PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : شمسٌ جديدة || مايو التاريخ



مجوكـهـ
30-05-2016, 22:13
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=2183239&stc=1&d=1488733006





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم؟ :مرتبك:
أتمنى أن تكونوا بأفضل حال

لم يتبقَ على رمضان سوى أسبوع! ::سعادة::
فمباركٌ عليكم هذا الشهر الفضيل مقدماً :أوو:


هذه مشاركة متأخرة لمايو التاريخ، لقد كنت متحمسة جداً لهذا النوع؛ فأنا أحب القصص، المسلسلات وكل شيء يتعلق بالتاريخ، لكنني بالطبع لست من محبي حفظه :غياب:

ترددت كثيراً في وضع هذه القصة القصيرة فقد كنت أفكر في طرح أخرى لكنني فكرت بما أنني ابتدأت بها فسأنهيها وأضعها بدلاً من تضييع الوقت في ابتكار قصة أخرى.. لذا أتمنى أن تُعجبكم.. خاصةً وأنني تعديت حد الرومانسية المعتاد بالنسبة لي.. لا يعني ذلك أنني تماديت فيها وذكرت أشياءً مُخلة.. بل إنني في رواياتي وقصصي السابقة لم أتطرق إلى هذه الحد من الرومانسية كونها تُشعرني بالخجل.. لكن الآن قررت اختبار نفسي فيها.. << ثرثرة لا طائل منها :ضحكة:

مجوكـهـ
30-05-2016, 22:15
بين ممرات الحديقة الغناء وقفت شابة تداعب الزهور المتفتحة بهدوء. كانت مستندة على الجدار القصير المحيط بالجسر الحجري فوق بحيرة خلابة، بلطف اقتربت من غصنها وقطعته في ثوان لتضع الزهرة الحمراء التي أعجبتها وسط خُصلات شعرها الأخاذ والذي كان مُرتباً في ظفائر فرنسية جذابة. ملامحها البريئة أجبرت الناظر على التعلق بوجهها والغرق في سحره، وعيناها الخضراوتان تراقبان تحركات النحلات المنظمة بابتسامة حزينة لم تدركها وصيفتها الواقفة خلفهǺ فقد ظنت بأن جمال ما حولها سينسيها شيئاً مما يختلجه صدرها إلا أن ذلك لم يسعف الشابة حقيقةً فقد كانت تُبحر في ثنايا أفكارها السوداء. قلبها لا زال ينتظر أن يسمع خبراً بنجاته، لا زال يدعو بانتصاره ويرجو طوال الوقت أن لا يصيبه أي مكروه ويرجع إليها سالماً.

كانت بين فينة وآخرى تسمع ضربات قلبها الذي يكاد يخترق جسدها وينفجر من القلق، ما كان عليه الذهاب وتركها في هذه المشاعر المؤلمة، الأولى له أن يبقى معها ويترك البقية هناك، إنه ليس ملزماً بخوض هذه الحرب القاتلة! كونه سيد البلاد يحتم عليه ذلك المركز البقاء في قصره وعلى عرشه منتظراً خبر الانتصار بدلاً من تعريض روحه الثمينة لخطر الموت، ألم يفكر بالمأسآة التي ستحل عليهم إن هو رحل؟! ستتحول البلاد لأحزاب تتدافع بقائدها ليكون الملك الجديد بدلاً منه فلم يبتقَ أيٌ من أسرته ليتولى الحكم وينال شرف سماع أخبار نجاح الجنود في احتلال البلاد المجاورة! وليس له أولاد يخلفونه حتى! إنهما لم يتزوجا بعد ليحصل ذلك فكيف وافق على مرافقة قائد الجيوش لهذه الحرب القاتلة!!

لكن هل غادر لأنه كره التواجد معهǿ هل قرر المغادرة للموت هناك؟ ألم يعد يرغب في ملاقاتها والتحدث عن شتى الأمور.

تبادر لذهنها ذلك السؤال كما يحدث دائماً عندما ودون سابق إنذار يذهب عقلها إليه. نفضت بعض ما تستطيع بعباراتها الضعيفة الموبخة لنفسها، لا يجب أن يموت! فعندها ستفقد هي روحها ولن تستطيع العيش دقيقة واحدة دونه؛ فبعد أن التقت به في تلك الحفلة استشعر قلبها وجوده ولم يعد لأي شيء في الوجود أهمية بالنسبة لها كما يعني لها هذا الشخص.

زفرت بقوة؛ كيف عليها أن تعتذر منه وهو بعيد كل هذا البعد؟ إنها تتمنى لو كانت ذاكرتها تستطيع محو ذلك الحدث، كما تُمزقُ الورقة من الكتاب وتُرمى في سلة المهملات لتُحرق وتختفي إلى الأبد مع كل المعلومات التي كانت مدونةً بها.

ماذا لو أرسلت له اعتذارها الصادق، هل ستصل إليه رسالتها أم أنه سيحرقها دون أن يُلقي نظرة على مغلفهǿ بنظرها هي تستحق ذلك، بل أكثر؛ فلقد أظهرت له انعدام ثقتها به فكيف سيقرأ رسالة منها و.. طبعاً هو لن يفكر أبداً في مقابلتها مجدداً!


*****


من بين كل تلك الأدخنة السوداء ظل واقفاً يحدق بأرض المعركة المتشربة بحمرة قرمزية مؤلمة أجبرت عيناه على الانخفاض حزناً يأساً وضيقاً من ضعفه وضعف قوته وسلطته، فالكثير من جنوده قد لاقوا حتفهم دفاعاً عن دولتهم التي حرضتهم لمثل هذه المعركة الضارية ولذلك رغم الانتصار الذي حققه أخيراً إلا أن ابتسامته كانت حزينة بائسة تُشفق على كل من قُتل هنا ومن سيقتل مستقبلاً. كيف يستطيع أن يجبر جنوداً أخرين على اللحاق به إلى أرض اللاعودة! فجمعيهم يدركون أنهم قد لا يرون أهلهم، منازلهم وكل ما يحبون بعد اليوم بل الساعة التي يغادرون فيها أرضهم، فما هو السبيل لإرجاعهم أحياء دون ضرر.

كره هذا المكان بل مقته وحقد عليه بكل ما ملكه من مشاعر كراهية واشمئزاز وهو يعلم تماماً أن هذه المشاعر التي يوجهها لهذه الحروب القاتلة لن تفعل شيئاً سوى أن تزيد غضبه ورغبته بقتل المزيد من أفراد العدو الأبرياء لحماية من معه. هل سيصبح يوماً متعشطاً للدماء كمن سبقه إلى هذه الأراضي المُبتلة بدماء أريقت في سبيل ما يُلقبونه بالتوسع أو ما يحب هو تسميته بالاحتلال! وحقيقة ذلك التوسع هو سرقة البلدان المجاورة وسلب سكانها الأصليين أراضيهم لضمها مع الدولة المُحتلة لحبهم للسيطرة والتملك كسائر البغضاء في هذا العالم. كل هذا من أجل إثبات القوة لينالوا المهابة والخوف من الأعين المتربصة بهم. ألم يخلق الناس أحراراً؟ لماذا إذاً لا يريدون العيش بسلام وهناء بعيداً عن كل هذه المجازر السالبة لأسباب السعادة كلها! لماذا لا يعيش كل شخص منهم مطمئناً آمناً في منزله وسعيداً بما أغدقه الله عليه من نعم بعيداً عن الرغبات الجشعة والأنانية الناسفة؟

أغمض عينيه لوهله مستعيداً بعض هدوءه حتى يعيد انتباهه لجيشه وحالته قبل أن يبدأو السير في طريق العودة.

انتقل بصعوبة بين المصابين المستلقين على بعض الأغطية البيضاء المصفوفة على الأرض ببعض الإهمال، شجع بعضهم وساعد في علاج آخرين حتى تأكد بأنه لم يترك أحدهم دون أن يُلقي عليه نظرة ثم عاد إلى خيمته الخاصة لينال قسطاً من الراحة بعد معركة مُرهقة.

لم يُحب يوماً الإستلقاء على السرير وخاصة في مثل هذه الظروف والأماكن فألقى بسجده على كرسيه ورفع قدميه المتورمتين من كثرة السير والوقوف على الطاولة المركونة أمامه مغمضاً عينيه دون أن يعير لتابعه المخلص أي انتباه وهو يسرد عليه تفاصيل الأوامر التي تلقاها لتوه من قائد القوات الحربية فهو لن يخطو خطوة واحدة دون أن يقدر البقية على ذلك، وليس لديه أي رغبة في ترك العاجزين عن إكمال السير في هذا المكان المُوحش والمُدمَر. كما أن هذا القائد المتبجح لم يرسل أحداً ليبقى مسيطراً على المكان قبل أن يغافلهم العدو ويعود لاسترجاع حقه.

قهقه في نفسه على ما فكر به لتوه، ماذا لو أفسح لهم المجال لاستعادة أرضهم! فهم الأحق بها وبكل الخيرات التي سينعم بها بلده وشعبه. ابتسم وغلبه النعاس ليقوده لعالم اللاوعي في ثوان بعد آلامٍ كبيرة جراء إصاباته العديدة في أجزاءٍ متفرقة من جسده، كان يأن كثيراً طوال نومه؛ إلا أنه لم يفكر في تغيير طريقه استلقاءه تلك!


*****


حاولت أن تُفرغ كل شحنات قلقها في الأكل وبدأت بتناول كمية كبيرة من الطعام هي غير معتادة عليها، لم تتوقف حتى شعرت بالإرهاق من أكل كل ذلك وسط دهشة الخادمتين الواقفتين قربها، حاولت وصيفتها منعها من فعل ذلك عدة مرات إلا أنها ازدادت عناداً وتجاهلت نصائح من حولها، هي لا تريد التفكير فيه فالشعور بالذنب يمزقها ويحدث ثقوباً سوداء في قلبها، تشعر حقاً كما لو أنه سيخرج من مكانه ليعلن تخليه عنها بعد كل هذه الآلام فلا بد وأنه قد وصل لنهاية قدرته على الاحتمال.

نهضت بصعوبة من مقعدها الذهبي وعادت لغرفتها، حدقت في كل شيء ببؤس، لا تعلم ما تفعل وكيف توقف ضميرها عن تأنيبها أو حتى تجد حلاً لترتاح، ليس لها أي أنيس لتخرج خفايا صدرها وتزيل عنه بعض الثقل، بل كل من حولها والذين تعدى عددهم المئة شخص موجودين هنا من أجل مصالحهم الشخصية وسيسعدهم كثيراً أن يعرفوا ما تخبئه ليستغلوه عند الحاجة، فهمت نواياهم تلك منذ كانت في ربيع عمرها، فتاة صغيرة لا تدرك كثيراً من الأمور حولها، وكان ذلك حين أصبحت والدتها ضحية هذه المآرب الشريرة بعد توليها منصب وصيفة الحاكمة الراحلة.

مجوكـهـ
30-05-2016, 22:16
أسندت راحة يدها على زجاج نافذتها متأملة السماء الزرقاء الدافئة وغادرت لعالم أفكارها ثانيةً. لماذا فكرت في إغاضته وإغضابه! ما كان عليها فعل ذلك، إنه لا يستحق هذا منها! كان يجب أن تعطيه ثقتها اللانهائية كما وعدته منذ البداية! لم يطلب منها أي شيء سوى تلك الثقة التي تمده بالقوة للاستمرار في الحرب الضارية أمام طبقة النبلاء الجشعة.

ببطء غرقت في ذاكرتها لتُمضي ذلك الموقف المُزعج ثانيةً. كانت تشعر بقلة اهتمامه بها في الآونة الأخيرة، أحست بأنه شيئاً فشيئاً بدأ يفقد مشاعر حبه لها، كما لو أنها شيء من الماضي، أرهقتها الوساس فصدقت شائعات الفتيات حولها، كن يتهامسن حول رقصه مع فتاة أخرى في إحدى الحفلات التي لم تستطع هي حضورها لمرض عمها.

هي بالطبع لم تكن بين أولئك الفتيات المحببن للنميمة لكن حديثهن الممتلئ بالغيرة قد وصل إليها كما لو أن ذلك حدث لرغبتهن في إغضابها وإحداث خلافٍ بين الخطيبين لغيرتهن الشديدة من جمالها الأخاذ وحظها الجيد في جذب أكثر الرجال وسامةً وثراءً، كيف لا وهو الحاكم الشاب بنفسه!

وبما أنها مدركة لنواياهن الخبيثة فقد ابتسمت ورحبت به حالما لمحته قادماً إليها متجاهلةً قلبها المتألم لخيانته لها، فماذا لو كن على حق! منعت كل أفكارها والكلمات المبعثرة التي تريد نطقها أمامه عله يجيب على خوفها ويريح نفسها القلقة من الظهور وبدأت تراقصه على أنغام الموسيقى ببهجة مصطنعة.

مرت الأيام وصعب عليها البوح بمشاعرها المرتبكة، إنها حقاً لا تريد أن تخسره، لكنها أيضاً خائفة من حقيقة تلك الإشاعات، فلا نار من دون دخان! وذلك الدخان يثير ريبتها ويشعل غيرة قلبها.

تخلف عن حضور العديد من الحفلات بعد تلك الرقصة الأخيرة، لم تعد تراه إلا فيما ندر، بدا حقاً كما لو أنه اختار الابتعاد عنها، لم تستطع أن تكبت كل ذلك في صدرها بل فضلت أخيراً أن تخبره وتعرف الحقيقة بدلاً من التخبط في أفكارها السوداء والتي كانت قد بُهرت بتلك الكلمات المُنتشرة بحقد في الأرجاء.

وجدت أخيراً سبباً جيداً يخولها زيارته غير المتوقعة، فقد أصابته حمى جعلته طريح الفراش ليومين. فبسبب أعماله اللا منتاهية والتي اعتقدتها عذراً لا أكثر لم تستطع مقابلته سوى على مائدة الطعام حيث يشاركهما دائماً عددٌ بسيط من النبلاء المتطفلين، إما دوقٌ يهمه الحصول على جيشه الخاس وعتاد مناسب أو كونت يرى في نفسه الأحقية بالحصول على أكثر الألقاب رفاهية ونبلاً.

فتحت لها خادمتها الخاصة الباب وسارت ببطء نحو سريره الكبير، منعت نفسها من ارتداء الابتسامة الطيبة التي لطالما أحب رؤيتها على ملامحها، لمحت جسده النحيف مُستلقيا بإرهاق على السرير، لكنه حالما تعرف إلى زائرته العزيزة نهض جالساً باستقامة وابتسامةٌ واسعة تُزين محياه الشاحب:

“مارسيلين.. ما كان يجب عليكِ القدوم!.. قد تصابين بالعدوى!..”

أجبرت حدود شفتيها على الارتفاع قليلاً لتجامل كلامه المعسول على مسامعها، فكثرة التفكير بصحة خيانته جعلتها تظن، تعتقد وتؤمن بأن كل ما يقوله لها ليس سوى كلماتٍ كاذبة غمرها بمشاعره الغير حقيقة. إلا أنها لم تفكر ولم تتطرق حتى للتكفير في غايته من فعله هذا.. وهو في الحقيقة ملك هذه البلاد الذي لن يحتاجها في شيء فبوسعه ودون أن يكلف نفسه عناء التحدث أن يجلب حسناء أحد النبلاء لتصبح زوجته وستكون أسعد فتاة في العالم بذلك القرار فهي ستنال غيرة العديد من الفتيات، احترام النبلاء من حولها وكثيرٌ من الرفقة المهتمة بالثرثرة حول أبسط وأسخف الأشياء دون أن يعكر صفو رغباتها أي شيء.

اتخذت المقعد المبطن والمريح بجوار السرير مكاناً لها، بقي يراقبها بسعادة، لم يلتقِ بها منذ عدة أيام شعر بها كأسابيع وشهور تمضي ببطء كأنها تحاول قتله باختبار صبره وقدرته على احتمال بقاءه بعيداً عنها وعن ابتسامتها اللطيفة وحديثها المهدئ لنفسه والبعيد تماماً عن رغبات لا منتاهية كما تفعل النبيلات عادةً.

رغم أنها كانت مصرة على البوح بكل ما يختلجه قلبها أمامه فور أن تقابله لكن رغبتها تلك ضعفت بسرعة حالما ألفت ابتسامته المعتادة، أدركت للمرة الألف، أو أكثر أنها حقاً واقعةٌ في حبه! أنبت قلبها على هذه المشاعر الصادقة، أنبت نفسها وعقلها على استماعها لرغباتها وبوحها له بمشاعرها الحقيقة، كانت تظن دائماً أن الرجال ليسوا مدعاة للثقة، بل كل الأشخاص على وجه الأرض لا يستحقون الثقة، فهي لا تستطيع معرفة ما يدور في خلد أي شخص فكيف ستتمكن من تسليمه نفسها وثقتها.. لكن.. هذا الشخص مختلفٌ تماماً.. فقد رمى بكل قرارٍ اتخذته في عدم تسليم نفسها لأي شخص إلا بعد أن تتأكد ملياً من صحة مشاعره وحقيقتها نحوها، بل استولى عليها وعلى قلبها فوراً فعندما اعترف بمشاعره الدافئة تلك بادلته الاعتراف وأخبرته بحقيقة ما تحويه في نفسها اتجاهه.. والآن هي نادمةٌ تماماً على كل ذلك، ما كان عليها حضور تلك الحفلة والالتقاء به.. مرة واحدة كانت كافية، كان يجب أن تمنع نفسها وبكل قوة يمتلكها عقلها في السيطرة على قراراتها أن تبقى في المنزل متظاهرة بالمرض بعد أن تيقنت من مشاعرها اتجاهه.. لكن الآن الندم لا ينفع فهو لا يقدم ولا يؤخر!

سألته بأول عبارة استطاعت التفكير فيها بعد ضياع خطابها الطويل وسط معركتها الحامية مع عقلها:

“هل.. هل تحبني حقاً؟”

بدت أثار الدهشة والصدمة جلية على وجهه، لم يستفسر عن سبب سؤالها بل أجابها بابتسامة ملأت وجهه:

“بالطبع!.. أحبكِ وأحب كل شيء فيكِ.. لقد اشتـ..”

صبرها نفذ وحان وقت البوح بالحقيقة، كرهت أن تستمع كلماته المنمقة ولم تعد تحتملها فهي تحنيها بقوة عن رغبتها في معرفة الحقيقة، فهي تجعلها موافقة على العيش معه.. حتى وإن كان لا يحبها حقيقةً.. بل يتظاهر أمامها بتلك المشاعر الكاذبة. انقعد حاجباها ودكنت ملامحها بحزن خالطه الضيق والغضب:

“ألا تحب فتاةً غيري؟ ألم تراقص الكونتيسة تلك؟!..”

كان جاهلاً تماماً بما تتفوه به على مسامعه، ولم يصدق ما يسمعه منها.. إنه لم يجرؤ في حياته على الرقص مع أي فتاة، كان يكرههن جميعاً فبنظره لسن سوى محباتٍ للأشياء اللامعة والمبهرجة.. كالحفلات المليئة بالصخب والأثواب الباهظة الثمن واللهو.. فلم يعرف بمَ يجب وتركها تُكمل استجوابها:

“ليس الأمر وكأنه ظهر من العدم! فالكثير من النبيلات كن يتحدثن عن مراقصتك لفتاةٍ أخرى.. في تلك الحفلة التي مرض عمي قبلها وغادرت القصر لأطمئن عليه..! لقد قلت بأنك تحبني أنا.. فكيف تراقصها هي.. هل كُنت تكذب عليّ؟ أخبرتني بأن أثق بك وبأنك لن تقوم بأي شيء من شأنه أن يحزنني.. لكنك كذبت.. كل مشاعرك لم تكن سوى.. ”

بترت عبارتها، لم ترد أن تنطق بما قد يؤلمه أكثر، مقتت نفسها لضعفها هذا.. فهي لا تزال تحبه وتكن له مشاعر الود دون أن تستطيع ردها ودفعها بعيداً عنها.

أما هو فقد كان مصدوماً من كل ما قالته، لم يتمكن من استيعاب ما تقوله، ما الذي ليدفعها تقول كل هذǿ هل حقاًً أساء التصرف وقام بما قد يجعلها تذرف دموعها التي وعدها مراراً أنه لن يجعلها تلجأ إليها أبداً بل ستكون الابتسامة هي ما تعرفه طوال حياتها معها..

ركز أكثر في كلامها وانقعد حاجباه هو هذه المرة، إنه حقاً لا يفهم ما تقول! فهو الآخر لم يحضر الحفلة لاجتماعٍ حربي سري جرى بينه وبين قائد الجيش، ومنذ ذلك الحين بدأ بالانشغال في معارك شرسة مع النبلاء الذين أيدوا رغبته في التوسع واحتلال البلاد المجاورة.

قبل أن يتمكن من نطق كل تلك الحقائق اقترب تابعه الأمين وهمس في أذنه بعض الكلمات والتي أجبرته على ترك السرير على الفور لأخذ حمامٍ سريع وارتداء بعض الملابس استعداداً للقاء حاد مع القائد الذي بدأ يُعد الجيش دون أن يُعطي هو الأذن لكل ما يفكر به ذلك الأحمق الطماع.

غضبت كثيراً واحمر وحهها غيظاً لتركه له وسط محادثتهما التي عدتها أهم من كل ما يجري دون أن تعرف حقيقة ما يُعده النبلاء للإيقاع بالملك الشاب.

لكن ما أثار مفاجأتها هو اقتراب تابعة المخلص منعها وبوحه بالحقيقة التي صدمتها وأجبرت دموعها الفضية على ملء عينيها الخضراوتين، كرهت نفسها كثيراً في تلك اللحظة فقد أخبرتها إحدى خادماتها بذات الحقيقة سابقاً ورفضت تصديقها. لكن.. ها هو شخصٌ آخر يبوح بنفس المجريات لها..

مجوكـهـ
30-05-2016, 22:18
انزعجت من نفسها، فبعد أن هدأت أخيراً بدأت تُدرك مدى غباءها، لو أنها فكرت قليلاً لاكتشفت أن كل ما جرى مستحيل! هي تعرف أكثر من أي شخصٍ آخر مشاعره، تصرفاته والطريقة التي يُفكر هو بها فكيف لها أن تفقد ثقتها به بهذه السرعة..

عادت أخيراً لواقعها وحاضرها بعد تلك الطرقات الخفيفة والتي هتفت بعد ثوان:

“آنستي، لقد حضر عمكِ..”

لم تتكبد عناء الاستماع لبقية حديث الخادمة بل نهضت من مكانها واتجهت فوراً لصالة الاستقبال الواسعة، كانت خطواتها بطيئة جداً، فهي لا زالت غارقة في لوم نفسه وكره قلبها وعقلها.. لكنها فكرت أخيراً بأنها ستسطيع إخبار عمها عن رغبتها المُلحة في إرسال رسالة له.. لشارل تعتذر منه وتطلب مسامحته.. هو لم يبدِ غضبه ولم يستسفر بعد ذلك اليوم عن ما جرى وعن سبب كل ذلك.. لكن لا بد وأن تابعه قد أخبره بكل شيء فأولاً وأخيراً لا يهم تابعه ذاك سوى حياة سيده وسيفعل أي شيء من أجله. و.. ربما.. ربما أعتقد ذلك الشخص بأنها لم تعد شخصاً جيداً لتكون جوار سيده والأفضل أن يبعدها عنه..

انتشلها من كل تلك الأفكار صوت عمها الذي كان يحادث دوقاً ما بصوتٍ منخفض، كما لو أنه يخشى أن يسمعه أحد:

“هل أرسلته؟”

لمحت الابتسامة الماكرة على وجه ذلك الدوق المنافق وقد قال بصوت ملأته السعادة:

“بالطبع! كيف أفوت فرصة كهذه؟ فبغباءه ألقى بنفسه إلى مصيره.. لقد كنا ننتظر هذا لنستطيع قتله والتخلص من حاكمٍ ضعيف مثله! يظن بأن العالم سيحترم وجود دولتنا ويهابها إن تركنا كل شيء يسير بهدوء دون إظهار قوتنا.. إنه حقاً أحمق! فمن سيخافنا إن ظن بأننا ضعفاء؟”

ابتلعت رمقها بصعوبة، أغمضت عينيها لبرهة وأبعدت خُصلات شعرها الكستنائية عن أذنيها كما لو أنها كانت من تمنعها من الاستماع جيداً لذلك الحديث المخيف! يريدون.. يريدون قتله! كيف استطاعوا التفكير حتى؟! والأمر من كل هذا.. أن لعمها يداً في هذه الخيانة العُظمى.. لكن، هل يؤيده الجميع؟!

ارتعد جسدها وأخذت ترتجف بمشاعر مختلطة حينما سأل الدوق عمها وقد بان القلق المُزيف على ملامحه الجشعة:

“ماذا عن ابنة أخيك سيدي الدوق؟”

تصلبت في مكانها عندما سمعت عمها يجيب بكل هدوء وابتسامة سعيدة تتراقص على شفتيه المختبئتين خلف شاربٍ كثيف:

“بالطبع لن تبقى هنا! فقد عرض الكونت الزواج بها..”

ابتعدت بصعوبة عن مكانها.. العديد من النبلاء إذاً يخططون لهذه الخيانة! خوضه الحرب معهم لم يكن سوى لإبعاده عن القصر الآمن واقتناص الفرصة لقتله وإلقاء اللوم على الأعداء!! ومن هذا الكونت الذي تجرأ وطلب يدهǺ ضحكت بداخلها.. ولم تستغرب ذلك.. فإن الأمر مدعاة للضحك.. يفكرون بخيانة الحاكم.. وفي ذات الوقت يفكرون بمصيرها هي.. ويطلب هذا الشخص العديم الرحمة يدها من عمها، كيف سولت له نفسه ذلك.. إنها حتى لا تجد الكلمات المناسبة لوصف المعتوه هذا!

تركت كل الأفكار جانباً وأسرعت ناحية أحد الاسطبلات مُخرجةً فرسها السوداء الأصيلة لتمتطيها مسرعة ناحية البواية دون أن تكترث بصراخ الحرس المتفاجئين من فعلها ذاك.. اتجه بعضهم إلى الاسطبل جارين خيولهم معهم ليلحقوا بها وهم يرجونها أن تتوقف.


*****


خوفاً من الهجوم المباغت اختار هو النوم بهذه الوضعية المُرهقة، وكان ما توقعه صحيحاً فها هو أحد المتشحين بالسواد يُقرب سيفه من رقبته بعد أن فوجئ بهجمة سريعة نهض في الوقت المناسب ليمنع التقاء سيفه بعُنقه.

انتشل سيفه من غمده وراح يقاتله ببسالة مانعاً إياه من قتله بالسهولة التي اعتقدها.. فهو يعلم تماماً كم يحاول النبلاء الإيقاع به رغبةً في تنحيته عن طريقهم لتحقيق مآربهم المريضة. خلال ثوانٍ قليلة حضر صريقه وتابعه الوفي ليكمل القتال نيابة عنه ويجبر هذا المتسلل على افتراش الأرض بتألم بعد أن وجه له عدة ضربات سببت له إصاباتٍ عميقة منعته من البقاء واقفاً. فلم يملك ذلك الرجل إلا أن قرب سبابته المتزينة بخاتمٍ غريب الشكل وقام بتذوق سطحه بلسانه ليلقى حتفه على الفور كما أُمر؛ خوفاً من أن يُجبر على الاعتراف بحقيقة من أرسله للقيام بعملية القتل هذه.

لكن فعله ذلك لم يجلب اليأس لهما، بل كان ذلك أفضل فكانت خطتهما أن يرتدي هذا الصديق ملابس الدخيل ويعود من حيث أتى ليعرف بالخطط الموضوعة لإرسال الموت إليه.

ولسوء حظه، فما إن خرج من الخيمة حتى اخترقه سيفٌ عريض في صدره أرداه قتيلاً. لقد سبقوه بمكرهم، لم يرسلوا شخصاً واحداً لقتله.. بل أربعة رجال!! قتلوا أعز إنسان ملكه على هذه الأرض، أوفى رجل منحته الحياة، غادره خلال ثوان صرخ بهم غاضباً، مزمجراً بكل طاقته! من هم حتى يسمحوا لأنفسهم بمثل هذا الفعل.. ابتسم بسخرية، ألهذه الدرجة يخشون عودته سالماً، قتلوا صديقه الوحيد في هذا العالم في أقل من دقيقة.. ولا يريدون تركه يضمه لجسده ويذرف عليه دموعه التي بدأت حقاً بملأ مقلتيه السوداوتين، قاتلهم دون هوادة، شعر ببعض الندم لأنه لم يعالج جراحه في وقت أبكر.. فالدم الذي نزف قد أبعد عن عينيه قدرتهما على التركيز في هذا القتال المصيري. لكنه لم يمنع نفسه من الاقتراب من جثة صديقه وسط ردعهم بعيداً عن مدخل الخيمة وإبعادها عن مسارهم بوضعها على سريره.

تقدم بعض الفرسان الجرحى وبدأوا بالدفاع عن سيدهم بكل ما تبقت لهم من قوة مجبرينه على اتخاذ الهرب سبيلاً للنجاة بعد أن دفعوه بعيداً عن المعركة. جرى كما لم يجري في حياته، بذل طاقته في الهرب كالجبان من أرض احتوت معكرتين في ذات اليوم!

لقد كان يتوقع حدوث مثل هذه الخيانة عاجلاً غير آجلاً، وأعتقد بأنها ستكون في يوم زفافه من مارسيلين، أي في مطلع الشهر القادم والذي سيكون بعد عشرة أيامٍ فقط، لكن يبدو أن صبرهم قد نفذ منه. تمنى من كل قلبه أن يكون ما خطط له طوال الفترة الماضية يسير على ما يرام، فليس من عادته أن يترك مثل هذه الأشياء تسير ببساطة لأولئك الجشعين، وهذا التخطيط هو ما سبب انشغاله الفعلي عن كل شيء حوله.


*****


خلال تلك الطريق الصحراوية ظلت تدعو أن يكون بخير ويسلم من أيدي القتلة، يجب أن يحميه جنوده وكذلك رافييل - صديقه المخلص -، شعرت حينها بأنها ترمي حياة الأخرين في سبيل إنقاذ من تُحب هي!
فجأة بدأ عدد أصوات حوافر يزداد ويقترب منها بسرعة، لم يكن أيٌ منهم من حرس القلعة الذين حاولوا اللحاق بها وضاعوا عن طريقها غير مدركين وجهتها. بخوف زادت من سرعة فرسها لكن ذلك كله أبى بالفشل فسرعان ما استطاعوا إلصاق خيولهم بها وتحدث أحدهم مخفضاً رأسه باحترام لها:

“سيدتي! نحن لسنا من الخونة.. بل جيشٌ أُعد سراً لهذه الحالة؛ لذا من فضلكِ تعالي معنا إلى حيث سيكون سيدي الحاكم.”

انتابتها الريبة منهم ومن حقيقتهم، إذا كان شارل يعرف بهذه الحقيقة مسبقاً فلماذا لم يقم بأي شيء لردعهم؟ ولماذا يقوم بإعداد جيش سري ولا يأخذه معه إلى حيث سيلقى حتفه!

شارل علم مسبقاً بأنها لن تثق بهم بهذه السهولة، وكان هذا شيئاً جيداً بالنسبة لهما، فربما أقدم الخونة على مثل هذا الفعل وجعلوها تعتقد حقاً بأنهم الجيش السري ولحقتهم فسيهددونه بها ربما! وعندها لن يملك أي خيار سوى تسليم نفسه إليهم.. لذلك أشار لقائد هذه الفرقة بأن يقول عبارة واحدة لها وستكون كفيلة بجعلها تتبعه إلى حيث ينتظرها هو:

“ ليلة اكتمال القمر، في حقل الزهور.”

لم يحتج للشرح أكثر، فقد اتسعت عينيها بدهشة، واحمرت وجنتاها بشدة، كيف يخبر أي شخص بهذا! لقد كان هذا اتفاقهما السري للقاء دائماً قبل أن تصبح هي خطيبته. أبعدت وجهها ومسار نظرها عن جميع الفرسان لتخفي خجلها.

تقدمها اثنان من فرقة الفرسان تلك وبقي اثنان بجوارها وآخران خلفها يقودونها لحيث ينتظرها الحاكم، اختاروا الإحاطة بها بهذه الطريقة خوفاً من هجوم أي أحد، سواء قطاع الطرق أو الجنود العائدين للانقلاب على القلعة وكل من يحاول الدفاع عن الحاكم أو الانحياز لجانبه.

ترددت كثيراً قبل أن تسأل بتوتر وقلق على حال شارل:

“هل ذهب معه أحد أفراد هذا الجيش السري؟”

مجوكـهـ
30-05-2016, 22:19
بدت الدقائق التي كانت تنتظره خلالها ليجيب سؤالها طويلة جداً حتى ظنت أنه قد أدرك موت حاكمهم وصعب عليه نطق الكلمات المؤلمة، لكنه أجابها بشيء أراحها وسمح لأنفاسها المضطربة بالعودة إلى نظامها المعتاد حين قال:

“أجل سيدتي.”

بعد أن غمرتها الراحة الشديدة، فلا بد أن الفرسان سيمنعون عنه الأذى وهو الآن ينتظرها في المكان الذي يقودونها إليه، بدأت فعلياً تفكر في انقلاب عمها ومن معه. لم تظن يوماً أن عمها سيكون من هؤلاء الجشعين، كانت تعتقد أن طمعه الغريب وحبه للحصول على الأراضي الكثيرة لن يتعدى الحد المعقول.. وها هو يخالف كل اعتقاداتها وتوقعاتها عنه.. فهو كمن رمى مستقبلها ومستقبل البلاد عرض الحائط من أجل أطماعه.. لكنه لا يشبه أولئك، بل هو فعلاً منهم!! كيف جرؤ! إنها لا تزال لا تصدق الحقيقة التي رأتها بأم عينيها وسمعتها بأذنيها، إنه يؤذي أهم إنسان لها على وجه الأرض. عقلها ظل يخبرها بأنه عمها ويجب عليها أن تكون في جانبه مهما فعل فأولاً وأخيراً هي ابنة أخيه، والفرد الوحيد المتبقي من عائلته ولا يجب أن تخونه هو.. لكنه خان بلاده وحاكمها، خانها هي.. مستقبلها منوط بحياة الشاب الذي يريد هو ومن معه موته وتلفيق تهمة قتله على الأعداء الذين طلبوا هم أن يشنوا هجوماً عليهم ليحتلوا جزءاً من بلادهم ويضموها لهم ليمتلكوا أراضٍ أكثر ونفوذٌ أكبر. حقاً! الطمع لا نهاية له.

تساءلت، إن كانوا يريدون رمي الحاكم بعيداً عن عرشه، من سيختارون ليحل مكانه.. ستحل فاجعة بالبلاد، ستتحول كلها لأحزاب لا متناهية يدفع الشعب الأبرياء ثمن حروبهم التي سيقودها كلٌ من يطمع بالحصول على المنصب الجديد.. لا يجب أن يسمح لهم أحدٌ باقتراف مثل هذا الخطأ الفادح! يجب أن تعود هي وشارل بصبحة هؤلاء الحرس إلى القلعة واقتلاع أولئك المنافقين بعيداً عن مناصبهم التي لا يستحقونها ليمنعوا إراقة الدماء وإهدارها بلا مقابلٍ حقيقي يستحق كل هذه التضحية الغالية!

في أقل من نصف ساعة وصلوا إلى مخبأ الجيش السري، لم تهتم بكل الفرسان الذين انحنوا تحية لها، بل بحثت بعينيها وسط العدد الكبير عن أي أثر له، صعب عليها إيجاده لتشابه درعه بدروعهم؛ ظلت تبحث عن رداءه الأحمر الذي يُزين كتفيه المعدنيين وينساب بهدوء خلف ظهره.

تحدث قائد الفرقة التي أتت معها مع أحد الجنود سائلاً بصوته البارد:

“هل وصل الحاكم إلى هنǔ

ارتبكت ملامح الأول وتمتم بصوتٍ منخفض:

“أجل، في الخيمة الخاصة بسيادته.. لكنه.. أصيب..”

جعلتها كلماته تهرول بسرعة إلى حيث أشار لها الجندي، طرق قلبها كالطبول، كلا.. لا يمكن أن يموت.. لن تسمح لروحه أن تفارق جسده! لقد تركت كل شيء خلفها من أجله.. تركت عمها، أو بالأحرى الشخص الذي كانت تمضي أيامها معه لكونه الرجل الملقب بعمها، ولم تبالِ بالخطر الذي كاد يُحدق بحياتها لولا هؤلاء الفرسان من أجله هو.. فكيف يسمح لنفسه بالموت!

دون أن تنتظر لحظة واحدة ودون أن تطلب الإذن بالدخول أزاحت ستار مدخل الخيمة ودخلت على الفور بحثاً عن السرير الذي يستلقي عليه، لتجده بسهولة ودون أن تحتاج لتبعثر نظراتها المترددة ممداً بهدوء عليه والطبيب قد انتهى لتوه من لف صدره وبقية أماكن الإصابات بضمادات بيضاء نظيفة. أغلق الجندي الواقف بجواره على الجانب الآخر أزرار قميصه الداكن ثم ابتعد مغادراً هو ومن معه ليسمحا لهما ببعض الخصوصية.

“..شارل..”

رمت بجسدها على السرير بجواره وألصقت رأسها بالغطاء تبكي وتذرف دموعاً ساخنة رطبت وجهها الجميل. ربت على رأسها مداعباً خصلات شعرها الطويلة وهو يُتمتم بأنه بخير ولا داعِ للقلق. كان أكثر شيء يكرهه هو رؤيتها تبكي وتتألم، لا يحب تلك النظرات الحزينة في عينيها الجميلتين ولا انعقاد حاجبيها، فرغم أنها جميلة في كل أحوالها، إلا أنه يفضل رؤيتها تبتسم بسعادة.

لكنه في الحقيقة المُرة، ليس بأي خير.. ولن يكون! فالسم الذي كان في السهم الغادر قد ملأ جسده، وبالكاد استطاع تحريك يده ليمسح على رأسها بهدوء.. أدرك ذلك عندما وصل وبدأ يسعل دماءً ملأت فمه بطعمٍ حديدي لاذع، فبسبب حركته الكثيرة على ظهر الحصان أثناء هربه إلى هذا المكان استفحل به السم وانتشر في جسده بسرعة كبيرة منعت ترياق الطبيب من معالجته حتى!!

أراد جميع الرجال من حوله قتله، وكان لهم ما أرادو؛ فلن ينتهي اليوم دون أن يغادر جسده المنهار.. لذا من الأفضل أن يعيدها إلى عمها! لن يكون بالطبع مسروراً، لكنه لن يفكر بقتلها وهذا ما يريحه.. فهي على الأقل ستحظى بحياة بعيدة عن المؤامرات الخبيثة والنوايا الشريرة التي قد تحاول اصطيادها في أي وقت.. يجب أن تتخلى عنه، والآن!

“لين..ما رأيكِ أن تعودِ إلى عمكِ؟”

أنصتت له عندما بدأ باسمها، كم أحبت أن تسمع هذا الاسم منه، يجعلها حقاً تشعر بأن مكانتها في قلبه خاصةٌ بها لوحدها، ولا يمكن لأيٍ كان أن يحتلها.. عادت لها مشاعر كرهها لنفسها على شكها به.. لكن ما أراد منها فعله أبعد ذلك التأنيب وأبعدت وجهها عن المُلاءة، نظرت في عينيه، أدركت إرهاقه الشديد من خلال صوته المتحشرج والمتألم، والآن.. بعد أن حدقت في وجهه أكثر فإن لونه قد شحب أكثر، بدا رمادياً إلى حدٍ أفزعها:

“شارل! أنت لست بخيرً أبداً! يجب أن تنام لترتاح.. هل تناولت شيئاً؟ ماذا عن الدواء؟ إنك شاحبٌ جداً!!”

ابتسم بصعوبة مكرراً طلبه ثانيةً، دفعها ذلك للتساؤل حقيقةً عن سر طلبه هذا الشيء في هذا الوقت! حدثته بضيقٍ شديد:

“كلا، لن أتركك هنا! أنا باقية معك وإلى الأبد..”

أغمض عينيه بعد أن بدأ حجاب الدموع بإسدال نفسه على بؤبؤيه السوداوين، لم يردها أن ترى ضعفه هذا..أزاح رأسه للجانب الآخر متمتاً بصوتٍ عالٍ بعض الشيء:

“ويل.. خذ مارسيلين لعمها على الفور.. وإياك أن يصيبها أي مكروه!”

سمعت رد هذا المدعو بـ ويل يأتي من من الخارج، عندما دخل عرفته فقد كان الجندي الواقف بجوار شارل عندما دخلت هي.

“ما الذي تقوله الآن شارل؟ لماذا أعود بعد أن قطعت كل هذه المسافة!.. “

فكرت بأنه لا يعلم بأمر خيانة عمها، ربما هو خائفٌ عليها وعلى عمها من أن يحصل لهما مكروه بسبب النبلاء الآخرين فقالت وقد بدا صوتها ضعيفاً جداً مقارنة بما أرادته أن يظهر عليه:

“أنا لا أريد العودة لعمي أبداً.. إنه.. إنه أحد الخونة، لا أريد أن أكون مع أي شخصٍ غيرك شارل!”

يجب أن تخرج من هنا وفي الحال، حتى التنفس أصبح مؤلماً بالنسبة له، لا بد وأنه يقترب للموت.. لا يريدها أن تراه ، لا يريدها أن تبكي.. سيؤلمه منظر دموعها أكثر من هذا السم اللعين!

لكن كلمة آخرى لم تخرج من فمه، فقد بقي مطبقاً كعينيه اللتان سمحتا لدمعة واحدة بالهرب وتلويث وسادته البيضاء النظيفة. فارقت روحه جسده أخيراً، فارق مارسيلين وإلى الأبد، لا يسعه الآن أن يفعل أي شيء من أجلها، ولا حتى حمايتها من أي حد.. يرجو فقط أن ينفذ ويل ما أمره به..

هزت جسده كثيراً، رددت اسمه وحاولت إيقاظه من موته دون فائدة، دموعها الغزيرة منعتها من التحديق في وجهه وحفره في ذاكرتها، التقطت يده وتمسكت بها بقوة، لا بد أنها تحلم فقط، هل من أحد يقرصها ويوقظها من سباتها المؤلم.

بصعوبة شديدة استطاع الجنود تفريق الجسدين، فقد كانت تُحكم ضمه بيديها وقد ألقت بنفسها على صدره لتمنعهم من تحريك شعرة منه، كيف يموت بهذه السهولة! لماذا فارق الحياة بعد أن وعدها بالكثير؟ هي حتى لم تمتلك الوقت للاعتذار عن خطأها بعد.. يجب أن يستيقظ، لمن ستلجأ بعده؟ ألهذا طلب منها الرحيل؟ ألهذا أخبرها أن تذهب لعمها! لكنها لا تريد، لن تفعل ذلك.. ستبقى بجواره.. بجوار قبره، حتى تفارق روحها جسدها!

خلال الأيام الثلاثة التالية ظلت تذرف الدموع دون توقف، لم تبرح مكانها من عند قبره، فكانت تنام بقربه حتى يحملها ويل ويضعها على سريرٍ ما لتعود في الصباح إليه. كما أن لقمة واحدة لم تدخل فمها ولم تبلل جوفها سوى بقطراتٍ قليلة أصر عليها ويل أن ترتشفها.

مجوكـهـ
30-05-2016, 22:21
ذبلت ونحفت بشدة خلال الشهر الذي مضى بعد أحداث الانقلاب التي وصلت جميع أفراد هذا الجيش من خلال جواسيسهم، أجبرت ويل على تركها هنا، وكان هو يفكر بأنه من الأفضل لها حقاً أن تبقى هنا.. فالمجزرة باتت وشيكة، وكثيرٌ من الأحزاب المتفرقة بدأت تكره عمها رغبةً في نيل العرش بعدما أعرب عن أحقيته هو به كون ابنة أخيه هي التي كانت سيتزوجها الملك الراحل قبل فترة من الزمن!

في الليل، وبينما كان ويل، الجندي ذو الشعر الأحمر الداكن القصير، يراقب ألسنة النار المتراقصة بعينيه البنيتين الهادئتين سمع خطواتٍ واثقة تقترب من مكان جلوسه على أحد جذوع الأشجار. رفع رأسه ليتفحص هوية القادم؛ دهش بوجودها ونهض واقفاً بسرعة:

“ما الذي تحتاجينه سيدتي؟”

في الأيام العشر الأخيرة حبست نفسها في خيمتها الخاصة ولم تسمح لأحدٍ بالدخول.. فاضطر لترك الطعام أمام الستار المتدلي، لكنه عندما لاحظ بأنها تُكمل وجبتها ولا تبقي الكثير منها تركها تفعل ما تشاء.

الحقيقة التي لم يدركها أحد، هي أنها كانت تفكر ملياً، بل عقدت العزم على قيادة من يرغب معها من هؤلاء الفرسان وتستعيد الحكم من الخونة، هي الوحيدة التي تستطيع ذلك! فهي الوحيدة التي تعرف بوجود هؤلاء الرجال في هذا المكان.. يجب أن تجعل شارل فخوراً بها.. يجب أن تحافظ على ما أهدر حياته ودمه من أجله، شعبه وشعبها يحتاج إلى قوتها في هذا الوقت.

تنفست بعمق وهي تُخفي عينيها الجميلتين لوهلة ثم قالت بثقة كبيرة وصوتٍ مُلأ بالإرادة والتصميم على تحقيق الهدف المنشود:

“الجيش!”

لم يفهم مبتغاها من تلك الكملة فظن أنه سمع حروفها خطأً، سألها ثانية أن تُعيد إجابتها، فلم تمانع، بل جعلتها في هذه المرة واضحة جداً ومفهومة:

“أريد الإستعانة بقوة هذا الجيش!.. يجب أن يوقف أحدهم كل ما يحدث ويعيد زمام الأمور!!”

شعر بصدق كلماتها، رغبتها الحقيقة في ردع كل ذلك الأذى وإيقاف تدفق الدماء فانحنى جالساً على قدمٍ واحدة وقد ألصق راحته بصدره معبراً بذلك عن ولائه:

“نحن طوع أمركِ سيدتي!”

خلال دقائق معدودة، كانت ساحة التدريب مليئة بالفرسان الذين أبدوا ولائهم على الفور ورغبتهم الشديدة في فعل الشيء ذاته معها بغض النظر عن كونها امرأة أو أي شخص، فهم لا يستطيعون السكوت أكثر عن ما لحق ببقية أفراد عائلاتهم من أذى وليس بوسعهم ردعه إلا من خلال السير خلفها والامتثال لأوامرها السليمة بنظرهم.

استعانت بقائد الفرقة التي كانت تحرسها طوال الطريق إلى هذا المكان المحجوب عن الأنظار بفضل تلاصق عدة جبالٍ ببعضها، وويل في وضع خططٍ مناسبة لاختراق دفاعات القلعة والوصول إلى العرش بأقل خسائر ممكنة لفض النزاع القائم.

بعد قتالٍ شرس وطويل وصلت أخيراً برفقة حرسها الخاص إلى قاعة العرش، ولم يجرؤ أياً كان على الوقوف في طريقها بعد كل ذلك. فها هي تقف شامخة أمامهم، اقتسمت ملامحها البرود والسخرية حين بدأت تراقبهم بهدوء، هم الآن بين يديها وتحت رحمتها، بهذه الفرصة سترجع الأمور إلى نصابها، وكل من أساء سينال حقه بينما ستغدق بالنعم على من سُجن ظلماً بحجة ولاءه للحاكم السابق!

وقف أمامها النبلاء وقد بلغهم الغيظ والغضب مبلغاً فضيعاً، عدا عمها الذي ظن في داخله أنه بكلمات حانية ومؤنبة سيستلم الحكم ويتربع على العرش الذهبي بدلاً منها بعد أن يرفض الرجال والشعب بأكمله البقاء تحت قيادة امرأة لا تعرف في أمور السياسة الكثير. فكاد يسخر من الرجال حوله حتى أرعبته نظرتها المشبعة بحقدٍ دفين منعته بقوة من السيطرة عليها وعلى أحكامها، فلم ترد لعواطفها التحكم بما يراه عقلها سليماً، لا تريد أن تصبح مثل هؤلاء المنافقين المتوحشين بل فضلت أن تعاقبهم بما يستحقون، أو بالأحرى لم يكن هنالك سوى عقابٌ واحد يستحقونه في ذلك الوقت، ألا وهو الإعدام شنقاً.. لو كان الخيار لها، لما كانت ستختار هذا العقاب البسيط في نظرها، لا زالت تذكر منظر شارل المتألم، عيناه اللتان لم ترى لونهما الأسود ثانية، والإرهاق الذي قد أذاب جسده.. فبنظرها هم يستحقون الموت بأبطئ سمٍ ممكن، يجب أن يتذقوا مرارة الكأس نفسها ويشعروا بما شعر هو..

عمها العزيز لم ينل عفواً منها، كان أول المُرسلين إلى المشنقة وتبعه بقية النبلاء الذين لم يستطيعوا مواجهة غضبها وفرسانها الذين بالكاد خسروا عدداً منهم، لقد أحسن شارل تدريبهم حقاً.. كان من المفترض أن يأخذ معه أكثر من ثلاثة فرسان ليحموه وسط تلك الحرب.. لو أنه.. لو أنه فقط أخذ المزيد منهم لما أجبروا جميعهم على البقاء بعيداً عنه ليمنعوا الخونة من اللحاق به، بل كانوا ليستطيعوا مرافقته في الطريق ومنع السهام عنه.. توقفت بسرعة عن كل التفكير المؤلم حالما لمحت وجوه الفرسان المحيطين بها تحتفي خلف ستار دموعها الكثيف، رمشت عدة مرات لتمنع تساقطها فلم ترغب بإظهار ضعفها الآن.. فهي ستقود هذه البلاد بنفسها! ستمنع الظلم فيها وتحُكِّم الأمور بالمنطق الذي تراه مناسباً، بعيداً كل البعد عن الطبقات التي فرقت الشعب وجعلتهم بين جشعين نهمين وفقراء جائعين. لن تسمح أبداً بمثل هذه الطبقات بالعودة، بل سينال من يستحق المناصب العالية وستيسر عيش الفقراء وتساعدهم بدفعهم لبدء حياة جديدة مليئة بالأمل والطمأنينة. كما أنها ستعيد للأعداء أرضهم المسلوبة بوعدٍ من التحالف الأبدي بين الدولتين.


شيئاً فشيئاً ستعتدل حال البلاد، سيشرق صباحٌ جديد مليء بالابتسامات السعيدة والكلمات الطيبة، بعيداً كلياً عن رائحة البارود والدماء التي ملأت الأروقة والقرى لحد الثمالة، سيستعيد كل شخص حقه في العيش بحريه وبأقصى طاقة يملكها باذلاً جهده لينال ثمن تعبه دون أن يُسرق منه عرق جبينه في لهو وملذات الأعلى منهم مكانة!

مجوكـهـ
30-05-2016, 22:23
آآآآآه

إنها أطول قصة قصيرة أكتبها في حياتي :ضحكة:
لكنني أشعر بأنها تستحق التعب كله

حتى لو لم تكن بذات الأحداث التي فكرت بها في البداية.. لكنها لا تزال مميزة بالنسبة لي ^^

أرجو أن تستمتعوا بها وتُبدو رأيكم
في أمان الله ورعايته وحفظه

Lola.me
30-05-2016, 23:36
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخيرا نزلت قصة قصيرة تاريخية أخرى
لقد كنت بانتظار المزيد منها
لقد استمتعت كثيرا بقرائتها والوصف أكثر من رائع وموضح للأحداث
أعجبتني كيف صورتي مشاعر لين ( اسمها طويل ولم أحفظه :em_1f605: ) المتناقضة بين لومها لنفسها للتشكيك بتشارل وقلقها من كونه قد خانها <<< هذا ما تفعله الفتيات طوال الوقت :e402: <<< متناقضات
كنت جدا مصدومة بموت شارل .. لم مات ؟ :e107:
لم أتوقع أبدا أنه سيموت ولم أرد أن يموت :e411:
بعد موته كنت كالمجنونة أفكر : ماذا عن المملكة ؟ هل انتصر الشر ؟ هل ستقتل لين نفسها لتلتقي به أو ستموت ببطء بسبب الجوع والحزن ؟! كلا لا أريد هذا ! أعيدي شاااااارل <<<< نوبة فزع :e412:
عندما عادت لين لرشدها وقادت الجيش اطمئن قلبي أخيرا وعدت أنا أيضا لرشدي :em_1f60e:
النهاية كانت رائعة - أو ربما هي البداية <<< ويل ولين تبدو كقصة رومانسية تاريخية أريد قرائتها
على أيه حال لقد استمتعت حقا بقصتك وبكل أحداثها
لقد أفقدتني صوابي لفترة ولكني بخير الآن
لقد كانت بالفعل أطول قصة قصيرة أقرؤها ولكني لم أندم على لحظة واحدة بها
أتمنى أن أرى لك أعمال قادمة قريبا

مجوكـهـ
02-06-2016, 13:58
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أخيرا نزلت قصة قصيرة تاريخية أخرى
لقد كنت بانتظار المزيد منها

القصص التاريخية جميلة جداً.. توقعت أن يكون أكثر تصنيف تُكتب فيه القصص.. لكن يبدو أن الجميع مشغول.. خاصةً وأنها فترة امتحانات لدى البعض..>> مثلي :ميت: وأيضاً اقترب رمضان ::سعادة::

لقد استمتعت كثيرا بقرائتها والوصف أكثر من رائع وموضح للأحداث

حقاً!! كلماتكِ الجميلة أسعدتني كثيراً ::سعادة:: حاولت بذل جهد أكبر في الوصف وقد أتعبني لأنه يسرق الوقت ==

أعجبتني كيف صورتي مشاعر لين ( اسمها طويل ولم أحفظه :em_1f605: ) المتناقضة بين لومها لنفسها للتشكيك بتشارل وقلقها من كونه قد خانها <<< هذا ما تفعله الفتيات طوال الوقت :e402: <<< متناقضات

هههه أخترت اسمها في أخر لحظة :ضحكة: لقد كدت أترك القصة بأكملها دون أي اسم للشخصيات :غياب:
أجل :ضحكة: إنهن حقاً متناقضات ولا يعرفن ما يريدن !!

كنت جدا مصدومة بموت شارل .. لم مات ؟ :e107:
لم أتوقع أبدا أنه سيموت ولم أرد أن يموت :e411:

قبل أن أختار هذه القصة لتكون قصة شهر مايو.. كنت أخطط لجعله يموت أو أن يختفي ليظهر في النهاية.. لكن مع اختلاف في بعض الأحداث.. فقد كانت بداية رواية ^^

ورغبتي في قتله بعد أن جعلت من الرواية قصة قصيرة جعلتني أشعر أن بقائه حياً سيسبب مللاً.. ف"الأبطال لا يموتون" عادةً في أغلب القصص والرويات.. وأنا لا أحب موت الأبطال أيضاً.. لكنني قررت أن أجرب قتل البطل وأعرف كيف سأكتب عن موته ومشاعري اتجاهه.. لقد بكيت :ضحكة:

بعد موته كنت كالمجنونة أفكر : ماذا عن المملكة ؟ هل انتصر الشر ؟ هل ستقتل لين نفسها لتلتقي به أو ستموت ببطء بسبب الجوع والحزن ؟! كلا لا أريد هذا ! أعيدي شاااااارل <<<< نوبة فزع :e412:

في الحقيقة.. احترت كثيراً في النهاية، فقد وقفت أمام عدة احتمالات، منها:
- أن يموتا معاً
- أن يموت في أرض المعركة وقبل أن يلتقيها
- أن تموت هي
- أن يرحلوا عن البلاد ويتركوها وشأنها..

لكن في النهاية أخترت أن يموت هو.. وتحمي هي البلاد :لعق:

عندما عادت لين لرشدها وقادت الجيش اطمئن قلبي أخيرا وعدت أنا أيضا لرشدي :em_1f60e:

جيد إذاً أنني اخترت عودتها لرشدها :ضحكة: فهي الأمل الوحيد الذي بقي لينقذ الناس من النبلاء:غول:

النهاية كانت رائعة - أو ربما هي البداية <<< ويل ولين تبدو كقصة رومانسية تاريخية أريد قرائتها

أنتِ تشجعيني بهذه الكلمات على ترك كل رواياتي وإكمال هذه.. أو بالأحرى أنتِ فعلتِ حقاً :ضحكة: فقد بدأت التخطيط لأحداثها الرئيسية وأتمنى أن ترى الرواية النور عما قريب :غياب:

على أيه حال لقد استمتعت حقا بقصتك وبكل أحداثها
لقد أفقدتني صوابي لفترة ولكني بخير الآن

وأنا استمتعت بردكِ الجميل كثيراً ::سعادة::::سعادة:::أوو:

لقد كانت بالفعل أطول قصة قصيرة أقرؤها ولكني لم أندم على لحظة واحدة بها
أتمنى أن أرى لك أعمال قادمة قريبا
:بكاء::بكاء: شكراً جزيلاً على هذه الكلمات اللطيفة ^^