PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : حب تحت قصف المدافع للكاتبة الفردوس



وحداني ذوق
10-06-2013, 04:17
بسم الله الرحمن الرحيم


"حب تحت قصف المدافع"

اخذ ذلك الشاب بيد تلك الفتاة التي اختبأت بين تلك الجدران المتهرئة وراح يركض بها ويبتعد بعيداً عن ذلك المنزل وأي منزل هذا بلا سقف يحمي مطر الشتاء ولا حتى حر الهجير توقفا عند احد الملاجئ فهم لإدخالها ولكنها صرخت ويداها ترتجفان وأبي وأمي ألن يأتيا معي؟ فهم عندها علي بأنها لا تعلم بل ولا تدرك ما حدث لها في العشر الدقائق المنصرمة وتلقت الإجابة ولكن ليس من علي .... نعم لم يرد القدر أن يطول انتظار هيفاء للإجابة فلم تكن إلا ثواني معدودة وإذ بها تسمع صوت انفجار قد تفجر به قلبها وتفجرت به مقلتيها من الدموع التفت إلى موقع الصوت وإذ ببيتها ومسكنها ومأواها قد أصبح هباء منثورا وليست هي فقط بل بيوت جميع جيرانها لم تتحمل ما جرى فسقطت مغشياً عليها وقد أهلكت ظروف الزمان شبابها الربيعي واخذ منها ما اخذ حملها علي بكل أسى لداخل الملجئ وحاول هو ومن معه من الشباب تهدئة الأوضاع والمحافظة على زمام الأمور...

علي: اهدؤوا يا أخوان إن هذا هو واقعنا ويجب أن نكون أقوياء نتحمل كل ما أصابنا وكل ما يصيبنا إن كل ما فقدتموه اليوم هو منزل من حجارة فاحمدوا الإله على أنكم لم تفقدوا فلذات أكبادكم لم تفقدوا آباءكم أو أمهاتكم ولتبدؤوا حياتكم من جديد وبكل قوة نعم بكل قوة... والآن ليقر كل واحد منكم عينا ولينم فالشباب متكفلين بالحراسة.

تعالت الأصوات تارة بثنائهم وتارة بدعاء الأمهات لهم وتارة بدموع الامتنان لهم، تركهم علي وتوجه إلى هيفاء التي لا زالت نائمة اخذ يراقب ذلك الوجه الكئيب البريء النائم كانت وكأنما هي ترى أزعج الكوابيس فابتسم ابتسامة سخرية وهو يقول: يبدو أننا لا نستطيع حتى النوم والحلم بأحلام جميلة...

وفجأة استيقظت هيفاء من نومها فزعة خائفة تبكي فبادرها علي بكأس من الماء لتهدئ من روعها ولكنها بدأت بالصراخ والعويل تنتحب وتبكي جاءتها جارتها أم أيمن تركض أخذتها بأحضانها وهي تهدئ من روعها وتسكن سريرتها فخرج علي من ذلك المكان هارباً متألماً نعم متألماً يتألم لأنه رجل عاجز عن حماية بلده عاجز عن مسح معالم الألم من بلده وزرع الأمل فيه ولعلكم تعرفون ما هو شعور الرجل العاجز، جاءه صديقه محمد لعله يخفف عنه همومه وأحزانه...

محمد : ما بك يا علي؟
يكفيك هماً يا أخي لست مسؤولاً عن الجميع لست مسؤولاً عن الألم الذي يمر به الملأ فلم تحمل نفسك المسؤولية؟
علي " وقد تقطع صوته من الألم والعذاب": وكيف لا أكون مسؤولاً يا محمد أوليست هذه أرضي؟ أوليس من يقتل هؤلاء أهلي؟ أوليس من يؤسر في السجون إخوتي وأخواتي؟ وتريدني أن انعم بالسلام والهدوء؟ اجبني أولست إنسان يشعر ويحس فهل ستحاكمني على هذه أيضا؟
محمد: لا يا علي لست أفعل ولكنك لن تستطيع أن تفك هذه الأزمة وحدك وان كنا معك فهم معهم القذائف ونحن معنا بنادق ورثناها من أجدادنا هم معهم دول العالم كلها مجتمعة علينا ونحن بالكاد نجتمع على رأي...
علي: نحن معنا الله يا محمد..

ابتسم محمد ابتسامة خفيفة فيها بريق من الأمل وغادر... كانت هي تراقب ما حدث من بعيد وراحت تقترب من علي حتى حس بوجودها فأدار وجهه وقد ارتسمت على وجهه علامات الاستغراب...

علي: ماذا تفعلين هنا؟ المكان خطر ارجعي إلى الملجئ
هيفاء: المكان خطر؟ إذاً لم أنت هنا؟ فلتعد معي
علي: هذا لا ينفع أنا هنا حتى إذا وصل الخطر أتصدى له وتبقون أنتم بسلام
هيفاء: أها... لقد أتيت فقط لأشكرك على إنقاذك حياتي..
علي: العفو والآن عودي للملجئ
هيفاء: ولكن عندي شيء آخر
علي: وما هو؟
هيفاء" بصوت مبحوح وقد ارتسمت على وجهها ملامح الحزن وتساقطت دموعها": كيف مات أبي و أمي؟
تنهد علي تنهيدة طويلة وهو يقول: كان بيتكم في الجهة الخلفية وهو آخر بيت كان علينا إخلاءه فدخلت إلى البيت من النافذة العليا حتى لا يحس بي الجنود الذين دخلوا ولكن قد فات الأوان كانا والداك قد مُسكا بيد اليهود ولم أجد غيرك في وجهي فأخذتك معي...

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:17
اخذ صوت هيفاء يعتلي بالبكاء ويعتلي وهي تلطم خدها حسرة على ما حصل...

علي: هيفاء أرجوكِ لا تبكِ قد قطعت نياط قلبي أنا آسف أعلم أنه كان بإمكاني أن أدافع عنهما أو أعرقل خطه الجنود بقتلهما ولكني كنت مرتبكاً وخفت أن يصيبك مكروه يالي من جبان...
هيفاء: أتعني أنهم كانوا أحياء عندما أخذتني؟
علي: نعم.. وهم الشهداء الوحيدين الذين لم نتمكن من إنقاذهم..آسف
هيفاء: لا الذنب ليس ذنبك لقد فعلت ما هو أكثر من واجبك شكراً لكَ يا علي شكرا لكَ يا بطل.

جاء صباح اليوم التالي وتوجه لهم علي بعيونه الناعسة التي لم تذق النوم منذ أيام وقال: سنغادر اليوم هذه المنطقة وهي خطرة جداً وستقسم المجموعة إلى قسمين جزء منها سيذهب إلى غزة والجزء الآخر إلى حيفا من له أهل في حيفا فليتجه لها ومن له أهل في غزة فليتجه إلى هناك..

فجاء صوت كسير يتيم....

هيفاء: ومن ليس له أهل يا سيدي إلى أين يتجه؟

اتجهت كل العيون باتجاه ذلك الصوت الذي دخل كالسهم في قلوبهم وأخذ كل من هؤلاء الجيران الطيبين يعرض عليها أن تنتقل معهم إلى أن قررت أن تذهب إلى غزة مع الأرملة أم أيمن أو كما يسمونها أم الشهيد وزوجة الشهيد، وضع علي لشباب خطة سير يتبعونها وخطة بديلة إذا ما أصابهم شي حفاظاً على الناس وعلى أرواحهم وكم كان حريصاً شديداً ذكياً...

اتجه هو ومحمد إلى غزة حيث يسكن معه في بيت أو شيء من هذا القبيل أما هيفاء فقد سكنت في بيت أخت أم أيمن وأخت أم أيمن أيضاً هي أم الشهيد ولكن زوجة الأسير كان لها بنت تسمى سارة في مثل عمر هيفاء وكان كل من بيت علي وبيت أم سارة متلاصقين.

سارة كانت تعمل بمطعم لصالح أحد اليهوديين وأما هيفاء فقد بحثت عن عمل إلى أن عملت عاملة نظافة في مستشفى أيضاً لأحد اليهوديين وبدوام كامل بأجر زهيد هو وجبة كل يوم ودراهم معدودات قد تستغربون من توظيف اليهوديين للفلسطينيين ولكن هو ليس بدافع رحمة ولا شفقة بل لأنهم أيدي عاملة رخيصة وتستطيع أن تصرفهم متى شئت أما علي ومحمد فهما يعملان في كراج هو ملك لهم.

وفي أحد الأيام اتجهت سارة وهيفاء للعمل وإذ بهم يرون الجنود الإسرائيلية تأسر بعض الأطفال الأبرياء.

هيفاء " وقد اتسعت حدقة عينيها" : انظري يا سارة إنهم يأسرون الأطفال!
سارة: نعم ياللأسف
هيفاء: ماذا نفعل الآن؟
سارة: نذهب للعمل حتى لا نفصل في اليوم التالي يا ذكية
هيفاء: ولكنهم أطفال أبرياء
سارة: ونحن فتيات ضعاف ليس معنا سكين لندافع عن أنفسنا
هيفاء: أنا معي اثنتان تعالي سوف نخرجهم
سارة: هل جننت أم ماذا؟سكين وماذا تفعل السكين بالنسبة لبندقياتهم؟
هيفاء: لدي خطة هم جنديين فقط سنهاجمهم من الخلف بالسكين ونشخطهم من الوريد إلى الوريد.
سارة: لا أعلم..
هيفاء: هل أنت معي أم ماذا؟
سارة: حسناً... حسناً

وسارتا لتنفيذ الخطة فأمسكت هيفاء بالجندي واردته قتيلا وهي لا تصدق ما جرى ولا تعي شيئاً مما حدث فهي قد قتلت و لأول مرة في حياتها فأحست بدوار خفيف حتى استعادت توازنها على صرخة سارة التي لم تستطع تنفيذ الخطة وأصبحت أسيرة بيد الجندي...

يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:18
الجندي: ماذا تظنان نفسيكما فاعلتين؟ ستحرران الأطفال؟ أم ستحرران فلسطين أيضاً، أيتها الحقيرة تريدين قتلي وأنت يا مجرمة قتلت صديقي ولكن حسابكِ معي سأقتل صديقتك أمام ناظريكِ وآخذك أسيرة مع الأطفال ولربما تنفعين أكثر من أسيرة.

بادرت هيفاء بالصراخ..

هيفاء: النجدة أعينوني..... ساعدوني" وقد انهمرت شلالات الدموع من مقلتيها "

الجندي" وقد بصق في وجهها" : اخرسي أيتها العاهرة وإلا قتلتك معها ....

ابتلعت هيفاء لسانها من الخوف وأكل قلبها الحسرة والألم ماذا ستقول لخالاتها أم أيمن وأم سارة؟

وفجأة مر علي ومحمد بتلك المنطقة وما إن رأيا هذا المنظر اتجه محمد مسرعاً فأمسكه علي وقال له "بعصبية" : تمهل يا محمد بهذا التسرع ستقتلون كلكم.
محمد "وتكاد تخنقه العبرة": ماذا تريديني أن افعل يا علي أقف أتفرج على سارة تقتل أمامي؟ ألا تعلم بأنها وردة طفولتي وشمعة شبابي؟
علي: أعلم يا محمد ولكن بهدوء...

توجه الاثنان بناحية الجندي أحدهما من الأمام والآخر من الخلف فأدار الجندي المسدس من رقبة سارة إلى صدر علي فسحقه محمد بضربة مدوية في عنقه أودت بحياته وحرروا الأطفال.
بقيت سارة متجمدة في مكانها فهرعت لها هيفاء تحضنها...

هيفاء: اعذريني يا سارة لم أكن أعلم بأن هذا سيحدث سامحيني.
سارة " بصوت مبحوح": لا عليك

محمد: مالذي حدث يا سارة؟

وقصت هيفاء عليهم ما حدث...

علي: هيفاء أأنت مجنونة أم ماذا؟
هيفاء: لمَ؟
علي: كدت تؤسرين وكادت سارة أن تقتل ماذا كنت تظنين نفسك فاعلة؟
هيفاء: أطفال بلدي وأدافع عنهم هل أخطئت بشيء؟
علي: دعي هذا الأمر للرجال وأهتمي بشؤونك.
هيفاء: نعم...نعم لقد فهمت الآن ... يا الهي كم أنت متعصب ضد النساء
علي "وقد اعتلى صوته" : لست أمزح يا هيفاء إن ما حدث كاد يؤدي بحياتيكما
هيفاء " وقد اعتلى صوتها": وأنا لست امزح يا علي إن هذه وطني كما هي وطنك ومن حقي الدفاع عنها كما هو حقك وأعتقد بأن زمن لأني رجل ولأنك امرأة قد ولى.

"توقف علي فجأة وأدار وجهه ناحيتها وقد خرجت كل شرارات الغضب من عينيه"

علي: عندما تتحدثين معي يا آنسة ابقي صوتكِ منخفضاً هذا أولاً و ثانياً الأمر ليس له علاقة بكوني أحرمك حق الدفاع عن وطنك ولكن هكذا هي الدنيا الله خلق الرجال من ناحية البنية الجسدية أكثر قوة وصلابة وتحملاً وخلق النساء أكثر حناناً وعطفاً.

" وراح يمضي في طريقه فاستوقفته ضحكتها الساخرة"

هيفاء: هه أتظن أن بكلامك هذا ستردعني على الدفاع عن وطني
علي: إذاً لم تقتنعي؟
هيفاء: لا... لم اقتنع
علي: حسناً... وأنا لست مسئولاً عما يقع لكِ
هيفاء: هه ومن عينك مسئولاً عني من الأساس ولا تتدخل بشؤوني.

"ارتفع إحدى حاجبا علي استغراباً مما قالته هيفاء لتوها"

سارة"بصوت متقطع": يكفي يا علي يكفي يا هيفاء ألا تحسون ألا تشعرون؟ لتوي كدت أن أكون في عداد الموتى وأنتم تتشاجرون عن .. عن... لا أدري عن ماذا ولكن يكفي ذلك... يكفي

"وجلست على الرصيف واضعةًً رأسها بين قدميها وهي تبكي"

هيفاء: "وقد أخذت سارة بحضنها": أنا آسفة يا سارة...سامحيني.

" وصل كل منهم إلى عمله حتى جاء المساء فذهب علي ومحمد لأخذ سارة خوفاً عليها"

سارة: مالذي يحدث؟ هل حدث لأمي أو خالتي أي مكروه؟
محمد: لا يا سارة ولكن كل يوم ستأتين معنا ذهاباً وإياباً.
سارة: وهل هذا أمر من حكومتكم الرفيعة؟
محمد: نعم يا مدام أمر وواجب التنفيذ أيضاً

" ابتسم الثلاثة ابتسامة باهته تلتها تنهيدة الخوف"

سارة: ولكن يجب أن نأخذ هيفاء معنا أنا آخذها معي كل يوم إن لم أذهب ستظن بأن مكروهاً حصل لي.
علي: أوليست تريد أن تتحمل مسئولية نفسها دعيها وشأنها كما تريد.
سارة: علي... أنت تعلم أنها لم تقصد أي شيء مما قالته.

" ووصلوا إلى هيفاء التي كانت تنتظر سارة بخوف وقلق"

هيفاء: مالذي يحدث؟ هل خالتيّ بخير؟
سارة: نعم يا هيفاء.. ولكن الأبطال قطعوا عهداً على أن يأخذونا للعمل ويعيدونا للمنزل حفاظاً على الأمن والسلامة.
هيفاء: هيا يا سارة نحن لسنا أطفال تستلزمنا الحماية نستطيع تدبر أمورنا.
علي: قلنا لكِ يا سارة ليس هنالك داعٍ لأن نأخذ البطلة معنا فهي التي تحمينا وليس العكس.
هيفاء: هيا يا سارة.
سارة: ولكني أريد الرجوع معهم فهذا أضمن لسلامتنا يا هيفاء. أرجوكِ عودي معنا.
هيفاء" وهي تنظر للسماء": حسناً سآتي معكم.

" وفي الطريق"
علي " وهو ينظر لهيفاء بطرف عينه وبابتسامة خفيفة": أتعلمين يا سارة كنت أظن أن شخصاً هنا لا يريدنا أن نتدخل في حياته أو نحميه.
هيفاء: سارة يجب أن تعلمي أنني لازلت مصرة على أن لا أحد له الحق في فرض حمايته علي.
علي: إن ذلك الشخص يا سارة عنيد جداً ومصر على رأيه ولكن غريبة لمَ هو معنا الآن؟ هو لا يريد حمايتنا فليذهب...
هيفاء: حسناً أنا ذاهبة..
سارة: توقفي يا هيفاء.. " ولحقت بها"
محمد: مالذي فعلته يا علي؟
علي: ماذا؟ هي من تريد ذلك.
محمد: وهل تضع عقلك مع عقلها؟انضج
علي: اوووه يا محمد إن كنت تريد الذهاب معها فاذهب أما أنا فلا بعد الذي حصل.
محمد: ولكن..
علي: اذهب فهما بحاجة لك

"ذهب محمد لهما وواصل علي طريقه"

سارة: ما بكِ يا هيفاء؟ الشباب عرضوا علينا المساعدة من طيب أخلاقهم وأنتِ تتذمرين.
هيفاء: لسنا بحاجة إلى تلك المساعدة يا سارة.
سارة: بلى نحن بحاجتها لولا قدومهما اليوم لكنا في عداد الموتى أو الأسرى
هيفاء: و إن؟ أوليس يؤسر الناس كل يوم أوليس يقتل الأطفال كل يوم فما العيب في ذلك؟
سارة: تسرعكِ هو السبب ضعف بنيتنا الجسدية هو السبب نحن من ذهبنا بأرجلنا لتلك المجزرة كان باستطاعتنا أن نطلب المساعدة منهما.
هيفاء: يا الهي بدأت تتحدثين مثل علي.. و إن طلبنا المساعدة منهما؟
سارة: يبدو أنك لا تعلمين من هو علي ومحمد يا هيفاء؟ إنهما من اخطر المقاومين ضد إسرائيل وإسرائيل تلاحقهم منذ أن بدأوا نشاطاتهم مع مجموعة من الشباب.

"وصل محمد عندهما وعادوا إلى المنزل، وعندما حان موعد النوم"

هيفاء: حدثيني يا سارة عن محمد وعلي من هما وكيف لم تستطع الجنود الإسرائيلية الإمساك بهما ؟


يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:18
سأتابع لكم نقل هذه الرواية الرائعة لكاتبتها المبدعة : الفردوس.
.
.
.
.
هيفاء: حدثيني يا سارة عن محمد وعلي من هما وكيف لم تستطع الجنود الإسرائيلية الإمساك بهما ؟
سارة" تنهدت تنهيدة طويلة": يا هيفاء إن قصتهما طويلة ومتعبة منذ صغرهما.
هيفاء: وما هي؟
سارة: محمد وعائلته كانوا جيراننا منذ طفولتي منذ أن كنا سكان بالقدس لكن بعد أن حدث الاحتلال ذهب أبي و أبوه للقتال حتى استشهد أباه وأسر أبي فصرنا ننتقل من مخيم إلى آخر وهو وأمه معنا كنا في بداية طفولتنا كنت في السادسة وهو في العاشرة من عمره...وكان أخي ذا السبعة عشر عاماً " ياسر" يرعانا ويحمينا تعلم منه محمد الشجاعة والقوة والكرامة أما أمه المسكينة كانت حاملاً في شهرها السادس وقد استغرق تنقلنا شهراً كاملاً استشهد بعده أخي دفاعاً عنا وعن عرضنا وقد أوصى محمد بأن يرعانا...

" وتعود الذكريات بسارة إلى الوراء...

ياسر "وقد وضع يده على كتف محمد": اسمع يا محمد أنت الرجل من بعدي فأوصيك بأمي وأختي ولا تدع أي مكروه يحدث لهما أتعاهدني يا محمد؟
محمد" وقد غمز لياسر": عيب عليك يا ياسر هما في عينيّ قبل أن توصيني بذلك.
أم ياسر" ودموع الحسرة تحرق وجنتيها": يا ولدي لا تذهب وتتركنا هنا من لنا بعدك في هذه الأرض.
ياسر: الله معكم يا أمي ولن ينساكم أبدا إن كل ما افعله هو من أجلكم حتى يتسنى لكم الهروب يا أمي.

" فأخذت الأم ولدها بحضنها وضمته بقوة فوضعت قلبها على قلبه ليتسامرا قبل الفراق ودموع الأسى تنهمر على وجنتيها فتارةَ تشمه وتارة تقبل كتفه ... حتى تركته فقبل رأسها وقال: أبقيه مرفوعاً يا أمي فأنت أم الشهيد...
وودع أخته وراح يقاتل حتى استشهد"

سارة " وقد ظهرت الرجفة في صوتها وسقطت دموع الذكريات": بعدها بشهر من التنقل والتشتت والجوع والعذاب أحست خالتي أم محمد بآلام الولادة فما إن رأؤوها الجنود الإسرائيليين حتى اجتمعوا يشهدون الولادة ولربما ساعدوها في الولادة فذاك يركلها في بطنها والآخر ينط فوقه كالقرد والباقي إما متفرجين أو يشاركون بضربها بالعصي وهي تطلق صرخات تهد الجبال الشامخات وتبكي بكاءً يفت الحجر لم يتحمل محمد ذلك فذهب على صغر سنه يبعدهم عنها ولكنه ضاع بين ضرباتهم حتى ماتت أمه فدفنها ودفن أخاه معها لم أرَ إنسانا قط وقد اجتمعت فيه مشاعر الغضب والحزن كمحمد كانت عيناه محمرتان وحواجبه معقودة لم استطع فعل شيء سوى التربيت على كتفه وأنا اقول الله على الظالم يا محمد لم يراعِ أولئك الجنود صغر سننا أين هي حقوق الأطفال التي ينادون بها في كل أنحاء العالم هل اختفت بكل سرعة من أجل مصالحهم الشخصية؟ هه مالذي أتحدث عنه حقوق وأي حقوق على أرضي المغصوبة لم تنتهك؟
"أخذت هيفاء سارة بين أحضانها لعلها تمتص منها شحنات القهر المكبلة بقيود الكبت"
سارة: وبعد هذا وصلنا إلى هنا وربتنا أمي سوية حتى كبرنا فقسم البيت لنصفان نصف له ونصف لنا.
هيفاء: وعلي؟

سارة: بصراحة لا أعلم من أين ظهر ومن أين أتى ومتى يذهب ومتى يعود؟ ولكن ما أعلمه هو أننا الوحيدون الذين يعلمون بأسمائهم الحقيقية ويجب التستر عليها.

" وفي صباح اليوم التالي"

محمد: سارة لا استطيع الذهاب معكم طوال هذا الأسبوع ولربما الذي بعده.
سارة: لماذا يا محمد مالذي يحدث؟
محمد: إنني فقط.... لا أستطيع اهتمي بنفسك ولا تورطي نفسك في المشاكل والصعاب عديني بذلك
سارة: أعدك.
محمد: وأنا أعدك أنني عندما أعود أطلب يدك للزواج يا سارة.
سارة: ومن قال لكَ بأني سأوافق عليك.
محمد: نعم لم أسمعك جيداً ليس الأمر بيدك هذا قرار من حكومتنا ووجب تنفيذه.
سارة"وقد رفعت يديها كأحد الجنود": حاضر حضرة الملازم.

"ضحك الاثنان ضحكةً لا تخلو من البراءة يتقطع بين سطورها قلبيهما فنزلت دموع سارة مع تلك الابتسامة"

محمد: يكفي يا سارة كلما هممت بالذهاب وعدتك بالرجوع وفي كل مرة ارجع لا تخافي أنا عند وعدي.
سارة: وأنا في الانتظار.

" رحل محمد بعيدا تاركاً خلفه فتاة تبكي بحسرة وقهر تاركاً قلباً دامياً من العذاب"

هيفاء: سارة أين ذهب محمد؟ ولمَ كل هذا البكاء؟
سارة: لا شيء.
هيفاء: هيا يا سارة أخبريني
سارة: هكذا هو الحال دائماً يغيبون فترة ثم يعودون منهكين أو جرحى أو قتلى
هيفاء: من هم؟
سارة: علي ومحمد والشباب في حيّنا بين فترة وأخرى يخططون ويجهزون ومن ثم يعودون...
هيفاء: ولمَ كل هذه الدموع؟ هم سيعودون أليس كذلك؟

"تساقطت دموع سارة كالندى على وردةٍ في صباح لا شمس فيه"

سارة: لا أعلم هم يعودون في كل مرة ولكن هذه المرة لا اعلم.... لقد طلبني محمد للزواج وأخاف أن يكون هذه آخر القيا...
هيفاء: لا تخافي يا سارة ... سيعودون إن شاء الله.


" وبعيداً هناك في قبو قد لفه الظلام من كل جانب اجتمع الشباب المقاومون حول طاولة تشكي هرمها وعجزها وعلى رأس تلك الطاولة علي ومن فوق رؤوسهم نور خفيف يكاد كل منهم أن يرى الآخر"


علي: وهكذا نكون قد تمكنا من تحرير الأسرى إذا التزم كل منا بموقعه و الفترة الزمنية المحددة له بعد أسبوع من اليوم يتم تنفيذ الخطة وسيتوقع الجنود منا المقاومة وإحداث الفوضى ولهذا ستكثف الحراسة في اليوم الأول وسينفذ الجزء الثاني من الخطة في اليوم التالي من وصولنا وخلال هذا الأسبوع سننشغل بتدريبات عضلية وذهنية تسهل علينا الأمر وليأخذ كل منكم قسطاً من الراحة.


"مر هذا الأسبوع وكأنما ذلك القبو قد تحول إلى إحدى مراكز التدريب العسكرية، كما كان شاقاً على سارة التي كان واضحاً في عينيها القلق والخوف ولابد من كوابيس الليل التي عشقت زيارتها كل ليلة"

وعندما حان موعد الخطة توجه كل إلى موقعه... كان مع علي عشرة من الشباب الذين توجهوا إلى معتقل الأسرى من الجهة الخلفية...ولكن أمسكهم أحد الجنود.

الجندي" وقد وجه بندقيته لهم": توقفوا عندكم و إلا أطلقت النار عليكم.


"رفع كل منهم يده بلا مقاومة تذكر وسحبوا بداخل المعتقل كما تسحب الخرفان حين يحين موعد ذبحها وأدخلوا إلى رئيس المعتقل مكبلين بقيود الذل..."


الرئيس: حسنأً .. حسناً ماذا كنتم تفعلون خلف المعتقل؟
محمد: لا شيء فقط رأينا مبنى وراودنا الفضول لمعرفة ما فيه.
الرئيس: هل تظن بأن بكلامك هذا ستخدعني؟ ماذا كنتم تفعلون وهل لكم علاقة بالمجموعة الشبابية المقاومة التي أطلقها علي ومحمد؟
.
.
.
.
يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:19
الرئيس: حسنأً .. حسناً ماذا كنتم تفعلون خلف المعتقل؟
محمد: لا شيء فقط رأينا مبنى وراودنا الفضول لمعرفة ما فيه.
الرئيس: هل تظن بأن بكلامك هذا ستخدعني؟ ماذا كنتم تفعلون وهل لكم علاقة بالمجموعة الشبابية المقاومة التي أطلقها علي ومحمد؟
علي: كما قال لكَ صاحبي لم نكن نفعل أي شيء ولا نعرف أي شيء عن محمد هذا أو علي.
الرئيس: كاذبون

" وصفع علي صفعة قوية تردد صوت وقعها في تلك الغرفة الصغيرة فبصق علي في وجهه وهو يصرخ: أيها الحقير..

"بُهت وجه ذلك الرئيس الذي لملم أطراف ما تبقى له من كرامة "

الرئيس: سجلوا أسمائهم وضعوا هذه الزبالة في سجن منفرد"وهو يشير لعلي" لنرى من هو الحقير يا هذا وسأشرف على تأديبك حتى تركع أمامي طالباً رحمتي.
علي: هههه أمثالي لا يركعون لأمثالك يا حثالة ولو تقطعني في اليوم مائة مرة وتحرقني لما انحنى رأسي أمامك لأن نفسي عزيزة لا تركع إلا لله...
الرئيس: أخرجوووووووووووهم من هنا أخرجوووووهم
محمد: مالذي فعلته سيقطعونك قبل أن نخرج.
علي: وليفعلوا ذلك أهون من أن أرى نفسي تحت قدمي ذلك الحقير.

"وُضع علي في سجن انفرادي ضيق وصغير لا يتجاوز طوله متر في متر أما باقي الشباب فقد وُزعوا في بقية الزنزانات التي ضاقت بمن فيها كان في ذلك المعتقل عشرون زنزانة بها ما لايقل عن عشرة معتقلين كل عشر زنزانات متقابلتين أما معتقل النساء الذي هو منفصل عن معتقل الرجال بباب وحاجز، به عشر زنزانات"


" وفي اليوم التالي بدأ التعذيب اليومي... أُخرج الجميع من زنزاناتهم بقيود الهوان منهم الشيخ ومنهم الشاب ومنهم الطفل يُدفعون بلا رحمة ويخرجون إلى ساحة التعذيب وصُرف كل منهم إلى زاوية ليمارسون عليه أبشع ألوان العذاب فوقف علي وحده يراقب المنظر من بعيد وهو ينتظر مشرف تعذيبه .... أدار علي بنظره ليرى ذلك الشيخ الطاعن بالسن ينظف المكان ويلقط قذارتهم ويغسل ملابسهم وهم جالسون بكل كبر يتضاحكون فما إن سقط ذلك الشيخ حتى هم أحد الجنود له يركله وينعته بالغبي الأحمق ويرفعه كأنما هو كلب، لم يتحمل علي ما رآه فأدار بوجهه إلى الركن الآخر ليرى شيخ آخر أكبر من الذي سبقه حافي القدمين جعلوه يمشي فوق جمرٍ حتى سقط عند قدمي أحد الجنود يطلب الرحمة...
الشيخ: لا تفعلوا بي هكذا سأموت حرقاً أرجوكم اترووكني أليس لكً جد أرحم كبر سني وضعف جسدي.

"ركله الجندي وأخذه الآخر من طرف قميصه ورماه إلى حيث كان..وهو يقول: هل تظن أننا ندير مركز رعاية المسنين يا أحمق ستواصل السير وإذا تكلمت بحرف واحد سنزيد من ساعات تعذيبك.
أنزل رأسه علي وهو لا يستطيع أن يواصل رؤية المزيد من مسح كرامات أهل بلده ولكنه رفع ذلك الرأس على صوت صراخ شقيق روحه محمد نعم محمد الذي كان صوته يحمل كل معاني الألم وهم يهمون بنزع أظافره من جلده ودماءه تتساقط ويداه ترتجف ووجه قد أصبح كالوردة التي سحقت بأقدام الغاصبين المحتلين محمد الذي كان يخاطب علي على الرغم من آلامه نعم يتخاطبان بعينهما وبقلبيها وبروحيهما وكأنما يقول له أصبر يا علي ولا تتهور فيضيع كل ما عملناه..امتص علي غضبه وضرب على الأرض ضربة العزة والإباء حتى وقع بصره على زهور الأمل تُغتصب نعم تلك الطفولة والبراءة تنتهك وتتحطم كل معاني الإنسانية في تلك الأرض تتحطم كل أحلام الطفولة على تلك الأرض تتحطم كل نفوس بريئة بيد اليهود الذين لم يُبقوا على شيءِ إلا واغتصبوه.. صرخ علي صرخةً عربية صرخةً تحمل كل معاني القيد لعلها توقظ العرب النائمون لعلها توقظ حكامهم الغافلون ولكن لا وألف لا مالذي يوقظ ضميرهم وقد نام في سبات عميق واكل الدهر عليه وشرب فجاءته ضحكات من بعيد هي ضحكات الرئيس"

الرئيس: هاهاهاها ما بك؟ هل الأمر بهذا السوء؟ يبدو أنك لا تعلم أننا معقتل ولسنا دور رعاية وتأهيل؟
علي: مالذي تفعلونه؟ ألا تخافون الله؟ أليس في قلوبكم شيء من الرحمة؟ إنكم تقتلون براءة الطفولة وطموح الشباب وتكسرون عز الشيخ فينا ألا تشعرون أم أن الإحساس فيكم قد شٌل؟ اتركهم يذهبون اتركهم ولا تعذبهم وعذبني أنا كما تشاء فاحرقني واصلبني وقطع أحشائي وارجمني بالجمر ولكن لا تفعل هذا... لاتفعل
الرئيس: يالك من حنون...ماذا لو رأيت بقية المعتقلات المنتشرة في البلاد ماذا لو رأيت في معتقل النساء ما يحدث من اغتصاب و...
علي: يكفي .... يكفي
الرئيس: نعم يكفينا هراء ولنتحدث بجدية إن كل ما تراه هو مجرد تدليل لهؤلاء ساعتين أو أربع ساعات من الدلال ليس لسواد أعينهم ولكن جنودنا يتعبون جسدياً ونفسياً من هذه الحيوانات القذرة...أما أنت فهديتك خاصة سنأخذك صباحاً ونعيدك مساءً...

"أُخذ علي بقيود في كلتا يديه وقدميه حتى نزعوا معطفه فقميصه فبنطاله وجعلوا صدره عارياً وفتحوا المكيف والنوافذ فأقشعر جسده لشدة البرد وأنزل تحت رشاش ماء بارد تتقطع كل خلية في جسده لبرودته وقد تجمد لسانه فلم يستطع الصراخ ألماً فكان يشهق وفكاه يرتجفان وقد حُبست صرخة الألم بجوفه...ثم أُخذ من تحت ذلك الرشاش وأُجلس على كرسي ربط به ولم يشعر إلا والكهرباء قد سرت في جسده وهم يتضاحكون ويتراقصون على أصوات الألم التي أخرجها من صراخ وأنين ويوقفونه بين الفينة والأخرى ليحافظوا على حياته فهم لا يؤيدون القتل السريع بل يتلذذون بالاحتضار المريع...أُوقف الجهاز قليلاً فاستعاد علي جزء من أنفاسه المقطوعة أما الرئيس الذي كان جالس على الكرسي رافعاً قدماه على الطاولة تقدم من علي ووضع عينيه في عيني علي وهو يقول: ماذا هل لا زلت مصراً على عزتك وعدم الركوع لي والترجي طالباً الرحمة هاها هاهاها.
علي" وقد بصق في وجه ذلك الرئيس": خسئت..
الرئيس: واصلو تعذيب هذا الحقير حتى يعلم من أنا..

" وواصلو تعذيبه على ذلك الكرسي الكهربي حتى أصبح وجهه شاحباً قد غادرته قطرات دمه الشريفة وتلونت شفتاه بالون الأزرق وخرج الدم من فمه وهو لازال على ذلك الكرسي تتنافض ثناياه بل وحتى أحشاءه وهو يئن و يصرخ... أكمل علي يومه الأول في ذلك المعتقل وسُحب إلى زنزانته و ركبتاه تزحفان على الأرض لا يقوى على المسير ومروا به على زنزانة محمد الذي أخذ ينادي: ماذا فعلتم به هل قتلتموه؟
وهو عاجز عن الوقوف لتزرق قدميه من الضرب..."

"في اليوم التالي وكما توقع علي قل عدد الحراس وجاء موعد إعدامهم وأي إعدام هذا الذي يحدث كل يوم وكأنما هم في عذابِ سرمدي...سُحب علي الذي تهالكت قواه من شدة الألم والتعب وحاول جاهداً أن يواصل السير حتى وصل إلى الغرفة فاستقبلته عبارات الترحيب الوحشية من الرئيس"
الرئيس: ألا زلت مصراً على رأيك؟
علي "وقد غارت عيناه من التعب والجوع": وسأبقى..
الرئيس" وهو يتناول الكباب المشوي وقد عمت رائحته المكان": ألست جائعاً؟
علي: تعودنا على الصيام فليس بالأمر المهم...
الرئيس"وقد أمسك بقطعة من الكباب وقربها لفم علي ومن ثم رماها لكلبه": ما رأيك أتريد أن أرمي لك قطعة أيضاً؟

"فتعالت أصوات الجنود بالضحك فقطعها علي بقوله: بل ارمها لكلابك الجنود المطيعين. "وقد ابتسم ورفع إحدى حاجبيه استهزاءً "
الرئيس: حسناً..حسناً سأطعمك بيدي يا عزيزي ما دامت يداك مكبلتان..

"فأخذ قطعة اللحم وأراد إدخالها في فم علي الذي رفض حتى تمكن من إدخالها فبصقها علي في وجهه وهو يقول: لا آكل من يد نجس مثلك يا سافل.
الرئيس"وقد أحرقت شرارات الغضب من عينيه كل من في الغرفة عدا عزة علي": خذووووه بعداً خذووووه واحرقوه ثم اصلبوه.

"أُخذ علي إلى خارج الغرفة في ساحة التعذيب وأحضروا شعلةً أخذوا يحرقون بها أصابع علي واحد تلو الآخر وهو يصك على أسنانه من شدة الألم ويتجمع الدم كله في وجهه ليملأه كرامة وإباء ومحمد يصرخ" وهو بيد الجنود الذين يجلدون ظهره" : لاااا اتركوووه يكفيكم هذا لا تتركني يا علي وترحل...
حتى انتهوا من هذا العمل فأخذوه وصلبوه من الصباح إلى أن جاء منتصف الليل فأرجع علي الذي لم يذق الطعام منذ يومين ولم يهنأ بنوم ولا براحة وقد أحمر جسده من الضرب....

يتبع

:wink:

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:19
"أُخذ علي إلى خارج الغرفة في ساحة التعذيب وأحضروا شعلةً أخذوا يحرقون بها أصابع علي واحد تلو الآخر وهو يصك على أسنانه من شدة الألم ويتجمع الدم كله في وجهه ليملأه كرامة وإباء ومحمد يصرخ" وهو بيد الجنود الذين يجلدون ظهره" : لاااا اتركوووه يكفيكم هذا لا تتركني يا علي وترحل...
حتى انتهوا من هذا العمل فأخذوه وصلبوه من الصباح إلى أن جاء منتصف الليل فأرجع علي الذي لم يذق الطعام منذ يومين ولم يهنأ بنوم ولا براحة وقد أحمر جسده من الضرب....وفي هدوء ذلك الليل وبينما كان الحراس العشرة يحرسون العشرين زنزانة وقد غلب عليهم التعب والنعاس...جاء أحد الأصوات منادياً...

الأسير: أيها الجندي لقد مات هذا الشاب أخرجوه من هنا وادفنوه...

" وتعالت الأصوات في تلك الزنزانة فأقترب الجندي من الزنزانة وإذ بمحمد ملقى على الأرض بلا حراك ولا أنفاس تبدو عليه"

الحارس: اهدؤوا ... اهدؤوا وإلا لن أخرجه من هنا ..

"هدأ الجميع فدخل الحارس الزنزانة حتى وصل عند قدمي محمد فركلها فلم يبد أي حركة حتى وصل حارس آخر"

الحارس الآخر: مالذي يحدث؟
الحارس "بارتباك": لا لا شيء.. فقط يريدون القليل من الماء...

" فذهب الحارس الآخر"
الحارس: يا الهي ما هذه الورطة؟ سيظنون أنني القاتل.

"وفجأة تلقى ذلك الحارس ضربة على قدمه أسقطته ومن ثم وُضعت يدٌ على فمه وضُرب رأسه بالأرض حتى مات فنهض عنه محمد وهو يقول: يا الهي الحمد لله لقد نلت منه فخلع ثيابه ولبسها وأخذ مفاتيح السجن الآخر وفتحه ولكن لم يخرج أحد.. وكهذا توالت العملية في الثمان الزانزانات ولم تبق الا زنزانة علي...

حارس علي: يا الهي أين ذهب هذا المخبول أنا وضعته بيدي في زنزانته أين سيذهب هل من المعقول أني نسيت الباب مفتوحاً؟

"فتح الحارس الباب وإذ بعلي ينط عليه من الأعلى ويضربه حتى الموت اجتمع العشرة شباب ونظموا الأسرى في صفوف وأقسام أما في الخارج فكانت بقية المجموعة من الشباب في حافلات صغيرة وقد زرعوا القنابل حول المعتقل وفجروها فتطاير أولئك الجند أشلاء والآخرون ولوا هاربين وبعضهم بادر بإطلاق الرصاص ولكنهم كانوا أسرع منهم في الإطلاق فلم تكن العملية متوقع حدوثها فخرج الأسرى وركبوا الحافلات التي تفرقت حتى لا يتمكن احد من إدراكهم..أما الأبطال العشرة وببذلات الجنود وبنادقهم توجهوا للمعتقل الخلفي للنساء فنادى علي رئيس الحراس الذي سحبه من خلال الباب وضربه محمد من الخلف ودخلوا إلى معتقلات النساء كأنهم جنود إسرائيليين عاديين وما إن أصبح كل واحد قريب من الحارسة حتى أمسكها من رقبتها و أمروهن بفتح الأبواب للأسرى فانصعن للأوامر ومع تحاشد النساء أفلتت إحدى الحارسات وأطلقت النار على الشاب الذي أمسكها فلما همت بإطلاق رصاصة أخرى أرداها محمد صريعة فأخذن الحارسات إلى إحدى الزنزانات وقتلوهن وحملوا الشاب "نضال" إلى الخارج حيث تولى الشباب الذين أتوا من الخلف بحافلة أخرى أمر الحراسة الخارجية أُدخلت الأسيرات في الحافلة من مختلف الأعمار نساء و عجائز وأطفال فلمح علي من بعيد عجوز لا تقوى على السير وتحمل رجليها بثقل فذهب لها"

علي: أمسكيني يا خالة لنهرب سريعاً قبل أن تأتي القوات المساعدة.
العجوز: شكراً لك يا بني..
"ورفعت يدها تستند على ظهره المحمل بجبال من الهموم والتعب وهو بالكاد يستطيع السير فنظرت له العجوز ودموعها تتساقط"
العجوز: ولدي علي...
"أدار علي وجهه لها بعيون غير مصدقة" علي: أأمي ...
العجوز: نعم يا فلذة كبدي وسنوات عمري أمك أنا يا عزيزي...
علي"ودموعه على وجنتيه": أمي أنا آسف لو كنت أعلم بوجودكِ هنا لما تأخرت ثانية واحدة سامحيني يا أمي ولكن لم أكن أعلم بمكانكِ يا عزيزتي.
العجوز" وقد مسحت دموع ولدها وتقف رافعةً رأسها لتتمكن من رؤيته لطوله": لقد كبرتَ يا ولدي وأصبحت تحرر الأسرى أيضاً...أمسح دموعكَ يا ولدي فالرجل لا يبكي...
" وأخذته بأحضانها كالطفل الصغير وهو يبكي كالخائف المرتعب الذي وجد ملجأ أمانه..... وإذ بالجنود الإسرائيلية تلوح من بعيد..."

محمد: هيا يا علي تعال قبل أن يصلوا إلينا.

"فانتبه لهم علي وحمل أمه بين يديه وراح يركض بها وإذ برصاصة تشق قميصه وتذهب بعيداً مخلفةً كتفاً دامياً وقلب أمٍ محترق...فسقط علي وأمه لعدم قدرته على حملها...فجاءهم محمد يركض"

العجوز "وقد شحب وجهها وانهمرت دموعها وهي تصرخ": ولـــدي علي ماذا أصابك؟اجبني
علي "وصوته متقطع من الألم والتعب":لا شيء يا أمي جرح بسيط.

"فاستند علي على أمه ليقوم وهي تستند عليه وإذ بها ترى جندي قد جهز بندقيته بناحية علي فأطلق الرصاصة فخبأت علي خلفها بحركة سريعة وهي تصرخ ولدي...فتلت الأم الرصاصة بقلبها نعم تلك الرصاصة قد تكون حارقةً لقلبها ولكن قلبها سينصهر أكثر إذا ما أصابت هذه الرصاصة ولدها وقطعة أحشاءها لم يعِ علي ما يحدث لتوه التقى بأمه التي لم يرها من سنين وبعد ذلك فقدها في الدقيقة الأخرى آه وكيف فقدها وهي تفديه بروحها"

علي"وقد تشكلت ملامح الصدمة في وجهه وبصرخة هزت السماء والأرض": أمــــــــــــــــــــــــــــي" فأخذ رأسها ووضعه في حجره" لا ترحلي عني يا أمي فكم أنا مشتاق لوضع رأسي على صدرك كم أنا مشتاق لمسحكِ على رأسي كم أنا مشتاق أن أنادي وأقول أمي... "وقد تعالى صوت بكاءه حتى وصل له محمد"

محمد: قم يا علي قبل أن يصلوا إلينا.
علي: اتركني هنا مع أمي أريد أن أموت معها.
محمد: علي هل جننت قم معي
"ومسك بيد علي ليأخذه ولكنه أفلت يده من محمد وهو يصرخ"
علي: أتركني ألا تفهم؟أريد أن أموت دعني أموت.
محمد: لا لن أدعك تموت وستأتي معي رغماً عنك.

"فضربه محمد ضربةً على رأسه أفقدته الوعي وحمل بين ذراعيه وراح يركض للحافلة التي كادت القوات أن تصل إليهم اختفى الشباب لفترة من الوقت حتى تهدأ الأوضاع ومحاولات القبض عليهم وتتبعهم...عاد الشباب إلى حيهم على دفعات حتى لا يُشك في أمرهم وكان علي ومحمد آخر من بقي في ذلك القبو"

علي"ووجهه مصفر وعيناه ذابلتان":ماذا فعلت يا محمد؟ لمَ أبعدتني عن أمي؟
محمد: كدت تموت يا علي...أمك لم تموت دفاعاً عنك لكي تموت أنت وراءها ....
علي: ولكن لم أدفنها أوليس إكرام الميت دفنه؟
محمد: علي... وعن أي إكرام تتحدث كن واقعياً...والآن قم لتناول الطعام.
علي: لا أريد...
محمد: ماذا تظن نفسك فاعلاً ... هل إضرابك عن الطعام سيعيدها للحياة أم سيحرر فلسطين؟ هيا تناول طعامك يا علي...
علي: ألا تفهم قلت لكَ لا أريد...لا أريد اتركني يا محمد

"فخرج علي للخارج"
محمد: ياله من عنيد..

وفي الحي..
سارة"وهي تبكي":كلهم عادوا يا هيفاء إلا علي ومحمد
هيفاء: يكفي يا سارة لقد أخبروكِ الشباب أنهم بخير ولكنهم سيتأخرون
سارة: لا إنهم كاذبون لقد قتلوا أو أسروا ولكنهم لا يريدون إخبارنا.
" أم أيمن وقد تعالى صوت تهاليلها وزغاريدها"

سارة: مالذي يحدث يا خالتي؟
أم أيمن: قوموا لاستقبال علي ومحمد ها قد وصلا..
سارة" وقد ابتسمت ابتسامة كادت أن تشق فمها": يا الهي لا أصدق الحمد لله الحمد لله لقد وصلوا يا هيفاء.. وصلوا
هيفاء"وبابتسامة بها قد تجمعت دموع الفرح": لقد سمعت يا سارة سمعت.
سارة" وقد أخذت هيفاء بأحضانها" أحبـــــــــكِ يا هيفاء أحبك
هيفاء" وهي تفك يدي سارة التي خنقتها": خبئي هذا الحب للحبيب وفجريه بوجهه وليس عندي.

"خرجن الفتيات والنساء لاستقبالهن بأوراق الياسمين...وصل محمد وعلي وعلى أي حال محمد يسير حافي القدمين وقد تورمت قدماه وآثار السياط منتشرة في أجزاء جسمه وأصابعه المزرقّة التي بقيت بلا أظافر وأما علي فقد استند على ظهر محمد وهو بالكاد يستطيع السير كتفه الجريح و آثار القيود في يديه وقدميه قد أكلت لحمه ووجه الشاحب وشفتاه المتشققتين"

أم أيمن: يا مرحباً بكم نورتم حيكم يا أبنائي.
محمد: تسلمين يا خالتي.
أم سارة: لقد حرقتكم قلوبنا عليكم عندما تأخرتم... ولكن الحمد لله دعينا لكم ليل نهار..
علي: المهم هو رضاكم عنا يا خالتي..
"أما سارة وهيفاء اللتان وقفتا صامتيين أمام هذا المشهد المحطم هم لم يروا علي ومحمد بل رأوا بقايا علي ومحمد "

سارة" وقد تساقط دموعها وخرج صوتها مبحوحاً": الحمد لله على سلامتكم.

"أومأ محمد برأسه دون أي تعليق ومن دون أن ينظر لها... وأما هيفاء التي لم تستطع الكلام جرّاء ما رأت فبقيت صامتة"

علي: هيا يا محمد أريد أن أدخل لأرتاح.
"تعالت أصوات جيرانهم بتحميد السلامة والدعاء لهم إلى أن دخلوا إلى بيتهم"



يتبع


الرد باقتباس

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:20
"تعالت أصوات جيرانهم بتحميد السلامة والدعاء لهم إلى أن دخلوا إلى بيتهم"

سارة"وهي تبكي":هيفاء هل رأيت محمد؟ يا الهي ماذا حدث له؟هذه المرة جراحهم عميقة...
هيفاء:هوني عليكِ المهم أن الباري قد حفظهم فاحمدي الله على ذلك.
أم سارة: هيا يا بنات تعالوا للمطبخ لدينا عمل كثير.
هيفاء: عمل ماذا يا خالتي؟
أم سارة: ألا ترين محمد وعلي قد نحل جسميهما من شدة التعب والجوع أراهن على أنهما لم يذوقا الطعام منذ أن خرجا.

" دخلن إلى الطبخ وجهزن مختلف أصناف الطعام المتواضعة وذهبن به إلى بيت علي ومحمد قرعن الباب"

محمد" وقد استيقظ من نومه فزعاً وراح يركض للباب وفتحه فرأي أم أيمن وأم سارة وهيفاء وسارة": ماذا يحدث؟ هل أنتم بخير؟
أم أيمن" وقد ضحكت ضحكةً خفيفة": نعم يا ولدي ولكننا حضرنا لكم العشاء وجئنا لنتناوله سوية إذا لم يكن هناك أي مانع.
محمد"وكأنما أزيح جبل من الهموم من على ظهره": بالتأكيد يا خالتي تفضلوا.

"التف الجميع حول الطاولة ووضعوا الطعام عليه"

محمد: سأذهب لأوقظ علي.

"دخل على علي في تلك الغرفة المحطمة فرآه نائم وقد اتخذ من الأرض فراشا ومن بضعة أقمشة وسادة وكم كانت تلك الأرض قاسية تحطم أضلعه وتؤلمه كان نائماً كالطفل المعذب المقهور الذي حبس بين ثنايا الواقع المرير"

محمد: علي...علي... استيقظ يا علي

"فتح علي عيناه بصعوبه"وهو يقول: ماذا هنالك يامحمد؟
محمد: لقد حضرت خالتيّ الطعام وهم الخارج قم لتأكل لكَ أي شيء ستموت هكذا.
علي: دعني أموت يا محمد ولمَ أعيش ولمن أعيش؟
محمد: لن أدعك تموت وستأكل على الرغم من أنفك

" وسحبه محمد من يده فأفلت علي يده"

علي"وهو يصرخ": اتركني يا محمد اتركني لا أريد أن أعيش دعني أمووت وأرتاح.

"خرج محمد من الغرفة مطأطأ الرأس"

أم أيمن: ماذا يحدث يا ولدي هل علي بخير؟
محمد: نعم ولكنه تحت تأثير الصدمة
أم أيمن: صدمة ماذا؟
محمد: احم..... لقد قُتلت أمه بين يديه
الجميع: ماذا؟

"خرج علي من الغرفة نحيل الجسم عيناه ذابلتان ووجهه مصفر"

علي: السلام عليكم
الجميع: وعليك السلام والرحمة
علي: بالأذن أنا خارج.
أم سارة: لن تذهب إلى أي مكان يا ولدي إذا كنت ستخرج فنحن من سيخرج قبلك.
علي: لا يا خالتي لا تخرجوا لست أقصد أي شي
أم سارة: إذا ما خطبك يا ولدي؟
علي" وبصدره غمامة من الكبت": لقد تعبت يا خالتي من الحياة تعبت أريد أن أموت.
أم سارة: لا ولدي لا تقل هذا لعل يومي قبل يومك يا حبيبي

"فوضعت كلتا يديها على خده ثم أخذته بين أحضانها فدفن وجهه عند كتفها"

أم سارة "وهي تبكي": لقد قُتل ولدي ياسر يا علي.... نعم قُتل فاسودت الدنيا في عيني ولم أرَ بعده أي شيء يجعلني أرغب في الحياة غيرك أنت يا بطل وولدي محمد وابنتي سارة...لا تقل هذا الكلام مرة أخرى فتقطع روحي يا ولدي..
علي: أنا آسف يا خالتي ولكني تعبت
أم سارة: إنما الدنيا أعدت لبلاء النبلاء... والآن هيا شاركنا الجلسه..

"جلسوا حول تلك الطاولة يأكلون ويتبادلون أطراف الحديث قليل من المواقف الطريفة وذكريات الماضي الجميل أما سارة فقد حبست دموعها بين جفنيها وتقاوم نزولها وهي ترى أصابع محمد بلا أظافر"

محمد: ما بكِ يا سارة لا تأكلين هل أنت مريضة؟
"هزت سارة رأسها بالنفي"

أم أيمن: تفضل يا علي ذق من هذا الطبق لقد أعدته هيفاء.
"أنزلت هيفاء رأسها وهي تبتسم"
علي: ما بالك تبتسمين أنا لم أقل بأنه لذيذ حتى تفرحين..ثم كيف أن هيفاء البطلة تنزل للمطبخ وتطبخ أليس هذا من عمل الرجال في هذا الزمن؟
"رمقته بنظرة فابتسم علي وهو يأكل من طبقها وهي تنظر له بلهفة لتعرف النتيجة وهو ينظر لها بطرف عينه"
علي: ما هذا يا خالتي؟ أرجوكم لا تدخلوها للمطبخ مرة أخرى إنها عار في تاريخ الطبخ.
هيفاء" وقد وضعت الصحون الخالية فوق بعضها بعنف وتنظر لعلي بغضب": الحمد لله لقد شبعت...أين المطبخ يا محمد؟
محمد: انه وراءك...
"ذهبت هيفاء للمطبخ"
سارة "وهي تهمس لعلي": ماذا فعلت يا مجنون؟ لقد كسرت بخاطرها لقد تعبت وهي تحضر هذا الطبق...
علي: لقد كنت أمزح يا سارة
سارة : أمزح معي أو مع محمد فنحن متعودون على بعضنا ولكن هي أهي من بقية أهلك حتى تمزح معها؟
علي"ببراءة الأطفال": لم أكن أقصد..
سارة: اذهب واعتذر منها قبل أن تعود من المطبخ
علي: ولكني لا زلت جائعاً
سارة"وقد رمقت علي": ضريبة لسانك الطويل
علي: حسناً حسناً
أم أيمن: ماذا يحدث عندكم يا أشرار؟
سارة: لا شيء يا خالتي فقط أحدثه بأخباري
علي: الحمد لله لقد شبعت..
"وأخذ صحونه ليأخذها للمطبخ"
أم أيمن: دعها يا بني ستأخذها هيفاء إذا عادت
علي: لا يا خالتي أنا لا أحب أن أتعبها بتاتاً
"دخل المطبخ"
علي: احم احم
"عرفت هيفاء صوته فلم ترفع رأسها"
علي: في الحقيقة يا هيفاء... أن من الطبيعي... هو أن...في الحقيقة أنا آسف كنت أمزح بصراحة الطبق كان رائعاً
"ابتسمت هيفاء ابتسامة خفيفة ولكن قلبها يرقص من الفرح"
علي: لو كنت أملك مطعماً بالتأكيد ستكونين"فرفعت هيفاء نفسها مزهوة فأكمل علي" أحد طاقم غاسلي الصحون
"فرفعت رأسها ورمقته بنظرة غضب"
علي" وهو يضحك": إنني أمزح... والآن هل سامحتني؟
هيفاء"وهي تبتسم برقة": بالتأكيد من دون أن تعتذر أيضاً
علي: حقاً "فوضع بقية الصحون أمامها": إذا اغسلي بقية الصحون
"فخرج علي فتركت هيفاء الصحون وأخذت ترقص"
علي: ترااا لقد رأيتك يا مخبولة
"تجمدت هيفاء في مكانها وقد احمر وجهها فما إن غادر علي حتى ضحكت على نفسها.... جاءتها سارة وساعدتها في غسل بقية الصحون وهي تحكي لها ما حدث"

محمد: خالتي بصراحة أريد أن أطلب منكِ طلب.
أم سارة: عيني لكَ يا ولدي.
محمد: تسلم عينك يا خالتي... بصراحة أنا أريد أن أطلب يد ابنتكِ للزواج.
أم سارة: لقد كنت انتظر هذه اللحظة منذ زمن بعيد يا ولدي و هاقد أتت وأنت خير الرجال يا محمد فلا مانع لديّ ولا اعتقد بأن سارة تمانع.
محمد: إذن نتزوج غداً.
أم أيمن: محمد ما بالك مستعجل دعنا نسأل البنت قد لا تريدك.
محمد: ولمَ لا تريدني؟ فلنسألها الآن.
أم أيمن: اصبر يا ولدي.
علي: خالتيّ معهما حق اصبر يا محمد فهذه الأمور ليست بتلك البساطة.

"عادوا إلى منزلهم "

أم سارة: تعالي يا ابنتي..
سارة: نعم يا أمي
أم أيمن: ليس الآن يا أختي انتظري إلى الغد ثم اخبريها .
هيفاء: لمَ الانتظار للمنزل هيا تكملي يا خالتي يبدو أن الموضوع مشوق.
أم سارة: لقد كبرتِ يا ابنتي وصرتي جميلة.
هيفاء: هل ستسافرين يا خالتي؟ لا تتركينا يا خـ
"ضربت سارة هيفاء بكوعها فصمتت هيفاء"
أم سارة: وقد وصلت للسن الزواج يا ابنتي وقد تقدم لكِ شاب.
سارة: ولكني لا أريد الزواج.
أم أيمن: لمَ يا ابنتي؟ أهناك شاب آخر تريدينه.
سارة"وهي تمسك بأذنيها": لا يا خالتي ليس هنالك أي شاب ولكن أي زواج هذا ونحن بهذه الأوضاع.
أم سارة: حتى و إن قلت لكِ أن هذا العريس هو ولدي محمد.
سارة"بغير تصديق وعفوية": حـقاً.... أقصد نعم صحيح أنني لا أريد الزواج ولكن محمد لا أعلم يا أمي الرأي رأيك.
أم سارة: أنا من رأيي أنه لا يناسبك ثم كيف ستتزوجين في هذه الأوضاع؟كما تقولين.
سارة: لالا يا أمي الأوضاع بخير لا تعقدي المسألة.
هيفاء: أنتم من عقد المسألة خالتي إن سارة لا تريد إلا محمد زوجيهم وخلصينا.
سارة: هه ماذا تقولين يا هيفاء أنا لم أخبرك بشيء من هذا القبيل.
هيفاء: بلى أخـ
سارة: تعالي معي يا حبيبتي اشتريت لكِ حلوى من مطعمنا
"وسحبتها معها"
سارة: ماذا جرى لكِ أجننتِ؟
هيفاء: ماذا؟ أمك تعلم أنك تحبينه فلمَ أنت خائفة؟
سارة: أعلم أنها تعرف ولكن أصاب بالإحراج عندما تتكلمين هكذا.
هيفاء: اسمع... من تشعر بالإحراج.

"وفي بيت محمد وعلي"

علي: ماذا تظن نفسك فاعلاً يا صديقي؟
محمد: ماذا؟
علي: تطلب يد سارة للزواج وكأنك لا تعلم
محمد: أعلم بماذا؟ يا الهي هل تحب سارة وتريد أن تتزوجها؟
علي: ماذا تهلوس يا محمد؟ إنها أختي وحسب.
محمد: إذا مالقضية؟
علي: أتعلم أين ستسكن معها؟ أتعلم من أين ستصرف عليها؟ أتعلم أين سيعيش أبناءك وماذا سيأكلون أم ستشردهم؟
محمد: ما بالك قد ضخمت الأمور وعقدتها؟ أهو على السكن..نعم أنت بأن أطردك خارج المنزل؟
علي: بل أنت الذي سيطرد... فكر بجدية يا محمد أنت الآن لا تقرر مصير نفسك فقط بل مصير إنسانه أخرى معك هل ستخبرني أين ستسكن وأبناءك ومن سيطعمهم ومن سيعلمهم والآن أخبرني إذا ذهبنا في عملية ماذا ستقول لسارة وماذا ستقول لأبنائك .. أنا ذاهب يا أبنائي وقد لا أعود؟
محمد: المنزل سيكفينا يا علي وعلى الله رزق أبنائي وسارة تعلم بعملياتي وطبيعة عملي وستتفهم الموضوع.. انتهى النقاش يا علي لأني لا استطيع أن أدوس على قلبي أكثر من هذا...

" وفي اليوم التالي خرجت هيفاء وسارة للعمل فاستوقفهما علي"
علي: توقفي يا سارة أريد أن أحدثكِ في موضوع قبل أن يأتي محمد.
سارة: تفضل.
علي: هل وافقتِ على الزواج من محمد يا سارة؟
سارة: نعم.
علي: يا الهي مالذي يحدث لكم هل جننتم؟
سارة: لماذا؟
علي: أين ستعيشين وأبناءكِ يا سارة في هذا البيت الذي سيسقط على رأسنا مع الريح الخفيفة أم أين سيتعلمون في خيام محروقة ووسط جثث مهتوكة؟ تكلمي يا سارة حينما يخرج محمد معنا في العمليات قد يعود أو لا يعود فكيف تسمحون لأنفسكم أن تتركوا أطفالاً بلا مستقبل ولا حاضر؟
سارة: ماذا تقول يا علي؟ هذا البيت الذي سيسقط فوق رؤوسنا على الأقل هو يلمنا ويستر عوراتنا وأولادنا رزقهم على الله ماذا هل نتوقف عن الزواج لأن واقعنا مرير بل نتحدى الواقع يا علي نعم نتحداه وإذا خرج محمد ولم يعد لن يكونوا أيتام بل سيكونون أبناء الشهيد... أفهمني يا علي مللت وتعبت من حياتي الرتيبة المملة أريد شخصاً يشاركني فيها.
علي" وقد هز رأسه بالإيجاب وهو يبتسم": بالتوفيق يا سارة....بالتوفيق يا صغيرتي.

"غادر كل منهم إلى عمله وفي الليل عندما انتهى دوام هيفاء خرجت من المستشفى وإذ بأحدهم يسحبها"


يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:21
غادر كل منهم إلى عمله وفي الليل عندما انتهى دوام هيفاء خرجت من المستشفى وإذ بأحدهم يسحبها"

هيفاء"تشهق": علي مالذي أصابك ولمَ كل هذه الدماء؟ وأين محمد؟ ومن الذي جرحك؟
علي"وصوته يتقطع": بالراحة يا هيفاء... لا أستطيع الإجابة عن كل هذه الأسئلة... اسمعيني فقط من دون أن تتكلمي.. هل أستطيع الدخول للمستشفى من دون أن يراني أي أحد؟
" أومأت هيفاء برأسها إيجابا ودموعها على وشك السقوط"
علي: إذا هيا بسرعة...
" استغربت هيفاء مما يحدث "
علي: هيا يا هيفاء.
" دخلوا للمستشفى من الباب الخلفي وصعدوا سلم الطوارئ حتى دخلوا غرفة مواد التنظيف فجلس علي على الطاولة"

علي: اسمعيني ونفذي... أريد ملقطاً وولاعة وشاش وإبرة وخيط.
هيفاء: ولمَ كل هذه الأشياء؟
علي: لنعمل ورق عنب..
هيفاء: هل هذا وقت مزاحك؟
علي: وليس وقت أسئلتك لأنني أتقطع من الألم.

" تسللت هيفاء إلى مخزن المستشفى وأحضرت ما طلبه علي..فدخلت عليه الغرفة فشق قميصه عند كتفه التي نزفت بحر من الدماء وبوسطه فتحة كأنما هي فتحة بركان قد خرج منها دمه الثائر فشهقت هيفاء وهي تبكي"

علي"وصوته يشكي تعبه وألم": يكفي يا هيفاء لا تؤلميني أكثر مما يؤلمني الجرح واسمعي كلامي خذي الماء وطهري به جرحي بعد ذلك خذي الملقط وابحثي عن الرصاصة وأخرجيها بالملقط الذي ستعقمينه بنار الولاعة ثم عقمي الإبرة وخيطي الجرح ولفيه بالشاش.

"فما إن أكمل كلامه إلا وهي تبكي"
هيفاء: لا استطيع... لا استطيع

علي: بلى تستطيعين يا هيفاء سأموت إن لم تفعلي.

"تقدمت هيفاء ببطء وحملت الماء و بدأت تطهر الجرح ويداها ترتجفان بعد ذلك عقمت الملقط وأدخلته بين أنسجة كتف علي وهو يعض على شفتيه من شدة الألم ويصدر صوت أنين خفيف حتى لا يسمعه حتى نعم حتى الألم أصبحوا يخافون أن يعبروا عنه"

هيفاء: يا الهي لا استطيع التحمل هل هذا يكفي يا علي؟ يبدو أنك تحتضر لا دماء في وجهك.
علي: واصلي يا هيفاء بسرعة...

"أخرجت هيفاء الرصاصة وبدأت بعد ذلك باخاطة الجرح"

هيفاء"وهي تبكي": علي لا استطيع إنني أغرز الإبرة في لحمك يا الهي.
علي: هيفاء أرجوكِ أكملي عملك إنني بخير .. حتى أنه لا يؤلم كثيراً

"أكملت هيفاء عملها ولفت له كتفه بالشاش"

هيفاء: والآن اخبرني ماذا حصل؟
علي" وهو يتنهد": آه يا هيفاء أحدهم بلغ عني وعن محمد وجاءت الجيوش تبحث عنا فرحت هارباً أنا ومحمد وافترقنا هو من طريق وأنا من طريق ولكن رصاصةً أصابتني وها أنا هنا وعالجتني الدكتورة هيفاء.

"ابتسمت هيفاء ودموعها لا زالت تسري على خدودها الحمراء...فاعتلى صوت جرس انتهاء الزيارات بالمستشفى وبأنه سيغلق بعد خمس دقائق"

هيفاء: هيا بنا يا علي.
علي: أخلعي معطفكِ يا هيفاء.
هيفاء " وقد امتقعت": ماذا؟
علي: اخلعي معطفكِ أأنت خرساء؟
هيفاء: قصدكَ صماء...
علي: نعم.. نعم
هيفاء: اسمع يا علي صحيح أنك أنقذت حياتي ولكني لا أبيع شرفي.
علي: عن أي شرف تتحدثين
"فابتسم كأنما فهم ما ترمي إليه"
علي: لست أقصد أي شيء مما تفكرين فيه ولكن الجنود تبحث عن رجل له قميص أبيض ولهذا بمعطفك سأتحول إلى رجل بمعطف أسود.
هيفاء" وقد احمّرت خدودها": نعم لقد فهمت ... بصراحة كنت فاهمة ما ترمي إليه من البداية ولكن لقد كنت أمزح معك.
علي: هاهاها فاهمة من البداية أعطيني المعطف.. ثم كيف تفكرين بأمور كهذه أنا وانتِ؟ "وهز رأسه نفياً" مستحيل.

"وهموا خارجين من الغرفة"

هيفاء: ولمَ هو مستحيل؟ ما عيبي يا هذا؟
علي: يووووه عيب انك ممتلئة بالعيوب.
هيفاء" وقد بان الغضب على وجهها": مثلاً...
علي: أنني أمزح معكِ... أنتِ أروع فتاة قابلتها في حياتي
"أنزلت هيفاء رأسها وهي تبتسم"
علي: وأرجل بنت رأيتها
"فعبست بوجهها"
علي: ساعدني يا رب
هيفاء: تعال يا علي
علي: إلى أين ؟
هيفاء: أريد أن أنزل بالمصعد كنت أتمنى دائماً أن أنزل به ومادام الوقت متأخراً فلم يرانا أحد تعال.

"ركبوا المصعد وهو ينزل وإذ به يتوقف وتنطفئ أنواره"

علي: مالذي يحدث؟
هيفاء" وقد ضربت على جبهتها": يا الهي كيف نسيت... إن المصاعد تطفئ بعد الدوام.
علي: ماذا؟ هل هذا يعني أننا عالقون إلى الغد؟
هيفاء: نعم عالقون.
علي: يا فرحتي يا لهوتي أحسنت يا مدام هل أعجبكِ ركوب المصعد؟
"بكت هيفاء"
علي: هيفاء ما لكِ تبكين أنا آسف...
هيفاء: أنا آسفة الذنب ذنبي..
علي: لا الذنب ليس ذنبك... سنجلس هنا ونستمتع بوقتنا حتى تشبعي من ركوب المصاعد ليس وراءنا شيء

"ابتسمت هيفاء وابتسم علي .... ساد الصمت بينهما للحظات"

هيفاء: علي....
علي: نعم
هيفاء: من أنت؟
علي: عفواً
هيفاء: أقصد ما هو دورك في هذه الحياة ومن تكون؟ وأين بقية أهلك؟
علي"وقد أنزل جفناه يخفي ألماً قد دفنه في فؤاده المدمي": أنا مجرد إنسان أريد أن أعيش على أرضي وحولي عائلتي وناسي الذين أحب لست أريد أن نعيش في قصر أو حتى شقة أو غرفة محطمة بل يكفيني أن أعيش وسطهم ولو كنا مشردين نضم بعضنا البعض لنتقي شر البرد ونعيش... فقط نعيش...هل أنا أطلب المستحيل؟ أخبريني يا هيفاء هل طالبت بشيء ليس من حقي؟ يكفي ذلك، لا أريد أن أفقدهم أمام عيني وبأبشع طرق القتل...أما عن بقية أهلي قد تجدين نصفهم مشردين والنصف الآخر في المعتقلات والبقية إما في رحمة ربنا أو غادروا الأرض ليعيشوا كما فعل أبي....
هيفاء: وهل أبوك لا زال حياً؟
علي"بحدة": وما أدراني إن كان حيا أو لا وبمَ استفيد إذا عرفت؟
هيفاء: هذا أبوك ألا تشتاق له ألست تريده أن يحيطك بحنانه؟
علي: ههههه أبي وعن أي أب تتحدثين؟ تركني وأمي وراح مغادراً غير مكترث وغير آبه إذا ما كنا أحياء أم أموات؟
هيفاء: يجب أن يكون هناك سبباً قوياً دفعه لذلك...
علي:نعم كان هناك سبب ما إن قصفنا بأول مدفعية حتى ولى هارباً يريد أن يعيش بأرض أخرى ليتمتع على حد قوله بالحياة.
هيفاء: ولمَ لم يأخذكم معه؟
علي: إلى أين؟ أمي لم تكن تريد أن تغادر الأرض التي بُنيت من عرق جبين أجدادنا لنخرج بتلك السهولة ونسلمهم أرضنا بل ونسهل عليهم الاحتلال فعند رفض أمي ورفضي الذهاب معه رحل ولم يعد رحل عن أرض العزة والإباء وباع الوطن خوفاً على نفسه طمعاً في الدنيا.
هيفاء: ولكننا يا علي في حرب خاسرة هم معهم كل شيء ونحن ليس معنا أي شيء كأنما تسقط دماءنا هدرا..
علي" وقد اشتعلت عيناه كرامة": فليسقط دمي وتتقطع شراييني وأوردتي على تراب أرضي فتسقيها من دمي عزة وقوة وإباء..
"تساقط دموع هيفاء"
علي: ما بالكِ تبكين؟
هيفاء: حسرةً على شبابنا المقهور...حسرةً على أطفالنا اليتامى..حسرةً على شيوخنا المكسورين...حسرةً على نساءنا الثكلى
علي: هذا هو قدرنا و إن الله سيعوضنا بخير من هذه القصور الفانية وهذه المتعة الزائلة وستبقى لنا السعادة الأبدية ما دمنا صامدون فلن ولن ينسانا التاريخ وسنبقى الشعب الأبي والأسطورة الخالدة....
"صمتا قليلاً و بدا التعب يقطع تلك العيون الذابلة"
علي: هيفاء إذا تعبتِ يمكنك أن تستلقي...
هيفاء: ولكن المصعد صغير ولا يكفي فأين ستذهب أنت إذا استلقيت؟
علي: سأقف "ووقف" انظري انه يكفي.
هيفاء: دعك من هذا لن استلقي وادعك تقف طوال الليل..
علي:ولكنكِ متعبة وغداً لديك دوام من الصباح الباكر ولا تخافي علي فما إن اتعب سوف أوقظك صدقيني...
"كان التعب والإجهاد قد غلب عليها فوافقت وراحت في سبات عميق ظل علي واقف مكانه وبين فترة وأخرى يغلب عليه النعاس حتى انه أخذ غفوة بسيطة وهو واقف من شدة التعب وكاد أن يسقط لولا أن أمسك نفسه... بعدها توجه عند الباب وحاول فتحه أخذ يحاول ويحاول ولكن كتفه الجريح صعب من العملية حتى استيقظت هيفاء على صوت محاولاته فزعة"

هيفاء: ماذا يحدث؟ من أنت؟ أين أنا؟
علي:بسم الله الرحمن الرحيم، حتى وأنت في نصف نومك إذاعتك مفتوحة؟ لا شيء يحدث فقط أحاول فتح الباب أكملي نومك.

"رفعت هيفاء رأسها وأخذت تراقبه وهو يحاول فتح الباب حتى فُتح جزء منه وبعدها استطاع فتحه كله أخذ ينظر للأعلى وإذ بالباب الرئيسي قريب منهم "
علي"وهو يبتسم":هيفاء ... قريبا سنخرج...
هيفاء: كيف؟
علي"وبكل حماس": سوف اقفز فوق المصعد وأفتح الباب الرئيسي ثم تصعدين ونخرج.
"أخذت هيفاء تصدر شتى أنواع أصوات الفرح وعلي مثلها وهم يقفزون من شدة الحماس ولكن ذلك المصعد لم يكن مصنعاً ليتحمل جنونهما فاخذ يسقط ذلك المصعد وهما يتدافعان على بعضيهما حتى أمسك علي هيفاء واضعا يده حول خصرها وبيده الأخرى مسك إحدى زوايا المصعد حتى لا تفلت وتوقف فجأة فسقط كل منهما على الأرض صامتين لبرهة...ثم انفجرا ضاحكين كانت تلك ضحكة بريئة أنستهما هموم الدنيا كلها للحظة وكأن العالم كله وقف يتفرج على أجمل ضحكة أًطلقت من القلوب قبل الأفواه أخذا بعدها يتبادلان شتى أنواع الحديث من ذكريات ماضية وأحلام وردية أُعجبت هيفاء بشخصية علي القوية التي تخفي بين ثناياها حناناً كبيراً و أُعجب علي بشخصية هيفاء البسيطة وأحلامها الجميلة التي جعلته ينظر للحياة بنظرة أخرى بها حب للعيش ووجود للأمل والحب حتى تحت تلك الظروف الحالكة انتهت تلك الليلة الطويلة الجميلة التي أبى أن يخرج فيها القمر وسط وجود قمرين صافين القلب كما اللؤلؤ...وجاء الصباح بازغاً وخرجا من المصعد فتوجهت هيفاء لعملها وتوجه علي يسلك تلك الطرق الصعبة حتى يسلم من الجنود حتى وصل للمنزل"

يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:21
وجاء الصباح بازغاً وخرجا من المصعد فتوجهت هيفاء لعملها وتوجه علي يسلك تلك الطرق الصعبة حتى يسلم من الجنود حتى وصل للمنزل"

محمد"ووجهه باهت وعيونه باكية وقد أخذ علي بأحضانه": علي...أخي علي حبيبي علي لقد أقلقتني عليك يا أخي أين كنت طوال الليل؟
علي: لا تخف يا محمد ها قد رجعت لكَ سالماً.
محمد: لقد بقيت وخالتيّ وسارة طوال الليل هنا قلقين عليكَ وعلى هيفاء فهي لم تعد أيضاً.
"علي وقد ابتسم ابتسامة خفيفة"
محمد:يا الهي..ما هذه الابتسامة إني أعرفها يا علي لا تقل لي بأنكما معاً طوال الليل ونحن هنا قلقون.
علي"وهو يضحك": تعال لأخبرك بآخر الأخبار...

" فحكى له ما حدث"
محمد"وهو يضحك": يا لها من ليلة اشتبكت معها في مصعد وانظر لحالك.
علي"وقد بُهت": ما بال حالي يا ولد؟
محمد: يبدو أنك قد أحببتها.
علي: لا لا أعتقد قد يكون مجرد إعجاب لا غير
محمد: علي لا تخف من مشاعركَ الحقيقية قف وواجها كرجل.
علي: لا استطيع لا أريد أن أتعلق بها و أنا أعلم إما أن تفقدني أو أفقدها أخاف يا محمد.
محمد: لا تفكر هكذا كلنا سنرحل لا يهم متى ومن سيرحل أولاً ولكن من هم مثلنا يعيشون اليوم باليوم لا نفكر بالغد ولا بالماضي لكي نستطيع التقدم...ثم من قال لكَ أنها ستوافق عليك...
علي"وقد رفع نفسه مزهواً بنفسه": وهل تستطيع أن ترفضني؟
محمد: اسكت ولا تبدأ بمدح نفسك يكفي أنك قد أسقطت نصف السقف من مدحك لنفسك.

"ضحك الاثنان وراح علي يركض وراء محمد ليضربه وهو يركض كأنما هم أطفال يتراكضون ويتلاعبون حتى تعبا فناما بسكينة وسلام......ولما جاء الليل راحت سارة تركض لهيفاء عندما وجدتها واقفة بانتظارها وأخذتها بأحضانها"

سارة"وهي تلهث وتبكي": حبيبتي هيفاء لقد مت من قلقي عليكِ ظننتك لن تعودين.
هيفاء"وقد ترقرقت عينيها من الدموع": وها أنا أمامك وبكامل صحتي لا تخافي.
سارة: أين كنتِ؟
هيفاء: إنها قصة طويلة...

"وبينما هم في الطريق أخذت تحكي هيفاء تفاصيل تلك الليلة"

سارة:يا الهي...مع علي المتعجرف على حد قولكِ في مصعد.
هيفاء"وهي تطرقع أصابعها": لا اعتقد أنه متعجرف...
سارة"بدهشة":ليس متعجرفاً يا هيفاء؟؟مالذي يحدث؟
هيفاء: نعم.. لا لا شيء يحدث ولكنه قلبه الطيب يختبئ خلف رجولته القاسية.
سارة: مالذي أسمعه هل الآنسة وقعت في الحب؟
هيفاء: ماذا عن أي حب تتكلمين قد أستلطفه نعم لكن حب...
سارة: هيـــفاء أنا أعرفك جيداَ ماذا هنالك؟
هيفاء: بصراحة نعم أحبه ومن لا يحبه شخصيته جذابة نتشارك معظم الأفكار يكملني بطيبته ورجولته وأكمله بحناني و أنوثتي ولكن لهذا الحد والأمر انتهى.
سارة: لمَ يا هيفاء؟
هيفاء: أنت تعلمين أنه لا يريد الزواج هو رافض للفكرة من أساسها هي مجرد ذكريات جميلة عشتها ولن أنساها ما حييت.
سارة: براحتكِ.. هيفاء عندي خبر مفرح.
هيفاء: حقاً....هل أنتِ حامل؟
سارة"وقد رمقتها بنظرة وضربتها ضربةً خفيفة على رأسها":حامل؟ نعم حامل هل تصدقين ذلك وفي شهري التاسع أيضاً.
هيفاء: ههههههه حسناً ما هو الخبر
سارة" وقد امتلأت عيونها من دموع الفرحة":غداً يوم زواجي يا هيفاء غداً ألبس الثوب الأبيض غداً أُزف إلى حبيبي زوجةً غداً أعيش أجمل أيام عمري ما حييت.
هيفاء"وقد ابتسمت ابتسامةً عريضة": حــقاً يا سارة غداً تتزوجين؟ يا سلام

"وأخذتها بأحضانها وهما يتمايلان يمنةً ويسار وعادتا للمنزل...استيقظ علي من نومه وهو يرى محمد نائماً فذهب عند رأسه..."

علي"وهو يصرخ فجأة": مـــحمــد
محمد"وقد استيقظ فزعاً هو يشهق": مالذي يحدث؟ ماذا هنالك؟
علي"وقد غرق ضاحكاً"
محمد"ووجه مُلأ بتعابير الغضب": علي سأقتلك الآن لمَ فعلت هذا بي؟
علي: أريد أن اقضي معك آخر أيامك حتى لا تشتاق لي.
محمد: لن اشتاق لكَ أبداً بل سأستريح منكَ
علي"وهو يضحك":حرام عليك تعلم أنني أحبك.
"وتوجه لمحمد ثم أخذه من ذراعيه فرفعه ثم رماه فجأة"
محمد:آخ يا علي ماذا جرى لعقلك يبدو أنك قد جننت.
"ثم توجه محمد لعلي وحمله من الخلف ودار به ثم رماه"

علي"وهو يضحك ويمسك بظهره الذي آلمه": لا يجوز هذا يا محمد أنا رميتك فقط وأنت درت بي.
محمد"وهو يضحك على حالهما":تستحق هذا يا علي.

"ثم استلقيا بجانب بعضهما البعض"

محمد: سوف اشتاق لكَ كثيراً يا علي.
علي: وأنا أيضاً..لكن لا تخف سآتي لكَ من الصباح أنغص عليكَ يومك.
محمد: كما تفعل دائماً.

"ضحك الاثنان و امسكا بيد بعضيهما وشخصا بنظريها"

"جاء اليوم التالي وفي الليل عادت هيفاء وسارة ركضاً من عمليهما لتتجهزا فالنساء في المطبخ يجهزن أصناف مختلفة وبسيطة من الطعام وهيفاء تجهز سارة من تسريح لشعرها ووضع الماكياج لها ثم لبست ذلك الفستان الأبيض البسيط ثوب قد وُجد عند إحدى الجارات قد يشكي ذلك الثوب ظروف الزمان ولكن في تلك الحالة كانت أجمل عروس رأتها الأرض.....وفي ذلك المنزل تجهز علي وقد لبس أحلى قميص لديه وكم كان العروسان جميلان وبسيطان توجه محمد للذهاب مع الشيخ إلى بيت سارة"
محمد: علي ما رأيك بي؟
علي: أجمل عريس ولدته الأرض.
محمد:حقاً
علي: لا...بالتأكيد نعم يا أخي

"توجه محمد مع الشيخ إلى بيت سارة وعقد الشيخ فأصبحت سارة زوجة محمد....تعالت أصوات التهليل والزغاريد من ذلك البيت الصغير حينما رفع محمد الطرحة وقبل رأس سارة لأول مرة يقبلها ثم أحنى رأسه عند أذنها وهمس لها "
محمد:أنت أجمل ملاك نزل على الأرض.
"فأنزلت سارة رأسها استحياءً وخجلاً..حتى جاء منتصف الليل فغادر كل من البيت عدا العروسان وهيفاء وأم أيمن وأم سارة وجاء علي ليكمل المجموعة"

علي"وعلى وجهه ابتسامة عريضة": السلام عليكم
الجميع: وعليكم السلام
علي"وهو يندب حظه كالعجائز": لا أصدق فرحةٌ في حيّنا.
هيفاء: بل صدق... ولا تنبش الجراح يا ولدي."وهي تدعي البكاء"
علي: لقد كبر الأولاد وتزوجوا يا هيفاء.
هيفاء: نعم...وسنشتاق لهم.
"ضحك الجميع على جنون هيفاء وعلي كما ضحكا هم على نفسيهما...ثم اقترب علي من العروسين"

علي: لا أوصيك يا محمد على سارة ضعها في عينيك و إن مسستها بسوء سأقطعك.
محمد: ما بالك هل أنت أشد حرصاً مني عليها."و أخذها بأحضانه"
علي"وقد ضرب محمد على يده": أفعل هذا في بيتك ليس أمام الناس واسكت ودعني انهي كلامي...واسمعي يا سارة سلمتكِ أخي الوحيد فضعيه في عينيك صحيح أنه في بعض الأحيان لا يحتمل ولكن تحمليه.
"ضحك محمد وأخذ صديقه علي بحضنه وطالت لحظة الصمت بينهما"

علي"وهو يبتسم":سارة ما هي أكبر أمنياتك؟ فقد جئتك بهدية
سارة: بصراحة من دون أن تضحكوا علي...أمنتي أن أتذوق من البوظة التي يقدمها المطعم الذي أعمل به يا الهي كم شكلها مغري والعسل يتساقط من قمتها إلى البسكويت.
علي: ولمَ لم تشتري لنفسكِ منها؟
سارة: إنها غالية الثمن تساوي نصف راتبي هل أضيعه على بوظة.
علي"وهو يضحك": حسناً.. ولكن هديتي أجمل من تلك البوظة.

"وأخرج يده من جيبه فتدلت سلسلة من الذهب بسيطة وفي نهايتها وردة صغيرة ناعمة"

علي:هذه سلسة أمي يرحمها الله كانت دائما ما تعلقها حول عنقها ستكون أجمل لو عُلقت على عنقكِ يا سارة.
سارة"وقد اتسعت حدقة عيناها": يا الهي.. لا يا علي لا استطيع أن أخذها إنها من رائحة أمك.
علي: هيا يا سارة قلت لكِ أنها هدية ولا تغلا عليكِ...خذها يا محمد و ألبسها إياها...
سارة"ومحمد يلبسها السلسلة": شكراً لكَ يا علي سأظل ألبسها ما حييت ولكن ماذا ستقدم لزوجتك إذا أعطيتني هذه؟
علي: لقد احتفظت لها بخاتم...دائماً ما يكون لديّ خطة بديلة أم نسيتِ أنني علي...
سارة"وهي تبتسم له بحنان": لا لم أنسَ..ولن أنسى.
علي: والآن قفوا صفاً واحداً لقد استعرت الكاميرا من هيثم لنصور صورة فورية وعدته أنني سأصور صورة واحدة لذا قفوا مستقيمين.

"وقف الجميع مستقيمين"
هيفاء: ومن سيصور الصورة.
علي: أنتِ من سيصور الصورة ليس من الضروري أن تكوني معنا.
هيفاء: حقاً... سأكون معكم بالصورة يعني سأكون.
علي: ستحترق الصورة إن كنت معنا.
هيفاء: وستنفجر الكاميرا إن كنت معنا.
أم أيمن: كفوا عن هذه التصرفات الصبيانية...أنا سأصور الصورة.
هيفاء: لا بل علي سيصورها.
علي: بل هيفاء.
أم سارة: يكفي ذلك هل أنتم أطفال... سأنادي جارتنا لكي تصورنا.

"جاءت جارتهم لتصورهم وقف العروسان بجانب بعضهما واقفين وهيفاء وعلي أمامها ولكن واقفين على ركبتيهما وأم أيمن و أم سارة كانتا جالستين أمام هيفاء وعلي...أما عن الصورة فلا تسألوا، سارة عندما التصقت بزوجها تشربك شعرها بقميصه وكانا يحاولان حل المسألة أما هيفاء فقد وضع علي يده أمام وجهها وهيفاء سارعت بإبعاد وجهها جانباً ودفع وجه علي ورصعه وأما أرتب ما في الصورة أم أيمن وأم سارة"

علي: من هؤلاء الذين بالصورة؟
سارة: نبدو وكأننا في حديقة حيوانات.
هيفاء: انظروا إليّ... إن كل هذا بسببك يا علي.
علي: انظري ماذا فعلتي بوجهي.
محمد: بصراحة كل من في الصورة مقبولين إلا علي وهيفاء تبدوان كمغفلين.
"ضحكت سارة بصوت مرتفع وتبعتها ضحكات محمد...فخرجت الشرارة من عيني علي وهيفاء"
علي: هيفاء أمسكي بسارة وأنا أمسك بمحمد لنقطعهما.
هيفاء: حسناً.
"وراحوا يتراكضون"
سارة: هيفاء أرجوكِ لا تلمسي الفستان انه لجارتنا.
أم سارة: ماذا حدث لعقولكم يا أشقياء؟
"فوقف الجميع صفاً واحداً كأنما هم بالمدرسة"
أم أيمن: ألا تخجلون لقد كبرتم.. وأنتم يا عرسان ألستم متزوجين؟ يا الهي ما هذا الجيل؟
أم سارة: الله يرحم أيامنا كنا نخجل أن نتكلم أمام الكبار وأنتم...
علي: نحن آسفون يا خالتي.
محمد: نعم لم نقصد أن..
هيفاء: كنا فقط...
سارة: كنتم فقط ماذا؟ أجيبوني متى تكبرون؟
" فاتجهت أنظارهم لسارة وهم ينظرون لها من قدميها لعينها"
سارة: حسناً سأسكت..
" ذهبت الخالتان لتناما وما إن اختفتا حتى انفجروا ضاحكين"

علي"وهو يقلد على أم سارة": الله يرحم أيامنا كنا نخجل أن نتكلم أمام الكبار وأنتم...
هيفاء "وهي تقلد سارة": كنتم فقط ماذا؟ أجيبوني متى تكبرون؟
"أما محمد وسارة فقد كانا منفجرين ضحكاً"

محمد: حسناً سنغادر الآن.. هيا يا سارة...
سارة: سأودع أمي وخالتي...

"فذهبوا عندهما...كانتا لا تزالان مستيقظتين"
سارة: أمي أنا ذاهبة.
أم سارة: تعالي يا ابنتي.."وحضنتها"
سارة"تبكي": سأفتقدك يا أمي
أم سارة: وأنا أيضاً وها هو بيتكم بالقرب من بيتنا كلما تشتاقين لي تعالي.
سارة: أمي لا أريد الذهاب أريد العيش معكم.
أم سارة"وهي تبكي": لا تدعيني أسمع هذا الكلام مرة أخرى أنتِ الآن خارج عهدتي وفي بيت زوجك... حافظي عليه يا ابنتي ولا تضايقيه.
سارة: حسناً يا أمي اعتني بنفسكِ أنتِ أيضاً.
"ثم ذهبت لتحتضن خالتها أم أيمن"
أم أيمن: اعتني بنفسكِ
سارة: حسناً يا خالتي.
هيفاء:وبعينها الدموع": سأشتاق للنوم معك يا سارة.
سارة"وهي تأخذها بأحضانها": وأنا أيضاً
علي"وهو يبتسم": لقد كبرتِ يا حلوتي وأصبحت عروس.

"ثم أخذ علي محمد بأحضانه"
محمد: أرجوك يا علي لا تنساني.
علي: سأشتاق لك.

" سلم محمد على خالتاه ثم أمسك بيد سارة ورحل إلى بيته"

هيفاء: وأنت يا علي أين ستنام؟
علي: سأذهب إلى بيت صديقي نضال هو هنالك يمكث مع أخيه.
هيفاء: مع السلامة.

" رحل علي متجهاً إلى بيت نضال"

نضال: كيف كان العرس؟
علي: جميلاً و مريعاً في مثل الوقت.
نضال: وكيف؟
علي: هذه أول مرة منذ عشر سنين تقريباً أفترق فيها عن محمد.
نضال: وأي فراق إنه في حينا يا علي لا تضخم الأمور.

"هز علي رأسه بالإيجاب"

نضال: ألن تنام يا علي؟
علي: لا ، لا أشعر بالنعاس.

"أرجع علي رأسه خلفاً وغلبه النعاس من شدة التعب ولكنه استيقظ فزعاً على صوت الدبابات والمدافع"






نضال: استيقظ يا علي...
علي: ماذا هنالك؟
نضال: قم لنخلي البيوت الاسرائيلين وصلوا
علي: اسمع يا نضال قل لجميع من في الحي من له سيارة فليشغلها ويذهب إلى آخر الحي لننقل الناس فيها.
نضال: حسناً
إياد: وأنا يا علي؟
علي: سأتولى أمر البيوت من الجهة اليمنى وأنت اليسرى.

"ذهب علي يركض وجميع من في ذلك الحي يتراكضون هرباً وعلي وإياد ينظمون وجودهم في السيارات بعضهم قد سقط جدار البيت فوقهم فهم جرحى وبعضهم كبار لا يستطيعون الركض حتى وصل إلى بيت أم سارة فأخرجهم"

أم سارة: أرجوك يا ولدي لا تعد إلا بولديّ.
علي: حسناً يا خالتي.

"ذهب علي إلى بيت محمد"
نضال: توقف يا علي.. إلى أين تذهب؟ ستحطمك مدفعياتهم.
علي "وهو يركض": محمد وسارة لم يأتوا.
نضال: لا وقت لإنقاذهم.
علي: بل حياتي كلها لهما.





"وصل علي إلى ذلك البيت الذي قد تساقطت جدرانه فدخل كالمجنون يصرخ"

علي" وقد أحمر وجهه": مـــحمد ... ســــارة....


" فوجد يد محمد ولكن جسده كان تحت الأنقاض...فراح يباعد تلك الصخور ونضال يسحبه فرمى نضال بعيداً إلى أن اخرج محمد والذي كان يمسك بيد سارة وهي بأحضانه لا زالت ترتدي ذلك الفستان الأبيض الذي خُضب بدم محمد ودم سارة"

علي: محمد... سارة أجيباني.... لازلتما على قيد الحياة أليس كذلك؟
هيا يا سارة قومي يا حلوتي هيا يا محمد قم معي هيا.

"نزل علي على ركبتيه ثم اتجه زحفاً نحوهما ووضع رأسيهما بأحضانه أحدهما في يمينه والآخر في شماله"

علي: محمد حبيبي أجبني أنا صاحبك وأخيك لا ترحل وتدعني في هذه الدنيا الظالمة وحدي أرجووووك يا محمد أنا لا أقوى على السير في هذه الحياة من دون أن أمسك بذراعك كما كنا نفعل سابقاً أجبني يا محمد كيف ترحل وتتركني؟ كيف تدعني وحدي "وهو يصرخ" قم يا محمد
نضال" والدموع في مقلتيه على حال علي": قم يا علي لن ينفعك البكاء ستقتل معهما.
علي"وهو يبكي ويصرخ": فلأقتل... لمَ لا أموت هل يجب عليّ أن أرى جميع أهلي وأصحابي يموتون أمام عيني فلأقتل ولكن ليس يقتل محمد أمامي أرجوك أخبرني أنني في حلم أرجوووك
نضال: هيا يا علي..
علي"ونحيبه يعلو ويعلو": نضال أخبرني ماذا فعل محمد لكي يقتل هكذا أخبرني ما ذنبي لكي أفقده لمَ محمد؟ ثم ماذا سأقول لخالتي لقد وعدتها بأنني سأعيدهما معي ماذا أعيد معي جثة قد تحطمت عظامها وأريق دمها؟ أخبرني ما ذنب عروسٍ تقتل يوم زفافها وكان أكبر أحلامها أن تأكل بوظة هل أجرمت بشيء؟ هل هذا الحلم حراااام هل قتلت جندي منهم عندما حلمت؟ فلمَ تقتل أخبرني لمَ تقتل؟
نضال: يكفي يا علي هيا بنا...
علي"وهو ينتحب كالاطفال": سارة...سارة يا عروستي الصغيرة أرجووكِ أجيبيني هيا يا وردتي... لاترحلي عنا فكلنا نحبكِ وأنت يا محمد هيا قم معي وأعدكَ أنني سوف لن أغيظك بحركاتي أرجووكم قوموا معي أرجووك يا الهي خذني معهم إن لم يعودوا.....



"سحب نضال علي الذي تهالكت قواه بشدة وأخذه بعيداً وهو يمشي به أخذه عند جدار قد تحطم لثقل الهموم التي ألقاها علي عليه فغفا علي ودموعه لا زالت تجري وهو يهذي... إلى أن أشرق صباح يومٍ جديد"


يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:23
سحب نضال علي الذي تهالكت قواه بشدة وأخذه بعيداً وهو يمشي به أخذه عند جدار قد تحطم لثقل الهموم التي ألقاها علي عليه فغفا علي ودموعه لا زالت تجري وهو يهذي... إلى أن أشرق صباح يومٍ جديد"

علي: أين أنا؟ وأين محمد وسارة؟ هل حملتني ولم تأخذهم؟ سأذهب لهما حتماً هم استيقظا الآن..
نضال"وقد احتد صوته": علي توقف لقد قُتلا يكفي ذلك تقبل الأمر...
علي: لا لا يمكنهم ذلك محمد صديقي لا يتركني وحيداً
نضال"وقد أمسك علي وهو يصرخ": يكفي يا علي...محمد قد مات تقبل الأمر لا يعودا أبداً

"سقط علي على الأرض وكأنما قد عزل عن جميع ما في الدنيا وتكور على نفسه وهو يبكي وينتحب ثم اسند ظهره على ذلك الجدار وأخذ يستعيد ذكرياته معهما"

"أخذ يتذكره حينما كانا يتراكضان وسط البيت يتذكره حينما كان يوقظه بعنف ويصرخ فيه يتذكره حينما كان يصرخ ألماً في ذلك المعتقل يتذكره وهو يسنده على ظهره يتذكره وهو يبتسم يوم عرسه يتذكر جمال قلبه ثم يتذكر سارة وهي تتمازح معهم يوم عرسها يتذكر بسمة الحب التي أطلقتها عندما أهداها السلسلة يتذكر عينيها التي لطالما كانت مفعمة بالحياة ثم يبكي ويبكي بصمت..."

" قضت كلٌ من هيفاء وخالتيها الليل على قارعة الطريق وفي الصباح الباكر خرجت هيفاء للعمل ومن ثم عادت إلى مكان خالتيها"

هيفاء: ألم يصلوا إلى الآن؟
أم أيمن: لا لم يصلوا..
هيفاء: لا تخافي يا خالتي قد يكون هنالك حصار والآن هم في طريقهم إلينا.

"لاح جسد علي يمشي من بعيد وهو متهالك من شدة التعب"

هيفاء" وبعينها الفرحة": خالتي إنه علي لقد وصل...

"راحت أم سارة تركض على كبر سنها له وبأقصى سرعة وعندما وصلت إليه تعثرت وسقطت فنزل لها علي ورفعها"

أم سارة: علي أين ولداي؟
"فأشاح علي بنظره"
أم سارة" وقد أدارت وجه علي بيديها لترى عينيه وتفهم ما حصل": علي لا تشح بوجهك عني وأخبرني أين ولداي؟ هم جرحى بالمستشفى أليس كذلك؟

"فأنزل علي رأسه"

أم سارة "وقد بدا الانفعال يبدو بتصرفاتها فأخذت تهز كتفيه وهي تصرخ": علي أخبرني أين تركت ولداي؟ لقد وعدتني بأنك ستعيدهم معك وأنت لا تخلف الوعد يا علي....
علي"وبه غصة": لقد عادا للذي خلقهما فهو أرحم بهما...

"وبدأت بالصراخ والنحيب وهي تهز علي بعنف"
أم سارة: وا حسرتاه عليكما وعلى شبابكما... وا حسرتاه على عرس الدم الذي أحاط بكما.. وا حســــــــــــرتاه على أولاااااااادي

"حاولت أم أيمن والتي لم تقاوم نزول دموعها أن تفك أم سارة من قميص علي ولكن علي أبعد يديها وترك أم سارة تطلق آهات القهر المحبوسة...بالبداية زوجها ثم ولدها ثم جارتها وتختم بالنهاية بولديها... وبعد أن هدأت ثورة أم سارة أخذها علي بأحضانه"

علي" وهو يبكي": سامحيني يا خالتي سامحيني أرجووكِ كل هذا بسببي لقد تأخرت عليهم سامحيني يا خالتي...
أم سارة: وما نفع الأسى والحسرة الآن؟قد قضي القضاء وانتهى الأمر..

"هدأ الجميع ولكن الصمت القاتل خيّم على المكان ذلك الصمت المشحون بشرارات الحزن والأسف والفقد....إلا هيفاء لم تكن وسطهم قد رحلت بعيداً تبكي وتصرخ وتنتحب..."

هيفاء: يا الهي لم يكن لي في هذا العالم غير صديقتي سارة ماذا أفعل من دونها الآن يا الهي هل قُدر لي أن أعيش وحيدة في هذا العالم "فتكورت على نفسها وهي تبكي وتأن"

"مضت تلك الأيام قاتله حتى استطاع علي إيجاد بيت لهم هو أربعة جدران تحيط بهم لكن ببعض التعديلات أصبح تاماً أما هو فقد عاش بين ثلاثة جدران أخرى تتسع فقط ليفرشها بقماش وينام عليه و حمام أضيق منه يغلق بقطعة من القماش و كانت هذه الغرفة ملاصقة لبيت خالاته"

"وفي ليلة من الليالي المعتمة التي أبى أن يخرج فيهن القمر حداداً مع علي، عادت هيفاء من عملها وإذ بها ترى علي جالس على سور بيته وحاله يرثى لها كأنه لم يأكل ولم ينم منذ أن فارق محمد"

هيفاء: علي مالذي أصابك؟ مالكَ شاحب الوجه هكذا؟
"وعلي كالصخر صامت وكأنه لا يسمع"
هيفاء: علي إنني أتحدث معك ألا تسمعني؟
"أدار علي وجهه لها ورفع حاجبيه يبعث من وسطهما سؤالاً عن ماذا تريد منه"
هيفاء"وعلامات الاستغراب تبدو واضحة على وجهها": علي مالذي أصابك؟ أكلمك ولا ترد عليّ، وها أنا أراك جالس هنا منذ ثلاثة أيام تندب حظك ولكن إلى متى ستبقى هكذا؟هذا ليس علي الذي أعرفه علي الذي أعرفه قوي لا يهز ولا يكسر علي الذي أعرفه أقوى من أن يحطمه ويقتل روحه الحيوية فقد صديقه أعلم أن محمد كان بالنسبة لكَ كل شيء ولو رآك على هذه الحالة لكان قد فضل أن يموت حرقاً إن محمد وسارة معنا يا علي إنهم ملائكة يحيطون بنا ويسمعونا ويتألمون إذا ما رأونا هكذا، علي إن محمد يريد أن يرى علي القديم علي القوي الأبي، لا يريد أن يراك تبكي وتنتحب كالنساء إنهم في الجنة فيجب أن تفرح لهم وتعود لنا فقد طال غيابك ، فأين علي يا علي؟

"أنزل علي رأسه دون كلام فجرت هيفاء أذيال خيبة الأمل وهمت بالدخول للمنزل"

علي: علي الذي كنت تعرفينه قد مات لقد دفنته مع محمد ولن يعود أبداً، علي الذي تعرفينه طوال تلك السنين لم يحطمه ترك أبيه له ، لم يحطمه فقد أصحابه وأقاربه ، لم يحطمه "وشرع بالبكاء" موت أمه بين يديه لكن قلبه تعب نعم يا هيفاء لقد تعب واعذروه لأنه تعب أوليس قلبي قلب إنسان يحس ويشعر ويحزن لقد أُهلك قلبي من الوقوف أمام كل هذه الأمواج والزلازل والبراكين وفي النهاية سقط عندما سقط شقيق روحي محمد .
هيفاء:"وهي تبكي": لا لن نعذر قلبك يا علي فهو ليس قلب إنسان فقط هو قلب البطل هو القلب الذي يستمد منه كل عربي الكرامة، هو القلب الذي نستمد منه الأمان، هو القلب الذي نشعر بسماع دقاته أن الأرض ستعود، هو القلب الذي يصيح بكل أنحاء العالم فلسطين حرة فإن مات هذا القلب ستموت الكرامة وسنفقد الأمان والأمل بعودة الأرض ولن تكون فلسطين حرة...أرجوك يا علي عُد لنا كما كنت أعلم أن هذا الأمر فوق طاقتك ولكنك لطالما كنت وستبقى فلسطيني عربي لا يُقهر ببساطة.

"تركت علي في دوامة من الألم والحيرة ورحلت هي في تلك الدوامة الأخرى من القهر والحسرة....وفي اليوم التالي وعند عودة هيفاء من عملها إذ بيد تغطي فمها وتسحبها بقوة وهي تقاوم ذلك الشاب الذي لف الوشاح حول عينيه و أخذها وراء جدران محطمة"

علي"وهو يفك اللثام": يا الهي كم أنتِ متعبة! لمَ كل هذه المقاومة؟
هيفاء" بحنق": ما هذا يا علي كدتُ أموت خوفاً هذه ليست المرة الأولى التي تسحبني فيها هكذا ستقتلني بتصرفاتكَ هذه متى ستتوقف عنها؟
علي: إلى أن تتوقفي عن الخروج والجيش المحتل فارض الحصار على هذه المنطقة.
هيفاء: وكيف أذهب لعملي؟
علي: هناك طرقٌ مختصرة جربيها.

"وقفت هيفاء تتفحص علي ببنطلونه الزيتي و معطفه الجينز عاصبُ رأسه وبندقيته بيده اليمنى و لفافه الذي يتراقص على أنغام الريح وهو واقف ينصت لأصوات الطلقات النارية عاقدٌ حاجبيه فالتفت إلى هيفاء فأدارت وجهها مسرعة"

علي: إلامَ تنظرين؟
هيفاء: لم أكن أنظر لشيء.
" ابتسم علي و خبئها في مكان آمن وهم بالرحيل"
هيفاء: علي إلى أين أنت ذاهب؟
علي: لأساند بقية المجموعة.
هيفاء: سآتي معك.
"التف علي لها و عيناه تفيض غضباً"
علي : إلى أين؟ ستظلين حيث أنتِ ولا تتحركي مهما يحدث حتى لو رأيتهم يقطعوني أمامك مفهوم؟
"تساقطت دموع هيفاء لا شعورياً وهزت رأسها بالإيجاب.... تلثم علي ورفع بندقيته وهم بالرحيل"

هيفاء"وهي تنادي": علــي
"التف علي لها"
هيفاء"ودموعها على وجنتيها": سأظل أنتظرك هنا حتى وإن طال بي الأمر فلا ترحل عني كما فعل البقية.. اعتن بنفسك.
" رفع علي بندقيته وابتسامته واضحة في عينيه اللامعة ورحل..."
"طال انتظار هيفاء فتيممت وأخذت تصلي فما أن قضت فريضتها حتى رفعت يديها بالدعاء وما إن ارتفعت يداها حتى خارت دموعها وبصوتها المبحوح أخذت تنادي"

هيفاء: يا رب يا رب يا رب يا مجيب دعوة المظلومين يا أمل المستضعفين احمِ شبابنا وأرجعهم لأهلهم سالمين اللهم أحفظ أرضنا من كل مغتصب "ثم استرسلت بالبكاء الذي اخترق ثناياه صوت الرجاء" اللهم قد رحل أبي و أمي وجميع أهلي وأصدقائي ولم يبقَ لي أحد في الدنيا سواه يا الله احرسه بعينك التي لا تنام فهو عيني التي لا أرجو فقدها....

"هبت ريح خفيفة فوقفت من مكانها لترى شخصاً قادماً من بعيد حاملاً بين يديه جثة هامدة اقترب قليلاً"

هيفاء"في خاطرها": إنه هو نعم هو ولكن من هذا الذي بين يديه؟

"دخل بين تلك الجدران المحطمة ولثامه قد لف حول رقبته وقد غطت خصلات شعره عيناه فجلس ووضع تلك الجثة بين أحضانه وكأنه قد مات معها... اقتربت هيفاء ثم جلست بقربه"

هيفاء: علي ... علي....

"ارجع علي رأسه للخلف فتراجعت خصلاته عن عينيه لتكشف ألماً كُبت بين مقلتيها"

هيفاء"ودموعها تساقطت": علي مالذي حدث؟
علي" وقد التف لها والعبرة تخنقه": هه مالذي حدث؟ لم يحدث أي شيء هاهو المشهد يعيد نفسه في كل مرة يُقتل أعز الناس عليّ على صدري هذا ما حدث "وتساقطت دموعه رغماً عن رجولته الحديدية " وها أنا أموت في اليوم مليون مرة ويتقطع قلبي إنه العذاب السرمدي الذي سحقني به قضائي وقدري.

"رفع علي خصلات شعره عن عينيه ثم أخذ يحبس دموعه ويقاوم نزولها واضعاً خده على خد صديقه نضال"

هيفاء" وقد سالت دموع الحرقة على وجنتيها": علي يكفي ما تفعله بنفسك لا تحبس حزنك في صدرك فتختنق.
علي: دعني أختنق لأموت.
هيفاء: هذا ليس اختناق الموت هذا اختناق الحياة الذي ستعيشه كل يوم أطلق لحزنك العنان وأصرخ وابكي ولا تدع الدمعة تُحبس.
علي: لا استطيع...
هيفاء: بلى تستطيع...يكفيك هذه الهموم التي تحملها وحدك لقد تهالكت يا علي من الكبت فأصرخ ولا تبلع ألمك هذا صديقك وساندك في شدتك وفتح لك أبواب بيته إن البكاء رحمة من الله يا علي كي نرتاح فتمتع بهذه النعمة..

"أصدر علي أقوى أصوات الألم على الأرض وصرخ بآهات العذاب المكبوت بين ثنايا قلبه النابض بالعزة وتساقطت معه دموع فراق أمه ومحمد وسارة ونضال وكل الذين يحبهم"

علي "ودمعته على رمشه وابتسامة خفيفة": أشعر بتحسن
هيفاء: كلما أحسست بضيق جرب هذه الطريقة ومن ثم استهدِ بالرحمن وصلِِ على محمد.
علي: عليه الصلاة والسلام.

"هم علي بالوقوف وحمل الجثة"

هيفاء: إلى أين؟
علي"والغصة في حلقه": سأدفن صديقي.
هيفاء: لن تذهب لأي مكان إنك بالكاد تستطيع الوقوف على قدميك تكاد تسقط من شدة تعبك، هيا يا علي اتركه غداً بعد أن ترتاح أدفنه.
علي: بربكِ أتسمين هذا تعب إنه ألم خفيف! سيزول ثم أن جميع من اعرفهم قتلوا أمام عيني أو بين أحضاني ولم استطع دفنهم دعيني أدفن صاحبي علني أشعر بالارتياح لا تعلمين ما سيحصل غداً.

"مشى علي بخطوات متهالكة ولحقته هيفاء"


يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:24
"مشى علي بخطوات متهالكة ولحقته هيفاء"

علي" وقد عقد حاجبيه": ماذا تريدين؟
هيفاء: سآتي معك.
علي: لا لن تذهبي معي المكان خطر وقد نتعرض لإطلاق النار في أي لحظة.
هيفاء: علـــي في كل مرة لا ، لا أريد البقاء وحدي ثم أنني أخاف عليك ولن أطمئن إلا إذا كنت تحت ناظري.
علي: قلت لا يعني لا
هيفاء: عــلــي أرجوووكـ
علي: لن أكرر كلامي مرتين.
هيفاء"وقد احتدت نظرات عينيها": وأنا لن أتراجع عن قراري مهما فعلت أو قلت.
علي"وقد ظهرت علامات الاستغراب": إذاً تكسرين كلامي.
هيفاء: لا تأخذ الموضوع من هذا المنطلق.
علي: أنا لست بمزاج يسمح بالمناقشة وبيدي جثة أرجوكِ اجلي الموضوع.
"ذهب علي وراء تلك الجدران وهيفاء تمشي بجانبه إلى أن وصلوا إلى مقبرة شبه مهجورة تتبعثر فيها القبور مدد صاحبه وحمل تلك المجرفة التي أكلها صدأ الزمان وراح يحفر ويحفر وعرقه يتصبب من جبينه وقلبه يعتصر دماً وحزناً ثم أنزل صاحبه وهو يشعر بأن الأرض تهتز ألماً ويرى السماء وقد تلبدت فيها الغيوم ثم أهال التراب على صاحبه وهو يشعر بأن جزءً منه وقطعة من روحه قد دٌفنت مع نضال"

علي"ودموعه تتساقط تلقائياً": أرأيتِ قلباً أقسى من قلبي؟ دفنت صاحبي بيداي.
هيفاء" وقد اقتربت من علي ": بل لن أجد قلباً أجمل من قلبك.

"فلف لها وإذ بها تبتسم فابتسم لها وعادوا أدراجهم"

علي: أتعلمين يا هيفاء، ابتسامتك تلك تبعث فيّ الروح من جديد وكأنما وُلدت من جديد.
"ابتسمت هيفاء وأنزلت رأسها"

علي"وقد نظر لها بطرف عينه وابتسامته الخبيثة ارتسمت عليه": يكفي أغلقي فمك! هل ستظلين مبتسمة طوال الوقت سينشق فمكِ
هيفاء"وقد قلبت عيناها": يا صبر أيوب على بلواه.
علي:ههههههه أنا بلوة؟؟
هيفاء: وأكثر.... إلى أين أنت ذاهب ألن نعود للمنزل؟
علي: لا نستطيع لقد قفلت جميع مداخل القرية ولا بد لنا أن نقضي الليل وراء هذه الجدران المحطمة، ولا تخافي فإني أوصيت هيثم أن يطمأن خالتاي إذا تأخر الوقت ولم نعد وهو يعرف مكاننا.
"وصلوا خلف تلك الجدران المتهرئة"
علي: آسف لن نجد مكان أفضل من هذا نقضي فيه الليل.
هيفاء: لا عليك.
"هم علي بالخروج"
هيفاء: إلى أين؟
علي: سأقف خارجاً حتى تستطيعين أن تأخذي راحتك.
هيفاء: ابقَ معي.
علي: حسناً.
"وسدت هيفاء خدها بكفيها المتورمتين و أغمضت عيناها فأحست فجأة بدفء غريب فتحت عيناها لترى عيناه تراقبها بابتسامة لطيفة"
علي: ظننتكِ تشعرين بالبرد فغطيتكِ بمعطفي آسف لإزعاجكِ.
هيفاء: وأنت؟ ستبرد هكذا
علي: لا عليكِ واصلي نومكِ.
هيفاء: وأنت ألن تنام؟
علي: لا أشعر بالنعاس.
هيفاء: كذاب.
علي"وقد اتسعت حدقة عيناه": ماذا؟
هيفاء: نعم كذاب عينك تفضح كل شيء يا علي فلا تكذب واضح بأنك لم تنم جيداً منذ استشهاد محمد وسارة وبأن التعب قد أهلك عظامك ونخرها فلا تفعل هكذا مرة أخرى.
علي"وقد أنزل رأسه": ماذا تقصدين؟
هيفاء: أن تقدم مصالح الآخرين عليك تذكر يا علي أنك بشر بحاجة إلى الراحة بحاجة إلى الأكل بحاجة إلى...الحب.
"تلاقت العيون عند تلك الكلمة التي فضحت عيناهما التي تفيض حباً فأبعدت هيفاء عيناها بسرعة"
هيفاء: باختصار أنت لست ملاك فأسمح لنفسك بأن تعيش.

"رمى علي جثته على تلك الأرض القاسية التي لطالما احتضنت ساعات نومه وكلمات هيفاء ترن في أذنيه وما إن أغمض عيناه التي أعياها البكاء والحزن حتى غاص في عالم النوم.... وفي صباح اليوم التالي فتح عيناه التي اقتحمتها أشعة الشمس فرأى وجهها وهي تبتسم"
هيفاء: صباح الخير
علي: من أنتِ؟ هل أنا في جنهم؟
هيفاء: يا ربي اعني على هذا الولد.
علي: ولد؟ أنا ولد يا بنت.
هيفاء: لا بل غلام.
علي: هيــفاء
هيفاء: علــي
علي: يا صبر أيوب على بلواه.
هيفاء: هههههههه ، لقد أتى هيثم إلى هنا واطمأن عليك ورحل و أعطاني لكَ هذا الرغيف لفطورك.
علي: وأنتِ هل فطرتِ؟
هيفاء: لا، سأذهب للعمل أخاف أن اتأخر.
علي: لن تذهبي من دون فطور ولن تذهبي وحدك، خذي رغيف الخبز وهيا بنا لأوصلك للعمل.
هيفاء: وأنت؟
علي: لست جائعاً.
هيفاء"بحدة": يا الهي هذا يعني أن كل حديث البارحة قد ذهب مع الريح لن أقبل بهذا ستأكل الرغيف يعني ستأكله.
علي"وقد استغرب من حدتها": حسناً، ولكن بشرط تأكلين نصفه على الأقل ولن أقبل أي مفاوضات.
"اقتطع الاثنان رغيف الخبز وتقاسماه وراح يمشي معها بين تلك الطرق المختصرة حتى وصل بها للعمل... و عند انتهاء الدوام خرجت هيفاء"

علي: إلى أين يا مدام؟
هيفاء: بسم الله الرحمن الرحيم لقد أرعبتني سوف تقتلني بحركاتك هذه.
علي:ههههههههه
هيفاء: مالذي يحدث؟ مالك مبتسم هكذا؟
علي: لدي أخبار رائعة، سوف أتزوج.
"أما هيفاء فكأنما أحدهم قد صفعها على وجهها فابتسمت ابتسامة باهتة"
علي: لقد خدعتك ههههههههههه لن أتزوج بل هو خبر آخر
هيفاء"وكأنما جبل من الهموم قد ازيح من على ظهرها واتسعت ابتسامتها": حــقاً
علي: لماذا اتسعت ابتسامتك بدل أن تختفي؟
هيفاء"بارتباك": ماذا؟ ماذا كنت تقول؟ آه نعم خبر آخر ما هو؟
علي"و هو ينظر لها بطرف عيناه": نعم خبر آخر لقد عملت مع هيثم في كراج والده واليوم كان أول دوام لي.
هيفاء"وهي مبتسمة": هذا خبر رائع مبرووك يا علي إذن ما رأيك أن تأتي إلى بيتنا لتشاركنا العشاء إن خالتيّ تعتبان عليك كثيراً
علي: اممم لا أدري.
هيفاء: لمَ؟
علي "وهو منكس رأسه": لا استطيع النظر في عيني خالتي أم سارة.
هيفاء: ارفع جبينك يا علي فأنت فعلت ما عليك.
علي: حسناً سآتي.
" ابتسمت هيفاء فأوقفها علي في نصف الطريق"
علي: هيفاء سأعترف لكِ بشيء.
هيفاء: الآن؟ وفي نصف الطريق؟ انتظر لنعود إلى البيت.
علي: يا الهي ألا يستطيع فمك إغلاق نفسه قليلاً لو لم يكن الشيء مهما لما أوقفتك هنا.
"وضعت هيفاء يدها على فمها و أشارت له بعينها أن يسترسل في الحديث"
علي: لا أعرف من أين أبدأ ولكني فكرت كثيراً في كلامكِ حول احتياجاتي كإنسان وكم هضمت حقي في هذه الدنيا وحرمت نفسي من الكثير من الأمور التي يجب أن لا أفعل كل شيء حرمت نفسي منه نسيته ومضى إلا شيء واحد لا استطيع أن أتركه جانباً وأمضي، هيفاء لقد شاءت الأقدار أن نلتقي بصريح العبارة...فلتشهد دقات قلبي والدماء العربية التي تسري في عروقي ولتشهد المدافع والبنادق والحجارة وهذه الأرض المقدسة أنني أحبكِ حاولت كثيراً تجنبه ولكن لم استطع أن أقتل هذا الحب وإن كان تحت قصف المدافع....
"وقفت هيفاء صامتة لا تعلم ماذا تفعل هل ترقص أم تغني أم تركض أم تصرخ في وجهه بأنها تعشقه ولكن لغة العيون كانت كفيلة بأن ترسم جميع مشاعرها في لوحة دافئة فوقفت لثواني ترسم تلك اللوحة ثم أنزلت رأسها وراحت تمشي مسرعة"

علي: هيفاء توقفي.

"ومن شدة عجلتها ولأنها كانت منكسة رأسها بالاضافة إلى مشاعرها التي لخبطت كيانها جعلها لا تبصر أمامها فصدمت في العمود الذي أمامها وسقطت"
هيفاء"وحمرة الألم و الخجل تعتريها": آهــــــ
علي" وهو يركض لها": هيفاء
" وبينما هو يركض لها إذ تعثر بالحجرة وسقط بالقرب منها... رفع رأسه فنظر لحالها ونظرت لحاله فضحك الاثنان"
هيفاء"وهي تطقطق أصابعها وهي تنظر إليهم": وأنا أعشقك يا حضني الدافئ.

"توجه الاثنان إلى بيت خالتيهما"

علي: لست متأكد من أنني استطيع القيام بذلك.
هيفاء:بلى تستطيع هيا...

"فتحت هيفاء الباب وهي تنادي"
هيفاء: لقد جاء علي لتناول العشاء معنا.

"دخل علي وإذ بخالته أم أيمن جالسة في باحة المنزل فوقفت واتجهت له"

علي: السلام عليكم يا خالتي كيف حالك؟
أم أيمن: كيف حالي ها؟ إنني اعتب عليكَ يا ولدي، منذ متى لم تزرنا ولم تأتي هذه ليست عادتك لقد أقلقتنا عليك.
علي " وقد أمسك رأس خالته وقبله": سامحيني يا خالتي أساساً أنا لم أخرج من المنزل إلا قبل أيام معدودات.
أم أيمن: عذرتك فما حصل لا نستطيع تجاوزه بسرعة لا زالت أختي تبكي بين الحين والآخر ولا تخرج من غرفتها إلا قليلاً.
علي: هل استطيع التحدث معها؟
أم أيمن: أتمنى ذلك.
" طق علي باب غرفتها ثم فتحه وإذ بها جالسة على فراش قد مُدد على الأرض والحزن يعتري عينيها ودموعها قد شقت طريق لها على وجنتيها وصمتها قد عبر عن كل الحزن الذي بداخلها"
علي: السلام عليكم.
"رفعت أم سارة رأسها بسرعة وعيونها تحدق فيه لم يستطع علي أن يطيل النظر فأرخى ناظريه لتتساقط دموع الذكريات التي فجرتها عيون الاثنان بين جدران تلك الغرفة المحطمة...ثم رفع عيناه لينظر لها وإذ بها لا تزال تنظر إليه بعيون الألم، فتحت له ذراعيها فارتمى بين أحضانها و لمته بين ذراعيها فأجهش الاثنان ببكاء تنزف بها عيونهما"

علي"ورأسه على صدرها": خالتي عودي لنا كما كنتِ ولا تحبسي نفسك بين هذه الجدران.
أم سارة: لم يكن من السهل عليّ أن أفقد ثلاثة من الذين أحبهم.
علي: ومن الثالث؟
أم سارة: أنت يا علي كنت تذبل كالوردة يا حبيبي وهذا كان أصعب بأن أراك تحتضر لقد قطعتنا فجأة ولم نراك تخرج فعلمت بأن بعد هذا الجدار الفاصل بيننا رجل محطم مهلك وليس أي تحطيم، لن اعتب عليك فهذا حقك بأن تحزن ولكني مت من قلقي عليك وخفت أن أفقدك يا ولدي.
علي: سامحيني يا خالتي أعدكِ بأني سوف لن أتخلى عنكم مرة أخرى.

"وقف علي ثم مد يده لخالته"
علي: هيا يا خالتي قومي معي ولتنزعي ثوب الأسى والحزن.
"ابتسمت أم سارة وأمسكت بيده واتكأت عليه فقبل رأسها وخرجوا من تلك الغرفة والابتسامة على محياهم"

أم أيمن: الحمد لله على عودة هذه الابتسامة لوجهكِ يا أختي.
علي: حسناً أنا استأذن.
الجميع: إلى أين؟
هيفاء: ألم تقل بأنك ستتعشى معنا؟
علي: الوقت غير مناسب ثم أن لمتكم هذه رائعة لا أريد أن أفسد أمسيتكم.
"أمسكت أم سارة بأذن علي"
علي: آخ لقد آلمتني
أم سارة: لمتنا هذه لن تكتمل فيها الفرحة بدونك سوف تجلس وتتعشى معنا وتشرب الشاي أيضاً.
علي: ولكن...
"فشدت أم سارة أذنه بقوة أكبر"
علي: آهـ خالتي اتركيني.
أم سارة: أنا لا أعيد كلامي مرتين أمامي هيا..
علي: خالتي لقد..
أم سارة"وقد احتد صوتها": عـــلــي
علي"وقد ظهرت ملامح اليأس على وجهه": حسناً..حسناً
هيفاء " وهي تضحك":ههههههههههه أول مرة أرى امرأة تجعلك تتنازل عن قرارك وبأي طريقة؟ بشد أذنك هههههههه مسكين
علي" وقد اعتراه بعض الغضب لكن سرعان ما تبدل بابتسامته الخبيثه": هذه ليست أي امرأة إنها خالتي أم سارة ولو طلبت روحي لما بخلت عليها.
أم سارة"وقد ابتسمت ابتسامة عريضة": تسلم روحك يا ولدي"ثم وجهت أنظار الغضب لهيفاء" يكفيك هراءً ليس له محل من الإعراب واحضري بقية الصحون.

" ابتسم علي ابتسامة المنتصر وهو يرسل لها إشارات التشمت بعينيه ضرب هيفاء برجلها على الأرض وغادرت وهي تتوعده بالانتقام... وبعد العشاء أحضرت هيفاء الشاي"


يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:24
المنتصر وهو يرسل لها إشارات التشمت بعينيه ضرب هيفاء برجلها على الأرض وغادرت وهي تتوعده بالانتقام... وبعد العشاء أحضرت هيفاء الشاي"

علي: لماذا وضعت الشاي وجلست؟ هل تريدين أن تصوري معه؟ صبي لنا أم أنه سيُصب لوحده؟
هيفاء: لن أفعل، لديك يدان صبه لنفسك.
أم أيمن: عيب يا ابنتي إنه ضيف.
هيفاء"وهي تتصنع البراءة": أنت تعلمين يا خالتي بأن آخر مرة صببت فيها الشاي أحرقت نفسي.
أم أيمن: آه صحيح.
أم سارة: إذاً أنا سأصبه.
هيفاء: ألا تخجل يا علي تدع خالتي تصب لك الشاي.
علي: آه نعم...لا داعي لذلك يا خالتي أنا سأصبه.
أم سارة: لا يا ولدي لا بأس عليّ.
علي: لا يا خالتي إنني مصر على ذلك.
هيفاء"وهي تهمس لعلي بينما هو يصب الشاي": ليست خالتي فقط من تستطيع أن تجعلك تنفذ أوامرها أنا أيضاً ولكن لكل منا طريقته.
علي"وهو يواصل الهمس": ناوليني السكر يا هيفاء.
هيفاء: لن أفعل.
علي"وبابتسامته الخبيثة المعتادة": ناوليني السكر يا سكرة.
هيفاء"وقد أنزلت رأسها حياءً واستحياءً": حاضر
علي"وقد رفع أحد حاجبيه": لكل منا طريقته الخاصة يا هيفاء.
هيفاء: يا الهي ألا تستطيع أن تجعلني أتلذذ بلحظات انتصاري عليك ولو لثواني!
"سهر الجميع في تلك الليلة بين ضحكات وابتسامات وقصص لا تنتهي حتى استأذنهم علي للرحيل"
أم أيمن: لمَ كل هذه العجلة؟
علي: لقد تأخر الوقت يا خالتي سأدعكم لتنامون.
أم سارة: اسمعني يا ولدي كل يوم بعد العمل ستأتي لتتناول العشاء معنا.
علي: كل يوم! لا يا خالتي
أم سارة : علي أنت لست بالشخص الغريب ستأتي كل ليلة هذا وعد منك اتفقنا؟
علي: حسناً.
"ذهبت هيفاء لتوصل علي للباب"
علي: غداً سأمر عليك لنذهب للعمل معاً اتفقنا؟
هيفاء: حسناً
علي: أراكِ غداً يا ورتي.
هيفاء"وقد أحمّر وجهها خجلاً": أراك غداً يا قمري.
"تبادل الاثنان ابتسامة الحب العذري فأغلقت هيفاء الباب....وقف علي عند الباب ثم بدأ بالرقص فرحاً وفجأة فتحت هيفاء الباب"

هيفاء: علي!
علي"بإحراج": هيفاء! لقد كنت أقوم بالتمارين الرياضية لقد أكلت كثيراً.
هيفاء: تمارين رياضية؟! المهم أردت أن أخبركَ بان غداً عطلة إنه عيد اليهود فكل المنشئات مغلقة.
علي: آه صحيح...إذاً ما رأيكِ غداً أن تأتي معي؟
هيفاء: إلى أين؟
علي: مفاجئة..مكان رائع.
هيفاء: لا أستطيع.
علي: لمَ؟
هيفاء: من أنت حتى أخرج معك؟ لست أخي ولا زوجي.
علي: الحي كله يعرف بأني الوصي عليكم وحتى وإن لم يعرفوا ها نحن نعود مع بعضنا ولم يتكلم أحد ثم انكِ تعرفينني إلا إذا كنت شخصاً غير موثوق بالنسبة لكِ.
هيفاء: لا، لم أقصد هذا سوف أسأل خالتيّ وأرد عليكَ غداً.
علي: حسناً.

" في اليوم التالي استيقظ الاثنان في الصباح الباكر"
هيفاء: يا الهي كيف سأخبرهم؟ يا ترى هل سيوافقون؟ بالتأكيد نعم هذا علي وهم يعرفونه... لكنهم لا يعرفون أننا نحب بعضنا..يا ربي ماذا أقول لهم وتحت مسمى ماذا تكون هذه الرحلة...سأخرج وأقول لهم الأمر جداً بسيط لمَ أعقد الموضوع؟

"خرجت هيفاء لتعلم خالتيها وإذ بها ترى علي جالس معهما"
هيفاء: صباح الخير.
الجميع: صباح النور.
علي: هيا بنا يا هيفاء لقد تأخرنا.
أم أيمن: إلى أين؟
علي: لطالما أرادت هيفاء أن ترى بعض مناظر غزة الطبيعية سآخذها إلى هناك ما رأيكم أن تأتون معنا؟
أم سارة: وهل أبقى الجيش المحتل على شيء!
علي: هناك مناطق عجزوا عن الوصول إليها.
أم أيمن: تيسروا يا أبنائي ولكن لا تتأخروا.
الاثنان: حسناً
"وفي الخارج"
هيفاء: لمَ لم تخبرني بأنك ستخبرهم لقد أتعبتني وأنا أفكر كيف سأفتح الموضوع معهم.
علي: وما رأيك بالخطة؟
هيفاء: محتال كبير.
علي: هيا بنا بسرعة.
هيفاء: ولمَ نسلك هذا الطريق الوعر؟
علي: لأن اليوم كما تعلمين عيدهم ويمنع منعاً باتاً على أي فلسطيني أن يعتب باب داره.
هيفاء: وتخرجني من بيتي؟
علي: لا تخافي معكِ رجل.
هيفاء: سأبدأ بالتشهد من الآن.
"صعد الاثنان على جبل وعر بروح المغامرة والاكتشاف حتى وصلوا إلى قمة الجبل"

علي: افتحي عيناكِ الآن.
هيفاء" وهي تفتح عيناها ببطء": وااااااااااو المنظر غاية في الروعة كم أحب شجر الياسمين.
"كان الصباح باكراً جداً وأشعة الشمس لتوها قد أخرجت خيوطها الذهبية من حجرها مع نفحة هواء عليل ومن ذلك المنحدر ترى أشجار الزيتون بأوراقها الطرية وغصونها الغضة قد التفت حول تلك البحيرة الصغيرة وقد انعكس ضوء الشمس منها لتلوح كالمرآة"
هيفاء: كيف اكتشفت هذا المكان؟ ولمن هذه المزرعة؟
علي: لطالما جاءتنا أيام نضطر فيها للاختباء كان هذا مكاني المفضل، وهذه المزرعة ليهودي حقير لكي يحصل عليها أُقيمت مجزرة وحشية.
هيفاء: يبدو أنك بارع في التاريخ.
علي: أنسيتِ أنا التاريخ.
"التفت هيفاء وهي مبتسمة"
هيفاء: المكان جداً رائع.
علي"وعيناه تغدقان حباً": ليس بروعتك.
هيفاء"وهي تبادله تلك النظرات": علي إن جمال عينيك هو الذي يجعل كل شيء تراه جميلا حتى وإن كان عادي ولا تكتفي بذلك بل تحوله في عيني كل من يراه إلى جمال خلاب، لدرجة أنك استطعت أن تجد الجمال حتى في أرضنا المحطمة فصرنا نراها جميلة استطعت أن تحب الحياة فوجدناها جميلة، استطعت أن تخاطر بحياتك من أجل الوطن فوجدنا حتى في الموت جمالاً.
علي"وهو يضحك": هذا يعني بأنك قبيحة وعندما أحببتك أصبحت جميلة؟
هيفاء"وهي تضحك": كم أنت ثقيل!
علي: هيا بنا نرحل قبل أن تقصف أعمارنا.
هيفاء: هيا

"جاء يوم يتلوه يوم وذلك الحب يكبر ويزيد كل يوم ينتظرها عند باب البيت ويوصلها للعمل وفي الليل يعود معها وهما يتبادلان شتى أنواع الحديث تلونها الضحكات ثم يتناول العشاء معها في بيت خالتيها، كان الحب الذي بينهما حب كبير لا يمكن لي أن أصفه فهو أجمل وأروع وأعذر من أن أصفه هو الحب المكبوت بين ثناياه الخوف من الفقدان هو الحب الذي يكمن بين حروفه صدى الحرمان لكنه حبهم الذي سيظل شمعة تنير درب كل منهم"

"وفي يوم من الأيام وفي طريق عودة علي ليأخذ هيفاء من عملها وهو محمل بالأكياس التي تضج بالفواكه والخضار"

هيفاء: لقد تأخرت يا علي.
علي: لقد مررت اشتري بعض الفواكه والخضار.
هيفاء: لمَ؟
علي: هل تتوقعين أن أتعشى كل يوم في بيتكم ولا أساهم بشيء ، ثم أن خالتي قد طلبتهم مني.
هيفاء: كهذا إذن.
علي: ما بالك يا هيفاء؟
هيفاء: لا شيء
علي: بل أشياء أخبريني..
هيفاء: في الحقيقة نحتاج لأن نتكلم.

"وتحت عمود الضوء في تلك الليلة أوقفته"

هيفاء: هذهِ الأغراض التي تحملها هي لتضييف الخطيب الذي جاء يخطبني.
"سقطت الأكياس من يداه وتناثرت الفواكه والخضار كما سقط قلبه وتقطع وتناثرت بقاياه وانفتحت عيناه على آخرهما"

علي: أي خطيب؟


يتبع

:adoration::adoration:

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:25
هيفاء: في الحقيقة نحتاج لأن نتكلم.

"وتحت عمود الضوء في تلك الليلة أوقفته"

هيفاء: هذهِ الأغراض التي تحملها هي لتضييف الخطيب الذي جاء يخطبني.
"سقطت الأكياس من يداه وتناثرت الفواكه والخضار كما سقط قلبه وتقطع وتناثرت بقاياه وانفتحت عيناه على آخرهما"

علي: أي خطيب؟
هيفاء: لا تخف يا علي أنت تعلم كم أحبك، إنه سامر الذي عاد من الكويت لكي يأخذ عائلته معه يريد أن يتزوج من بنات البلد ووقع الاختيار علي لكي أرحل معه للكويت.
علي: وما ردكِ أنتِ؟
هيفاء: لتوي أخبرتك ردي أنا أحبك ولن أرضى بالغربة وهذه أرضي مدافع إسرائيل كلها لن تخرجني منها.
علي: هل أنتِ غبية؟ الحب ليس كل شيء يا هيفاء الحب لن يبني لكِ منزل الحب لن يؤكلك أو أبناءنا استيقظي يا هيفاء هذه فرصة العمر لتحصلي على الأمان والاستقرار.
هيفاء: هذا كلامك أنت! إذن لمَ لم ترحل مع والدك؟
علي: لا تهتمي لي أنا أرى بأنها فرصة رائعة ويجب اقتناصها.
هيفاء"وهي حابسة دموعها": نعم هذه هي القصة إذن، أنت لم تحبني ولن تحبني ولم تكن ترغب بالزواج بي أساساً هي مجرد لعبة كم أنت ممثل بارع وكم أنا غبية..

"وهمت بالرحيل"

علي: هيفاء اسمعيني

" التفت له"

هيفاء"وقد تفجر غضبها ودموعها": اخـــــــــــــرس يا نذل ولا أريد أن أراك مرة أخرى.

"عادت هيفاء إلى بيتها تبكي ففتحت أم أيمن الباب فارتمت هيفاء في أحضانها"

هيفاء: لا يحبني يا خالتي لقد ضيعت نفسي عليه إنه حقير اهئ اهئ اهئ
أم أيمن: هوني عليكِ يا حبيبتي لربما له عذره.
هيفاء: لا عذر له سوى أنني كنت متساهلة معه ظننته رجل بحق.
أم أيمن: يكفي يا ابنتي كل موضوع وله حل.
هيفاء: هذا الموضوع منتهي وغداً اخبري الجماعة بموافقتي ليكون عقدي غداً ليلاً و أسافر واتركه وأنساه.
أم أيمن: لا تتسرعي يا ابنتي.
هيفاء: هذا قراري ولن أتراجع عنه مهما يحدث.

"مرت تلك الليلة صعبة على الاثنان كلٌ يفكر ويبكي حتى احمرت عيناهما وفي اليوم التالي استيقظ علي باكراً ووقف عند باب بيتهم فخرجت هيفاء ووجهت له كل نظرات الحقد التي وضح منها بأنها لم تنم البارحة"

علي: هيفاء
هيفاء: اسكت
علي: اسمعيني
هيفاء: لا أريد
علي: لحظة واحدة فقط.
هيفاء: اسمعني أنت، البارحة أنت أنهيت ما بيننا فلمَ أقف أسمعك؟ لا أريد لسمعتي أن تتلوث أنا على مقبلة على زواج انتهى الموضوع وإن لحقتني بعد هذه الخطوة سأصرخ لألم الناس عليك.

"واصلت طريقها مقهورة ووقف في نصف الطريق حائراً متحيراً.... بعدها بقليل خرجت أم سارة"

أم سارة: أعلم أنك لم تنام البارحة و بأنك من بعد صلاة الفجر واقف عند باب بيتنا لمَ فعلت هذا بها إذن؟
علي: خالتي أنتِ تعلمين بحالنا وبأني لا استطيع أن أترك المقاومة ولن استطيع أن أوفر كل شيء لها كما سيفعل سامر هذا أفضل حل لها إنني أخاف عليها وأحبها ولكن لا استطيع أن اجعلها تعيش معي عيشة التشتت.
أم سارة: الليلة سيعقد الشيخ استعدها قبل ذلك يا ولدي لقد حطمت مشاعرها وآذيتها وإذا هي تريد عيشة التشتت دعها كلنا عشنا هذه العيشة.

"رحلت أم سارة وفي المساء حين عودة هيفاء جاءتها أم سارة "

أم سارة: ألم تلبسي للآن؟
هيفاء" وهي ترفع رأسها وعيونها مليئة بالدموع": لا ..
أم سارة: أتعلمين لمَ فعل علي هكذا معكِ؟
هيفاء: لا أريد التحدث بالموضوع.
أم سارة: ليس الأمر بمزاجك هو ضحى بحبه من أجلك لأنه لا يستطيع أن يتحمل رؤيتك تعيشين معه عيشة التشتت هو يخاف عليك يا هيفاء فضحى بكِ لتحصلي على حياة أفضل.
هيفاء: لكن حياتي معه وموتي بعيداً عنه
أم سارة: اخبريه إذن.
هيفاء: عزتي لا تسمح لي
أم سارة: عزتكِ ستجعلك تندمين طوال حياتك.

"ركضت هيفاء إلى بيت علي فدخلت"

علي: هيفاء أنا..
هيفاء: اسمعني يا علي إذا كان كلام خالتي صحيح فأنا أقول لكَ بأنني أعشق التشتت ما دام معك وأريد أن أخبرك رداً على كلامك بأن لا منزل لك وأن في بلادنا لا اطمئنان ولا أمان بأنك منزلي أما الأمان والاطمئنان هو حينما تمسك يدي بيدك حتى وإن كنا تحت قصف المدافع أحس بالاطمئنان...
علي: أخاف أن أفقدك يا هيفاء في الحرب كما فقدت الآخرين.
هيفاء: لا تحب إنسان لدرجة أنك تخاف أن تفقده لأن الحب سيفقد معناه فقط اعشق بدون مقدمات ولا خواتم، وأنا أرفض حباً كهذا و إنني أقول كما يقول نزار قباني

إني لا أؤمن في حب
لا يحمل نزق الثوار ..
لا يكسر كل الأسوار
لا يضرب مثل الإعصار ..
إني خيرتكَ .. فاختار
ما بين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري

"رحلت هيفاء وتركت علي يفكر ويفكر ماذا سيفعل وكيف سيستعيد حبه....جاء الضيوف برفقة الشيخ لبست هيفاء وتزينت وكذلك لبست الابتسامة "

أم سامر: يا ما شاء الله
سامر: سبحان الذي خلقكِ!
"تبسمت هيفاء ابتسامة خفيفة وهي تود لو تصرخ لو تبكي لو تهرب من هذا المكان لكن الخيط قد شُك بالإبرة"
أم سامر: نحن قلنا ما لزوم الحفلة وهذه الأمور، ستكون حفلة عادية بدون فستان ولا تهاليل لأن الأوضاع لا تسمح.
أم سارة"وقد رفعت إحدى حاجبيها": يعني نزوج ابنتنا بالصمت كأننا نسرق.
أم أيمن: أختي معها حق هل بنتنا معيوبة حتى نزوجها سراً وحتى وإن لم تكن الأوضاع تسمح لنزرع نحن الفرح.
أم سارة: أم لأننا لا ظهر لنا ولا سند تريدون أن تخطفوا فرحة البنت.
هيفاء"وهي تهمس": ما هذا لقد هجمتوا عليهم.
أم سامر: لا نرى داعي لذلك..
سامر: بل نفعل لهم ما يريدون يا أمي، ولكن كما اتفقنا اليوم نعقد وغداً الحفلة.
" أكل الضيوف من الضيافة الموجوده ثم بدأ الشيخ كلامه حتى قال"
الشيخ: هل تقبل يا سامر ابن محمد بهيفاء يسري زوجة لك؟
سامر" والابتسامة تشق حلقه": نعم أقبل.
الشيخ: على بركة الله، وهل تقبلين يا هيفاء ابنة يسري بسامر محمد زوجاً لكِ؟
"كانت هيفاء تنظر أمامها هي ليست شاردة الذهن كما تتوقعون بل هي تنظر لسور منزلهم المشبوك مع منزل علي، وهي لا تنظر له لتأمل أن تراه بل هي ....

يتبع

:adoration:

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:26
كانت هيفاء تنظر أمامها هي ليست شاردة الذهن كما تتوقعون بل هي تنظر لسور منزلهم المشبوك مع منزل علي، وهي لا تنظر له لتأمل أن تراه بل هي تراه فوق السور يلوح لها بيده"
الشيخ: هيفاء ابنتي ردي؟؟
هيفاء: آه..ماذا؟
الشيخ: هل تقبلين؟
هيفاء: عليّ الذهاب.
أم أيمن: إلى أين؟
هيفاء"وهي تفتح عينيها بقوة": إلى الحمام..اعذروني.
الجميع "باستغراب": إلى الحمام!!
"ركبت هيفاء على السور"
هيفاء: علي ماذا تفعل هنا؟
علي: استيعدكِ.
هيفاء: ولكنك تأخرت كثيراً.
"أخرج علي ياسمينةً من جيبه واعطاها إياها"
هيفاء: ياسمين؟
علي: نعم.. أولستِ تحبين الياسمين؟
هيفاء" وهي تشمه":لقد اشتقت لرائحته، من أين أتيت به فما عدنا نرى عشبة تنمو بعد الاحتلال؟
علي: من المزرعة التي أخذتكِ لها.
هيفاء: ذهبت إلى هناك؟
علي:نعم
هيفاء: من أجل ياسمينة فقط تخاطر وتدخل مزرعة الظالم؟
علي: بل من أجلكِ...
هيفاء"واشتعلت خدودها احمراراً": شكراً
علي: لقد اخترت يا هيفاء، اخترت الموت على صدركِ.
هيفاء"وهي تبتسم بحب وحنان": أما تعلم ماذا يقول نزار قباني؟
علي: يستحسن به أن يقول شيئاً جيدا.
هيفاء:يقول....
أيظن أني لعبة بيديه؟
أنا لا أفكر في الرجوع إليه
اليوم عاد كأن شيئا لم يكن
وبراءة الأطفال في عينيه
ليقول لي : إني رفيقة دربه
وبأنني الحي الوحيد لديه
حمل الزهور إليّ ..

علي"وعلامات اليأس على محياه": قبل أن تكملي أنا ذاهب.
هيفاء:...كيف أرده؟
وصباي مرسوم على شفتيه
ونسيت حقدي كله في لحظة
من قال إني قد حقدت عليه؟
كم قلت إني غير عائدة له
ورجعت .. ما أحلى الرجوع إليه

علي: كم أحب نزار قباني هذا.
هيفاء:هههههه تحبه؟ ماذا سنفعل الآن بهذه المصيبة؟
علي: أي مصيبة؟
هيفاء: الشيخ الذي ينتظرني مع الجواب.
علي: تعالي معي...
"نزل الاثنان من على السور وذهبا للجماعة"

علي: السلام عليكم.
الجميع: وعليكم السلام.
الشيخ: هيا يا ابنتي نريد أن نكمل مراسم الزواج.
علي: وهل يجوز يا شيخ أن تتزوج وهي لا تريد ذلك؟
الشيخ: لا يا ابني، أهناك من غصبها على ذلك؟
علي: لا ولكنها غيرت رأيها.
أم سامر"بحنق" : وهل الناس لعبة حتى تغير رأيها وقتما تشاء؟
سامر"بتعالي": ومن قال بأنها غير موافقة؟
علي: أنا قلت ذلك.
سامر: ومن أنت؟ أخوها أم أبوها؟ أريد أن اسمع الرفض منها هي.
هيفاء: هو ليس أخي ولا أبي ولكنه الوصي عليّ منذ شهور ولا كلام لي بعد كلامه.
" ابتسم علي ابتسامة النصر وهو ينظر لهيفاء بعيون الامتنان"

أم سامر: هيا هيا يا ابني هؤلاء لا يقدرون الوعود ولا الضيوف.
علي: نعتذر عن عدم الإيفاء بالوعد ولكن هذا أفضل من أن توافق وهي لاتريد.
أم سامر"وقد ارتبكت من جواب علي اللبق": هيا هيا..
سامر: اصلاً أنا الذي لم أوافق عليها إلا بعد ترجي أمي فكلام الناس كان....هه وتقول لي الوصي بل قولي العشيق.

" لم يكمل سامر جملته على تردد أصداء الصفعة التي أتته من علي"

علي: أخــرس يا حقير، قُطع لسانك ولسان كل من يتحدث عليها بكلمة هيفاء شريفة ولم ألمس منها شعرة واحدة اخجل من كلامك هذا يا هه ابن البلد.
سامر: تضربني يا هذا؟
علي: واقطّع كل من يمسها بكلمة.
سامر:لن يمر هذا اليوم عليكَ بخير.
" أراد التهجم على علي"
الشيخ: يكفي ألا تخجلون صلوا على النبي وآله.
الجميع: عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: وليذهب كل منه في سبيله لا نصيب لك يا ابني عندهم ولكن لا تتكلم بأعراضهم هكذا فهذا لا يجوز.
سامر: أنا ذاهب وتزوجي هذا الفقير الذي لا بيت له.
هيفاء: أفضل من أن أتزوجك مع ذل الغربة يا جبان تهرب من بلدك من أجل ماذا النقود والحياة تركض وراء متاع الدنيا يا جبان، هذا الفقير الذي تراه غنيٌ ببلده غنيٌ عن التنازل عن أرضه من أجل اليهود والتنازل عن عروبته خوفاً من الشهادة.

"لملم سامر وأمه ما تبقى لهم من كرامة في ذلك البيت ورحلوا"

الشيخ: أنا استأذنكم.
علي: إلى أين يا شيخ أما آن أوان عقدنا.
هيفاء: دعه يذهب ومن قال لك بأني موافقة؟
علي: ماذا؟
هيفاء: غدا يكون العقد والحفلة هكذا أفضل.
علي: وأصبر للغد.
هيفاء: عقاب التأخر.
علي: يا الهي رحمتك.
الشيخ: أنا ذاهب وسأعود غداً لا نريد مغامرات واكشن في موقع التصوير.. اأقصد لا نريد مفاجئات في البيت.
علي: حسناً.
الشيخ: ولكن بجد يا علي من أين خرجت ونحن لم نركَ تدخل من الباب؟
علي"وهو يبتسم": سر المهنة.
"رحل الشيخ"

أم أيمن: أهكذا تتصرفون مع الجماعة؟
أم سارة: تضربه وسط البيت لا يجوز.
علي: يستحق أكثر من ذلك.
أم أيمن: غداً يتكلمون علينا في الحي.
هيفاء: دعهم يفعلون ما يشاؤون غداً هم راحلون عن هنا لن يستطيعوا فعل أي شيئ.
علي: حسناً.. أنا راحل لا تنسوا موعدنا غداً
أم سارة: إلى أين؟
علي: لقد تأخر الوقت وغداً وراءنا سهرة طويلة.
"غمز لهيفاء التي ابتسمت بحياء......جاء اليوم التالي وفي المساء أخذ علي هيفاء من عملها وعندما اقتربوا من المنزل"
علي: سنعود بعد قليل.
هيفاء: ونحن في الانتظار.
"لبس علي قميصه الأبيض الجديد وبنطلونه الأسود أما هيفاء فقد ارتدت ذلك الثوب الأبيض الجميل وراحت تدور به وقلبها يغرد ويشدو....وفجأة دخل إياد على علي"

إياد" وهو يلهث": علي..أعلم أن الوقت غير مناسب ولكن جيش الأحتلال يهاجم الحي الذي بقرب حينا القديم ويجب أن نخلي المنازل بأسرع ما يمكن.

" ومن دون تفكير وقبل أن يكمل إياد كلامه انطلق راكضاً بكل ما أوتي من قوة حتى وصلوا وإذ بالجرحى يتراكضون والقتلى مطروحينوالجثث تسحب...راح علي مع بقية الشباب يخرجون بقايا البشر المحطمة التي كانت بين رماد الوحشية التي زرعها اليهود"
"وصل الشيخ والجميع في فساتين الفرح وقد اتضحت على وجهوهم علامات الاستغراب التي قد أكلت كل ما تبقى في وجه هيفاء التي تقاوم وتكابر كي لا تنزل دمعتها ليلة عرسها..ولكن الوقت قد تأخر والمعازيم قد ملوا الانتظار، وسئمت هيفاء من تصرفات علي الصبيانية وشكت في تلك اللحظة بأنه قد تراجع عن قراره..فحملت بقايا الأسى والخذلان وهمت بالرحيل إلى غرفتها وسط استغراب الناس وإذ بصوت ينادي


يتبع ...


الرد باقتباس

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:26
وصل الشيخ والجميع في فساتين الفرح وقد اتضحت على وجهوهم علامات الاستغراب التي قد أكلت كل ما تبقى في وجه هيفاء التي تقاوم وتكابر كي لا تنزل دمعتها ليلة عرسها..ولكن الوقت قد تأخر والمعازيم قد ملوا الانتظار، وسئمت هيفاء من تصرفات علي الصبيانية وشكت في تلك اللحظة بأنه قد تراجع عن قراره..فحملت بقايا الأسى والخذلان وهمت بالرحيل إلى غرفتها وسط استغراب الناس وإذ بصوت ينادي بكل شغف"
علي: هيـفاء.
" التفتت هيفاء وبعيونها تجمدت دموع الغضب والتي سرعان ما تحولت إلى دموع الصدمة نعم صدمة رؤية علي وقد خُضب قميص عرسه الابيض بالدم في كل أنحاءه والغبار يكسو وجهه ويغطي شعره"
هيفاء"وهي تشهق": عــلـي
علي: لا تخافي ولا ترتعبي معظم هذا الدم ليس دمي ،فقط توجد جروح بسيطة.
هيفاء: يجب أن تُداوى هذه الجروح.
علي: ليس الآن يا هيفاء لقد وعدتك ووعد الحر دين.
هيفاء: فليحترق زواجنا في الجحيم المهم هو أنت.
علي: هيا يا هيفاء.. إنها مجرد جروح بسيطة، تفضل يا شيخ اعقد.
" وبعد أن تمت مراسيم ذلك العرس الأسود وذهب كلٌ في سبيله... رفع علي طرحة هيفاء وقبلها قبلة الحب المعذب الذي كُتم تحت الاحتلال"
علي: دائما ما تفاجئيني بجمالكِ.
هيفاء" وهي تبتسم": ودائماً ما تبهرني بلسانك العذب.
"أخرج علي من جيبه خاتم صغير بوسطه فص أزرق لمّاع و ألبسها إياه"
علي: مبروك يا حبيبتي.
هيفاء" وعيونها تلمع فرحاً": شكراً لك، أهذا هو خاتم أمك.
علي"وقد أنزل رأسه": نعم..
هيفاء: كم هو رائع.
علي: هيا بنا لنغادر..
هيفاء: نغادر؟؟ إلى أين؟
علي"باستغراب": إلى البيت.
هيفاء: نحن في بيتنا.
علي"وبدا على وجهه بعض علامات الضيق": ماذا تقصدين يا هيفاء؟ أنتِ تعلمين بأني لن أسكن خارج بيتي وإن كان ضيقاً وهذا ما أنتِ وافقتِ عليه منذ البداية أليس كذلك؟
هيفاء: نعم، ولكن هذا البيت أوسع.
علي"بحنق": هيفاء دعي هذا الليل الطويل يمر كان اتفاقنا هكذا فلنمضيه هكذا.
هيفاء: ومالضير اذا ما سكنا هنا؟
علي"وهو يمتص غضبه": هيفاء ارحميني، جروحي تنزف ودمائي تسيل فلنرحل.
هيفاء"من دون نفس": حسناً
" ودع علي خالتاه وبالمثل فعلت هيفاء وبينما هم في الطريق"
هيفاء: ما بكَ يا علي شارد الذهن؟
علي"بغصة مقنعة بابتسامة": لا شيء.
هيفاء" ورأسها منكس": لقد تذكرتهما أليس كذلك؟
علي"ودمعته تترقرق": لا استطيع أن انساهما، كل ما أغمض جفني يتراءا لي الاثنان وهم جثث هامدة.
هيفاء: كانوا سيسعدون معنا بهذا اليوم.
علي:كما تقولين هم كالملائكة يحيطون بنا ويعلمون ما يجري معنا.
هيفاء" وهي تلتف لعلي": نعم ..علي مالذي أصابك!
علي: لمَ؟
هيفاء: وجهك مصفر وعيناك شاحبتان وجرحك ينزف بعنف.
علي"وهو يسند يديه بالجدار": يبدو أن قطعة القماش لم توقف النزيف.
هيفاء: استند علي...

"أخذت هيفاء تغلي البن وعلي على فراشهم الذي بُسط على الأرض مسند ظهره للجدار وهو يأن تقدمت منه هيفاء لتداوي الجروح"
علي: آه كم هذا مؤلم..
هيفاء"ودموعها على وشك السقوط": لا بأس يا حبيبي تحمل لم يبقَ الا القليل.
" أكملت هيفاء عملها فشدت الجرح كانت لا تزال بفستان الزفاف وهو لا يزال بقميصه الأبيض الممزق الملطخ بالدماء...نظرت لعينية الذابلتين ونظر لعينيها الحزينة ثم سحبها إلى أحضانه وهو تبكي بصمت"

علي: أنا آسف افسدت عليك ليلة عمرك.
هيفاء: المهم أنك عدتَ على قدميك ولست محمولاً على ظهرك، ولا تقلق إني أقدر من أنت وما عليك.
علي"وهو يبتسم ابتسامة الرضا": اسمعي يا هيفاء لا يروق لي السكن في بيت خالتيّ متى ما احببت زوريهما ولكني أريد أن اشعر ببعض الاستقلالية والراحة لذلك أرجوكِ أغلقي هذا الموضوع.
هيفاء: حسناً.
" ضمها علي بقوة ثم سقطت دموعه رغماً عنه"
علي: اخاف أن افقدك يوماً ما يا حبيبتي.
هيفاء:دعنا نستمتع بلحظة الحب وبنعمة العشق بدون أن قيد أو خوف.

"وفي صباح اليوم التالي وفي بيت خالتيه"
أم أيمن"وهي تعلق الحرز": هذا حرز به آيات يبعد عنك شر العيون والآعداء.
علي: وأنا يا خالتي أليس لي حرز؟
أم أيمن: أنت بطولك بعرضك حرز لا تحتاج له.
هيفاء: هيا بنا يا زوجي الوسيم لقد تأخرنا عن العمل.
علي"وهو يبتسم": هيا بنا يا زوجتي العزيزة.
"ووضع يده على كتفيها ولفت يداها حول خصره"
أم أيمن: الهي تديم عليهم هذه الفرحة.
أم سارة: لم أرَ علي قط وهو بهذا القدر من الرضا والفرح.
أم أيمن: لقد رزقهما الله بقدر نيتهما.

"ومرت الأيام والشهور وهم يتحرقون شوقاً ليسدل القمر نوره فيلتقيان تحت ضوءه ويعودان ليتسامرا ويتضاحكا ولا ننسى في تلك الأيام اللحظات الصعبة التي كادت تخنق الاثنان عند رحيل علي للقيام بعمليات قصف وردع للعدو المحتل حيث كانت الثواني تمر كالسنين محملة بدموع القلق ودعاء الفرج وكأنما صخرة قد جثمت على قلبها عند رحيله وهو الذي لا يهون عليه دموعها ولا قلقها فما أن يعود حتى تركض إلى حضنه الدافئ ويلمها بأقوى ما عنده، قوة الشوق والفراق ثم يحملها بين يديه ويعود بها إلى البيت"

"وفي يوم من الأيام وفي طريق عودتهم للمنزل"
علي: اليوم سيكون العشاء في بيت خالتيّ أليس كذلك؟
هيفاء: نعم.
علي: يا الهي كم اشتقت لطبخهم.
هيفاء: هل تقصد بأن طبخي مريع؟
علي: لا ولكن الطبخ نفس.
هيفاء: لن أرد عليك فاليوم أنا فرحانة وسعيدة ولا أريد أن يعكر صفو سعادتي أي شيء.
علي"باستغراب": ولمَ كل هذهِ السعادة؟
هيفاء: لن اخبرك إنها مفاجئة لك.
علي: هيا يا هيفاء.
هيفاء: دعني اتأكد منها أولاً ثم تعرفها.
علي: أمري لله.
"دخلوا إلى البيت وبينما كانت أم سارة تجهز العشاء دخلت أم أيمن وهيفاء إلى الغرفة"
علي: مالذي يحدث يا خالتي سأموت جوعاً وهم بالداخل لا أعلم ما يفعلون؟
أم سارة"وهي تبتسم": اصبر قليلاً..
علي: هل تعلمين يا خالتي مالذي يجري وأنا آخر من يعلم؟
أم سارة: اصبر يا ولدي..
"وخرجتا من الغرفة"
أم أيمن وابتسامتها العريضة": مبروك يا ولدي مبروك..
علي"كالأطرش في الزفة": على ماذا؟


يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:27
أم أيمن وابتسامتها العريضة": مبروك يا ولدي مبروك..
علي"كالأطرش في الزفة": على ماذا؟
"وهو ينظر لعيون هيفاء التي تكاد تسقط دموعها لشدة الفرح"
أم أيمن: هيفاء حامل..
علي"وكأنما صُب عليه ماء بارد وصُفع آلاف الصفعات": حـ حامل؟ أنتِ تمزحين يا خالتي أليس كذلك؟
أم أيمن" وهي تحاول مص ردة الفعل الغير متوقعة من علي": لا لست أمزح قريبا ستصبح أباً.
علي"بأسى": لا لا تقوليها يا خالتي..وا مصيبتاه..
هيفاء"وهي في صدمتها وقد تحولت دموع إلى دموع حزن": ولمَ تكون هذه مصيبة؟ "وارتفع صوتها" لمَ تكون هذهِ مصيبة يا زوجي أليس من الطبيعي أن يحظى الزوجان بولد أم أنك لم تكن تريدني منذ البداية نعم هذه هي القضية نفسها لم تكن تريديني للزواج بل أنا فقط جسد يشبع نزواتك أيها الحقير.
علي"بعصبية": اخرسي يا هيفاء..أنا لست هكذا وأنت تعلمين ذلك لكن الولد مسؤوليات ومصاريف أين سنضعه أين سيتعلم ماذا سيأكل؟ هل تعتقدين أنه من السهل عليّ أن أوفر كل هذا..
هيفاء: لا توفر كل هذا ومن طلب منك كل هذا؟
علي: أنا أريد هذا لابني أتعلمين ماذا يعني ابن يعني لا اريده أن يعيش كما عشت أنا افهمي، لا اريده أن يعيش "ودموعه تنازع خروجها" أن يعيش بلا أب.. أنا لا اضمن وجودي، حياتي دائماً في خطر ولا أريد لأبني أن يعيش بلا أب اتفهمين ماذا يعني طفل بلا أب؟
هيفاء: لا تبدأ بوضع الحجج والأعذار وصلت الرسالة أنت لا تريد أي شيء يربطك بي، وبعد كلامك هذا لا حياة تجمعنا مع بعض وانسى بأن لكَ حياة كانت معي ويُفضل أن تنسى ابنك لأنك لن تراه.
علي"والغضب يسبقه":أنا لا أريد أي شيء يربطني بكِ؟ اوزني كلامكِ يا بنت، أنت تعلمين بظروف حياتي ووافقتِ عليها ولم نتفق على الانجاب.
هيفاء"بهدوء كُبت وسطه آلاف الصرخات": ولم نتفق على عدم الانجاب أيضاً، ثم ما قصدك ببنت؟ نعم بنت وأفضل منكَ يا نصف الرجل.
علي"و قد اتسعت حدقة عيناه وبأعلى صوته صرخ": اخرسي يا.. "وامتص غضبه" استغفر الله.
هيفاء"وهي تبكي بحرقة": يا ماذا؟ انطق اكملها يا أناني لقد اكلت فرحتي التي لطالما حلمتُ بها تريدني فقط أن اعيش وأنا اراعي ظروفك يا مسكين وأنا ألست أريد أن أعيش كبقية الزوجات؟ أتأكل حقي في الأمومة يا ظالم؟
علي: أنا أناني؟ أم أنت الأنانية تريدين بناء سعادتكِ على حساب طفل بريء قد يُيتم بعد شهر من ولادته وقد تكون بعد دقيقة أو بعد ثانية ألا تفهمين؟
"و خرج علي بأقصى ما عنده من سرعة وراح يركض ويهرب يريد أن يستيقظ من هذا الحلم المريع يريد أن يتخلص من جميع الأفكار التي تتضارب بعقله يريد أن يستوعب ما حدث للتو...أما هيفاء فقد بقيت جامدة بباحة المنزل تلملم بقايا السعادة التي كانت ترسمها في الصباح وجاء الليل بجبروته وحطمه،ا لا تعلم إن كانت لا تزال تحب علي أم كل شيء انتهى كما انتهت هي....وقف علي على سفح الجبل بعد توقفه من الجري وصرخ بأقصى ما عنده ثم جثا على ركبتيه وهو يبكي"
علي: يا الهي ماذا أفعل؟ أنا أعلم بأنه قضاءك وقدرك وأن لا ذنب لها في ما حدث ولكنني سأختنق سأموت لا أريد أن أكون السبب في تعاسة ابني لا أريده أن يعيش ما عشت لا أريده أن يكون بلا..اهئ اهئ..بلا أب.
"وانزل رأسه وواصل بكاءه..في حين كانت هيفاء بأحضان خالتها أم أيمن"
هيفاء: لماذا لا يريدني؟ هل لهذهِ الدرجة يكره أن يكون له ابناء مني؟
أم أيمن: لا يا ابنتي ولكن تفهميه..
هيفاء: إلى متى؟ إلى متى اتفهمه أما حان الوقت ليفهمني، فليجاملني على الأقل وهو يرى ابتسامتى العريضة فليجاملني...اهئ اهئ اهئ...
أم أيمن: يكفي يا ابنتي يكفي...



يا ترى هل علي مذنب أم هيفاء مذنبة وهل ذنب علي يغتفر؟؟

يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:27
هيفاء: إلى متى؟ إلى متى اتفهمه أما حان الوقت ليفهمني، فليجاملني على الأقل وهو يرى ابتسامتى العريضة فليجاملني...اهئ اهئ اهئ...
أم أيمن: يكفي يا ابنتي يكفي...
"في مساء ذلك اليوم لم تذق العيون العاشقة طعم النوم وكان القلق والدموع واضحين في عيونهم المحمرة وذلك المفرش الذي اصبح قاسي على ظهورهما فيلتقلبون يميناً وشمالاً لم يستطع علي أن ينتظر طلوع الشمس فمن بعد صلاة الفجر وهو لا يزال عند باب بيتهم يرتب الكلمات وينسق الجمل وهي واقفة امام المرآة تفكر ماذا ستفعل حين تراه وماذا ستقول..طلع الصباح ولكن سماءه لم تكن صافية بل العكر كان واضحاً بس ذرات هواءه...خرجت هيفاء لتذهب للعمل وإذ بها ترى علي مستند أمام الجدار الذي أمام البيت وقد ارجع رأسه للوراء فما إن سمع صوت الباب حتى فتح عيناه بسرعة فتحاشت نظرات عينيه وراحت تمشي مبتعدة"
علي"وهو يلحقها": هيفاء ...هيفاء
هيفاء"التفت له وهي منكسة رأسها تتحاشى نظرات عينيه حتى لا تضعف أمامهما": نعم
علي"وقد طارت جميع الجمل والعبارات التي اعدها طول الليل": أنا ... امم أريد أن..
"فرفعت هيفاء رأسها ونظرت لعينيه التي عبرت عن كل الأسى الذي يحمله ورأى بعينيها كل الأسف الذي تحمله"
علي: هيفاء أنا..
"لم يتم علي جملته إلا وقد رمت هيفاء جثتها بين احضانه تبحث عن حنانها الذي فقدته بالأمس وهي تبكي بحرقة فابتسم علي ودموع الفرح والحزن محبوس بعينيه وضمها بقوة فأحياناً تكون لغة العيون أعمق من الكلمات"

" مرت تلك الأشهر تلونها السعادة بخطوط القلق من المستقبل حتى حان موعد ولادتها بينما كانو عائدين من العمل"

هيفاء"وقد توقفت فجأة": يا الهي...رحمتك
علي"بقلق":ماذا هناك؟
هيفاء:الحقني يا علي لقد سقط ماء الرأس.
علي: ماذا؟ هل هذا يعني ان ابني سيكون بلا رأس؟
هيفاء: لااااا بل هذا يعني أنني أولد.
علي: تـ تولدين؟
هيفاء: آآآآآآه سأموت من الألم بسرعه يا علي خذني للبيت.
علي"بتوتر اعتلى صوته": أي بيت؟ ماذا يحدث؟
هيفاء: ستقتلني يا علي أنني هيفاء زوجتك سوف أولد خذني للبيت قبل أن أولد بالشارع.
"عقد عليٌ حاجبيه يستوعب ما يحصل وبسرعة حملها بيديه وراح يركض عبر تلك الشوارع وهي تصرخ بالألم حتى وصل لبيت خالتيه"
علي: خالتي إن هيفاء تلد الحقوووني..
أم سارة: ماذا؟
أم أيمن: جهزي يا أختي الماء الساخن والحقيني على الغرفة.

"أُدخلت هيفاء للغرفة المتهالكة وهي تصرخ من الألم وُضعت في وضيعة الولادة و هي ماسكة بيد علي"
أم أيمن: خذي نفس عميقاً يا هيفاء...هيا هيا لم يبق إلا القليل.
هيفاء: آآآآه سأموت يا خالتي سأموت لا استطيع.
علي"وهو يبكي على حالها": تحملي يا هيفاء من أجلي أرجوكِ تحملي، ساعديها يا خالتي إنها تموت.
أم سارة: ماذا تريدها أن تعمل؟ تلد مكانها؟
علي: يا الهي ارحمنا ساعدنا يااا رب.
"بعد دقائق من الألم والدموع شهدت الأرض بولادته إنه ابن علي وهو يبكي يا ترى لمَ هو يبكي؟ أيعلم أي حاضر يعيش؟ أم هل يعي أي مستقبل ينتظره؟ أم يعلم بأن مصيره قد يكون كمصير معظم أطفال فلسطين...شهيد"
هيفاء"وهي تنظر لابنها بحنية": انظر يا علي كم هو جميل..هذا ولدنا..
علي"ولا زال العرق يتصبب على جبينه": لا اعلم ولكن الحمد لله أنك سالمة يا حبيبتي.
"وضعها بين أحضانه وباتت كالطفلة فيه ثم جيئ بالطفل ووضع بينهما وما أجملها من ابتسامة التي رسمها هذا الطفل على وجوه الجميع"

أم أيمن: ماذا ستسمونه؟
علي: بعد اذنك يا هيفاء...أريد أن اسميه محمد.
هيفاء: كما تريد.
"ابتسمت أم سارة و بمقلتيها دموع الذكريات"

"مرت الشهور وكبر محمد"

علي" في مركز الخطط": اسمعوا سيكون هدفنا مركز تجمع الجنود حتى نحد من تهجير الاهالي فهناك أكثر من حارة هُجر أهلها ولا ننسى الحصار الذي يفرض بين الحين والآخر فيجب أن نتحرك حتى نعبر عن الرفض ونرعبهم.

"عاد علي إلى البيت"

علي: السلام عليكم.
هيفاء: وعليكم السلام. مالأخبار؟
علي"وقد تنهد بعمق": سأضطر للغياب في الفترة المقبلة.
هيفاء: ماذا؟ عملية جديدة؟
علي: نعم، وقلق جديد.

"فجأة طُرق الباب بطريقة غريبة جداً ... فتح علي الباب"

اياد: هيا يا علي اهرب أحدهم بلغ عنك والجنود قادمة إلى هنا.
علي: الآن؟
اياد: ليس هنالك وقت للكلام.
علي: حسناً
هيفاء: علي... إلى أين؟
علي: لا اعلم ولكن اعدك بأن اعود اعدك.
"راح علي يركض وإذ بالجنود قد وصلوا وهو في سباق مع الرصاص يركض ويركض..أما هيفاء التي كانت في البيت حاضنة صغيرها وهي تدعو الله بأن يسلم علي وهي تسمع أصوات الرصاص كأنما تخترق قلبها الذي يخفق كالطبول... بعدها بثوانٍ معدودات عم الصمت المكان ولم نرَ إلا غبار قد عم الجو وخرست الرياح وبقيت كل العيون حائرة هل أمسكوا علي؟أم قتلوه؟ أم نفذ بجلده؟"

"خرجت هيفاء بعد أن فتحت الباب بعنف وهي تركض وتنادي"

هيفاء"وبحة الخوف في صوتها":علــــــي.....علـــــي

"اوقفها اياد وهي تقاوم وتريد أن تذهب إليه حتى خرج الكل من بيوتهم ينظرون لعيني اياد يبحثون فيها عن علي"

اياد: توقفي يا هيفاء توقفي..
هيفاء"وهي تبكي": أين زوجي؟
اياد" وقد ارخى عينيه": لقد أمسكوه..
هيفاء"وقد وضعت يدها على فمها وهي تصرخ": لاااااااااااااا مستحيل.
"لم تمض تلك الليلة بسرعة بل كأنما الثواني هي سنوات وقرون وظلمة الليل الحالك يشكو ألم أنفاس بكاء هيفاء الذي نزفت منه الصخور"

علي تم امساكه هل سيبقوه حياً؟ هل سيعود؟

يتبع

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:28
"خرجت هيفاء بعد أن فتحت الباب بعنف وهي تركض وتنادي"

هيفاء"وبحة الخوف في صوتها":علــــــي.....علـــــي

"اوقفها اياد وهي تقاوم وتريد أن تذهب إليه حتى خرج الكل من بيوتهم ينظرون لعيني اياد يبحثون فيها عن علي"

اياد: توقفي يا هيفاء توقفي..
هيفاء"وهي تبكي": أين زوجي؟
اياد" وقد ارخى عينيه": لقد أمسكوه..
هيفاء"وقد وضعت يدها على فمها وهي تصرخ": لاااااااااااااا مستحيل.

"لم تمض تلك الليلة بسرعة بل كأنما الثواني هي سنوات وقرون وظلمة الليل الحالك يشكو ألم أنفاس بكاء هيفاء الذي نزفت منه الصخور"

هيفاء: هل هذا يعني أنني سوف لن أراه مرة أخرى؟ هل هذا يعني أنه أُسر للأبد؟
أم سارة: توكلي على الله وإن كان من قضاءك وقدرك أن تريه فسوف ترينه يا ابنتي.
هيفاء: وإلى متى انتظر؟ هل سيطول غيابه؟ أنا لا احتمل فراق ساعة فكيف بسنوات؟ يا الهي خذ روحي فأنا لا اتحمل كل هذا العذاب والألم؟
أم أيمن: استهدي بالله وادعِ ربكِ أن يعيده سالماً وأن يحميه.
هيفاء "وقد رفعت رأسها للسماء": يـا رب.

"لم تستطع هيفاء النوم في تلك اللية وهي لا تعلم أين هو وماذا يفعل ومالذي يحصل له...مضى يومان على اعتقاله ولا حس ولا خبر وكأنما هذه الأيام تأكل من جسد هيفاء المسكينه التي ذبلت عيونها من البكاء"

هيفاء: خالتي إن محمد مريض حرارته مرتفعة.
أم سارة : اذهبي يا هيفاء للعمل وأنا سوف أهتم به وعند عودتك دبري خافض للحرارة إذا استطعت لأن درجة حرارته مرتفعة بشكل كبير.
هيفاء"ودموعها تسقط من عيونها المحمرّة": إنها حرارة شوقه لأبيه. "واسترسلت بالبكاء"
أم أيمن: هدئي من روعك يا حبيبتي.
هيفاء"وهي تنوح": كيف اهدأ من روعي كيف وأنا أعلم وأنتم تعلمون قبلي أن الأسير لا يُرد هذا إذا ما كان قد قُتل...لقد اشتاق ولده لأحضانه وذاب عشقه في دمي حتى اسكرني فكيف اعيش من دونه.
أم سارة : توكلي على الله واحمديه على كل شيء
هيفاء: الحمد لله.

"وهناك في مركز تجمع الجنود كانت اشلاء علي هناك تُعذب و تقهر وتُذل"
الجندي: لقد اتعبتنا يا هذا ولم تتعب!
علي: ولن اتعب حتى تزهق روحي.
الجندي: لن تموت قبل أن تصرخ كل خلية في جسدك بالألم.
"ابتسم بابتسامة ساخرة"
الجندي: سوف تشلني بأفعالك هذه اخبرنا عن مكان اصدقائك وسينتهي الموضوع في خمس دقائق واعدك بكل ما تريد.
علي:وفر وعودك فأنا لا استسلم.
الجندي: حسناً أنا اعرف كيف اجد بقية الحثالة التي معك.

"خرجت هيفاء لعملها لا تستطيع قدمها ان تحملها لثقل الهموم الملاقاة على كاهلها...تدفعها أمواج الهموم يمنة وشمالا....وفجأة ضُربت على رأسها وخطفت ولكن إلى أين؟"

"وفي المركز كان علي ملقى على الأرض والدماء قد اسدلت ستارها على عينه وشفتيه تنفث دماً"
الجندي"وقد رفس علي": علي لقد احضرنا لكَ مفاجاة ستعجبك كثيراً.
"فتح علي عيناه بصعوبة وإذ به يرى روحه وقلبه يُجر بعنف وبلا شفقة"
علي"وقد صاح": لا ليست هي مستحيل.
الجندي: بلى يا عزيزي هي هاهاهاهاهاهاا ، أرأيت كم أنا ذكي.
علي: بل قذر ونذل لا دخل لها بالموضوع دعها تذهب وترحل.
الجندي: سأدعها بعد أن تخبرنا بمكان اصدقائك.
علي: لن يكون لكَ هذا.
الجندي: هكذا إذن... ايقظوها.
"توالت الصفعات على وجهها الصغير"
علي"وقد سقط قلبه في حفرة لا قرار لها": ماذا تفعلون ليس هكذا..لا
هيفاء "والنعاس يغلب على صوتها وتترنح يمنة وشمالا": أين أنا؟من أنتم؟
"وإذ بعيونها تلتقي مع عيونه"
هيفاء: علي
"و تفلت يداها من ايدي الجنود وتركض لتضع رأسها في حجره الحاني ولكن يد أخرى تمسكها وتضمها من الخلف"
علي: اتركها يا حثالة وخذ مني ما تشاء.
الجندي: إذن فلتعطيني المعلومات.
"صمت علي وهو ينظر لعيونها التي تجهل ما يحدث وتجهل أنها قد اصبحت الخط الفاصل في القضية"
الجندي"بعد ان طال صمت علي": وتعرف أن تنقي زوجتك أيضاً..يبدو أنها اجمل من في الحي.
"وأخذ يقرب وجهه من فمها...فبصقت في وجهه"
علي: وهي اشرس من في الحي.
"احمر وجه الجندي ذلاً فصفعها ليرتدي قناع القوة الزائف تحت ضعفه فصرخ فيه علي"
علي: اتركها يا زبالة حسابكَ معي وليس معها.
الجندي: أنا من يقرر ذلك، وها أنت على مفترق طريقين إما أن تشي بأصحابك أو نعذبها أمامك.
علي: لا...
الجندي: إذن تكلم..
"وقف عليٌ لبرهة يفكر أرواح جميع اصدقائه مقابل تعذيب حبيبته"
الجندي"وابتسامة السخرية على وجهه": ماذا هل أنت متردد؟..لقد وجدت فكرة أفضل إما أن تحكي أو نقتلها أمامك.
"نظر علي إلى وجهها والخوف والوجل يخط دموعاً على وجنتيها"
علي"وحيرته تقطع جوانحه": لا استطيع..لا
الجندي"وقد لمعت عيناه": لن تصدق هذه الفكرة إنها أجمل بكثير ما رأيك إما أن تخون أصحابك أو نغتصب حلوتك هذه.
علي"وقد ارتفعت دم الغيرة من اخمص قدميه حتى وجهه": ماذا تقول؟ لن يكون لك هذا.
" وأخذ يحاول فك نفسه من ايديهم ولكن لا أمل"
الجندي: لديك خمس ثوانِ تفكر فيها.
"تحول صوت بكاء هيفاء من السكون إلى العويل"
هيفاء"بتنهم": ارجوك خلصني منهم.
الجندي: واحد..
علي"وهو ينظر لهيفاء ويهمس قلبه": إنها زوجتي وحبيبتي لا استطيع أن أفعل بها هذا.
الجندي: اثنان..
"ثم اغمض عيناه"
علي: ولكنهم اصحابي والمقاومة تقوم عليهم وإذا ما اخترتها سأحرم امهاتهم منهم أما هي فلن تموت.
الجندي: ثلاثة..
علي"وقد فتح عيناه بسرعة عله يسرع من تفكيره، فوقع بصره على عينيها التي امتلأت بالرجاء": أوليس هذا قتل لروحها ستبقى جسد بلا روح إذا ما ضحيت بها.
الجندي: أربعة..
"فاعتلى صوت بكاء هيفاء"
علي"وقد تجمعت كل المشاهد في عينيه زوجته ولده اصحابه اهل اصحابه ماذا يفعل وكيف يوازن بين الاثنان أيختار عقله أم قلبه"
الجندي: لقد اقتربنا
علي: انتظر.
الجندي" وابتسامة النصر تحتفل على وجهه": ماذا هل ستعترف؟
علي: لا استطيع..
الجندي"وقد رفع حواجبه احباطاً": إذن..خمسة
علي، هيفاء: لاااااااا
الجندي: ماذا؟ لست ألعب معك يا علي.
علي"وهو يبكي عجزاً وحسرة"
هيفاء: تكلم يا علي لا تفعل بي هذا، أنا زوجتك أنا حبيبتك ارجوك لا تفعل بي هذا ارجوووك.
علي: هل تستطيع امهالي للغد ارجوووك لأفكر لعلني اخبرك عن مكانهم.
الجندي: ولعلك لن تفعل، لن انتظر أكثر من هذا...هيا ثبتوها جيداً
علي: لاااا ارجووووك... اقتلني اشنقني... احرقني حتى الموت..قطع اوصالي ولكن لا تفعل بها هذا
"دقائق مرت والدماء تسيل وآهات القهر والاغتصاب تُطلق... وقلبٌ يقطعه العجز والألم يرى روحه تُنتهك، يرى عمره يفنى...يحاول بكل قوته أن يتخلص من الأيدي والقيود التي احجمت ثورة الغيرة، ولكن لا أمل فيتفرج على عرضه وهو يُغتصب بأبشع الطرق ودموع قمره تتساقط دماً احمراً قاني، وتحرقه نظرات معشوقته التي ذاب فيها الحسرة والألم واليأس من العشيق الذي باعها...لم يتمنى علي في تلك اللحظة الموت بل تمنى أن يُدفن حياً تحت صخور البراكين الحارقة...انتهت تلك اللدقائق ولكنها كانت كالسنين بالنسبة للاثنان فكأنما رُمي على الاثنان جبل من السنين التي اهلكت شبابهما...ذُبحت في تلك الساحة روحان روح قتلها العجز، وروح قتلها الانتهاك فسقطت تلك الروحان على الأرض مغشاً عليهما، فلا يستطيع أي انسان لا زالت دماء الإنسانية تسري في دمه أن يتحمل ما جرى وما يرى، حيث كانت الأرض التي رُشت بالحصى وسالت عليها دماء الانتهاك ودموع العذاب أريح فراش لجبلي الهموم الذان سقطا لتوهما"



يتبع


0 طرائف الأديب العالمي الساخر برنارد شو
0 سبب احد طرق تحليق الطيور
0 My Father
0 إينشتاين وسائقه
0 مسابقات The Best
0 معاني اسماء السيارات
0 روجر فيدرير
0 School Jokes
0 ثيمات أفلام كرتون
0 الورد
0 حكمة عجيبة
0 العصير
0 Three things in life
0 The Geography Book
0 أم المؤمنين خديجة

03-02-2011, 05:46 PM #24
COLDNESS
-||[كبار الشخصيات في المنتدى]||-




تاريخ التسجيل: Dec 2010
العمر: 25
المشاركات: 2,720
معدل تقييم المستوى: 5



"وفي الحارة حيث تجمع اصحابه"
اياد: حتى وإن لم يكن علي معنا يجب أن نتم العملية في منتصف هذا الليل.

"كانت الخطة تقضي بأن يصل أحدهم للباص الذي يلم جنود الحراسة الذين يكون هذا الوقت هو لمناوبتهم ويجمع الحراس من مركز تجمع الجنود الاسرائيليين....وصل إياد للباص الذي كان بانتظار الجنود ذهب للسائق الذي لم ينتبه لدخول اياد فقتله اياد وسحبه خارج الباص لبس ثيابه ثم توجه إلى الباص على أنه الاسرائيلي ولبس بطاقته"
الجندي: هل أنت سائق جديد؟
اياد: نعم ... إن " فرويد" تأخر فاتصلوا لي لأحل محله..
الجندي: وجهك غريب..
اياد: ... نعم انا مستقدم من البحرية..
الجندي: هكذا إذن..
اياد: ولكنني لا اعرف مكان عملكم هل لأحدكم أن يرشدني.
"أخذ ذلك الجندي يرشده ثم توقف فجأة عن الكلام وقال"
الجندي: قلت لي ما اسمك؟
اياد: ..سارتر..هل تريد أن ترى البطاقة؟
الجندي: لا، لا داعي لذلك.
"وواصل وصف الطريق واياد يحمد ربه ألف مرة على أنه لم يصر على رؤية البطاقة...حتى اقتربوا قليلاً واصبح المركز عند مرأى الأفق، فوقع بصر ذلك الجندي على بقعة من الدم "
الجندي: ما هذا الدم؟
"توقف اياد فجأة والتفت إلى الجندي الذي عرف عيونه العربية..لبس اياد القناع واطلق انبوبة الغاز وهيأ الباص في وضع الاستعداد للهجوم فأقفلت جميع فتحاته... دقائق وإذ بالجميع قد طارت أرواحهم بعد أن تمزقت رئاتهم وتفجرت انوفهم بالدم، فتح إياد الأبواب ليخرج الغاز من الباص وبعملية تهوية بسيطة وبعد ثوانٍ معدودات ظهروا بقية زملاءه"
سمير: هل كل شيء على ما يرام؟
اياد: نعم والآن بسرعة البسوا بزاتهم حتى لا نتأخر فيشكوا بالأمر.
"لبسوا بزات الجنود وقذفوا بجثثهم في منأى عن ذلك المكان ثم توجهوا نحو المركز وعند البوابة"
اياد "وهو منزل رأسه يكح": كح كح كح
"وسلم بطاقة الجندي السابق فلم يسأله أي شيء حيث أنه كان يكح بالإضافة إلى أنهم اختاروا إياد لأنه جسمه مشابه لذلك الجندي"
إياد: هيا انزلوا بشكل طبيعي ودعوا الجنود الذين انتهى دوامهم أن يركبوا فركب اولئك الجنود ووضع إياد الباص في وضع الاستعداد للهجوم وفجر عبوة الغاز الثانية.
" تم الموضوع بسلام فقل عدد الجنود هنالك بشكل كبير فأكثر من ضعف اضعافهم قُتلوا بتلك الطريقة ولم يتبقَ عليهم إلا القليل توزعوا وباغتوا بقية الجنود حتى اتجه سمير وإياد للساحة ليجدوا العاشقين الذين توالت على عشقهما عواصف الدهر فاطاحت بهما بلا حراك"
إياد: علي.. علي ... هيا اسرع...استيقظ..علي
"فتح علي عيناه المتحجرتان بصعوبة"
علي"والاسئلة تجول في خاطره": أين أنا؟ هل ما رأيته حلم أم كابوس؟ يا ليته كابوس..
" إياد وهو لا زال يهز علي"
إياد: علي قم قبل أن يمسكنا أحدهم.
"وقف علي وأخذ يجول بناظره يبحث عن روحه التي دُنست فرأها والجمع يساعدها على الوقوف وهي تلملم أطراف ثوبها علها تغطي آثار الانتهاك فركض لها علي وامسكها ليسندها فالتفتت له وفي عيناها لُجج الحسرة والهموم فافلتت يداها وراحت تمشي مبتعدة تاركةَ قلباً ضخ فيه دم القلق وحقن بلسعات من الألم.
لم يستطع أي أحد منهم أن يعود لمنطقته حيث أنها كانت محاصرة فراح كلٌ منهم يبحث عن مأوى يضمهم فاختبأ علي وهيفاء بين انقاض شجرات الزيتون المحروقة والمحطمة، وعلى جذع تلك الشجرة التي قُتل على جمال كانت تحويه كانت هيفاء جالسة ضامةً قدميها لصدرها وتأن وتتأوه على ما حل بها وعلى مقربة منها وقف هو تعلو وجهه قترة وتفتت قلبه فيتساقط الفتات ليشعل ناراً في جوفه "
علي"وقد اقترب منها وجلس بجانبها": هيفاء...أنا آسف ولكن يجب أن تتفهمي موقفي.
هيفاء"وقد تعب غضبها المحبوس بين دمائها فثارت في وجهه": اتفهمك؟ اتفهمك؟ لقد تعبت وأنا أتفهمك واتفهمك إلى متى سأظل هكذا أضحي من أجل أن اتفهم مواقفك... لقد انتهيت أتعلم ماذا فعلت بي؟ لقد ابقيتني جسداً بلا روح لقد قتلتني.
علي: لقد كان عليّ أن اوازن واتخذ القرار بناءً على المنطق لا العاطفة وفي كلتا الحالتين قراري خاطئ ولكنني حاولت أن أُقلل عدد الخسائر.
هيفاء"ودموعها تهطل": تباً لك ولعقلك الذي لا يفكر إلا بالمنطق..وها قد اخترت اصحابك وخسرتني.
علي"والألم يضخ في عروقه": لا يا هيفاء لا تقولي هكذا أنت تعلمين أنني أحبكِ.
هيفاء"وهي تمسح دموعها بأطراف كمها": نعم أعلم بأنك تحبني لدرجة أنك سلمتني لحثالة التاريخ تنتهك عزتي وتذلني، سلطت عليّ أشد ألوان العذاب بهذا الحب المنطقي، لقد بعتني يا هذا بعت عرضك فلا آمن على نفسي بيديك، اذهب وامضِ في ما أنت ماضٍ فيه ألم تكن غير راغبٍ بالارتباط حتى لا تظلمني معك، اعتبر أنني لم أوجد في حياتك واخرج من حياتي.
علي: هذا لا ينفع الآن، لأنك أنت من قطع الوعود بأنك ستعيشين معي مهما كانت الظروف أنت التي وقفت وصرخت فيّ قائلة بأنك تعشقين التشتت معي، ماذا أكل هذا هراء؟ أكل هذا كلام كُتب على ساحل الشاطئ لتمسحه أول موجة من المشاكل؟ أنا هذه هي شخصيتي أفكر بعقلي قبل قلبي إلا أنت احببتك بقلبي ولن أندم على ذلك ولكنني سأندم لأني صدقت خزعبلاتكِ التي رويتها، إن كنت تريدين الرحيل فارحلي لن اجبركِ على الالتزام بوعدكِ فأنت امرأة.

"حزمت هيفاء امتعة الحزن و الدموع وحملتها على ظهرها وهمت بالرحيل...حل صمت رهيب على ذلك الفجر وأبخرة الحرب قد حجبت أشعة الشمس عن الظهور..طال صمت علي وهو يراها تغادر لطريق لا يراها بعده ولا تراه...وابتعدت وابتعدت.."
علي"وهو يتبع عشقه الأول والأخير": هيـــفاء

"راح يركض وهي تركض أحدهما يهرب من ماضيه الذي سحقه والآخر يركض وراء مستقبله الذي فقده"

علي" وهو يركض": توقفي أرجوووكِ
" حتى أمسك بها"
علي"وعيناه تقطران دمعاً وهو ممسك بكتفها": لا ترحلي يا حبيبتي أنتِ كل حياتي، أنت تكملينني يا هيفاء، فإلى أين أنت راحلة؟
هيفاء"وهي تفلت يداه التي طوقت ضعفها": لا استطيع العيش هكذا...تعبت...سأعود حيثما كنت سأعتني بولدي وأواصل حياتي.
علي:إنه ابننا..
هيفاء: لا ليس ابنك.. أنسيت أم اذكرك ها أنت تعود من حيث بدأت لم تكن تريدني ولا تكن تريد ابنك وها هو الحلم يتحقق..اتركني.
"ومضت في طريقها..فلحقها ووقف في وجهها وكلما حاولت المشي صد طريقها"
هيفاء"وقد طفح الكيل بها": عــلــي توقف عن ألاعيبك المجنونة.
علي: لا يمكنك العودة للمنزل انت تعلمين أنهم قد عرفوا موقع منزلنا وسيستغلون ذلك وأنا متأكد بأن المكان محاصر هناك.
هيفاء"بنظرات اللوم": أنت تعلم أنني لست أنت أنا ابني أهم من روحي.
علي: هذه ليست تضحية ولا بطولة أنت ذاهبة لتحرمين ابنكِ منكِ.
هيفاء: يكفي ما جرى دعني ارحل ألا تفهم..
"امسكها بقوة وجنون"
علي: لن أفعل..
هيفاء"وقد امسكت ببطنها تتلوى من الألم": آهـ آهـ
" ابعد علي يداه عنها تلقائياً وهي تبتعد عنه وتصرخ ألماً"
علي: هيفاء ما بكِ؟
"وعلى بُعد أمتار من بعضهما البعض راحت هيفاء تركض بأقصى سرعة وتتختبئ بين الممرات...وعلي وراءها من مكان لآخر ولكن...فقدها وفقد أثرها فوقف مكانه وضرب الأرض بقدميه وعروق الغضب تتفجر بين اوديتها دموع الأسى وصرخ صرخة الوحدة...مضى الليل وهو يحاول العثور عليها بين الحطام والجدران المتكسرة ولكن لا فائدة...توقف فجاة ورمى بنفسه على الأرض وأخذ يراقب النجوم وهو يناجي ربه"
علي: يا الهي ماذا أفعل؟ هل ما فعلته خطأ ولكنني اعتذرت..اعلم أن الاعتذار لن يصلح ما انكسر ولكنني كُسرت أيضاً وأنا أقف عاجزاً أمام ما حدث...يا الهي أتمنى أن لا يحصل لها شيء في طريق عودتها..كم أنا نذل بالتأكيد سيحتجزونها للضغط عليّ وأنا جالس هنا اتفرج...ولكن يجب أن أخطط قبل أن أقدم على أية خطوة..يا الهي لقد تعبت..ليس كل شيء يحتاج لتخطيط هنالك أمور في الحياة نخوضها دون أن نطرق باب التحضير لها ولكن احياناً تكون عواقبها وخيمة..اممم...فلتكن وخيمة ألم يقال بأن الحب أعمى يقوده الجنون وأنا أكبر المجانين...يا الهي ارشدني لأفعل الصحيح من الأمر يا الهي ترى هيفاء لأي نجمة تنظر من النجوم التي انظر اليها؟ هذه أم هذه؟ يبدو أنني جائع جـداً

"ثم بدأ بالضحك على نفسه حتى غرقت عيناه بالدموع فبكى بحرقة حتى نام في قوقعة حزنه"

"جاء صباح جديد..فتحت هيفاء عينها التي تحجرت بالدموع وإذ بها تبصر بابنها يركض مسرعاً بأشواقه لأحضانها"
هيفاء"وهي تضمه بقوة وتقبله وتبكي": حبيبي محمد اشتقت لكَ يا ولدي.
أم أيمن: ما بكِ تضمين الولد بقوة هو لن يهرب.
أم سارة: ألن تحكي لنا ما حدث يا هيفاء؟
هيفاء"وباتت علامات الاستياء على وجهه": لم يحدث أي شيء أٌسرت وحُررت هذه هي القصة.
أم سارة"بخوف": وعلي؟
هيفاء: لا أعلم..أنا خارجة مع ابني لاستنشاق الهواء العليل.

"بعد أن استيقظ علي ذهب إلى موقع اتفق هو واصحابه على الالتقاء فيه"
إياد: حمداً لله على السلامة واخيراً اكتملت المجموعة.
علي: إذاً فلنبدأ..
إياد: بعد أن هجمنا على مركزهم هم بالتأكيد في حالة تأهب وخوف لذلك يجب أن نهاجمهم وهم خافئون وفي المكان الذي لا يتوقعونه وهو مركز عسكري به مخازن من الاسلحة ومعتقلات للمقاومين الخطرين عليهم لذلك...علي أنت ستكون الطعم.

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:29
"وهناك في تلك الحارة وقفت هيفاء تلاعب طفلها وإذ بفتاة تلوح وتقترب منها"
الفتاة: مرحباً.. أنت هيفاء؟
هيفاء: نعم أنا هي..ماذا هنالك؟
الفتاة: عندي معلومات خطيرة إذا أردت أن تصدقيها فقد أفلحت وإذا لم تريدي فمزاجكِ أيضاً ولكن تحملي العواقب.
هيفاء"وبركان الخوف يغلي في قلبها": تكلمي..
الفتاة: البارحة أنتِ هربتِ من مركز تجمع اليهود بعد أن قُصف أليس كذلك؟
هيفاء: كيف عرفتِ؟
الفتاة: زوجي كان هنالك أسيرا ومعظم من هنالك شهدوا قصتكِ، اسمعيني يا هيفاء ما سأقوله ليس به مزح ولا تلاعب زوجكِ خائن لوطنه لا تغرنكِ بطولته ولا شجاعته الزائفة هو أصلاً عميل اسرائيلي سري يسرب المعلومات للاسرائيليين ولكن بذكاء وكلما كُشف في منطقة رحل عنها وراح يدمر الأخرى..
هيفاء: أنت مجنونة بالتأكيد..كيف يكون هذا؟ أيعقل أنني عشت قرابة السنة مع شخص لاأعرفه ثم أنه أحبني.
الفتاة"ودموعها تتساقط": هو الذي حرمني من زوجي كل هذه السنين، هو الذي بلغ عنه بعد أن لعب معه دور الصديق كما لعب دور العشيق مع رشا من القدس وناديا من مخيم جنين ولم يعتقد بأنه سيفضح في يوم من الأيام ولكنه فُضح الآن..يا ترى من تعتقدين أنه بلغ عن محمد وسارة وهل انطلت خدعة الحزن التي يلعبها كل يوم عليكم؟ وهل تعتقدين أنه أحبك؟ إذاً لماذا لم يرد أن يتزوجكِ؟ ولا تقولي لي كلام المثاليات الذي اعاده على كل من اعجبته ورأها.. وابنك؟ لمَ لم يريد أي ابناء؟ والحادثة الأخيرة كانت تبرهن على كل شيء طلبوا منه الوشاية بأصحابه، تعتقدين من أصحابه المجاهدون؟ افيقي يا عزيزتي اصحابه أناس آخرون متخفون يعمل كلٌ منهم في منطقة ويجمعون النقود التي يحصدونها عند أحدهم.
هيفاء"وهول الصدمة اسدل ستار الدموع على وجنتيها": لا استطيع أن أصدقكِ.
الفتاة: لا تصدقيني الأمر راجع لكِ ولكنه يجمع هذه النقود من فترة ويريد السفر بها لأمريكا ليبدأ حياته ويعيش شبابه أتعتقدين شاباً بوسامته وذكاءه سيدفنه على هذه الأرض؟ وعندما عرفوا بأنه سيرحل ويتركهم بحثوا عنه حتى وجدوه وطلبوا منه أن يبلغ عن بقية أفراد مجموعته الذين سوف يقومون بهجرة جماعية لأمريكا بعد أن سئموا الخيانة بمعنى آخر بعد أن جمعوا ما يكفي من النقود.
هيفاء"وكل مواقف الخيانة التي تعرضت لها أصبح لها تفسير": لا مستحيل..لمَ يفعل كل هذا بي؟ لمَ؟
الفتاة: من رأيي إذا ما جاء لكِ بلغي عنه إنه خطير يا هيفاء، وإذا لم تصدقيني تعالي لأريكِ زوجي.
"تبعت هيفاء تلك الفتاة لأروقة مهجورة ولحارة بعيدة حتى وصلت إلى المنزل وبخوف دخلت وراءها فأغلقت الباب"
هيفاء" برعب": لمَ؟
الفتاة"بابتسامة":لا تخافي أغلقت الباب فحسب يجب أن لا تخشي مني بل من زوجكِ.
"دخلت إلى الغرفة لترى شخصاً قد هشمت وجهه ألوان العذاب الذي صُب عليه"
الفتاة: عزيزي هذهِ هي هيفاء.
الرجل: الهي يعينيك على ما ابتلاكِ إنه حقاً شيطان.
هيفاء" وقد رثيت لحال الرجل":وكيف بي أن أصدقكم.
الرجل: وما الداعي للكذب عليكِ؟ وأنت تعلمين أني قد خرجت من الأسر البارحة.
هيفاء: وكيف أصدق هذا؟
الرجل: ألم تكوني بتنورتكِ الوردية؟
"فتحت هيفاء عينيها غير مصدقة هذا ما أثبت لها أنها لم تكن تقضي وقتها إلا مع خائن مع نذل"
هيفاء"وهي تمشي بسرعة": عليّ الذهاب..

"راحت تمشي وهي تدوِر تلك الأفكار برأسها وبيدها طفلها حتى وصلت للمنزل"
أم أيمن: مفاجأة يا حلوتي ستبدد كل همومكِ.
"دخلت هيفاء للداخل وهي تعلم أنها ليست حمل مفاجآت جديدة...رأته نعم إنه هو بطوله بعرضه بشحمه ولحمه بنذالته وحقارته"


يتبع..
:ghost:

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:30
"حاول علي المقاومة لكن انفاسه كتمت بمخدر نقله إلى عالم النوم..حُمل بتلك السيارة إلى ذلك المكان البعيد واستيقظ قبل الوصول بثوانِ معدودات وإذ به يلقى نفسه مقيد الجسد والبصر أُنزل من تلك السيارة وفك قيد بصره وإذ به يراها تبتسم له ومن ثم تبتسم لرئيس الجند ويسلمها حقيبة فتشكره"

علي"وهو في قمة الصدمة":هيفاء ماذا تفعلين هنا؟
هيفاء: أنت من اوصلني إلى هنا..
علي: أنا؟ كيف؟ وهل ما حدث يخولكِ لأن تخوني الثقة فتبلغي عني؟
هيفاء: لا استطيع أن أقول أكثر مما قلت يكفيك تصنع فأنا عرفت كل شيء ولو لم اسلمك إلى هنا لقطعتك بأسناني.
علي: هيفاء أنا علي حبيبكِ....زوجكِ ألا يعني لكِ هذا شيئاً؟
هيفاء: امممم دعني افكر..لا لا يعني لي شيئاً والآن حان موعد رحيلي، إلى اللقاء يا كابتن ولربما نلتقي قريباً.
"وهي راحله فمرت بجانب علي"
علي: هيفاء توقفي... ارجوكِ لا تفعلي بي هذا لا أصدق أنكِ من بلغ عني...هيفاء مالذي يحدث لكِ؟ هل أنت ثملة؟
هيفاء"وقد التفت له وبعيونها دموع الغضب": نعم ثملة لقد اسكرتني افعالكَ المريعة جعلتني لا احس ولا اشعر هل أنت سعيد الآن؟ هل حققت ما تريده يا الهي لا اصدق كم احببتك وعشقتك وفي النهاية تكون أنتَ الخائن.
علي: عن ماذا تتحدثين أنا لم أفعل شيئاً بهذا السوء أنا أيضا عشقتكِ..
هيفاء"وقد اغمضت عيناها": لقد اكتفيت بأكاذيبكَ اسكت حتى لا تهتز صورتك امامي أكثر مما فعلت.
"و التفت ماضية في الطريق وهو يصرخ من كل اعماق قلبه وجوارحه تنبض بأسمها والجنود يمسكون به من كل جانب"
علي: هيـــفاء أنا لست كذاباً أنا لست خواناً
"توقفت فجأة ثم عادت ادراجها له مسرعة واحتضنته بشوق كبيــــــر وهي تبكي ثم تراجعت خطوة"
هيفاء: آسفة لا استطيع أن أصدقك ولكنني لا زلتُ أحبك.. يا ليتني لم اكتشف أنكَ كذبة.
"ثم خلعت الحرز الذي اعطته اياها خالتها وعلقته على صدره"
هيفاء: أنتَ الآن من هو بحاجة للحماية.
"ثم راحت تركض مسرعةً تهرب من ذلك المكان، ولربما اعتقدت انها هربت من ذلك الماضي ولكن ليس كل ماضِ يسهل نسيانه، كان صوته لا زال يلاحقها وهو ينادي بها رجاء أن تعود رجاء أن تصدقه، وهو يحاول أن يفك نفسه من أيدي الجنود الذين احتشدوا لكبت قوى الحب التي تدفعه لكسر كل الحواجز التي أمامه فخلص نفسه منهم وراح يركض فأغلقت البوابة في وجهه فوقف عندها وهو يحتضر"
علي"وهو يبكي": هيفـــاء..هيــفاء
"كانت لا تستطيع أن تسمع المزيد فركبت تلك السيارة ورحلت هي الأخرى"

الجندي: ماذا يا علي؟ لم نعرفك ضعيفاً هكذا..أأضعفك الحب...هاهاهاهاهاهاها
مسكين يبكي كالفتيات الصغيرات، ماذا تريد أن نفعل لك أتريد حلوى؟ هاهاهاهاها
"وضحك الجنود كلهم...كان بعلي غضب يكفي لأحراق الأرض وما فيها فكيف بهذا وهو يسخر منه، فأنقض عليه علي وبكل قوته فجعل جميع همومه التي وقعت على رأسه تحطم رأس ذلك الجندي، وعبثاً حاول الجنود تخليصه منه ولكن علي كان كالبركان الثائر.. ضُرب علي من عدة جهات ولكن ألمه الداخلي كان قد شل كل احساسه فأضحى لا يحس بشيء... لايحس بضربات الجنود المتلاحقة ولا بقطرات دمه المتناثرة هنا وهناك حتى اغشي عليه...سُحب بكل وحشية وألقي في سجن انفرادي هادئ وساكن لتعب ساكنيه الذين لا يقوون على الكلام...بسط حطام جسده في تلك الزنزانة وراح في نوم عميق......استيقظ في اليوم التالي على زماجر الجنود وضرباتهم المتتالية على جسده لينهض، أخرج الأسرى مقيدين.... هنا في هذا المركز خبئت آلاف الاسئلحة المتنوعة، هنا توجد المعتقلات التي تضم أخطر المقاومين، هنا النخبة من الجنود. خرج علي بتعب شديد يعلو وجهه...توالت الصفعات على وجهه ثم رُبطت يداه وجُلد على ظهره وقطرات العرق تتساقط على جروحه فتحرقه وتدميه"
الجندي: أليس هذا هو حد الارهاب الذي يحث به اسلامكم؟ فلتذقه يا ارهابي
" لم يكن علي بمزاج يسمح له بأن يرد عليه، لم يكن بمزاج يسمح له حتى بالتأوه والألم كان في عالم آخر من الآلام، ألم الفراق... سُحب بعدها إلى حرّ الهجير وبقي مصلوباً تحت هر الهجير والشمس تشعل لهيبها بكل جزء من أجزاء جسده...ثم يُوزع المعتقلين على أرجاء المركز تحت العناية الشديدة لينظفوه، فتارة يكون لعلي تنظيف مركز المراقبة وتارة السكن اليهودية هناك وتارة البوابة الرئيسية وتارة أخرى كان ينظف مخزن الأسلحة، وبهذا الروتين اليومي أنقضت الأيام والأسابيع وهي تنحل جسده أكثر وأكثر....وفي يوم من الأيام بينما كان بزنزانته بشفتيه المزرقتين ووجهه الأصفر وجسده الممزق ألقى بنفسه على الأرض وأخذ يراقب سقف الزنزانة وعيونه لا تزال على حالها...عيون العاشق الولهان...ثم بدأ بإنشاد قصيدته"

على جدران أسري اسطر احرف ألمي
أخط حروف العشق عليه بقطرات دمي
أُضرب وراء هذهِ الجدارن وتنتهك كرامتي
أقيد وأحبس بسلاسل العذاب السرمدي
لكن صدقيني ما آلمني ذلك ما آلمني
اتعرفين مالذي آلمني حقا؟ًاشتياقي لكِ و تلهفي
جوى وعشقٌ وهوى كتًمتُه بين اسطري
فيا أميرتي متى اللقيا متى؟هل حان الموعدِ؟
ويا فراش الحب أخبريني هل بخير هي محبوبتي؟
ويا طيور السلام القي بسلامكِ على وردتي
فيا حزيران ويا تموز ويا آب مُر فالانتظار ملني
شغفي بكِ يا سيدتي قد نزفت به جوانجي
فارحمي حنيني الذي كُبتَ بين أضلعي
وطيري لي مثل حمامة تحمل الحب للحبيب الأولِ
تلمه تلثمه تسقيه شهد الحب ليرتوي به قلبه الميتم

"صمت ثم تلاشت تلك الأبتسامة التي ارتسمت على وجهه وتلاها بكاءٌ شديد...كان حالها لا يقل عن سوء حالته فقد اعياها الفراق وذابت عيونها لكثر البكاء والنحيب الذي كان يرافقها كل ليلة كانت ترى في عين محمد زوجها علي فلا تعلم أتبكي أم تفرح..."


يتبع...
:wink::disillusionment::sorrow:

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:30
الجـــزء الأخير

"مرت الأيام وإذ بليلة تصاعدت فيها أصوات إطلاق النار من ذلك المركز...فابتسم علي في زنزاته ووقف بألم"

رئيس الجند: مالذي يحدث وكيف وصلوا إلى هنا؟ ألي هذا المكان مخفي؟

"تعود الأحداث في ذاكرة علي وهو يسمع هذا الكلام أتذكرون حينما كانوا يخططون لغزو المركز العسكري هذا هو نعم هو بعينه، أتذكرون حينما كان علي يتلو قصيدته في آذان هيفاء ماذا حصل في العشر الدقائق قبل وصول الجنود؟...هذا ما حصل"
هيفاء"وعيونها ملئ عينيها": حبيبي علي هل تخاطر بحياتكِ من أجلي؟
علي: ماذا أفعل بكِ أحبكِ يا مجنونة.
هيفاء: لا وقت لهذا الكلام ثوانٍ ويصل الجنود إلى هنا....اسمع يا علي هناك إمرأة أتت وأخبرتني بأنك خائن وبأنك عميل سري اسرائيلي فلابد أنهم يخططون لشيء.
علي: يبدو أنها خطتهم الجديدة
"وقف لبرهة يفكر ثم قال"
علي: اسمعي يا هيفاء أنا سأختبئ، وأنا أعلم بأن الجنود سيعتقلونكِ للعثور على إجابات وأنت مثلي عليهم دور المخدوعة وبأنني النذل الذي خنتكِ حتى يصلوا إليّ ولكن اطلبي منهم الكثير من النقود لتسليمي فنحن نحتاج له من اجل هذهِ العملية.
هيفاء" باستغراب": لماذا؟
علي: أنتِ لا عليك ولكن نفذي الخطه.
"رحلت هيفاء وحدث ما حدث وانطلت عليهم الخدعة واخذت النقود ليؤمن المقاومين الاسلحة والأدوات الطبية اللازمة"

" عاد علي من موجة الذكريات التي تذكرها وهو يبتسم ويكاد ينفجر ضحكاً على نجاح خطتهم.....تم اختراق البوابة الرئيسة وتم تعطيل أجهزة المراقبة وتم الاستيلاء على مخازن الأسلحة ولكن كيف؟....أتذكرون الحرز الذي علقته هيفاء على صدر علي كان عبارة عن جهاز ارسال واستقبال، كان علي وكما تعلمون ينظف بين الحين والآخر أماكن متفرقة من المركز فكان يرسل اشارات للمقاومين بكافة المعلومات عن هذا المكان حتى رسموا خريطة تصورية للمكان والأجهزة الالكترونية المستخدمة.... وفي يوم من الأيام وضع علي جزء صغير من الحرز في مركز المراقبة بينما كان ينظفه كان كفيل بأن يشوش الارسال في هذه الغرفة حين اختراق المركز هو ليس حرز عادي وإنما تصميم سمير المجاهد العبقري...نعم كانت هذه القصة وهذه هي القضية خطة من أجل القضاء على ذلك المركز....وبينما هو مستغرق في الذكريات فُتحت أبواب الزنزانات وخرج علي يحمل أشواقه ولهفته، يعلم أنها ستصر على المجئ وكانت هي من بين طلقات الرصاص والمواجهات الساخنة تلف عينيها الميتمتين بالحب يمنة وشمالاً تبحث عن حبها المفقود حتى تلاقت الأعين على بعد مترين ولربما ثلاثة..."
هيفاء: عــــلـــي
علي: هيـــفاء
"وراح الأثنان يركضان ودموع الشوق على وجنتيهما وانفاس اللهفة تسبقهما حتى بقيت آخر خطوة وإذ بطلقة صاروخية كان صوتها مميزاً بين تلك الطلقات أطاحت بجسده بين اذرعها ووسط دهشة وصدمة كانت لا تستطيع أن تصدق بأن طلقة قد اخترقت قلبه في هذه اللحظة فسقطت على الأرض وبحضنها رأسه وراحت عيونها تبكي وتبكي وصوتها كُبت من هول الصدمة"
هيفاء: ع علي..لا تقل لي أن بعد كل هذا العذاب سترحل " واسترسلت بالبكاء والعويل" علي رُد عليّ يا حبيبي أنت لست ميتاً أليس كذلك؟ اجبني يا علي ما كنت قد تعودت منك الصد وأنا أحدثك..علــي لااااااااااااااا
علي" وقد فتح عيناه بصعوبة بالغة: ا اعذريني يا هيفاء ليت ربي أمهلني لحظة حتى اضمك لصدري ولكن هذا قضاءنا وقدرنا.
هيفاء"وهي لا تزال تبكي": علي أنت بخير الآن سوف أنادي أحد المسعفين لينقلك للمشفى.
علي: لا يا وردتي أنا أعلم بأن هذه الدقائق هي آخر لحظات عمري فدعيني اقضيها بين يديك.
هيفاء: لا، لا يمكنك ذلك يا بدري الساطع كيف أعيش من غيرك وأنت شمعة دروبي؟ كيف ابصر وأنت لا تمسك بيدي؟ كيف تموت وتترك ولدك؟
علي" وهو يبكي بحرقة": قبلي ولدي يا هيفاء واخبريه كم أنا أحبه.
هيفاء: لا يا علي لا أنت لن تموت ستعيش عدني بذلك هيا..
علي:لا استطيع أن أعدك يا حوريتي أنا آسف ولكنني أخترت مسبقاً أتذكرين عندما خيرتيني لأختار مابين الموت على صدرك أو الموت فوق دفاتر اشعارك؟ وها أنا اخترت الموت على صدرك...
هيفاء"وهي تصرخ بألم": يا ليتني أُحرقت قبل أن أراك تموت يا ليتـ
"رفع علي يداه بصعوبة ووضعها على فمها"
علي: يكفي يا هيفاء قلبي الجريح لن يحتمل المزيد من الآلام وكما تقولين استمتع بلحظة الحب فقط ولا تفكر بأي شيء.
"رفع علي رأسه حتى أوصل فمه بالقرب من فمها فاحتضنت شفتاه شفتيها بكل حب وهيام كان كل ما في اعماقه من عشق وجوى وما في اعماقها ينبض بين هذه القبلة..حتى احست هيفاء فجأة بأن شفتاه توقفت عن الاحتضان وراحت مبتعدة كما هي روحه"
هيفاء" بصراخ": عــــــلـي لا، يا عزيزي لا تمت لاااااااااااااا
"وهي تهز فيه ولكن لا أمل يُرجى فالروح قد صعدت والألم بقى في قلب تلك المسكينة...وضعته بين احضانها وهي ترثيه"

قُتل اليوم حبيبي قُتل بين الأحضان
قُتل فسأشتاق لروعته لأحضانه والحنان
ستبقى لياليّ موحشة بعده سأبقى كالظمآن
فقدت نبع الهوى الذي يسقيني فتهت بين الطرقان
قتل بين يديّ، يا رب من الجاني من الجان؟
أهو اسرائيلي حقير سلب منا حق الأوطان؟
أم ملك عربيٌ اسكره شرب الأطنان؟
أم شعب عربي غافل قد باع كل الأديان؟
فيا اسرائيلي ويا ملك العرب تفضل اسكب في الكاسان
نبيذ دم زوجي وألمه، معصور فوقه حبة رمان
واشرباه هنا بيني وبينه وفوق كل هذه الجثمان
وانسوا اجتماعات الجامعة العربية فلعلكم تناقشون فيها العلكة والبان

"استشهد علي في تلك الليلة واعلنت الدنيا كلها حدادا عليه فلا طير يغرد ولا عصفورة تشدو بل صمت الكون بأسلوب رهيب حطم كل معاني الحزن ووضع مفهوماً جديداً له"

والآن وقد ختمت قصتي والتي قد لا تعجب بعضكم نهايتها ولكنها واقع يحدث وواقع مؤلم ولكن الأهم من أن تعجبكم هي أن تؤثر فيكم وأن تلمس مشاعركم ولو بالشيء القليل لا أريد منكم أن تنهوا قصتي وأنتم تشربون علب "البيبسي" أو تتناولون وجبة سريعة من "ماكدونالز"، أريد لقصتي أن تغير اتجاهات تفكيركم قد يكون ما تفعوده لا يتعدى الدولار ولكنه بالنسبة لأسرائيل الكثير لا تكونوا أنتم الرصاصة التي قتلت علي....وختاماً ألا تعتقدون بأننا لا نرتقي ولن نعلو إلا إذا غسلنا شوارعنا من سموم بثها الأعداء بيننا فهذا شيعي وهذا سني لن اتعامل معه، وهذا درزي وذاك مسيحي لهذا هو يتصرف هكذا يكفيكم بحق يكفيكم ما يجري إلى متى نكره بعضنا لأن أحد من الطائفة الفلانية قال هكذا؟ هو لا يمثل الطائفة كلها عندما يقول هكذا..ولمَ نكره هذهِ الطائفة لأن احد رموزها قال هكذا؟ وهو لا يتكلم بلسانهم كلهم أصلاً فلنرتقي عن هذه التفاهات أنت مسلم وأنا مسيحي ولكني عربي وأنت عربي ولا شيء آخر يهمك..والآن ماذا هل تعتقدون علي مسيحي أم سني أم شيعي أم درزي؟ هذا لا يهمكم صحيح لأنكم أحببتم علي الأنسان لا معتقداته وديانته حتى أنها لا تهمكم فلنعش هكذا متحابين أخوة وأنا متأكدة بأننا سنرتقي وأثق بأنه لا يزال هنالك عرب لا زالت العروبة تسري في دمهم...واتمنى بأن رسالتي لكم وصلت..

مع تحيات كاتبة الرواية
الفردوس
محبتكم دائماً

.
.
.
.
.
وهكذا أكون قد اتممت مهمتي بالنقل لهذه الرواية المذهلة لكاتبتها المتألقة : الفردوس

تحياتي

وحداني ذوق
10-06-2013, 04:31
انتـــــــــــــــــــــــــــــهئ