PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : الروح الميتة " قصة قصيرة "



Naru-Mina
13-04-2014, 11:39
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=2017353&d=1406521596 (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=1106700)


روح ميتة

صافحَتْ شمسُ المغيبِ كفّ السماء .. طاويةً ثوبها البرتقالي
.. موليةً ظهرها .. مختبئةً خلف الستارِ الأسودِ .
وفي ذات اللحظةِ من كل يوم .. تبدأُ العتمةُ المقيتة في هذا الحيّ ..
حيث الموت يحيكُ لقاطنيه كل ليلة كفنا..!!

أعمدةُ إنارةٍ مكسورة .. وغربانٌ هجرت الحيّ خيفةَ الموت ,
حتى الأقدامُ النابضة بالحياة تذبلُ عندما تمرق من هذا المكان !
أرغفةٌ محنطة .. أشجارٌ جافة تحتضن أغصانها تلك الجدران العتيقة ..
و أكداسُ أتربةٍ مثخنةٍ بروائح جيفة بعضها يتطاير مع هبات الرياح ..
والبعض الأخر ينساب إلى صدر المنزل.

حياةٌ ساكِنَة لا تسمع فيها إلا دبيب أقدامِ نملٍ باحثٍ عن لقمة عيش ..
فيعود محطم الخطى ويموت قبل ولوجهِ البيت.
روحٌ ميتة حتى لو نبضت القلوب,و أجساد ذابلة تمضغها الظلمة .
هكذا يكون حيهم العاري الذي لا يكسوهُ إلا خيوط الفقر .

آهٍ من هذا الحيّ الذي لم تعد أيادي الأمل قادرةَ على حصادِ رغيف اليوم ..
هكذا قالها "ولــيد" البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما .
كان في طريق العودة إلى البيت .. مرتديا قميصاً تنسابُ منه نسمات الهواء ..
يفضح المستور من جسده الهزيل .. يلتفت يمنةً ويسرة ..
فيرى عند ذاك السور الصدِئ .. صبيةٌ تجدلُ شعرها المدهون بعَرَقِ الأسى ..
تُعَانِقُ ظِلّ الظلام .. وتَنظٌر للأعلَى فَتَتَمَنّى أنْ تَرضَعَ تِلكَ الْغَمَامَة .. وتُرطب بِهَا الشفَاه .. !

وهُنَاكَ على الرصيف .. شَابٌ نَحِيلُ الْجَسَد .. كَثّ الشعر .. يُمسِكُ حَقِيبَةً صَغِيرَة و يُتَمْتِم :
كيف لمدينة كهذه مليئة بالثروة أن تتجاهل هذا المكان وتتركه عارياً؟
ثم أخذ مسترسلاً في تمتمته وهو ينظر إلى "ولـيد" نظرةً غريبة أشبة بنظرة ملاكٍ دامي الفؤاد :
سأضع بعضاً من الثرى في حقيبةِ الْهِجرَة لأجل أن لا أنسى ذاتي فهذا المكان لم يعدِ سِوى خَارِطةٍ لأرواحٍ ميتة . !!

أخذ "وليد" في المضي قدماً حتى دخل إلى منزله الذي لا ترى فيه إلا بريق قمرٍ ساكباً
نوره على زجاج النافذة المشطورة فيتناثر هذا الضوء على وجه ذاك العجوز الشاحب ذي اللحية البيضاء ,
كان في حالةٍ يرثى لها , يصارع سوط الظمأ والجوع.
قال له وليد ببراءةٍ لا يملكها إلا الفقراء مثله :
ماذا تشتهي يا أبتِ ؟
هو ذات السؤال الذي يردده كل يوم ولا يقدر على تنفيذه , ولكن هذه المرة قرر عمل أي شيء .

فأجاب الأب وعيناهُ في شِبهِ انطباق كأنه يخاف أن تتسلل أشعة الموت إلى خلف الجفون ..
أو أن يرى شيئا مخيفا .. لا يريد أن يراه في ولده :
أي شيء يا بني .

خرج وليد مسرعاً من بيته .. راكضاً عبر الشوارع لمسافة طويلة جدا ..
ثم توقف أمام ذلك المنزل الفخم .
راح يستطلع المكان خشية أن يراه أحد .. وبعد أن اطمأن من خلو الشارع ..
أخذ بالتسلل خلسةً من فوق السور .. كما الهدوء الليلي .. لا صوت أقدامه تسمعها ..
ولا حتى أنفاسه .. صار جزءًا من هذا السكون .
دخل من نافذة إحدى الغرف .. مرتبكاً .. خائفاً .. ينظر حوله فيرى أسرةً دافئة ..
ثياباً توحي بنعومةِ الملمس .. وطاولةَ طعامٍ كبيرة .. أخذ يتلمس كل شيء حتى وصل
إلى المطبخ ..يقلب رفوفه .. يستنشق روائح الأرغفة الشهية..

وفجأةً ودونما سابق إنذار .. رأته الخادمة .. فأخذت تصرخ محدِثةً دوياً أيقظ ساكني المنزل.
ركضَ وليد من أمامها مسرعاً حتى خرج من ذات النافذة التي دخل منها , ثم عبَر السور مرتجفاً ,
فتوقف لحظة وسط الطريق لينظر إلى الخلف .. وإذ بإحدى " السيَارَات " ساقتها أقدام القدر المتهورة ...
"روحٌ تحلق في السماء .. كروح ملاكٍ طاهر"
فتح مالك " السيَارَة " بابها .. ونظر أمامه ..
فوجد وليد جثةً مغرقّةً في الدم .. وضوء عينيه اللتين كانتا تتوهجان .. خبا وميضهما .. !
هرب الشاب تاركاً وليد ملقاً وسط الطريق .. ممسكاً بكسرة الخبز الملطخة بدمه.
وأما العجوز مازال في منزله يمضغ السقام ضلوعه لقمة,فيسمع صوت صرير الباب
وينادي : وليد هل عدت ؟ هل عدت يا وليد .. ؟
لكن لا .. لا أمل إلا وهم صوتٍ وارتدادُ صدى النداء .

30/11/2011

Michael Buble
13-04-2014, 13:10
قصة جميلة جداً
اتمنى ان تواصل على هذا المنوال

*Kyuubi Mimi*
13-04-2014, 13:19
السّلام عليكم ورحمَة الله وبركاته


قلمٌ جديدٌ هُنا ، ومميّز بحول الله ()

أرجو أن تكون بخير وعافية أخي الكريم ،،
لكن أنبّه إلى أن واجهة منتدى القصص والروايات ليست لقصص الأعضاء
بل هناك منتدى مخصص لها ، وبناءً على ذلك تم نقل الموضوع إلى القسم المناسب ::جيد::

للاستزادَة يُرجى زيارَة × قَوانين وإرشادَات مُنتَدى القصَص والرّوايات ؛ (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=1090412)
ومجدداً، أهلاً بكَ بيننا ~




رعاكُم الله ~

~Masked~
13-04-2014, 13:24
قصة راااااائعة
استمر اخى

Anna Augello
13-04-2014, 13:41
ابداع ..

Naru-Mina
14-04-2014, 14:16
قصة جميلة جداً
اتمنى ان تواصل على هذا المنوال





شُكرًا لك عزيزي على هذا المرور الأنيق

لك وردة في القلب : )

ṦảṪảἣ
14-04-2014, 18:33
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مساء الخير أخي الكريم .
كيف حالك ؟ أرجو الله أن تكون بخير و صحة بإذنه تعالى .

ماشاء الله ، القسم في هذه الفترة بقصص مميزة و لا شكّ قصتك واحدة منها ، فكرة بناءة حقيقة و
ملامسة المشاعر الإنسانية بوصفها واقع مرير قد يوجد في أي بلد .

وصفك كذلك معبر جدًا ، استمتعت بالقراءة و شغفت بالأحداث و لم أمل ، و أعتقد هذا بحد ذاته امتياز
يتصف به قلمك ، فتبارك الرحمن ، و شكرًا لك لمشاركتنا هذه القصة .

أرجو أن أرى شيئًا جديدًا لقلمك قريبًا !

دُمت

فسيفساء~
19-04-2014, 12:06
ما شاء الله تبارك الرحمن 3> .
احم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ~
كيف الحال اخي المبدع ؟ بخير إن شاء ربي .
والحق يقال أسلوبك يخرس الأحرف عن المدح ، ويقطع ألسن الثناء ، تبارك الرحمن أسلوبك لطيف ، وإن كانت النهاية مشبعة بالأسى ، وتقطع القلب أشلاء ، أبدعت فأبدعت ثم أبدعت ، لا تحرمنا من قلمك ~
بوركت ~


على الهامش : أعلم بأنه رد لا يرقى إلى توقعاتك ، لكني لم أرد أن أترك الموضوع بلا بصمة (:

Mαgic мiяage
26-04-2014, 04:52
السلام عليكم ..

جذبني العنوان .. فرأيتها قصة جميلة مؤثرة
دام قلمك مبدعا ،

بالتوفيق ..~

Naru-Mina
03-05-2014, 13:18
قصة راااااائعة
استمر اخى



تسلم عزيزي ماسكد , نوّرت : )

Naru-Mina
03-05-2014, 13:21
ما شاء الله تبارك الرحمن 3> .
احم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ~
كيف الحال اخي المبدع ؟ بخير إن شاء ربي .
والحق يقال أسلوبك يخرس الأحرف عن المدح ، ويقطع ألسن الثناء ، تبارك الرحمن أسلوبك لطيف ، وإن كانت النهاية مشبعة بالأسى ، وتقطع القلب أشلاء ، أبدعت فأبدعت ثم أبدعت ، لا تحرمنا من قلمك ~
بوركت ~


على الهامش : أعلم بأنه رد لا يرقى إلى توقعاتك ، لكني لم أرد أن أترك الموضوع بلا بصمة (:


مُروركِ على هذا النصّ أشعل قناديل اللغة

يكفيني وجودكِ الانيق .. وقراءتك اللقصة ..

شُكرًا
عميقًا

لكِ وردة في القلب :e032:

ريحانةُ العربِ
03-05-2014, 14:38
لي عودة إن أراد لي الرحمن.

Ł Ơ Ν Ạ ✿
08-05-2014, 04:06
يثبت

ṦảṪảἣ
08-05-2014, 15:44
تم فك الحجز ، و مبارك التثبيت .

Naru-Mina
20-05-2014, 09:30
يثبت




تم فك الحجز ، و مبارك التثبيت .



شُكرًا عميقًا <3

*Monmon *
08-08-2014, 21:31
قصهـ راائعهـ , بالأكثر منـ ذلكـ بكثير :بكاء: .........................

كدتـ أنـ أبكيـ فيـ مواضعـ عديدة :بكاء: .............................

مصطلحاتكـ تمتاز بالعمقـ و الصعوبة ........................

التيـ لا يلقمها الا منـ داوم على القراءة بشراهة ..................

القصة رائعهـ , انسيابية الحزنـ مذهلة و منطقية بشكلـ لا يصدقـ ................

و لو أننيـ اعتقدتـ بأنـ العنوانـ مبتذلـ قليلا :مرتبك: ........................

أعنيـ أنـ القصة مذهلة جدا , و العنوانـ إعتياديـ جدا ....................

هناكـ معانيـ مبطنة و جميلة تحتـ بعضـ السطور .......................

و أحببتـ واقعية الحالـ المنسابة فيـ أرجاء الحيـ الفقير فيـ المدينة الفاحشة الثراء ................


قال له وليد ببراءةٍ لا يملكها إلا الفقراء مثله :
ماذا تشتهي يا أبتِ ؟
هو ذات السؤال الذي يردده كل يوم ولا يقدر على تنفيذه

قتلتنيـ هذهـ الجملة حقا :بكاء: ........................

يسألـ أباهـ عنـ رغبتهـ رغمـ أنهـ غير قادر على تنفيذهـ ..................

يعلمـ أنـ الفقر متفشـ فيـ روحهـ .....................

و أنـ مراد والدهـ -البسيط جدا- صعب جدا ...................

لكنهـ رغمـ هذا يسألـ , يتحاملـ الوجعـ الذيـ يملأ السؤالـ و يسألـ ...................


أي شيء يا بني .

ثلاثة حروفـ كانتـ كفيلة بإرسالـ كمٍّ بليغـ منـ الألمـ ........................

ألمهـ مدمً و قاسٍـ , لا بأسـ بأيـ شيء ......................

ليسـ مهتما حقا طالما أنهـ قد يحضر لهـ "شيئا" ..................

يسد به أبواب الجوعـ :بكاء: ........................


وأما العجوز مازال في منزله يمضغ السقام ضلوعه لقمة,فيسمع صوت صرير الباب
وينادي : وليد هل عدت ؟ هل عدت يا وليد .. ؟
لكن لا .. لا أمل إلا وهم صوتٍ وارتدادُ صدى النداء .

كانتـ الخاتمهـ الأمثلـ :بكاء: .........................

لا أستطيعـ تخيلـ خاتمة أفضلـ منـ هذهـ للقصة .......................

أشعر بكمـ كبير منـ الحزنـ الآنـ .........................

الكثير منـ الملوحة الحلوة التيـ تجعلنيـ منبهرة منـ قدرة قصتكـ ...................

على التأثير فيـ , بأنـ أعيش فيـ أعمقـ تفاصيلـ القصة .....................

شكرا على القصة الرائعهـ :بكاء: أبدعتـ فعلا :بكاء: ...................