PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : توقَّف!



أمواج المحيط
11-04-2018, 19:58
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=2248625&stc=1&thumb=1&d=1585403419

السلام عليكم


توقَّف



مشى وحيدًا مطأطئ الرأس متأملًا الحجارة في الشارع بعد يومِ عملٍ شاقٍ كالعادة،
وقد استُهلك جسديًا ونفسيًا من شدة التعب والضغط الجاثم على صدره،
وبينما كان مستغرقًا في أفكاره جاءه صوتٌ -مليءٌ بالحيوية ويعرفه جيدًا- من خلفه: هَي! هل تركت العالم وراءك؟
لم يلتفت إلى صاحب السؤال، ولكنه تنهد بقوة متحسرًا، ثم قال:
لم أترك شيئًا ورائي. أنا شخصٌ اعتاد على تحمل مسؤولياته فوق كتفيه، ومسؤوليات الآخرين أيضًا!

رد الشخص الآخر باندفاع ضاحك: هاه، أنظر إلى نفسك كيف تتكلم!
ثم غير صوته هازئًا: أتحمل مسؤولياتي ومسؤوليات الآخرين فوق كتفَي!
توقف عن تغيير صوته وأكمل: ياللسخف! أنت لا تتحمل مسؤولياتك الشخصية أيها المغفل،
وتلقي بها دائمًا -مهما كانت تافهة- فوق أكتاف الآخرين!

تنهد المقصود مرة أخرى بقوة أكبر وقد بدا الأسى على وجهه،
وكرر بإصرار ورنة استعطافٍ متعمَّدة ظهرت في صوته: لا شيء ورائي.
رد الآخر بسخرية: طبعًا لا شيء وراءك، فأنت وراء الجميع. العالم كله والناس كلهم متقدمون عليك؛
أما أنتَ إن التفت يومًا إلى الخلف فلن تجد إلا نفسك!

تجاهل الرجل ذلك الكلام متظاهرًا بأنه لم يسمع،
فسحب -فجأة- منديلًا ورقيًا من على الأرض وقال مدعيًا البلاهة: ما الذي أتى بهذا هنا ؟
صفق الآخر ببطء وصاح: ياسلام! أتظن بأن ادعاءك بعدم سماع ما يوجعك يُضعف المتكلم ويعطيك القوة وكأن الإهانة لم تصلك؟
قد يفيد هذا التصرف شخصًا آخر.. شخصًا قويًا بالفعل..
شخصًا لا يهتم بكلام الآخرين لأنه على يقين بأن كلامهم لا يُنقص من قيمته الحقيقية،
ولكن صدقني، هذا التصرف لا ينفع معك ولا يليق بك أبدًا أبدًا!

كان الرجل يستمر بتجاهل الكلام متشاغلًا بالمنديل الورقي،
فتلفت راسمًا على ملامحه برودًا غير حقيقي متظاهرًا بأنه يبحث عن سلة قمامة رغم علمه بعدم وجود واحدةِ في ذلك المكان،
وكان أثناء ذلك يحرص على إعطاء ظهره للشاب الذي يهاجمه كأنه ليس موجودًا،
وحينما انتهي الشاب من قذائفه قال مخاطبًا نفسه بصوت مسموع: سأغادر لأن عليّ أن أرمي هذا المنديل.
ثم غادر بالفعل ومشاعر قهرٍ وذلٍ تتلاطم في داخله، وقناع البرود ما زال مرتسمًا على وجهه.
تنهد الشاب هذه المرة، وهز رأسه يمينًا ويسارًا في رثاء، ورفع صوته كي يسمعه الرجل المغادر قائلًا:
أجل، أجل. ارمِ المنديل، وارمِ معه أشياء أخرى!


https://gulfupload.com/i/00021/vqkzqx2yi8bv.gif


سرح بأفكاره حينما كان جالسًا في مكتبه خلال ساعة الاستراحة، ورفع إحدى الأوراق من مكتبه الفوضوي كي يستطلع ما فيها،
فوجدها قديمةً وكان يجب ان تُرمى منذ دهر، فراوده شعور بالضيق، ثم سمع صوتًا مألوفًا يسأله بغتةً:
هَي، هل تركتَ العالم وراءك؟
أجبر نفسه على الابتسام دون النظر إلى محدّثه، ورد مدعيًا المرح: أنتَ حقًا غريب! كيف يمكن أن يُرمى العالم؟!
ثم هز رأسه لليمين واليسار متضاحكًا بينما الآخر يرمقه باستخفاف: أتحاول إهانتي بادعاء الغباء؟
أقول لك مرة أخرى:من الممكن أن ينفع هذا التصرف مع شخصٍ ذو قوة حقيقية، ولكن ليس معك أنت!

رمشت عينا الرجل عدة مرات بسرعة وابتسم أكثر، و واصل سكوته متشاغلًا بالورقة كما لو كان مركزًا على قراءتها،
ورغم أنه لم يلتفت بوجهه للشاب إلا أن الأخير قال: لماذا ترمش بهذه الطريقة؟
هل هذه ردة فعلك نتيجة شعورك بالإحراج الشديد أم هي مقاومة لرغبتك في البكاء؟
ضيق الرجل عينيه وتمتم بكلمات مواصلًا ادعاءه في القراءة، فقال الشاب: حسنًا، حسنًا! سأتركك الآن كي تبكي على راحتك.

اختفى الشاب، فألقى الرجل الورقة بانفعال وقد احمرت عيناه ولمعتا نتيجة اجتماع الدموع،
ولكنه كتمها بقوة وكأنه يحافظ على بقايا كبريائه.


https://gulfupload.com/i/00021/vqkzqx2yi8bv.gif


في أحد الأيام عاد إلى بيته وقد استشعر ثقلًا جديدًا لم يفهم سببه،
والشعور بأنه كان يجب عليه أن يشعر بالفرح -في ذلك اليوم بالتحديد- زاده همًا على هم.
- هل تركتَ العالم وراءك؟
فرك الرجل يديه بقوة متشاغلًا بنقل بصره من ركنٍ لآخر من أركان الصالة كأنه يراهها لأول مرة، وقال:
أما تعبت من تكرار هذا السؤال؟ ألا تشعر بالملل وأنت تطرح الموضوع نفسه كل مرة؟

تثاء بالشاب، ورد: إن كان الأمر هكذا فأنت أكثر الناس إثارة للضجر!
سأل الرجل وعيناه ما زالتا في رحلتهما: ما الذي قلته؟ لم أسمعك!
أجاب الشاب بسخرية: بل سمعتني جيدًا، وكفاك ادعاءً للقوة بينما أنتَ تتحطم إلى أشلاء
فحتى ضعيفوا البصر يرون حطام أشلاءك دون الحاجة إلى ارتداء نظارة!

قفز الرجل فجأة ورفع من إحدى الطاولات ساعة قديمة كانت غير واضحة بسبب تراكم الأشياء أمامها:
آه! ساعتي القديمة! كنتُ أبحث عنها.. منذ متى وهي هنا ؟
ابتسم الشاب بسخرية أكبر ورد مادًا الحروف في النطق: إنهـــا هنـــا منذ زمن بعيـــد يُماثل زمن عبوديتك،
وأنت تعرف بوجودها ولكنك كنت تتجاهلها كما يتجاهلك الجميع،
فلا الساعة تعمل لانتهاء بطاريتها ولا أنت تثير اهتمام أحد إلا بدافع الشفقة
لأن شيئًا فيك قد توقف عن العمل.. أيكون ذاك الشيءُ عقلك؟!

تجاهل السؤال الأخير وأجاب بينما كان يعبث بدقةٍ في الساعة:
غير صحيح، فأنا مجدٌ في عملي والكل يحترموني، فكيف قاموا بترقيتي اليوم لأكون رئيس قسمي إذن؟
رفع الشاب حاجبيه بدهشةٍ مصطنعة: تسأل كيف قاموا بترقيتك؟
إنها ببساطةٍ نتيجة سنوات العبودية الطويلة التي ما تعبتَ من تكرارها
رغم أن كل زملائك ذوي العقل السليم فروا بحياتهم ما إن توفرت لهم فرص عملٍ أخرى،
وبقيتَ أنتَ كي تثبتَ لنفسك بأنك المسكين المظلوم الذي يستحق جائزة نوبل للتعاسة.

كان الرجل أثناء ذلك الكلام قد أخرج بعض البطاريات و وضعها في الساعة، ثم هتف: هذا رائع! إنها تعمل!
سكت الشاب للحظات متأملًا رفيقه، ثم قال: رائع بالفعل! أفضل من عقول بعض الناس!
واختفى بينما أكمل الرجل العبث في الساعة كأنه يحاول إقناع نفسه بأن اهتمامه بها حقيقي وليس تهربًا.


https://gulfupload.com/i/00021/vqkzqx2yi8bv.gif


- لماذا فعلتَ هذا ؟
كان السؤال مباشرًا وحازمًا وفيه اتهامٌ ولومٌ واضحان.
سأل الرجل بينما كان يتنقل بين محطات التلفاز بتتابع مدعيًا عدم الاكتراث: عن ماذا تتحدث بالضبط؟
قال الشاب بحدة: بل تعرف تمامًا! لماذا ؟لماذا أهنتَ الرجل بتلك الطريقة؟
أطفأ التلفاز ورد بنبرة لا مبالاة: لقد اخطأ ، و واجبي كرئيسٍ للقسم أن أنبهه على أخطائه. لم يكن الأمر بيدي!
رفع الشاب صوته الشاب بغضب: لو أنك شرحتَ له المطلوب منه بوضوح - أيها الرئيس الحاذق - لما ارتكب ذلك الخطأ البسيط،
ثم أن غلطته كانت تافهةً ولا تستلزم منك كل تلك الإهانات التي ألقيتها عليه.

أشاح الرجل برأسه يسارًا وسأل مستنكرًا مع نبرة استعطافٍ رقيقةٍ مصطنعة: وماذاعليّ أنْ أفعل إذن؟
أن أترك الموظفين في قسمي يعملون على هواهم دون أن أصحح أخطاءهم إلى أن يضيع العمل هباءً؟
وتنهد بحسرة بدت للشاب كما لو كان يقول: "يالي من مسكين!" فصرخ وقد فقد أعصابه:
توقف! لا تمثل دور المظلوم أمامي فأنا أعرفك جيدًا يا صغيرَ العقل!

ابتلع الرجل ريقه بصعوبة، ففي الحقيقة كان فزعًا جدًا فهو يعرف تمام المعرفة لأي درجةٍ قد يهينه الشاب،
ولكنه رغم ذلك ثبت عينيه على الجدار يساره ثم قال محاولًا التحدث بحزم،
ولكن حزمه خرج رقيقًا صغيرًا -بسبب الخوف- رغم وضوح وجوده: يجب أن يتعلم الموظفون أن يعملوا بطريقةٍ صحيحة،
وإن كان أحدهم أضعف من أن يتحمل مسؤولية هذا العمل فليبحث إذن عن عملٍ آخر.
صاح الشاب مهاجمًا: هو ليس أضعف من تحمل المسؤولية، ولكنك هاجمته لأنك تظن بأن كونك رئيسًا عليه يجعله أضعف منك،
فأنت ضعيفٌ وجبان، وأنتَ تعرف ذلك جيدًا، صح؟ لقد هاجمته مستغلًا موقعك، صح؟

التزم الرجل بالصمت بينما انتظر الشاب إجابة، ولم يطل انتظاره، فقد فهم أن الرجل يتجاهله،
فما كان منه إلا أن أخذ نفسًا قويًا فرّغ فيه جزءًا من غضبه،
ثم تحول إلى أسلوب الاستهزاء والهجوم -كعادته- كي يفرغ ما تبقى من غضب: أتعلم؟ إنه ليس أضعف منك،
ولكنه يحتاج إلى هذه الوظيفة كثيرًا.. هذا هو السبب الذي جعله يسكت على إهانات أحمق مثلك،
وأنتَ استغللت فقره وحاجته كي تفرد عضلات لسانك عليه كما يفعل رؤساؤك معك.
بل كما يفعل جميع الناس معك، ولكنه ليس أضعف منك.. تذكر هذا جيدًا!

مرت لحظات صمتٍ قصيرة قبل أن يسأل الشابُ بإرهاق: ألن تترك العالم وراءك؟
لما ساد الصمت من جديد وطال بينما بقي الرجل دون حراك، فهم أن رفيقه قد غادر،
فشغل التلفاز وبدأ يتابع باذلًا جهده كي يركزعلى ما يراه.


https://gulfupload.com/i/00021/vqkzqx2yi8bv.gif



الرجاء عدم الرد

أمواج المحيط
11-04-2018, 20:00
https://gulfupload.com/i/00021/vqkzqx2yi8bv.gif


دخل البيت بخطواتٍ غاضبة، واتجه نحو غرفته مباشرةً ثم صفق الباب خلفه وأخذي يمشي بعصبية،
قطع أفكاره -كالعادة- صوت الشاب وقد بدا صوته شامتًا هذه المرة: لا داعي لكل هذا الغضب.
اتجه الرجل إلى سريره وجلس عليه واضعًا قدمًا على أخرى ثم شبك يديه على ركبته،
وأخذ يهز قدمه بعصبية وعيناه مثبتتان على أرض الغرفة وشفتاه مزمومتان بقوة.

قال الشاب مرة أخرى بالشماتة نفسها: هيا، أنتَ تعلم أنكَ نلت جزاءك.
ثم تابع باستحقار ساخر: أن تصرخ عليك موظفة جديدة وصغيرة بتلك الطريقة شيءٌ لا يحدث كل يوم!
تمتم الرجل بحقد: تلك الحقيرة!
رد الشاب بسرعة: ليست حقيرة، فهي لم تصرخ عليك من دون سبب. توقف عن الإنكار وكن صريحًا!
صر الرجل على أسنانه بقوة قائلًا: منذ أن دخلت الشركة وهي تتظاهر بالبراءة واللطف
كما لو كانت قطة صغيرة لا تجيد الدفاع عن نفسها، ثم يظهر منها هذا الوجه البشع!
رفع صوته بقهر وكأنه يؤكد لنفسه أمرًا: لكنها أهانت نفسها! لقد فضحت حقيقتها للجميع، أجل!

عاد الشاب لاستهزائه بعد إنصاته القصير: بل تعني أنها فضحتك! صحيحٌ أن كل من يراها يظنها قطةً صغيرة كما تقول،
ولكن كان هذا سبب محاولتكَ لإهانتها. كنت تظنها مثل ذلك الموظف الذي كنت تصرخ عليه ويبقى ساكتًا أمامك رغم ظلمك له،
ولهذا أنت غاضب. لقد فاجأك أن تتعرض للإهانة من شخصٍ استصغرته وظننت أنك تستطيع أن تدوس عليه!

تأفف الرجل بقهر ولم يرد.. كان ما يزال يغلي غضبًا. تابع الشاب: تظن الجميع مثلك؟
تطن بأن هناك مَن يرضى أن يُداس عليه كي يمثل دور المظلوم بصمتٍ كما تفعل أنت؟
وحدك من ترضى بالإهانة شرفًا خسيسًا ثم تحاول صب غضبك على من تظنهم أضعف منك!
حتى ذلك الموظف الفقير انتقل إلى وظيفةٍ أخرى تحفظ كرامته من أمثالك،
وأما تلك الشابة فقد استمدت قوتها من حقيقة أنها قررت أن تتوظف رغبةً منها في ذلك وليس نتيجة حاجة مادية
فأبوها رجل غني كما يعلم الجميع.

صرخ الرجل أخيرًا: إنها طفلةٌ مدللةٌ وفاسدة لم تجرب التعب والشقاء يومًا ولا تعرف عن حقيقة هذه الدنيا شيئًا!
سكت الشاب للحظة قبل أن يسأل بجدية: ليست مدللة ولا فاسدة،
ولكن عدم حاجتها للمال يجعلها لا تخشى إيقاف من يحاول إهانتها ويتصيد لها المشاكل
حتى لو كان ذلك الشخص أقوى منها ظاهريًا، فكيف حينما يكون ذلك الشخص هو أنت أيها التافه؟!

تجاهل الرجل الكلام الأخير ورد بانفعال دون أن يواجهه: أرأيت؟ قلتَ: "عدم حاجتها للمال"!!
لقد صرخت علي بذلك الشكل المفاجئ لأنها لم تتعود أن ينبهها أحد على أخطائها.. لوأنها عرفت في طفولتها ما هو التعب لسكتت!
- آه!
قالها الشاب بحقد، ثم سأل وقد بدأ يغضب أيضًا: إذن سكوتك على إذلال مَن حولك لك هو دليلٌ على أنك قد تعذبت في طفولتك؟
رد الرجل بقوة: أجل!
- رائع، رائع!
صفق الشاب ببطء، وسأل من جديد: ومبالغتك في التعبير عن الاحترام لمَن يدوس عليك دليلٌ على رجاحة عقلك؟

سكت للحظة كأنه ينتظر إجابة ولكن كل ما فعله الرجل كان النهوض والاتجاه نحو النافذة موليًا ظهره للشاب،
فسأل الأخير: لماذا تشعر بالعار إذن؟
لم يكن هناك رد في تلك المرة أيضًا، فقد اكتفى الرجل بالتحديق في السماء وقد ارتدى قناع البرود،
فأكمل: لماذا تتصيد كل شخصٍ تضمن بأنه لن يرد عليك؟
ثم عدد: بعض الموظفين في قسمك، وقبلهم كل عاملٍ أجنبي من الدول الفقيرة
سواءً كان محاسبًا في بقالة أو سائق سيارة أجرة أو عامل نظافة! كل من يجلس معك يلاحظ أنك تتصيدهم.

صمت، ولم يلق أي رد، فاستطرد: ثم ما أدراك بأن تلك الشابة لم تواجه أية مشكلة في حياتها ؟ما هذا التفكير التافه والسطحي؟
صمت من جديد منتظرًا من جديد، ثم أكمل: هناك سببان لادعائك بأنها لم تواجه أية مشكلة في حياتها.
الأول هو أنك تحاول الظهور بمظهر المظلوم،
والثاني هو أنك في الحقيقة تغار منها لأنك ترى بأن مال أبيها أعطاها القوة والشجاعة لمواجهتك
في حين أنك عشتَ فقيرًا ولم تصل أبدًا للحد الذي تُعتبر فيه غنيًا.

رد الرجل بحدةٍ مدافعًا دون أن يلتفت أو يغير ملامحه الباردة: أنا راضٍ بما لدي.
صاح الشاب: كلا، لستَ راضيًا! أنت تغلي قهرًا كل يوم على الحياة التعيسة التي عشتها وتعيشها ؛
أنتَ تحترق كمدًا كلما رأيتَ أشخاصًا لم يمروا بنفس ظروفك وتتجاهل حقيقة أن لديهم مشاكلهم التي لم تمر أنت بها ؛
أنت تكاد تموت همًا من فكرة أن حياتك لم تتغير لتصبح عالمًا ورديًا فيه كل ما تشتهيه!

تغيرت نبرة صوته إلى الاستنكار وقد نفذ صبره أمام صمت الرجل: كيف تتوقع أن تتغير حياتك وأنت تكرر نفس الأخطاء ولا تتوقف؟!
كيف تتمنى أن تعيش عالمًا خليًا من المشاكل -وهي المكتوبةُ على ابن آدم ما دام حيًا-
في حين أنك تزيد من مشاكلك باستمرارك في تحطيم نفسك؟! {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}.
توقف، توقف، توقف!

ارتفع حاجبا الرجل بذهول وفتح فمه بصدمة وشعورٌغريب يتحرك في صدره. بداله وكأنه يسمع تلك الآية للمرة الأولى،
فتسارعت دقات قلبه بأحاسيس مختلطة كمن استيظ للتو. التفت إلى الشاب بجسده والذهول ما يزال مرسومًا على وجهه
بينما تحطم قناع البرود.

هناك واجه ذلك الشاب أخيرًا، كان يشبهه بشدة ويختلف عنه في صغر سنه
وفي علامات التعب المحفورة تحت عينيه الساهرتين وفي الشعرات البيضاء التي تخللت شعره.
ابتسم الشاب بإرهاق وسأل: مرحبًا يا أنا! هل تركتَ العالم وراءك؟


https://gulfupload.com/i/00021/vqkzqx2yi8bv.gif



النهاية



هذه القصة كتبتها منذ عدة أشهر كردٍ مشاكسٍ على قصة
اركض ( اقصوصة) (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=1143300)

اقرؤوها من فضلكم :D

نشرتها كما هي رغم أن هناك من ألح علي أن أختصرها -بسبب التكرار الذي فيها- لأجمع كل شيء في مشهد واحد!
لكن مزاجي رفض ذلك إضافة إلى أني نسيت الخطة البديلة لجعلها مشهدًا واحدًا بالفعل! :ضحكة:

الرجل مقتبس من شخصية حقيقية قابلتها.. السؤال هنا: من هو الشاب؟ أو: ما المقصود منه؟ :لقافة:
بانتظار آرائكم وانتقاداتكم

يمنع النقل دون ذكر المصدر


في أمان الله

أُنسٌ زَهَر
11-04-2018, 20:28
.



مكاني !! :e106:
ماخطبك مع ألغاز : احزوا ما المقصود من .. ؟ :ضحكة:
أتريدين جعل عقولنا تنكمش ؟! :ضحكة:

alice chan
11-04-2018, 21:49
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته :أوو:


سلمت اناملك موجه كيوت ع القصة :أوو: :e106:

ان شاء الله اقراها :أوو: :e20c:

ice_blue_eyes
12-04-2018, 18:35
مؤثرة و عميقة ،

الشاب هو روح الرجل اليافعه، التي كانت لا تزال مليئة بالهمّة و تتصيد الأحلام و لا تستسلم للظروف القاسية التي ترغمها على السباحة عكس تيار الحياة الممل و الروتيني و المتوقع .

محاولة أخيرة لـروح الرجل في أن تنقذه من نفسه .. قبل أن يفوته الأوان .

الوقوف بشجاعة في وجه ما تريده منك الحياة ،
و السعي وراء ما نريده نحن من الحياة .

الشجاعة لتقبل الذات ، التصالح مع الماضي ، و إستخدامه كمصدر قوة ، بدل إعتباره مصدر ضعف .


طبعًا لا شيء وراءك، فأنت وراء الجميع. العالم كله والناس كلهم متقدمون عليك؛
أما أنتَ إن التفت يومًا إلى الخلف فلن تجد إلا نفسك!

جميل جداً يا أمواج :e106:

Sypha
12-04-2018, 19:10
موجو جوجو جات بقصة جديدة :e106: xD
راجعين إن شاء الله

أمواج المحيط
03-12-2018, 20:09
أُنسٌ زَهَر (http://www.mexat.com/vb/member.php?u=772171)

أهلا بكِ!
التفكير يجعل العقول تنكمش؟ هذه معلومة جديدة! لكن سأحاول وضعها في حسابي :ضحكة:
بانتظاركِ :أوو:


alice chan (http://www.mexat.com/vb/member.php?u=699808)

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ههه أرجو بأنكِ قرأتها بعد مرور هذه المدة
أنتظركِ :أوو:


ice_blue_eyes (http://www.mexat.com/vb/member.php?u=14916)

أشكركِ على ردكِ وتفاعلك :أوو:
كلامك وتحليلك جميلان جدًا
في حفظ الله :e20c:


Swan Potterish (http://www.mexat.com/vb/member.php?u=308582)

موجو جوجو قد تخطط لفعل شيء خطير بسبب الحجز! :ضحكة:
أنتظركِ أنت أيضا :أوو:

ترانيم الفجر
05-12-2018, 23:21
أهلا بالمشاكسة:peaceful:
هل تريديني أن أنتقم وأكتب قصة بعنوان "أمشي":024:
لن أفعل حتماً، أخشي أن تنتقمي أنت الأخرى وتكتبي قصة بعنوان"أركل"
حسنا لندخل في صلب القصة، وهي عبارة عن " القاضي والمتهم" في محكمة الضمير
على فكرة تروقني ردهات محاكم الضمير!:topsy_turvy: ولو كان يوجد في داخل كل منا "جلاد" مثل جلادك في القصة لسادت العدالة!
سقطت في حب الجلاد في محاصرته لبطل القصة كما أني أحببت إهاناته له!:biggrin-new: كقوله للبطل "لا تمثل دور المظلوم أمامي فأنا أعرفك جيدًا يا صغيرَ العقل!"

دمت بخير ودامت مشاكساتك ويراعك :nevreness::e303:

HEART_CHAN
06-01-2019, 08:09
السلام عليكم و رحمة الله ..

أعجبني ما كتبت كثيراً ���� .. الفكرة جدا رائعه
و الكلمات و الأوصاف كذلك.. معبرة و تصل لقلب القارئ
سلمتِ

في نهايتها لفتني شيء ، و مع وصف ice blue eyes
ذكرتني بشيء كنت افكر فيه هذه الفترة !
حيث ان الانسان كالجنة و النار ..
احدهما يعيش حياة تتكرر كل يوم - بإرادةٍ منه- و يتعذب فيها!
و الآخر يلون حياته كأنما هو ذاته حياة أخرى

أمواج المحيط
19-12-2019, 18:13
ترانيم الفجر (http://www.mexat.com/vb/member.php?u=699555)

أنتِ هنا!
أهلا بكِ :e402:

سيكون رائعا أن أحشر نفسي في تحدٍ آخر معك وأنت لا تدرين! :ضحكة:
من يعرف؟ ربما أتشجع وأكتب قصة بالفعل في تلك الحالة

للأسف، بطل قصتي لم يستفد من "جلاده" إلا بعد سنوات طوال، فلا هو ارتاح في حياته ولا هو أراح نفسه
ولذلك العنوان "توقف"!

دمتِ أنتِ أيضا :أوو:
لا تنسي، لا بأس بتحدٍ جديد :D



HEART_CHAN (http://www.mexat.com/vb/member.php?u=319857)

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شكرا لك على الرد الجميل
أحببت وصفكِ كثير حين شبهت الأنسان بالجنة والنار! :أوو:

دمتِ بحفظ الله

بقلمي اصنع عالمي
24-12-2019, 16:56
مرحبًا بأمواج الإبداع e106
قصتك رائعة للغاية ، وازداد جمالها عندما عرفت معناها والفكرة التي تريدين ايصالها ، في الحقيقة ما يعجبني في كتاباتك هي انك دائما ما تتحدثين عن الإنسان وما يمر به بشكل غير مباشر ، وتشبيهاتك تعجبني للغاية ، وكذلك أسلوبك السلس والعميق ، رغم بساطته - ظاهريا - ولكن عندما تقرئين جيدا ، تجدينه عميقًا للغاية ، وهذا شيء احبه كثيرا في أسلوبك
لا عدمنا سحر كلماتك ، وأمواج ابداعك
تحياتي لك

حمد عرب
06-05-2020, 19:24
افق تحتاج تميز حجز للتميز

أمواج المحيط
25-05-2020, 01:24
بقلمي اصنع عالمي (http://www.mexat.com/vb/member.php?u=149191)

أهلا ورحبا بكِ!

شكرا جزيلا لكِ، حقا أفتخر بكلامكِ!
أسعدتني! :e20c:

إلى اللقاء



حمد عرب (http://www.mexat.com/vb/member.php?u=806845)

أهلا بك يا أخي
سأكون في انتظارك

şᴏƲĻ ɷ
02-06-2020, 23:03
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=2258545&stc=1&d=1611361369



مرحباً مُوجه :d :كف:


توقّفت عند حكايتكِ كما يطلُب منّا عنوانها :ضحكة:
في البداية، كدّت أقتُل المُتفلِسف، ثم أدرَكت أن الجُزء الذّي يشبه ذلك الشّخص الساخط مُنكَس
الرأس في القصّة في داخلِي هو ما يُريد أن يُخرِس صوت الحقيقَة ..

بالنسّبة لي،
أرى أن التكرار يُساعد في استفزاز القارئ هُنا لُيجادل صوت الشاب وتكرُّر سؤالِه
نفسه، لأن المغزى يكمُن في هذا الشّعور، في الانزعاج من تلك العبارات، محاولة صدّها،
ثم توسيع صورة المشَهد مع تكرار الحوار واختلاف أجزاء منه في كلّ مرّة حتى اكتملت
الحكاية وتبدّت لنا الصورة كاملةً في النهاية :أوو:


راقت لي القصّة، فكرتها جميلة ومُعبّرة حقاً،
توقّفت هنا :



لم أترك شيئًا ورائي. أنا شخصٌ اعتاد على تحمل مسؤولياته فوق كتفيه، ومسؤوليات الآخرين أيضًا!


لا أدرِي صحّحي لي، ولكن ..
ألن يكُون أنسَب لو قُلنا مثلاً: اعتاد على حمل مسؤوليّاته؟
أو تغيير العبارة إلى شيء مثل: اعتاد أن يحمل / على تحمُّل مسؤوليات الآخرين فوق مسؤولياته ؟
:موسوس: لا أدري بالضّبط مالّذي استوقفني هنا حقيقةً؟


وكان يوجد شيء آخر لكن نسيت :ميت: :غياب:


وقبل أن أختِم هذا الرّد المشَهد الأخير،
لحظة تجلّي كل شيء واختتام القصّة ، وقد كانت خاتمة مثاليّة، ولكن ...



هناك واجه ذلك الشاب أخيرًا، كان يشبهه بشدة ويختلف عنه في صغر سنه
وفي علامات التعب المحفورة تحت عينيه الساهرتين وفي الشعرات البيضاء التي تخللت شعره.


إما أنني أحتاج للنّوم، أو لكوب قهوة :غياب:! ولكن لم أفهم :ضحكة:
أعني الشاب يختلف عن الشخص التعيس -هكذا سأسميّه :d- فالشاب كان هو ذلك الرجل في شبابه
ولكن "علامات التعب والشعرات البيضاء" من تخصّ؟

أظن ربما ربما .. ومن جديد صحّحي لو أخطأت قد يكون نقص فهم منّي :ضحكة:
واعتذر مقدّماً، لكن أظن بأن توحيد الصفات العائدة على الموصوف هو الطريقة الصحيحة مثلاً:

في صغرِ سنّه وعينيه النابضة بالحيَاة، في سواد شعره الّذي لم تعبث به سنوات العُمر .. إلخ
"ليست أحسن طريقة وصف :d لكن أتمنى أن الفكرة وصَلت :غياب:"


بحيث إما نصف الشاب أو الشخص الحالي بكل الصفات المناسبة بشكل متتابع.



ختاماً ..
:أوو: سعدّت بقراءة الحكاية
شكراً لكِ ، شكراً لقلمكِ الجميل المُبهر


دُمتِ مُزهرَة

أمواج المحيط
06-02-2021, 17:16
أهلا وسهلا سول e106
اشتقت إليك :أوو:


كلامك أبهجني جدا، وأراحني أيضا في موضوع التكرار
شكرا لك :036:


بالنسبة للجملة التي استوقفتك.. معك حق! بدا الكلام غريبا، وصياغتك "اعتاد على تحمل مسؤوليات الآخرين فوق مسؤولياته" أكثر منطقية! ��
لم ألاحظ ذلك قبلا، فمن الطبيعي أن المرء سيتحمل مسؤولياته الشخصية ولا داعي للتذمر من ذلك بطريقة مسرحية!
أظنني تأثرت كثيرا بشخصية أحدهم، فهو يكثر من التنهد المفتعَل بحجة أنه "يتحمل مسؤولياته ومسؤوليات غيره أيضا"، فخرجت الجملة مني بتلك الطريقة :ضحكة:


أما بالنسبة للموقف الذي استوقفك في النهاية، فالصفات تعود للشاب وحده.. هو الأصغر سنا ولكن علامات الإرهاق بادية على وجهه كما يتخلل البياض شعره
بمعنى هو الأصغر لكنه الأكثر تعبا :d

أشكرك على مرورك من جديد
دمت بخير :أوو: