PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : أقدار البؤس و الابتسام



ديدا.
12-08-2013, 10:53
.

..

ضربت بقوة يديها طاولة المقهى , ارتعد الفنجان المسكين لكنها لم تأبه لذلك .
بدأ جسدها الضئيل بمغادرة الكرسي صعوداً .أوقفته في المنتصف محنياً و تمتمت بهمس : " و أنا أيضاً " .
رفعت صوتها شيئا فشيئا ، متبعة جملتها تلك بسيل من الكلمات التي اختلطت مع دموعها و أنينها ، أفرجت
بها أخيراً عن سجين جوفها الذي لطالما آلمها الاحتفاظ به ، لطالما أوجعها ضجة صداه المترددة في فراغ
صدرها دون توقف و لطالما منعها ثِقله من التحليق عاليا كما تتمنى .


لم فقدت السيطرة فجأة ؟ لم الآن ؟ لم هنا ؟ ، لم أمامهم ؟ لا تدري !!


لكنها وجدت نفسها دون أن تعي مجردة من سلطة العقل، هاربة من حكم المنطق، لم تجد ما يردعها هذه
المرة فتكلمت بهمسٍ من بين دموعها :
( أنا أيضاً سيئة ، أنا أيضاً تركتُ أحدهم يبكي ليلاً، أنا أيضا طعنت أحدهم في قلبه بسكين صدأ و كسرت
على ظهر آخر لوح مرمر، أنا أيضاً هربت من الحقيقة و لم أجرؤ على مواجهتها . سيئة أنا ، بل غاية في
السوء، لم اهتم بأحد، لم أبكي أحد، و لم أتوقف دقيقة للأخذ بمشورة أبي أو أمي، لم أرى إخوتي، وأكره
جداً أقاربي، و أبكي وحيدة ليلاً للا شيء و لكل شيء، لكني لست بخائنة، لست أنانية، لست حسودة،
و لست .. سيئة ).

عند ذلك توقفت . مدهوشة توقفت و صدى جملتها الأخيرة يتردد في نفسها ( لست سيئة )
همست مبتسمة بعذوبة : ( أنا لست سيئة ) ،
تعالى صوتها شيئاً فشيئاً : ( لست سيئة ، لست سيئة ، لست سيئة ) استقامت صارخة ( لست سيئة ) .
ضحكت و ضحكت حتى جلست تعبة على الكرسي الذي تحركت منه قبل قليل .


مرت نوبة اليأس و انتهت من البكاء و الضحك معاً ، تفكرت لدقيقة فيما حدث ثم حمدت الله على تلك النوبة
فقد أُنقذت بها من هاوية الضياع، من ثم أكملت شرب فنجان قهوتها و كأن شيئاً لم يكن ، و كأنها لم تنفجر
قبل قليل بأخطر أسرارها في شرفة مقهى واقع في تقاطع الشارع الرئيسي ، و كأن نظرات المارة الفضولية
لا تهمها و أعين المتسائلين المستغربة لا تعنيها، أكملت فنجان قهوتها بهدوء دفعت حسابها و مضت .




قبل ذلك بقليل

سمعها بوضوح الثلاثيني الوسيم الجالس بالطاولة المجاورة ، لم يستطع فك طلاسم كتلة المشاعر المتحدثة أمامه
لكنه أنصت ، لم ينصت لهمسها الذي آثار فضوله ، بل أنصت لبؤسها الذي ذكره ببؤس مسكينة تبكي الآن من أجله .
هو أيضا بكى من أجلها ، لكنه لم يراها كما رآأها الآن من خلال البائسة أمامه ! فقد رأى عيناها الجميلة محمرة من
البكاء بلا حياة و لا لمعة مميزة أحبها، زينتها تأبى الثبات على وجهها البديع فتغادره متحججة بدموعها ، جسد خال
من الحياة رغم تنفسه ، انعزال تام عن مجموعة هي تعيش وسطها .


شرد مبدلاً وجهته لحديث نفسه اللائمة التي انتهزت الفرصة مجدداً و حدثته :
( لا استطيع تصديق أنك أقررتها قرار الانفصال ، ما الذي أذنبته المسكينة لتُعاقبها هكذا ؟ )
رد بحنق : ( لستُ أُعاقبها إنما أنهي المشاكل ، أمي لن تهدأ حتى تستعيدني ، هي تغار!!
رأيت ما حصل عندما قررت ترك المنزل و جيداء. لا استطيع احتمال فقدان أمي أولاً و فقدانها بسببي ثانياً ،
أيضاً لا أُريد الانفصال عن جيداء ، لكني رأيت ذلك بالأمس ، قرأت الرغبة بالفراق في عينيها ... )
- ( غبي ، أتسمي ما رأيته رغبة في الفراق ، بل كان رغبة في البقاء ، كانت ترجوك أن تتمسك بها ،
أن ترفض قرارها صارخاً في وجهها . تنازلت بالأمس عن كبريائها الذي تُقدسه و رجتك بصمت وكنت أنت من الغافلين ) .
صمتت نفسه فقد سئمت محاورته .


نفسه تعلم يقيناً أنه يُعاقبها لطلبها ، أنه يتحجج بذلك كي يمنعها من العودة جرياً لها و أنها نالت
عقابها كاملاً أيضاً لكن فراس غاضب و لا يستجيب ، فتضامنت مع عقله و قلبه و أقامت عليه الحرب .


أخذت تُقلبه بينهما ، رمته أولاً لنيران عقله الذي قرر : " عليه أن يُبطل حجته فلا يجد مفراً من العودة "
فبدأ بتطويع أفكاره : " الإحسان للوالدين حق لكن الانفصال عن زوجته ليس إحساناً، بل ضعفاً و حقارة ".
انتهز بعد ذلك الفرصة وحدثه : ( بربك ألا تستطيع أن تقف كرجل و تخبر أمك أن كفى، و أنك لم تأتي بالفتاة
زوجة كي تُعيدها، اجلس مع أمك و حدثها ، لا أقول لك أصرخ أو اكسر زجاجيات المنزل ، بل أطالبك نقاشها،
بسؤالها عن أسبابها ، بإخبارها أن لجيداء عليك حق ، حق الزوجة و حق الأم ، أخبرها أنك تُحبها يا جبان ) .


انسحب بعد ذلك عقله تاركاً الجولة الأخيرة لقلبه الذي لم يستطع فراس تحمله حين بدأ ، فقد كان قاسياً عليه
حد أنه أوجعه بها!لم يحدثه فما لديه فراس يحفظه عن ظهر قلب. بدأ عمله مباشرة موجعاً إياه بها، فأرداه شوقاً
وعبث بخياله , يجسد ذكرياتهما معا حتى إذا ما ابتسم يذكره بقراره الظالم فيبتئس ، يريه طيفها في كل مكان
ويعيدها إليه ، من ثم يرميه لحقيقة أقرها "لا مكان لها في عالمك". يجسد له مستقبلاً فارغاً خالياً منها
وألم دائم لا يبرأ . لم يحتمل وجع قلبه بها ، فقرر صارخاً ضارباً بقوة يديه طاولة المقهى أيضاً : " كفى !! " .


رقص قلبه ، صفر عقله ، ابتسمت نفسه ، و تحرك هو .


تحرك منطلقاً إلى منزله . إلى حبيبته الباكية عازماً على إيجاد حل . توقف قليلاً قبل أن يصل لسيارته ،
استدار جهة البائسة تمتم بكلمات الشكر ومضى مصطدماً بتيم الذي ظل يصرخ طويلاً لكنه لم يتوقف ليعتذر !!! .




الأخير لم يتوقف عن الصراخ ، بدأ يتمتم ساباً ثم أكمل صارخاً . توقف كلامه و استمر صراخه فترة طويلة .
لم يعد يصرخ على فراس استمر بالصراخ لنفسه !! عله يُخفف وطأة الألم الذي زلزل كيانه و يُخرج قليلاً مما
التهم صبره . مكملاً بذلك مثلث مجانين المقهى .


توقف صراخه فجأة ، وقف يتطلع للسماء العالية لحظة ثم أكمل سيره مفكراً يحاول أن يفهم ، لم انقلب كل شي عليه ؟
لم يستفق بعد من صدمة موت زوجته الحبيبة آيات ، لتلحقها أمه التي سقطت ضحية سرطان الدم في مراحله المتقدمة .
حُرق بنارين آنذاك نار الفقد ، و نار الخوف من الفقد ، لكنه كان يستطيع الاستمرار , أجل استطاع الثبات حتى أطاح به
زياد بعنف ، فقد سرق من خزنة رب عملهما مبلغاً أدخله حسابه و استقال ، و حين كُشف أمره كان قد هرب فزُج
بأمين الخزنة تيم في السجن .


ظل يردد أنا بريء و يصر على ذلك ، حتى أن المفتش أُعجب بإصراره و أعاد النظر في قضيته فوجد أن لا دليل
يدينه سوى أنه أمين الخزنة، و كيف تُفتح خزنة دون أمين ؟ ما زال الشك يدور حوله إلا أنه بفضل انعدام الأدلة خرج .


طبعاً طُرد من عمله و شُهر به أيضاً ، إضافة إلى أنه سيُسجن إن لم يُعد ما سُرق . هو لا يملك مليون درهماً
كي يعيدها و يجب أن يعيدها لذا ترك الحزن جانباً كعادته و بدأ بجمعها ، فكر ببيع بيته و العودة لمنزل أبيه،
فآيات توفيت على أية حال و هو أضحى وحيداً وسط كومة ذكريات لا تنفك تؤلمه . هو بأمس الحاجة لمساندة
أحدهم و مع خيبته بصديقه لم يعد يثق بأحد باستثناء والده الذي سانده منذ الصدمة الأولى . فتوجه إليه
و أخبره بمخططه، وافق أبيه فوراً و رحب بعودته .


تمت إجراءات البيع و توفر له المبلغ المطلوب إلا قليل ، فقرر بعد إلحاح أبيه قبول اقتراحه :
" رهن دكانه كضمان قرض البنك " .
تمت الإجراءات أيضاً و توفر المبلغ أخيراً فسدد ما عليه ، بقي أن يبحث عن وظيفة جديدة كي
يسدد قرض البنك و يعيد لأبيه دكانه ويتفرغ بعد ذلك لمحاربة النارين التي تلتهمه ببطء .
بدأ بالبحث عن وظيفة جديدة . خرج صباحاً مُتفائلاً لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن !!

..

.

ديدا.
12-08-2013, 10:54
.
.
.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشروعي الجديد " أقدار البؤس و الابتسام" بدأت كتابتها بنية قصة قصيرة وانتهيت بتسعة أجزاء
رح أنزل كل 4 أيام جزء , و إذا ما لقيت تفاعل هيصير كل إسبوع جزء

مرحبا بكل قارئ ناقد و متابع من خلف الكواليس

قراءة مُترفة بالمتعة
في أمان الله

..đзmi..
12-08-2013, 11:17
سأحجز لي مقعداً إذاً ..

ديدا.
12-08-2013, 12:10
أهلا وسهلا :e415:

نورا لاشين
12-08-2013, 19:18
السلام عليكم
فعلا حسيت من البداية إنها قصيرة
بس لما لقيت عدد الأشخاص بيزيد أدركت إن فيه أجزاء تانية
عجبتني جدا نقلتك من شخصية لشخصية
حسيت كأنك ماسكة كاميرا و بتصوري حفلة عيد ميلاد و بتنتقلي من وجه لوجه من وجوه المدعوين(مجرد تشبيه ساذج:-p)
المهم إن أسلوبك جميل و مميز
بالنسبة لي لا انتقادات
كملي بسرعة مستنياكي
تقبلي مرور

şᴏƲĻ ɷ
12-08-2013, 20:21
ممـ الجِميل فِي الحِكايَة أنَّنِي حيَن وصَلتْ إلَى آخَرِ
سُطُورها تساءَلت عَن العُنواَن مرَّةً أخرىَ, فكَان فِي
حرُوفِه تماَزجٌ وتناسقٌ جميْل مَع [ مُجريَات وشخوُص الحِكاية ].


أسلُوبكِ جدِيد عليَّ فِي بعضَ السَّطُور, فِي سودوايَّة
السَّخريَة لكِ لمَحةٌ ممُيَّزة, أودَّ أن أقرَأ المزيَد مِنها
لـ آلَفها وَ أتامَّل رُوعتها :



ضربت بقوة يديها طاولة المقهى , ارتعد الفنجان المسكين لكنها لم تأبه لذلك




لم يعد يصرخ على فراس استمر بالصراخ لنفسه !! عله يُخفف وطأة الألم الذي زلزل كيانه و يُخرج قليلاً مما التهم صبره . مكملاً بذلك مثلث مجانين المقهى .



وغيَرها مِن مواضِع الوصَف, كان أكثَرها إثارةً
لـ الجَدل , وأكثر ما أعدَّت قراءَة بضعَ سطُورٍ مِنه هُو
جِدال فِراس مَع نفِسه.


وجدَّت نفِسي بيَن حكايَة جميَلة, أبطالُها وصلُوا لسدَّةَ
البؤَس تملَّكُهم الألَم وامتلئَت قلُوبَهم بالحُزن حتَّى
ظَّننا أنَّ ما وصلُوا إلِيه هُو نهايَة الحِكاية وليَس بدايَتها,


ما بيَن الفتَاةِ الِّتي انفجَرت فِي المقطَع الأوَّل
مِن الجُزءْ, ولَم نعرِف اسمِها بَعد, لكنَّها حازَت على
اهتِمامِي إذ كيَف انفجَرت فجأةً وفِي هذا المكان, حتَّى
تساءَلت مَعها :



لم فقدت السيطرة فجأة ؟ لم الآن ؟ لم هنا ؟ ، لم أمامهم ؟


وهَل سنعرِف المزِيد عَنها ؟


علَى الجانِب الآخر, يبدُو أنَّ الكلَّ نَظر إلِيها كـ
مجُنونَة حانقَة أو مجرَّد إمرأة عصبيَّة لا تعرِف الذَّوق
تصرُخ فِي مكانٍ عامٍ كهَذا سوَاهُ هُو فرِاسْ, الّذِي
كما قُلتِ :



لم ينصت لهمسها الذي آثار فضوله ، بل أنصت لبؤسها الذي ذكره ببؤس مسكينة تبكي الآن من أجله .



يبدُو أنَّ من يعيَش البؤُس والحُزن وإن
اختلَفت الحالَة والسَّببْ, هُو فقَط مَن يستطِيع فهَم
الصَّورةِ بالطَّريقةِ الِّتي فهِمهما أو نَظر بها فرِاس
لتلَك الفتاة فقادَته لمواجَهةٍ [ عقلهِ وقلِبه وَ نفِسه ]
فخرَج علَى أملِ مواجَهة الأحزانِ الِّتي تعترِيه والمُشكِلات
الِّتي تطوَّقه وتقيَّده بأغلالِها,


وأخيراً انضَّم تيم لـ الحكايَة, تيَم الّذِي خسَر
منزِله والدَته زوَجته وأخيراً سُمعته ووظيَفته وصديقه!!
مالّذِي سيصَنعه ؟ وكيَف سيتصَّرف ؟ بصراحَة
حازَت شخصيَّة تيَم على اهِتمامِي بعد فتاةِ المقهَى فِي
بداية الجُزء, ربَّما هُو صمُوده , وربَّما هُو حَجم
المُعاناة الكبيَرة, وأيضاً قادِني مشَهد اصطَدام
فرِاس بِه وسيَل الشَّتائِم الّذِي ألقاه إلى حقيقةً مفادهُا:

أنَّ الصَّور لا تبدُو كمَا هِي علِيه حقيقةً, خلَف الشَّتائِم
وَ الغضَب والنَّظرات الحارِقة, ربَّما يكُمن السَّببْ,

وهذا أعادِني لبدايَة الرَّوايَة كأنَّما أدُور
فِي حلَقة متُصَّلة مُتماسكَة الفكَرة, مِن خلال كلِمات
فتاة المقَهى :




سيئة أنا ، بل غاية في السوء ، لم اهتم بأحد ، لم أبكي أحد ، و لم أتوقف دقيقة للأخذ
بمشورة أبي أو أمي ، لم أرى إخوتي ، و أكره جداً أقاربي ، و أبكي وحيدة ليلاً للا شيء و لكل شيء ، لكني لست بخائنة ، لست أنانية ،
لست حسودة ، و لست .. سيئة




خِتاماً :


بإذن الله سـ أحجِز لِي مقَعد مُتابعَه,
لَم أشَأ أن أتأخَّر بالرَّد فَالحكايَة صاخبَة ورائعَة جدَّاً,
وإن تواضَعت كلِماتِي وطَغت العشوائَّية على ردُودِي
إلَّا أنَّني سأحبَّ أن أمرَّ مِن هُنا وأرى المزِيد من
الفصُول الجميَلة وأعقبَّ علِيها - بإذن الله تعالَى -

ولَن أنسَى أن أثنِي على [ تماسُك الفكرَة ],
وَ جمالِ الأسلُوب, وأشكرِك علِيهما


[ دُمِت بخيْر حال ]

❀Ashes
12-08-2013, 20:44
السلام عليكم
القصه رائعه واسلوبك مميز
بأنتظار القادم

ديدا.
13-08-2013, 21:09
السلام عليكم
فعلا حسيت من البداية إنها قصيرة
بس لما لقيت عدد الأشخاص بيزيد أدركت إن فيه أجزاء تانية
عجبتني جدا نقلتك من شخصية لشخصية
حسيت كأنك ماسكة كاميرا و بتصوري حفلة عيد ميلاد و بتنتقلي من وجه لوجه من وجوه المدعوين(مجرد تشبيه ساذج:-p)
المهم إن أسلوبك جميل و مميز
بالنسبة لي لا انتقادات
كملي بسرعة مستنياكي
تقبلي مرور

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

بالعكس حبيت تشبيه الكاميرا :p
الله يسعدك يا رب ::سعادة::
على وعدي بإذن الله كل 4 أيام جزء و عليه البجزء الجديد يوم الجمعة ينزل بإذن الله
هانتظر تعقيبك ع الجزء الجديد
شكرا جزيلا على مرورك نورا

في أمان الله

ديدا.
13-08-2013, 21:33
ممـ الجِميل فِي الحِكايَة أنَّنِي حيَن وصَلتْ إلَى آخَرِ
سُطُورها تساءَلت عَن العُنواَن مرَّةً أخرىَ, فكَان فِي
حرُوفِه تماَزجٌ وتناسقٌ جميْل مَع [ مُجريَات وشخوُص الحِكاية ].

:أوو: ::سعادة::



أسلُوبكِ جدِيد عليَّ فِي بعضَ السَّطُور, فِي سودوايَّة
السَّخريَة لكِ لمَحةٌ ممُيَّزة, أودَّ أن أقرَأ المزيَد مِنها
لـ آلَفها وَ أتامَّل رُوعتها :


وغيَرها مِن مواضِع الوصَف, كان أكثَرها إثارةً
لـ الجَدل , وأكثر ما أعدَّت قراءَة بضعَ سطُورٍ مِنه هُو
جِدال فِراس مَع نفِسه.

وجب وجود السوداوية في حالة البؤس
بإذن الله تلقي المزيد في الأجزاء القادمة
فعلا أسعدتني ::سعادة::


وجدَّت نفِسي بيَن حكايَة جميَلة, أبطالُها وصلُوا لسدَّةَ
البؤَس تملَّكُهم الألَم وامتلئَت قلُوبَهم بالحُزن حتَّى
ظَّننا أنَّ ما وصلُوا إلِيه هُو نهايَة الحِكاية وليَس بدايَتها,


ما بيَن الفتَاةِ الِّتي انفجَرت فِي المقطَع الأوَّل
مِن الجُزءْ, ولَم نعرِف اسمِها بَعد, لكنَّها حازَت على
اهتِمامِي إذ كيَف انفجَرت فجأةً وفِي هذا المكان, حتَّى
تساءَلت مَعها :





وهَل سنعرِف المزِيد عَنها ؟


علَى الجانِب الآخر, يبدُو أنَّ الكلَّ نَظر إلِيها كـ
مجُنونَة حانقَة أو مجرَّد إمرأة عصبيَّة لا تعرِف الذَّوق
تصرُخ فِي مكانٍ عامٍ كهَذا سوَاهُ هُو فرِاسْ, الّذِي
كما قُلتِ :





يبدُو أنَّ من يعيَش البؤُس والحُزن وإن
اختلَفت الحالَة والسَّببْ, هُو فقَط مَن يستطِيع فهَم
الصَّورةِ بالطَّريقةِ الِّتي فهِمهما أو نَظر بها فرِاس
لتلَك الفتاة فقادَته لمواجَهةٍ [ عقلهِ وقلِبه وَ نفِسه ]
فخرَج علَى أملِ مواجَهة الأحزانِ الِّتي تعترِيه والمُشكِلات
الِّتي تطوَّقه وتقيَّده بأغلالِها,


وأخيراً انضَّم تيم لـ الحكايَة, تيَم الّذِي خسَر
منزِله والدَته زوَجته وأخيراً سُمعته ووظيَفته وصديقه!!
مالّذِي سيصَنعه ؟ وكيَف سيتصَّرف ؟ بصراحَة
حازَت شخصيَّة تيَم على اهِتمامِي بعد فتاةِ المقهَى فِي
بداية الجُزء, ربَّما هُو صمُوده , وربَّما هُو حَجم
المُعاناة الكبيَرة, وأيضاً قادِني مشَهد اصطَدام
فرِاس بِه وسيَل الشَّتائِم الّذِي ألقاه إلى حقيقةً مفادهُا:

أنَّ الصَّور لا تبدُو كمَا هِي علِيه حقيقةً, خلَف الشَّتائِم
وَ الغضَب والنَّظرات الحارِقة, ربَّما يكُمن السَّببْ,

وهذا أعادِني لبدايَة الرَّوايَة كأنَّما أدُور
فِي حلَقة متُصَّلة مُتماسكَة الفكَرة, مِن خلال كلِمات
فتاة المقَهى :

أكيد سأتناولها بالتفصيل بإذن الله بس مو في الجزء 2 , في الأجزاء 3 و ... إلى 9
تيم بطلي الأول يليه فتاة المقهى ثم فراس بطلي المهمل نوعا ما
تنبيه : تيم لم يفقد أمه بعد , ما زالت تصارع الموت
تحليلك جميل ما شاء الله حبيته جدا



خِتاماً :


بإذن الله سـ أحجِز لِي مقَعد مُتابعَه,
لَم أشَأ أن أتأخَّر بالرَّد فَالحكايَة صاخبَة ورائعَة جدَّاً,
وإن تواضَعت كلِماتِي وطَغت العشوائَّية على ردُودِي
إلَّا أنَّني سأحبَّ أن أمرَّ مِن هُنا وأرى المزِيد من
الفصُول الجميَلة وأعقبَّ علِيها - بإذن الله تعالَى -

ولَن أنسَى أن أثنِي على [ تماسُك الفكرَة ],
وَ جمالِ الأسلُوب, وأشكرِك علِيهما
أهلا و سهلا بك دائما عزيزتي
شكرا جزيلا
إذا تصنفي ردك من الردود المتواضعة العشوائية فبسعاد أقولك بردتي قلبي بيه ::سعادة:: مُرحب بردودك بأي صيغة تحبيها :أوو:
بإذن الله

عفوا :أوو: و شكرا لك عزيزتي أيضا


[ دُمِت بخيْر حال ]

[ دُمِت بخيْر حال ]

ديدا.
13-08-2013, 21:42
السلام عليكم
القصه رائعه واسلوبك مميز
بأنتظار القادم

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
شكرا جزيلا :e106:
الجمعة بإذن الله

في أمان الله

A'SHAR
14-08-2013, 15:27
حجز

..đзmi..
15-08-2013, 08:48
سأحجز لي مقعداً إذاً ..


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..
أعتذر عن تأخير الشديد ..
و بالعودة إلى قصتكِ لقد أعجبني كثيراً أسلوبكِ في استخدام الكلمات ..
فقد ذكرتني برواية أحببتها و بالطبع تعرفينها " البؤساء "..
و لا أنسى السرد الجميل و المتسلسل يدفع القارئ إلى معرفة المزيد ..
و لذلك سأنتظر القادم ..
تقبلي مروري ..
و تحيااتي ..

ديدا.
29-08-2013, 03:35
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..
أعتذر عن تأخير الشديد ..
و بالعودة إلى قصتكِ لقد أعجبني كثيراً أسلوبكِ في استخدام الكلمات ..
فقد ذكرتني برواية أحببتها و بالطبع تعرفينها " البؤساء "..
و لا أنسى السرد الجميل و المتسلسل يدفع القارئ إلى معرفة المزيد ..
و لذلك سأنتظر القادم ..
تقبلي مروري ..
و تحيااتي ..

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
لا عليك
شكرا جزيلا
أعرفها مسرحية وأنمي لكني لم أقرأها رواية بعد , حملتها منذ فترةو سأقرأها متى ما استطعت
أخجلتني
أهلا وسهلا

ديدا.
29-08-2013, 03:36
.

..

تبين أخيراً للمجنون الممسك بالمقود منزله ، لم يفكر في تخفيف السرعة فقد أراد اللحاق بها ,
هي أخبرته أنها ستترك المنزل صباحاً لكنه لا يعرف متى صباحاً بالضبط ؟ لم يشأ أن يُحدثها
على الهاتف فما لديه يجب أن يُقال وجه لوجه.

وصل أخيراً . استطاع بطريقة ما التحكم في السيارة لإيقافها أمام الباب، ثم خرج منها تزامناً
مع خروج جميلته الباكية جيداء من منزله. وقفا يتطلعان لبعضهما البعض ، كلاهما ينتظر ما
سيفعله الاخر. هو قرر ما سيفعله في المقهى قبل قليل فانطلق ينفذه. مشى إليها بخطوات واسعة
وعينين تقدحان شرراً فارتجفت المسكينة ؛ فهي لم تره هكذا إلا مرتان كادت أن تحدث كارثة في
كلتيهما. وصل عندها، وقف يتأمل حقيبتها الكبيرة بعينيه المتقدتين اللتين تحولتا للرقة حين تحول
بنظره إليها، امتدت يديه ممسكة بذراعيها ، قربها منه بلطف و احتضنها بهدوءٍ قائلاً :
" لا تفكري مرة أُخرى بالرحيل ، لا أريد أن أُعاقبك هكذا بعد الآن ".


كانت صامدة تمنع عينيها من البكاء و ذراعيها من احتوائه في البداية قبل أن يتحدث، لكنها لم تقوى
منعهما بعد الآن، فأحتوته تبكي مُسددة لظهره بضع ضربات خفيفة بقبضتها الصغيرة . وقفا هكذا قرابة
الساعة، ابتعد عنها أخيراً مبتسماً لعينيها ماسحاً دموعهما بصمت . تركها مبتعداً للحقيبة حملها و أمسك
بيده الأخرى يدها ثم قادها لمنزلهما بصمت و حين أغلق الباب التفت إليها قائلاً :
" سأتحدث مع أمي ، اصعدي للأعلى ".

أوصى أحد الخدم بإعادة حقيبتها ، و اتجه رأساً لأمه طارقاً بابها ، أجابه صوتها القلق : " تفضل " .
فتح الباب و دخل , حين تبينت والدته فراس ، تهلل وجهها و سارعت لاحتضانه ، ثم سألت بلهفة :
" أين كنت ؟ قلقت عليك كثيراً " تحولت لهجتها للعداء : " تلك الحرباء لا بد أنها السبب وراء اختفائك ".
ابتعدت عنه هاممة بالخروج من الغرفة و أكملت " سوف .. "

" أمي " ناداها بهدوء .
التفتت إليه مكملة : " لكنها .. "
قاطعها مرة أخرى : " لا دخل لها "

" فراس يُريد قول شيء ما ". أرشدها قلب الأم فعادت إليه أجلسته و جلست قبالته ، نظرت مباشرة لعينيه
"هات ما عندك".
أجاب بهدوء : " أُحبها ".
فهمت ما ينوي قوله فهمت بالنهوض لكنه أجلسها بلطف و أمسك بكلتي يديها ، قبلهما من ثم احتضنهما
معاً و نظر مباشرة لعينيها : "أُحبك أكثر لذا لا استطيع الاستغناء عنك ، لكننا لن نستطيع العيش معاً، ليس هكذا ".
شد على يديها برفق و أكمل بهمس نفذ إليها :" لستُ راضياً عما تفعليه بها ، أتألم لأجلها أمي ، كل
ما تفعليه بها يؤلمني ، يجعلني أفكر يوماً بعد يوم بالخروج من المنزل ".
توقف يزن كلماته ثم أكمل : " بالفعل بحثت عن آخر ، لكنني لم استطع تركك وحدك هنا ".
ندت عيناه فحولهما لثانيتين و عاد إليها متسائلاً : " ألا تستطيعين قبولها ؟ التوافق معها ؟ من أجلي ؟ "
و حين لم يجد رداً أكمل : " أمي هي يتيمة لا أحد غيري سيهتم بها ، و لا أخطط لتركها لأحد غيري ،
ثم مالذي حدث لكل هذا العداء ؟ حتى أنها أهملتني لترضيك ". ابتسم بمرارة : " تراك أمها التي فقدتها صغيرة.
وعدت أبيها رحمه الله بالاهتمام بها كابنتك أهكذا كنت ستعاملين ابنتك ؟ أرجوك أمي ضعي حداً لهذا أرجوك "
اغروقت عيناه بالدموع ، لم يستطع قول المزيد فاقترب مقبلاً جبينها و خرج.


يعلم أنها ستفكر مراراً في حديثه لكنها لن تحزن ، حاول أن يكون دبلوماسياً قدر المستطاع ,
أن يُدافع عن جيداء دون أن يُلقي اللوم عليها . تمنى من كل قلبه أن ينجح فمعنى ذلك أن مشاكله حُلت أخيراً .




في الداخل


ملئ الصمت المكان صمت يشبه الصمت المصاحب لخبر الموت ، و أمه جالسة على حالها تُفكر

" كادت عيناه تدمع !! " .

كانت دموعه نقطة ضعفها ، رغم أنه لم يتعمد إظهارها إلا أنها عملت كمارد محققة أمنيته .
أخذت ميساء تُعيد كلام ابنها و تزنه مِراراً فوجدته صادق ! هي وعدت والدها رحمه الله
ولم تفي بوعدها . جيداء أهملته من أجلها. فراس يبكي أفعالها ، وحيدها يتوجع ، منها يتوجع !
لا ليس منها بل مما تفعله ، أخبرها بأنه لم يستطع ترك المنزل لأجلها ، هي لا تزعجه بل ما تُعامل به جيداء ،
أجل كيفية معاملة جيداء ما يزعجه : " حسناً سأعاملها بلطف . صادق هي لا تستحق ما أفعله بها " .

كان لدموعه تأثير السحر عليها ، أقرت بكل شيء في خمس دقائق فقط ، ليس هذا فحسب بل إنها أخذت تراجع
كيفية معاملتها لجيداء في الأيام الماضية كي تتغير ، في حين كانت جيداء تغلي في غرفتها داعية :
" يا رب زين فراس بجميل القول و حُسنه ، يا رب لا تدعهما يتشاجران " .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



قبلاً عندما شُهر به لم يفكر بأن العاقبة ستكون وخيمة لهذا الحد ، لطالما أحسن الظن بالناس،
لطالما اعتقد بأن ما يسمعه تهويل مجروح و فضفضة مظلوم مُبالغ ، لطالما آمن بالعقل البشري
و بقدرته على التفريق بين الحق و الباطل أو على الأقل تكذيبه لأغلب المكتوب في الصحف
فتفائل حد أنه أخذ صورة من المحضر كي يعرضه في حال احتاجه.

" في حال احتجته " ضحك بمرارة.
لن يحتاجه أبداً فقد حُكم عليه بالطرد أبداً و دون رجعة .

كان وقع الحقيقة مُر شديد على نفسه ، فقد رُفض في كل وظيفة تقدم لها ، ليس الأمر أن
مؤهلاته لا تسمح فهو تفوق من صغره في الدراسة و أظهر حباً كبيراً للتعلم فلم يكتف
بالشهادة الجامعية فقط بل انطلق بحثا عن العلم بكل أشكاله جامعاً أكبر قدراً من الشهادات.
لكن و ما إن يُقرأ اسم الشركة السابقة و يُقارن اسمه بمقال التشهير حتى يُرفض

" أنا مظلوم !! "
برر و أظهر صورة المحضر و ما من مُصدق . ضاق ذرعاً فقرر أن ينهي بحثه لهذا اليوم .

ذهب للبحر أكره الأماكن إليه و أبغضها لنفسه ، هو يذهب إليه ليستعيد إحساسه ببشريته ،
ليتذكر أحزانه و جروحه التي اعتاد خياطتها دون معالجة أو حتى تنظيف ، و حين يتوجع
من مضاعفات تلوثها يأتي هنا، ليكتئب أكثر ، و يحزن أكثر ، و يتفكر بضعف ضعف ألمه ،
من ثم يرتب أفكاره و يتخذ قراره ، لذلك كره البحر ، فقد كان مفتاح جروح لا حامل لها كما
سمع في صغره .

تيم لم يُخط جروح هذه المرة ، فلم يقوى على إيواء هذا الكم بين طيات غرزه ، حتى أن
إبرته تمردت عليه فقرر إخراج ما به أولاً و معالجته و من ثم خياطته . جلس على طرف
كرسي طويل منكساً رأسه متسائلا بحيرة : " من أين أبدأ ؟ ".



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



امتدت طاولة طويلة امتلئ جزئها الأمامي بكمية لا بأس بها من الطعام تكفي الثلاثة الجالسين إليها،
زُينت المائدة بفضياتها و أطباقها بطريقة مشهية، إضافة إلى إطلالة الغرفة المميزة على مرج بديع
ظلل جماله الغرفة من خلال النوافذ الزجاجية الطويلة مكوناً جو مُلطف للنفس مزيلاً للتوتر .

على النقيض كان الجو متوتراً بين الثلاثة الجالسين عليها . صمت مُطبق قطعته العجوز الأنيقة قائلة بودِ :
" جيداء حبيبتي ، عليك أن تتغذي جيداً ، أنت حامل يا ابنتي ، إن استمريتِ هكذا ستودعين الجنين ،
أنا لا أريد فقدان ابنتي و حفيدي معاً ".
نظر فراس لوالدته فرِحاً ، في حين لم تُصدق جيداء ما تسمعه مُتسائلة :
" أيعقل أن يتغير شخصاً من النقيض للنقيض في سويعات؟ ".

فهمت حماتها ما يدور في خُلدها فجيداء أبسط من الغموض و تكشفها عيناها بسرعة ,
فقالت ببساطة ناظرة لطبقها بعد أن تناولت قطعة من اللحم : " آسفة لأني لم أفِ بوعدي لوالدك،
آسفة لأن غيرتي كانت أكبر من الرؤية السليمة ، آسفة لأني لم أكن أمك كما وعدتك جيداء " .
أمسكت بيدها من خلال الطاولة و أكملت ناظرة لعينيها : " اقبلي اعتذاري يا ابنتي فقد أعمتني الغيرة و ... " .


" أماه " !!!



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



تاقت جيداء لأم منذ صغرها ، تاقت لمعرفة من يتحدث عنها الجميع و تقرأها في الكُتب ،
من أُفنى في سبيلها صفحات و أرواح ، و ضُرب على مر التاريخ أجمل معاني برها

" رباه ما الذي جعلهم يهتمون بامرأة هذا الحد ؟ ".

تساءلت متفكرة في التضحيات ، فداء بالروح و العتق خوف حزنها و قلة بر بها .
ظنت أنه تطبيق للأمر الإلهي ليس إلا لكنها سُرعان ما نفت الفكرة حين رأت مثل ذلك
التعلق و التضحية موجود لدى من هم على غير الملة .

" رباه مالذي تفعله تلك المرأة المسماة " أُم " لتستحق مثل هذا التشريف من البشر
عامة و من الله و رسوله خاصة ؟ "

تساءلت دون مُجيب ، لم تجرؤ سؤال أبيها خوفاً من حزن قرأته في عينيه كلما طلبت
تفاصيل أكثر عن أمها ، و لم تجرؤ سؤال صديقاتها خوفاً من نظرة شفقة تشرخ كبريائها ،
و قد كان السؤال موجعاً لدرجة رهيبة فتجاهلت أسئلتها لكنها لم تخرسها قط، أيضاً لم
تستطع التغلب على الفراغ الذي كان ينمو يوما بعد يوم داخلها ، صحيح أنها انشغلت عنه
لكنها لم تبرأ منه .

عندما تقدم فراس لخطبتها لم تتردد في الموافقة رغم تحذير صديقاتها من شر أمه ،
ففراس العريس المثالي لأي فتاة و هي أحبت جداً أمه فقد نادتها ابنتي و وعدت أبيها
ستعاملها كما تُعامل ابنتها لو وُجدت . صدقتها فَرِحة فها قد وجدت من يُجيبها دون سؤالٍ الآن .

زُفت لفراس و بدأا الحياة معاً ، لتجد حلو الحياة مع زوجها و مُرها مع أمه ، لكنها لم تبالي !!
كانت تتذكر شكوى زميلاتها و تُحدث نفسها :
" لا بد أن هذا ما كُن يشكينه صديقاتي ، لا بُد أن هذه هي الأم ، لكن لم هؤلاء المرضى يعظمون المشاكل ؟ "

ببطء بدأت استيعاب أن حماتها لم تكن لها أماً كما وعدت . اختلاف المعاملة أكد لها فكرتها
يوماً بعد يوم فكون أنها ابنتها يقتضي أنها و في نظر حماتها أختاً لفراس ، لكنها لا تُعاملها
كما تُعامل فراس بلطف و حنان بل بكل قسوة حتى أن جيداء ظنت أنها تتلذذ بإيذائها .

" أتكن من العجائز الكارهين لجنس النساء ؟ ".

لسبب ما وجدت نفسها تُوجد العُذر تلو العذر لها ، حتى أنها حاولت إرضائها بشتى الطرق،
فهي أمها و الله و رسوله وصيا بها. لذا عندما بدأت أمها بالتحدث معها و الاعتذار منها
توقف كل شيئاً عندها و أخذت تُفكر ، أمها تعتذر .. منها تعتذر !!!

" أماه "

أوقفتها بندائها ، تركت كرسيها و احتضنتها بشدة :" أرجوك أمي ، لا تعتذري مني مُجدداً "


جيداء و ميساء اشتركتا في الكبرياء و ميساء عرفت ذلك منذ البداية . لذا عندما رمت جيداء
كبريائها جانباً و احتضنتها بكت، فهي تعرف جيداً معنى أن تترك كبريائها جانباً من أجل شخص ما.
معناه أنها تُحبها ، أنها لم تكن تكذب حين نادتها أمي. معناه أن لها ابنة من حيث لا تدري و هي لم تكن
لها أماً جيدة . كانت نادمة منذ كلمها فراس و الآن تحولت لآثمة . لم تستطع إخفاء دموع ندمها فبكت .
شدت عليها جيداء مخففة ، في حين اكتفى فراس بكرسي المشاهد لأرقى لحظات حياته على الإطلاق
" حبيبته و معشوقته يتعانقان ". شاهد مسروراً مسدلاً الستار بذلك على مشكلته أخيراً .

..

.

ديدا.
29-08-2013, 03:36
.

..

في اللحظة التي تُغلق فيها منافذ التفاؤل تُفتح منافذ اليأس تلقائياً .


تيم توقف عن التفاؤل منذ الصباح ، فراجع آلامه بعين يائس ، وحيد ، مخذول و غاضب،
و بدل أن يفكر سمح للأفكار أن تتقاذفه، حيث الدين الذي أثقله ، حيث الظلم الذي سحقه،
حيث الفقد الذي أوجعه و الفقد الذي أخافه ، و أخيراً حيث الخيانة التي أغاظته و أغضبته.
تلاعب الآلم به و بأفكاره فظل يبحث بيأس مشبع بالقنوط عن أمر ينقذه دفعة واحدة من هذا
كله ، فخلص بحماقة الدنيا للانتحار !!!

أراد أن يبكي إلا أن صدمته أوقفت عمل عينيه و شعوره فبدأ يبرر بيأس :
" أنا انتهيتُ أصلاً، مالفائدة المرجوة من بقائي ".
صمت قليلاً و أكمل : " سينتهي كل شيء بعد ذلك ، الدين سيُسدد فأبي يكسب جيداً ، أنا
لن أحتاج للتوظيف، و لن أخاف فقد أمي، لن أبحث عن صديق ، لن أتخطى آلمي و لن
أنسى آيات ". أوجعه قلبه عند ذكر آيات فصمت بفعل غصة حزنه ثم أكمل :
" يبقى أن يسامحني أبي فسوف أتركه وحيداً . لا بأس سيعتاد الأمر سأخذله لكنه
سيسامحني. حتماً سيفعل ! " .

" و ماذا عن ربك ؟ أمستعدُ للموت ؟ "
صوت ضعيف يصرخ بأعلى ترددٍ يستطيعه لكن تيم صُم بفعل غضبه و سلبيته فلم ينتبه له آنذاك وانطلق ينفذ .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



برشاقة تُحسد عليها تنقلت هنا و هناك غنى ، تُراقب البضائع المتنوعة بملل .
لم يعد التسوق متعة لها بعد أن أصبحت تزاوله بشكل شبه يومي هرباً منهما،
تأففت ثم نهرت نفسها : " اقبلي بذلك لم تعودي طفلة الميتم ، أنت ابنة عائلة مختار الوسطى "

تجلت على ملامحها معاني الاشمئزاز و نشطت ذاكرتها مُعيدة تفاصيل اثنين الشهر المنصرم .
مشرفة الدار _مدام إيناس_ تطلبها لمكتبها ، دخولها المكتب و المحجبة و المسن المبتسمان
بشكل يوحي بفرحة عارمة.

عادت للحاضر . تماسكت فهي لا تنوي البُكاء كما فعلت الصباح في المقهى ، يكفيها ذنب حنث
وعدها مرة واحدة ، لن تسمح بحنثه مرات. كان عليها التركيز في أمر آخر ، فأعادت نظرها
للبضائع في المحلات لتتخذ ملامحها تلقائياً وضع التململ لكن لا مفر ، عليها أن تضيع الوقت .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



كان سريعاً في تنفيذ قراراته ، فانطلق مهرولاً لبيته ، لم تستجب قدماه بداية لكنه أجبرها :
" عليَ المُضي !! عليَ أن أموت لأنجو !!! " .
أدرك اقتراب أجله فبكى ، بحرقة بكى لكن غضبه لم يسمح له بالتوقف و يأسه يدفعه للأمام
حتى وصل أخيراً لبيته. أوقف عقله ، هرول لغرفته ، أغلق الباب دون إحكام ، أخرج ورقة
و كتب بخط راقص : ( أبي سامحني أرجوك ) .
مشى للمكان الذي خبأ فيه مسدسه الصغير ، أعاد حشوه ، صوب على رأسه ، و في الثانية
التي سبقت ضغط الزناد دفع أحدهم الباب بقوة، قوة جعلت يده تخطئ رأسه للنافذة .

كان والده الذي لحق به عندما لمحه عائداً في تلك الحالة، اندفع نحوه برعونة، حرر مسدسه
الذي ما زال حبيس قبضته ، و صرخ بصوت مجلجل أجش : " أجننت ؟!!! ".

كان والده قاسياً شديداً عند الخطأ، لذا لم يتوانى لحظة عن ضربه. بدأ بصفعة راسماً آثار أصابعه
على خده ، ثم تابع بعدة لكمات متتالية لوجهه و جسده و أنهى عقابه بركلة قوية سددها مباشرة
لبطنه ، خرج بعدها كالمجنون يبكي ندماً على ما فعله و ولده حاملاً معه المسدس .

أما ابنه الذي لم يضربه أبيه قط ، كان بضربه ذاك قد استفاق من قنوطه و خرج من تحت تأثير
غضبه ، و عندما أدرك ما كان مُقدماً على فعله عاد للبكاء. لم يبك هكذا حتى عندما مرضت أمه
و توفيت حبيبته. بقي يبكي لساعات حتى سمعه !! الله أكبر الله أكبر . اللـــــه أكبر اللــــــــــــه أكبر .... صوت الحق .
قام بجسد ثقيل و اغتسل ، مقرراً أخيراً أن يستمع لنصيحة والده :" صل الفرض في المسجد !! "

ذهب بجسد ثقيل ، و عاد بنفسٍ هادئة مكنته من سماع صوته الضعيف ، فقد اكتسب بصلاة المسجد
قوة مكنت تيم من سماع غضبه : " ماذا عن ربك ؟ ، أمستعد للموت أمستعد لعذاب القبر
و من بعده عذاب جهنم أبداً ؟ أيها الطائش الغبي ".


فتح باب منزله تزامناً مع انتهاء جملة الصوت ليجد والده ينتظره . فوجئ عندما سحبه من يده
وخرج به.لم يركبا السيارة بل ظل يجره والده جراً حتى وصلا السجن ، أدخله مكتباً ما و أجلسه
أمام أحمر الوجه عريض المنكبين وائل ثم توجه لِـالأخير راجياً بصيغة لاذعة :
" الأحمق أمامك يريد أن ينتحر ، حدثه عله يفهم " .
قال قوله و خرج تاركا عينين متسعتين ، و فم فاغر محدقان بظهره .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



أصبحت تكره الليل ، فقد أصبح سجانها لا مُلهمها كما كان . و أضحت تكره النوم فهو يُجسد
أحلامها التي آمنت أنها لن تتحقق بعد اليوم .


هناك و في غرفة نوم رائعة اكتسح جدرانها السواد وكُسي أثاثها بالبياض تقلبت في سريرها
الوثير غنى، لم تعتد بعد النوم في غرفتها رغم مرور شهر على قدومها ، ليس الأمر أنها لا
تُحب الغرفة لكنها الذكريات تُعذبها.

انقلبت للجهة الأخرى دامعة متذكرة المكتب و مدام إيناس تُخبرها بلطف :
"هذان الغريبان هما أباك و أمك الحقيقيين ".
ابتسمت بحزن ثم بدأت تشرح لها كيف أنها خُطفت و لم يستطيعا إيجادها إلا الآن. نظرت غنى
إليهما ، أباها يبستم بلطف و أمها تبكي من الفرح أعادت النظر لمدام إيناس التي بدلت بسمة
الحزن بسرعة إلى ابتسامة مشجعة .


شعرت بأنها تتابع مشهد من فلم درامي ، سمعت كل حرف قيل منذ بدأ المشهد لكنها لم تعي
سوى جملة : " أباك و أمك ؟ " . " هذان أباك و أمك الحقيقيين ؟ " .
لم تُعجب بالمشهد فأوقفته برفع صوتها عالياً : " عن أي هراء تتحدثون ؟ ".
سكن كل شيء تلقائياً فأكملت بهدوء و استنكار : " أتعلمان كم عمري ؟ " لم تدع فرصة كي
يجيب أحدهم فأكملت بهدوء : " اثنان و عشرون سنة ، اثنان و عشرون سنة حرمان ، اثنان
و عشرون سنة وحدة،، اثنان و عشرون سنة ابنة لماما إيناس ". أشارت إلى المشرفة ما زال
صوتها هادئاً :" كونت عالمي وحدي ، تعلمت وحدي ، بنيت أسرتي وحدي " صرخت :
" و تخبراني الآن أن اتخلى عن كل ذلك لأذهب مع غائبان ! عودا لغيابكما فأنا قوية وحدي و لا احتاجكما " .


توقفت فهي تعرف النبرة المتغيرة المنذرة بهطول دموعها غزيرة . لا أحد يستحق أن تضعف
أمامه، لا أحد صادقاً كفاية ليراها تبكي. هي وعدت نفسها ألا تبكي أمام أحد وبرت قسم دموعها
بكبرياء حتى اليوم. لم تشأ الحنث بوعدها فخرجت تاركتا المشهد صامتاً كما كان منذ بدأت كلامها.
ما هي إلا ثوان حتى تحرك المشهد بطريقة عكسية ، الأم تبكي حرقة كلام ابنتها، و الأب يطوي
انكسار نفسه بشبه ابتسامة. الشيء الوحيد الذي أفلت من دوامة التقدم و الرجوع تلك هو مدام
إيناس، فقد كانت مبتسمة تشرح لغنى ، و الآن تشفق مخففة على والديها .

انقلبت ماسحة دموعها اللؤلؤئية حين سمعت طرقاً خفيفاً على الباب ، لم تُجب ففُتح الباب .
كانت أُمها أتت تناديها للعشاء . وجدتها نائمة فتوجهت إليها ، لمست كتفها بلطف : " غنى ، غنى "
تظاهرت بالنعاس و هي تجيب : " أريد النوم ".
لكن أمها لم تستجب : " أرجوك يا ابنتي أنت لم تأكلي شيئا في الصباح و لم أرك طوال اليوم كي
أعرف إن أكلتي أم لا ، أرجوك قومي للعشاء كي اطمئن عليك " .

أكثر ما كان يُعذبها لُطف السيدة منال و كرم السيد محمد معها ، هما حقاً لطيفان لكنها لا تقوى
حتى مناداتهما بأبي و أمي. تفهما ذلك، عرفا أنها بحاجة للوقت فمنحاها إياه ، علما أنهما قد
ينتظران طويلاً و لم يتذمرا ، بل عاملاها بلطف و مودة ، كانا يُعذباها هكذا لذا لم تستطع رفض
طلب السيدة منال اللطيف و أقرتها واعدة باللحاق بها .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



عادت العينان المتسعتان لوضعهما الطبيعي و أُغلق الفم الفاغر محولاً أفكاره لوائل الذي ينظر إليه ،
انتبه لنظرات وائل فابتسم , قابل وائل ابتسامته تلك باشمئزاز و ازدراء . كان جلياً أنه يُريد البصق
على وجهه و شتمه. يبدو أنه قرر إبقاء ذلك للنهاية فهو أحمق لا موجه له. حسناً سيتجاوز وسيكون
له موجهاً إكراماً لصديقه أيمن و لعله يكسب فيه أجر .
" إحسان "
استرعت نبرته رجل ثلاثيني عريض المنكبين بارز العضلات ، أثارت رؤيته في نفس تيم قناعة.
"لا مجال للمنازلة".

صُعق تيم عندما سمع صوت وائل الآمر يقول : " أفرده في الحبس ". ظن أنه يمزح فأخذ يُردد
لنفسه طوال طريقه للزنزانة : " ستنتهي المزحة عما قريب ، مزحة هاهاهاها ". لكنه و عندما
لمس برودة الغرفة التي رُمي رمياً بها استوعب فصرخ : " أخرجوني ، لم أفعل شيئا " .
رداً ساخراً من مراقب العنابر أسكته : " جميعكم بريئين ، وديعين كالحملان ، و نحن ظلمة "
اخشن صوته : " لن تخرج ".

شيء ما في لهجة السجان أشعره بأن ذلك حقيقة و أن والده زج به في العُزلة. اختفى غضبه
و يأسه فعاد يفكر باتزان : " أبي أتى بي هُنا لحكمة ، ليس ممن يتحكم به غضبه ، ثم أنه غضب
بما يكفي ليضربني لأول مرة ". عادت له ذكرياته عكسيا ضرب أبيه الذي أحزنه، ثم لماذا ضُرب؟
و عاد الصوت الخافت أيضاً بمناصرة خياله هذه المرة، عاد يذكره بربه و بما كان سيحدث لو أن
أبيه لم يحضر ، تخيل خروج روحه ، كفنه و نعشه ، الصلاة عليه بقاءه وحيداً و ربه. ارتجف خوفاً
لكن الصوت لم يرحمه ، أعاد إليه عباداته البالية ، و كيف أنها تُمحى فهو في عداد الكافرين ،
يكفيه أنها باليه " أاختار بنفسي أن تمحى ؟! ".
عاد به الصوت لقبره مجسداً لقاءه للملكين الكريمين " منكر و نكير " سؤالهما و إجابته التي لا يعلم
ما ستكون إلا أنه تيقن "سيُعذب".لم يستطع احتمال تجسيد ما سيُعذب به ، فخر ساجداً الليلة بطولها يبكي .

نشيجه أحزن حارس الزنزانة ، فكر جدياً في إخراجه لكن وائل نهاه حين عرض عليه الأمر ، فسلم مُكملاً عمله .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



جلس الثلاثة متقابلين على المائدة الدائرية الصغيرة في المطبخ . كانت تُحب الأكل هناك
فطلبا تحضير العشاء دائماً هُنا حتى يأكلا معها. حُضر الطعام فجمعت غنى يديها شابكتهما معاً
وأخذت تردد : (باسم ... باركنا يا رب وبارك جميع من اشترك في تحضير هذه المائدة ، إننا
نشكرك يا رب لأنك تعطينا الطعام في وقته. علمنا يا رب أن نطعم الجياع ، ونخدم الجميع ،
و نسبحك على الدوام . أنت الحي المالك إلى دهر الدهور ، آمين ) .
لم يشاركوها التأمين كالعادة فهم مسلمين ، اكتفوا بقول : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) و بدأ ثلاثتهم الأكل .

كانت حقيقة اختلاف الديانة تُربكها فهي لا ترتدي الحجاب كما تفعل أمها و سائر نساء العائلة،
لا تصلي كما يصلون ولا تفعل أي شيء مما يفعلون ، لكنهم لا يُعارضون ذلك ، حتى أنهما سمحا
لها بإدخال مجسم صغير للسيدة العذراء و أوصلاها للكنيسة أيام الآحاد . أيضاً حين كُن نساء
العائلة يوجهن إليها نقداً مُتعلق بالديانة كانت السيدة منال ترد عنها بقوة ناهرتهن ، و حين تبقى
وحيدة معها تحاوطها بذراعها , تربت على كتفها و تقول : " أنت قوية يا ابنتي ، لا تهتمي لما
يقولون " . ثم تمسك بيدها كما تمسك طفلة وتمضي بها حيث الجماعة .
كانت ممتنة قبولهم اختلاف الديانة لكنها ما زالت مُرتبكة ، فتجرأت و سألت :
" ألا يضايقكما ذلك ؟ أنني مسيحية ".
رد أباها مبتسماً : " أبدا "
ألحت : " ألن تهاجموني مثلهم ؟ ".
عقبت أمها : " ديننا يدعونا للإحسان لأهل الكتاب " .
سألت باستنكار : "لم لا يُطبقون _أقاربنا_ ذلك ؟" .
فاجأها سؤال أبيها : " أتطبقين كل ما أمر به الإنجيل ؟ ".
سكتت قليلا ثم غيرت الموضوع فسألت :" لم لا تسمحا لي بمقابلة أخواي ؟ ".
أجاب والدها : " نحن نفهم صعوبة وضعك الحالي ، نفهم اختلاف كل شيء ، نُريد أن تعتادي الاختلاف ،
حتى لا تشعري بالغربة في بيتك الحقيقي مع أسرتك ". صمت قليلا ثم أكمل بابتسامة : " هم يتوقون لرؤيتك أيضا ".
أومأت برأسها دلالة الفهم دون أي تعبير و عادت للطبق .


لقد أحبتهما _السيد محمد و السيدة منال_ أدركت ذلك من الطريقة التي كانت تختلس بها النظر
إليهما خلال العشاء، كانت تختلس النظر لأمها إيناس هكذا عندما قررت التقرب منها أول مرة .
حزنت عندما تذكرت أمها إيناس ، لكنها سعيدة لأنهما لا يمنعان زيارتها ، يمنعان فقط المبيت عندها.
عاودت النظر إليهما لتفجأ بانشراح وجهيهما المحدقين بها فتساءلت بشبه ابتسامة : " ما الأمر ؟ ".
أجابت أمها : " ابتسمت منذ قليل "
و عقب والدها : " بدوت جميلة جداً " .
توردت في حين أصدر والديها ضحكة خفيفة و أكملا العشاء .

..

.

ديدا.
29-08-2013, 03:37
.

..

أشرقت شمس الصباح ، استيقظ تيم متألماً لا يدري في أي لحظة نام لكنه يذكر بوضوح بكاءه و تضرعه فابتسم و عاد يستغفر ربه حتى يأتي الفرج .
في مدة حبسه القصيرة خلص لحقيقة : "ربه أراد به خير ".
أبقاه على قيد الحياة ، لأن دوره لم ينتهي بعد ، انتشله دفعة واحدة مما كان فيه كما أراد ، فأراه الأمور بمنظار البلاء و الصبر ،
عاد عليه بنفع الأجر ، و خفف عنه وطأة التفكير بمشاكله فقد زاحمهم ذنبه و حمقه مُتخذاً أكبر مساحة ، أيضاً وهبه كماً هائلاً من التفاؤل .
بات موقناً ربه لم يجازه بخطئه بل بحنانه و لطفه فعاد للابتسام حامداً إلى أن جاء الفطور .

قيل له أن يستعد ليخرج ففرح ، تناول فطوره بسرعة و استعد لكن خيبته كانت كبيرة عندما علم أنه سينضم للسجن الجماعي .
جُر كما الأمس مُكبلاً هذه المرة كعقاب . أوصله إحسان حيث وائل الذي أخبره أنه سيرافقه خلال الجولة
" أي جولة ؟ " تساءل تيم مستغرباً بفضول
فرد وائل : " جولة في السجن . أنت لست سجين ، أنت أحمق كبير يحتاج السجن ليتأدب ".
سكت خجلاً فجره وائل خلفه حتى استراحة السجن فك قيده و مشى أمامه فتبعه .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624





قرأت مرة في كتاب أبي :


" نفسك عالم عجيب ! يتبدل كل لحظة و يتغير و لا يستقر على حال ، تحب المرء فتراه ملكاً
ثم تكرهه فتُبصره شيطاناً و ما كان ملكاً ولا كان شيطاناً و ما تبدّل ! و لكن تبدلت حالة نفسك
و تكون في مسرة فَترى الدنيا ضاحكة ، ثم تراها و أنت في كدر ، باكية قد فرغت في سواد الحداد ،
ما ضحكت الدنيا قطّ ولا بكت ! و لكن كنت أنت الضاحك الباكي ... " الطنطاوي رحمه الله .


" كُنت أنت الضاحك الباكي " ضحكتُ بصوت عال فقد فهمت أخيراً :
" القرار كان لي , كنت أتبع قرارتي منذ البداية " .
أنا اخترت أن أتقرب من ماما إيناس لأكون ابنتها و حين قبلت أبصرتُ جمال الميتم بعد أن كان سجناً .
أنا قررت رحيلي مع والدي بحجة أنهم سيرغمونني على الذهاب و حين أبصرت وجدت أنهما ما كانا سيفعلان
و أني أدرت ظهري لماما إيناس و صبى أني خذلت الجميع فتألمت . أنا قررت أني لن أتوافق معهما بسهولة فكنت أبتعد عنهما
في حين كانا يتقربان مني بكل الطرق و لما أبصرت البارحة وجدت أماً حنون و أباً معطاء . أنا قررت التقرب منهما و إعطائهما و نفسي
فرصة فابتهجت و أبصرت جمال الصباح مرة أُخرى . فاليوم أنا أتنفس الرياح الهائجة ، استمتع بالشمس الخجولة شبه الغائبة ،
أتمايل بتناغم مع أمواج المحيط ، ابتسم للصباح و أُغني في الشرفة نيابة عن العصافير .



عادت للضحك ، لم تكن سيئة كما ظنت بل كانت جميلة حد أنها تألمت . لم تلم نفسها على الشهر المنصرم فأي إنسان طبيعي
سيرتبك إذا ما استيقظ صباحاً واجداً حياته مقلوبة رأسا على عقب لكنها لامت نفسها أنها لم تسمح لهما بالحديث قبلاً
كما فعلت البارحة بعد العشاء ، كانا مرحين على العشاء حتى أنها استمتعت بوجبتها كثيراً و كانا رائعين حين تحدثا معها بعده .


ضحكا معاً ، حزنا معاً ، بررا لها و أقنعاها بتلقائيتهما أنهما سيناضلان عمراً من أجلها . كانا نادمين رغم أن البحث لم يتوقف طيلة الاثنين
و عشرون سنة الماضية . كيف لم يفكرا أنها قد تكون في نفس البلد ؟ صحيح أن حادثة الخطف حصلت في أحد سفراتهم لكن كان عليهما البحث قريباً ،
لاما نفسيهما كثيراً و آلمهما أنهما لم يفعلا .

" آلمني أنا أيضاً "

وجدت نفسها تحكي و تبكي أمامهما فقد استحقا رؤية دموعها الؤلؤئية !!! حكت لهما كيف قضت أول سنواتها الست وحيدة منطوية ،
انتقال مدام إيناس للميتم و اهتمامها الواضح بها ، تقربها منها و تعرفها على ابنتها صبى ، عائلتها التي تكونت أخيراً ،
دخولها المدرسة و تخرجها من الجامعة ، حلمها بأن تكون نجمة عالمية ، و الشهادة التي كسبتها لأجل ذلك ، و أخيراً فقدان كل هذا لأجلهما !!
لأجل غريبين تاقت للقائهما . شرحت لهما كيف شعرت حين أدارت ظهرها لأمها إيناس و أختها صبى ، كيف طعنت حلمها و جهدها
فأبواها المسلمين لن يسمحا لها بتحقيقه ، كيف أنها قُتلت بالغربة بعيداً عن عائلتها التي كونتها و كيف شعرت بالذنب
حين هدمتها بيديها ، كيف أنها كرهت عائلتها الجديدة و غضبت عليها فهم السبب وراء خسارتها الفادحة ,
و أخيراً كيف عذبها الجفاء و الخشونة التي قابلت بها لطفهما و جمال تعاملهما


كانت تبكي بيأس محنية على الأريكة التي جلست عليها حتى وجدت أمها تقترب منها , تحتضنها بحنان و بهدوء تُحدثها :
" لو أنك أدرت ظهرك لمدام إيناس و ابنتها لما هرعت إليهما عند كل أمر يحل بك ؟ لتوقفت عن زيارتها و لكففت عن مراسلتها و الاهتمام بها كابنتها أيضا .
لو أنك سيئة كما تتوهمين حبيبتي ما بكيتي الليالي السابقة . أخبريني لو أنك تزوجتِ و انتقلت أكنت ستفكرين هكذا ؟ أبداً كنت ستبدئين حياة جديدة كاملة .
ستحزن و تحزنين فأنتم عائلة اختلت بذهابك ، لكن ذهابك لا يعني أنك تبرئتي منهم أو أنك أدرت ظهرك لهم ، أيضاً حبك له لا يعني نسيانك لهم".


أذهلتني أمي عندما احتضنني ، عندما مسحت على شعري و ربتت على ظهري ، عندما نظرت لعيني و أهدتني كلامها الرائع .
بطريقتها تلك قادتني للاعتراف أخيراً " أُريد أن يكونا أمي و أبي "
قادتني لأن أقرر أيضاً : " سأسعى لتحقيق ذلك ".


http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624


قضى نهاره يتجول في السجن ، يستمع لشكوى هذا و قصة ذاك ، كان يحمد الله على العافية عند كل وجه و قصة
إلى أن قابل الشاب الجميل طويل القامة رياضي الجسد ليلي الشعر بني العين ، قدر أنه بعمره فسأل وائل عنه بفضول : ( من يكون ؟ )
جاءه الجواب سريعاً لاذعاً : ( أحمق مثلك ! )
تساءل تيم مستنكراً : ( ألا تؤمن بالأخطاء ؟ ) .
رد سريعاً : ( أنا هنا أُعاقب عليها ) .
سكت تيم فلم يقوى مجادلة وائل الذي استغل كل فرصة لإهانة تصرفه الأحمق لكن فضوله لم يصمت فعاد للسؤال : ( ما جريمته ؟ )
أجاب وائل مُستهجنا : ( تطاول على الدولة باسم الحرية ) .
( هل لي بالحديث معه ؟ )
ساخراً بسط يده مع انحناءة : ( تفضل )


مشيت إليه بخطوات سريعة مبتسماً بحُمق ، قابل ابتسامتي بنظرات تكبر و تحقير ، ألقيتُ عليه السلام فلم يرد و لم ينظر إلي أيضاً ،
أسلوبه ذلك جعلني أُصر بغباء على رد إهانته فوقفت بجواره تماماً سانداً ظهري كما يفعل ، هممت بإخراج الكلمات لكنه أدار ظهره لي متمتماً :
" عربي غبي " ومضى.
هنا اشطت غضباً فلا حق له بإهانة عروبتي ، ليس الأمر أني لا أرى عيوب أمتي أو تدهور أحوالها ،
إنما الانتماء و المحبة ، أنا عربي ، أنا أكبر بظل العروبة يوماً بعد يوم ، أوليس من الجحود أن أدير ظهري لهويتي و أمتي ؟
بل إن أقل تقدير أمنحه أمتي العريقة الاعتزاز بهويتي .
نحن لم نحافظ على ما بنته الأمة لنا صحيح ، نحن سيؤون أجل .
لكن فلننظر للأمر من جهة أخرى ، نحن جيدون كفاية لنرى المعضلة ، لم لا ننطلق للخطوة الأهم التعديل .
الكره التذمر و الجحود لن يُعيد أي شيء لنا ، العمل وحده سيفعل .
ديننا يأمرنا " اعملوا " ربنا يقول :" اعملوا فسيرى الله أعمالكم " .لم توقفنا ؟

توقفت خجلاً حين فكرت بربي بعد فعلتي فعدت للواقع ، كان قد اختفى من أمامي لكني عزمتُ أمري :
" سيستمع إلي شاء أم أبى ".
مسحت المكان بعيني حتى وجدته جالساً على طاولة خشبية لها مقعدان فقط ، شغل هو الأول في حين
انطلقت كي لا يشغل غيري الآخر . تعمدت أن أبدو كأخرقٍ هذه المرة فمشيت خابطاً نفسي بكل ما في طريقي حتى أني
أطحت الكرسي قبل أن أجلس أخيراً أمامه ، قابلت عينيه المتململتين بنظرات ساخرة و قلت :
" الأغبياء لا يفهمون أنك لا تريد التحدث ، و أنت قلت أنني غبي فليكن ، لكني أريد توضيح أمرا ... "
ثم بدأت عرض وجهة نظري الاعتزازية بعروبتي عليه بإسهاب و حين انتهيت تركته و اتجهت لوائل سوياً دون حُمقٍ هذه المرة .

ما استغربته هو التحول الكبير لملامحه و أنا أحدثه فقد كان مدهوشاً و كأنه لم يسمع فخوراً بعروبته قط ، أما ما أذهلني هو ظهوره المفاجئ أمامي قائلاً :
" مهلاً يا أنت "
أجبت بنغمة قوية : " تيم "
لدهشتي مد يده طلباً للمصافحة و عَرف بنفسه : " هشام "
تجاوزت دهشتي و صافحته .
سألني بفضول : " عن أي شيء تُعاقب ؟ ".
توقفت الحروف في فمي رغم أنها تدفقت سريعاً لرأسي ، ما زلتُ خجلاً نادماً إلا أنه لا مفر من الإجابة فأجبته متحاشياً النظر إليه : " الانتحار " .
فاجأني صراخه : " ما هذا البلد حتى حق إزهاق روحي ممنوع ... " .
قاطعته صارخاً أيضاً : " حق ، عن أي حق تتحدث ، لا أنت و لا أنا نمتلك هذا الحق ، أجئت إلى الدنيا بملئ إرادتك كي تخرج منها بإرادتك ؟
حتى أنك لم تدرك وُجودك فيها إلا بعد مرور عدة سنوات على ذلك ، ربك هو من أوجدك و ربك وحده من يُنهيك ، أفهمت ؟ "
بدوت و هشام كمن صعقته صاعقة للتو ، ما زلت متخذاً وضعية دفاع عاقداً حاجبي المرسومان و قابضاً يدي بشدة , بالمصاحبة لنظرة مصعوق فاغر لم تناسب الموقف ،
و هشام مائلاً برأسه مُحدقا بي تنطق ملامحه دهشة .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624


في حالات ابتهاجها القصوى كانت تتجه للبحر صباحاً فتلعب بالماء و الرمل و تتمشى حافية على مزيجهما .
أحبت البحر صباحاً فخلوه أشعرها بملكيتها له ! لذا اعتادت العودة حين تطأ أول قدم الشاطئ فهي تُريد للجميع أن يمتلكوا البحر لحظة مثلها .
وصلت باكراً ، أخذت تلعب و تمرح حتى انتبهت أخيراً لزوجين من الأعين العسلية شابهت لحد بعيد عينيها يرقُبانها باهتمام ،
لم تهتم بهما لكنهما أخلا قانون ملكيتها فانصرفت عائدة . نظرت إليهما متفحصة عندما اقتربت منهما . أخوان . ابتسم أصغرهما بود لها فحولت نظرها عنهما و مضت .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



أنهى وائل النقاش فوراً ، فما سمعه من تيم كان كفيلاً بإقناعه أن الفتى تأدب ، لم ينتظر حتى يُنهيا جدالهما فتدخل مُنهيه
بالقوة جاراً تيم من ذراعه للمكتب ثم هاتف أحدهم .

"ما قصته ؟! " سأل تيم حينما فرغ وائل من المكالمة بانفعال ثم أكمل بنبرة استجوابية عالية :
" هشام الأحمق ، ما الذي فعله ليأتي هنا ؟ فعلته أكثر من التعدي على الدولة ، أحدهم استغله صحيح ؟ أخبرني ؟ "
وائل عريض المنكبين ، حاد الملامح ، طويل العود ، تحرك في مكانه بحركة أنبأت تيم بأن وقت الهدوء و استجماع النفس قد حان .
هدأ تيم تلقائيا و اعتذر فقد أفزعه وائل منذ النظرة الأولى .

سكن تيم فاستغل وائل سكونه و تحدث :" يبدو أنك لن تُطيل المُكوث هُنا ، انتهى عقابك ستخرج متى ما قدم والدك ".
أومأ برأسه دلالة على الفهم ثم ساد الصمت فقطعه تيم بسؤاله بهدوء هذه المرة :
" ما قصته أرجوك أخبرني ، هو أحمق ، لكنه ليس مجرم ، أليس كذلك ؟ " .
لذعته سخرية وائل كالعادة :" أتعني مثلك ، لا ريب أنكما تفاهمتما "
كالعادة لم يجد ما يرد به فسكت , أمام سكوته استسلم وائل و حكى :
" درس أبوه في الخارج و عاد يسب كل ما في بلاده بجحود ، و هو ربى منبهراً بانبهار أبيه شغوفاً بهم .
أراد أن يعرف ما الذي قدسه والده ؟ ما الذي مدحه أساتذته و قارنوه به بحيث يعلون بمنزلتهم و يهبطون به ؟ "
سكت قليلاً ثم أردف : " مقارنة ظالمة أودعت في نفسه فضول دفعه للتعرف على حضارتهم بعمق و لما كان والده يقوم
بتأمين كل وسائل الاتصال الحديثة دون مراقبة توفرت له أسباب المعرفة العميقة ، لم يكن ليميز في صغره بين الخبيث و الطيب
و لم يفهمه والده مبدأ "الحكمة ظالة المؤمن" فتلبس حضارتهم كما هي بخبيثها و طيبها ، حتى أنه أصبح يتحدث مثلهم لغة و فكراً ."
ابتسم بسخرية و أردف :" أدرك والده مسلك ابنه الخاطئ متأخراً فأخذ ينصحه . حدثه بأنه على خطأ نهاراً و مدح رُقيهم ليلاً فاستمع لفعل أبيه لا لقوله حتى نُبذ ".
سكت برهة ثم أردف بتفكير : "لكنه هدأ كثيراً في الفترة الأخيرة و تغير ".
عدل في جلسته مُنهياً كلامه بعد أن أفلتت جريمته من لسانه دون قصد : " يُشتبه بجاسوسيته ".
فكر تيم قليلاً ثم سأل فجأة بحماس :" أيمكنني زيارته ؟ "
عاد وائل للهجة اللاذعة : " بالطبع نسمح بلقاءات الحمقى "
فرح كثيراً و بدل أن يخجل كما فعل منذ الأمس شكر وائل بسعادة ، فاستغرب الأخير فعله و سأل :
" لم تريد زيارته ؟ "
رد سريعاً بحماسة : " سأساعده " .
طُرق حينئذ الباب و دخل أيمن _ والد تيم _ مانعهما من استكمال أو فتح نقاش آخر ، وقف تيم فأمسكه أيمن من يده شكر وائل و خرج جارا إياه عائداً به للمنزل .

شعر باستطفال أبيه له ، فقد أمسك بيده كالأطفال و سحبه خلفه حتى السيارة ،
فتح له الباب ، أدخله ، أمن الباب و أغلقه موصلاً بذلك رسالة صامتة غاضبة :
" ما زلت طفلاً يجب الاهتمام به " .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1908400&stc=1&d=1377747624



اعتذر لوالده في المساء ، حكى له تفاصيل ذلك اليوم و كيف أقدم على فعلته ،
لكن والده لم يقتنع و لم يرض باعتذاره و أخذ يردد : " استغفر ربك ، ليرضى عنك أولاً و من ثم اعتذر لي ".

تيم كان يستغفر كثيراً منذ محاولته الحمقاء ، لكنه لا يعلم كيف يُرضي ربه ! هو مؤمن بالله لكن إيمانه لم يتعدى القلب قط ،
حتى حين صرخ في هشام كان يردد كلمات أبيه التي فوجئ هو نفسه حين نطق بها . لم يكن يعلم ما الذي يفعله ليكسب رضا الله ، فاتجه إلى أبيه و سأله :
" كيف لي أن أُرضى ربي ؟!! "

دُهش أيمن لسُؤاله و ندم بشدة في تلك اللحظة لأنه لم يشد على يد صغيره ،
لأنه لم يكن عادلاً كفاية ليربي فيه حب الله و المراقبة الذاتية لكنه لم يُظهر ذلك بل أخبره بجفاء أن يخلد للنوم متوضأًا و مُستغفر و غداً سيبدأ تعليمه .

حين ذهب تيم أطرق أيمن على سجادته باكياً يدعي بحرقة :
" يا رب اغفر لي قلة مسؤوليتي تجاه رعيتي , يا رب ظننت أني ربيتها فيه حقا " .

..

.

ديدا.
29-08-2013, 03:37
..


من جديد الأجزاء 2 , 3 و 4
الجزء الجديد يوم السبت بإذن الله و هتتوالى البقية كل اسبوع بإذن الله

قراءة مُترفة بالفائدة و المتعة
في أمان الله

..

şᴏƲĻ ɷ
29-08-2013, 14:50
عقَّبت على الجُزئيَن الثَّانِي والثَّالِث,
فطآر كلَّ ما كتبته وذَهب أدراج الرَّياح , قد أجد صعوبَة كبيرة في
إعادة نصَّ الرَّد السَّابِق تماماً :محبط:

-اعتِذر منكِ مقدَّماً عزيزتِي ديَدا-
سأحاول العُودة بردِّ جديد للأجزاءِ الثَّلاثَة وإن لم يكُن بجودة الرّد الماضِي
>> آمل أنّكِ تمكَّنِت من قراءَة ردِّي السابق على الأقل:بكاء:

ديدا.
29-08-2013, 17:18
:بكاء: :بكاء: :بكاء:
لا عليك عزيزتي شاكرة لك محاولتك و اعتذارك و إن لم تستطيعي صياغته مرة أخرى لا بأس :e418:
شفته بس ما ركزت فيه :صمت::ميت: وقتها كان جايينا ضيوف فاضطريت أقفل ولما جيت أركز و أقرأ اخترق المنتدى على حسب ما فهمت :واجم:
شكرا جزيلا

ديدا.
31-08-2013, 13:56
رد لقلب الصفحة

ديدا.
31-08-2013, 13:57
.

..

صباح الأمس

قضت نهارها برفقتهما ، رفضت خروج أبيها للعمل فاتصلت بمكتبه و أخبرت صاحب الصوت العميق الذي أجابها بتسلط :
" أبي مشغول معي اليوم ، رجاءًا لا تضايقه بأي أمر طارئ و أخبر أخواي أن ينوبا عنه ".
أغلقت دون أن تودع المتحدث ثم أقفلت هاتف والديها و صادرتهما مخبئتهما في حقيبتها و أخبرتهما بنفس التسلط :
" لدينا نهاراً حافل ، البسا ملابس مريحة أنيقة ".
ابتسمت ابتسامة عريضة و أكملت : " سنزور أحدهم بعد المغيب ".
أولتهما ظهرها مفكرة ثم عادت مسرعة إليهما : " ما زلتما واقفين ؟ ".
نبرة سؤالها المستنكرة جعلتهما يستديران آلياً يُنفذا ما طلبت ، لكنهما حين وصلا لمنتصف الطريق للغرفة ضحكا و أكملا مسرعين .


تولت قيادة السيارة للحق قادتها كمجنونة إلا أن والداها لم يمانعا فقد اعتادا قيادة شبيهة من أخويها.
انطلقت تعرفهما بها أكثر . أماكنها المفضلة ، أكلاتها المفضلة ، المحلات التي اعتادت زيارتها صغيرة و كبيرة ، صديقاتها ,
العم بائع الذرة على البحر ، و الكثير الكثير من الأماكن و الأشخاص . قضوا اليوم يتسكعون هنا و هناك
للتعرف عليها و عند المغيب ذهبت بهم لمنزل أمها إيناس .


استقبلتهم شرفة جميلة مطلة على تل ، مزودة بجلسة تركية و إضاءة بديعة برتقالية اللون . ظُللت الشرفة بزوائد ممتدة من المنزل ذا اللون السكري ، الزينة البنية و الطراز الياباني ، المكون من طابقين .
ثلاث غُرف نوم للطابق الثاني في حين شغل الطابق الأول غرفة واسعة للجلوس بالإضافة للحمام ،
الصالة و المطبخ . استقبلهم في الداخل جدران المنزل البيضاء ، إضاءة مختلفة الألوان ،
أثاث قليل أنيق ، مساحات خالية موشية بفن شاب رقيق و مسنة مبتسمة في ثوب بسيط
متوسط الأكمام بنفسجي اللون طويل زينته بحزام تفاحي اللون عريض .
عرفاها فوراً فسلما عليها و احتضنتها غنى حين حان دورها .
أثنى والداها على جمال المنزل فشرحت غنى :" صبى مهندسة ديكور مبتدئة ، صممت المنزل و فرشته " .
ثم جلسوا يتجاذبون أطراف الحديث حتى دخلت صبى .
بدت كالفتيان في شعرها القصير المُشعث و ملابس العمل المتسخة , سرعان ما انسحبت معتذرة عن تأخرها و منظرها
فلحقت بها غنى تاركتاً والديها و إيناس معاً .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1909990&stc=1&d=1377958086



حين اطمأنت إيناس لأن ابنتيها لا تستمعان توجهت لوالدي غنى بنظرة معادية و قالت :
" فلتعلما أمراً لم أستطع قوله في الميتم ، أنا لست راضية أبداً عن سرقتكما ابنتي ،
عزائي الوحيد معاملتكما الجيدة و ميلها لكما ،لكني لا أثق بكما لهذا أنتما تحت الاختبار حتى اطمئن عليها ".
تحولت لهجتها للأمر : " عليكما زيارتنا بشكل يومي لحل ذلك ".
تهكمت منال : " ألا تُريدين أيضاً أن نخضع لتدريبات خاصة في التعامل مع ابنتنا أو ما شابه ؟ ".
في حين أنهى محمد النقاش : " سيدة إيناس أعرف أنك لست راضية لكنها ابنتنا " .
سكتت إيناس مغتاظة ناظرة إليه بقهر فأردف محمد بعد تفكير بسيط :
" تقديراً لجهود السنين الماضية سنخضع لاختبارك السخيف لكن عليك أن تردي الزيارة و ابنتك كل مرة ".
اعترضت منال : " لكن ... "
قاطعها محمد : " فليكن لأجلي ".
سكتت منال غاضبة في حين أحست إيناس بتسرعها فاستأذنت تُحضر ما يشرباه .



توجهت منال بغضب لمحمد حين اختفت إيناس تماماً و سألت بعينين تقدحان شرراً : " لم ؟ "
أجابها بهدوء : " ليس الآن ".
لكنها أصرت و قد بدأ صوتها بالارتفاع :" لم ؟ "
علم أنها لن تهدأ حتى يشرح فتحدث :" إذا كانت ابنتنا لم تتقبلنا إلا البارحة ، فكيف بأمها و أختها ؟ ".
و حين تحولت منال للتفكير أسهب : " ثم إنها فرصة طيبة لدمج العائلتين و إراحة غنى ، نحن لم نعثر عليها طفلة بل راشدة ، فكري بها ".
وزنت منال و إيناس المستمعة من خلف الباب الكلام فوجدتاه مُحقاً . دخلت بعد برهة إيناس قدمت لهما الشراب
و جلست مقابلة لمنال تفكر مثلها فابتسم محمد بخبث فقد انتبه منذ البداية لوجودها .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1909990&stc=1&d=1377958086



في الأعلى كانت صبى قد أنهت استعدادها لاستقبالهما و غنى جالسة على السرير تراقبها بمرح .
خيم الصمت عليهما طيلة الوقت المنصرم ، لاحظت غنى استياء صبى فقطعت الصمت متسائلة :
" مما أنت غاضبة ؟ ".
وجهت لها صبى نظرات نارية و أشاحت بوجهها فألحت غنى : " أرجوك تحدثي "
أجابت صبى باقتضاب : " لن يعجبك حديثي ".
أصرت غنى : " فليكن هات ما عندك ".
انفجرت صبى بصوت خفيض : " يأخذاك منا بكل سهولة لأن حمض الدي إن أي يؤيدهما ، يرفضان مبيتك عندنا ،
يقضيان أغلب الوقت متنقلين بك بين أقاربهما ، و يتركانك تبكين وحيدة طوال الليل و تريديني أن ابتسم في وجيهيهما ،
آسفة لا استطيع ".

علمت غنى ما ستقوله أختها قبل أن تبدأ , حتى أنها تعلم بماهية الحديث الدائر بين أمها إيناس و والديها في الأسفل !
كانت قد هيأت نفسها مبكرا لموقف كهذا فطلبت بهدوء من صبى :
" أعطهما فرصة ".
نظرت إليها صبى غير مصدقة فطلب غنى يعني أمراً واحداً " تثق بهما ".
اتجهت إليها ، جلست بجانبها على السرير و سألتها بشك : " ما الجديد ؟ "
ابتسمت غنى فقد وصلت لما أرادت و انطلقت تتحدث بحماسة عنهما وصولاً للحدث الرئيسي
" عشاء البارحة ".



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1909990&stc=1&d=1377958086



ايناس فكرت بهما كشيطانٍ يتراءى لابنتها يريد إخافتها فكرهتهما منذ اللحظة الأولى ، منذ عرفت سبب زيارتهما لكنها لم تستطع منعهما . ظلت قلقة طيلة الشهر المنصرم على الرغم من زيارات غنى المتزايدة و حديثها عن لطفهما ; فقد اكتسبت غنى صفة الاعتماد على النفس دائماً و كتم الأشياء السيئة حتى تتخلص منها . كان من الطبيعي أن تقلق و تشك فقد رأت بأم عينيها رفضها لهما و شهدت بألم اعتراضها على الذهاب معهما و اكتئابها الذي تزايد بعد خروجها , ثم ها هي تمدح لطفهما من أول زيارة " كيف يُعقل ؟! "

لم تفكر أبداً أنها كانت على حق طيلة الوقت فما سمعته يوحي بتفهم عميق و هي لمست بنفسها أكثر من مرة لطفهما و مرحهما كما أخبرتها غنى . أدركت متأخرة أن دموع ابنتها لم تكن بسبب سوء
معاملتهما كما ظنت بل لأسباب أُخر يجب أن تعلمها فاعتذرت منهما عما بدر منها قبل قليل و استأذنتهما
بحجة مناداة ابنتيها و انسحبت صاعدة للأعلى، لم تحتج دخول الغرفة فقد كان الباب مفتوحاً
و نحيب غنى مسموع في المساحة التي احتلتها فاستمعت صامتة .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1909990&stc=1&d=1377958086



انتهت غنى من الحديث ماسحة دموعها بإهمال ، في حين ابتسمت صبى بعذوبة من مشاعر أختها .
مسحت على ظهرها بلطف : " أعجبتني نظرية الزواج ".
و حين نظرت إليها غنى أكملت مسح دموعها عنها قائلة :
" غنى أنت لم تديري ظهرك لنا ، لم أشعر بذلك أبداً ، تعرفين أنك لو فعلتي ما سمحت لك بدخول غرفتي ".
صمتت قليلاً و استأنفت : " كنتِ طوال عمرك تسكنين الملجأ فلم أشعر بغيابك بل سعدت لأني أصبحت أراك أكثر ،
ما أغضبني حقاً عيناك التي لم أرهما منذ ذهابك حتى اليوم سوى منتفختان ، اكتئابك المتزايد و حزنك .
ألقيت باللوم عليهما و كرهتهما ، لكني لم أفكر أبداً بإدارة ظهرك كما ظننت لنا ".
ابتسمت : " على كل حال إن كنت تريدين ذلك سأفعل ، سأمنحهما فرصة ،
لكن عليك أن تتفهمي أن هذا ليس بالأمر السهل ".
أراحت غنى رأسها على كتف أختها و تمسكت بها قائلة بهمس : " أعرف ".
فربتت على ظهرها صبى بلطف متمتمة : " عفوا ".



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1909990&stc=1&d=1377958086



تفاجئتا بيد حانية يعرفا ملمسها و عطر نافذ أدمنا رائحته لعجوز أنيقة لم تكبح دموعها . أدركتا الموقف منذ الوهلة الأولى فأفسحتا لها مكاناً بينهما فجلست إيناس مكملة عمل صبى .
صمت الثلاثة ، اشتركتا غنى و صبى في القلق على أمهما في حين أعلنت الأخيرة في ابتسامة حزينة :
" فليكن ، سأمنحهما فرصة ، استعدي سنزورك كثيراً في الأيام التالية ".
ابتسمتا رافعتين رأسيهما من على كتفها ناظرتين لها فأكملت بحزن ناظرة لغنى :
"لا تنسي أنا أحببتك قبلهما ".

وقعت غنى أسيرة الجملة منذ أن قرأت قصتها أول مرة ، حتى أنها ارتجلت مشهد مستوحى من قصة الجملة.
لذا عندما رددتها أمها غمرتها سعادة مشوبة بحزن ، سعادة عروس بحق فاحتضنت أمها باكية في حين شاركتهما ذراعي صبى محيطة بهما معاً اللحظة



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1909990&stc=1&d=1377958086



حين انتهت منال من التفكير في كلام محمد كانت إيناس قد اختفت ، أدركت و إياه طبيعة الاجتماع القائم في الأعلى فارتبكا .
جُل ما استطاعا فعله الانتظار , لسوء الحظ طال انتظارهما ربع ساعة إضافية ظهر بعدها الثلاثة ضاحكين ، اعتذروا عن تأخرهم و انضموا للجلسة .
أعادت إيناس جملة غنى مبتسمة براحة هذه المرة : " أنا أحببتها أولاً ".
لم يفهما شيء بداية لكنهما ربطا سريعاً الأحداث و جملة غنى المفضلة و حين استوعبا ضحكا .
عاد لمنال مرحها فاتجهت لغنى خلعت خاتمها البسيط و ألبسته بنصر غنى الأيمن مجيبة : " يوم سعدنا ".



غمرتني السعادة حين ألبستني أمي خاتمها ، ضحكت بصوت عال حتى بكيت. كان الجميع يشاركني الضحك إلى أن
نزلت دموعي حارة . انتهى الضحك حينها و بدأت والدتيَّ بإحاطتي بذراعيهما مخففتان . ابتسمتا حين تلامستا ثم
قررتا الاستمرار في فلم الزواج الذي أحببته كثيراً ، فأبعدت أمي منال يد أمي إيناس ، في حين لم ترضى أمي إيناس و بدأتا مشاجرة .

استطعت تميز غيرة حقيقة و منافسة وراء مزاحهما لكنني لم اهتم بذلك فقد كُنت سعيدة بأجواء المنافسة الخفية الجميلة تلك .
استمر الجميع في فلم العرس حتى خرجنا عائدين للمنزل . أصر أبي على قيادة سيارة العروس و ودعتنا أمي إيناس بدموع فرحتها الصافية .
لا أدري ماهية شعورها في هذه اللحظة إلا أني أدركت ستنام سعيدة هذه الليلة .


في المستقبل و حين يُهاجمني بؤس الحياة ستكون هذه اللحظة ذخيرتي ,
سأهدي بها ضحكة رنانة لوجهي العابس في المرآة و سألتفت راكضة خلف ما يحزنني حتى يختفي .

..

.

ديدا.
31-08-2013, 13:57
.

..

بعد أسبوعين

تغيرت حياة تيم تغيراً جذرياً ، حتى أنه لم يعد يندم على محاولته تلك فالجرعة التطبيقية المكثفة التي تلقاها
تدريجيا على يد أيمن قلبت مفاهيمه رأساً على عقب فقد أخذه لحلقات تدارس القرآن و الحديث
حتى يفهم مَن ربه و بم أمره ؟ و كيف يرضيه ؟ صباحاً أما في المساء كان يسمعه بعض من آي القرآن
و يفسرها له لكنه لم يفكر أبداً بعرضه على استشاري نفسي ، فقد آمن والده إيمانا عميقاً بأن القرآن
شفاء و قد كان كذلك فعلاً فتيم اليوم يفكر في ما حصل قبل أسبوعين و كأنه حلم .
يستنكر متسائلاً : " كيف فعلت ذلك ؟!"
ثم يستغرب : " و ما تكون كنهة المشاعر المختلطة العجيبة التي تغمرني ؟!".
كان خجلاً من ربه , حزيناً مما حدث و سعيداً به أيضاً . مُرتاحاً جداً رغم أنه لم يجد وظيفة
و لم تُحل مشاكله بعد فكان قلقاً أيضاً . كان يجد ملاذه في الدعاء فاستمر يدعو راجياً :
" اللهم نصرك , اللهم فرجك , و اللهم تيسيرك للأمور".
دون أن يتخيل أن التيسير و الفرج أقرب مما يتصور فقد جاء مساء اقترح فيه عليه والده :
" ما رأيك بالعمل معي؟".
استجابت حواسه فتمهل أيمن مانحاً إياه وقتاً ليستوعب ثم أكمل :
" لدينا دكان يكسب جيداً و قد شِخت ، قدرتي الحسابية تراجعت ،
احتاج لمن استأمنه على المال و لا يمكنني الوثوق إلا بك ".
قال مازحاً يخفف وطأة الصمت الذي حل فجأة :
" لا تقلق لن أزعجك بطلب مؤهلاتك فأنا أعرفها جيداً ، لكنني لن أتنازل عن المقابلة الشخصية ."
أردف مُطمئننا بعد أن انتبه للعبوس الذي رافقه حين تحدث بجملته الأخيرة :
" لا تخف سأكون مديراً رحيما . أراك غداً في العاشرة صباحاً إن شئت ".

نظر تيم مسروراً من مداعبة أبيه اللطيفة و بادرته الجميلة ، لم يشعر بنفسه إلا حين وثب إليه
مُقبلاً رأسه ثم قرر الاستمرار في مزحة أبيه فقال بعد أن كسى وجهه بجدية خائفة :
( ادعِ لي كثيراً أبي ، لدي مقابلة شخصية في العاشرة صباحاً , علي أن استعد فمديري الجديد لطيف و صارم ).
شد على كلمة صارم فخرجت كاتهام فضحك أبيه بشدة و شاركه تيم ممتناً .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1909990&stc=1&d=1377958086



رمشت عينيه البنيتان بملل مخرجة إياه مجدداُ من دوامة أفكاره المنصبة باهتمام على الأحمق
الذي قابله منذ أسبوعين فتنهد مغلقهما للحظة ثم عاد للغرق مجدداً يتساءل :
" كيف يفكر ؟ بماذا يؤمن ؟ آه يا ربي لو أني أُحدثه مرة أخرى ! "

اعتدل عابساً : " لِم أقدم على الانتحار ؟ كيف له أن يُحب عروبته الساذجة و يدافع عنها بتلك القوة ؟ ".
هو أيضاً عربي ، ينتمي للقوم الأغبياء كما يصفهم لكنه لا يفهم . لمَ على شخص يرى العيوب و الغباء
و يفكر بذكاء أن يدافع بكل العزة تلك ؟ أن لا يتبرأ سريعاً ؟ أن يفتخر بغبائهم , يجد لهم ثغرة أيضا و يبرر ؟
ثم كيف لمن يتكلم بتلك الإيمانيات أن يُقدم على الانتحار ؟ كيف يفكر ؟

تمدد قائلاً : " أوجع رأسي هذا التيم "


انتهى الليل و انقضى النهار و هشام على حاله يفكر ، انتشله من دوامة أفكاره صوت المراقب يناديه :
"هشام أنصار ، زيارة"
صُعق حين سمع اسمه في طلبات الزيارة و فكر عابساً: " من عساه يرغب برؤيتي؟! " .
ثم صُعق مرة أخرى حين علم أن الزائر تيم ، لم يكن يحلم بزيارة ثم يأتي اليوم الذي يُزار فيه و يكون الزائر تيم . أي قدر جميل هذا ؟
ابتهج و ألقى السلام عليه فأجاب الأخر مبتسما.
كان لديه من الأسئلة كما لن تكفي مدة الزيارة لإجابته فاستغل الثانية الأولى و سأل : " لم أتيت ؟ "
أجابه ببساطة " أردت رؤيتك "
بحذر و شك سأله : " لم ؟ "
بنفس البساطة أجاب : " لدينا حديث لم نتمه ؟"
ابتسم هشام مسنداً ظهره بارتياح على الكرسي ثم بصوت , نظرة و جلسة ثابتة تحدث :
" حق ، عن أي حق تتحدث ، لا أنت و لا أنا نمتلك حق كذلك ، أجئت إلى الدنيا بملئ إرادتك كي
تخرج منها بإرادتك ، حتى أنك لم تستوعب أنك وُجدت فيها إلا بعد مرور عدة سنوات على ذلك ،
ربك هو من أوجدك ، و ربك وحده من ينهيك ، أفهمت ؟ "
ابتسم ابتسامة عريضة ثم أردف : " لم أفهم "
سأله مستغرباً :" ما الذي لم تفهمه ؟ "
رفع صوته مجيباً : " إذا كنت تفكر بهذا المنطق ، أي قوة جعلتك تُقدم على الانتحار يا أحمق ؟ "
وجد تيم نفسه يرفع صوته هو الآخر ويجيب " لحظة لحظة ، من منا الأحمق أنا أم أنت ؟ "
ارتخى هشام مرة أخرى قائلا بهدوء : "لست أحمق"
" بلى أحمق "
" لست كذلك "
" حسناً أنت كبير الحمقى "
فرغ صبر هشام ، فالزيارة ستنتهي و على هذا المنوال لن يغمض له جفناً لليال أُخر فاستسلم قائلا :
" فليكن ، أنت أحمق و أنا كبير الحمقى ، هيا اجبني يا أحمق لم أقدمت على الانتحار ؟ "


السبب الذي جعل تيم يزور هشام هو أنه أحس بضياعه ، ضياع أسوأ من ضياعه ،
أراد أن يساعده قبل أن يصل لنقطة اللا عودة . لم يظن للحظة أن هناك من سيوقف
هشام و يضربه و يسجنه إذا ما آلت إليه حاله لما آل إليه ، علم أنه ليصلحه عليه أن يخترق
أعماقه , أن يكسب ثقته . كان كما وصفه هشام أحمق لذا بدأ بسرد قصته.
للحق هو أتى ليساعد هشام ، فوجد أن هشام من ساعده ، فقد تحدث و لأول مرة
عن كل ما يضايقه ، عن كل ما أتعسه و كل ما عاناه ، حتى أنه نسي وجود هشام
و بدأ يتحدث و كأنه يُحدث انعكاس مرآته! علا صوته و نزل دمعه و عندما انتهى
كان هشام مذهولاً يتساءل :
" مالذي تعنيه آلامي مقابل هذا الشاب ؟ " .

صحيح أن أبواه توفيا ، إلا أنهما لم يكفا يوما عن نصحه و رعايته ، حتى عندما قرر
الانفراد بسكنه كحال شباب أوروبا كانت أمه تزوره خمس مرات يومياً و تطيل الزيارة
بالساعات ، في حين دبر أبوه سكنه فاسكنه في الشقة المقابلة , دبر له أيضاً عملاً مريحاً
معه في الشركة و أصبح يزوره مع أمه مرتان تبعاً لعمله و انشغالاته .
صحيح أنه يدفع الإيجار كاملاً ، لكنهما لم يُشعراه أبداً أنه وحيد ، آمنا له كل شي .
آمنا له حتى كمية الحب و الحنان المطلوبة لكي يشعر بالتميز .

الآن و أمام تيم هشام يحتقر نفسه . لم يتصور و لو يوماً حاله لو أن أحدهم أنبأه
أنه سيفقد والداه ، هو فقدهما منذ سنتين في حادث سيارة ، لكنه لم يفكر و لو لدقيقة
واحدة كيف سيكون حاله لو أن أحدهم أنبأه بأن ذلك لهما سيحصل .
خرج من ألم فكرة الخوف من الفقد لتلتهمه فكرة الفقد عينها ، فأمامه شخص فاقداً لحياته
فأّن منادياً بهمس :" رباااااااااااه ".

كان كلاً منهما غارقاً بتفكيره هشام يقارن و تيم يتجرع مرارة ذكرياته .
استردا وعيهما حين علا صوت المراقب يعلن انتهاء وقت الزيارة فمسح تيم دمعه و فظ هشام
يداه المعقودتان . ابتسم تيم و ردد ناظراً للطاولة :
" آسف ، لم أقصد ذلك ، أردت أن أُحدثك في أمر آخر ".
مد هشام يده مُصافحا للمرة الثانية و أجاب : " أرجوك تعال لزيارتي مرة أخرى ، أريد أن أتحدث معك ".
علا صوت المراقب : " لا تتلامسا ".
فانهيا المصافحة مبتسمان و خرجا كلا في طريقه ، فرحان بالزيارة ، متشوقان ليوم الغد .


في تلك الليلة ، تمدد تيم يصفر بسرور مُقرراً : "هشام سيكون صديقه الجديد المقرب " .
في حين تمدد هشام يفكر بشغف يستحضر قصته التي قرر أنه سيحكيها له غداً .
ظن خطأً أن كسب الأصدقاء يتم هكذا فهكذا كسبه الأحمق تيم و هو عزم أمره
" تيم سيكون صديقه المخلص ."


أتى اليوم التالي مُخيباً لأملهما فقد مُنع تيم من الزيارة . أخبروه بأنه سجن و ليس
مشفى إذا أراد رؤية صديقه عليه الانتظار لفترة .
متذمراً فكر : " ما بالهم لقد أدخلوني هكذا .. ". توقف عندما أدرك السبب :
" وائل الشريف كان يتجاوز و يستخدم نفوذه بما لا صلاحية له به ."
أصبح حانقاً فقد استعاد كل المرات التي أهانه فيها وائل الأمين لكنه كان ممتناً
فلولا السجن بعد الله لما أصبح هذا اليوم حاله
فأقر مُتنهداً : " لا بأس سأعود مرة أخرى أخبره بذلك ".


خاب أمل هشام أيضاً لكن حدسه القوي أنبأه : " سيعود لزيارتي و ستتوثق صداقتنا بإذن الله ".
و قد صدق حدسه , فقد توالت الزيارات موثقة صداقتهما حتى اليوم الذي خرج فيه من السجن
بعد أن تأكدوا أن لا علاقة له بالجاسوسية و عاقبوه على مقالاته الهجومية المنشورة
في الإنترنت بالسجن لمدة ثلاثة أشهر .


طبعاً علم تيم بوقت خروجه لكن صدمة وفاة أمه أفقدته ذاكرته مؤقتاً .
ظل يواسي والده بعد أيام العزاء دون أن يجد من يواسيه . أراد أن يُحدث أحداً فخرج باحثاً عن هشام .

ذهب للسجن فوجده واقفاً أمام بابه ينتظر ، ابتسم ملوحاً بضعف و قد تذكر ثم اقترب منه سلم عليه
و حاول أن يهنئه بأكبر قدر من الابتهاج لكن تهنئته وصلت فارغة باردة حتى أن هشام فهم أن هناك خطب ما .
لم يُرد التحدث أمام السجن فأشار له أن يتبعه .
سأل تيم : " ألن يأتي أحد ليصطحبك ؟ ".
أجابه ببرود : " لا أحد يعلم أين أنا !! ".
دخلا سيارة تيم , أصر هشام على القيادة فتركه يفعل ، فأدار المحرك و سأل : "ما بك ؟ "
خرجت كلماته بسهولة فقد انتظر السؤال بفارغ الصبر : " والدتي توفيت "
سكن كل شيء ، لم يحتمل ثِقل السكون المفاجئ أيضاً فبكى في حين اندفعت
يد هشام تربت على كتفه : " إهدأ ".


ظل يبكي طوال الطريق كالأطفال ثانياً ساقيه على المقعد و دافناً وجهه
بين يديه في حين خفف هشام السرعة حتى يتيح له مزيداً من الوقت .
لما هدأ تيم كانا بالقرب من مطعم فأوقف هشام السيارة و نزلا للغداء . أخبره هناك بالتفاصيل ،
المرض ، الألم ، الموت ، أيام العزاء الثلاثة ، حال أبيه الشارد الصامت ، و الوحدة و الفراغ اللذان خُلفى في نفسه . واساه هشام و عزاه فهدأ حتى أنه بدأ يستشعر طعم الوجبة و أصبح قادراً على الابتسام ، لم تكن ابتسامة جيدة إلا أنها أفضل من ابتسامة الصباح و هذا ما أراح هشام .
حين خرجا عاد هشام للقيادة مُصراً سيوصله لبيته .
"لا بأس" أجاب تيم ثم تساءل : " و السيارة ؟ ".
رد مازحاً : " سأكون ضيفك غداً ، عليك أن تُحسن ضيافتي لثلاثة أيام متتالية ".
فابتسم مرحباً : " أهلاً و سهلاً البيت بيتك ".
أومأ معيداً نظره للطريق ثم طلب بلهجة أمر فظة :
" جهز لي حماماً خاصاً لن استخدم حمامك و النوم اممممممم لا بأس ستتنازل لي عن سريرك ".
عبس مكملاً : " جد لنفسك مكاناً منذ الآن و خذ معك أغراضك المهمة !! "
أكمل ملوحاً بيديه في الهواء ضاغطاً على كل كلمة : " لن اسمح لك بدخول غرفتي طوال فترة مبيتي عندك".
أكمل ملوحاً و كأنه تذكرشيء هذه المرة : " لا أحب الحساء كثيراً إياك و طبخه ، لا بأس بشوربة الفطر إن لم تجد شيئاً آخر ... " .

كان سيكمل إلا أن يد تيم القوية أسكتته بضربة على رأسه سمع بعدها متألماً صوته الحانق :
" البيت بيتك يعني مرحب بك في أي وقت و لأي وقت ، غير أني سأقاسمك الغرفة بل إني سأرميك على الفراش الأرضي، و سأرشدك لحمامات المسجد إن لم تُرد مقاسمتي حمامي , أيضاً ستطبخ لنا جميعاً فنحن لا نعرف ما يناسب ذوق السيد هشام ".
نظر إليه مستنكراً و ذكره : " آداب الضيافة و كرم العرب ".
أعاد تيم جملته ببراءة : " البيت بيتك يا أخي " . سكتا برهة ثم ضحكا .

وصلا لمنزله فنظر لصديقه ممتناً , كان سيتمتم بكلمات الشكر لكن الآخر
منعه بضربة خفيفة على رأسه : " لا شكر بين الأصدقاء ، هيا اخرج من سيارتي ".
اغتاظ تيم فأجاب : " سوف أبلغ عن سرقة السيارة سترى " .
ما أن أنهى جملته حتى مال هشام لبابه فتحه على مصرعيه ،
رفع قدميه عن الدواسة , استدار سريعاً جهته و ركله فسقط خارجاً .
حين استدرك تيم الأمر كان هشام قد أغلق الباب و فتح النافذة قائلا:
" سانتظر الشرطة ، هي تعرف عنواني مُسبقاً ".
ثم رفع يده مودعاً و انطلق ، فرد إليه تيم التحية متذمراً دون أن يلحظ العين الخائفة التي راقبت المشهد بحزن .
..

.

ديدا.
31-08-2013, 13:58
.

..


غيرت التقسيم وعليه التسعة أجزاء صارت سبعة
نزلت خمسة للحين و يبقى جزئين على اسبوعين بإذن الله هينزلوا
أشوفكم السبت الجاي بإذن الله

في أمان الله

..

.

❀Ashes
31-08-2013, 19:33
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحباً كيفكِ ؟ اتمنى ا تكوني بخير

بالرغم من موت والدة تيم إلا ان بارت كان رائعاً و مسلي موقف هشام و والده عن عمل و صدقاتهما لقد كان بارت جميل

بانتظار البارت القادم على نار

ديدا.
07-09-2013, 20:48
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحباً كيفكِ ؟ اتمنى ا تكوني بخير

بالرغم من موت والدة تيم إلا ان بارت كان رائعاً و مسلي موقف هشام و والده عن عمل و صدقاتهما لقد كان بارت جميل

بانتظار البارت القادم على نار

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
تمام التمام الحمد لله , ماذا عنك عزيزتي ؟

:أوو: ::سعادة::
الله يسعدك يا رب

بعد قليل بإذن الله
في أمان الله

ديدا.
07-09-2013, 20:50
.

..

بين أشجار حديقة فيلا مختار نُصب سرير شجرة راق كثيراً لغنى فأصبحت تتمدد عليه
كل ما سمحت الفرصة و غاب أخواها عن المنزل فبوجودهما ستسقط مستيقظة عدة مرات دون أن ترى فاعل .
ابتسمت و عادت بها الذاكرة لأول لقاء .


أيقظها محمد صباح اليوم الذي تلى فلم الزواج ، تأذت عيناها من الضوء حين استقبلته فجلست عابسة
تستفهم فأعاد أبيها جملتها بنفس التسلط و الانفعالات :
" لدينا نهارا حافل ، إرتدي ملابس مريحة أنيقة ، سنقابل أحدهم بعد ظهر اليوم".
تركها خارجاً من الغرفة ثم أعاد فتح الباب آمراً : " بسرعة ".
فتحركت مستغربة للحمام .
أدركت طبيعة اليوم التعريفية حين استعاد عقلها نشاطه بفعل المياه و خمنت أيضاً أنها سترى أخويها أخيراً فلم تستطع التمهل.


مرت نصف ساعة قبل أن تظهر في تنورة غجرية قصيرة _ تحت الركبة _ بيضاء مع بلوزة صفراء و جاكت
وردي قصير بالإضافة للحقيبة و صندل و سوارين عريضين أصفر و وردي .
علقت أمها مستغربة الألوان : " كيف دمجتها ؟ " فأجابت مبتسمة : " صبى ".
في حين لم يرضى والدها بخروجها هكذا فعادت غاضبة تبدل ملابسها ، ثم عادت للظهور بعد نصف ساعة
أخرى في بنطال جينز _سكيني_ و بلوزة رسمية بيضاء و خف فأعادها محمد غير راضٍ مرة أخرى .
أخذت تظهر و تختفي حتى رضي والدها أخيراً عن فستان أسود و أبيض بدأ كبلوزة رسمية فخمة
بيضاء حتى الصدر ثم انتهي كفستان أسود حتى الركبة ثم شراب طويل أسود أخفى الباقي
و كعب صغير أسود اللون أيضا للقدم .
لاحظ محمد استيائها فاقترب منها و أحاطها بذراعه قائلاً : " سأجن إذا ما أعجب بك أحدهم و نظر "
و حين نظرت إليه أكمل بلهجة صارمة :" أنت لست سلعة عرض ".

لا إرادياً ابتسمت فقد تذكرت جملة أمها المماثلة التي تجاوزتها كثيراً و صبى فوجدتا التوبيخ و العقاب
من إيناس التي لم تتساهل معهما في مسألة اللباس أبدا بل كانت تعاقبهما بلبس ملابس شتوية
في الصيف و العكس إذا ما تجاوزتا . يبدوا أنها ستودع التجاوز نهائياً هذه المرة .ابتسمت و رضيت فجأة عن لباسها .

قضوا النهار كما الأمس متنقلين في أرجاء المدينة لكنهما _والداها_ عاشا دائماً في رفاهية فاختلفت الأماكن
ففي جولتها الصغيرة زارت أكثر محال المدينة ترفاً . كانت مستمتعة ببيئتها الجديدة لكنها أحست برهبة
في أماكن كثيرة كاليخت الذي ركبته لمدة ساعة معهما ، أيضاً في المطعم حين رأت الفضيات الكثيرة على الطاولة ،
لم تعرف كيف تستخدمها فتبعت خطوات منال التي تمهلت حين أدركت عيون غنى المراقبة دون أن توجهها فتصرفت جيداً تبعاً لذلك .

أخذاها بعد الغداء لمنتزه بسيط هادئ ، استغربت أنه يختلف عن الأماكن التي زارتها منذ قليل معهما لكنها لم تلقي بالاً لذلك.
قاداها لجلسة عادية شاركا فيها بعد برهة الشابان اللذان رأتهما أمس على الشاطئ.
تفحصتهما باستغراب مشوب بالفضول ثم التفتت لأبيها متسائلة فقدمهما مشيراً لأكبرهما :
" حسام " تحركت يده للأصغر : " رائد " ثم توجه إليها :" أخواكِ " .
ضحكت ببلاهة . كان عليها أن تعرفهما فالشبه العائلي مع يسره بارز فثلاثتهم يملكون نفس الأعين.

ظنت خطأ أنها ستلتقي برجال أعمال من طراز الصُلع البُدان حين حدثها والدها عنهما
و كيف أن حسام تولى إدارة الشركة في حين أسس رائد مجموعة قابضة تابعة لها لكنها فوجئت بشابين جميلين بشوشين.
قالت لهما لما هدأت بابتسامة عريضة : " أنا غنى ".
مد حسام يده مُصافحاً و قال بصوته العميق : " سُررت بلقائك ".
دُهشت لسماع صوته فقد أدركت أنها حدثت أخيها بالأمس دون أن تُدرك في حين نظر إليه رائد مستنكراً :
" ما رأيك أن تبدأ بعرض صفقة ، لا لا الأفضل أن ترمي لها بملف فارغ و عليها أن تملئه ".
نظر حسام لـأخيه مُتحرجاً فقام الأخير من مكانه مُتجهاً لغنى التي وقفت تلقائياً حين وصل إليها ثم قال شارحاً :
"حسام خجول و يتلعثم إذا أدلى بأكثر من ذلك في لقاء أول عكسي ".
احتضنها مكملاً : "بحثت عنك طويلاً ، أهلا بعودتك و سررت بلقائك ".
ارتبكت عندما احتضنها رائد و بكت حين سمعت كلامه فخبأت وجهها في قميصه متمتمة : " و أنا أيضاً ".
عند ذلك انسحب والداها من الجلسة متيحين لهم الفرصة ليتعارفوا على طريقتهم .

فهمت غنى أخيراً لم اختارا هذا المكان ؟ فقد كان المكان المناسب لاستقبال عاصفة الضحك و الدموع
التي علما يقينا أنها ستحدث . في البداية جلس ثلاثتهم يتحدثون كغرباء بأدب ثم كسر رائد الجو بمزاحه
الثقيل مع حسام في حين أخذت غنى تهزأ بهما و تضحك فانقلبت الطاولة عليها حيث تخلى حسام عن خجله
و وحد مزاحه مع رائد و هجما عليها . تطور الأمر بعد ذلك لمناوشات بالأيدي و مشاجرة طفولية بين حسام
و رائد أشركا غنى فيها طبعا .
بالنتيجة كانت قد ألفتهما بنهاية النهار فاقتسموا معاً لحظات كثيرة و حين أطرقوا عائدين للمنزل ،
سحبها حسام من ذراعها و احتضنها قائلا : " لعبتي الصغيرة اشتقت إليك كثيراً " .

كان حسام في الرابعة عندما خُطفت غنى ذات الربيعين . كانت لعبته المفضلة فقد اعتاد أن يجرها
من يديها على الأرض في لعبة المكنسة الكهربائية التي ابتكرها ، كما استمتع بقص شعرها الآخذ
بالنمو ، أيضاً كان يجرب مستحضرات منال التجميلة على وجهها و جعلها مرة مرمى لحبات البلى الصغيرة .
وبخته أمه كثيراً و منعه أبوه من اللعب معها لفترة فحزن كثيراً .
تذكر ذلك حين احتضنها فأكمل :" افتقدتك جداً " .
احتوته أخته مستفهمة باستغراب : " لعبتك الصغيرة ؟ ".
ابتعد عنها ممسكا بيدها للسيارة و بدأ يحكي لها طوال الطريق عن مغامراته معها ، ظلت تضحك حانقة
و استمرت تتشاجر معهما حتى توقفت بهم السيارة أمام فيلا مختار منزلها أخيراً .

" طراااااااخ "
أعادها للواقع سقوطها القوي من سرير الشجرة .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1914566&stc=1&d=1378587210



لم تكف عينيه الحزينة عن مراقبته قط ، ظل يراقبه بذعر منذ توفيت زوجته ، يخاف أن يعود لحالة
يأسه و يعاود الانتحار . طوال أيام العزاء لم يبعد ناظريه عنه و بعد أيام العزاء تعذب بناري تيم ذاتها
بفارق أن تيم ودع إحداهما فقد فَقد ما خاف فقده ، في حين سلك أبيه مسلك الحرص فأحاطه ليل نهار .
حتى تيم أحس بإحاطة والده الدائمة له . حمداً لله أن ظن به حُسناً و قدر موقفه طلباً صامتا للمواساة ،
فكان يواسيه كلما استطاع ذلك . سعد أيمن بمواساة ابنه كثيراً فقد كان دافئاً لطيفاً كما عهده ،
سعد بأنه يهتم به بهذا القدر ، بأنه لا يتأفف من عودته للاهتمام بعجوز مثله لكنه كان قلقاً عليه أكثر .

أدرك متأخراً " عليه أن يتركه بمفرده ليطمئن بأنه لن يعاود الانتحار مرة أخرى " فسمح له بالمغادرة .
قضى أربع ساعات في محاولة عقيمة لتهدئة نفسه الخائفة على ابنه و حين عاد أخيراً سالماً يضحك اطمئن.
فالآن فقط هو أدى مسؤولية رعيته على أكمل وجه . الآن فقط يستطيع أن يتمنى الرحيل مع سارة دون خوف
من أن تتحقق أمنيته . الآن يستطيع أن يرتاح من خوفه فقد ابنه فابنه عاد لرشده و هو سيتضرع لله
صُبح مساء ليحميه من وسوسة شيطان تلقي به في جهنم.

أيمن لا يخاف فراق ابنه في الدنيا فهو زائل لا محالة ، سيصبر و يلقى ثواب الصبر لكنه يخاف
فراق الجنة و النار فهناك لن يرى ابنه قط . عمل بجد لهذا فأكرمه ربه برؤية أول ثمار عمله فكان حق عليه الشكر.
سجد شاكراً ربه أن طمأنه على ابنه , أن حفظه ، أن أراحه فأراه أول ثمار عمله
أن قدر له السجود شكراً على ذلك ، أن قدر له الدين الجميل قبل ذلك كله ، يحمد و يحمد
و لا يستطيع أمام رحمة ربه و كرمه إلا البكاء و الشكر .

هذه مقدرة العبد دائما محدودة و هذا كرم الرب دائما كامل ، يرضى عن عبيده رغم محدوديتهم و كثرة خطأهم ،
يعاملهم بكماله لا بنقصهم ، حمداً و شكراً لك يا رب .

..

.

ديدا.
07-09-2013, 20:51
.

..

وصل تيم للمنزل مرتاحاً فالآن سيستطيع مواساة أبيه و التخفيف عنه جيداً
أيضاً زيارة هشام لا بُد و أن تقلب الجو فهو مرح جداً ، تذكر ما حدث قبل قليل فأكمل بوجه عابس :
" لكنه يثقل المزاح أحياناً .. أحياناً كثيرة .. دائماً ".
تنهد متذكراً عليه أن يُحدث أبيه عن زائر الغد و يجهز منزله لضيف الثلاثة أيام .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1914566&stc=1&d=1378587210



بحث راكب السيارة الفضية الصغيرة بلهفة حين ولج أحد الأحياء الراقية عن العمارة الرخامية الحديثة
وجدها أخيراً فتوقف أمامها و نزل بشوق مسرعاً لبيته ، دخل شقته أولا استحم و غير ملابسه
ثم خرج جرياً لشقة أبيه و أمه يريد لقائهما !! حتى و إن توفيا هو لن يتوقف عن زيارة ذكرياتهما أبدا
فالموت يذهب بالأجساد فقط أما الذكريات فتعيش إلى أن يقرر المرء دفنها في ذاكرته .

تلكأ هنا و هناك حتى اكتفى من الذكريات فذهب لغرفة نومه القديمة. التقط من دولابه
برواز جميل نظفه جيداً و أمعن النظر فيه , أمعن النظر إليهما. سحت عيناه بالدموع فضمهما لصدره
ثم أعاد النظر إليهما مرة أخرى بادئاً حديثاً خاصاً معهما !!

اعتذر أولا عن انقطاعه المفاجئ و أخبرهما عذره ثم بدأ يتحدث عن ما حصل له بالتفصيل الممل
وأنهى حديثه أخيرا متوجها لأمه :
" أماه ، كُنت دائماً قلقة لانعدام أصدقائي لا تقلقي ها قد وجدت أحدهم , سوف آتي به إلى هنا حتى يتعرف إليكما ".
استطرد : " بالطبع بالطبع ، لا تقلقي سأريه صورة أبي فقط لكني سأرسل له سلامك ".
أنصت قليلاً ثم أجاب :" أعرف أنك تتوقين لرؤيته ! أتعلمين ؟ أخبرني بأن أعرفه عليكما في الجنة ، اصبري أمي حتى ذلك الوقت
و نامي مطمئنة فلدي صديق " .



هشام كان مفكراً قلباً و قالباً ، لم يحدث أن التفت لشاب من جيله لأنه رآهم حمقى كما كان يقول
والده سامحه الله فكان يُجالس كبار السن دائماً ، حتى أنه اعتاد على مجابهتهم في الجدال فينتصر.
و لأنه كان يمضي أغلب يومه وحيداً توفر له وقت فراغ طويل عمل على ملأه بجمع كم هائل من المعرفة
العميقة لعدة أشياء شملت التحدث بأربع لغات بطلاقة ، إتقان رياضة كرة السلة ، الكونغ فو ، السباحة ،
و ركوب الخيل. أيضا قرأ بتوسع في كل الكتب التي استطاع فهمها و خصص الجزء الباقي من يومه
للتسكع بين عمل خيري و آخر تطوعي .

مؤخراً سقط صدفة بين يديه كتاب " في ظلال القرآن " لسيد قطب فقرأه , اتجه بعد ذلك لقراءة كُتب الدين
التي أفهمته دينه الذي راق له كثيراً فبدأ العمل به ، عرف ربه جيداً فتقرب منه ، حافظ على صلواته ،
عمل بما أُمر به ، و اجتنب ما نُهي عنه , حتى أنه استطاع التخلي عن بعض عادات الجهل
التي اكتسبها فأراح بذلك والده لكنه حافظ على اشمئزازه من مجتمعه .
بقي له أن ينهي قلق أمه بتكوين صداقة مع شاب من جيله لكنه لم يُفلح ، حاول أكثر من مرة لكن
محاولاته باءت بالفشل فترك الأمر لفترة لكنه عاد إليه حين حدث تيم للمرة الثانية.
يبدو أنه نجح حقاً في تكوين صداقة هذه المرة .

عاد لاحتضان الصورة مودعاً ثم أعاد كل شيء مكانه و خرج عائداً لشقته . جهز نفسه للخروج فعليه
أن يزور قبريهما أيضاً بعد ذلك سيرتاح و غداً سيجهز نفسه للمبيت عند تيم .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1914566&stc=1&d=1378587210



تأوهت غنى الممدة على الأرض بألم ، فقد سقطت بقوة على الأرض هذه المرة ،
حتى أن صبى تفحصتها بسرعة خوفاً أن تكون تعرضت لكسر أو ما شابه فوجدتها سليمة فقط آثار السقوط .
تكلمت غنى المتألمة : " لن ترتاحوا حتى أحصل على كسر أو شلل ".
أكملت صبى عملها ضاربة غنى على رأسها هذه المرة قائلة : " أعوذ بالله ".
ثم أكملت حانقة : " تستحقينها أيتها الشاردة الهائمة ".
" متى تكفين عن سخافاتك ؟ " سألت غنى بنفور
" عندما تكفين عن شرودك " أجابت مبتسمة باستفزاز

ماهي إلا لحظات حتى بدأتا الكلام و الضحك و كأن شيئاً لم يكن
سألت غنى عن إيناس فأجابت صبى بأنها مشغولة في الميتم ثم سككتا.
استغلت غنى السكوت القصير و سألت : " هل ستكرهينني إذا أسلمت ".
ابتسمت صبى مُجيبة : " أبداً "
لم تهضم غنى من ردة الفعل الهادئة فألحت : " لم ؟ ".
تنهدت صبى : " كُنت أولاً أظن أنهما سيمنعانك من رؤيتنا و التحدث إلينا بسبب اختلاف الديانة ،
حتى أنني فرضت الأسوء سوف يجبرانك على اعتناق الإسلام ، لكني فوجئت بأنهما لم يفرضا حتى الحجاب
رغم كثرة النقد الموجه إليك و إليهم بسببه . صراحة ظننت أنهما يتحايلان لكسبك
لكنهما استمرا بذلك حتى بعد أن تقبلتهما ".
سكتت و أكملت : " تجرأت و سألتهما ذات مرة :" لم ؟ " فأجاباني بقول عجيب :
( إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء ) ".
ابتسمت غنى شارحة :" آية من القرآن "
عقبت صبى : " شرحا لي بعد ذلك ".
أكملت : " توصلت بعدها لقناعة ، هم لم يفكروا بنا أبدا كدين بل كإنسان ،
و فهمت أيضاً أن دينهم لا يمنعهم من التعايش معنا بل يأمرهم بالإحسان إلينا ، لذا لن أحزن إذا غيرتي
ديانتك طالما أنك ستكونين أختي كما كنت سابقاً ".
ابتسمت غنى بعذوبة ومدت يدها لتمسك كف صبى ثم قربته إليها ضاغطة عليها بشدة و ناظرة لعينيها واعدة :
" أخوات حتى اللحد ".
فشدت على يديها صبى متمتة : " حتى اللحد ".
ثم تساءلت فجأة :" كيف غيرت قناعتك ؟ ".

ابتسمت غنى وعادت بذاكرتها حين تأبطت ذراع رائد وهما عائدان من جولة المشي الصباحية ,
سلكا طريق الشارع وهما عائدين , أخذهما الحديث إلى أن مرت سيارة مسرعة بالقرب منهما رمى صاحبها من
نافذتها علبة عصير فارغة . ترك رائد ذراع أخته و التقط علبة العصير جارياً خلف السيارة يريد رميها على صاحبها
لكنه توقف حين اختفت السيارة من مجال بصره و اتجه لأقرب حاوية فألقاها فيها , استغربت غنى رد فعله فسألت :
"لم كل هذا الغضب ؟ ".
رد عابساً بنبرة طفولية : " خرب المنظر ".
رفعت غنى كتفيها دلالة عدم الاكتراث : " و ... ؟ "
نظر رائد إليها مستنكرا : " إذا نظرت للأمر وكأنه عادي و غيري كذلك مع الوقت سنجد أكثر من
أحمق يرمي من سيارته أوساخه , الآن علبة حديد , و غدا زجاج ,و بعده نعمة ثم ننتهي بأكثر أشكال الطرق قرفاً ,
علينا ألا نعتاد رؤية أمر كهذا ".
أكمل عابساً : " ثم أن الرسول صلى الله عليه و سلم يقول : " إماطة الأذى عن الطريق صدقة "
فمن باب أولى ألا نرميها محافظة على الطريق ".

توقف عن الكلام و عاد يمسك بذراع أخته ليكملا صامتين رائد مستاء من الأحمق ولا مبالاة غنى و غنى تفكر
" يا له من دين راقي ".
أدركت مما حدث أمامها أن الإسلام تعدى حقوق البشر لحقوق الطريق و البيئة فزاد بريق الإسلام في عينيها.
هي عاشت الأشهر الأخيرة وسط عائلتها راقية العادات و التصرفات , و كلما تساءلت عن سبب عادة وجدت الإجابة
نصاً يخبرونها به أنه أمر إلهي .
أُعجبت كثيراً بدينهم و أحبته كثيرا حتى أن فكرة اعتناقه تتملكها من فترة .

" طراااااااااااااااااااخ " ضربة قوية من صبى المُنتظرة أيقظتها و صوتها الغاضب يصدح :
" لن أزور السارحة الشاردة أبدا مرة أخرى "
وقفت بسرعة ومضت خارجة بخطوات واسعة فلحقتها راجية بقائها غنى لكنها لم تستجب .




http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1914566&stc=1&d=1378587210



عاد من المقبرة كسيراً وحيداً . فجأة لم يُرد البقاء في بيته فهو يعلم جيداً تفاصيل الليل الطويل
الذي يعقب تلك الزيارة فخرج متجهاً لتيم .
تفاجأ تيم لرؤيته فموعدهما غداً ، لكنه أدخله مُرحباً و عرفه على والده . قدم له ما يشربه فشكرهما
و جلس صامتاً. استغرب تيم سكوته المفاجئ في حين فهم أيمن أن الفتى يُريد قول شيء ما لابنه فاستأذن
متحججاً بأن الدكان مُغلق من فترة و عليه العمل .
عندما خرج أيمن جلس بجانب هشام تيم و سأله : " ما الأمر ؟ "
وجد صعوبة في إخراج الكلام فهو لم يعتد التحدث مع أحد عن حزنه لكنه أخرجه في النهاية :
"زرت والداي ".
فهم تيم ما أراد قوله فهو يزور آيات كثيراً فربت على ظهره مهدأً : " تماسك ".
انفجر هشام : " لا أستطيع " و بكى .
كانت تلك المرة الأولى التي يرى فيها هشام هكذا حزن لأجله نعم لكنه فرح أيضاً بلجوئه إليه كما فعل هو عندما حزن .
نظر إليه قليلاً ثم أراح رأسه _ رأس هشام_ على كتفه و تركه يبكي حتى هدأ ثم عاونه كي يغسل وجهه و عاد به إلى المجلس
تيم أكثر شخص عانى مرارة الفقد بأنواعه لذا عرف ما يجب فعله ، كان عليه فقط أن يُخرجه من الجو الكئيب و البقية ستتوالى تلقائياً
فأعلن بصوت واضح مسموع : " علينا أن نذهب للبحر ".
نظر بعينيه النديتين : " أكره البحر ".
أجابه بخفه : " و أنا أيضاً ".
تنبهت حواسه فسأل بفضول : " و لم تُريد الذهاب للبحر إذا ؟ ".
أمسك بيده و سحبه خلفه : " سترى ".
أغلق قوابس الكهرباء و الباب بعد أن لف ساحباً هشام عدة مرات في المنزل باحثاً عن مفاتيحه
و حين يأس سأله فوجد ضربه على رأسه و صوتاً حانقاً : "السيارة معي".
تذكر ماسحاً رأسه بيد و ممسكاً هشام بالأخرى و خرج .


وصلا للبحر ، جلسا على ذات الكرسي الطويل الذي يجلس عليه تيم دوماً فسأله هشام عابساً :
" ها قد أتينا ، ماذا سأرى ؟ ".
رد بهدوء سارحاً : " نفسك ".
تعذر عليه الفهم بحالته تلك فسأل : " ماذا تقصد ؟ "
توجه إليه تيم : " عندما تضيق عليك أن تنظر لنفسك جيداً ، أن تتوقف لبرهة و تسأل ما الذي يُزعجك ؟ ،
عليك أن تكون صادقاً في الإجابة ". توجه للبحر : " لا تتوقف عند الإجابة حتى إذا صدمتك فقط قرر
ما يجب عليك فعله لتكف عن الضيق و التعب ".
سكت مديراً وجهه للبحر سارحاً و غرقا كلاً في همه .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1914566&stc=1&d=1378587210



تقبلت إيناس أيضاً رغبة غنى في تغيير ديانتها بهدوء فقد اطمأنت بعد الأشهر الفائتة أنها لن
تكف عن كونها ابنتها إذا أسلمت , بالإضافة لإيمانها العميق بأن اختيار الديانة حرية شخصية
فمنحتها غنى سائلة بغرض التأكد و التذكير : " ستبقين ابنتي ؟ " .
أومأت غنى برأسها موافقة فأقرتها إيناس : " افعلي ما يحلو لك حبيبتي " .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1914566&stc=1&d=1378587210


بدوا كمنحوتتين بديعتين قدت من حجر بشري صلب غير قابل للزحزحة , بدا أن صلابتهما
أغرت الهواء للتخفيف عنهما فعبث بشعريهما ملطفاً لكنهما لم يحركا ساكناً بل جلسا بثبات محدقين
بالمياه السوداء ، مائلين بظهريهما للأمام ، متكئين بيديهما على الكرسي و عاقدان قدميهما تحته .
ظلا هكذا فترة طويلة من الزمن ثم تحركا بتوازي في صمت عائدان للسيارة .
قاد تيم و نظر هشام من النافذة سارحاً ثم قال بهدوء : " أكره البحر لسبب آخر ".
لم يجب تيم فتابع هشام على حاله : " لأنه سارق " .
ابتسم بقرف و أكمل : " مياهه السوداء تُسكرني ، يستغل ضعفي كل مرة و يسرقني ".
تحولت ابتسامته للألم :" سرق أحلامي ببرود ، لطالما وقفت أمامه مفكراً أُريد الوصول لنهاية طريق فيسده علي ،
و يجعلني بكل غباء أقرر التخلي عنه ".
شردت عيناه مكملا : " لم أفهم قبل اليوم أنه يُريني نفسي الحقيقة و إمكاناتي بدهاء ".
استدار جهة تيم مُبتسماً بلطف :" علي أن أشكرك ، سأتوقف عن وصف نفسي بالجبان أبداً ".
ضرب تيم رأسه بخفة دون أن يبعد عيناه عن الطريق و قال :" اشكرني كما يفعل الأصدقاء ".
فأعاد هشام رأسه ناظراً بشبه ابتسامة للنافذة : " فيما بعد " .
هتف تيم فجأة : " أبي ".
أوقف السيارة فوراً و خرجا متوجهين إليه .


كان أيمن جالساً على الرصيف غارقا في البكاء ، ظن تيم أنه لن يراه يبكي أبداً لكن المعجزات تحدث ،
جلسا بجواره طبطب هشام على رأسه و احتضنه تيم مخففاً في حين أمطرت السماء و عينا أيمن بغزارة .
تركاه يبكي حتى ابتلوا خاف تيم مرض أحدهم فنظر لهشام . فهم هشام الرسالة فعاونه في نقل أيمن
الذي لم يشعر بهما فما زال ينشج و يأن .

كان أيمن قد كتم في نفسه ألم فقد و خوف فقد و استياءه الشديد من الصدمات الأخيرة بالإضافة لهموم
حياته العادية ، لذا حين حررهم جميعاً بالبكاء لم يستطع التوقف بل تطور بكاءه و غزر حتى أنه لم يعد
يستطيع التنفس فكان يشهق كثيرا بين حين و آخر ، ظل يبكي طوال الطريق حتى وصلوا للمنزل.
عاوناه في الخروج و الدخول و تبديل ملابسه ، أعطاه بعد ذلك هشام مهدئ و ظلا بجانبه صامتين حتى نام .
بدلا بعد ذلك ملابسهما المبتلة و اتخذا لهما مجلساً صامتاً كئيباً في غرفة تيم .



على النقيض كانت الأجواء مترفة بالفرح في منزل غنى فقد جمعت عائلتيها قبل العشاء بحجة أن
" أمر طارئ سيقلب موازين كل شيء يحدث ". تجمعوا قلقين مرتابين فقد حملت لهجة غنى الجديدة
ما أوحى للجميع بجدية عميقة و أمر عظيم , ظلوا صامتين حتى دخلت . جلست ساكنة خافضة عينيها للأرض ,
أصبحت نبضات قلوبهم مسموعة , فأشفقت غنى و أسرعت ترفع وجهها النظر و رددت :
" أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد عبد الله ورسوله ".
حل الصمت فجأة ثم تعالت الزغاريد و انهالت التباريك و الدموع من كل جانب , حتى إيناس وصبى
الجالستين رغم أنهما لم تشاركان إلا بمراقبة مبتسمة صامتة إلا أنهم كانوا سعيدتين فغنى ما زالت
على اتصال معهما حتى قبل دخولها بثوان كانت تحكي لهما خوفها وترددها , ستكون دائما كما عهدتاها وهذا يكفيهما.

عندما هدأت الأجواء قليلا طلبت من والدها أن يجد لها ما يمكنها عمله , حتى تقرر ما تريد أن تفعله حقا غير
احتراف التمثيل والغناء . وافق محمد فورا وأخبرها ألا تقلق فهو سيهتم بكل شيء .
ظلوا يحتفلون طوال الليل و في النهار انطلقوا جارين غنى معهم ليجدوا ما يناسبها.



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1914566&stc=1&d=1378587210



استيقظ بنفس مظلمة و مزاج معكر لكنه قرر عليه أن يبدل حالته فالبكاء لن يحل شيء .
ظل راقدا يحمد ربه تارة و يستغفر أخرى حتى هدأت نفسه قليلا و اعتدل مزاجه ثم أخذ يحدث نفسه :
" علي أن أعود الآن للمنزل , لا بد أن تيم قلق !! " .
ببطء بدأ يعي أنه في منزله , في غرفته تحديدا ! ظل يتساءل مستغرباً : " متى عدت ؟ ".
خطر له خاطر فاعتدل جالسا بسرعة :" أيعقل أني لم أكن أحلم !!".

في حلمه أو في ما ظن أنه حلم رأى تيم و هشام يظهران من العدم و يسرعان نحوه , يجلسان
بجانبه يخففان قليلا عنه ثم يعيدانه منزله و يساعداه في تبديل ملابسه بل و انتظراه حتى فرغ من بكاءه و نام .
ظل يحدث نفسه غير مصدقا : "حلم , حلم ". لكن ثيابه التي بُدلت كما في الحلم
و علبة المهدئ التي نسيها هشام بجانبه أكدت له
"هذا واقع ".

في حالة أخرى كان سينزعج كثيرا لكنه لم ينزعج هذه المرة و لا يدري لم ؟! لم فرح ؟!
و لم اعتدل مزاجه فجأة ؟! . غمره النشاط فخرج يبحث عنهما في المنزل . وجدهما في غرفة نوم تيم نائمان .
تيم مرمياً على الأرض شبه مُغطى بلحاف و هشام ممددا على سريره بالعرض ، ضحك بخفوت على منظرهما
و اقفل باب الغرفة تزامناً مع نهوض تيم من على الأرض متألماً يشكي و ظهره برد البلاط و عندما رأى هشام
ممدا على سريره بالعرض احتد فقام بالتمدد على سريره بالطول دافعاً الآخر بقدمه ليسقط على الأرض
من الجهة الأخرى ثم غطى نفسه جيدا و أكمل نومه . كان نوم الأخير و الأول ثقيلاً فلم يشعرا سوى
بألم النوم على الأرض الباردة .

..

.

ديدا.
07-09-2013, 20:51
.

..

قضى الثلاثة أسبوعاً باهر فوجود هشام قلب الأمور رأساً على عقب فبدل أن يتقاسموا الآلام و يتفادوها ،
قلبوا البيت لملعب ! هشام و تيم يلعبان و أيمن يُنظف و يوبخ .
وجد أيمن أنه يهتم بطفلين ، هشام المدلل و تيم المتذمر ، كانا كالقطبين السالب و الموجب لا يتفقان
على شيء و يتعاكسان في كل شيء لكنها يتفاهمان جيداً كان التعامل معهما صعباً
لكنه استمتع كثيراً برفقتهما .

في أول يوم و منذ استيقظا تشاجرا ، هشام يريد من تيم أن يخلي له السرير و الغرفة ،
و تيم يرفض تماماً أن ينصاع لرغبته . رضيا أخيراً بحكم أيمن فقد اقترح أن يفرش في الأرض لأحدهما
و يتبادلا الأماكن يومياً فأقراه مقطبين ، ثم تشاجرا على الملابس ، فقد اختارا نفس اللبس و لم يرضى
أحدهما تركه للآخر فانتهى الأمر بأن ارتدى أيمن لبسهما المُختار و اختار بنفسه لكل واحد لبسه
كالعادة مُقطبان رضيا .

ثم خرجوا للفطور , كان كل شيء مُعد .حمداً لله لم يتشاجرا على الأماكن رغم أن هشام احتل كرسي تيم
فسأل أيمن مُستنكرا ألا يتشاجرا فأجابه بحنق : " آداب الضيافة ".
ضحك أيمن حينها من كل قلبه بصوت عال ، فاختفى قلقهما عليه و اطمئنا .

توالت المشاجرات حتى وصلا للغداء ، كان الثلاثة جائعين فاقترح تيم أن يخرجوا لمطعم في حين
اعترض هشام بشدة فهو يريد اليوم الأكل من المنزل . أمام إصراره أذعن أيمن
و اقترح تيم بخبث : " فلتطبخ لنا ".
وافقه أيمن بسرعة فأصاب هشام بذلك شرف الطبخة الأولى .

شمر عن ساعديه و دخل المطبخ ، كان لا يعرف الطبخ لكنه لن يتنازل سيأكل اليوم من المنزل .
بدأ الطبخ فجهز أيمن و ابنه جلسة أمام الباب استقرا عليها يتابعان و يضحكان لم يلتفت لهما بل بدأ العمل
مُحدثاً نفسه : " سأخترع و سيندمان " .
قطع طماطم و بصل و ثوم ، وضعهم جميعاً في الزيت و تركها على النار ، اشتهى البطاطس المقلية
فأخرج المقلاة و أخذ يقلي ، ثم أراد أن يُقدم سفرة كاملة فقرر أنه سيخترع الحلو أيضاً ، في النهاية
خرج من المطبخ ببطاطس متفاوتة الحروق يتراوح لونها بين البرتقالي و البني و حبة واحدة صفراء
تشاجر عليها و تيم طبعاً فتناولها أيمن متفرجاً عليهما ، و طماطم مهترئة بالزيت ملحها ناقص ،
و طبق فواكه يكاد المرء يحسبها عصير من دقة تقطيعه للفواكه مُزينة بما ظن أنها كريمة
لكنها كانت خليط قشطه و زبده .
أُجبروا جميعاً على أكل ما طبخه وسط ضحك و سخرية لم تنتهي منذ وقف يطبخ في المطبخ .
انهوا ما على السفرة و لسبب ما أصابهم إسهال لم يستطيعوا الخروج بفضله من المنزل .
كانوا جائعين فطلبوا وجبة سريعة أكلوها بنهم مواسين معدتهم المسكينة بعد وجبة هشام الدبقة .

توالت الأيام سريعاً بين مشاجرات كثيرة نشاطات مجنونة ، آراء مُتغيرة و أُخرى مفاجأة حتى انتهى
الأسبوع .كان المخطط أن يستضيفاه ثلاثة أيام لكنهم أصروا على بقائه حتى ينتهي الأسبوع مقررين جميعاً
" إجازة " .
عاد بعد ذلك كل شيء لوضعه الطبيعي ، فذهب هشام و عاد لعمله في شركته التي ورثها عن والده
في حين عاد تيم و والده للعمل في دكانهما .

..

.

ديدا.
07-09-2013, 21:36
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

نظرا لحالة النت المزرية عندي ::غضبان:: و اللي خلتني أتأخر في تنزيل جزء اليوم و كمان نزلته مقطع ::غضبان::::غضبان::::غضبان:::غول:
رح يتغير وقت تنزيل آخر جزء :ميت::ميت::ميت::بكاء::بكاء::بكاء:
ما أدري متى بالضبط هنزله بس ما أوعد السبت الجاي
متى ما ضبط النت رح أنزله بإذن الله سواء قبل السبت الجي أو بعده
فأعتذر ع التأخير اللي يمكن يصير مقدما واللي صار اليوم


في أمان الله

❀Ashes
07-09-2013, 22:11
حجــــــــــــــز

hangy
08-09-2013, 05:58
رواية رائعة سلمت يداكي عليها وعنوانه رائع مثلها

❀Ashes
08-09-2013, 15:57
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
مرحباً
كيفك ؟ اتمنى ان تكوني بخير

بارت كان رائع و مسلي جداً
غنى و اخواها لقد كان لقاءهما جميل
و ذلك السائق الذي رمى بعلبة العصير حقاً اكره أمثاله
غنى و عائلتها ضمتهم علاقه جميله

الثلاثي المرح هشام و ايمن و تيم
لقد كانت موقفهم رائعه
و اختراع هشام كان اختراع كارثي جداً
مكوناته التي لم تخرج سالمه و بأجتماعها اعطت اختراع كارثي جميل
بالنهايه نال هشام مايريده و بقوا في بيت

و وبانتظار القادم

ديدا.
11-09-2013, 17:46
رواية رائعة سلمت يداكي عليها وعنوانه رائع مثلها

شكرا جزيلا عزيزتي :أوو:
أسعدتني ::سعادة::

ديدا.
11-09-2013, 17:52
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
مرحباً
كيفك ؟ اتمنى ان تكوني بخير

بارت كان رائع و مسلي جداً
غنى و اخواها لقد كان لقاءهما جميل
و ذلك السائق الذي رمى بعلبة العصير حقاً اكره أمثاله
غنى و عائلتها ضمتهم علاقه جميله

الثلاثي المرح هشام و ايمن و تيم
لقد كانت موقفهم رائعه
و اختراع هشام كان اختراع كارثي جداً
مكوناته التي لم تخرج سالمه و بأجتماعها اعطت اختراع كارثي جميل
بالنهايه نال هشام مايريده و بقوا في بيت

و وبانتظار القادم
و عليكم السلام و رحمة الله وبركاته
أهلين
تمام التمام الحمد لله , ماذا عنك ؟

أسعدتني ::سعادة::
:أوو: من الجزء خمسة بدأت أقدار الابتسام
وأنا أيضا أكرههم بشدة :غول:
هههههههههههههه استمتعت كثير بكتابة موقفهم

بعد قليل بإذن الله
في أمان الله

ديدا.
11-09-2013, 17:53
.

..

بعد ستة أشهر

نظرت جيداء لصغيرتها لاتين بلطف رافضة تركها في المهد المجهز لها خوفاً من سقوطها فوبختها ميساء :
" إنك تفرطين في خوفك يا ابنتي هاتها لن يحصل لها مكروه ".
اعترضت عابسة : " أخاف أن تسقط ".
فابتسمت ميساء مادة يديها : " لن يحدث لها شيء بإذن الله ففراس سيحفظها كعينيه اطمئني ".
ناولتها قلقة الصغيرة التي شرعت في البكاء . كانت ستستعيدها لتُسكتها لكن ميساء احتضنتها موليتها ظهرها متولية
مهمة إسكاتها ثم توجهت بحذر بها إلى فراس , تناولها الأخير مُسميا , نظر إليها بدفء ، قرص خدها الصغير بلطف
ثم وضعها بهدوء في المهد و أقام المراسم الشعبية و من قبلها الدينية احتفالاً بصغيرته في حين سحبت
ميساء جيداء من يديها بلطف لتشاركهم الاحتفال ، فتابعتهم فرحة تضحك في الأجواء الإنشادية الراقصة .

اطمأنت أخيرا حين احتضنت صغيرتها مرة أخرى فأخذت تلاعب يديها الصغيرة بلطف . بعد لحظة جلس بجانبها
فراس قبل يد الصغيرة الضاحكة بحنان ثم قبل جبين جيداء و همس بفرح :
" جميلة مثلك ".
ابتهجت و اقتربت منه أكثر فأحاطها بذراعه . استرقت النظر إليه عدة مرات فرؤية فرحته بلاتين كانت تُنعشها
أحست في تلك اللحظة برضا الاكتفاء و تساءلت :
" ما الأجمل الذي يخبئه قدري ؟ "



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1916008&stc=1&d=1378922224



حمل هشام باقة من الورد الأحمر بدت مناسبة لبنطاله الرصاصي و قميصه الرسمي الأبيض المُحرر
أول إزراريه مع جاكيته الأسود . بدى رائعاً لولا ارتباكه الواضح الذي جعله يعصر أعواد الباقة عصراً ، كما
أخذ يقطع مساحة الغرفة بعصبية ذهاباً و عودة .
كان قريباً من الباب حين فُتح فخبطه . تراجع للخلف مُتألماً , حمداً لله أن فتح عينيه و تحول للدهشة قبل
أن يصيح غاضبا فحين نظر تسمر متفاجأً من الجميلة غنى الداخلة خلف محمد .




التقى بها لقاء عمل أول مرة ، كانت مرتدية حجابها آن ذاك ، أُعجب برصانتها و حسن منطقها خلال الجلسة
لكنه قرر الزواج منها حين سمع بوضوح مكالمتها الناقمة على أخويها و هما خارجين من باب الشركة فقد أدرك حينها
" تلك فتاة سأتفاهم معها جيداً ".لذا سأل عنها و عندما كون خلفية جيدة وجد أنها فتاته المناسبة .




كان الإعجاب مُتبادلاً في الجلسة الأولى. تذكر جيداً حين وقعت عيناها عليه أول مرة .
راقبته بهدوء عندما لم يلتفت لها لما دخلت المكتب للقائه فقد كان يكلم أحدهم على الهاتف فأنصتت :
" بلجيكا ، تيم أنا في جلسة عمل الآن جد غيري ليحل الكلمات المتقاطعة لك ".
أنهى المكالمة و أخذ يعبث بجهازه عابساً ، يبدو أنه يضعه على وضع الصامت ثم أعاد الهاتف لأذنه مرة أخرى مُبتسماً :
" مرحباً عمي ".
أغمض مُتنفساً بعمق مانعاً نفسه من السب ثم أجاب بنبرة عالية : " تمثال الحرية ".
أغلق هاتفه دون أن يفتح عينيه ثم نظر إليها بغضب . فهمت ما يجري فكتمت ضحكتها مقدمة نفسها .

تلقائيته ، ثقافته التي لمستها أكثر من مرة ، اختلاف ألفاظه الدقيقة العميقة الموشحة بشيء من البساطة ،
عمق الرؤية ، قامته الطويلة و جلسته الثابتة ، كل ذلك آثار إعجابها .




اتجه رأساً لتيم حين قرر الزواج و أخبره. فرح تيم كثيراً له و ساعده . للحق ما كان سيخطو خطوة واحدة سليمة
دون توجيهاته . كان في الأشهر المُنصرمة قد كون علاقة حميمة معه و أيمن حتى أنه اعتبرهما عائلته فتوجه
إليهما يحدثهما حين قرر الزواج ، كان الشعور متبادل فهشام فرد من عائلة أيمن .
قال له بالحرف حين عرض عليه الأمر : " أفعل اللازم و أخبرني بالرسميات التي يجب ظهور والدك فيها و سأكون عندك ".
تحرج هشام طلب ذلك منه بداية لكنه أراحه بقوله فأحتضنه موافقاً .اتجه بعد ذلك لوالدها و حدثه في الأمر.
فوعده محمد بإجابة ما خلال شهر.




تفاجأت عندما أخبرها والدها بطلبه طارحاً أمامها سيرته الغريبة . تذكر أيضاً بوضوح تفاصيل تلك الليلة ،
كانت جالسة أمام تسريحتها تُغني بسرور حين طرق بابها والدها و دخل ، أجلسته على سريرها
و جلست قبالته متسائلة :" ما الخبر ؟ "
أجابها بهدوء : " خير ".
ثم أسهب بالتفاصيل ، اسمه , أخلاقه , التزامه القريب ، شهادته , عمله و تعمق لتحليل شخصيته
و ذكر بعض عاداته , هوايته , أصدقائه ، و كيفية قضاء يومه بالإضافة لصورة شخصية مُرفقة مع الملف الذي قدمه لها ثم قال : " تعرفين أن القول قولك ، لكن و إن أردت رأي ، الفتى مناسب جداً لك و ستتفاهمان بشكل رائع ، فكري جيداً و أعطني رأيك آخر الأسبوع الذي يلي القادم ".

فكرت كثيراً . ورقياً هما يتوافقان حقاً لكنها لا تعترف بالأوراق في عالم العلاقات ، فاستشارت والدتيها
و أخوتها ثم نفسها أخيراً . وجدت أنها مبدئيا موافقة فاستخارت و أدلت بموافقة قلقة .




أتاه الرد موجباً بعد شهر كما وعده محمد و ها هو الآن واقفاً أمامها وجهاً لوجه يتفرسها في النظرة الشرعية ،
كانت قد ارتدت فستان طويل شبيه بالفستان الذي ظهرت فيه إيناس حين زارتها و والديها أول مرة باختلاف الألوان ،
ففستان اليوم بلون التفاح و حزامه بلون السكر ، بالإضافة إلى شال جميل سكري اللون
غطى جزء من شعرها الحريري المُسدل .




توردت حين أفلت من هشام صفيراً خفيف و ارتبك هشام حين أدرك الصفير المُفلت ففكر
" عليه أن يفعل شيئا ، تيم أخبره أن عليه فعل شيء مهم نسيه ".
لم يجد غير باقة الورد التي اعتصرها فمد يده أفقياً بسرعة جاعل الورد عامودياً بينهما ، مدت يديها
بالمقابل لتناول الباقة لكنه لم يتركها . أراد حقاً أن يتركها لكن يده تصلبت مع عقله فظل
كلاهما ممسكا بها مُحدقان ببعض .




تدخل محمد هذه المرة مُنزلاً يد ابنته و محولاً يد هشام بالباقة إليه فترك الأخير الباقة تلقائيا و ضحك ببلاهة
فضحكت غنى بخفوت في حين حثه محمد على الجلوس
جلس ثلاثتهم . انشرح صدره و عمل عقله أخيراً مُتذكراً نصائح تيم فاعتدل و عرف بنفسه :
" أنا هشام و أنت غنى " أومأت ناظرة إليه فأكمل :" سررت بلقائك و أود جداً أن أتزوجك ما قولك ؟ "




غنى كانت مرتبكة ، متوترة و خائفة لذا لم تستطع الكلام منذ الأمس حتى أنها ظلت نائمة طيلة اليوم ،
استمرت في صمتها مع إيماءات بالرأس لمن حدثها و حين وقف أمامها مُتألماً خرست إيماءاتها أيضاً ،
لكن انشراح غريب اجتاحها فاطمئنت بعد برهة حتى أنها رفعت يديها لتناول الباقة و ضحكت بخفوت على بلاهته
اجتاحتها جرأة خافتة دفعتها لتُجيب بهمس : " نعم ".




استمتع هشام كثيراً برؤية تضارب المشاعر على وجهها ابتسم تلقائيا حين توردت و عرِضت ابتسامته
مُظهراً أسنانه حين أدلت بالموافقة الخجلة فأخرج علبة خاتم الخطبة الصغيرة السوداء ، التقط خاتمها ،
تناول يدها اليمنى و ألبسها خاتمه . كاد أن يقبل يدها لكنه أعرض حين لمح النظرة النارية التي حدجه
بها محمد فترك فزعاً يدها . ناولها الخاتم الآخر فألبسته خجلة أيضاً .




ما زال محمد ينظر إليهما بغضب .أمام نظرات محمد النارية أنهى هشام الجلسة مباركاً لعروسه و والدها ،
فأزاحت غنى خصلة من شعرها خلف أذنها متمتة بما لم يفهمه أحدهما . ابتسم هشام بسرور ناظراً لها
في حين صافحه محمد مزيحاً نظره عن ابنته .
فهم هشام ما دار في خلد محمد شديد الغيرة فقرر الخروج من الغرفة و العودة لتيم .
تمنى كثيراً أن يجلس معها ، أن يحدثها لكنها لا تستطيع التحدث بوجوده و لا يستطيع التحدث بوجود محمد ،
فألقى السلام مودعاً مالئاً عينيه منها و وقف فوقفت بدورها و محمد رادين سلامه.




قادها والدها حيث والدتيها و إخوتها الذين باركوا فرحين حين رأوا خاتماً يلمع في يدها ،
في حين اتخذ هشام طريقاً مغاير إلى الصالة الخارجية . استقبلته عينا تيم المتسائلة
فرفع يمينه التي لمع فيها خاتمه مظهراً أسنانه البيضاء في ابتسامة جميلة فضحك تيم بسرور ,
قام إليه مهنئاً و احتضنه قائلاً : " سنحتفل بك الليلة ". و بالمثل بارك أيمن محتضنه بسعادة .



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1916008&stc=1&d=1378922224



قرروا جميعاً قضاء إجازة قصيرة بعد إتمام خطبة هشام ، سيحتفلون ليلتها بمناسبة سداد قرض البنك ،
شراء منزل تيم الجديد ، و خطبة هشام سواء سار الأمر على ما يرام أم لا ، بالإضافة لإراحة أنفسهم من
ضغوطات العمل و ما صاحب الخطبة من توتر .


دخلوا المنزل الجديد يتبادلون الضحك بسعادة ، اتخذوا مجلسهم في الصالة مُكملين حديثهم الذي انقطع
حين تركهم تيم فجأة قافزاً للصحيفة قارئاً باهتمام . قرأ مُقطبا بداية ثم انفرجت أساريره هاتفاً :
" الله أكبر ، ظهر الحق ".
توجها إليه ، سأله أيمن متوجساً : " مالأمر ؟ ".
في حين التقط هشام الجريدة من يديه و قرأ : " تم إلقاء القبض على السارق الهارب زياد أ.ص بعد
أن لاحقته الشرطة في عدة دول ، حيث قام بمجموعة سرقات هائلة آخرها كان مليون درهم من بنك ... فرع ... ".
توقف هشام عن القراءة فرحاً مُبارِكاً و سبقه أيمن فاحتضنه .
أوقفهما تيم قائلاً : "أكمل أكمل لم ننتهي بعد ".
تابع هشام قراءة تفاصيل القضية بعبوس فنهره تيم : " ليس هذا ".
أخذ الصحيفة ، فتحها على أحد الصفحات ، قلب الجريدة أمامه و أشار مبتسماً بحماسة : " هذه ".
قرأ هشام العنوان بصوت عال : " اعتذار للسيد تيم أيمن سعيد المآسي ".
لم ينتظر أيمن لينهي هشام المقال فاحتضن ابنه الباكي فرحاً ، في حين رمى هشام الجريدة جانباً و شاركهما اللحظة .




قُلب المنزل تلك الليلة أيضاً فبعد أن صلوا جميعاً حمداً لله ، تشاجروا و تصالحوا ، رقصوا و صفقوا حتى الصباح .
كانوا تعبين و يريدون النوم إلا أن تيم رفض الخلود إليه متحججاً بأن عليه فعل شيء مهم
و مضى خارجاً فتبعاه ، و حين استفهم بررا في صوت واحد : " إجازة ، لا نوم ".
فأقرهما ضاحكاً و انطلق للبقالة . اشترى باقي صُحف الأمس ثم دار البلد زائراً مجموعة من الشركات .
كان ينزل من السيارة ، يغيب لربع ساعة ثم يعود ضاحكاً بصوت عال ويستمر فيه للحظة .


اكتسح هشام و أيمن الفضول فتبعاه عند آخر شركة . وجداه متوجهاً إلى مكتب مسئول التوظيف ،
يعرض عليه سيرته الذاتية ، مقال التشهير ، المحضر ، و مقالي الجريمة و الاعتذار و حين يرى
نظرة المسئول المتفاجئة المعتذرة المرتبكة يتركه خارجاً و يبدأ بالضحك.


لمحهما فتوجه إليهما وقف في المنتصف بينهما واضعاً ذراعيه على كتفيهما خارجاً بهما من الشركة .
استفهموا مُتعجبين ، فأخبرهم بالطرد البارد الذي قابلوه به ، كان عليه رد اعتباره أمام نفسه
فقد سحقوا كرامته سحقاً آنذاك .
نظرا إليه مبتسمين و ربتا على ظهره مطمأنين : " انتهى ذلك للأبد ".
رد ضاحكاً : " بإذن الله ".
قاد تيم سيارته مُفكراً بسعادة : " لن أتخلص من شهاداتي !! فقد عادت مفيدة كما كانت ".




كان صباحاً عجيباً ، أحد الصباحات التي تُشعر المرء بحيوية البدايات ، صباح يتنفس الجمال
و يزفره غامراً الجميع بجماله مُقنعهم بأن " الكون أجمل مكان في الكون ".
نظرية عميقة اختصرتها جملة
" في الحياة مزيداً من الحياة " _مقتبسة من مجهول_

http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1916009&stc=1&d=1378922224

..

.

ديدا.
11-09-2013, 17:53
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أخيراً وصلنا لختام القصة بسلام
أتمنى تكونوا استفدتوا واستمتعتوا بأجزائها

شكر

لكل من زار صفحتي , من علق و اهتم بقصتي و لصديقاتي الجميلات من خلف الكواليس
شوق , أسما , حور , بيان و رانية شكر خاص بحجم السماء دعمكم كان رائع :قلب:
لا أنسى من أتعبته بتعديلاتي الدسمة الدقيقة : لوبيليا، انسياب قلم، وأروكاريا
شكرًا بحجم السماء، ممتنة :أوو:

في أمان الله

❀Ashes
11-09-2013, 21:35
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفكِ ؟ اتمنى ان تموني بخير

نهايه جميله فقد حصل الجميع على مايتمناه
نهايه سعيده للجميع إلا شخص واحد هل اعرفتيه حسناً سأخبركِ من هو الحرامي زياد



لم يجد غير باقة الورد التي اعتصرها فمد يده أفقياً بسرعة جاعل الورد عامودياً بينهما ، مدت يديها
بالمقابل لتناول الباقة لكنه لم يتركها . أراد حقاً أن يتركها لكن يده تصلبت مع عقله فظل
كلاهما ممسكا بها مُحدقان ببعض .
الورد المسكين كان ضحيه لتوتر هشام
غنى و هشام و موقفهما مع الباقه قمه بالتوتر بأختصار كانت لحظه خاطفه سريعه
اوقفها محمد بنظرات مشتعله قبل ان تــــــــــــــــــــــدوم طويلاً


تدخل محمد هذه المرة مُنزلاً يد ابنته و محولاً يد هشام بالباقة إليه فترك الأخير الباقة تلقائيا و ضحك ببلاهة
فضحكت غنى بخفوت في حين حثه محمد على الجلوس
موقف مظحك جداً
و هكذا انتقلت عدوة ضحك من هشام إلى غنى
لكن للأسف لم يصاب محمد بالعدوى المظحكه


التقط خاتمها ،
تناول يدها اليمنى و ألبسها خاتمه . كاد أن يقبل يدها لكنه أعرض حين لمح النظرة النارية التي حدجه
بها محمد فترك فزعاً يدها . ناولها الخاتم الآخر فألبسته خجلة أيضاً .
::جيد::


قرأ هشام العنوان بصوت عال : " اعتذار للسيد تيم أيمن سعيد المآسي ".
كم افرحني هذا خبر


اكتسح هشام و أيمن الفضول فتبعاه عند آخر شركة . وجداه متوجهاً إلى مكتب مسئول التوظيف ،
يعرض عليه سيرته الذاتية ، مقال التشهير ، المحضر ، و مقالي الجريمة و الاعتذار و حين يرى
نظرة المسئول المتفاجئة المعتذرة المرتبكة يتركه خارجاً و يبدأ بالضحك.
لمحهما فتوجه إليهما وقف في المنتصف بينهما واضعاً ذراعيه على كتفيهما خارجاً بهما من الشركة .
استفهموا مُتعجبين ، فأخبرهم بالطرد البارد الذي قابلوه به ، كان عليه رد اعتباره أمام نفسه
فقد سحقوا كرامته سحقاً آنذاك .
احسنتَ خير مافعلت
اسعدني جداً كونه رد اعتباره و لم يتهوانه على من جرح كرامته


نظرا إليه مبتسمين و ربتا على ظهره مطمأنين : " انتهى ذلك للأبد ".
رد ضاحكاً : " بإذن الله ".
و هكذا بدءت مصيبه بمحاوله يائسه للأنتحار و انتهت بأنه رد اعتباره و حصل على صديق و أخ له

و بأنتظار جديدك

shymaa ali
12-09-2013, 10:21
مكاني للحظااااات قليلة إن شاء الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك ديدا ؟؟

طبعاً بعد ضياع ردي السابق أصبت بإحباط منعني من إعادة الرد
والآن وقد انتهت القصة علي خير يسعدني أن اتخذ مكاني هنا

يبدو أن الحياة قد ابتسمت أخيراً لأبطالنا
جيداء أصلحت علاقتها مع والدة زوجها وها هما تتبادلان العناية بالمنزل والطفلة
غني تعيش سعيدة مع والديها وأخويهما وتستعد للانتقال إلي بيت زوجها
هشام لقي أخيراً مفاهيمه الضائعة وحصل علي العائلة التي تمناها
وها هو يستعد للزواج من الفتاة التي سلب عقله منذ أول لقاء
تيم حصل علي براءته الغالية عليه وأذيع ذلك علنياً وها هو مع والده والصديق الذي طال انتظاره
وزياد نال أخيراً ما يتسحق بعد أن أقلق راحة هذه العائلة الصغيرة وقض مضجع الأب المسكين

هكذا هي الحياة
يوم لك ويوم عليك
يوم تبتسم لك فتحس أنك ملكت الكون بما فيه
ويوم تكشر عن أنيابها فتنسي ما جنيبه بالأمس وفي كل الأيام وتحس بها تطبق علي صدرك

نحن نصنع السعادة ولكنها لا تصنعنا
نحن نملك أن نحول الحزن إلي فرح
والألم إلي سكينة
إذا تشبثنا بإيماننا ولم ننجرف مع التيار

هكذا تعلمت من روايتك أختي
سعيدة أنني قرأتها يوماً
لكِ كامل شكري وتقديري
في أمان الله ..

ديدا.
12-09-2013, 21:14
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفكِ ؟ اتمنى ان تموني بخير
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
بخير حال و لله الحمد

نهايه جميله فقد حصل الجميع على مايتمناه
نهايه سعيده للجميع إلا شخص واحد هل اعرفتيه حسناً سأخبركِ من هو الحرامي زياد

::سعادة::
يب يب :ضحكة: يستحق السجن لشره

الورد المسكين كان ضحيه لتوتر هشام
غنى و هشام و موقفهما مع الباقه قمه بالتوتر بأختصار كانت لحظه خاطفه سريعه
اوقفها محمد بنظرات مشتعله قبل ان تــــــــــــــــــــــدوم طويلاً
:ضحكة:
صادقة

موقف مظحك جداً
و هكذا انتقلت عدوة ضحك من هشام إلى غنى
لكن للأسف لم يصاب محمد بالعدوى المظحكه
::سعادة::
لا أظن بأن أي أب قد يضحك في هكذا موقف , أغلب الظن سيسأل نفسه : متأكد من تزويج ابنتي لهذا الشخص ؟ :لقافة: :ضحكة:


::جيد::


كم افرحني هذا خبر


احسنتَ خير مافعلت
اسعدني جداً كونه رد اعتباره و لم يتهوانه على من جرح كرامته


و هكذا بدءت مصيبه بمحاوله يائسه للأنتحار و انتهت بأنه رد اعتباره و حصل على صديق و أخ له

استمتعت كثيرا بكتابة هذا المقطع أيضا

و بأنتظار جديدك
على خير بإذن الله
شكرا لتواجدك الجميل أميرة أسعدتني حقا عزيزتي :قلب:
في أمان الله

ديدا.
12-09-2013, 21:28
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك ديدا ؟؟
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
بخير و لله الحمد , أتمنى تكوني بخير

طبعاً بعد ضياع ردي السابق أصبت بإحباط منعني من إعادة الرد
والآن وقد انتهت القصة علي خير يسعدني أن اتخذ مكاني هنا
لا بأس عليك عزيزتي
أسعدتني عودتك :أوو:

يبدو أن الحياة قد ابتسمت أخيراً لأبطالنا
جيداء أصلحت علاقتها مع والدة زوجها وها هما تتبادلان العناية بالمنزل والطفلة
غني تعيش سعيدة مع والديها وأخويهما وتستعد للانتقال إلي بيت زوجها
هشام لقي أخيراً مفاهيمه الضائعة وحصل علي العائلة التي تمناها
وها هو يستعد للزواج من الفتاة التي سلب عقله منذ أول لقاء
تيم حصل علي براءته الغالية عليه وأذيع ذلك علنياً وها هو مع والده والصديق الذي طال انتظاره
وزياد نال أخيراً ما يتسحق بعد أن أقلق راحة هذه العائلة الصغيرة وقض مضجع الأب المسكين
أجل ابتسمت أخيراً ::سعادة::

هكذا هي الحياة
يوم لك ويوم عليك
يوم تبتسم لك فتحس أنك ملكت الكون بما فيه
ويوم تكشر عن أنيابها فتنسي ما جنيبه بالأمس وفي كل الأيام وتحس بها تطبق علي صدرك
بالتفكير فيها الأزمات مفاتيح حياة أجمل دائماً لذا عندما تمرين بأزمة ما ثقي تماماً بأنك ستخرجين منها بأوضاع مختلفة أبهى و أجمل
عليك الصبر فقط .

نحن نصنع السعادة ولكنها لا تصنعنا
نحن نملك أن نحول الحزن إلي فرح
والألم إلي سكينة
إذا تشبثنا بإيماننا ولم ننجرف مع التيار
أحسنتِ عزيزتي

هكذا تعلمت من روايتك أختي
سعيدة أنني قرأتها يوماً
لكِ كامل شكري وتقديري
في أمان الله ..
أسعدتني جدا أختي :قلب:
عفواً :redface: و لك المثل
في حفظ الحفيظ

şᴏƲĻ ɷ
24-01-2014, 11:21
تباً للعُودَة المُتأخَّرة, لا أدرِي لِم ظنَنت أن الحكاية
قد توقَّفت لذلِك لم أعُد إلِيها :ميت:

لكنَّني قادَمة إن شاء الله قريباً للتعقَّيب على كلِّ ما فاتِني أسوةً
بالمثَل القائِل : أن تصَل متأخرّاً خيرٌ من أن لا تصِل أبداً :مكر:

ولُو أنَّ الرَّد والحضُور سيفقد بريْقه ويغدُو شاحباً بعد
أن انتهى كلِّ شيء, هُو يشِبه الوصول لحفلة زفاف وقد انتهت الكعكة :d وذَهب الحضوُر لمنازلِهم :مذنب:


بآختصار:

حـجــز مُحبـَط

ديدا.
26-01-2014, 23:01
لا لم تتوقف عزيزتي, رغم كثرة المغريات لفعلها آن ذاك :ضحكة:
لا عليكِ, سعيدة بوجودك على كل حال, فلا تقلقي :أوو:
ههههههههههههههههههه تشبيه بليغ, لكني أرحب بأي رد في أي وقت فلا تحزني و
أهلا و سهلا بك :أوو:

şᴏƲĻ ɷ
28-01-2014, 16:54
وأخيراً ها أنا ذا أبدَّد ضبابيَّة هذِه الأيَّام, بقراءَة الحكايَة
بصَراحَة تركَت فيَّ الحكايَة غصَّة ممزُوجَة بمشَاعر ارتيَاح وتساؤُل وفرَح,
كلَّ ما كان يسكِنني وأنا أغٌوص في سطُورِها وأمضِي بيَن حرُوفَها هُو :
أريَـد أن أتـَذَكـَّرَ هَـذِهِ الـِحَـكـَايَـة!.


تعرِفيَن ذلِك النَّوع من الكِتابَات ؟ الّذِي يجِد فِيه المرء ذاَتَه ؟
إنَّهُ هُنا, وكما قُلت لكِ في أوَّل ردُودي , حيَن عوَّلت العُنوان على
الشَّخُوص والأحداث وجدَّته مناسباً كما لُو كان اللَّمسَة الأخيَرة لـ [ لوحَة فنيَّة ]
حياتيَّة تتراوَح بيَن الباهِت والملوَّن, الأسَود والأبيَض وترتِسم
بصِدق وواقعيَّة!.


ومِن هذا المدَخل لنتحدَّث عن الواقعيَّة , في الحكايَة لمسَة جميَلة
هيَ أنَّها ليْست ورديَّة المعالِم خياليَّة الأحداثَ وتجِتمع فِيها الصَّدفُ
وتحُشَى بكلِمات مُنمقَّة وشخصيَّات محظُوظَة!!, هيَ بعيَدة عَن كلِّ هذا وذاك,
كُوني عدَّت للجُزء الأولَّ في قراءَة مُوجَزة لاستَذكار بعضَ التَّفاصيْل, فقَد سمَح
لِي ذلِك بالمُلاحَظة عَن كثَب. مُلاحَظة أنّكِ فعلت بدأتِ مِن نُقطَة الصَّفر, وحرِصت
على صبِّ قالب المشاعر وفِق الأحداث وتفاعل كلِّ فرَد معها بما يليَق بِه ويُناسِبه.


أحبَبت [ غَـنـَى ] وعائلِتِيْها وَ رجاحةَ عقلَها, رآق لِي أسُلوبَها
وقوَّتها وحِكمتها وَ سَرعَـة بدِيتها في استعاب المغَزى من هذا وذاك
ومَنح الأمُور فرصَة أخرى, والاحِتمال !


أحبَبت [ منال ومُحمَّد ] والدَاي غِنى هُما سَبب ما وصلت إلِيه
هُما و [ إيناسَ وصبَا ] جُزء آخر من القوَّة الداخليَّة الِّتي تحلَّت بِها الفتَاة

ولكِن تضَّل شخصيَّتي المفضَّلة [ تيِم ], هُو أكثر من عانا وهُو أكثَر
من جابَه الألَم والمُوت والحُزن والفَقد وكلِّ البؤُس, غيَر أنَّ وجُود [ والدِه ]
وَ [ وائِل ] بصرامِته وَ فظاظِته أجبراهـَ على صقل ذاتِه وإعادة بناءَ ما انهَدم
مَنه وَما انكسَر, وكانت اللَّمسَة السَّحرِية [ هشَـام ]


الحكايَة أخذَت المَنحى الكُوميدي بوصُوله , واخُتتمَت بلمسَة
من الرَّومانسيَّة كُنَّا قد بدأناها مع القصَّة الجانبيَّة الرَّقيقة لـ [ فراسَ وَ جيَداء ]
وانهيَناهـا بـ [ حكايَة تيْم وغِنَى ]



كثيَر من المواقَف رآقَت لِي مثلاً : مكُوث [ تيْم ] في الزنزانَة
والغايَة الِّتي بدأ يدُركَها من ذلِك والحسَنة الِّتي أحسَن استغلالها والنَّظر
إلِيها عن كثَب [ حسَنة وجُود هِشَـام ] واتَّخاذِه صدِيقاً فلا أجَمل من أن تجِد
من يُشابِهَك وتبدآن سويَّةً من النَقطَة الِّتي تحطُّمتما عنَدها وإن اختلفت الأسَباب
والدَّواِعي , نحُو النَّهُوض والعوَدة لرؤيَة الكُون بـ [ المنظار السَّلِيم من جديد ]



أيضاً التَّطُورات على صعيَد علاقَة [ غنى ] بعائِلتها وَ
لقاءِها بأخويَها والذَّكريات اللَّطيَفة والمشاعر البرَّاقَة للعائَلة
كانت جميَلة تنمُو وتزُهر ببطءُ إنَّما تمتدَّ جذُورها بعُمق



أيضاً, ولا أستطِيع إلَّا العُودة لحكايتي المفضَّلة [ أيَمن, تيَم وهشَام ]
العائلة الثَّلاثيَّة الِّتي نشأت من العَدم دُون أن توحدَّها روابط الدَّم كانت لمسَة
أخَّاذه كوَّنت لُبَّ الحكايَة والجاِنب الغالِب فِيها




وسأعرَّج على مُقتطَفات توقّفت عَندها وأعجبِت بها وأسرتِني تماماً :




قرأت مرة في كتاب أبي :


" نفسك عالم عجيب ! يتبدل كل لحظة و يتغير و لا يستقر على حال ، تحب المرء فتراه ملكاً
ثم تكرهه فتُبصره شيطاناً و ما كان ملكاً ولا كان شيطاناً و ما تبدّل ! و لكن تبدلت حالة نفسك
و تكون في مسرة فَترى الدنيا ضاحكة ، ثم تراها و أنت في كدر ، باكية قد فرغت في سواد الحداد ،
ما ضحكت الدنيا قطّ ولا بكت ! و لكن كنت أنت الضاحك الباكي ... " الطنطاوي رحمه الله .




حيَن قرأت [ غَنى ] هذِه الكلِمات, كانت نظرِتك لها جميَلة إنَّما
الجميل في المُوضوع أنكِّ جعلَت هذَا الحدَث لهذِه الشَّخصيَة بتحليل مُقَنع مثالِي
ورائِع -استفدَّت مِنه شخصيَّاً- كُوني لم أقرأ أبعد ما كَتب الكاتِب -رحَمه الله- ولم أتعَّمق
في التّفكر والبَحث عن المغزى والمُتأتِّي خلَف سياق الكلِمات.



جميل كيَف قلِّبت الأمُور رأسَها واختارَت أن تتغيَّر,
واختارَت أن تنظر للأمُور الِّتي كرَّهَتْ ذاتَها بِها بطريَقة تحبَّبِ بِها
ظرُوفها الجديدَة إلى قلِبها وتجَعلها أقرب من كيُونَنِتها الحقيقيَّة وعائِلتها
الِّتي عادت بعد طُول غياب لتنتمي إلِيهَم ولتُجاهدَ في استَشعار قِيمتهم وأهميَّتهم
ولتُثبِت لذاتِها أنَّها جُزء مِنهم وستفهَمهم مَهما أخَذ ذلِك من وقِت



تلك النَّظرة وذلِك التَّحليل الّذِي لن تجارِيه كلِماتِي
الهاربَة أمام سطُوة هذا الجمال والحرُوف العميَقة جاءَت متوافقَة
مع العزِيمة القوَّية التِّي غمَرت [ غنى ] بها ذاتها وشجَّعتها على المُضيَّ
قُدماً نحُو ما سيُنجِيها من بُؤس أيَّامِها




كان كما وصفه هشام أحمق لذا بدأ بسرد قصته.
للحق هو أتى ليساعد هشام ، فوجد أن هشام من ساعده ، فقد تحدث و لأول مرة
عن كل ما يضايقه ، عن كل ما أتعسه و كل ما عاناه ، حتى أنه نسي وجود هشام
و بدأ يتحدث و كأنه يُحدث انعكاس مرآته!



هُنا كذلِك رآقت لِي بدايةً صداقَة [ هشَام وتيْم ]
كيَف انكشَف الغطاءَ عَن مكُنونات القَلب وبدا لـ [ تيم ] أنَّه أمام
مرآته لا أمام شَخص أتى لمُساعِدته لقد أدرَك [ تيْم ] -دُون وعيٍ مُنه في تلك اللَّحَظة-

أنَّ السبيل لكسَب ثقة [ هشَـام ] وشَخص
ذَكيَ مثَله ومع ذلِك , غُرَّر بِه وسَقط تحت تأثير رغباته وما انبَهر
بِه مِن حُمىً تحقيْر العرَب وتقِديس الغرَب وهُو ما لم يسَلم مِنه حتَّى والدَه
أدرَك أن السَّبيل لشخَص كهذا , تعُود جذُور ما هُو علِيه الآن لـ أخطاءَ تخلَّلت طفُولته ونشأته
هو أنَ يوجد علاقَة مُتكافِئَة , لا يكُون فِيه طرفا صوابَ وخطأ أو مُتحضَّر وَ مُتأخَّر
يجَب أن تكُون علاقَة يتقاسَمان خلالها كلِّ شيء, حتَّى مع كُونِهما مُختلِفيَن
في تفاصيل الحياة والنشأة والأفكار, إلَّا أنَّهما شخصَان سَقطا تحت فريْسة
الضَّعف والكثير من الظرَّوُف المؤِسفة لذا علِيهما النَّهُوض ببعضِهما كلِّ بطرِيقته
للهِدف الواحِد : بناءَ ذواِتهما من جديد واصلاَح ما انكسَر
وما حدَث حيَن بادلَ [ هشَام ] تيَم ذلِك الحدِيث عن المشَاعر والأحاسيسْ
وَ المشكلات بعد زيارتِه لقبر والدِيه كان خيَر دليل




أيمن لا يخاف فراق ابنه في الدنيا فهو زائل لا محالة ، سيصبر و يلقى ثواب الصبر لكنه يخاف
فراق الجنة و النار فهناك لن يرى ابنه قط . عمل بجد لهذا فأكرمه ربه برؤية أول ثمار عمله فكان حق عليه الشكر.




هذه مقدرة العبد دائما محدودة و هذا كرم الرب دائما كامل ، يرضى عن عبيده رغم محدوديتهم و كثرة خطأهم ،
يعاملهم بكماله لا بنقصهم ، حمداً و شكراً لك يا رب .




لا عَجب أن يكُون [ تيَـم ] بتلَك القَّوة العظِيمة,
وهذِه النفَّس الِّتي مهما انكسَرت وجُرحَت وخدَشتها وآلمَتها ظرُوف الحياة
إلَّا أنَّها ستثِب وتنتصَر وَ تقِف من جديد , فالشَّخص الّذي ربَّاه يفكَّر بِهذِه الطرَّيقة
الجميلة وينُظر بعُمق للأمُور يقدِّر الأخطاءَ ويصَّححها ينتشل ابنَه في الوقِت المُناسِب
ولا يَنسى أن يعُود لجذُور الخلل ويصُلحه


وهذِه الصَّفة برزَت في [ تيم ووالدَه ]
وكانت ثمَرتها هذِه الحكايَة الجميلة بهاتِين الجُملِتين الرَّائِعتيَن
واللّتان استوقفَتانِي كثيراً وكثيراً جداً





توجه إليه تيم : " عندما تضيق عليك أن تنظر لنفسك جيداً ، أن تتوقف لبرهة و تسأل ما الذي يُزعجك ؟ ،
عليك أن تكون صادقاً في الإجابة ". توجه للبحر : " لا تتوقف عند الإجابة حتى إذا صدمتك فقط قرر
ما يجب عليك فعله لتكف عن الضيق و التعب ".





قاد تيم و نظر هشام من النافذة سارحاً ثم قال بهدوء : " أكره البحر لسبب آخر ".
لم يجب تيم فتابع هشام على حاله : " لأنه سارق " .
ابتسم بقرف و أكمل : " مياهه السوداء تُسكرني ، يستغل ضعفي كل مرة و يسرقني ".
تحولت ابتسامته للألم :" سرق أحلامي ببرود ، لطالما وقفت أمامه مفكراً أُريد الوصول لنهاية طريق فيسده علي ،
و يجعلني بكل غباء أقرر التخلي عنه ".
شردت عيناه مكملا : " لم أفهم قبل اليوم أنه يُريني نفسي الحقيقة و إمكاناتي بدهاء ".






لوُ سُئِلت أيَّ مقَطع في الحكايَة هُو المفضَّل لديَّ ؟
قطَعاً سيكُون الجوابَ, مشَهد ذهاب [ تيم وهشَام للبَحر ] والسَّبب وهذا الحدِيث
الآسَر العميْق بمكُنوناته الجميلة


يا فتاة! الآن أنا أرَغب بالذَّهاب للبَحر رُغم ملُوحَة ميآهه
ورطُوبة الأجواءَ المحيَطة بِه وبرُودَتها الشَّديدة, لكنَّه بعيَد المنال والمسافَة لذا سأكتفِي
بهذا المقطَع صبراً إلى أن تحيَن فرصَة تواجَدي هُناك ولو بعَد حيَن


من أكثر الأحادِيث والأوصاف عُمقاً في الحكايَة هي [ موضوع البَحر ]
نظرِت إلِيه [ غنىَ ] كما لُو كان ملكاً لها مكاناً تمرح فِيه وتختلق جو من السَّعادة
الصَّباحيَّة الآسَرة فِيم كان كلّ من [ تيم وهشَام ] يتفَّقان على النَّظرة السَّودوايَّة نحُو
البَحر فالأولَّ يكرَهه والثَّانِي يرَى فِيه سارِق ومع ذلِك استخلَصا في النَّهايَة الفائَدة المرَّجوة
من تلك المساحة الزَّرقاءَ الشَّاسعَة وإن كسَتها عتَمة اللَّيل وأحالت مياهها سواداً حالِكاً



بالفعل كان الحدِيث عن البَحر مُفَعم بالكثير,
آسِرني وَ أدَهشِني ورآق لِي كثيراً ^^ سؤال فضُولِي : في أيَّ وقَت كتبتِه ؟!
وإلى أيَّ الحزِبين تنتمِين ؟ حَزب محبِّي البَحر أم حِزب [ هشَام وتيْم ] :ضحكة: ؟!
>> كُوني حذِرة منِّي فأنا قارِئَة نهِمة وحيَن يَضع كاتب ما يثير تفكيرِي سأنهال علِيه
بالأسئَلة :d


فِي النَّهايَة , عزيزِتي, حقاً حقاً امتعتِني الحكايَة وقضيت
برفِقتها أمسيَة جميَلة, سلِبتني وأغدقِت علِّي بالكثير, سلبِتني شوائِب ممُتعضَة
بدأت بِها القراءَة لأسباب خارَجة عن إرادِتني وتركِتني مُبتسَمة رُغم كلِّ شيء بعد
أن وجدَّت ذاتِي بيَن السَّطوُر, مُتساءَلة : هل سأجِد أنا أيضاً ابتسَامة بعد البؤُس كما حدَث
مع الجمِيع هُنا ؟ ولسَان حالِي يردَّد أنَّها الحياة, وأنَّ الأمُور قابلة للتغيَّير -بإذن الله-



عدا عن ذلِك, أسلُوبك جميل ولا حاجة للقُول والمُزايَدة
والابِتذال في قُول ذلِك لكنَّني حقاً أشكركِ علِيه فُجزء من الحبَكة الجميلة
والقصَّة الرَّاقِيَة هُو فكركِ وانتقاءِك للألَفاظ ووصَف ما ينبِغي وصَفه دُون إسهاب
أو إيجاز يقِضي على جماليّة الحكايَة



شكراً لما وضِعته هُنا, شكراً جزيلاً لكِ,
أتمنَّى أن أشَهد انطلاقَة حكايَة جديدَة لكِ بإذن الله بردُود
أحلى وأجمل من هكذا ردَّ مُختصَر لا يُوافِي الدَّرر المنُثورَة في كلِّ جُزء اجتهدَّت
فِي وضِعه وكتاباتِه


[ وفقِّتِ دُوماً, وأسعَدكِ ربِّي ]

ديدا.
01-02-2014, 22:25
وأخيراً ها أنا ذا أبدَّد ضبابيَّة هذِه الأيَّام, بقراءَة الحكايَة
بصَراحَة تركَت فيَّ الحكايَة غصَّة ممزُوجَة بمشَاعر ارتيَاح وتساؤُل وفرَح,
كلَّ ما كان يسكِنني وأنا أغٌوص في سطُورِها وأمضِي بيَن حرُوفَها هُو :
أريَـد أن أتـَذَكـَّرَ هَـذِهِ الـِحَـكـَايَـة!.


تعرِفيَن ذلِك النَّوع من الكِتابَات ؟ الّذِي يجِد فِيه المرء ذاَتَه ؟
إنَّهُ هُنا, وكما قُلت لكِ في أوَّل ردُودي , حيَن عوَّلت العُنوان على
الشَّخُوص والأحداث وجدَّته مناسباً كما لُو كان اللَّمسَة الأخيَرة لـ [ لوحَة فنيَّة ]
حياتيَّة تتراوَح بيَن الباهِت والملوَّن, الأسَود والأبيَض وترتِسم
بصِدق وواقعيَّة!.

أسعدتني جداً بقولك, أنك بددت ضبابية أيام بها, سعيدة بهذا التأثير لهذه القصة
وسعدت أيضاً بإخباري أنك وجدت ذاتك هنا. هذا يعني لي الكثير حقاً :قلوب:
شكراً لإخباري بذلك :أوو:

العنوان كان الجزء الأصعب فعلاً,فعادة أكتب قصة بمغزى واحد
أجليه فيه بطريقة غير مباشرة لكنني كتبت و لأول مرة على غير العادة
عدة مفاهيم وشخصيات كان جمعها جميعاً في عنوان الأصعب,
لكني وجدته ولله الحمد, لذا سعيدة برأيك فيه أيضاً


ومِن هذا المدَخل لنتحدَّث عن الواقعيَّة , في الحكايَة لمسَة جميَلة
هيَ أنَّها ليْست ورديَّة المعالِم خياليَّة الأحداثَ وتجِتمع فِيها الصَّدفُ
وتحُشَى بكلِمات مُنمقَّة وشخصيَّات محظُوظَة!!, هيَ بعيَدة عَن كلِّ هذا وذاك,
كُوني عدَّت للجُزء الأولَّ في قراءَة مُوجَزة لاستَذكار بعضَ التَّفاصيْل, فقَد سمَح
لِي ذلِك بالمُلاحَظة عَن كثَب. مُلاحَظة أنّكِ فعلت بدأتِ مِن نُقطَة الصَّفر, وحرِصت
على صبِّ قالب المشاعر وفِق الأحداث وتفاعل كلِّ فرَد معها بما يليَق بِه ويُناسِبه.


أحبَبت [ غَـنـَى ] وعائلِتِيْها وَ رجاحةَ عقلَها, رآق لِي أسُلوبَها
وقوَّتها وحِكمتها وَ سَرعَـة بدِيتها في استعاب المغَزى من هذا وذاك
ومَنح الأمُور فرصَة أخرى, والاحِتمال !


أحبَبت [ منال ومُحمَّد ] والدَاي غِنى هُما سَبب ما وصلت إلِيه
هُما و [ إيناسَ وصبَا ] جُزء آخر من القوَّة الداخليَّة الِّتي تحلَّت بِها الفتَاة

ولكِن تضَّل شخصيَّتي المفضَّلة [ تيِم ], هُو أكثر من عانا وهُو أكثَر
من جابَه الألَم والمُوت والحُزن والفَقد وكلِّ البؤُس, غيَر أنَّ وجُود [ والدِه ]
وَ [ وائِل ] بصرامِته وَ فظاظِته أجبراهـَ على صقل ذاتِه وإعادة بناءَ ما انهَدم
مَنه وَما انكسَر, وكانت اللَّمسَة السَّحرِية [ هشَـام ]

الحكايَة أخذَت المَنحى الكُوميدي بوصُوله , واخُتتمَت بلمسَة
من الرَّومانسيَّة كُنَّا قد بدأناها مع القصَّة الجانبيَّة الرَّقيقة لـ [ فراسَ وَ جيَداء ]
وانهيَناهـا بـ [ حكايَة تيْم وغِنَى ]

لنبدأ :d
لا ترضيني الروايات التي تتخذ هذا الطابع خاصة إذا دخلت فلك الواقعية رغم أن في معظمها
فكر راقِ, إلا أن رونقها لا يصلني كاملاً, لهذا أبتعد عنها قدر المستطاع.

تيم بطلي الأول وشخصيتي المُفضلة لهذا أرديته بؤساً :ضحكة:
ثم تفننت في إخراجه منه شيئاً فشيء وحففته بشخصيات أحببتها أيضاً
باختصار أكثر الأجزاء التي استمتعت بكتابتها كانت أجزاء تيم

كما العنوان أقدار البؤس والابتسام
لكن ولشدة بؤسه لم أستطع أن أجعله يكتفي بالابتسام


كثيَر من المواقَف رآقَت لِي مثلاً : مكُوث [ تيْم ] في الزنزانَة
والغايَة الِّتي بدأ يدُركَها من ذلِك والحسَنة الِّتي أحسَن استغلالها والنَّظر
إلِيها عن كثَب [ حسَنة وجُود هِشَـام ] واتَّخاذِه صدِيقاً فلا أجَمل من أن تجِد
من يُشابِهَك وتبدآن سويَّةً من النَقطَة الِّتي تحطُّمتما عنَدها وإن اختلفت الأسَباب
والدَّواِعي , نحُو النَّهُوض والعوَدة لرؤيَة الكُون بـ [ المنظار السَّلِيم من جديد ]



أيضاً التَّطُورات على صعيَد علاقَة [ غنى ] بعائِلتها وَ
لقاءِها بأخويَها والذَّكريات اللَّطيَفة والمشاعر البرَّاقَة للعائَلة
كانت جميَلة تنمُو وتزُهر ببطءُ إنَّما تمتدَّ جذُورها بعُمق



أيضاً, ولا أستطِيع إلَّا العُودة لحكايتي المفضَّلة [ أيَمن, تيَم وهشَام ]
العائلة الثَّلاثيَّة الِّتي نشأت من العَدم دُون أن توحدَّها روابط الدَّم كانت لمسَة

أخَّاذه كوَّنت لُبَّ الحكايَة والجاِنب الغالِب فِيها

سعيدة أنها راقت لكِ



وسأعرَّج على مُقتطَفات توقّفت عَندها وأعجبِت بها وأسرتِني تماماً :








قرأت مرة في كتاب أبي :


" نفسك عالم عجيب ! يتبدل كل لحظة و يتغير و لا يستقر على حال ، تحب المرء فتراه ملكاً
ثم تكرهه فتُبصره شيطاناً و ما كان ملكاً ولا كان شيطاناً و ما تبدّل ! و لكن تبدلت حالة نفسك
و تكون في مسرة فَترى الدنيا ضاحكة ، ثم تراها و أنت في كدر ، باكية قد فرغت في سواد الحداد ،
ما ضحكت الدنيا قطّ ولا بكت ! و لكن كنت أنت الضاحك الباكي ... " الطنطاوي رحمه الله .






حيَن قرأت [ غَنى ] هذِه الكلِمات, كانت نظرِتك لها جميَلة إنَّما
الجميل في المُوضوع أنكِّ جعلَت هذَا الحدَث لهذِه الشَّخصيَة بتحليل مُقَنع مثالِي
ورائِع -استفدَّت مِنه شخصيَّاً- كُوني لم أقرأ أبعد ما كَتب الكاتِب -رحَمه الله- ولم أتعَّمق
في التّفكر والبَحث عن المغزى والمُتأتِّي خلَف سياق الكلِمات.



جميل كيَف قلِّبت الأمُور رأسَها واختارَت أن تتغيَّر,
واختارَت أن تنظر للأمُور الِّتي كرَّهَتْ ذاتَها بِها بطريَقة تحبَّبِ بِها
ظرُوفها الجديدَة إلى قلِبها وتجَعلها أقرب من كيُونَنِتها الحقيقيَّة وعائِلتها
الِّتي عادت بعد طُول غياب لتنتمي إلِيهَم ولتُجاهدَ في استَشعار قِيمتهم وأهميَّتهم
ولتُثبِت لذاتِها أنَّها جُزء مِنهم وستفهَمهم مَهما أخَذ ذلِك من وقِت



تلك النَّظرة وذلِك التَّحليل الّذِي لن تجارِيه كلِماتِي
الهاربَة أمام سطُوة هذا الجمال والحرُوف العميَقة جاءَت متوافقَة
مع العزِيمة القوَّية التِّي غمَرت [ غنى ] بها ذاتها وشجَّعتها على المُضيَّ

قُدماً نحُو ما سيُنجِيها من بُؤس أيَّامِها


سأخبرك أمراً, أنت أيضاً تقرأين بعمق
تحليلك خير دليل على ذلك, وهذا أكثر ما يعجبني في ردودك
عمق النظرة تبارك الرحمن

أخجلتني عزيزتي :أوو:





كان كما وصفه هشام أحمق لذا بدأ بسرد قصته.
للحق هو أتى ليساعد هشام ، فوجد أن هشام من ساعده ، فقد تحدث و لأول مرة
عن كل ما يضايقه ، عن كل ما أتعسه و كل ما عاناه ، حتى أنه نسي وجود هشام
و بدأ يتحدث و كأنه يُحدث انعكاس مرآته!




هُنا كذلِك رآقت لِي بدايةً صداقَة [ هشَام وتيْم ]
كيَف انكشَف الغطاءَ عَن مكُنونات القَلب وبدا لـ [ تيم ] أنَّه أمام
مرآته لا أمام شَخص أتى لمُساعِدته لقد أدرَك [ تيْم ] -دُون وعيٍ مُنه في تلك اللَّحَظة-

أنَّ السبيل لكسَب ثقة [ هشَـام ] وشَخص
ذَكيَ مثَله ومع ذلِك , غُرَّر بِه وسَقط تحت تأثير رغباته وما انبَهر
بِه مِن حُمىً تحقيْر العرَب وتقِديس الغرَب وهُو ما لم يسَلم مِنه حتَّى والدَه
أدرَك أن السَّبيل لشخَص كهذا , تعُود جذُور ما هُو علِيه الآن لـ أخطاءَ تخلَّلت طفُولته ونشأته
هو أنَ يوجد علاقَة مُتكافِئَة , لا يكُون فِيه طرفا صوابَ وخطأ أو مُتحضَّر وَ مُتأخَّر
يجَب أن تكُون علاقَة يتقاسَمان خلالها كلِّ شيء, حتَّى مع كُونِهما مُختلِفيَن
في تفاصيل الحياة والنشأة والأفكار, إلَّا أنَّهما شخصَان سَقطا تحت فريْسة
الضَّعف والكثير من الظرَّوُف المؤِسفة لذا علِيهما النَّهُوض ببعضِهما كلِّ بطرِيقته
للهِدف الواحِد : بناءَ ذواِتهما من جديد واصلاَح ما انكسَر
وما حدَث حيَن بادلَ [ هشَام ] تيَم ذلِك الحدِيث عن المشَاعر والأحاسيسْ

وَ المشكلات بعد زيارتِه لقبر والدِيه كان خيَر دليل


راق لي تحليلك كثيراً, أحسنت عزيزتي








أيمن لا يخاف فراق ابنه في الدنيا فهو زائل لا محالة ، سيصبر و يلقى ثواب الصبر لكنه يخاف
فراق الجنة و النار فهناك لن يرى ابنه قط . عمل بجد لهذا فأكرمه ربه برؤية أول ثمار عمله فكان حق عليه الشكر.









هذه مقدرة العبد دائما محدودة و هذا كرم الرب دائما كامل ، يرضى عن عبيده رغم محدوديتهم و كثرة خطأهم ،
يعاملهم بكماله لا بنقصهم ، حمداً و شكراً لك يا رب .








لا عَجب أن يكُون [ تيَـم ] بتلَك القَّوة العظِيمة,
وهذِه النفَّس الِّتي مهما انكسَرت وجُرحَت وخدَشتها وآلمَتها ظرُوف الحياة
إلَّا أنَّها ستثِب وتنتصَر وَ تقِف من جديد , فالشَّخص الّذي ربَّاه يفكَّر بِهذِه الطرَّيقة
الجميلة وينُظر بعُمق للأمُور يقدِّر الأخطاءَ ويصَّححها ينتشل ابنَه في الوقِت المُناسِب
ولا يَنسى أن يعُود لجذُور الخلل ويصُلحه


وهذِه الصَّفة برزَت في [ تيم ووالدَه ]
وكانت ثمَرتها هذِه الحكايَة الجميلة بهاتِين الجُملِتين الرَّائِعتيَن

واللّتان استوقفَتانِي كثيراً وكثيراً جداً



هذا المشهد من أكثر المشاهد التي أستوقفتني كتابتها.
وجدت أن الكلمات لا تواتيني لوصفه, سعدت حقاً حين أخبرتني
برأيك واستيقافها لكِ. مرة أخرى شكراً لإخباري بذلك :أوو:





توجه إليه تيم : " عندما تضيق عليك أن تنظر لنفسك جيداً ، أن تتوقف لبرهة و تسأل ما الذي يُزعجك ؟ ،
عليك أن تكون صادقاً في الإجابة ". توجه للبحر : " لا تتوقف عند الإجابة حتى إذا صدمتك فقط قرر
ما يجب عليك فعله لتكف عن الضيق و التعب ".









قاد تيم و نظر هشام من النافذة سارحاً ثم قال بهدوء : " أكره البحر لسبب آخر ".
لم يجب تيم فتابع هشام على حاله : " لأنه سارق " .
ابتسم بقرف و أكمل : " مياهه السوداء تُسكرني ، يستغل ضعفي كل مرة و يسرقني ".
تحولت ابتسامته للألم :" سرق أحلامي ببرود ، لطالما وقفت أمامه مفكراً أُريد الوصول لنهاية طريق فيسده علي ،
و يجعلني بكل غباء أقرر التخلي عنه ".
شردت عيناه مكملا : " لم أفهم قبل اليوم أنه يُريني نفسي الحقيقة و إمكاناتي بدهاء ".








لوُ سُئِلت أيَّ مقَطع في الحكايَة هُو المفضَّل لديَّ ؟
قطَعاً سيكُون الجوابَ, مشَهد ذهاب [ تيم وهشَام للبَحر ] والسَّبب وهذا الحدِيث
الآسَر العميْق بمكُنوناته الجميلة


يا فتاة! الآن أنا أرَغب بالذَّهاب للبَحر رُغم ملُوحَة ميآهه
ورطُوبة الأجواءَ المحيَطة بِه وبرُودَتها الشَّديدة, لكنَّه بعيَد المنال والمسافَة لذا سأكتفِي
بهذا المقطَع صبراً إلى أن تحيَن فرصَة تواجَدي هُناك ولو بعَد حيَن


من أكثر الأحادِيث والأوصاف عُمقاً في الحكايَة هي [ موضوع البَحر ]
نظرِت إلِيه [ غنىَ ] كما لُو كان ملكاً لها مكاناً تمرح فِيه وتختلق جو من السَّعادة
الصَّباحيَّة الآسَرة فِيم كان كلّ من [ تيم وهشَام ] يتفَّقان على النَّظرة السَّودوايَّة نحُو
البَحر فالأولَّ يكرَهه والثَّانِي يرَى فِيه سارِق ومع ذلِك استخلَصا في النَّهايَة الفائَدة المرَّجوة
من تلك المساحة الزَّرقاءَ الشَّاسعَة وإن كسَتها عتَمة اللَّيل وأحالت مياهها سواداً حالِكاً



بالفعل كان الحدِيث عن البَحر مُفَعم بالكثير,
آسِرني وَ أدَهشِني ورآق لِي كثيراً ^^ سؤال فضُولِي : في أيَّ وقَت كتبتِه ؟!
وإلى أيَّ الحزِبين تنتمِين ؟ حَزب محبِّي البَحر أم حِزب [ هشَام وتيْم ] :ضحكة: ؟!
>> كُوني حذِرة منِّي فأنا قارِئَة نهِمة وحيَن يَضع كاتب ما يثير تفكيرِي سأنهال علِيه

بالأسئَلة :d

:أوو:

هههههههههههههههههههههههههههههه سأدعو أن تتمكني
من زيارته في القريب العاجل وأنت بخير حال وأن تعودي سالمة

امممممم وقت الكتابة على ما أذكر, لنظرة غنى في العصر
و نظرة تيم وهشام في الثامنة ليلاً
حزب [ تيم وهشام] :ضحكة: لكني أحبه أحياناً صبحاً
> ههههههههههههه المواربة دائماً مخرج إن لم استطع الإجابة فأهلاً بالأسئلة.


فِي النَّهايَة , عزيزِتي, حقاً حقاً امتعتِني الحكايَة وقضيت
برفِقتها أمسيَة جميَلة, سلِبتني وأغدقِت علِّي بالكثير, سلبِتني شوائِب ممُتعضَة
بدأت بِها القراءَة لأسباب خارَجة عن إرادِتني وتركِتني مُبتسَمة رُغم كلِّ شيء بعد
أن وجدَّت ذاتِي بيَن السَّطوُر, مُتساءَلة : هل سأجِد أنا أيضاً ابتسَامة بعد البؤُس كما حدَث
مع الجمِيع هُنا ؟ ولسَان حالِي يردَّد أنَّها الحياة, وأنَّ الأمُور قابلة للتغيَّير -بإذن الله-



عدا عن ذلِك, أسلُوبك جميل ولا حاجة للقُول والمُزايَدة
والابِتذال في قُول ذلِك لكنَّني حقاً أشكركِ علِيه فُجزء من الحبَكة الجميلة
والقصَّة الرَّاقِيَة هُو فكركِ وانتقاءِك للألَفاظ ووصَف ما ينبِغي وصَفه دُون إسهاب
أو إيجاز يقِضي على جماليّة الحكايَة



شكراً لما وضِعته هُنا, شكراً جزيلاً لكِ,
أتمنَّى أن أشَهد انطلاقَة حكايَة جديدَة لكِ بإذن الله بردُود
أحلى وأجمل من هكذا ردَّ مُختصَر لا يُوافِي الدَّرر المنُثورَة في كلِّ جُزء اجتهدَّت
فِي وضِعه وكتاباتِه



[ وفقِّتِ دُوماً, وأسعَدكِ ربِّي ]

عزيزتي :أوو: أمتعني ردك بالمثل في أمسيتي
فعلاً رد يطيب الخاطر ويبرده, شكراً لكِ

سعيدة جداً أن جعلتك القصة تبتسمين وأزاحت عنك الامتعاض
و بالنسبة لسؤالكِ سأجيبه ثقة بربي :
أجل, واثقة أنك وفي يوم ما ستجدين حال مرضي تسجدين لبهائه فرحاً
وتبتسمين له يوماً كاملاً, ثقي بحدوثه على وجه مجهول الكيفية ثقة بالله محول الأحوال,
ادعيه أن يحول أحوالك للأفضل واستمطريها بالاستغفار والأخذ بالأسباب.
الله يوفقك يا رب

صدقاً كلماتك أسعدتني جداً:أوو:
وبالنسبة للتأخير فلا تقلقي كفاني ردك هذا :قلب:
إذا أطلقت قصة طويلة أخرى, سأحرص على دعوتك بإذن الله :قلب:
دمتِ متابعة لي عزيزتي, ودامت ردودك تألقاً

[ آجمعين يا رب ]
في أمان الله

Kandam ZERO~1
24-04-2014, 17:42
يااااااااااااااا الـــــــــــهي
ان هذه القصة. عقدت لسااني من الاعجااب و الدهشة و الانبـــــــهار
و انا بالفعل اعض على اصابعي ندما على تفويت متابعة و قراءة هذه القصة
و لكن لاااا بأس
فما لا يدرك كله لا يترك كله
شخصية تيم و هشاااام اعجبوني للغااية
من صدااقتهم المتيــنة و تصرفاتهم الطفوولية
اما نغم و صبى و صداقتهم بل اخوتهم
و تقبلهم لاختلاف الاديان و تعددها....و عدم اهتمامهم بهذا الشئ
ارجو من الجميع في كل المجتمعات التعامل من هذا المنطلق
و اخوة نغم........ ههههههههههههههههههههههههههه
لقد اضحكوووني للغاية و ذكروني بتصرففاتي مع اخوتي
و خصووصا تعامل حسام معها على انها لعبته
فانا اتحدث في ذلك عن تجربة ههههههههه
ااما فراس و جيدااء و ابنتهما الصغييرة فلقد اعجبت للغاااية بمعاملة جيداء لحماتها
ميـــــــســــــــــاء
و تصرف فرااس الذكي و تقريبهما من بعض
ففان هذه الظاهرة منتشرة بشكل غير طبيــــعي بالمرة
احببت تنااولك للجانب الايماني كثيــــــــــرا
فلقد كنت مؤخرا مهمووووومة و متضايقة لعدة اسباب
و لكن هذه القصة ارشدتني الى ما يجب فعله تمااااااما
مع انه لا يمكنني الذهاب الى البحر ههه
الموووهم
ان هذه اول قصة تعجبني و تهدئ ما في نفسي بالفعل
و ليست كباقي القصص التي تتكلم على الحب فقط لا غير
فشخصياات هذه القصة مسلموووووووون عرب
و ايضا قصصهم اقرب ما يكون للواقع و من مجتمع واااحد
ارجو الا اكون قد اطلت عليك.
ارجو ربي ان يجزيكي خيرا عني و عن ازاحة همي و عن كل من قرا او مر على قصتك الاكثــــر من راااائعة

مع حبي

ديدا.
26-04-2014, 18:45
يااااااااااااااا الـــــــــــهي
ان هذه القصة. عقدت لسااني من الاعجااب و الدهشة و الانبـــــــهار
و انا بالفعل اعض على اصابعي ندما على تفويت متابعة و قراءة هذه القصة
و لكن لاااا بأس
فما لا يدرك كله لا يترك كله
شخصية تيم و هشاااام اعجبوني للغااية
من صدااقتهم المتيــنة و تصرفاتهم الطفوولية
اما نغم و صبى و صداقتهم بل اخوتهم
و تقبلهم لاختلاف الاديان و تعددها....و عدم اهتمامهم بهذا الشئ
ارجو من الجميع في كل المجتمعات التعامل من هذا المنطلق
و اخوة نغم........ ههههههههههههههههههههههههههه
لقد اضحكوووني للغاية و ذكروني بتصرففاتي مع اخوتي
و خصووصا تعامل حسام معها على انها لعبته
فانا اتحدث في ذلك عن تجربة ههههههههه
ااما فراس و جيدااء و ابنتهما الصغييرة فلقد اعجبت للغاااية بمعاملة جيداء لحماتها
ميـــــــســــــــــاء
و تصرف فرااس الذكي و تقريبهما من بعض
ففان هذه الظاهرة منتشرة بشكل غير طبيــــعي بالمرة
احببت تنااولك للجانب الايماني كثيــــــــــرا
فلقد كنت مؤخرا مهمووووومة و متضايقة لعدة اسباب
و لكن هذه القصة ارشدتني الى ما يجب فعله تمااااااما
مع انه لا يمكنني الذهاب الى البحر ههه
الموووهم
ان هذه اول قصة تعجبني و تهدئ ما في نفسي بالفعل
و ليست كباقي القصص التي تتكلم على الحب فقط لا غير
فشخصياات هذه القصة مسلموووووووون عرب
و ايضا قصصهم اقرب ما يكون للواقع و من مجتمع واااحد
ارجو الا اكون قد اطلت عليك.
ارجو ربي ان يجزيكي خيرا عني و عن ازاحة همي و عن كل من قرا او مر على قصتك الاكثــــر من راااائعة

مع حبي

أهلاً وسهلاً بك أختي
سعيدة بأنها نالت إعجابك
لا عليكِ عزيزتي، سعيدة بوصولك على أي حال ^^

هذا ما أتمنى أيضاً
إنها غنى :لقافة: :d
هههههههههههههههههههههه يبدو أننا نتشابه :ضحكة:
أوافقك الرأي

عزيزتي سعدت جداً أنك وجدت ما ينفع هنا، حقاً شكراً لكِ لإخباري بذلك 3>
ههه البحر، لم أعتقد أنه سيثير في أحداً مشاعر من خلالي :أوو:

صدقاً شكراًعلى إخباري بذلك، فهذا يعني لي الكثير.
هذه أجواء قصصي غالباً :d

أبداً بالعكس أسعدتني جداً
آجمعين يارب 3>

شكراً .. رعاك الله