PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : خربشة طائشة



جثمان ابتسامة
14-12-2014, 17:49
برودة الأرض تُعانق ظَهَره، أنفاسه الهادئة تتابع بانتظام، وأهدابه الكثيفة مُسْدَلة، تحجب بريق الياقوتتان الزرقاوتان عن الأنظار
لا إنه ليس نائمًا، لكنها نفسه تأبى عليه إلاّ أن يمارس طقسًا وداعيًا فريدًا من نوعه، على كلٍ هو رجل المفاجآت الأول
فلا يُستغرب صدور هذا التصرف منه، لطالما فاجئ الآخرين بأفعال تبقيهم حبيسي الدهشة لبرهة طويلة من الزمن ..
مراوح الشفط في دورات المياه تدور بسرعة رهيبة إثر الهواء القوي في الخارج، وكلمات أنشودة طفولية تتردد ألحانها على مسامعه، وكأنها آتية من جهاز التلفاز في غرفة الجلوس
" قفز الأرنب..
خاف الأرنب
كنت قريبًا منه ألعب
أبيض أبيض مثل النور..
يركض في البستان يدور..
يبحث عن ورقات خضر..
يخطفها كالبـ .. "
اختفاء الصوت بغتة أكد له أن طفلته المشاكسة تغط في نومٍ عميق، وإلا لأقامت الدنيا ولم تقعدها، احتجاجًا على انقطاع البث المفاجئ - بسبب الأحوال الجوية المضطربة - الذي أفسد عليها متعة سماع وترديد أنشودتها المفضلة
رن الهاتف النقال في جيبه بنغمة صاخبة، فنفض كل ما يمت لطقوسه بصلة - بعيدًا - ، واستوى واقفا بحركة سريعة وهو يسحب " مصدر الإزعاج " ليغيره إلى وضعية " صامت " دون أن يفكر بإجابة المتصل، دس الهاتف في مخبأه مجددًا، ووطأة القلق الهائل التي تجتاح كيانه تجعله يمارس - دون قصد - سلوكًا إجراميا بحق أنامله حين يزيد من ضغطه عليها حتى توشك مفاصلها أن تتمزق.. ها قد بدأ العد التنازلي ..
سيشتاق إلى هذه الجدران والنوافذ والأبواب، سيحن إلى برودة البلاط التي ودعها قبل قليل، وإلى ابتسامة دافئة طالما استقبلته عند قدومه وشيعته عند خروجه، سيفتقد تقطيب صغيرته الحبيبة عندما يشاكسها في أمر ما، وسيحن لرؤية جديلتها التي غالبًا ما ترتاح على كتفها، سيشتاق لكل شيء بأدق تفاصيله الصغيرة التي قد يراها غيره تافهة ..
خطواته المتوقفة وسط الصالة بدت مترددة بين أن تمضِ إلى الأمام حتى تغادر المكان برمته، أو تتراجع قليلا إلى غرفة الجلوس حيث ترقد ملاكه الصغيرة هناك كما يتوقع، يود أن يلقِ عليها نظرة أخيرة تكون مُعينًا له يتقوى بها طوال الطريق، بل طوال فترة بعده عنهم، لكنه كز على أسنانه بغيظ، وفضّل أن يرحل معاندًا هوى نفسه، نعم سيرحل دون زاد ويعلم أنه سيموت صريعًا من شدة الشوق قبل أن يصل إلى وجهته المطلوبة..
.
.
.
.

" كيف فعلها وغادر دون سابق إنذار قبل أن يودعنا ؟! "
خيبة كبيرة استوطنت فؤادها، قطرات مالحة تنزلق من عينيها وتلطخ الحبر الذي يزين بياض الورقة المستقرة بين كفيها، مسحتها بعصبية وأذناها تلتقطان صوت الأنشودة التي تصدح بإعادتها إحدى قنوات الأطفال
" قفز الأرنب..
خاف الأرنب
كنت قريبًا منه ألعب
أبيض أبيض مثل النور.. "
تحب هذا اللحن الطفولي كثيرا، لكنه استحال الآن لذكرى سوداء تخنق رئتيها، وتُقطّع نياط قلبها كالسكين
تراءت في ذهنها صورة له وهو يردد هذه الأنشودة التي حفظها عن ظهر قلب والفضل يعود لـ " ياسمينة قلبه " أو " ملاكه " كما يدعوها، واختارت أن تمزق ملامح هذه الذكرى قبل أن تكتمل حين صاحت بطفلتها في حنق:
- أغلقي التلفاز، أنا لا أحب الأرانب، لا أحبها !

جثمان ابتسامة
14-12-2014, 17:52
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

مزاج " الهروب من الامتحانات " الفائض، يدفعني دون شعور، دون تخطيط مسبق، للخوض في ميدان الكتابة التي توقفت عنها الفترة الماضية لأجل غير مسمى
وهذه النتيجة (خربشة طائشة ) إن أحببتم تسميتها بذلك كما ذكرتُ في العنوان
اممم بإمكانكم اعتبارها قصة قصيرة، أو قصة غير مكتملة، أو مقطع من رواية، أو مشهد من واقع الحياة، أو ما شئتم
وإن أحببتم ( شرشحوا ) كتابتي أو انقدوها، أو امدحوها، أو اقرأوا من خلف الكواليس وامضوا دون تعليق
أو لا تقرأوها من الأساس .. أنتم وما ترغبون ::سعادة::

* أرجو من الله أن تكونوا جميعًا بخير .. اشتقت لكم كثيرًا
دمتم في حفظ الله ..

Mnowolita
15-12-2014, 15:09
خربشاتك الطائشة اطاشتني معها..
ان كان هذا ما أسفرت عنه امتحاناتك...فأرجو ان لا تنتهي امتحاناتك<<<<<<<شريرة:em_1f606:

جمال الاسلوب وحلاوة الوصف اسرتني..ماشاء الله لا قوة الا بالله

يجعل الله الحروف في أيدي من يشاء سحرا...
أعجبتني ولم أملك نفسي عن الرد...^_^

ahlemm
15-12-2014, 16:58
برودة الأرض تُعانق ظَهَره، أنفاسه الهادئة تتابع بانتظام، وأهدابه الكثيفة مُسْدَلة، تحجب بريق الياقوتتان الزرقاوتان عن الأنظار
لا إنه ليس نائمًا، لكنها نفسه تأبى عليه إلاّ أن يمارس طقسًا وداعيًا فريدًا من نوعه، على كلٍ هو رجل المفاجآت الأول
فلا يُستغرب صدور هذا التصرف منه، لطالما فاجئ الآخرين بأفعال تبقيهم حبيسي الدهشة لبرهة طويلة من الزمن ..
مراوح الشفط في دورات المياه تدور بسرعة رهيبة إثر الهواء القوي في الخارج، وكلمات أنشودة طفولية تتردد ألحانها على مسامعه، وكأنها آتية من جهاز التلفاز في غرفة الجلوس
" قفز الأرنب..
خاف الأرنب
كنت قريبًا منه ألعب
أبيض أبيض مثل النور..
يركض في البستان يدور..
يبحث عن ورقات خضر..
يخطفها كالبـ .. "
اختفاء الصوت بغتة أكد له أن طفلته المشاكسة تغط في نومٍ عميق، وإلا لأقامت الدنيا ولم تقعدها، احتجاجًا على انقطاع البث المفاجئ - بسبب الأحوال الجوية المضطربة - الذي أفسد عليها متعة سماع وترديد أنشودتها المفضلة
رن الهاتف النقال في جيبه بنغمة صاخبة، فنفض كل ما يمت لطقوسه بصلة - بعيدًا - ، واستوى واقفا بحركة سريعة وهو يسحب " مصدر الإزعاج " ليغيره إلى وضعية " صامت " دون أن يفكر بإجابة المتصل، دس الهاتف في مخبأه مجددًا، ووطأة القلق الهائل التي تجتاح كيانه تجعله يمارس - دون قصد - سلوكًا إجراميا بحق أنامله حين يزيد من ضغطه عليها حتى توشك مفاصلها أن تتمزق.. ها قد بدأ العد التنازلي ..
سيشتاق إلى هذه الجدران والنوافذ والأبواب، سيحن إلى برودة البلاط التي ودعها قبل قليل، وإلى ابتسامة دافئة طالما استقبلته عند قدومه وشيعته عند خروجه، سيفتقد تقطيب صغيرته الحبيبة عندما يشاكسها في أمر ما، وسيحن لرؤية جديلتها التي غالبًا ما ترتاح على كتفها، سيشتاق لكل شيء بأدق تفاصيله الصغيرة التي قد يراها غيره تافهة ..
خطواته المتوقفة وسط الصالة بدت مترددة بين أن تمضِ إلى الأمام حتى تغادر المكان برمته، أو تتراجع قليلا إلى غرفة الجلوس حيث ترقد ملاكه الصغيرة هناك كما يتوقع، يود أن يلقِ عليها نظرة أخيرة تكون مُعينًا له يتقوى بها طوال الطريق، بل طوال فترة بعده عنهم، لكنه كز على أسنانه بغيظ، وفضّل أن يرحل معاندًا هوى نفسه، نعم سيرحل دون زاد ويعلم أنه سيموت صريعًا من شدة الشوق قبل أن يصل إلى وجهته المطلوبة..
.
.
.
.

" كيف فعلها وغادر دون سابق إنذار قبل أن يودعنا ؟! "
خيبة كبيرة استوطنت فؤادها، قطرات مالحة تنزلق من عينيها وتلطخ الحبر الذي يزين بياض الورقة المستقرة بين كفيها، مسحتها بعصبية وأذناها تلتقطان صوت الأنشودة التي تصدح بإعادتها إحدى قنوات الأطفال
" قفز الأرنب..
خاف الأرنب
كنت قريبًا منه ألعب
أبيض أبيض مثل النور.. "
تحب هذا اللحن الطفولي كثيرا، لكنه استحال الآن لذكرى سوداء تخنق رئتيها، وتُقطّع نياط قلبها كالسكين
تراءت في ذهنها صورة له وهو يردد هذه الأنشودة التي حفظها عن ظهر قلب والفضل يعود لـ " ياسمينة قلبه " أو " ملاكه " كما يدعوها، واختارت أن تمزق ملامح هذه الذكرى قبل أن تكتمل حين صاحت بطفلتها في حنق:
- أغلقي التلفاز، أنا لا أحب الأرانب، لا أحبها !

ان القصة في غاية الروعة وكلماتها كا النسيم يتسارع ليدخل من حيث الجفون التعبة
شكرا لك عليها حيث الوصف مليئ بسيارات تترك لك العنان الخيال

جثمان ابتسامة
17-12-2014, 08:35
خربشاتك الطائشة اطاشتني معها..
ان كان هذا ما أسفرت عنه امتحاناتك...فأرجو ان لا تنتهي امتحاناتك<<<<<<<شريرة:em_1f606:

جمال الاسلوب وحلاوة الوصف اسرتني..ماشاء الله لا قوة الا بالله

يجعل الله الحروف في أيدي من يشاء سحرا...
أعجبتني ولم أملك نفسي عن الرد...^_^

من أظرف التعليقات التي قرأتها .. خصوصًا السطر الأول :d
و
شكرًا من الأعماق .. حقًا أسعدني ردك
أ ترين خربشتي المتواضعة بهذا القدر من الجمال حقا ؟

أمّا بالنسبة للامتحانات :لقافة:
أحبها عندما تغمرني بموجة من الإلهام الجميل
وليس لأجل ذلك فقط .. أجواء الامتحانات عموما هي الأفضل والأحب بالنسبة لي
مع أني لا أحب المذاكرة .. من يحبها أصلا ؟ :غياب:
لكني بأي حال لا أتمنى أن تطول مدتها وإن كنت أُحب أجوائها كما أسلفت

>> أعانكم الله.. جثمان لديها طاقة كلامية اليوم :واجم:
يا ضميري .. حسنا لن أرد عليك ببساطة .. افرنقع عن وجهي فقط :تعجب:

المهم .. أعتز بردك كثيرا يا آنستي :أوو:

جثمان ابتسامة
17-12-2014, 08:42
ان القصة في غاية الروعة وكلماتها كا النسيم يتسارع ليدخل من حيث الجفون التعبة
شكرا لك عليها حيث الوصف مليئ بسيارات تترك لك العنان الخيال

:أوو:
شكرًا على التعبير الرقيق
مع أني لم أفهم تحديدًا ما المراد بكلمة " سيارات "
لكن أسعدني تعقيبك

هذه فائدة الامتحانات فعلا .. تطرد مارد الكسل من أعماقي لأبعد مكان على وجه الكرة الأرضية :d

دمتِ بخير ..

ahlemm
17-12-2014, 12:09
:أوو:
شكرًا على التعبير الرقيق
مع أني لم أفهم تحديدًا ما المراد بكلمة " سيارات "
لكن أسعدني تعقيبك

هذه فائدة الامتحانات فعلا .. تطرد مارد الكسل من أعماقي لأبعد مكان على وجه الكرة الأرضية :d

دمتِ بخير ..

سيارات يقصد بها الكلمات الوصف والمجازات

أرتب النسيان
26-12-2014, 15:48
لحظات من الملل..سجلت الدخول
وبانتظار المطعم
وكنت أبحث عن قصة قصيرة تأخذني بعيدا عن هذا الجو الروتيني
وعن توتر الاختبارات
وماان بدأت القراءة حتى اندمجت ولم أشعر بما حولي
رغم قصر القصة لكنها معبرة جدا
- أغلقي التلفاز، أنا لا أحب الأرانب، لا أحبها !
أدهشتني هذه العبارة عندما علمت أنها من أبنة البطل
وأعجبني محاولة تمزيقها للذكرى

أتمنى قراءة المزيد
في حفظ الله

جثمان ابتسامة
28-12-2014, 07:30
سيارات يقصد بها الكلمات الوصف والمجازات

مرحبًا بك مجددًا
آها .. شكرًا على التوضيح يا عزيزتي ^_^

جثمان ابتسامة
28-12-2014, 07:33
لحظات من الملل..سجلت الدخول
وبانتظار المطعم
وكنت أبحث عن قصة قصيرة تأخذني بعيدا عن هذا الجو الروتيني
وعن توتر الاختبارات
وماان بدأت القراءة حتى اندمجت ولم أشعر بما حولي
رغم قصر القصة لكنها معبرة جدا
- أغلقي التلفاز، أنا لا أحب الأرانب، لا أحبها !
أدهشتني هذه العبارة عندما علمت أنها من أبنة البطل
وأعجبني محاولة تمزيقها للذكرى

أتمنى قراءة المزيد
في حفظ الله

يا أهلاً وسهلاً بك يا عزيزتي
مفاجأة سارّة ^^

شكرًا على ردك ومرورك الجميل ^^

دمتِ بخير ~

أُنسٌ زَهَر
28-12-2014, 13:59
الإبهارُ كالعادة :ضحكة: ، و تظل الإمتحانات السبب الرئيسي في ابداع كُلّ كاتب !!! :لحية:
جميلٌ ما كَتبته عزيزتي :أوو:
تلهميننا من حيثُ لا نحتَسِب :d

Miko..
28-12-2014, 14:40
خربشة....إنها رائعة:e414:

جثمان ابتسامة
24-01-2015, 15:09
الإبهارُ كالعادة :ضحكة: ، و تظل الإمتحانات السبب الرئيسي في ابداع كُلّ كاتب !!! :لحية:
جميلٌ ما كَتبته عزيزتي :أوو:
تلهميننا من حيثُ لا نحتَسِب :d

الجميل وجودكِ هنا صدقًا :أوو:
أنرتِ

جثمان ابتسامة
24-01-2015, 15:10
خربشة....إنها رائعة:e414:

شكرًا لكِ يا عزيزتي :أوو:

ترانيم الفجر
28-01-2015, 21:20
يالله كم هي جميله ليت كل القصص التي أقرأها بسلاسه قصصك
خفيفه جميله ورااااااائعه
دمتي بخير

أمواج المحيط
01-02-2015, 13:20
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته



الامتحانات تسبب الأبداع دومًا :ضحكة:
أحببت هذه "الخربشة" كثيرًا :بكاء:
بسيطة.. واضحة.. مباشرة!
والنتيجة: مؤثرة!
أحسنتِ!!

مشاعر الأب كانت واضحة.. وداعه الفريد مِن نوعه وتفكيره بالتفاصيل الدقيقة.. حتى برودة البلاط!!
جميل جدًا



- أغلقي التلفاز، أنا لا أحب الأرانب،
لا أحبها
!
جملة بسيطة ، ولكنها مؤثرة
شعرتُ بخيبة أملها!



ما شاء الله.. مبدعة كعادتك
في حفظ الله

جثمان ابتسامة
03-02-2015, 14:43
يالله كم هي جميله ليت كل القصص التي أقرأها بسلاسه قصصك
خفيفه جميله ورااااااائعه
دمتي بخير

أهلاً ترانيم ^^
احم .. الحمد لله أنها بدتَ لكِ كذلك
شكرًا لكِ .. أفرحتيني

جثمان ابتسامة
03-02-2015, 14:52
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته



الامتحانات تسبب الأبداع دومًا :ضحكة:
أحببت هذه "الخربشة" كثيرًا :بكاء:
بسيطة.. واضحة.. مباشرة!
والنتيجة: مؤثرة!
أحسنتِ!!

مشاعر الأب كانت واضحة.. وداعه الفريد مِن نوعه وتفكيره بالتفاصيل الدقيقة.. حتى برودة البلاط!!
جميل جدًا


جملة بسيطة ، ولكنها مؤثرة
شعرتُ بخيبة أملها!



ما شاء الله.. مبدعة كعادتك
في حفظ الله

أمواج .. آمو .. إيمي .. ميمي >> البنت مُصرّة تدور لك دلع :غياب:

نعم دائمًا .. على الأقل بالنسبة لي ^^

الحمد لله أنها بدتْ لكِ بهذه البساطة والتأثير .. شكرًا لكِ

أمّا " برودة البلاط " هذه :d هي التي أوحت لي بالفكرة بعد الامتحانات المصونة Xd

في أمان الله يا عزيزتي ..