PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : ملمس اللون الأزرق { أغسطس العاطفة }



جثمان ابتسامة
23-08-2016, 18:58
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




مقطوعة قلب، خربشة عابرة، إهداء للعزيزة
Frosty Mint
قدّمت لي خدمة عظيمة من حيث لا أحتسب
فجزاها الله خير الجزاء ^^

" عسى أن ترقى لذائقتكم " .





http://store1.up-00.com/2016-08/1471912170821.jpg


- هل أستطيع إمساكه ؟

كان تساؤلاً بريئًا .. غزت الجدية وجهه وهو ينطقه بطريقة لا تتناسب مع ملامحه
تبسمّت وأنا أحاول سحب نفسي للأعلى :
- لم تودّ فعل ذلك ؟
إجابة فورية، واندفاعة للأمام كاد يفقد توازنه بسببها :
- كي أبعده طبعًا !
- ....
ألقى بنفسه على المقعد والخيبة تأبى إلا أن تُقرّب بين حاجبيه :
- لا يمكن ؟
كنت قد استرخيت في وضعيتي، أفكر بردّ ينزل بردًا وسلامًا على فؤاد مرافقي .. مشكلته تكمن في التعامل مع أي شيء يهمه وكأن حياته تعتمد عليه تمامًا .. هذه العقدة ليست لطيفة بأي حال من الأحوال 
- مممم
قاطع همهماتي بحماس محبّب : 
- ماذا بشأن التحاور معه ؟
فليكن إذًا ما دامت هذه رغبته !
- هل تحفظ سورة الفاتحة ؟
- أجل أحفظها جيدًا
أشرتُ ليسار صدري ثم التقطت كفه برفق :
- أقرأ هنا بتمهل 
بدا عليه الارتياب للحظة : 
- سيفهمني ؟ ألا يمكنني مخاطبته كما أفعل معكِ الآن ؟
- أخبره ما تريد بعد قراءة الفاتحة، سيُصغِ إليك، أضمن لك ذلك 
لم يُضع مزيدًا من الوقت، انتقل بجواري وشرع بالقراءة : 
- " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ...
 تركته يؤدي مهمته وجلت بناظريّ أتأمل المكان كأول مرة، ثم أغمضت عيناي وثغري يفترّ عن ابتسامة صادقة ..
- إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ...
 الجدران الملساء، القطرات التي تنسكب عبر الأنبوب الرفيع مستقرة داخل أوردتي، محيطي الأبيض، البساط الأزرق المطلّ من النافذة، قلبي .. الجميع كان منصتًا للترتيل المُصغّر لأحد قُرّاء الحرم المكيّ الشريف
- ... غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ، آمين .
بطريقة ما تسلل الخدر لجسدي، وأيقنت أني سأسقط في أحضان النوم .. غابت عني اﻷصوات للحظات، حتى شعرت بتربيت لطيف على خدي أيقظني من غفوتي مباشرة :
- آسف، هل أفزعتكِ ؟
يده المنبسطة فوق رأسي تمسحه بحنو، رائحته التي تشبعت بها خلاياي .. رداؤه المميز بلونه الداكن ..
أن يتمثّل من فكرّت به للتو أمامي هكذا دون أية مقدمات !
غطى ضجيج قلبي على كل ما حولي .. إنني أنزلق فعلاً !
أنزل هو كفه ومدها ناحيتي .. عيناه تحتضنان نظراتي الباهتة بكل رقة، وابتسامته الحلوة تشق طريقها داخل قلبه قبل شفتيه، تزيدني حيرة على حيرة، وتشعل في كياني إحساسًا آخر، سأسمح له بالانطلاق بعد انتهاء هذه اللقاء المدمّر للأعصاب !
- ألن تسلّمي عليّ ؟
رفعتُ يدي بتردد .. كان كل ما ينتظره الوقت أن تتلامس أطراف أصابعنا لتدوّي تلك الرصاصة الغادرة، لا تُخطئ طريقها نحو قلب الهدف مباشرة !
وتتكسّر الصورة ناثرة الشظايا من حولي .. ثم تتلاشى تاركة لي كثيرًا من الدهشة، وضعفها من الدمّ والدمّع !
هذه المرة استيقظتُ فعلاً .. كنتُ لا أزال مشدوهة، نظرت لأناملي ببطء ثم طُفتُ ببصري في الأرجاء لأكتشف خلو الغرفة إلا مني .. أسندتُ جبيني على ذراعي ..
يا الله لو أن لي قوة تخلصني من ذاكرة الحرب هذه !
أبدًا لن يعود ..
مصعب الصديق، مصعب الأخ، مصعب الأب، مصعب الزوج، مصعب الحبيب، مصعب الحياة ..
ذاك الرحيل، والنبرة الدافئة تهمس في كياني " املئي المشهد من بعدي بالألوان يا وطني "
أريد الجنة مثلك يا مُصْعَب .. أحاول الصعود جاهدة، فهل سأنجح بالوصول ؟!
- وطن ؟ هل أنتِ بخير ؟
الذكريات تتغلغل، تزلزل أعمق ذرة ثبات فيني، وأنا أطالع والدتي بانطفاء تام، لم تنتظر مني ردًا .. هرعت خارجًا لتنادي الطبيب ربما .. تراءى لي أيمن الذي يعطي ظهره للباب، محدّقًا فيّ بتركيز :
- هل تتألمين ؟
أومأتُ بلا مواربة
- لا تبكي يا وطن !
قالها بتجلد ..
طفرت المزيد من الدموع، وألهبت وجنتاي لسعات ساخنة .. يا رب اجعلني أتماسك .. أعرف طبيعة هذا الصغير المتمردة، سينتحب كثيرًا ما إن ينفرد بنفسه .. تنحنحتُ مرارًا قبل أن أنظر إليه وأطبطب على طرف السرير، تعجّلت خطواته ملبّيًا دعوتي الصامتة، ودون أن أطلب منه طفق يردد على مسامعي فاتحة الكتاب، فاردًا يده على موضع الألم تمامًا ..
وانتظمت أنفاسي و تبللت روحي حتى ارتوت طُهرًا
هل تكتمل اللوحة الآن يا مُصعَب ؟

.

الصوت الحالم
23-08-2016, 20:26
سعيدة أن أحظى بالمقعد الأول
لي عودة لرد مفصل بإذن الله :)



أحببت تسميتكِ للبطلة باسم وطن
أعطى هذا قيمة فنية و معنوية للنص و أحسست أن له بُعد آخر
ليس اسما فحسب

حديث وطن مع الطفل - الذي بدا لي أنه طفلها- ينضح براءة
و إشارتكِ لسورة الفاتحة أضفى لمسة روحانية ،أحببتها

أيضا لقاء وطن بمصعب غير الواقعي كان مليئا بالمشاعر
أحسستُ بوجع الفقد الذي تشعر به
المحير في الأمر هو العنوان
هل له علاقة بغرفة المشفى أم بالسماء أم أن هنالك سر ما، لم أفهمه

راقني أسلوبكِ الجميل و
سعيدة أن حظيت بقراءة قصة من قلمكِ جثمان

كل الود لكِ يا صديقة
كوني بخير

جثمان ابتسامة
24-08-2016, 10:08
أهلاً صوت

أنا الأسعد بهطولكِ حقًا ^_^


. أيضا لقاء وطن بمصعب غير الواقعي كان مليئا بالمشاعر
أحسستُ بوجع الفقد الذي تشعر به

بشرتني، بشرّكِ الله بجنان الفردوس الأعلى
كنت أريد إرفاق ملاحظة صغيرة البارحة " إن ضلّت العاطفة طريقها إلى حروفي فأخبروني لطفًا "
لكن ما دام هناك مشاعر فهناك عاطفة صحيح ؟
الكلمة شاملة أكثر بالنسبة لي


. المحير في الأمر هو العنوان
هل له علاقة بغرفة المشفى أم بالسماء أم أن هنالك سر ما، لم أفهمه

بإمكانكِ يا عزيزتي اعتبار العنوان، أو النص بأكمله - إن شئتِ -
ثوبًا فضفاضًا يتسع لأكثر من معنى

شكرًا لكِ، ودمتِ بخير ^^

S H O C K
24-08-2016, 10:55
*,

عميقة!
تألَّقت وبالأخص جوها الروحاني الفريد، أحسنتِ آنسة جثمان!
لا أعِدُكِ بالعودة، فأنا في أدنى حالة قد أصل لها من الكسل :بكاء:

جثمان ابتسامة
27-08-2016, 21:43
أهلاً آنستي ^^
لا بأس .. شكرًا لكِ على أي حال
الوعود ذات وزن ثقيل، علينا التفكير لأكثر من مرة قبل إبرامها ^^
.
.
شكرًا لكل من قرأ .

ترانيم الفجر
31-08-2016, 02:23
الشوق، الحب ، الألم ، ونسمات إيمانيه هزت جدران رائعتك هذه
كم راقني وصفك ، وكم دخلت كلماتك سريعا لتتوسط داخلي
دام يراعك ودمت بخير

Frosty Mint
02-09-2016, 17:02
مقطوعة قلب، خربشة عابرة، إهداء للعزيزة
Frosty Mint
قدّمت لي خدمة عظيمة من حيث لا أحتسب
فجزاها الله خير الجزاء ^^

فخر لي أن يكتب اسمي مابين هذه السطور العميقة !
بالفعل أشعر بالسعادة ، أود شكركِ للانهاية ، شكرًا جثمان ، لأنكِ كتبتِ سطورًا رائعة !
.
القصة هي ما أرتحت فيه بالفعل ، كلماتكِ المنسابة ، العمق فيها ، أحبها كلها :بكاء:
لكم أحب الراحة بعد تلاوة سورة الفاتحة ، وكم كانت راحتي وأظنني بهذا أعني راحة جميع من قرأ بعد قراءتها ..
المشاعر العميقة هنا صادقة :بكاء:
رغم لخبطتي لبعض الأحداث إلا أنني أحببتها جدًا :أوو:
شكرًا لكِ جثمان ، شكرًا جزيلًا ..:e022:

جثمان ابتسامة
12-09-2016, 05:49
ترانيم وفورستي أقدر مروركما كثيرًا��
وافر العرفان ..
سعيدة لسعادتكِ فورستي ^^
وأنا الشاكرة لكِ حقًا