PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : مُقايضةُ بائِع المُوت والكوابِيس .. مُشارِك



şᴏƲĻ ɷ
02-10-2015, 01:36
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=2097702&stc=1&d=1443748381




السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالُكم جميعاً أرجو أن تكونوا بخير ؟:أوو:

هذه قصَّتي المُشارِكة في مسابقة [ رحلة بين العوالم ] -بإذن الله-::سعادة::
وبالتوفيق لجميع المُشاركين إن شاء الله


بسم الله نبدأ ..



[ مقايضةُ بائع الموت والكوابيس ]



تلاشى وقْعُ موسيقى المساء الهادئة عن أذنيها ، غلّف الصَّمت المكان إلّا من ضجيجٍ خافتٍ يتناهى إلى أسماع صبيةٍ يتناوبون على التّباهي بحركاتهم المميّزة الّتي يصنعها حذاءُ التزلّج الحديثُ لكلّ منهم أثناء عبورهم للممرّ المشاة الحجريّ المنظّم على جانب الشاطئ المظلِم. اتكأت اليدين النّحيلتين على سياج الشّرفةِ الحجريّ وتأملّت العينان الداكنتين بنصف إغماضةٍ بحراً تتلاطم أمواجه الداكنة ويلتحفُ رغماً عن هيبته تحت دِثار ليلٍ يجبره على أن يكون داكناً ، أن يختفي تحت أستار ظلمته وألّا يعِكس إلا البدر من فوقه وشيئاً من الأضواء الصفراء المتناثرة قُرب شاطئِه .


لم تكُن عائلةُ ديفرو معتادة على قضاء الكثير من العطلات العائليّة مؤخراً لذلك تناثَر أفرادها في أماكن مختلفة طوال اليوم وحين اجتمعوا حول طاولة العشاء الدائرية في الفندق أجبر الصَّخب دانيّلا على تجاوز البوابة الزجاجيّة والانسحاب من ذلك المكان بعد أن نالت كفايتها من الألحان الموسيقيّة والأصوات المختلطة بالأحاديث العشوائيّة الصاخبة والأهم .. بعد أن أشبعت حاجتها بتناول أصابع الدجاج المقليّ وانصرَفتْ نحو أفكارها المتلاطمة كأمواج هذا البحر أمامها .


استسلْمت للرّعشة الخفيفة الّتي سرت في جسمها إثر عبور نسمة باردة مفاجئة حملت معها شيئاً من وريقات الأشجار على جانبيّ الفندق وتركت لها لحظة خوفٍ اقتنصت سكونها وأجبرتها على الالتفات ناحية الشجر بسرعةٍ لتتنّهد بعدما اطمئّنت إلى أن كل ذلك كان جزءاً من هذا التيار الهوائيّ المفاجئ ثمّ عاد الهدوء وخيّم صمت الطبيعة ليُصغي كلّ شيء من جديدٍ.


[ كم مرّة كان عليّ أن أكّذب الواقع وأبتعد ليستحضر عقلي الكامن في جوف الماضي مشهداً يقرّبني من هذا المكان ؟ هل كان عليّ أن أكابد وانتظر وأكون جسراً يعبرُ فوقه الكثيرون ليبلغوا ضفّة الحياة الأخرى ؟ كهذا البحر الوحيد معلقّة على حبل الهواء الرفيع يحرّكني كيفما يشاء ! وتُلبسني السماء ألوانها المختلفة وتترك أضواءُ الحياة انعكاساتها عليّ ثم تنطفئ وتتركني في انتظار فجرٍ قد يطول ليبدّد وحشتي ؟]


لم تتمالك الفتاة الواقفة أمام صفرة الإضاءة الخافتة المنبعثة من البوابة الزجاجيّة السميكة للمطْعم نفسَها ، طغى لونٌ هادئ يشبه نور إنارةٍ أبيض يقاوم تمدّد ضبابٍ كثيفٍ في سماءِ فجر شاحبة وارتسم على وجهها تعبيرٌ جامدٌ لا يوحي بشيء ، لكنّه يغلق بقفل صمتها بوابة الأصوات المتضاربة بداخل عقلها ، على ضجيج الأسئلة المنبعثة من خلايا عقلها . [هل عبر ظلّ من ذلك الممشى المظلم بعد أن سكنه الصمت طويلاً ؟! ]


ضيّقت عينيها علّها تكوّن صورة واضحةً عمّا لمحته ، انبجس صوت الموسيقى من وراءها وعلا فجأة ليكسر الصّمت ويجبرها على الالتفاتِ ثمّ عاد إلى درجته الخافتة بعد أن أوصدت اليد البيضاءُ الناعمة تحت سترة ناعمة أنيقة بنية اللّون إغلاق البوابة . همست دانيّلا بدهشة :


- أمّي ! مالّذي تفعلينه هنا ؟!


- هل لّي أن أسألكِ ذلك أيضاً ؟!


توقّفت دانيلّا عن تأملّ المرأة الخمسينيّة أنيقةِ الملْبِس وعادت لتستدرك هيئة الظلالّ السوداءِ لكنّها اصطدمت بالفراغ الذّي يجدد ذاته على أرضِ ذلك الممشى حسبما يبدو لها فلم تجد بدّاً من الإجابة عن سؤال والدتها :


- لا شيء ..وتنَّهدت ثم تابعتْ : إنني أتأمل فقط!


حرّكت والدتها يديها في الهواء لتمدّدها وهمست كما لو كانت تحدّث ذاتها :


- آآخ لقد شعرت بالملل من الجلوس هكذا ، أريدُ الذّهاب للنّوم !


إلتقت العينان الدّاكنتان للمرأتين قبل أن تبتسِم السيّدة ديفرُو وتلُقي عبارتها الأخيرة وهي تربِتُ على كتف ابنتها :


- لا تُطيلي السَّهر ! إنها الثانية عشرة وعشر دقائِق الآن بالكاد ستنامِين قبل الثانية صباحاً!


أطلقت دانيلا ضحكة قصيرة ساخرة وهتفت :


- لا لن يستهلكني الأمر كلّ هذا الوقت أمّي !


كانت معتادة على عبارات أمّها هذه ، فالسيّدة ديفرو امرأةٌ دقيقةٌ حازمةٌ ستضعُ في الحسبان أيّ أمرٍ طارئ يختصّ بالوقت فإذا ما لمحت تأخيراً طفيفاً عن موعد النوم في أبناءها فإنها ستحتسب ساعة كاملة إضافيّة سيتأخّرون بها عن الاستيقاظ صباح اليوم التالي وساعة ليل احتياطيّة يقاومون بها الأرق المحتمَل ثمّ تبدأ بتأنيبهم بشأن كلّ ذلك وأحياناً تختارُ تحذيرهم قبل أن تقع هذه الكارثة مثل ما فعلت الآن لابنتها بعد أن عبرّت عن ذات الأمر لشقيقها الّذي القابعان بجوار والدهم على طاولة هذا العشاء المتأخّر !




***



" سيحين الوقت وينتشل السّواد قلبك الّذي ينتمي إلى عالمه ..
سيدور الزمان .. سيرتمي الليل في قلب العتمة قبل أن تلتقي عقاربُ السّاعة ..
قبل أن تُلاصق بعضها .. "


[ هل هذا الصّوت .. صفحةٌ في كتاب الحلم أم جزءٌ من صورة الواقع ؟ هل أسمعُ حقاً ...]


" في ذلك الحين .. سيتحوّل الحلم إلى حقيقةٍ .. سيسقط قناعك المخيف ويرتمي
وجهك المرعب على عتبة الواقع .. ستمتزج الخيالات بكينونتك المقزّزة ..
وستنتهي "


[ صوتاً مبحوحاً يشدو ؟ ..]


على وقع هذا التساؤل وثبت دانيّلا فزعةً من سريرها ، حدّقت في ظلام حجرتها ، جالسةً فوق أثير الأغطية البيضاء للسَّرير المريح متشبّثةً بالغطاءِ السميك يندَى جبينها عرقاً وكأنّ جهاز التكييف الّذي يحيل بلاط الحجرة الرخامي اللّامع إلى كتلة جليديّة غير موجود !


" عطرا يذوب في نسيم الهواء .. بحراً ينحني إثر هذا العبور .. موجاً يستكين إلى هدوءٍ ..
غداً أيّها الإنسانُ تكون .. غداً تعود .. إلى نهايتك "


إنها تسمعه ، واضحاً .. واقعاً .. مبحوحاً .. صافياً ..
و قريباً
قريباً جداً !


صوت رجلٍ غريب يغنّي في مكانٍ مّا يبدو في عمق هذا الظّلام كما لو كان جزءاً من حجرتها كما لو ..


أحكمَت يدها فوق شفتيْها بفزع لتمنع تسلّل الاستنتاج الّذي جمّد الدم في عروقها وأحال حرارة جسدها حمّىً ترمِي ارتجافةً خفيفةً كادت لترسلها نحو عالمٍ مليء بالفزع إن لم تكُن قد بلغت بوابّة ذلك العلم الآن ! سمحت دانيلّا لنفسها بأن تنسّل من السرّير ببطءٍ ثمّ تندفع بسرعةٍ نحو الباب غير آبهةٍ بالاندفاع نحو ردهة الفندق بثياب نومها الفضْفاضة لتغادر هذا المكان فالشَّجاعة لم تكن يوماً سمْتاً في فتاةٍ مثلها ، فكيف بها أمام مشهدٍ مجهول المعالم يغوص في ظلام هذا اللّيل ويتركها وحيدةً مع صوتٍ لازال صاحبه يترَّنم بهمهماتٍ وألحانٍ لم تطق الاستماع إليها!
تحسّست موضع المقبض ثم حرّكت يدها والقفل الموضوع على الباب مرّاتٍ عديدةً لكنّه عبثاً لم يكن ليُفتح .. تسارعت أنفاسها ، أيّ لعنةٍ أيّ حظٍ عاثرٍ جعلها تختارُ وضع هاتفها في نهاية الحْجرةِ الواسعة ؟! ألا يوجد منفذٌ يحملها على الخروج من هذا الظّلام الغارِق فِي ..


[الصــّمــت ؟!! ]


لقد توقّف الصَّوت وغادر اللّحن الغريبُ المكان .. كادت دانيّلا تهوي نحو الأرض الباردةِ بعد أن داهمها الصمّت فجأة فما عادت تدري مصدر هذا صاحب الصَّوت أو مكان تواجدِه ! و لئّلا يهبط جسمها نحو الأرض كانت ستتّكئُ على الباب بعد أن يئِست من فتحه غير أنّ ظهرها اصطدم بكتلةٍ ثقيلة صلبةٍ من خلفها! أدركت دانيّلا أن حائلاً يحول بينها وبين الباب فأطلقت العنان لصرْختها وجرت بسرعةٍ نحو الشّرفة المختبئة خلف الستارة الداكنة بعد أن اعتادت عينيها على شيءٍ من ظلام الحجرة فتذّكرت موضع النافذة المستطيلة الواسعة !امتدّت يدها لتزيح القماش الرماديّ السميك الّذي يحجب عنها منفذ الأمان ولكن ..


صوت يدٍ تطرق تلك النافذة قد جمّد حركة يدها المرتجفة فابتلعت ريقها ذعراً وقبل أن يكبّلها شبح التردد عن الكشف عن هويّة هذا الطارق أغمضَت عينيها بقوّةٍ وأزاحت الستارة بقوّة أكبر .. لكنّها لم تستطع رغماً عن ضوء القمر و الأضواء الخافتة في الشوارع أن تغادر ظلام عينيها الآمن وتفتحهما لتلقي نظرةً على هويّة هذا الطّارقِ الّذي :


- د .. ا.. ـنـ .. ـيـ .. ـلّـ ..ـا ..


استمتع بالهمس بكلّ حرفٍ من حرُوف اسمها فأجبرها على أن ترسلِ صيحةٍ فزعٍ وتتراجع إلى الخلف وتفتح عينيها بذعرٍ لتلتقي بهما أخيراً ..
خضْروان ، واسعتان ، لا بل نصفُ خضراوتينِ ونصفُ صفراوتينِ و .. حدقّت بذعر ، تسمَّرت في مكانها ، فتحت وأغلقت عينيها مراراً قبل أن تؤّكد شكوكها .. كان صاحب العينين يرمش باستمرار ولكنّ جفنيه ينغلقان وينفتحان بشكلٍ طوليٍّ كخطَّين متوازيين .. رداءٌ بنيّ غريب وَ وجه شاحبٌ يكاد يكون مائلاً إلى زرقةِ الجثثْ المتجمّدة !


تولىّ صاحبُ العينين الغريبتين فتْحَ الشَّرفة رغم أنّها تعلم جيداً استحالة فتحها من الخارج ، تهاوت دانيّلا على الأرضِ وتراجعت إلى الخلف بفزع ، تجمّد لسانها عن الحديث وغادرتها القدرة على الكلام واستحال على عقلها أن يعبّر عمّا تراه بكلمات مناسبة .. أو يأتي إليها بتصرّف يتّسق ومثل هذا الوضِع الخطِرْ! تحّول الرّجل القصير إلى قامةٍ فارعةٍ وخرج صوته حاداً لا يشبُه بحَّة اللّحن الحزين قبل لحظات :


- لِمَ تحاولين الهروب آنسة دانيّلا ؟!


امتدّ شيءٌ يشبه اليدين البشريّتين غير أنّهما بلون غريب وأصابع ضخمةٍ لا تنتمي إلِيهما بشيء نحو الفتاة الِّتي التصقت بسريرها وكادت أن تذوب من شدّة الّذعر الّذي كبّلها بقيوده لكنّ اليد المخلبيَّة الخضراء الّتي انبعثت من تحت سريرها فجأة قد أكّدت أن كائناً آخر يتربّصُ بها ويبدو أقرب إلِيها من تلك اليدِ الممدودة نحوها ببطءٍ فجدّدت الكتلة الخضراءُ البيضاويّة فيم يبدو وكأنه رأسٌ آدميّ غريب الشكلل وهي تخرج ببطءٍ من تحت سريرها . جدّدت فيها حيويّة الحياة وبعثت إلى وجهها احمراراً سببه الاندفاع المتسارع لدماءها المتوتّر ونبضات قلبها المرتفعة إلِيها ، أطلقت دانيّلا صرخة مدويّة ثمّ اندفَعت ناحية اليمينِ علّها تنجو من براثن الجسد النحيل الّذي ارتفع ضاحكاً مقهقهاً بمرح ..


مهلا .. لـ لّقد .. [اختفى ! ]


صاحب الجسد الطويّل قد ..


أضيُئت الأنوار الصفراءُ في أرجاء المكان فتسّللت الدموع لعينيها اللّتين اعتادتا على الظلام وفركتهما سريعًا لتفتحهما من جديدٍ ويتزامن المشهد مع صوتٍ مألوفٍ صاح بسعادة :

şᴏƲĻ ɷ
02-10-2015, 01:37
أضيُئت الأنوار الصفراءُ في أرجاء المكان فتسّللت الدموع لعينيها اللّتين اعتادتا على الظلام وفركتهما سريعًا لتفتحهما من جديدٍ ويتزامن المشهد مع صوتٍ مألوفٍ صاح بسعادة :


- ههههههـ دانيّلا ! أنت مضحكة حقاً


مسح آسبر بمنديلٍ فوق الطاولة الجانبيّة الطلاء الأخضر ثم واصل كلماته :


- أنت كالطفّلة تماماً لا أصدّق بأنّكِ أختنا الكبرى !هل تذعرك هذه الأمور لهذه الدرّجة ؟


بينما كان طويل القامة قد نزع الساقين الخشبيّتين وكشف عن تفاصيل تنكره تحت الرّداء الغريب بعد أن أضاء كامل مصابيح الحجرة فلم يكن غير شقيقها الآخر نيكْ! صاحت دانيّلا بهما بينما انشغل نيك ذو الخامسة عشرة بمسح طلاءه وإزالة تنكّره المحكم :


- أنتما !! لا أصدّق ذلك .. يالكما من .. يالكما من ..


- عبقرّيين أعرف!


هكذا قال نيك وهو يمضي ليجلس فوق حافة سريره بينما واصل آسبر ذو الثانية عشرة بسعادة :


- أنت مسلّية حقاً دانيّلا لقد كنت على وشْكِ البكاء!


أطلقت دانيّلا تنهيدةً عميقةً ثم صرخت بهما بغضب :


- لا أصدّق .. كيف تفعلان ذلِك ؟! بل لماذا ؟! ثمّ ..


وأشاحت ببصرها نحو الشرفة المفتوحة وقالت ببطء :


- كيف فتحْتُـما الشُـر.. !


كانت الحجرةُ خاليةً إلا من وقوفها الغارق في ضبابيَّة مشهدٍ تكسوه العتمة ببطء! ، مهلاً كيف يحدثُ ذلِك ؟ أيْنَ نيك وآسبر الآن ؟!


موسيقى ..
صوت الموسيقى يتسلّل إلى أذنيها ! ..
بعيدًا صافياً هادئاً ثم اقترب أكثر فأكثر ..
إنّه مألُوف .. لحنٌ موسيقيّ مألوف ..


فتحت عينيها ببطء لتميَّزه ! ، كان هاتفها على الطاولة القريبة يضيءُ بين لحظةٍ وأخرى حاملاً اسم المتصّل بين حروف الكلمة الثّلاثة [ أمّي ] ! فيم تسّلل ضوء النّهار القويّ من خلف السّتارة .. امتدّت يدها نحو الهاتف وتحدّثت بصوتٍ خافت من تحت الغطاء الدافئ .. كانت الكلمات روتينية متقطّعة :


- آوهـ .. أجل أميّ .. إنّها أنا .. حسناً حسناً .. نصف ساعة فقط سأنزلُ حالاً!


أغلقت الهاتف وحدّقت بالأرقام البيضاء على شاشته :


[التَّاسعة وخمسُ وأربعون دقيقةً!]


استوعبَت المشاهد الغامضة الطَّويلة واختصرتها بتنهيدةٍ مرتاحةٍ ثمَّ هتفَت :


- حُــلم ! لقد كان مجرّد حلُم ! ابتسمَت .. تحوّلت ابتسامتها إلى نشاطٍ حملها على النّهوض من فراشٍ حملها إلى عوالِم الكوابِيس وغادرته إلى طاولة الإفطار الّذي انتظرتها عائلتها عليها وما تلا ذلِك من أحداث يومها الحافل بالكثير .



***


يتحَّول الغروبُ إلى البرتقاليّ الدّاكن ، فِيم تتنافسُ الطيّور الّتي شقّت صفحات السماءِ على الوصول إلى أعشاشها قبل أن يعمّ الليل أرجاء المكان ، يبتلع البحر قرص الشّمس المنعكس على صفحته الّتي أحالتها تدرجّات السماء الحمراء كبركان لا يفور ولا يحرِق المتنعمّين باللّعب في أرجاءِه فيم تتابعت الأمواج وفْقَ مسيرتها المعتادة خطواتها المتتابعة لتُنتج الطبيعة لحنها الخاصّ حيثُ ينُاغم الهواءُ حفيف الأشجار ويأتي بصدى تغريد الطّيور وهديل الحمام وصوت طيور اللّقلق البيضاء كغيمةٍ تتفرّد بالاستلقاء على غطاءِ السماء الملَّونة الصافيّة !

كانت يدُ دانيّلا تتحرّك بهدوءٍ لتلامِس القضُبان المعدنية للسيّاج الّذي يفصل الممّر الحجري عن أمواج البحار تحت المنحدرِ الصّغير الممّهد بدربٍ حجرٍّي يشبه سلماً يقود المصطافين إلى بقعة جلوسٍ مناسِبة ! هي تعلم أنّ هذه البقعة الهادئة ذات الإنارة الضئيلة غير مرغوبةٍ من قبل السيّاح فور ما يُعلن الغروب اقتراب ظلمة اللّيل وانقطاع الضَّوء عن هذا المكان ! لكنّها لم تأبَه بهم بل استمتعت برائحة البحر وصوت المياه ويديها المنسابتين المنسجمتين مع نغم الضربات المتتابعة لأصابعها حين تمرٍّرها بشكلٍ متتابع !

صُوب البحر سارت وعيناها معلّقتان في تفاصيل حجمه الشَّاسعه ولا نهائيَّته الِّتي أشعرتها بضآلتها حين تجآبِه مخلوقاً عظيماً يدفن عوالم كثيرةٍ كمثلِ هذا العالم :


"سيحين الوقت وينتشل السّواد قلبك الّذي ينتمي إلى عالمه ..
سيدور الزمان .. سيرتمي الليل في قلب العتمة قبل أن تلتقي عقاربُ السّاعة ..
قبل أن تُلاصق بعضها .."


[إنّها .. الأغنيةُ ذاتها .. من عمق ذلك الحلم الغريب ]


أجبر الصَّوت المبحوح الحزينُ دانيّلا على الالتفات لمصدره! ، لا تدرِي متى واكب هذا السّيد العجوز خطواتها وصار جزء من هذا المشهد بجانبها برداءِه الأسودِ الغريب وعينيه المختبئتين تحت القبعة المعلقّة بظهر رداءِه الّذي يشبه في اتساع أكمامه زيا مضاداً للمطر


" في ذلك الحين .. سيتحوّل الحلم إلى حقيقةٍ .. سيسقط قناعك المخيف
ويرتمي وجهك المرعب على عتبة الواقع .. ستمتزج الخيالات بكينونتك المقزّزة ..
وستنتهي "


يتعالى صوته مترنّماً بهذا الّلحن حاملاً فوق ظهره كيساً وقد ثبّته بيده الأخرى فيم انحنى ظهره بسبب ثِقَله نادتُه وقد أوقفها سيرهُ البطيءُ ولحنه المألوف :

- عـ عفواً سيديّ !


توقّف العجوز لكنّه لم يأتي بالتفاتة تسعفها لترى ملامح وجهه كاملةً ثم قال :

- هل ناديْتني يا ابنتي ؟


- عفواً .. هذه الأغنية ، وحارت في الكيفيّة الّتي يتحوّل بها عالم الكوابيس إلى كلماتٍ ثم قالت : من أين سمعتها ؟


أكرْمها العجوز بنصف التفاتة وتعالى صوته مجسّداً الإجابة الغامضةً في جملة :

- أنا أقايضُ الموت والكوابيس بأغنياتٍ تؤنِسُ وحدِتي الطّويلة !


كانت على وشكِ أن تربت على ظهره لتجبره على الالتفات بصورةٍ كاملة علّها تنظر إلى المزيد من ملامح وجهه لكنّه رفع يده بإشارةٍ يمنعها من خلالها من ذلك ثم قال :

- هل تحوّلت الشرّور إلى حلمٍ عابر ليلة أمس ؟


تقطّرت الإجابة في أنبوبة عقلها ببطءٍ ثمّ أجابت : أجل نعم


- إذن مالفائدةُ من تجاوز حدُود الأحلام والغوصِ في خبايا عوالِمها الكبيرة هنا ؟
خيّل إليها أنّه أطلق ابتسامة ومضَى .





* تمّت !

* أرجو أن تكون قد استوفت الشّروط المطلوبة


ملاحظة : يمنع نقل القصّة لأي مكان بمصدر أو بدون ولا أحّلل ذلك

şᴏƲĻ ɷ
02-10-2015, 01:47
* الهيدر خطأ :جرح: :ميت: عذراً :غياب:

Frosty Mint
02-10-2015, 22:57
حجز :أوو:

آراكي ميوكو
03-10-2015, 10:22
ماكل هذا ياسول
اتصدقين بان هاته هي اول قصة اقراها لك وهي جميلة جدا اذاً فكيف بالاخريات
طريقتك في سرد الاحداث ممتعة حتى انني اشعر بنفسي وكانني اتقمص الدور تماما،انت بارعة جدا يافتاة
اتمنى الفوز لك فانت تستحقين بالفعل
بالتوفيق عزيزتي سول

لاڤينيا . .
04-10-2015, 02:01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .


هممهههههمنمنهمممم ، القصة ككُلّ ، جَميلة
الأجواء أعجبتني ، وخصوصا البداية كانتْ ملفتة وجذابة بالنسبة لي ، وصفكِ لدانيلّا وعينيها ورموشها أدخلني في الجو على طول :ضحكة: ..
يعني انسجمت مع موجةِ القصّة ..
همممم ووصفكِ لليل والبحر أيضًا راقَ لي كثيرًا . .
في الحقيقة الفكرة هي الأروع في الموضوع بأكمله ، مقايضة بائع الموت ، ذلك رائع حقا ، أن تُقايض الكوابيس بأحلام رائعة
الغموض الذي يغلف القصة محمس ـ، فكيف يتمكن ذلك العجوز من دخول أحلام الآخرين ومن أين يعثر على الأغنيات أيأخذ كوابيس الآخرين ويقايضها مع من يعطيه الأغنيات ؟
بالرغم من أن هذه التساؤلات طرأت على بالي إلا أنني أحب جهلي بها ، فعدم توفر تفسيرات لها في القصة تضفي عليها غموضا فانتازيا محببًا $___$


أتعلمين عندما انقلب الكابوس إلى حلم مضحك ظننت أنّ ذلك حدث حقيقة إذ أني لم أكن أعلم أن الكابوس كابوس :ضحكة: ..
التّرنيمات راقت لي أيضًا
والأجواء عموما
والسور الحجري
وكل شيء :قلوووبااات:
خصوووصا مشهد الغروب :قلووبات:

أتمنّى لكِ حظًّا موفّقًا مع دانيلا في كل القصص :أوو: ..
أعتذر لقصر ردي :مذنب: :محبط:

أستودعكِ الله $

white dream
09-10-2015, 22:08
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

كيف حالك يا جميلة :أوو: بخير وعافية إن شاء الله ..

عدت أخيرا ، ورغم طول المدة ما زالت تحت تأثير القصة ^^
جميل ما كتبتِ دخلنا ذلك العالم رغما عنا ، ودخلنا ذلك الحلم أو الكابوس أيضا ..
أحببت الغموض فيها ، وشجاعتها عندما أوقفت العجوز عند الشاطئ المظلم ، لو كنتُ مكانها لأطلقت ساقي للريح ^^
الشيء الأخر الذي أحببته هو أغنية العجوز ذاتها هههههـ .. يا إلهي صرت أعيدها بصوت مسموع مرة وهمسا مرة أخرى ..
هل يستبدل كوابيس الناس بالأغاني ؟ أرسلوه لي إذا هناك حفنة من كوابيس مزعجة سيسرني أن يأخذها ^^

بالملخص لقد أحببت القصة وسرني أني قرأتها ، سأنتظر النسخة الكوميدية منها هههههـ ...

رعاك الله ^^

الصوت الحالم
10-10-2015, 17:40
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

رغم أن قصتكِ كانت من أوائل القصص التي قرأتها إلا أنه لم يسعني الوقت لأكتب رداً غير الآن

ذلك العجوز بعيداً عن كل شيء أثار فضولي و تمنيت لو تطول الأحداث لأعرف عنه أكثر
فقد توقفتِ عند نقطة في غاية التشويق و الحماس

هو يقايض الكوابيس بالأغنيات كما يقول، و لكن كيف يرتبط ذلك بالموت؟ هل هو الرعب المستبد بالنفوس

ناهيك عن تلك الأغنية التي أتقنتِ نسجها و الوصف الجميل السلس
أنتِ تكتبين ببراعة حقاً
أرجو لكِ كل التوفيق و النجاح
كوني بخير

شجون الذكريات ~
14-10-2015, 12:38
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ مدة وأنا أرغب في كتابة رأيي بشأن القصة ولكنني كنت منشغلة كثيراً ولا زلت كذلك :محبط:
لكنني لم أحبذ تأخير ردي أكثر من هذا :نوم:

لأكون صريحة معك القصة ليست جميلة بل أكثر من ذلك ::d
تمتلكين قلماً مبهراً بحق ، طريقة وصفك دقيق جداً ما شاء الله
أنا فعلاً منبهرة من جمال اسلوبك :أوو:

في أمان الله

ديدا.
08-01-2016, 05:30
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طيب يا جميلتي، كيفك؟
سامحيني ع التأخير، بس بجد ما قدرت أقرأ وأكتب رد إلا اليوم :بكاء:

عودة للقصة:

استمتعت، حبيت الرعب حسيت عشت معاها الجو، اتوقع العجوز لو كان دار كانت بانت نفس العيون اللي شافتها من نافذة الشرفة :لقافة:
متعتيني بجد + ما ترسيلي عجوز زيه ديلفري :ضحكة:
بودي أكتب رد طويل يحكي عن السلاسة والجمال بس بجد كلماتي نفذت
يعطيك العافية سول :أوو:

في أمان الله

lmeau makki
09-01-2016, 18:56
السلام عليكم
كيف الحال ...ان شاء الله بخير
انا بالنسبه الي لقد احببت الروايه و احسها مختلفه و حد الان لم اكتشف عن ماذا تدور احداث الروايه فهي مليئه بالغموض يا اختي
و العنوان كان حقا حقا غامض و مختلف عن البقيه و كان سبب دخولي لذا ارجوك استمري في اطلاق قدرتك الرائعه وتجسيدها :على شكل كلمات يا مبدعه فانها ساترقب البارت الجديد باقرب وقت:e418: