PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : التقليد والتفكير



الورّاق
30-06-2015, 17:20
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=2106876&d=1451405951


السلام عليكم


الذي جعل العرب لا يميلون الى التفكير ولا يبدعون في هذا العصر هو محنة النموذج الغربي الجاهز ، والذي يحتاج فقط إلى التقليد .. ولكن التقليد لا يخلق التفكير ولا الابداع ، و صار الصراع هو على هذا التقليد و ما معوقات التقليد الغربي .. و كيف نقلد باسرع وقت ! الشخص إما أن يكون مقلدا أو مفكرا, والأمة كذلك إما مقلدة أو مفكرة, لأن التقليد ينافي التفكير, والتفكير يبعِد عن التقليد.

تصوروا امة يـُطلب منها التقليد ولا يطلب منها التفكير ! فكيف سينشأ التفكير فيها؟ بل يـُحارَب التفكير بتهمة رفض النموذج الجاهز, سواء كان تراثيا أو ليبراليا مستوردا , بحيث تلتقي التقدمية مع الرجعية في كبت العقل, والأكثر اعتدالا -على حسب قولهم - يقدمون نموذجا توفيقيا -أو تلفيقيا إن شئت- ، فيأخذ من هذا الصندوق ومن ذاك الصندوق ليقدم صندوقا ثالثا للأفكار المعلبة, سواء في الأدب أو في السياسة أو في الاقتصاد او في الفن أو في الدين أو في الاجتماع...إلخ, و كلنا يعرف هذه الصناديق الثلاثة التي لا رابع لها مع الأسف , و هي صناديق العقل العربي المعلب المعاصر .. بضاعة تختلف مصادرها بين المحلي الخالص والمستورد الخالص و المركب من الاثنين, و المدارس الأدبية في الأدب العربي و في العصر الحديث تقدم صورة واضحة لهذه الصناديق الثلاثة - لأن الأدب صورة لواقع أي أمة - فمدرسة الإحياء و مدرسة التغريب و مدرسة توفيقية .. وهكذا في كل مجال , وما سوى هذه الصور الثلاث يعتبر تجديفا وليس تفكيرا , وتتآزر هذه القوى الثلاث على وأده ! كلٌ يقدم نموذجا جاهزا, على اعتبار ان ذلك النموذج كامل وغير قابل للنقاش ولا مراء في جودته.

التقليد التقليد ، و سرعة التقليد .. و كل من اراد ان يناقش او يفكر فهو داعية للتخلف ، فالتفكير تخلف والتقليد ليس بتخلف!!

العلم والتكنولوجيا لا تنطبق عليه كلمة تقليد ، لأن العلم واحد وأي مكتسب علمي هو مكتسب بشري وليس خاص بثقافة دون أخرى ، والحضارة وعلومها بنتها البشرية جميعاً ، والمقصود بالتقليد إذا هو التقليد في غير الأمور العلمية والصناعية التكنولوجيه ، وهي أمور ليست علمية ، فلماذا التقليد فيها؟ ، أقصد العادات والتقاليد والنظرة الى الحياة والإنسان والمجتمع واللباس والأكل وطريقة العادات والعلاقات ونمط الحياة والدين .

وفكرة لكي تحصل على المنتَج (بفتح التاء) لابد أن تقبل المنتِج (بكسر التاء) فكرة خاطئة ، فالغرب أنفسهم أخذوا المنتَج (بفتح التاء) من الشعوب الأخرى ولم يأخذوا المنتِج (بكسر التاء) ،فليست الحضارة الغربية هي نهاية التاريخ حتى نكون ملزمين بها , فالإنسانية في تطور مستمر , وقد تتجاوز النمط الغربي في يوم من الأيام إلى نمط أفضل .

والعالم العربي مليء بمقلدين الغرب في حياتهم وأسلوب تفكيرهم ، لكن لم نجدهم وصلوا السماء بعلومهم وتطورهم التكنولوجي ، بينما نجد الأكثر نجاحا هم الأكثر جدية في عملهم حتى لو كانوا من المحافظين ، فالعلم يعطيك بعضه إذا أعطيته كلك، ولا يسأل عن انتماءاتك الفكرية ، بل إن نسبة التفوق والنجاح نجدها ليست لصالح المتحررين والليبراليين وهذا دليل بين ظهرانينا - ويستطيع كل شخص أن يجمع الشواهد من مجتمعه المحيط - لأن الليبرالية انفلات ، والنجاح يحتاج الى انضباط .

والغرب يروج لثقافته من خلال هذه الفكرة ، فكرة أن من أراد أن يكون مثل الغرب في تقدمه المادي عليه أن يكون مثله في حياته الاجتماعية والمعنوية على مبدأ ( خذني بالكامل أو اتركني بالكامل ) وهو شرط بلا مبرر ، إلا رغبتهم في تسويق أفكارهم الاجتماعية والخلقية والممجوجة من قبل الشعوب الأخرى على متن قطار العلم والتكنولوجيا ، فالكيمياء مثلا لا علاقة لهبأيدلوجية من يجري التجربة هل هو مسلم أم ملحد أو أفريقي أو صيني أو أمريكي ونظرته للمجتمع وهل هو يهتم بالموضة والهوايات الغربية أم لا؟ وهل يؤمن بالمساواة بين الجنسين أو لا حتى تنجح التجربة ، وقوانين الميكانيكا لا تسأل هل أنت متابع لأفلام هوليود أم لا ؟ ، فالعلم له قوانين من احترمها سوف يستفيد من العلم من خلال التكنولوجيا والعلوم التطبيقية ، إذا أخذ العلم لا يسمى تقليدا لأنه إذا كان هذا العلم ولم أقلد من سبقني فيه ، فهل سوف اكتشف علما جديدا مع أنه العلم واحد ، فإذا اكتشف العلم أن الأنسولين تفرزه غدة البنكرياس مثلا ، هل أرفض هذا العلم وأبحث عن غدة أخرى غيره تفرز الأنسولين ، لأنها هي الوحيدة المختصة بإنتاج الأنسولين في الجسم ، والحضارات منذ القدم تتلاقح ويأخذ بعضها من بعض ، فلماذا هذهالحضارة الغربية المغرورة تطالب الحضارات الأخرى بأن تأخذها بالكامل ، وهذا مالم يحدث في تاريخ الحضارات .

وكأن الإعلام الغربي يأخذ مجهود الجادين وينسبه الى اللعابين .بينما رأينا الجادين والصابرين يتميزون ويحصلون على النجاح في كل مكان وليس في الغرب فقط ، وعبر التاريخ .الإبداع العلمي يحتاج الى الثقة بالنفس والتشجيع وليس الى الإنفلات الأخلاقي الذي ينتج الإدمان والأمراض النفسية ولا ينتج الإبداع .إذا فكرة أخذ الحضارة بالكامل أو تركها بالكامل هي فكرة خاطئة بالكامل .

لا زلنا في الموضوع نفسه وهو التقليد ، فالتقليد على مبدأ ليس بالإمكان أفضل مما كان ، أو على مبدأ الحضارة الغربية هي نهاية التاريخ ، والصورة التي تقدم عن العرب والمسلمين في الماضي مع أن فيها صحة جزئية ، إلا أنها صورة قاتمة ، و ليست قاعدة عامه ، وليس كل إبداع يُحارب لأنه إبداع .. نعم كانت السياسة تتدخل أحيانا وتشوه بعض المبدعين ، لكن إذا لم يكن لها علاقة أو استفادة فإنها تشجع المبدعين .. كان الأمراء والخلفاء هم أكبر الحوافز للعلماء والمبدعين و الكتاب ، وبلاطاتهم تعج بالمثقفين والعلماء .. وكان الكثير من الكتاب يهدون كتبهم الى الأمراء والخلفاء . فالأرستقراطية كانت تدعم الإبداع ، و هذا ما حصل في عصر النهضة في اوروبا ، و في الخلافتين العباسية و الأموية ..

من وجهة نظري ليست سبب أزمة الابداع عندنا هو القمع على طول الخط ، فهذه مبالغة لا شك ، في الماضي والحاضر . لا أتوقع أن أحدا سيقف في طريق من سيبدع في مجال علمي أو أدبي أو تكنولوجي ، لأنه سيخدم الجميع ، بمن فيهم القامعين . بل ويسجل له براءة اختراع إذا كان مخترعا .. المشكلة نفسية ، وهي الشعور بالنقص ، وفكرة أن الغرب أبدعوا وانتهى الأمر ، بل وفكرة أنه لا يمكن أن يبدع أحد إلا في تلك البلاد ، إذا تغيرت هذه الأفكار فسوف يكثر الإبداع في كل المجالات .

وهناك قمع أشد من أي قمع ، وهو قمع المجتمع ، الذي يحبط و يثبط ويسخر من الموهوبين ، معتمدا على النموذج الأجنبي .. و هذا الموقف السلبي من الإبداع الذي يقدمه المجتمع ، هو نتيجة لانهزامه النفسي أمام المجتمع الغربي ، الذي لا يكاد أن يرى حتى عيوب ذلك المجتمع .. وغاية آمال مجتمعاتنا ان تكون مثل مجتمعات الغرب ، ومن سار إلى الغرب وصل .. و كل الطرق تؤدي إلى روما .. مع ان المفترض ان المجتمعات تسعى الى المثالية ، لا إلى مجتمع يرفض المثالية علنا ، ويستبدلها بالعلمانية والواقعية ..

إذا كيف يصوّر المجتمع الغربي بأنه مجتمع مثالي ؟ وهو يرفض ان تحكمه الاخلاق ؟ بل يريد ان يحكمها هو ! بل ويرفض القيم كلها ، ولا قيمة عنده الا للسوق والواقع .. هل هذا المجتمع يصلح قدوة ؟ لن يكون قدوة الا لمن يفكر مثله فقط .. وحينها لا يحق له ان يدعي البحث عن الوضع المثالي ..

العلم مكتسب بشري شارك فيه الجميع ، إذا على الغرب على مبدأ أن الإبداع يكون بعد الوصول لمكتسبات الغرب هذا أن يتخلى عن صفرنا وورقنا ويخترعوها من جديد وهذا كلام غير معقول ، التقليد الذي اقصده هو التقليد الاجتماعي والفكري ، أما العلم فلا تقليد فيه وتتناقله الحضارات والأمم كحق للجميع ، والغرب قلدوا فيه غيرهم ويقلدهم غيرهم فيما اكتشفوه من العلم ، والعلم أصلا لا تقليد فيه ، التقليد فيما يكون فيه خيارات ، والعلم خيار واحد ، إذا عرفوا أحد من البشر فهو ملك لبقية البشر وليس ملك له ، لأن الله الذي علم من خلال الطبيعة التي خلقها الله ، الغرب لم يخلق طبيعة جديدة حتى يستقلوا بها وبعلومها .

أما عن التفكير يأتي بعد قبول التقليد فهذا سينتج اضافات على الأصل المقلّد ، وهذا نوع من التفكير وليس كل التفكير ، أحيانا يكون المقلَد ليس صحيحا أو فيه أخطاء ، إذا لابد من النقد وهو من وجهة نظري هو التفكير المفيد وليس التقليد ، حتى التلميذ المتلقي يستطيع أن يفكر ويناقش ويقيّم قبل أن يتبنى ، وهذا هو التلميذ الذي يستحق التعليم.

التقليد بحد ذاته منافي للتفكير ، يجب أن يكون التفكير أولا ، فإذا حتّم التفكير التقليد ، وهذا لن يكون شاملا بكل حال ، حينها يكون التقليد مقبولاً – وإن كان في حقيقته تفكير – وبالتالي التفكير يعني ثقة في النفس والتقليد يعني انهزام واستسلام ، والمنهزم يقبل كل شيء مايضره وماينفعه .

نريد أن تقلّد على بصيره ، ونبتكر على بصيره ، ومن كان هذا شأنه لا يسمى مقلداً ، العلم ليس مشكلتنا في التقليد ، مع أن التفكير يجب أن يكون له دور حتى في نقل العلم وتطويره وربماتغيير جزئي فيه وفي توجهاته ، المشكلة في تقليد الأنماط السلوكية

والفكرية الفردية والاجتماعية والتي لا شأن لها بالعلم .

Her Soul
01-07-2015, 11:59
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


والمقصود بالتقليد إذا هو التقليد في غير الأمور العلمية والصناعية التكنولوجيه

صحيح، فالعلم يحتاج لتراكم خبرات ومن ثم ابداع، لذا تقوم جامعاتنا بتشغيل باحثين أجانب " اوروبيين، يابانيين ... الخ "
مقابل نشر ابحاثهم باسم الجامعات، فقد سمعت بأن جامعة عربية للعلوم وصلت لتصنيف جيّد من حيث الأبحاث بمجال
الرياضيات، فكان السبب بكل اختصار ان الجامعة تقوم بدفع أجور معينة للباحثين الاجانب ليقوموا بنشر البحث
باسم الجامعة، وبالتالي يزيد عدد أوراق البحث المنشورة باسم المؤسسة وبالتالي ترتقي بالتصنيف، وذلك ما يعدو مجرد
تقليد، فنحن اليوم نقوم بالاستثمار بالحضارة، وهذا أخطر من مجرد التلقيد، فالمقلد يعرف بانه يُقلد وهناك امل بان يستيقظ
مرة أخرى، لكن من يقوم بالاستثمار بالحضارة يقوم بشكل صارخ وصريح بدفع "مادة" مقابل " تقدم" وبالتأكيد هذه الامور
لا علاقة للتجارة والاستثمار بها، فانت بالنهاية يجب ان ترتقي باسلوب حياتك ليتوافق بما تقدمه من علم والا كان لدينا
مجتمع لا هوية له، وهذا ما يحدث للاسف، فالتقدم نتيجة لفكر معين وليس سبب برأيي . :مرتبك:

شكرا لك اخي الكريم علي الموضوع ، سررت بقراءته :)

ألحان الحياة
03-07-2015, 02:31
موضوع جميل :)
مر وقت طويل مذ رأيت موضوعاً كهذا ^_^

التقليد و التبعية تشربت في مجتمعاتنا العربية حد الغثيان .. !!
حتى على صعيد الشخصيات أكاد أجن حتى أستخرج الاختلافات الخمسة بين كل الشخصيات التي أقابلها ..
أصبح من الصعب أن تجد تفكير غير نمطي ، مبدع ، أو مبتكر ..
أنا أؤمن أن العالم العربي مليء بالطاقات والإبداعات والمواهب ..
ولكنها كامنة أو لم تظهر لأسباب ذكرتها أنت ..
وهي عقدة النقص وعقدة الأجنبي الخارق الأزلية التي تواجه الفرد العربي
أضف إليها عدم اكتشاف الشخص لقدراته ومواهبه ويمر عليها مرور الكرام أو في حالة اكتشافه لها يمارسها أيضاً بنمطية ..
لديهم مواهب ولكنهم لايبتكرون فيها ..

أنت همشت دور المحبطين والقامعين للمواهب والطاقات ، أنا أقولك أن أكبر بلاء يواجهه من يملك فكر مخالف ومبتكر
هو أؤلئك التبعيون المثبطون والذين يخافون على مناصبهم أياً كانت صغيرة أم كبيرة من شرارة تفكير مبدعة ..

وأكبر مثبط هو الأنظمة التقليدية التي أكل عليها الدهر وشرب ، اذهب لكل مؤسسة حكومية أو خاصة تعليمية أو تجارية إلخ سترى أن القوانين فيها هي أكبر عائق أمام الإبداع والتطوير .. لقد شهدت هذا بنفسي ..

متى يتم دعمك ؟ إذا كان الجهة لها مصلحة من دعمك .. إذا كان دعمك سيعطي سمعة طيبة ومكانة لهذه المؤسسة أو الجهة .. تقوم بدعمك معنوياً فقط أما مادياً فهذا نادر ما يكون وبعدها يقولون لك مع السلامة بعد ما تفاخروا بك أمام العالم فأنت بالنسبة لهم مجرد أداة تسويقية أو دعائية لهم ويكونون هم في الواجهة وأنت في المؤخرة :)

وهذا ما يجعل الكثيرين من المبدعين يلجؤون إلى دول خارجية لتسجيل براءة اختراعاتهم على سبيل المثال .

والنقطة الأخرى هي الإعلام ، أكاد أجزم أن أكبر بلاء في مسألة التقليد ومن يساهم في نشره هو الإعلام الفاسد التقليدي الفاشل الذي يروج للآخر على أنه ملاك منزل من السماء وللأسف لا يأخذ منه إلا الدون والانحطاط في كل شيء ..

التقليد أصبح يمارس باسم الموضة والحداثة والتطور لم يعد يسمى تقليداً أي شخص مختلف هو شخص متخلف يغرد خارج السرب الأكثر فكاهة أن كل شخص يظن أنه مختلف بينما في الواقع هو واحد من القطيع الذي يستعبد لمفاهيم يقرها المجتمع أو من يسميهم المجتمع بالمشاهير أو النخبة من المثقفين أو حتى طبقة المراهقين .. !!

ستجد مثلاً أن استخدام المنتديات اليوم يعد تخلفاً وكما يقال _ ماتوا اللي يستخدمونه _
الأمر نفسه مع جوالات نوكيا مثلاً .. كل شيء قديم حتى لو كان ذا جودة ومفيد سيعد من باب التخلف .. !!

صدقني لم أفهم إلى الآن ما سر هذا التقليد والتبعية المقيتة في كل شؤون الحياة .. ما يسؤوني أنها وصلت على الصعيد الاجتماعي بل على النفسي والذاتي .. أنا أتعامل مع نسخ بشرية مكررة ..

روح الابتكار والاستقلال لم تعد موجودة إلا فيما ندر في نفوس الشباب .. !!

وللأسف من ينادون باسم الاختلاف ولهم محاولات في ذلك أولئك الذين انحرفوا عن المسار القويم ويرون أن الدين الإسلامي هو أساس التخلف في العالم العربي وينظرون إلى التحرر على أنه تطور وتقدم حضاري .


_ أحببت أن أشير إلى نقطة مقالتك جيدة ولكن تحتوي على بعض التكرار الذي قد يمل القارئ منه انتبه له مستقبلاً _
شكراً لك .