Claudia Recari
13-09-2016, 13:07
إِلَى الصَّدِيقِ الضَّرِير:
تَحيَّة طيِّبَة، كَيْفَ أَنتَ والآخرُونَ؟!
بتَارِيخِ الخَامِسِ والعِشرِينَ مِن فِبرَايِر للعَامِ التَّاسِع عَشرَةً وَسِتَّةً وَسَبْعِينَ مِن المِيلَاد، أَكْتُبُ لَكَ هَذَا الخِطَاب وَقَلْبِي يُدْمَى مِن نِيرَان هَذِه الحَيَاةِ القَاسِيَة.
كُنتُ أَسْتَغْرِبُ - وَحتَّى رُغمَ مَعرِفَتِي أَنَّ هَذَا بِسَبَبِ التَّقَاعُدَ المُبَكِّر - أَحْيَانًا اِنْزِعَاجِكَ - والذِي كُنْتَ نَادِرًا مَا تُبدِيه - مِن فُقْدَانِ عَيْنَيْكَ قُدِرَتَيهِمَا عَلَى الرُّؤْيَة، رُبَّمَا لَمْ أُجَرِّبْ الأَمْرَ سَابِقًا، وَلَكِنْ يُمْكِنُنِي أَنْ أُخْبِرَكَ فِي كُلِّ يَقِينٍ أَنَّ هَذِهِ أَحَدُ أَعْظَمِ النِّعَمِ التِي قَدْ يَمْنَحُهَا الإِلَهُ لِعَبْدٍ مَا.
أَنْتَ تَتَعَجَّبُ مِنْ حَدِيثِي وَلَابُدَّ الآنْ، لَكِنَّنِي لَوْ أَعْلَمْتُكَ بِمَا رَأَيْتُ اليَوْمَ آنَاءَ تَجَوُّلِي العَشْوَائِيِّ عَبْرَ أَزِقَّةٍ لَمْ أَمْضِي خِلَالَهَا قَبْلًا ؛ لَوَقَعْتَ عَلَى يَدَيْكَ وَرُكْبَتَيْكَ سَاجِدًا لِلهِ شُكْرًا وَعِرْفَانًا. أَجَلْ يَا صَاحِبِي، وَالله إِنِّي شَاهَدْتُ عَجَبًا عُجَابًا، وَخِلْتُ أَنَّنِي أَتَمَنَّى لَوْ لَمْ أَكُنْ أَمْتَلِكُ هَذِهِ الحَاسَّةَ قَط!
لَقَدْ كَانَتْ فِي كُلِّ مَكَان، أَكْدَاسٌ مُتَكَدِّسَة مِنَ الخُرْدَة عَدِيمَةُ النَّفْعِ، شَتَّى أَنْوَاعِ النُّفَايَات، بَقَايَا لِأَيِّ وَكُلِّ شَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَخْطُرَ لَكَ عَلَى بَال، مِنْ أَوَّلِ المَرَاوِحِ المُتَدَمِّرَة، مُرُورًا بِإِيطَارَاتِ السَّيَارَاتِ المُتَهَالِكَة، وَاِنْتِهَاءً بِبَعْضِ الأَقْمِشَةِ المُهْتَرِئَة، مَنْظَرٌ بَاهِتُ الأَلْوَانِ، يَغْزُوهُ الرَّمَادِيُّ الكَئِيب، مَعَ دَرَجَاتٍ صَفْرَاءَ تُشْعِرُكَ بِالمَوْت، كَوَرْدَةٍ ذَابِلَة، كُلُّ شَيْءٍ مَلِيءٌ بِالخذْلَانِ وَالفَرَاغ.
وَلَكِن، مِن بَيْنِ كُلِّ هَذَا، تَجِدُهُ يَجْلِسُ عَلَى أَقْمِشَةٍ مَضْمُومَةٍ فَوْقَ بَعْضِهَا، يَغْزُوهَا الوَرْدِيّ، صَبِيٌّ صَغِير، تَتَجَلَّى فِي بَشْرَتِهِ المسْمِرَّةِ وَجَسَدِهِ الهَزِيلِ مَعَالِمً البَرَاءَةِ وَالطُّفُولَة اللَّذِيذَة، يُتَابِعُ تِلْكَ الآلَةَ القَدِيمَة، وَالتِي تَحْمِلُ اِسْمَ "تِلْفَاز"، مُشَاهِدًا تِلْكَ الرُّسومُ المُتَحَرِّكَة وَالقَادِرَة عَلَى إِعْمَالِ شَغَفِه وَتَوْجِيهِهِ لَهَا مُتَرَكِّزًا ؛ وَبِذَلِكَ تَسْلِبُهُ إِرَادَتَهُ عَنْهَا أَوْ تَفْكِيرِه فِي سِوَاهَا لِسَاعَاتٍ طُوَال.
الطِّفْلُ الصَّغِيرُ لَمْ يَكُن يُبَالِي بِأَيِّ شَيْءٍ سِوَى المُتَابَعَة، لَمْ يَكُن يَهْتَمُّ حَتَّى بِثِيَابِهِ البَالِيَة! لَا تَسَلْنِي كَيْفَ يَعْمَلُ التِّلْفَازُ فِي مَكَانٍ كَهَذَا، مَا الجَدِيد؟! إِنَّهُم سَيَزْرَعُونَ الفَسَادَ وَلَوْ وَسَطَ الصَّحْرَاءِ أَوْ فَوْقَ أَعَالِي الجِبَال!
رَكِّزْ عَلَى مَا يَهُمّ، أَنَا لَمْ أَرَى وَجْهَه، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَفْعَلْ، خِفْتُ كَثِيرًا أَلَّا أَتَبَيَّنَ شَقَاوَةَ الأَطْفَالِ فِي عَيْنَيْه، أَلَّا تُمَتِّعَنِي لَذَّتُهُم بِاللَّعِبْ وَشَوْقَهُم لِلْحَيَاةِ وَالحُرِّيَّةِ وَالإِنْطِلاَق، خِفْتُ أَلَّا أُبْصِرَ سِوَى الفَرَاغِ فِي عَيْنَيْنِ لَا تَحِيدَانِ وَلَوْ بِرَمْشَة، خِفْتُ أَلَّا أَرْقُبَ إِلَّا بَسْمَةً عَلَى المَشْهَدِ أَمَامَه، بَسْمَةٌ مَيِّتَة.
أَتَعْرِفُ مَا مَعْنَى "التَّغْيِيبْ"؟! إِنَّنَا بِتْنَا نَتَلَاطَمُ عِوَضَ الأَمْوَاجِ فِي بَحْرٍ لَا عُمْقَ وَلَا شَاطِئَ لَه، بَحْرٌ قَاتِمٌ أُحَادِيُّ المَنْظَر، بَحْرٌ كَئِيب، لَا يُمْكِنُنَا مِنْهُ خَلَاصًا، وَجَّهْنَا تَرْكِيزَنَا وَطَاقَاتِنَا بِأَكْمَلِهَا نَحوَ شَاشَةٍ مُرَبَّعَةٍ قَدْ تَكْبُرُ مِسَاحَتُهَا أَوْ تَصْغَر، عَلَى حَسَبِ ثَرَاكَ اِشْتَرِي الأَغْلَى، الأَفْضَل، وَذَا الأَلْوَانِ الأَكْثَرِ جَمَالًا وَزَهْوًا!
يَسْخَرُونَ مِنَّا ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، أَنَا لَمْ أَجِدْ فِي الصَّبِيِّ بَرَاءَةً، لَقَدْ اِكْتَشَفْتُ جُثَّة شَخْصٍ آخَرَ فَحَسْب، شَخْصٌ قَصِيرٌ للغَايَة، وَيَبْدُو أَنَّهُم أَصْبَحُوا يَمُوتُونَ مُبَكِّرًا هَذِهِ الأَيَّامِ أَوْ أَنَّهُم جَمِيعًا مُصَابُونَ بِمَرَضِ التَّقَزُّم، أَجَلْ، سَأُقْنِعُ عَقْلِي بِهَذَا أَفْضَلَ لِي مِن تَصدِيقِ أيِّ حَقِيقَةٍ مُغَايِرَة؛ لِأَنَّنِي سَأَتَدَمَّرُ لَوْ عَرَفْتُ أَنَّهُم يَسْلِبُونَ النَّشْأَ، سَأَتَدَمَّرُ بِالكَامِل، تَقَبَّلِ الأَمْرَ وَلَا تَصرُخ، أَنَا أَكذِبُ عَلَى نَفْسِي مُجدَّدًا، مِن بَعدِ إْقنَاعِي لَها أَنَّكُم لَا زلْتُم أحيَاءً حَتَّى الآن، وتتَسلَّمونَ خِطابَاتي وتَقرَئُون ثَرثَرتِي الفارِغَة؛ لأَنَّنِي فِي حَاجَةِ هَذَا حتًّى أَتمكَّنَ مِن الاِستمرَارِ فِي العَيْش، فِي حَاجَةٍ للشُّعُورِ أَنَّكُم لَا زِلتُم هُنَا مَعِي نَتَبَادَل كُلَّ شيْءٍ كالعَادَة، وأَنَّ الأَملَ لَا زَالَ رَائجَ الوُجُود.
لَيْتَنِي الآنَ كُنْتُ ضَرِيرًا مِثْلَكَ فِي المَاضي، لَيْتَ عَيْنَيّ قَدْ فُقِأَتَا خِلَالَ الحَرْبِ مِثْلَمَا حَدَثَ مَعَكْ، الحَربُ التِي مُتَّ بَعدَهَا، حَسرَةً عَلَى عَدَمِ قُدْرَتِكَ عَلى الاِشتِرَاكِ فِيهَا مُجَدَّدًا، وبِهَذَا لَحِقْتَ ببَقيَّةِ الشُّهَدَاء؛ مَا وَدَدْتُ يَوْمًا أَنْ أَكُونَ حَاضرًا فِي مِثْلِ هَذِهِ الأَحْدَاث، وَمَا وَدَدْتُ يَوْمًا أَنْ أَكُونَ شَارِبًا مِنْ فمِّ الكَأْسِ هَذَا، لَكنَّهَا الأَقدَار، يُسيِّرُنَا شِرَاعُهَا كَيْفَمَا يَكُون، أَسْتَغْفِرُ اللهَ العَلِيَّ العَظِيم، أَسْتَغْفِرُ اللهَ العَلِيِّ العَظِيم.
رَفِيقُ دَرْبِكَ المُخْلِص.
http://up.arabseyes.com/uploads/11_10_1213499578481.jpg
تَحيَّة طيِّبَة، كَيْفَ أَنتَ والآخرُونَ؟!
بتَارِيخِ الخَامِسِ والعِشرِينَ مِن فِبرَايِر للعَامِ التَّاسِع عَشرَةً وَسِتَّةً وَسَبْعِينَ مِن المِيلَاد، أَكْتُبُ لَكَ هَذَا الخِطَاب وَقَلْبِي يُدْمَى مِن نِيرَان هَذِه الحَيَاةِ القَاسِيَة.
كُنتُ أَسْتَغْرِبُ - وَحتَّى رُغمَ مَعرِفَتِي أَنَّ هَذَا بِسَبَبِ التَّقَاعُدَ المُبَكِّر - أَحْيَانًا اِنْزِعَاجِكَ - والذِي كُنْتَ نَادِرًا مَا تُبدِيه - مِن فُقْدَانِ عَيْنَيْكَ قُدِرَتَيهِمَا عَلَى الرُّؤْيَة، رُبَّمَا لَمْ أُجَرِّبْ الأَمْرَ سَابِقًا، وَلَكِنْ يُمْكِنُنِي أَنْ أُخْبِرَكَ فِي كُلِّ يَقِينٍ أَنَّ هَذِهِ أَحَدُ أَعْظَمِ النِّعَمِ التِي قَدْ يَمْنَحُهَا الإِلَهُ لِعَبْدٍ مَا.
أَنْتَ تَتَعَجَّبُ مِنْ حَدِيثِي وَلَابُدَّ الآنْ، لَكِنَّنِي لَوْ أَعْلَمْتُكَ بِمَا رَأَيْتُ اليَوْمَ آنَاءَ تَجَوُّلِي العَشْوَائِيِّ عَبْرَ أَزِقَّةٍ لَمْ أَمْضِي خِلَالَهَا قَبْلًا ؛ لَوَقَعْتَ عَلَى يَدَيْكَ وَرُكْبَتَيْكَ سَاجِدًا لِلهِ شُكْرًا وَعِرْفَانًا. أَجَلْ يَا صَاحِبِي، وَالله إِنِّي شَاهَدْتُ عَجَبًا عُجَابًا، وَخِلْتُ أَنَّنِي أَتَمَنَّى لَوْ لَمْ أَكُنْ أَمْتَلِكُ هَذِهِ الحَاسَّةَ قَط!
لَقَدْ كَانَتْ فِي كُلِّ مَكَان، أَكْدَاسٌ مُتَكَدِّسَة مِنَ الخُرْدَة عَدِيمَةُ النَّفْعِ، شَتَّى أَنْوَاعِ النُّفَايَات، بَقَايَا لِأَيِّ وَكُلِّ شَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَخْطُرَ لَكَ عَلَى بَال، مِنْ أَوَّلِ المَرَاوِحِ المُتَدَمِّرَة، مُرُورًا بِإِيطَارَاتِ السَّيَارَاتِ المُتَهَالِكَة، وَاِنْتِهَاءً بِبَعْضِ الأَقْمِشَةِ المُهْتَرِئَة، مَنْظَرٌ بَاهِتُ الأَلْوَانِ، يَغْزُوهُ الرَّمَادِيُّ الكَئِيب، مَعَ دَرَجَاتٍ صَفْرَاءَ تُشْعِرُكَ بِالمَوْت، كَوَرْدَةٍ ذَابِلَة، كُلُّ شَيْءٍ مَلِيءٌ بِالخذْلَانِ وَالفَرَاغ.
وَلَكِن، مِن بَيْنِ كُلِّ هَذَا، تَجِدُهُ يَجْلِسُ عَلَى أَقْمِشَةٍ مَضْمُومَةٍ فَوْقَ بَعْضِهَا، يَغْزُوهَا الوَرْدِيّ، صَبِيٌّ صَغِير، تَتَجَلَّى فِي بَشْرَتِهِ المسْمِرَّةِ وَجَسَدِهِ الهَزِيلِ مَعَالِمً البَرَاءَةِ وَالطُّفُولَة اللَّذِيذَة، يُتَابِعُ تِلْكَ الآلَةَ القَدِيمَة، وَالتِي تَحْمِلُ اِسْمَ "تِلْفَاز"، مُشَاهِدًا تِلْكَ الرُّسومُ المُتَحَرِّكَة وَالقَادِرَة عَلَى إِعْمَالِ شَغَفِه وَتَوْجِيهِهِ لَهَا مُتَرَكِّزًا ؛ وَبِذَلِكَ تَسْلِبُهُ إِرَادَتَهُ عَنْهَا أَوْ تَفْكِيرِه فِي سِوَاهَا لِسَاعَاتٍ طُوَال.
الطِّفْلُ الصَّغِيرُ لَمْ يَكُن يُبَالِي بِأَيِّ شَيْءٍ سِوَى المُتَابَعَة، لَمْ يَكُن يَهْتَمُّ حَتَّى بِثِيَابِهِ البَالِيَة! لَا تَسَلْنِي كَيْفَ يَعْمَلُ التِّلْفَازُ فِي مَكَانٍ كَهَذَا، مَا الجَدِيد؟! إِنَّهُم سَيَزْرَعُونَ الفَسَادَ وَلَوْ وَسَطَ الصَّحْرَاءِ أَوْ فَوْقَ أَعَالِي الجِبَال!
رَكِّزْ عَلَى مَا يَهُمّ، أَنَا لَمْ أَرَى وَجْهَه، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَفْعَلْ، خِفْتُ كَثِيرًا أَلَّا أَتَبَيَّنَ شَقَاوَةَ الأَطْفَالِ فِي عَيْنَيْه، أَلَّا تُمَتِّعَنِي لَذَّتُهُم بِاللَّعِبْ وَشَوْقَهُم لِلْحَيَاةِ وَالحُرِّيَّةِ وَالإِنْطِلاَق، خِفْتُ أَلَّا أُبْصِرَ سِوَى الفَرَاغِ فِي عَيْنَيْنِ لَا تَحِيدَانِ وَلَوْ بِرَمْشَة، خِفْتُ أَلَّا أَرْقُبَ إِلَّا بَسْمَةً عَلَى المَشْهَدِ أَمَامَه، بَسْمَةٌ مَيِّتَة.
أَتَعْرِفُ مَا مَعْنَى "التَّغْيِيبْ"؟! إِنَّنَا بِتْنَا نَتَلَاطَمُ عِوَضَ الأَمْوَاجِ فِي بَحْرٍ لَا عُمْقَ وَلَا شَاطِئَ لَه، بَحْرٌ قَاتِمٌ أُحَادِيُّ المَنْظَر، بَحْرٌ كَئِيب، لَا يُمْكِنُنَا مِنْهُ خَلَاصًا، وَجَّهْنَا تَرْكِيزَنَا وَطَاقَاتِنَا بِأَكْمَلِهَا نَحوَ شَاشَةٍ مُرَبَّعَةٍ قَدْ تَكْبُرُ مِسَاحَتُهَا أَوْ تَصْغَر، عَلَى حَسَبِ ثَرَاكَ اِشْتَرِي الأَغْلَى، الأَفْضَل، وَذَا الأَلْوَانِ الأَكْثَرِ جَمَالًا وَزَهْوًا!
يَسْخَرُونَ مِنَّا ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، أَنَا لَمْ أَجِدْ فِي الصَّبِيِّ بَرَاءَةً، لَقَدْ اِكْتَشَفْتُ جُثَّة شَخْصٍ آخَرَ فَحَسْب، شَخْصٌ قَصِيرٌ للغَايَة، وَيَبْدُو أَنَّهُم أَصْبَحُوا يَمُوتُونَ مُبَكِّرًا هَذِهِ الأَيَّامِ أَوْ أَنَّهُم جَمِيعًا مُصَابُونَ بِمَرَضِ التَّقَزُّم، أَجَلْ، سَأُقْنِعُ عَقْلِي بِهَذَا أَفْضَلَ لِي مِن تَصدِيقِ أيِّ حَقِيقَةٍ مُغَايِرَة؛ لِأَنَّنِي سَأَتَدَمَّرُ لَوْ عَرَفْتُ أَنَّهُم يَسْلِبُونَ النَّشْأَ، سَأَتَدَمَّرُ بِالكَامِل، تَقَبَّلِ الأَمْرَ وَلَا تَصرُخ، أَنَا أَكذِبُ عَلَى نَفْسِي مُجدَّدًا، مِن بَعدِ إْقنَاعِي لَها أَنَّكُم لَا زلْتُم أحيَاءً حَتَّى الآن، وتتَسلَّمونَ خِطابَاتي وتَقرَئُون ثَرثَرتِي الفارِغَة؛ لأَنَّنِي فِي حَاجَةِ هَذَا حتًّى أَتمكَّنَ مِن الاِستمرَارِ فِي العَيْش، فِي حَاجَةٍ للشُّعُورِ أَنَّكُم لَا زِلتُم هُنَا مَعِي نَتَبَادَل كُلَّ شيْءٍ كالعَادَة، وأَنَّ الأَملَ لَا زَالَ رَائجَ الوُجُود.
لَيْتَنِي الآنَ كُنْتُ ضَرِيرًا مِثْلَكَ فِي المَاضي، لَيْتَ عَيْنَيّ قَدْ فُقِأَتَا خِلَالَ الحَرْبِ مِثْلَمَا حَدَثَ مَعَكْ، الحَربُ التِي مُتَّ بَعدَهَا، حَسرَةً عَلَى عَدَمِ قُدْرَتِكَ عَلى الاِشتِرَاكِ فِيهَا مُجَدَّدًا، وبِهَذَا لَحِقْتَ ببَقيَّةِ الشُّهَدَاء؛ مَا وَدَدْتُ يَوْمًا أَنْ أَكُونَ حَاضرًا فِي مِثْلِ هَذِهِ الأَحْدَاث، وَمَا وَدَدْتُ يَوْمًا أَنْ أَكُونَ شَارِبًا مِنْ فمِّ الكَأْسِ هَذَا، لَكنَّهَا الأَقدَار، يُسيِّرُنَا شِرَاعُهَا كَيْفَمَا يَكُون، أَسْتَغْفِرُ اللهَ العَلِيَّ العَظِيم، أَسْتَغْفِرُ اللهَ العَلِيِّ العَظِيم.
رَفِيقُ دَرْبِكَ المُخْلِص.
http://up.arabseyes.com/uploads/11_10_1213499578481.jpg