبه ما يكون بما نفعله نحن.لعلنا لم نُجفل طيراً واحداً,بل كانت طيور أخرى نفسها لا تعلم ذلك. وعلينا_يا صديقي_أن نتأكد تماماً أي الطيور هو طيرنا الذي نريده.لعل السيدة كاربنتر أقدمت على بعض التصرفات الطائشة خلال فترة ترملها....لعل الأمر لا يكون أسوأ من ذلك,ولكنها تبقى تصرفات تسيء إليها .لابد أن يكون سبب وراء قولها لي على عجل إن السيدة ماغنتي كانت كاذبة!
حك المفتش سبنس أنفه وقال: دعنا نفهم ذلك بوضوح يا بوارو. ما الذي تظنه حقاً؟
_لا يهم ما أظنه.يجب أن أعرف.ولكن _حتى هذه الساعة_ فإننا مازلنا في مرحلة دخول الكلاب إلى مكمن الطيور.
تمتم سبنس:لو تمكنا فقط من الوصول إلى شيء محدد,إلى حالة واحدة تثير الشك فعلاً.أما تحليلاتنا الحالية فهي مجرد نظرية,وهي نظرية مستبعدة أيضاً.إن الأمر كله واهٍ كما قلتُ من قبل.أيمكن أن يُقدم أحد حقاً على القتل للأسباب التي نناقشها؟
_هذا يعتمد على الكثير من الظروف العائلية التي نجهلها.ولكن التوق للمكانه المحترمة شديد جداً.إن سكان بروديني أناس لطفاء محترمون.هذا ما قالته مديرة مكتب البريد,والناس اللطفاء يرغبون في الحفاظ على لطفهم في أعين الناس. لعلك تجد سنوات من الزواج السعيد,ولا أحد يشك بأنك كنت_يوماً_ شخصية سيئة السمعة في واحدة من أكثر محاكمات القتل إثارة, لا يشك أحد بأن ابنتك هي ابنة قاتل شهير.
يمكن للمرء أن يقول:"أفضل الموت على أن يعلم زوجي بذلك!",أو أفضل الموت على أن تكتشف ابنتي من تكون!".ومن ثم تمضي في التفكير إلى أن ترى من الأفضل أن تموت السيدة ماغينتي.
قال سبنس بهدوء:إذن أنت تشك في عائلة ويذربي.
_لا.إن وضعهم ينطبق على تخميناتنا أكثر من غيرهم, ولكن الأمر لا يعدو ذلك.ومن ناحية الشخصية الفعلية فإن السيدة أبورد أقرب إلى أن تكون قاتلة من السيدة ويذربي.إن لديها تصميماً وإرادة قوية,وهي شغوفة جداً بولدها,وأحسب أنها مستعدة للذهاب بعيداً كيلا يعرف ابنها ماذا حدث قبل أن تتزوج بأبيه وقبل أن تستقر في وضع أسري محترم.
_أكان من شأن تلك المعرفة أن تُزعجه كثيراً؟
_لا أظن ذلك ,فللشاب روبن منظور حديث يشك بكل المفاهيم المتعارف عليها, وهو أناني جداً.وفي جميع الأحوال فإنني أحسبه أقل تعلقاً بأمه من تعلقها هي به.إنه ليس نسخة أخرى من جيمس بنتلي.
_إذا افترضنا أن السيدة أبورد هي إيفا كين,أليس من شأن ابنها روبن أن تقتل السيدة ماغينتي لمنع الحقيقة من الظهور؟
_ما كان ليفعل ذلك أبداً برأيي. ربما كان عمد إلى الاستفادة من ذلك باستخدام تلك الحقيقة للدعاية لمسرحياته!إنني لا أستطيع تخيل روبن أبورد يرتكب جريمة قتل بدافع الحفاظ على المكانة المحترمة,أو التعلق بأمه,أو لأي دافع آخر باستثناء وجود مكسب واضح لروبن أبورد نفسه.
تنهد سبنس قائلاً:إنه حقل واسع.ربما كان باستطاعتنا العثور على شيء يتعلق بتاريخ هؤلاء الناس,ولكن ذلك سيستغرق وقتاً.لقد عقدت الحرب الأمور,فقد أتلفت سجلات كثيرة,ووجدت فرص لا متناهية للراغبين في إخفاء آثارهم عن طريق الاستيلاء على البطاقات الشخصية لغيرهم,وغير ذلك.خاصة بعد "الأحداث"التي لم يكن من الممكن فيها التمييز بين جثة وأخرى! لو كان بوسعنا التركيز على شخص واحد.... ولكن لديك احتمالات كثيرة يا بوارو.
_قد يصبح بوسعنا اختصار هذه الاحتمالات قريباً.
غادر بوارو مكتب المفتش أقل غبطة مما كان يُظهر.كان يستحوذ عليه_كما يستحوذ على سبنس_هاجس الوقت القصير المتاح.لو كان لديه وقت فقط........
وفي أعماق تفكيره كان يؤرقه شك باق.أكان الافتراض الذي بناه هو و سبنس صحيحاً حقاً؟ماذا لو كان جيمس بنتلي هو الجاني؟
لم يستسلم لذلك الشك,ولكنه كان يؤرقه.استعرض_في ذاكرته_مراراًً وتكراراًً
المقابلة التي أجرها مع جيمس بنتلي ,وكان بفكر فيها_الآن _وهو يقف على الرصيف في كيلشستر بانتظار القطار.لقد كان اليوم يوم إقامة السوق,وكان الرصيف مزدحماً.
مال بوراو للأمام لإلقاء نظرة.نعم ,لقد جاء القطار أخيراً.وقبل أن يعدل وقفته شعر بدفعة شديدة متعمدة على أدق منطقة في ظهره. كانت الدفعة من العنف والفجائية بحيث أخذته على حين غرة تماماً,وكان من شأنه أن يكون_بعد لحظة واحدة_ملقى تحت عجلات القطار القادم,ولكن رجلاً كان بجانبه على الرصيف أمسك به في اللحظة الأخيرة وسحبه للخلف قائلاً:ماذا حدث لك؟
كان الرجل عريفاً بالجيش قوي البنية,وأضاف قائلاً: هل أُغمي عليك؟لقد كدت تقع تحت القطار يا رجل.
_شكراً لك....ألف شكر لك.
كان الناس _حينها-يتزاحمون حولهما,بعضهم يصعد إلى القطار وآخرون يغادرونه.
_أأنت بخير الآن؟سأساعدك على صعود القطار.
ألقى بوارو نفسه على أحد المقاعد وقد هزته المفاجأة.ليس من المفيد القول:"لقد دُفعت",ولكنه كان قد دفع فعلاً!حتى ذلك المساء كان بوارو متيقظاً ومحتاطاً لمواجهة الخطر,ولكن بعد حديثه مع سبنس,وبعد استفسار سبنس المازح عن أية محاولة للنيل من حياته,اعتبر بوارو الخطر منتهياً أ,قليل الاحتمال.
ولكن كم كان مخطئاً!لقد حقق واحد من اللقاءات التي أجرها في بروديني نتيجة ملموسة.كان أحدهم خائفاً.حاول أحدهم أن يضع نهاية لمحاولة بوارو الخطيرة بعث الحياة في هذه القضية المنتهية.
اتصل بوارو بالمفتش سبنس من هاتف عام في محطة بروديني وقال: أهذا أنت يا صديقي؟لدي أخبار مهمة لك:لقد حاول أحدهم قتلي!
واستمع باهتمام لفيض الملاحظات القادمة من الطرف الثاني ثم قال:لا,لم أصب. ولكني نجوتُ بأعجوبة....نعم,تحت القطار. لا,لم أشاهد من فعل ذلك.ولكن كن على يقين _يا صديقي_من أنني سأجده.إننا نعرف الآن أننا نسير على الطريق الصحيح.
**************************************************
الجزء الثاني عشر قريباً

wesamadi
01-08-2006, 14:31
يسلمووووووووووو في الانتظار

sakoora
02-08-2006, 08:16
يسلمووو شيهيرووووو

بانتظار الباقييييي

وبالتوفييييييق

hijji
04-08-2006, 01:15
السلام عليكم اختي...
مشكوورة على مجهودك الطيب..
ولو تبين مساعدة انا جاهز..انا بعد عندي القصة هذي..
و ممكن اساعدك في الكتابة..لو حبيتي..
و الله يعطيكي العافية..
تحياتي لك

(المتحري سينشي)
04-08-2006, 11:31
يسلمووو أختي شيهيرووو ... ::جيد::


وفي انتظاار الباااقي

dakota
04-08-2006, 22:34
القصة حلوة اوى اوى بس يريت تتكمل عشان انا متشوقة اعرف جدا

شيهيرو
05-08-2006, 13:38
تسلموا على مروركم وبشروا بخير

hijji
10-08-2006, 16:11
الفصل الثاني عشر
أمضى الرجل الذي كان يفحص عداد الكهرباء سحابة اليوم مع خادم غاي كاربينتر المتعجرف الذي كان يراقبه ثم قال شارحا:سيتم تشغيل الكهرباء على أسس جديدة.
قال كبير الخدم مشككا: ما تعنيه هو أن تكاليفها سترتفع مثل أي شيء آخر
_هذا يعتمد على أمور أخرى. قسمة عادلة للجميع هذا رأيي. هل ذهبت إلي الاجتماع في كيلشستر الليلة الماضية ؟

_ لا.
_ يقولون أن سيدك السيد كاربنتر تكلم بشكل جيد هل تعتقد انه سينتخب ؟
_ احسبه كان على وشك النجاح في المرة السابقة
_ نعم بأغلبية 125صوتا أو نحو ذلك هل تقود السارة له عندما يذهب لتلك الاجتماعات أم يقودها بنفسه ؟
_ يقودها بنفسه عادة. انه يحي قيادة السيارات ولديه سيارة رولز بنتلي.
_ انه يعتني بنفسه جيدا. هل تقود السيدة كاربنتر السيارة أيضا ؟
_ نعم وهي تقودها بسرعة فائقة في تقدير.
_ عادة ما تفعل النساء ذلك.أكانت هي الأخرى في الاجتماع الليلة الماضية أم أنها لا تهتم بالسياسة ؟
ابتسم كبير الخدم ابتسامة عريضة وقال: تتظاهر بالاهتمام على أية حال ولكنها لم تستطع إن تستمر للنهاية في الليلة الماضية فقد أصيبت بصداع أو شيء كهذا وغادرت في وسط الخطابات.
_ آه
نظر الكهربائي في علب الصمامات الكهربائية وقال: " لقد انتهيت تقريبا «. ثم طرح بضعة أسئلة عابرة أخرى وهو يجمع أدواته ويجهز نفسه للانصراف.
خرج وسار بخفة عبر ممشى الحديقة ولكنه توقف عند الزاوية بعد خروجه من البوابة وكتب في مفكرته ما يلي:
عاد " ك " الى البيت في سيارته وحيدا في الليلة الماضية. وصل إلى البيت في نحو العاشرة والنصف. بامكانه أن يكون في محطة كيلشستر المركزية في الوقت المشار إليه. غادرت السيدة " ك" الاجتماع مبكرا ووصلت البيت قبله بعشر دقائق. قالت أنها عادت إلي البيت بالقطار.
كانت تلك هي الملاحظة الثانية في مفكرة الكهربائي أما الملاحظة الأولى فكانت كالتالي:
تم استدعاء الدكتور " ر " في حالة مرضية الليلة الماضية باتجاه بيل شيستر. من الممكن أن سكون في محطة كيلشستر المركزية في الوقت المشار إليه.بقيت السيدة " ر " وحدها طوال المساء في البيت ( ؟ ) وبعد أن قدمت لها السيدة سكوت مدبرة المنزل القهوة لم ترها ثانيتا تلك الليلة. لها سيارة صغيرة خاصة بها.
كان التأليف المشترك في لبير مامز جاريا على قدم وساق.
كان روبن أبورد يقول بشكل جاد: أنت تدركين –بلا ريب-كم هو رائع هذا السطر ؟ إذا استطعنا أن نظهر أحساسا بالعداء بين الفتى والفتاة فسوف نبعث الحياة في العمل بكامله بشكل مثير
حللت السيدة اوليفر بحزن أصابعها في شعرها الرمادي الذي يطير مع الريح بحيث بدا وكان ما طيره كان إعصارا وليس ريحا.
_ انك تدركين ما اعنيه أليس كذلك يا عزيزتي اريادني ؟
قالت السيدة اوليفر باكتئاب: آه أنا أدرك ما تعنيه
_ ولكن الشيء الأهم هو ان تشعري بالسعادة حقا تجاه ذلك.
ما كان لأحد أن يظن أن السيدة اوليفر تبدو سعيدة سوى الممعن في خداع نفسه.وأكمل روبن حديثه بابتهاج: ما اشعر به هو أن لدينا هنا شابا رائعا يهبط بمظلته...
قاطعته السيدة أوليفر قائلة: و لكنه في الستين من عمره.
-آه..كلا
-بل هو كذلك.
- أنا لا أراه كذلك..بل في الخامسة و الثلاثين..لا يزيد عنها يوما واحدا..
-و لكنني أكتب عنه القصص منذ ثلاثين عاما..وقد كان على الأقل في الخامسة و الثلاثين في القصة الأولى
-ولكن-يا عزيزتي-إذا كان فوق الستين..فلا يمكن أن يحدث التوتر بينه و بين الفتاه..ما اسمها؟؟..انغريد...أعني أن ذلك سيجعله يبدو مجرد عجوز سخيف...
- بالتأكيد..
قال روبن بنشوة الانتصار: أترين إذن..يجب أن يكون في الخامسة و الثلاثين..
-إذن لا يمكن أن يكون هو سفين جيرسن..بل اجعله شابا نرويجيا في حركة المقاومة..
-ولكن يا عزيزتي أريادني..إن المحور الأساسي للمسرحية هي سفين جيرسين.يوجد جمهور عريض شديد الإعجاب بسفين جيرسين..و سوف يتزاحمون لرِؤيته..انه نجم شباك التذاكر يا عزيزتي..
-ولكن الناس الذين يقرأون كتبي يعرفون كيف يبدو..لا يمكنك أن تخترع شابا جديدا تماما في المقاومة النرويجية و تسميه سفين جيرسين.
-عزيزتي أريادني..لقد شرحت لك هذا كله. هذه ليست رواية..إنها مسرحية..و يجب أن نجعل لها بريقا..و إذا ما أحدثنا هذا التوتر و هذا التنافر بين سفين جيرسن و تلك...ما اسمها؟؟..كارين؟؟ أحدهما نقيض الاخر تماما..و مع ذلك يميلان ميلا شديدا كل للآخر.
قالت السيدة أوليفر ببرود: أن سفين جيرسن لم يكترث أبدا بالنساء.
-و لكن لا يمكن أن تجعليه هكذا يا عزيزتي..ليس بمثل هذا النوع من المسرحيات..أعني أنها ليست مجرد وصف لأشجار خضراء على الشاطئ. إنها إثارة و جرائم قتل في الهواء الطلق..
كان لذكر الهواء الطلق تأثيره الواضح..قالت السدة أوليفر فجأة: أضنني سأخرج قليلا أحتاج للهواء..
أحتاج جدا إلى الهواء...
سألها روبن بلطف: هل أخرج معك؟
-لا..بل أفضل الخروج وحدي..
- كما تشائين. ربما كنت على حق..ربما كان من الأفضل أن أذهب و أرى أمي. إن المسكينة تشعر و كأنها قطة صغيرة مهملة..و هي تحب أن يوليها الناس اهتماما. و سوف تفكرين بذلك المشهد في الزنزانة..أليس كذلك؟إن العمل بكامله يبدو رائعا و سيكون أكبر نجاح نصل إليه..أعرف ذلك..
تنهدت السيدة أوليفر فيما مضى روبن قائلا: و لكن الأمر الأهم هو أن تشعري بالسعادة حيال ذلك..
رمقته السيدة أوليفر بنظرة باردة..و ألقت على كتفها رداءا و انطلقت إلى بروديني..قررت أن تنسى مشكلاتها بان تشغل نفسها بحل لغز الجرائم الحقيقية.. إن هيركيول بوارو بحاجة للمساعدة.. و لذا فسوف تلقي نظرة على القاطنين في بروديني.. و ستستخدم حدسها الأنثوي الذي لم يخب من قبل و تخبر بوارو من هو القاتل. و لن يكون أمامه –عندها- إلا أن يحصل على الدليل الضروري..
بدأت السيدة أوليفر مهمتها بالذهاب إلى مكتب البريد و شراء رطلين من التفاح..و أثناء عملية الشراء تبادلت حديثا وديا مع السيدة سويتمان. و بعد أن أقرت أن الجو حار بالنسبة لهذا الوقت من السنة... أشارت السيدة اوليفر الىانها تقيم مع السيدة أبورد في ليبرنامز.
- نعم.. اعرف ذلك. لا بد انك السيدة اللندنية التي تكتب قصصا عن جرائم القتل..أليس كذلك؟ظ توجد عندي ثلاثة من كتبك.
- قالت:لسيدة اوليفر نظرة سريعة على الكتب المعروضة التي كانت مغطاة قليلا بكتب الأطفال. قالت : " قضية السمكة الذهبية الثانية"..هذه قصة جيدة تماما. و قصة " القطة التي ماتت" حيث جعلت طول أنبوب النفخ قدما واحدا و هو في الحقيقة 6 أقدام. من السخف أن يكون أنبوب النفخ بهذا الطول.. و لكن احد العاملين في المتحف كتب ليخبرني بذلك. أحيانا اضن أن بعض الناس لا يقرؤون الكتب إلا بحثا عن الأخطاء فيها. ما اسم القصة الأخرى؟ ..آه "موت مبتدئة".. إنها قصة سخيفة جدا.. فقد جعلت السلفون يذوب في الماء بينما لا يذوب هو في الماء.. و كانت أحداثها كلها مستحيلة من البداية للنهاية.. و قد مات 8 أشخاص على الأقل قبل أن تأتي الفكرة لسفين جيرسن..
- قالت السدة سويتمان دون أن تتأثر بهذا النقد الذاتي: إن لها شعبية واسعة.. و لن تصدقي مقدار رواجها.. وان كنت لم اقرأ أيا منها لأنني لا أجد الوقت الكافي لذلك..
- - لقد حدثت لديكم جريمة هنا أليس كذلك؟
- - بلى.. في تشرين الثاني الماضي. حدثت بين ظهرانينا.. إذا صح التعبير..
- - سمعت أن محققا يبحث هنا في الأمر؟
- - آه.. أتعنين السيد الأجنبيو.قصير المقيم في لونغ ميدوز؟ لقد كان هنا البارحة و..
- توقفت السيدة سويتمان مع دخول زبون آخر لشراء الطوابع. انتقلت إلى الجانب الذي يقدم خدمات البريد و قالت: صباح الخير يا آنسة هندرسن. الجو دافئ بالنسبة لهذا الوقت من العام.
- - نعم..هو كذلك
- حدقت السيدة اوليفر طويلا بمظهر الفتاة الطويلة..و كان معها كلب مربوط بحبل.
- قالت السيدة سويتمان بلذة متجهمة: هذا يعني أن الأزهار التي ستتفتح ستصاب بالصقيع لاحقا. كيف حال السيدة ويذربي؟
- - بخير.. شكرا لك. لم تخرج كثيرا في الآونة الأخيرة. و ذلك بسبب الرياح الرقية التي هبت مؤخرا.
- - يعرض فيلم رائع في كيلشستر هذا الأسبوع يا آنسة هندرسن.. يجب أن تذهبي..
- - فكرت بالذهاب في الليل الماضية.. و لكن لم استطع حمل نفسي على ذلك.
- - لقد نفذت الطوابع من فئة 5 شلنات. هل تفي طوابع الشلنين و 6 بنسات بالغرض؟
- و مع خروج الفتاة قالت السيدة اوليفر: السيدة ويذربي مقعدة..أليس كذلك؟
- أجابت السيدة سويتمان بلهجة لاذعة بعض الشيء: قد تكون كذلك أو لا تكون. إن البعض منا لا يجد الوقت للمرض.
- - اتفق معك تماما. كثيرا ما أقول أن للسيدة أبورد أن من الأفضل لها لو أنها بذلت مزيدا من الجهد و مرنت قدميها قليلا.
- بدت السيدة سيويتمان و كأن ذلك أعجبها و قالت: أنها تتحرك عندما تريد ذلك.. أو هذا ما سمعته.
- - أ حقا؟
- فكرت السيدة اوليفر في مصدر المعلومات.. ثم جازفت بالقول: جانيت؟
- - إن جانيت غروم تشكو و تتبرم قليلا..ولا يكاد المرء يدهش لذلك.. فهي نفسها ليست صغيرة.. و هي تعاني بشدة من الروماتيزم في موسم الرياح الشرقية. و لكنهم يسمونه النقرس عندما يصيب الوجهاء..فيستخدمون له كراسي المقعدين و غير ذلك. ما كنت لأخاطر بفقد قدرتي على استخدام رجلي. و لكن المرء – هذه الأيام- لو اشتكى من حكة بسيطة في يده لهرع من فوره الى طبيب.. و ذلك للحصول على مقابل لما يدفعه الضمان الصحي. لدينا الكثير من هذه المشكلات الصحية هذه الأيام. و لا يفيد الإنسان كثيرا أن يديم التفكير بسوء حالته.
- قالت السيدة اوليفر: "أحسبك على حق". ثم اخذت تفاحها و خرجت في اثر ديردرا هندرسن. و لم يكن ذلك صعبا.. لان كلب الانسة هندرسن كان مسنا و مترهلا.. و كان يمتع نفسه بفحص الأعشاب و شم الروائح الزكية.
- و رأت السيدة اوليفر أن الكلاب كانت دوما وسيلة للتعرف على الآخرين.. و لذلك هتفت: يا له من كلب جميل..
- بدا السرور على الشابة الضخمة ذات الوجه الدميم و قالت: انه جذاب بالفعل. الست كذلك يا بن؟
- نظر بن للأعلى.. ثم هز جسمه قليلا و مضى يشم مجموعة من الأعشاب الشوكية..و أعجبته فمضي يعبر عن إعجابه بطريقته المعتادة. و سالت السيدة اوليفر: هل يقاتل؟ إن الكلاب من فصيلة سيليهام غالبا ما تقاتل.
- - نعم.. انه مقاتل رهيب.. و لهذا السبب أبقيه مربوطا.
- - لقد ظننت ذلك.
- تأملت المرأتان الكلب.. ثم قالت ديردرا هندرسن بشيء من العجلة: أنت.. أنت أريادني اوليفر أليس كذلك؟
- - بلى.. و أنا أقيم مع عائلة أبورد.
- - اعرف ذلك.. اخبرنا روبن بأنك قادمة..يجب أن أخبرك عن مدى استمتاعي بكتبك.
- و كالعادة احمر وجه السيدة اوليفر حرجا و تمتمت بحزن: "آه.." ثم أضافت متجهمة: أنا سعيدة جدا بذلك.
- - لم اقرأ منها الكثير بالقدر الذي أحبه... ذلك أن الكتب ترسل إلينا من نادي "كتب التايمز"..و لا تحب والدتي الكتب البوليسية. أنها حساسة جدا و تلك القصص تبقيها متيقضة طول الليل. و لكنني اعشق تلك الكتب.
- - لقد حدثت هنا مؤخرا جريمة حقيقية عندكم... أليس كذلك؟ في أي بيت حدثت؟ إحدى تلك البيوت الصغيرة؟
- - انه ذلك البيت هناك.
- تكلمت ديردرا هندرسن بصوت مخنوق قليلا.ووجهت السيدة اوليفر نظرها نحو مسكن السيدة ماغنيتي السابق الذي كان صبيان كريهان من عائلة كيدل يستمتعان بتعذيب قطة على عتبته.
- و تقدمت السيدة اوليفر خطوة للامام لتحتج على هذا التصرف..و لكن القطة هربت بعد أن استخدمت مخالبها بطريقة قوية. أطلق الصبي الأكبر الذي خدشته المخالب بقوة صرخة قوية.. فقالت السيدة اوليفر: " أعطتك جزاءك".. ثم أضافت موجهة الكلام لديردرا هندرسن: انه لا يبدو مثل بيت وقعت فيه جريمة قتل.. أليس كذلك؟
- - بلى..لا يبدو كذلك..
- بدت المرأتان على اتفاق بهذا الشأن.. و أكملت السيدة اوليفر قائلة: لقد كانت خادمة تنظيف عجوزا سرق احدهم أموالها.. أليس كذلك؟
- - المستأجر. كان لديها بعض المال...تحت الأرض.
- - نعم.
- فجأة قالت ديردرا: و لكن ربما لم يكن هو المجرم في نهاية الأمر. يوجد هنا رجل صغير مضحك...أجنبي اسمه هيركيول بوارو.
-
-

- -
-
-
-

hijji
10-08-2006, 16:13
- فجأة قالت ديردرا: و لكن ربما لم يكن هو المجرم في نهاية الأمر. يوجد هنا رجل صغير مضحك...أجنبي اسمه هيركيول بوارو.
- - هيركيول بوارو؟ آه نعم. اعرف كل شيء عنه.
- - اهو رجل تحر حقا؟
- - يا عزيزتي انه رجل ذائع الشهرة و بالغ الذكاء.
- -إذن ربما يكتشف بأنه لم يفعل ذلك.
- -من؟
- - ال.. النزيل. آه. بنتلي. آه .. كم آمل أن تبرأ ساحته.
- - حقا؟ لماذا؟
- - لأنني لا أريده أن يكون هو لم أرد ذلك على الإطلاق.
- نظرت إليها السيدة اوليفر بفضول مأخوذ بالعاطفة التي صبغت صوتها ثم سألتها: أ كنت تعرفينه؟
- قالت ديردرا هندرسن ببطء: لا لم اعرفه. و لكن حدث مرة أن زلت قدم بن في فخ..فساعدني لتخليصه..ثم تحدثنا قليلا..
- - كيف كان يبدو؟
- - كان يشعر بوحشة مريعة. كانت أمه توفيت حديثا.. و كان مولعا بها جدا.
- قالت السيدة اوليفر بذكاء: و أنت مولعة جدا بأمك؟
- - نعم.. و قد جعلني ذلك افهم. اعني افهم شعوره.. و أنا و أمي ليس لنا إلا بعضنا البعض.
- - اذكر أن روبن أخبرني بأن لك زوج أم.
- قالت ديردرا بمرارة: نعم..لي زوج أم.
- قالت السيدة اوليفر بغموض: إن زوج ألام ليس كالأب الحقيقي أليس كذلك؟ هل تتذكرين والدك؟
- - لا فقد توفي قبل أن أولد. و تزوجت أمي السيد ويذربي عندما كنت في الرابعة و قد...كرهته دائما. و أمي..
- توقفت قبل أن تقولك لقد عاشت أمي حياة حزينة جدا. لم تلق تعاطفا أو فهما من أحد.. إن زوج أمي رجل عديم الشعور و قاس و بارد..
- أومأت السيدة اوليفر برأسها ثم تمتمت: هذا الشاب جيمس بنتلي لا يبدو مجرما أبدا.
- - ما خطر ببالي أبدا أن يعتقله الشرطة. أنا متأكدة أن الفاعل كان احد المشردين. انك تجدين مشردين مرعبين على هذه الطريق أحيانا.. و لا بد أن الفاعل كان احدهم..
- قالت السيدة اوليفر مواسية: ربما اكتشف هيركيول بوارو الحقيقة.
- قالت: " نعم..ربما" ثم استدارت بسرعة و دخلت بوابة منزل هنتر كلوز.
- تابعتها السيدة اوليفر بنظراتها الحادة لحظة أو اثنتين.. ثم أخرجت من حقيبتها دفتر ملاحظات صغيرا و كتبت فيه "ليست ديردرا هندرسن" ووضعت خطا تحت كلمة ليست ضاغطة على القلم حتى كسرته.
- في منتصف الطريق إلى أعلى التلة.قابلت روبن أبورد متجها للأسفل و بصحبته شابة جميلة ذات شعر بلاتيني.
- قام روبن بالتعريف: هذه اريادني اوليفر الرائعة يا ايف..لا ادري –يا عزيزتي – كيف تفعل ما تفعله .. و هي تبدو شديدة الطيبة أيضاخوضا.س كذلك؟ لا تبدو كمن خاض في الجريمة خوضا. هذه ايف كاربينر. سيكون زوجها مندوبنا القادم في البرلمان. إن مندوبنا الحالي.. السير جورج كارترايت...عجوز خرف تماما. انه يثب على الفتيات الصغيرات من خلف الأبواب..
- قالت ايف: روبن... يجب أن لا تختلق مثل هذه الأكاذيب الفضيعة.. ستشوه سمعة الحزب.
- - و لماذا اهتم؟ انه ليس حزبي. أنا ليبرالي.. و هذا هو الحزب الوحيد الذي يمكن الانتماء إليه هذه الأيام.. صغير و نخبوي.. ولا فرصة له في الوصول إلى البرلمان.. إنني اعشق القضايا الخاسرة.
- ثم اضاف قائلا للسيدة اوليفر: تود ايف أن تدعونا هذا المساء. حفلة صغيرة من أجلك يا اريادني..على طريقة مقابلة الأسد. نحن مسرورون لوجودك هنا. ألا تستطيعين أن تجعلي مسرح جريمتك المقبلة هنا في بروديني؟
- قالت ايف كاربنتر: نعم افعلي ذلك يا سيدة اوليفر.
- قال روبن: بامكانك أن تحضري سفين جيرسن إلى هنا بسهولة... يمكنه أن يكون مثل هيركيول بوارو و يقيم في نزل الضيافة لدى عائلة سمرهيز. نحن ذاهبون هناك الآن لأنني أخبرت ايف أن هيركيول بوارو ذائع الشهرة في مجال عمله تماما كما أنت مشهورة في مجالك... و قالت ايف أنها كانت وقحة معه بالأمس و لهذا فهي ذاهبة لكي تدعوه إلى الحفلة أيضا. فعلا اجعلي مسرح جريمتك المقبلة في بروديني سنكون جميعا متشوقين لذلك.
- قالت ايف: نعم ستكون متعة كبيرة.
- سأل روبن: من سيكون القاتل و من سيكون الضحية؟؟
- سالت السيدة اوليفر: من هي خادمتك الحالية؟
- قال روبن: آه.. ليس هذا النوع من الجرائم.. انه ممل جدا. احسب أن ايف يمكن أن تكون ضحية ممتازة.. إذ يمكن تصويرها مخنوقة..
- قالت ايف: من الأفضل أن تقتل أنت يا روبن. الكاتب المسرحي الصاعد مطعون في بيت ريفي.
- قال روبن: و لكننا لم نستقر على قاتل بعد.. ما رأيكما بأمي؟ تستخدم كرسيها المتحرك حتى لا تترك آثار أقدام. أظن هذا سيكون رائعا.
- - و لكن ما كان لها أن ترغب بقتلك يا روبن.
- فكر روبن قليلا و قال: نعم.. لعلها لا ترغب بذلك. في الحقيقة كنت أفكر في أن تخنقك أنت. أنها لا تبالي كثيرا بعمل كهذا.
- - و لكني أريد أن تكون أنت الضحية.. و يمكن أن يكون القاتل ديردرا هندرسن.. الفتاة الدميمة المكبوتة التي لا تثير انتباه احد.
- - أرأيت يا اريادني؟ ها هي ذي عقدة روايتك القادمة موجودة أمامك..و كل ما عليك عمله أن تعملي على اختراع بعض المؤشرات المضللة و القيام طبعا بالكتابة الفعلية للقصة. يا الهي.. يا لكلاب مورين المخيفة..
- كانوا قد التفوا عند بوابة لونغ ميدوز حيث اندفع كلبان ايرلنديان للامام و هما ينبحان.. و خرجت مورين سمرهيز إلى ساحة الإسطبل حاملة دلوا في يدها و نادت: تعال يا فلين. تعال هنا يا كورميك. مرحبا..إنني أقوم بتنظيف الاسطبل
- قال روبن: نعرف ذلك يا عزيزتي.. بامكاننا أن نشم رائحتك من هنا. يا للحياة المثيرة التي تعيشينها أنت و جوني..
- قالت ايف: هلا أتيت مع جوني لمشاركانتا في حفلة هذا المساء يا مورين؟
- - يسعدني ذلك.
- قال روبن: لتقابلي السيدة اوليفر. و لكن بامكانك فعلا مقابلتها الآن.. فهي هذه.
- قالت مورين: أهي أنت حقا؟ يا له من أمر مثير.. أنت و روبن تكتبان مسرحية معا أليس كذلك؟
- قال روبن: أنها تسير بشكل رائع. و بالمناسبة يا اريادني.. لقد خطرت ببالي فكرة رائعة بعد أن خرجت هذا الصباح.. بخصوص توزيع الأدوار.
- قالت السيدة اوليفر بصوت ينم عن الارتياح: توزيع الأدوار.
- - اعرف الشخص المناسب تماما لدور ايريك. انه سيسيل ليتش.. و هو يمثل الآن في مسرح جوال صغير في كولينكيه. سنذهب إلي هناك و نشاهد العرض ذات مساء.
- قالت ايف مخاطبة مورين: نريد النزيل عندكم. هل هو موجود؟ أريد أن ادعوه لحفلة الليلة.
- قالت مورين: سنحضره معنا.
- - أرى من الأفضل أن ادعوه بنفسي...فالحقيقة إنني كنت فظة معه بالأمس.
- قالت مورين بغموض: " آه..حسنا. انه في مكان ما هنا. اظنه في الحديقة. كروميك...فلين..يا للكلاب القذرة.." ثم أسقطت الدلو محدثة صوتا عاليا و ركضت باتجاه بركة البط..حيث تعالى نقيق البط المجنون.
-
-
-

شيهيرو
10-08-2006, 21:16
تسلم احوي على مساعدة وراح قريباحط الجزء الثالث عشر

sakoora
11-08-2006, 04:51
يسلموووو شيهيرووو & hijji

وبانتظار الباقيييي

hijji
11-08-2006, 16:03
تسلم احوي على مساعدة وراح قريباحط الجزء الثالث عشر


العفو أختي...
هذا واجب الاخوة...
تحياتي لك ::جيد::

hijji
11-08-2006, 16:05
يسلموووو شيهيرووو & hijji

وبانتظار الباقيييي


العفو أختي..
الشكر للاخت شهيرو على طرح الموضوع الحلو...
و تسلمي على مرورك الطيب..
تحياتي لك ::جيد::

شيهيرو
15-08-2006, 14:45
نبدأ .......الفصل الثالث عشر

اقتربت السيدة أوليفر_وكأس العصير في يدها_من هيركيول بوارو في الجزء الأخير من حفلة عائلة كاربنتر.وحتى ذلك الحين كان كلاهما محط اهتمام دائرة من المعجبين.أما الآن ,والحفلة في نهايتها,فقد مال الأصدقاء القدامى للتجمع معاً وسرد قصص الفضائح المحلية,وبذلك استطاع الغريبان أن يتكلما معاً.
همست السيدة أوليفر بصوت تآمري:"تعال إلى المصطبة الخارجية".وفي نفس الوقت ضغطت على يده واضعة ورقة صغيرة بها.
خرج الاثنان من الباب الزجاجي وأخذا يمشيان في المصطبة,وفتح بوارو قصاصة الورق وقرأ::الدكتور ريندل.
نظر إلى السيدة أوليفر مستفهماً,فأومأت برأسها بقوة حتى تدلت خصلة من شعرها الرمادي علة وجهها وقالت:هو القاتل.
_أتظنين ذلك؟لماذا؟
_أعرف ذلك وكفى.إنه من ذلك النوع .منفتح وودود.
بدا على بوارو عدم الاقتناع وقال:ولكن ماذا كان دافعه برأيك؟
_ممارسة سلوك لا تُقره أعراف مهنته,وقد عرفت السيدة ماغنتي بذلك.ولكن أياً كان السبب,يمكنك أن تثق بأنه هو الفاعل.لقد فكرتُ بالآخرين جميعاً,وهو صاحبنا.
وجواباً على ذلك قال بوارو لمجرد المضي في الحديث:لقد حاول أحدهم مساء أمس دفعي على خط سكة الحديد في محطة كيلشستر.
_يا إلهي!أتعني بهدف قتلك؟
_لا أشك في أن هذا كان هدفه.
_وقد كان الدكتور ريندل لمعاينة حالة مرضية,أعرف ذلك.
_نعم,الدكتور ريندل كان خارجاً بالفعل لمعاينة حالة مرضية.
قالت السيدة أوليفر بشيء من الرضا:هذا يُنهي الأمر إذن.
_ليس تمامًا.لقد كان كل من السيد والسيدة كاربنتر في كيلشستر الليلة الماضية وجاءا إلى البيت كل على انفراد,وربما أمضت السدة ريندل المساء في بيتها تستمع للمذياع وربما لم تفعل ذلك....لا يمكن لأحد أن يجزم بهذا.وغالباً ما تذهب الآنسة هندرسُن إلى السينما في كيلشستر.
_ولكنها لم تذهب الليلة الماضية,فقد كانت في البيت.هي أخبرتني بذلك.
قال بوارو مؤنباً:لا يمكنك أن تصدقي كل ما تسمعين.إن الأسر تبقي مجتمعة. وبالمقابل فإن الخادمة الأجنبية,فريدا,كانت في السينما الليلة الماضية,ولذلك لا تستطيع أن تخبرنا من كان في البيت ومن كان خارجه!وهكذا ترين أنه ليس من السهل تضييق دائرة الشك.
_ربما أستطيع أن أشهد بالنسبة للذين أقيم عندهم.متى حدث ذلك؟
_في الساعة التاسعة وخمس وثلاثين دقيقة بالضبط.
_إذن فإن ساكني ليبرنامز أبرياء تماماً من ذلك.لقد كنا (أنا و روبن وأمه نلعب)الورق من الساعة الثامنة وحتى العاشرة والنصف.
_لقد حسبتُك معتكفة معه لتعملا في المسرحية المشتركة؟
قالت السيدة أوليفر ضاحكة:ونترك الأم تقفز على دراجة وتختبئ بين الشجيرات؟لا,لقد كانت على مرأى منا.
ثم تنهد إذ راودتها أفكار إثارة للحزن وقالت بمرارة:مسرحية مشتركة....إن الأمر كله كابوس!كيف تشعر إذا رأيت شارباً أسود ضخماً على وجه مفتش شرطة رهيب,ثم قيل لك إن هذا هو أنت.
رمش بوارو بجفنيه قليلاً وقال:مثل هذا الاقتراح كابوس حقاً!
_أنت تعرف الآن ما أعانيه.
_وأنا أيضاً أعاني.إن طبخ مدام سمرهيز يجل عن الوصف.إنه ليس طبخاً على الإطلاق!وكذلك تيارات الهواء,الرياح الباردة,والغثيان الذي يصيب القطط,وشعر الكلاب الطويل,وأرجل الكراسي المكسورة,والسرير الفظيع المريع الذي أنام فيه...
ثم أغلق عينيه وهو يتذكر آلامه ومضى قائلاً:الماء الفاتر في الحمام,والثقوب في سجادة الدرج ,والقهوة...إن الكلمات تعجز عن الوصف ذلك السائل الذي يقدمونه لك على أنه قهوة.إنه إهانة للمعدة.
_يا إلهي!ومع ذلك فالمرأة لطيفة للغاية.
_السيدة سمرهيز؟إنها فاتنة.إنها حقاً فاتنة,وهذا ما يزيد المر صعوبة.
_هاهي ذي قادمة.
كانت مورين سمرهيز تقترب منهما,وكانت على وجهها المنمش نظرة نشوة,وقد حملت كأس عصير في يدها.ابتسمت لهما بمحبة وقالت:أحسب أنني مسرورة,فأنا أحب الحفلات فعلاً,ولا تقاوم الحفلات كثيراً في بروديني,أما هذه فلأنكما مشهوران.
ليتني أستطيع الكتابة! مشكلتي أنني لا أتقن القيام بأي شيء بالشكل الصحيح.
قال بوارو:أنت زوجة وأم جيدة يا سيدتي.
فتحت مورين عينيها,عينين عسليتين جميلتين في وجه منمش.وتساءلت أوليفر كم عساه يكون عمرها,وخمنت أنها لا تتجاوز الثلاثين كثيراً.
قالت مورين :أأنا حقاً كذلك؟أشك في هذا.إنني أحبهم جميعاً أشد الحب,ولكن هل يكفي ذلك؟
تنحنح بوارو وقال:أرجو أن لا تعتبري ذلك وقاحة مني يا سيدتي,ولكن الزوجة التي تحب زوجها حقاً يجب أن تهتم كثيراً ببطنه,فالبطن مهم جداً.
بدا وكأن مورين شعرت بالإهانة,وقالت بسخط:إن لجوني بطناً رائعاً,بطناً مستوياً غير بارز,بل إنه لا يملك بطناً على الإطلاق.
_لقد قصدتُ ما يدخل البطن.
_تعني طبخي؟أنا لم أر أبداً أن ما يأكله المرء يهم كثيراً.
دمدم بوارو فيما مضت تقول حالمة :ولا ما يلبسه,أو يفعله.لا أعتقد أن هذه الأمور تعني شيئاً حقاً.
سكتت للحظات وعيناها غائمتان كما لو أنها تنظر إلى الأفق البعيد,ثم قالت فجأة:كانت امرأة تكتب في الصحيفة قبل أيام....رسالة غبية فعلاً.كتبت تسأل ما هو الأفضل:أن تدع طفلك كي يتبناه شخص قادر على أن يوفر له كل الميزات ....نعم ,كل الميزات ...هذا ما قالته,وكانت تعني التعليم الجيد والملابس والبيئة المريحة...أم تحتفظ به وأنت لا تستطيع أن توفر له أية ميزة.أحسب ذلك غباء....غباء حقاً.فإذا ما استطعت أن توفر للطفل ما يكفي لطعامه فهذا كل ما يهم.
ثم نظرت إلى كأسها الفارغة وكأنها قطعة كريستال وقالت: فا تسألني أنا عن ذلك,فقد كنتُ طفلة متبناه,افترقت أمي عني وتوفرت لي كل الميزات (كما يسمونها).ولكن الأمر يؤلم دائماً...دائماً....أن تعرف أنك لم تكن مرغوباً حقاً,وأن أمك تركتك.
قال بوارو:لعل ذلك كان تضحية لمصلحتك.
التقت عيناها الصافيتان بعينيه وقالت:لا أحسب أن ذلك صحيح أبداً.إنها الطريقة التي يبررون الأمر بها لأنفسهم,ولكن المعنى الحقيقي لذلك هو أن بوسعهم الاستمرار من دونك...وهذا يؤلم.ما كنتُ لأتخلى عن أطفالي....ولو كان ذلك مقابل ميزات الدنيا كلها!
قالت السيدة أوليفر:أحسب أنك على حق.
_قال بوارو:وأنا أيضاً,أوفقك الرأي.
قالت مورين بمرح:هذا حسن إذن,ما الذي نتناقش بشأنه؟
قال روبن الذي قدم إلى الشرفة للانضمام إليهم:نعم,ما الذي تتناقشون بشأنه؟
قالت مورين:التبني.أنا لا أحب التبني,هل تحب أنت ذلك؟
قال روبن:حسناً,إنها أفضل بكثير من اليتم,ألا تظنين ذلك عزيزتي؟أعتقد أن علينا أن نذهب الآن,أليس كذلك يا أريادني؟
غادر الضيوف دفعة واحدة,وكان الدكتور ريندل قد اضطر للمغادرة مسرعاً قبلهم.نزلوا التلة معاً يتكلمون بمرح,وعند وصولهم بوابة ليبرنامز أصر روبن على أن يدخلوا جميعاً عنده قائلاً:فقط لنخبر أمي عن الحفلة,فقد كان مملاً جداً بالنسبة للمسكينة أن لا تستطيع الذهاب معنا بسبب رجلها التي أخذت تؤلمها.ولكنها تكره كثيراً البقاء وحيدة معزولة عن مجريات الأمور.
اندفعوا للداخل بمرح وبدت السيدة أبورد سعيدة برؤيتهم.سألتهم:من كان هناك أيضاً؟عائلة ويذربي؟
_لا,لم تكن السيدة ويذري بحالة جيدة,ولم تقبل تلك الفتاة الغبية هندرسنُ القدوم من دونها.
قالت شيلا ريندل:إنها حقاً تثير الشفقة,أليس كذلك؟
قال روبن:أحسب أنها تكاد تكون مريضة,ما رأيك؟
قالت مورين:"والدتها هي السبب.إن بعض الأمهات يكدن يأكلن صغارهن,أليس كذلك؟".ولكنها احمرت خجلاً عندما التقت عيناها بعيني السيدة أبورد المتسائلتين.
سألت السيدة أبورد:أتراني ألتهمك يا روبن؟
_أمي؟كلا بال طبع!
ولتختفي ارتباكها شرعت مورين بسرد وقائع تربيتها الكلاب الصيد الأيرلندية,وبذلك أصبح الحديث فنياً.
قالت السيدة أبورد بشكل جازم:لا يمكنك تفادي تأثير الوراثة....سواء في الناس أوفي الكلاب.
تمتمت شيلا ريندل:ألا تظنين أن البيئة هي الأهم؟

شيهيرو
15-08-2006, 14:47
قاطعتها السيدة أبورد قائلة:أنا لا أظن ذلك يا عزيزتي.إن البيئة توفر غطاء خادعاً لا أكثر,وما يهم هو ما جُبل عليه الناس.
استقرت عينا هيركيول بوراو_باستغراب_على وجه شيلا ريندل المحمر خجلاً.قالت بما بدا عاطفة غير ضرورية:ولكن هذا قاس...ليس عدلاً.
قالت السيدة أبورد:الحياة ليست عادلة.
اشترك جوني سمرهيز بصوته الكسول البطيء في الحديث:أنا أتفق مع السيدة أبورد.إن العرق دساس,كان هذا رأيي دائماً.
قالت السيدة أوليفر متسائلة:أتعني أن الأمور تُورث إلى الجيل الثالث والرابع.
قال مورين سمرهيز_فجأة_بصوتها المرتفع العذب:ولكن الحكمة تقول:"أظهر رحمتك للآلاف".
مرة أخرى,ظهر شيء من الإحراج على الجميع,وربما بسبب المسلك الجاد الذي سلكه النقاش,ولذلك حاولوا الابتعاد عن الموضوع بمهاجمه بوارو:أخبرنا عن السيدة ماغينتي يا سيد بوارو.لماذا لم يكن النزيل النكد هو القاتل؟
قال روبن :لقد اعتاد على الدمدمة بصوت منخفض وهو يمشي في الأزقة.كنتُ أقابله كثيراً,وفعلاً كلن يبدو غريب الأطوار كثيراً.
_لا بد أن لديك سبباً للظن بأنه لم يقتلها يا سيد بوارو.ما هو؟
ابتسم بوارو وفتل شاربه.
_إذا لم يقتلها,فمن الذي قتلها؟
_نعم,من الذي قتلها؟
قالت السيدة أبورد بجفاء:لا تُحرجوا الرجل.رما كان يشك في أحد منا.
_أحد منا,آه!
وفي غمرة الجلبة تلاقت عينا بوارو بعيني السيدة أبورد.كانتا مسرورتين,وفيهما شيء آخر.أكان تحدياً؟
قال روبن بمرح:"إنه يشك في أحد منا".ثم أخذ يقلد صوت محقق شرطة قائلاً:والآن يا مورين,أين كنت ليلة....أية ليلةٍ كانت؟
قال بوراو:الثاني والعشرين من تشرين الثاني(نوفمبر).
_ليلة الثاني والعشرين؟
قالت مورين:يا إلهي,لا أدري.
قالت السيدة ريندل:ليس بوسع أحد أن يعرف بعد كل هذا الوقت.
قال روبن:أ،أنا أعرف,لأنني كنت أذيع في تلك الليلة.لقد ركبت السيارة إلى كولبورت لإلقاء كلمة عن المسرح.أتذكر ذلك لأنني ناقشت مطولاً شخصية خادمة التنظيف في مسرحية"الصندوق الفضي" لغالسورذي,وفي اليوم التالي قُتلت السيدة ماغينتي. وتساءلت إن كانت خادمة التنظيف في المسرحية مثلها.
قالت شيلا ريندل فجأة:هذا صحيح. وقد تذكرتُ الآن,لأنك قلت إن أمك ستكون وحيدة بسبب إجازة جانيت,وجئتُ أنا إلى هنا بعد العشاء لأبقى بصحبتها.ولكن_لسوء الحظ_لم استطع أن أجعلها تسمع صوت الباب.
قالت السيدة أبورد:دعيني أفكر.آه,نعم,بالطبع.كنتُ قد ذهبتُ إلى السرير وأنا أشعر بصداع شديد,وغرفة نومي تواجه الحديقة الخلفية.
قالت شيلا:وفي اليوم التالي,عندما سمعتُ عم مقتل السيدة ماغينتي قلت:"أووه,كان يمكن أن أصادف القاتل في طريقي في الظلمة".....لأننا ظننا جميعاً_في البداية_أن مشرداً قد اقتحم عليها البيت وقتلها دون شك.
قالت مورين:مازلت لا أستطيع أن أذكر ماذا كنت أعمل.ولكني أذكر صباح اليوم التالي,فقد كان الخباز هو الذي أخبرنا بذلك.قال:"لقد قُتلت السيدة العجوز ماغينتي".وكنت أتساءل حينها لماذا لم تظهر كالعادة.
ثم ارتعدت وقالت:إنه أمر فظيع حقاً,أليس كذلك؟
كانت السيدة أبورد مازالت تراقب بوارو.وفكر مع نفسه قائلاً:إنها امرأة ذكية جداً....وقاسية جداً,كما أنها أنانية,وإذا ما أقدمت على فعل شيء_كائناً ما كان_فلت تقف أمام أي وازع أو تحس بأي ندم.
كان صوت حاد يتكلم حاثاً متسائلاً:ألم تصل إلى أية خيوط يا سيد بوارو؟
كان ذلك صوت شيلا ريندل.وتهلل وجه جوني سمرهيز حماسة وقال:هذا هو المهم,الخيوط.هذا ما أحبه في القصص البوليسية ...الخيوط التي تعني كل شيء لرجل التحري,ولا تعني شيئاً للقارئ ....حتى النهاية,حيث تكاد تعض نفسك لعدم انتباهك لأهميتها.ألا تستطيع أن تعطينا خيطاً بسيطاً واحداً يا سيد بوارو؟
التفت نحوه وجوهُ ضاحكة ومستجدية.لقد كانت لعبة بالنسبة لهم جميعاً(ربما باستثناء واحد منهم),ولكن القتل ليس لعبة....القتل أمر خطير.لا يمكن للمرء أن يجزم بشيء أبداً.
وبحركة مفاجئة سريعة,أخرج بوارو أربع صور من جيبة وقال:أتريدون خيطاً؟هاكم!
وبحركة مسرحية ألقى الصور على الطاولة,فتجمهروا حولها وقد أحنوا ظهورهم عبارات الدهشة.
_انظروا!
_يا للنساء المخيفات!
_انظروا إلى الورود.ورود.ورود.علة طول الطريق!
_يا لتلك القبعة!
_وهذه الطفلة المخيفة!
_ولكن من هؤلاء.
_أليست الأزياء سخيفة؟
_لابد أن تلك المرأة كانت جميلة يوماً ما.
_ولكن لماذا تكون هذه الصور خيوطاً؟
_من هم هؤلاء؟
نظر بوراو-ببطء_إلى دائرة الوجوه حوله,ولكنه لم ير شيئاً غير ما هو متوقع.وقال:ألم تتعرفوا على أيٍ منها؟
_نتعرف؟
_لأقل بالأحرى:ألا تذكرون رؤية أي من صاحبات هذه الصور من قبل؟نعم يا سيد أبورد ؟لقد تعرفتِ عل شيء ما,أليس كذلك؟
ترددت السيدة أبورد وقالت:بلى,أظنني...
_أية واحدة منهن؟
استقرت سبابتها على الوجه الطفولي ذي النظارات,وجه ليلي غامبول.
_لقد رأيت هذه الصورة .....متى؟
_منذ عهد قريب تماماً.أين رأيتها؟لا ,لا أستطيع أن أتذكر,ولكني متأكدة من أنني رأيت صورة مثلها تماماً.
ثم جلست عابسة وقد تقطب حاجباها.ولم تستفق من شرودها إلا عندما جاءتها السيدة ريندل قائلة: وداعاً يا سيدة أبورد.آمل أن تأتي لاحتساء الشاي معي يوماً عندما ترغبين بذلك.
_شكراً يا عزيزتي. إذا دفعني روين إلى أعلى التلة.
_بالطبع يا أمي,لقد أصبحت عضلاتي قوية من دفع ذلك الكرسي.هل تذكرين يوم ذهبنا إلى عائلة ويذربي وكانت الأرض موحلة جداَ....
أطلقت السيدة أبودر آهه فجأة,فقال روين :ما الأمر يا أمي؟
_لا شيء,أكمل.
_عندما دفعتُك إلى أعلى التلة,انزلق الكرسي أولا,ثم تزحلقت أنا. ظننتُ أننا لن نصل يومها إلى البيت.
ضحك الجميع واستأذنوا وانصرفوا تباعاً.وفكر بوارو:أكان حكمة أم غباءً أن يعرض تلك الصور؟لم يكن متأكداً,ولكنه تمتم عذراً,ثم استدار عائداَ.
دفع البوابة وفتحها ومشى إلى البيت.ومن النافذة المفتوحة إلى يساره سمع دمدمة صوتين.كانا صوتي روبن والسيدة أ,ليفر.كلام قليلُة للسيدة أوليفر وكثيرُه لروبن.
دفع بوارو الباب ودخل من الباب الأيمن إلى الغرفة التي غادرها قبل لحظات.كانت السيدة أبورد تجلس أمام النار وعلى وجهها نظرة متجهمة,وكانت غارقة في التفكير إلى الحد الذي أجفلها معه دخوله.
عند سماع نحنحته التي أطلقها معتذراً نظرت للأعلى بحدة وقد جفلت,ثم قالت:آه,هذا أنت؟لقد أجفلتني.
_أنا آسف يا سيدتي,أظننت أن القادم شخص آخر؟من ظننته يكون؟
لم تجب عن ذلك,بل اكتفت بالقول:هل تركت شيئاً وراءك؟
_أخشى أن أكون قد تركت ورائي الخطر.
_الخطر؟
_الخطر,ربما عليك أنت,لأنك تعرفت_فبل قليل_على إحدى تلك الصور.
_ما كنت لأقول"تعرفت",فكل الصور القديمة تبدو متشابهة تماماً.
_اسمعيني يا سيدتي.لقد تعرفت السيدة ماغينتي أيضاً على واحدة من تلك الصور......أو أن هذا ما أعتقده.والسيدة ماغينتي ميتة.
وبومضة فكاهة غير متوقعة في عينيها,قالت السيدة أبورد:السيدة ماغينتي ميتة,كيف ماتت؟بدس أنفها كما أفعل أنا,كما تقول أغنية الأطفال.أهذا ما تعنيه؟
_نعم.إذا كنت تعرفين شيئاً.....أي شيء كان,فأخبرني الآن,فسوف يكون ذلك أكثر أمانا.
_يا سيدتي العزيز,الأمر ليس بهذه البساطة.لست متأكدة أبداً من معرفتي لشيء....وليس لدى_بالتأكيد_ ما أعرفه كحقيقة لا يخامرها الشك.إن الذكريات المبهمة مسألة خادعة.سيتعين على المرء أن يعرف كيف وأين ومتى,إن كنت تفهم قصدي.
_ولكن يبدو لي أن لديك مثل هذه المعرفة بالفعل.
_الأمر يتطلب أكثر من ذلك,؟إذا توجد عوامل مختلفة يجب أخذها بعين الاعتبار.ليس من المفيد استعجالك لي بالكلام يا سيد بوارو.لست من الأشخاص الذين يندفعون في اتخاذ القرارت. إن لدى عقلي الخاص,وأنا آخذ وقتي في اتخذا القرار,وعندما أصل إلى قرار أتصرف.ولكن ليس قبل أن أستعد لذلك.
_أنت امرأة متكتمة بأكثر من معنى يا سيدتي.
_ربما ....إلى درجة معينة.إن المعرفة قوة,والقوة يجب أن لا تُستخدم إلا للأهداف الصحيحة.اعذرني إذا قلت إنك ربما لا تُقدر نمط حياتنا الريفية الإنكليزية.
_أي أنك تقولين لي بعبارة أخرى:"ما أنت سوى أجنبي مغفل".
ابتسمت السيدة أبورد قليلاً وقالت:ما كنتُ لأكون بهذه الوقاحة.
_إذا كنت لا ترغبين بالحديث إلي,فماذا عن المفتش سبنس؟
_يا عزيزي السيد بوراو,لا نريد الشرطة!ليس في هذه المرحلة.
رفع بوارو كتفية بلا لا مبالاة وقال:لقد حذرتك.
ذلك أنه كان متأكداً أن السيدة أبورد قد تذكرت الآن تماماً وبالضبط متى وأين رأت صورة ليلي غامبول.

شيهيرو
15-08-2006, 14:50
الفصل الرابع عشر

قال هيركيول بوارو لنفسه صباح اليوم التالي :من المؤكد أن الربيع يصبح جميلاً هنا.
بدت المخاوف التي راودته ليلة أمس غير مبررة,فقد كانت السيدة أبورد امرأة عاقلة يمكنها الاعتناء بنفسها جيداً.ومع ذلك فقد أسرت اهتمامه بطريقة غريبة.لم يفهم ردود أفعالها على الإطلاق,ومن الواضح أنها لم ترد له أن يفهم.لقد تعرفت على ليلي غامبول وكانت عازمة على أن تتصرف بمفردها.
وبينما كان بوارو يقطع ممراً في الحديقة متابعاً هذه التأملات فاجأه من الخلف:سيد بوارو.
كانت السيدة ريندل قد اقتربت منه بهدوء لم يسمعها معه.كان يشعر بعصبية بالغة منذ يوم أمس.قال:عذراً يا سيدتي,لقد أجفلتني.
ابتسمت السيدة ريندل بطريقة آلية,ورأى بوارو أنه إذا كان هو متوتر الأعصاب فإن السيدة ريندل أكثر منه توتراً.كان في أحد جفنيها تغضن,ويداها لا تنفكان تتشابكان بتململ.قالت:أرجو......أرجو أن لا أكون قد قاطعتك.ربما كنت مشغولاً.
_لا,لستُ مشغولاً.هذا اليوم جميل.إنني أستمتع بجمال الربيع,فجميل أن يخرج المرء للهواء الطلق,وفي منزل السيدة سمرهيز يوجد دوماً تيار هوائي.
_نعم,نعم.أحسب أن به تيارات هوائية.
_النوافذ لا تُغلق أبداً,والأبواب لا تنفك تنفتح طوال الوقت.
_إنه بيت مهلهل بعض الشيء,وعائلة سمرهيز مُعوزة طبعاً بحيث لا يستطيعون إصلاحه.لو كنت مكانهم لتركته.أعرف أنه إرث العائلة لمئات السنين,ولكنك لا تستطيع_في أيامنا هذه_أن تتعلق بالأشياء لأسباب عاطفية فقط.
_نعم,لم نعد عاطفيين هذه الأيام.
ساد شيء من الصمت,وراقب بوارو_بطرف عينيه_ تلك اليدين البيضاوين المرتبكتين,وانتظر منها هي أن تبادر.وعندما تكلمت كان ذلك على نحو مفاجئ.قالت:
أحسب أنك عندما ...عندما تحقق في أمر ما,تكون لديك دوماً ذريعة,أليس كذلك؟
فكر بوارو في سؤالها.ورغم أنه لم ينظر إليها,ألا أنه كان مدركاً تماماً لنظرتها الجانبية المتلهفة المُركزة عليه.أجابها بصورة لا تنم عن موقف:كما تقولين يا سيدتي,فهذا مدعاة لراحة المرء.
_أعني لشرح سبب وجودك في مكان ما و......وطرح الأسئلة.
_قد يكون ذلك مفيداً.
_لماذا.......لماذا أنت حقاً هنا في بروديني يا سيد بوارو؟
التفت إليها بنظرة فيها القليل من الدهشة قال:يا سيدتي العزيزة!لقد أخبرتك.لأحقق في موت السيدة ماغينتي.
قالت السيدة ريندل بحدة:أعرف أن هذه ما تقوله,ولكن هذا سخيف.
رفع بوارو حاجبيه وقال:أحقاً؟
_بالطبع.لا أحد يصدق ذلك.
_ومع ذلك فأنا أؤكد لك أنها الحقيقة أكيدة.
رمشت عيناها الزرقاوان الشاحبتان ونظرت بعيداً وقالت:لن تخبرني.
_أخبرك......بماذا يا سيدتي؟
وبدا أنها غيرت الموضوع على نحو مفاجئ مرة أخرى:أردت أن أسالك ...عن الرسائل المغفلة من التوقيع ؟
قال بوارو مشجعاً إذ توقفت عن الكلام:نعم.
_إنها تكون دائماً أكاذيب,أليس كذلك؟
قال بوارو بحذر:أحياناً تكون كذلك.
أصرت قائلة:بل دائماً.
_لا أعرف إذا كان بإمكاني أن أذهب إلى هذا الحد؟
قالت شيلا ريندل بحماسة:إنها وسائل جبانة وغادرة ووضيعة.
_كل ذلك,نعم.أوافقك الرأي.
_ولا يمكن أن تصدق ما قيل في واحدة منها,أليس كذلك؟
قال بوارو بجدية:هذا سؤال صعب جداً.
قالت :"أنا لا أصدقها. ما كنتُ لأصدق شيئاً من هذا القبيل".ثم أضافت بحماسة:أنا اعرف لماذا أنت هنا....ولكن الأمر ليس صحيحاً,تأكد أنه ليس صحيحاً.
ثم استدارت بحدة ومشت بعيداً.ورفع بوارو حاجبيه باهتمام وسأل نفسه:والآن ماذا ؟هل يجري خداعي؟أم أن هذا طائر من نوع آخر؟شعر بأن الأمر كله مُربك تماماً.
لقد زعمت السيدة ريندل بأنها ترى أنه جاء إلى هنا لسبب آخر غير التحقيق في موت السيدة ماغينتي,وألمحت إلى أن ذلك مجرد ذريعة له.أهي تؤمن حقاً بذلك؟أم أنها تحاول تضليله كما قال لنفسه تواً؟ما علاقة الرسائل المجهولة المصدر بهذا الأمر؟أكانت السيدة ريندل صاحبة الصورة التي قالت السيدة أبورد إنها رأتها مؤخراً؟
وبعبارة أخرى:هل السيدة ريندل هي ليلي غامبول؟ إن آخر ما سُمع عن ليلي غامبول (التي أعيد تأهيلُها في المجتمع)هو أنها في أيرلندا.هل قابل الدكتور ريندل زوجته هناك وتزوجها وهو يجهل تاريخها؟لقد تدربت ليلي غامبول على الاختزال,ومن السهل جداً أن تلتقي طريقها وطريق الدكتور ريندل.
هز بوارو رأسه وتنهد.كان هذا كله ممكناً جداً,ولكن عليه أن يتأكد.هبت ريح باردة فجأة واختفت الشمس,فارتعش بوارو وقفل عائداً على البيت.
نعم,عليه أن يتأكد.لو يستطيع_فقط_العثور على السلاح الفعلي للجريمة...
وفي تلك اللحظة,وبشعور غريب باليقين ......رآه.
*************
تساءل بوارو لا حقاً إن كان قد رأى أولا حظ _لا شعورياً_وجود تلك الأداة من قبل,إذ يُفترض أنها كانت موضوعة هناك منذ أن أتي إلى لونغ ميدوز.هناك,على ظهر خزانة الكتب المليء بالأوساخ بمحاذاة النافذة.
فكر بوارو:لماذا لم ألحظها أبداً من قبل؟
أخذها ووزنها في يديه,تفحصها,وازنها,رفها ليضرب......ودخلت مورين من الباب بمندفعة كالعادة وقالت بصوتها الودود المرح:مرحباً,هل تلعب بقطاعة السُكر؟
_أهي كذلك؟قطاعة سُكر؟
_نعم,قطاعة سكر.....أ, مطرقة سكر.لا أعرف اسمها بالضبط.إنها مضحكة حقاً,أليس كذلك؟مع هذا الشكل الطفولي لعصفور في أعلاها.
قلب بوارو الأداة بحرص بين يديه.إنها مصنوعة من النحاس كثير الزخرفة,ومصممة على شكل مطرقة ثقيلة,ولها حافة قاطعة حادة.كانت مُرصعة هنا وهناك بحجارة ملونة بالأزرق الفاتح والأحمر,وقد زُينت في أعلاها بطائر صغير ذي عينين بلون الفيروز.
قالت مورين على سبيل التحدث:"إنها شيء رائع للقتل,أليس كذلك؟".ثم أخذت الأداة منه ووجهت ضربة قاتلة على نقطة في الفراغ وقالت:أمر سهل جداً.أحسب أن بإمكانك ضرب أي شخص على دماغة بهذه الأداة,أليس كذلك؟

شيهيرو
15-08-2006, 14:51
نظر بوارو إليها.كان وجهها المنمش هادئاً مبتهجاً.قالت:أخبرت جوني بما سيحدث له إذا سئمت منه.....أنا أسميها أفضل صديق للزوجة!
ثم ضحكت ووضعتها ومضت باتجاه الباب.ثم ما لبثت أن سألت نفسها:لماذا أتيتُ إلى هنا؟لا أذكر هنا.....ولماذا أهتم؟!الأفضل أن أذهب لأرى إذا كانت الفطيرة بحاجة إلى المزيد من الماء في الإناء.
أوقفها صوت بوارو قبل أن تصل إلى الباب:لعلك أحضرت هذه معك من الهند؟
_لا,لقد اشتريتها من "سوق التبادل"في عيد ميلاد.
قال بوارو مدهوشاً:"سوق التبادل"؟!
شرحت مورين بطلاقة قائلة:إنه سوق يأتي إليه الناس عادة بما لا يحتاجونه ويشترون أشياء أخرى بالمقابل,أشياء لا تكون مستهلكة جداً.لقد أحضرت هذه وإبريق القهوة.يعجبني فم إبريق القهوة وأعجبني كثيراً الطائر الصغير الذي يعلو المطرقة.
كان إبريق القهوة صغيراً من نحاس مطروق وكان له فم معقوف كبير بدا مألوفاً لبوارو.قالت مورين:أظن أن هذه تأتي من بغداد.أ, أن هذا ما أحسب أن عائلة ويذربي قالته.أو ربما كان من إيران.
_هل أتت هذه الأشياء من بيت ويذربي إذن؟
_نعم.إن لديهم مخزوناً هائلاً من الخردة.يجب أن أذهب من أجل الفطيرة.
خرجت وصفقت الباب خلفها.التقط بوارو قطاعة السكر وذهب إلى النافذة تحت الضوء,وعلى حافة القطاعة الحادة ظهرت بشكل باهت(بل باهت جداً) بعض الألوان.وأومأ بوارو برأسه.
تردد لحظة,ثم حمل قطاعة السكر من تلك الغرفة إلى الغرفة نومه,وهناك وضعها_بعناية_في صندوق ولف الصندوق كله في ورق وربطها بخيط,ثم نزل وغادر البيت.
لم ير أن أحد سيلاحظ اختفاء قطاعة السكر,فلم يكن البيت مرتباً على الإطلاق.
***************

كان العمل المشترك في المسرحية يسير بصعوبة في ليبرنامز.وكان روبن يحتج قائلاً:ولكنني لا أرى من الصواب حقاً أن نجعله نباتياً يا عزيزتي,فهذا يوحي بكثير من التعسف في مسألة اختيار الطعام,وهو يخلو بالتأكيد من البريق.
قالت السيدة أوليفر بإصرار:لا أملك غير ذلك.لقد كان دائماً نباتياً,وهو يحمل معه آلة صغيرة لتقشير الجزر واللفت.
_ولكن لماذا يا عزيزتي أريادني؟
أجابت السيدة أوليفر بنزق:كيف لي لأن أعرف؟كيف لي أن أعرف لماذا فكرت أصلاً في الرجل الثائر؟لا بد أنني كنت مجنونة!لماذا أختارُ فنلنديا وأنا لا أعرف شيئاً عن فنلنديا؟ولماذا يكون نباتياً؟ولماذا كل النزوات السخيفة التي يتصف بها؟هذه الأشياء تحدث هكذا.تجرب شيئاً ويحبه الناس فتستمر به.....وقبل أن تعرف موقع قدميك تجد أن شخصاً مثل سفين جيرسُن قد ارتبط بشخصك للأبد.و للأنكى أن الناس يكتبون ويقولون:"كم أنت مولعة بهذه الشخصية دون ريب".مولعة به؟لو قدر لي أن أقابل ذلك الفنلندي النحيل النباتي في واقع الحياة لارتكبت بحقه جريمة قتل أفضل من كل ما كتبت!
حملق روبن أبورد بها باحترام وقال:أتعلمين يا أريادني,يمكن أن تكون هذه فكرة رائعة.سفين جيرسُن حقيقي....وتقومين أنت بقتله.بإمكانك أن تجعلي منها عملك الأدبي الأخير,وتنشر بعد موتك.
_لا تخف!وماذا بشأن المال؟إن أية أموال تُجني من جرائم القتل إنما أريدها الآن.
_نعم,نعم.أتفق معك تماماً.
خطا كاتب المسرح المرهق جيئة وذهاباً وقال:إن إنغريد هذه قد أصبحت مُتعبة بعض الشيء,وبعد مشهد الزنزانة_الذي سيكون رائعاً بالفعل)لا أدري كيف سنمنع المشهد التالي من أن يُشكل هبوطاً في تطور أحداث المسرحية.
بقيت السيدة أوليفر صامتة,وشعرت أن المشاهد هي داء روبن أبورد,وأطلق روبن نظرة استياء عليها.
في ذلك الصباح,ونتيجة واحدة من التغيرات الكثيرة التي تطرأ على مزاج السيدة أوليفر,كرهت تسريحة شعرها الرمادي بشكل أملس ملتصق بجمجمتها.وبجبهتها العالية,ونظاراتها الضخمة,ومنظرها الصارم,كانت تُذكر روبن بمًدرسة روعت فترة شبابه.وجد أن من الصعب مخاطبتها بقوله:"يا عزيزتي",بل إنه أحجم عن مناداتها باسمها الأول أريادني.
قال باضطراب:أنا لا أشعر برغبة في العمل هذا اليوم.لندع العمل جانباً ونبدأ البحث في مسألة توزيع الأدوار.لو استطعنا إعطاء الدور لدنيس كالوري سيكون المر رائعاً بالطبع,ولكنه مرتبط بالأقلام هذه الأيام.وسيكون من المناسب تماماً إسناد دور إنغريد لجين بيلوز.......وهي تريد لعب هذا الدور,وهو أمر رائع.أما بخصوص إيريك,فإن لدي فكرة رائعة له.سنذهب إلى المسرح الدائم الصغير هذه الليلة,أليس كذلك؟وستقولين لي رأيك بشأن ملاءمة سيسيل للدور.
وافقت السيدة أوليفر متفائلة على مشروعه وذهب روبن لإجراء مكالمة تيلفونية.وحين عاد قال:لقد تم ترتيب كل شيء.
***************
لم يف الصباح الجميل بما كان يُؤمل منه,فقد تكاثرت الغيوم وبدا النهار ثقيلاُ يُنذر بسقوط المطر,وبينما كان بوارو يمشي بين الشجيرات الكثيفة ليصل إلى الباب الأمامي لمنزل هنتر كلوز قرر أنه ما كان ليحب العيش في هذا الوادي الفارغ في أسفل التلة.كان البيت نفسه محاطاً بالأشجار,وكان اللبلاب يُطبق على جدرانه تماماً.ورأى بوارو أن البيت بحاجة إلى فأس حطاب.
ضغط على جرس الباب,وعندما لم يتلق جواباً ضغط مرة أخرى.كانت ديردرا هندرسُن هي التي فتحت الباب,وبدت عليها الدهشة قالت:آه,أهذا أنت؟
_هل أستطيع الدخول والحديث معك؟
_أنا....حسناً,نعم.أظن ذلك.
قادته إلى غرفة الجلوس الصغيرة المظلمة حيث انتظر سابقاً,وعلى رف الموقد تعرف بوارو على الأخ الأكبر لإبريق القهوة الصغير الموجود على رف مورين.بدا وكأن الفم المعقوف الضخم للإبريق يسيطر على الغرفة الغربية الصغيرة موحياً بضراوة الشرق.
قالت ديردرا بنبرة اعتذار:أخشى أن تجدنا منزعجين قليلاً اليوم.إن خادمتنا,الفتاة الألمانية,مغادرة.لم يمر علة وجودها هنا أكثر من شهر واحد,ويبدو_عملياً_أنها لم تتول هذه الوظيفة إلا بهدف الوصول إلى هذه البلدة لأنها تريد الزواج بشخص هنا,وقد رتب الاثنان الأمر الآن,ولذلك ستغادر الليلة.
أظهر بوارو أسفة وقال:هذا لا مبالاة فظيعة.
_إنها كذلك.وزوج أمي يقول إن هذا غير قانوني,ولكن حتى لو كان ذلك غير قانوني,ماذا عسى المرء أن يفعل إذا ذهبت وتزوجت؟بل ما كنا لتعرف أنها ذاهبة لو لم أعثر عليها تحزم ملابسها.كان من شأنها أن تخرج من البيت دون قول أية كلمة.
_إن هذا _للأسف_ليس زمن مراعاة مشاعر الآخرين.
قالت ديردرا بفتور:"نعم,لا أظنه كذلك".ثم فكت جبهتها بظاهر يدها وقالت:إنني متعبة.....متعبة جداً.
قال بوارو بلطف:نعم,ربما كنت متعبة جداً فيما أظن.
_ما الذي كنت تريده يا سيد بوارو؟
_أردت أن أسالك عن مطرقة للسكر.
_مطرقة سكر؟
كان وجهها خالياً من أي تعبير,لا يوحي بفهم شيء.
وصف بوارو الأداة بعناية قائلاً:أداة من النحاس الصفر,عليها عصفور,ومزينة بحجارة خضراء وحمراء.
_آه,نعم......أعرف.
لم يظهر على صوتها أي اهتمام أو حيوية.قال بوارو:فهمت أنها أخذتها إلى مزاد البيع.
_البيع المتبادل,أليس كذلك؟
_بلى,كثيراً ما يحدث هذا هنا.
_إذن فقد كانت هنا,في هذا البيت,حتى عيد الميلاد,ثم أرسلتموها إلى ذلك السوق؟هل هذا صحيح؟
قطبت ديردرا جبينها وقالت:لا,لم يكن ذلك في سوق عيد الميلاد,بل في السوق السابق له,الذي حدث في مهرجان الحصاد.
_مهرجان الحصاد......متى يكون ذلك عادة؟
_أواخر أيلول(سبتمبر).
كان الهدوء يخيم على الغرفة الصغيرة.نظر بوارو إلى الفتاة التي نظرت بدورها إليه,وكان وجهها هادئاً خالياً من أي تعبير أو اهتمام.حاول بوارو أن يخمن ماذا يدور خلف هذا الجدار الظاهر من اللامبالاة.ربما لم يكن شيء,وربما كانت متعبة فقط,كما قالت.
قال بهدوء وإلحاح:أأنت متأكدة تماماً من أن بيعها كان في مهرجان الحصاد وليس في عيد الميلاد؟

شيهيرو
15-08-2006, 14:54
_متأكدة تماماً.
كانت عيناها ثابتتين لا ترفاً.وانتظر بوارو,واستمر الانتظار,ولكن ما كان ينتظره لم يأت.وأخيراً قال بشكل رسمي:لا يجدر بي أن أشغلك أكثر من هذا يا آنسة.
رافقته إلى الباب الأمامي.وبسرعة ما كان يسير في الممشى مرة أخرى.
إفادتان مختلفتان ....إفادتان لا يمكن التوفيق بينهما.أيهما هي الصحيحة؟إفادة مورين سمرهيز أم ديردرا هندرسُن؟إذا كانت قطاعة السكر قد استخدمت كما رأى هو,فإن النقطة الجوهرية.لقد كان مهرجان الحصاد في أواخر أيلول( سبتمبر),وبين ذلك الوقت وعيد الميلاد,قُتلت السيدة ماغينتي في الثاني والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر).من كان يمتلك قطاعة السكر تلك في ذلك الحين؟
ذهب إلى مكتب البريد.لقد كانت السيدة سويتيمان دائماً متعاونة وتبذل ما في وسعها.
قالت إنها حضرت كلا السوقين كدأبها دائماً(لأن المرء يجد الكثير من الأغراض المفيدة هناك),وقد ساعدت أيضاً في ترتيب الأشياء قبل الافتتاح السوق,رغم أن معظم الناس يأتون بالأشياء معهم ولا يرسلونها مسبقاً.
مطرقة نحاسية,تشبة الفأس و بها حجارة ملونة,وفوقها عصفور صغير؟لا ,لا تستطيع تذكر ذلك.كان هناك أشياء كثيرة,وكان هناك فوضى,وقد تم أخذ بعض الأشياء في الحال.حسناً,ربما تتذكر شيئاً من هذا القبيل.....سُعرت بخمسة شلنات,مع إبريق قهوة نحاسي,ولكن الإبريق مثقوب من الأسفل ولا يمكن استخدامه إلا للزينة.
ولكنها لا تستطيع أن تتذكر متى كان ذلك.منذ زمن ....ربما كان في عيد الميلاد وربما قبل ذلك...لم تلاحظ.
أخذت الطرد من بوارو وقالت :بريد مسجل؟
_نعم.
نسخت العنوان,وقد لحظ وميض اهتمام في عينيها السوداوين اللامعتين عندما ناولته الفاتورة.
مشى هيركيول بوارو بطيئاً إلى أعلى التلة متسائلاً في نفسه.واحدة من الاثنتين.كانت مورين سمرهيز ذات التفكير المشتت,المرحة,غير الدقيقة,هي التي يُحتمل منها الخطأ أكثر من الأخرى. فمن شأن الحصاد وعيد الميلاد أن يعنيا نفس الشيء بالنسبة لها.
ديردرا هندرسُن,البطيئة,الخرقاء,يُرجح كثيراً أن تكون أكثر دقة في تحديد الأوقات والتواريخ.
ومع ذلك السؤال المُلح.لماذا لم تسأله بعد كل أسئلته لماذا يري أن يعرف؟من المؤكد أنه سؤال طبيعي,بل حتمي؟
ولكن ديردرا هندرسُن لم تطرحه.

شيهيرو
15-08-2006, 14:56
الفصل الخامس عشر


نادت مورين من المطبخ عند دخول بوارو إلى البيت:لقد اتصل بك شخص ما.
_اتصل بي؟من عساه يكون؟
ظهر عليه شيء من الدهشة.
_لا أعرف,ولكنني كتبت الرقم على دفتر التموين.
_شكراً يا سيدتي .
ذهب إلى المكتب في غرفة الطعام,وبين الأورق المبعثرة وجد دفتر التموين ملقى بجانب الهاتف وقد كُتب عليه:كيلشستر350.
رفع السماعة الهاتف وأدار القرص على الرقم المطلوب,وجاءه على الفور صوت امرأة تقول:بريذر و سكاتل.
خمن بوارو تخميناً سريعاً وقال:هل لي أن أتكلم مع الآنسة مود ويليامز؟
بعد انتظار لحظة أجابه صوت رنان: آنسة ويليامز تتكلم.
_أنا هيركيول بوارو.أظنك طلبتني.
_نعم,نعم.لقد فعلت.اتصلتُ بشأن الأرض التي سألتني عنها قبل أيام.
_الأرض؟
شعر بوارو بالحيرة للحظة,ثم أدراك أن أحدهم سمع محادثة الآنسة مود,ولعلها طلبته سابقاً عندما كانت وحدها في المكتب.قال:أظن أنني أفهمك.إنها مسألة جيمس بنتلي ومقتل السيدة ماغينتي.
_هذا صحيح.هل بإمكاننا أن نقوم بأي شيء في هذا الأمر؟
_أنت تريدين لمساعدة.ولست بمفردك حيث أنت؟
_هذا صحيح.
_أفهم هذا.استمعي جيداً,أتريدين حقاً مساعدة جيمس بنتلي؟
_نعم.
_هل أنت مستعدة لترك عملك الحالي؟
قالت دون أي تردد:نعم.
_هل تقبلين العمل في وظيفة منزلية؟وربما مع أناس ليسوا ودودين؟
_نعم.
_هل تستطيعين الخلاص من عملك في الحال؟في الغد,مثلاً؟
_نعم يا سيد بوارو.أحسب أنني أستطيع تدبير ذلك.
_أتعرفين ما أريد منك.ستكونين خادمة منزلية.....تعيش في المنزل.هل تستطيعين الطبخ؟
بدا في نبرتها شيء من الاستمتاع وهي تقول:بشكل جيد جداً.
_يا إلهي,يا لك من نادرة!والآن استمعي جيداً,أنا قادم إلى كيلشستر في الحال.سوف أقابلك في نفس المقهى الذي قابلتك فيه من قبل,على الغذاء.
_نعم,بالتأكيد.
أغلق بوارو الخط,وفكر قائلاً لنفسه:إنها فتاة تستحق الإعجاب,سريعة في ذكائها,وتعرف ماذا تريد.بل ربما استطاعت الطبخ أيضاَ.
وبصعوبة أخرج دليل الهاتف المحلي من تحت كتاب عن تربية الدجاج وأخرج رقم عائلة ويذربي.
كان صوت الذي رد عليه هو صوت السيدة ويذربي:آلو؟
_أنا السيد بوارو.أتذكرين يا سيدتي.....
_لا أظنني.....
_هيركيول بوارو.
_آه,نعم,بالطبع.أرجو المعذرة,إننا في وضع منزلي مضطرب هذا اليوم.
_لهذا السبب اتصلت معكم.لقد تأثرت كثيراً لمعرفتي بالمشكلات التي تواجهونها.
_إن هؤلاء الفتيات الأجنبيات ناكرات للجميل تماماً.إن أجرتها مدفوعة وكل شيء متوفر.إنني أمقت نكران الجميل.
_نعم,نعم. أنا أتعاطف معكم فعلاً,إنه أمر قبيح,ولهذا أسرعت لإخباركم بأن لدي حلاً,فقد عرفتُ_بمحض المصادفة_فتاة تبحث عن وظيفة كخادمة.ولكني أخشى أن لا تكون كاملة التدريب.
_آه,لا يوجد تريب أصلاً في هذه الأيام.هل تطبخ....فالكثيرات منهن لا يطبخن.
_نعم,نعم,إنها تطبخ. هل أرسلها لك....على الأقل تحت التجربة؟إن اسمها مود ويليامز.
_أرسلها من فضلك يا سيد بوارو,هذا لطف كبير منك.أي شيء أفضل من لاشيء.إن زوجي كثير التطلب,وينزعج كثيراً من العزيزة ديردرا عندما لا تجري الأمور في البيت بشكل سلس.لا يستطيع المرء أن يتوقع من الرجال أن يتفهموا مدى صعوبة الأشياء هذه الأيام.إنني.........
حدثت مقاطعة لكلامها.تكلمت السيدة ويذربي إلى الشخص دخل الغرفة,ورغم أنها وضعت يدها على سماعة الهاتف إلا أن بوارو استطاع سماع كلماتها المكتومة قليلاً:إنه ذلك المحقق الصغير......يعرف فتاة يمكن أن تأتي لتحل محل فريدا,لا,ليست أجنبية ....إنكليزية لحسن الحظ.هذا لطف منه....يبدو مهتماً تماماً بشأني.آه,عزيزتي,لا تبدي اعتراضات.ماذا يهم ذلك؟أنت تعرفين الحالة السخيفة التي تصيب روجر,حسناً,أحسب أن هذا لطف منه....لا أظنها ستكون سيئة.
وبانتهاء الكلام الجانبي,تكلمت السيدة ويذربي بكل امتنان:شكراً جزيلاً يا سيد بوارو,
نحن فعلاً ممتنون لك.
وضع بوارو سماعة الهاتف ونظر إلى ساعته,ثم ذهب إلى المطبخ وقال لمورين:لن أحضر الغذاء يا سيدتي.يجب أن أذهب إلى كيلشستر.
_الحمد الله.لم أصل إلى تلك الفطيرة في الوقت المناسب,وقد احترقت.لا أحسب أن بها بأساً,ربما احترقت قليلاً فقط.إذا كان طعمها سيئاً سأقوم بفتح زجاجة من ذلك التوت الذي عبأته في الصيف الماضي.يبدو عليه القيل من العفن في الأعلى,ولكنهم يقولون هذه الأيام إن هذا لا يهم,بل إنه جيد بالنسبة لك....فهو عملياً بنسلين.
غادر بوارو البيت سعيداً لأن الفطيرة المحترقة وأشباه البنسلين لم تكن من نصيبه ذلك اليوم.من الأفضل......من الأفضل كثيراً أن يأكل المعكرونة والكاسترد والخوخ في مطعم بلو كات من أن يتحمل اجتهادات مورين سمرهيز.
في ليبرنامز,حدث احتكاك بسيط.
_بالطبع يا روبن,لا يبدو أنك تتذكر شيئاً وأنت تعمل في مسرحية.
كان الندم ينهش روبن.قال:أنا آسف جداً يا أمي,لقد نسيت تماماً أنها ليلة إجازة جانيت.
قالت السيدة أبورد ببرود:هذا لا يهم على الإطلاق.
_بل يهم بالطبع.سأتصل بالمسرح وأخبرهم أننا سنذهب ليلة الغد بدلاً من الليلة.
_لن تفعل شيئاً كهذا.لقد رتبت للذهاب هذه الليلة وهذا ما ستقوم به.
_ولكن....
_انتهى الأمر.
_هل أطلب من جانيت أن تأخذ إجازتها في غير هذه ا لليلة؟
_كلا بالتأكيد.إنها تكره فساد خططها.
_أنا متأكد أنها لن تمانع.ليس إذا أوضحت لها.....
_لن تفعل شيئاً من ذلك يا روبن.من فضلك لا تزعج جانيت بذلك,ولا تبالغ في طرح الموضوع.لا أريد أن أشعر أنني عجوز مُتعبة تفسد على الآخرين متعتهم.
_يا أمي الغالية!
_هذا يكفي....اذهبا ومتعا نفسيكما.أعرف من الذي سأدعوه لصحبتي.
_من؟
قالت السيدة أبورد وقد عادت إليها دعابتها:هذا سري الخاص,والآن كفاك إلحاحاً يا روبن.
_سأتصل بشيلا ريندل.
_سأقوم باتصالاتي بنفسي,شكراً,انتهى الموضوع.جهز القهوة قبل أن تذهب واتركها في الغلاية الكهربائية بجانبي كي أغليها عند الطلب.آه,ومن الأفضل أن تضع كوباً إضافياً.....تحسباً لوجود زائر.


الفصل السادس عشر
على مائدة الغداء في مطعم بلو كات أكمل بوارو تحديد تعليماته لمود ويليامز:أتعرفين الآن ما عليك البحث عنه؟
أومأت مود ويليامز برأسها بالإيجاب.
_هل رتبت الأمور مع مكتبك؟
ضحكت وقالت:عمتي مريضة للغاية!لقد أرسلت لنفسي برقية بذلك.
_جيد.شيء أخر أريد قوله.في مكان ما في تلك القرية يوجد قاتل طليق,وهذا أمر لا يُشعر بالاطمئنان.
_أتحذرني؟
_نعم.
_أستطيع الاعتناء بنفسي.
_يمكن أن يُصنف هذا تحت عنوان:"آخر الكلمات الشهيرة".
ضحكت مرة أخرى,وكانت ضحكة مرحة عالية بحيث استدار رأس أ,اثنان من الموائد القريبة للنظر إليها.
وجد بوارو نفسه يقوّم الفتاة بحذر. إنها شابة قوية,واثقة من نفسها,مفعمة بالحيوية,تواقة للقيام بمهمة خطيرة,لماذا؟فكر ثانية بجيمس بنتلي,صوته الهادئ المهزوم ولامبالاتة الباهتة.إن أذواق الناس حقاً مثيرة للفضول والاهتمام!
قالت مود:أنت تطلب مني أن أقوم بالأمر,أليس كذلك؟لماذا تحاول فجأة أن تخوفني منه؟
_لأن المرء إذا عرض على أحد مهمة ما فيجب أن يكون دقيقاً في عرض ما تنطوي عليه.
قالت مود بثقة:لا أظن أنني في خطر.
_ولا أنا لا أظن ذلك حالياً,فأنت غير معروفة في بروديني.
فكرت مود ثم قالت:نعم,نعم.أظن ذلك.
_هل سبق أن زرتها؟
_مرة أو اثنتين ....لصالح الشركة بالطبع.آخرها منذ نحو خمسة أشهر.
_من رأيت هناك وأين ذهبت؟
_ذهبت لرؤية سيدة عجوز(السيدة كارستيرز أو كارليسل,لا أتذكر تماماً).كانت تنوي شراء عقار صغير هنا,وذهبت إليها مع بعض الأوراق والاستفسارات وتقرير المساح الذي أحضرناه لها.وكانت تقيم في بيت الضيافة حيث تقيم أنت.
_في لونغ ميدوز؟
_نعم.بيت غير مريح الشكل,به كلا بكثيرة.
أومأ بوراو برأسه وقال:هل رأيت السيدة سمرهيز أو الميجر سمرهيز؟
_لقد رأيت السيدة سمرهيز فيما أظن,وقد رافقتني إلى غرفة النوم حيث كانت العجوز في السرير.
_هل من شأن السيدة سمرهيز أن تتذكرك؟
_لا أظن ذلك.وحتى لو حدث هذا فلا يهم,أليس كذلك؟فالمرء_في نهاية الأمر_يغير وظيفته باستمرار هذه الأيام.ولكني لا أحسبها نظرت إلي.إنها ليست من ذلك النوع الذي يهتم.
كانت في صوت مود ويليامز نبرة مرارة خفيفة.
_هل رأيت أي شخص آخر في بروديني؟
قالت مود بخرق:لقد رأيت السيد بنتلي.
_آه,رأيت السيد بنتلي.بمحض المصادفة.
تململت مود قليلاً وهي جالسة على الكرسي وقالت:لا.الحقيقة أنني كنت قد أرسلت له بطاقة بريدية تخبره بقدومي ذلك اليوم,وطلبت منه أن يقابلني.وحقيقة الأمر أننا فقط تكلمنا عند محطة الحافلات بينما كنت أنتظر الحافلة التي تعيدني إلى هنا.
_هل كان ذلك قبل وفاة السيدة ماغينتي؟
_نعم,ولكن ليس قبل وفاتها بكثير.فبعد بضعة أيام فقط كان الخبر في جميع الجرائد.
_هل تكلم معك السيد بنتلي عن مالكة بيته؟
_لا أظن ذلك.
_ألم تتكلمي مع أحد سواه في بروديني؟
_مع السيد روبن أبورد فقط.كنتُ قد سمعته يتكلم بالمذياع,وقد رأيته خارجاً من بيته فعرفته من صوره,وطلبت منه توقيعه.
_وهل أعطاك إياه؟
_آه,نعم.لقد كان لطيفاً للغاية بهذا الشأن.لم يكن الأوتوغراف معي,ولكن كنت معي ورقة ملاحظات,وقد نفض قلم حبره السائل وكتب توقيعه في الحال.
_هل تعرفين أناساً آخرين من بروديني بالشكل؟
_أعرف عائلة كاربنتر بالطبع. كثيراً ما يأتون إلى كيلشستر,ولديهم سيارة جميلة,والسيدة كاربنتر ترتدي ملابس جميلة أيضاً.ويقولون إن السيد كاربنتر سيكون عضو في البرلمان القادم عن منطقتنا.
أومأ بوارو برأسه,ثم أخرج من جيبه المغلف الذي يحمله معه دوماً,ونشر الأربع على الطاولة قائلاً:هل تعرفين أياً من......ما الأمر؟
_إنه السيدة سكاتل.لقد كان خارجاً من الباب,آمل أن لا يكون قد رآك معي,فقد يبدو هذا غريباً.إن الناس يتكلمون عنك كثيراً,كما تعرف,يقولون إنك أُرسلت إلى هنا من باريس.....من الأمن الفرنسي,أ,ما شابه ذلك.
_أنا بلجيكي ولسن فرنسياً,ولكن لا يهم.
_ما أمر هذه الصور؟
انحنت على الصور تدرسها عن كثب وقالت:إنها من الطراز القديم ,’أليس كذلك؟
_أقدمها اُخذت قبل ثلاثين سنة.
_تبدو الملابس القديمة سخيفة جداً,تجعل المرأة تبدو بلهاء.
_هل رأيت أياً منهن من قبل؟
_أتسألني إن كنت أُميز أي امرأة منهن,أم إن كنت قد رأيت الصور؟
_كلا الأمرين .
_يُخيل إلي أنني رأيت تلك الصورة.
استقر إصبعها على قبعة جانس كورتلاند وأضافت: في صحيفة على الأغلب,ولكن لا أتذكر متى.تلك الطفلة تبدو مألوفة أيضاً. ولكن لا أذكر متى رأيتها.....منذ زمن طويل.
_لقد ظهرت كل هذه ا لصور في صحيفة صندي كوميت,وذلك يوم الأحد السابق لموت السيدة ماغينتي.
نظرت إليه مود بحدة وقالت:وهل لتلك الصور علاقة بذلك؟لذلك تريدني أن...
لم تكمل الجملة.قال بوارو:نعم,لهذا السبب.
أخرج شيئاً آخر من جيبه وأراه لها.كان ذلك القصاصة من الصندي كوميت.قال:من الأفضل أن تقرئي هذه.
قرأتها بحذر وقد انحنى رأسها الذهبي الجميل على الأحرف الرديئة المطبوعة,ثم رفعت رأسها وقالت:تلك هي شخصياتهن إذن؟وقراءة هذه القصاصة أعطتك الأفكار؟
_لقد عبرت عن الأمر بمنتهى الدقة.
_ومع ذلك لا أرى كيف...
ثم سكتت لحظة تفكر.ولم يتكلم بوارو,فقد كان دائماً مستعداً لسماع أفكار الآخرين بغض النظر عن مدى سعادته بأفكاره الخاصة.
_هذا ممكن,أليس كذلك؟
قالت:"بالطبع,بوسع أي امرئ أن يكون في أي مكان".ثم تابعت وقد وضعت إصبعها على وجه إيفا كين الجميل:لا بد أنها كبرت كثيراً الآن....في سن السيدة أبورد تقريباً.
_تقريباً؟
_ما كنت أفكر فيه هو.....من أي نوع هي من النساء.لا بد أنه يوجد العديد من الناس الذين من شأنهم أن يحملوا ضغينة تجاهها.
قال بوراو ببطء:هذه وجهه نظر.نعم,إنها وجهه نظر.أتذكرين قضية كريغ؟
_ومن لا يذكرها؟إن له تمثالاً من الشمع في متحف مدام توسو!كنت مجرد طفلة آنذاك,ولكن الصحف لا تفتأ تُذكر به وتقارن قضية مع قضايا أخرى.لا أحسب أن قضية ستنسى أبداً,أليس كذلك؟
رفع بوارو رأسه بحدة,وتساءل عما سبب هذه النغمة المفاجئة من المرارة في صوتها.

شيهيرو
15-08-2006, 15:00
انتظر الردود واشوف الردود راح احط جزء السابع عشر قبل السفر
تحياتي

لوسيندا سميث
15-08-2006, 15:26
واااااااااااي حظظظي أول وحدة أرد
:d :d
شوشو حبيبتي القصة واااايد روووعة على قولتك المسلسل يجننن و أنا محترررقة وأبي أعرف مييين القاتل كلهم يشكككون

المهم حبيبتي مشكووووووووووووووووووورة واااااااااايد على اللي طرحتيه وبسير أقراه بسرررعة::جيد:: ::جيد::

لوسيندا سميث
15-08-2006, 15:35
يالله يا جماعة لا تفشلونا و حطو ردود سنعة عشان تنزلنا شوشو فصل يديد قبل ما تسافر

أدري فيك حبيبتي ما يهون عليك تسافرين من دون فصل يديد لزاقة و طمااااعة :p

nickcarter_2
16-08-2006, 00:52
تسلمين
قول وفعل

sakoora
16-08-2006, 04:56
::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

يسلمووووووو

::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

تروحي وترجعي بالسلامة

::جيد::

شيهيرو
16-08-2006, 11:48
لوسيندا سميث تسلمي على مرورك الطيب

sakoora تسلمي يالغلا على توجدك الدائم
محمد0002 أخجلتني مشكورة على تتباعك القصة

justagirl
18-08-2006, 02:00
شكرا على ابلقصه الرائعه

شيهيرو
18-08-2006, 13:32
الفصل السابع عشر
كانت السيدة أوليفر تسعى لحشر نفسها في زاوية غرفة صغيرة لتغيير الملابس في المسرح,وقد بلغ ارتباكها مداه.ولأن جسد السيدة أوليفر لم يكن من النوع الذي ينحشر,فإن سعيها لم ينجح إلا في إظهارها كومة منتفخة.وقد أحاط بها شبان أذكياء يزيلون آثار الدهان بالمناشف.
كانت السيدة أبورد_وقد عادت إليها تماماً روحها المرحة_قد استعجلت رحيلهما متمنية لهما أطيب الأمنيات,وكان روبن دؤوباً في عمل كل الترتيبات اللازمة لراحتها قبل مغادرته.وحتى بعد ركوبهما السيارة,هُرع مرتين راجعاً إلى البيت ليطمئن أن كل شيء على ما يرام.
وفي المرة الأخيرة,رجع وقد علته تكشيرة وقال:لقد أنهت أمي _لتوه_مكالمة هاتفية,ولم تشأ أن تخيرني من كانت تهاتف,لمني أراهن أنني أعرف.
قالت السيدة أوليفر:أنا أعرف أيضاً.
_حسناً,من يكون برأيك؟
_هيوكيول بوارو.
_نعم,هذا تخميني أيضاً.لا بد أنها تريد أن تنتزع منه بعض المعلومات,فهي تحب أن تكون لها أسرارها الصغيرة,أليس كذلك؟والآن يا عزيزتي,بشأن المسرحية هذه الليلة,من المهم جداً أن تخبريني بصراحة عن رأيك بسيسيل,وهل يناسب فكرنك عن شخصية إيريك.
ومن نافلة القول أن سيسيل ليتش لم يناسب_أبداً_فكرة السيدة أوليفر عن شخصية إيريك,بل ما كان لأحد أن يكون أبعد منه عنها.لقد استمعت السيدة أوليفر بالمسرحية
نفسها,ولكن محنة "التجول بعد ذلك"كانت مُترعة بأهوالها المعتادة.
أما روبن فقد كان على سجيته,وقد نصب سيسيل أمامه على الجدار(أو أن السيدة أوليفر افترضت أنه سيسيل على الأقل)وأخذ يُمطره بحديث لا ينتهي.أما السيدة أوليفر فقد أرعبها سيسيل وفضلت عليه شخصاً آخر يدعى مايكل كان يتكلم إليها بلطف في هذه الأثناء.إذ لم يكن مايكل ليتوقع منها أن تبادله الحديث على الأقل,والحقيقة أن مايكل بدا وكأنه يفضل الحوار من طرف واحد.تدخل شخص يدعى بيتر في الحديث بشكل متقطع,ولكن الحديث اتسم_عموماً_بكونه سيلاً من الضغينة المُسلية قليلاً من طرف مايكل.
كان يقول:....لطيف جداً من روبن.لقد كنا نحثه باستمرار على القدوم ورؤية العرض,ولكنه_بالطبع_تحت سيطرة تلك المرأة الفظيعة تماماً,أليس كذلك؟ يقدم فروض الطاعة.و روبن ذكي لامع حقاً,ألا تعتقدين ذلك؟ذكي جداً جداً.يجب أن لا يضحي بنفسه على مذبح الأمومة.يمكن للنساء أن يكن فظيعات,أليس كذلك؟أتعرفين ما فعلته بالمسكين أليكس روزكوف؟تعلقت به بشدة لمدة سنة تقريباً,ثم اكتشفت أنه لم يكن مهاجراً روسياً على الإطلاق.كان يروي لها_بالطبع_بعض القصص المُبالغ بها,ولكنها كانت قصصاً مسلية تماماً,وكنا نعرف جميعاً أنها قصص ملفقة,ولكن لماذا يهتم المرء؟وعندما اكتشفت أنه مجرد ابن خياط مغمور في لندن لفظته تماماً.يا إلهي!أنني أكره من تستهويهم المكانة الاجتماعية الكاذبة,ماذا ترين أنت؟وقد كان أليكس سعيداً إذ تمكن من الخلاص منها,وقال أن بوسعها أن تكون مخيفة أحياناً,بل كان يرى أن في عقلها شيئاً ما.يا لثورات غضبها!آه,عزيزي روبن!نحن نتكلم عن أمك الرائعة.من المؤسف أنها لم تستطيع الحضور الليلة,ولكن من الرائع أن تكون بيننا السيدة أوليفر صاحبة كل جرائم القتل اللذيذة تلك.
ثم خرجوا جميعاً إلى هواء الليل المنعش,حيث تبادلوا المزيد من الحديث حوا المسرح.
ولدى عودة السيدة أوليفر و روبن بالسيارة إلى البيت كانت السيدة أوليفر مرهقة تماماً.اتكأت إلى الخلف وأغمضت عينيها,وفي المقابل كان روبن يتكلم دون انقطاع.وأخيراً قال منهياً حديثه:وتعتقدين أن ذلك سيكون فكرة جيدة,أليس كذلك؟
فتحت السيدة أ,ليفر عينيها وقالت:ماذا؟
لقد كانت مستغرقة في حلم مُشوق عن بيتها:الجدران الخضراء المغطاة بالطيور الغريبة,والطاولة المصنوعة من خشب الصنوبر,وآلتها الكاتبة,والقهوة السوداء,والتفاح في كل مكان.....يا للنعيم!يا لها من غلطة كبيرة أن يخرج الكاتب من حصنه السري!إن الكتاب أناس خجلون وغير اجتماعيين,وهم يعرضون نقص استعداداتهم الاجتماعية بابتكار رفاقهم الخاصين وحواراتهم الخاصة.
قال روبن:أخشى أنك متعبة.
_ليس تماماً,الحقيقة أنني لا أنسجم مع الناس.
قال روبن بسعادة:أنا أعشق الناس,ماذا عنك؟
قالت السيدة أوليفر بصرامة:أبداً.
_ولكن لا بد أن تكوني كذلك.انظري إلى كل أولئك الناس في كتبك.
_هذا أمر مختلف.أنا أرى الأشجار ألطف بكثير من الناس,وهي مريحة أكثر منهم.
قال روبن معُلناً حقيقة واضحة:أنا أحتاج الناس,إنهم يحفزونني.
توقف بالسيارة عند بوابة البيت وقال:تفضلي,سأوقفها بعيداً.
أخرجت السيدة أوليفر نفسها من السيارة بالصعوبة المعتادة وسارت على الممشى المُفضي إلى البيت.
لم يكن الباب مقفلاً,فدفعته السيدة أوليفر ودخلت.ولم تكن الأنوار مضاءة,الأمر الذي اعتبرته السيدة أوليفر غير لائق إلى حد ما من جانب مضيفتها.أم أن ذلك كان اقتصادياً؟إن الأغنياء كثيراً ما يكونون مقتصدين.شمت في القاعة رائحة عطرية,رائحة فخمة غريبة الجمال.وتساءلت السيدة أوليفر_لوهلة_إن كانت قد دخلت البيت المقصود نفسه,ثم وجدت مفتاح النور وضغطت عليه.
غمر النور القاعة المربعة المكسوة بخشب البلوط.وكان الباب المؤدي إلى غرفة الجلوس نصف مفتوح,ورأت السيدة أوليفر من خلاله قدماً أو ساقاً.إذن فا لسيدة أبرود لم تأو إلى سريرها بعد.لا بد أن النعاس غليها فنامت في كرسيها,وبما أن الأنوار لم تكن مضاءة فلا بد أن وقتاً طويلاً قد مر على نومها.
ذهبت السيدة أوليفر إلى الباب وأضاءت النور في غرفة الجلوس,وابتدأت بالقول:"لقد عدنا...",ثم توقفت.امتدت يدها إلى حنجرتها,إذ شعرت بغصة قوية هناك,برغبة في الصراخ لم تستطع تحقيقها.
خرج صوتها أشبه بالهمس:روبن.....روبن...
مضى وقت طويل قبل أن تسمعه قادماً في الممشى وهو يصفر,وعندما استدرات بسرعة أخذت تركض لتقابله في القاعة قائلة:لا تدخل هناك.....لا تدخل.إن أمك....إنها....أظنها ميتة.لقد قُتلت!


مع السلامة القاكم بعد اسبوع تمام اتمنى اني أرى الردود واتوقع من الاخيhijji أن يضع الجزء القادم
تحياتي

ندى الصباح2005
18-08-2006, 14:12
مشكورين على الرواية بس هذه الرواية ما قرأتها من قبل مشكورين مرة ثانية

sakoora
19-08-2006, 05:53
ألفففففف شكرررر لـج عزيزتي شيهيرووو

فـي أمــان الله

نتـريـّــاج بعد أسبــوع في نفس المكان;) ;)

:) هنـــاااااااا :) (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?p=3902765#post3902765)

ترجعي لنا بالسلامة:)

وبانتظـار التكمـلـة من أخونـــا hijji

sakoora
29-08-2006, 08:24
السلااااااام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته


أيـــن الجميـــــع..؟؟!!!


شيهيــروووو ويـــنـك وويــن أراضيـــكـ؟؟


وويـــن متــابعيـــن قصة ((موت السيدة ماغنتي))؟؟؟


وويـــن أخـونـــا hijji اللي كـان على أساس يكمـــل الـرواية؟؟؟


...::..بــانتـظــــاركم..::...

أنشودة المطر
31-08-2006, 04:05
السلااااااام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته


أيـــن الجميـــــع..؟؟!!!


شيهيــروووو ويـــنـك وويــن أراضيـــكـ؟؟


وويـــن متــابعيـــن قصة ((موت السيدة ماغنتي))؟؟؟


وويـــن أخـونـــا hijji اللي كـان على أساس يكمـــل الـرواية؟؟؟


...::..بــانتـظــــاركم..::...

أنا معاك...:confused:

شيهيرو
31-08-2006, 14:34
لا تخافوا راح احط االاجزاء قريباً انتظروني

sakoora
31-08-2006, 15:44
مـرحبااااا شيهيروووو

عوداً حميــدا::جيد:: ً

nickcarter_2
01-09-2006, 12:26
لا تخافوا راح احط االاجزاء قريباً انتظروني
شكراً على هذا الجهد
ومستنيين

gygy
03-09-2006, 10:24
موضوعك رائع جدا
و كان من اجمل الموضوعات اللى قريتها حتى الان
لكونى عضوة جديدة
منتظرة الجزء الجديد

scary girl
03-09-2006, 23:19
اشكرك اختي علي القصه الرائعه وياريت ماتطولين علينا بالتكمله
تحياتي .......
Scary girl

شيهيرو
05-09-2006, 14:10
الليلة ان شاء الله الجزء الثامن عشر اانتظروني

شيهيرو
05-09-2006, 17:20
الفصل الثامن عشر



قال المفتش سبنس:عمل متقن تماماً!
كان وجهه الأحمر الريفي غاضباً.نظر إلى حيث جلس بوارو يستمع باكتئاب,ثم مضى قائلاً:متقن وبشع.لقد خُنقت,بمنديل حريري....بأحد مناديلها الخاصة,منديل كانت ترتديه في ذلك اليوم....وُضع حول عنقها وشُد طرفاه! عملية مُتقنة وسريعة وفعالة!اعتاد عتاة من المجرمين في الهند فعل ذلك,والضحية لا تقاوم ولا تصرخ...لأن الضغط يكون على الشريان السُباتي.
_أكان الأمر يتطلب معلومات خاصة؟
_هذا ممكن,وإن يكن غير ضروري.إن كنت تفكر بالقيام بذلك فيمكنك أن تقرأ عن الموضوع.ليس الأمر صعباً,خاصة إذا كانت الضحية لا تشك بشيء...وقد كانت فعلاً كذلك.
أومأ بوارو رأسه وقال:كان ذلك شخصياً تعرفه.
_نعم,لقد شربا القهوة معاً.....يوجد فنجان مقابلها وفنجان آخر في مواجهه الـــ......الضيف.لقد تمت إزالة البصمات عن فنجان الضيف بعناية,ولكن إزالة أحمر الشفاه أصعب قليلاً.....لا زالت عليه آثار باهتة من أحمر الشفاه.
_أهي امرأة إذن؟
_لقد توقعت أنت امرأة,أليس كذلك؟
_بلى,بلى,كانت المؤشرات بهذا الاتجاه.
مضى سبنس قائلاً:لقد تعرفت السيدة أبورد على إحدى تلك الصور....صورة ليلي غامبول,ولذلك فإن الأمر يرتب بمقتل السيدة ماغينتي.
_نعم,إنه يرتبط بمقتل السيدة ماغينتي.
وتذكر أسلوب السيدة أبورد المُستمتع وهي تقول:السيدة ماغينتي ميتة.كيف ماتت؟بدسّ أنفها كما أفعل أنا.
مضى سبنس في حديثه:اغتنمت فرصة بدت مناسبة لها(إذ كان الابن والسيدة أوليفر قد ذهبا إلى المسرح)واتصلت بالشخص المعني وطلبت منه أن يأتي ليراها.أهذا هو تحليلك للموضوع؟لقد كانت تلعب دور قد يكون خطيراً.
_شيء من هذا القبيل.الفضول....لقد احتفظت بمعلوماتها لنفسها,ولكنها أرادت أن تكتشف المزيد.لم يخطر ببالها أبداً أن ما تقوم به قد يكون خطيراً.
تنهد بوارو ثم قال:كثير من الناس يحسبون القتل لعبة,وهو ليس كذلك.وقد حذرتها,ولكنها لم تصغ.
_نعم,نعرف ذلك.حسناً,هذا ينطبق على ظروف الجريمة تماماً,عندما خرج روبن مع السيدة أوليفر ثم عاد إلى البيت بعد قليل من خروجه كانت أمه قد أنهت لتوها حديثاً هاتفياً مع أحدهم,ولم تقل له من هو.لعبت لعبة الغموض,وقد ظن روبن والسيدة أوليفر أنها ربما كلمتك أنت.
_ليتها كلمتني أنا.ألا توجد لديكم فكرة عن الشخص الذي كلمته؟
_أبداً.إن الاتصال آلي هنا,كما تعرف.
_ألم تستطيع الخادمة مساعدتكم بأية طريقة؟
_نعم,لم تستطيع,لقد جاءت إلى البيت في نحو العاشرة والنصف,ولديها المفتاح للباب الخلفي.وقد ذهبت مباشرة إلى غرفتها المُلحقة بالمطبخ ونامت.كان البيت مظلماً فافترضت أن السيدة أبورد قد أوت إلى فراشها وأن الآخرين لم يأتيا بعد.إنها صماء ونزقة أيضاً,ولا تنتبه كثيراً لما يجري.و يُخيل إلي أنها تقوم بأقل ما يمكن من العمل مع أكثر ما يمكن من التذمر.
_أليست حقاً خادمتهم الدائمة المخلصة؟
_آه,إنها ليست كذلك,فهي لم تعمل لدى عائلة أبورد إلا منذ عامين.
أطل شرطي من الباب وقال:هنا شابة تريد رؤيتك يا سيدي.تقول إن لديها شيئاً يجب أن تعرفه بخصوص الليلة الماضية._بخصوص الليلة الماضية؟أدخلها.
دخلت ديردرا هندرسُن الغرفة.بدت شاحبة متوترة,وخرقاء كعادتها.
قالت معتذرة:رأيتُ من واجبي أن آتي.أرجو أنني لا أقاطعكم.
_أبداً يا آنسة هندرسُن.
نهض سبنس ودفع كرسياً باتجاهها.وجلست على الكرسي بطريقة مؤدبة أشبه بطالبات المدارس.
قال سبنس مشجعاً:شيء يخص الليلة الماضية؟أتعنين السيدة أبورد؟
_نعم.يبدو صحيحاً أنها قُتلت,أليس كذلك؟أعني أن صاحبة البريد والخباز يقولان ذلك.ولكن أمي قالت إن هذا لا يمكن أن يكون صحيحاً.
_أخشى أن لا تكون والدتك على حق في هذا لأمر,فهو صحيح تماماً.والآن,أردت
أن ......أن تخبرينا شيئاً؟
أومأت ديردرا برأسها وقالت:نعم,فالحقيقة أنني كنتُ هناك.
ظهر تغير على سلوك سبنس.وربما أصبح سلوكه أكثر لطفاً,ولكن كانت تكمن خلفه قسوة رسمية.قال:كنت هناك في ليبرنامز.في أي وقت؟
_لا أعرف بالضبط.بين الثامنة والنصف والتاسعة على ما أظن, وربما قريباً من التاسعة.بعد العشاء على أية حال.فقد اتصلت بي.
_السيدة أبورد اتصلت بك؟
_نعم.قالت إن روبن والسيدة أوليفر ذاهبان إلى المسرح في كولينكيه,وإنها ستكون وحيدة,وإنها تريدني إن أذهب وأشرب القهوة معها.
_ذهبت؟
_نعم.
_و......وشربت القهوة معها؟
هزت ديردرا رأسها بالنفي وقالت:لا,وصلت إلى هناك وقرعتُ الباب,ولكني لم ألق جواباً,ولذلك فتحت الباب ودخلت إلى الردهة.كانت مظلمة تماماً,وكنتُ قد رأيت _من الخارج_عدم وجود أنوار مضاءة في غرفة الجلوس,ولذلك تحيرت.ناديت:"سيدة أبورد"مرة أو مرتين,ولكن أحداً لم يرد.ولذلك أحسستُ أن في الأمر خطأ ما دون ريب.
_ما هو الخطأ الذي رأيت أنه يمكن أن يكون قد حدث؟
_ظننت أنها ربما ذهبت إلى المسرح معهما في نهاية الأمر.
_دون إبلاغك بذلك؟
_لقد بدا ذلك غريباً بالفعل.
_ألم يخطر ببالك أي تفسير آخر؟
_فكرت أن من المُحتمل أن تكون فريدا قد أفسدت الرسالة الأصلية,فهي تفهم الأشياء بشكل خاطئ أحياناً.إنها أجنبية,وقد كانت منفعلة ليلة أمس لأنها ستغادر.
_وماذا فعلت يا آنسة هندرسُن؟
_اكتفيتُ بمغادرة المكان.
_وعدت إلى البيت؟
_نعم,ولكني تمشيت قليلاً قبل ذلك.كان الجو رائعاً.
سكت سبنس برهة ونظر إليها,ولاحظ بوارو أنه ينظر إلى فمها.وسرعان ما شد جسمه وقال بمرح:شكراً لك يا آنسة هندرسُن.
لقد أحسنت صنعاً بمجيئك وإخبارنا بذلك.نحن ممتنون حقاً لك.
ثم نهض وصافحها,فقالت:رأيتُ أن من واجبي القيام بهذا,ولم تحب أمي أن أحضر.
_ألم تحب ذلك حقاً؟
_ولكني رأيتُ أن قدومي أفضل.
_تماماً.
ودعها حتى خرجت وعاد,حيث جلس وأخذ ينقر على الطاولة بأصابعه وينظر إلى بوارو,ثم قال:إنها لا تضع أحمر شفاه.أم أنها لم تمتنع عن استعماله إلا لهذا الصباح؟
_إنها لا تستخدمه أبداً.
_هذا غريب في هذه الأيام,أليس كذلك؟
_إنها فتاة متميزة بعض الشيء.........على فطرتها .
_ولا تضع عطوراً أيضاً بقدر ما أمكنني الشم.وتقول السيدة أوليفر إن رائحة عطر مميزة كانت في البيت ليلة أمس,ووصفتها بأنها لعطر غالٍ.ويؤكد روبن أبورد ذلك.لم يكن عطراً تستخدمه والدته.
_ما كانت هذه الفتاة لتستخدم عطراً فيما أظن.
_نعم,لا أظن ذلك أيضاً.إنها تبدو مثل رئيسةٍ لفريق الهوكي في مدرسة بنات قديمة الطراز.ولكنها في الثلاثين من عمرها دون شك.
_هذا صحيح.
قطب سبنس جبينه وقال:لا ينطبق الحال عليها,لا أحمر شفاه ولا عطور.وبما أن لها أماً جيدة تماماً(بينما قُتلت أم ليلي غامبول في شجار للسكارى في كارديف عندما كانت ليلي في التاسعة من عمرها)فلا أرى كيف يمكن أن تكون هي ليلي غامبول.ولكن السيدة أبورد اتصلت بها لتأتي إليها ليلة أمس.....لا يمكنك تجاوز هذه النقطة.
_ماذا بشأن إفادة الطبيب العدلي؟
_ليس فيها الكثير مما يُساعد.كل ما استطاع الطبيب الجزم به هو أنها ربما كانت ميتة عند التاسعة والنصف.
_إذن فربما كانت ميتة عندما جاءت ديردرا هندرسُن إلى ليبرنامز؟
_ربما كانت كذلك إذا كانت الفتاة صادقة.إما أنها صادقة أو أنها فتاة متكتمة.لقد قالت إن أمها لم ترد لها أن تأتي إلينا.أفي ذلك شيء؟
فكر بوارو ثم قال:ليس فيه شيء محدد.هذا ما يُتوقع من الأم قوله,فهي من ذلك الطراز لذي يتجنب المشكلات.
تنهد سبنس وقال:إذن,لدينا ديردرا هندرسُن....في موقع الجريمة.أو أن شخصاً قد سبقها إلى هناك.......امرأة تضع أحمر شفاه,وتستخدم عطرا ثميناُ.

شيهيرو
05-09-2006, 17:24
تمتم بوارو:سوف تحقق....
قاطعة سبنس قائلاً:إنني أحقق!ولكن بهدوء لغاية ا؟لآن.لا نريد أن نثير ذعر الجميع.ماذا كانت تعمل إيفا كاربنتر لليلة الماضية؟ماذا كانت تعمل شيلا ريندل؟
من المرجح أنهما كانتا جالستين في بيتيهما.وكان لدى كاربنتر اجتماع سياسي,أعرف ذلك.
قال بوارو متأملاً:إيف ........إن موضة الأسماء تتغير,أليس كذلك؟إنك لا تكاد تسمع هذه الأيام اسم إيفا.لقد اختفى هذا الاسم.أما اسم إيف فهو شائع.
قالا سبنس متابعاً تسلسل أفكاره:"إنها تستطيع شراء عطر ثمين".ثم تنهد وقال:علينا أن نعرف المزيد عن خلفيتها.من المريح جداً أن تدعي امرأة أنها أرملة حرب,فبوسعها أن تظهر في أي مكان وتبدو مثيرة للشفقة لحزنها على طيار شاب شجاع,ولا أحد يحب أن يطرح أسئلة عليها.
ثم انتقل إلى موضوع آخر,أظن أنك أصبت كبد الحقيقة بخصوص قطاعة السكر التي أرسلتها,فهي السلاح الذي استخدم في قتل السيدة ماغينتي.لقد أقر الطبيب بأنها مناسبة تماماً لتلك الضربة,وقد وجد عليها دم.لقد تم غسلها بالطبع.......ولكنهم لا يدركون هذه الأيام أن من شأن كمية مجهرية من الدم بشري أن تظهر لدى معالجتها بالمواد الكاشفة الحديثة.نعم,إنه دم بشري بالتأكيد.وهذا يرتبط أيضاً بعائلة ويذربي والآنسة هندرسُن,أليس كذلك؟
_لقد كانت ديردرا هندرسُن جازمة تماماً بأن قطاعة السكر كان في عيد الميلاد.
قال بوارو متجهماً:إن السيدة سمرهيز لا تجزم أبداً بشيء.إنها إنسانة رائعة,ولكن ليس لها نظام أو منهج في تركيبها.ولكنني _أنا الذي أعيش منذ فترة في لونغ ميدوز_سأقول لك التالي:إن الأبواب والنوافذ مشرعة دوماً,وبإمكان أي كان.....أي كان أن يأتي ويأخذ أي شيء ثم يعود ويضعه في مكانه دون أن يلاحظ ذلك الميجر سمرهيز أو السيدة سمرهيز.فإذا لم تشاهد المرأة تلك القطاعة في مكانها يوماً,فستظن أن زوجها قد أخذها لتقطيع أرنب,أو لقطع الأخشاب.....وهو أيضاً سيحسب أنها أخذتها لتقطيع اللحم للكلاب.لا أحد يستخدم الأدوات المناسبة في ذلك البيت.إنهم يتناولون ما تقع عليه أيديهم ثم يتركونه في المكان الخطأ,ولا يتذكر أحد شيئاً.ولو كنت أعيش حياة كهذا لكنتُ في حالة دائمة من التوتر والقلق.
أما هم ......فلا يبدو عليهم الاكتراث.
تنهد سبنس وقال:حسناً,في كل هذا أمر واحد جيد,وهو أنهم لن يعدموا جيمس بنتلي حتى يتضح كل هذا الأمر.لقد أرسلنا رسالة إلى مكتب وزير الداخلية,وهي تعطينا ما كنا نحتاجه.........الوقت.
_أحسب أنني أرغب برؤية السيد بنتلي مرة أخرى.........الآن وقد عرفنا المزيد.
************
كان في جيمس بنتلي بعض التغيير,ولعله كان أكثر نحولاً من السابق ويداه أكثر قلقاً.وبخلاف ذلك بقى كما هو,نفس المخلوق الهادئ اليائس.
تكلم هيركيول بوارو بتأن وعناية.فقد ظهر دليل جديد,والشرطة يعيدون فتح الملف القضية,ولذلك يوجد أمل.
ولكن جيمس بنتلي لم يكن ليستجيب للأمل.قال:سيكون كل ذلك بلا جدوى.ما الذي يمكن أن يكتشفوه أكثر؟
قال هيركيول بوارو:إن أصدقائك يعملون بكل طاقاتهم.
رفع كتفيه بلا مبالاة وقال:أصدقائي؟ليس لي أصدقاء.
_يجب أن لا تقول ذلك.إن لك صديقين على الأقل.
_لي صديقان؟أحب لو أعرف من هما.
لم تُظهر نبرتُه أية رغبة في المعلومات,بل مجرد تشكيك سئم.قال بوارو:أولاً,المفتش سبنس.
_سبنس؟سبنس؟مفتش الشرطة الذي لفق القضية ضدي؟هذا مضحك.
_ليس مضحكاً.بل هو من حسن الحظ.إن سبنس ضابط شرطة ذكي جداً وذو ضمير حي,ويحب أن يتأكد تماماً أنه أوقع بالرجل المناسب.
_إنه متأكد تماماً من ذلك.
_الغريب أنه ليس كذلك.وهو صديقك لهذا السبب,كما قُلت لك.
_يا له من صديق.
انتظر هيركيول بوارو,فقد رأى أن بعض الخصائص الإنسانية لا بد أن توجد حتى لدى جيمس بنتلي.حتى جيمس بنتلي لا يمكن أن يكون خلواً من الفضول الطبيعي.وبالفعل,سرعان ما قال جيمس بنتلي:حسناً,من هو الصديق الآخر؟
_الآخر هو مود ويليامز؟
لم يبد على بنتلي أي رد فعل.قال:مود ويليامز؟من تكون هذه؟
_إنها تعمل في مكتب بريذر وسكاتل.
_آه,تلك الآنسة ويليامز.
_بالضبط,تلك الآنسة ويليامز.
_ولكن ما علاقتها بذلك؟
كانت من اللحظات ما يجد فيها هيركيول بوارو شخصية جيمس بنتلي مزعجة إلى حد يتمنى معه_من كل قلبه_أن يصدق أنه مذنب بقتل السيدة ماغينتي,ولكنه_لسوء الحظ_كان كلما أزعجه بنتلي أكثر اقترب أكثر من طريقه نظر المفتش سبنس للقضية.وقد أصبح يجد صعوبة متزايدة في تصور جيمس بنتلي يقتل أي شخص,وأصبح على ثقة بأن من شأن بنتلي أن ترى في القتل أمراً غير مُجد على أية حال.ولئن كانت الخُيلاء صفة أساسية في القتلة (كما يصر المفتش سبنس)فإن بنتلي لم يكن قاتلاً بالتأكيد.
قال بوارو وقد سيطر على نفسه:لقد اهتمت الآنسة ويليامز بهذا الأمر.إنها مقتنعة ببراءتك.
_لا أرى ما يمكنها أن تعرفه حول الموضوع.
_إنها تعرفك أنت.
رمش جيمس بنتلي بعينية وقال متذمراً:أحسبها تعرفني,بطريقة ما,ولكن ليس جيداً.
_لقد عملتما معاً في المكتب,أليس كذلك؟وتناولتما الطعام معاً في بعض الأحيان.
_حسناً.بلى,مرة أو اثنتين,في مقهى بلو كات.إنه مكان مناسب جداً,لا يحتاج سوى عبور الشارع.
_ألم تتمشيا معاً أبداً؟
_الحقيقة أننا تمشينا مرة واحدة.مشينا إلى أعلى التلة.
انفجر هيركيول بوارو قائلاً:يا إلهي!أتراني أستفسر منك عن جريمة ارتكبتها؟أليس من الطبيعي أن ترافق فتاة جميلة؟ألا يمكن أن تكون مسروراً بذلك؟
_لا أرى سبباً لذلك؟
_في مثل عمرك,طبيعي جداً أن يستمتع المرء بصحبة الفتيات.
_لا أعرف الكثير من الفتيات.
_لقد عرفت الآنسة ويليامز,عملت معها وتكلمت معها وتناولتما الطعام معاً أحياناً وخرجتما مرة تمشيان فوق التلة,وعندما أذكرها فإنك لا تتذكر حتى اسمها.يجب أن يخجلك هذا.
احمر وجه جيمس بنتلي وقال:الحقيقة أنني لم تكن لي أبداً علاقات مع الفتيات.وهي ليست من يمكنك وصفها بأنها سيدة,أليس كذلك؟إنها لطيفة جداً,ولكني لا أملك إلا أن أشعر أن أمي كانت سترى فيها فتاة من العامة.
_وهذا ما ترى أنت أنه يهم؟
احمر وجه بنتلي مرة أخرى وقال:إن شعرها ونوع الملابس التي ترتديها....لقد كانت أمي طبعاً من الطراز القديم.........
ثم توقف,فقال بوارو:ولكنك وجدت الآنسة ويليامز..........ماذا يمكن أن أقول.....متعاطفة؟
قال بنتلي ببطء:لقد كانت دوماً لطيفة جداً.ولكنها لم ....لم تفهم حقاً.لقد توفيت أمها وهي طفلة صغيرة.
_ثم فقدت وظيفتك,ولم تستطيع الحصول على وظيفة أخرى.لقد قابلتك الآنسة ويليامز مرة في بروديني كما فهمت,أليس كذلك؟
بدا جيمس بنتلي متألماً وقال:بلى,بلى.كانت قادمة إلى هناك في عمل,وقد أرسلت إلي بطاقة بريدية,وطلبت لقائي.لا أعرف لماذا طلبت ذلك,فأنا لا أعرفها جيداً.
_ولكنك قابلتها فعلاً؟
_نعم,لم أرد أن أكون فظاً.
_وهل أخذتها إلى السينما أو لتناول الطعام؟
بدا جيمس بنتلي وكأن فضيحة تنتظره,وقال:آه,كلا!لم أفعل شيئاً من هذا القبيل.لقد....لقد اكتفينا بالكلام أثناء انتظارها للحافلة.
_آه,وكم كان ذلك ممتعاً للفتاة المسكينة بلا ريب!
قال جيمس بنتلي بحدة:لم تكن معي أية نقود,عليك أن تتذكر ذلك.لم تكن معي نقود على الإطلاق.
_بالطبع.كان هذا قبل مقتل السيدة ماغينتي ببضعة أيام,أليس كذلك؟
_بلى,كان يوم الاثنين,وقد قُتلت السيدة ماغينتي يوم الأربعاء.
_أريد أن أسالك سؤالاً آخر يا سيد بنتلي:أكانت السيدة ماغينتي تقرأ صحيفة الصندي كوميت عادة؟
_نعم,كانت تقرؤها.
_هل حدث أبداً أن رأيت نسختها من الصندي كوميت؟
_اعتادت أن تعطيها لي أحياناً,ولكن لم أكن أقبل ذلك في الغالب,فلم تكن أمي تهتم بهذا النوع من الصحف.
_إذن فأنت لم تر نسخة ذلك الأسبوع من الصندي كوميت؟
_نعم,لم أرها.
_ولم تتكلم السيدة ماغينتي عن ذلك العدد,أو عن أي شيء فيه؟
قال جيمس بنتلي على نحو غير متوقع:بلى,لقد فعلت,وكانت متحمسة جدا ًله.
_كانت متحمسة له إذن.وما الذي قالته؟وانتبه,فهذا مهم للغاية.
_لا أذكر ذلك جيداً الآن .ولكن الأمر كان يدور حول جريمة قتل قديمة.أحسبها قضية اسمها كريغ....لا,ربما لم تكن كذلك.قالت_على أية حال_إن شخصاً له علاقة بتلك القضية يعيش الآن في بروديني.كانت لا تفتر في الحديث عن ذلك,ولم افهم لماذا كانت مهتمة بالأمر.
_هل قالت من يكون ذلك الشخص .........في بروديني؟
قال جيمس بنتلي بغموض:أظنها كانت تلك المرأة التي يكتب ابنها مسرحيات؟
_هل ذكرتها بالاسم؟
_لا .إنني.....لقد مضى وقت طويل حقاً على ذلك..........
_أرجوك,حاول أن تتذكر.ألا تريد أن تنال حريتك مرة أخرى؟
قال بنتلي وقد بدت عليه بعض الدهشة:حريتي؟!
_نعم ,حريتك.
_إنني ....نعم,أحسبني أريد ذلك.
_إذن فكر.ما الذي قالته السيدة ماغينتي؟
_حسناً...قالت شيئاً مثل :"يا لغرورها بنفسها وكبريائها!لن يكون لديها ما تفخر به لو عُرف كل شيء".وقالت أيضاً:"ما كان المرء ليظن أبداً أنها نفس المرأة التي في الصورة".ولكن الصورة التقُطت قبل سنين عديدة بالطبع.
_ولكن ما الذي جعلك متأكداً أنها كانت تتكلم عن السيدة أبورد؟
_لا أدري حقاً.لقد تكون لدى هذا الانطباع وحسب.كانت تتكلم قبل ذلك عن السيدة أبورد,ثم فقدت اهتمامي بالموضوع ولم أستمع,وبعد ذلك.....حسناً,بدأت الآن أفكر بالموضوع.لا أعرف حقاً من الذي كانت تتحدث عنه.لقد كانت تتكلم كثيراً كما تعلم .
تنهد بوارو وقال:أنا _شخصياً_لا أحسبها كانت تتكلم عن السيدة أبورد.أظنها تكلمت عن امرأة أخرى.من السخف أن نفكر بأنك _إذا ما شٌنقت_سيكون ذلك بسبب عدم انتباهك بشكل جيد لما يقوله الآخرون في حديثهم معك!هل كانت السيدة ماغينتي تتكلم معك كثيراً عن البيوت التي تعمل بها أو عن السيدات تلك البيوت؟
_نعم,بطريقة ما,ولكن لا جدوى من سؤالي.يبدو أنك لا تدرك_يا سيد بوار_أن لي حياتي الخاصة التي كان علي التفكير بها في ذلك الوقت,لقد كنت في حالة قلق جدي.
_هل تكلمت السيدة ماغينتي عن السيدة كاربنتر(التي كانت تُدعى السيدة سيلكيرك وقتها)أو عن السيدة ريندل؟
_كاربنتر صاحب البيت الجديد على أعلى التلة والسيارة الفارهة,أليس كذلك؟لقد كان خاطباً للسيدة سيلكيرك.وكانت السيدة ماغينتي معادية كثيراً للسيدة سيلكيرك.لا أعرف لماذا.كانت تصفها دوماً بأنها "وصولية",ولا أدري ماذا كانت تعنى بذلك.
_وماذا عن عائلة ريندل؟
_الطبيب,أليس كذلك؟لا أذكر أنها قالت شيئاً مُحدداً عن هذه العائلة.
_وعائلة ويذربي؟
_ أذكر تماماً ما قالته عنهم.قالت عن السيدة ويذربي:"لا صبر لي على جلبتها ووساوسها".وعن السيدة ويذربي قالت:"لا تخرج منه كلمة أبداً,سواء كانت جيدة أو سيئة".
توقف قليلاً ثم أضاق:وقالت أنه بيت غير سعيد.
نظر هيركيول بوارو للأعلى,فللحظة واحدة بدا أن في صوت جيمس بنتلي شيئاً لم يسمعه بوارو من قبل.لم يعد يكرر بامتثال ما يستطيع تذكره,بل لقد خرج عقله_لفترة وجيزة جداً_من لا مبالاته.كان جيمس يفكر في هنتر كلوز,وفي الحياة التي تسير هناك,وفيما إذا كان بالفعل بيتاً سعيداً أم لا.كان جيمس بنتلي يفكر بموضوعية.
قال بوارو بهدوء:أكنت تعرفهم؟الأم؟الأب؟الابنة؟
_ليس تماماً.الأمر كله يتعلق بذلك الكلاب,وهو من فصيلة السيليهام.فقد وقع في فخ ولم تستطع إخراجه منه,فساعدتها في ذلك.
مرة أخرى كان في نبرة بنتلي شيء جديد,لقد قال"فساعدتُها",وكان في ذلك الكلمات صدى للفخر.
تذكر بوارو ما أخبرته به السيدة أوليفر من حديثها مع ديردرا هندرسُن.قال بلطف:هل تكلمتما معاً؟
_نعم.هي التي تكلمت,فقد أخبرتني بأن أمها قد عانت كثيراً كانت مولعة جداً بأمها.
_وهل أخبرتها أنت عن أمك؟
قال جيمس بنتلي ببساطة:نعم.
لم يقل بوارو شيئاً,بل انتظر,فقال جيمس بنتلي:إن الحياة قاسية جداً وظالمة جداً,فبعض الناس لا يجدون أية سعادة أبداً.
_هذا محتمل.
_لا أحسب أنها نالت الكثير من السعادة.أعني الآنسة ويذربي.
_بل هندرسُن.
_آه,نعم.لقد أخبرتني أن لها زوج أم.
_ديردرا هندرسُن.ديردرا تعني مليكة الأحزان.اسم جميل......
ولكنها ليست بالفتاة الجميلة,كما فهمت؟
احمر جيمس بنتلي وقال:أنا أحسبتُها جميلة نوعاً ما

والفصلين الجايين بعد ثلاث ايام بأذن الله

nickcarter_2
06-09-2006, 13:39
شنو هذا
الحمد لله على السلامة
دائماً تفاجئيننا بفصل جديد

شيهيرو
06-09-2006, 13:45
تسلم محمد على مرورك

gygy
06-09-2006, 13:47
ثانكس على الفصل الجديد
الفصل رائع جدا كعادة اجاثا كرستى فى روايتها
ثانكس
منتظرة الفصول القادمة

أنشودة المطر
07-09-2006, 03:17
مشكوووووووووووووووورة أختي شيهيرو قصه رائعة وننتظر البقية....
أختك/ أنشودة المطر..

شيهيرو
08-09-2006, 13:54
الفصل التاسع عشر
قالت سويتيمان مُخاطبة إدنا:الآن,اسمعيني فقط.
نشقت إدنا بأنفها.كانت قد أمضت بعض الوقت وهي تستمع للسيدة سويتيمان. وكانت المحادثة بلا فائدة,تدور في حلقات مفرغة.كررت السيدة سويتيمان نفس الشيء عدة مرات,مع تغيير في العبارات وحتى ذلك التغيير لم يكن كبيراً.وكانت إدنا قد نشقت بأنفها ونشجت وكررت بين الحين والآخر العبارتين اللتين ساهمت بهما في الحديث,أولاً:إنها لا تستطيع أبداً!وثانياً:إن والدها سيسلخ جلدها وهي حية.
_قد يحدث ذلك أو لا يحدث,ولكن جريمة القتل تبقى جريمة قتل,وما رأيته قد رأيته,لا يمكنك التهرب من ذلك.
نشقت إدنا,فيما أكملت السيدة سويتيمان:وإن ما يتوجب عليك فعله حقاً...
سكتت السيدة سويتيمان واتجهت لخدمة السيدة ويذربي التي حضرت لشراء صنارات للحياكة وأوقية أخرى من الصوف.قالت السيدة ويتيمان بمرح:لم نرك هنا منذ مدة,يا سيدتي.
قالت السيدة ويذربي:"نعم,لم أكن على ما يرام في الآونة الأخيرة.إنه القلب كما تعرفين".ثم تنهدت بعمق وأضافت:غنني مضطرة للاستلقاء لفترات طويلة.
_سمعت أنك حصلت على خادمة جديدة أخيراً.........سوف تحتاجين صنارات خشنة لهذا الصوف الناعم.
_نعم,إنها قديرة تماماً,وتطبخ بشكل لا بأس به.ولكن يا لمظهرها!شعر مصبوغ وملابس ضيقة غير ملائمة.
قالت السيدة سويتيمان:آه,إن الفتيات غير متدربات للخدمة بشكل جيد هذه الأيام.لقد بدأت أمي العمل وهي في الثالثة عشرة من عمرها,وكانت تستيقظ في الخامسة إلا ربعاً كل صباح.وما أنهت خدمتها إلا وقد أصبحت كبيرة خدمات,وتحت إمرتها ثلاث خادمات,وقد دربتهن بشكل لائق أيضاً.ولكن لا يوجد شيء من هذا في هذه الأيام....إن الفتيات غير مُدربات هذه الأيام,بل هن متعلمات فقط مثل إدنا.
نظرت المرأتان إلى إدنا التي اتكأت على طاولة مكتب البريد وقد بدت شاردة تماماً,ولئن ضُرب بها مثل التعليم,فهي لم تكد تحصل على شهادة النظام التعليمي.
مضت السيدة سويتيمان تفتح موضوعات جديدة للحديث,بينما كانت السيدة ويذربي تفتش ضمن الصنارات الملونة المختلفة:فظيع ما جرى للسيدة أبورد,أليس كذلك؟
_بلى,فظيع.لم يكادوا يجرؤون على إبلاغي بالخبر,وحين أبلغوني به تعرضتُ لخفقان رهيب.إنني حساسة جداً.
_لقد كانت صدمة لنا جميعاً.أما الشاب أبورد فقد أظهر حزناً فظيعاً,وقد انشغلت السيدة الكاتبة تماماً بأمره إلى أن حضر الطبيب وأعطاه مسكناً أو شيئاً ما.وقد ذهب إلى لونغ ميدوز الآن ليقيم بالأجرة,إذ شعر أنه لا يستطيع البقاء في البيت,وأنا لا ألومه.أما جانيت غروم فقد ذهبت لتقيم عند ابنة أختها,وأخذ الشرطة مفتاح البيت.والسيدة التي تكتب القصص الجريمة عادت إلى لندن ولكنها ستعود لجلسة التحقيق.
أطلقت السيدة سويتيمان كل هذه المعلومات بتلذذ,فهي تعتز بنفسها لما تعرفه من معلومات.أما السيدة ويذربي _التي ربما كانت رغبتها في معرفة ما يجري هي الدفع وراء قدومها لشراء أغراض الحياكة_فقد دفعت ثمن مشترياتها وقالت:إنه أمر مزعج للغاية.إنه يجعل القرية كلها خطيرة جداً.لابد أن في المنطقة مجنوناً.عندما أفكر بأن ابنتي الغالية كانت خارجة تلك الليلة وأنها كان يمكن أن تُهاجم هي الأخرى,وربما تُقتل...................
أغلقت السيدة ويذربي عينيها وترنحت على قدميها,وراقبتها السيدة ويتيمان باهتمام ولكن دون ذعر.فتحت السيدة ويذربي عينيها ثانية وقالت بكبرياء:يجب أن تجوب الدوريات هذا المكان,ويجب أن لا يخرج الشباب في الليل,وأن تبقى جميع الأبواب مقفلة.أتعرفين أن السيدة سمرهيز في لونغ ميدوز لا تقفل أياً من أبوابها,ولا أثناء الليل!بل تترك الباب الخلفي والباب الزجاجي لغرفة الجلوس مفتوحين كي تتمكن الكلاب والقطط من الدخول والخروج.أن أعتبر ذلك جنوناً مطلقاً,ولكنها تقول إنهم فعلوا ذلك دائماً,وإن بإمكان اللصوص_إن أرادوا الدخول_أن يدخلوا في أي وقت.
_لا أحسب أن في لونغ ميدوز الكثير مما يمكن للص أن يحمله.
هزت السيدة ويذربي رأسها بأسى وغادرت حاملة مشترياتها.
واستأنفت السيدة ويتيمان وإدنا حديثهما,فقالت السيدة سويتيمان:ليس من المفيد أن تضعي نفسك في موقف من يعرف معلومات أكثر من غيره.إن الحق حق,وجريمة القتل جريمة قتل.
_من شأن أبي أن يسلخ جلدي وأنا حية,بالتأكيد.
_لقد قُتلت السيدة أبورد,وقد رأيت شيئاً لا يعرفه الشرطة,وأنت موظفة في مكتب البريد,أليس كذلك؟إذن أنت موظفة حكومية.عليك أن تقومي بواجبك.يجب أن تذهبي من فورك إلى بيرت هيلنغ.
عاد نشيج إدنا من جديد وهي تقول:ليس إلى بيرت,لا أستطيع.كيف لي أن أذهب إلى بيرت؟سينتشر الخبر في كل مكان.قالت السيدة ويتيمان بتردد:إذن فإلى ذلك الرجل الأجنبي.
_ليس إلى الأجنبي,لا أستطيع........بيس إلى الأجنبي!
_نعم,رما كنت محقة في هذا.
توقفت سيارة خارج مكتب البريد مُطلقة صرير مترنحاً كوابحها,فتهلل وجه السيدة ويتيمان وقالت:هذا الميجر سمرهيز.أخبريه بكل شيء وسينصحك بما يجب أن تفعلي.
قالت إدنا,ولكن باقتناع أقل:لا أستطيع.
دخل جوني سمرهيز إلى مكتب البريد مترنحاً تحت ثقل ثلاثة صناديق كرتونية وقال بمرح:صباح الخير سيدة سويتيمان.آمل أن لا تكون هذه زيادة على الوزن المقرر.
اهتمت السيدة سويتيمان بالطرود بصفتها الرسمية,بينما كان سمرهيز يلعق الطوابع ليلصقها قالت:أرجو المعذرة يا سيدي,أريد نصيحتك في موضوع ما.
_نعم يا سيدة سويتيمان.
_طالما أنك ابن هذه المنطقة,ومن شأنك أن تعرف جيداً ما هو الأفضل.
أومأ سمرهيز برأسه.لقد كان متأثراً دوماً_بشكل غريب_بروح الإقطاع المتبقية في القرى الإنكليزية.إن القرويين لا يعرفون عنه شخصياً سوى القليل,ولكن بما أن والده وجده وأجداده السابقين عاشوا في لونغ ميدوز,فقد اعتبر القرويون أن من الطبيعي أن يوجه الآخرين وينصحهم عندما يطلبون منه ذلك.
قالت السيدة و سويتيمان:إن الأمر متعلق بإدنا هنا.
نشقت إدنا,ونظر جوني سمرهيز إليها بارتياب.فكر بأنه لم ير قط فتاة أقل جابية من هذه.إنها أشبه بأرنب مسلوخ,ويبدو أنها بنصف عقل أيضاً!
قال بلطف:حسناً.ما المشكلة؟
_إنها تتعلق بجريمة القتل يا سيدي.ليلة الجريمة.........رأت إدنا شيئاً.
نقل جوني سمرهيز نظراته السريعة من إدنا إلى السيدة سويتيمان ثم إلى إدنا مرة أخرى وقال:ما الذي رأيته يا إدنا؟
بدأت إدنا في النشيج,فأخذت السيدة سويتيمان زمام الحديث:لقد كنا نسمع بالطبع أشياء مختلفة,بعضها إشاعات وبعضها الآخر حقيقة.ولكن يُقال إن من المؤكد أن سيدة كانت هناك في تلك الليلة,وقد شربت القهوة مع السيدة أبورد.هذا صحيح,أليس كذلك؟
_بلى,أظنه كذلك.
_أعرف أن هذه حقيقة لأنني سمعتها من بيرت هيلنغ.
كان بيرت هيلنغ الشرطي المحلي الذي يعرفه سمرهيز جيداً.وهو رجل بطيء الكلام ذو إحساس بأهميته.قال سمرهيز:فهمت.
_ولكنهم لا يعرفون من تكون تلك السيدة,أليس كذلك؟حسناً,إدنا رأت تلك السيدة.
نظر جوني سمرهيز إلى إدنا وزم شفتيه كمن يريد أن يصفر,ثم قال:إذن فقد رأيتها يا إدنا,أليس كذلك؟وهي داخله......أم خارجه؟
قالت إدنا وقد حلحل لسانها إحساس بسيط بالأهمية:وهي داخله.كنتُ على الطرف الآخر من الشارع,تحت الأشجار,عند منعطف الزقاق تماماً حيث تسود الظلمة.ورأيتها,دخلت من البوابة واتجهت إلى الباب ووقفت هناك قليلاً ثم........ثم دخلت إلى الداخل.
قال سمرهيز وقد زالت تقطيبة جبينه:لا بأس في ذلك,فقد كانت هذه الآنسة هندرسُن,والشرطة يعرفون كل شيء عن ذلك. لقد ذهبت بنفسها وأخبرتهم بذلك.
هزت إدنا رأسها بالنفي وقالت: لم تكن الآنسة هندرسُن.
_لم تكن هي ...............من كانت إذن؟
_لا أعرف,لم أر وجهها,فقد كان ظهرها باتجاهي حين سارت في الممشي ووقفت هناك.ولكنها لم تكن الآنسة هندرسُن.
_لأن لها شعراً أشقر,وشعر آنسة هندرسُن أسود.
بدا جوني سمرهيز غير مصدق وقال:لقد كانت ليلة مظلمة جداًً,ولم يكن من السهل تمييز لون شعر أحد.
_ولكنني مع ذلك ميزتهُ,فقد كان ذلك المصباح مُضاء فوق الشرفة.كان قد تُرك هكذا لأن روبن والسيدة الكاتبة ذهبا معاً إلى المسرح,وكانت المرأة تقف مباشرة تحت ذلك الضوء,ترتدي معطفاً أسود ولا تضع قبعة,وكان شعرها يلتمع تماماً بشقرته.لقد رأيته.
أطلق جوني صفرة بطيئة وقال وقد بدا الجد في عينيه:في أي وقت كان ذلك؟
نشقت إدنا وقالت:لا أعرف بالضبط؟
قالت السيدة سويتيمان:أنت تعرفين الوقت.
_لم تكن التاسعة,وإلا لكنت سمعت ساعة الكنيسة,وكانت بعد الثامنة والنصف.
_أي بين الثامنة والنصف والتاسعة.كم لبثت وهي واقفة؟
_لا أعرف يا سيدي.لأنني لم أنتظر بعد ذلك ولم أسمع شيئاً,لا أنيناً ولا صراخاً ولا أي شيء من هذا القبيل.
بدا على إدنا الحزن,ولكن كان من الطبيعي أن لا يُسمع أي شيء,وكان جوني سمرهيز يعرف ذلك.قال بجدية:حسناً’شيء واحد يمكن عمله,يجب أن نُعلم الشرطة بذلك.
انفجرت إدنا في نوبة نشيج ونشق طويلة وقالت بصوت مخنوق:إن أبي سيسلخ جلدي حية بالتأكيد.
أرسلت نظرة توسل إلى السيدة سويتيمان وانطلقت إلى الغرفة الخلفية.تولت السيدة سويتيمان الأمر بكفاءة كاملة,وقالت جواباً على نظرت سمرهيز المتسائلة:الأمر كالتالي يا سيد سمرهيز:لقد كانت إدنا تتصرف بطريقة حمقاء,وأبوها رجل صارم,وربما كان مبالغاً بصرامته,ولكن من الصعب معرفة ما هو الأفضل هذه الأيام.في كولا فون شاب لطيف اسمه ريغ خطب إدنا واتفقا على الزواج,وكان أبوها مسروراً بذلك,ولكن الفتى بطيء متمهل بعض الشيء,وأنت تعرف الفتيات.ولذلك أخذت إدنا تخرج مؤخراً مع تشارلي ماسترز.
ماسترز؟أحد رجال فارمر كول,أليس كذلك؟
_بلى يا سيدي.وهو عامل مزرعة,ومتزوج وله طفلان,ولكنه يسعى دوماً وراء الفتيات,وهو سيء المقاييس.ليس لدى إدنا عقل,وقد أوقف والدها الأمر,وهو محق بذلك.وفي تلك الليلة كان يُفترض أن إدنا ذاهبة إلى كولا فون للذهاب إلى السينما مع ريغ........هذا ما قالته لوالدها على الأقل.ولكن الحقيقة أنها خرجت لمقابلة ماسترز.انتظرته عند منعطف الطريق حيث اعتاد أن يتقابلا فيما يبدو,ولكنه لم يأت.ربكا أبقته زوجته في البيت,أو لعله كان يلاحق فتاة أخرى,ولكن هذا ما حدث.وانتظرت إدنا ولكنها يئست منه أخيراً.والمشكلة أن من المحرج لها_كما ترى_أن تشرح ماذا كانت تعمل هناك في وقتٍ كان يُفترض فيه أن تركب الحافلة إلى كولا فون.
أومأ جوني سمرهيز برأسه,وقد كتم إحساساً بالتعجب من أن يكون لدى إدنا(التي تفتقر إلى الجاذبية)ما يمكن أن يثير إعجاب رجلين اثنين,واهتم بالجانب العلمي من الموقف فقال بتفهم واضح:وهي لا تريد أن تذهب إلى بيرت هيلنغ وتخبره بذلك؟
_هذا صحيح.
فكر سمرهيز بسرعة وقال بلطف:أخشى أن يكون من الواجب أن يعلم الشرطة بذلك.
_هذا ما قلته لها يا سيدي.
_ولكن لعل رجال الشرطة يتصرفون بلباقة إزاء.....إزاء الظروف.وربما لا يكون عليها أن تدلي بشهادتها في جلسة التحقيق,وسيُبقون أقوالها لأنفسهم.أستطيع أن أتصل بالمفتش سبنس وأطلب منه القدوم إلى هنا.لا ,الأفضل أن آخذ إدنا إلى كيلشستر في سيارتي,فإذا ذهبت إلى مركز الشرطة هناك فلن يعرف أحد هنا بذلك,وسوف أتصل بهم مسبقاً لأخبرهم بقدومنا.
وهكذا,وبعد مكالمة هاتفية قصيرة,خرجت إدنا الناشقة وقد أحكمت لف معطفها على جسمها,وبربته تشجيع من السيدة سويتيمان على ظهرها,ودخلت في السيارة التي سارت بها بسرعة باتجاه كيلشستر.

كاردينيا
09-09-2006, 10:53
مشكوررررة اختي على جهودك

شيهيرو
09-09-2006, 12:55
تسلمي كاردينا على رمورك الطيب
وين الباقي؟؟؟؟؟؟؟

nickcarter_2
12-09-2006, 14:22
طولت الغيبات وجبتي الغنايم يا شيهيرو
ياليت كل الأعضاء بنفس تصميمك

شيهيرو
12-09-2006, 21:40
الجزء الجاي قريب مررررررررة
تسلم اخوي على ردك والله ظنيت اني ماراح اشوف احد من المشجعين

scary girl
12-09-2006, 23:28
ثانكيوووووووووووووووو شيهيرو علي الاختيار الرائع سلمت يداكي ياعسل وننتظر الاجزاء القادمه بفارغ الصبر ::جيد::

أنشودة المطر
13-09-2006, 10:23
مشكووووووووووووورة أختي شهيرو ...يعطيك ألف عافية..

شيهيرو
13-09-2006, 13:09
سلمتم احبائي على ردودكم
والحين راح احط فصلين

شيهيرو
13-09-2006, 13:11
الفصل العشرين
كان هيركيول بوارو في مكتب المفتش سبنس في كيلشستر.كان مستنداً إلى ظهر كرسيه,وعيناه مغمضتين,وقد نصب أصابع يديه بعضها مقابل بعض.
تلقى المراقب سبنس بعض التقارير,وأصدر تعليماته إلى عريٍف لديه,وأخيراً نظر إلى الرجل الآخر وسأل:أتتلقى إلهاماً عقلياً يا سيد بوارو؟
_أنا أتأمل.إنني أراجع الأمور.
_نسيت أن أسألك.هل حصلت على شيء مفيد من جيمس بنتلي عندما رأيته؟
هز بوارو رأسه وقطب حاجبيه.كان جيمس بنتلي_بالفعل_هو موضوع تفكيره.
فكر بوارو_وقد نفد صبره_بأن من المزعج حقاً أن يكون المتهم الضحية مفتقراً لأي إغراء رومانسي في هذه القضية التي عرض فيها بوارو خدماته بلا مقابل,ولمجرد الصداقة والاحترام لضابط شرطة المستقيم!ولكن بدلاً من ذلك,لم يرمه حظه إلا أمام جيمس بنتلي الذي يُشكل حالة مرضية بالتأكيد.مخلوق متمحور حول نفسه لم يفكر كثيراً في أحد غير نفسه.رجل غير شاكر للجهود التي تُبذل لإنقاذه.....بل يكاد المرء يقول إنه غير مهتم بتلك الجهود.
وفكر بوارو قائلاً لنفسه:لعل من الأفضل حقاً أن يدعه المرء يُشنق ما دام هو نفسه لا يبدو مهتماً.
ولكن لا,ما كان ليذهب بعيداً إلى هذا الحد.اقتحم سؤال المفتش سبنس هذه التأملات,فأجابه بوارو:لو جاز لي القول لقلتُ أن مقابلتنا كانت غير مثمرة على الإطلاق.فهو لا يذكر أي شيء مفيد كان بوسعه أن يذكره....وما تذكره كان من الغموض والضبابية بحيث لا يستطيع المرء أن يبني عليه أي شيء.ولكن يبدو مؤكداً_في جميع الأحوال_أن السيدة ماغينتي كانت منفعلة بذلك المقال الموجودة في صحيفة صندي كوميت وتحدثت مع بنتلي بشأنه,مع إشارة خاصة إلى"شخص مرتبط بالقضية",ويعيش في بروديني.
سأل المفتش سبنس بحدة:بأية قضية؟
_لا يستطيع صاحبنا الجزم بذلك.لقد قال_بشيء من الشك_إنها قضية كريغ,ولكن بما أن قضية كريغ هي الوحيد التي سمع بها فيُفترض أن تكون هي الوحيدة التي استطاع أن يتذكرها.ولكن ذلك "الشخص"كان امرأة,حتى إنه اقتبس كلمات السيدة ماغينتي:"لن يكون لديها ما تفخر به لو عُرف كل شيء".
_تفخر به؟
أومأ بوارو رأسه تقديراً وقال:نعم,كلمة ذات دلالة,أليس كذلك؟
_ألم يكن لديه المفتاح أو إشارة إلى من تكون السيدة المتفاخرة؟
_اقترح بنتلي أنها السيدة أبورد....ولكن دون أي سبب حقيقي فيما أرى!
هز سبنس رأسه قال:ربما لأنها كانت من ذلك النوع الفخور النزاع إلى السيطرة,وأحسب أن تلك كانت صفة بارزة جداً لديها.ولكن لا يمكن أن تكون السيدة أبورد لأن السيدة أبورد ميتة,وهي ميتة لنفس السبب الذي ماتت من أجله السيدة ماغينتي .......أنها تعرفت على إحدى الصور.
قال بوراو بحزن:لقد حذرتها.
تمتم سبنس منزعجاً:ليلي غامبول!إذا ما أخذنا مسألة العمر بالاعتبار فليس لدينا سوى احتمالين :السيدة ريندل والسيدة كربنتر.أنا لم أضع الآنسة هندرسُن بالحسبان لأن لها خلفية معروفة.
_وليس للأخريات مثل تلك الخلفية؟
تنهد سبنس وقال:أنت تعرف كيف تسير الأمور هذه الأيام.لقد أثارت الحرب كل واحد وكل شيء.لقد دُمرت مدرسة الأحداث التي كانت ليلي غامبول فيها,وهي وكافة وثائقها,بضربة مباشرة.ثم فكر في الناس مثلاً,من أصعب الأشياء في العالم التحقيق من الناس.خذ بروديني مثلاً....إن الناس الوحيدين في بروديني الذين نعرف شيئاً عنهم هم عائلة سمرهيز التي تعيش أفرادها هناك منذ ثلاثمئة عام,وغاي كاربنتر أحد الذين امتهنوا الهندسة من آل كاربنتر.أما الآخرون جميعاًً فدائمو التغير.الدكتور ريندل موجود في سجلات الأطباء,ونعرف أين مارس المهنة,ولكننا لا نعرف خلفيته العائلية.زوجته من منطقة قرب دبلن,وقد كانت إيف سيلكيرك (كما كان اسمها قبل أن تتزوج غاي كاربنتر)أرملة جميلة من أرامل الحرب.كل واحدة يمكن أن تكون كذلك.خذ عائلة ويذربي.....يبدو وكأنهم طافوا حول العالم كله.لماذا؟هل لديهم سبب؟هل اختلسوا أموالاً من بنك؟أم هل حدثت لهم فضيحة ما؟أنا لا أقول إننا لا نستطيع البحث عن ماضي هؤلاء الناس,بل نحن نستطيع ذلك,ولكنه يستغرق زمناً, والناس أنفسهم لن يساعدوك في ذلك.
_لأن لديهم شيئاً يخفونه......ولكن ليس من الضرورة أن تكون ذلك الشيء جريمة قتل.
_بالضبط.قد تكون مشكلات مع القانون,أوقد تكون أصلاً وضيعاً,أو فضيحة عادية.ولكن_مهما يكن الأمر_فإنهم بذلوا جهدهم ليخفوه .....وهذا يجعل كشف الأمور صعباً.
_ولكن ليس مستحيلاً.
_ليس مستحيلاً,ولكنه يتطلب وقتاً فقط.وكما أقول,إذا كانت ليلي غامبول في بروديني,فهي إما إيف كاربنتر أوشيلا ريندل. وقد استجوبتهما.أوضحتُ لهما أن الأمر مجرد روتين,وقالتا إنهما كانتا في البيت....كل واحدة منهما بمفردهما.كانت السيدة كاربنتر البريئة ذات العينين الواسعتين,أما السيدة ريندل فكانت عصبية متوترة.ولكن هي من الطراز العصبي,لا يمكنك أن تعتمد على ذلك.
قال بوارو متأملاً:نعم,إنها من الطراز العصبي المزاج.
كان يفكر في السيدة ريندل وهي في الحديقة لونغ ميدوز.كانت قد تلقت رسائل مجهولة المصدر أو هذا ما قالته,وتعجب لتلك الإفادة كما سبق له أن تعجب.
مضى سبنس قائلاً:ويجب أن تكون حذرين.فحتى إن كانت إحداهما مذنبة,فالأخرى بريئة.
_كما أن غاي كاربنتر عضو محتمل في البرلمان وشخصية محلية مهمة.
_لن يفيد ذلك في شيء إذا كان متورطاً في جريمة قتل أو له علاقة بها.
_أعرف ذلك,ولكن المرء أن يكون متأكداً.
_هذا صحيح,ولكنك توافقني القول إن الأمر لا يعدو واحدة منهن؟
تنهد بوارو وقال:لا ,لا. ما كنتُ لأقول ذلك,إذ توجد احتمالات أخرى.
_مثل ماذا؟
سكت بوارو لحظة,ثم قال بنبرة مختلفة تكاد تكون عرضية:لماذا يحتفظ الناس بالصورة؟
_لماذا؟الله أعلم!لماذا يحتفظ الناس بكل الأشياء؟خردة,نُفايات,ومُختلف الأشياء.إنهم يفعلون ذلك,هذا كل شيء!
_أوافقك الرأي إلى درجة معينة.بعض الناس يقتنون الأشياء,وبعض الناس يرمون كل شيء حالما ينتهون منه.هذه مسألة طباع بالفعل,ولكنني أتكلم الآن _بشكل خاص_عن الصور.لماذا يحتفظ الناس بالصور علة وجه الخصوص؟
_كما قلتُ الآن,لأنهم لا يلقون بالأشياء بعيداً,أو ربما أنها تُذكرهم.....
قال بوارو مُركزاً على الكلمات:بالضبط.إنها تُذكرهم.الآن نسأل ثانية:لماذا؟ لماذا تحتفظ المرأة بصورتها وهي صغيرة؟وأقول إن السبب الأول هو الخُيلاء أساساً,فقد كانت فتاة جميلة تحتفظ بصورة لها تذكرها كم كانت جميلة.إنها تشجعها وترفه معنوياتها عندما تكشف لها مرآتها أشياء الكريهة,وربما قالت لصديقة لها:"هذا ما كنته عندما كنت في الثامنة عشرة....."ثم تتنهد.هل توافقني الرأي؟
_نعم,نعم. أحسب أن هذا صحيح تماماً.
_إذن هذا هو السبب الأول,الخُيلاء.والآن إلى السبب الثاني,العاطفة.
_أليس هذا نفس الشيء؟
_أبداً ليس تماماً,لأن هذا لا يقودك للاحتفاظ بصورتك فحسب,بل بصورة شخص آخر.....صورة لا بنتك المتزوجة وهي طفلة تجلس على سجادة الموقد يحيط بها قماش التول الناعم.
_لقد رأيت بعضاً من هذه الصور.
_نعم,وهي محرجة جداً لصاحب الصورة أحياناً,ولكن الأمهات يحببن هذا.وكثيراً ما يحتفظ الأبناء والبنات بصور لأمهاتهم,خاصة إذا توفيت أمهاتهم في وقت مبكر.ليقولوا:"هكذا كانت أمي وهي فتاة".
_لقد بدأت أدرك ما ترمي إليه يا بوارو.
_وربما كان يوجد سبب ثالث.ليس الغرور ولا العاطفة,وليس الحب....بل ربما الكراهية.ما رأيك؟
_الكراهية؟
_نعم,لإلقاء الرغبة في الانتقام حية.شخص تسبب بالأذى لك......قد تحتفظ بصورة له لتذكرك بذلك,ألي كذلك؟
_ولكن هذا لا ينطبق على حالتنا هذه بالتأكيد؟
_ألا ينطبق ؟
_ما الذي تفكر به؟
تمتم بوارو:إن التقارير الصحف غالباً ما تكون غير دقيقة.أفادت الصندي كوميت أن إيفا كين كانت مستخدمة لدى كريغ كمربية أطفال.هل كان ذلك حقيقة؟
_نعم,لقد كان,ولكننا نعمل على فرضية أن ليلي غامبول هي التي نبحث عنها؟
اعتدل بوارو فجأة في كرسيه,وهز سبابته الآمرة في وجه سبنس قائلاً:انظر,انظر إلى صورة ليلي غامبول.أنها ليست جميلة.لا!بصراحة,فإنها_بتلك الأسنان والنظارات_قبيحة جداً.إذن لا أحد يحتفظ بهذه الصورة للسبب الأول الذي شرحناه.لا يمكن لأي امرأة أن تحتفظ بها بدافع الخُيلاء,ولو التقطت أي من إيف كاربنتر أو شيلا ريندل هذه الصورة لنفسيهما_وكلاهما جميلتان,وخاصة إيف كاربنتر_لكان من شان أي منهما أن تسارع إلى تمزيقها إلى قطع صغيرة كيلا يراها أحد!
_حسناً,في هذا الشيء من الصحة.
_إذن فلنشطب السبب الأول.والآن لنأخذ العاطفة:هل أحب أي شخص ليلي غامبول يفيد أن أحداً لم يحبها,لقد كانت طفلة غير مرغوبة وغير محبوبة.الشخص الذي أحبها أكثر من غيره كان عمتها,عمتها التي ماتت تحت الساطور.إذن لم تكن العاطفة هي السبب في الاحتفاظ بالصورة.والآن:الانتقام؟لم يكرهها أحد كذلك.كانت عمتها المغدورة وحيدة بلا زوج وليس لها أصدقاء مقرون.لم يُكن أحد الكراهية لطفلة فقيرة صغيرة,لم يكن سوى الشفقة عليها.
_اسمعني يا سيد بوارو.إن الذي تقوله هو أنه ما من أحد يمكن أن يحتفظ بهذه الصورة.
_بالضبط.......هذه نتيجة تأملاتي.
_ولكن شخصاً ما فعل ذلك,لأن السيدة أبورد رأتها.
_هل رأتها حقاً؟
_تباً,أنت الذي أخبرتني بذلك.لقد قالت ذلك بنفسها!
_نعم,هي قالت ذلك,ولكن السيدة الراحلة أبورد كانت _من بعض الجوانب_امرأة متكتمة,وكانت تحب أن تدبر الأمور بطريقتها الخاصة.لقد قُمت بعرض الصور وتعرفت هي على واحدة منها,ولكن بعدها(لسبب ما)أرادت أن تحتفظ بتحديد الهوية لنفسها.لنقل إنها أرادت أن تتعامل مع موقف معين بالطريقة التي تخيلتها.ولذلك,ولأنها ذات ذكاء سريع,فقد تعمدت الإشارة إلى الصورة الخطأ,وبذلك احتفظت بمعلومتها لنفسها.
_ولكن لماذا؟
_لأنها_كما قُلت_أرادت أن تلعب وحدها.
_ألا يمكن أن يكون ذلك ابتزازاً؟لقد كانت امرأة غنية للغاية كما تعرف,أرملة لرجل صناعة من الشمال.
_لم يكن ابتزازاً.الأرجح أن يكون إحساناً.لنقل إنها أحبت الشخص المعني ولم تُرد أن تكشف السر,ومع ذلك فقد شعرت بالفضول.لقد أرادت أن تجري حديثاً خاصاً مع ذلك الشخص,وفي تلك الأثناء يمكنها أن تقرر فيما إذا كان لهذا الشخص علاقة بموت السيدة ماغينتي.شيء كهذا .
_إذن هذا يبقي الصور الثلاث الأخرى في دائرة الضوء.
_بالضبط.لقد أرادت السيدة أبورد أن تتصل بالشخص المعني في أقرب فرصة,وسنحت الفرصة عندما ذهب ابنها والسيدة أوليفر إلى المسرح في كوبينكيه.
_واتصلت بديردرا هندرسُن,وهذا يضع ديردرا هندرسُن مرة أخرى في دائرة الشك,وكذلك أمها!
هز المفتش سبنس رأسه بحزن نحو بوارو وقال:أنت تحب أن تجعل الأمور أكثر صعوبة,أليس كذلك يا سيد بوارو؟
*************

شيهيرو
13-09-2006, 13:12
الفصل الحادي والعشرين......
مشت السيدة ويذربي عائدة من مكتب البريد إلى البيت بخفة ومرح مُدهشين بالنسبة لامرأة توصف عادة بأنها عليلة مُقعدة.وعندما دخلت الباب الأمامي عادت لتجر رجليها بضعف إلى غرفة الجلوس وتنهار على الأريكة.
كان الجرس في متناول يدها فضغطت عليه,ولما لم يأتها أحد ضغطت مرة أخرى,مُبقية إصبعها علية لفترة من الوقت.
ظهرت مود ويليامز في نهاية الأمر,وكانت ترتدي سروال عمل مزركشاً وتحمل منفضة غبار في يدها.قالت:هل قرعت الجرس يا سيدتي؟
_قرعته مرتين.عندما أقرع الجرس أتوقع أن يأتي شخص في الحال,فقد أكون في حالة خطيرة.
_أنا آسفة يا سيدتي,لقد كنت في الطابق العلوي.
_أعرف أنك كنت هناك.لقد كنت في غرفتي,سمعت حركتك فوق رأسي,وكنت تفتحين وتغلقين الأدراج.لا أعرف لماذا,فليس جزءاً من عملك أن تتطفلي على أشيائي.
_لم أكن أتطفل,بل كنت أرتب بعض الأشياء التي تركتها مبعثرة هنا وهناك.
_هراء,كلكم متطفلون,ولن أقبل ذلك.إنني أشعر بضعف شديد.هل الآنسة ديردرا هنا؟
_لقد |أخذت الكلب في نزهة.
_يا للغباء!إنها تعرف أنني أحتاجها.أحضري لي بيضة مخفوقة في الحليب.
_لا يوجد سوى ثلاث بيضات للإفطار غداً.
_إذن سيضطر أحدنا للاستغناء عن بيضة.هلا أسرعت؟لا تقفي هكذا تنظرين إلي.كما أنك تضعين الكثير من المساحيق,وهذا غير مناسب.
سُمع صوت نباح كلب في القاعة ودخلت ديردرا وكلبها بينما غادرت مود لاهثة:لقد سمعت صوتك.ما الذي كنت تقولينه لها؟
_لاشيء.
_لقد بدت كالصاعقة.
_لقد ألزمتها منزلتها الصحيحة.....فتاة وقحة!
_آه,يا أمي العزيزة,أكان ذلك ضرورياً؟من الصعب الحصول على أي خادمة,وهي تطبخ جيداً.
_لن أسمح لها بأن تكون وقحة معي !آه,حسناً,لن أمكث معكم طويلاً.
أغلقت السيدة ويذربي عينيها وأخذت بعض الأنفاس المضطربة وأضافت:لقد مشيت مسافة طويلة.
_كان عليك أن لا تخرجي يا عزيزتي.لماذا لم تخبرني بأنك خارجه؟
_رأيُت أن القليل من الهواء سيكون مفيداً لي.إن الجو خانق.هذا لا يهم,لا يريد المرء حقاً أن يعيش ...........ليس إذا كان مجرد عبء على الآخرين.
_أنت لست عبئاً يا عزيزتي,أفضل أن أموت معك.
_أنت فتاة طيبة,ولكنني أدرك كيف أنني أبعث فيك السأم وأثير أعصابك.
قالت ديردرا بحماسة:لا,أنت لا تفعلين ذلك.
تنهدت السيدة ويذربي وأسدلت جفنيها,ثم تمتمت قائلة:إنني...لا أستطيع التكلم كثيراً.يجب أن أبقى ساكنة.
_سوف أستعجل مود بالبيض المخفوق.
خرجت ديردرا تركض من الغرفة,وأثناء خروجها علق مرفقها بالطاولة فسقط تمثال برونزي على الأرض.تمتمت السيدة ويذربي قائلة لنفسها:يا للخرق!
فتح الباب ودخل السيد ويذربي.وقف برهة قبل أن تفتح السيدة ويذربي عينيها وتقول:آه,هذا أنت ياروجر؟
_أتساءل ما سبب كل هذا الضجيج الذي كان هنا.يستحيل على المرء أن يقرأ في هذا البيت.
_إنها فقط ديردرا يا عزيزي.جاءت بالكلب.
انحنى السيد ويذربي فالتقط التمثال البرونزي عن الأرض وقال:إن ديردرا أكبر بالتأكيد من أن توقع الأشياء طوال الوقت.
_أنها خرقاء مرتبكة قليلاً فحسب.
_من السخف أن تكون كذلك في مثل سنها.ألا تستطيع أن توقف ذلك الكلب عن النباح؟
_سأكلمها ياروجر.
_إذا أرادت أن تجعل من هذا لمكان بيتاً لها فإن عليها أن تراعي رغباتنا ولا تتصرف وكان هذا البيت ملك لها.
تمتمت السيدة ويذربي قائلة:رما كنت تفضل خروجها.
ثم راقبت زوجها من خلال عينيها نصف المغلقتين,فقال:لا,لا.من الطبيعي إن هذا هو بيتها.كل ما لأطلبه هو المزيد من الحصافة والسلوك الحسن.هل كنت في الخارج يا إيديث؟
_نعم.ذهبت إلى مكتب البريد فقط.
_هل من أخبار جديدة عن السيدة أبورد المسكينة؟
_مازال الشرطة جاهلين بهوية قاتلها.
_يبدو أنهم في وضع يائس تماماً.هل ظهر أي دافع؟من الذي يحصل على مالها؟
_أحسبه ابنها.
_نعم,نعم.لا بد إذن أنه أحد المشردين.يجب أن تخبري هذه ا لفتاة أن تكون حريصة بشأن إغلاق الباب الأمامي,وأن لا تفتحه إلا بقد ما يسمح قفل السلسلة عندما يقترب الظلام.إن هؤلاء المتشردين في غاية الجرأة والوحشية هذه الأيام.
_يبدو أن شيئاً لم يؤخذ من السيدة أبورد.
_غريب!
_ليس كما كان الحال في قضية السيدة ماغينتي.
_السيدة ماغينتي؟آه!الخادمة.وما علاقة السيدة ماغينتي بالسيدة أبورد؟
_لقد عملت لديها ياروجر.
_لا تكوني سخيفة يا إيديث.
أغمضت السيدة ويذربي عينيها ثانية,ومع مغادرة السيد ويذربي الغرفة ابتسمت لنفسها.ثم فتحت عينيها بشيء من الجفلة لتجد مود واقفة عند رأسها حاملة في يدها كأساً.
_بيضك المخفوق يا سيدتي.
كان صوتها عالياً وواضحاً,وتردد بشكل مسموع في جنبات البيت الساكن.
ونظرت السيدة ويذربي للأعلى بشعور غامض بالذعر.لكم هي طويلة وحازمة تلك الفتاة.رفعت نفسها على مرفقها وأخذت الكأس قائلة:شكراً لك مود.
واستدرت مود وغادرت الغرفة,إلا أن السيدة ويذربي بقيت تشعر بانزعاج غامض.

شيهيرو
13-09-2006, 13:15
الأجزاء الجاية راح اتأخر فيها لاني راح اكتبها كله مع بعض وراح احطه كله مع بعض
ان شائ الله تستمتعوا بافصلين

scary girl
13-09-2006, 22:33
ثانكيووووووووووووووو حبيبتي وان شاء الله استني البقيه بفارغ الصبر وميغسي لانه بصراحه القصه تحفه مرررررررررررررررررررررررررررره ::جيد::

gygy
16-09-2006, 16:00
ثانكس شيهيرو على الفصلين
منتظرة الفصول القادمة

كاردينيا
21-09-2006, 17:20
شكرا حبيبتي تعبناك

funnygirl
23-09-2006, 07:40
القصة عجيبة وأنا أحب بوارو وايد
وإن شاء الله تكملينها ياأخيتي

Thanks girl

شيهيرو
27-09-2006, 16:09
تسلموا قريباً ان شاء الله

فوطمي لتيجي
03-10-2006, 13:07
شكرا على القصة انها جميلة
وارجو ان تاتي بباقي الأجزاء بسرعة
لأن مدرستي ستبدأ بعد يومين

rananoor
08-10-2006, 20:25
القصه جميله

أين البقيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه!!!

شكراااااا

شيهيرو
09-10-2006, 17:33
مشكورة على متابعتكم للقصة
والسموحة على التأخير بس الدراسة مأخذة وقتي بس الحين عطلة راح احط النهاية على هذا الا سبوع ان شاء الله وانهىء القصة
وهذا الجزء

الثاني والعشرين
استقل هيركيول بوارو سيارة مستأجرة عائداً إلى بروديني.
كان مُتعباً من التفكير,والتفكير مسألة مُنهكة دائماً.ولم يكن تفكيره قد قاده إلى نتائج مُرضية تماماً.بدا له الأمر أشبه بنمط أو شكل تمت حياكته على قطعة قماش.ومع ذلك,ورغم أنه يمسك بقطعة القماش,إلا أنه لا يستطيع إدراك ماهية الشكل.
ولكن كان كل شيء موجوداً في النقش....هذه هي النقطة الأساسية.كل شيء هناك,غير أن هذا النمط كان من تلك الأنماط الخفية الدقيقة على الأفهام التي يصعب إدراكها.
وفي طريقه خارجاً من كيلشستر التقت السيارة التي استقلها بسيارة سمرهيز الذاهبة في الاتجاه الآخر.كان جوني يقود السيارة وبجانبه شخص آخر,ولم يكد بوارو يلاحظهما لأنه كان مستغرقاً في التفكير.
عند عودته إلى لونغ ميدوز ذهب إلى غرفة الجلوس.أبعد مصفاة مملوءة بالسبانخ عن أكثر الكراسي راحة في الغرفة وجلس عليه,وسمع من فوقه صوت طرقات خفيفة لآلة كاتبة.إنه روبن أبورد,يجاهد في كتابة مسرحية جديدة,وقد أخبر بوارو أنه مزق حتى الآن ثلاث نسخ,وأنه_لسبب ما_ لا يستطيع التركيز.
قد يكون روين صادق التأثر بموت والدته,ولكنه يبقى روبن أبورد الذي يهتم أولاً بنفسه.كان قد قال بتجهم:كان من شأن أمي أن ترغب في أن أستمر في عملي.
وكان هيركيول بوارو قد سمع الكثيرين يقولون نفس الشيء تقريباً,فقد كانت تلك المعرفة بما كان من شأن الأموات أن يرغبوا به من أكثر الافتراضات راحة وملاءمة.ولن تجد لدى فاقدي أقربائهم_عادة_ أي شك بشأن رغبات وأماني من فقدوهم,تلك الرغبات التي تنسجم دوماً مع ميول الأحياء ونزعاتهم.
وربما كان الأمر صحيحاً هذه المرة,فقد كان للسيدة أبورد إيمان عميق بعمل روبن,وكانت فخورة جداً به.
استند بوارو إلى الخلف وأغلق عينيه.فكر في السيدة أبورد,وتأمل في شخصيتها الحقيقة.تذكر عبارة سمعها ذات مرة من ضابط شرطة تقول:"سوف نأخذه معزولاً لنرى ما لذي يجعله يتصرف".
ما الذي كان يجعل السيدة أبورد تتصرف؟
سُمع صوت خبطة,ودخلت مورين سمرهيز وشعرها متطاير كالمجانين وقالت:لا أدري ما لذي حدث لجوني.لقد ذهب إلى مكتب البريد بتلك الطلبات الخاصة.يُفترض أن يكون قد عاد منذ ساعات.أريده ليصلح باب قُن الدجاج.
فكر بوارو بأن من شأن سيد مهذب حقيقي أن يعرض بشهامة إصلاح باب القُن بنفسه,ولكن بوارو لم يعرض ذلك.أراد أن يمضي بتفكيره بجريمتي القتل وبشخصية السيدة أبورد أيضاً.قالت مورين:كما لم أجد استمارة وزارة الزراعة.لقد بحثت عنها في كل مكان.
قال بوارو عارضاً المساعدة:السبانخ على الأريكة.
ولكن السبانخ لم تكن تُقلق مورين.قالت:لقد جاءت الاستمارة في الأسبوع الماضي,ولا بد أنني وضعتها في مكان ما.ربما كان ذلك عندما كنت أرتق سترة جوني.
اندفعت مسرعة إلى مكتب وبدأت فتح الأدراج مُلقية معظم محتوياتها على الأرض بلا رحمة,وكان هيركيول بوارو يجد ألماص عظيماً في مراقبتها وهي تقوم بذلك.
فجأة,أطلقت صرخة انتصار وقالت:"وجدتها!",ثم خرجت مسرعة من الغرفة بسرور.تنهد هيركيول بوارو واستأنف تأملاته.
ليرتب الأمور,بنظام وبدقة.......
قطب جبينه,شرد ذهنه لمرأى الكومة المبعثرة من محتويات المكتب على الأرض.يا للطريقة الغريبة للبحث عن الأشياء!النظام والمنهجية.هذا هو المطلوب,النظام والمنهجية.
وبالرغم من استدارته إلى كلا الجانين في الكرسي,إلا أنه لم يستطع التخلص من رؤية الفوضى الموجودة على الأرض.أدوات خياطة,كومة من الجوارب,رسائل,
صوف حياكة,مجلات,شمع,صور,سترة......كان أمراً لا يطاق.
نهض بوارو واتجه نحو المكتب,وبحركة سريعة ماهرة بدأ في إعادة الأشياء إلى الأدراج المفتوحة.السترة والجوارب والصوف,ثم,في الدرج التالي,الشمع والصور والرسائل.
رن جرس الهاتف فجفل بوارو لحدة زنين الجرس.ذهب إلى الهاتف ورفع السماعة:ألو,ألو,نعم؟
سمع صوت المفتش سبنس:آه,هذا أنت يا سدي بوارو؟أنت تماماً من أريده.
كان صوت سبنس أن لا يكون مُميزاً,وكأن رجلاً في غاية القلق تنحى ليحل محله رجل واثق جداً.
قال سبنس بمحبة مؤنبة:بعد أن ملأت رأسي بالكلام عن الصورة الخطأ أتانا دليل جديد.فتاة في مكتب البريد في بروديني,أحضرها الميجر سمرهيز لتوه.يبدو أنها كانت تقف مقابل البيت تماماً في تلك الليلة ورأت امرأة تدخل إليه.كان ذلك بعد الثامنة والنصف وقبل التاسعة,ولم تكن تلك المرأة ديردرا هندرسُن,إذ كانت ذات شعر أشقر.وهذا يعيد إلى حيث كنا......إن الأمر لا يعدو بالتأكيد واحد من الاثنين,إما إيف كاربنتر أو شيلا ريندل.والسؤال الوحيد الآن هو:أيهما؟
فتح بوارو فمه ولكنه لم يتكلم.أعاد سماعة الهاتف إلى مكانها بحذر,ثم قف هناك محملقاً أمامه بشرود.
رن جرس الهاتف مرة أخرى.ورفع بوارو السماعة أيضاً.ألو؟
_هل أستطيع التكلم مع السيد بوارو من فضلك؟
_هيركيول بوارو يتكلم.
_لقد ظننتُ ذلك.مود ويليامز تتلكم.احضر إلى مكتب البريد بعد ربع ساعة.
_سأكون هناك.
وضع السماعة في مكانها ونظر إلى قدميه.هل يغير حذاءه؟إن قدميه تؤلمانه قليلاً........ولكن لا يهم.أخذ قبعته بحزم وغادر المنزل.
في طريقة إلى أسفل التلة حياه أحد رجال المفتش سبنس أثناء خروجه من منزل السيدة أبورد:صباح الخير يا سيد بوارو.
رد بوارو بأدب,ولاحظ أن العريف فليتشر يبدو منفعلاً,وقد شرح قائلاً:لدق أرسلني المفتش إلى هنا لأجرى تفتيشاً دقيقاً شاملاً,لعلي أجد أي شيء قد نكون أغفلناه. فلا يدري المرء,أليس كذلك؟لقد سبق وفحصنا المكتب بالطبع ولكن المفتش خطرت بباله فكرة عن احتمال وجود دُرج سري.لا بد أنه كان يقرأ روايات التجسس فتأثر بها!لم أجد أي درج سري,ولكني فتشت الكتب بعد ذلك.أحياناً يضع الناس رسالة في كتاب يقرؤونه كما تعرف.
رد بوارو بأنه يعرف ذلك,وسأل بأدب:هل وجدت شيئاً؟
_لا,لك أجد رسالة,ولكني وجدت شيئاً مثيراً للاهتمام......أو أنني أعتبره كذلك على الأقل.انظر إلى هذا.
أخرج فليتشر من ورق صحيفة كتاباً قديماً بالياً وقال:كان علي أحد رفوف الكتب.إنه كتاب قديم,ولكن انظر هنا.
فتح الكتاب وعرض على بوارو الغلاف الداخلي له,وكان مكتوباً عليه بقلم رصاص:إيفلين هوب.قال العريف:ألا ترى هذا مثيراً؟إن هذا الاسم,إن كنت لا تذكر....
_هو الاسم الذي انتحلته إيفا كين عندما غادرت إنكلترا.نعم,أذكر ذلك.
_يبدو وكأن الصورة التي ميزتها السيدة ماغينتي هي صورة صاحبتنا السيدة أبورد.هذا يعقد الأمور,أليس كذلك؟
قال بوارو صادقاً:إنه يُعقدها بالفعل.أؤكد لك أن عودتك إلى المفتش سبنس بهذه المعلومة ستجعله يشد شعره ويقتلعه من جذوره......نعم من جذوره بالتأكيد!
_آمل أن لا يكون الأمر بهذا السوء.
لم يجبه بوارو,بل أكمل طريقه إلى أسفل التلة.كان قد توقف عن التفكير,فم يعد لأي شيء حوله معنى.
دخل مكتب البريد,وكانت مود ويليامز تنظر إلى نماذج الحياكة.لم يتكلم بوارو معها,بل ذهب إلى منضدة الطوابع.وعندما أكملت مود مشترياتها جاءت السيدة سويتيمان إليه فاشترى بعض الطوابع.وخرجت مود من الدكان.
بدا على السيدة سويتيمان الانشغال وعدم الرغبة في الثرثرة,ولذلك تمكن بوارو من اللحاق بمود بسرعة.انضم إليها بعد مسافة قصيرة على الطريق وسار بجانبها.
قالت السيدة سويتيمان وهي تنظر من نافذة مكتب البريد متعجبة وقد ساءه المنظر:يا لهؤلاء الأجانب! كلهم سواء,كل الرجال!إنه يكاد يكون بعمر جدها!
***************
_حسناً,هل لديك ما تريدين قوله لي؟
_لا أدري إن كان ذلك مهماً.لقد كان أحدهم يحاول الدخول من نافذة غرفة السيدة ويذربي.
_متى؟
_هذا الصباح.كانت هي من قد خرجت,وخرجت الفتاة كذلك بالكلب.وكان العجوز السخيف قد أغلق عليه مكتبه كالعادة.وكنت أنا في المطبخ طبعاً, ولكن بدت لي الفرصة ممتازة لكي .....هل تفهمني؟
أومأ بوارو برأسه بالإيجاب,فمضت قائلة:ولذلك تسللت إلى الطابق العلوي ثم إلى غرفة نوم السيدة,وكان هناك سُلم يستند إلى النافذة ورجل يعبث بمزلاجها.كانت قد أقفلت كل شيء منذ جريمة القتل,ولا أثر للهواء المنعش,وعندما رآني الرجل نزل بسرعة هرب.وكان السلمُ سلم البستاني,إذ كان يشذب اللبلاب وذهب لتناول طعامه.
_من كان ذلك الرجل؟هل تستطيعين وصفه؟
_لم أره إلا للمحة عابرة.وما أن وصلتُ إلى النافذة حتى كان في أسفل السلم وهرب,وعندما رأيته في البداية كان في مواجهة الشمس ولذلك لم أستطيع رؤية وجهه.
_أأنت متأكدة أنه رجل؟
فكرت مود وقالت:كان يلبس ملابس رجل وعلى رأسه قبعة قديمة من اللباد.ربما كان امرأة,بالطبع...
_أمر مثير.مثير للغاية.....أيوجد أي شيء آخر؟
_ليس بعد.يا للخردة التي تحتفظ بها تلك العجوز!لابد أنها خرفة!لقد دخلت البيت دون أن أسمعها هذا الصباح وعنفتني لتطفلي.سأقتلها في المرة القادمة.إذا كان أحد يطلب لنفسه القتل فهي تلك المرأة.امرأة سيئة حقاً.
تمتم بوارو بهدوء:إيفلين هوب.
التفتت إليه بسرعة قائلة:ما هذا ؟
_أنت تعرفين الاسم إذن؟
_نعم,بالطبع.إنه الاسم الذي انتحلته إيفا فلان عندما غادرت إلى أستراليا.لقد.......لقد ورد ذلك في الصحيفة....في الصندي كوميت.
_لقد قالت الصندي كوميت أشياء عديدة ولكنها لم تقل ذلك,وقد وجد الشرطة الاسم مكتوباً على كتاب في منزل السيدة أبودر.
هتفت مود:إذن فقد كانت هي بالفعل,ولم تمت هناك...كان مايكل على حق.
_مايكل؟
قالت مود بسرعة:"لا أستطيع الانتظار,فسأتأخر عن تقديم الغداء.إنه في الفرن,ولكنه سيحترق".ثم انطلقت تركض,ووقف بوارو ينظر في إثرها.
على نافذة مكتب البريد تساءلت السيدة سويتيمان_وقد التصق أنفها بزجاج النافذة_إن كان ذلك الأجنبي العجوز يُقدم اقتراحات ذات طبيعة معينة....
*****************
عند عودته إلى مونغ ميدوز خلع بوارو حذاءه ولبس نعلاً منزلياً خفيفاً.لم يكن يرى ذلك النعال أنيقاً,ولكنه سيريح قدميه بالتأكيد.جلس على الكرسي المريح وبدأ مرة أخرى في التفكير,فقد تجمع لديه الآن الكثير مما يجب التفكير فيه.
أحس بأشياء افتقدها.....أشياء صغيرة.كان النمط كله هناك,لا يُعوزه إلا الترابط والانسجام:مورين والكأس في يدها,تتكلم بصوت حالم....تطرح سؤالاً....حديث السيدة أوليفر عن أمسيتها في المسرح.سيسيل؟مايكل؟كان شبه متأكدٍ أنها ذكرت شخصاً بهذا الاسم.....إيفا كين,مربية أطفال لعائلة كريغ.....
إيفلين هوب..........
بالطبع !إيفلين هوب!


من هي إيفلين هوب ياترى؟؟؟
وهل ستظهر تطورت جديدة على القضية؟؟
تابعوني بالاجزاء الاخيرة بأذن الله

rananoor
11-10-2006, 18:15
شكراا لكى!

rananoor
13-10-2006, 10:25
أين الباقى!

شيهيرو
13-10-2006, 16:50
قريب بأذن الله

شيهيرو
17-10-2006, 16:27
الفصل الثالث والعشرون
جاءت إيف كاربنتر إلى منزل سمرهيز بالطريقة المعتادة التي يأتي بها معظم الناس مستخدمة أقرب باب أو باب الزجاجي.كانت تبحث عن هيركيول بوارو,وعندما وجدته قالت مباشرة ودون مقدمات:اسمعني,أنت رجل تحر,ويفترض أنك جيد.حسناً,سأستأجرك.
_وماذا لو أنني لا أستأجر؟يا إلهي,أنا لست سيارة أجرة!
_أنت رجلُ تحر خاص,ورجال التحري الخاصون يتقاضون أجرة,أليس كذلك؟
_هذه هي العادة.
_حسناً,هذا ما أقوله.سأدفع لك,سأدفع لك جيداً.
_لقاء ماذا؟ما الذي تريدينني أن أعمله؟
قالت إيف كاربنتر بحدة:لتحميني من الشرطة.إنهم مجانين.يبدو أنهم يحسبون أنني قتلت السيدة أبورد,وهم يتطفلون,ويسألونني كل أنواع الأسئلة ........ويحفرون لاستخراج الأشياء,لا أحب ذلك.إنه يدفعني للجنون!
نظر بوارو إليها.كان بعض ما قالته صحيحاً.لقد بدت أكبر بسنوات كثيرة من حالها عندما رآها قبل أسابيع قليلة,الدوائر تحت عينيها تنبئ بليال من الأرق,وقد ظهرت خطوط من فمها إلى ذقنها,ويدها ترتجف كثيراً.
قالت:يجب أن توقف هذا.
_سيدتي,ما الذي يمكنني عمله؟
_أبعدهم بطريقة أو أخرى.تباً لوقاحتهم!لو كان غاي رجلاً حقاً لأوقف كل هذا ولما تركهم يلاحقوني.
_ألا يقوم بأي إجراء؟
قالت بنكد:لم أخبره بشيء.إنه يتكلم كلاماً طناناً عن إعطاء الشرطة كل مساعدة ممكنة.وهذا لا يضيره هو, فقد كان في اجتماع سياسي مقيت في تلك الليلة.
_وأنت؟
_كنت جالسة في البيت,أستمع إلى المذياع في الحقيقة.
_ولكن إذا كان بوسعك إثبات ذلك........
_كيف أثبته؟لقد عرضتُ على السيدة كروفت مبلغاً هائلاً ليقولوا إنهم جاؤوا إلى البيت وخرجوا منه مراراً وإنهم شاهدوني هناك....ولكن الخنزيرة رفضت.
_كانت تلك حركة غير حكيمة أبداً من جانبك.
_لا أرى سبباً لرأيك هذا.فقد كان من شان ذلك إنهاء المسألة.
_لعلك بهذه الخطوة أقنعت خدمك بأنك ارتكبت الجريمة.
_حسناً,لقد سبق أن دفعت للسيدة كروفت من أجل......
_من أجل ماذا؟
_لاشيء.
_تذكري.....أنت تطلبين مساعدتي.
_آه,لم يكن شيئاً ذا قيمة,ولكن كروفت تلقى الرسالة منها.
_من السيدة أبورد؟
_نعم.تطلب مني أن أذهب وأزورها تلك الليلة.
_وتقولين إنك لم تذهبي؟
_ولماذا أذهب؟امرأة عجوز مملة.لماذا أذهب وأمسك بيدها؟لم أحلم أبداً بالذهاب ولو للحظة.
_متى جاءت تلك الرسالة؟
_عندما كنت خارجة,لا أعرف بالضبط متى.أظنها جاءت بين الخامسة والسادسة,واستلمها كروفت.
_وأعطيته أنت المال كي ينسى أن يتلقى تلك الرسالة؟لماذا؟
_لا تكن ساذجاً.لم أُرد التورط بهذا الأمر كله.
_ثم عرضت عليهما المال ليوفرا لك دليل غياب عن مسرح الجريمة؟ماذا تحسبينه يرى الآن هو وزوجته؟
_ومن يهتم برأيهما؟
قال بوارو بتجهم:هيئة المحلفين قد تهتم برأيهما.
حملقت به وقالت:لا أحسبك جاداً؟
_بل أنا جاد.
_يستمعون إلى الخدم.....ولا يستمعون إلي؟
نظر بوارو إليها ملياً.يا للوقاحة والغباء المُطلقين!تثير عداوة أناس ربما كانوا مفيدين لها.سياسية قصيرة النظر بلهاء....قصيرة النظر,لعينين واسعتين زرقاوين جميلتين .
قال بهدوء:لماذا لا تضعين نظارات يا سيدتي؟أنت بحاجة لها.
_ماذا؟آه,أضعها أحياناً.كنت أضعها وأنا طفلة.
_وكان لك طقم أسنان وقتها.
حملقت به وقالت:نعم في الواقع,لماذا كل هذه الأسئلة؟
_البطة القبيحة أصبحت بجعة جميلة.
_لقد كنت قبيحة حقاً بالتأكيد.
_هل كانت أمك تظن ذلك؟
قالت بحدة:لا أذكر أمي.وما هذا الذي تتكلم عنه بربك؟هل ستقبل المهمة؟
_يؤسفني أنني لا أستطيع .
_لماذا لا تستطيع؟
_لأنني أعمل_في هذه القضية_لحساب جيمس بنتلي.
_جيمس بنتلي؟آه,تعنى ذلك المخبول الذي قتل الخادمة.ما علاقته هو بالسيدة أبورد؟
_ربما.......لا شيء.
_فما المشكلة إذن!أهي المسألة مال؟كم تريد؟
_هذه غلطتك الكبيرة يا سيدتي.أنت دائماً تفكرين بمعيار المال.إن لديك مالاً وتحسبين أن المال وحده هو الذي يهم.
قالت إيف كاربنتر:لم يكن لذي المال دائماً.
قال بوارو:"نعم,لقد خمنتُ ذلك".ثم أومأ برأسه بلطف وقال:وهذا يُفسر الكثير,ويبرر بعض الأشياء!
*******************
خرجت إيف كاربنتر بالطريقة التي دخلت بها,وهي تتخبط قليلاً,كما تذكر بوارو أنها فعلت مسبقاً.
قال بوراو بهدوء لنفسه:إيفلين هوب.......
إذن فقد اتصلت السيدة بكل من ديردرا هندرسنُ وإيفلين كاربنتر,وربما اتصلت بشخص آخر.ربما..........
دخلت مورين بخبطة وقالت:"إنه مقصّي الآن .آسفة لتأخر الغذاء.لدى ثلاثة مقصات ولا أجد واحداً منها".ثم اندفعت إلى المكتب,وتكررت العملية التي عرفها بوارو جيداً,ولكنها عثرت على ضالتها بسرعة أكبر في هذه المرة.وبصرخة فرح عالية غادرت مورين الغرفة.
خطا بوارو بشكل آلي إلى المكتب وبدأ يعيد الأشياء إلى الدرج:الشمع,ورق الملاحظات,السلة,الصور.....
الصور...
وقف محملقاً في الصورة التي في يده.ثم سمع وقع خطوات تعود أدراجها في الممر.وقد كان بوسع بوارو أن يتحرك بسرعة رغم كبر سنه,فقد رمى الصورة على الأريكة ووضع وسادة عليها وجلس على الوسادة قبل أن تعود مورين إلى الغرفة.
_أين وضعت مصفاة السبانخ؟
_إنها هناك يا سيدتي.
أشار إلى المصفاة الموجودة بجانبه على الأريكة,وقالت وهي تخطفها بسرعة:إذن فقد تركتها هنا.كل شيء تأخر اليوم.
ثم أبصرت هيركيول بوارو جالساً باستقامة شديدة على الأريكة فقالت:لماذا تجلس هنا بهذا الشكل بالله عليك؟وأيضاً على وسادة إنها أقل الأرائك راحة في الغرفة,فكل لوالبها مكسورة.
_أعرف يا سيدتي.ولكنني....ولكنني أستمتع بتأمل تلك الصورة على الحائط.
نظرت إلى اللوحة الزيتية التي تصور ضابط بحرية يحمل تلسكوباً وقالت:نعم,إنها جيدة,لعلها الشيء الوحيد الجيد في البيت.جوني يرفض بيعها,فهي تخص واحداً من أجداده القدامى غرق مع سفينته أو قام بعمل شهم للغاية.إن جوني فخور جداً بها.
قال بوارو بلطف:نعم,إن لزوجك ما يفخر به!
**************
كانت الساعة تشير إلى الثالثة عندما وصل بوارو إلى منزل الدكتور ريندل.
كان قد تناول على الغذاء حساء بلحم الأرنب وسبانخ وبطاطا مع فطيرة خاصة غريبة ليست محترقة هذه المرة,وبدلاً من ذلك فقد"تخللها الماء"(كما أوضحت مورين),وشرب نصف الكوب من القهوة الموحلة.لم يكن يشعر بحالة جيدة!
فتحت الباب مدبرةُ المنزل الكهلة,السيدة سكوب.وسأل عن السيدة ريندل.كانت في غرفة الجلوس تستمع إلى المذياع,وقد نهضت جفلة عندما أعلن عن قدومه.
تكون لديه نفس الانطباع الذي كونه عنها عندما رآها أ,ل مرة:حذرة,محترسة,خائفة منه,أو خائفة مما يمثله.وبدت أكثر شحوباً وانزواءً مما كانت عليه,وكاد يكون واثقاً من أنها أنحلُ من السابق.
قال لها:أريد أن أسألك سؤالاً يا سيدتي.
_سؤال؟آه,نعم.
_هل اتصلت بك السيدة أبورد يوم وفاتها؟
نظرت إليه باستغراب وأومأت بالإيجاب,فقال:في أي وقت؟
_لقد تلقت السيدة سكوب الرسالة,وأحسب أن ذلك كان في نحو السادسة.
_ماذا كانت الرسالة؟تطلب منك الذهاب لزيارتها ذلك المساء؟
_نعم.قالت إن السيدة أوليفر وروبن ذاهبان إلى كيلشستر,وإنها ستكون وحدها طول المساء إذ أن جانيت في إجازة تلك الليلة.وتسأل إذا كان ممكناً أن أبقى برفقتها ذلك المساء.
_هل تم ذكر أي وقت؟
_الساعة التاسعة أو بعد ذلك.
_ وهل ذهبت؟
_لقد أردت الذهاب,أردت الذهاب حقاً.ولكن لا أعرف ماذا حدث,فقد غلبني النوم بعد العشاء تلك الليلة,وكانت الساعة بعد العاشرة عندما استيقظت,فرأيت أنني تأخرت كثيراً.
_ألم تخبري الشرطة عن مكالمة السيدة أبورد؟
اتسعت عيناها.كانت بهما نظرة طفولية بريئة وقالت:"وهل كان علي أن أفعل ذلك؟ظننتُ أن الأمر لا يهم طالما أنني لم أذهب.ربما أحسست أيضاً بالذنب,فلعلها كانت حية الآن لو أنني ذهبت إليها".ثم حبست أنفاسها فجأة وقالت:آه,ليت الأمر لم يجر على ذلك النحو.
_لم يكن على ذلك النحو تماماً.
توقف قليلاً,ثم قال:ما لذي تخافين منه يا سيدتي؟
حبست أنفاسها بحدة وقالت:أخاف؟أنا لست خائفة.
_ولكنك خائفة.
_يا لهذا الهراء!ما الذي...........ما الذي يمكن أن أخاف منه؟
سكت بوارو لحظة قبل أن يتكلم :ظننتُ أنك ربما كنت خائفة مني....
لم تجبه.ولكن عيناها اتسعتا,وببطء وتحد هزت رأسها بالنفي.

شيهيرو
17-10-2006, 16:29
الفصل الرابع والعشرون
قال سبنس:هذا هو الطريق إلى مستشفى المجانين!
أجابه بوارو مُهدئاً:ليس الأمر بهذا السوء.
_هذا ما تقوله أنت.كل معلومة جديدة نحصل عليها تجعل المسألة أكثر تعقيداً.وها أنت ذا تقول لي إن السيدة أبودر اتصلت بثلاث نساء,وطلبت منهن القدوم ذلك المساء.لماذا ثلاث؟ ألم تكن هي نفسها تعرف من هي ليلي غامبول؟ أم أن المسألة ليست مسألة ليلي غامبول على الإطلاق؟خذ مثلاً ذلك الكتاب الذي يحمل اسم إيفلين هوب,إنه يشير إلى أن السيدة أبورد وإيفا كين هما شخصية واحدة.
_وهو ما يتفق تماماً مع الانطباع الذي كونه جيمس بنتلي عما قالته له السيدة ماغينتي.
_حسبتُ أنه لم يكن متأكداً.
_لم يكن متأكداً.من المستحيل أن يكون جيمس بنتلي متأكداً من أي شيء,وهو لم يستمع جيداً لما كانت تقوله السيدة ماغينتي.ومع ذلك,فإذا كون جيمس بنتلي انطباعاً بأن السيدة ماغينتي كانت تعني السيدة أبودر,فهذا قد يكون صحيحاً,فغالباً ما تكون الانطباعات صحيحة.
_إن آخر معلوماتنا القادمة من أستراليا(وبالمناسبة فإن إيفا كين ذهبت إلى أستراليا وليس إلى أميركا)تشير إلى أن"السيدة هوب"المعنية توفيت هناك قبل عشرين سنة.
_لقد أُخبرتُ بذلك من قبل.
_أنت تعرف دوماً كل شيء,أليس كذلك يا بوارو؟
لم يأبه بوارو بهذه العبارة الساخرة,وقال:لدينا_من ناحية_السيدة هوب التي توفيت في أستراليا,ومن الناحية الأخرى؟
_من الناحية الأخرى لدينا السيدة أبورد,أرملة لرجل صناعة ثري من الشمال,عاشت معه قرب ليدز,ولها ابن.ولم يمض وقت طويل على ولادة الابن حتى توفي الزوج.وكان للولد ميل للإصابة بالسل,ومنذ وفاة زوجها عاشت معظم حياتها في الخارج.
_ومتى بدأت هذه الملحمة؟
_بدأت الملحمة بعد أن غادرت إيفا كين إنكلترا بأربع سنوات.لقد قابل أبورد زوجته في مكان ما بالخارج وأتى بها إلى الوطن بعد الزواج.
_إذن يمكن_علمياً_أن تكون السيدة أبورد هي إيفا كين.ماذا كان اسمها قبل الزواج؟
_فهمتُ أنه كان هارغريفز.ولكن ما أهمية الاسم؟
_ما أهميته فعلاً؟إيفا كين .........أو إيفلين هوب........ربما كانت قد ماتت في أستراليا.ولكن لعلها رتبت قصة موت ملائمة وأحيت نفسها بسم هارغريفز وأصبحت زوجة رجل غني.
_لقد حدث هذا كله قبل فترة طويلة.ولكن بافتراض صحة ذلك,وبافتراض أنها احتفظت بصورة لنفسها وأن السيدة ماغينتي رأت تلم الصورة...فلا يسع المرء إلا أن يفترض أنها هي التي قتلت السيدة ماغينتي.
_هذا ممكن,أليس كذلك؟لقد كلن روبن أبورد في الإذاعة تلك الليلة,ولعلك تذكر أن السيدة ريندل قد أشارت إلى ذهابها إلى البيت في ذلك المساء وإلى أن أحداً لم يسمعها.وحسب إفادة السيدة سويتيمان,فإن جانيت غروم قد أخبرتها أن السيدة أبورد ليست مُقعدة إلى الحد الذي تُظهره.
_كل هذا جيد يا بوارو,ولكن الحقيقة تبقى أنها هي نفسها قد قُتلت....بعد أن تعرفت على إحدى الصور,وتريد الآن أن تقول إن الجريمتين ليستا متصلتين.
_لا,لا.لا أقول ذلك,إنهما متصلتان تماماً.
_أنا أستسلم.
_إيفلين هوب.هذا هو مفتاح المشكلة.
_إيفلين كاربنتر؟هل هذه فكرتك؟ليست ليلي غامبول ولكن ابنة إيفا كين!ولكنها ما كانت لتقتل أمها بالتأكيد.
لا,لا.هذه ليست جريمة قتل الأم.
_يا لك من شيطان مُزعج يا بوارو!لن تلبث أن تقول إ إيفا كين وليلي غامبول وجانس كورتلاند وفيرا بليك يعشن جميعاً في بروديني.كل المتهمات الربع؟
_لدينا أكثر من أربع هنا.تذكر أن إيفا كين كانت مربية أطفال في بيت كريغ.
_وما شأن هذا الأمر؟
_حيث تكون مربية أطفال لابد من وجوه أطفال(أو طفل واحد على الأقل).ما الذي حدث لأطفال عائلة كريغ؟
_أظن أنه كان يوجد طفل أو طفلة,وقد أخذهما قريب ما.
_إذن فيوجد شخصان ق يحتفظان بالصورة للسبب الثالث الذي ذكرته سابقاً,أي الثأر.
_لا أصدق ذلك.
تنهد بوارو وقال:ولكن يجب أخذ ذلك بعين الاعتبار.أظن أنني أعرف الحقيقة....رغم وجود حقيقة واحدة تحيرني تماماً.
_يسعدني أن يوجد شيء يحيرك.
_أريد أن أتأكد من شيء واحد يا صديقي سبنس.لقد غادرت إيفا كين البلاد قبل إعدام كريغ,هل هذا صحيح؟
_صحيح تماماً.
_وكانت في تلك الأثناء تنتظر مولوداً؟
_صحيح.
_يا إلهي,كم كنت غبياً!إن الموضوع كله في غاية البساطة,أليس كذلك؟
كادت أن تقع جريمة قتل ثالثة بعد هذه الملاحظة,وهي قتل هيركيول بوارو من قبل المفتش سبنس في مركز الشرطة كيلشستر!
*********************
هيركيول بوارو:أريد مكالمة شخصية مع السيدة أريادني أوليفر.
لم يتم الحصول على مكالمة شخصية مع السيدة أوليفر إلا بصعوبة,فالسيدة أوليفر كانت تعمل ولا يمكن إزعاجها,ولكن بوارو لم يأبه لجميع الإنكارات بوجودها حتى سمع الكاتبة على الطرف الآخر من الهاتف.
كان صوتها غاضباً ولاهثاً:حسناً ما الأمر؟ألم يكن بدُّ من مخابرتي في هذه الساعة؟لقد خطرت لي فكرة رائعة عن جريمة قتل في متجر بيع أقمشة.ذلك الطراز القديم من المتاجر التي تبيع القمصان التحتية والصدارات المضحكة بأكمام طويلة,كما تعرف.
_لا أعرف.وعلى أية حال فما أريد قوله لك الآن أهم بكثير من ذلك.
_لا يمكن أن تكون أهم.ليس بالنسبة لي,فما لم أكتب مسودة أفكاري على الورق فستطير الفكرة!
لم يُعز هيركيول بوارو اهتماماً لهذه المعاناة الإبداعية,بل طرح أسئلة واضحة مُلحة أجابت عليها السيدة أوليفر بشيء من الغموض:نعم....نعم...إنه مسرح صغير جوال...لا أعرف اسمه.....حسناً,أحدهم كان اسمه سيسيل,والآخر الذي كانت أتكلم معه كان مايكل.
_ممتاز,هذا كل ما أحتاج لمعرفته.
_ولكن لماذا سيسيل ومايكل؟
_عودي الآن إلى القمصان التحتية والصدارات ذات الأكمام الطويلة يا سيدتي.
_لا أدري لماذا لا تعتقلون الدكتور ريندل.لو كنت رئيسة سكوتلانديارد لقمت بذلك.
_هذا ممكن جداً.أتمنى لك حظاً طيباً مع جريمة القتل في متجر بائع الأقمشة.
_لقد ذهبت الفكرة الآن,لقد أفسدتها علي.
اعتذر بوارو بأدب,ثم وضع سماعة الهاتف وابتسم في وجه سبنس وقال:سنذهب الآن(أو سأذهب أن على الأقل)لاستجواب ممثل شاب اسمه الأول مايكل يمثل أدواراً ثانوية في مسرح كولينكيه الجوال.أتمنى فقط أن يكون هو مايكل المطلوب.
_ولماذا بالله عليك....
تجنب بوارو _ببراعة_غضب المفتش سبنس المتزايد وقال:هل تعرف_يا صديقي العزيز_ما الذي يسمونه بالفرنسية سر المهرج؟
سأل المفتش غاضباً:أهذا درس فرنسي؟
_أن سر المهرج هو سر بإمكان كل شخص أن يعرفه.لهذا السبب فإن الذين لا يعرفونه لا يسمعون عنه أبداً......لأن الناس إذا طنوا أنك تعرف أمراً فلن يخربك به أحد.
_لا أدري كيف أبقي يدي مكبلتين عن ضربك!
*****************


النهاية قريبة انتظروني

nickcarter_2
17-10-2006, 20:24
يالله حي شيهيرو
وينك من زمان

شيهيرو
20-10-2006, 23:50
الفصل الخامس والعشرون

انتهت جلسة التحقيق,وتم إصدار يصف الجريمة بأنها جريمة قتل من قبل شخص أو أشخاص مجهولين.
بعد التحقيق,وبدعوة من هيركيول بوارو,قدم الذين حضروا الجلسة إلى لونغ ميدوز.وكان بوارو قد أعد_بعمل دؤوب_وضعاً مشابهاً لقاعة المحكمة في غرفة الجلوس.وُضعت الكراسي في شكل نصف دائري مُرتب,وتم استبعاد كلاب مورين بصعوبة بالغة,وأخذ هيركيول بوارو موقعه في نهاية الغرفة وقد نصب من نفسه محاضراً,وابتدأ إجراءاته بنحنحة خفيفة مقصودة,قال بعدها:سيداتي,سادتي....
ثم توقف عن الكلام,وكانت كلماته التالية غير متوقعة,بل كادت تبدو تهريجية:
السيدة ماغينتي ميتة,كيف ماتت؟
جاثية على ركبتيها كما أجثو أنا.
السيدة ماغينتي ميتة,كيف ماتت؟
مادة يدها كما أمد يدي أنا.
السيدة ماغينتي ميتة,كيف ماتت؟هكذا...
وبعد أن لاحظ التعبيرات وجوههم مضى في الحديث:كلا,لست مجنوناً.إن إعادتي لأغنية طفولية في لعبة أطفال لا تعني أنني أمر في مرحلة طفولة ثانية.لعل بعضكم لعب هذه اللعبة في طفولته.السيدة أبورد لعبتها,والحقيقة أنها أعادتها على مسمعي ...مع فارق واحد,قد قالت:"السيدة ماغينتي ماتت,كيف ماتت؟بدس أنفها كم أفعل أنا".هذا ما قالته,وهذا ما فعلته.لقد دست أنفها,ولهذا فقد ماتت هي أيضاً كما حدث للسيدة ماغينتي!ولتحقيق هدفنا علينا أن نعود إلى البداية,إلى السيدة ماغينتي,وهي تجثوا على ركبتيها تنظف بيوت الآخرين.لقد قُتلت السيدة ماغينتي وتم اعتقال رجل هو جيمس بنتلي,وقد حوكم وأُدين.ولكن لأسباب معينة,فإن ضابط الشرطة المسؤول عن القضية(المفتش سبنس)لم يقتنع أن بنتلي مذنب,رغم قوة الأدلة ضده.وقد وافقتُه الرأي,لماذا ماتت؟
لن أعيد عليكم قصصاً طويلة معقدة,ولكنني سأكتفي بالقول إن شيئاً بسيطاً مثل زجاجة حبر زودني بمفتاح لحل المشكلة.لقد نُشرت أربع صور في صحيفة الصندي كوميت التي قرأتها السيدة ماغينتي يوم الأحد السابق بموتها,وأنت_جميعاً_تعرفون الآن كل شيء عن الصور,ولذلك سأكتفي بالقول إن السيدة ماغينتي تعرفت على إحدى تلك الصور باعتبارها صورة رأتها في أحد البيوت التي اشتغلت بها.
تكلمت عن ذلك لجيمس بنتلي,رغم أنه لم يهتم كثيراً بالموضوع حينها,ولا بعد ذلك.
بل إنه لم يكد يُصغي إليها,ولكنه كون انطباعاً بأن السيدة ماغينتي رأت الصورة في منزل السيدة أبورد,وأنها كانت تتكلم عن السيدة أبورد عندما أشارت إلى امرأة يُفترض أن لا تكون فخورة لو عُرف كل شيء عنها.لا نستطيع أن نعتمد على جملة السيد بنتلي,ولكنها_بالتأكيد_استخدمت هذه العبارة عن الفخر والاعتداد,وما من شك في أن السيدة أبورد كانت فخورة ومتغطرسة بالفعل.
وكما تعرفون جميعاً(إذ كان بعضكم موجوداً وسمع الآخرون بذلك)فإنني عرضت تلك الصور الأربع في منزل السيدة أبورد.وقد لمحت الدهشة والمعرفة في تقاسيم وجه السيدة أبورد وواجهتُها بذلك,مما اضطرها إلى الاعتراف,فقالت إنها "رأت إحدى تلك الصور في مكان ولكنها لا تتذكر أين"وعند سؤالها عن الصورة التي ميزتها أشارت إلى الصور الطفلة ليلي غاميول.ولكن سأقول لكم إن ذلك لم يكن الحقيقة.لقد أرادت السيدة أبورد(لأسباب خاصة بها)أن تحتفظ بمعرفتها لنفسها,لذلك أشارت إلى الصورة الخطأ كي تضللني.ولكن شخصاً آخر لم يُخدع بذلك....القاتل.لقد عرف الشخص واحد أية صورة تلك التي تعرفت عليها السيدة أبورد.ولا أريد هنا أن ألف وأدور حول الموضوع,فقد كانت الصورة المقصودة صورة إيفا كين ....امرأة كانت إما شريكة أو ضحية أو_ربما_مُلهمة في قضية كريغ الشهيرة.وفي المساء التالي قُتلت السيدة أبورد.لقد قُتلت لنفس السبب الذي قُتلت من أجله السيدة ماغينتي .لقد دست السيدة ماغينتي يدها,بينما دست السيدة أبورد أنفها,وكانت النتيجة واحدة.
والآن,قبل أن تموت السيدة أبورد تلقت ثلاثُ نساء مكالمات هاتفية.السيدة كاربنتر,والسيدة ريندل,والآنسة هندرسُن,وكانت كل مكالمات عبارة عن رسائل من السيدة أبورد تطلب من الشخص المعني الحضور لزيارتها في ذلك المساء.وكانت ليلة إجازة خادمتها,فيما كان ابنها والسيدة أوليفر ذاهبين إلى كولينكيه.ولذلك يبدو أنها أرادت إجراء حديث خاص مع كل من النساء الثلاث.
والآن لماذا ثلاث نساء؟هل عرفت السيدة أبورد أن رأت صورة إيفا كين؟أم أنها عرفت أنها رأتها ولكنها لم تذكر أين؟هل يوجد أي قاسم مشترك بين هؤلاء النسوة الثلاث؟لا يبدو شيء من هذا سوى العمر.فهن_جميعاً_في نحو الثلاثين من العمر.ولعلكم قرأتم المقالة صندي كوميت حيث قُدم وصف عاطفي تماماً لابنة إيفا كين في السنوات القادمة. وكل النساء اللاتي تلقين الرسائل من السيدة أبورد للحضور هن في السن المناسب ليكن ابنة إيفا كين.إذن يبدو أن شابة تعيش في بروديني هي ابنة القاتل الشهير كريغ وخليلته إيفا كين,ويبدو أيضاً أن من شان تلك المرأة أن تذهب إلى أقصى الحدود لمنع هذه الحقيقة من الظهور.من شانها حقاً أن تذهب في ذلك إلى حد ارتكاب جريمة القتل مرتين,فعندما وُجدت السيدة أبورد ميتة كان على الطاولة فنجانان من القهوة,وقد شربا كلاهما,وعلى فنجان الزائرة آثار خفيفة من أحمر الشفاه.
دعونا نرجع الآن إلى النساء الثلاث اللاتي تلقين الرسائل الهاتفية.تلقت السيدة كاربنتر الرسالة ولكنها تقول إنها لم تذهب إلى ليبرنامز تلك الليلة.أما السيدة ريندل فقد نوت الذهاب ولكن غلبها النوم فنامت في كرسيها.وذهبت الآنسة هندرسُن إلى ليبرنامز ولكن المنزل كان مظلماً ولم تستطع أن تجعل أحداً يسمعها هناك ولذلك قفلت راجعة.هذه هي القصة التي روتها كل واحدة من هؤلاء النساء الثلاث.والكن الأدلة متضاربة:فنجان القهوة الثاني وعليه أحمر شفاه,وشاهد من الخارج(هي الفتاة إدنا)تؤكد أنها رأت امرأة شقراء الشعر تدخل المنزل.وأيضاً دليل العطر....عطر ثمين وغريب كالذي تضعه السيدة كاربنتر وحدها من بين الثلاث المعنيات.
هنا حدثت مقاطعة,فقد صرخت إيفا كاربنتر:هذا كذب,كذب وضيع قاس!لم أكن أنا! لم أذهب أبداً إلى هناك!لم أذهب حتى بالقرب من ذلك المكان.ألا تستطيع أن تعمل شيئاً بشأن هذه الأكاذيب يا غاي.
كان وجه غاي كاربنتر شاحباً من الغضب وقال:دعني أذكرك _يا سيد بوارو_بوجود قانون للقذف,كل هؤلاء الناس شهود عليك.
قال بوارو:هل من القذف أن أقول إن زوجتك تضع عطراً معيناً...وتضع أيضاً_لمعلوماتك_أحمر شفاه معيناً؟
صاحت السيدة كاربنتر:هذا سخف,سخف مطلق!بإمكان أي امرئ أن يرش عطري في أي مكان.
وبشكل غير متوقع تهلل وجه بوارو لها وقال:بالضبط يا سيدتي!قد يقوم بذلك أي شخص,وهو إجراء واضح لا يتطلب حنكة,تصرف فج أخرق,وقد كان_بالنسبة لي_من الخرق بحيث ارتد على صاحبه.لا بل أكثر من ذلك,لقد أعطاني هذا أفكار كما يُقال.نعم,أعطاني أفكاراً.
عطر,وآثار أحمر شفاه على فنجان القهوة.ولكن من السهل إزالة أحمر الشفاه عن الفنجان.أؤكد لكم أن كل أثر يُمكن أن يُزال بسهولة,أو يمكن رفع الفناجين نفسها وغسلها.ولم لا؟إذ لم يكن أحد في البيت.ولكن هذا لم يحدث.لقد سألت نفسي عن السبب,وبدا أن الجواب هو التأكيد المتعمد للجانب الأنثوي,تأكيد حقيقة أن الجريمة جريمة امرأة.ثم ت؟تأملتُ في المكالمات الهاتفية لأولئك النساء الثلاث.كلها كانت رسائل تُركت لهن....لم يحدث في أي منها أن تكلمت متلقية الرسالة نفسها مع السيدة أبورد.إذن ربما لم تكن السيدة أبورد هي التي اتصلت بهن,بل كان المتصل شخصاً حرص على توريط امرأة,أي امرأة,في الجريمة.ومرة أخرى سألت نفسي:لماذا؟ولم أجد سوى جواب واحد,وهو أن قاتل السيدة أبورد ليس امرأة,بل رجلاً.
نظر حوله إلى مستمعيه.كانوا جميعاً ساكنين تماماً.ولم تصدر استجابة إلا عن اثنين فقط.فقد قالت إيف كاربنتر متنهدة::الآن بدأت تتكلم بشكل معقول!".أما السيدة أوليفر فقد قالت وهي تومئ برأسها بقوة:بالطبع!
مضى بوارو قائلاً:وهكذا توصلتُ إلى هذه النقطة ...أن رجلاً هو الذي قتل السيدة أبورد,وأن رجلاً أيضاً هو قاتل السيدة ماغينتي!أي رجل هو؟لابد أن سبب الجريمتين هو نفس السبب...الأمر كله يتوقف على إحدى الصور.عند من كانت تلك الصورة؟هذا هو السؤال الأول,ولماذا تم الاحتفاظ بها؟

شيهيرو
20-10-2006, 23:55
قد لا يكون هذا بالأمر الصعب.لنقل إن الاحتفاظ بها كان لأسباب عاطفية.وما دامت السيدة ماغينتي قد..."صُفيت",فلم تعد حاجة لإتلاف الصورة.ولكن الأمر مختلف بعد الجريمة الثانية,فالصورة_هذه المرة_مرتبطة بالجريمة بشكل قاطع.إنها الآن أخطر من أن يُحتفظ بها,ولذلك لابد أن توافقوني على أنها ستتلف بالتأكيد.
نظر من حوله إلى الرؤوس التي أومأت موافقة وقال:ولكن رغم ذلك كله فإن الصورة لم تُتلف!نعم,لم تٌتلف!أعرف ذلك...لأنني وجدتها.وجدتها قبل بضعة أيام,وجدتها في هذا البيت,في درج المكتب الذي ترونه يستند على الحائط.وهي معي هنا.
ثم رفع صورة باهته لفتاة مبتسمة تحمل وروداً وقال:نعم.إنها إيفا كين وعلى ظهر الصورة كُتبت بقلم الرصاص كلمة واحدة.أأخبركم ما هي؟"أمي".
استقرت عيناه الجديتان المُتهمتان على مورين سمرهيز.رفعت الشعر عن وجهها وحملقت به بعيون واسعة مرتبكة وقالت:أنا لا أفهم.إنني لم.....
_نعم يا سيدة سمرهيز,أنت لا تفهمين.لا يمكن أن تكون سوى سببين اثنين للاحتفاظ بهذه الصورة بعد الجريمة الثانية.أولهما هو العاطفة البريئة,فلم يكن لديك أنت إحساس بالذنب,ولذلك يمكنك الاحتفاظ بالصورة.لقد قُلت لنا بنفسك (في بيت السيدة كاربنتر ذات يوم)إنك كنت طفلة مُتبناة.أشك أنك قد عرفت أبداً اسم والدتك الحقيقية,ولكن شخصاً آخر عرف اسمها.شخصاً لديه كل الاعتداد بالعائلة...اعتداد يجعله يلتصق ببيت أجداده اعتداداً بأسلافه ونسبه,وذلك الرجل يفضل أن يموت على أن يعرف الناس (وكذلك أطفاله)أن مورين سمرهيز هي ابنة القاتل كريغ وإيفا كين.هذا الرجل بفضل الموت كما قلت,ولكن الموت لن يجدي,أليس كذلك؟لذلك لنقُل _بدلاً من ذلك_إن لدينا هنا رجلاً مستعداً لأن يقتل.
نهض جوني سمرهيز من مقعدة,وعندما تكلم كان صوته هادئاً,بل يكاد يكون ودياً:لقد تكلمت بالكثير من الهراء,أليس كذلك؟لعلك تستمتع بإلقاء الكثير من النظريات؟فهذا كله مجرد نظريات!بتقولك أشياء عن زوجتي......
ثم انفجر غضبه فجأة بشدة وقال:"أيها الخنزير القذر....",واندفع بسرعة فائقة إلى الجانب الآخر من الغرفة بشكل فاجأ الحاضرين.تراجع بوارو برشاقة,وعلى الفور كان المفتش سبنس بين بوارو وسمرهيز:لا,لا يا ميجرسمرهيز.على رسلك ....على رسلك.سيطر سمرهيز على نفسه,ثم رفع كتفيه وقال:آسف,هذا سخف حقاً!على كل,بإمكان أي امرئ أن يضع صورة في درج.
قال بوارو:تماماً,والشيء المثير في هذه الصورة هو عدم وجود أية بصمات عليها.
توقف قليلاً,ثم أومأ برأسه بلطف وقال:ولكن كان ينبغي أن توجد عليها بصمات.إن كانت السيدة سمرهيز قد احتفظت بها,لكان احتفاظها بها من باب البراءة وسلامة النية,ولذلك فإن بصماتها يجب أن توجد على الصورة.
هتفت مورين:أحسبك مجنوناً.أنا لم أر هذه الصورة قط في حياتي....إلا في بيت السيدة أبورد ذلك اليوم.
_من حسن حظك أنني أعرف أنك تقولين الحقيقة.لقد وُضعت هذه الصورة في درج الكتب قبل أن أجدها بدقائق معدودة فقط.لقد أفرغت محتويات ذلك الدرج مرتين على الأرض في ذلك الصباح,وأعدت أنا وضعها في الدرج مرتين.في المرة الأولى لم تكن الصورة في الدرج,وفي المرة الثانية كانت فيه.وقد وُضعت هناك في الفترة الفاصلة بين المرتين.....وأعرف من وضعها!
سرت في صوته نبرة جديدة.لم يعد مجرد رجل صغير مُضحك ذي شارب غريب,بل غدا صياد قريباً جداً من فريسته.قال:لقد ارتُكبت الجريمتان من قبل رجل,وقد ارتُكبتا لأكثر الأسباب بساطة...من أجل المال.لقد عُثر في منزل السيدة أبورد على كتاب,وعلى الغلاف الداخلي للكتاب اسم إيفلين هوب.كان ذلك الاسم الذي انتحلته إيفا كين عند مغادرتها إنكلترا,وكان من المرجح أن تُطلق هذا الاسم على طفلتها عند الولادة.ولكن إيفلين هو اسم رجل كما هو اسم امرأة.لماذا افترضنا أن طفل إيفا كين هو بنت؟لمجرد أن الصندي كوميت قالت ذلك!ولكن الحقيقة الأمر أن الصندي كوميت رومانسية قديمة مع إيفا كين.ولكن إيفا كين غادرت إنكلترا قبل أن يولد طفلها,ولذلك لا أحد يستطيع أن يجزم بجنس المولود.
في هذه النقطة سمحت لنفسي بأن تُضلل,عن طريق الأخطاء الرومانسية التي ترتكبها الصحافة.
لقد جاء إيفلين هوب,ابن إيفا كين,إلى انكلترا.وهو موهوب,وقد جذب انتباه امرأة ثرية جداً لا تعرف شيئاً عن أصله....باستثناء القصة الرومانسية التي اختار أن يرويها لها.(وكانت قصة صغيرة رائعة عن راقصة بالية شابة تموت بداء السل في باريس).وهذه الثرية امرأة تشعر بوحدة بعد أن فقدت ابنها مؤخراً.ويحمل الكاتب المسرحي الشاب الموهوب اسم المرأة بمعاملة رسمية.
ولكن اسمك الحقيقي هو إيفلين هوب,أليس كذلك يا سدي أبورد؟
صرخ روبن أبورد بحدة:بالطبع ليس كذلك؟لا أعرف عن أي شيء تتكلم.
_لا أمل لك في الإنكار.يوجد أناس يعرفونك بذلك الاسم,اسم إيفلين هوب المكتوب على الكتاب بخط يدك...وهو نفس الخط الذي كُتبت به كلمة"أمي"على ظهر هذه الصورة.لقد رأت السيدة ماغينتي الصورة والكتابة عليها عندما كانت تضع أشياءك في مكانها,وقد تكلمت معك بعد قراءة الصندي كوميت.افترضت السيدة ماغينتي أنها صورة السيدة أبورد عندما كانت صغيرة,و1لك لأنها لم تكن تعرف أن السيدة أبورد ليست أمك الحقيقة.ولكنك عرفت أنها إذا ذكرت الموضوع على مسامع السيدة أبورد فستكون نهاية المطاف بالنسبة لك,فللسيدة أبورد آراء متشددة بالنسبة للوراثة والعرق,وما كانت لتطيق_للحظة واحدة_وجود ابن متبنى هو ابن لقاتل شهير,ولن تغفر كذلك أكاذيبك حول الموضوع.
ولذلك لم يكن أمامك بُد من إسكات السيدة ماغينتي مهما كلف الأمر.ولعلك وعدتها بهدية صغيرة ثمناً لتكتمها,ثم مررت عليها في المساء التالي وأنت في طريقك إلى الإذاعة.....وقتلتها! هكذا...
وبحركة مفاجئة أمسك بوارو قطاعة السكر من الرف وأدارها وهوى بها وكأنه يضربها لتحطم رأس روبن.كانت الحركة خطيرة بحيث صرخ العديد من الموجودين.وصرخ روبن أبورد صرخة رعب عالية وناح قائلاً:لا تفعل,لا تفعل....كان حادثاً.......أقسم أنه كان حادثاً.لم أقصد قتلها.لقد فقدت عقلي...أقسم أنني فقدت عقلي.
_لقد غسلت الدم عن قطاعة السكر وأعدتها إلى هذه الغرفة حيث وجدتها.ولكن توجد طرق علمية حديثة لتحديد بقع الدم ولإظهار البصمات المستترة.
_أقول لك إنني لم أقصد أبداً قتلها.كان ذلك كله خطأ,والخطأ ليس خطئي على كل حال....لست مسؤولاً.إن ذلك في دمي,لا أملك تغييره.لا يمكن أن تشنقوني على شيء ليس لي يد فيه....
دمدم سبنس هامساً:"أحقاً؟سترى إن لم نشنقك!".ثم نلكم بصوت عال وبنبرة رسمية جدية قائلاً:يجب أن أحذرك يا سيد أبورد أن كل شيء تقوله.....
*************

شيهيرو
20-10-2006, 23:56
الفصل السادس والعشرون
_لا أدري حقاً كيف خطر ببالك أن تشتبه بروبن أبورد يا سيد بوارو؟
نظر بوارو برضا إلى الوجوه التي التفتت إليه.
كان دائماً يستمتع بالشرح.قال:كان يجب أن أشتبه به في وقت أبكر من ذلك.أما المفتاح الذي أرشدني(وكان مفتاحاً بسيطاً جداً)فهو الجملة التي قالتها السيدة سمرهيز
في الحفلة تلك الليلة,إذ قالت لروبن:"لا أحب حقيقة كوني متبناة,هل تحب أنت ذلك؟"
كانت تلك هي الكلمات الموحية."هل تحب أنت؟",وقد عنت لي أن السيدة أبورد لم تكن الأم الحقيقة لروبن,وهو المعنى الوحيد لتلك العبارة.
لقد كانت السيدة أبورد حريصة للغاية على أن لا يعرف أحد أن روبن ليس ابنها الحقيقي,فربما تناهى إلى سمعها الكثير من الكلام القبيح عن شبان لامعين أذكياء يعيشون عالة على نساء في سن الكهولة.ولم يعرف تلك الحقيقة إلا نفر قليل جداً من الناس...هم النخبة المسرحية حيث التقت ضمنها بروبن أساساً.ولأنها عاشت في الخارج فترة طويلة فليس لها من الأصدقاء الحميمين في هذه البلد إلا القليل,وقد اختارت القدوم والاستقرار هنا بعيداً عن مكانها الأصلي في يوركشاير.وحتى عندما كانت تلتقي أصدقاء القدامى,لم تكن تُصحح لهم عندما يفترضون أن هذا هو روبن نفسه الذي عرفوه وهو ولد صغير.
ولكن منذ البداية الأولى استوقفني شيء ما,شيء لم أره طبيعياً تماماً في منزل ليبرنامز.فموقف روبن من السيدة أبورد لم يكن موقف الطفل المدلل ولا موقف الابن المخلص لأمه.لقد كان وضعُه وضع أديب تحت وصاية ورعاية شخصية أكبر منه.وقد كان يخاطب السيدة أبورد مُستخدماً نبرة مسرحية خيالية بعض الشيء,كما أن السيدة أبورد _رغم ولعها الواضح به_كانت تعامله لا شعورياً كما لو كان شيئاً ثميناً اقتنته ودفعت ثمنه.
إذن,كان روبن مستقراً هناك في وضع مريح ومحفظة السيدة أبورد جاهزة لدعم كل مشاريعه,وفجأة تدخل عالمه المستقر السيدة ماغينتي التي تعرفت على الصورة التي يحتفظ بها في درج مكتبه....الصورة التي كتب على ظهرها"أمي".أمه التي أخبر السيد أبورد بأنها كانت راقصة بالية موهوبة توفيت بداء السل!أما السيدة ماغينتي فقد ظنت_طبعاً_أن الصورة هي صورة السيدة أبورد عندما كانت صغيرة,طالما افترضت_آلياً_أن السيدة أبورد هي والدة روبن الحقيقة.لا أظن أن الابتزاز الفعلي قد خطر ببال السيدة ماغينتي,ولكن لعلها أملت في الحصول على "هدية صغيرة لطيفة"كمكافأة لامتناعها عن أي ثرثرة تخص الماضي البعيد لن تكون سارة لامرأة فخورة مثل السيدة أبورد.
ولكن ما كان روبن ليخاطر بأية مجازفة.وهكذا سرق مطرقة السكر(التي أشارت إليها السيدة سمرهيز ضاحكة_ذات مرة_باعتبارها سلاحاً مثالياً للقتل),وفي المساء التالي توقف عند كوخ السيدة ماغينتي في طريقه إلى الإذاعة.أخذته إلى الردهة دون أن تشتبه أبداً بشيء,فقتلها.وهو يعرف أين تحتفظ بمدخراتها(إذ يبدو أن جميع من في بروديني يعرفون ذلك),وهكذا لفق عملية سرقة,وأخفى النقود خارج المنزل.وقد اشتُبه بجيمس بنتلي وتم اعتقاله,وغدا كل شيء الآن آمناً بالنسبة لروبن الذكي.
ولكن بعد ذلك عمدُ أنا_فجأة_إلى عرض أربع صور,وتتعرف السيدة أبورد على صورة إيفا كين على أنها مطابقة لصورة والدة روبن راقصة البالية! ولكنها بحاجة لبعض الوقت لتفكر جيداً بمخرج,فالأمر ينطوي على جريمة قتل.أيمكن أن يكون روبن...؟كلا,إنها ترفض تصديق ذلك.
لا أعرف ماذا كانت ستفعل في النهاية,ولكن روبن لم يكن مستعداً لأية مجازفة.ولذلك خطط للمشهد كله:الذهاب إلى المسرحية في ليل إجازة جانيت,والمكالمات الهاتفية,وفنجان القهوة الملطخ_بعناية_بأحمر الشفاه المأخوذ من حقيبة إيفا كاربنتر.بل إنه اشترى زجاجة من عطرها المميز.كانت العملية بكاملها مشهداً مسرحياً مخططاً بعناية فائقة.وبينما كانت السيدة أوليفر تنتظره في السيارة ركض عائداً إلى المنزل مرتين.كانت الجريمة مسألة ثوان فقط,وبعد ذلك كان التوزيع السريع للدعائم والأدلة.وبموت السيدة أبورد يكون قد ورث ثروة كبيرة وحسب وصيتها,ولن يكون مثار أي اشتباٍه إذ سيبدو ومؤكداً أن امرأة هي التي ارتكبت الجريمة.ومع قدوم ثلاث نساء إلى المنزل في تلك الليلة,لابد أن يتم الاشتباه بواحدة منهن.وهذا فعلاً ما كان.
ولكن روبن_شأنه شأن كل المجرمين_كان مهملاً زائد الثقة بنفسه,فلم يكتف بوجود كتاب في المنزل يحمل اسمه الحقيقي,بل احتفظ أيضاً_ولأسباب خاصة به_بصورة مُميته.كان من الأسلم له كثيراً أن يتلف تلك الصورة,ولكنه تمسك باعتقاد مفاده أنه يستطيع استخدامها لتجريم شخص آخر في اللحظة المناسبة.
ولعله فكر عندها بتجريم السيدة سمرهيز,ولعل هذا هو سبب خروجه من منزل السيدة أبورد للعيش في لونغ ميدوز,فقد كانت قطاعة السكر تخصها هي في نهاية المطاف,وهو يعرف أن السيدة سمرهيز كانت طفلة متبناة,ومن الصعب عليها أن تثبت أنها ليست ابنة إيفا كين.
ولكن,عندما اعترفت ديردرا هندرسُن بحضورها إلى موقع الجريمة في تلك الليلة,راودته فكرة وضع الصورة بين أغراضها هي.وحاول القيام بذلك باستخدام السلم الذي تركه البستاني ملقى على النافذة,ولكن السيدة ويذربي كانت متوترة وأصرت على إبقاء جميع النوافذ موصدة,ولذلك لم ينجح روبن في غايته.رجع مباشرة إلى هنا ووضع الصورة في درج كنتُ_لسوء حظه_قد فتشته قبل ذلك بوقت قصير.وبذلك عرفتُ أن الصورة قد وُضعت عمداً,وعرفت من قام بذلك.إنه الشخص الوحيد الموجود في البيت...الذي كان يطبع جاهداً على آلته الكاتبة فوق رأسي.
ولأن اسم إيفلين هوب كان مكتوباً على الكتاب في منزل السيدة أبورد,فإن إيفلين هوب أما أن تكون السيدة أبودر...أو روبن أبورد!
لقد ضللني اسم إيفلين هوب,فقد ربطته مع السيدة كاربنتر لأن اسمها كان إيف.ولكن إيفلين اسم رجل كما هو اسم امرأة.
ثم ذكرت المحادثة التي أخبرتني عنها السيدة أوليفر في المسرح الجوال في كولينكيه.كان الممثل الشاب الذي يتكلم معها هو الشخص الذي أردت أن أتأكد منه من نظريتي,النظرية التي تقول إن روبن لم يكن ابناً حقيقاً للسيدة أبورد.فقد بدا من طريقة كلام ذلك الممثل أنه يعرف الحقائق الصحيحة,وكانت في قصته دلالة عن انتقام السيدة أبورد السريع من شاب خدعها بنسبه.
لقد كان عليّ_في الحقيقة_أن أرى الأمر كله منذ مدة طويلة,ولكن خطأ جسيماً أقعدني عن ذلك,فقد ظننتُ أنني دُفعت عن عد لأقع تحت عجلات القطار,وأن الشخص الذي قام بذلك كان قاتل السدة ماغينتي.وكان روين_عملياً_الشخص الوحيد في بروديني الذي لا يمكن أن يكون في محطة كيلشستر في ذلك الوقت.
أطلق جوني سمرهيز ضحكة مفاجئة وقال:ربما كان من دفعك امرأة عجوز تحمل سلة,فهن يتدافعن.
قال بوراو:والحقيقة أن روبن أبورد كان أشد غروراً من أن يخشاني.إنها صفة المجرمين,لعل ذلك كان من حسن الحظ,إذ لم يكن في قضيتنا هذه إلا القليل من الأدلة.
تململت السيدة أوليفر وسألت بارتياب:أتريد القول إن روبن قتل أمه بينما كنت أجلس في السيارة خارج المنزل,ولم تكن لدي أي فكرة عن ذلك؟ما كان الوقت ليسمح له!
_بل سيسمح,فغالباً ما تكون أفكار الناس عن الوقت خاطئة بشكل لا يُصدق.لاحظي_فقط_السرعة التي يتم بها تغيير خلفية المسرح بين المشاهد.وفي هذه الحالة,كانت المسألة ديكور متحرك يمكن ترتيبه على عجل.
تمتمت السيدة أوليفر بشكل آلي:المسرح جيد!
_نعم.لقد كانت في جوهرها جريمة مسرحية,وتم إعداد كل شيء بإتقان.
_وأنا التي جلست في السيارة .......دون أدنى فكرة.
تمتم بوارو:أخشى أن حدس المرأة لديك كان في إجازة ذلك اليوم!

شيهيرو
20-10-2006, 23:59
الفصل السابع والعشرون
قالت مود ويليامز:لن أعود للعمل مع بريذر وسكاتل.إنها شركة سخيفة على أية حال.
_وقد أدت الغرض منها.
_ماذا تعني بذلك يا سيد بوارو؟
_لماذا قدمت إلى هذا الجزء من العالم؟
_أحسب أنك تستطيع (وأنت السيد العارف بكل شيء)أن تحمن ذلك؟
_إن لدي فكرة بسيطة.
_وما هي تلك الفكرة العظيمة؟
كان بوارو ينظر متأملاً في شعر مود,ثم قال:لقد كنتُ كتوماً جداً,وقد افتُرض أن السيدة التي دخلت إلى بيت السيدة أبورد(أي الشقراء التي رأتها إدنا)هي السيدة كاربنتر,وأنها قد أنكرت ذهابها إلى هناك لمجرد الخوف.ومادام روبن هو قاتل السيدة أبورد,فلم يعد لوجودها هناك أهمية أكثر من أهمية وجود الآنسة هندرسُن.
ولكني لا أرى_مع ذلك_أنها هي التي كانت هناك.أعتقد _يا آنسة ويليامز_أن المرأة التي رأتها إدنا هي أنت.
_ولماذا أنا؟
كان صوتها جافاً.وأجابها بوارو بسؤال آخر:ما سر اهتمامك ببروديني؟ولماذا طلبت من روبن_عندما ذهبت إلى هناك_أن يوقع لك على الأوتوغراف؟أنت لست من ذلك النوع الذي يسعى وراء التوقيع.ما الذي كنت تعرفينه عن عائلة أبورد؟لماذا قدمت إلى هذا الجزء من العالم في المقام الأول؟كيف عرفت أن إيفا كين ماتت في أستراليا,وكيف عرفت الاسم الذي انتحلته عندما غادرت إنكلترا؟
_أنت ماهر التخمين,أليس كذلك؟حسناً ليس لدي ما أخفيه حقاً.
فتحت حقيبة يدها وأخرجت من دفتر ملاحظات قديم قصاصة جريدة صغيرة اهترأت من الزمن,وعليها صورة الوجه الذي أصبح بوارو ويعرفه الآن جيداً,صورة الوجه المبتسم لإيفا كين. وكان مكتوباً عليها:"هذه قتلت أمي".
أعادها بوارو أليها وقال:نعم,لقد ظننت ذلك.إن اسمك الحقيقي هو كريغ,أليس كذلك؟
أومأت مود برأسها بالإيجال وقالت:لقد تكفل بتربيتي بعض الأقارب,وكانوا طيبين جداً.ولكنني كنت_عند حدوث الأمر_أكبر من أنساه,واعتدت أن أفكر كثيراً بما حدث,وخاصة بها.لقد كانت امرأة سيئة تماماً...إن الأطفال يعرفون حقيقة الناس!كان والدي ضعيفاً ومفتوناً بها,وقد أخذ جزاءه عن أمر رأيتُ_دوماً_أنها هي التي فعلته.نعم,أعرف أنه كان مشاركاً في الجريمة بعد حدوثها,ولكن هذا ليس تماماً كمن يُقدم على القتل بنفسه,أليس كذلك؟وحرصت دوماً على أن أعرف ما الذي حدث لها,وعندما كبرتُ كلفتُ رجال تحر بالأمر,وقد تعقبوها إلى أستراليا,وأخيراً أبلغوني أنها ماتت وأنها تركت ولداً.....يسمى نفسه إيفلين هوب.
وقد يدا أن ذلك الاسم يشكل خاتمة للموضوع.ثم عرفت ممثلاً شاباً ذكر شخصاً اسمه إيفلين هوب قادماً من أستراليا,ولكنه يدعو نفسه الآن روبن أبورد ويكتب مسرحيات.وقد أثار ذلك اهتمامي.وفي إحدى الليالي أشار صاحبي من بعيد إلى روبن ليُعرفني به........وكان مع أمه.لذلك ظننتُ أن إيفا كين لم تمت,وأنها_بدلاً من ذلك_تتبختر متباهية بثرائها الكبير.
وحصلتُ على وظيفة هنا,وكنتُ أشعر بالفضول....وربما بشيء أبعد قليلاً من الفضول.حسناً,سأعترف بالأمر,رأيتُ أنني أرغب بالانتقام منها بطريقة ما.وعندما أثرت أنت موضوع جيمس بنتلي قفزتُ إلى نتيجة مفادها أن السيدة أبورد هي التي قتلت السيدة ماغينتي,وأن إيفا كين تُظهر قذرارتها من جديد.وصدف أن سمعت من مايكل وست أن روبن أبورد والسيدة أوليفر كانا قادمين ليشهدا ذلك العرض كولينكيه الجوال,ولذلك قررت الذهاب إلى بروديني ومواجهة المرأة.لد قصدتُ....لا أعرف بالضبط ما الذي قصدته.إنني أخبرك بكل شيء.أخذت معي مسدساً صغيراً حصلت عليه أثناء الحرب.أكان ذلك لأخفيها؟أو ربما لأكثر من ذلك؟أنا _بصدق_لا أعرف.
وصلتُ إلى هناك.لم يكن في المنزل أي صوت,ولم يكن الباب موصداً,فدخلت.وتعرف كيف وجدتها,جالسة هناك وهي ميتة,ووجهها أرجواني ومنتفخ.كل الأمور التي كانت تورد بذهني بدت لي سخيفة وميلو درامية.وأدركت أنني لم أرد أبداً قتل أي شخص عندما يجد الجد,ولكنني أدركت أنه سيكون من الصعب على أن أفسر وجودي في المنزل.كانت ليلة باردة وكنت أضع قفازات ولذا تيقنت أنني لم أترك أية بصمات,ولم أحسب أبداً أن أحداً قد رآني.هذا كل شيء.
توقفت ثم أضافت فجأة:ما الذي ستفعله إزاء هذا الأمر؟
قال هيركيول بوارو:لاشيء.أتمنى لك حظاً سعيداً في الحياة,هذا كل شيء

شيهيرو
21-10-2006, 00:03
الخاتمة
كان هيركيول بوارو والمفتش سبنس يحتفلان في مطعم فييل غراندمير.
عند تقديم القهوة استند سبنس إلى الخلف في كرسيه وأطلق زفرة شبع قائلاً باستحسان:ليس الطعام السيء أبداً.صحيح أنه "مُتفرنس"قليلاً,ولكن أين يمكن للمرء أن يتناول شرائح لحم وبطاطا محترمة هذه الأيام؟
قال بوراو متذكراً:لقد تناولتُ العشاء هنا عندما جئتني أول مرة.
_آه,أمور كثيرة حدثت منذ ذلك الحين.كان علي أن أسلم الأمر لك يا بوارو,وقد قمت بدورك بشكل جيد.
ظهرت ابتسامة خفيفة على محياه الجامد وأضاف:من حسن الحظ أن ذلك الشاب لم يدرك قلة حجم الأدلة لدينا.لقد كان من شأن محام ذكي أن ينسف الموضوع من أساسه!ولكنه فقد صوابه تماماً واعترف باللعبة كلها.لقد أفضى بكل شيء وجرم نفسه حتى أذنيه.من حسن حظنا!
قال بوارو مؤنباً:لم يكن ذلك مجرد حظ.لقد أوقعتُ به كما توقع بالسمكة الكبيرة!وبالإضافة إلى ذلك فهو جبان.لقد هويتُ بقطاعة السكر فظن أنني أريد قتله.الخوف الشديد دائماً يظهر الحقيقة.
قال سبنس ضاحكاً:من حسن حظك أنك لم تعان من رد فعل الميجر سمرهيز.إنه عصبي المزاج وسريع الحركة,ولقد دخلت بينكما في الوقت المناسب.هل سامحك على ذلك بعد؟
_آه,نعم,نحن الآن من أفضل الأصدقاء.وكذلك أعطيت السيدة سمرهيز كتاب طبخ وعلمتها_بنفسي_كيف تعمل العجة.يا إلهي,كم عانيت في ذلك المنزل!
ثم أغمض عينيه فقال سبنس بذكريات بوارو المؤلمة:كان الأمر كله معقداً,وهو يُظهر مدى صحة المقولة القديمة التي تقول إن لكل امرئ ما يخيفه.لقد نجت السيدة كاربنتر_بشق الأنفس_من الاعتقال بتهمة القتل,ولئن كانت امرأ’ تتصرف بشكل مريب فإنها هي,وكل ذلك من أجل ماذا؟
سأل بوارو بفضول:نعم,من أجل ماذا؟
_القصة المعتادة لا غير:ماض بغيض,فقد كانت من أولئك اللاتي يستأجرهن المرء ليراقصهن في حفلة ما.... وكانت فتاة جميلة لها الكثير من الأصدقاء!لم تكن أرملة حرب عندما قدمت واستقرت في بروديني,بل كانت فقط ما يسمونه هذه الأيام زوجة"غير رسمية".وبالطبع,كل ذلك لا يرضي رجلاً معتداً بنفسه مثل غاي كاربنتر,ولذلك نسجت له قصة مختلفة تماماً.وقد جُنت خشية أن ينكشف الأمر كله مادمنا قد بدأنا نبحث في أصول الناس ومنابعهم.
ارتشف قهوته وأطلق ضحكة خفيفة وقال:ثم عائلة ويذربي.بيت سيء شرير,كراهية وحقد,وفتاة محبطة خرقاء.وماذا وراء ذلك؟لا يوجد في الأمر ما هو شرير.مجرد المال!
_بهذه البساطة!
_الفتاة هي صاحبة المال...وهو مبلغ كبير جداً ورثته من عمة لها,ولهذا تتحكم الأم قبضتها على الفتاة خوفاً من أن تتزوج,وزوج أمها يبغضها لأنها تمتلك المال وتدفع النفقات.وقد فهمت أنه فشل في كل أمر أقدم عليه.رجل وضيع....أما بالنسبة للسيدة ويذربي فإنها سُم خالص محلول في سكر.
أومأ بوارو برأسه مظهراً رضاه وقال:أوافقك الرأي.من حسن الحظ أن لدى الفتاة مالاً.إن هذا يجعل تدبير أمر زوجها بجيمس بنتلي أمراً أسهل بكثير.
بدا المفتش سبنس مدهوشاً وقال:تتزوج بجيمس بنتلي؟ديردرا هندرسُن؟من يقول هذا؟
_أنا أقول هذا.إنني أشغل نفسي بالموضوع.إن لديّ_بعد انتهاء مشكلتنا الصغيرة هذه_الكثير من الوقت,وسأشغل نفسي بتيسير هذا الزواج.حتى الآن,ليس لدى الشخصين المعنيين أدنى فكرة عن الموضوع,ولكنهما يميلان بعضهما إلى البعض.وإذا تُركا وشأنهما فلن يحدث شيء,ولكن يجب أن يعتمدا على هيركيول بوارو...سوف ترى,سوف يتم هذا الأمر!
ضحك سبنس وقال:أنت لا تمانع في التدخل في شؤون الآخرين,أليس كذلك؟
قال بوارو مؤنباً:يا عزيزي!لا يحسن بك قول ذلك.
_آه,أنت على حق في هذا,وعلى كل حال فإن جيمس بنتلي شخص مسكين.
_من المؤكد أنه شخص مسكين!وهو في الوقت الحاضر مكروب تماماً لأنه لن يُعدم!
_يجب عليه أن يجثو على ركبتيه امتناناً لك.
_بل قل لك أنت.ولكن من الواضح أن هلا يرى هذا الرأي.
_شخص غريب.
_كما تقول.ومع ذلك توجد فتاتان على الأقل مستعدتان للاهتمام به.إن أمر الأذواق البشرية غريب!
_لقد كنت أحسب أنك ستوفق بينه وبين مود ويليامز.
_سوف يختار خياره,ولكني أظنه سيختار ديردرا هندرسُن,إذ أن مود ويليامز ذات طاقة حيوية وعالية,وإذا عاش معها فإنه سينزوي في قوقعته أكثر فأكثر.
_لا أفهم لماذا ترغب به أي منهما! ومع ذلك,فيوجد من سيُفسد عليك مشروعك.فعليك أولاً إعداد بنتلي لتقبل ذلك,ثم عتق الفتاة من قبضة تلك الأم السامة....سوف تحاربك بأسنانها وأظافرها!
_سيكون النجاح حليف الألوية الكبيرة.
قال سبنس:"أحسبك تعني حليف الشوارب الكبيرة".ثم زمجر ضاحكاً,فيما مسد بوارو شاربه برضا واقترح فنجاناً آخر من القهوة.
_لا بأس بذلك يا عزيزي بوارو.
طلب بوارو القهوة,وقال سبنس:آه,أمر آخر يجب أن أخبرك به .أتذكر عائلة ريندل؟
_بالطبع.
_حسناً,عندما كنا نتحرى عنه اتضح لنا أمر غريب,فعند وفاة زوجته الأولى في ليدز(حيث كان يمارس الطب في تلك الأثناء)تلقى الشرطة هناك رسائل مجهولة المصدر فيها كلام سيء عنه وتقول إنه قام بوضع السم لزوجته.وبالطبع فإن الناس يقولون مثل هذه الأشياء عادة.لقد كانت تحت رعاية طبيب آخر ذي سمعة طيبة,وقد رأى ذلك الطبيب أن وفاتها كانت عادية,ولم يكن من شيء يتهمونه به باستثناء وثائق التأمين(حيث أمن أحدهما لصالح الآخر,والناس كثيراً ما يفعلون ذلك),لاشيء يمكن الاعتماد عليه,ومع ذلك ...أتساءل؟ما رأيك أنت؟
تذكر بوارو سلوك السيدة ريندل الخائف وذكرها رسائل مجهولة المصدر وإصرارها على أنها لا تؤمن بأي شيء تقوله تلك الرسائل.وتذكر أيضاً ثقتها بأن تحقيقه في موت السيدة ماغينتي لم يكن سوى ذريعة.قال:يخبل إلي أن الشرطة ليسوا وحدهم الذين تلقوا الرسائل المجهولة.
_هل أرسلوها لزوجته أيضاً؟
_أظن ذلك,فعندما قدمت إلى بروديني اعتقدت أنني كنت في إثر زوجها,وأن موضوع السيدة ماغينتي لم يكن سوى ذريعة.نعم,كما أظن هو ذلك أيضاً.هذا يفسر ما حصل!لقد كان الدكتور ريندل هو الذي حاول دفعي تحت القطار في تلك الليلة.
_أتظن أنه سيحاول قتل هذه الزوجة أيضاً؟
_أظنها ستكون من الحكمة بحيث لا تؤمن على حياتها لصالحه,ولكن إذا اعتقد أننا نراقبه فسيكون أكثر حرصاً.
_سنبذل ما في وسعنا,سنبقي أعيننا مفتوحة على طبيبنا الودود ونوضح له أننا نقوم بذلك.
ارتشف بوارو قهوته وقال:والسيدة أوليفر؟
_ما الذي ذكرك بها فجأة؟
_حدس المرأة لديها.
خيم السكوت لبرهة,ثم قال سبنس ببطء:ستتم محاكمة روبن أبورد الأسبوع القادم.أتعرف بوارو,لا أملك إلا أن أشعر بالشك.....
قاطعة بوارو بذعر:يا إلهي!لا أحسبك تشك الآن بجريمة روبن,أليس كذلك؟لا تقل لي أنك ستبدأ من جديد!
ضحك المفتش سبنس وقال مطمئناً:"يا إلهي!كلا,إنه قاتل دون شك".ثم أضاف:لديه من الغرور ما يكفي لارتكاب أية جريمة!





The End

تحياتي لكم جميعاً واشكر كل من تابعني كان من القراء او الاعضاء واشكر كل من ردود الرائعة ::جيد::

nickcarter_2
21-10-2006, 00:08
أخيراً اللحظة التاريخية
يااااه
شعور غير طبيعي ومثابرة غير طبيعية أيضاً

توم سوير
25-10-2006, 03:54
شكرا اختي شيهيرو على المجهود الجبار

فكتابة رواية بهذا الحجم ليست بالشيء السهل


يعطيج العافية

netdevil
27-10-2006, 15:07
أخيرا أنتظرك عشان أقراها مره واحدة
مو أنقهر

شيهيرو
02-11-2006, 12:40
تسلموا على مروركم وردودكم الحلوة

*cornelia*
08-11-2006, 18:20
شكراياعسل ياشيهيرو
على الموضوع واسفه على ردي المتاخر

sHiTRA
15-11-2006, 17:07
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووره


فديتك ما تعبتي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووره