PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : لماذا



Golden Eriko
01-08-2016, 22:40
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=2165695&stc=1&d=1478823418


لماذا




لطالما ظننتُ أنني لن أعجز عن الإجابة يومًا .. فالإجابة قد كانت واضحة على الدوام ..

لا زلتُ أذكر المرة الأولى التي طُرحت علي تلك الأسئلة فيها .. ولقد أجبتُها على الفور .. وكأنها كانت شيئًا أحفظه .. أو ربما عباراتٍ منقوشةٍ في ذهني ..
أما اليوم .. وبعد مرور عدة سنين من السفر والغربة .. ومن الحب والخيانة .. بعد مرور عدة سنين بعد العائلة والأصدقاء .. والفرقة والالتقاء .. بعد معرفة الكثير وتعلم الكثير ونيل الكثير وخسارة الكثير ..
بعد الإجابة عن أكبر الأسئلة .. وتحمل أثقل المتاعب .. والصبر على العديد من الابتلاءات ..
بعدما ظننا أننا قد تجاوزنا مرحلة النضوج .. وأنه ما عاد هناك حيّزٌ في حياتنا للأسئلة ذات الإجابات البديهية .. تعود إلينا تلك الأسئلة .. بذات الصيغة وذات الحروف .. لكن شيئًا ما تغير !

فقد تلاشت الإجابات ! وما عادت بديهية بعد الآن ..

ربما نسيتُها .. وربما هي مختبة في مكان ما في الذاكرة .. عليّ أن أبحث عنها .. أن أجدها ..
عليّ أن أعثر على تلك الطفلة التي استطاعت الإجابة عن هذه الأسئلة .. وإن لم أجدها .. ولن أجدها ..

عليّ أن أمتلك فكرَها .. وأن أشعر بما كانت تشعر به في ذلك الحين .. لكي أستطيع معرفة ما استطاعت معرفتَه .. لكي أستطيع الإجابة

كم كان سهلًا عليها أن تكبر .. وكم هو مستحيلٌ بالنسبة إليّ أن أرجع طفلةً من جديد ..

ولكن .. ماذا إن كانت الإجاباتُ حكرًا على الطفلة وحدها ؟

وإن كانت كذلك .. فماذا عني أنا .. أليس من حقي أن أعرف .. مرةً أخرى .. (لماذا) .. !
لماذا خُلقت .. ولماذا أنا موجودة .. ؟!
لماذا هنا .. والآن ؟!
لماذا بين هؤلاء الناس .. ومن تلك العائلة ..
لماذا بهذا الشكل وهذا العقل وهذا القلب وهذه الروح ..
ولماذا في هذا الجسد بالذات ..
لماذا مررتُ بكلّ ما مررتُ به .. لماذا عرفتُ كلَّ ما عرفتُه ..
لماذا شعرتُ بتلك المشاعر وأحسستُ بتلك الأحاسيس ..
لماذا لمستُ تلك الأشياء .. وشممتُ بعضها ..
لماذا قرأتُ تلك الكتب .. ومشيتُ في تلك الأماكن
لماذا أحببتُ أولئك الأشخاص .. لماذا كرهتُ آخرين
لماذا أحبني بعضُهم .. لماذا كرهني آخرون ..

لماذا أنا ..

إنني أبحثُ عن نفسي بين كل هؤلاء .. ولا أجدني ..

لا أدري إن كان هذا الجسدُ لي .. ولا أدري إن كان عقلي لي .. ولا أدري إن كانت الروح لي ..
ولا أعرف شيئًا عن قلبي ..
إنني أشعرُ أن جميعهم براءٌ مني .. فأنا لا أرى نفسي في كل هؤلاء ..

إنني أحس بي .. ولكن لا أدري أين .. هل بداخلي .. أم من حولي .. هل أمامي أم خلفي .. هل عن يميني أم عن شمالي .. أين عليّ أن أبحث .. لكي أجدني .. ؟ ..
فوحدي أنا .. من أعرف الإجابة عن (لماذا) ..


في كل ما عشتُه على مرّ السنين التي فاتت .. كنتُ دائمًا أستمع لصوتٍ يحدّثني .. لم يكن يحدّث سواي .. ولم يسمعه سواي .. لقد كان يُفرحني عندما أحزن .. ويطمئنني عندما أخاف .. لقد كان يقفُ إلى جانبي عندما يبتعد عني الجميع .. لقد كان دائمًا يبحث لي عن طرق مفتوحة .. حينما تُغلق من حولي الأبواب ..

ذلك الصوتُ .. لم يخف أو يهتزّ يومًا .. ولم يفقد الأمل .. بل لم يعرف الأمل يومًا لأنه لم يعرف اليأس والهزيمة .. إنه يعتقد أن العالم أبسط من أن نشعر تجاهه بالقلق واليأس والإحباط ..

ربما لأنه كان ينظر للعالم من مكانٍ آخر .. من مكانٍ أبعدَ وأسمى وأكثر علوًّا .. حيث يرى الجميع .. ويرى كلَّ شيء .. ويعرفُ كلَّ شيء .. ويحدّثني من هناك ..

لا أعرف صوتَ من هو .. لكن ذلك الصوت .. هو الشيء الوحيد الذي شعرتُ إليه بالانتماء .. إنني أشعرُ أنه أنا .. بل إنه أنا !
لكنني ومنذ مدة ليست بالطويلة لم أعد أسمعه ..
لا أدري .. هل هو لم يعد يحدّثني .. أم أنني أنا من لم تعد تستمع ..

تُرى .. هل اقترفتُ خطأً ما جعله يبتعد .. أم أنه قرر أن يترك لي زمام الأمور .. أسيّرها لوحدي .. وأجد حلولها بنفسي ..

لكنني لا أستطيع ! .. لا أستطيعُ الاستمرار من دونه ..

ليس لأنني أشتاق أو أشعر بالحنين .. وليس لأنني أتعلق بالأشياء أو الأشخاص .. وليس لأنني أثق به .. بل لأنه الشيئ الوحيد .. الذي شعرتُ تجاهه بالانتماء ..
ذاك الصوتُ هو الوحيدُ الذي أظنّه أنا .. ولو فقدتُه .. فسأضطر للبحث عن الـ (أنا) من جديد .. وسأفشل !

فالـ (أنا) .. ونفسك .. أصعبُ بكثير من أن تجدها .. وإن وجدتها .. فمن الصعب أن تعرفها .. وإن عرفتَها .. فمن الصعب أن تثقَ بها .. وإن وثقتَ بها .. فمن الصعب أن تقدم لك المساعدة ..
إن الـ (أنا) .. هي أغلى مما يظنّ الجميع .. إن وجدتَها .. فهي كل ما تملك .. وإن لم تجدها .. فأنت لم تمتلك شيئًا بعد ..
إن الـ (أنا) .. هي الرفيق الدائمُ لكَ منذ الأزل وإلى الأبد .. هي الوحيدة التي وُلدت معك .. وستحيا معك .. وستبقى معك حتى بعد أن تموت .. وحتى بعد أن يفنى الجسد ..
هي من ستنعم معك في الجنة .. أو ستشاركك عذاب الجحيم ..

تُرى .. هل قتلني الزمن ؟ فلم أعد أسمع صوتي
هل انتزع حنجرتي ؟
هل أسكتني إلى الأبد ؟

أم أنني أنا من فعلتُ ذلك حينما فقدتُ الأمل .. فقدتُ الأمل بالماضي وبالحاضر وبالمستقبل

ورميتُ باللوم على الزمن .. دون أي ذنب منه .. سوى أنه كان يسجّل الأحداث

تُرى .. لو لم يسجلها .. لو لم يحتفظ بها .. ولو لم نخبّئها في الذاكرة .. هل كنا سنتألم ؟
هل كنا سنذكر خطايانا .. هل كنا سنندم ؟
هل كان سيلومنا أحد ؟ هل كنا سنلوم أحدًا ما ؟ هل كنا سننتقم ؟

ربما لهذا نلومُ الزمن .. فلا شيء يُنسى .. ولا شيء يُمحى .. ولا شيء يعود إلى العدم

إنني مستعدةٌ لفعل أي شيء .. لكي أسمع ذلك الصوتَ من جديد !

Jnoon.al7arf
02-08-2016, 05:46
http://store2.up-00.com/2015-12/1449848930631.gif

‎أهلاً وسهلاً بكِ أختي ،
‎فلتعلمي أن هناك الكثير في خاطرتك هذه
‎قد دفعني دفعاً لما سأكتبه ، وأرجو أن أعطيكِ حقك
.
‎مع احترامي لكل النصوص التي كنت قد قرأتها
‎ورددتُ على بعضها في القسم الأدبي ،
‎فلا أجد أكثر من هذا النص قد تنطبق عليه
‎مواصفات ( الخاطرة ) جُملةً وتفصيلاً !




‎البناء اللغوي .. البناء الشكلي ..
‎والبناء النفسي للخاطرة
‎كلها عوامل أرست الفكرة في وجداني
‎و بثَّت فيه التَّرقب لأحداثها بلهفة مما حداني
‎على أن تناولت الفقرة تلو الأخرى
‎بسرعة وكأنه سيتلاشى كلما أدركتُ سر جماله
‎حتى أن طوله لم يُثنيني عنه بل تمنيتُه أطول !
‎وكأن الكاتبة خاضت حين ابتكاره
‎تحدياً لنفاذه إلى قلوبنا
‎قبل إدراكيتنا الذهنية
‎وتخرق تلك القواعد النقدية
‎ثم تطرحها أرضاً بهذه العبقرية ،
‎وهذا ما كان لها ، فقد تداعى ادراكي
‎لتفاصيل الخاطرة ولم أفطن إلا لبعضها
‎كالتركيب المُتقن في العموم
‎والاحترافية في التسلسل ، حتى تعوذتُ من فتنة النص
‎فأعيده مراراً بتأمل وبصيرة مُستخرجاً سر عذوبته
‎فوصلت إلى أن الأسئلة المُستخدمة هنا
‎تنير عتمة التخبط النفسي بُغية التحايل على الفوضى
‎فيما نحنُ نُضيعُ جزءاً منا بداخله !
.

Jnoon.al7arf
02-08-2016, 05:51
http://store2.up-00.com/2015-12/1449848930631.gif

‎أستفتح تحليل النص بالاعجاب بأسلوب
‎الاستطراد وذلك ما كنتُ أعنية بإنارة عتمة التخبط
‎فحالما توغل النفس في التخبط والتداعي
‎ترمين بأسئلة مع عجزك من التطرق إليها سابقاً
‎أو أنك لديك أجوبةً لها ، وكانت فقط ..
‎سبباً لتجديد تركيزك وكسب بعض الوقت
‎حتى تقفين على قدميك مرةً أخرى !


‎هنا تجلّي الاستطراد ...
‎( لا أعلم صوت من هو . . .
‎. . لا أستطيع الإستمرار من دونه ) !
‎النفي الأول أتى بغرض الاستفهام فبعده مباشرة
‎وضحتي لنا غرضك من إنكارك معرفته برغم انتمائك إليه
‎فهنا يتبيّن جهلك طبيعته أثناء وصفه
‎فمن التناقض الانتماء لمجهول إلا بوجود وسيط
‎كما هو انتماؤنا لخالقنا - عز وجل - حيث الرسل هم تلك الوسيلة
‎التي بها زادت الرابطة بيننا وبين الله فمن كذَّب بالرسل
‎تلاشت رابطته حتى انعدمت .
.
‎واجتمع النفي بطبيعة الصوت مع استحالة التخلي عنه


‎فهنا جهلك بالإحاطة بطبيعة الصوت وما يمثله
‎قابله إلمامك بالسر الذي دفعه للتخلي عنك
‎وكان أسلوب الاستطراد في الوقت المناسب
‎لاحتواء هذا التناقض وعدم الإخلال بقوة النص
‎أيضاً طريقةٌ مُثلى لبيان إلتصاقك به
‎واعترافك أن رحيله مُحقق لا محالة
‎حتى أنك تتفهمين موقفه ولكن لا تستطيعين تقبله
‎( لا أستطيع ! .... لا أستطيع الإستمرار بدونه )
‎التكرار يفيد التوكيد وكأنك مُحطمة وتشاهدين رحيله
‎بعجز المنع وضعف القدرة على طلب ذلك حتى !


.
‎و لأنه النص المثالي للخاطرة ، من وجهة نظري
لبساطة الفكرة وعمقها .. لذلك كانت غامضة ،
‎حيث دسَّت الكاتبة رموزها في فوضوية النص ،
‎ولكنها أتت على ترتيبها من خلال نمو مرحلة الادراك
‎وعمق التجربة و اتساع رقعة الاهتمام بجزئيات صغيرة
‎فإذا ما إن تتلقى الطفلة
هذه الأسئلة لن تعجز عن إجابتها
‎لأنها ستردد ما قد سمعته من والدتها والمدرسة ،
‎أما وقد كبُرت هذه الطفلة ، فالمتربصون كُثر
‎والذنب قد بان أثره واستعصى عليهم العفو عنه

.

‎فلا شيء يُنسى ..
‎ولا شيء يُمحى ..
‎ولا شيء يعود إلى العدم


‎إنني مستعدةٌ لفعل أي شيء ..
‎لكي أسمع ذلك الصوتَ من جديد !
.
خاتمة أقل ما يقال عنها ... فريدة !

Golden Eriko
02-08-2016, 19:19
Jnoon.al7arf

أهلًا بكَ أخي , و أستاذي

أشكرُ تحليلكَ لما كتبتُه هنا .. واضحٌ أنكَ تمتلك نظرة خاصة في ما تقرأ .. فأنت تصلُ في تحليلك لرؤية الحالة النفسية التي كان فيها الكاتب أثناء الكتابة وما دعاه لتسلسل معين من فكرة لأخرى

فنحن نكتب بانسيابية ومن دون إدراك للأوامر التي يمليها علينا العقلُ الباطن والتي جعلتنا نكتب بهذا الأسلوب ونختار تلك الجمل

أرجو أن تكون خواطري دائمًا ذا معانٍ عميقة مهما بلغت ببساطتها ..
وأرجو أن أكون دائمًا عند حسن ظنك وظن جميع الأساتذة هنا

تحياتي لكَ

Jnoon.al7arf
02-08-2016, 21:46
أختي الفاضلة ،
توجد العديد من الأمور والخبايا
في هذه الخاطرة .
لم أستعرضها كلها لحاجة في نفسي ،
لكني على يقين بعمق موهبتك
فستبهرينا بنصك القادم بإذن الله
لكن لا تستعجلي ذلك
وانسي هذا النص مؤقتاً

*أرجو الحفاظ على شكل النص القادم
كما حدث هنا فقد كان مُذهلاً بحق !

*يهمني حينما أكتب رداً العيش
وكأنني كاتب النص الذي أقرأه
في بعض المواضع أتنفس بعمق
ففيها زفرة ألم كاتبها

* الأعلى نسبة يظنون بأن النقد هو إنتقاصٌ
مما قد كُتب ولو أن ذلك جزءٌ منه حقيقة
ولكنها ليست كاملة
فالنقد أيضاً يمكنك من الوقوف على مواطن القوة
وجماليات النص التي لا يستنبطها سواك
ثم تُهديها لكاتبها ليستمر على مستواه ليرتفع

النظرة الثاقبة
03-08-2016, 05:35
http://store2.up-00.com/2015-12/1449848930631.gif

حينما لاتعرف نفسك جيدا ولم تكتشفها وتعطيها قدرها فلن تستطيع الوثوق بها
لذا حتى لانفقد الثقة في أنفسنا ، حتى ندعم هذه ال ( أنا) ونعطيها قدرها بدون زيادة وبدون نقصان
علينا الإبحار فيها والاشتغال بها لإصلاحها ، علينا مواجهتها في حقيقة نظرتها واعتقادها وأفعالها حتى ندرك تماما مقصد كل فعل وقول منها
حينها نستطيع التعاون معها لمواجهة المخاوف وتحديها لا كبتها والهروب منها أو تناسيها
في هذه الاثناء سنفقد سماع صوت ال ( أنا) وكثيرا من خواصها وطباعها وربما قد نراها تغيرت وتراجعت إلى الوراء ولكن لانخشى في ذلك شيئا
فهذا امرٌ طبيعي وقد يكون بعده عاصفة التغيير الحقيقية في التقدم للأمام وتجاوز ماوصلنا إليه في التقدم مراحلا عديدة لم نتوقعها
لندعها تفقد صوتها لندع احزانها تتوغل لندعها تحتار تضيع قليلا ، تبكي ، تدفن رأسها بين ركبتيها ، يشعر قلبها بالخوف بالقلق
حتى تفهم مايحزنها ، مايغضبها ، مايسعدها ، من تريد ، ماذا تريد ، ماهدفها ، ما ...
في غضون هذه الجلسة وافتراقنا مع ال ( أنا ) ستفهم وسنفهم جُل نريد ونبتغيه في هذه الحياة
فلنصبر قليلا عليها حتى نجدها يوما ترفع صوتها دون أمر أو إجبار منَّا

قد يفقد الإنسان نفسه وصوته فترات طويلة لم يعهد نفسه فيها كذلك إلا أنه يعود فيما بعد إما في هدوء وسلام وتفاهم وصراحة مع ( أناه )

أو أنه سيعود في عداء ونكد وتخاصم وهروب وهنا تزداد الحالة سوءا
كون مرحلة الافتراق عن ال ( أنا) وعدم سماع صوتها من المراحل المهمة في منعطفات نفسية وشعور الإنسان فإن لم يفهم نفسه جيدا ويجيب على كل أسئلتها الموجهة إليه منها إجابة صادقة من غير ختل أو كذب سيقع في صراع وتخبط حتى تصبح في شخصيته خللا وفي نفسيته علة ظاهرة لكل فهيم لبيب

خاطرة وتساؤلات ورحلة ممتعة مع النفس في خاطرتك
أحسنتِ أختي

Golden Eriko
28-09-2016, 10:58
شكرًا لمروركم المميز ..
تقديري وتحياتي

سين؟
07-10-2016, 20:16
والله إن كل كلمة تشير بإصبعها نحوي

الأنا الضائعة

وذات الأسئلة التي أصبحت بلا إجابات!

لا أدري ماذا أقول هنا سوى أن هذه الكلمات هزتني من أركاني!