PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : إندثار حلم



جثمان ابتسامة
03-06-2014, 19:54
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=2017353&d=1406521596 (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=1106700)

http://im61.gulfup.com/U2eAAo.jpg


تقلب على جنبه الأيسر فالأيمن بانزعاج شديد، ثم انقلب على ظهره وفتح عيناه ليستقبلهما الظلام الدامس .. ما أكثر الأشياء التي تغرق في السواد هذه الأيام، روحه،
الغرفة التي تحتضن جسده الواهن وإن كان يُطلق عليها غرفة مجازا، قلوب كثير من البشر، وشوارع حيه بل أجزاء مدينته كلها، آهٍ على الوطن الجريح، آهٍ على الوطن الحبيب ..
كم ليلة مرت عليه، طال فيها سهاده، ولم يداعب الكرى جفنيه،
همومه تناطح الجبال في علوها، وجراح قلبه تعيث به فسادا،
لا يعلم هل يبكي وطنه المغدور، فقره وعجزه، أم يبكي على حال
تلك الحبيبة التي أنهك المرض بدنها، وسلب صحتها، حتى ما عادت قادرة لا على الوقوف ولا على الكلام، أضناها التعب، ومزقها الأسى حزنا على مُصاب الوطن
أخبروه بالله عليكم كيف سينام وهذه الهموم وغيرها تزاحمه في مرقده كلما أوى إليه؟
هل سيقدر على نفضها عنه يوما ما حتى لا تؤرق مضجعه، ويتمكن من النوم، لا
لا يريد أن ينام، يرغب فقط أن يغمض عينيه بسلام دون أن تطوف بعقله مئات الصور والذكريات، والتخيلات التعيسة التي تحرق قلبه، وتستنزف جميع قدراته على التحمل ..
تناهى لسمعه صوت أنين مكتوم،
مصدره الركن القصي من الحجرة، حيث ترقد والدته أو ربما تتظاهر بذلك ..
يا رب ألهمه وألهمها الكثير من الصبر، إنها تتوجع وليس بيده شيء يفعله، لا نقود يملكها،
وحتى إن هبطت عليه من السماء فقد نفد الدواء من الصيدليات !
دوّى الرعد مجلجلا في الأفق ..
سقطت قطرة ماء من السماء المكفهرة، استقبلتها الأرض اليابسة بلهفة شديدة،
علها تروي ظمأها .. تبعتها المزيد من القطرات، ثم هطل المطر بغزارة ..
مع لمعان البرق استطاع أن يشاهد القطرات التي تطرق زجاج النافذة بقوة .. المطر
هذا الغائب الذي هجر مدينتهم منذ شهور طويلة، هاهو يرأف بحالهم ويزورهم اليوم ومن غير توقع أو ترقب من قِبَلِهِم .. ليته يستمر بالنزول حتى
يطهر الأرض من آثار أولئك المغتصبون الذين دنسوها بخطواتهم النجسة
انفلتت شهقة من جوف والدته أم أنه توهم سماع ذلك ؟
لا يهم فهي تتألم بجميع الأحوال، شهقت أم لم تشهق، تكلمت أو صمتت .. إلهي رحمتك، ارحمنا يا رحمن يا رحيم ..
لم يعد قادرا على التماسك أكثر، غطى عينيه بذراعه اليمنى
ونشج .. كما تنشج المزاريب حين ينهمر المطر ..
لمّا اشتد بكاؤه، وصار جسده يهتز، خشي أن يلفت نظر أمه، ألا يكفيها ما بها ليكمل عليها بنحيبه .. قبل أن تواسيه - وهي الأحوج منه للمواساة - تحامل على نفسه
ونهض مغادرا إلى الخارج ..
رفع كفيه وهو يتضرع إلى الله بالدعاء أن يعجل في نصرهم، ويطرد هذا العدو من دارهم، ويشفي والدته شفاءً عاجلا لا يغادر سقما،
تدافعت الدعوات على طرف لسانه، دعى ودعى غير آبه بالمطر الذي بلل وجهه وأغرق ثيابه ..
تجددت روحه بالإيمان والعزم، لن يقف مكتوف الأيدي، سيبحث عن علاج أو أي شيء بإمكانه أن يخفف من تعب والدته، نعم سيبحث والآن وتحت المطر، وفي عتمة هذا الليل الحالك !
أسموه مجنونا أو ما شئتم، وكأنه سيهتم، لا يبالي بنفسه المهم هي أمه، لن يتحمل خسارة فقدانها أبدا ..

أدبر الليل وانبلج النهار حاملا على كتفيه مصيبة عظمى، سيكون وقعها على نفسه شديدا !
حين عاد إلى بيته قرابة الضحى حزينا خالي الوفاض، صُعق ..صُدم ..
لم يكن هناك أي منزل
هذه بقايا حطام فقط .. سكان الحي الذين تجمعوا حوله،
شرحوا له كيف دك الجنود بمدافعهم منزله وبعض المنازل الملاصقة له فوق رؤوس ساكنيهم، والسبب مجهول !
ظل مشدوها في مكانه يراقب الأطلال الخربة، هل حطموا المنزل على والدته الحبيبة، أ تساقطت أجزاؤه فوق جسدها السقيم؟
تخيلها وهي تستنجد به مذعورة وتحاول الفرار إلى بقعة آمنة
الأوغاد، ماذا يريدون ؟ ماذا ستفعل لهم امرأة بمفردها، كبيرة في السنة كليلة متعبة، لا تقدر على دفع بطشهم عنها ..
نخر الحزن عظامه حتى كاد أن يفتتها..
غلى قلبه كالمرجل، وعاصفة هوجاء من المشاعر المتضادة اجتاحت كيانه
وبعثرت كل أحاسيسه في الفراغ ..
لم يعلم أن والدته قد وافتها المنية منذ خروجه، وقبل أن يقدم أولئك العساكر
على جريمتهم الشنيعة النكراء
لم يعد يحس بشيء، ولا يسمع تعزية من حوله
تهاوى على الأرض، وحلمه الكبير الذي شيده صباحا يهوي معه .. يتكسر ..
تتوارى أجزاؤه في الطين !

جثمان ابتسامة
03-06-2014, 19:58
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

قصة كتبتها ذات يوم وكانت من وحي اللحظة ...
وأيضا حتى هنا لا يسعني كتابة الكثير
فقط آمل أن تجد لها مكانا في قلوبكم ..
رجاء الحقوق محفوظة

ودمتم بخير ..

تم نشرها في مكان آخر

Anna Augello
03-06-2014, 20:13
حجز :)

جثمان ابتسامة
05-06-2014, 05:34
مرحبا بالاسم وبصاحبة الاسم
سنكون بالانتظار ..

şᴏƲĻ ɷ
05-06-2014, 17:49
كيَف للكِلمات أن تُكُون مشَهداً ؟ وكيَف للخيط الرّفيع
من المشاعر أن يظلَّ ثابتاً تحت وطأة كلَّ تلك التقلَّبات
والاوجاع الِّتي فاضَت بِها الحكايَة ؟ على أيَّ وترٍ ضرِبت
يا جُثمان أهو وتر الحزن أم الحرَب أم المرَض أم الفقر
أم القهر أم انكسَار الأحلام ؟! أو تراها كلَّ تلك
المشاعر اجتمعت فِي باكُورةٍ لا مثيل لها وكوَّنت هذا
العمل الأدبيَّ الخالص , بجماله النقَّي وعزفِه على أوتار
الألِم بقيثارةٍ عنوانها [ اندَثار حلمٍ ] لم نملك
معه إلّا إيماءَة حزيَنة نتمتِم معها ونحن نختتم
سطُور الحكايَة : وهذا هُو الواقع فعلاً وهذا ما
يحصُل الآن!


بدأتِ الحكايَة بليلٍ بهيْم, تخلَّلها دفءُ المطَر
ثمَّ انجلى الصَّبح وجدَّد الأمل لكنَّ كلِّ ذلِك اندثَر فِي
نهايَة الأمرِ تحت وطأة الواقع .


اسمِحي لِي رُغم هشاشَةِ الحضُور وركاكَة
الكلِمات أن آتي بما اختلج في داخلي إثر قراءتِي
لحكايتكِ وأضعه على ضُوء هذا المُوضوع الجميل



التخيلات التعيسة التي تحرق قلبه، وتستنزف جميع قدراته على التحمل ..
تناهى لسمعه صوت أنين مكتوم،


خيَّل إليّ أن تلكَ التنهيَدة أشبه بصرخَة
اخترقت جنح هذه اللَّيلة الظلَّماء وجسَّدت معها
كلِّ ما كان يعتمر فِي صَدر صاحبِنا من الآم


ورُغم أنَّ المطر قد اجتاح سكُون اللَّيل
بعد ذلِك هو الآخر, إلَّا أنَّه لم يكن أكثر من مفتاحٍ لانسكاب
الكثير من الدَّموع :



لم يعد قادرا على التماسك أكثر، غطى عينيه بذراعه اليمنى
ونشج .. كما تنشج المزاريب حين ينهمر المطر ..


تشبِيهكِ جميل بالمُناسبة :أوو:
تتابعَت مشاعره وفاض بكلِّ ما بداخله من الآم
وكأنما الهمته قطرات المطر فسكب دموعاً ترُوي
كتمان رُوحه


غير أنَّه ارتُوى بالوقُوف تحته وجدَّد عهده
بالحياةِ فِي ذلِك الحيَن, لا أخفيكِ أن الأمل تسَّلل
إليَّ وباغتنِي أيضاً, ولكنَّه تبعثر إلى أشلاءَ
تحت وطأة المفاجأة الأخيرة :



حين عاد إلى بيته قرابة الضحى حزينا خالي الوفاض، صُعق ..صُدم ..
لم يكن هناك أي منزل
هذه بقايا حطام فقط ..


ناهيكِ عن الحطامِ الّذِي تُرك فِي داخله
ولم يبقِ مساحةً لبذُور الأمل لتنمُو بداخله



نَص عظيِم بمُفرادت آسرة, قصَّة جميلة
تأخُذنا بيَن مُنعطفٍ وآخر وتسيُر بِنا فِي
درُوب الألِم الوعرةِ ثمَّ تنفلتُ بضُوءها الخافتِ
وتتركَ لنا هذا الظَّلام الحزِين


ممتنَّة للقلِم والاسِم الّذِي جاءَ بِي إلَى هُنا
كم أنتِ رائعة جُثمان ولن أزيد على ذلِك الآن

فليحفظكِ الله يا صديقة

جثمان ابتسامة
06-06-2014, 05:44
Soul
حضورك ربيع .. وبهجة في القلب
كم سُر خاطري كثيرا حين لمحت اسمك كآخر مشاركة في الموضوع
ردك أثيري .. لو كان الأمر بيدي لما عقبت بشيء من بعده
حتى احتفظ بعبيره الجميل لأطول فترة ممكنة في الموضوع دون تدخل من حروفي

في حفظ المولى ..