PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : ذكرياتْ



لاڤينيا . .
07-10-2015, 20:29
بسم الله الرحمن الرحيم


ذِكرياتْ
[ القلبُ غِمدُ الذّكريات ] *

-" إنّه اليوم أتصدقين ؟ "
كررّتِ الفتاة قولها ، لكن المعنية كانت منشغلة بالتّأمل في العالم حولها ، بالأخّص في هذه الزهور الندية التي تتناثر في الحقل الشاسع ، وفي الغمام الذي يوشكون أن يلمسوه بإيديهم ، كانت مأخوذة بهذا السحر الجديد الذي أصبح يتملك نظرتها نحو العالم ، كل شيء اكتسب معنى آخر ، معنى أقرب للقلب ، والاستغراق فيه يجلب النشوة ، كانتْ واقعة في الحب ، ولذلك أصبح للعالم حولها طعم آخر . واصطبغ مُحيّاها بلون جديد جعلها أشدّ إشراقًا وجمَالًا . رَمَقتها الفتاة الأخرى بعدم تصديق ثم ضحكت وقالت وهي تلكزها بِمرفقها :
-" ألهذه الدرجة استولى على عقلكِ ؟ "
انتشلت إيما من شرودها المحبب إلى قلبها ، فنظرتْ إلى أختها بلوم وقالت :
-" ألن تدعيني أستمتع بالاسترخاء قبل أن أدفن تحت تجهيزات الزفاف ؟ "
لم تجبها مايا إلا بابتسامة هادئة . كانتا تجلسان فوق العشب في حقلٍ يبعد عن منازل القرية بُعدًا ليس بالكثير ، كانت الشمس لم تشرق كاملة بَعد ، إنّما بثّت بعض الأشعة الذهبية هنا وهناك عَبر السّماء ومَنحتْ أطراف الغَمام بَريقًا خلّابًا . أخذت السماء تحيا شيئًا فشيئًا . رَفعتْ إيما رأسها وتنشقت نسيم الصباح بقوة وهي تغمض عينيها ، ثم زفرت وقالت وهي تتأمل بالسماء :
-" إنه اليوم حقا . . يوم زفافي ! "
---
في المساء . .
وَقف شابٌّ يبدو في السابعة عشرة من عمره أمام بوّابة الكهف وهو محمّر الخدين يستمع إلى صوتِ الصّخب بالدّاخل ، كَان يرتدي بِنطالًا أبيضًا وقميصًا بنفس اللون مُذهّب الأطراف ، وفوقه ، شعره ذا لون أسود وعيناه رماديتان واسعتان جميلتان . " هيّا هيّا مينديس ادخل إنّه عُرسك ، الخجل لا يليق بالفتيان حتى ولو كان عرسانا " ثمّ أخذ نَفسًا عميقًا وبينما يزفر اختلس نظرة إلى السماء ، كان في بدايته والنسائم هادئة ورَقيقة رَبيعيّة . والنّجوم كما هي على الدّوام ، ساحرة ونائية عنْ البشر . أجبر نَفسه على الإشاحة عَنها وَخطَا أول خطوة إلى الدّاخل ، كَانت الجدران ضيقة في البدء مِثل الأروقة ، ثمّ اتّسعت شيئًا فَشيئًا ومَع بِداية اتّساعها ظَهرتْ للِعيان مَشاعل وفوانيس مُنارة ومعلّقة على امتداد الجدران في خطٍ أفقيّ واحِدْ . وأصبح صوتُ الصّخب أكثر حِدّة ووضوحًا ، اختبئ مينديس وَراء نتوءٌ كبير من الصخور الغامقة والتقط نَفسًا عميقًا ثمّ زَفر ، " يجب علي أن أستعدّ للفوضى التي ستندلع ما إن أظهر للعيان " فكّر وهو يعدّل هِندامه ، ثمّ تقدّم إلى الأمام ، كَان جوف الكهف كبيرًا حقًا ، والجميع متركزون في الوَسطْ ، ولكنّ الشيء الأكثر لَطافة وحميمية وقربا إلى قلبه ، كَانَ ذلك الممرّ الطويل الذي حُفّ من جانبيه بأوانٍ منزلية وُضعتْ فيها زهور من شتّى الأنواع ، وأرضية الممر بنفسها كانتْ مِن مجموعة مصفوفة بشكل عاموديّ من السجاجيد مختلفة الألوان والأشكال والأحجام ، بَدأ يخطو على أولها وهو يشعر بالانتماء والحبور ، كانت هذه عادة عند أهل القرية ، أنْ يخرج كل بيت مجموعة من الأواني والسجاجيد ، يضعون في الأواني الزهور ، ويفرشون السجاجيد ، كَتعبير عن سعادتهم بالعريس وعن كونه سيظل منتميًا إليهم مهما ابتعد . كَان الجميع يولونه ظهورهم وبدا له أنّهم يتناولون الحَلوى لذلك كانوا هادئين ، حَسنًا هذا يعني أنّ الصخب لن يبدأ حتى ينتهون . وَاصل تقدمه وهو يشعر بالمرح لكون أحدٍ منهم لم ينتبه له ، ولكن ما إن خطر هذا الخاطر على باله حتّى رَفعتْ عَروسهُ رأسها ، وكأن قلبها أحس بقدومه ، ابتسمتْ إيما بِخجل وأخذتْ تراقبه بينما يقترب أكثر فأكثر كانت تتوضح لها عيناه الحبيبتان ، ومحيّاه الباسم الخجول ، كانتْ أمها تعلّق دَومًا بأنّ العروسان إذا كانا كلاهما خجولين فهذه مصيبة وكانت تتعجب أمام مينديس كيف أنّه في الحرب جرّارٌ وأمام هذه الأمور السخيفة والبسيطة يتحول إلى كائن أشبه بقطٍ خجول . تنّبهتْ إيما من شرودها إِثر اختفاء أصوات الجميع فجأة ، كانوا جميعهم ينظرون إليها تارة وإلى مينديس تارة ويبتسمون ، ولكنّ صمتهم لم يطل ، سُرعان مَا قام إخوة العريس وأخواتُ العروس بالوقوف من الجانبين ، تبادلوا بعض النظرات الضاحكة ثمّ بدأ أحدهم بالتصفيق وتبعه الآخرون شيئا فشيئا ، وبدأت الفتيات بالغناء ، كانت أصواتهم غاية في الجمال ، بل العالم كلّه كان غاية في الجمال في نظريهما ، حتى جدران الكهف الكالحة .
--
أصدر حمحمةً قصيرة ، أشاح بوجهه إلى الجهة الأخرى قليلًا ثمّ أعاده إلى جهة إيما حيث كان يحيطها بِذراعه اليمنى وقال بينما ينظر إلى النجوم :
-" تَهانيّ . ."
رَفعتْ إيما حاجبها الأيمن ثمّ احتقنت ملامح وجهها فسارعت بوضع كفّها على فمها ، لقد كانت تحاول كتم ضحكة ، وما زال مينديس مستمرا بتأمل النجوم وذراعه التي تحيطها تزداد ضغطًا عليها ، حينها لم تستطع كتم الضحكة أكثر ، أطلقتها فتردد صداها في الأنحاء ، كَانا واقفين في نفس الحقل التي جلست فيه مع أختها مايَا في الصباح ، لكنهما الآن وحيدين بعد نهاية الحفل ، التفت مينديس إلى إيما بطرفه وأخذ يرمقها مستغربًا ويتسائل في نفسه أقال شيئا مضحكا ، راقبت إيما ملامحه ثمّ قالت بمرح وهي تحرك يديها في الهواء وكأنّه تحثُّه على أن يهدأ :
-" لا تقلق لا تقلق .. لم تقل شيئا مضحكا فقط طريقتك هي التي كانت مضحكة . . وكأنك تقول تهانيّ لقد أصبحتِ عروسي الآن . ."
ثمّ عاودت الضّحك واسترسلت :
-" وإلى الآن لم تستطع بعد التخلص من عادة التحديق في النجوم أثناء قول الأمور التي تُحرجك "
شَاركا مينديس الضحك قليلا ثمّ عاد إلى وضعية القطّ الخجول . حدّقت فيه لثوان وأخذت نظرتها تكتسب لمحة من التعجب والتململ ، قالت له بِلوم وهي تلكزه بِمرفقها :
-" هيّا ألنْ تكفّ عن ادّعاء الخجل ؟ بربّك لقد كنّا خطيبين منذ وَعينا على الدّنيا ولم يكن في حياتي أحد قضيت معه وقتا مثل الذي قضيناه معًا "
نَفخ خدّيه كَدلالة على اعتراضه ، ثمّ تنشّق نَفسًا عميقًا واختلس نظرة إلى السماء ثانية قبل أن يقول :
-" حسنًا . . دَعينا نذهب إلى المنزل الآن "
ردّت إيما على الفور وهي تحرّك رأسها يمنة ويسرة :
-" لا لا . . [ ألقت بثقلها على الأرض العشبية ] دَعنَا نجلس هنا قليلا "
لم يجادلها أكثر فبالكاد تبقى له شيء من طاقته لم يهدره في محاولة تمالك نفسه وتجاهل الظلّ الغريب لتلك الأفكار المؤرقة التي استولت عليه في الصباح ، استطاع صخب الحفل أن يُنسيه إياها ولكن مذ أصبحا وحيدين عادتْ تُحاول فَرضَ نفسها عليه . جَلس بجانبها على العشب ، وما إِن فَعل حتّى أمسكتْ بكفّه ، وسحبته إلى الأسفل ، استلقيا بجانب بعضيهما البعض على العشب ، قالتْ له :
-" هيا فلنتأمل في النجوم . . كما كنت تحب أن نفعل دائمًا "
إنّه يعتقد أنه هذه هي حالة الصفاء العظمى للمحبين ، حيث يستلقيان ويحدقان في هذا العالم الشاسع فوقهما ، يتّحدَا في حالتهما التأملية على الرغم من كون كلّ واحد منهما يفكّر في شيء مختلف . أخذت النسائم تهبُّ وكان الصمت يعم العالم ، كَان يكفيه هذا بل وينمي جذوة سعادته حتّى يخسف الضوء كل الظلمة ويدمرها . ولكن هذه المرة مختلفة ، إنّها الأولى بعد الزّفاف . فَكّر مينديس ثمّ ضغط على كفّ إيما الدافئة التي كان يمسكها بكفه ، وكان هذا كفيلا باسترعاء انتباهها ، فالتفتت إليه بوجهها ولكنه لم يفعل ، ظلّ مسمّرا ناظره على النجوم . انتظر لثوانٍ ثمّ قال بِصوتٍ هادئ :
-" إيما . . أنتِ أهم شيء عندي في العالم "
---
-" كاذب .. كاذب .. كاذب "
صرختْ بلوعة وألم وحقد وهي تقبض بكفّها على صفيحة من الجلد الرقيق كتبت فوقها بعض الكلمات ، رفعت ذِراعها الأخرى وضربتْ بقبضتها جِدار الكهف فتركت أثرًا وتسببت بتصدع شيءٍ منه ، كان الألم يغذّي قوتها . ولكنها سرعان ما ذبلتْ ، انهارت على الأرض وبكتْ ، ذرفتْ دموعها للمرة المئة ربما ، لا تعرف لقد فقدت الإحساس بالزمن ، بل الأمر يبدو وكأنّ الوقت يذوب فوقها ليحولها إلى تمثال مغطًى بالشمع ، ليثبتها في الألم . تتالت شهقاتها ثمّ خفتت تدريجيًا ، بكفيها اللذين يرتجفان فردتْ الجلدة الرقيقة ، ونظرت إليها للمرة الألف ربّما ، أعادت قراءة مافيها بعينين مغبّشتين بالدموع ، لا تحتاج لترى الحروف أصلا ، لقد حفظتها ، لقد انحفرت في داخلها كشاهد على قبره ، ذلك الذي كان يسمي نفسه حبيبها .
" «أنتِ تقرأين هذه الرسالة الآن
هذا يعني أنك قد اكتشفت أمر رحيلي
ولكن لا تقلقي
لقد قابلت شخصا ما
أمس
وقال لي
يابني
إنك تنظر إلى داخل نفسك..
طوال الوقت
مقطبا حاجبيك
إنك تضع سدودا عديدة
لئلا يعبرك نهر الأسماء
وتصر على الاحتفاظ باسم واحد
تطلقه على نفسك
إنك تصر على أن تسميها بالعدوة
إن ذلك صحيح
كونها عدوة لك
ولكن
يابني
ليس كل الأعداء يمكن التغلب عليهم بالقوة والرماح
هناك أعداء لا يمكن التغلب عليهم إلا بالحكمة
والموعظة
ألم تفكر يوما ما
بأن تجعل من نفسك
مطية ؟
دعني أخبرك يابني
انظر إلى نفسك
كما لو أنها حيوان صغير يمكن ترويضه وجعله صديقك
أو خادمك
ولكنك إن أشحت عنه بوجهك وتركته
فإنه سوف يكبر
سوف يكبر سريعا
أو تدريجيا
ثم يلتهمك
هذه هي الحقيقة التي لا مفر منها
اسمع يابني
من الأفضل لك أن تذهب وتترك هذه الأرض التي
لطالما حاربت نفسك فيها
قلل من حدة نظرتك إلى الداخل
وارفع عينيك إلى السماء قليلا
اسأل الخالق بأن يوفقك ويمنحك القوة
وتحت نور الغروب الهادئ
وبينما تسمع خرير الماء
وتحس ببرودة العشب
أعد التعرف على نفسك.
هذا ماقاله لي
ولهذا
ولهذا فقد رحلت
باحثا عن أرض أتحالف فيها مع شرارتي
أقضي على وساوسي
وأروض فيها روحي
إن نجحت بجعلها صديقتي
أو خادمتي
فسوف أعود
وإن لا
. . .
فسوف أختفي
وداعا»
لم تفهم إيما أبدًا ، لم تستطع أن تستوعب كيف له أن يتركها لهذا السبب ، وبَعد ثلاثة أيّام فقط من زفافهما ، ويتجرأ أيضًا على أن يكتب هذه الرسالة ، ويبرر فعلته بقلب ودمٍ باردْ . وكم عذبها ذلك ، طوال حياتها عجزت عن التعرف على السعادة ثانية بعد رحيله ، بل لم تهمها السعادة أصلا ، ما قتلها أكثر هو عدم قدرة روحها على التوافق مع روحه ، أو مسامحته .

şᴏƲĻ ɷ
08-10-2015, 19:53
مكاني :أوو:

لاڤينيا . .
09-10-2015, 03:16
أنتظرك $^$

şᴏƲĻ ɷ
09-10-2015, 23:10
مكاني :أوو:



أهلاً أهلاً هذه المرة أتيت بسرررعه :ضحكة:
حسناً ، بدون مقدماات لننطلق ...


العنوان [ القلب غمد الذكريات ] :أوو: جداً جداً جمييل
أحببته أكثر من [ ذكريات ] التي تسع الكثير وتستوعب الكثير لكن
هذا العنوان [ القلب غمد الذكريات ] كان أقرب لروح الحكاية وأكثر تمازجاً
مع تفاصيلها .. يا إلهي ، لقد توقفت عنده :غياب:


جميلة جداً فكرة ربطك للقصة الأولى بالثانية ،
كان التعبير عن المزيد من المشاعر ينقص الحكاية الأولى لتكتمل لذا فكرة
توظيفك للتتمة الحكاية وعودتك للذكرى كان اختيار موفقاً وفكرة جميلة وذكية سيما
إدخال الذكريات كعنصر هاام للتعرف أكثر على [ مينديس ] :أوو:


راقت لي المشاهد وصفك للكهف ، للمر للمشهد الذي نال فيه الخجل من [ مينديس ]
الانتقال السلس بين مشهد وآخر تمازج البداية بالنهاية الحارقة المؤلمة للغياب المفاجئ ، تمنيت لو دخل على الحكاية عنصران :

1. مالذي أقلق مينديس في يوم الزفاف بالضبط ؟

2. والمزيد من الحديث عن رغبته بالرحيل ، ولكن هذه النقطة مسألة تفضيل شخصي لست متأكدة
منها بل عليّ أن أقر عنصر المفاجأة في الحكاية كان عن عدم الحديث عن تناقضات وأفكار مينديس في الحكاية
إلا عند مشهد الرسالة وغيابه وحرقة زوجته



لدي وقفة هنا وهناك :




حتى ولو كان عرسانا


حتى ولو كانوا *




ثمّ أخذ نَفسًا عميقًا وبينما يزفر اختلس نظرة إلى السماء ،

أخذ ، اختلس كلها ماضي لذلك ربما من الأفضل أن نقول واختلس نظرة إلى السماء ثم زفر أو وزفر وهو يختلس
أو إن أردّت أن تجعلي الزفير في وقت اختلاس النظر إلى السماء .. لست متأكدة من مصدر تعديلاتي هذه للأمانة هو مجرد
إحساس انتابني بالرغبة بتعديل وبينما يزفر :ضحكة: تأكدي من مصدر تعديلاتي قبل أخذ رأي موثوق بها :جرح:



كان في بدايته والنسائم هادئة ورَقيقة رَبيعيّة . والنّجوم كما هي على الدّوام ،

ماهو الذي كان في بدايته على ماذا تعود كان ؟ أظن أنها تعود على ليل سقط سهواً :موسوس:
وصححي لي لو كنت مخطأة ولم أركّز :غياب:



من جديد ، تتجدد مصافحة الجمال والعوالم الفريدة لحكاية مينديس التي
لا تشبه أي حكاية من حكاياتك أبداً ، وجدتك تغوصين في عوالم جديدة مذهلة لكنها عميقة ولم
أنهل منها الكثير بعد :بكاء:




شكراً لجمال كلماتك :أوو:

جثمان ابتسامة
10-10-2015, 08:11
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احم لا نقد ولا تعليقات تصحيحية
فقط وصف لما خالجني أثناء قراءة القصة ^^


رَفعتْ إيما حاجبها الأيمن ثمّ احتقنت ملامح وجهها فسارعت بوضع كفّها على فمها ، لقد كانت تحاول كتم ضحكة ، وما زال مينديس مستمرا بتأمل النجوم وذراعه التي تحيطها تزداد ضغطًا عليها ، حينها لم تستطع كتم الضحكة أكثر ، أطلقتها فتردد صداها في الأنحاء ، كَانا واقفين في نفس الحقل التي جلست فيه مع أختها مايَا في الصباح ، لكنهما الآن وحيدين بعد نهاية الحفل ، التفت مينديس إلى إيما بطرفه وأخذ يرمقها مستغربًا ويتسائل في نفسه أقال شيئا مضحكا ، راقبت إيما ملامحه ثمّ قالت بمرح وهي تحرك يديها في الهواء وكأنّه تحثُّه على أن يهدأ :
-" لا تقلق لا تقلق .. لم تقل شيئا مضحكا فقط طريقتك هي التي كانت مضحكة . . وكأنك تقول تهانيّ لقد أصبحتِ عروسي الآن . ."
ثمّ عاودت الضّحك واسترسلت :
-" وإلى الآن لم تستطع بعد التخلص من عادة التحديق في النجوم أثناء قول الأمور التي تُحرجك "

منديس جميل جميل بشكل لا يُوصف
يا رباه حتى أشجع الشجعان تأتيهم لحظات تفر فيها قوتهم إلى أبعد مكان على وجه الأرض
كيف جمع النقيضين أو شبه النقيضين هكذا ؟

كنت منسجمة مع أجواء العروسين حتى وصلت لهذا المقطع الذي فاجأني


فالتفتت إليه بوجهها ولكنه لم يفعل ، ظلّ مسمّرا ناظره على النجوم . انتظر لثوانٍ ثمّ قال بِصوتٍ هادئ :
-" إيما . . أنتِ أهم شيء عندي في العالم "
---
-" كاذب .. كاذب .. كاذب "

تساءلت عن سبب تحول الفتاة بهذه الطريقة العجيبة
والجواب موجود منذ البداية لكن ربما لأنني لم أربط العنوان بالأحداث
رغم كونه متضمنًا لمعنى القصة كلها .. اختيار موفق للعنوان
المهم أحببت طريقتك في فصل الواقع عن الخيال ^^


" «أنتِ تقرأين هذه الرسالة الآن
هذا يعني أنك قد اكتشفت أمر رحيلي
ولكن لا تقلقي
لقد قابلت شخصا ما
أمس
وقال لي
يابني
إنك تنظر إلى داخل نفسك..
طوال الوقت
مقطبا حاجبيك
إنك تضع سدودا عديدة
لئلا يعبرك نهر الأسماء
وتصر على الاحتفاظ باسم واحد
تطلقه على نفسك
إنك تصر على أن تسميها بالعدوة
إن ذلك صحيح
كونها عدوة لك
ولكن
يابني
ليس كل الأعداء يمكن التغلب عليهم بالقوة والرماح
هناك أعداء لا يمكن التغلب عليهم إلا بالحكمة
والموعظة
ألم تفكر يوما ما
بأن تجعل من نفسك
مطية ؟
دعني أخبرك يابني
انظر إلى نفسك
كما لو أنها حيوان صغير يمكن ترويضه وجعله صديقك
أو خادمك
ولكنك إن أشحت عنه بوجهك وتركته
فإنه سوف يكبر
سوف يكبر سريعا
أو تدريجيا
ثم يلتهمك
هذه هي الحقيقة التي لا مفر منها
اسمع يابني
من الأفضل لك أن تذهب وتترك هذه الأرض التي
لطالما حاربت نفسك فيها
قلل من حدة نظرتك إلى الداخل
وارفع عينيك إلى السماء قليلا
اسأل الخالق بأن يوفقك ويمنحك القوة
وتحت نور الغروب الهادئ
وبينما تسمع خرير الماء
وتحس ببرودة العشب
أعد التعرف على نفسك.
هذا ماقاله لي
ولهذا
ولهذا فقد رحلت
باحثا عن أرض أتحالف فيها مع شرارتي
أقضي على وساوسي
وأروض فيها روحي
إن نجحت بجعلها صديقتي
أو خادمتي
فسوف أعود
وإن لا
. . .
فسوف أختفي
وداعا»

أتساءل من هذا الشخص ؟ :بكاء:
أو لا يهم من هو بقدر أهمية كلماته التي أهداها للشاب
أحببتها صدقًا .. ما شاء الله

لكن ما هذه المأساة .. تركها بعد ثلاثة أيام من الزفاف ؟
قصصكم العاطفية التي قرأتها مأساوية بحق ولا أدري لماذا
المهم لكن هذا يروق لي أكثر ^^


بل لم تهمها السعادة أصلا ، ما قتلها أكثر هو عدم قدرة روحها على التوافق مع روحه ، أو مسامحته .

أهذه النهاية حقًا ؟
لا أدري أشعر أن عبارة " عدم قدرة روحها على التوافق مع روحه " لا علاقة لها بكلمة " مسامحته "
إن لم تكن متوافقة معه من الأساس فلماذا وافقت على الارتباط به وكانت سعيدة بذلك لدرجة كبيرة ؟
أو ربما هذه ليست مشاعرها الحقيقية لكنها تحاول إقناع ذاتها بها مواساة لنفسها بعد رحيله المرير ؟
أو أصلاً لا رابط بين هذا وهذا وأنا فهمت بالمعكوس ؟

المهم المهم بعيدًا عن كل ما كُتب بالأعلى .. تعالي معي على الجانب
وأخبريني يا عزيزتي " أين تتمة هذه الحكاية ؟ "

دمتِ بخير ^^

آلاء
16-10-2015, 11:15
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مرحباً ساي :أوو:

ذكريات، قلت في نفسي ذكريات من يا ترى؟
ثم اكتشفت أن القصة الرائعة التي قرأتها في البداية هي ذكريات جميلة و حزينة مرت بعقل هذه الفتاة المسكينة
لكنني لم أفهم رسالة الرجل الغامض جيداً؟
يعني هذا ليس سبباً مقنعاً للرحيل؟
توقعت أنه وجد حبيبة أخرى؟
أو لماذا لا نقول أنه توجه للحرب؟
ربما يكون السبب مقنعاً أكثر برأيي
مسكينة لم تتهنأ بعد، 3 أيام فقط من الزواج ثم اختفى زوجها :e403:

قصة حزينة، أتوقع لو أضفتِ كلمة حزينة أو مريرة إلى ذكريات لأصبح العنوان أفضل ::جيد::
لكنها حزينة أيضاً :بكاء:

صحيح أيضاً هنا مينديس :p

في انتظار قصة أخرى بحول الله ^^