Yumiberry
04-10-2016, 14:59
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=2183240&stc=1&d=1488733006
:e333:
.
.
.
تخيلتُ أثناء ركضي نحو بوابة المُجمع التجاري بالوناً أسوداً مملوئاً بالماء، بأرجلٍ قصيرة تترنحُ أثناء ركضها يُمنةً ويُسرى في حين كان جسده يتمايلُ كأمواجِ بحرٍ عاتية،
الفرق الوحيد أن منظر أمواج البحر خلاب في حين أن هذه الصورة التي تخيلتها مُضحكة لحدٍ سخيف، فهدئتُ من روعي وبدأتُ أمشي بتأنٍ حتى دخلتُ المُجمع المُمتلئ بالناس.
لديّ مُتسعٌ من الوقت لأتسوق حتى موعد عودة أخي فلماذا توجبَ عليّ الركض على أي حال؟
تناسيتُ أفكاري وأخرجتُ هاتفي النقال من حقيبتي لأتصل على خالتي وأُخبرها بأنني وصلتْ فأخبرتني أنها في الطابق الثاني.
قلتُ لها أنني أودُ التسوقَ في الأول قليلاً قبل قدومي إليها فوافقت شرطَ ألا أتأخر.
بدأتُ أتجولُ بعينيّ قَبل قدمايّ بين المتاجر المُختلفة، أسرقُ لمحةً من وراء واجهتها الزُجاجية لأبحثَ عن شيءٍ مُلفتٍ للنظر يستحقُ عناء دُخول المتجر من أجله.
لم ألاحظ أعينُ الناس التي كانت تتبَعني أينما ذهبتْ، وما جعلني أُلاحظُ في نهاية المطاف هي نظرةُ بائعٍ دخلتُ متجرته لأسأل عن سلعةٍ ما أعجبتني.
كانت نظرة أشبه للشفقة من أن تكون نظرةَ دَهشة، وحقيقةً، أنا لم أهتمَ لها إلا عندما تأكدتُ من أن مُعظم من مررتُ بجانبهم قد منحوني النظرة نفسها.
توقفتُ أمامَ مجموعةٍ من الأكواب المُتنوعة أتظاهرُ بتأمل مدى جمالها في حينِ أنني كُنتُ أُراجعُ نفسي قليلاً. هل ارتديتُ عباءتي بالمقلوب مِثل المرة الماضية؟
لمحة سريعة كانت كافية بنفيّ ذلك الاحتمال فتنفستُ الصُعداء بارتياح ثم عاودت النظر للأكواب مُتأملةً في حينِ بدأتُ أرسمُ احتمالاً أخر.
ربما هناك شقٌ في العباءة يُظهرُ جُزءً من ملابسي؟ أنكرتُ هذا الاحتمال لكنني لم أنفِه بالكامل حتى أتأكد من صِحته،
فسرقتُ لمحةً أخرى مُدعيةً أنني أُحاولُ نفضَ غُبارٍ خيالي عنها، وعِندها فقط، اكتشفتُ أمراً خطيراً.
أصابني الارتباكُ الشديد وتمنيتُ لو كان هذا العالمُ خيالياً حتى أتمنى لو تبتلعني الأرضُ حالاً.
هممتُ بفتح حقيبتي المُتدلية على كتفي وأخرجتُ هاتفي النقال ثمَ اتصلتُ بأخي وأنا أدعو الله أن يكون الهاتفُ بين يديه في هذه اللحظة حتى يُجيب بسرعة.
كُلها لحظات حتى أجاب عليّ مُبتدئاً المُحادثة بالسلام. طارت أُصول التحدثِ بلباقة من غُرفة الأخلاق القابعة في عقلي، وكأنَ ردِّي السلامَ عليه سيُكلفني ساعةً لأقوله.
بصوتٍ أشبه بالهمس في حينِ أن أحرف كلماتي تصرخُ بصخبٍ قلتْ: "عُد للمجمع حالاً!"
سمعتهُ يتأفف بضيق: "لم تمضِ خمس دقائق على دخولك يا فتاة! هل تسوقتِ بعينيكِ فقط؟ أو أن خالتي وابنتها لم تَصِلا بعد؟"
خرجتُ من المتجر وهربتُ من أعينِ الناس لأُفاجئ بحشدٍ في الخارج ينتظرُ مروري من بينه حتى يستمتع بالمنظر الذي سيرونه.
أجبته وأنا بالكادِ أُحاولُ خفض مُستوى صوتي: "لم أُقابلهم بعد. ستفهم السبب إن عُدتْ، أرجوكَ يا راشد!"
بقيَ صامتاً لعِدة ثوان، جاعلاً إيايَّ أفقدُ الأملَ في أن يرجِعَ ليُعيدني إلى المنزل.
خلال هذه الثواني التي بدَت كالساعات بالنسبة لي من فرِطِ توتري، بدأتُ أرسمُ حلولاً أستطيعُ بتطبيقها الاختفاء عن أنظار الناس حتى حِين عودته.
"قِفي بالقرب من بوابة المُجمع وسأكونُ عندكِ بعد عِدة دقائق، اِحمدي الله أنني لم أبتعد كثيراً"
حمدتُ الله ليس لِلسبب الذي أشار إليه فحسب، بل لأنه وافق على إرجاعي دون أن يُجادلني أكثر،
أخبرته بأنني سأفعل وقَبل أن أُباشر بإنهاء المكالمة سمعته يتحدث بنبرة توعُدية: "دُعاء، الويلُ لكِ إن كان عُذركِ سخيفاً"
"سخيف، إنه أكثر من مُجرد سخيف، ولكنني مُستعدة لتحمل العقوبة على أن أتلقى كُل هذا الانتباه" حادثتُ نفسي بشفقة دون أن أُعلق على كلامه، فودعني وأنهيتُ المكالمة،
ثم بدأتُ أمشي بانضباطٍ في محاولةٍ بائسة لعدم جذب الانتباه، ولأنني لا أودُ رؤية نتائج هذه المُحاولة الفاشلة، أبقيتُ نظري على بوابة المُجمع التي لم أبتعد عنها كثيراً لحُسن الحظ.
لم يتأخر أخي مثلما صرَّح، إذْ ركضتُ نحو سيارته حالما لمحتها تقفُ أمام البوابة وأمنيةُ ابتلاع الأرض لي ما زالت صاخبةً في الأعماق،
وحالما جلستُ في الكرسي بجانب أخي وأغلقتُ الباب، تكونتْ أمنية جديدة تحثني على الصُراخ، لكنني لم أفعل،
بل بلعتُ الصمت ونظرتُ ناحية المُجمع أسترجعُ نظراتِ الناس لي وأتخيلُ ما كانوا يُردِدُونه عني في غياهبِ عقولهم.
ضغط راشد مُزودَ البنزين بقدمه لتتحرك السيارة واكتفى بقول كلِمة واحدة تُعبر عن مدى استيائه: "عُذرك؟"
لم أُرد تكليفَ نفسي عناءَ الحديث لأنني أعلمُ بأنني إن تفوهتُ بكلمة، سيُبللُ غطاءُ وجهي بالدُموع فهبطتُ بجسدي للأمام ونزعتُ ما ارتديته في قدميّ ورفعتهُ ليكونَ في مَرمى بَصر أخي.
لم أُرد في تلك اللحظة أن أرى تعابير وجهه لأنها ستُماثلُ نظرة الناس في المُجمع وأنا لا أودُ استرجاع تِلك الصُورة مهما حييتْ كونها مُرتبطة بأكثر لحظات عُمري إحراجاً.
أردفَ راشد وعينيه تُراقبُ الطريقَ المُزدحمَ أمامه: "عُذرك هو خُفيّ منزلٍ قُطنيّ بوجه قِطةٍ عملاق؟"
لم أُجبه بل رميتُ بالخُفيَّن بضيق ونظرتُ بعيداً، تخيلته يبتسم، ثم يُفرجُ عن صفيّ أسنانه ليُطلق ضحكةً صاخبة ويبدأ بإحراجي،
لكنه وعلى نحوٍ مفاجơ سألني: "باسكن روبنز في طريقنا، تُحبين آيس كريم الكراميل، صحيح؟"
هززتُ رأسي إيجاباً بأسى، وأنا أُحادثه في خيالي، أُخبره بأن عدم تعليقه على هذا الموقف، أكثرُ إحراجاً من تعليقهِ عليه،
ورُغم ذلك، شعرتُ بالامتنان ووددتُ شُكرهُ على تفهمه، تفَهمهِ مشاعر المُراهقة المُضطربة بداخلي والتي بسببها، تكونُ أبسطُ أمورِ الحياة، أكثرها تعقيداً.
.
.
.
:e333:
.
.
.
تخيلتُ أثناء ركضي نحو بوابة المُجمع التجاري بالوناً أسوداً مملوئاً بالماء، بأرجلٍ قصيرة تترنحُ أثناء ركضها يُمنةً ويُسرى في حين كان جسده يتمايلُ كأمواجِ بحرٍ عاتية،
الفرق الوحيد أن منظر أمواج البحر خلاب في حين أن هذه الصورة التي تخيلتها مُضحكة لحدٍ سخيف، فهدئتُ من روعي وبدأتُ أمشي بتأنٍ حتى دخلتُ المُجمع المُمتلئ بالناس.
لديّ مُتسعٌ من الوقت لأتسوق حتى موعد عودة أخي فلماذا توجبَ عليّ الركض على أي حال؟
تناسيتُ أفكاري وأخرجتُ هاتفي النقال من حقيبتي لأتصل على خالتي وأُخبرها بأنني وصلتْ فأخبرتني أنها في الطابق الثاني.
قلتُ لها أنني أودُ التسوقَ في الأول قليلاً قبل قدومي إليها فوافقت شرطَ ألا أتأخر.
بدأتُ أتجولُ بعينيّ قَبل قدمايّ بين المتاجر المُختلفة، أسرقُ لمحةً من وراء واجهتها الزُجاجية لأبحثَ عن شيءٍ مُلفتٍ للنظر يستحقُ عناء دُخول المتجر من أجله.
لم ألاحظ أعينُ الناس التي كانت تتبَعني أينما ذهبتْ، وما جعلني أُلاحظُ في نهاية المطاف هي نظرةُ بائعٍ دخلتُ متجرته لأسأل عن سلعةٍ ما أعجبتني.
كانت نظرة أشبه للشفقة من أن تكون نظرةَ دَهشة، وحقيقةً، أنا لم أهتمَ لها إلا عندما تأكدتُ من أن مُعظم من مررتُ بجانبهم قد منحوني النظرة نفسها.
توقفتُ أمامَ مجموعةٍ من الأكواب المُتنوعة أتظاهرُ بتأمل مدى جمالها في حينِ أنني كُنتُ أُراجعُ نفسي قليلاً. هل ارتديتُ عباءتي بالمقلوب مِثل المرة الماضية؟
لمحة سريعة كانت كافية بنفيّ ذلك الاحتمال فتنفستُ الصُعداء بارتياح ثم عاودت النظر للأكواب مُتأملةً في حينِ بدأتُ أرسمُ احتمالاً أخر.
ربما هناك شقٌ في العباءة يُظهرُ جُزءً من ملابسي؟ أنكرتُ هذا الاحتمال لكنني لم أنفِه بالكامل حتى أتأكد من صِحته،
فسرقتُ لمحةً أخرى مُدعيةً أنني أُحاولُ نفضَ غُبارٍ خيالي عنها، وعِندها فقط، اكتشفتُ أمراً خطيراً.
أصابني الارتباكُ الشديد وتمنيتُ لو كان هذا العالمُ خيالياً حتى أتمنى لو تبتلعني الأرضُ حالاً.
هممتُ بفتح حقيبتي المُتدلية على كتفي وأخرجتُ هاتفي النقال ثمَ اتصلتُ بأخي وأنا أدعو الله أن يكون الهاتفُ بين يديه في هذه اللحظة حتى يُجيب بسرعة.
كُلها لحظات حتى أجاب عليّ مُبتدئاً المُحادثة بالسلام. طارت أُصول التحدثِ بلباقة من غُرفة الأخلاق القابعة في عقلي، وكأنَ ردِّي السلامَ عليه سيُكلفني ساعةً لأقوله.
بصوتٍ أشبه بالهمس في حينِ أن أحرف كلماتي تصرخُ بصخبٍ قلتْ: "عُد للمجمع حالاً!"
سمعتهُ يتأفف بضيق: "لم تمضِ خمس دقائق على دخولك يا فتاة! هل تسوقتِ بعينيكِ فقط؟ أو أن خالتي وابنتها لم تَصِلا بعد؟"
خرجتُ من المتجر وهربتُ من أعينِ الناس لأُفاجئ بحشدٍ في الخارج ينتظرُ مروري من بينه حتى يستمتع بالمنظر الذي سيرونه.
أجبته وأنا بالكادِ أُحاولُ خفض مُستوى صوتي: "لم أُقابلهم بعد. ستفهم السبب إن عُدتْ، أرجوكَ يا راشد!"
بقيَ صامتاً لعِدة ثوان، جاعلاً إيايَّ أفقدُ الأملَ في أن يرجِعَ ليُعيدني إلى المنزل.
خلال هذه الثواني التي بدَت كالساعات بالنسبة لي من فرِطِ توتري، بدأتُ أرسمُ حلولاً أستطيعُ بتطبيقها الاختفاء عن أنظار الناس حتى حِين عودته.
"قِفي بالقرب من بوابة المُجمع وسأكونُ عندكِ بعد عِدة دقائق، اِحمدي الله أنني لم أبتعد كثيراً"
حمدتُ الله ليس لِلسبب الذي أشار إليه فحسب، بل لأنه وافق على إرجاعي دون أن يُجادلني أكثر،
أخبرته بأنني سأفعل وقَبل أن أُباشر بإنهاء المكالمة سمعته يتحدث بنبرة توعُدية: "دُعاء، الويلُ لكِ إن كان عُذركِ سخيفاً"
"سخيف، إنه أكثر من مُجرد سخيف، ولكنني مُستعدة لتحمل العقوبة على أن أتلقى كُل هذا الانتباه" حادثتُ نفسي بشفقة دون أن أُعلق على كلامه، فودعني وأنهيتُ المكالمة،
ثم بدأتُ أمشي بانضباطٍ في محاولةٍ بائسة لعدم جذب الانتباه، ولأنني لا أودُ رؤية نتائج هذه المُحاولة الفاشلة، أبقيتُ نظري على بوابة المُجمع التي لم أبتعد عنها كثيراً لحُسن الحظ.
لم يتأخر أخي مثلما صرَّح، إذْ ركضتُ نحو سيارته حالما لمحتها تقفُ أمام البوابة وأمنيةُ ابتلاع الأرض لي ما زالت صاخبةً في الأعماق،
وحالما جلستُ في الكرسي بجانب أخي وأغلقتُ الباب، تكونتْ أمنية جديدة تحثني على الصُراخ، لكنني لم أفعل،
بل بلعتُ الصمت ونظرتُ ناحية المُجمع أسترجعُ نظراتِ الناس لي وأتخيلُ ما كانوا يُردِدُونه عني في غياهبِ عقولهم.
ضغط راشد مُزودَ البنزين بقدمه لتتحرك السيارة واكتفى بقول كلِمة واحدة تُعبر عن مدى استيائه: "عُذرك؟"
لم أُرد تكليفَ نفسي عناءَ الحديث لأنني أعلمُ بأنني إن تفوهتُ بكلمة، سيُبللُ غطاءُ وجهي بالدُموع فهبطتُ بجسدي للأمام ونزعتُ ما ارتديته في قدميّ ورفعتهُ ليكونَ في مَرمى بَصر أخي.
لم أُرد في تلك اللحظة أن أرى تعابير وجهه لأنها ستُماثلُ نظرة الناس في المُجمع وأنا لا أودُ استرجاع تِلك الصُورة مهما حييتْ كونها مُرتبطة بأكثر لحظات عُمري إحراجاً.
أردفَ راشد وعينيه تُراقبُ الطريقَ المُزدحمَ أمامه: "عُذرك هو خُفيّ منزلٍ قُطنيّ بوجه قِطةٍ عملاق؟"
لم أُجبه بل رميتُ بالخُفيَّن بضيق ونظرتُ بعيداً، تخيلته يبتسم، ثم يُفرجُ عن صفيّ أسنانه ليُطلق ضحكةً صاخبة ويبدأ بإحراجي،
لكنه وعلى نحوٍ مفاجơ سألني: "باسكن روبنز في طريقنا، تُحبين آيس كريم الكراميل، صحيح؟"
هززتُ رأسي إيجاباً بأسى، وأنا أُحادثه في خيالي، أُخبره بأن عدم تعليقه على هذا الموقف، أكثرُ إحراجاً من تعليقهِ عليه،
ورُغم ذلك، شعرتُ بالامتنان ووددتُ شُكرهُ على تفهمه، تفَهمهِ مشاعر المُراهقة المُضطربة بداخلي والتي بسببها، تكونُ أبسطُ أمورِ الحياة، أكثرها تعقيداً.
.
.
.