PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : حدثَ في ديسمبر حيث الحب هو الحدث الاهم



teany
24-10-2013, 15:17
http://i40.************/25a83v4.jpg

السلام عليكم
مر وقت طويل منذ اخر مرة لي في هذا القسم ’ قسم قصص الاعضاء ‘
عدت اليه قبل يومين لأجد ما اقرا و قد توقفت مع قصه ’ اهديك عمرا ‘ التي اعجبني بها الوصف كثيرا و قد شجعتني كتابتها على ان اعود انا للكتابة مجددا :em_1f62c:

فكرت كثيرا فيما علي ان اكتب, و بحثت في ملفات قصصي الى ان توقفت مع هذه القصة.. :em_1f600:
كنت قد كتبتها باللغة الانجليزية و احتفظت بها لنفسي, لكني الان اجمع ما لدي من ثقة بكتابتي و اضعها بين ايديكم.
و بما انها بالإنجليزية فقد استغرق بعض الوقت لتنزيل الفصول و لكني سأحاول ان اكون سريعة في هذا :e40a:

ملاحظة: الاسماء و الشخصيات و الاحداث في القصة كلها من وحي الخيال, اذا تشابه احد منها بشيء من الواقع فهي مجرد مصادفة.

وصف القصة:-

العنوان: حدث في ديسمبر, Happened on December .

الاجزاء: 3.

- عيني الملاك.

- تعقيد.

- حدث في ديسمبر.

الفصول: 47.

النوع: رومانسية, دراما, حزين, عائلي.

بقلم: teany.

الملخص: في اوائل شهر ديسمبر التقت ايزابيلا بماثيو, مر على لقائهما ثمان سنوات حدث فيها الكثير من الاحداث, منها الجيدة و السيئة. في احد الايام يضطر ماثيو للذهاب الي المانيا لزيارة والده المريض و لم يعد بعدها الا بعد سنتين, عندما التقت به ايزابيلا مرة اخرى كانت صدمه كبيرة لها عندما علمت ان زوجها قد نسيها تماما اثر حادث مريب فتحاول مساعدته ليتذكر ما مر بينمها خلال تلك السنوات السابقة.

يتبع ~

teany
24-10-2013, 15:22
الشخصيات:-


http://i42.************/66aknk.jpg


عندما تلتقي بماثيو اول مره تكون في سن 21, فتاة هادئة جدا, تعيش حياة مملة و روتينية. تحب عائلتها كثيرا, حيث انها في كل فرصة سانحه ستترك ما بيدها و تقود عائدة الى قريتها الصغيرة ’ الغابات البيضاء ‘ في سياتل. حساسة جدا, و دائما ما يجلب غضبها مع الكثير من الدموع. خجولة في اغلب الاحيان, و لا تستطيع ايقاف احمرار خديها في كل مره تتواجد فيها حول ماثيو.

http://i42.************/2j0jw3c.jpg


يكون في سن 23 عندما يلتقي بإيزابيلا لاول مره, فتى له كاريزما خاصه, لون عينيه غريب و كان السبب في جعل ايزابيلا متعلقتا به. يحب بكل اخلاص, و احيانا حبه يدفعه لفعل بعض الامور الجنونية. يحتفظ بكثير من الاسرار المشينة لنفسه, له ماض اسود قد جعله سرا دفينا و لم يخبر احدا به سوى صديقة المقرب بينجامين.


ملاحظه: ستضاف بعض الشخصيات قريبا مع سير القصة.. .

يتبع ~

teany
24-10-2013, 15:25
المقدمة

ها هو هناك, امام ناظري, الشخص الذي غاب لفترة طويلة مرهقة قد عاد مع ابتسامة حائرة على وجه وسيم لم يتغير, و عينين بجمال غريب مركزتين في عيني. مظهره لم يتغير, لا يزال مثل الشخص الذي استولى على قلبي. نفس الشخص الذي اخرجني من حياتي الصامتة و جعلني افكر كثيرا, جعلني احلم به في كل ليلة. الشخص الذي جعلني احب بكل إخلاص لدرجة انني قد اضحي بكل شيء لابقي هذا الحب. مثل الشخص الذي احببته بكل عضمه في جسدي.

عاد بنفس المظهر الذي تركني به منذ سنتين, لكن هناك امر واحد مختلف به هذه المرة, امر مؤلم جدا لا استطيع تحمله. عاد بعقل قد مسحني منه كليا, مسح كل اللحظات الجميلة التي قضيناها معا طوال الثمان سنوات السابقة. مسح اول لحظة محرجة بيننا, اول رحلة, اول مشاحنه, الليلة التي طلب يدي بها للزواج, يوم زفافنا و طفلنا الاول. عاد بعقل يعرف كل شيء عداي, وجهي الشاحب, بشرتي الباردة, جسدي النحيل الطويل و تصرفاتي الخجولة.

الامر المؤلم اكثر, هو عندما سيتم سؤاله: ” هل تعرف ايزابيلا نيوتن؟“ ستكون الاجابة بلا مشاعر: ” لم اسمع بهذا الاسم من قبل“.

الان, ها انا اقف امامه بعينين ملئا بالدموع التي تنهمر بغزارة على خدي, انظر اليه بعدم تصديق, راغبة ان اعيد الزمن الى الوراء و اعود الى ديسمبر لأجد الرغبة في عينيه, لأسمع السكون في صوته, لأشعر بدفء لمساته اللطيفة و لأعيده الي بلا عواقب و محاولات فاشلة. لكني افقد نفسي بكل سهولة, و الرعشة المفاجئة في عظامي جعلتني اسقط على ركبتي, ابكي بحرقة, متوسلة اليه ان يتذكر و لو امرا صغيرا عني, متوسلة اليه ان يكذب او يتصنع معرفته بي, انه قد عاد من رحلته مشتاقا الي.

الوقت يمر ببطء و هو لا يزال يقف هناك امامي, ينظر الي كما لو انني مختلة عقليا.

و بنبرة مليئة بالحيرة تحدث الي بصمت, جاعلا من الكلمات تخرج بهدوء و وضوح ليفهما عقلي المتعب: ” آسف, و لكني لا اتذكرك جيدا آنسة روز“, بعدها اختفي بغمضة عين.

في الوقت الذي غادر فيه كنت قد تركت على الارض, اعلم اني قد فقدته الى الابد, و انه لا امل في ان احصل عليه مجددا. و الان لدي تلك الرغبة الملحة بداخلي, ارغب بشدة ان اموت و اختفي من هذه الحياة, لان حياة بدونه هي لا شيء بالنسبة لي. جلست هناك و نظرت الى لا شيء, لكن دماغي بدء بعرض شريط حياتي امامي, و فقط في تلك اللحظة ... عدت الى الاول من ديسمبر, 2004.

و رايته.

teany
24-10-2013, 15:26
اتمنى ان ارى ردودكم, فهي تهمني كثيرا

ana mooney
24-10-2013, 15:44
حجز

ana mooney
24-10-2013, 16:04
اسعدني ان اكون اول من يدخل قصتك عزيزتي
المقدمه رائعه جدا ومحمسه
لم اجد اي اخطاء لغويه او نحويه لذلك بالتوفيق
واتمني رؤيتك قريبا وداعا
لو لم يعلق احد لا تيأسي فأليأس خيانه اتمني رويه قصتك ف المقدمه وداعا

SHION XIII
24-10-2013, 17:39
روايتك جميلة جدا جدا و رائعة بها تفصيل تجعل روايتك مميزة عن الباقي وافكارك بها فعلا مدهشة ^^

و إذا انتبهت مثل ما قالت انا موني سوف تصبحين افضل من الان ^^

انتظر منك المزيد من تقدم و ابداع ^^

حجززز طوييل واعتبرني من متابعين لك :em_1f62c:

في حفظ الله ^^

Black Perla
24-10-2013, 17:47
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كيف حالك؟

متفقة مع mooni kim و ana mooney

بالتوفيق

بأمان الله

teany
24-10-2013, 19:24
اسعدني ان اكون اول من يدخل قصتك عزيزتي
المقدمه رائعه جدا ومحمسه
لم اجد اي اخطاء لغويه او نحويه لذلك بالتوفيق
واتمني رؤيتك قريبا وداعا
لو لم يعلق احد لا تيأسي فأليأس خيانه اتمني رويه قصتك ف المقدمه وداعا


اسعدتني كثيرا بردك عزيزتي
نعم, انت محقه فيما تقولين :e057:
اتمنى ان ارى ردك في الفصل القادم
وداعا

teany
24-10-2013, 19:25
روايتك جميلة جدا جدا و رائعة بها تفصيل تجعل روايتك مميزة عن الباقي وافكارك بها فعلا مدهشة ^^

و إذا انتبهت مثل ما قالت انا موني سوف تصبحين افضل من الان ^^

انتظر منك المزيد من تقدم و ابداع ^^

حجززز طوييل واعتبرني من متابعين لك :em_1f62c:

في حفظ الله ^^


شكرا على ردك عزيزتي :e418:
و انا اتفق معها ايضا, اتمنى ان ارى ردك في الفصول القادمة

teany
24-10-2013, 19:27
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كيف حالك؟

متفقة مع mooni kim و ana mooney

بالتوفيق

بأمان الله


و عليكم السلام, بخير شكرا لسؤالك :em_1f636:
شكرا لردك الداعم عزيزتي و اتمنى ان ارى ردودا لك في الفصول القادمه

teany
25-10-2013, 13:56
السلام عليكم و مرحبا بالجميع
عدت اليكم مجددا بالفصل الاول من القصة, اتمنى ان ينال على استحسان الجميع
اذا كان هناك أي اخطاء املائيه ارجوا اعلامي بها لاتفاداها في المره القادمة
هناك ايضا شخصيتان جديدتان في هذا الفصل..


http://i44.************/2mq1bq0.jpg

جانيت, صاحبه الـ 22 عاما, صديقة ايزابيلا منذ ايام الثانوية. فتاة كثيرة القلق و الاهتمام, تتوتر عندما تتشاجر صديقاتها و تلتزم الصمت على غير عادتها. كثيرة الكلام, و اغلب حديثها يتمحور حول عشيقها بينجامين.


http://i40.************/2my46tv.jpg

كريستوفر في الـ23 من عمره, جار و صديق بيلا. فتى لطيف جدا و يهتم ببيلا بطريقة كبيرة. يعشق التمثيل, و ابن صاحب استوديو انتاج كبيرة في سياتل.


اترككم مع الجزء و الفصل الاول ~

teany
25-10-2013, 14:03
عيني الملاك
" 01 "

الاول من ديسمبر, 2004.

سمعت صوت قرع الجرس مما جعلني ادير برأسي لأنظر الى الباب, كنت اجلس في غرفة الجلوس الصغيرة في شقتي. عقدت بحاجبي, جانيت – صديقتي, خطرت ببالي. لديها المفاتيح فلماذا تقرع الجرس؟ نظرت الى الساعة بيدي و اذا بها تشير الى 1 بعد منتصف الليل, لقد تأخرت كثيرا.

وقفت و سرت باتجاه الباب, مسترقة النظر من خلال الزجاجة الصغير, كما توقعت, انها جانيت. فتحت الباب و تأملتها من راسها لقدميها, كانت مبتلة من المطر المنهمر بالخارج, شعرها الاشقر الذي يصل الى كتفيها كور وجهها. صرخت بوجهي بينما تدفع بنفسها الى الداخل بساقين مرتعشتين: ” ما الذي يأخذك طويلا!!“.

قلت بينما اغلق الباب خلفي: ” كنت اعتقد ان بحوزتك المفاتيح“.

رمت جانيت معطف الكوتشي خاصتها على الاريكة السمراء و التفتت الي, كانت تبدوا في حاله مزرية تماما عندما صرخت مجددا: ” فقدتهم!“ هزت رأسها بينما تضغط بأطراف اصابعها على صدغها, ” يا لا الغباء, تركت حقيبتي مع بين لدقائق و انظري ما حدث!!“ ارتني يديها الخاليتين.

سألت بحيرة: ” ماذا حدث؟“.

مشيت باتجاهها و جلست على الاريكة, كانت مقطبة و بدأت بالشرح: ” كان ثملا و غفى في مكانه, اعتقدت ان اشيائي ستكون بخير بجانبه. ذهبت لجلب بعض الفودكا و عندما عدت...
اختفى كل شيء!“.

املت برأسي قليلا و حدقت بها: ” الم تخبري الحراس؟“.

اومأت جانيت, مخرجتا تنهيدة طويلة, سحبت شعرها الملل الى الاعلى و تذمرت: ” يا إلهي, هاتفي بالحقيبة, كيف سأتواصل مع البروفيسور الان, سينتهي امري“.

هاتفها بالحقيبة! هززت رأسي بيأس, يا لا الصديقة الذكية التي املك. وقفت و وضعت يدي على كتفها البارد مطمئنة: ” اذهبي و خذي حماما دافئ, اعتقد ان بإمكاني اصلاح الامر“.

اومأت بانصياع و اتجهت الى غرفتها, جلست مجددا و سحبت هاتفي, سيكون من الجيد ان اجاب ذلك الشخص, اتمنى ان يفعل. وضعت الهاتف على اذني و انتظرت لبضع دقائق, ارتحت قليلا عندما سمحت صوت الرنين, شكرا للرب انه ليس مغلقا.

” مرحبا؟“, اجابني صوت رجولي هادئ, لم يكن متوترا انه قد سرق حقيبة صديقتي, بدا و كأنه قد انتظر مطولا لهذا الاتصال.

بدأت الحديث بلهجة فضة قليلا: ” مرحبا.. سيدي, اعتقد ان بحوزتك حقيبة صديقتي“.

مرمر بـ أوه, ثم تنهد و قد بدا محرجا من تصرفه: ” نعم, بشأن هذا... اين استطيع مقابلتك لإعادتها؟ هناك امر علي تفسيره “.

ادرت برأسي ناحية غرفة جانيت, مقطبه حاجبي عندما اجبته بحيره: ” تفسر ماذا؟“.

عاد صوته ليكون هادئا عندما اجاب: ” سأخبرك عندما اقابلك“.

تنهدت بينما اومئ لنفسي, سألته بشيء من الإهانة: ” حسنا, سأقابلك في مقهى التنين, هل يمكنك الوصول الى هناك؟“

” نعم, بالطبع. ٍسأراكِ في نصف ساعه“, ثم انهى المكالمة.

سرت الى غرفتي, اخذت معطفي الاسود و ارتديته بينما اتجه الى غرفة جانيت. اقتربت من باب الحمام حين سمعت صوت الماء, انها لا تزال تستحم. طرقت الباب و قلت بصوت عال لتتمكن من سماعي: ” جانيت, سأخرج لبعض الوقت“.

صرخت موافقة, تنهدت و خرجت من الغرفة ثم خارج الشقة و المبنى السكني بأكمله متجهة الى سيارتي. مقهى التنين, لماذا اخترت هذا المكان؟ انه يبعد الكثير عن شقتي, يا لا غبائي. حركت السيارة متجهة الى المقهى بينما تفكيري تمركز على ذلك الرجل, كان هادئا جدا, كما انه هو من اراد اعادة الحقيبة بتلك السهولة, غريب!

بدأت الشوارع تهدئ, انه منتصف الليل, اتمنى ان لا يغلق المقهى. اتذكر انه يغلق في تمام الساعة الثانية, هذا امر جيد. بعد قيادة دامت مدة نصف ساعه اوقفت سيارتي في مواقف المقهى المزدحم و ترجلت منها. دفعت بنفسي الى الداخل و نظرت حولي, لم اسأل عن اسمه او كيف يبدوا, كيف سأجده هنا؟ اخرجت هاتفي و اتصلت برقم جانيت, لم يستمر الرنين ثانية حين اجاب متسائلا: ” مرحبا, هل انتِ هنا بعد؟“.

اجبته و ناظري يجوبان بتمعن الوجوه في المقهى, لكن لا احد يمسك بهاتفه: ” نعم, انا اقف بجانب الباب, هل انت هنا؟“.

اغلق الهاتف في وجهي, جاعلا مني احدق في هاتفي بغضب. يا له من فض, لا تخبروني انه جلبني الى هنا لكي يتركني في النهاية! سمعت فتح الباب خلفي, لكني كنت مشغولة بالنظر بسخط على هاتفي. احدهم ربت على كتفي, استدرت بغضب لكنه سرعان ما اختفى عندما التقت عيني بزوج من الاعين الجذابة.

تسمرت في مكاني, فقط احملق في تلك العينين الواسعتين. شعرت كما لو انني ابحر في بحر شاحب, لكن بعدها كان هناك بعض الخطوط الخضراء الرقيقة, كل هذا بقعر سواد واضح. بدا الامر سخيفا, لم ارى في حياتي عينين بهذا اللون و تساءلت لفترة ان كنت انظر في عيني بشر. كانتا واسعين و عميقتين, محيط عميق يمكنني الغرق فيه. لا اعلم كم من الوقت مر و انا انظر بتركيز في تلك الاعين, لكني عدت الى وعي عندما تنحنح صاحبهما بخجل ليلفت انتباهي.

كانت ملكا لشاب طويل القامه مفتول العضلات, كان اطول مني بسنتيميترات كثيرة حيث كان يجب علي ان ارفع راسي لأتمكن من رؤية وجهه بوضوح. كان شاحب البشرة, لكن خديه زهريين بفعل الجو البارد في الخارج, شعره كان اسود قاتم جدا, و يملك غرة ثقيلة غطت حاجبية. بلعت ريقي عندما التقيت بعينيه مجددا, ذلك الشيء الجميل, كأنها تعويذة, لا استطيع ابعاد عيني عنها.

” الحقيبة“, صوته الهادئ شتت تفكيري.

نظرت الى الاسفل فوجدت يده تمد لي حقيبة جانيت, توقفت لبرهه, اذا هذا الملاك هو من سرق حقيبة صديقتي, مستحيل. نظرت اليه و قد بدى متوترا الان, اعتقد انه خجل بسبب تحديقي بعينيه مطولا. مددت يدي و امسكت بالحقيبة, تلامست اصابع يدي بأصابعه الطويلة, شعور بالدف راودني من لا مكان.

تحدثت اخيرا, ناظرتا اليه الى الاعلى في محاولة مستميتة ان لا انظر الى عينيه: ” ما.. ما الذي اردت توضيحه؟“.

خبأ يديه بحركة سريعة في جيب معطفه, ثم تحدث بتردد: ” ذلك.. اممـ, في الحقيقة... لم يكن انا من قام بسرقة الحقيبة. كان اخي الاصغر, آسف بشأن هذا“, اظهر ابتسامة مليئة بمعاني الاعذار.

كانت جميلة, لأقول الحقيقة, انا لم أتأمل اي شاب من قبل كما افعل الان. بدا مختلفا قليلا و الطريقة التي يتحدث بها بهدوء خلف توتره تجعله فاتنا اكثر. تمتمت بشيء من الحزن: ” أوه, هذا كل شيء اذا“.

اومأ و اعطاني ظهره مستعدا للرحيل, لكني ناديت فجأة: ” اا.. انتظر!“.

التفت الي بمعالم الاستغراب, رافعا حاجب واحد. تحدثت بتوتر, عالمتا ان حديثي فيه شيء من العجلة: ” انت... لم تخبرني... باسمك“.

ظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيه, هز كتفيه و قال بشيء من الواقعية: ” لا اعتقد اننا سنتقابل مجددا“.

شعرت بالحرج لدقائق, صوت جانبي بداخل عقلي كان يخبرني بالتحدث اكثر, اريد ان ارى عينيه مجددا. سألته بهدوء مصطنع, راغبتا النظر في عينيه لفترة اطول: ” لما لا؟“.

توقف للحظات قبل ان يلتفت بكامل جسده ليقابلني, ثم تحدث بحيره: ” حسنا, نحن لسنا بأصدقاء, اعني اننا غرباء عن بعضنا... و بالإضافة, الا تجدينه من الغريب ان شقيقي قام بسرقه حقيبة صديقتك و انتِ ترغبين في ان نكون صديقين! الم تأخذي فكرة سيئة عني؟“.

اخرجت ضحكه قصيرة و هززت رأسي بالنفي, ثم قلت بكل ثقة: ” لا, لم افعل. علاوة على ذلك, هذا بين صديقتي و شقيقك, ليس انا و انت“.

ضحك بخفوت, ثم سار باتجاهي ليقف على مقربة مني: ” حسنا اذا“, مد يده الي و ابتسم, ” انا ماثيو نيوتن“.

نظرت الى يده راسمه ابتسامه على ثغري, اخذت بيده و صافحته. كانت يده دافئة جدا على عكس يدي, ارسلت لي نوعا من الراحة. عرفت نفسي بابتسامه لطيفة: ” انا ايزابيلا روز“.

ترك يدي و نظر اليها مطولا مما جعلني استغرب, نظرت خفيتا الى راحة يدي ثم الى الاعلى لأقابل عينيه: ” ما.. ماذا؟“.

سأل و عيناه تفحصني بريبه: ” هل تشعرين بالبرد؟“.

فرقت بين شفتي و تنهدت, لقد لاحظ مما جعلني اشرح له بتكشيرة على وجهي: ” لا, لست كذلك. لكني كنت قد ولدت ببشرة باردة, انها وراثه“.

حسنا, ابدوا كمصاصة دماء نوعا ما, حقيقه. بشرتي شاحبه, شعري برونزي يصل الى مرفقي, شفتي شاحبين و عندما ابتسم يختفيان قليلا. ابدوا مرعبة رغم ذلك. ابن اختي الصغير يبكي او يظهر معالم الخوف عندما ينظر الى نابي, لكن شقيقتي الصغرى تستمر بضغط اصبعها السبابة على نهايتهما الحادة و تتمتم قائلة ’ بيلا, هل سأصبح مصاصة دماء عندما اكبر؟‘.

ابتسم و أومأ بتفهم, بدا بالسير الى الخلف بخطوات بطيئة بينما يقول بصوت هادئ: ” حسنا, سأراك... مجددا, بيلا“, زم شفتيه و استدار ليخرج من المقهى.

ابتسمت مومأه برأسي, كان على وشك ان يخرج لولا اني اوقفته بمناداة اسمه. حسنا, كيف علم اننا سنتقابل مجددا دون موعد محدد! اعلم اني استعجل في هذا, لكن لا يمكنني كبت نفسي. استدار مبتسما هذه المرة: ” نعم؟“.

نظرت الى الاسفل بخدين محمرين: ” حسنا, ليس لدي... رقم هاتفك“.

سمعته يضحك بخفوت و رأيته يمد يديه لي بينما يقول بشيء من اللطافة: ” اعطني هاتفك اذا“.

بدون تردد وضعت الهاتف على راحة يده, اخذه و بدأ بطباعة رقمه. ابتسمت بسريه, هذا رائع, اشعر بالسعادة لسبب اجهله. اعاد الهاتف الي, اومأ براسه ثم استدار و خرج بأريحية هذه المرة, نظرت الى هاتفي مع ابتسامه غبية على وجهي, اتأمل اسمه على شاشة هاتفي.

صعدت في سيارتي و قدتها الى الشقة, فكرت به, ماثيو نيوتن, انا متأكدة بأني سمعت بهذا الاسم مسبقا لكني لا اذكر اين كان ذلك. اوقفت السيارة في المواقف الخاصة بالمبنى السكني الذي اعيش به و سرت الى البوابة الزجاجية. كانت تمطر رذاذا, في الحقيقة, انا احب الرذاذ, احب حين تلامس قطراته الضئيلة و الخفيفة وجهي البارد. سرت ببطء الى البوابة, احاول الاستمتاع بالجو.

في طريقي الى المصعد, ضرب كتفي بكتف شخص ما عن طريق الخطأ, استدرت بينما اتمتم باعتذار و عندما رفعت راسي اعتلت ملامح وجهي تكشيرة. كان ذلك كريستوفر باين, جاري. انه ودود جدا, و لأقول الحقيقة, انه وسيم حقا. احب شعره البني المموج الذي يصل الى منتصف رقبته, بشرته قمحيه, شيء اخر رائع بشأنه هو انه يملك غمازة لطيفة, عندما يبتسم لا استطيع الكف من النظر اليها.

تحدث بقلق: ” أوه, بيلا! اين كنتِ؟ سألت جانت للتو عنك, قالت انك خرجت.. في هذا الوقت“.

بلعت رمقي و عضضت على اصبعي الخنصر بتوتر, بالرغم من ان ليس له اي حق في القلق بشأني, لكن لا اعلم لما لا استطيع مصارحته بهذا. اجبته بتمتمة صامته: ” ذهبت الى المقهى“.

قطب حاجبه, بدا مستغربا: ” مقهى في هذا الوقت؟“.

قلت بسرعة: ” نعم, كنت متشوقة لشرب بعض القهوة!“.

حدق بي بسكون, مادا شفته السفلي بتفكير, اخيرا رسم ابتسامه على وجهه و اراني غمازته اللطيفة: ” حسنا “.

اومأت مع ابتسامه على وجهي, كان على وشك السير مبتعدا لكني استعجلت في سؤاله بحاجبين مضمومين بفضول: ” ما الذي اردت اخباري به؟“.

ضرب راحة يده على جبينه ثم نظر للأسفل في عيني و ابتسم: ” أوه, نعم ذلك, كنت سأخبرك بشأن مسرحية الحفلة الخيرية. سمعت انك قمت بتسجيل اسمك, هل هذا صحيح؟“ رفع
حاجبا متسائلا.

المسرحية, كنت مجبرة على تسجيل اسمي, جانيت اصرت على انه بإمكاني التمثيل لكني اشك في ذلك. المرة الاخيرة التي تصنعت فيها المرض لاختلس من محاضرة الاقتصاد كان الامر فضيعا, تم كشفي بسهولة و معاقبتي بأن اقدم تكاليف اكثر من الطلاب الاخرين. تنهدت بيأس و اومأت بينما انظر اليه, متمته بكره لمجرد التفكير بالأمر: ” نعم, كنت مجبره على ذلك. اقصد, جانيت هي من سجلت اسمي, تسك“.

” أوه,“ تمتم ثم ابتسم ببطء, ” سيكون الامر ممتع, كنت فقط اريد تذكيرك بأن اختبارات الاداء ستكون في يوم الخميس, لا تتأخري“, ثم اومأ براسه و سار مبتعدا.

الخميس, في الغد, أوه سحقا. ما الذي سأفعله! انها غلطه جانيت. حركت شفتي يمنه و يسره, متجه الى المصعد و ضغطت على الازرار بقوة. سوف انسحب و حسب, او سأتهرب من الاختبارات, هذه فكره. لا, كريس سيقوم بسحبي الى هناك, انها مهووس بالتمثيل, اضافة الى انه مساعد المخرج لنادي التمثيل في الجامعة, اعتقد انه ليس امامي اي خيار اخر.

فتحت الباب و دخلت بينما اقول بصوت عال: ” لقد عدت“.

نزعت حذائي و اتجهت الى غرفته جانيت, اعتقد انها نائمة, لم تجبني كالعادة. هززت كتفي, حسنا, استطيع التحدث معها غدا او سوف اتصنع المرض و حسب. ان كانت تقول بأني ممثلة بارعة سيكون من السهل خدعها. دخلت غرفتها و وضعت الحقيبة على المكتب ثم اتجهت الى غرفتي المجاورة لغرفتها, خلعت معطفي و وضعته على الكرسي الهزاز بجانب النافذة, اقترب من سريري المريح, تخلصت من الجينز و استلقيت بهدوء و ارهاق على السرير, مستسلمة للنوم.[/color]

teany
25-10-2013, 14:08
بحر شاحب, كنت اقف على ضفته, قدمي الحافيتين مدفونتين بين رمال الشاطئ و البحر يداعبهما. الشمس كانت باهته و غير واضحه, بين صوت الامواج المريح قام احدهم بمناداتي, و عندما ادرت راسي ناحية الصوت كانت الرؤية ضبابيي, لكن بإمكاني رؤية احدهم يجري ناحيتي. ضيقت بعيني محاولة التعرف على هوية ذلك الشخص, اتسعت عيناي عندما اقترب, كان هو صاحب الاعين الجميلة, ماثيو نيوتن.

ابتسم لي و يده الدافئة امسكت بيدي بقوة, نظرت اليه باستغراب, لكن كان ما يزال يبتسم بلطف رافع عظام خديه. ببطء, سحبني الى حضن دافئ, وجهي غرس في صدره المفتول, يديه تحيطان بي بأمن. شعرت بالغرابة و بلعت رمقي, شعرت بأنفاسه الحارة عندما لامست شفتيه اذني, همس بكل لطافه: ” احبكِ بيلا“.

” آاه~“.

جفلت في مكاني و دلكت مؤخرة راسي, فتحت عيني و نظرت حولي, كنت قد سقطت على الارضية الرخامية. لم اتحرك و اخذت افكر بشأن هذا الحلم الغريب, لما عساي احلم بماثيو! ابتسمت, تعلمون, بدا رائعا بذلك القميص الخفيف و السروال القصير. هززت راسي, غريب. فتح الباب و دخل جانيت مرتدية بلوزة بيضاء و بنطال جينز ضيق, قطبت حاجبيها متسائلة: ” ما الذي تفعلينه على الارض, الا تشعرين بالبرد؟“.

برد! يا الهي, لقد انتبهت للتو. قفزت عائدة الى سريري, ضحكت علي ملوحة بيدها في الهواء: ” انتِ مضحكه عزيزتي بيلا“.

جعدت انفي بطفوليه عليها, تنهدت ثم ابتسمت و سألت مجددا بينما تنحني على اطار الباب: ” شكرا لإعادة حقيبتي, كيف فعلت ذلك؟“.

” اتصلت به و سألني ان اقابله لإعادتها“, ضممت قدمي و ضيقت بعيني عندما شرحت لها الامر, ” في الحقيقة, لم يكن هو من سرق الحقيبة بل شقيقه الاصغر“.

بدت تائهة, قطبت حاجبيها و ركزت ناظريها الي: ” من هو؟“.

تحدثت بسكون: ” الشخص الذي سرق حقيبتك! يدعى ماثيو نيوتن“.

لاحظت عينيها, بداتا تكبرنا شيئا فشيئا و قد خرست لثواني. كنت مستغربة لذا سألتها: ” ماذا!؟“.

صرخت بابتسامه عريضة: ” هه! ماثيو نيوتن سرق حقيبتي, هل انتِ جاده؟“.

اومأت ببطء, انا لا افهم, هل تعرفه؟ تأوهت و قفز على سريري ممسكتا بيدي مع ابتسامه غريبة على وجهها, سألتها بغرابة: ” ما خطبك؟“.

صرخت كمشجعة مجنونه: ” ما خطبي انا؟ يا فتاة, الفتى الاكثير جاذبية في الحرم الجامعي تبين انه الشخص الذي سرق حقيبتي!!“.

انتظر لحظه, ماثيو هو الفتى الاكثر جاذبيه في الحرم الجامعي, حقا! الان اعلم لما شعرت كما لو انني سمعت باسمه من قبل. لا استطيع تصديق هذا, اذا هو ماثيو كالوسيم ماثيو, يا الهي, هذا رائع حقا! صرخت ردا عليها: ” مستحيل!“.

اومأت جانيت بسرعه, لم قالت بينما تجري باتجاه الباب: ” نعم, هذا رائع, لا يمكنني الانتظار لأخبر تيفاني, ستشعر بالغيرة من ذلك“.

اوقفتها: ” انتظري, هل ستخبرينها انه قام بسرقة حقيبتك! يبدوا الامر مريبا“.

” بالطبع لا,“ ابتسمت و قالت بسرعه بنبرة مليئة بالحماس قبل ان تخرج من الغرفة, ” سأخبرها ان شقيقه اندي من فعل ذلك, و قام هو بإعادتها“.

اخرجت نفسا طويلا, اذا هو بنفس الجامعة معي, هذا رائع. لكن سرعان ما عبست بمجرد التفكير ان كان سيتجاهلني امام الطلاب عندما نتقابل هناك, ابدوا غريبة اطوار, الن يشعر بالإحراج للحديث معي! لا يهم. اتجهت الى الحمام و استحممت على مهل, تبدأ دروسي عند التاسعة, لدي متسع كبير من الوقت لأقضيه امام حاسب المحمول انهي فيها مشروعي الذي من المفترض تسليمه في الغد.

عاد الحلم ليحتل تفكيري, لما حلمت به من الاساس؟ ربما لأني اخذت افكر به مطولا الى ان اجتاحني النوم, انه جذاب على اي حال. ارتديت بلوزه زرقاء بسيطة و تنوره سوداء تصل الى ركبتي, شعري كان مبللا فتركته مفتوحا لجف و اتجهت الى المطبخ. اعددت كوبا من الشوكولاتة الساخنة و شربته بينما اقوم بالطباعة على الحاسوب, علي ان انهي هذا المشروع الغبي في اي وقت في هذا اليوم.

احدهم قرع الجرس, وضعت الكوب بحذر على الطاولة و اتجهت الى الباب بينما اقول بصوت عال ليتمكن من خلفه من بسماعي: ” من هناك؟“.

اجابني: ” انه انا كريستوفر, بيلا“.

يا الهي, سيحدثني عن المسرحية الان, يا لا الحظ. فتحت الباب مصارعة العبوس و راسمه ابتسامه على وجهي, بدا لطيفا بمعطفه الجلدي الداكن و الجينز الاسود, حييته: ” مرحبا“.

القى تحيه قصيرة ثم نظر الى الساعة حول رسغه و سأل باستغراب: ” اليس لديك اي دروس اليوم؟“.

” بلا, و لكن في تمام التاسعة, لماذا؟“.

” اتساءل فقط, سأذهب الان. لا تنسي اختبارات الاداء, اريد رؤيتك هناك“.

طمأنته: ” لا تقلق كريس, سأكون هناك“.

ابتسم ابتسامه عريضة مريني صفا من اللآلئ البيضاء: ” جيد, سأراك لاحقا اذا, وداعا“, لوح مودعا ثم ابتعد.

اغلقت الباب و تنهدت, امر المسرحية هذا لن يمر على خير, عدت مجددا الى المطبخ و اكملت شرب الشوكولاتة الساخنة و كتابة المشروع. في غضون ساعه كنت قد انتهيت من طباعته و وضعه بترتيب داخل حقيبة كتفي, رفعت شعري الى الاعلى بغجرية و خرجت من المبنى السكني الى سيارتي في الخارج و قدت الى الجامعة.

عندما وصلت اتصلت بجانيت و اعلمتها انني سأقابلها امام الباب, ترجلت من السيارة و اتجهت الى مدخل الجامعة بينما اعدل من وضعية حقيبتي على كتفي. عندما وصلت, فتح الباب من قبل جانيت و ابتسم لي بريبة بينما تمسك بطرق سترتها الزرقاء. هناك امر خلف هذا النوع من الابتسامات التي تظهرها, ضحكت بخفوت و شجعتها على الحديث: ” ماذا حدث؟“.

تحدثت بطلاقة بينما تطوق يدي اليمنى: ” اخبرت تيفاني, كان عليك رؤية وجهها... هههه, كانت مضحكة جدا“.

ضحكت عندما تخيلت وجه تيفاني, انها مهووسة بماثيو كثيرا. يمكنني تخيل وجهها الشاحب يتحول الى الاحمر, و عينيها الزرقاء ترسل نظرات ساخطه الى جانيت, تبدوا كالوحش عندما تغضب, لكن مضحكه الى حد ما. سرت معها بداخل الحرم الجامعي, ثم ودعتها عندما وصلت الى قاعتي. دخلت و القيت التحية على السيد غارفيلد الذي كان يقرا بعض الاوراق, ابتسم و القي التحية بخفوت ليعود و يركز على اوراقه.

سرت الى مقعدي المعتاد, بجانب فريدي, الطالب المهووس بالدراسة. يبدوا مضحكا بنظاراته المستديرة, لا يعلم انه سيبدو وسيما اذا تخلى عنها. لديه جعل برونزي كشعري, و فك جذاب, بشرته سمراء و يبدو وسيما عندما يبتسم بجانبه. لكنه في النهاية لا يزال محب للدراسة, مهووس بها, اومأت لنفسي.

بدأ السيد غارفيلد محاضرته عن الكيمياء في العالم المعاصر, رغم اني اكره هذا المساق الا اني قد اشارك في النقاش و اجاوب على التساؤلات المطروحة. بعد نهاية المحاضرة, اتجهت اليه و سلمت المشروع, نظر اليه بإعجاب و ابتسم: ” واو بيلا! انتِ متفوقه على الجميع, هذا جيد“.

اومأت شاكرة و خرجت من القاعة, جانيت لديها ساعة اخرى في الاقتصاد مما يعني اني سأسير لوحدي, نظرت الى ساعة يدي و عبست, اختبارات الاداء تبدأ عند 11:15. القيت بنظري الى الاسفل و تأوهت, زوج من الاحذية السوداء توقف امامي مما جعلني اتوقف رغما عني. رفعت نظري الى الاعلى ببطء, جينز اسود, قميص بعنق 7 تحت معطف اسود بقلنسوة, ثم تلك الاعين الجذابة. لم اطل النظر هذه المرة, لم اتمكن من ذلك لانه قد تنحنح ليصرف انتباهي عنها و تحدث بصوته الموسيقي: ” بيلا, لم اتوقف رؤيتك هنا!“.

اخرجت صوت انين خافت بعد ان التقطت بعض الانظار الساخطة من بعض الفتيات بجوارنا, عضضت خنصري بتوتر و اجبته بتمتمة خافته لست واثقة ان كان سمعها ام لا: ” اا—اجل“.

سال بشيء من القلق: ” هل انتِ بخير؟“.

نظرت حولي ثم تنهدت: ” الست مح.. محرجا!“.

قال بسخرية: ” لماذا؟“.

بلعت ريقي و نظرت اليه بتردد: ” لتحدث الي!“ املت راسي باتجاه مجموعه الفتيات تلك, من بينهم تيفاني و تأوهت, ” لا يعجبهم ذلك“.

تحدث بهدوء لكنه بدا مستهزئا: ” هذا ليس محرجا على الاطلاق. علاوة على ذلك, انها انتِ من ارادت منا ان نصبح صديقين“.

جعدت انفي و قلت بغضب: ” لم اعي انك ماثيو من الحرم الجامعي“.

ضحك بخفوت و خبأ يديه في جيب معطفه: ” لا تخبريني,“ اومأ باتجاه الفتيات ثم عاد الي بابتسامة سخريه, ” انتِ خائفة منهم!“.

صرخت بانفعال: ” لست كذلك,“ لكن سرعان ما خفت نبرة صوتي و علت تكشيرة ملامح وجهي, ” حسنا, انا كذلك“.

” لماذا؟“ كان صوته عال على غير العادة.

عندما رفعت راسها تسمرت مكاني, كان وجهه قريبا من وجهي حيث انه انحنى للأمام ليصبح بطولي, يمكنني الاحساس بأنفاسه الحارة تضرب ذقني. بلعت بصعوبة عندما التقيت بعينيه, كانت افتح من الامس بسبب الاضاءة, الخطوط الخضراء بدت كالأعشاب الطرية في الصباح, كانت اكثر جمالا مع الازرق الباهت الذي استولى على المكان, حدقة عينه حددت بالسواد الواضح, تمتمت بغير انتباه: ” رائعة“.

لا اعلم كيف قلت ذلك لكنه جعلني احمر خجلا و انظر الى مكان اخر غير عينيه, ماثيو وضع يده على كتفي و همس باذني كما حدث في الحلم: ” اراك لاحقا, بيلا“, ثم سار مبتعدا.

ادرت راسي و نظرت اليه يبتعد, يا لا غبائي, الم استطع كبت ذلك لنفسي. عبست و سرت الى باتجاه المسرح, كان المكان مكتظ بالطلاب. كريستوفر يقف على المسرح و يلقي عليهم التعليمات قبل ان يتجه ليجلس خلف البيانو الموضوع بجانب المسرح. تنهدت بغير ارتياح و سرت لاقف خلف الصف الطويل منتظرة دوري.

كريستوفر كان يعزف على البيانو بامتياز, بدا جذابا جدا. عينيه كانتا على جون, الفتى الاوسم في الحرم الجامعي, صديق ماثيو. لا اطيقه صدقا, انه لعوب و من النادر ايجاده مع فتاة واحده.
احيانا افكر, لا يمكنه ان يقع في الحب و يحب الفتاة التي يريد بإخلاص, لانه ببساطة زير نساء. لكني لن انكر انه يملك صوتا جميلا و مظهرا جذابا, بالرغم من انه طويل القامه و نحيل البنيه الا ان له كاريزما و وجه صافي وسيم, مع شعر اسود مجعد.

ثلاث طلاب قاموا بالأداء و تبقى خمسه, حركت شفتي بعد رضا و تكتفت, كم سيستغرق هذا من وقت! تنهدت عندما هز كريستوفر راسه بيأس, كانت جينفر من تغني و قد كانت... سيئة. تبقى اربع طلاب, 3, 2 و الان انا. لم اكن متوترة ابدا, كان هناك امر واحد في راسي, علي ان انهي هذا سوآءا قبلت ام لا, لا يهم.

ابتسم كريستوفر بطمأنينة و اومأ لي ان اغني فور ان بدأ هو بالعزف على البيانو, غنيت جزا من Grease, لم يدم طويلا الى ان توقفت الموسيقى و ابتسم لي كريستوفر ممتدحا: ” كنت رائعة بيلا“.

شكرته و خرجت من المسرح ممسكتا بحقيبتي, جرت جانيت ناحيتي و سألت: ” قمت بالأداء؟“.

تذمرت بينما ارتب غرتي: ” نعم, كان علي ذلك. كريس لم يتوقف عن تذكيري به كل مره“.

ضحكت و سارت معي الى الكافتيريا, دفعنا من احل الطعام و جلسنا على اقرب طاولة. انظمت لنا تيفاني برفقة جيسيكا, كانت تنظر الي بغرابة و اعلم لما, تعتقد ان هناك امر ما بيني و بين ماثيو, زممت شفتي و اكلت بصمت بينما الثلاث تحدثن عن الفتيان... ممل.

” اذا بيلا, ما الذي اخبرك به؟“ رفعت راسي و نظرت الى تيفاني, غير منتبهه لما تتحدث عنه.

قطبت حاجبي و سألت باستغراب: ” من؟“.

تنهدت بغيض ثم نظرت الي بريبه, سألت مجددا من بين اسنانها: ” هيا, لقد شاهدكم الجميع, ما الذي همس به ماثيو لك؟“.

اكملت جيسيكا بسخرية: ” هل سألك للخروج في موعد؟“.

اجبت من بين اسناني:” لا لم يفعل“, ثم استدرت الى تيفاني و قلت بغيض, ” و اعتقد انه همس لي, لي وحدي و ليس للجميع“, وقفت على قدمي و سرت خارج الكافتيريا.

ما خطبهم؟ اعلم اني قد تحدثت الى ’ الفتى الاكثير وسامه في الحرم الجامعي ‘ لمن هذا لا يعني انه بإمكانهم ان يكونوا حشريين و يتدخلون في خصوصياتي. يا الهي, اكره الطريقة التي حدثتني بها تيفاني لمجرد اني تحدثت الى رجلها – حسنا, ليس رجلها حقا, لكنها تحب مناداته بهذا.

teany
25-10-2013, 14:09
اه, كشرت طوال الطريق الى محاضرتي التالية, اقتصاد. السيدة أرون كانت هناك, تكتب على اللوح, مرتديتا نفس السترة بنفس تسريحه الشعر و النظارات. بجانب جهاز العرض وقفت مارغريت, كانت تجهز عرضها. تنهدت و جلست بجانب نوح, الفتى الغاضب. السنه الماضية حدث شجار بينه و بين تيفاني, كان يصرخ بأعلى صوته دافعا تيفاني لتبكي بهستيرية. بجدية, لا يفرق بين فتى و فتاة, امر مزعج.

نظرت السيدة أرون حولها, ثم اومأت لمارغريت ان تبدأ و اتجهت لتجلس في المقاعد الخلفية. كانت مارغريت متوترة, لاحظت هذا, كلما توترت تضغط بإصبعها السبابة على قبضة يديها كأنها تخفف من الضغط. شرحت عن كيفية رفع الدخول, عرضت بعض الجداول. نظرياتها كانت جيده, دونت بعض منها.

استدرت و نظرت الى السيدة أرون, اعجبها العرض, كان ذلك واضحا على ملامحها. ابتسامتها عريضة و كانت تومئ مع كل نهاية جملة تلقيها مارغريت. بعد 10 دقائق كان دور جورج – شقيق بروفيسور الحضارات في العالم المعاصر- وقف و اتجه الى المقدمة ليقدم عرضه, هو دائما ما يحصل على درجات عالية, طالب متميز.

استمر الفصل على هذا النحو, اربع طلاب قدموا العرض و دوري في يوم الاثنين القادم, امامي الكثير من الوقت لأحضره. عندما خرجت من القاعة, جانيت كانت بانتظاري, ملامحها كانت مضطربة, لم تتحدث, لكني لاحظت انها تنظر الي بين الفينة و الاخرى.

اعلم ما الذي يدفعها للتصرف هكذا, هي قلقة من ان اتشاجر مع تيفاني. حسنا, امر كهذا لن يحدث, اعني, نحن صديقتان انا فقط لم اتحمل تصرفها و حسب. بالإضافة الى ذلك, جيسيكا و تعليقها البليد. لأقول الحقيقة, انا لم اعجب بها ابدا, هناك امر بشأنها يجعلني ابتعد تدريجيا عن الطريق الذي تسلكه.

” هل لديك اي دروس الان؟“ سألت جانيت التي هزت راسها بالنفي, ابتسمت و مسحت على معدتي المسطحة, ” جيد, لنذهب الى ايطاليانوس, انا متشوقة لبعض الباستا“.

ضحكت بخفوت و أومأت براسها: ” حسنا, هيا بنا“.

اتجهنا الى المواقف و صعدنا في سيارة جانيت, سنعود الى سيارتي بعد ذلك. لم يكن ايطاليانوس بعيدا, انه اقرب مطعم للجامعة, ما جعله يصبح مكان تجمع الطلاب. دائما ما اخبر جانيت اني اريد ان يكون موعدي الاول هنا, في هذا المطعم الرائع. اوقفت جانيت السيارة امام المطعم الهادئ, و اتجهنا الى الداخل لنجلس على الطاولة بجانب النافذة. طلبت انا طبق باستا بينما طلبت هيا شوربة الفطر.

اخذت أتأملها, جانيت ديملر. اصبحنا صديقتين في سنتنا الاولى في الثانوية, في السابق, كانت معروفة بين الطلاب. انها جميلة جدا, شعرها اشقر و دائما ما تقوم بتزينه بحرفيه. لديها اعين خضراء, واسعتين و خضراوين جدا. اعتادت امي القول ان عينيها صنعتا من العشب الاخضر في الساحات الواسعة, تحت الضوء تصبحان افتح اللون و جذابتين جدا. شفتيها منتفختين, و على عكس شفتي فهما حمراوين و قابلين للتقبيل.

تملك بعض النمش الغير واضح على خديها, تكرهه لسبب ما, لكني اجده جذابا. في الحقيقة, من الصعب العثور عليه, يصبح واضحا فقط عندما تنظر اليه بدقه. على اي حال, عندما اصبحنا صديقتين كان الجميع يتحدث عنا. ما اقصده هو اني لم اكن جذابة مثلها, كنت دائما خلف الصورة, بكلمات اخرى, غير مرئية.

جانيت فتاة لطيفة جدا, تقلق لأتفه الاسباب كالان مثلا, كانت قلقه بشأني و تيفاني. حساسة و رقيقة, و اذا احبت, تحب بإخلاص. بينما انظر اليها بتمعن, تحولت ملامحها الى التوتر و التفتت ناحية النافذة مخبأة جانب وجهها بشعرها المفتوح: ” ما الامر؟“.

همست: ” مايك هنا“.

قطبت حاجبي و التفت لأنظر ناحية الباب, مايك وقف بثبات هناك, باحثا بعينيه عن جانيت. ابتسمت و عدت لننظر اليها, قائلة بشيطانيه: ” لما تتجاهلينه! اعتقدت انكما تتواعدان بالفعل“.

ارتعدت بوجهي لكن بصوت خافت: ” لا, لسنا نتواعد بيلا! انا اواعد بين“, نظرت ناحية مايك من خلف شعرها الثقيل و تذمرت, ” انه يلاحقني“.

امسكت بضحكتي و سألت: ” لما يفعل ذلك؟“.

هزت كتفيها: ” لا اعلم, انه يتبعني الى كل مكان. تذكرين عندما ذهبت الى الشاطئ مع بين و شقيقته تارا؟“ ذكرتهم بهمس, عندما اومأت اكملت بجدية و بعض الغيض في صوتها, ” تبعني الى هناك, حتى انه سقط علي عمدا امام بين. أتصدقين ذلك! لم يعتذر حتى, بل ابتسم و ابتعد بعدها“.

قلت بصدمه:” فعل ذلك!“

اومأت و القت عليه نظرة خاطفة. احضر النادل طعامنا, وضع الباستا امامي و بدت اكلها على الفور, غير منتبهة لجانيت التي تأكل جانبيا خوفا من ان يراها مايك. التفت الى الباب, مايك قد اختفى ابتسمت و عدت للنظر اليها: ” لقد ذهب“.

جانت نظرت الى الباب لتطمئن ثم بدأت تكل طعامها بطبيعية, تحدثت عن موعدها مع بين الليلة الماضية و كيف انه انتهى بشكل سيء حين اختفت حقيبتها و بين لم يفعل شيء لاستعادتها.
احيانا عندما افكر بالاثنين, هما لا يتفقان معا ابدا. بين فتى لعوب, دائما ما انتهى الاثنان متشاجرين لانه كان يداعب بعض الفتيات في حضورها. جانيت تحتاج الى شخص يحبها و يهتم لأمرها, يحبها لشخصيتها و ليس لشكلها, شخص سيقدم لها كل ما تتمنى, شخص مثل... مايك, ربما.

بالحديث عن الفتى المناسب, انا لم اواعد من قبل. حسنا, هذا ليس صحيحا. اول من واعدته كان مارك فيندر, احد الشبان المعروفين سابقا في سنه التخرج بالثانوية. لم يكن سيئا ابدا, لكن اضطر للانتقال الى فلوريدا بسبب عمل والده, مما ادى الى فراقنا بشكل سلمي. لا ازال اتذكر كلماته الاخيرة ’ ستبقين دوما في قلبي, بيل ‘ علم انه يعي ما يقوله بالحرف الواحد. و الدليل انه لا يزال يتواصل معي الى الان خلال الهاتف او الرسائل البريدية, كأي صديقين. اخبرني مره ان اكمل حياتي و اواعد شخصا غيره, بالرغم من انه لم يفعل ذلك حتى الان.

” هل يمكننا التحدث بجدية؟“

نظرت جانيت اليه بتركيز, بدت جدية هي نفسها: ” ما الذي تريدين التحدث بشأنه؟“.

اخذت نفسا عميقا ثم سألتها:” ما رأيك بماثيو؟ لا تأخذي الامر بجدية, انا فقط اتساءل“.

ابتسمت ابتسامه عريضة شيطانية جعلتني أتأوه, بدأت الحديث بحماس: ” حسنا, تريدين رأي, ماثيو الشخص الاكثر رومانسية قابلته في حياتي. مره, عندما كان يواعد آلي مانفريد. في عيد ميلادها قام بتجهيز بيت الشاطئ بالشموع و البالونات, حتى انه اعد الكعكة بنفسه. توقعي ماذا كانت هديتها!“

” ماذا؟“

قالت برومانسية: ” قلادة صممت خصيصا لها من قبل شركة والده“.

” هذا لطيف جدا“.

” اعلم, هذا السبب وراء تسميته بملك الرومانسية“.

فكرت بالأمر, آلي و ماثيو! هما ليس معا هذه الايام, لا اعلم لما افترقا من الاساس, نظرت الى جانيت و سألتها بفضول: ” لما افترقا؟“.

زمت جانيت شفتيها, مالت الى الامام حيث اصبح وجهها قريبا من وجهي عندما ملت باتجاهها كذلك, بدأت بالهمس: ” يقال انه امسك بها تخونه مع هاربور. هل لاحظتي الجرح فوق حاجبه الايسر؟“.

قطبت حاجبي و هززت راسي, اكملت جانيت حديثا: ” ربما لم تفعلي, دائما ما يغطيه بغرته الكثيفة“.

اومأت بتفهم, هذا هو السبب وراء غرته الكثيفة: ” شرب الى حد الثمالة بعد ان افترقا, ادخل نفسه في قتال مع بعض الرجال في الزقاق قرب كشك الشراب. تعرض لضرب مبرح, ترك ينزف الى ان فقد وعيه“, انهت حديثها بإمائه جدية.

همست بدراميه: ” احبها بشغف“.

حركت جانيت شفتيها بعد رضا و عادت لتجلس بأريحية على مقعدها: ” نعم, آلي غبيه جدا, لقد خسرت شيئا ممتازا في حياتها. اقصد, هل رأيتها مؤخرا مع هاربور, تبدوا فضيعة جدا. تغيرت كثيرا, لم تعد تلك الفتاة الخجولة“, ظهرت تكشيرة على وجهها, ” هاربور غيرها لتصبح كئيبة مثله“, اراحت يدها على الطاولة و نظرت اليه, ” في الاسبوع السابق, تم الامساك بها و بحوزتها بعض المخدرات, هل تصدقين هذا!؟“.

هززت راسي بيأس, هاربور لم يكن الفتى الجيد ابدا, الجميع يعلم هذا, من الغبي ان تربط نفسك مع شخص مدمن: ” هذا سيء جدا“, همست ثم اكملت تناول الباستا قبل ان تبرد و تفقد طعمها اللذيذ.

تذكري ماري – شقيقتي الكبرى – انها طباخة, افضل من رأيت في حياتي. عندما ازورهم في قريتي, ستعد لي بعض الباستا اللذيذة, انا مدمنه باستا. تجعلها شهيه حيث لا استطيع التوقف من طلب المزيد, لا استطيع الانتظار الى الاجازة الاسبوعية, ستكون هناك بانتظاري مع الباستا.

بعد تناول الغداء عدنا الى الجامعة, جانيت لم تنزل من السيارة حيث ان دروسها لليوم قد انتهت. دخلت المبنى الجامعي و اتجهت الى درسي الاخير لليوم – الحضارات في العالم المعاصر. فتحت الباب و دخل, التقت عيني بعيني ماثيو, نسيت اننا نتشارك هذا المساق. ابتسم بلطف ثم استدار للحديث مع صديق. ابتسمت و سرت الى مقعدي في الخلف بجانب النوافذ العريضة و الكبيرة.

دخل البروفيسور ستيوارت القاعة بعد ان انهى حديثة مع الآنسة آن, بدا محاضرته هذه المرة عن حضارة اليونان, تحدث عن آلهتهم, لطالما احببت هذا المساق, احب التعرف على الحضارات الاخرى و خاصه حضارة اليوم, اليونانيون جذابون حقا.

انهى البروفيسور ستيوارت الدرس جاعلا من الطلاب يتدافعون الى الخارج, حضنت كتابي و خرجت مع البقية. عند سيري في الممر الطويل, لاحظت تجمع الطلاب امام لوحة الاعلانات. هل اختاروا الادوار بهذه السرعة! سرت باتجاه التجمع و تدافعت بين الطلاب الى ان وصلت الى المقدمة و اخذت البحث عن اسمي بين الاسماء الكثيرة الاخرى.

توقف اصبعي اما ’ ساندي ‘, تبا, سألعب الدور الرئيسي في المسرحة, ما هذا الحظ العاثر! بحثت عن الشخصية الرئيسية الثانية ’ داني ‘ و التي ستكون من نصيب ’ جون تومسون ‘. كشرت بغيض, تبا, تبا, تبا. لما يجب ان يكون هو! الا يمكنني الانسحاب او اي شيء آخر!! ابتعدت عن الازدحام, التقطت عيناي كريستوفر الذي كان برفقة احد اصدقائه الغريبين, اتجهت اليه و الشرر يتطاير من عيني, لابد انه هو من خطط لأمر كهذا, يعلم انني لم انوي الاشتراك اصلا.

انتبه لي اقترب بكل الحقد و الغيض, استأذن من صديقته و اقترب مني بابتسامه متوترة على وجهه, يمكنني ملاحظة النظرة في عينيه, انه يبحث عن عذر مقبول لجعلي الشخصية الرئيسية. توقف امامي و تحدث بتوتر: ” هيي بيلا!“.

قلت بغيض: ” كيف امكنك فعل هذا بي كريس! الم تستطع اختيار شخص آخر غيري, كماريان مثلا!!“

بدا مرتعبا, رفع راحة يده و اوقفني عن الحديث مفسرا: ” اسمعي, بيلا. لم يكن انا من اختار الشخصيات بل السيدة هاريوت, تظن ان دور ساندي مناسب لك“.

” لا اهتم, افعل اي شيء, استبدلني باي شخص لا امانع كوني في الخلفية“.

توقف للحظات, انتقلت نظراته الى جون الذي يضايق كارلي في الجهة الاخرى من المرر و فسر الامر: ” اكل هذا لأنك لا تطيقين جون؟“.

زممت شفتي و التزمت الصمت, جزء من ذلك صحيح, انا لا اطيق جون كيف سأقوم بلعب دور عشيقته! لكن الجزء الاخر هو انني لم انوي المشاركة منذ البداية, انها خطة جانيت. تنهدت بيأس و اومأت, ضحكت كريستوفر بخفوت و ربت على راسي مبتسما: ” لا تقلقي, سيكون كل شيء على ما يرام, جون ليس بذلك السوء“.

” لا يهم, افعل اي شيء بهذا الامر“.

اومأ و خبأ يديه في جيب معطفه: ” حسنا, سأتحدث الى السيدة هاريوت“.

اومأت و خرجت من المبنى الجامعي الى سيارتي, قدتها الى ان وصلت الى المبنى السكني في تمام الساعة 2:30 سيكون هذا يوما طويلا. عندما مررت من خلال البوابة, استوقفني حارس العمارة السيد جيفرسون: ” اهلا بعودتك بيلا, كيف كان يومك؟“.

اجبته باحترام:” جيد, شكرا لقلقك سيد جيفرسون“.

ضحك بخفوت: ” عزيزتي, نادني بيلي و حسب“.

ابتسمت: ” حسنا, بيلي, اراك لاحقا“ ودعته و اتجهت الى المصعد.

توقف المصعد و فتح الباب, خرجت منه متجهة الى شقتي بينما ابحث عن المفاتيح في حقيبتي, امسكن بهن لكني اصطدمت بشخص ما و فلتن من يدي الى الارض, همست بينما انزل الي الاسفل لالتقط المفاتيح مجددا: ” آسفه“.

يد اخرى داكنة امسكت بالمفاتيح قبلي, عدت لأقف مجددا و نظرت الى الاعلى. ذلك الوجه, رغم انني لم اتجرا يوما للنظر مطولا فيه, لكنني سريا اعجبت بصاحبه. اوستن سوان – ابن صاحب العمارة السكنية. هو وسيم جدا, لطالما احببت كل شيء به, ابتداء من شعره البرونزي و انتهاء بجسده مفتول العضلات.

مد لي المفاتيح مع ابتسامه ساحره على وجهه, قال بصوت هادئ: ” تفضلي“.

اردت شكره لكن لساني عقد و عجزت عن الحديث, اخذت المفاتيح من يده بخجل. كان لا يزال يبتسم جاعلا من قلبي ينبض بسرعة كبيرة, اردت ان ابتسم ايضا لكن انتهى بي المطاف أومئ و اتجه الى باب الشقة. فتحت الباب بسرعة و هرعت الى الداخل, انتبهت الي جانيت و سألت باستغراب: ” ما الامر؟“.

نظرت الى الاعلى, كانت تجلس في غرفة الجلوس تتابع برنامجها المفضل, هززت راسها: ” لا شيء“.

هزت كتفها و عادت لتشاهد التلفاز, تنهدت و سرت الى غرفتي, اغلقت الباب و استلقيت على السرير مغلقة عيني. مر اليوم بطريقة غريب. اولا, ماثيو نيوتن تحدث الي امام الملء, هو في الحقيقة لاحظني مع مظهري الغبي. ثانيا, جيسيكا و تيفاني ضايقنني بشأنه مما ادى الى تعكر مزاجي. ثالثا, تم قبولي في مسرحية لم انوي الاشتراك بها و قد تم اختياري للعب الدور الرئيسي مع الشخص الذي اكرهه بكل معنى الكلمة, جون تومسون. و اخيرا, اظهرت نفسي بطريقة محرجة امام اوستن سوان.

teany
25-10-2013, 14:10
هذا ما احتوى عليه الفصل الاول
اتمنى ان ينال اعجابكم و اريد بعض الردود المشجعه

نورا لاشين
26-10-2013, 01:05
السلام عليكم
أعترف أن العنوان قد جذبني بشدة.. فشهر ديسمبر من أحب الشهور إلى نفسي.. من الجميل أنه قد اقترب..
البداية جيدة.. و البارت أيضا كان جيدا.. طويل إلى حد ما و لكن كثرة الأحداث جنبتني الإصابة بالملل..
ألفاظك مميزة.. يكتنفها شيء من الواقعية الجريئة التي تروق لي..
و لكنني لاحظت بعض الأخطاء اللغوية حاولي تجنبها فيما هو قادم.. و كذلك لاحظت بعض الأخطاء بسبب السرعة في الكتابة.. لذا حاولي أن تراجعي البارت قبل أن تنزليه..
آسفة إن كنت أزعجتك.. و لكنها هفوات طفيفة تجذب انتباه القارئ و تخرجه من الmode .. لذا حاولي تجنبها لتجنبي القارئ "الفصلان".. أو بعبارة أوضح "الانفصال عن السياق الدرامي"..
بالنسبة للموضوع.. فبالرغم من أنه ليس مبتكر و للكنني أتوقع منك أحداث مميزة.. لذا أرجو أن تقبليني من المتابعين للنهاية بإذن الله..
في أمان الرحمن .

ana mooney
26-10-2013, 19:32
حجز قد يطول

teany
30-10-2013, 13:39
السلام عليكم
أعترف أن العنوان قد جذبني بشدة.. فشهر ديسمبر من أحب الشهور إلى نفسي.. من الجميل أنه قد اقترب..
البداية جيدة.. و البارت أيضا كان جيدا.. طويل إلى حد ما و لكن كثرة الأحداث جنبتني الإصابة بالملل..
ألفاظك مميزة.. يكتنفها شيء من الواقعية الجريئة التي تروق لي..
و لكنني لاحظت بعض الأخطاء اللغوية حاولي تجنبها فيما هو قادم.. و كذلك لاحظت بعض الأخطاء بسبب السرعة في الكتابة.. لذا حاولي أن تراجعي البارت قبل أن تنزليه..
آسفة إن كنت أزعجتك.. و لكنها هفوات طفيفة تجذب انتباه القارئ و تخرجه من الmode .. لذا حاولي تجنبها لتجنبي القارئ "الفصلان".. أو بعبارة أوضح "الانفصال عن السياق الدرامي"..
بالنسبة للموضوع.. فبالرغم من أنه ليس مبتكر و للكنني أتوقع منك أحداث مميزة.. لذا أرجو أن تقبليني من المتابعين للنهاية بإذن الله..
في أمان الرحمن .

و عليكم السلام عزيزتي
و هو من الشهور المحببته لي كذلك, فلا اشعر بالحماس و الاندفاعية الا فيه :e415:
فكرت في ذلك ايضا, لكني اردت جعلة طويلا لان معظم القراء يعجبهم ذلك.
بالنسبة للاخطاء الاملائية فقد انتبهت لها في النهاية كذلك, استأت قليلا من ذلك لكني تجنبت الاستعجال في الكتابة في الفصل الذي ساضعه الان.
شكرا على ردك و اتمنىى ان ارى المزيد في المستقبل :e414:

teany
30-10-2013, 13:45
عدت مجددا مع فصل جديد اتمنى ان ينال على استحسانكم
آسفه بشأن كثرة الاخطاء الاملائية في الفصل السابق, و لكن لتطمأن قلوبكم فلا يوجد أي خطا في هذا الفصل... اتمنى!
و كما قلت سابقا, سيتم اضافه شخصية جديدة في كل فصل, و ها هي شخصيتنا لليوم..:

http://i43.************/1pt05l.jpg

تيفاني في الـ 22 من عمرها, صديقة جانيت و بيلا لكنها مقربة اكثير الى جانيت. مجنونة بشأن ماثيو, لا تتقبل تواجد اي فتاة اخرى بجانبه لكنها تغير نظرتها بعد ذلك. متكبرة قليلا, لكنها لطيفة في بعض الاحيان. تشعر بالغيرة الطفيفة من بيلا لكنها لا تظهر ذلك.


الى الفصل الثاني~>

teany
30-10-2013, 13:51
" 02 "

الجمعة دائما ما كان يومي المفضل, لأنني فيه استطيع العودة الى قريتي – الغابات البيضاء. استيقظت باكرا و استحممت على عجل, ثم ارتديت سترتي الزرقاء الداكنة و جينز ضيق. خرجت من الغرفة بينما ارفع شعري على شكل ذيل حصان, جانت كانت في المطبخ, تقوم بإعداد الفطور. كان تواجدها في المطبخ امر نادر, حيث انها لا تتوجه اليه صباحا الا اذا كان يومها خاليا من اي دروس او شيء يدعو للقلق كما هو الحال اليوم.

ابتسمت لي مرحبة: ” صباح الخير ايتها الكسولة“.

زممت شفتي مجيبه: ” صباح الخير“.

سحبت الكرسي الخشبي و جلست عليه مريحة مرفقي على الطاولة, ابتسمت جانيت و وضع امامي طبقا من اللحم المقدد و البيض بينما تقول بمزاح: ” تفضلي حبيبتي“.

” شكرا, لكنني لست جائعه“.

هزت كتفيها بلا مبالاة و سحبت الطبق من امامي ليستقر امامها حيث جلست مقابلتا لي, قالت و كأنها تقوم بطردي: ” كما تريدين, و الان اذهبي الى الجامعة و الا ستغضب السيدة أرون“.

قطبت حاجبي بانزعاج مما دفعها للضحك: ” فقط امزح, اعلم انك تكرهين الدروس منذ بداية الصباح“, اراحت ذقنها على راحه يدها بينما تمضغ بعض من اللحم المقدد, ” كما انك تبدين لطيفة عندما تقطبين“.

مدت الشوكة التي حملت قطعة لحم صغيرة مع طرف من البيض و لوحت بها امام وجهي: ” خذي, قضمه واحده فقط“.

فتحت فمي باستسلام و استقبلت الشوكة التي دخلت فمي بالطعام, بدأت بقضم الطعام الذي كان لذيذا جدا. ابتسمت برضا و عادت لتكمل تناول فطورها. وقفت و اتجهت عائدة الى غرفتي, سحبت معطفي الابيض و حقيبتي ثم خرجت من الغرفة متوجة الى الباب, سمعت صراخ جانيت قبل ان اغلق الباب: ” توخي الحذر عزيزتي“.

لحسن الحظ, ليس لدي سوى درس واحد لليوم يدوم مدة ساعة ثم بعدها سأكون حرة للعودة و ترتيب حقائبي. اوقفت سيارتي في المواقف البعيد, حيث ان القريبة مزدحمة, الان سأضطر للسير قرابة ميل كامل لأصل الى المبنى الرئيسي. تنهدت بضيق و قطعت الطريق بينما نظري مصوبين الى قدمي, سمعت صراخ بعض الطلاب خلفي: ” انتبهي~“.

بفضول رفعت نظري الى جهة الصراخ, اتسعت عيناي و تسمرت في مكاني, كأن مساميرا قامت بتثبيتي على الارض. حدث كل شيء بسرعة. شعرت بتدفق الدم بسرعة كبيرة في شراييني, اردت بشدة الابتعاد عد طريق تلك السيارة السوداء التي تسير نحوي بسرعة جنونيه, لم يتوقف الطلاب عن الصراخ لي بالانتباه, رغم ذلك لم استطع التركيز و الانصياع لهم. ضوء السيارة القوي ضرب عيني مما جعلني اغلقهما بقوة, و بكل شدة هويت على ارضية الشارع القاسية بعد ان دفني اطار السيارة الامامي البارد.

ضرب راسي بالشارع بقوة, و رغم الالم الذي اجتاحني حاولت مقاومته الا انه و بكل سهولة سيطر علي. لم استطع التفوه بحرف, سرى الالم في عظامي كالصاعقة و رغم ان السواد قد احاط بي و اشعر كما لو انني لست موجودة نهائيا, كنت لا ازال استطيع سماع ارتعاد الطلاب, خيل لي انهم يحيطون بجسدي بفضول, احدهم كان يتفحصني بقلق.

بين جميع الاصوات المشوشة, كان هناك صوت ملائكي بدا الاوضح بينهم جميعا, تحدث الي بنبرة خائفة: ” بيلا, بيلا هل يمكنك سماعي؟“.

اردت بكل شدة ان اطمئن صاحب الصوت, لكن لساني لم يستمع الي, و عاد الصوت مجددا: ” يا الهى, بيلا انا آسف“, ثم صرخ بصوت عالي, ” فليتصل احدكم بالإسعاف بسرعه“.

بدأت الاصوات تختفي تدريجيا و لم اعد اشعر بشيء سوى البرودة, كنت اغرق في بحر حالك السواد بلا نهاية, انا اختنق و لا يوجد امل لي ان اخرج من هنا رغم اني اريد ان يحدث ذلك بشده. شعرت بحرارة في عيني, و ذلك السواد يقرص جلدي, اريد الخروج من هنا, اريد رؤية الضوء مجددا لكني لم استطع تحريك عضمه. انه كما لو ان شخصا ما يسحبني الى اعماق ذلك البحر الساخن و المؤلم, لكن فقط في تلك اللحظة, شيء ما اسرع بالتدفق بداخلي, شيء ساخن لكنه ساعدني على استعادت انفاسي مجددا.

اخذت نفسا عميقا عندما سحبت نفسي خارج ذلك السواد, كان بإمكاني الشعور بما يحدث حولي اخيرا, يمكنني الشعور بضعف قلبي لكنه ينبض. رغم هذا لم استطع فتح عيني, كنت اشعر بالسخونة بداخلهما, قال احدهم بصوت أعيدت فيه الحياة: ” انها تستجيب“.

يد دافئة احتضنت خديي, تحدث صاحبها بإصرار: ” بيلا, ستكونين بخير“.

اعتقد اني أومأت لان الصوت عاد ليقول بصوت عالي: ” لقد أومأت, يمكنها سماعي دكتور“.

اخذت نفسا اخر لكنه لم يكن من صالحي, شعرت بالضغط في صدري, صوت رنين كان يعلو بجانب اذني اليمنى. بدا الجميع على عجلة من امرهم, يتحركون بسرعة حولي مرسلين برودة الى جسدي, يتفحصون وجهي, يدي و بعضهم يتلفظون بكلمات متشابكة لم افهمها, تحدث صوت عميق من بينها: ” انها في ضغط“.

عيني لا تفتح و فمي يأبى الانصياع الي, اردت بشدة اخبارهم اين الالم الحقيقي لكني عجزت عن ذلك. الالم الذي شعرت به في راسي لا يساوي الالم في صدري, كأن صخرة ثقيلة وضعت عليه تمنعني من التنفس جيدا, تضغط على صدري لينقبض قلبي و يضعف, و لا يعمل اي شيء بعدها.

تحدث الصوت العميق مجددا: ” بيلا, اهدئي, تنفسي ببطء“.

حاولت, لكنه كان يجلب لي المزيد من الالم. ضغطت على عيني المغلقتين و سمعت انيني, شيء ساخن انزلق على خدي, اعتقد بأنها دموعي. حريق, هناك نار ملتهبة في صدري و الان ارغب بشده الغرق في ذلك البحر الاسود ان كان سيساعد على اطفائها. تحققت امنيتي, ها انا اغرق مجددا, هذه المرة لا اريد الخروج منه, اتركوني اغرق الى اللانهاية.

بدأ الالم يختفي تدريجيا, شعرت كما لو انني خلصت من قيوده. الاحساس بالدفء احاط بي و عادت انفاسي الى طبيعتها, لكني شعرت بضعف شديد لأفتح عيني لذا و بكل انصياع للإرهاق انتقلت الى نوم عميق.


” هل استيقظت بعد؟“ همس احدهم تردد في اذني.

تحققت من الصوت, كان ملكا لتيفاني, بدت قلقه على عكس عادتها معي. ابقيت عيني مغلقتين رغم اني اشعر ان بإمكاني فتحهما الان.

اجابها صوت آخر: ” لا, قال الطبيب انها ستستيقظ في اي دقيقة“.

اعتقد ان تلك النبرة الهادئة ملك لجانيت, حل الصمت على فتح الباب, شعرت بشيء من الفضول لفتح عيني و رؤية ذلك الشخص الذي جعل من جانيت تهمس بتوتر طفيف: ” ما.. ماثيو!!“.

ماثيو, ما الذي يفعله هنا؟ اصغيت لحوارهم الذي خرج على شكل همس خافت, تحدث ماثيو بتردد و قد بدا مذنبا من نبرة صوته: ” اا.. اتيت لاعتذر“, صوته اثار الفضول فيَ, اتى ليعتذر عن ماذا!
اجابته تيفاني بهدوء: ” هي لا تزال نائمة, يمكنك التحدث معها لاحقا“.

تنهد و اخرج كلماته بسكون: ” انا آسف حقا“.

ثم سمعت صوت خطواته يبتعد و فور ان اغلق الباب تأوهت جانيت: ” بيلا لن تكون سعيدة بهذا“.

صرخت تيفاني مدافعه, لكن صوتها انخفض عندما هسهست جانيت لها بانزعاج: ” تعلمين انه لم يقصد فعل ذلك, جانيت“.

” اعلم“.

” اذا لما تقولين هذا؟ ستسامحه ان علمت بالأمر كله,“ تغيرت نبرتها الى الشك, ” لا تخبريني انك ستكذبين عليها!“.

” بالطبع لا! انا فقط اقول ما اتوقعه ان يحدث“, ردت عليها جانيت بخفوت.

” اذا ابقي توقعاتك لنفسك“.

تنفست بتثاقل و جفلت من الالم في صدري, يد جانيت التي افرقها عن غيرها لامست خدي: ” بيلا, هل انتِ بخير؟“.

” هل علي مناداة الطبيب!؟“

صارعت الالم بعينين مغلقتين بإحكام, هززت رأسي بلا لتيفاني, لا مزيد من الاطباء, اكره الاستماع اليهم. دقائق و اختفى الالم, عدت لأتنهد و فتحت عينيي قليلا لأقابل ملامح جانيت و تيفاني القلقة, سألت بتعب: ” ماذا—حدث؟“.

زمت تيفاني شفتيها: ” صدمتك سيارة“.

راقبت جانيت التي رمت تيفاني نظرات ساخطة, انزلت نظرها الي و قالت بأمومة بينما تمسح على شعري المبعثر: ” انتِ بخير الان, لا يوجد شيء لتقلقي من اجله, حسنا! ارتاحي و حسب“.

سألت مجددا بصوت اشج خافت: ” امي و ابي؟“

تبادلت الاثنتان نظرة قبل ان تتحدث تيفاني : ” حسنا.. هما لا يعلمان الى الان“.

اخرجت تنهيدة كبتها طويلا:” جيد, ارجوكن لا تخبروهم بهذا“.

اغلقت عيني و حاولت التنفس بهدوء, كان صعبا قليلا لكني افضل حالا الان. حل الصمت, و لم ابادر بالسؤال او التحدث, فضلت الهدوء على ذلك. لكن كان هناك ما يشغل تفكيري, لما كان ماثيو يعتذر؟ فتحت عيني و استدرت الى صديقتي, كانتا تجلسان على الاريكة بجوار السرير: ” من كان بالسيارة؟“.

حدقت بهم مطولا, زمت تيفاني شفتيها و اشاحت بنظرها بعيدا بينما ترددت جانيت في الإجابة: ”ما.. ماثيو نيوتن“.

ماثيو, تردد اسمه في عقلي, التزمت الصمت و عدت لأحدق بالسقف السكري. فكرت في مدى سوء الامر كونه من قام بالاصطدام بي. بالرغم من اني اعلم انه لم يقصد فعل ذلك, إلا انه ليس هو الامر الذي يزعجني. واقع اني لن اتمكن من رؤية عائلتي لأني لن اتمكن من قيادة السيارة لمدة شهر هو ما يزعجني. تأخري في القدوم سيسبب لهم القلق و ربما سيضطرون للسؤال عني بكثرة الى ان يصدموا بواقع اني تعرضت لحادث, ستكون والدتي اكثر من سيتأثر بهذا الخبر. اذا علمت اني تعرضت لحادث في مواقف الجامعة ستمنعني من اكمال دراستي في المدينة, سأرغم على العودة الى القرية و الدراسة في نفس الجامعة مع اخي الاكبر ماركوس لأبقى تحت ناظريه. الامر الاكثر ازعاجا هو اني سأضطر للكذب عليهم.

تنهدت بضيق و اغلقت عيني بانزعاج انتبهت له تيفاني: ” لم يقصد ذلك بيلا, كان الشارع زلقا بفعل المطر الغزير الليلة الماضية مما جعله يفقد السيطرة على السيارة“.

كانت على وشك قول المزيد, لكني قاطعتها مطمئنه دون الالتفات و النظر اليها: ” لست منزعجة منه تيفاني“.

تحدثت جانيت بهدوء: ” حسنا اذا, اراد الاعتذار منك, هل ادعوه الى الداخل؟“.

عندما أومأت, وقفت جانيت فورا و خرجت من الغرفة. استدرت و نظرت الى تيفاني التي بادرت بالابتسام, رسمت ابتسامه صغيرة على وجهي لكني لست واثقة ان تمكنت من ملاحظتها. في دقائق فتح الباب و اطلت جانيت برأسها, اشارت لتيفاني التي فهمت فورا و خرجت من الغرفة ايضا. ثم دخل هو بتردد و قد كان واضحا على وجهه الذعر, توتره جعله يتجمد امام الباب المغلق, كان يقف بعيدا حيث لم استطع رؤية وجهه بوضوح.

تحدث بصوت مرتجف: ” بيلا, انا آسف حقا“.

كان بعيدا عن متناول يدي, اردت النظر في عينيه كأن ذلك سيساعد على تخفيف الالم الذي اشعر به, تنهدت و هززت راسي بصمت, كذبت عندما قلت: ” لا استطيع سماعك“.

على الرغم من ان الامر كان واضحا, صوته كان جليا و يؤسفني انني لم اعد اسمع الهدوء فيه – تسمر في مكانه, و ظل ينظر الي بنظرات ساكنه.

ضيقت بعيني محاولة النظر الى وجهة بوضوح لكن انتهى بي المطاف بإغلاقهما لثواني ثم فتحهما مجددا, كررت جملتي التي خرجت اخفت من سابقتها: ” لا استطيع سماعك“.

القى بنظرة للأسفل لبضع ثواني, ثم ادار راسه للباب قبل ان يتنهد و يقترب مني. جلس على الكرسي بجانب السرير و عض بتوتر على شفته السفلي, تحدث مجددا و قد بدا مستاءً: ” قـ—قلت اني آسف, لم استطع التحكم بالسيارة“.

حاولت اقناعه بأني بخير, لكن مظهري لم يساعد على ذلك: ” لابأس, لا داعي للاعتذار, انا بخير كما ترا“.

في الحقيقة لم اكن بخير على الاطلاق, كلما اخذت نفسا اشعر بضغط في صدري, لكني لم اتحمل رؤية القلق و الذنب في عينيه, و عدم سماع الهدوء في صوته. خرس لثواني كأنه لم يفهم ما قلته للتو, عينيه حدقت بعيني لفترة طويلة جدا لم تزعجني ابدا. كانتا عميقتين و ترسلان السكينة الي, لكن في اللحظة الاخيرة التي شعرت و كأنني وصلت الى قعرهما ابعد نظرة ليتمركز على يديه و بلع بصعوبة: ” اسمعي, سأعوض لك هذا“, هز رأسه بعد تفكير, ” فقط اعلميني ان احتجت لأي شيء, سأقوم باي شيء تطلبينه“.

هززت رأسي غير موافقة لما يتفوه به: ” لست مضطرا لفعل ذلك ماثيو, انت لا تدين لي بشيء. كان سيحدث هذا رغبنا به ام لا“.

رفع نظرة الي بملامح لم استطع قراتها, حاولت الابتسام لكنها لم تخرج كما توقعت. وقف و نظر الي, لايزال يبدوا مستاءً من الامر برمته: ” آسف مجددا, سأغادر الان“, ثم استدار و سار الى الباب.

قلت بصوت عال ليتمكن من سماعي: ” لا“.

التفت و نظر الي باستغراب, اغلقت عيني و تنفست بصعوبة: ” لا تذهب“.

” بيلا...“.

جبرت الكلمات لتخرج من بين شفتي, كان الالم في صدري يجتاح مجددا: ” ابقى هنا—ارجوك “.

بدا قلبي ينبض بسرعة كبيرة, صوت الرنين من جهاز القلب كان عاليا مما اصاب ماثيو بالذعر: ” بيلا!!“

حاولت تحمل الثقل على صدري, لكنه بدا مستحيلا. امسك بيدي التي ارسلت الدفء الى جسدي, و بالمقابل امسكت بيده بإحكام. لم يتفوه بأي كلمه, كان بإمكاني الشعور بقلقة عن طريق قبضته. اختفى الالم تدريجيا و عاد جسدي ليستقر مجددا, لكني لم اترك يده, اتمنى ان لا يمانعني.

بدا يمسح بإبهامه على يدي, مرسلا شعورا جميلا الي مما جعلني ابتسم بسرية. فتحت عيني قليلا و نظرت اليه, لكنه لم يكن ينظر ناحيتي, لم ينتبه الى نظراتي المراقبة: ” شكرا“.

لم يتحدث لكنه ضغط على يدي بلطف, ابتسمت بلا وعي و اغلقت عيني. بدأت اشعر بالإرهاق, صوت برأسي يأمرني بان اخلد الى النوم, لكني كنت خائفة من ان افتح عيني بعد ذلك و اراه قد اختفى, خائفة انه قد يستغل وقت نومي ليتسلل مبتعدا. فتحت فمي لأحذره في حال فكر بالأمر لكن انتهى بي المطاف اتنهد و استسلم لنوم طويل.

teany
30-10-2013, 13:55
فتحت عيني اخيرا و اول ما قابلني كانت الانارة القوية لغرفة المشفى التي ارغمتني على اغلاق عيني مجددا, تنهدت و فتحتهما لألقي بنظري الى يدي. اتسعت عيناي بدهشة, كان ماثيو لا يزال هنا, يمسك بيدي و راسه مستريح على جانب السرير حيث غط في النوم.

كان هادئا, يتنفس بخفوت. نظرت حولي و تيقنت انه الصباح, الساعة المعلقة على الحائط امامي اشارت الى تمام الثامنة, جانيت كانت نائمة على الاريكة عابسة. كم استغرقت في النوم؟ اخرجت نفسها خافتا و عدت للنظر الى ماثيو مع ابتسامه خفيفة على شفتي.

اخرج انينا خافتا و حرك رأسه قليلا, ثم بدأ بتمتمة شيء بدا كآبي آني او آلي؟ قطبت حاجبي و حاولت التركيز فيما يقول, بدا حزينا جدا عندما تمتم مجددا: ” لا آلي, ارجوك“, ثم تنهد بضيق.

آلي, راقبته مطولا, متيقنة انه يفتقدها, لا يزال يحبها و متعلقا بها. ثم فكرت بالأمر, لما ستخونه مع هاربور؟ الم يكن مناسبا لها, لا يمكنني ايجاد اي سبب لقرارها بتركه, يمكنني القول بأنها هي التي لا تقدر علاقتهما, فإذا كان الامر بيده لن يتوسل اليها حتى في احلامه. في تلك اللحظة كبر فضولي بأمر علاقتهما, لما قد تتركه آلي و تتجه الى الفتى السيء هاربور! هذا هو الامر الذي لا اجد اي تفسير مقنع له.

امالت جانيت راسها قليلا, فتحت عينيها ببطء ثم مدت يديها الى الاعلى لكنها توقفت عندما انتبهت لنظراتي المراقبة و قالت بشيء من الدهشة كأنها تراني لأول مره: ” بيلا, استيقظتِ اخيرا!“

انتقل نظرها الى ماثيو الذي ضغط على يدي و تنهد مجددا, ظهرت ابتسامه على وجهها عندما قالت بهدوء: ” لم يترك يدك مطلقا“.

” هذا لأني انا من طلبت منه ذلك“, كنت مستاءة قليلا لحقيقة انه يفعل هذا ليعوض لي,” قال انه مدين لي, و انه سيقوم بفعل اي شيء اطلبه“.

رفعت حاجبا واحدا: ” ألا يعجبك ذلك؟“.

زفرت قبل ان اعترف لها, جاعلتا من صوتي اكثر وضوحا, لعله يستمع الي و يفهم تلميحي: ” بلا, لكن.. اريده ان يفعل ذلك بمحض ارادته, مثل—تعلمين ما اقصد جانيت“, التفت اليها, ” لا اريده ان يشعر كما لو انه مدين لي بشيء“.

اومأت جانيت بتفهم قبل ان تقف و تتجه الى الحمام, تنهدت و اغمضت عيني ليأخذني التفكير الى آلي و ماثيو. صورتهما يمشيان سوية بسعادة قصت لنصفين, جزء آلي حلق الى هاربور و تحول الى السواد مغطى بالقذارة, بينما جزء ماثيو بقي يحلق مع رياح مخيلتي السرمدية, لم يفقد خفته و يسقط, و لم يرتفع الى الافق كذلك, ظل عالقا في المنتصف, يلتف بلانهاية.

تحرك قليلا و رفع راسه عن السرير بعينين محمرتين, راقبته بهدوء, لم يلاحظ نظراتي الى بعد ان استعاد تركيزه تماما و التفت الي متسائلا بصوت اجش: ” هيي, أتشعرين بتحسن؟“.

اومأت فقط و عدت لأنظر الى السقف, خرجت جانيت من الحمام و وقف على اثرها, تاركا يدي لتنقبض على غطاء السرير. حدقت بي جانيت بقلق عندما سمعت صوت الرنين من جهاز القلب يرتفع: ” هل انتِ بخير؟“.

” نعم“, قلت بضيق, ” متى سأخرج من هنا؟“.

” بعد أربعة ايام, ستكملين اسبوعا كامل“.

اسبوع! تحولت ملامح وجهي الى تكشيرة و قلت من بين اسناني: ” اريد الخروج من هنا“.

ارتفع صوت الرنين, لكني لم اكن اشعر بأي الم, كل ما اشعر به هو سرعة خفقان قلبي من شدة الغضب لواقع اني سأمكث اسبوع في المستشفى, المكان الذي اكرهه بشدة. امسكت جانيت بيدي, عائدة لتسأل بقلق: ” هل تشعرين بأي الم, بيلا, هل انادي الطبيب؟“.

هززت راسي و قلت بتذمر: ” انا بخير, لا داعي لذلك. اريد فقط الخروج من هنا, افعلي شيئا جانيت, اخبري الطبيب انني سأعتني بنفسي جيدا في المنزل“.

” سأحاول“.

تنهدت بتعب, سمعت صوت باب يفتح و يغلق مجددا, علمت من خلاله ان جانيت قد غادرت. فتح باب اخر, و عندما فتحت عيني قابلت ماثيو الذي احكم قبضتيه و اشاح بنظرة بعيدا عني: ” سأغادر الان, اراك لاحقا.. بيلا“, تغيرت نبرته عندما ذكر لقاءنا القادم, كأنه متردد في لقائي مجددا بعد الحادث الذي سببه لي.

لم يترك لي اي فرصة لأتحدث, أومأ براسه و خرج من الغرفة ليتركني مع الهدوء المزعج. عدت لأحدق بالسقف, لا افكر بشيء محدد حين فتح الباب مجددا و صوت جانيت و الطبيب تسلل الى الداخل, كانا يتناقشان في امر ما, اعتقد انه امر خروجي من هنا.

نظرت اليه بلا مشاعر, لم اكن في مزاج جيد لأتصنع الابتسامة. ابتسم بلطف رغم ذلك, كان ينظر الي حيث وقف بجانب راسي و سأل: ” آنسه روز, كيف تشعرين؟“.

” بخير, افضل من الامس“.

اومأ بتفهم و بدا بتفقد الاجهزة و المغذي بيدي اليسرى, رفع نظره الى جانيت ثم عاد الي: ” صديقتك هنا اخبرتني انك تشعرين بتحسن كبير لدرجة انك تودين الخروج من هنا. لكن, لا اعتقد ان هذا جيد لصحتك آنسه روز. لقد تعرضت لحادث قوي قد اثر على صدرك, لحسن الحظ انه لم يكن هناك اي اضرار كبيرة و الا كنا قد فقدناك“.

لم تعجبني نبرته, كان واضحا انه يتصنع القلق, بدا و كانه يحدث طفلا صغيرا. قطعت شرحه المطول عن حالتي بإلحاح: ” اسمع, ارجوك علي الخروج من هنا, انا بأفضل حال. اعدك ان آتي الى المستشفى ان تعرضت لأي الم حتى و ان كان طفيفا“.

بدا و كأن كلامي اقنعه, حتى جانيت كانت مستغربة من اصراري الملح. اخرج الطبيب تنهيدة مستسلم و قد اعلى العلم الابيض: ” سأحاول تصريفك صباح الغد, حاليا, ارجو ان تأخذي قسطا من الراحة ليتم فحصك مساءا“, ثم اضاف بتهديد, ” اذا تبين انك لست بخير و ان قلبك لا يزال تحت الضغط, حينا سأكون متأسفا, لن تخرجي الى موعدك المحدد“.

عندما أومأت, ابتسم و ربت على راسي بخفه: ” كوني بخير, آنسه روز“, و بعدها خرج من الغرفة.

جانيت ابتسمت لي عندما جلست على الكرسي بجانب السرير, نظرت حولها ثم عبست بوجهي: ” هل انتِ جائعة؟“.

” لا, يمكنك الذهاب لتناول الفطور ان اردتِ“.

واقفت على ذلك بإماءة, اخبرتني انها ستعود ثم خرجت من الغرفة.

اغمضت عيني و خبأت راسي اسفل الغطاء, اخذني تفكيري الى عائلتي, علي الاتصال بهم, لابد انهم قلقون الان للتأخير في موعد وصولي. تخيلت وجه ماري المحبط عندما تعلم انني لست قادمة لتسكع معها في شوارع الغابات البيضاء. كم سيكون ماركوس حزينا لكوني ضيعت فرصة مشاهدة مباراته مجددا, و ليز الصغيرة عندما تعلم ان شقيقتها مصاصة الدماء في مهمة للتعافي من حادث و لن تتمكن من مشاركتها اي حفلة شاي لمدة طويلة.

علي ايجاد عذر مقبول لتوقف زياراتي لمدة شهر, ان قلت ان لدي الكثير من التكاليف و المشاريع, لن يكون العذر مقبولا. ستقول امي ’ دائما لديك الوقت لإنهاء التكاليف و المشاريع الخاصة بك, لما اصبحت مهتمة لهذه الدرجة الان؟‘ ثم سيكون علي ايجاد عذر آخر يدعم الاول. خطرت ببالي المسرحية, نعم, ان اخبرتهم انني قد شاركت في المسرحية و اني سأكون مشغولة بها لمدة شهر كامل سيصدقون الامر, علي الاتصال و اخبارهم بهذا الامر لاحقا.

مر اليوم ببطء, لم تزرني تيفاني و لم اسمع شيئا عنها, جانيت كانت قد ذكرت امرا ما و هاواي او شيء من ذلك القبيل. ثم في الليل اتى الطبيب لتفقد الاجهزة و قد تبين له بأنني لا اعاني من اي شيء خطير, كان مقتنعا ان بإمكاني الخروج من المستشفى. عند تمام التاسعة تلقت جانيت اتصالا جعلها تتوتر كثيرا, عندما اخبرتها ما كان ذلك قالت انه لا شيء ثم انتهى بها المطاف قلقة مجددا.

ثم فكرت في آخر مرة كانت بها قلقة, مرتعبة الى هذه الدرجة. كان ذلك في عامنا الاول في الجامعة عندما تلقت اتصالا من والدتها تعلمها ان والدها قد اصيب بذبحة صدرية, واحده من اربع مرات سابقة. كان عليها اخذ عطلة لمدة شهرين لتجالسه في الغابات البيضاء, علما ان والديها مطلقين و لا يطيقان بعضهما, لكن السيدة ديملر – الان السيدة نيلسون – تهتم به بطريقة غير مباشرة لمصلحة جانيت.

و الان اعتقد ان الامر متعلق بوالدها, في النهاية كان عليها الرحيل مبكرا لتتركني وحيده. لا امانع ذلك على اي حال, جانيت دائما ما تهتم بي بطريقة كبيرة, احيانا افكر انها تعتني بي كطفلها الرضيع! تلك الليلة اغلقت عيني محاولة النوم و عدم الغرق في الالم مجددا. عندما اغلقت عيني و انجرفت في النوم شعرت بالبرودة تأكل اطرافي, غطيت نفسي جيدا بالغطاء, متذكرة ان اغطي كل جزء مني لأحصل على الدفء. فتحت عيني لأجد نفسي اقف في مكان مثلج و اخذت افكر, ديسمبر قد وصل للتو, هل يمكن ان يكون هذا اول سقوط للثلج هذا العام؟

كان المكان حولي مغطى بالبياض, البرودة التفت حولي جعلتني أتأوه, كنت قد غطيت نفسي جيدا فمن اين يأتي البرد؟ رفعت يدي و نفثت الهواء الساخن على راحتي, ذلك عندما انتبهت الى اني لم اكن ارتدي سوى ثوب خفيف الى اسفل ركبتي لا اكثر. و بعدها, كان هناك, يسير باتجاهي من بين ممر الاشجار الطويل. كنت اعلم ما القادم بعد ذلك, لذا انتظرته بلهفة ليضمني اليه و يحيطني بدفئة.

اصبح وجهه واضحا عندما توقف امامي, لم يكن يبتسم او يملك اي ملامح رضى على وجهة. كان مكشرا و قد شعرت بغضبه مما جعلني اقطب حاجبي بتوتر: ” مات!!“

قام بمعاتبتي فجأة: ” تبا بيلا, ما خطبك؟ بحثت عنك في كل مكان. انظري الى ماذا ترتدين, هل تحاولين قتلي في شبابي! ان علم والدي اني تركتك تخرجين بهذا الشكل لن يتركني ابدا“.
في الحقيقة لم افهم أيا مما تفوه به, كان يتحدث بسرعة ثم اخذني في حضنه الذي انتظرت له مطولا. يديه الدافئتين احتضنت وجنتي و اخذ ينظر الى عيني بتمعن, كانت عينيه ساحرتين و لوهله اعتقدت بأني ضعت بهما لولا انه همس: ” عديني ان لا تهربي هكذا مجددا, ابدا“.

همست بوعدي رغم اني لم افهم ما خلف كل تلك الجلبة, كنت سارحة في عينيه حيث اني لم انتبه لاقتراب وجهة مني الا حين لامست ارنبة انفه خدي و لفحت انفاسه الدافئة شفتي. تسمرت مكاني, لم اعي ما افعل, لكني لم ادفعه بعيدا عني. فقط عندما كانت شفتيه تبعد بعض الانشات من شفتي, صوت رنين عالي اجتاح المكان و تحول كل شيء الى سواد.

فتحت عيني لأقابل السقف, كان ذلك من اغرب الاحلام التي راودتني, بدا و كأننا قريبين جدا. فتح الباب و دخل الطبيب بملامح القلق على وجهه, عينيه كانتا مصوبتين على جهاز القلب الذي مازال رنينه عالي جدا:” هل تشعرين بأي الم؟“

” لا“.

تفحص الجهاز بصمت, نظر الي لثواني ثم استدار و سار متجها الى الباب لكني اوقفته: ” هل سأخرج اليوم؟“ كنت اتوقع اجابته, ملامحه ابدت ذلك واضحا, انا لن اخرج اليوم.

” لقد قمت بتصريفك مسبقا, اتصلت بصديقتك, الم تأتي بعد؟“

عندما هززت راسي بلا, رفع لوح الورق بيده و عاد ليسير مقتربا من السرير: ” حسنا اذا, سأخبرك عن حالتك الى ان تصل الآنسة ديملر. استمعي الي جيدا, كل ما سأقوله عليك—يجب عليك تنفيذها حرفيا“.

بدا بالحديث المطول عن ما علي تجنبه و ما علي فعله. لم اصغي لكل ما قاله, و لسبب ما لم افهم ما قاله عن زيادة دقات القلب العنيفة و ما الذي علي فعله في ذلك الوقت, لا اعرف ما الذي علي فعله لتجنب الالم. انهى حديثه بابتسامة و قال شيئا عن انه سيقوم بمناداة الممرضات.

خرج من الغرفة و عاد بعد دقائق برفقة ثلاث ممرضات, ازالوا عني الاجهزة و الابر ثم خرج الجميع و عم الهدوء المكان. مر وقت طويل شعرت به بالملل الشديد, لم يكن هناك ما يسليني في هذه الغرفة. فتح الباب بعدها, كان صوت الطبيب العميق واضحا لي, كان يقوم بتوجيه احدهم عن كيفية الاعتناء بي ثم اختفى صوته و حل الصمت, ابقيت نظري على الباب الشبه مغلق بفضول, رغم انه لن يكون مفاجئا ان سارت جانيت الى الداخل.

لكن من خطى نحوي لم يكن جانيت, كان الصامت و الهادئ ماثيو الذي بدا نحوا ما متوتر. قطبت حاجبي و سألت باضطراب: ” ما الذي تفعله هنا؟“.

تنحنح و نظر الى جانبه بينما يتحدث بتردد: ” طلبت مني جانيت ان اساعدك في العودة الى شقتك“.

” لماذا! اين هي؟“.

” لديها شيء ما تقوم به في الغابات البيضاء“.

كنت محقة بشأن والدها اذا, لكني لست راضيتا تماما, لما هو و ليس كريستوفر او تيفاني: ” اين تيفاني؟“.

التزم الصمت لثواني محاولا التذكر, ثم قال بنفس النبرة المتوتر: ” ذهبت الى هاواي لحضور زفاف شقيقتها“.

مترت بـ’ او ‘ و نظرت بعيدا, تنهد و تسلل صوته الي بهدوء هذه المرة: ” هل نذهب الان؟“.

أومأت, اقترب مني و توقف مع مسافة مناسبة بيننا. ابعدت الغطاء عن قدمي و رميت بقدمي الى جانب السرير بحذر, توقفت قليلا بعد ان اجتاح راسي صداع طفيف, عندما فتحت عيني تفاجأت بماثيو راكع على قدم واحده و يضع الحذاء عوضا عني. تصرفه جعلني اتوتر عندما استقام في وقفته و نظر الي, بلعت بصعوبة و شكرته.

همس بـ:” لا بأس“.

وقف بانتظاري, كان علي ان امد يدي اليه, كنت بحاجة الى ما استند عليه لأستطيع الوقوف. لم يتردد في امساك يدي, سحبني بلطف لاقف, و عندما اصبحت على قدمي زاد الصداع في راسي. لسبب ما كنت على وشك فقد توازني مجددا الا انه احاطني بذراعة الآمنة, لم امانع ذلك, جل تفكيري و قلقي كان في الالم الذي اجتاحني حيث كان علي اراحة جبيني على كتفه و احاول استعادة ما قاله الطبيب عن تخفيف الالم.

همس ماثيو باذني: ” هل انتِ بخير, بيلا؟“.

” انا بخير“.

مرت دقائق على وقوفنا في تلك الوضعية, و على الرغم من التوتر الذي احسسته ينساب من جسده لا زلت مرتاحة كذلك. كان جسده دافئا مما جعلني ارتاح قليلا, عندما شعرت بزوال الالم رفعت راسي لكني لم انظر اليه بل لقدمي و همست بـ آسفه.

لم انتبه لملامحه, و لم اعرف ما ان كان متضايقا من ذلك ام لا. ابتعد قليلا عني لكن يده لا زالت تحيط بخصري, ساعدني على السير الى المصعد و منها الى خارج المستشفى. وصلنا الى السيارة, لم تكن تلك الفورد السوداء التي صدمتني قبل يومين بل اودي بيضاء, فتح لي باب الركاب و ساعدني على الجلوس, حتى انه قام بوضع حزام الامان عوضا عني. استراح خلف المقود و قاد عائدا الى شقتي. ركزت نظري خارج النافذة, كنت اعلم ان الطريق الى شقتي سيأخذ الكثر من الوقت, لم يضايقني ذلك, لكن ما ازعجني هو الصمت الذي طغى على المكان.
كما لو انه كان يسمع افكاري, بدأ التحدث بهدوء: ” ما الذي كنت تنوين فعله في هذه الإجازة؟“

التفت و نظرت اليه, مجيبه بهدوء كذلك: ” كنت اخطط لزيارة عائلتي في الغابات البيضاء“.

بدا متفاجئا عندما سأل:” انتِ من الغابات البيضاء!؟“

” نعم لماذا؟“

ظهرت ابتسامه لطيفة على وجهه: ” لم اتوقع هذا, انا من هناك ايضا“.

ابتسمت, بدا ذلك رائعا الى نحو ما, كلانا من الغابات البيضاء و ندرس بنفس الجامعة في سياتل, هل تكون مصادفة؟ ثم فكرت بالأحلام التي راودتني مؤخرا, بماذا تفيدني؟ اعلم انني لن احلم بأحد بهذه الكثرة دون سبب معين.

” حسنا, آسف لإفساد ذلك“, قال معتذرا, و قد بدا صادقا في ذلك. نظرت اليه بصمت, سرعان ما عادت ابتسامته اللطيفة عندما سرق نظرة خاطفة الي: ” يمكنني اخذك الى هناك ان اردتِ“.

” لا, لا عليك من هذا. سأعتذر منهم و حسب, والداي لن يكونا سعيدين لرؤيتي هكذا اطلاقا“.

اومأ على معرفة و زم شفتيه, حاولت تغيير الموضوع فابتسمت حين سألت: ” ماذا عنك؟ ماذا كنت تنوي فعله في هذه الاجازة؟“

” تبقى يوم واحد, ربما ازور جدتي في بورت انجلوس“.

اومأت و عدت للنظر من خلال النافذة, كنا نقترب من العمارة السكنية ما جعلني استغرب: ” كيف تعرف مكان سكني؟“.

” كان علي اعادة سيارتك الى هنا“.

عدنا للصمت مجددا, اوقف ماثيو السيارة في موقف ثم ترجل منها و اسرع لفتح بابي. ساعدني على النزول و سار معي الى داخل العمارة, استوقفنا بيلي الذي بدا بالسؤال عن حالي, تيقنت بعدها انه علم بالأمر من جانيت. طلب مني توخي الحذر, ثم راقبنا الى ان دخلنا المصعد. توليت القيادة من هنا, ضغطت على الزر و انتظرت الى ان فتح الباب اخيرا. سرنا قليلا في الممر ثم توقفنا امام باب شقتي, ظل ماثيو يحدق برقمها ’ 302 ‘. فتحت الباب بالمفاتيح التي كانت بيده مع كيس ادويتي.

ابتسمت له: ” شكرا لك ماثيو“.

ابتسم و تركني اخيرا, اعطاني كيس الادوية ثم خبأ يديه في جيب معطفه بسرعة: ” فقط اتصلي بي ان احتجت لشيء... حسنا!“.

أومأت موافقة و استدرت لأدخل لكني سمعت همسه: ” توخي الحذر“.

لا اعتقد انه اراد مني سماع ذلك, لأنني عندما استدرت للنظر اليه اشاح بنظرة بعيدا و بتوتر قام بحك مؤخرة رقبته. كبت ضحكتي و ابتسمت ابتسامه عريضة: ” اراك لاحقا“.

” نعم, لاحقا, بيلا“, ثم مشى بعيدا.

ana mooney
30-10-2013, 17:08
حجز

نورا لاشين
31-10-2013, 01:26
السلام عليكم
كيف حالك؟.. إن شاء الله تكوني بخير حال..
البارت الثاني رائع ما شاء الله.. شكرا على العمل بنصيحتي المتواضعة.. أظهرتي للرواية جمالها الحقيقي..
أعجبني جدا وصفك لإغماء بيلا.. روعة بكل المقاييس..
و طول البارت ممتاز.. إثبتي على هذا..
لكن لدي ملحوظتان صغيرتان.. أرجو أن تتقبليهما مني..
أولا: الجواب على الاستفهام المنفي يكون ببلى.. لا بلا.. أليس كذلك؟
ثانيا: الاستثناء يكون بإلا.. لا إلى..
آسفة على الإزعاج.. و لكن يجب أن تنتبهي إلى مثل هذه الصغائر لكي تكتمل هذه اللوحة الفنية البديعة..
منتظرة القادم بفارغ الصبر..
في أمان الرحمن

ana mooney
01-11-2013, 12:08
[quote=نورا لاشين;34174832]

اتفق معكي تمام
ولا استطيع ان ازايد ع ماقولتيه

بمعني اخر ردي مثل ردها

teany
08-11-2013, 16:02
السلام عليكم
كيف حالك؟.. إن شاء الله تكوني بخير حال..
البارت الثاني رائع ما شاء الله.. شكرا على العمل بنصيحتي المتواضعة.. أظهرتي للرواية جمالها الحقيقي..
أعجبني جدا وصفك لإغماء بيلا.. روعة بكل المقاييس..
و طول البارت ممتاز.. إثبتي على هذا..
لكن لدي ملحوظتان صغيرتان.. أرجو أن تتقبليهما مني..
أولا: الجواب على الاستفهام المنفي يكون ببلى.. لا بلا.. أليس كذلك؟
ثانيا: الاستثناء يكون بإلا.. لا إلى..
آسفة على الإزعاج.. و لكن يجب أن تنتبهي إلى مثل هذه الصغائر لكي تكتمل هذه اللوحة الفنية البديعة..
منتظرة القادم بفارغ الصبر..
في أمان الرحمن

و عليكم السلام,
انا بخير :em_1f600: شكرا.

نعم, ما قلته عن الاستفهام و الاستثناء صحيح عزيزتي, سأحاول التصحيح في الفصول القادمة,
شكرا على الرد عزيزتي, و اتمنى ان ارى لك ردا آخر في الفصل القادم
وداعا

teany
08-11-2013, 16:03
[quote=نورا لاشين;34174832]

اتفق معكي تمام
ولا استطيع ان ازايد ع ماقولتيه

بمعني اخر ردي مثل ردها

شكرا على الرد عزيزتي اتمنى ان ارى لك ردا اخر في الفصل القادم

teany
08-11-2013, 16:15
ها قد عدت بفصل جديد اتمنى لكم قراءة ممتعه
الشخصية الجديدة في هذا الفصل هي:

http://im38.gulfup.com/IJdGd.tif


اوستن في الـ 21 من عمره, ابن صاحب المبنى السكني الذي تعيش به ايزابيلا, شاب لطيف و جذاب, يحاول ان ينال صداقتها.

الى الفصل ->

teany
08-11-2013, 16:41
” 03“

بعد اخذ حمام دافئ استلقيت اسفل غطائي البنفسجي, امسكت بهاتفي و حدقت بالشاشة حيث فكرت مليا بعذري. تنهدت و قمت بالاتصال بأمي, لم يستمر الرنين كثيرا الى ان اجابتني بارتعاد: ” بيلا!! عزيزتي, هل انتِ بخير؟“.

” انا بأحسن حال أمي“.

سمعت صوت أبي في الخلف يقوم بسؤالها عني, عادت هي لتسأل بقلق: ” اذا لما لم تصلي بعد, كنا بانتظارك“.

حاولت ان ابدوا مقنعة عندما اخبرتها: ” بشأن هذا, انا آسفة حقا, لقد انشغلت بمسرحية الجامعة. كان علي التدرب طوال اليوم, انه امر متعب كما تعلمين“.

كانت أمي متفاجئة عندما ردت علي: ” حقا! عزيزتي هذا امر رائع, اخيرا اخترت التمثيل“.

” اجل, كانت فكرة جانيت, هي من قامت بتسجيل اسمي. امم... أمي انا حقا آسفة, اردت المجيء لكن تعلمين—اخبري الجميع بأنني آسفه. القي التحية عليهم, افتقدكم جميعا“.

ضحكت أمي بخفوت: ” حسنا, نفتقدك كذلك عزيزتي. توخي الحذر, حسنا!“

ابتسمت: ” نعم, وداعا أمي, احبك“, ثم انهيت المكالمة.

واجهت السقف مجددا, الا اني لم اكن منزعجة هذه المرة. رفعت يدي و تحسست جبيني, كان قد لف بلفافة بيضاء. تذكرت عندما ارتطم رأسي بأرضية الشارع, كان ذلك مؤلما. رن هاتفي مجددا, نظرت الى الشاشة و ابتسمت على الاسم الذي كان بارزا عليها ’ مارك ‘, اجبته واضعتا الهاتف على اذني ليتسلل صوته الرجولي الي: ” مرحبا, بيلا!“.

” مرحبا“.

التفت الى جانبي الايمن و نظرت الى الروزنامة الموضوعة على الطاولة بجانب السرير, اليوم الاحد. لم ينسى ابدا, اعتاد الاتصال بي كل يوم احد و اربعاء, سيكون دائما من يتصل اولا, و اول من يفتح موضوعا للحوار.

بدأ: ” كيف هي سياتل؟“.

حركت شفتي بعدم رضا و تمتمت: ” بارده“.

ضحك بخفوت ثم قال مذكرا: ” كنت اعتقد بأنك تفضلين الجو البارد“.

” و لا ازال كذلك, لكنه مزعج في بعض الاحيان. انسى امري, كيف هي الحياة في فلوريدا, هل قابلت احدا بعد؟“.

همهم ثم تردد في الإجابة: ” نـ—نعم, نوعا ما“.

ابتسمت بلا وعي: ” حقا! ما اسمها؟ هل هي جميلة؟“.

” نعم, هي كذلك, جميلة جدا. تدعا كيمبرلي ماكوري“.

هذا امر جيد, هو اخيرا قرر المضي قدما بعد ثلاث سنوات: ” واو! اسم رائع“.

ضحك و التزم الصمت, لأبادر انا بالسؤال بإصرار: ” اذا, كيف قابلتها؟ اخبرني بكل شيء“.

” حسنا, ان كنت مصره. هي زميلتي في فصل الاحياء, اصبحنا شريكين و بعد اليوم الذي قدمنا به مشروعنا سألتها للخروج معي“.

استمر حديثنا عن تلك الفتاة كيمبرلي, كان يتحدث بانفعال عنها و قد كنت ممتنه انه قد توقف عن التعلق بعلاقتنا السابقة, ليس و كأنني اكره ان يفكر بي, لكني لا اعتقد ان هناك امل في عودتنا الى بعضنا. من الافضل ان نبقى هكذا, صديقين مقربين. تبين ان كيمبرلي فتاة شقراء بعينين لوزيتين, ليست من فلوردا بل انتقلت الى هناك عندما كانت في الـ 12 من عمرها, هي في الحقيقة من لندن.

قال بأنها كانت معجبه به قبل ان يعترف لها هو بذلك, و انها كانت سعيدة جدا عندما سألها للخروج معه. بينما يتحدث عادت بي الذكرى الى اليوم الذي سألني للخروج معه لأول مره, اخذت افكر بعلاقتنا. بالرغم من اني لم اكن مشهورتا في ايام الثانوية, لكن شكرا لجانيت, كان لي مجموعة من الشبان المهتمين اللذين لم انظر اليهم قط. كانت جانيت كثيرة التحدث عنه, و لم اعرف عنه الكثير سوى انه كابتن فريق كرة السلة. و في الحقيقة, اغرمت به من الوهلة الاولى. كان طويل القامة مفتول العضلات, شعره الاسود كان مبعثرا دائما بطريقة جذابة و كان يتصرف بلباقة مما جعلني اعجب به.

في يوم حفلة الربيع, كان علي سؤال فتى ليكون شريكي في الرقص, فكرت بسؤاله لكني تفاجأت عندما سبقتني تونيكا غاري في ذلك. لم امانع بعد تفكير للمرة الثانية بالأمر, كنت اعلم انني سأعاني عند سؤاله و سيكون ذلك محرجا, لذا, كل يوم بعد ذلك استمررت في مراقبته عن بعد, اتابع كل حركة يقوم بها و كل كلمة ينطقها, حتى اني عرفت الكثير من الامور عنه بمجرد مراقبتي المطولة له.

قبل الحفلة الموسيقية, قام الكثير من الشبان بسؤالي لمشاركتهم في الرقص, لكني استمررت في رفضهم بلطف, الى ان اقترب مني في قاعة الرياضة و سألني ان اكون شريكته. كنت متفاجئة من ذلك, حتى الفتيات خلفي تشتت تركيزهن لسماع ذلك و خسرن المباراة, لكني مع ذلك ابتسمت و أومأت موافقة. كانت تلك اول ليلة لنا سويا, لذا في الحفلة الراقصة, اعترف بإعجابه بي بعد ان قبلني في منتصف الرقصة, كان ذلك مذهلا.

في الخلفية, سمعت صوت والدته تناديه, اعتذر مني بانزعاج و اخبرني انه سيعاود الاتصال يوم الاربعاء. وضعت الهاتف على الطاولة و ذهبت للنوم, اصبحت كسولة بعد دخولي المستشفى, لم انم بهذه الكثرة سابقا كما افعل الان.


لم يكن هناك اي حلم هذه المرة, لا اتذكر ان شيء خطر ببالي كذلك. استيقظت و اتجهت الى الحمام و اغتسلت, ثم ارتديت بلوزة سمراء و جينز اسود ضيق, سمعت صوت زقزقة عصافير بطني و تأوهت بعدها. سقطت عيني على الدواء الموضوع على المكتب, تناولت قرصين منه ثم سحبت معطفي الاسود و ارتديت حذائي قبل ان اخرج من الشقة.

اعلم انه ليس بمقدوري قيادة السيارة, ما دفعني الى التفكير في اقرب مطعم للمبنى السكني. وقفت امام باب شقتي و اخذت افكر في اسم المطعم الصيني الذي زرته سابقا مع جانيت, الى ان اوقفني صوت مفاجئ: ” أهلا بيلا“.

رفعت نظري و لم يكن احدا سوى اوستن, كان يبتسم لي بود. حييته بتردد و نظرت الى يدي عندما بادر هو بالسؤال: ” كيف تشعرين؟ سمعت بأنك تعرضت لحادث“.

همست بينما نظري مصوب الى قدمي:” أوه, وصلك الخبر“.

بدا صوته مستاءً عندما رد علي:” لما! اليس من حقي معرفة ذلك؟“

نظرت الى الاعلى و ابتسمت بينما احرك راسي يمنه و يسره بسرعة: ” لا, لا, لم اعني ذلك—ااه...“ لكني توقفت فور ان شعرت بالدوار و الم في راسي.

كانت اللفافة مخفية تحت خصلات شعري الغليظة, ليست بذلك الوضوح, كيف نسيت بأنني آذيت راسي! ضغطت على جبيني, و رفعت يدي لاستند على اطار الباب عندما كدت افقد توازني.
لامست يد اوستن كتفي, و سأل بقلق: ” هل انتِ بخير؟“.

اومأت بوهن و همست بخفوت: ” نعم, دوار بسيط“.

لحظات و عدت بعدها لاقف باستقامة, ابتسمت له و قلت بتوتر طفيف: ” انا بخير, اممـ.... علي الذهاب الان“, فور ان نطقت بذلك اصدرت معدتي صوتا محرجا,” تبا“.

ضحك اوستن بخفوت, ثم مد يده و امسك برسغي: ” تعالي, سآخذك للعشاء, على حسابي“.

ترددت بخدين محمرين: ” هذا لطف منك... شكرا, و لكن—“

” انا مصر“.

اومأت موافقة في النهاية مما جعله يبتسم, قادني الى خارج المبنى الى سيارته و قادها الى المطعم. مرت اجازتي بلا اي فائدة, لم يتسنى لي فعل اي شيء و اتوقع كيف ستكون الاجازة القادمة. للتفكير بالأمر مجددا, هناك امر واحد جيد بشأن هذه الإجازة, تسنت لي فرصة تناول العشاء مع اوستن سوان.

اوقف السيارة امام المبنى و قد تبين لي انه ذات المطعم الصيني الذي كنت افكر به, دخلنا الى الداخل و اخذنا الطاولة في المنتصف. بدا اوستن الحديث, كان مضحكا حقا, ضحكت بكثرة الى ان شعرت بألم في صدري لكني تجاهلته, لن اجعله يفسد علي متعتي.

تحدث عن عائلته, قال بانه البكر و ان لديه شقيقتان توأم في العاشرة بعمر ليز الصغيرة. بينما يتحدث وصل الطعام, شكر النادلة و اكمل حديثة. كان يتحدث عن كوني ثملة و انه قد ساعدني في الدخول الى الشقة لكني لا اتذكر ذلك ابدا. عندما بدأ بتوضيح الامر, احمر وجهي خجلا و بدأت الانكماش في مقعدي.

كان ذلك في الشهر الماضي, تيفاني كانت تحتفل بعيد مولدها الـ 21 في حانه قرب المبنى السكني. اخبرتني جانيت وقتها انها ستقضي الليلة في شقة بين و ان علي العودة الى شقتنا وحدي. خرجت من المصعد و اقتربت من باب الشقة, لكني لم ادخل بل ارحت جبيني على الباب و اعتقد اني غفوت حين قام هو بهز كتفي و سؤالي ان احتجت للمساعدة. زاد احمرار وجهي عندما ضحك و قال بأنني بدأت التودد له و في النهاية غفوت تماما و قام هو بإدخالي الى الشقة.

استمتعت بوقتي معه, كانت اطول ليلة و امتعها. بعد العشاء عدنا الى المبنى السكني و سار معي الى شقتي, عندما توقفنا امام الباب اشار بسبابته الى الباب المجاور لباب شقتي ببابين و قال بانه يسكن هناك. اي اننا جاريين طوال كل تلك المدة و انا لم اعلم بذلك الا الان, كنت اعتقد بانه يقوم بزيارة المبنى السكني يوميا ليتحقق من سير عمل والدة لا غير.

ابتسمت بينما اقوم بفتح قفل باب شقتي, استدرت و نظرت اليه قائلة: ” شكرا على الليلة اوستن, كان ذلك رائعا“.

اومأ على معرفة: ” لا مشكلة“.

” اراك لاحقا“.

دخلت الشقة و اقفلت الباب, تخلصت من معطفي و القيت بنفسي امام التلفاز. كان يعرض فلما قد شاهدته مسبقا في دار السينما فور نزوله مع شقيقتي الكبرى ماري. ضحكت عندما تذكرت كلماتها, لم تكن متزوجة بعد, كانت تقوم بمقارنه توم ببطل الفلم, مكشره بوجهها و تتمنى لو كان خطيبها مثله.

وصل الفلم الى نهايته, اخذت انظر في كل زاوية في الشقة, في وقت كهذا ستقضيه جانيت في التحدث عن هذا و ذاك, ثم ستقوم بإخباري عن بعض الشباب في الجامعة علي انتهي مع احدهم لكنني في النهاية سأقوم بإخبارها بأنني سأفكر بالأمر و ستقوم هي بالاستهزاء بذلك. ثم اخذت افكر بنفسي للحظات, ما الذي يجعلني وحيدة الى الان؟ مارك قد وجد الفتاة التي يحب, قد اكمل حياته, ما الذي يوقفني انا الى الان؟

لذا, بدأت التفكير في الشباب اللذين اعرفهم و ليس اللذين اخبرتني جانيت عنهم. كان في اول القائمة, كريستوفر, لا اكرهه لكنه مزعج في بعض الاحيان, لا يمر وقت دون ان يحدث شجار بيننا. اذكر الصيف الماضي حين اخبر بيلي بأنني بحاجة الى سباك ليصلح مغسلة المطبخ, لا امانع مساعدته في ذلك, لكنني عندما عدت الى المنزل كان السباك وحده بالداخل دون مراقبة احد. ماذا لو قام بسرقة احد اجهزة جانيت العديدة, او يحطم انية الخالة روزالي, من سيوضح الامر لها لاحقا!؟

اعلم اني ابالغ في الامر, لكنه يحتاج الى ان يفهم و يتحمل المسؤولية قليلا. في الحقيقة, قمت بمعاتبته ذلك اليوم, حتى انه استمر في الاعتذار الى ان شعرت بالذنب و شكرته ثم سألته للخروج للعشاء, هل هذا منطقي؟

ثم هناك اوستن, لسنا اصدقاء رغم اني اتمنى اننا كذلك, ربما اكثر من ذلك. لكن, لأفكر بالأمر مجددا, لا اعتقد انه سيعجب بي ابدا, اعني اننا مختلفين تماما. اوستن وسيم, غني, يملك كل ما تتمناه اي فتاة. بينما انا فتاة عادية, تعيش حياة روتينية بعيدة عن اهلها, بالكاد يكفيها مصروفها, ما المثير في فتاة مثلي؟

بالإضافة الى اننا مختلفين كل الاختلاف, لاحظت هذا عندما كان يتحدث في المطعم قبل ساعات. اوستن يفضل الصيف, الاماكن الدافئة, الرياضة, الترحال كما انه عبقري جدا. الشيء الوحيد المشترك بيننا هو اننا بنفس العمر و نحب السير بجانب الشط في الليالي الباردة.

و في النهاية ماثيو, اعترف انني معجبه به, عينية الجذابتين بالذات. في بعض الاحيان افكر من اين حصل على لون غريب كهذا! ان كان احد والديه يملك اللون ذاته, ام انه الوحيد في ذلك. ثم, هناك اخلاقه. انه مهذب و كثير الاهتمام, كما انه يحب بإخلاص, هو لا يزال يحلم بآلي رغم انهما مفترقان منذ 3 اشهر الان. بالإضافة الى ذلك, هو رومانسي و لطيف, و عندما يتحدث هناك دائما هدوء خلف اي نبرة يتحدث بها. لكني لا ازال غير واثقة من مشاعري اتجاه, الامر هو انني اعشق التحديق بعينيه, ترسل السكينة لي.

اخرجت تنهيدة طويلة, الامر معقد, لا اعلم ان كان بإمكاني التأقلم مع واحد منهم. كيف ستكون حياتي ان ارتبطت بواحد من الثلاثة؟ بالنسبة لكريستوفر, يمكنني تخمين ما سيحدث, ستكون حياتي مليئة بالمشاكل و الخلافات التي لا تنتهي. اما اوستن, فلا يمكنني تخيل الامر, كما لو انه خارج من دائرة امكانياتي. لكن ماثيو, لا اعتقد انه سينظر الي حتى, تفكيره لا يزال منشغل بآلي, و هو امر لا استطيع استيعابه الى الان, لما يتعلق بفتاة سعيدة مع شخص آخر! او الأسوأ.

ذهب للنوم بعد ذلك, عندما استيقظت في صباح اليوم التالي تذكرت بأنني لم اجهز اي شيء لعرض الاقتصاد, هذا لن يرضي السيدة أرون ابدا. اتجهت الى الحمام و اغتسلت, ثم خرجت مرتدية قميص ابيض و تنورة تول طويلة الى اسفل ركبتي. بعد ان تناولت دوائي, ارتديت معطفي الاسود و خرجت من شقتي.

فور ان فتحت الباب استقبلني كريستوفر بابتسامه عريضة على وجهه, فاجأنني بحضن حذر. ربت بغرابة على ظهرة ثم نظرت اليه عندما ابتعد و امعن النظر في وجهي: ” تبدين رائعة, بيلا“.

” ارجوك!“.

ضحك بخفوت, ثم امسك بيدي و سار معي الى المصعد, ضغط على الزر بينما يقول: ” انا اعني ذلك“.

بدا الحديث عندما دخلنا المصعد: ” اخبرتني جانيت انك لن تتمكني من قيادة السيارة لمدة شهر. اعتقد انه بإمكاني اخذت الى الجامعة و اعادتك الى المنزل“.

ابتسمت بصدق: ” شكرا, كريس“.

صعدنا الى سيارته الفولفو السوداء, لا اذكر متى كانت اخر مرة لي في سيارته لكنه لم يكن غريبا اطلاقا. كان الراديو يذيع اغنية لجيسون مارس, دفعت بكريستوفر ليغني بخفوت معها. بدا لطيفا جدا. مررنا بجانب استوديو والده, اذكر الربيع السابق حين اتيت الى هنا لأسجل اغنية من اجل حفل زفاف ابنة خالتي, كانت فكرة كريستوفر و قد اعجبت آناليس بها كثيرا.

اوقف السيارة امام مبنى الجامعة, نزلت من السيارة و سرت معه الى الداخل, لكنني توقفت عندما سمعت صوت مألوف يقوم بمناداتي بصوت عالي لفت اعين الطلاب الي. استدرت و نظرت الى تيفاني التي اسرعت نحوي و رمت ذراعيها حولي, ابتسمت و سألت بريبة عندما ابتعدت عني: ” كيف تشعرين؟“.

” بخير!“ كنت مستغربه من تصرفها اللطيف معي, مما دفعني للنظر الى كريستوفر باستغراب.

ابتسم و اومأ براسه وحسب ثم سار مبتعدا, احتضنت تيفاني ذراعي و اخذت تسير معي في الحرم الجامعي, بجانبها جيسيكا العابسة. بدا الامر غريبا قليلا, لم اكن ابدا بذلك القرب من تيفاني, حتى انني شككت ان كانت ضربت راسها بالحائط او شيء ما! بدا كل شيء بخير عندما سرنا معا, الى ان توقف نظري على ماثيو الذي كان يستند على جذع الشجرة المتين, ينظر الى جون الذي يتحدث بحماسه و بجانبه بين الذي يستمع الى الموسيقى.

قالت جيسيكا بسخرية: ” انظري لحالك, انتِ تقعين لمن كاد ان يقتلك يوما“.

رمقتها بنظرات حاده و اعتقد ان تيفاني فعلت المثل: ” جيسيكا, هل يمكنك تركنا لوحدنا قليلا؟“

ظهرت تكشيرة على وجه جيسيكا, زفرت و سارت مبتعدة الى مجموعة من الشباب و احتضنت احدهم, اعترفت تيفاني عندما سرنا مبتعدين: ” هي مزعجة احيان“.

سرنا بصمت لبعض الوقت الى توقفت تيفاني و ابتسمت لي: ” لدي محاضرة الان, آسفه“.

” لابأس, سأتجه انا الى هناك“, اشرت الى الشجرة الكبيرة امام البركة الصغيرة. كانت البركة الوحيدة في الحرم الجامعي, هناك بعض البط الذي يعوم فوقها.

اعتذرت مجددا و رحلت, تنهدت و سرت الى تلك البركة, جلست على الارض العشبية و اسندت ظهري لجذع الشجرة. اخذت اتأمل البركة بينما اذني تستمع الى حديث الطلاب الحماسي حولي, بعضهم كان يتحدث عن ما الذي فعله في الاجازة و الاخر عن بعض المشاريع التي لم ينهها بعد. فكرت بجانيت و كم هي مهتمة بي, انا ممتنه لها كثيرا.

استوقف تفكيري صوت هادئ عرفت صاحبه فورها: ” اهلا, بيلا“.

رفعت نظري الى الاعلى لأجد ماثيو يبتسم بخفه لي, جلس بجانبي و القيت عليه التحية بهدوء. نظر الى البركة و تحدث بصوته الهادئ كالعادة, و الذي يبدوا كلحن موسيقا مريحة للأعصاب: ” كيف تشعرين اليوم؟“.

” انا بخير“.

اومأ و زم شفتيه بتفكير, ثم قطب حاجبية و نظر الي: ” كيف اتيت الى هنا, اعتقدت انه ليس بإمكانك القيادة؟“

” جانيت طلبت من كريستوفر ان يتولى امر توصيلي“.

” جانيت تهتم بك كثيرا كما تعلمين“.

اومأت على معرفة: ” اعلم“.

” ما الذي تفكرين به؟“

التفت للنظر اليه لبضع ثوان, ثم تنهدت و حدقت بالبركة: ” الاقتصاد“, بدأت بالتذمر, ” لدي عرض اليوم و لم اجهز اي شيء, السيدة أرون ستقتلني“.

ضحك بخفوت و ربت على كتفي: ” سيكون الامر بخير, فقط اخبريها بانك كنت في المستشفى“, ثم صمت قليلا, كما لو ان حديثة اعاد اليه توتر يوم الحادث, ” على اي حال, علي الذهاب الان, لدي محاضرة الحضارات في العالم المعاصر“.

راقبته عندما وقف على قدميه على عجل, لكنني استوقفته قبل ان يبتعد: ” انتظر!“ التفت للنظر الي بتساؤل فذكرته: ” لدي تلك المحاضرة ايضا“.

ابتسم و عاد ليسير نحوي, مد يده الي بينما يقول: ” لنذهب اذا“.

امسكت بيده بتردد و قام بسحبي الى الاعلى بخفه, سرنا معا الى القاعة و في طريقنا كان الجميع ينظر الينا باستغراب. رفعت نظري بتوتر الى ماثيو لكنه لم يبالي بأنظار الجميع, ابتسم لي وحسب ثم دفع الباب بهدوء. عندما دخلنا القاعة التفت البروفيسور ستيوارت و نظر الي راسما ابتسامه على وجهه: ” بيلا, كيف تشعرين الان؟“.

” انا بخير بروفيسور ستيوارت, شكرا لقلقك“.

رفعت نظري الى ماثيو الذي عاد لتوتره مجددا, ربت على ساعده مما جعله ينظر الي, ابتسمت له بخفه و همست: ” انا حقا بخير“.

اومأ لي قليلا ثم نظر الى جانبه, اتجهت للجلوس على مقعدي المعتاد في الخلف بينما اتجه ماثيو ليجلس بجانب نتالي براون. لم انتبه لما كان يحاضر به البروفيسور ستيوارت, كان تفكيري مشتتا و نظري مصوب الى النافذة الضخمة بجانبي. قطرات من المطر الخفيفة ضربت على النافذة واحده بعد اخرى الى ان اصبح التساقط شديدا و غطيت النوافذ بالمطر حيث اصبح من الصعب النظر الى الخارج.

teany
08-11-2013, 16:46
بعد ان انهى البروفيسور ستيوارت المحاضرة, حشوت كتابي في حقيبتي و خرجت من القاعة, لمحت كريستوفر يلوح لي عن بعد حيث وقف امام مدخل الكافيتريا. ابتسمت و سرت نحوه, دخلنا الكافيتريا و جلسنا على احد الطاولات, نظر كريستوفر حوله قبل ان يتحدث: ” تحدثت الى السيدة هاريوت, للأسف, لن تغير اي دور هي مصرة ان تلعبي دور ساندي“.

” لا يهم“.

ظل يحدق بي لثواني قبل ان يسأل: ” الست جائعه؟“.

هززت راسي بلا و اخذت انظر حولي في الكافتيريا, ماثيو كان يجلس على الطاولة بجانب النافذة برفقة صديقية بين و جون اللذين يضحكان بإزعاج. كان ينظر الى شيء ما بتكشيرة على وجهه, تبعت نظرية و توقفت الى آلي التي كانت تجلس في الطاولة المقابلة في الطرف الاخر, برفقتها كان هاربور الذي احاط كتفيها بذراعه و همس لها بشيء ما, ابتسمت له بخفه مع ابتسامه ذابلة على وجهها.

عدت للنظر الى ماثيو الذي توقف عن تناول طعامه, دفع الصينية الى الامام قليلا ثم قطب حاجبيه بضيق و وقف على قدميه, سار بخطوات ثقيلة خارج الكافيتريا. تنهدت و انزلت بنظري الى يدي, كريستوفر بدا و كأنه قد لاحظ الموقف بأكمله همس: ” هذا بغيض“.

سالت بفضول مستديرة للنظر اليه: ” اتعلم ماذا حدث بالضبط؟“.

اخذ يفكر قليلا, لكنه هز كتفيه و قال: ” لا اعلم, كل ما سمعته هو انه امسك بها تخونه مع هاربور لا غير“.

مثل القصة مجددا, نفخت خدي و عدت للنظر الى آلي, تبدوا سيئة جدا و قد فقدت الكثير من الوزن, ما الذي فعله هاربور بها؟ من الواضح انه جعلها مدمنه مثله, لكن هناك امر خلف كل هذه الجلبة, شيء ما يصيبني بالصداع اذا ما فكرت مطولا به.

” اهلا يا رفاق,“ نظرت الى تيفاني التي وضعت الصينية على الطاولة و جلست مقابلة لي.

تبدوا كشخص يعرف الكثير عن ماثيو, ترددت في سؤالها, كان علي اختيار الكلمات المناسبة حتى لا تفهم الموضوع بطريقة خاطئة, تنحنحت قبل سؤالها: ” فاني, ما الذي تعرفينه عن آلي؟“.

قطبت حاجبيها بغير فهم: ” ماذا تعنين؟“.

القيت بنظرة خاطفة الى آلي قبل ان اوضح سؤالي مجددا: ” اعني, لما تركت ماثيو و اتجهت الى هاربور؟“.

بدأت الحديث رامقتا آلي بحقد: ” حسنا, على حد علمي, حدث شجار بينها و بين ماثيو بشأن عائلته... على ما اعتقد. المهم, حاول إرضائها لكنها تجاهلته لأسبوع. ذهب لشقتها, كان يتحرق لرؤيتها و عندما طرق الباب لم يفتح احد, لكنه لم يكن مقفلا لذا فتحه و عندما دخل—“

” وجدها في حضن هاربور“, اكملت عوضا عنها.

اومأت ثم امالت براسها باتجاه آلي و اعربت بسخرية: ” هذا غباء, انظري اليها. كانت افضل حال مع ماثيو, هاربور لا يزيدها الا سوءا“.

قطب كريستوفر باستغراب: ” كيف علمتي بهذا؟“.

هزت تيفاني كتفيها: ” جون اخبرني بالأمر كله“.

التفت للنظر الى جون على وقع اسمه, كان يقوم بمداعبة احد الفتيات و بين بجانبه يكزه بسرية. هززت راسي بياس و تنهدت, هذا الفتى لن يستقيم ابدا. ثم فكرت بالسبب الذي دفع آلي لترك ماثيو, هل هو بسبب ان والدته قد طلبت منها الابتعاد عنه, ربما. او انها لم تشعر بالراحة حول عائلته! الامر مريب, و لا اعلم لما اشعر بهذا الفضول الشديد: ” هل هذا كل شيء؟“

اومأت لي و الملعقة لا تزال في فمها, تنهدت و وقفت على قدمي بفكرة في راسي, همست باني سأعود و اتجهت الى خارج الكافتيريا.

اتجهت الى البركة لكني لم اجده هناك, نظرت في الحرم الجامعي بأكمله لكن لا اثر له. عندما استدرت ارتطم راسي بصدر احدهم مما جعلني اجفل و اضع يدي على راسي: ” أوه!“.

امسك ذلك الشخص بكتفي و سأل بقلق: ” انا آسف, هل انتِ بخير بيلا؟“.

تعرفت على صاحب الصوت, لذا اومأت على الفور حتى لا يشعر بالضيق و نظرت اليه مبتسمه: ” انا بخير ماثيو, لا تقلق“.

ترك كتفي و خبأ يديه في جيب معطفه, ثم نظر حوله بينما يسأل: ” ما الذي تفعلينه هنا؟“.

” كنت ابحث عنك“.

توقف للحظات و حدق بي, ثم سأل بهمس: ” لماذا؟“.

ابتسمت و قمت بالحديث بهدوء: ” كنت افكر ان كان بإمكاننا الخروج الليلة“, تغيرت ملامحه الى اخرى لم استطع قراءتها, احمر خدي و شعرت بالتوتر عندما اكملت, ” اممـ, في العادة, انا و جانيت نخرج في هذا اليوم, هي ليست هنا الان و كنت افكر—“

” لا لابأس, سأخرج معك“, قاطعني على عجل.

ابتسمت ابتسامه عريضة: ” شكرا, سألتقي بك الليلة اذا“.

اومأ مع ابتسامة خفيفة على وجهه:” جيد, اراك لاحقا“, لوحت له ثم سرت الى محاضرتي التالية.

لم احضر اي شيء لعرض الاقتصاد, عندما اخبرت السيدة أرون كانت قد تفهمت الامر و اجلت العرض الى يوم الاثنين القادم. بعد انتهاء دوامي اعادني كريستوفر الى الشقة. اخبرتني تيفاني بانها ستأخذني لتناول العشاء لاحقا لكني اخبرتها باني سأنشغل قليلا ( كان علي الخروج باي عذر لأتمكن من لقاء ماثيو ), تفهمت الامر و قررت تأجيل مشروع الخروج هذا الى يوم اخر.



ارتدت معطفي ذا القلنسوة و خرجت من شقتي, قابلني اوستن, كان برفقة فتاتين صغيرتين, اتوقع انهما شقيقتيه التوأم: ” اهلا بيلا“.

” أهلا اوستن“, اومأت باتجاه شقيقته و سألت, ” من هن؟“.

” جيني و ليلي“.

جلست القرفصاء امامهن و ابتسمت: ” اهلا يا فتيات, انا بيلا جارة شقيقكن“.

جيني ابتسمت و نظرت الى اوستن بينما ليلي تحدثت بسلاسة: ” اجل, اوستن تحدث عنك كثيرا لماما“.

ضحكت بخفوت رافعة نظري اليه, ابتسمت ثم رمق شقيقته التي تأوهت. عاد لينظر الي و سأل بجدية هذه المرة: ” هل انتِ ذاهبه الى مكان ما؟“.

” نعم, سأخرج برفقة صديق لي“.

اومأ مع ابتسامة على وجهه: ” استمتعي بوقتك اذا“.

شكرته ثم ودعته و شقيقته. اتجهت الى المصعد, انتظرت بضع دقائق الى ان فتح الباب و خرجت, القيت تحيه خاطفة على بيلي و خرجت من المبنى. ماثيو كان قد اوقف سيارته بالقرب من الباب, عندما انتبه لي, قام بنزع قفازيه ثم ترجل من السيارة و فتح الباب لي: ” شكرا“.

اومأ و حسب ثم عاد ليجلس خلف المقود, قاد السيارة و اشعل المدفئة ليبعد الجو البارد, عندما ابتعدنا عن المبنى نظر الي: ” الى اين نذهب؟“.

ابتسمت: ” اممـ... وورد رابس.“

ضحك بخفوت و اومأ موافقا: ” الى وورد رابس اذا“.

كان المكان مظلما في الخارج, و اكثر برودة. راقبت ماثيو بسرية, كان هادئا جدا, و قد كان يهمهم بلحن اغنية هادئة بدت و كأنها تهويده. اتمنى ان يجيب على اسئلتي اليوم, و نصبح اكثر من مجرد... صديقين, ربما.

حاولت فتح حوار فبادرت بالسؤال: ” كم يكبر شقيقك من العمر؟“.

التفت الي و ابتسم عندما اجاب ببساطة: ” 21“.

21, انه بنفس عمري, شعرت بغرابة فحدقت بماثيو بريبة محاولة تخمين عمره: ” كم عمرك انت!!“

ضحك بخفوت من نبرة صوتي المريبة: ” انا في الـ23“.

همست بـ اوه, ثم حدقت بأصابع يدي, اشبكهم و لا اشبكهم في محاولة بحث عن امر اخر للحديث عنه.

فسر صمتي بطريقة اخرى فقال مستهزئا: ” كبير جدا ها!“ ثم ضحك بخفوت مجددا عندما هززت راسي بلا بسرعة كبيرة.

عدنا للصمت بعد ذلك, استرخيت في مقعدي و نظرت الى الخارج. وورد رابس يقع بجانب الشاطئ, فكرت بانه يمكننا السير على الشط بعد ان ننتهي من تناول العشاء. ماثيو كان صامتا بطريقة موتره, كان ينظر الي من وقت الى آخر, تارة يزم شفتيه و تارة اخرى ينفخ خديه و ينظر الى الامام بتركيز, بدا و كأنه يريد التحدث لكنه لا يعلم ما الذي يمكنه الحديث بشأنه معي!

وصلنا اخيرا, نزلنا و دخلنا المطعم الهادئ. قادنا النادل الى طاولة بجانب النافذة و وضع قائمة الطعام اما كلينا. اخذتها و بدأت البحث عن ما يمكنني طلبة, كان هناك الكثير من الأطعمة. بعد ان قررت ما علي طلبة اعدت القائمة على الطاولة و نظرت الى ماثيو الذي كان ينظر الى البحر خلف النافذة, انتبه لي ثم نادى النادل و سألني بهدوء: ” ماذا تريدين؟“.

نظرت الى النادل الذي توقف بجانب الطاولة و اخرج الدفتر و القلم منتظرا الطلب: ” شطائر دجاج الترياكي و مشروب توت العليق الاسود“.

دون النادل الطلب ثم رفع حاجبا على ماثيو, مومأ براسه. نظر ماثيو الى القائمة امامه بينما يتحدث: ” اممـ... من اجلي, بعض من تُرتيلا الجمبري الحار و مشروب العليق الاسود كذلك“.

” سيكون طلبكما هنا في غضون دقائق“, قال النادل ثم اتجه الى المطبخ التحضيري.

teany
08-11-2013, 16:47
نفخت خدي و فكرت في ان افتح الموضوع الان, لكني ترددت بعد ان انتبهت لنظرات ماثيو الي. ابتسمت بتوتر و نظرت حولي الى الوجوه في المطعم. لم يكن مزدحما, عائلتين و مجموعة من الشباب في الطاولة المتطرفة في جانب المطعم. لم اعلم ماذا علي القول الان, كان هناك بعض من التوتر بيننا, كلانا لا يعلم ما يقول.

” اذا..“, بدا ماثيو الحديث مما جعلني انظر اليه بعينين متسعتين, رفع حاجبا عندما اكمل, ” لن نبقى صامتين طوال اليوم, اليس كذلك!“.

هززت راسي بلا, ابتسم و اراح ساعديه على الطاولة و قال محفزا: ” تحدثي“.

للحظات خلت انه علم سبب دعوتي له للعشاء, لكنني هززت راسي و حاولت ايجاد موضوع لنتحدث به قد يوصلنا الى المحور الاساسي لوجودنا هنا: ” سمعت ان والدك يملك مصنع مجوهرات, هل هذا صحيح؟“ اومأ بهدوء, ” هل تفكر في تولي الادارة من بعده؟“.

اجاب بجدية: ” لا, اندي – شقيقي الاصغر – سيتولى الادارة عوضا عني“.

قطبت حاجبي: ” لماذا؟ ما الذي تنوي فعله بعد الجامعة؟“.

هز كتفية و مد شفته السفلي بلطافة: ” لا اعلم, قد استمر في الذهاب الى كثير من الرحلات... ربما بعدها سأتوظف في احد شركات والدي“.

” لما هذا! اعني انك تملك وظيفة محددة. يمكنك ان تصبح مدير شركة مجوهرات, معروف في كل مكان... لكنك تريد ان تصبح موظف عادي!“

ضيق بعينيه و بدا الحديث بانفعال مع نبرة هادئة خلف ذلك: ” لا اريد ان اكون معروفا, رغم ذلك. اريد ان ابتعد عن العمل و التجارة و كل ما قد يسبب لي صداعا. سأعود الى الغابات البيضاء, سأبني لي منزلا في الغابة بعيدا عن بقية المنازل. في الشتاء سأذهب الى الجرف, و في الصيف سأذهب لصيد الاسماك في شاطئ لو جاين.“

ابتسمت عند سماع هذا, بدا مختلفا عن البقية, شبان غيره يتوقون لإنهاء الجامعة و تولي مناصب كبيرة و الحصول على دخل كبير, بينما هو يريد البقاء بعيدا عن كل هذا. كان يمثلني بطريقة ما, ان ايضا فكرت في العيش بين الغابة في الغابات البيضاء في منزل صغير, ازور الجرف بين الحين و الاخر و استمتع بالسير على شط بحر لو جاين: ” يبدوا ذلك لطيفا“.

ابتسم بخفه ثم نظر الى كفيه, معربا: ” نعم, و لكنه لن يكون كذلك ان كنت وحيدا“.

ركزت على حديثة, مستعدة لقول اي شيء بخصوص آلي اذا ذكرها, لذا شجعته على الحديث: ” ماذا تعني؟“.

وضح لي الامر اكثر: ” اعني انه ليس جميلا ان تكون وحيدا, ربما ان فكرت في ذلك سأكون عائلة ثم سننتقل الى الغابات“.

عضضت على شفتي السفلي, اشعر بغرابة كوننا نتحدث فجأة عن تكوين عائلة و الحصول على اطفال: ” سيشعر اطفالك بالوحدة لعدم تواجد اطفال بنفس عمرهم هناك“.

هز راسه بلا: ” لا, سأحرص على اخذهم يوميا لزيارة اقاربهم, لن يشعروا بالوحدة ابدا“.

” اعتقد انك ستكون ابا رائعا“.

ابتسم بجانبية و للمرة الاولى اشعر برفرفة قلبي: ” ربما“.

اتى النادل بالطعام, نظرت الى شطائري قبل ان ابدا بالأكل, كانت لذيذة جدا. نظرت الى ماثيو الذي اخذ قضمه حذره من تُرتيلا الجمبري الحار خاصته, احمرت عينيه بعد فترة قصيرة و بدا بالكح قليلا. ضحكت بخفوت على مظهرة, سحب كوب المشروب و شرب دفعه كبيره قبل ان يتمتم: ” يا إلهي, هذا حار حقا!“

بدا مضحكا, امال براسه قليلا مع حاجبين مقطبين قبل ان يبدا بالأكل مجددا. اردت الاستماع الى المزيد من احلامه و افكاره, بدا كشخص لديه الكثير ليتحدث عنه, شخص حالم و رومانسي: ”
ماذا عنكِ؟“

رفعت نظري اليه فأعاد سؤاله: ” ما الذي تنوين فعله بعد الجامعة؟“

هززت كتفي بخفه: ” سأعود الي الغابات البيضاء و ابحث عن عمل“.

احلامي دائما ما كانت محدودة, لم يكن باستطاعتي الحلم بالكثير في حالتي المادية المتدنية, مثل انني لن احلم بالذهاب الى الاسكا ان لم يكن بإمكاني الحصول على التذاكر. لذا, اقتصرت احلامي على جزء من الواقع الذي اعيشه, سأنهي دراستي الجامعية و اعود الى قريتي, سأعمل و اتزوج و اكون اما جيده لأطفالي, ذلك وحسب.

اومأ بهدوء بعد ان همس بـ أوه: ” ربما تجدني قرب الجرف اذا ذهبت الى هناك في احد ليالي الشتاء“.

ضحك بخفوت, رشف القليل من مشروبه ثم نظر الي: ” الم تحلمي بشيء آخر؟“.

عبست بشفتي و تنهدت: ” حسنا, لقد فعلت... لكني ندمت في النهاية. كنت قد حلمت بان ابقى مرتبطة بعشيقي لكن انتهى الامر بنا نفترق بعدالة“.

سأل بصوت هامس: ” لماذا؟“.

زممت شفتي, لا اعلم لما اشعر بهذا الضيق عند الحديث عن مارك, ثم لما نتحدث عن علاقتي انا بينما يجب ان يتمحور الحديث عن علاقته هو بآلي! هذا لن ينجح, ربما ليس اليوم.

” كان عليه المغادرة لفلوريدا بسبب عمل والده“.

اومأ بسكون ثم استدار لينظر الى البحر, اعلم يقينا انه يفكر بآلي الان, انعكس ذلك في عينيه فانتهزت الفرصة للحديث: ” هل يمكننا الحديث بصدق؟“.

نظر الي بعدم فهم: ” سأسالك سؤالا و اجب علي بصدق, ثم سيكون دورك لتفعل المثل, ما رايك!؟“.

” حسنا, ابدئي اولا“.

بلعت رمقي بصعوبة, ترددت في سؤاله لكني في النهاية اعربت عن ما بداخلي: ” لما... افترقت انت و... آلي؟“.

عندما رفعت نظري اليه, كان ينظر الي بملامح غير مقرؤه. تنهد بخفوت, ثم سحب يديه من فوق الطاولة و اخفاها تحتها: ” لأنها... اممـ, لأنها ارادت ذلك“.

فكرت بإجابته التي جعلتني احتار اكثر, اعتدل هو في جلسته ثم تنحنح قبل ان يسأل, نظرية مصوبان نحوي: ” لما سألتني للخروج اليوم؟“.

ترددت في اجابتي, لم اعلم بانه سيشك في امر طلبي. انزلت بنظري الى يدي و زممت شفتي, اشعر بالأحراج من هذا, لم يكن امر علاقته بآلي من شأني: ” في الحقيقة انا... اردت ان اعلم ما حل.. بينك و بين آلي“.

” كان بإمكانك سؤالي“.

نظرت اليه باستغراب و سألت بريبة: ” و كنت ستجيبني؟“.

أومأ ببطء, شعرت باحمرار خدي و بحرارة غريبة, لا اعلم ما كان خلف ذلك لكنني شعرت بالخجل من نفسي و نظرت الى يدي بتوتر.

بدا ماثيو الحديث بصوت هادئ: ” في الحقيقة, آلي لا تطيق والدتي ابدا, و اعتقد انها غلطة والدتي. انها تشعر بالضغط و القلق بسهولة عندما اقدم اي فتاة لها, ستقوم باستجواب الفتاة و مراقبتها بحرص لتتأكد ان كانت مناسبة لي ام لا“, هز راسه بضيق, ” هذا مزعج حقا“.

” اخبرتني ان الامر لن ينجح مع تواجد والدتي, و ان علينا انهاء علاقتنا. اخبرتها ان الامور ستكون على ما يرام, لكنها تجاهلتني لأسبوع كامل, ذهبت لشقتها, اردت ان اتحدث اليها و اغير رايها في الموضوع لكن عندما دخلت... كانت هناك مع هاربور“, توقف قليلا ليطلق تنهيدة كبتها طويلا. ” لا امانع ان ترتبط بشخص آخر, لكني لا اتحمل رؤيتها كئيبة هكذا مع هاربور... لقد اختارت الشخص الخطاء. حاولت تحذيرها منه, لكنها اعتقدت بانني احاول فقط تشويه سمعته و انه في الحقيقة شاب جيد, تعلم انني لا انوي ذلك, لكنها فقد تكابر في الموضوع“.

اخذ يتنفس بغيض, لم اتحدث باي حرف خوفا من ان يرتعد بوجهي او شيء ما, هز راسه بضيق ثم تمتم: ” هذا امر خاطئ, انها تدمر نفسها و حسب“.

نظرت الى يدي, الان اعلم ما حدث, آلي هي من دمرت كل شيء. لكني لا ازال مستغربة من كونها اختارت هاربور و لا احد غيره؟ لما اختارت ان تكون مدمنه على ان تكمل حياتها بأريحية. اعتقد انها تريد ان تعذب ماثيو, تعلم انه يكره رؤيتها هكذا و انه يحبها اكثر من اي شيء آخر. تريد ان تدمر قلبه المسكين كلما تقبل او تقترب من هاربور.

لم ينطق ماثيو بحرف بعد ذلك, كنا قد انتهينا من تناول العشاء و ظللنا جالسين بصمت على الطاولة. كان نظرة مصوب على الشاطئ, يبدوا و كأنه يسبح في تفكير عميق. اغمضت عيني و تخيلت منظر المنزل الذي سيبنيه في الغابة, اطفاله اللذين يجرون في البراحة, فتى و فتاة كلاهما يبدوان مثله تماما, و عندما حاولت تخيل زوجته لم يخطر احد ببالي سوى آلي.

” الفاتورة سيدي“, سمعت صوت النادل.

فتحت عيني و وجدت ماثيو يقوم بدفع الفاتورة, تنهدت و وقفت معه ثم سرنا الى خارج المطعم باتجاه سيارته, توقفت عن السير مما دفعه للنظر الي باستغراب, اشرت الى الشاطئ خلفي: ” لنسر بجانب الضفة“.

اومأ مع ابتسامه على وجهه, اتجهنا الى الشاطئ و سرنا على الضفة بصمت, كان المكان مظلما لا يضيئه سوى القمر, صوت امواج البحر الهادئة تسللت لآذاننا و البرودة التفت حولنا. غطيت راسي بالقلنسوة عندما شعرت بارتعاش اطرافي, نظر ماثيو الي: ” أتشعرين بالبرد؟“.

” قليلا“.

تحدث دون النظر الي: ” هل يمكنني ان اسالك شيئا؟“.

همهمت موافقة فاخذ نفسا طويلا ثم اخرجه بهدوء و سأل بصوته الهادئ:” لما اردت ان تكوني صديقتي؟“.

رفعت نظري اليه, هز كتفيه بخفه بينما يشرح لي و قد بدا مهينا قليلا: ” بعض الفتيات تتحدث الي لتلفت الانتباه, ماذا عنك؟“.

ترددت في اجابتي, نظرت الى قدمي متجاهلة عينيه: ” حسنا, لقد... اعجبني... شخصك“, عندما نظرت الى الاعلى كان لا يزال ينظر الي, غير مقتنع بإجابتي فاستسلمت, ” حسنا, في
الحقيقة اعجبني.., التحديق في.. عينيك“.

احمر خدي خجلا و نظرت الى الاسفل مخفيه وجهي بشعري, سمعته يتمتم: ” هذا مختلف“.

” هـ.. هل يمكنني ان اسالك انا سؤالا الان!“.

ضحك بخفوت من نبرتي: ” اجل“.

” هل هي وراثة؟ هل يملك احد افراد عائلتك مثل هذا اللون؟“

” لا اعتقد هذا“, رفعت نظري اليه فابتسم, ” اعتادت والدتي القول بانني طفل مميز... يبدوا الامر صبيانيا, لا اعتقد بانني الوحيد بهذا اللون“.

” بالطبع!“ قطب حاجبيه و نظر الي باستغراب,” ارجوك! انا لم ارى في حياتي عينين جذابتين كعينيك, والدتك بالطبع محقه, ما قالته ليس صبيانيا ابدا“, لم انتبه الى ما قلت الا عندما ابتسم بجانبيه و عينيه لا تزالان تنظران في عيني. تحول وجهي الى الاحمر بالكامل, اشحت بنظري بعيدا عنه مقسمه الا انظر اليه مجددا.

ربت ماثيو على راسي بحذر: ” انتِ فتاة لطيفة, بيلا“.

عدنا الى سيارته بعد ان سرنا مطولا على الضفة, لم نتوقف عن الحديث طوال طريق العودة الى شقتي. اوقف السيارة امام المبنى السكني و سار معي الى الباب الزجاجي, استدرت و قابلته وجها لوجه, ابتسمت بلطف و شكرته: ” شكرا على الليلة ماثيو, كانت رائعة حقا“.

ابتسم بخفه و أومأ لي, توقفت هناك للحظات ثم اقتربت منه و احطت كتفيه بذراعي القصيرتين. كانت لدي بعض الشجاعة في تلك اللحظة, لا اعلم لما لم اشعر بالخجل لكني اعتقد بانه لكثرة احتضانه لي في احلامي, رغم انه مجرد حلم لكني اعتدت على هذا الامر.

احتضنته و قربت شفتي من اذنه لأهمس: ” لا تحزن بشأن آلي, ارجوك. فقط.. حاول المضي قدما“.

اخيرا قام باحتضاني بالمقابل, محيطا ذراعيه القويتين حولي و همس في اذني: ” شكرا, بيلا“.

ابتسمت و اغلقت عيني مريحة جبيني على كتفه, ظللت هكذا لثواني قبل ان ابتعد عنه و ارسم ابتسامه على وجهي, لوحت له بينما اسير باتجاه الباب الزجاجي. رفع يديه ليلوح لي لكن انتهى به المطاف يحكم قبضته و يومئ فقط قبل ان يبتسم و يسير مبتعدا.

V.Lapidus
08-11-2013, 20:31
هل حجزت هنا قبلاً :موسوس: ؟!

ان كان لا فـ " حجز " :مكر: ~

V.Lapidus
10-11-2013, 01:04
هل حجزت هنا قبلاً :موسوس: ؟!

ان كان لا فـ " حجز " :مكر: ~



×

السسلآم عليكم ورحمة الله وبركآآته .. ::سعادة:: ..
كيف حالكـ teany .. :لقافة:: .. ؟
أتمنى أن تكوني بخير ياعزيزتي .. :سعادة2: ..

×
وآآآهـ جميلة روايتكـ بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. :غياب: ..
حقاً موهبتكـ بارزة ..! فقط عليكـ التأكد من سلامة الأخطاء النحوية والإملائية .. :أوو: < انتِ أول وحدة .. :تعجب: ..
استمري وفقكـ الله .. أحببت روايتكـ .. :d .. جذبني أسلوبكـ المبسط ووصفكـ السهل .. :رامبو: ..
أتحرق شوقاً لمعرفة ما سيحدث مع بيلا وماثيو 3> ..
×
بيلا .. التي تشبهني في نقطة واحدة .. محاولتها اليائسة في الابتسامة :d .. يُعجبني
لقبها "مصاصة الدماء " الذي اطلقته عليها " ليزا " .. أظن أنهـا جميلة
بذلكـ الناب .. :لعق: ..
أيضاً جرأتها في الفصل الثالث .. :لقافة: .. وطريقة تفكيرها التي تجعلني أحتار عوضاً عنها .. :p .. أتسائل
ماذا سيحدث في مسرحيتها تلكـ ..! لم أرتح لجون اطلاقاً ==" ..
×
جانت .. تُعجبني من ناحية حُبها للجميع واخلاصها في ذلكـ أيضاً :) .. أظن أنهـا مسكينة فهي تواعد من يهتم
بشكلها الخارجي -_-" .. أخفائها لمشاكلها كما حدث مع أبيها دليل على مدى حبها لصديقتها " بيلا " :بكاء: .. أنها رائعة ..
×
تيفاني .. أظن أنهـا غامضة رغم غطرستها تلكـ ==" .. أجد أن لها دور كبير في الرواية ..تبدو مُثيرة ! .. أيضاً تصرفها
الغريب في اخر بارت وخصوصاً مع جيسكا .. !
×
ماثيو .. غامض على نحو غريب .. :موسوس: .. أتمنى حقاً أن أرى والدته في أي بارت .. أنهـا حقاً تعجبني ..آحم آحم لا أقصد
شيئاً لآلي ولكن أسلوبها يًشابه أمي =="
ثم ما قصته مع آلي تلكـ أنا إلى الآن لم أفهم .. :( ..وذلكـ الهاروبر الغامض الذي نال استحساني قليلاً :نوم: .. < يًعجبها السيئين :لعق: ..
حسناً أتمنى أن أرى كيف تفقد ذاكرتكـ :مكر: .. أمور قادمة جيدة .. :رامبو: .. <كف ..
×
استون .. أجد أنه المناسب لـ " بيلا " ليس شرطاً أن يتفقا .. :لقافة: .. أقصد
أنه سيقع في حبها مادام يثرثر عنها أمام
أمه :تعجب: .. ليس شرطاً أيضاً ==" < مجرد توقع .. :لعق: .. ولقد أعجبني موقفه عندما كانت بيلا ثملة لقد أضحكني انا الأخرى :ضحكة: ..أيضاً أختاهـ
أعجبتاني جداً كيوووووووووت ><
×
كريستوفر .. آممم لا بأس به كـ صديق .. أعجبني عندما أجبرها على المسرحية ,, فيبدو أن هناكـ الكثير
الكثير وراء هذه المسرحية المُحاكَة :d ..
×
وأخيراً ياعزيزتي ..:سعادة2: .. ضممت روايتكـ الا القائمة المفضلة لرواياتي المحببة إلى قلبي 3>.. كسبتي
متابعتي في 3 فصول ! هذا نادر .. ورائع
وأن دل على شيء فأنه يدل على تميزكـ فقط أنتبهي للأخطاء النحوية والاملائية :p ..
×
لكــن .. سؤال هل الرواية منهية .. أقصدالأجزاء 3 .. كُلها ؟!
مُتابعة لكـ وسأعقب على كل شيء منذ بداية البارت القادم .. ::جيد:: ..

أتمنى انني لم أثرثر وأطل بردي الثقيل .. زأعتذر أذا كان ذلكـ =="

في حفظ الله ..~

A'SHAR
10-11-2013, 14:27
حجز , آسفة إن طــال ×.×

Diana Riland
14-11-2013, 19:05
رواية رائعة ♥♥

استمري :)


~ متابعة ~

teany
14-11-2013, 21:14
×

السسلآم عليكم ورحمة الله وبركآآته .. ::سعادة:: ..
كيف حالكـ teany .. :لقافة:: .. ؟
أتمنى أن تكوني بخير ياعزيزتي .. :سعادة2: ..

×
وآآآهـ جميلة روايتكـ بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. :غياب: ..
حقاً موهبتكـ بارزة ..! فقط عليكـ التأكد من سلامة الأخطاء النحوية والإملائية .. :أوو: < انتِ أول وحدة .. :تعجب: ..
استمري وفقكـ الله .. أحببت روايتكـ .. :d .. جذبني أسلوبكـ المبسط ووصفكـ السهل .. :رامبو: ..
أتحرق شوقاً لمعرفة ما سيحدث مع بيلا وماثيو 3> ..
×
بيلا .. التي تشبهني في نقطة واحدة .. محاولتها اليائسة في الابتسامة :d .. يُعجبني
لقبها "مصاصة الدماء " الذي اطلقته عليها " ليزا " .. أظن أنهـا جميلة
بذلكـ الناب .. :لعق: ..
أيضاً جرأتها في الفصل الثالث .. :لقافة: .. وطريقة تفكيرها التي تجعلني أحتار عوضاً عنها .. :p .. أتسائل
ماذا سيحدث في مسرحيتها تلكـ ..! لم أرتح لجون اطلاقاً ==" ..
×
جانت .. تُعجبني من ناحية حُبها للجميع واخلاصها في ذلكـ أيضاً :) .. أظن أنهـا مسكينة فهي تواعد من يهتم
بشكلها الخارجي -_-" .. أخفائها لمشاكلها كما حدث مع أبيها دليل على مدى حبها لصديقتها " بيلا " :بكاء: .. أنها رائعة ..
×
تيفاني .. أظن أنهـا غامضة رغم غطرستها تلكـ ==" .. أجد أن لها دور كبير في الرواية ..تبدو مُثيرة ! .. أيضاً تصرفها
الغريب في اخر بارت وخصوصاً مع جيسكا .. !
×
ماثيو .. غامض على نحو غريب .. :موسوس: .. أتمنى حقاً أن أرى والدته في أي بارت .. أنهـا حقاً تعجبني ..آحم آحم لا أقصد
شيئاً لآلي ولكن أسلوبها يًشابه أمي =="
ثم ما قصته مع آلي تلكـ أنا إلى الآن لم أفهم .. :( ..وذلكـ الهاروبر الغامض الذي نال استحساني قليلاً :نوم: .. < يًعجبها السيئين :لعق: ..
حسناً أتمنى أن أرى كيف تفقد ذاكرتكـ :مكر: .. أمور قادمة جيدة .. :رامبو: .. <كف ..
×
استون .. أجد أنه المناسب لـ " بيلا " ليس شرطاً أن يتفقا .. :لقافة: .. أقصد
أنه سيقع في حبها مادام يثرثر عنها أمام
أمه :تعجب: .. ليس شرطاً أيضاً ==" < مجرد توقع .. :لعق: .. ولقد أعجبني موقفه عندما كانت بيلا ثملة لقد أضحكني انا الأخرى :ضحكة: ..أيضاً أختاهـ
أعجبتاني جداً كيوووووووووت ><
×
كريستوفر .. آممم لا بأس به كـ صديق .. أعجبني عندما أجبرها على المسرحية ,, فيبدو أن هناكـ الكثير
الكثير وراء هذه المسرحية المُحاكَة :d ..
×
وأخيراً ياعزيزتي ..:سعادة2: .. ضممت روايتكـ الا القائمة المفضلة لرواياتي المحببة إلى قلبي 3>.. كسبتي
متابعتي في 3 فصول ! هذا نادر .. ورائع
وأن دل على شيء فأنه يدل على تميزكـ فقط أنتبهي للأخطاء النحوية والاملائية :p ..
×
لكــن .. سؤال هل الرواية منهية .. أقصدالأجزاء 3 .. كُلها ؟!
مُتابعة لكـ وسأعقب على كل شيء منذ بداية البارت القادم .. ::جيد:: ..

أتمنى انني لم أثرثر وأطل بردي الثقيل .. زأعتذر أذا كان ذلكـ =="

في حفظ الله ..~


و عليكم السلام
اهلا عزيزتي برعمه, سعيده لاجد ردك في رواتي :e057:

لم تثرثري طويلا, بل كان ردك جميلا و ادخل السعادة الي فقد احببته كثيرا :e106:

نعم الاجزاء جميعها منتهية بحمد الله و لكنها تحتاج الى بعض التعديل لذا قد يحصل تأخير في تنزيل الفصول
شكرا على الرد مجددا و اتمنى ان ارى لك ردا اخر في الفصول القادمة

وداعا

teany
14-11-2013, 21:14
حجز , آسفة إن طــال ×.×


بانتظارك

teany
14-11-2013, 21:15
رواية رائعة ♥♥

استمري :)


~ متابعة ~


شكرا على الرد عزيزتي

teany
14-11-2013, 21:30
عدنا اليكم مع الفصل الرابع
ليس طويلا جدا, لكنه يحتوي على بعض الاحداث الجيدة... ربما
على أي حال, اليوم لدينا شخصيتين جديدتين في القصة, قريبتين في الوصف تقريبا:

http://i44.************/25u2l4p.jpg

بينجامين في الـ 24 من عمره, فتى لعوب و دائما ما يقبض عليه مع فتاة اخرى غير عشيقته. يوقع نفسه بالمشاكل مع جانيت التي تدقعها الى الجنون, لكنه في النهاية يحبها كأنه لم يحب احدا من قبل. تعرف بماثيو في سنته الثانية في كلية الادارة, اصبح صديقة المقرب بعد ذلك.

http://i42.************/30vbvkj.jpg

جون في الـ 23 من عمره, يتمتع بشعبيه كبيرة في الجامعة, لعوب و دائما ما يرى مع فتاة مختلفة يوميا. يحب مضايقة بيلا لسبب يجهله الجميع, واثق من نفسه بشده و متكبر في بعض الاحيان.

الفصل في الرد التالي ~

teany
14-11-2013, 21:36
” 04 “


مرت الاربعة ايام التالية بلمح البصر. قدمت فيها عرض الاقتصاد و اعلم من الابتسامة التي ارتني اياها السيدة أرون بأنني نلت على درجة جيدة. ثم انشغلت بموضوع المسرحية, كان هناك اجتماعين و كريستوفر لم يتوقف عن الزن حولي عن اهمية هذه المسرحية بالنسبة له, كان يذكرني بالمواعيد بدقة و في كل حين حتى بدأت اعتقد بانه يستغل كوني اذهب و اعود من الجامعة معه. لم تكن جانيت موجودة ما دعاني الى اللحاق به في كل مكان – او العكس!

تيفاني كانت تتصرف بلطافة مريبة معي, ليس و انها لم تكن لطيفة من قبل لكنها الان اكثر حذرا و قربا. بعد الانتهاء من محاضراتها سترافقني الى شقتي و ستقضي الوقت بأكمله معي, اخذتني مرة الى للتسوق و مرة اخرى الى الشاطئ حيث اصرت انه يجب علي استنشاق بعض الهواء المنعش! كان ذلك غريبا جدا. بالنسبة لماثيو, لم نتحدث بعد لقائنا الاخير ابدا, كان يتجاهلني بشكل ملحوظ حيث انه لم يحادثني او حتى ينظر نحوي. امسكت به مرة في الكافيتريا يسترق النظر الى آلي كالعادة, ثم وقعت انظاره علي, توقعت ابتسامه و لكنه استدار فورا ليراقب جون بجانبه ما جعلني افكر ان لقائنا آخر مرة لم يكن جيدا اطلاقا.

ستعود جانيت اليوم من الغابات البيضاء كما اخبرتني قبل ايام, اليوم الجمعة, يوم آخر سأقضيه دون لقاء عائلتي, امر محبط. مررت اصابعي بين خصلات شعري عندما خرجت من الشقة و اغلقت الباب, عندما نظرت الى الاعلى كانت هناك ورقة معلقة عليه, قرات ما احتوت عليه بعيني:

’ بيلا, آسف لأنني لن اتمكن من اخذك الى الجامعة اليوم, لديه عمل انهيه لوالدي في باريس, آسف مجددا.
كريستوفر باين‘

باريس, تنهدت بإرهاق, ما الذي سأفعله الان؟ لا يمكنني القيادة و لا يوجد من يوصلني الى الجامعة. اخذت انظر حولي في الممر بينما افكر, لن يحدث اي ضرر ان قدت السيارة لمدة ساعتين فقط, صحيح! زممت شفتي و اتجهت الى المصعد, عندما فتح الباب سرت في الممر الطويل و القيت تحية قصيرة على بيلي الذي استغرب سيري وحيدة دون كريستوفر.

سرت باتجاه سيارتي و اخرجت المفاتيح من حقيبتي, لكني توقفت فور ان سمعت صوتا رجوليا خلفي: ” ما الذي تفعلينه؟“.

عندما استدرت كان اوستن يقف امامي رافعا حاجبا واحد, تنهدت بهدوء و قلت بصوت خافت مبرره: ” حسنا, غادر كريستوفر الى باريس, و... لا اجد من يوصلني الى الجامعة“.

رد علي بجدية: ” لا بأس, سأقوم انا بأخذك الى الجامعة“.

فتحت فمي لأعارض لولا ان اوقفني بوضع اصابعه الباردة على شفتي: ” لا تفعلي“, ابتسم عندما التزمت الصمت و سحب اصابعه بعيدا ليمسك برسغي عوضا عن ذلك, ” لنذهب“.

بدء وجهي يحمر و سرت بصمت خلفه الى السيارة, صعدت اليها و شعرت بالتوتر, لا اعلم لما, لم تكن هذه اول مرة لي في سيارته لكني لم اعد اشعر بتلك الألفة لسبب ما. قاد السيارة مبتعدا عن المبنى السكني, و علقت نظري الى ما هو بخارج النافذة. كانت السماء ملبدة بالغيوم, و الجو يزداد برودة شيئا فشيئا, اتوقع ان تمطر قريبا.

توقفت السيارة و اخذت انظر حولي, ابدى الطلاب المارين بجانب الجيب اعجابهم بها, و اخذوا يشيرون الي بداخلها مما جعلني احمر خجلا و انغمس في مقعدي مخفية وجهي خلف شعري. ضحك اوستن بجانبي بخفوت, ثم ترجل من السيارة مما زاد الطين بله, بدأت الفتيات بالثرثرة عنه, و من لن يفعل! فتح لي باب السيارة, و انا واثقة من ان وجهي كان احمر تماما عندما ترجلت منها.

ربت اوستن على كتفي و ابتسم: ” سأكون بانتظارك هنا“.

تحدثت بتردد و قد عضضت على خنصري بتوتر: ” لـ... لست مضطرا لفعل ذلك, يمكنني... العودة مع... صديقتي!“.

لم تتوقف الفتيات عن التحديق بنا, كان الامر يثير توتري اكثر. تحدث اوستن و قد علمت من نبرته انه لم يكن يسأل عن راي بل كان يعلمني بالأمر: ” لابأس, انا متفرغ اليوم لذا سأقوم بانتظارك... حسنا!“.

اومأت بانصياع و تمتمت بـ لاحقا, اوستن ثم سرت الى الجامعة متخبطة من بين حشد الطلاب الذي لم يتوقف من التحدث بي و به.

عند دخولي الى الجامعة لمحت تيفاني التي لوحت لي, سارت معي الى قاعتي ثم وعدتني بانها ستنتظرني الى ان انتهي. دخلت القاعة و اتجهت الى مقعدي بجانب مارغريت و حدقت بالسيدة أرون التي بدأت فورا بالمحاضرة. لم اركز معها, كان جل تفكيري يتمحور حول سبب تجاهل ماثيو لي, هل يكون بسبب فضولي بشأن علاقته بآلي؟ لكنه كان يضحك و كأن شيء لم يحدث بعد ذلك.

امر مزعج!

بعد انتهاء المحاضرة, كانت تيفاني بانتظاري كما وعدت, استأذنتها لثواني و سرت باتجاه الكافتيريا بحثا عن ماثيو, يجب ان نتحدث, انا بحاجة ماسه لسماع صوته حتى و ان كانت مجرد مرحبا لا امانع. لكني لم اجده هناك, بل التقطت انظاري بين و جون اللذين يتحدثان بحماس عن امر ما ( ليلة اخرى في النادي الليلي كما اتوقع! ). احكمت قبضتي و سرت باتجاههم, كانوا اخر من انوي التحدث اليه و لكن لم يكن باليد حيله, هما سبيلي الوحيد للوصول الى ماثيو.

عندما توقفت امام الطاولة رفع جون نظره الي, ابتسم بجانبية و تحدث بود مريب: ” أوه! اهلا حبيبتي بيلا“.

اجبته من بين اسناني:” توقف عن هذا جون“, ثم ادرت بنظري الى بين الذي ابتسم لي بلطف, سألته, ” اين ماثيو؟“.

نظر حوله ثم زم شفتيه و هز كتفيه بخفه: ” لا اعلم, لم يظهر اليوم“.

ترددت في سؤالي هذه المرة: ” هل... هل يمكنك ان تعطيني... عنوانه؟“.

قطب حاجبيه و سألني بشك واضح: ” تريدين عنوان منزله؟“.

” نعم, هناك امر ما اريد التحدث بشأنه معه“.

تنهد و انزل نظرة الى جون بتفكير, لكنه سرعان ما عاد لينظر الي بتردد: ” لا... اعتقد ان هذا... سيعجب ماثيو“.

” ارجوك~“.

تنهد بيأس و نظر بعيدا عني مادا يده الي باستسلام: ” اعطني ورقة“.

اعطيته دفتري, اخرج قلما من جيب بنطاله و بدء بخط عنوان ماثيو في ورقة فارغة, عندما انتهى مد الدفتر الي بينما يقول بتهديد: ” لا تشركيني في هذا“.

” لن افعل, شكرا على اي حال“.

ابتسم لي و عاد ليتحدث مع جون, انه مفيد على اي حال. عدت الى تيفاني التي كانت تقف مع جيسيكا و سرنا سويا الى الخارج عندما سالت: ” كيف اتيت الى هنا؟ كنت اعتقد ان كريستوفر غادر الى باريس“.

” لقد ذهب بالفعل, جاري اوستن قام بإيصالي“.

كان اوستن يستند على الجيب بينما يعبث بهاتفه, تسمرت كلتا صديقتي عند النظر اليه و بانت نظرات الاعجاب في عينيهما, مرة اخرى, و من لن يفعل! استقام اوستن في وقفته و نظر الي مع ابتسامة على وجهه الوسيم. وكزتني تيفاني مما جعلني اضحك بخفوت, عندما اقتربنا منه بدأت بتعريفة اليهما: ” اوستن, هاتين صديقتي, تيفاني غولدشتاين و جيسيكا لاري“.

ابتسمت تيفاني: ” مرحبا اوستن“.

بادلها بابتسامه جذابه: ” اهلا“, ثم استدار لينظر الي, ” هل انتهيت؟“.

عندما اومأت اتسعت ابتسامته: ” جيد, لنذهب لتناول الفطور اذا“, فور ان انتهى وكزتني تيفاني مجددا.

” هل يمكنهما مرافقتنا؟ ان لم تكن تمانع!“.

التفت للنظر اليهن و ابتسم بود: ” لا امانع اطلاقا“.

بانت ملامح السعادة على وجهيهما, اتجهنا بعدها الى المطعم المجاور, ايطاليانوس. طلبنا الفطور و اخذت الفتاتان تتحدثان معه بحماس شديد, لم انتبه الى اي من ما قمن بسؤاله لكني سمعت القليل عندما سألته تيفاني ما ان كان وحيدا ام مرتبط, ابتسم حينها و هز راسه بلا و قال بانه لا يزال يبحث عن من تناسبه مما جعلها اكثر انجذابا له.

شعرت بالراحة قليلا, كنت اعلم بانه لن يتمكن من الابتعاد عن تيفاني كذلك, بدا جيدين معا, رغم هذا, هما تقابلا للتو. كانت تيفاني ترسل اليه نظرات مختلفة تحمل بريقا معروفا, و قد كان يبادلها هو بابتسامه لم ارها سابقا. تحدثا مطولا الى ان انتهينا من تناول الفطور و اتجه كل منا الى طريقة, شكرته عندما توقفنا امام باب شقتي و دخلت الى الداخل.

توقفت قرب الباب و انتظرت لبعض الوقت الى ان سمعت سكون الممر بالخارج, تسللت الى خارج المبنى و اوقفت سيارة اجرة و طلبت من السائق اخذي الى عنوان ماثيو. كان الطريق طويلا, كنا قد ابتعدنا عن المدينة قليلا و بدأت المنازل تقل تدريجيا و الشارع يزيد ضيقا, حتى انني شككت في كونه يقودني الى العنوان المطلوب.

لكن من بين المنازل التي بدأت تظهر مجددا في الحي الكبير الذي دخلنا فيه, توقفت السيارة امام احد المنازل الكبيرة. ترجلت منها و دفعت الاجرة ثم استدرت لأنظر بإعجاب و عينين متسعتين الى مدى روعة منزله. كان كبيرا و ابيض اللون مع حديقة جميلة في المدخل, سيارتيه الاودي و الفورد مصفوفتان هناك.

اصابني التوتر عندما توقفت امام الباب و ضغطت على الجرس, سمعت صوت خطواته يقترب من الباب بعدها سؤاله الذي اختلط مع صوت فتح قفل الباب: ” من هناك؟“.

اتسعت عيناه عندما نظر الي بعد فتح الباب بالكامل و تلعثم في حديثة: ” بيـ.. بيلا, ما الذي تفعلينه.. هنا؟“.

نظرت الى قدمي و عضضت على شفتي: ” كنت افكر و... اعتقد انه علينا التحدث“.

” التحدث بشأن ماذا؟“.

نظرت الى الاعلى لأقابل عينيه, حدقت بهما مطولا و لم آبه ان كان يشعر بالخجل من هذا: ” لما تتجاهلني؟“

اشاح بنظرة بعيدا و هز راسه بهدوء: ” لست اتجاهلك بيلا“.

تأوهت عندما قلت باندفاع: ” بلى, انت تفعل, منذ اخر لقاء بيننا, ما الامر؟ هل انت منزعج مني, اذا كان هذا هو السبب فقط اخبرني به و لا تجعلني اشعر بالارتباك هكذا!“.

تنهد ثم اغلق عينيه و ضغط بأصابعه على صدغه: ” عودي الى المنزل بيلا“.

” لا, ليس الى ان تخبرني لما تتصرف بغرابة هكذا!“

عض على شفته السفلي ثم قال من بين اسنانه: ” ارجوك بيلا“.

هززت راسي بلا و نظرت اليه, بدأت التحدث بسرعة و صدق, و اعتقد ان عيني بداتا تغرورقان بالدموع, هذا ما يحدث كلما شعرت بالغضب, تنضم دموعي كذلك: ” ارجوك, انا لا استطيع... البقاء بعيدا عنك و لا اعلم لما تتصرف هكذا! اعلم انني تدخلت بشؤونك, لكنني فكرت بانه... يمكنني المساعدة“, هززت راسي بلا مجددا, ” اعلم انه ليس من شأني تماما, ماثيو. انا آسفه“.

” بيلا, انا لست منزعجا... انا فقط, لا يمكنني تحمل هذا... يجب ان ابقى بعيدا, ارجوك“, علت نبرته قليلا عندما شد على فكيه, ” فقط عودي الى المنزل“.

كان على وشك ان يغلق الباب لكنني اوقفته: ” ماثـ—“

” هذا يكفي, بيلا. لا يمكنني البقاء معك, يجب علي ان ابتعد... يجب علي ان اكون بعيدا عنك, الا تفهمين ذلك!!“

teany
14-11-2013, 21:36
كانت نبرته عالية مما جعلني اتسمر مكاني, لم افهم لما كان عليه الرحيل, او البقاء بعيدا عني. كل ما كنت افكر به هو شدة الرعب الذي اوقعه بي, كانت هذه اول مرة يصرخ بها في وجهي, بدا مخيفا حينها مما جعلني اشعر بالتشتت و الضياع لثواني. هززت راسي و قطبت حاجبي, مركزة بنظري اليه دون ان اتحدث فبادر هو بالحديث بصوت هادئ كما لو انه علم سبب تحيري, بدا متأسفا كذلك فقد هدأت ملامحة و بدت اكثر نعومه الان: ” بيلا انا... يا الهي, لا استطيع ان ابقى بقربك,“ تنهد و اشاح بنظره بعيدا, ” قد يبدوا هذا غريبا, و لكني في الحقيقة... احبك“.

القيت بنظري الى قدمي و هززت راسي, أيجدر بي ان اكون سعيدة الان بعد قوله ذلك؟ لم استطع حتى ان ابتسم, كنت مشتتة تماما, لا اعلم لما شعرت بالرغبة في الهروب و الابتعاد من هنا. اعطيته ظهري و سرت مبتعدتا عنه الى الشارع. لم اكن انظر امامي تماما, حتى اني سمعت بوق احد السيارات و يدين قويتين تسحبانني الى الخلف بسرعة. عندما نظرت امامي كان سائق السيارة يصرخ بي حيث سار مبتعدا بسيارته, رفعت نظري الى خلف كتفي و وجدت ماثيو ينظر الي بصمت. تأوهت بسخرية و سحبت نفسي بعيدة عنه مما جعله يستغرب ذلك.

” تعالي, سأعيدك الى المنزل“.

” استطيع العودة بمفردي“.

تنهد و لم يعطني مجالا حيث سحبني باتجاه السيارة و فتح الباب, اجبرني على الجلوس بالداخل و وضع الحزام حولي. رفع نظرة الجاد الي و حدق بعيني, كان وجهه قريبا جدا من وجهي حيث انه كان لا يزال يميل الى الداخل و يده تمسك بنهاية الحزام: ” اسدي الي خدمه, ابقي ثابتة في مكانك“.

نظرت الى الامام بصمت و اخذت افكر بما قاله مسبقا, الثلاث كلمات من احلامي لكن بنبرة و سيناريو مختلف. ظل يتجاهلني لانه يحبني, هل هذا منطقي! لما فعل ذلك, لما لم يعترف فورا دون اي مخاوف؟ هل هو محرج من ذلك؟ الست جيدة بالنسبة له؟

التفت للنظر اليه, كان ذلك عندما انتبهت للتو بان السيارة قد تحركت و اننا نعود الى شقتي. كان ماثيو مضطربا, يقبض المقود بإحكام و يشد فكيه: ” لما لم تخبرني و حسب؟“.

القى بنظرة خاطفة الي و تأوه بسخرية: ” هل رأيت ردة فعلك عندما اخبرتك!“.

قلت بتذمر: ” هذا مختلف, لو كنت اخبرتني مسبقا لكنت تقبلتك“.

زم شفتيه و ابقى نظرة مصوبا الى الامام, تحدث بنبرة قاسية قليلا حاول ان يجعلها هادئة: ” لما, ألا تقبلينني الان؟“.

التفت و نظرت الى النافذة لأهمس: ” هذا ليس ما قصدته“.

عم الهدوء بعد ذلك, لا يسمع شيء سوى تمتمتي الغير مفهومة, لم اعي أيا مما تمتمت به لكني اعلم بأني كنت احاول ارضاء نفسي. استرقت النظر الى ماثيو, كان ينظر الى الطريق امامه, راسما ابتسامه لطيفة على وجهه و عينيه تشعان ببريق جميل. ابتسمت و استدرت للنظر الى النافذة مجددا, اعتقد باننا بخيرٍ الان.

توقفت السيارة اخيرا, عندما ترجلت منها سرت الى المبنى و لم التفت الا عندما قام هو بمناداتي, التفت اليه بملامح الاستغراب و سألت: ” ماذا؟“.

كان يقف بجانب السيارة, لكنه سار باتجاهي عندما التفت لأقابله, توقف امامي و امسك بيدي اليمنى بإحكام مما جعلني استغرب و انظر الى الاعلى لأقابل عينيه: ” لماذا؟“.

داعبت يده خصلات شعري قبل ان تستقر على خدي البارد, لم يكن ينظر الي بل الى شفتي و قد علمت من خلال ذلك ما الذي سيحدث في دقائق لذا توقفت في مكاني انتظر بصمت. مرر ماثيو اصبعه على شفتي برقة, ثم قرب وجهه مني الى ان لامست شفتيه شفتي و لوهلة نسيت كيف اتنفس.

اخذني وقت طويل الى ان بادلته القبلة, بتردد رفعت يدي و امسكت بطرف معطفه عندما شعرت بان قدمي لم تعودا تتحملان جسدي المرتعش. لم تدم القبلة طويلا, فقد سحبت شفتي بسرعة عندما شعرت بتزايد نبضات قلبي بشكل غير مريح و مؤلم. ارحت جبيني على كتفه و اغمضت عيني, لعل الالم يتوقف لكن هذا لم يحدث.

همس ماثيو في اذني: ” هل انتي بخير, بيلا؟“.

اردت ان اكذب و لكن لساني خانني و اخبرته بصوت متعب: ” لا, قلبي يؤلمني“.

احاطني بيده و قادني مجددا الى سيارته, وضع لي الحزام و مسح بيده على خدي. كنت اغمض عيني و اضغط بقبضتي على صدري ليتوقف الالم, لكن الامر لم ينجح كذلك.

” ستكونين بخير, بيلا“, اخبرني ماثيو قبل ان يغلق الباب و يتجه ليجلس خلف المقود.

كنت اتنفس بصعوبة مما جعلني افكر بالأمر, كنت بخير هذا الصباح فلماذا اشعر بالألم الان؟ استمر ذلك لفترة طويلة لكنه توقف فجأة, عندما فتحت عيني و نظرت من خلال النافذة كان كل شيء يتحرك بسرعة خاطفة, ادرت رأسي و نظرت الى ماثيو لأتيقن بعدها بانه كان يقود بسرعة جنونيه: ” انا بخير ماثيو, لقد زال الالم“.

القى بنظرة خاطفة الي و سأل بقلق: ” هل انت واثقة؟“.

” نعم... اعتقد هذا“.

” ارتاحي قليلا, سنصل الان“.

مرت دقائق الى ان توقفنا امام المستشفى, ترجلت من السيارة و تبعت ماثيو القلق الى الداخل. توقف ماثيو للتحدث مع الممرضة في الاستقبال بينما اخذت انا انظر حولي, كان هناك الكثير من المرضى, منهم اطفال يبكون و كبار في السن بعضهم يشتكي من تأخر دوره. تأوهت بضيق, اكره المستشفيات فهي مليئة بالمرضى و الجراثيم و رائحة المورفين تسبب لي صداعا.
ابتسم ماثيو للمرضة ثم قادني من كتفي لنجلس على مقاعد الانتظار, املت براسي الى الامام و غطيت انفي بكم سترتي, رائحة المورفين تقتلني.

” ما الامر, هل تشعرين بالتعب؟“

هززت راسي بلا: ” انا بخير, رائحة المورفين تسبب لي الصداع لا غير“.

مسح على ظهري بهدوء: ” سنخرج من هنا سريعا“.

تنهدت و لعبت بأصابعي: ” آسفة“, لم انظر الى وجهه لكن كان لا يزال باستطاعتي تخيل ملامحه الحائرة, ” دائما ما اشعرك بالقلق“.

” لابأس, ان لم اقلق بشأنك, على من سأقلق اذا!“

نظرت اليه و قد كان يبتسم, ابتسمت له و نظرت الى يدي. صورته يعترف الي تكررت في دماغي, ثم فكرت بالأمر, ان لم آتي اليه لما كان سيعترف بذلك و قد يستمر بتجاهلي الى ان ابتعد عنه.

” سابقا, عندما قلت بأنك ’ لا تستطيع البقاء معي ‘ لما قلت ذلك؟“.

نظر الى يديه و زم شفتيه: ” بصدق“, التفت للنظر الي ملتزما الصمت, اومأت بتشجيع فتنهد و نظر الى يديه مجددا, ” لم ارد ان تتكرر حادثة امي و آلي مجددا“, نظر الي و هز كتفيه بخفه, ” لم ارد ان يحدث ذلك معك“.

” ان لم آتي اليك... هل كنت ستعترف لي؟“

اجابني بصدق: ” ربما لا“.

نظرت الى الاسفل و همست بـ أوه, سمعته يتنهد: ” في الحقيقة, ذهبت الى آلي و اخبرتها بشأنك... فكرت ان لم يكن هناك امل في عودتنا من جديد فسأبحث عن شخص آخر, اخبرتني انها لا تنوي بدء ذلك مجددا و انها سعيدة الان مع هاربور“.

قلت بسخرية: ” بالطبع!“.

نظر الي بملامح لم اتمكن من قراتها اشعرتني بالتوتر, لكنه ابتسم في دقائق و امسك بيدي شابكا اصابعنا معا: ” أتعلمين لما احبك؟“.

طرفت بعيني باستغراب من سؤاله المفاجئ لكنني هززت راسي بلا على اي حال, ابتسم بجانبه مما جعلني اتشتت قليلا و قال بلطف: ” لأنك مميزه, تملكين قلبا دافئا, بيلا“.

ابتسمت و نظرت الى الاسفل, مرت دقائق طويلة, التقطت اذني صوت همهمة مألوفة, ادرت راسي و نظرت الى السيدة بجانبي, كانت تهدهد ابنتها الصغيرة بتهويدة اعتادت والدتي همهمتا لي عندما كنت في التاسعة. فور سماعها, بدأت همهمتها كذلك و اغمضت عيني مريحة راسي على كتف ماثيو. لا اعلم ان كنت قد غطيت في النوم و لكني لم اعد ارى اي شيء سوى والدتي و انا على سريري في الغابات البيضاء. افتقدهم كثيرا, و قد اجتاحتني رغبة في ان اعود اليهم و ان طلبت مني والدتي الانتقال الى هناك لوافقت على الفور.

” ايزابيلا روز“.

رفعت راسي و نظرت الى الممرضة التي اشارت لي بالدخول, وقفت مع ماثيو و سرنا الى الغرفة المقابلة. عندما دخلنا ابتسم الطبيب لنا, بدا مألوفا بشكل مريب, و عندما قرات اسمه على الطاولة تذكرت كونه الطبيب ذاته يوم الحادث.

” اذا آنسه روز, ها نحن نلتقي مجددا“.

اومأت بصمت و اخذت الكرسي الذي امام مكتبه, بدء بقراءة ملفي الخاص و سأل: ” اين كان الألم؟“.

” في قلبي“.

هسهس بغير رضا ثم وقف و اقترب مني بجهاز قياس الضغط, وضع الجهاز حول ذراعي و ركز نظرة على الشاشة. بدء الجهاز يضغط ببطء على ذراعي, و مع كل زيادة في الضغط كان الطبيب يكشر اكثر فاكثر مما سبب لي القلق.

ازال الجهاز و عاد الى مكتبه يخط بعض الاسطر على الورقة ثم نظر الي: ” يقول هنا“, اراني الشاشة الصغيرة للجهاز, كانت هناك بعض الارقام, ” 140-159 على 90-99, أتعلمين ما يعني هذا آنسه روز؟“.

هززت راسي بلا و التفت للنظر الى ماثيو طالبة المساعدة, كان مكشرا كذلك و نظره معلق على الجهاز: ” للأسف, انتِ تعانين من ضغط الدم المرتفع و هو في مرحلته الاولى“.

ضغط الدم المرتفع, تأوهت و هززت راسي بعدم تصديق: ” لا, هذا لا يمكن, كنت بخير هذا الصباح!“.

ضغط ماثيو على يدي و همس: ” اهدئي بيلا“.

تحدث بصوت عميق: ” نعم, و لكن وفقا لما كتب هنا, بعد الحادث الذي تعرضت له مررت بضغط و كانت هناك قلة في الحركة مما زاد من شدة الجرح الذي تعرضت له من الحادث“, ثم بدا بإخباري عن حالتي لكني لم اكن استمع.

نظرت الى الاسفل و عضضت شفتي, شعرت برغبة كبيرة للبكاء, لكن ليس الان, ليس امامهما. اعطى الطبيب ورقة بأدويتي لماثيو, ثم سرنا معا الى الصيدلية و منها الى سيارته التي قادها الى المبنى السكني. لم اتحدث طوال الطريق, اعلم ان فعلت ذلك سأجهش بالبكاء لما وصلت اليه حالتي.

اوقف السيارة امام المبنى و ترجل منها, اقترب من بابي و فتحه ثم مال الى الداخل و ابعد شعري عن وجهي: ” بيلا, سيكون كل شيء على ما يرام“.

رفعت نظري اليه و قد كانت عيني ملئا بالدموع التي لم تقع, عض على شفته السفلي و سحبني خارج السيارة الى حضنه. اردت البكاء حقا في ذلك الوقت, لكني لم افعل بل امسكت نفسي و استنشقت ما يكفي من رائحة الياسمين المنبعثة منه. مسح على شعري بلطف قبل ان يبعدني عنه و ينظر الى عيني الدامعتين, مرر اصبعه السبابة على خدي يمسح دموعي ثم ابتسم بخفه: ” انظري, ستكونين بخير, حسنا!“

عندما اومأت اتسعت ابتسامته: ” جيد, اراك غدا“.

اقترب مني و طبع قبلة على جبيني, ثم ابتعد و مسح بيده على خدي قبل ان يسير باتجاه سيارته. ظللت اراقبه الى ان توقف امام باب السيارة و التفت للنظر الي: ” اذهبي الى الداخل بيلا قبل ان تصابي بالبرد“.

ابتسمت و هززت راسي قبل ان استدير و اتجه الى الباب الزجاجي, دخلت الى المبنى و اتجهت الى شقتي. قبل ان اتمكن من فتح الباب كان قد فتح من قبل جانيت التي ظهرت امامي بابتسامه مريبة: ” جانيت, لقد عدتِ!“ احتضنتها بشوق.

ضحكت ثم سحبتني الى الداخل لنجلس على الاريكة و نظرت الي بتلك الابتسامة الغريب, ضحكت باستغراب: ” ماذا هناك؟“.

لمعت عينيها ببريق غريب, قطبت حاجبي و نظرت اليها باستغراب لكنها ضحكت بخفوت و سالت: ” ما الذي بينك و بين ماثيو هاه؟“.

احمر خدي مما زاد من حماسها: ” حسنا...“ اقتربت اكثير و امسكت بذراعي, ” نحن معا كعشيقين, على ما اعتقد“.

صرخت بانفعال و احتضنتني: ” هذا رائع!“ ابتعدت عني و رسمت ابتسامه وصلت الى اذنيها, ” يمكنني تخيلكما تماما... تبدوان لطيفين~“.

اومأت موافقة على حديثها, بدأت التحدث عن مدى روعة الأمر بينما اخذني تفكيري الى ماثيو, من الجيد انه يحبني, انه ليس حب من طرف واحد على الاقل. لكني لا ازال قلقة بشأن تيفاني, ما الذي ستفكر به عندما تعلم بالأمر, ستكرهني بالتأكيد!

وكزتني جانيت: ” مرحبا! من الارض الى بيلا, هل تسمعينني؟“.

التفت و نظرت اليها: ” نعم, اسمعك“.

قالت بسخرية: ” اشك في ذلك“, ثم اضافت مع ضحكة خافته, ” انتِ سرحانة به“.

قرصتها على زندها بخجل: ” لست كذلك“.

ضحكت و أومأت برأسها: ” حسنا, لست كذلك“.

مددت يدي الى الهواء ثم تثاءبت بينما اقف على قدمي: ” يا الهي انا متعبه“.

التفتت جانيت الي و ابتسمت: ” تصبحين على خير ايتها الجميلة“.

ابتسمت لها و تمنيت لها ليلة سعيدة قبل ان ادخل الى غرفتي, اتجهت الى الحمام و اغتسلت بسرعة ثم خرجت مرتدية قميصي القطني الابيض و بنطال اسود ثم توقفت احدق بوجهي الشاحب في المرآة. كانت الهالات السوداء حول عيني قد اختفت, و خدي محمرين على غير العادة, لكن شعري الملل الذي كور وجهي جعلني ابدوا كعجوز كسولة.

اعلن هاتفي وصول رسالة, اتجهت الى السرير و القيت بنفسي عليه قبل ان اسحب هاتفي و اقرا الرسالة التي وصلتني للتو:

’ اهلا بيلا, لقد نسيتِ ادويتك في السيارة اعتقد انك بحاجة اليهم, سآتي بالكيس غدا عند السابعة ان لم تمانعي. على اي حال, كنت افكر انه بإمكاننا الذهاب الى الشاطئ ان امكن, ما رايك؟
مات‘

ابتسمت بينما اطبع رسالتي اليه بحماس:

’ اهلا, سأكون بانتظارك غدا. بشأن الشاطئ, لا مانع لدي, سيكون ممتعا.
بيلا‘

لا امانع الذهاب الى الشاطئ, انه موعدنا الاول و الشاطئ مكان رائع للذهاب اليه, سيكون رومانسيا, صحيح؟ لا يمكنني قول لا لذلك. وصلت رسالته بسرعة, و فتحتها على الفور:

’ جيد, سأراك غدا اذا... احلاما سعيدة.
مات‘

’ و لك ايضا :)
بيلا‘

teany
03-12-2013, 18:29
اسفه لتأخري في تنزيل الفصل و لكني كنت منشغلة بالاختبارات و لا ازال كذلك,
اتمنى ان اجد ردودا لهذا الفصل, و اتمنى ان ينال على استحسانكم كذلك.

الشخصيه اليوم من الشخصيات المهمة في القصة:

http://i42.************/28kpr2r.jpg

آلي في الـ 22 من العمر, عشيقة ماثيو السابقة, هجرته بسبب تدخل والدته المستمر في حياتها و اتجهت الى هاربور الفتى السيء, لا تزال متعلقة بماثيو, لا تطيق كونه مرتبطا ببيلا و تحاول التفريق بينمها بشتى الطرق.


الى الفصل الخامس -->

teany
03-12-2013, 18:39
" 05 "

مثل البحر الشاحب الذي وقفت فيه سابقا كان امامي الان, كان الجو باردا و حبات الثلج تتساقط ببطء لتملئ المكان, لم يكن للشمس اثر و كانت السماء ملبدة بالغيوم, و امواج البحر ترتطم بالصخور الكبيرة على ضفته و على جانبي الايمن كان هناك كهف. ظللت احدق به, لم يكن له اثر في اي من احلامي السابقة, و بينما انا انظر, لمحت ظلين يخرجان منه, لم يكونا واضحين تماما لكني كنت متأكدة بان ماثيو ليس صاحب احد منها.

تبين انهما ظلين لطفلين لم تتضح ملامحهما لي بعد لبعد المسافة بيننا, ضيقت بيعيني و سرت باتجاههما حيث كانا يجريان نحوي و عندما اقتربت قليلا بانت الرؤيا. فتاة صغيرة بشعر اسود حالك و بشرة بيضاء شاحبه كانت تبتسم لي, عينيها كانتا واسعتين بنفس جمال عيني ماثيو, مثل الازرق الباهت و الخيوط الخضراء. كانت ترتدي فستان مورد و خفيف مما جعلني اقلق فطريا عليها من ان تصاب بالبرد فقد كان المكان ممتلئ بالثلج الذي لا يزال يتساقط.

بجانبها كان فتى صغير بشعر برونزي و ابتسامه لطيفة ارتسمت على وجهة الشاحب, كان من الصعب عليه السير و قد كانت تساعده على ذلك بإحكام قبضتها على يده الصغيرة, عينيه كانتا واسعتين و سوداويتين, يشبهني بشكل مريب. توقفت عن السير و نظرت اليها باستغراب, ضحكت الفتاة بخفوت و اشارة الى شيء ما خلفي, عندما استدرت احاطني بذراعيه الدافئة و همس في اذني:" استيقظي, بيلا".

فتحت عيني بسرعة و جلست على السرير, كان هاتفي يرن بصوت مرتفع, مما جعلني اتنهد بتعب و اغلقه. مررت اصابعي بين خصلات شعري المتشابكة و تنهدت مرة اخرى, يا له من حلم, تكررت صورة الطفلين في راسي و شعرت بالغرابة تجاه ذلك الطفل و مدى تشابهه بي. آاه, انا احلم كثيرا هذه الايام, و جميعها مرتبطة بماثيو.

بالحديث عن ماثيو قال بانه سيأتي الى هنا قرابة السابعة, نظرت الى هاتفي و كانت الساعة تشير الى 6:50. تنهدت للمرة المليون و ابتعدت عن السرير متجهة الى الحمام, استحممت بسرعة و خرجت مرتدية سترتي الصفراء و جينز ابيض, جففت شعري بكسل ثم لممته على شكل ذيل حصان.

رن هاتفي فأجبت بسرعة بينما اخرج من الشقة و اقفل الباب خلفي:" مرحبا ماثيو".

" مرحبا, انت مستيقظة!".

" استيقظت توا, اين انت؟" قلت بينما اخرج من المصعد الذي فتحت ابوابه للتو.

" اقف بجانب البوابة".

" حسنا, سآتيك الان", ثم اغلقت الهاتف و سرت على طول الممر الى البوابة الامامية.

لمحته مستندا على زجاج الباب, يده في جيب معطفه ذا القلنسوة و الاخرى تمسك بكيس ادويتي, ابتسمت و اتجهت نحوه و عندما فتحت الباب وقف مستقيما و ابتسم بخفه لي. خرجت لاقف امامه و مد يده نحوي بينما يهمس:" دواؤك".

" شكرا".

خبأ يده بسرعة في جيب معطفه بعد ان اخذت الكيس منه:" سأصحبك في الخامسة, حسنا!".

تذكرت الموعد فأومأت مع ابتسامة خفيفة على وجهي:" حسنا".

اقترب مني و طبع قبلة على جبيني ثم همس بينما عينيه تنظران في عيني:" سأراك الليلة, بيلا", ثم ابتعد و سار باتجاه سيارته.

عدت الى الداخل و سرت الى المصعد ثم الى شقتي, اغلقت الباب و اتجهت الى غرفة جانيت و دخلت. زممت على شفتي, تبدوا غريبة عندما تغط في النوم, تكون قدميها في اتجاهين مختلفين و دائما ما تقطب حاجبيها و تمد شفتيها السفليين بعبوس.

تنهد و اتجهت اليها, جلست على طرف السرير و هززت كتفيها مناديه:" هيي جانيت, استيقظي".

قالت بغيظ:" ماذا!!"

قلت بإصرار:" هيا, هناك امر اريد التحدث معك بشأنه".

بدأت بالتذمر:" بيلا ارجوك, اريد ان انام... ليس الان".

" جانيت, انه امر مهم لا يمكن تأجيله... ارجوك استيقظي".

فتحت عينيها قليلا, ثم كشرت بينما تجلس على السرير و تمسح على شعرها المبعثر:" من الافضل ان يكون الامر مهما لدرجة انك افسدتِ حلمي الجميل", ثم اضافت بتذمر," لقد كنت احلم ببين".

قلت بسخرية مقطبة حاجبي:" و ما المثير في بين؟!".

رفعت حاجبيها و حدقت بوجهي:" انه عشيقي".

حركت شفتي بعدم رضا و وقفت على قدمي لأقول بينما اسير باتجاه الباب:" على اي حال, اغتسلي و تعالي الى غرفة الجلوس لنتحدث".

سرت الى المطبخ و اعددت كوبين من الشوكولاتة الساخنة و التوست المحمص مع الزبدة, خرجت جانيت من الغرفة مرتدية سترة زرقاء و بنطال اسود. حملت الصينية و اتجهت الى غرفة الجلوس, وضعتها على الطاولة امام جانيت التي احتضنت الوسادة السمراء, جلست مقابلة لها بملامح جادة.

مدت يدها و اخذت كوبا, رشفت القليل منه ثم نظرت اليه:" تحدثي".

" لقد راودتني بعض الاحلام مؤخرا".

راقبت ملامحها فقد اصبحت خاليه من التعابير, في المرة الاخيرة التي اخبرتها عن حلم راودني اصبح حقيقة. لا ازال اذكر ليلة الثلاثاء تلك, جريت اليها و اخبرتها بانني حلمت بان السيد هيرالد امسك بها و بين في قبو المنزل, اصابها الذعر لمعرفتها ان والد بين رجل متحفظ جدا, لن يمانع ان يواعد ابنه لكنه يؤمن بان لدى ابنه الحق بفعل ما يشاء بفتاته بعد الزواج لتفادي اي مشاكل قد تطرأ. على اي حال, حدث ذلك فعلا و قد افترقا لمدة اشهر اصبحت بها جانيت كئيبة.

بلعت بصعوبة ثم تمتمت:" يا فتاة, اكره النبرة التي تتحدثين بها".

تنهدت و قضمت بعضا من التوست المحمص:" اسمعي, لم يكن حلما واحد بل اربعه—"

جفلت و قالت بصدمة:" اربعه!!"

اومأت لها بهدوء, رطبت شفتيها ثم شجعتني على الحديث:" بماذا حلمتِ؟"

" حسنا, جميعها تتضمن ماثيو".

قطبت حاجبها ثم قالت على علم:" هذا يفسر بعض الامور".

بدأت بالشرح بانفعال:" حسنا, الحلم الاول كنت اقف على ضفة بحر شاحب و قام ماثيو بمناداتي, عندما اقترب, قام بأخذي في حضنه و همس ’ احبك, بيلا ‘. و بعدها تكرر الحلم ذاته, و لكني هذه المرة كنت انا من يقوم بانتظاره ليقول هذه الكلمات. الحلم الاخر كان عندما تعرضت للحادث, كنت اقف بين الثلج و اقترب مني ماثيو و بدأ بمعاتبتي ثم احتضنيني و كاد يقبلني لكنني استيقظت". كانت جانيت تومأ لكل نهاية جملة القي بها, توقفت عن الحديث قليلا ثم قلت بهدوء," و اليوم, رأيت طفلين, الفتاة تشبه ماثيو, و الفتى يشبهني بشكل مريب. ثم ظهر ماثيو و احتضنني من الخلف و همس ’ استيقظي بيلا‘. ما الذي يعنيه هذا كله باعتقادك؟".

اخذت جانيت تفكر بالأمر, كما فعلت انا. بعد الحلم الثالث اعترف لي, هل يعني هذا اننا في الحلم الثالث قد... تزوجنا و الطفلين هما طفلينا؟ لا هذا مريب جدا, لا يمكن ان يحدث, لقد اصبحنا عشيقين بالأمس, هذا سريع جدا.

نظرت اليها, فقد اخذت تحملق بي بعد تفكير مطول:" هل قلت ان الفتاة تشبه ماثيو و الفتى يشبك؟".

عندما اومأت اتسعت ابتسامتها:" يا فتاة, هؤلاء اطفالك. واو! يمكنك رؤية المستقبل, اولا همس لك بـ’ احبك, بيلا ‘ ثم اعترف لك في الواقع. و الان رايتي اطفالك, لا شك في انكما تزوجتما و حظيتما بطفلين رائعين, لا داعي للقلق عزيزتي", اضافت بحماس," هيا, ستصبحين زوجته يوما ما. لن تكوني ايزابيلا روز بعد ذلك, بل الانسة ايزابيلا نيوتن زوجة ماثيو نيوتن".

بدأت بالتذمر:" لكن هذا مبكر جدا لأرى اطفالي, لقد اعترف لي بالأمس!!".

ضربتني على كتفي و اعربت:" ليس هناك اي شيء مبكر, توقفي عن القلق لأمور غبيه, فقط فكري بمدى روعة ان تكوني زوجة ماثيو".

تكتفت بتكشيرة على وجهي:" و كأن هذا سيحدث اي فرق, سأظل احلم بهذه الامور المخفية و اقلق بلا توقف".

ضربتي مجددا:" لما تستمرين بالقلق! لا يوجد ما يدعوا الى القلق اذا تضمن الامر ماثيو, لذا اهدئي".

" لا يهم".

teany
03-12-2013, 18:41
خرجت من الشقة محكمة القبض على حقيبتي, عندما صعدت الى المصعد كان اوستن هناك بمظهرة الجذاب كالعادة, ابتسم لي ثم سأل:" ذاهبة للتسكع؟".

" نعم, لدي موعد".

اتسعت ابتسامته:" كما هو الحال معي".

التفت اليه مقطبه و قلت باستغراب:" كنت اعتقد بانك غير مرتبط!".

ضحك بخفوت:" نعم, الى ان قابلت صديقتك اللطيفة".

" اتعني تيفاني! هذا را... رائع", هذه منجاة بالنسبة لي.

توقف المصعد و خرجنا سوية الى خارج المبنى السكني, تحدث قليلا عن علاقته بتيفاني, اجدهما مناسبين معها. توقفت بالقرب من الباب, اراقبه حيث صعد الى سيارته الجيب و قادها الى مطعم F'Love كما ذكر قبل قليل. كان الجو يزداد برودة مع ظلمة المكان, بين الضباب اقتربت الاودي البيضاء و ابتسمت عندما اوقفها امامي و انزل النافذة, اومأ باتجاه الباب بينما يقول:" اصعدي".

اومأت له و صعدت على متن السيارة, قادها الى الشاطئ القريب من هنا, و التف حولنا الصمت. التفت للنظر اليه, كان هناك امر مختلف بشأنه, بشرته كانت شاحبه على غير العادة و شعره اكثر سوادا, كانت ملابسه سوداء بالكامل عدا حذاءه فقد كان ابيض.

بيدوا جذابا جدا, علي الاعتراف بهذا.

كان الشارع شبه فارغ, الناس تسير على الارصفة في هذا الجو البارد, مررنا بالكثير من المحلات و المقاهي, لكن بعدها اختفى كل شيء و اصبح الشاطئ الشيء الوحيد الواضح امامنا, اوقف ماثيو السيارة في المواقف, مما يعني ان علينا السير الى الضفة. ترجلنا من السيارة و سرنا على مقربة, لم يكن هناك الكثير من الناس هنا, لا يأتي احد الى الشاطئ في جو هكذا الا اشخاص مثلنا. لقد لاحظت هذا, هناك الكثير من الازواج, ربما عائلة واحده فقد لكنها تجلس على مسافة بعيده منا.

بينما نمشي بضيافة الصمت, يده الدافئة امسكت بيدي و شبك اصابعنا. ابتسمت له و رد علي بابتسامه لطيفة على وجهه. رغم اننا لم نتحدث, لكنه كان جميلا ان نسير هكذا في هذا الجو البارد و يده الدافئة ترسل السكينة لي.

" تبدين جميلة اليوم", قالها بهدوء بينما يده تضغط على يدي.

احمر خدي و نظرت الى قدمي هامستا بـ شكرا!.

" سمعت من جون بانك ستكونين شريكته في المسرحية".

اومأت بهدوء:" نعم, رغم انني لم ارد ان اشترك اساسا".

ضحكت بخفوت و نظر الي:" حسنا, التمثيل ليس بهذا السوء. ستبلين جدا, لا تقلقي".

" اشك في ذلك".

اخذ نفسا ثم قال و قد بدت نبرته غريبة قليلا:" فقط... حاولي ان لا تكوني على مقربة كبيرة من جون".

نظرت اليه, كان ينظر الى الامام بحاجبين مقطبين, فابتسمت:" لا تقلق, لم اكن انوي فعل ذلك على اي حال".

" جيد".

بدانا بالحديث بحماس بعد ذلك, تبين ان ماثيو فتى مضحك نوعا ما. بعد ان سرنا مطولا, جلسنا على الرمل و اخذنا نراقب غروب الشمس الجميل, ارحت راسي على كتفه و سمعته يهمهم بلحن اغريقي بدا كتهويدة هادئة:" ما الذي تهمهم به؟".

ابتسم عندما اخذ يشرح لي:" انه لحن اغريقي, سمعته لأول مره عندما كنت في الـ11 عندما كان والدي يشاهد فلمه التاريخي المفضل. بدأت بهمهمتها بعد ان تجادلت معه عندما رفض انضمامي لفرق كرة القدم, كنت مستاءً جدا حينها, فتحولت الى عادة".

اومأت بهدوء و قلت بسرحان:" هذا لطيف".

عدنا الى السيارة بعد ان خلى الشاطئ من زواره, كان الجو اكثر برودة الان مع حلول الليل. قاد السيارة الى طريق آخر غير الطريق الى شقتي, قطبت حاجبي و التفت للنظر اليه باستغراب:" الى اين سنذهب؟".

قال مبتسما:" لتناول العشاء في ايطاليانوس".

ايطاليانوس, خيار جيد, كيف علم بأنني ارغب بان يكون موعدي الاول في مطعمي المفضل, هل كان يتجسس علي! لا, هذا صبياني جدا.

عدلت غرتي ثم نظرت الى الطريق امامي بينما امسح على معدتي المسطحة, ضحك ماثيو بخفوت ثم عض على شفته السفلي:" تبين جائعة جدا!".

اومأت بشفتين عابستين:" نعم, انا اتشوق لبعض الباستا".

ضحك بخفوت مجددا ثم ابتسم:" امر جيد, سنكون هناك في غضون دقائق".

ابتسمت و نظرت الى الامام, في غضون خمس دقائق كنا نقف امام المطعم المزدحم, دخلنا بيدين متشابكتين و اخذنا الطاولة بجانب النافذة, طلب ماثيو صحنين من الباستا و كوكتيل بقشتين. عضضت على شفتي السفلي بينما انظر حولي, السبت يوم مزدحم دائما. التفت و نظرت الى ماثيو, كان يحدق بي منذ ان جلسنا:" ماذا؟".

هز كتفيه بخفه:" لا شيء".

غضنت انفي فضحك بخفوت, احضر النادل الباستا و بدأت تناولها على الفور, مر وقت طويل منذ ان تناولت عزيزتي! تحدث ماثيو عن عشية عيد الميلاد القادمة, قال بانه بإمكاننا العودة الى الغابات البيضاء و الاحتفال مع عائلتي. اعجبتني طريقته في التفكير, لكني كنت قلقة من انه لن يشعر بالراحة معهم, لكنه بدا متحمسا لذا لم اجادله.

رفعت راسي و سقط نظري على الاثنين اللذين دخلا المطعم للتو, القيت بنظره خاطفة الى ماثيو ثم اليها تجلس على الكرسي و تبدوا ميته بوجهها المرهق و جسدها النحيل.

آلي هنا مع هاربور.

كنت خائفة من ان ينتبه ماثيو لوجودها فيفسد موعدنا فأكمله, اعلم انه لا يزال يكن لها بعض المشاعر و لا الومه, لقد ارتبطا لمدة ثلاث سنين, لم يكن من السهل عليه النسيان.
بدا و كأنه انتبه من تحديقي المطول بها, فسأل بينما يدير راسه للخلف:" الى ماذا تنظرين؟".

امسكت بذقنه بسرعة و قبلته على شفتيه, كان مستغربا و حدق بعيني مطولا, دامت القبلة الى ان ابتعدت عنه و زممت شفتي لأعود و اجلس بأريحية على مقعدي, ابتسم له بغرابة. ضيق عينيه علي لبضع دقائق ثم ابتسم بخفه و انزل نظرة الى طبقة, للحظات تغيرت ملامحه مما جعلني اتنهد لأنني اعلم بانه قد انتبه لوجودهما.

نظرت الى آلي, همست لهاربور بشيء ثم وقفت و سارت الى دورة المياه, وقفت بسرعة و نظر ماثيو الي باستغراب فابتسمت:" سأعود بسرعة", ثم اتجهت الى الحمام.

دخلت و وجدت آلي تعيد وضع مساحيقها, اقتربت منها و همست:" هيي".

توقفت عن وضع احمر الشفاه و نظرت الي باستغراب, نبرتها لم تكن بتلك الحماسة لمقابلتي:" اوه, ايزابيلا! اهلا, ما الذي تفعلينه هنا؟".

" انا في موعد مع—"

" ماثيو! نعم, اعلم".

ابتسمت بغرابة, لكني تجاهلت ذلك و هززت كتفي بتساؤل:" لما... تفعلين هذا؟".

" افعل ماذا؟".

تنهدت بعدم ارتياح:" تعلمين انه سيخرج معي, و تعلمين باننا سنأتي الى هنا.. لما لحقتي بنا؟".

ضحكت بريبة واضعة راحة يدها على فمها, ارتعدت قليلا من نبرتها العالية, توقف عن الضحك فجأة و نظرت الي:" اليس الامر واضحا!!".

حدقت بها على عدم علم بما تعني, تنهدت و تكتفت عندما التفتت لتقابلني:" لا اطيق رؤيتك مع عشيقي, الم تلاحظي هذا! لحقت بكم لأنني لا اريده ان يكون مع اي احد آخر".

" هه! كنت اعتقد بأنك سعيدة مع هاربور, ماثيو قال بانك لا تنوين العودة اليه".

قالت بسخرية:" سعيدة! هل ابدوا سعيدة, هل ابتساماتي الزائفة مخادعة؟".

ارتعدت بوجهها فلم اعد اتحمل غطرستها:" انظري, ان كنت لا تزالين تحبينه فلما تركته منذ البداية؟ تعلمين انه لا يزال يحبك, تجاهلني لانه لا يزال يحبك, حتى انه سالك قبل ان يبدأ مواعدتي ما ان كنتي تنوين العودة اليه ام لا! اي نوع من البشر انتِ!!".

اجابت ببساطة مع هز كتفيها بلا مبالاة:" لا اعلم, ربما انا انانية قليلا".

" آلي, كوني واقعية قليلا أيمكنك ذلك! هل تسمعين نفسك, انها ليست ربما بل فعلا, و ليس قليلا, انت تلعبين بمشاعر انسان آخر, هذا خطأ فادح. اعتقد بانك تعلمين كم عانى عندما هجرته, كاد ان يقتل نفسه!!".

حركت شفتيها بعدم رضا, ثم ارتعدت بوجهي كذلك:" اعلم, لكن لا يمكنني تحمل ذلك. لا ازال احبه ايزابيلا, لكني لا استطيع ان ابقى معه و والدته تستمر في تدمير حياتي, انا بشر كذلك!!".

صرخت بوجهها و شعرت بألم في رأسي لكني تجاهلته, كنت اشعر بالغضب الشديد تجاه تصرفها الاناني هذا:" لكن لا يمكنك اللعب بمشاعره ببساطة هكذا! كان بإمكانك تقبل واقع عدم امكانك من البقاء معه, كان يمكنك اخباره بذلك و اكمال حياتك دون التسبب بأذيته. سيتفهم الامر و ستركك تذهبين بهدوء, لكنك صدمته بهاربور!".

اخذت نفسا عميق, كان الالم يزداد مع صراخي, نظرت اليها و قد كانت ترمقني بنظرات ازعجتني:" فقط ارجوك اتركيه و شأنه... انها انتِ من اردت هذه الحياة فلا تقومي بلومه".

" سأفكر بالأمر, لكني لا اعدك بان ابتعد", ثم خرجت بهدوء كما دخلت.

رفعت يدي و وضعتها على راسي, تنهدت بخفوت و عندما شعرت بتقلص الالم خرجت من دورة المياه. نظرت باتجاه طاولة آلي لكن لم يكن هناك اي اثر لها, عدت بنظري الى ماثيو الذي اومأ للنادل بابتسامه و اقترب مني, امسك بيدي و سأل بقلق:" هل انتِ بخير؟".

" نعم, لا تقلق".

احاط ذراعه بكتفي و قادني الى الخارج, صعدنا الى السيارة و قادها عائدا الى شقتي. اخذت افكر في آلي و كم هي انانية, نبرتها حملت الكثير من الحقد اتجاهي و نظراتها كانت كما لو انها تريد قتلي. تنهد بضيق و ارحت جبيني على راحت يدي, اشعر بالتعب و الضعف بسبب صراخي قبل لحظات.

داعب ماثيو خدي بلطف بينما يسأل بقلق:" هيي, هل انت متعبه؟".

" انا بخير".

كانت نبرتي بغيضة جعلتني اكشر, سيشعر بالاستغراب الان, لكني لم اقصدها بأن تكون كذلك, آلي عكرت مزاجي. تنهد و اعلم بانه متضايق من الامر برمته, فتحت عيني و نظرت اليه, كان يحكم قبضته على المقود و يصك على فكيه كما يفعل كلما يشعر بالغيض او عدم الرضى:" مات!", لكنه لم يرد علي فتنهدت," آسفه".

التحفنا بصمت مريب, اوقف السيارة امام المبنى السكني و بقينا في الداخل, تنهد قبل ان يتحدث بجدية:" اسمعي, لن انكر كوني لا ازال املك بعض المشاعر لآلي, لكن صدقي بأنني احاول", التفت و نظر الي," انا احبك, بيلا".

عضضت شفتي السفلي و نظرت بعيدا:" اعلم, انا لست مستاءة من ذلك ماثيو".

" اذا لما اصبحت فجأة باردة تجاهي؟".

تنهدت, ترددت في اخباره لكني فعلت:" لان.. آلي تستمر في جعلك... مستاءً, و هي... فخورة بذلك".

" لست مستاءً بيلا".

قلت بنبرة غاضبة فاجأته:" لا تكذب, تجهمت ملامحك عندما رأيتها مع هاربور". جفل و ابعد نظره الى الامام, تأوهت و نظرت الى يدي," نحن نتجادل في اول موعد لنا, امر مخزي".
تشوشت رؤيتي, اعلم انني سأبكي في اي لحظة, فقد احضر غضبي الدموع معه. عضضت على شفتي و مسحت دموعي قبل سقوطها, ثم فتحت قفل الباب و قلت بينما افتح الباب لأخرج:" على اي حال, انا ذاهبة".

امسك برسغي و اعادني الى الداخل, جلست على الكرسي و نظرت بعيدا عنه, سالت دموعي على خدي لكنه قام بمسحها و ادار وجهي للنظر اليه:" انا آسف, حسنا! لا تبكي, ارجوك". لكني لم انظر اليه, بل الى يدي و حاولت امساك دموعي العنيدة," بيلا, انظري الي".

عضضت شفتي و رفعت نظري اليه, قابلت عينيه التي هدأتني قليلا, حدقت بهما مطولا بينما اسمع صوته الهادئ:" لن اذكر آلي في اي من حديثنا مجددا, سأحاول نسيان امرها, اعدك. فقط ارجوك لا ترهقي نفسك باي امر يخصها, حسنا!".

" حسنا".

ابتسم و همس بـ شكرا قبل ان يطبع قبله على شفتي, ابتعد و نظر في عيني و ابتسامته اللطيفة لا تزال مرتسمه على وجهه الوسيم:" ليلة سعيدة".

" و لك ايضا".

ana mooney
05-12-2013, 13:26
حجز سيطول بسبب الاختبارات ع الابواب

teany
10-01-2014, 16:49
مرحبا مجددا
هناك تنويه صغير: لا اشعر بالحماسة ابدا لأكمل القصة لأني لا اجد ردودا كثيرة و أي دافعية للاستمرار.
رغم هذا, سانزل الفصل السادس, و سأحاول ان اكمل القصة لأني اريد ذلك.
فقط اريد ان اجد بعض الردود المحفزة ان امكن, لا اطلب الكثير, و اتمنى ان لا تكون هناك حجوزات لانها تعطيني املا للاشيْ

teany
10-01-2014, 16:53
" 06 "

تأوهت من شدة البرد و غطست اكثر تحت الغطاء, كان البرد قارسا لدرجة انه تسلل الى عظامي. فتح الباب و دخلت جانيت بحماسها المعتاد, هزت كتفي و قالت بسعادة ليست غريبة علي:" استيقظي انها تثلج بالخارج".

تثلج, لا عجب من ان الجو بارد هكذا, غطيت راسي بالغطاء و قلت بإرهاق:" انا متعبة".

تحركت قليلا فشعرت بشيء بارد على خدي, رفعت راسي قليلا و تبين انه هاتفي. ابتسمت بلا وعي بعد تذكري حديث ماثيو المتواصل بالأمس, فقد قضينا الليل بأكمله بالحديث عن هذا و ذاك الى ان غطيت بالنوم و لم اشعر به:" لما تبتسمين هكذا؟", جانيت قالت بابتسامة ماكرة على وجهها.

" ليس من شأنك", تمتمت بينما اقف و اتج الى الحمام.

" قضيت الليل بأكمله في التحدث مع هاه؟"

التفت للنظر اليها و قد كانت تمسك بهاتفي, ابتسامه ماكرة على وجهها و بريق غريب في عينيها. مر وقت طويل منذ آخر مرة ضايقتني فيها, و اعلم يقيننا انها تشتاق لتلك الاوقات و هي تأخذ فرصتها الان, لذا رسمت ابتسامه صغيرة و قلت:" لقد كان يساعدني للنوم وحسب".

" أوه~ هذا لطيف جدا".

ثم بدأت بالحديث المتواصل عن مدى روعة ماثيو نيوتن و لم استطع قول شيء عكس الموافقة على كلامها, كانت لا تزال تتحدث حتى بعد ان خرجت من الحمام بسترتي الصوفية و الجينز. توقفت عندما اصدر هاتفي رنينا قصيرا, مدت يدها و امسكت به بكل فضول لكني سبقتها في قراءة الرسالة التي وصلت توا من ماثيو:

’ صباحا بيلا, اتمنى انك نمت جيدا ليلة الامس. كنت اريد التأكد فقط من انك تناولت دواءك, لا تقصري في ذلك. انها تثلج في الخارج لذا تأكدي من تدفئة نفسك جيدا, حسنا!
احبك,
ماثيو.‘

" انه لطيف جدا," علقت جانيت التي كانت تقرا الرسالة من خلف كتفي. اجبتها بإمائه ثم جلست على طرف السرير و اخذت اكتب ردي له بحماس مفرط:

" صباحا. نعم, لقد نمت كالطفل و الفضل يعود اليه :), شكرا. لن انسى ذلك, شكرا لقلقك و... اتمنى ان تقضي يوما ممتع.
احبك كذلك,
ايزابيلا.‘

اصدرت معدتي صوتا جعل من جانيت تكتم ضحكتها, ابتسم لي ثم اقترحت بدون تفكير مسبق:" ما رأيك بأن نتناول الفطور في الخارج؟"

" خيار جيد," وافقت على الفور," لنذهب".


كنا نسير بسيارة جانيت السوداء في شوارع سياتل الباردة, كل شيء كان ابيض في الخارج و ندر تواجد المارة في جو بارد كهذا. مررنا ببعض من المحلات المغلقة في وقت كهذا, كان المحل الوحيد الذي لمحت لافتته التي تعلن بانه مفتوح, محل بقالة و صيدلية بجانبه. شككت في كون اي مطعم مفتوح في هذا الوقت, لكن في دقائق قصيرة, توقفت المرسيدس امام مقهى صغير بلافتة حمراء برز اسم المقهى عليها.

بعد ان اخذنا طاولة بجانب النافذة و وصل فطورنا, تحدثت جانيت عن موعدها مع بين الليلة الماضية, و كيف انه كان افضل موعد قضته مع بين منذ ثلاث سنوات الى الان, قالت انه لم يركز على اي احد غيرها حيث كان مفاجئا حتى بالنسبة لي. ثم تحدثت عن مخططها لليلة الميلاد و عن طلب بين ان ترافقه لتقابل والدة في تلك المناسبة مما ذكرني بشغف ماثيو لمقابلتي والدي.
قلت فور ان توقفت عن الحديث:" ماثيو يود العودة الى الغابات البيضاء ليقابل والدي".

بدت متفاجئة من هذا, لكنها ابتسمت:" حقا! هذا تفكير جيد منه, اعتقد انه جدي معك بيلا."

اومأت موافقة:" هو كذلك, لكني قلقة قليلا من انه لن يرتاح هناك," رمقتها بنظرة واضحه," تعرفين والدي".

ضحكت على ذكر والدي, ثم ضربت يدي بلطف:" توقفي عن القلق عزيزتي, يا الهي, انت تقلقين كثيرا هذه الايام. فقط اخبري والدك بان يكون لطيفا معه, اعلم انه سيكون كذلك. كما انه يعرف والد ماثيو جيدا لذا لا تقلقي".

وضعت كوب القهوة برفق على الطاولة و هززت راسي بلا:" انه يعرف الاسم فقط لكونه قائد الشرطة وحسب."

" كل شيء سيكون على ما يرام, توقفي عن القلق". اومأت لها بخفوت, بينما هي عبست شفتيها و بدأت بالتذمر," انا التي عليها القلق هنا. سأقابل والد بين, انه قاس قليلا معي... بعد ما حدث ليلة الثلاثاء تلك".

" عليك توخي الحذر اذا, فقط حاولي ان تكسبي ثقته".

" هذا ما احاول فعله".


بعد تناول الفطور اقترحت جانيت ان نتمشى قليلا في الحديقة المجاورة, لم يكن هناك الكثير من الزوار كما هي العادة, فقط مجموعة من الشباب يضحكون بسعادة حول امر ما تحت ظل شجرة, و زوجين كبيرين في السن يتحدثان بهدوء حيث استقرى على كرسي الحديقة. كانت تسير امامنا على الرصيف سيدة بعمر والدتي تحمل اكياس بقالة في يدها, لم تكن تسير باستقامة بسبب ثقل الاكياس و قد كانت خطواتها سريعة كذلك لتصل بسرعة الى السيارة.

وكزت جانيت التي كانت تحملق بفتى من تلك المجموعة و قلت لها فور ان التفتت الي بتساؤل:" سأساعد تلك السيدة, لا ترتكب اي حماقة".

" لأن افعل," قالت بسرعة ثم ادارت راسها مجددا لتنظر الى الفتى عينه.

هززت راسي بيأس و اتجهت الى تلك السيدة, اخذت احد الاكياس مما اصابها بالاستغراب, ابتسمت لها بينما اقول بهدوء:" دعيني اساعدك".

" شكرا لك ايتها الشابة".

كانت نبرتها ناعمة و قد حملت بها بعض الامتنان, تبعتها الى سيارتها المتوقفة امامنا و قلت بينما كانت هي تفتح صندوق السيارة:" هل انت هنا وحدك, سيدتي؟"

ضحكت بخفوت, نظرها موجه الى الاكياس التي تضعها في الصندوق:" ليس حقا, اتيت من القرية لأفاجئ ابني الذي يدرس في جامعة قريبة من هنا, سيكون سعيدا عند رؤيتي في منزله, هو دائما كذلك".

" لا شك في ذلك," ابتسمت لها بخفوت بعد ان استقمت في وقفتي." سأغادر الان".

" حسنا, شكرا مجددا عزيزتي".

أومأت لها ثم عدت ادراجي الى جانيت التي كانت تتحدث مع ذلك الفتى بأريحية مريبة, اقتربت منها و سحبتها من معصمها بعيدا عنه بينما اقول ببعض من الغضب:" ان رآك بين ستكونين في مشكلة كبيرة".

ضحكت هي بخفوت:" لم اقم بعمل خاطئ, بيلا". رمقتها بجدية فتنهدت و هزت كتفيها بلا مبالاة," لقد كونت صداقة جديدة. بربك بيلا, تعلمين جيدا بأني لن اقوم بخيانة بين ابدا".
للأسف, ذلك صحيح.


عند الخامسة غدرت جانيت الى حلقة دراسية في المكتبة بينما بقيت وحدي في المنزل اشاهد فيلما قد شاهدته من قبل اكثر من 10 مرات لكني لا ازال لم امل منه, فكرت في ان اتصل بشقيقتي ففعلت, كانت ماري سريعة في الاجابة كالعادة, حيث ارتعدت علي من الجانب الاخر:" هيي بيلا عزيزتي, لقد اشتقت اليك."

ضحكت بخفوت, مررت اصابعي بين خصلات شعري المفتوح و اجبت:" اشتقت اليك كذلك ماري".

" الامر فضيع هنا و ممل جدا. على اي حال, سمعت من والدتي بانك مشغولة بالتدريب لمسرحية ما... هل هذا صحيح؟"

" اجل, انه امر متعب حقا ( كذبة بيضاء ), سنقوم بتقديم مسرحية Grease, توقعي ماذا؟ سألعب دور ساندي".

" حقا! هذه رائع, متى ستعرض المسرحية؟"

" بعد ثلاثة اشهر, سيكون ذلك في نيسان... على ما اعتقد".

" تعنين في الربيع! هيي, هذا جيد حقا. على اي حال, كيف هي الحياة هناك؟ هل قابلت احدا بعد؟"

عضضت على شفتي السفلي بلا وعي:" نعم ... نوعا ما".

صرخت بحماس و ضحكت بخفوت:" من هو؟"

" ماثيو نيوتن, طالب في السنة الاخيرة في الجامعة".

تذكر يوم لقائنا الاول في مقهى التنين, و بالكاد شكرت جانيت على اضاعة حقيبتها, لأنها لو لم تفعل لما قابلته. بدا الحديث عن ماثيو مريحا جدا, رائعا الى حد ما. استلقيت على الاريكة و اخذت اداعب خصلات شعري عندما سألتني ماري بفضول واضح:" كيف يبدوا, هل هو وسيم؟"

سرحت في مخيلتي اليه مجددا, ماثيو نيوتن, كان مجرد التفكير به يرسل الفراشات الى معدتي:" انه طويل القامه, مفتول البنية. بشرته بيضاء و دافئة جدا. شفتيه ممتلئتين و ابتسامته جذابة. عينيه, انها ساحرة جدا, جميلة و غريبة".


" أوه بيلا! تبدين حالمة جدا".

" انت لم تريه ماري, انه غريب جدا, كما لو انه ملاك. انه لطيف جدا, رومانسي, مهتم و رائع. صوته هادئ و ساحر".

ضحكت ماري في الخط الاخر:" استولى على قلبك, اليس كذلك؟"

" همم, و اشعر كأنني ضائعة من غيرة, انه يجعل حياتي اسهل".

" لا استطيع الانتظار لرؤيته".

" سترينه في ليلة الميلاد, قال بأنه يريد ان يقضي ليلة الميلاد مع العائلة".

ماري كانت متفاجئة, نبرتها تغيرت الى الاعجاب و قالت:" هيي, يبدوا لي انه شخص لطيف حقا, هل هو برفقتك الان".

" لا," عبست لكوني وحيدة هنا," انا وحدي في الشقة, جانيت خرجت الى حلقة دراسية في المكتبة, و ماثيو قال بأنه مشغول اليوم".

تنهدت ماري و قالت شيء لم اتمكن من سماعة, قطبت حاجبي و حملقت بشاشة الهاتف قبل ان اضعه على اذني مجددا:" ماري, هل يمكنك سماعي".

اجابني صوت طفولي عوضا عن ذلك:" خالتي, اثتقت اليك".

" عزيزي كينت, اشتقت اليك كذلك".

بدت نبرته حزينة عندما بدا بالحديث مجددا:" الن تأتي الى المنذل؟ جدتي قالت بانك مثغوله بالدراثة".

ضحكت على لهجته اللطيفة, ابن شقيقتي الوديع, اشتقت اليه حقا." سآتي في ليلة عيد الميلاد بهديتك".

" حقا!!"

" همم, و سأرافقك الى منزل الشجرة في الملعب, اتذكره؟"

" اجل! منذل الثجرة جميل جدا".

" هيي بيلا, آسفه. لكنه ظل يزعجني, حتى انه سكب الحليب على الارض!" قالت بيأس, كنت قادرة على سماع ضحكات كينت اللطيفة في الجهة الاخرى مما جعلني اضحك بخفوت كذلك.

" لا بأس, لقد اشتقت اليه و كيث كثيرا".

" علي الذهاب الان, سأتصل بك لاحقا, حسنا!"

" همم, وداعا."

اغلقت الهاتف و حملقت بالسقف, انا اعيش في ملل فضيع. الجميع مشغول, جانيت لن تعود الليلة كما اعتقد, تيفاني ربما تكون في موعد مع اوستن, ماثيو مشغول بأمر ما, و جيسيكا... هل اتصل بها؟ رغم اني اكره فكرة الخروج معها, لكن لا مفر.

اتصلت عليها, لكنها لم ترد الى بعد دقيقتين و هذا عندما فقدت الامل فيها." هيي بيبي, ما الامر!" كانت نبرتها عالية جدا, بعض الموسيقى المزعجة خلفها.

" هل انت مشغولة؟" سألت بتردد.

همهمت بتفكير لثواني, توقفت الموسيقى خلفها ثم اجابته:" لا, لماذا؟"

" كنت افكر في ان كان بإمكاننا.. الخروج معا".

" هذا رائع, ليس لدي اي عمل آخر اقوم به. همم, ما رايك بان نذهب الى نادي ميراندا الليلي, همم؟"

ملهى ليلي, هذا تماما كجيسيكا." ان اردت ذلك".

" جيد, سامرك بعد 5 دقائق, وداعا عزيزتي."

ستكون هذه الليلة طويلة.


سيارة جيسيكا تفوح منها رائحة عطرها القوي, كانت ترتدي فستان حفلة كشف اكثر مما ستر. هذه هي جيسيكا, لن تتغير ابدا. اخذت نظرة خاطفة في ما كنت ارتديه انا و فكرت في ما ان كنت ابدوا غريبة قليلا. كنت قد ارتديت واحد من الفساتين المعلقة في خزانتي منذ الاجل, لم اكن من اللواتي يفضلن فساتين السهرة القصيرة, لكني كنت احصل عليها رغم ذلك من جانيت التي تتوقع مني تغيير رأي في هذا الموضوع. بدوت مختلفة قليلا عن ايزابيلا روز التي يراها الطلاب كغريبة اطوار في المدرسة, حتى ان جيسيكا ابدت اعجابها من مظهري لكني لم اكن واثقة منه الى ذلك الحد.

توقفت السيارة امام النادي الليلي, و عندما مررنا من خلال البوابة كان الحارس يرمقني بنظرات مخيفة. كان المكان مزعجا جدا في الداخل, الاضواء تتغير كل ثانية و تعمي العين, الكثير من الاجساد التي تتمايل في ساحة الرقص. جلست مع جيسيكا في الحانه, لكنها لم تبقى معي كثيرا حيث انها انهت كوبا كاملا من البيرة و اسرعت للرقص, بينما انا تنهدت و اخذت ارشف القليل من الكولا الذي طلبته عوضا من الشراب.

" تملكين صديقة مجنونه".

رفعت راسي الى الساقي الذي ابتسم بلطف لي, اعلم انه لم يعني مجنونة بشكل سيء لذا ابتسمت و أومأت له موافقة:" نعم, هي كذلك".

جيسيكا كانت ترقص بجنون في الساحة تلك, غير ابهة بأي احد. عندما استدرت مجددا لأقابل الساقي, كان قد وضع امامي كوبا ملئ بسائل ازرق اللون مع قطعة صغيرة من الليمون معلقة على جانبه و قشة. نظرت اليه باستغراب, انا واثقة من اني لم اطلب هذا. فهم نظرتي فأومأ براسه باتجاه شخص ما جهة اليمين بينما يقول:" ذلك الرجل هناك قدم لاغون ازرق مع بعض الفودكا من اجلك".

عندما التفت لأنظر الى ذلك الرجل, كان يحدق بي بابتسامه ماكرة. كان اسمر البشرة و شعرة اشقر جدا, لم اتمكن من تمييز لون عينيه بسبب الاضاءة السيئة, لكني على اي حال كنت اعلم بأني لن اورط نفسي مع شخص مثله لذا نظرت الى الساقي و دفعت الكوب بلطف تجاهه:" شكرا, و لكني لست بمزاج للشرب."

أومأ بتفهم و اخذ الكوب من امامي, استدرت لأنظر مجددا الى جيسيكا, كانت قد توقفت عن الرقص و التفتت للنظر اليه, اشارت بيدها لي لأرقص معها لكني هززت رأسي بلا. عبست بوجهها لكنها سرعان ما اختفت من امامي عندما سحبها شخص ما للرقص.

" سمعت بأنك رفضت عرضي".

ادرت راسي و تفاجأت من وجود ذلك الرجل الاسمر بجانبي, كان وجهة اكثر وضوحا الان, و عينيه كانتا رماديتين و ترمقانني بشيء سيء. كان يكبرني بكثير, بدا ذلك واضحا على وجهة. كما اني تمكنت من رؤية اصبعه الذي يرتدي خاتما فضيا مما اضاف الى كونه سكيرا, كونه زوجا خائنا ايضا.

" اجل".

" لما ذلك؟"

كان وجهة قريبا جدا تمكنت من شم رائحة عطرة القوية مختلطة مع البيرة الرخيصة و السجائر. زممت شفتي عندما شعرت بتقلب معدتي, ادرت برأسي بعيدا عنه و قلت من بين اسناني:" اتركني وحدي".

" حسنا, اهدئي", ابتعد قليلا. ادرت راسي باحثة عن جيسيكا لكني لم اجدها, كنت اعلم ان الخروج مع جيسيكا لن يمر على خير," ليس عليك ان تكوني قاسية هكذا كما تعلمين, نحن هنا لنستمتع, اليس كذلك!"

" اتعلم زوجتك بأنك هنا, حتى!" قلت بغيض بينما اقف و اسير مبتعدتا عنه.

خرجت من المبنى و رمقني الحارس مجددا بنظرة غريبة لكني تجاهلته و سرت الى سيارة جيسيكا المغلقة, اخرجت هاتفي من معطفي الذي ارتديته و اتصلت بماثيو لكنه لم يرد. تنهدت بيأس و نظرت حولي, علي ان اجد سيارة اجرة رغم ان ذلك يبدوا غير ممكننا. رن هاتفي مجددا فأجبت على الفور ليتسلل صوت ماثيو الي:" هيي بيلز, هل انت بخير؟"

" نعم," نظرت الى بوابة النادي و فكرت في ان اخرج جيسيكا, لكن ذلك بدى مستحيلا ايضا." هل انت مشغول حالا؟"

" ليس حقا, لماذا؟"

احتضنت نفسي عندما بدأ الثلج بالسقوط مجددا, حظي سيء جدا. ترددت في سؤاله, لكني بعد ان لمحت نظرة الحارس غيرت رأي:" هل يمكنك اخذي الى المنزل؟"

" لماذا؟" بدا مستغربا," هل تعطلت سيارتك؟ لم يكن عليك القيادة في جو كهذا, بيلا."

" الامر ليس كذلك, ماثيو. انا عالقة هنا في نادي ميراندا الليلي مع جيسيكا. هذا المكان مزعج حقا, هل يمكنك اخذي من هنا؟ آسفة ان كنت ازعجتك".

" لابأس, انا قادم الان".

اغلقت الهاتف بعد شكره, ثم احتضنت نفسي بقوة اكثر و نظرت حولي, القي بنظرة خاطفة الى النادي مجددا, كيف لم تلاحظ اختفائي؟ اوه, صحيح, انها تستمتع كثيرا لتهتم بأمري. مر وقت طويل على وصول ماثيو, بدأت ارتعش من شدة البرد فمعطفي لم يفي بالغرض بسبب فستاني القصير, من يرتدي فستانا قصيرا في جو كهذا!

لمحت اضواء سيارة ماثيو تقترب, فور ان توقفت السيارة امامي صعدت الى الداخل و تنهدت:" بارد جدا".

وضع ماثيو معطفه البني في حضني ثم ابتسم لي:" هيي, تبدين مختلفة جدا".

" حقا؟" قلت بسخرية, كان قد فتح المدفئة و قاد السيارة مبتعدا." من اي ناحية؟"

" كل شيء, تشبهين جيسيكا كثيرا," قال بسخرية هو الاخر و ابتسم بصبيانية.

ضحكت بخفوت و نظرت الى ما خلف النافذة بشرود, لكن صوته اعادني الى وعي:" بالحديث عن جيسيكا, اين هي؟"

" تستمتع بالداخل."

أومأ بتفهم و التزم الصمت طوال طريق العودة الى المنزل, عندما توقفت السيارة امام المبنى السكني فتحت الباب لكني لم اخرج, بل التفت و نظرت الى ماثيو الذي بادر بالحديث:" سأمر بالغد لأخذك الى الجامعة, حسنا."

أومأت له بهدوء, ثم ملت ناحيته و طبعت قبلة خفيفة على شفتيه قبل ان اخرج من السيارة:" و لا تخرجي مع جيسيكا مجددا, لها تأثير سلبي ناحيتك".

انحنيت الى الامام قليلا لأتمكن من رؤيته داخل السيارة:" أتحاول القول بأني ابدوا سيئة هكذا؟"

" لا, تبدين رائعة لدرجة اني افكر في ان اقضي الليلة هنا," قال بابتسامه جانبيه, احمر وجهي خجلا مما جعله يضحك بخفوت." انا فقط لا اطيق تصرفات جيسيكا, حاولي توخي الحذر و حسب."

" لا بأس," ابتسمت له و همست بـ تصبح على خير قبل ان اغلق الباب و اتجه الى شقتي.

rand issa
10-01-2014, 17:54
[حجز طوييييل جدااا لا تتاخري بالبارتleft][/left]

نورا لاشين
15-01-2014, 11:24
السلام عليكم

روايتك رائعة. أسلوبك رائع. سردك أكثر من رائع.

إياك و التفكير في التوقف

لي عودة برد طويييييييل بعد الامتحانات

في أمان الرحمن

V.Lapidus
15-01-2014, 12:12
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ::سعادة:: ..
كيف حالك يافتاة ؟
أتمنى أن تكوني بخير وعلي مايرام ..

×

لكم اشتقت لروايتكـ حقاً .. :d !
لم يتسنى لي الرد عندما أنزلتِ البارت السابق لأني كنت حقاً مشغولة :مرتبك: ..

يبدو أن عائلة بيلا ظريفة جداً .. أما عن والدها فأرجح أنه لن يستسيغ ماثيو =) < توقع !
أشعر أنني وبطريقة ما تقبلت آلي أكثر من جيسيكا .. :غول: .. ألى معها كل الحق في ترك ماثيو , وفي الوقت ذاته أظنها تبالغ ::سخرية::
هذا أفضل فالتذهب هي وهاروبور بعيدا عن ايزابيلا وماثيو :d < كف
بالمناسبة تلكـ السيدة التي ساعدتها بيلا أرجح انها والدة ماثيو :موسوس: .. لست واثقة :d
الأحداث جميلة ولاغبار عليها :أوو: ..

على كل تابعي ولاتأبهي لعدد المتابعين من يدري ربما هنالكـ من يتابعكـ بصمت ^^..

في حفظ الله

Black nightinga
15-01-2014, 17:55
جميلة جدا
أحببت طرحك ..فكأنني أرى أحداث فيلم رومنسي أمامي
وأحببت الشخصية الرئيسية جدا

teany
16-01-2014, 16:34
[حجز طوييييل جدااا لا تتاخري بالبارتleft][/left]


لا باس, انتظر الرد :)

teany
16-01-2014, 16:37
السلام عليكم روايتك رائعة. أسلوبك رائع. سردك أكثر من رائع. إياك و التفكير في التوقف لي عودة برد طويييييييل بعد الامتحانات في أمان الرحمن
و عليكم السلام عزيزتي شكرا على الرد الجميل, و انتظر ردك الآخر بفارغ الصبر

teany
16-01-2014, 16:45
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ::سعادة:: ..
كيف حالك يافتاة ؟
أتمنى أن تكوني بخير وعلي مايرام ..

×

لكم اشتقت لروايتكـ حقاً .. :d !
لم يتسنى لي الرد عندما أنزلتِ البارت السابق لأني كنت حقاً مشغولة :مرتبك: ..

يبدو أن عائلة بيلا ظريفة جداً .. أما عن والدها فأرجح أنه لن يستسيغ ماثيو =) < توقع !
أشعر أنني وبطريقة ما تقبلت آلي أكثر من جيسيكا .. :غول: .. ألى معها كل الحق في ترك ماثيو , وفي الوقت ذاته أظنها تبالغ ::سخرية::
هذا أفضل فالتذهب هي وهاروبور بعيدا عن ايزابيلا وماثيو :d < كف
بالمناسبة تلكـ السيدة التي ساعدتها بيلا أرجح انها والدة ماثيو :موسوس: .. لست واثقة :d
الأحداث جميلة ولاغبار عليها :أوو: ..

على كل تابعي ولاتأبهي لعدد المتابعين من يدري ربما هنالكـ من يتابعكـ بصمت ^^..

في حفظ الله




و عليكم السلام
انا بخير و سعيدة لقراءة ردك عزيزتي
بالنسبة لجيسيكا فأنا لم اتقبلها في البداية كذلك :em_1f606:
اما السيدة التي قابلتها بيلا في الحديقة فنعرف امرها لاحقا ان وجد!
على أي حال, شكرا على الرد الجميل و اتمنى ان ارى ردودك في الفصول القادمة
:e056:

teany
16-01-2014, 16:47
جميلة جدا
أحببت طرحك ..فكأنني أرى أحداث فيلم رومنسي أمامي
وأحببت الشخصية الرئيسية جدا


سعيده بان القصة قد نالت على اعجابك
شكرا على الرد :)

teany
16-01-2014, 16:54
السلام عليكم
مرحبا بالجميع, انا سعيده لرؤية الكثير من الردود شكرا لكم مجددا...

شخصية اليوم كان يجب علي وضعها في الفصل السابق لكنني كنت على عجلة لذا لم افعل, للاسف..

http://i41.************/2h49spl.jpg

جيسيكا الموند في الثالثة و العشرين, فتاة متغطرسة و مجنونة الى حد ما, ثقيلة المزاح و غير آبه بالاخرين قليلا, تعرفت على بيلا في الثانوية لكنهما لم تكونا مقربتين ابدا.


الى الفصل السابع ~>

teany
16-01-2014, 16:59
" 07 "

كنت لا ازال مستلقية على سريري بصمت عندما اغلق باب الشقة, كانت تلك جانيت التي غادرت الى الجامعة للتو. لم تكن بخير عندما اطلت برأسها في غرفتي و سألت ان كنت سأرافقها الى الجامعة اليوم بدلا من استعمال سيارتي المركونة بالخارج. لم يكن صعبا علي معرفة سبب حزنها المفاجئ, ربما هو بين مجددا قد قام بإزعاجها بأمر ما. كنت قد سألتها ان تأخذ اليوم اجازة لأنها لا تبدوا على ما يرام لكنها رفضت ذلك بحجة انها قد اضاعت الكثير خلال فترة عودتها الى الغابات البيضاء. لم اكن اشعر بخير كذلك, كان هذا السبب وراء استلقائي كالمريضة هنا في غرفتي احدق في السقف.

كان ذلك عندما بدأت التفكير مجددا.

اخذت افكر في جانيت و بين, انا و ماثيو, كيف ان حياتي تغيرت منذ ان انتقلت للسكن هنا في سياتل مع جانيت. اخذت افكر في حياتي منذ ثلاث سنوات الى الان, ما الذي كنت قد فعلته خطأ و ما قد كان صوابا الى ان انتهى بي المطاف الى الليلة الصيفية تلك امام شرفة منزل جون, ليلة الاثنين التي بدأ منها كرهي له يزداد الى حد كبير.

كان ذلك اليوم يوم ميلادي, الخامس من ايلول. كنت قد تلقيت رسالة منه حيث قال بانه قد حضَر مفاجئة لي في مطعم شقيقة, عندما ذهبت الى هناك كان تقريبا جميع من اعرفه من الجامعة متواجدا. كانوا يحملقون بي بطريقة مريبة جعلتني متيقنة من انهم ليسوا هنا ليهنؤوني بعيد ميلادي بل اسوء.

اقتربت مني نتالي بملامح الغيض و ضربتني بقسوة على خدي فجأة, ثم سكبت العصير على راسي. كانت تلك اسوء لحظة مهينة في حياتي. لم اتحرك من هناك, انما نظرت اليها باستغراب فأعربت بغضب عن امر كوني مع جون في حوض السباحة بمنزلة, لكني انكرت ذلك لأنني لا اذكر كوني على علاقة بعشيقها كما تدعي. ارتني صورة في هاتفها بعد ذلك, و اخذت تلقي بالشتائم القبيحة علي. لكني تذكرت ما حدث, مما جعلني اغلي من الغيض بالداخل.

كنت قد ذهبت الى منزلة لأسلمة بقية المشروع الذي نتعاون فيه, اخبرتني والدته بأنه في الساحة الخلفية و عندما ذهبت الى هناك كان الرخام مغطى بالمياه مما جعلني افقد توازني و اسقط في الحوض, لطالما كنت سباحة فاشلة. ساعدني هو على الخروج, كنا قريبين جدا حينها لكني لم اكترث لذلك. لم اكن اعلم من قام بالتقاط تلك الصورة و نشر اشاعة كهذه, لكني اعلم انه كان خلف كل ذلك.

على اي حال, كنت قد اسرعت الى منزلة و توقفت على الشرفة اطرق الباب بهمجية. ظهر امامي جون و اطلق العنان لضحكاته الماكرة بعد ان رمقني بنظرة متفحصة. اخذت اصرخ بوجهة, اخبرته بكل ما حدث و عن تلك الصورة فاتضح الامر برمته. كان اخوه غير الشقيق هو من التقط الصورة خفيه, و عندما غادرت اراها لجون و من هناك لمعت في رأسه هذه الفكرة الجهنمية, الا و هي احراجي امام نصف طلاب الجامعة. كلامته الاخيرة لي قبل ان انطلق عائدة الى الشقة باكية كانت:" استمتعي بهدية عيد ميلادك, حبيبتي بيلا!"

كرهت حياتي بسببه.

لم تعلم جانيت بالأمر, و لم اخبرها به اساسا. كنت قد كرهت الاحتفال بعيد ميلادي, و طلبت منها مرارا ان لا تفعل هي ذلك ايضا مما كان غريبا بالنسبة لها. اغلقت عيني و استرجعت بعض من الذكريات الاخرى لدي, يوم حزين آخر بالنسبة لي كان في ليلة الميلاد على شاطئ لو جاين في الغابات البيضاء, آخر لقاء بيني و بين مارك. احاطني بيديه بقوة و همس بانه آسف, و ان والده قد تم نقلة الى فلوريدا و ان عليه الرحيل. بكيت لعدة اسابيع بعدها, لكني استرجعت طاقتي عندما اتصل بي بعد شهر و اخبرني بانه سيتم على اتصال بي كل احد و اربعاء. لكنه لم يتصل بالأمس, و اشك في انه سيتصل الاربعاء القادم, انه منشغل كثيرا مع كيمبرلي.

ايقظني من احلامي رنين هاتفي, امسكت به بكسل و اجبت بصوت مبحوح:" مرحبا؟"

" بيلا, اين انت؟ انا انتظرك منذ الساعة التاسعة. لم تجيبي على اي من اتصالاتي حتى, هل انت بخير؟"

جفلت من مكاني على صوت ماثيو القلق و الغاضب قليلا في الوقت آنه, اسرعت الى غرفة الجلوس و ابعدت الستائر قليلا لألقي بنظري الى المواقف بالخارج. ماثيو كان هناك, يستند على سيارته الفورد و يديه في جيب معطفه البني:" آسفه, لقد كنت... نائمة".

لم يكن مقتنعا من كلامي فقد غضنت ملامحه و انزل نظرة الى ساعة يده:" حسنا, انا بانتظارك. عليك الاسراع فلقد تأخرنا عن محاضرة الحضارات المعاصرة".

" قادمة الان".

اسرعت الى الحمام و اغتسلت بسرعة, ثم خرجت مرتدية تنورة قصيرة بلون الكاكي و بلوزة بيضاء تحت معطفي الاسود. اخذت افكر بعذر مقبول عندما خرجت من الشقة في طريقي الى الخارج, سرحاني ليس عذرا مقبولا ابدا. بدا ماثيو مستعجلا حقا عندما لمحته من خلف الابواب الزجاجية, قدمة لم تتوقف عن ضرب الارض مرار, نظرة موجة الى السماء الملبدة بالغيوم و حاجبية مغضنين.

اقتربت منه و القيت بتحية قصيرة ثم عضضت على اصبعي الصغير بتوتر, نظرته كانت جادة عندما انزل عينيه الى الاسفل ليتمكن من رؤيتي. لم يجبني بل فتح باب السيارة على الفور و أومأ براسه باتجاه الباب الاخر:" اصعدي الى السيارة".

لم اجادله و اسرعت الى الجهة الاخرى و صعدت الى السيارة, اعي انه غاضب لتأخري لذا لم اتحدث طوال الطريق الى الجامعة. فور ان توقفت السيارة, ترجل منها و القى بنظرة خاطفة الي لاتبعه. تنهدت و سرت خلفة ببضع خطوات لكنه امسك برسغي و سحبني بلطف لأتساوى مع سرعته.

" اعلم بانك لم تكوني نائمة, بيلا," قال بهدوء, عينيه مصوبين الى الامام تبحثان عن رقم قاعة المحاضرة," هل انت متأكدة من انك بخير؟"

اومأت بهدوء:" انا بخير ماثيو. آسفة لأنني تأخرت هكذا, لقد كنت... افكر".

لم يجب و انما ابتسم بهدوء و أومأ براسه قبل ان يتوقف امام الباب و يقرعه بخفه, فتحه قليلا و سحبني الى الداخل معه. توقف البروفيسور ستيوارت عن الحديث و رمقنا بنظرة مفادها ’ فسرا لي سبب تأخركما دون لف او دوران ‘ مما جعلني اتوتر قليلا و ارفع نظري الى ماثيو الذي عض على شفته السفلي مستعدا للكذب:" اضطررنا للتوقف عند الصيدلية, آسف".

كذبة جيده.

ارسل البروفيسور نظرة قلقة باتجاهي قبل ان يتنهد و يومأ لنا بان ندخل, تنهدت بارتياح و تبعت ماثيو الى المقاعد الخلفية بجانب النوافذ الكبيرة. كانت المحاضرة طويلة رغم تأخرنا لمدة 10 دقائق, مملة جدا و مليئة بالكثير من المعلومات التي القى بها البروفيسور و لم اتمكن من كتابتها في دفتر ملاحظاتي. تنهدت بيأس و اسندت ذقني على راحة يدي, عابسة بتعب و ملل فظيعين. استند ماثيو على طاولته بيدين مضمومتين الى صدره و مال برأسه باتجاهي ثم همس بصوته العميق الذي بدت اميزه من بين مجموعة:" أتمانعين ان اخذتك في موعد بعد هذا؟"
ابتسمت بسرية, ثم ملت ناحيته و همست كذلك:" اليس لديك اي محاضرات بعد هذه؟"

" لا."

" لا امانع اذا".

ابتسم بجانبية و جلس باعتدال عندما اشار البروفيسور اليه بالطبشور بعد ان لاحظ حديثنا المشوش للمحاضرة.


في الكافيتريا كانت اعين بعض الفتيات مركزة علي بسبب تواجد ماثيو الذي يجلس قبالتي و يتناول فطوره بصمت, نظرت حولي الى الاوجه في القاعة و سقطت عيني على جانيت التي لا تزال لا تبدوا على خير. كانت تجلس برفقة بين الذي يتحدث و ملامحه معقودة, كما توقعت, حدث خلاف بينهما, مجددا. في طاولة اخرى كانت تيفاني مكشره بينما تشير بشوكتها على وجه جيسيكا و يبدوا انها تعاتبها بشأن امر ما, سرعت رعشة سريعة بجسدي بعد تذكر تلك الليلة في النادي الليلي. هززت راسي, و عندما ابعدت نظري عن جيسيكا, التقت عيني بعيني آلي الذابلتين. توقفت انفاسي في حنجرتي لوهلة, لم اعي لما كانت لدي هذه الرهبة الكبيرة منها لكنها كانت تخيفني الى نحو ما بعد حديثها في المطعم قبل عدة ايام, تبدوا كما لو انها مصرة على تخريب علاقتي و هذا ليس بالأمر الجيد اطلاقا.

ادرت راسي و نظرت بعيدا عنها الى الحساء امامي, تنهدت و تناولت القليل قبل ان ارفع بنظري مجددا الى ماثيو:" اذا, اين سنذهب؟"

ماثيو وضع قطعة البيتزا على الطبق و رشف القليل من الكولا قبل ان يجيب بهدوء:" الى السينما".

" يبدوا ذلك رائعا, ماذا سنشاهد؟"

علت وجهة امارات التردد و القليل من القلق, انزل بنظرة الى طبقة محاولا ان يبدوا عاديا عندما اجاب بغير تأكيد:" the notebook؟"

" واو! خيار جيد, جانيت قالت بانه فلم رائع".

تنهد بارتياح ثم ابتسم, مومأ براسه بحماسة هو الاخر. بعد ان تناولنا الفطور تركته ليعود الى السيارة بينما اتجهت انا الى محاضرتي الاخيرة لليوم—اقتصاد. عندما انتهيت منها خرجت كذلك و صعدت على متن سيارته, ابتسم ناحيتي و حرك السيارة باتجاه دار السينما الذي يبعد الكثير عن الجامعة. كان الثلج يغطي المكان بالخارج على شكل كتل في جانب الطريق و على الاشجار العارية و الارصفة, البرد شديد لدرجة انه يتسلل الى العظام مما جعلني اتذكر جو الغابات البيضاء الاكثر برودة.

" ما خطبك اليوم؟"

التفت الى ماثيو الذي رفع حاجبا واحد بتساؤل, قطبت حاجبي و همست:" ماذا تقصد؟"

" لا اعلم... تسرحين كثيرا اليوم, بماذا تفكرين؟"

اومأت بتفهم و استرحت على مقعدي, ثم اجبته بصدق:" لا شيء, كنت قلقة بشأن جانيت لا اكثر."

" لما؟ ما بها؟"

التفت اليه و سألت باستغراب:" الم يخبرك بين باي شيء؟"

صمت لثواني يفكر, ثم هز راسه بلا لكنه تحدث بهدوء بعدها:" لم يقل شيء, لكني اعتقد بانه على خلاف معها فلم يبدوا بخير هذا الصباح."

" الديك فكرة عما قد يكون حدث بينهما؟"

" لست متأكدا, و لكنه ربما بشأن والد بين. على اي حال, هذه ليست المرة الاولى التي يختلفان فيها لذا لا تقلقي, سيكونان بخير بعد عدة ايام, انا واثق من هذا".

توقفت السيارة بعد وقت قصير امام باب السينما, دخلنا الى القاعة و شاهدنا الفلم. كان الفلم جيدا بالنسبة لي, لكن لا اعتقد ان ذلك كان متبادلا مع ماثيو لانه لم يتوقف من النظر الي مما اشعرني بالخجل قليلا. بعد ان خرجنا من السينما كانت السماء صافية تماما, نسيم الهواء البارد يعتنق المكان. مسحت بيدي على معدتي عندما اقتربنا من سيارته و عبست:" انا جائعة."
ضحك بخفوت و فتح الباب لي بينما يقول:" لنذهب الى المنزل, سأعد لك الغداء".

" تستطيع الطبخ!" قلت باندهاش.

اومأ بهدوء, ثم ادار عينيه و دفعني الى السيارة بلطف:" بالطبع استطيع الطبخ, بربك بيلا, انا اعيش وحدي هنا".

ضحكت بخفوت ثم صعدت الى السيارة, اغلق ماثيو الباب ثم صعد خلف المقود و قاد الى منزلة الذي يبعد كثيرا عن منتصف المدينة. قطبت بحاجبي بعدم فهم بعد تفكير مطول بما قاله قبل قليل, استدرت للنظر اليه و سألت:" تعيش وحدك هنا! كنت اعتقد بانك تعيش مع اندي؟"

" لا, اتى اندي لزيارة و حسب, انه يدرس في اوكسفورد".

" اوكسفورد, واو! شقيقك حقا شيء آخر!"

ابتسم ماثيو و قال بشيء من الفخر بشقيقة:" نعم, هو كذلك. كان عليه الدراسة في اوكسفورد ليتمكن من ادارة الشركة بعد والدي."

teany
16-01-2014, 17:00
اومأت بتفهم و نظرت الى الطريق. لم ارى اندي قط, و لا اعتقد بانه سيتمكن من ادارة شركة والدة كذلك, لقد سرق حقيبة جانيت بحق الرب!

" هل يبدوا وسيما مثلك؟"

لم يعرف ماثيو كيف يجيب على ذلك, قام بتقطيب حاجبية و قال بشيء من الشك من اجابته:" يعتمد ذلك على الطريقة التي ترينه بها!"

" أيمكنك وصفه لي؟"

تردد في ذلك, امال برأسه قليلا و ابتسم بخجل:" لست بارعا في الوصف."

" هذا سيء," قلت بهدوء," كيف ستصفني لوالدتك ان سألتك؟"

" سأقول بانك جميلة و لا تحتاجين الى وصف," قال على الفور, مرسلا ابتسامه ساحرة ناحيتي. احمر خدي خجلا و بلعت بصعوبة مما جعله يضحك بخفوت." لست بحاجة الى الوصف بيلز, سترينها قريبا على اي حال."

اجتاحتني الافكار السيئة فور ان قال ذلك, احتضنت نفسي و نظرت بتوتر الى فخذي, سأقابل والدته قريبا, هذا ليس مريحا ابدا! لا يمكنني ان افكر بانها ستعجب بي, عقلي يستمر في نكران كوني جيدة بالنسبة لماثيو... ماذا ان كنت كذلك حقا؟ ماذا سأفعل ان لم تعجب والدته بي؟

" شتتني".

" ماذا؟"

التفت و نظرت اليه, كان ينظر اليه باستغراب فكررت:" شتتني, احتاج للتفكير في امر آخر".

" هل ستبقين في منزلي الليلة؟"

توقفت لثواني و التفت لأنظر اليه باستغراب, هل يعني ذلك حقا؟ ام انه كان يحاول تشتيتي لا غير, لانه نجح فعلا. لم اعرف بما افكر لدقائق, اخذت انظر اليه من وقت الى آخر حيث حل الصمت بيننا. بدا هو غير مرتاح كذلك, كان يعض على شفته السفلي بسرعة و نظرة مصوب الى الامام.

مررت اصابعي بين خصلات شعري قبل ان ارفع راسي و انظر اليه, مرت دقائق طويلة و قد اتضحت اللائحة الكبيرة لمنطقته السكنية:" هل... عنيت ذلك؟"

" اا—اجل."

لا اعلم لما شعرت بالتوتر فجأة, نظرت الى الاسفل و سألت مجددا بصوت مرتعش و خافت:" ألهذا عرضت علي تناول الغداء في منزلك عوضا عن الذهاب الى المطعم؟"

هز راسه بلا و قد عادت نبرته الى الهدوء مجددا:" لا... فكرت بهذا للتو", ابتسم ناحيتي بود و اكمل," لا تقلقي, سنتناول الغداء و اعيدك الى المنزل ان اردت".

اغلقت عيني و هززت راسي بلا:" لا.. لا باس, ربما... سأبقى الليلة".


منزل ماثيو كان كبيرا من الخارج, و جميلا جدا من الداخل. فور ان دخلنا قابلنا درج طويل الى الطابق العلوي حيث اعتقد انه يقود الى غرفة نومه. ممر واسع ابيض اللون بأرضية رخامية و جدران ذهبية مع بعض الزهور اللامعة المنقوشة عليه بحرفية. على يدي اليسرى كان هناك مدخل الى غرفة اخرى كبيرة نوعا ما, الجدران تحمل نفس الزهور الامعة, نوافذ كبيرة مغطاة بستائر سوداء تبدوا غاليه, توسط الغرفة بيانو اسود كبير و على الجانب الاخر من الغرفة تواجدت مكتبة مليئة بالكتب كذلك و مكتب خشبي بجانبها. سرت الى الامام قليلا و نظرت الى المدخل الايمن حيث وجدت غرفة الجلوس الكلاسيكية و المطبخ المفتوح. كان المنزل جذابا جدا, و كبير كذلك مما جعلني استغرب عيشة وحده هنا.

اتجهنا الى المطبخ بعد ان تخلصنا من معاطفنا الثقيلة, جلست على الكرسي و استندت على المنضدة اراقب ماثيو الذي بدء التشمير عن ساعديه:" ما الذي ستعده شيف نيوتن؟"

ابتسم باتجاهي بلطافة بالغة و قال باحترام:" باستا بالكريما خصيصا لك آنسة روز".

ضيقت بعيني و اشرت عليه بإصبعي السبابة ببعض الشك:" هيي, هل كنت تتجسس علي! كيف علمت عن ادماني للباستا؟"

ضحك بخفوت, ثم اجابني بينما يقوم بغسل المقلاة:" استعنت بتيفاني, انها مفيدة حقا."

تيفاني؟ هذا يفسر عدم استيائها من خروجي معه, كما انها مرتبطة حاليا بأوستن لذا لا اعتقد بانها تمانع. بدء ماثيو الطبخ, لم اتمكن من رؤية ما يفعله لانه كان يعطني ظهرة, رغم هذا اعلم بان الباستا تبدوا جيدة من الرائحة التي انتشرت في المطبخ بعد عدة دقائق.

كان ماثيو هادئا جدا, مركزا في ما يعد. بدا جذابا هكذا. شعرت باحمرار خدي فأنزلت نظري الى يدي على المنضدة, كنت لا ازال اشعر بالخجل تجاهه. بدا ذلك غريبا, لكن بشكل لطيف. كنت استطيع سماع صوت دقات قلبي الغير منتظمة, كما انني شككت من قدرته على سماعها ايضا. لم ارفع راسي الى بعد ان سمعته يقترب من المنضدة, عندما رفعت نظري كان قد وضع طبق الباستا امامي ثم اتجه الى الخزانة العلوية و اخرج كأسيين زجاجيين و سكب بهما القليل من النبيذ الاحمر ثم عاد الي و على وجهة الوسيم ابتسامه عريضة.

" نبيذ؟"

" نعم, انه موعد صغير".

ابتسمت ابتسامه صغيرة و امسكت بشوكتي, معدتي بدأت تلتهم نفسها بعد ان ملئت رئتي من رائحة الباستا بالكريمة امامي:" تبدوا لذيذة كما تعلم".

" جربيها".

رفعت نظري و غضنت انفي بمزاح:" سأقاضيك ان لم تكن لذيذة!"

ضحك بخفوت و أومأ باتجاه الطبق:" لا بأس, لنسمع رأيك يا آنسة."

اخذ الشوكة من يدي و طعن بها بعض من الباستا ثم قرب الشوكة من فمي, قضمت الباستا ببطء و اتسعت عيني بدهشة. عندما قال بانه يجيد الطبخ لم اعلم انه بهذه المهارة! كان طعم الباستا لذيذا جدا, اخذت الشوكة من يده و قلت بينما اطعن بعض من الباستا:" هذا لذيذ جدا".

لكنه لم يجبني بل ضحك بخفوت و اخذ يتناول الغداء كذلك, نظرت حولي الى المنزل الكبير مجددا ثم رشفت القليل من النبيذ قبل ان اعرب:" تملك منزلا رائعا".

وضع ماثيو كأسه على المنضدة و نظر حوله كذلك:" همم, امي قامت باختياره. كان بإمكاني السكن في سكن الجامعة او شقة صغيرة لكنها رفضت ذلك, قالت باني بحاجة الى مساحة واسعة لابقي عقلي منفتح .. تسك. لا يعجبني ذلك, المنزل كبير لي وحدي".

" اذا, انت تكره العيش في منازل كبيرة؟"

" لا, لكن سيكون الوضع افضل لو شاركني اندي السكن, او انتقلت والدتي الى هنا. كل ما في الامر ان العيش في منزل كبير كهذا ممل جدا".

بعد تناول الغداء ذهبنا الى غرفة الجلوس و شاهدنا التلفاز, تحدثنا عن عائلتي و عائلته, و عن الكثير كذلك الى ان بدء المكان يظلم في الخارج و اشعلت الانوار بالداخل مما جعلني اتذكر امر مكوثي هنا الليلة فأعاد ذلك التوتر لي.

بدء هاتفي بالرنين فاستأذنت ماثيو و اتجهت الى غرفة البيانو و اجبت المتصل الملح و الذي لم يكن احدا سوى جانيت:" اهلا جانيت, هل انت بخير؟"

" بالطبع انا بخير, اين انت بحق الله؟"

التفت و نظرت الى ماثيو في غرفة الجلوس, كان جالسا بأريحية على الاريكة يتابع برنامجا هزليا في التلفاز:" في منزل ماثيو".

" حقا! منذ متى؟"

" الواحدة ظهرا... ربما, ذهبنا الى السينما ثم عرض علي تناول الغداء في منزله".

" ذلك لطيف حقا", قال جانيت بحماس ثم اضافت ببعض من الشك و الدراية:" هل انت قادمة الى المنزل الليلة؟"

" لا... ماثيو طلب مني البقاء في منزلة".

قهقهت بلطافة ثم سألت:" فعل هذا حقا! انه لطيف فعلا. و كيف تشعرين حيال هذا؟"

" لا اعلم, جانيت. انا متوترة حقا, ما الذي سأفعله هنا طوال الليلة؟"

" ما يفعله كل عشيقين يا ذكية!"

عبست بوجهي من ذكر ذلك و قلت معاتبه:" انت لا تساعدينني على الاطلاق, جانيت".

" لا تقلقي, سيكون كل شيء على ما يرام. على اي حال, سأتصل بك غدا, عليك ان تخبريني بكل شيء في الجامعة, حسنا!"

" حسنا—"

لم يتسنى لي الحديث عندما صرخت بـ وداعا! ثم اغلقت الخط, تنهدت بيأس و عدت الى غرفة الجلوس. اعتدل ماثيو في جلسته عندما لمحني اقترب, و فور ان جلست رفع حاجبا واحدا و سأل:" اذا؟"

" جانيت," قلت بهدوء," انها تتساءل ان كنت سأعود الى المنزل... الليلة."

" و هل تريدين ذلك؟"

التفت لأنظر الى ملامحه الهادئة و المسالمة, ابتسمت بخفة و أومأت ببطء:" سأبقى هنا."

ابتسم هو بلطف و التفت للنظر الى التلفاز مجددا, مر وقت طويل علينا نشاهد البرنامج الهزلي ذاك, كان مضحكا الى حد ما. بعد فترة كنت قد شعرت بالنعاس فتثاءبت و ارحت راسي على فخذي ماثيو بأريحية, و بدء هو على الفور بمداعبة خصلات شعري التي استرسلت على حضنه:" ما الذي تفعله بالعادة ان كنت وحدك في المنزل؟"

" ادرس," اجاب على الفور, ثم اضاف بينما يمد يده و يمسك بيدي," بالعادة اخرج من المنزل و لا اعود الا منتصف الليل, اقضي يومي اما في منزل بين او جون."

" انتم مقربون جدا".

" نعم, يمكنك قول ذلك."

فجأة سرت براسي الكثير من الاسئلة, اجتاحني فضول كبير فبدأت بالسؤال لأصمت فضولي:" هل لاحظتني قبل ان نتقابل في مقهى التنين؟ اعني في الجامعة, هل فعلت؟"

" نعم," اجاب بهدوء," رايتك مرار في محاضرات البروفيسور ستيوارت, كما ان بين تحدث عنك كثيرا. اعرفك بسببه, فهو يذكرك فور ان يلمحك برفقة جانيت—حسنا, هو في الغالب يتحدث عن جانيت, لكنه يذكرك كذلك."

" ما كان انطباعك عني؟"

" أتريدينني ان اكذب ام اقول الحقيقة؟"

راودني شعور سيء فعبست هامسة:" اكذب ارجوك!"

" لم اطقك ابدا," اجاب على الفور.

استغربت من جوابة فجلست على الفور و رمقته بعدم فهم:" ماذا؟"

هز كتفيه بخفه:" أردتني ان اكذب".

نظرت اليه بشك, لكنه كان لا يزال ينظر بهدوء الي:" ما الحقيقة اذا؟"

شقت ابتسامة لطيفة شفتيه, رفع يده و داعب خدي بينما يقول بصوته العميق الجذاب:" انك جميلة جدا و انني غبي لأنني لم الاحظك قبل آلـ... تعلمين ما اقصد."

احمر خدي خجلا, لم استطع الرد عليه على الفور فخجلي سيطر علي. نظرت الى الاسفل بعيدا عن نظرته الساحرة, اعلم بانني محمرة خجلا و ان قلبي ينبض بطريقة غير طبيعية لكن الطريقة التي تفوه بها بذلك جعلتني غير قادرة على التفكير لثواني. ثم تذكرت ليلة لقائنا في مقهى التنين فتغيرت ملامحي الى العبوس و رفعت نظري مجددا اليه:" اذا لما مثلت عدم معرفتك بي في المقهى؟"

" كنت متفاجئا من انك لم تتعرفي علي, لذا فكرت بانه اذا ما مثلت ام لا فانت لن تتعرفي علي مطلقا".

عضضت على شفتي السفلي بخجل و غضنت انفي:" هل.. هل علي ان اعتذر عن ذلك! لأنني حقا آسفة."

ضحك بخفوت و هز راسه بلا, ثم بدء يقترب مني بهدوء الى ان لامست شفتيه شفتي. رفع يده الدافئة و احتضن بها خدي, تخللت اصابعه شعري عندما سحبني اقرب اليه. كانت القبلة ستدوم اطول لولا ان بدء هاتفة بالرنين و عكر صفو كل شيء. تأوه ماثيو بغيض عندما ابتعد عني و سحب هاتفه من جيب بنطاله, تنهد بيأس عندما قرأ اسم المتصل و ادار عينه بينما يجيب على المتصل.

لم يتحدث بشيء, بل اغلق عينيه بملل مستمعا الى المتصل, لكن سرعان ما تغيرت ملامحه الى الدهشة عندما قال:" يوم الجمعة!!"

" اليس هذا مبكر جدا؟" كانت نبرته مليئة بالانزعاج و القليل من القلق و الرفض," لكنه لا يزال في سنته الثانية في الجامعة."

مررت اصابعي بين خصلات شعري, ثم التفت لأنظر الى ماثيو الذي كان يهمهم لكل ما يقوله ذلك المتصل, كانت مجرد دقائق حين رفع نظرة الي لثواني قبل ان ينظر الى يده مجددا و يجيب بهدوء:" انا مع عشيقتي," قطبت حاجبي عندما فعل هو ذلك ايضا, بدا منزعجا جدا عندما تنهد بيأس و كشر بوجهه," امي ارجوك, ستقابلينها قريبا, حسنا!"

والدته, عادت الي كل تلك الافكار السيئة مجددا, و بدأت استمع اليه جيدا:" ايزابيلا روز, لا امي, لا تعرفينها, لكنك ستقابلينها عما قريب... نعم, في الزفاف," تنهد مجددا," لا بأس, سأحضرها معي لا تقلقي. حسنا, وداعا".

" والدتك؟" قلت فور ان اغلق هو الهاتف.

" نعم, تقول بان حفل زفاف اندي يوم الجمعة."

قلت باستغراب:" حفل زفاف اندي؟"

مسح ماثيو شعره الى الخلف لكنه تمرد الى الامام مجددا, مخفيا جبينه و حاجبية:" نعم, سيتزوج من فتاة قابلها خلال دراسته هناك,... كما انها تريد منك الحضور الى الزفاف, لتقابلك."

" يوم الجمعة هذا؟"

" نعم, سيعقد حفل الزفاف في بورت انجلوس في منزل خطيبته... هل انت قادمة؟"

اجبته بتردد:" اعتقد هذا."

مد يده و مرر اصابعه الطويلة بين خصلات شعري, دافعا بها الى خلف اذني ثم ابتسم:" لا تقلقي بشأن والدتي, حسنا! سنستمتع بوقتنا هناك."

أومأت بهدوء, اقترب مني و طبع قبلة على خدي قبل ان يقف و يمسك بيدي مما جعلني اقف كذلك, سألت باستغراب بينما نسير الى خارج غرفة الجلوس باتجاه الدرج:" الى اين سنذهب؟"

" انها العاشرة مساءا, اعتقد بانك متعبة," انزل بنظره الي و ابتسم بخفه," سنذهب الى غرفتي."

rand issa
17-01-2014, 12:40
حجز طويييل جدا لكن قلبي اوفكري معاك يا روز سيطري علي نفسك لكن البارت قصير وانا متحمسة لاري ماذا سيحدث يبدوا ان الاحداث بدات تتطور اووووه لكن قلبي الصغير لا يتحمل هههههههه
تقبلي مروري مع تحياتي لك

rand issa
17-01-2014, 12:40
حجز طويييل جدا لكن قلبي اوفكري معاك يا روز سيطري علي نفسك لكن البارت قصير وانا متحمسة لاري ماذا سيحدث يبدوا ان الاحداث بدات تتطور اووووه لكن قلبي الصغير لا يتحمل هههههههه
تقبلي مروري مع تحياتي لك

teany
14-02-2014, 18:31
" 08 "

غرفة ماثيو كانت تختلف تماما عن الفخامة في الخارج, فحتى مع كبر المنزل و ترتيبه المتقن, كانت غرفة نومه كغرفة نوم اي فتى اعزب. خديه كانا محمرين من الخجل قليلا على مظهر الغرفة الواسعة, الغطاء الذهبي لم يكن على السرير بل على الكراسي المنتفخة امام التلفاز, طبق به القليل من بقايا الفشار و قوارير المشروبات الغازية الفارغة بجانبه, اشرطة العاب الفيديو مبعثرة هنا و هناك و بعض الكتب الخاصة بالجامعة مفتوحة و موضوعة على الارض.

وضع ماثيو يده خلف عنقه و قال بخجل:" آسف بشأن هذا," ثم بادر بترتيب المكان.

اطلقت ضحكة مكبوتة قبل ان اتجه و ابدا بمساعدته في ترتيب المكان رغم رفضه لذلك, بعد ان انتهينا, اتجه ماثيو الى غرفة الخزانة و بدء البحث عن ما قد يناسبني من ملابس حتى استطيع النوم بأريحيه. عندما عاد مجددا, كان يمسك بيده بنطال رمادي ثقيل و قميص اسود:" انها للورين, اعتقد بانها ستناسبك."

لورين شقيقة ماثيو الكبرى, في السابعة و العشرين بعمر شقيقتي ماري. شكرته بعد ان اخذت الملابس من يده و اتجهت الى الحمام, كنت لا ازال اشعر بتوتر كبير كوني سأمكث الليلة هنا, و سأنام على سرير واحد معه. امر لم اتوقعه ان يحدث, لكنه حدث فعلا. ففور ان خرجت من الحمام, كان ماثيو يجلس على السرير بهدوء, مرتديا ملابس النوم و مستعدا تماما للغطس في ارض الاحلام. اشار لي ان اقترب و اجلس بجانبه و فعلت بتردد, كان تفكيري يتمحور في ما اذا كان هو نفسه يشعر بالتوتر كذلك ام انه انا وحدي من تكابر في الموضوع.

كان المكان هادئا تماما عندما استلقينا على السرير تحت الغطاء الدافئ, همس ماثيو بـ تصبحين على خير قبل ان يطبع قبلة على جبيني و يستدير لينام. عيني كانتا موجهتين للنوافذ المفتوحة, و الستائر التي تتحرك بفعل الرياح الباردة في الخارج. عادت بي ذاكرتي الى الغابات البيضاء عندما كنت في التاسعة, كنت اخاف كثيرا من تحرك الستائر ليلا لان خالتي روزالي كانت تتحدث عن كون شبح مخيف يختبئ هناك خلافا عن شبح ماركوس الذي يقطن تحت السرير—تنعته بذلك لان شقيقي ماركوس كان دائما ما يختبئ تحت السرير حتى لا يضطر للذهاب الى المدرسة في الصباح.

اذكر ان والدي قد اطفئ الانوار تلك الليلة لانه اعتقد بأنني كبيرة كفاية للنوم في الظلمة, لكنني بكيت بعد ان عم الهدوء ارجاء المكان و بدأت الستائر بالتحرك مفزعة والدتي التي اسرعت الى غرفتي و ضمتني اليها. كانت قد سألتني عن سبب بكائي و عندما اخبرتها عن حكاية الخالة روزالي كانت امي قد قطعت وعدا ان تنهر شقيقتها الصغرى عند حلول الصباح, لكنها في ذلك الوقت ابتسمت لي و بدأت بإخباري ان الشبح خلف الستائر تبين انه جنية جميلة تريد مصاحبتي و حسب, و كوني ساذجة في طفولتي صدقتها و غفوت بهدوء.


في عمق هوة سوداء, كنت اغرق. لم استطع رؤية اي شيء لان كل ما هو حولي سواد في سواد. صوت ازيز صدع في المكان, استدرت حولي باحثة عن مصدر الصوت لكنني لم اجد شيئا, لم اجد اي مخرج من هنا. اعلم بانني اسقط رغم عدم وجود اي مرتفع او منخفض, لا سقف, و لا جدران, و لا جوانب, كل ما هو موجود هو سواد حالك و برودة قارسة. اتساءل ان كنت تسقط للانهاية الى الابد و لا تلمس الارض, هل لا يزال يعتبر ذلك سقوطا؟

ضوء ساطع اتى فجأة و عندما فتحت عيني مجددا وجدت نفسي اقف بين ازدحام سير كبير تحت مطر غزير, السيارات من حولي تمر بسرعة لدرجة اني كدت افقد توازني. و بعيدا هناك على الرصيف, كان يمشي بهيئته الطويلة و العريضة, راسه منحني الى الاسفل بحزن واضح و يديه تختبئ في جيب معطفه, كنت متأكدة مئة بالمئة بانه هو, يسير الى مكان ما و يختفي خلف الضباب.

قادتني قدمي اليه, كنت اجري و اصدم بالمارة الذين يرمقونني بوجوه مخيفة خالية من اي ملامح جعلت من جسدي يرتعش. و كان هو هناك, يقف امام صندوق البريد و قد رمى مغلق بني بالداخل. كان حزينا جدا, بشرته شاحبة و شعرة مبتل بفعل المطر الغزير و الدخان الرطب يخرج من بين شفتيه المرتعشتين. رفع نظرة الي, لم يكن متفاجئا, لكن نظرة الانكسار في عينيه زادت سوءا, تنهد بهدوء ثم همس بحزن عميق:" آسف." و بعدها استدار و سار مبتعدا.

فتحت فمي لأنطق لكن لم يخرج اي شيء و وجدت نفسي اجري باتجاهه مجددا, كان بعيدا عن قبضة يدي و شعرت باليأس. كان بعيدا, بعيدا جدا ما جعلني اخشى فقدانه. لكنه توقف و استدار لينظر الي مجددا, و فور ان لامست اصابعي وجهة تحول الى رماد ابيض و اختفى كما لو انه لم يكن موجودا اصلا.

جفلت من النوم بعينين واسعتين و نفس متقطع, التفت لأنظر الى جانبي و تنهدت بارتياح, ماثيو لازال هنا, نائما بهدوء تام. مررت اصابعي بين خصلات شعري المتشابكة و عدت لأستلقي بجانبه, أتأمل ملامح وجهة الوسيم. كان هادئا جدا, بدا كملاك نائم. مررت رؤوس اصابعي على حاجبية, ثم اعلى جسر انفه نزولا الى شفتيه المنتفخين ثم ابتسمت بلا وعي. يبدوا جميلا و هو ساكنٌ هكذا, بديع جدا.

لم انتبه الى نفسي الا عندما اصدر هاتفة رنينا معلنا وقت النهوض, اخرج ماثيو تنهيدة قصيرة بعد ان جفل جسده قليلا من صوت الرنين. ابتعدت قليلا عنه و اغلقت عيني متصنعتا النوم. شعرت بماثيو يتحرك, اغلق المنبه ثم عاد ليستلقي مجددا, لكني لا ازال لم اتحرك او افتح عيني. دقائق و شعرت بشفتيه على جبيني, ثم ابتعد و نهض من السرير. عضضت على شفتي بخجل, اعلم ان خدي محمرين الان و اشكر الرب ان ماثيو ليس هنا ليراني بهذه الحال.

بعد ان شعرت بان قلبي قد هدء و ان خدي قد استرجعا لونهما العادي فتحت عيني و نظرت في ارجاء الغرفة, سمعت صوت الباب يفتح و عندما نظرت خلفي كان ماثيو قد خرج للتو من الحمام. نظر نحوي و ابتسم ابتسامة عريضة, مرر اصابعه بين خصلات شعره المبلل و اقترب نحو السرير حيث سحبت جسدي المتعب الى وضعية الجلوس.

" صباح الخير," همس بعد ان قبل وجنتي ثم استقام في وقفته." سأنتظرك في الاسفل."

اومأت له بمواقفة و تبعته بنظري الى ان خرج من الغرفة, وضع يدي على قلبي و تنهدت, ماثيو دائما ما ينجح في جعل قلبي ينبض بطريقة هستيرية.


" ما الذي حدث بالأمس؟"

جفلت فور ان ظهرت جانيت من لا مكان و امسكت بيدي بإحكام, كانت تبدوا اكثر اشراقا اليوم و ابتسامتها عريضة جدا. كما ان ملابسها تحمل بعضا من البهجة في تنسيقها ما يعني امرا واحدا, جانيت قد حلت سوء التفاهم بينها و بين بين.

" لا شيء يذكر," همست بهدوء لكن اجابتي لم تعجبها.

عبست بعدم رضا و بدأت بالتذمر:" بربك بيلا, بالطبع امر ما حدث! هيا اخبريني."

تنهدت بهدوء لكني لم الاحظ ان تنهيدتِ كانت طويلة و متعبة, اعتقد ان ذلك كان بفعل تفكيري المطول في الكابوس الذي راودني بشأن ماثيو. لا اعلم ما كان ذلك, لكن شعور سيء راودني فور ان سمعت النشرة الجوية في الراديو في طريقي الى الجامعة هذا الصباح. ستمطر بغزارة اليوم, هل يمكن ان تكون هذه اشارة لكارثة ما؟

" ماذا هناك؟" كما توقعت, جانيت كانت قوية الملاحظة لتكتشف وجود خطب ما في, ربما كان هذا بسبب صداقتنا الطويلة, لكنها كانت جيدة جدا في الملاحظة." راودك حلم آخر, صحيح؟"

اومأت بهدوء, فبادرت بالسؤال:" ما هو؟"

اخبرتها عن الحلم الغير مطمئن طوال طريقنا الى قاعتها, فور ان انتهيت حتى احتلت ملامحها تكشيرة. توقفنا امام باب القاعة و قد نظرت الي بتفكير, لم تعلم اي منا ما قد يعنيه ذلك الحلم, كل ما نعرفه انه امر غير مطمئن ابدا. تنهدت بعد ان تعبت من التفكير و مسحت على كتفي:" لا تقلقي عزيزتي, ستكون الامور على ما يرام."

" أتمنى هذا."

ودعتني بهدوء قبل ان تدخل الى القاعة, زممت شفتي و سرت الى قاعتي كذلك. مرت ساعة كاملة في المحاضرة, فور ان انتهى البروفيسور من حديثة خرجت من القاعة و اتجهت الى الاستراحة لأني لم اكن اشعر بخير. اتجهت الى المغسل و مسحت وجهي بالماء البارد لأخفف من الدوران الذي شعرت به.

" أوه! انها انت."

رفعت نظري الى المرآة و نظرت الى آلي التي دخلت للتو, رمقتني بنظرة متكبرة لكني تجاهلتها و عدت لأنظر الى الماء و هو ينسحب من الحوض. وقفت هي على المغسل المجاور, و تحدثت بهدوء بينما تعيد وضع مساحيق التجميل على وجهها:" سمعت بأنك قضيت الليلة في منزل ماثيو."

توقعت هذا, اخرجت تنهيدة ملل بينما اجيبها:" نعم, فعلت."

" انت شجاعة حقا بيلا," قالت بينما ترمقني بنظرة مريبة من خلال المرآة مع ابتسامة جانبية," تحذيري لم يؤثر فيك ابدا."

" اسمعي آلي, لقد اخبرتك مسبقا, فقط دعينا وشئننا. انه ليس و كأنك ستعودين اليه اذا هجرته."

تأوهت ثم التفتت لتقابلني ضامة يديها الى صدرها:" هذا ليس مهما, ايزابيلا. انا اكرهك, لا اطيق رؤيته معك, هناك الكثير من الفتيات الاخريات من هن افضل منك بكثير."

" لا يهمني ان كنت تكرهينني ام لا, آلي, كل ما يهم ان ماثيو يبادلني الحب ذاته. ما قلته صحيح, يستطيع الخروج مع اي فتاة يشاء وقد اختارني انا, صدقي ام لا. يا الهي, انت مستحيلة!"

تغيرت ملامح وجهها الى شيء آخر مريب, امالت برأسها قليلا و رفعت حاجبا واحدا بينما تقول بثقة:" انت ساذجة حقا, ايزابيلا. ماثيو لا يحبك, اعرفه جيدا فقد قضيت معه ثلاث سنين عكسك تماما, اعرف متى يحب بصدق. في حالتك, هو فقط يريد قضاء بعض الوقت بعيدا عنك, عبوسه في كل مرة يراني فيها مع هاربور دليل على انه لا يزال يحبني و يحاول تجاهل ذلك بالتسكع معك و لأنك ساذجة تماما فسرت ذلك على انه حب."

لم ارد عليها, لم اعرف ما اقول. اتسعت ابتسامتها مكرا و اعربت:" بالإضافة الى انه لا يثق بك, لذا عزيزتي, تنحي جانبا و حسب."

" بل هو يثق بي, آلي."

" اثبتي ذلك," قالت بنبرة تحدي.

فتحت فمي لأعرب بشيء يسكت غطرستها لكني لم اجد شيئا لذا التزمت الصمت, بدا الوضع مهينا بحقي." و الان, دعيني اثبت لكي بأنه لا يزال بهتم بي, و انه لا يثق بك ابدا."

راقبتها بصمت, ارتني اظافرها الطويلة كالقطط و بحركة سريعة غرست اظافرها في خدها و جرحت نفسها مما جعلني اطلق صرخة صغيرة:" هل انت مجنونة!!"

لكنها لم تبدوا متأثرة بالألم حقا, ابتسمت لي و الدم يسيل من الجرح في خدها:" راقبي جيدا, ايزابيلا."

خرجت من الاستراحة لكني لم اتبعها, كنت لا ازال مصدومة من حركتها المجنونة تلك, لكن فور ان عادت الى مسامعي نبرتها المتحدية تلك سارعت الى الباب و خرجت منه لأتسمر مكاني. كان ماثيو يقف على بعد بعض طلاب مني, عينيه متسعين بشيء من الدهشة عندما نظر الى آلي التي تتصنع البكاء امامه. التفت بعد بضع ثواني و نظر الي من بعد, لم اعرف ما افعل, بدوت المذنبة حقا, تنهد ماثيو و هز رأسه بضيق ثم سار مبتعدا جارا آلي التي رمقتني بنظرة خبيثة معه.

شعرت بحرقة شديد, مررت اصابعي بين خصلات شعري و نظرت الى الاعلى محاولة كبت دموعي الحارة. هو لا يثق بي, آلي محقة. اغلقت عيني و حاولت عدم البكاء لكني في النهاية فعلت و بصمت. مر على وقوفي هناك بجانب باب الاستراحة فترة طويلة و انا احارب دموعي, افكر بكل ما قالته آلي و اشكك بحب ماثيو الي.

هل يحبني حقا؟ ام انني مجرد دمية بالنسبة اليه؟ كان هذا ما يشغل تفكيري المتعب, ثم ذلك الحلم المريب عاد ليحتل تفكيري, ربما هذه اشارة اخرى, ربما ينهي ماثيو علاقته بي و يذهب بعيدا تماما كما حدث في الحلم.

" بيلا؟"

فتحت عيني لأقابل ماثيو امامي, مسحت دموعي بسرعة و نظرت بعيدا عنه, هل سينهي علاقته بي الان؟ اخرج تنهيدة قصيرة, و عندما عدت للنظر اليه كان يرمقني بهدوء, يقضم شفته السفلي بشيء من التردد.

" انا لم افعل ذلك بها, ان كنت تتساءل."

" اعلم," همس بهدوء, نظرت اليه بدهشة لأني لوهلة اعتقدت بانه يكبت غيضة وحسب." اعلم بأنك قد تكونين ساذجة قليلا, و لكنك لست عدائية."

" ماثيو..."

" انا لا افهم آلي ابدا, بدأت اشك في كونها قد فقدت عقلها او شيء من هذا القبيل," همس لنفسه اكثر من كونه تعليقا موجها الي.

قطبت بحاجبي فأنا لا ازال في حيرة مما يحدث هنا, اذا هو ليس غاضبا مني؟ لا افهم, اليس الامر مريبا قليلا كوني كنت الوحيدة برفقة آلي و اصابع الاتهام كلها تشير الي!

" الست غاضبا مني؟"

" لما علي ذلك؟"

" الا تعتقد بأني قد اكون من آذى آلي هكذا!" سألت مجددا.

اطلق ماثيو ضحكة قصيرة جدا عندما علم ما اعني, رطب شفتيه ثم ابتسم ناظرا الي:" رغم ان ما رأيته كان يشير الى كونك انت الفاعلة, لكنني اعلم يقينا بانك لم تفعلي ذلك.. ابدا. اعلم انك متضايقة من آلي, لكني اعلم كذلك بأن آلي مجنونة لتفعل اي شيء حتى تبعدك عني," ضحك بخفوت مرة اخرى عندما لاحظ ملامحي المتغيرة." بربك بيلا, انا اثق بك كثيرا لأعلم بانك لم تفعلي ذلك."

" انت رائع حقا ماثيو..." قلت بلا وعي.

ابتسم ماثيو بخفة, ثم ضمني اليه و همس:" اعلم هذا ايضا."

وكزته و قلت بتكشيرة بينما ابتعد عنه:" مغرور."

هز كتفيه بلا مبالاة, و عندما ابتسمت له بهدوء بادلني بابتسامة عريضة.

teany
20-02-2014, 14:26
" 09 "

كانت السماء صافية بالخارج عندما توقفت السيارة امام المركز التجاري, رغم هدوء الجو و بروز الشمس في السماء كنت لا ازال اشعر بالبرودة تأكل عظامي. سرت بجانب ماثيو الى داخل المركز المكتظ, كان علينا شراء فستان من اجل حفل زفاف اندي غدا—كما اصر ماثيو—لذا اتينا الى هنا. امسك ماثيو بيدي بينما نظرية يتجولان في ارجاء المركز الصاخب, بينما سرت انا بسكون بجانبه. لم اكن من محبي الحفلات و التسوق و الفساتين و الزركشات و غيرها لكني كنت مضطرة للقدوم اليوم, رغم اني اخبرته بأنني امتلك كمية من الفساتين في الخزانة—جميعها ابتاعتها جانيت لي و لم ارتدها—لكنه قال ببساطة انه يريد شراء واحد لي و حسب.

دخلنا احد المحلات الخاصة بفساتين السهرة, اخذت انظر حولي الى الفساتين المتوزعة في المكان, و عندما رفعت نظري باحثة عن ماثيو لم اجده. قطبت حاجبي و سرت بسرعة في الممر الذي يفصل بين فساتين السهرة و فساتين الحفلات العادية الى ان اصطدمت بظهر احدهم.

" ما الذي دهاك بيلا؟"

رفعت نظري الى من اصطدمت به و تبين انه ماثيو مقطبا حاجبيه, زفرت و ضممت يدي الى صدري:" اين ذهبت, كنت ابحث عنك؟"

رفع حاجبا واحدا و نظر الي بطريقة غريبة جعلتني ازفر مرة اخرى مستسلمة, عاد هو ليبتسم من جديد, رفع يدية التي كانت تحمل ثلاث فساتين مختلفة و وضعهن بين يدي بينما يقول:" جربيها, ليس لدينا وقت."

زممت شفتي و اتجهت الى غرفة التبديل بملل, لا اعلم لما هو متحمس هكذا بشأن الزفاف لكنه يبدوا مريبا. نظرت الى الفساتين الثلاث المعلقة امامي و مددت يدي لأمسك بأولهم, ارتديته بصمت. كان ضيقا و كاشفا اكثر مما ستر ما جعلني غير مرتاحة فيه, لونه الاحمر جعلني ابدوا كجيسيكا مما جعلني أتأوه. ترددت في الخروج لكني فعلت و بخجل لان الفستان كان قصيرا جدا.
عندما توقفت في الخارج بدء ماثيو بمعاينتي بحرص مما جعلني اقضم اصبعي الصغير بتوتر, سار حولي بيدين مضمومتين الى صدره ثم تنهد بتكشيرة على وجهه عندما توقف امامي:" كاشف جدا, التالي."

غضنت انفي و عدت الى داخل الغرفة مجددا لأبدل الى الفستان الابيض, كان سيكون متناسقا و جميلا لو كانت بشرتي اغمق, لكني الان ابدوا كشبح ببشرتي البيضاء. خرجت من الغرفة و نظرت الى ماثيو الذي تأملني قليلا ثم مد شفته السفلي بلطافة معربا:" اندي سينزعج ان حضرتي الزفاف هكذا."

" لماذا؟"

قال بجدية:" ستكونين اجمل من زوجته!"

" ارجوك! ابدوا كالشبح!"

هز راسه بلا و ابتسم بلطف:" لا تبدين كشبح بيلا, بل ملاك."

احمر وجهي خجلا, شعرت بأعين العاملين تنظر الي عندما طبع ماثيو قبلة على خدي. اسرعت عائدة الى الداخل بخجل كبير, ذلك الماثيو, ماهر جدا في احراجي! غيرت الى آخر فستان و الذي كان من الدانتيل الاسود, بدا رائعا جدا و قد اعجبني كثيرا. ابتسمت بثقة و انا انظر الى نفسي في المرآة, رغم عدم حبي للفساتين الا ان هذا الفستان رائع حقا.

خرجت من الغرفة و وقفت امام ماثيو مجددا, ابتسمت و همست:" ما رأيك؟"

عض ماثيو شفته السفلي بوسامة ثم اقترب مني و شدني اليه بلطف من خصري, اقترب من اذني و همس:" يعجبني هذا اكثير," ثم لامست شفتيه عنقي لدقائق شعرت بها بان العاملات هنا سيقتلعنني من مكاني و يرمينني في الخارج.


كانت السماء داكنة عندما وصلنا الى المنزل, كنا قد ابتعنا كل ما نحتاجه لحفل الزفاف—ثوب لي, بدلة لماثيو, و هدية لأندي و زوجته. عند دخولنا, قادني ماثيو الى غرفة المكتب و اشار لي بالجلوس بينما اتجه هو الى المكتبة بينما يقول بصوت معتدل:" سألتني ان اوصف لك اندي, وجدت هذا الالبوم بالأمس لتريه."

عاد الي و بيده البوم صور متوسط الحجم, جلس بجانبي على مقعد البيانو و قلب صفحاته الى ان توقف مشيرا الى صورة طولية. في الصورة, وقف ماثيو صاحب العشر اعوام بابتسامة عريضة على وجهه, و يده تحيط بفتى آخر اقصر قامة قليلا و اشقر الشعر بعينين خضراوين و بشرة اغمق قليلا:" هذا اندي, كنا في الابتدائية حينها."

" تبدوان متشابهين."

قلبت الصفحة و ظهرت صورة له و اخوته جميعهم, وقفت لورين بالخلف, كانت تبدوا في السابعة و تنظر بابتسامة صغيرة على وجهها الى الكاميرا. امامها جلس ماثيو صاحب الاربع سنوات مبتسما بأربعة اسنان صغيرة, بجانبه اندي المشغول بقضم سيارة لعبة و في حضنه طفلة صغيرة بفستان زهري و شعر قصير اشقر و عينين خضراء واسعتين كاندي.

" من هذه؟"

ابتسم ماثيو بخفة:" تيسا."

" كم عمرها؟ تبدوا صغيرة هنا جدا."

" لا تزال في الثانوية, في سنة التخرج."

هذا يعني انها في الثامنة عشر, اومأت بتفهم ثم قلبت الصفحة مجددا لتظهر صورة لوجه مألوف لسيدة تبتسم محتضنة تيسا التي ترتدي زي المدرسة الاعدادية. ضيقت عيني على الصورة, ثم انتابتني صدمة طفيفة عندما عادت بي الذكرى بسرعة خاطفة:" هذه والدتك؟" عندما اومأ خرجت كلماتي على شكل همس." اعتقد بانني قد سبق و قابلت والدتك, مات."

" متى حدث هذا؟" سال باستغراب, كان يرمقني بنظرة دهشة كالتي املكها الان.

" اتذكر عندما اتيت لاصطحابي من ملهى ميراندا الليلي؟" أومأ مجددا," قبل ان اذهب الى هناك, كنت برفقة جانيت في الحديقة العامة و صادف ان سارت والدتك بجانبنا و هي تحمل اكياس بقالة, بعد ان ساعدتها قالت بانها اتت الى المدينة لتزور ابنها."

شقت ابتسامة عريضة شفتيه:" هذا امر جيد, انتِ تروقين لها. فقد اخبرتني بانها قابلت فتاة لطيفة قد ساعدتها ثم بدأت تتذمر من اللواتي لم يفعلن."

اخرجت تنهيدة ارتياح لم اعلم باني كنت اكتمها مطولا, هذا امر جيد, اعتقد بانها ستعجب بي... حسنا اتمنى ان يحدث ذلك فعلا." حسنا, بما انني سأقضي الليلة هنا, عليك ان تجيب على كل ما اسأل!"

ضحك بخفوت, ثم أومأ برأسه:" هاتي ما عندك."

نظرت حولي بتفكير, هناك الكثير مما اريد معرفته عنه. توقف نظري الى البيانو خلفي, ابتسمت ثم عدت للنظر اليه:" هل تجيد العزف على البيانو؟"

" قليلا," ابتسم ثم استدار بجسده ليصبح مواجها للبيانو و نظر الي بجانبية," هل تريدينني ان اعزف لك؟"

" من فضلك."

اخذ يعزف برتابة, تحركت انامله على المفاتيح بخفة صانعتا موسيقى هادئة, ابتسمت بخفة على اللحن الجميل, و احمر خدي قليلا بعد ان حملقت به مطولا, كم بدا وسيما و هو يعزف بسكون هكذا. عندما انتهى صفقت على الفور مما جعلة يضحك بخفوت:" كان ذلك رائعا حقا."

" شكرا."

" منذ متى و انت تعزف؟" سالت بفضول, موسيقاه قبل قليل كانت عذبة و رائعة جدا.

" عندما كنت في الثانية عشر, سجلت والدتي اسمي في مسابقة للعزف و وضعت مدرب خاص من اجلي," ثم اضاف بنبرة منبهرة و بها القليل من عدم التصديق مما يقوله," حدث ذلك كله في شهر واحد."

" و ماذا حدث؟ هل فزت بالمسابقة؟" قلت بحماس.

" بالطبع لا," ضحك بخفة." كنت في ضغط كبير. تدربت لشهر واحد و قد كان مريعا حقا!"

" والدتك استاءت من ذلك على ما اعتقد؟"

" اجل," اخرج تنهيدة قصيرة." كانت تعتقد بانني خسرت عمدا لأنها اجبرتني على ذلك."

اومأت بتفهم, هذه معلومة جديدة عنه." اخبرني عن والدتك اكثر, تبدوا شخصا مثيرا."

" هي كذلك, قد تبدوا صارمة لكنها في الحقيقة عكس ذلك تماما."

" لما لم توافق على علاقتك بآلي؟"

سؤالي كان مفاجئا حتى بالنسبة لي, لكنني لم استطع كبت فضولي. تغيرت ملامحه قليلا, لكنه كان سريعا في اعادتها الى طبيعتها عندما ابتسم و غمز لي:" تلك قصة لوقت آخر."

" حسنا," لم اشأ ان اضغط عليه," سؤال اخير, هل واعدت احدا قبل آلي؟"

لم اعتقد ان سؤالي قد يكون مفاجئا هكذا لكنه لم يجبني على الفور, تجهمت ملامحة و حاول ان لا يبدوا غير مرتاح من السؤال لكنه فشل:" اخبرني," همست.

" انها قصة طويلة," همس هو الاخر.

رغم اني لم ارد ان اضغط عليه اكثر لكن الطريقة التي تغيرت بها ملامحة جعلتني اكثر فضولا و خوفا مما يخفي:" ارجوك؟"

اخرج تنهيدة طويلة, بدا مترددا لكنه زم شفتيه و اعرب بصوته الهادئ:" حسنا... في الحقيقة, سبب رفض والدتي لآلي لا يتعلق بآلي وحسب, و انما بي ايضا. فقبل سنتين كان والدي قد اجبرني على الزواج من ابنة شريكه السابق, كان ذلك عندما كنت افكر في ادارة الشركة من بعده. و لكنني رفضت, و... قررت الهروب مع آلي و عرضت الزواج عليها."

كانت هذه صدمة بالنسبة لي, حاولت ان لا انفعل لان كل ما يقوله قد حدث قبل ان يقابلني و ليس لي اي حق بان اغضب لذا التزمت الصمت و انصت بهدوء:" غضبت والدتي من ذلك و خسر والدي جزءا من الشركة لان ما اتفق عليه مع شريكه ذاك لم ينجح, بعدها سمعت بان ابنته قد غادرت الى لندن حيث فرض عليها الزواج من ابن صاحب شركة آخر, حينها قررت العودة. لم يكن استقبالي حافلا لأنني كنت قد سببت بالمشاكل لوالدي. لم تطق امي آلي منذ ذلك اليوم و والدي لم يحدثني لمدة ثلاثة اشهر و كان ذلك عندما قرر بان اندي هو من سيقوم بإدارة الشركة من بعده."

" هذا كثير," قلت بصوت منخفض, لكنه كان قادرا على سماعه فقد أومأ موافقا.

" هل هناك اي تساؤلات اخرى يا آنسة؟"

ابتسمت و هززت راسي بلا:" ليست لليوم."




اتمنى ان ارى بعض الردود