darҚ MooЙ
28-08-2013, 20:17
http://www.m5zn.com/newuploads/2013/08/28/png//f447c187a74c81c.png
http://im37.gulfup.com/aeUlw.png
في بقعة من أجمل البقاع.. حيث تراقصت شلالات " كويزرا " المتلئلئة بألوان الطيف على بحيرة البجع الملكية
والتي أحاطتها سلسلةٌ من أكثر المناطق إبهاراً
أدغال " ماجيماند " الشهيرة
حول نارٍ أضرموها قريباً من البحيرة تحلق أولئك الثلاثة يتسامرون مستمتعين بشي سمك كويزرا الفريد
انما أحدهم بدا غير مستمتعٍ بذلك البتة !
- أهذا مااستطعتم اختياره للعشاء الليلة .. شكراً لكم إنه لاختيار عظيم حقاً .. الرفاق الأسوأ على الاطلاق
بابتسامة مستفزة قال ذلك الشاب عاجي الشعر فيروزي العينين : أنا من اخترته لسموكِ .. فقد علمت مقدار عشقكِ لهذه الوجبة العظيمة
جحدته بنظرة ساخطة من عينيها ياقوتيتا اللون : إنه لكرمٌ منك سمو الفارس الوحش
قالت ذلك ونهضت غاضبة وهي تربط شعرها الأحمر بلون عينيها وتتجه نحو رفيقتهم الصغيرة لتجلس بجوارها
بينما كانت الأخيرة تلتقط احدى السمكات وتبدأ بنزع الحسك عنها فالتقط هو الآخر سمكته وبدأ يتناولها بشهية
- أمي .. انها لذيذة للغاية تذوقيها
قالت تلك الصغيرة الحسناء ذلك باسمة فماكان من والدتها إلا أن قالت محاولة عدم اظهار تذمرها : ربما لاحقاً عزيزتي
- كما تشائين .. لن أجبركِ
عادت تأكل بلباقتها المعهودة ووالدتها تتأملها بحنان وحب ..
خيم السكون لفترة على تلك البقعة التي احتوت ثلاثة من أشهر وأبرز شخصيات مملكة كلاديسيا العظيمة
الملكة فلوريدا المتفردة بذلك الشعر الياقوتي العجيب وطفلتها الأميرة إيف ذات الشعر الزهري بخصلاتٍ ذهبية تفرقت على سطحه مضفية رونقاً خاصاً وانسجاماً مع عينيها الذهبيتين
والأخير .. كان الفارس المقدام الملكي المسمى بالقمر المظلم .. ذو القوة المبهرة التي يهابه الجميع لها
صمتهم ذاك لم يطل كثيراً .. فنسمات الربيع العذبة أطلقت العنان لذاكرتهم باستحضار أكثر اللحظات متعة .. في مغامرتهم الفريدة بتلك الأدغال الأكثر غرابة !
- إنها لمعجزة جليلة أن اجتمعنا مجدداً بعد تلك الأيام العصيبة
قالت ذلك الملكة الحمراء بعدما تنهدت بعمق واسترخت متكئة على باطن كفيها وهي تتأمل النجوم المضيئة بصخب في صدر السماء .. فما كان من تلك الأميرة الا أن أرخت رأسها على فخد والدتها التي سارعت تمسح بكفها عليه باسمة :
- بقدر ماكان وقتاً عصيباً .. فهو كذلك ممتع للغاية
حرك الفارس عصاً رقيقة في النار سرعان مااشتعلت ليضمها لرفيقاتها بينما يقول ضاحكاً : لاسيما حين يكون عدوك هو كريفيري المريض بداء الأنا !
بذهول وقلق هتفت كلتيهما : كريفيري !!
- أجل مابكما لما كل هذا الخوف ؟!
أجابته الأميرة باستنكار : ذلك الوحش هو الأكثر رعباً فكيف تجرؤ على قتاله ؟
متابعة لتساؤلها بلهفة قالت الملكة : بل كيف تواجه مثله حتى .. ألم تخشى أن يتحقق ماخط في الأسطورة عنه ؟
بابتسامته الواثقة أجاب : مثلي لايخاف من هو أكبر منه فكيف أخشاه أو أخشى سطوراً كُتبت عنه ؟ كان لابد من المخاطرة والا ماكنتم لتجدوني أمامكم الآن
فضول اعترى الأميرة الصغيرة مااستطاعت مقاومته فبادرت قائلة بلهفة : قص علينا ماجرى لك هناك .. كلي شوق لمعرفة تفاصيل لقائكما وكيف تخلصت منه
مؤيدة قالت الأخرى : ام وأنا كذلك أخبرنا بكل شيء
اعتدل في جلسته باسماً وقال بجدية : حسناً لكما هذا .. فلتستمعا الى قصتي وكريفري المتعجرف اذاً !
http://www.m5zn.com/newuploads/2013/08/28/png//654c971f4c3170f.png
منذ يومين وحينما هبت تلك العاصفة اللعينة مخترقة صفوف الفرسان ومفرقة جموعهم
ألقت بي على شواطيء بحيرة الليلك الأرجوانية العجيبة ..لأستفيق بعد غفوةٍ لم أحتسب مقدارها
نهضت أستكشف خفايا تلك البقعة الخالية الا من زهور الليلك وبحيرته الممتدة على مرأى البصر
حتى خلت أن لاسبيل للخروج أو النجاة من تلك البقعة المعزولة والتي حكت الأساطير أن لامفر منها !
واذا بي أسمع صوتاً يشبه في علوه زئير الليوث المجتمعة سوياً في بقعة ضيقة
قبضت كفي على سيفي متأهباً لقتال ذلك المجهول .. والذي روت الأساطير عن شخصه المبجل بأنه وحش لايمكنك الفرار منه .. وأن نظرة من عينيه تقودك للهلاك المحتم .. وسرعان ماتغدو ليلكية مصطفة مع رفيقاتها من الضحايا !
دون أن أملك مجالاً للتفكير حتى .. وجدته بهيئته المهيبة أمامي مباشرة يخرج من البحيرة الأرجوانية المتموجة مياهها
ذلك الوحش بجسد التنين وقرنٍ لمع ذهبياً في أم رأسهِ ضخماً طويلاً .. وجناحان شفافان يصفقان على جنبيه مخلفان إثر ذلك عاصفة هوجاء دفعتني للخلف أميالاً عدة !
نهضت بصعوبة متكئاً على سيفي وأنا بالكاد أستدرك مايحدث معي .. وماان رفعت الجزء العلوي من جسدي حتى رأيت رأسه الضخم قريباً مني .. وقد كان يظلني كالسماء حالما اقترب وقد استشعرت حجمه المهول !
سيفي لن يكون سوى ابرة تدغدغه فقط ! فما السبيل لنجاتي اذاً .. هذا فقط ماكنت أفكر فيه وقتها وأنا أحاول التفكير بسرعة قبل أن يداهمني بهجومٍ لاأستطيع ردعه ..
فتح فاه وهو يبتعد وقد برزت أنيابه الذهبية بلون قرنه ناطقاً بصوتٍ انعكست له في الأفق أصداءاً عدة
- أجبني من تكون أيها الدخيل ؟ للرحيل من هنا ليس لك من سبيل !
لحظاتٍ قصيرة حاولت فيها ايجاد أي شيء يمكنني من المقاومة .. فاستجمعت شجاعتي ونهضت دون أن أبدي له خوفاً أو تردداً .. وصرخت به كي يسمع صوتي الذي أيقنت أنه لن يصله بسهولة مقارنة بضخامته وعلو صوته : انني زائر قطع السهول والوديان بحثاً عن حاكمٍ جليل يحكم هذه البقعة .. فضولي واعجابي بشخصه المبجل وماسمعته عنه من حسن المقال أفقداني الصبر والمقاومة .. وأبيت الا أن ألقاه وأتعرف اليه شخصياً .. فإن دللتني عليه أكن لك شاكراً أيها العظيم !
صوب كريفيري عيناه المشابهتان لعينا الأفعى نحوي وقد لمحت بريقاً ذهبياً عجيباً بهما :
أتقول الحق ؟
أجبت بجدية وثقة : بكل تأكيد .. أوتراني أمازح عظيماً مثلك ؟
صمت قليلاً كأنما يفكر ومالبث أن سأل : لو أنك على حقٍ فأجبني عن أسئلةٍ ثلاث إن حللتها كان خلاصك .. وإن أخفقت فهو هلاكك !
وضعت يدي على صدري وبعهد الفرسان أدليت متكئاً على احدى ركبتيّ : ذلك عهدي أيها العظيم الضخم
قرب رأسه مجدداً متفحصاً وسرعان ماأبعده وقد أطلق لجناحيه العنان ليحلق وقد غطا البقعة بجسده الذي لم أستطع تقدير حجمه المهول حتى استقر على تلة عظيمة أحاطتها زهور الليلك من كل جانب منتهية بتلك البحيرة التي غدا ذلك الشعاع الذهبي الممتد من قرنه منعكساً على صفحتها الأرجوانية المبهرة
هتف بصوته الذي بدا متزناً أخيراً بعدما كاد يصيبني بالصمم لقربه مني :
إن كنت تعرف حاكم هذه المنطقة .. فأجبني عن أسئلةٍ ثلاث هي منقذك
- أجبني أيها الدخيل الغريب .. من يكون حارس الليلك العجيب ؟!
بسرعة أعدت سؤاله في ذهني محاولاً معرفة مايريده بالتحديد للاجابة .. فهل هو يرغب بأن أنطق باسمه أو رسمه أو لربما مايتناقله شعب مملكتنا عنه فأجبت بأول مااستحضره عقلي
" كريفري .. ان اسمه كريفري !"
نظر نحوي بنظرة شكٍ مريبة .. رغم ارتياحي أنه تمكن من سماعي دون أن أعلي صوتي .. انما كل ماأخشاه أن يكتشف حقيقة وصولي لمملكته فيثور غاضباً ويحدث مالاتحمد عقباه
ارتياح خالجني حالما رأيته يعيد رأسه قليلاً للخلف باستقرارٍ ليتهيأ لسؤاله التالي والذي أطلقه بكل فخر :
- لهذه المملكة اسمٌ مشهور .. هو بارز وهو مستور .. وعليه تربو الأسماك والطيور
جلت ببصري حولي متفكراً في سؤاله الذي لاأستطيع تذكر اجابته .. كل ماأتذكره هو أنها سميت بأشهر معلمٍ فيها .. وفوراً وقع بصري على البحيرة الضخمة الأرجوانية .. وأحلتها بعدها لزهور الليلك التي غطت الأرجاء ودون أن أراجع اجابتي قلت قبل أن ينفذ صبره : بحيرة الليلك ؟!
بدا غاضباً مما أقلقني فحسبتني أخفقت .. لكنه زمجر بسؤاله الثالث دون أن يمنحني فرصةً للتنفس :
شيءٌ يسير علي طحنه وهدمه .. وعسير عليك لمسه ووصله .. ويضمني وأنا أضمه
هنا صمت الفارس ينظر لتلكما الفتاتين بدهاء : ماتحسبا كان الجواب ؟
بحيرة قالت الملكة فلوريدا : لست أعلم .. انما مااستطعت الالمام به من خلال أسئلته السابقة .. فالجواب محيط به كما أظن ؟
وضعت الأميرة إيف يدها على ذقنها مفكرة بينما تقول : وأنا أظنه يختبر مقدار ماتلم به عنه .. فإن كنت صادقاً فستعرف كل تفاصيل الوحش الذي أعجبك كما ادعيت .. انما لم أفهم مايقصده بأحجيته تلك !
اتسعت ابتسامته وهو يقول بفخر : كلتاكما محقتان .. لكنكما لم تعطياني الاجابة بعد .. ولذا سأخبركما البقية
كنت أدركت ماقد توصلتما له .. فعرفت أن مايقصده ويريده هو شيء يخصه محيطٌ به .. ولا يضم المرأ سوى مسكنه .. إنما لو قلت أنه يسكن البحيرة سأكون مصيباً فقد رأيته يخرج منها .. لكنني تمهلت وفكرت قليلاً بكلمته الأخيرة .. فكيف له أن يضم الماء ؟! اذاً فما فكرت به خاطيء حتماً
وماان نظرت له أدركت مايعنيه .. فقد كان جسده الضخم يلتف حول تلك التلة العجيبة والتي اتضح لي ماإن أمعنت النظر فيها أنها مسكنه حقاً !
أجبته حينها باسماً : منزلك بعيد المدى والذي لايمكنني وصوله بينما يمكنك ضمه وتهديمه ان شئت .. هي تلك التلة التي استقر جلالتك عليها
- جلالتك ! .. أخبرني من أكون ياهذا ؟!
قال ذلك ساخطاً وصراخه خلف عاصفة جديدة مزعجة بالكاد تماسكت فيها متكئاً بسيفي على الأرض وقد غرزته بها .. وماا إن هدأت قلت وقد حافظت على ابتسامتي : وكيف أجهل مقصدي ومثلي الأعلى .. الحاكم الذي جبت العالم بحثاً عنه .. شككت في باديء الأمر بصدق ماظننت ولكني متيقن الآن أنك من أبحث عنه .. وفيت بعهدي ولا أظن مثلك يخلف بعهده .. أولست محقاً جلالتك ؟!
بدا أن غضبه هدأ قليلاً فغروره قد حل مكانه .. وسرعان ماحلق من جديد وحط في بقعة مالبثت أن برزت فيها فجوة كبيرة أعقبتها دوامة ذهبية اللون تموج بسرعة
قال مخاطباً اياي وهو يحلق عالياً : لقد نجوت هذه المرة .. إنما عليك أن تعلم أن من المحرم على أي بشريٍ دخول مملكتي والخروج منها .. كان يجب أن تكون طعاماً لي أو ليلكية أمتع ناظري بها .. ولكني عفوت عنك هذه المرة ولتكن شاكراً
أجبته ونشوة النصر تدغدغ قلبي : فخر لي أن ألتقي سموكم ..شكراً جزيلاً وأعتذر لاضاعتي وقتكم الثمين
لم يجب واكتفى بأن حرك جناحيه لتبدأ عاصفته المزعجة .. والتي ألقت بي في تلك الدوامة التي مااستفقت منها الا وأنا حرٌ طليق أستنشق هواءاً نقياً بعيداً عن أنفاس كريفيري العفنة
ضحكت كلتاهما بمرح أعقبته الحاكمة قائلة بامتنان : شكراً لعودتك سالماً اذاً .. لم أتوقع أن ينجو أحدهم من كريفيري المرعب .. لكنك كنت حكيماً كما هي عادتك
بغرور قال : ولو .. أنا الأفضل دائماً
بسخرية أجابته الأميرة : يالك من متعجرف .. إنك أكثر غروراً من كريفيري حتى
أطلقت كلاً منهما ضحكة مستمتعة وكلاً منهما تؤيد الأخرى بينما ظل مبتسماً بثقة وكأن لاشيء يمكنه التأثير به بل أردف يقول بلا اكتراث : ولما لا .. يحق لمثلي الغرور بالطبع
توقفت الحاكمة فلوريدا عن الضحك فجأة وقد بدأت تسعل وهي تبعد ذلك الدخان المنبعث من السمك المشوي ومالبثت أن قالت باشمئزاز :
- كم أكره هذه الرائحة
أعقبت وهي تبتعد لتجلس بجوار البحيرة :
- هذه الرائحة المزعجة تعيد لي صوراً من أسوأ مغامراتي حقاً .. مغامرة مليئة بالسمك
بمكر قال الفارس وهو يخلع درعه الذي تصدر زي الفرسان الأزرق الفاخر : مغامرة السمك هذه تبدو مسلية .. كلي آذان صاغية لسموكِ ..
- تهزأ بي ها
بحماس قالت الصغيرة الحسناء : هيا أمي احكي لنا ماجرى فكلي شوقٌ لمعرفة التفاصيل
http://im37.gulfup.com/aeUlw.png
في بقعة من أجمل البقاع.. حيث تراقصت شلالات " كويزرا " المتلئلئة بألوان الطيف على بحيرة البجع الملكية
والتي أحاطتها سلسلةٌ من أكثر المناطق إبهاراً
أدغال " ماجيماند " الشهيرة
حول نارٍ أضرموها قريباً من البحيرة تحلق أولئك الثلاثة يتسامرون مستمتعين بشي سمك كويزرا الفريد
انما أحدهم بدا غير مستمتعٍ بذلك البتة !
- أهذا مااستطعتم اختياره للعشاء الليلة .. شكراً لكم إنه لاختيار عظيم حقاً .. الرفاق الأسوأ على الاطلاق
بابتسامة مستفزة قال ذلك الشاب عاجي الشعر فيروزي العينين : أنا من اخترته لسموكِ .. فقد علمت مقدار عشقكِ لهذه الوجبة العظيمة
جحدته بنظرة ساخطة من عينيها ياقوتيتا اللون : إنه لكرمٌ منك سمو الفارس الوحش
قالت ذلك ونهضت غاضبة وهي تربط شعرها الأحمر بلون عينيها وتتجه نحو رفيقتهم الصغيرة لتجلس بجوارها
بينما كانت الأخيرة تلتقط احدى السمكات وتبدأ بنزع الحسك عنها فالتقط هو الآخر سمكته وبدأ يتناولها بشهية
- أمي .. انها لذيذة للغاية تذوقيها
قالت تلك الصغيرة الحسناء ذلك باسمة فماكان من والدتها إلا أن قالت محاولة عدم اظهار تذمرها : ربما لاحقاً عزيزتي
- كما تشائين .. لن أجبركِ
عادت تأكل بلباقتها المعهودة ووالدتها تتأملها بحنان وحب ..
خيم السكون لفترة على تلك البقعة التي احتوت ثلاثة من أشهر وأبرز شخصيات مملكة كلاديسيا العظيمة
الملكة فلوريدا المتفردة بذلك الشعر الياقوتي العجيب وطفلتها الأميرة إيف ذات الشعر الزهري بخصلاتٍ ذهبية تفرقت على سطحه مضفية رونقاً خاصاً وانسجاماً مع عينيها الذهبيتين
والأخير .. كان الفارس المقدام الملكي المسمى بالقمر المظلم .. ذو القوة المبهرة التي يهابه الجميع لها
صمتهم ذاك لم يطل كثيراً .. فنسمات الربيع العذبة أطلقت العنان لذاكرتهم باستحضار أكثر اللحظات متعة .. في مغامرتهم الفريدة بتلك الأدغال الأكثر غرابة !
- إنها لمعجزة جليلة أن اجتمعنا مجدداً بعد تلك الأيام العصيبة
قالت ذلك الملكة الحمراء بعدما تنهدت بعمق واسترخت متكئة على باطن كفيها وهي تتأمل النجوم المضيئة بصخب في صدر السماء .. فما كان من تلك الأميرة الا أن أرخت رأسها على فخد والدتها التي سارعت تمسح بكفها عليه باسمة :
- بقدر ماكان وقتاً عصيباً .. فهو كذلك ممتع للغاية
حرك الفارس عصاً رقيقة في النار سرعان مااشتعلت ليضمها لرفيقاتها بينما يقول ضاحكاً : لاسيما حين يكون عدوك هو كريفيري المريض بداء الأنا !
بذهول وقلق هتفت كلتيهما : كريفيري !!
- أجل مابكما لما كل هذا الخوف ؟!
أجابته الأميرة باستنكار : ذلك الوحش هو الأكثر رعباً فكيف تجرؤ على قتاله ؟
متابعة لتساؤلها بلهفة قالت الملكة : بل كيف تواجه مثله حتى .. ألم تخشى أن يتحقق ماخط في الأسطورة عنه ؟
بابتسامته الواثقة أجاب : مثلي لايخاف من هو أكبر منه فكيف أخشاه أو أخشى سطوراً كُتبت عنه ؟ كان لابد من المخاطرة والا ماكنتم لتجدوني أمامكم الآن
فضول اعترى الأميرة الصغيرة مااستطاعت مقاومته فبادرت قائلة بلهفة : قص علينا ماجرى لك هناك .. كلي شوق لمعرفة تفاصيل لقائكما وكيف تخلصت منه
مؤيدة قالت الأخرى : ام وأنا كذلك أخبرنا بكل شيء
اعتدل في جلسته باسماً وقال بجدية : حسناً لكما هذا .. فلتستمعا الى قصتي وكريفري المتعجرف اذاً !
http://www.m5zn.com/newuploads/2013/08/28/png//654c971f4c3170f.png
منذ يومين وحينما هبت تلك العاصفة اللعينة مخترقة صفوف الفرسان ومفرقة جموعهم
ألقت بي على شواطيء بحيرة الليلك الأرجوانية العجيبة ..لأستفيق بعد غفوةٍ لم أحتسب مقدارها
نهضت أستكشف خفايا تلك البقعة الخالية الا من زهور الليلك وبحيرته الممتدة على مرأى البصر
حتى خلت أن لاسبيل للخروج أو النجاة من تلك البقعة المعزولة والتي حكت الأساطير أن لامفر منها !
واذا بي أسمع صوتاً يشبه في علوه زئير الليوث المجتمعة سوياً في بقعة ضيقة
قبضت كفي على سيفي متأهباً لقتال ذلك المجهول .. والذي روت الأساطير عن شخصه المبجل بأنه وحش لايمكنك الفرار منه .. وأن نظرة من عينيه تقودك للهلاك المحتم .. وسرعان ماتغدو ليلكية مصطفة مع رفيقاتها من الضحايا !
دون أن أملك مجالاً للتفكير حتى .. وجدته بهيئته المهيبة أمامي مباشرة يخرج من البحيرة الأرجوانية المتموجة مياهها
ذلك الوحش بجسد التنين وقرنٍ لمع ذهبياً في أم رأسهِ ضخماً طويلاً .. وجناحان شفافان يصفقان على جنبيه مخلفان إثر ذلك عاصفة هوجاء دفعتني للخلف أميالاً عدة !
نهضت بصعوبة متكئاً على سيفي وأنا بالكاد أستدرك مايحدث معي .. وماان رفعت الجزء العلوي من جسدي حتى رأيت رأسه الضخم قريباً مني .. وقد كان يظلني كالسماء حالما اقترب وقد استشعرت حجمه المهول !
سيفي لن يكون سوى ابرة تدغدغه فقط ! فما السبيل لنجاتي اذاً .. هذا فقط ماكنت أفكر فيه وقتها وأنا أحاول التفكير بسرعة قبل أن يداهمني بهجومٍ لاأستطيع ردعه ..
فتح فاه وهو يبتعد وقد برزت أنيابه الذهبية بلون قرنه ناطقاً بصوتٍ انعكست له في الأفق أصداءاً عدة
- أجبني من تكون أيها الدخيل ؟ للرحيل من هنا ليس لك من سبيل !
لحظاتٍ قصيرة حاولت فيها ايجاد أي شيء يمكنني من المقاومة .. فاستجمعت شجاعتي ونهضت دون أن أبدي له خوفاً أو تردداً .. وصرخت به كي يسمع صوتي الذي أيقنت أنه لن يصله بسهولة مقارنة بضخامته وعلو صوته : انني زائر قطع السهول والوديان بحثاً عن حاكمٍ جليل يحكم هذه البقعة .. فضولي واعجابي بشخصه المبجل وماسمعته عنه من حسن المقال أفقداني الصبر والمقاومة .. وأبيت الا أن ألقاه وأتعرف اليه شخصياً .. فإن دللتني عليه أكن لك شاكراً أيها العظيم !
صوب كريفيري عيناه المشابهتان لعينا الأفعى نحوي وقد لمحت بريقاً ذهبياً عجيباً بهما :
أتقول الحق ؟
أجبت بجدية وثقة : بكل تأكيد .. أوتراني أمازح عظيماً مثلك ؟
صمت قليلاً كأنما يفكر ومالبث أن سأل : لو أنك على حقٍ فأجبني عن أسئلةٍ ثلاث إن حللتها كان خلاصك .. وإن أخفقت فهو هلاكك !
وضعت يدي على صدري وبعهد الفرسان أدليت متكئاً على احدى ركبتيّ : ذلك عهدي أيها العظيم الضخم
قرب رأسه مجدداً متفحصاً وسرعان ماأبعده وقد أطلق لجناحيه العنان ليحلق وقد غطا البقعة بجسده الذي لم أستطع تقدير حجمه المهول حتى استقر على تلة عظيمة أحاطتها زهور الليلك من كل جانب منتهية بتلك البحيرة التي غدا ذلك الشعاع الذهبي الممتد من قرنه منعكساً على صفحتها الأرجوانية المبهرة
هتف بصوته الذي بدا متزناً أخيراً بعدما كاد يصيبني بالصمم لقربه مني :
إن كنت تعرف حاكم هذه المنطقة .. فأجبني عن أسئلةٍ ثلاث هي منقذك
- أجبني أيها الدخيل الغريب .. من يكون حارس الليلك العجيب ؟!
بسرعة أعدت سؤاله في ذهني محاولاً معرفة مايريده بالتحديد للاجابة .. فهل هو يرغب بأن أنطق باسمه أو رسمه أو لربما مايتناقله شعب مملكتنا عنه فأجبت بأول مااستحضره عقلي
" كريفري .. ان اسمه كريفري !"
نظر نحوي بنظرة شكٍ مريبة .. رغم ارتياحي أنه تمكن من سماعي دون أن أعلي صوتي .. انما كل ماأخشاه أن يكتشف حقيقة وصولي لمملكته فيثور غاضباً ويحدث مالاتحمد عقباه
ارتياح خالجني حالما رأيته يعيد رأسه قليلاً للخلف باستقرارٍ ليتهيأ لسؤاله التالي والذي أطلقه بكل فخر :
- لهذه المملكة اسمٌ مشهور .. هو بارز وهو مستور .. وعليه تربو الأسماك والطيور
جلت ببصري حولي متفكراً في سؤاله الذي لاأستطيع تذكر اجابته .. كل ماأتذكره هو أنها سميت بأشهر معلمٍ فيها .. وفوراً وقع بصري على البحيرة الضخمة الأرجوانية .. وأحلتها بعدها لزهور الليلك التي غطت الأرجاء ودون أن أراجع اجابتي قلت قبل أن ينفذ صبره : بحيرة الليلك ؟!
بدا غاضباً مما أقلقني فحسبتني أخفقت .. لكنه زمجر بسؤاله الثالث دون أن يمنحني فرصةً للتنفس :
شيءٌ يسير علي طحنه وهدمه .. وعسير عليك لمسه ووصله .. ويضمني وأنا أضمه
هنا صمت الفارس ينظر لتلكما الفتاتين بدهاء : ماتحسبا كان الجواب ؟
بحيرة قالت الملكة فلوريدا : لست أعلم .. انما مااستطعت الالمام به من خلال أسئلته السابقة .. فالجواب محيط به كما أظن ؟
وضعت الأميرة إيف يدها على ذقنها مفكرة بينما تقول : وأنا أظنه يختبر مقدار ماتلم به عنه .. فإن كنت صادقاً فستعرف كل تفاصيل الوحش الذي أعجبك كما ادعيت .. انما لم أفهم مايقصده بأحجيته تلك !
اتسعت ابتسامته وهو يقول بفخر : كلتاكما محقتان .. لكنكما لم تعطياني الاجابة بعد .. ولذا سأخبركما البقية
كنت أدركت ماقد توصلتما له .. فعرفت أن مايقصده ويريده هو شيء يخصه محيطٌ به .. ولا يضم المرأ سوى مسكنه .. إنما لو قلت أنه يسكن البحيرة سأكون مصيباً فقد رأيته يخرج منها .. لكنني تمهلت وفكرت قليلاً بكلمته الأخيرة .. فكيف له أن يضم الماء ؟! اذاً فما فكرت به خاطيء حتماً
وماان نظرت له أدركت مايعنيه .. فقد كان جسده الضخم يلتف حول تلك التلة العجيبة والتي اتضح لي ماإن أمعنت النظر فيها أنها مسكنه حقاً !
أجبته حينها باسماً : منزلك بعيد المدى والذي لايمكنني وصوله بينما يمكنك ضمه وتهديمه ان شئت .. هي تلك التلة التي استقر جلالتك عليها
- جلالتك ! .. أخبرني من أكون ياهذا ؟!
قال ذلك ساخطاً وصراخه خلف عاصفة جديدة مزعجة بالكاد تماسكت فيها متكئاً بسيفي على الأرض وقد غرزته بها .. وماا إن هدأت قلت وقد حافظت على ابتسامتي : وكيف أجهل مقصدي ومثلي الأعلى .. الحاكم الذي جبت العالم بحثاً عنه .. شككت في باديء الأمر بصدق ماظننت ولكني متيقن الآن أنك من أبحث عنه .. وفيت بعهدي ولا أظن مثلك يخلف بعهده .. أولست محقاً جلالتك ؟!
بدا أن غضبه هدأ قليلاً فغروره قد حل مكانه .. وسرعان ماحلق من جديد وحط في بقعة مالبثت أن برزت فيها فجوة كبيرة أعقبتها دوامة ذهبية اللون تموج بسرعة
قال مخاطباً اياي وهو يحلق عالياً : لقد نجوت هذه المرة .. إنما عليك أن تعلم أن من المحرم على أي بشريٍ دخول مملكتي والخروج منها .. كان يجب أن تكون طعاماً لي أو ليلكية أمتع ناظري بها .. ولكني عفوت عنك هذه المرة ولتكن شاكراً
أجبته ونشوة النصر تدغدغ قلبي : فخر لي أن ألتقي سموكم ..شكراً جزيلاً وأعتذر لاضاعتي وقتكم الثمين
لم يجب واكتفى بأن حرك جناحيه لتبدأ عاصفته المزعجة .. والتي ألقت بي في تلك الدوامة التي مااستفقت منها الا وأنا حرٌ طليق أستنشق هواءاً نقياً بعيداً عن أنفاس كريفيري العفنة
ضحكت كلتاهما بمرح أعقبته الحاكمة قائلة بامتنان : شكراً لعودتك سالماً اذاً .. لم أتوقع أن ينجو أحدهم من كريفيري المرعب .. لكنك كنت حكيماً كما هي عادتك
بغرور قال : ولو .. أنا الأفضل دائماً
بسخرية أجابته الأميرة : يالك من متعجرف .. إنك أكثر غروراً من كريفيري حتى
أطلقت كلاً منهما ضحكة مستمتعة وكلاً منهما تؤيد الأخرى بينما ظل مبتسماً بثقة وكأن لاشيء يمكنه التأثير به بل أردف يقول بلا اكتراث : ولما لا .. يحق لمثلي الغرور بالطبع
توقفت الحاكمة فلوريدا عن الضحك فجأة وقد بدأت تسعل وهي تبعد ذلك الدخان المنبعث من السمك المشوي ومالبثت أن قالت باشمئزاز :
- كم أكره هذه الرائحة
أعقبت وهي تبتعد لتجلس بجوار البحيرة :
- هذه الرائحة المزعجة تعيد لي صوراً من أسوأ مغامراتي حقاً .. مغامرة مليئة بالسمك
بمكر قال الفارس وهو يخلع درعه الذي تصدر زي الفرسان الأزرق الفاخر : مغامرة السمك هذه تبدو مسلية .. كلي آذان صاغية لسموكِ ..
- تهزأ بي ها
بحماس قالت الصغيرة الحسناء : هيا أمي احكي لنا ماجرى فكلي شوقٌ لمعرفة التفاصيل