PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : حمى



meriembannour
19-02-2013, 20:25
بحثت على مدى البصر عما يوقف حمى التفكير وإنصهار المبادئ ولكن كل الأبعاد تذوب و يضيق الأفق عن خيبتي وجنوني. إن أتحر عن الاسباب ، أجد لي منها فيضا، وإن أتصفح أوجه الأحداث ، أدرك منها الكثير، ولي في هذا الكم ما أشتهي من التفاهة والغباء، وما أبتغي من من القيمة والسناء. ثم بعد البحث والتحليل، والدرس والتعليل ، تتلاشى كل الأسباب، ونمحي الأوجه، ويضمحل كل كيان ، فيبقى العدم وحده قائما وشاهدا على المهزلة، عبث المأساة مهزلة ...
لكل شيء بداية، وبدايتها صرخة فبكاء ، فحب وعطف وحنان. يبنى لك كون أنت فيه الملك، وتتعلم أن تكون فيه الملك، وينزل العالم عند قدميك، فأنت الملك... كل ما في الدنيا يشعرك بأنك الأهم، كيف لا ، فإن أنت شعرت به خلقته، فأنت منتهى الادراك، ونهاية الحس وأصل الكينونة... هكذا تبدء طريق المعرفة،ثم يتلقفونك ويدرسونك، ويعلمونك، و يصبغون أفكارك، ويروون لك التاريخ ويزيفونه ، ويسطرون لك المستقبل، ويزينونه ، ويجعلون لك إخوة من غير ابيك وأمك، وأعداء من غير ضغينتك ونقمتك ، ويخيطون لك أثوابا من المبادئ ويبنون لك صروح القضايا ، ويمجدون وينزهون ، ويسقطون ويهدمون ... وفي نفسك، أنت غر غرير، ترى الدنيا بوضوح ، فكل ما لا تفهمه بديهي، ولا إختلاف فيه...
ثم تبدأ رحلة المعرفة ... تبحث في ماهية نفسك، وأصل وجودك، فإن كان وجودك قمة ما تدركه، فكيف يدرك الوجود ذاته، وكيف تفقه سر الكون؟ إن كان كل ما قد تدركه هو نفسك، تلك التي في حيرتك قد تتوه عنك، وتزداد غربتك عنها وتنسلخ منك، ولا ترى منها بعد ذلك إلا أطيافا، فهل لك من سبيل؟ وتنطلق بشهية مبهمة للبحث في ماهية الخالق قبل الخلق ، ولا ترى منه شيئا، ولكنهم قالوا لك، إن كل ما تراه له، وتصدق، فإنك، وإن لم تجبل على ذلك، تائه لا محالة، وليس لك من زاد في سبيلك إلا عقلك . و لمعرفته، تبحث في التاريخ، ولا ترى إلا زيفا وتحريفا ، فتصل هو حاضر لا يموت. وتتجه للحاضر وتقف عنده لتفهم، ولا تفهم. فإن كان أصل الحاضر في ماضيه، فياله من ضالم ذاك الذي لا يسامح من أخطء ، وإن كان أصل الآتي في حاضره ، فياله من متساهل ذاك الذي يمنح من لا يستحق ... ثم تترك الأزمنة، وتسأل عن الخير والشر وتتحرى فيهما، فلا تفقه شيئا، فهما متكاملان متحابان، متزامنان ملتزمان ، لا يكون احدهما بدون الآخر. وإن لهما تشابها في ألوان والحروف ، وإن لهما تناصفا في الأحوال والظروف. هما يمرحان ويلهوان بنا، فترى الخير ضالما بقدومه، وترى الشر رحيما برحيله... فلا تفهم ولن تفهم ... ثم تقول ، صنعة الله فينا قدره، وما إن تنبس بها، حتى يهيج أمامك نور يذهب البصر، ويقدر عليك إن تتلمس طريقك تائها باحثا في معانيه، ذاك الذي لا يقارع ولا ينازل. وإن تتمسك به، وتتشبث وتستمت ، يجبك ويرم لك فتات المعاني وبعض الوضوح، فتشرق بالدمع باكيا على ما مضى من عمرك في فهم ما لا يزيدك علما ولا عمرا، وتمضي حسيرا كسيرا . ولكنك تؤمن، بعد هذا، تؤمن؛ فهو الذي تنزه عن خيباتك في عدم معرفته، وهو الذي سحرك عطره، وضللت تعبق من شذاه في كل طريق سلكته، ثم ترى طيفا من السكينة . مرارة وسكينة

orrora
26-02-2013, 11:42
حجز،،

لى عودة بإذن الله ^^

عدت من جديد ^^

صديقتى..

ما أجمل سطوراً خطها قلمكِ العذب!

رحلة رائعة، حول مراحل الحياة..

فلسفة رائقة..

بديع أن نتفكر فى الكون، فى سر الحياة، فى خلق الإنسان..

فهذا كله كفيل بأن يُعلمنا عظمة الخالق، وروعة ما خلق..

حبذا لو أنكِ راجعتِ كتاباتك قبل نشرها،

فهذا يضمن لكِ حروفاً خالية من الأخطاء ^^

بانتظار جديدكِ إذاً..

دمتِ فى حفظ الرحمن..

أسيـرة الأمل ~
26-02-2013, 13:48
قد قال جلا علاه : " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً "

الوجودُ وَالفناء ..
الخير وَالشر ..
الماضي وَالحاضر ..

وَالذات وَسر الروح ..

تناقض وَترادف ..
نعيشه وَنتعايش معه ..

حمداً لله إذْ جعلنا مسلمين ..

وَتلك الحمى تُصيب الجميع !

جميلٌ همسك ..
راقٍ حرفك ..
بديعٌ كَلمُك ..
سعيدةٌ بك ..

شكراً لك ..





دمتِ بود

((رنين )
26-02-2013, 17:04
كلامك اختي اكثر من روعة جميل جدا مبهم قليلا لكن لذته في ابهامه
طرح ممتاز جمل متناسقة حقا الوصف لا يعطي كلماتك حقها عزيزتي
تقدمي هذا وقتك وزمنك والريح معك الى الامام
شكرا لك قراءة النص اكثر من مرة لاعجابي به :redface-new: :star: :tennis: :smile-new: :tears_of_joy:

meriembannour
27-02-2013, 17:46
شكرا لكم جميعا ! تسعدني بصدق تعليقاتكم، و بالنسبة للأخطاء، سأتحقق من النص في المرة القادمة، خاصة أن لوحة الكتابة عندي بحروف أعجمية مما يسهل الوقوع في هذه الأخطاء. دمتم بخير و محبة

شموخ قلم
02-03-2013, 01:17
صرخة للمجد بأسلوب أنيق ووصف مميز لها أبعاده اعجبني كثيرا مانثرت من دور اتمنى لك السعادة ودمت بحفظه