topgirl
07-03-2006, 05:07
قلـــــــــــوب مضيئـــــــــــــــة
حدثني صاحب القصة قال :كنت أراها في بقعة نائية على الشاطئ وحيدة . . لا تفعل شيء سوى الحملقة في البحر . . صامتة ساكنة لا تكاد تكلم أحدا أو يكلمها احد . . فكأنها هاربة من ضجيج الناس وضوضائهم لائذة بالوحدة الموحشة . . والسكون السائد ولم أكن استغرب امرئ إلى العزلة . . وحنينه إلى الوحدة . . فقد كنت أنا نفسي كثيرا ما أفكر في أن افر من الناس لاجئا إلي بقعة خالية . . في روضة أو صحراء أو شاطئ بحر . ولكن الذي استغربته من الفتاة وهي زهرة متفتحة أن تهفو إلى الوحدة وتفر من اللهو . .وكأنها عجوز أجهدتها الحياة ! ولست ادري هل كان حب استطلاع هو الذي دفعني إلى الاهتمام بها . وهل كانت رغبتي في الاقتراب منها وحديثي معها هي . . رغبة اى إنسان في اكتشاف أمر غريب لم يتعوده . . . أم أن الفتاة نفسها كان بها نوع من السحر والفتنة دفعني إلى أن اجعل منها ما يشغل رأسي ويسيطر على تفكيري على أية حال . . لقد وجدتني اتخذ مجلسي على مقربة منها في صمت وسكون ارقبها خفية متظاهرا بقراة كتاب في يدي . . وكنت أشهدها تعبث بالرمال . . ثم تسبح ببصرها في الأفق البعيد وفي جوف الماء ولم أكن اقضي بجوارها سوى فترات قصيرة . . فقد خشيت أن يثقل عليها وجودي . . وان أضيع عليها متعتها في الوحدة . . ومرت الأيام . . فإذا بحنيني إلى الفتاة يزداد وبدأت أحس أنها قد ملكت زمام نفسي . . . وشاورت قلبي في أمرها فأشار إلى أن أتقدم إليها وأحدثها ، وبت ليلتي احضر ما سأقوله لها . . ورد ما سوف تقوله لي . . واستيقظت في الصباح وكأني مقبل على أمر جلل . وأخذت استعيد ما لقنته لنفسي طوال الليل . وتقدمت إلى نهاية الشاطئ فلمحتها جالسة في مكانها . وأحسست قلبي يخفق بشدة . . واقتربت منها في خشية وتردد وشعرت بوقع أقدامي فالتفتت إلي وحييتها فأجابت تحيتي بصوت عذب ورقيق . .ثم استأذنتها إن كانت تسمح لي بالجلوس إلى جواراها فلم تمانع .وبحثت في ذهني عما حفظته من أقوال فإذا بها قد تبددت . . وأخذت انظر إليها من قرب . . فغمرتني نشوة عجيبة كانت مخلوقة رقيقة مرهفة . . وكان وجهها دقيق التقاطيع صافي البشرة . . وقد عقصت شعرها الذهبي في مؤخرة رأسها وكانت ترتدي (بلوزة) بيضاء التي أبرزت عنقها العاجي . . و(تنوره) قصيرة لونها احمر وحذاء ابيض خفيف وبدأتها الحديث بعد فترة من الصمت
- أخشى أن أكون قد ضايقتك . . أني لم استطع أن أقاوم رغبتي في الحديث معك ... كنت اكتفي من قبل بالجلوس على مقربة منك . . ولكن الإنسان شديد الطمع فاعذريني
وضحكت الفتاة قائلة :
- لا أظن هذا طمعا . . فأي مخلوقين تجمعهما بقعة خالية كهذه . . لابد أن ينتهي بهما الأمر إلى التعارف
-أما من ناحيتي أنا . . فقد تعرفت عليك منذ فترة طويلة . . ويخيل إلى أن هناك تآلفنا بين روحينا يجذب كلامنا إلى الآخر . . أو هذا على الأقل هو ما أحس به . .
وافتر ثغرها عن الابتسامة عذبة ثم رايتها تضع يدها اليمنى على ركبتها وبدا لي أن هذه الحركة منها لم تكن عفوا فقد لمحت في أصبعها خاتم الخطوبة ولم اشك إذ ذاك في إنها تقصد تلوح لي به ولست أنكر إن حركتها هذه قد اصابتنى بخيبة آمل شديدة ، ولكنى حاولت جهدي ألا اجعل مظهرها يبدو على وجهي .. وتشاغلت بالعبث في الرمال وحاولت أن أجد موضوعا أغير به مجرى الحديث . . ولاحت سفينة صيد شراعية تظهر وتختفي بين الأمواج وأشرت إلى السفينة وقلت في شيء من الدهشة :
- ماذا حدا بالسفينة إلى أن تندفع في عرض البحر هذا الاندفاع . . إني لا أكاد أبصرها
وأجابت ببساطة
- لاشك إن الصيد هناك أوفر . . لقد تعودت دائما أن أبصرها تبتعد حتى تختفي عن البصر
- انظري . ها قد ظهرت ثانية
ونظرت إلى الأفق ثم هزت رأسها
- إني لا أبصرها
ومددت يدي وأشرت بإصبعي في اتجاه السفينة التي بدت في الأفق كنقطة بيضاء . .
وقلت لها :
-ها هي ألا ترينها . .؟
ونظرت إلى الأفق وهزت رأسها ثم قالت :
لا.....لا ..أراها
- لقد اختفت ثانية . . دعينا منها
وساد الصمت بيننا برهة ثم قالت الفتاة :-
- هل تعودت أن تحضر إلى هنا كثيرا ؟!
-منذ أبصرتك
فضحكت وسألتني :
- إذن فلست تحب المكان نفسه . . أنا لا أوافقك على ذلك . . فان لي ولعا به منذ الصغر
- كأني بك قد تجاوزت الصغر . . انك لا تزالين طفلة
- ألا ترى مني أكثر من هذا ؟
- بل أرى. .
-ماذا ؟!
- أرى منك معجزة خارقة ! !
وتدرج بنا الحديث دون أن ندري . . ومر الوقت كأنه برق ونظرت إلى الساعة في يدي فإذا عقربها قد قطع من الزمن ساعتين في ثوان معدودات . . . .وتذكرت إني على موعد هام ووجدت نفسي مضطرا إلى مفارقتها وأحسست أن فراقها أمر عسير علي . .وخيل لي إني قد ارتبطت بها برباط وثيق . . ولكني نهضت في النهاية . . وشددت على يدها . . وسألتها :
هل أراك غدا ؟
- يحتمل
وغادرتها وسرت في طريقي خطوات متثاقلة وبودي أن أعود إليها . . وقبل أن انحرف في طريقي التفت براسي لألقى عليها نظرة أخيرة . . فرايتها ترقبني . . ووقفت في مكاني ورفعت يدي ولوحت لها بتحية أخيرة وأحسست بخيبة آمل . فإنها لم تجبني .
حدثني صاحب القصة قال :كنت أراها في بقعة نائية على الشاطئ وحيدة . . لا تفعل شيء سوى الحملقة في البحر . . صامتة ساكنة لا تكاد تكلم أحدا أو يكلمها احد . . فكأنها هاربة من ضجيج الناس وضوضائهم لائذة بالوحدة الموحشة . . والسكون السائد ولم أكن استغرب امرئ إلى العزلة . . وحنينه إلى الوحدة . . فقد كنت أنا نفسي كثيرا ما أفكر في أن افر من الناس لاجئا إلي بقعة خالية . . في روضة أو صحراء أو شاطئ بحر . ولكن الذي استغربته من الفتاة وهي زهرة متفتحة أن تهفو إلى الوحدة وتفر من اللهو . .وكأنها عجوز أجهدتها الحياة ! ولست ادري هل كان حب استطلاع هو الذي دفعني إلى الاهتمام بها . وهل كانت رغبتي في الاقتراب منها وحديثي معها هي . . رغبة اى إنسان في اكتشاف أمر غريب لم يتعوده . . . أم أن الفتاة نفسها كان بها نوع من السحر والفتنة دفعني إلى أن اجعل منها ما يشغل رأسي ويسيطر على تفكيري على أية حال . . لقد وجدتني اتخذ مجلسي على مقربة منها في صمت وسكون ارقبها خفية متظاهرا بقراة كتاب في يدي . . وكنت أشهدها تعبث بالرمال . . ثم تسبح ببصرها في الأفق البعيد وفي جوف الماء ولم أكن اقضي بجوارها سوى فترات قصيرة . . فقد خشيت أن يثقل عليها وجودي . . وان أضيع عليها متعتها في الوحدة . . ومرت الأيام . . فإذا بحنيني إلى الفتاة يزداد وبدأت أحس أنها قد ملكت زمام نفسي . . . وشاورت قلبي في أمرها فأشار إلى أن أتقدم إليها وأحدثها ، وبت ليلتي احضر ما سأقوله لها . . ورد ما سوف تقوله لي . . واستيقظت في الصباح وكأني مقبل على أمر جلل . وأخذت استعيد ما لقنته لنفسي طوال الليل . وتقدمت إلى نهاية الشاطئ فلمحتها جالسة في مكانها . وأحسست قلبي يخفق بشدة . . واقتربت منها في خشية وتردد وشعرت بوقع أقدامي فالتفتت إلي وحييتها فأجابت تحيتي بصوت عذب ورقيق . .ثم استأذنتها إن كانت تسمح لي بالجلوس إلى جواراها فلم تمانع .وبحثت في ذهني عما حفظته من أقوال فإذا بها قد تبددت . . وأخذت انظر إليها من قرب . . فغمرتني نشوة عجيبة كانت مخلوقة رقيقة مرهفة . . وكان وجهها دقيق التقاطيع صافي البشرة . . وقد عقصت شعرها الذهبي في مؤخرة رأسها وكانت ترتدي (بلوزة) بيضاء التي أبرزت عنقها العاجي . . و(تنوره) قصيرة لونها احمر وحذاء ابيض خفيف وبدأتها الحديث بعد فترة من الصمت
- أخشى أن أكون قد ضايقتك . . أني لم استطع أن أقاوم رغبتي في الحديث معك ... كنت اكتفي من قبل بالجلوس على مقربة منك . . ولكن الإنسان شديد الطمع فاعذريني
وضحكت الفتاة قائلة :
- لا أظن هذا طمعا . . فأي مخلوقين تجمعهما بقعة خالية كهذه . . لابد أن ينتهي بهما الأمر إلى التعارف
-أما من ناحيتي أنا . . فقد تعرفت عليك منذ فترة طويلة . . ويخيل إلى أن هناك تآلفنا بين روحينا يجذب كلامنا إلى الآخر . . أو هذا على الأقل هو ما أحس به . .
وافتر ثغرها عن الابتسامة عذبة ثم رايتها تضع يدها اليمنى على ركبتها وبدا لي أن هذه الحركة منها لم تكن عفوا فقد لمحت في أصبعها خاتم الخطوبة ولم اشك إذ ذاك في إنها تقصد تلوح لي به ولست أنكر إن حركتها هذه قد اصابتنى بخيبة آمل شديدة ، ولكنى حاولت جهدي ألا اجعل مظهرها يبدو على وجهي .. وتشاغلت بالعبث في الرمال وحاولت أن أجد موضوعا أغير به مجرى الحديث . . ولاحت سفينة صيد شراعية تظهر وتختفي بين الأمواج وأشرت إلى السفينة وقلت في شيء من الدهشة :
- ماذا حدا بالسفينة إلى أن تندفع في عرض البحر هذا الاندفاع . . إني لا أكاد أبصرها
وأجابت ببساطة
- لاشك إن الصيد هناك أوفر . . لقد تعودت دائما أن أبصرها تبتعد حتى تختفي عن البصر
- انظري . ها قد ظهرت ثانية
ونظرت إلى الأفق ثم هزت رأسها
- إني لا أبصرها
ومددت يدي وأشرت بإصبعي في اتجاه السفينة التي بدت في الأفق كنقطة بيضاء . .
وقلت لها :
-ها هي ألا ترينها . .؟
ونظرت إلى الأفق وهزت رأسها ثم قالت :
لا.....لا ..أراها
- لقد اختفت ثانية . . دعينا منها
وساد الصمت بيننا برهة ثم قالت الفتاة :-
- هل تعودت أن تحضر إلى هنا كثيرا ؟!
-منذ أبصرتك
فضحكت وسألتني :
- إذن فلست تحب المكان نفسه . . أنا لا أوافقك على ذلك . . فان لي ولعا به منذ الصغر
- كأني بك قد تجاوزت الصغر . . انك لا تزالين طفلة
- ألا ترى مني أكثر من هذا ؟
- بل أرى. .
-ماذا ؟!
- أرى منك معجزة خارقة ! !
وتدرج بنا الحديث دون أن ندري . . ومر الوقت كأنه برق ونظرت إلى الساعة في يدي فإذا عقربها قد قطع من الزمن ساعتين في ثوان معدودات . . . .وتذكرت إني على موعد هام ووجدت نفسي مضطرا إلى مفارقتها وأحسست أن فراقها أمر عسير علي . .وخيل لي إني قد ارتبطت بها برباط وثيق . . ولكني نهضت في النهاية . . وشددت على يدها . . وسألتها :
هل أراك غدا ؟
- يحتمل
وغادرتها وسرت في طريقي خطوات متثاقلة وبودي أن أعود إليها . . وقبل أن انحرف في طريقي التفت براسي لألقى عليها نظرة أخيرة . . فرايتها ترقبني . . ووقفت في مكاني ورفعت يدي ولوحت لها بتحية أخيرة وأحسست بخيبة آمل . فإنها لم تجبني .