PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : قطّةٌ برجوازيّة .. مشارك ~



şᴏƲĻ ɷ
13-10-2015, 18:50
https://pbs.twimg.com/media/CROAGeJWUAA14sE.jpg


" دَانـــــــيـــــلّاااااااروسااااااااااااااا "

هكذا جاء الصوت الصغير حاداً ، واصطدم بطبلة أذنها حتى ظنت بأنه قد أحدث شروخاً عميقةً بذبذباته الحادّة وصوته الّذي يشبه شريط مسجّل متسارع الإيقاع كالذّي اعتادت العبث بشريطه حين كانت طفلة! ،

[ مهلاً .. ]


- مـ مهلاً ..

انبثقت الكلمة من داخلها ، هتفت بها ثم أتبعتها بأخرى : مهلاً ، مـ مهلاً لا .. أصدّق

تبع صوت دانيّلا ذاك صوت ارتطام أتبعه سقوط الغطاء الأبيض المزركش على الأرض الرخاميّة للحجرة الباردة ، كانت تلك الشقلبة البهلوانيّة التي حملها الصوت النشّاز عليها قد أتت بنتائج وخيمة فقد ارتطم رأسها بالطاولة الجانبية للسرير ثم كان لثقل جسدها أن يهوي على الأرض بسرعة عجزت معها عن النهوض بسرعة ، انتفضت كقطة سكب عليها أحدهم الماء ..


- كـ ..


حدّقت بالجسد الأبيض والزغّب المنتفش الذي يملأ صاحبه


- قـ...


كانت تقف فوق السرير و ...


- قطّة !


كانت قطة تتحدّث !!


فتحت دانيّلا عينيها على اتساعهما ، لم تكَد تصدّق ما ترى .. أغمضت عينيها بشدّة ثم فتحتهما من جديد فكرتهما حتى تساقطت دموعها التّي اصطدمت بالضوء الساطع من النافذة المشمسة خلف السرير الكبير مسحتهما سريعاً وقبل أن تستوعب الأمر قفزت كتلة الزغب الكثيفة نحوها فصرخت دانيلّا رغم تعلقّ الجسد
الصغير بقدميها المختبئتان تحت الغطاء السميك ، تعلّقت اليدان المصطبغتان بلون بنيّ فاتح بقميصها الرمادي . ولم تمتلأ عينا دانيلا في تلك اللحظة إلا بهما .. بالبؤبؤين الرماديّين الواسعين اللامعين وبالنظرة البريئة ، بشعيرات الشوارب الثلاث اليتيمة على جانبي ذلك الوجه الصغير تحت أذنين تحرّكتا مع صوت صاحبتهما:



- دانيّلاروسااااا .. دانيّلاااا .. دانيّلااا .. دا..



وثبت دانيّلا ، أحاطت بكفيّها الأضلاع المختبئة تحت الجسد الذي شكّت بأنه حقيقيّ غير أن نبضات القلب الصغير بداخله قد أنبأها بالعكس تماماً ، وتلك الأنفاس ترتفع وتهبط من تحت القفص الصدري الصغير ، وقفت على قدميها ، أفزعها الصوت المستمر الذي عاد يكرر اسمها كساعة منبّه مزعجة !!


- دانيلا دانيلا دانيلا دانيلا


هزّت الجسد للأعلى والأسفل مرات متتابعة كما لو كانت تتأكّد من صلاحية لعبة إلكترونيّة أو دمية محشوّة تتحدثّ ، بدأ صوت القطة يهتز وهي تنطق اسمها مرات متتابعه ، حاولت الأخيرةُ التملّص منها وحين لم تستطع أخذت تموء مواءاً جاء مهتزاً غريباً ، بدت العيون اللطيفة بلون الغيوم المثقلة بالمطر زائغة
وصاحبتهما المسكينة تحاول باستتماتة بالغة أن تلفت من قبض الفتاة التي عقدت حاجبيها وأخذت تهتف متسائلةً :


- ما هذا ؟! من أرسل هذه اللعبة ؟! كـ ..


سئمت القطة من هذا الهراء ، وكان لدانيلا أن تشعر بباطن الكفّ الناعمة وهو يترك بصمته على وجهها حين اختارت القطة القفز نحو وجهها ، بينما اندفعت الأخيرة نحو الطاولة الجانبية إلى يمينهما وقفزت فوق الأوراق والدفاتر المتراكمة عليها غير آبهة بإسقاط ما أفقدها شيْئا من توازنها صرخت دانيلا وهي تتحسس وجهها وتلتفت ناحية القطة الشيرازية الصغيرة :


- آآهـ ! ماهذا !؟ مالّذي تفعلينه [ تشَبي ] ؟!


لم تعبأ القطة بسؤالها ، أو أنها تظاهرت بذلك وهي تقفز نحو السرير ، ثم التفتت ناحية الفتاة وصرخت بها حتى بانت الأنياب الصغيرة تحت الفم الغاضب :


- لست تشبيي ، أنا لست تشبي!!


توجهت دانيّلا نحو المتحدّثة ، حدقت بها .. الجسد الممتلئ لقطة لا تتجاوز بضعة شهور ، إنها [ تشَبي ] إنها قطّتها [ تشَبي ] حتماً !! هذا اللون الذي يذكّرها بالكراميل الممتزج بالأبيض الذي يشبه جدران حجرة نومها الفوضويّة ، انحنت نحو القطة ، قربّت وجهها إليها وقالت :


- همممم لا بل أنت تشبي .. أنا أعرفك جيداً !!


- أنت اخترت هذا الاسم الغبي ، لم أقل أنني أحببته أبداً .. أو
وأخذت تلعق يدها ثم رددت بدلال :


- أو أنني تعبت وأنا أحدثك بشأنه لكنك كتلة جامدة من الأحاسيس الصمّاء لذلك لم تستوعبي نداءاتي المستمرّة إليك وصرخاتي الدائمة نحوك حين كنت أنهاك عن مناداتي بهذا الاسم البشع ، لاااا لكنك كنت دوماً ..
تغيرت نبرة القطة وأخذت تحاول أن تخرج صوتها من أنفها جاعلةً منه صوتاً يحسب من يسمعه أن صاحبه مصاب بالزكام :


- آووه ، هاهي ذا قطتي العزيزية تشبي


وأخذت القطة ترتب على رأسها المليء بالشعيرات البيضاء في محاولة لتقليد الفتاة ، ومن ثم عاد صوتها الحاد الصغير إليها حين تذمرت :


- لقد كنت تظنين أنني أموء لفرط سعادتي بذلك الاسم المبتذل !!


ومشت بضع خطوات حتى وصلت إلى حافة منخفضة على اللوح الخشبي الذي أعلن نهاية السرير العريض ثم قفزت منه وهي تتنهد :


- لذلك اخترت أن أناديك .. دانيلّاروساا


ومشت بضع خطوات متابعة : لأنك تشبهين تلك الدمى الممتلئة الصامتة المملّة !
قطّبت دانيلا حاجبيها وهي تتابع حركة تلك القطة ، أطلقت تنهيدة عميقة ثم ألتقطت الأوراق والدفاتر على الأرض وهي تقول : تعنين دمى الماتريوشكا ؟!


- آهـ .. أياً كان !! همممم ..
أخذ الرأس الدائري يتحرك في الأرجاء وهمست صاحبته : لا أرى أن الحال قد تغيّر كثيراً ،
رفعت إحد قوائمها ونظرت إلى باطنها ثم رددت : آآخ .. لا تزالين قذرة كما عهدتك ،
مسحت كسيّد نبيل يمسّد بذلته الأنيقة الغبار غير المرأيَّ في كفّها لكنها كانت تفعل بتمسيده على جزء آخر من جسدها :

- أليس لديك شيء تقدّمينه لي ؟!


كانت دانيّلا قد انشغلت بإعادة الغطاء نحو السرير وفرده عليه ، لكن الدهشة استبدّت بها من هذه القطة فأطلقت ضحكة قصيرة ثم التفتت وهي تتساءل : مـاذا قـ .. ؟!كان باب حجرتها شبه مفتوح لذلك خرجت مسرعةً ، خوفاً على قلب والديها القابعين في صالة المنزل من رؤية قطة مدللة متحدّثة تجوب منزلهما وتبحث عمّن يضيّفها ، وحين غاب الجسد الصغير عن مرأى عينيها أخذت تنادي بقلق : تشبي ، تشبي أين أنت ؟!

واصلت النداء وهي تخرج من ضيق الممر المظلم نحو صالة المنزل : تشـبيييي تشبيييييي
لمحت المطبخ المطل بطاولته المستطيلة على الصالة وهرعت نحوه مواصلة النداء : تشبيي ، تـ ..


- ألم أقل لك أنه ليس اسمي متى ستفهمين ؟!


انبعث الصوت من خلفها فالتفتت وأضاءت المصابيح البيضاء القوية للمكان ، لقد كان المنزل خالياً ولا تتسلل إليه إلا أضواء الشمس الخافتة من وراء ستائره الداكنة ! . استغلت القطة وجود الأضاءة وقفزت من المقبض إلى المكنسة ومنها إلى الطاولة متوجهة صوب الرفوف بينما رددت دانيلا :


- حسناً ماذا تريدين يا آنسة ؟! كيف أناديك إذن ؟!


- إيفيلن !


كبتت دانيلا ضحكة كادت تنفلت من شفتيها : إيفي .. مـ ماذا ؟!


التفتت القطة وكأنها استشعرت سخريتها : إيفلييييين ، إيفلين ألا تسمعين .. إنه اسمي !!!


- اسمك انت ؟! قطّة ؟! واسمك هو إيفلين ؟!


- أنا لست كأيّ قطة


- آوه حقاً ، ولماذا ؟! لأنك تتحدثين مثلاً ؟!


- كلنا نتحدث لكن خلاياكم العصبية الخاملة لا تستوعب ما نقول

كانت القطة تحاول بعد أن قادها أنفها أن تعبث بمقبض الثلاجة وتفتحه غير أن دانيلا توجهت نحوها وهي تقول بعد أن قررت مجاراة هذا الصباح الغريب وهذه القطة البرجوازية المدللة :


- إذن لما أنت مميزة آنسة إيفلين ؟!


وقبل أن تجيب القطة أبعدتها دانيلا بحركة سريعة من يدها ووضعتها على الأرض لتتمكن من فتح الثلاجة وقد عرفت ما جذب قطتها فالتقطت زجاجة الحليب في الرف السفلي واختارت من أحد الخزائن طبقاً ورديّاً وضعته بينما تركت مساحة الحديث للقطة التي ملأت تلك اللحظات بقولها :


- كما ترين ، لقد زرت الكثير من بلدان هذا العالم ، سيما حين غادرت وعائلتك هذا المنزل في عطلة الصيف وتركتم لي المساحة التي أتصرف بها وفق ما أشاء دون أن يزعجني تسلطك الدائم عليّ في " ماذا آكل أو أين أنام أو متى تقررين سكب الماء المزعج عليّ ثم تستمتعين بحرق شعيراتي بآلة التجفيف العتيقة البائسة خاصّتك!! " وهمست بعد أن ارتعدت لتذكر تلك الفصول المظلمة من حياتها : لم يكن ذلك جميلاً بالمناسبة !!
أنهت تلك الجملة وانشغلت بالهجوم على طبق الحليب ، فيم ابتسمت دانيلا وقد كساها الحنين فجأة ناحية قطتها التي هربت منذ ما يزيد على سنة عن منزلها ، ربتت على رأسها مبتسمة :


- حقاً ؟! وضحكت وهي تقول : حسناً كان ذلك لدواع أمنية وإلا لما سمحت أمي لك بالإقامة هنا .. ولكن اعتذر لأجل ذلك
وواصلت حديثها بابتسامة : لا أصدّق كيف بقيتي على ذات الحجم بـعد مرور سنة على هروبك !


كانت دانيلا غارقة في تمسيد الفرو الناعم فوق الرأس الغارق بالاستمتاع بكوب الحليب البارد لكن القطة أجابت ببرود قبل أن تعود لغمر فمها بالحليب :

- وعمري لم يتغيّر أيضاً !!


رفعت دانيلا يدها وقد استوعبت ما قيل فجأة ، قطّبت حاجبيها ورددت : ماذا ؟! مالّذي تقصدينه ؟!



رفعت القطة رأسها : كما ترين ، لقد سافرت إلى ..
وصمتت قليلاً بعد أن رأت بريق التشوق في عينيّ دانيّلا .. : حسناً ، لقد انتقلت إلى عالم آخر هذا كل ما يمكنني قوله لك فأنا لن أئتمن من فقدت وسادتي المفضلّة على سر كبير كهذا !!


- سر ماذا ؟! تشـ .. إحم أعني إيفلين أخبريني ؟!


- حسناً
رفعت القطة رأسها ، لعقت الحليب الذي بلل الفرو الناعم حول فمها ورددت : ستلتقين به قريباً لذلك لا داعي لأن نخوض في هذا الأمر الآن !


- ألتقي بمن ؟!


بسرعة كانت القطة قد تحركت ، خارج المطبخ فتبعتها دانيلا وهي تصيح بها قائلة :


- مالذي تقصدينه تشبي .. آهـ .. أعني إيفلين ؟!


جاءها صوت القطة بعيداً : لا تقلقي ستعرفين كل شيء لاحقاً ، لنخرج الآن ..

وصلت دانيلا إلى عتبة المنزل وتساءلت وهي ترمق القطة الواقفة أمام الباب الأسود ذو القبة الباهتة : إلى أين ؟!

- النزهة ، نزهتنا اليومية
تذمرت القطة : آآآخ يا إلهي ، حمداً لله أنني تركت هذا المنزل .. ويحسدوننا على حياتنا نحن قطط المنازل ! آآهـ

şᴏƲĻ ɷ
13-10-2015, 18:51
نفضت دانيلا عن وجهها معالم الدهشة والضحك الذي اكتسحها وهي تزداد تعجباً وإعجاباً بحديث القطة المدللة وتذمراتها المتتالية ثم هتفت : حسناً ، سأبدّل ملابسي وآتي حالاً!

لحظات قليلة كانت دانيلا قد ارتدت خلالها ما يقيها برد هذا الشتاء القارص وأخرجت الطوق الأحمر القديم من سباته وبعد مناوشات قصيرة بينها وبين إيفلين تمكّنت من إرضاء الأخيرة وتزيين الطوق بالشرائط الذهبية قبل أن تخرج الآنستان إلى متنزّه الحيّ الذي جادت عليه الشمس بنورها لكن الهواء البارد لم يرحم عابريه سيمّا وتلك الشمس تختبئ تارة خلف الغيوم وتظهر تارةً أخرى منبئّة بتقلّب جوي قد يحمل معه أمطاراً تلغي تلك النزهة وتزيد من حنق القطة المتبخترة في مشيتها وكأنها تقود الفتاة الممسكة بالطوق لا العكس أبداً ! ..


كانت إيفلين تثرثر وتعلَق وتتهكم وتقفز هنا وهناك ، دون أن تلفت انتباه المَارّة القلائل ما حمل دانيلا على المزيد من الدهشة إثر كل هذا ، وكادت تفقد تركيزها بسبب نشاط تلك القطة بل وكادت تهوي على وجهها أمام بضعة حجار صغيرة لم تتمكّن من رؤيتها بسبب تشتّت انتباهها إثر ملاحقتها للون الأحمر وتحركات
الجسد الذي يقفز في الأرجاء وينطق بالكثير من الكلمات :


- آوه ، ألا زال السيد روجر هنا ؟! ذلك العجوز الفضولي المتلصص إنه يجلس على مقعده المعتاد أمام متجر السيدة سوليفن ! آآهـ لما لا يكف البشر عن فضولهم المقيت .. أعني وما شأنه إن كانت السيدة سوليفن امرأة فظّة مع الزبائن الوقحين أمثاله ، هل يجب عليه أن يبحث عن زلة أو سبب يذهب من خلاله إلى إليها ليتشاجر معها ؟!


وتوجّهت نحو الرجل المختبئ تحت المعاطف السميكة والذي أحاطت به عدة صحف على المقعد الخشبي ثم بدأت تصرخ : هييييه أيه الغبي ، أذنك لا تستوعب ما أقول لذا سأقوله .. انظر إليّ إن كنت تستطيع فعل ذلك ، أيها المتظاهر بالصمم تارة وبضعف البصر تارة أخرى انظر .. هنا فهمت دانيلا أن كل ما يطال السيد روجر هو مواء مجهول ، لأن الرجل العجوز كان قد صرخ بها : ما هذا آنسة ديفرو ؟! أهي قطتك !؟ لما تموء هكذا ؟! ..

- لم أموء هكذا !؟ طبعاً سأفعل ، إن من يرى وجهك سيكتب معُلّقة موائيّة !!!


حاولت دانيلا مجاراة الموقف ، وأخذت تحاول إحاطة جسد القطة الصغيرة لإبعادها وهي تهمس : هيا هيا هذا يكفي .. إيفـ .. تشبي ..

قفزت القطة وصرخت بها : لا تنادني أمام هذا المعتوه بهذا الاسم دعيني ، أخربشُ على وجهه الّذي يشبه .. أطلق السيد روجر صرخت فزع وحاول ضرب القطة بصحيفة مطوية كما لو كانت مجرّد ذبابة .. : آآآهـ يا إلهي ، يا إلهي ما هذه القطة آنسة ديفرو ؟! أبعديها حالاً !!

استجمعت دانيلا قوتها وهجمت بدورها على قطتها ثم أحاطت بها وقد نالت تلك المشاكسة من يدي صاحبتها ورسمت ملامح الخربشات العشوائية على كمي المعطف الفاتح ثم تراجعت أخيراً بينما حاولت دانيلا أن تُغرق السيد روجر بكلمات الاعتذار المناسبة وهي تحاول الانصراف من أمامه :


- اوه آسفة أنا آسفة سيد روجر ، لا .. لا ادري ما خطب قطتي اليوم ، حقاً أنا أعتذر


وركضت مسرعة بعد أن أحكمت إمساك الطوق ثم تظاهرت بالهرولة والتفتت ناحية القطة مؤنبة :


- مالّذي تفعلينه إيفلين ؟! لما تضايقينه هكذا ؟!


- هه إنه يستحق ذلك !! السيدة سوليفن اللطيفة لقد كانت ترمي قطع البسكويت اللذيذ لي دوماً لذا .. كان عليّ أن أردّ لها اعتبارها أمام ذلك الروجر !!!ثم
إنني ..

توقفت القطة عن الجري ورددت : أجزم لك أنه لن يعود للجلوس على ذلك المقعد بعد الآن أبداً


التفت دانيلا نحو ما أشارت إليه إيفلين برأسها ، كان السيد روجر غارقاً في موجة عطاس متتالية وهو يغادر مقعده المعتاد ، لم تمنع دانيلا نفسها من الضحك وقد رفعت حاجبيها تعجباً : حقاً !! كيف عرفتي ذلك ؟! السيد روجر لديه حساسية من القطط ، لم أعرف ذلك من قبل !


- هه .. إن القطط ليست مخلوقات بسبعة أرواح فقط ولكن لدينا سبع حواس أيضاً !!!


***



ارتفعت الشمس في كبد السماء ، وقد أعيا دانيلا الجري المتواصل لملاحقة تلك القطة بين مكان وآخر وقد جذبا أنظار معظم الزائرين بعد أن نالت إيلفين بمظهرها الجميل ونشاطها ولطفها إعجاب محبّي القطط وجادوا عليها بقطع البسكويت أو خيوط الصوف الصغيرة واللمسات المعجبة بفروها الناعم فيما ابتلع سوء الحظ المنزعجين من نشاطها المفرط فأغرقت دانيلا بمزيد من الحرج حين لاحقت هذا وسحبت الشعر المستعار لهذه ، ثم أعاقت مسار المرتعبين منهم باستمتاع تام . ألقت دانيلا بنفسها على مقعد خشبي في نهاية المتنزّه وقد أحاطت شجيرات الشتاء العارية بهما ، أرخت الفتاة رأسها على المقعد ورفعت رأسها مستمعة بمعانقة الغيوم التي أخفت عنها ضوء الشمس ثم أعادته ليصطدم بوجهها بين لحظة وأخرى وقد أطلقت أنفاساً متتابعة عميقة وهي تهتف بابتسامة :


- آآهـ لقد مر وقت طويل على مثل هذه الأمور !! لقد تعبت كثيراً


فردت ذراعيها على طول الكرسي الصغير ومددت قدميها باسترخاء تام ، أغمضت عينيها وابتسمت من جديد ، غرقت بالصمت بعد أن إطمائنت إلى وقوف إيفلين وشعور الاخيرة بالتعب أخيراً فقد أخذت تلعب بهدوء بخيوط الصوف القليلة أمامها ، غاصت دانيلا بالصمت .. عانق الهواء ملامح وجهها الهادئة فيم اختارت أن تواصل إغماض عينيها للحظات وكأن ذاكرتها قد بدأت بتخزين تفاصيل هذا الصباح عميقاً كمشهد ترويه في إحدى رواياتها ، أطلقت تنهيدة أخيرة كبيرة ثم فاجأتها صيحة إيفلين :



- آوه لقد .. وصل أخيراً !!


شعرت بالطوق يتحرك مما يعني أن القطة قد بدأت بالقفز بسعادة ففتحت عينيها لتلتقي بهذا الزائر الذي سُرّت قطتها لرؤيته ، لكنها فوجئت وكادت تقفز فزعاً حين رأته يجلس بجانبها تماماً ..

كيف لم تشعر بقدومه هذا !؟


هكذا فكرّت وهي تحدق بعينين تشبهان العشب الأخضر الفاتح ، وشعراً يشبه ذلك القرص الأصفر المرتفع فوقهما ، تراجعت إلى الخلف وصرخت بفزع وهي تزيح يدها المستندة خلف موضع جلوسه بسرعة .. :


- كيف .. كـ .. من أنت ؟!


رفع الشاب الذي ارتدى قميصاً بنفسجياً سميكاً وبنطالاً داكناً يده اليسرى ملوحاً وقد إتكّأ بالأخرى على ظهر الكرسي فيم كان جسده متوجهاً صوبها وقد ارتكزت عيناه الناعستان الباردتان عليها ، وقد تجلّت لدانيّلا التي وضعت يدها على قلبها الذي نال منه الفزع هذا اليوم كثيراً للحظة ورمشت مرة أو اثنتين وعلقها يجمع
تفاصيل صورة الفتى الذي يتجاوزها بعام أو اثنين حسبما حاولت أن تقدّر ، خرج الصوت أخيراً :


- مرحباً

كان صوتاً بارداً ساخراً حملها على الصمت بريبة ، لكن إيفلين التي قفزت نحو الفتى صاحت بسعادة :


- تشارلز لقد أتيت أخيراً


همست دانيلا : تشارلز ؟!


تولت إيفلين زمام الحديث : إنه الشاب الذي نقلني إلى عالمه ، تشارلز ..
ونظرت القطة بعينين لامعتين نحو الفتى ثم قالت : انظر ، إنها تلك الفتاة التي حدثتك عنها ! ، دانيلا

- اوه تلك المهملة التي عذبتك بالماء وآلة التجفيف ..
تشرفنا !

حملتها نبرته الهازئة الماكرة على الشعور بالريبة فحاولت أن تستجمع أعصابها وتسأله : من أنت ؟! مالذي فعلته بقطتي لتجلعها تتحدث ؟!


ربتت اليد النحيلة البيضاء على القطة وكشف الشاب عن ابتسامته ثم ردد بنبرته المعتادة :


- ماذا ؟! لكنني لم أفعل شيْئاً ! .. أليس كذلك إيفلين ؟!


أومأت القطة برأسها وهي تعانق اليدين وتستمتع بلمستهما الناعمة بينما تجاهلت دانيلا ذلك ورددت وهي تستشعر ضيقها من هذا الغريب الذي سرق منها محبة قطتها بينما بدا الفتى مستشعراً لذلك الحنق الذي أحاط بدانيلا فاستمتع بمداعبة القطة ، حتى ضاق صبر الفتاة فصاحت به :


- أنا أتحدث معك !! ، مالذّي فعلته لقطتي ؟! لقد تحدثت عن عوالم ، مالّذي عنَتهُ بذلك ؟!




***



توقف القلم عن الكتابة وضعته دانيلا باستسلام على الورقة البيضاء المنفردة تحت الإضاءة الصفراء الهادئة ، مددت يديها ثم حاولت أن تحرّك كتفيها ورقبتها لتحررها من الوضع المؤلم وهي ترمق الظلام الدامس الذي زار هذا اليوم بعد أن قضت ساعات طويلة في كتابة تلك الحكاية لتقف عند ذلك السؤال الذي طرحته
في قصتها ، كانت تلك هي المرة الأولى التي تكتب فيها قصة تكون هي بطلتها ، ولما انفلت المشهد الأخير من سيطرتها وكاد يسلبها ذلك الـ [ تشارلز ] شهرتها توقفت عند هذا الحد . ألقت نظرة خاطفة إلى أحد أركان الحجرة المظلمة حيث كانت ترقد قطتها [ تشبي ] وتموء بين الفنية والأخرى ثم همست بابتسامة :

- ليتها تتحدّث ، أجزم بأنها قطة مدللة فعلاً !!


لكنها عادت إلى التحديق بكومة الأوراق وشاشة حاسوبها المفتوح ناظرة إلى عدد الصفحات الطويلة لتلك الرواية أمامها ، ثم هتفت وهي تقف بغيظ :


- تباً لك تشارلز ! ، حتى حين أكتب شيْئاً شبه كوميديّ فإنني أعجز عن السيطرة عليك أيها الساحر الغبي !


تسلل ضوء الممر القوي الأبيض إلى أرجاء حجرتها بعد أن فتح شقيقها الأصغر الباب وغرق في الدهشة للحظة وهو يسمع جملة شقيقته الأخيرة ليصيح ساخراً :


- آوهـ ، أيتها المجنونة هل تخاطبين أحد شخصياتك من جديد ؟!


نظرت دانيلا إليه وجارت سخريته بقولها : أجل ، مالّذي تريده آسبر ؟!


- أمي تريد منك أن تنزلي لتناول العشاء ، هيّا أسرعي .. وإلا
وابتسم بخبث : سأخبر والدتي عن جنونك هذا


اقتربت منه دانيلا وقبضت على خدّيه النحيلين الناعمين وقرصتهما بقوة مستمتعة بملامح الألم المرتسمة على وجهه وهي تقول :


- إفعل ذلك وسأجعلك تتحول إلى واحد من ضحايا دانيال !


كان آسبر الذي يتابع رغماً عن سخريته بإعجاب تفاصيل روايتها قد حاول جاهداً إبعاد يدها بعد أن فهم تهديدها الاخير وهو يقول بكلمات بالكاد تكون واضحة تحت يد شقيقته التي تعيق مسار فمه عن الحديث بشكل واضح :


- حسناً ، حسناً .. فـ فهمت !


أطلقت دانيلا سراحه أخيرا ، ومضى وهو يدمدم ببضع كلمات وشتائم لكنها أغلقت باب حجرتها وتبعته إلى حيث تجتمع الأسرة على مائدة العشاء.









السّلام عليكم ورحمة الله
وبعد يأس من نكتب كوميديا كتبنا شيء احتمال كبير
أنه لا يمت لها لصلة :ضحكة: .. حسناً هذه القصة برعاية تشَبي :بكاء: وتشارلز ودانيال من
[ ثقب في الظلام ] :غياب: >> نعم يا جماعة إنها الدعاية :غول:


وإلى اللقاء


* يمنع النقل ولا أحلل ذلك

آلاء
13-10-2015, 19:04
​:لحية:

لاڤينيا . .
14-10-2015, 04:27
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :أوو:
يا الله :ضحكة:
إنّها قصة مليئة بالحياة :أوو:
جميييييييييييييلة :أوو: ، وهاهنا اتّضح لي أنّكِ تملكين قدرة حقًا على التّحكم بأسلوبكِ :أوو:
فقد أتى بسيطا وملائما للحكاية وسأتجاهل الكوميديا :لحية:
القطة :أوو:
رهيييييييييبة :أوو:
خطيرة بصراحة :ضحكة:
تذكرت ‘إيما إيفلين بتاعتي :ضحكة: Xddd
لكن حقا القطة رائعة :أوو:
ومناداتها لدانيلا بدانيلا روسا :ضحكة:

ثمّ خروجهم وأفعال القطة الرهيبة :ضحكة: :ضحكة: القصة ممُتعة حقًا ووددتُ لو أنّها لم تنتهِ :بكاء:
خصوصا عندما أتى تشارلز :لحية:
دعاية محبوكة هاه :لقافة: - :غول: - ؟
إنه يشبه ميّال يشبهه يشبهه يشبهه :بكاء:
وكنزة بنفسجية أيضًا :ميت: :ضحكة: -تطعنك وتركلك-
عيون خضراء ناعسة :بكاء:
اععهههه لقد كان مقطعهما غاااااااااية في الروعة :عيون سيمونية:

أقولك ؟ زوّجي تشارلز لدانيلا :صيني: ولا :ضحكة: . .... :لقافة:
أستغفر الله ياربي :قلب مكسر:

أستودعكِ الله :أوو:

آلاء
15-10-2015, 13:34
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

يا سلام قطة برجوازية :أوو:
العنوان مثير للغاية فما رواء هذه القطة إذن :لقافة:

حسناً يا لها من قطة مستفزة، استغربت أنها تتحدث في الواقع، لكنها مستفزة جداً :تعجب:
لو كنت مكان دانيلا لأمسكت ذنبها و رميتها من النافذة :غول:

القطط حساسة جداً تجاه ذنبها على فكرة :d

ههههههههههه يا لها من مزعجة و ذكية، أعجبتني تصرفاتها مع الجميع بلا استثناء :ضحكة:

آها فكرة جميلة هي الكاتبة إذن :لقافة:



قصة جميلة و أسلوب رائع ما شاء الله ::جيد::
هناك تعقيبان فقط :

لاحظت وجود جمل طويلة للغاية بحاجة لعلامات ترقيم.
الكوميديا موجودة لكنها خفيفة أي أنتِ بحاجة للمزيد منها حتى تكون القصة كوميدية بشكل كامل ::جيد::
لكن هذا لا يمنع من أنها جميلة و أضحكتني مواقف القطة :أوو:

موفقة سول ^^

Nanako maya
19-10-2015, 19:39
حجز ^^