PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : مجهول الأبوين



كايد ميلاد
21-09-2014, 09:10
فقط يوسف هو اسم ذلك الصبي المنغولي مجهول الأبوين
لا أحد يعرف الاسم الثلاثي له ولا أحد يريد أن يعرف
اختارته المدينة ضمن من اختارت ليناموا قرب المسجد رافضين منطق أن برودة الشتاء تستوجب بطانية وأن هطول المطر يحتاج إلى سقف.
يصحو مبكراً ليبحث عن طعامه عند أصحاب المطاعم الذين اعتادوا أن يشفقوا عليه بإعطائه بقايا الزبائن.
يذهب العصر إلى دار الرياضة ليشاهد المباريات والتمارين، وهناك عالمه المحبوب .. تهش الجماهير لحضوره فهي تعتبره مكبر صوت لما لا يقال جهراً .. بطبيعته المنغولية لا أحد يلومه فيما يقول رغم صوته الجهور .. يهمس أحدهم بكلمات في أذنه ويربّع يديه باحترام، ثم يقوم يوسف بالصياح بما كان في أذنه من العبارات الخادشة للحياء ويقع الناس ضحكاً.


وفي حي الجامع كان عذابه المستطير مع أطفال الحي الذين لا ينفكون يطاردونه بالحجارة وهو يمطرهم بالسباب الذي تعلمه في دار الرياضة فيثور الأهالي على ذلك القذر لفظاً وهيئة، وحينها يبكي بصوته الجهير.
يقول ذلك الغبي أن الأطفال يحبونه !!!!! وهل يكون الحب رشقاً بالحجارة ؟؟!!!
ترى هل يعد مثل هذا الحب مسوغاً للتطبيع العربي الإسرائيلي؟


ينام الأطفال آمنين في منازلهم ويفترش يوسف التراب أمام المسجد ، يمرضون فيسهر أهلهم على راحتهم واضعين أمامهم ما لذ وطاب من الطعام والشراب ويمرض يوسف تحت ظل شجرة منتظراً أن يحنو عليه المرض فيغادره دون ترياق.


في باحة المسجد كان يجلس قبالة المصلين وما أن كبّر الإمام حتى انهال عليه الأطفال بهتافاتهم (المجنون .. المجنون) ورشقوه بالحجارة ليكملوا فعل الحب. حاول الاحتماء بشجرة ولكن أحجارهم كانت أشد من حمايته .. بكى بصوت عالٍ وكال لهم كلمة من السباب الذي تعلمه في دار الرياضة، عندها فقط أحس بعض المصلين بالغيرة على دينهم!!
ما أن سلّم الإمام حتى انهالت عليه عشرات اللحى تعنفه على تلفظه تلك الكلمة، أصرّوا على طرده من المسجد وهو يقول (لكن هم بيشاغلوني) تفننوا في تعنيفه بكل ما يعرفونه من تعبيرات قوية وكلمات جارحة، وقاموسه اللغوي لم يحمل غير تلك العبارة (لكن هم بيشاغلوني). طردوه من المسجد وهو لا يستطيع المغادرة خوفاً من حجارة الأطفال ولكن تلك اللحى كان آخر اهتماماتها سلامة يوسف.


ليتهم حاكموك يا يوسف ولكن سيف الجلاد أمضى من مطرقة القاضي
ليتهم علموا لماذا ترك الرسول (ص) الإعرابي ليكمل بولته بالمسجد
ليتهم علموا بأن صاحب (عيون المها) قبل أن يرى جسر الرصافة قال للخليفة (أنت كالكلب)
ليتهم ... وليتهم ....... ولكن اعذرهم يا يوسف فإن دراسة حالتك لم تكن موضوعهم وأنت لم تدرج يوماً في قائمة اهتماماتهم.


ويذهب أصحاب اللحى إلى بيوتهم، ويذهب يوسف إلى لا بيته
وتمضي الحياة بتناقضاتها ..
ويمضي يوسف .. تلحقه همسات صعاليك دار الرياضة .. ولعنات الأهالي .. وحجارة الصبية ..

Ł Ơ Ν Ạ ✿
21-09-2014, 17:18
السلام عليكم ورحم الله وبركاته ..

المعذرة منك اخي الكريم، فواجهه القصص والروايات للمواضيع النقاشية
والالعاب والدروس الادبية ونحوها ..
لذا ينقل لقسم قصص الاعضاء ..

وفقكم الله ..

LO! FANCY
23-09-2014, 11:28
أهلًا أخي كايد ميلاد ..
الحقيقة أعجبتني قصتك القصيرة كثيرًا وكل ما روته من تلك الأحاسيس والمشاعر المظلومة ..
أعان الله كل من في حالة يوسف..!
مشكلة أخرى من مشاكل مجتمعاتنا صبرنا الله ع أنفسنا .."
أشكرك ع الطرح الجميل أخي ..
تقبل مروري…

المؤلف الصغير
25-09-2014, 03:30
كلمات رائعة ..ذات معاني قيمة ..
مشكور طرحك أخي ولا تحرمنا من قلمك في المستقبل ..
دمتم في حفظ الرحمن ..