PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : حَيْرَةُ حَلِيْم ..



theboss911
02-01-2013, 09:21
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1876851&stc=1&d=1371593548

.
.
.. حَيْرَةُ حَلِيْم ..
.



لقد غُيِّبت شمسُ المشاعر في الظهرِ ..
وأُغرِقتِ الأوزانُ في لجّة البحرِ ..


فما عاد لي حرفٌ يُطيعُ ولا يدٌ ..

تخطُّ إذا ضاقتْ بآلامهِ صدري ..


كأنّيَ في علمي جهولٌ ولا أعي ..
وأنّيَ في جهلي فخورٌ بـ لا أدري ..


وأنّيْ إذا أقدمتُ للموتِ خاسراً ..

وأنيَ إذْ ولّيتُ في قمّة النصرِ ..


يدور بعقلي ما يدور لعاقلٍ ..
وقلبيَ من ذِكرِ الصبابة في سكرِ ..


أحبُّ ولكن لا أحبُّ ، ولا أرى ..

من الحبِّ إلا طاهر الحبِّ والعذري ..


رأيت وكل الناس مثلي يرون ما ..
يمرّ على العينين في أغلبِ الأمرِ ..


وما ظنّ مثلي إن رأى من حجابها..

سوى أنها نورٌ تلفّع في طهرِ ..


فلا هي شمس في السما حين أقبلت ..
ولا هي مسكٌ إن ظننت من العطرِ ..


ولا هي وردٌ في نضارة لونهِ ..

وليست بياقوتٍ وليست من الدرِّ ..


ولما تبعتُ مشاعري وتبعتُها ..
كأني بها فرِحت وفرّت من الذّعرِ ..


تصبّرتُ عند الباب والجهدُ خائرٌ ..

من الطّرقِ حتى كادَ ليليَ أن يسري ..


أجيبي ولو بالصّمت لا تخذلينني ..
وردّي لحيرانٍ هداهُ بلا عسرِ ..


فلو كان من أمري لما كنتُ ههنا ..

فلا تجزعي إنّ الهوى ليس من أمري ..


فإني على الضراء جَلْدٌ وصابرٌ ..
ولكن على عينيك ما طاعني صبري ..


وإني لأفْرَقُ إن بدا ليَ باكياً ..

فكيف إذا أقبلتُ بالأعين الحمرِ ..


رضيتُ لنفسي أن تَرِقّ لساعة ..
عسى بعد عسرٍ من لظى الأسرِ لليسرِ ..


عذرتُ صدوداً في هواها وجفوةً ..

فمن ذا إذا قصّرتُ سارع في عذري ..




----------------------------------------------------------------------------------------------

رأيكم وانتقاداتكم تهمّني ..
^_^
مع التحية ...

*طيف أميرة*
02-01-2013, 13:02
:nonchalance:

أكيجينو
02-01-2013, 13:45
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,


كأنّيَ في علمي جهولٌ ولا أعي .. وأنّيَ في جهلي فخورٌ بـ لا أدري ..


لك في كل عودة بنص جديد , تميز آخر
مني إشادة بنصك , ودعوة بالتوفيق
حفظك الله ..

القاتله الحساسه
02-01-2013, 16:07
كنت أتسأل لماذا لاتكتب

أيعقل أن مهمة مشرف يعني قتل مابداخلك من مشاعر

أين الهوايات تذهب عندما يغرق الإنسان في العمل

ولكن بهذا النص أجبت أجابة واضحة

يسرني أن أرد على هذا النص لأكبر عملاق شعر

ماشاء الله حطيت العشماوى في كمك

إذا تنقطع عن الكتابة فترة ....وترجع تكتب درر

خليك مقطوووع دائماً

بهذا النص وصلت للقمة

لكن ماراح أعطيك وسام

لأن ماني مسؤولة عن الأوسمة

تحياتي لك وإحترامي

تقبل مروري واعجابي

mas1king
03-01-2013, 08:29
حجز لا أعلم متى سيفك :نوم:

~ يثبت ~

orrora
03-01-2013, 17:25
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لله درك من شاعر ..

لقد أجدت كأروع ما تكون الإجادة..

وأبدعت كأفضل ما يُعرف من الإبداع..


لقد غُيِّبت شمسُ المشاعر في الظهرِ .. وأُغرِقتِ الأوزانُ في لجّة البحرِ ..

تلك المتناقضات رائعة بحق..

فأى شىء يجعل الشمس أياً كانت تغيب فى الظهر؟

وأى شىء يُغرق الأوزان فى البحر؟

شىء جلل ولا شك..

مطلع مميز، لقصيدة رائعة..


كأنّيَ في علمي جهولٌ ولا أعي .. وأنّيَ في جهلي فخورٌ بـ لا أدري ..

رائعة تلك ..

رغم نسبتها إلى شخص واحد، إلا أنها تصلح حكمة بديعة تصف جل بنى الإنسان..

رائع ما خطه قلمك..

تماماً كما دوماً عهدنا..

مبارك عليك التثبيت..

ومبارك علينا القراءة..

فى حفظ الرحمن..

جثمان ابتسامة
13-01-2013, 12:00
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

ثمة نصوص تربك مشاعرنا و حروفنا ، فتجدنا نقف بصمت و حيرة

فأي معنى من مفردات الجمال يمكن أن يصف ما يُخالجنا بدقة ؟

كبيرُ أيها الزعيم بقلمك ، و حروفك ، و حكمك ، و مشاعرك ..

من روائع ما قرأت .. ما شاء الله تبارك الرحمن


ولا هي وردٌ في نظارة لونهِ .. وليست بياقوتٍ وليست من الدرِّ ..

عذرا .. أكنت تعني هنا " نضارة " ، أم قصدت فعلا كلمة نظارة ؟؟

قُطن !
19-01-2013, 01:48
* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

رائع ما قرأت .. يستحق التثبيت بِـ جدارة ..

حاولت الرد بلباقة ..
لم أستطع سوى الشكر .. عسى أن يكون بِـ لطافة ..

فحقا ... ما قرأت هنا غاية في الجمال ..

شكرا لك كثيرا .. أمتعتنا بالقراءة فقد راق لنا ما كتب هنا ..
أول ما قرأناه لك هكذا في الجمال .. فما عسى القادم أن يكون ..!
فقط أنتظره .. بِـ شوق ..

تقبل مروري ~

theboss911
11-03-2013, 09:08
لكم شكرٌ مُجمل ..

كبيرٌ بقدركم ..

حقاً أسعدتني ردودكم هنا ..

وفي التفصيل توضيح لمدى سعادتي ..

وأعتذر إن تأخرت به ..

ولكنه سيأتي إن شاء الله ...

Јeaη Valjean
19-04-2013, 03:07
السَلامُ عَلَيْكُم أخِي الكريم theboss911
أرجُو ألا يَكُون فِي ردّي إزعَاج أو إطَالَة ولَكِنْ أحْبَبْتُ إهْدَاء ردّي التَالِي لقَصِيدَتِك الراقِيَة حَيْرة حَلِيم .
ولِكيْ يَتَشَرّف رَدِي ونَقدِي بانضِمَامِه لقَائِمَة التَعْلِيقَات عَلى قَصِيدَة رائِعَة كهَذِه تَشْكُو مَاشَكَتْهُ الدُهُور مِن جَبَرُوت العِشق
فالحُبّ حَربٌ بلامُبارَزَة , يُقتَل الطَرفيْنِ فِيهَا ألْفَ مَرّة
يَفيض به الإحسَاس فيَمُسُه كُل حَرفٍ ويهُزّه كل هَمسٍ
بلْ إنّه يبعَث للعَفو مِرارًا وتِكرَار فيَحيَى صاحِبه بَعد كلّ طَعنة وإقرَار
فصَبْرُه جَمِيل مَريرْ

والجَميع فِي أرض الحُب قَدْ زُلْزِلُوا

وأعتَذِر مَرّة أخْرَى عَلى الإطَالَة لَكنْ حُبّي للحُروف والتَفاصِيل المَسطُورَة هُنا بعَثَنِي عَلى الإبحَار فِي تَذوّقِ النَص وكِشفِ جمَالِيّاتِهِ , وإنْ وَجَدْتُ مِنْكَ تَعلِيق أو توْضِيح أو تَصْحِيح أكُون بِهِ سَعِيدة :smile:

http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1851375&d=1366331164


حَيْرَةُ حَلِيْم .. (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=1049884)


لقد غُيِّبت شمسُ المشاعر في الظهرِ.. وأُغرِقتِ الأوزانُ في لجّة البحرِ ..
مَطْلَعُ القَصِيدَة يفْتَتِحُه الشَاعِر بوَصْفٍ مَعْنَويّ لمُحِيطِ مَشَاعِرهِ ولِكُلّ مَن يَجِد فِي القَصِيدَة مَايلْمِسُ ذَاتَه عَبرَ تجْرِبةٍ مُشتَركة الجَانِي فِيهَا وَاحِدٌ
واستَخدَم أسْلُوبَ التَضَادِ المُتَنَاسِب الذي يَعْكِسُ التَدَهْوُرَ الذِي حَصَل فغُيِّبَتْ الشَمْسُ فِي الوَقتْ الذِي كَانَ مِن الأجَدَرِ بَأنْ تكُونَ فِي أوْجِ السّطُوعِ فِيه وكذا الأوْزَان التِي أُغْرِقَت فيمَا هِي تَسْكُنُ فِيهِ !
وفِي ذَلِك تَعْبير رَفِيع فالحُب خُلِق للسُكون والأمان بحيْث تَكون الأمُور فِي أوْج العظمَة والإشراق لا الانتكاس
ونُلاحِظُ في الشَطْر الأوّل ذِكْر حَال الشَمْسِ "السمَاء" وفي الثَاني "البحْر" فشَمَل بوَصفِه المُحيطَ الأعْلَى والأدْنَى مَع لَفْتِ الانتِبَاه إلى أنَ المَقصُود بالبَحر هُو بَحرُ الشِعر والنَظمِ بدَلالَة نائِبِ الفَاعِل لَفْظِ "الأوزَانْ" .

استَخْدَم الفِعْلَ المَبْنِيّ للمَجْهُولِ ليُرَكّزَ عَلى الحَال الذي أصبَح فِيهِ وَيبْقَى التَسَاؤُلُ مَا السَببْ "الذي دَهْوَر الوَضْعَ وقَلبَ الأمُورَ عَن نِظَامِهَا" ! مَن الفَاعِل ؟
وَقد رَبَط الشَاعِر نَاظِمًا بمُوسيقَى ونَغَمٍ رَائِع مِن افتِعَال السَجَع بَيْن قافِيَة الصَدْرِ والعَجزِ فوَحّد الحَركَة والحَرفَ فِي الظُهرِ والبَحْرِ


فما عاد لي حرفٌ يُطيعُ ولا يدٌ.. تخطُّ إذا ضاقتْ بآلامهِ صدري ..
يَنتَقِلُ الشَاعِر فِي البَيْتِ الثَانِي ليَردف مِن بَعدِ الحَدَثِ رَدّة الفِعل بأجَلّ الأوْصَافِ وأدَقِّ التَعابيرعَمَّا ألَمّ بهِ
فالحُرُوفُ مِن بَعدِ طَاعَتِهَا انقَلَبتْ للعِصيَان والجَوارِحَ وَهي أدَاةُ الحِرَاك قَد شُلّت عَن تَقدِيم العَوْن !
وهنا إشَارَة مِن الكَاتِب للعَلاقَةِ الوَطِيدَة بَيْنَ القَلَم والمَشَاعِر المُلْهِمَة .
نُلاحِظُ "هاءُ الغيْبةِ في كَلِمَة آلامْ تَعُودُ لِمَا يَلِيهَا لاقَبلَها" وهَذه إحْدَى حَالاتِ التَقْدِيمِ فِي الشعْر لمُنَاسَبَة القَافِيَةِ والأصْلُ هُو "ضَاقَتْ بصَدري آلامُه" وتَقدِيم شبه الجُملَة أتَى وُجُوبًا لاتّصال الفاعِل "آلامُه" بضَميرٍ يَعُودُ عليْهَا .
وأُعَلّقُ هُنَا لاستِحسَانِي لاستِخْدَام الصَدرِ كفاعِل فَهُو الذي ضَاقَ إنّما الآلامُ أضاقَتْ
فأَقُول "تخطّ إذا ضاقَ بآلامِه صَدرِي" ومَعَ ذَلِك لا أعُدُه مِمَا يَعِيبُ فإنْ ضَاقَتْ الآلامُ بنَفْسِها فهَذَا كِنَايَة عِن كَثْرَتِها ويَدْعَمُ جَانِبَ الكاتِب فِي إيصَال حالَة البُؤسِ الذِي وَقع فِيه
والألفَاظُ تَسِع لإيصَال أعمَقِ المَعانِي بِحَسَبِ رُؤيَة القارِئ المُتَذَوّق.


كأنّيَ في علمي جهولٌ ولا أعي.. وأنّيَ في جهلي فخورٌ بـ لا أدري ..
وأنّيْ إذا أقدمتُ للموتِ خاسراً.. وأنيَ إذْ ولّيتُ في قمّة النصرِ ..
إعادة لأسلوب التضاد مما يوثق وصول عُسر الحال للقارئ بطرب وجذب للمَسامِع
فكَيْفَ يَتبَع الإقْدَام "أقدَمتُ" والشَجاعَة خُسْرانٌ ! وكيْف التوَلّي يُنعَتُ كذَرْوَةٍ للنَصْرِ !
بَلْ كَيْفَ يَغِيب الاستيعَاب في حَضْرَة العِلمِ ! وكيْفَ يَقتَرِنُ الفَخْرُ بالجهْلِ !
لَكِن فِي سَاحَةِ الحُبّ لا تبحَثّنّ عَن حِكمَة إذ ان الحِكمَة تٌفزِع الحُبّ فتُرديهِ وتقتُلُهُ فِي المَهْدِ وهَكذَا عَيْنُ الحُبّ والرِضَا كلِيلَة .

أجُدُ فِي البِيْتَيْن السابِقَيْن عُنصُرَ العُمْقِ في المَعنَى وبلاغَة الوَصفِ وجَمِيلِ الطِباقْ في الِعلم والجَهلِ والمُقابلة في الخسَارة بَعْدَ الإقْدَامِ والنَصْرِ بَعْدَ التَوَلِي

يدور بعقلي ما يدور لعاقلٍ.. وقلبيَ من ذِكرِ الصبابة في سكرِ ..
يَؤكّدُ الشَاعِر فِي شَطْرِه الأوّل مِن البْيتِ عَن يقَظَتِه وفِي الشَطْر الثَانِي يَسْتَثنِي القَلْبَ الذِي رَدّتْهُ الصبابة ألا وهُوَ الشوْق لِحَالةٍ مِن السكر
وهكذا كمَا يُقالُ في الحُبّ بأنّه يَجعَل المَرءَ مِن فَيْضِ المَشاعِر والعاَطِفَة التي تُناقِضُ العَقلَ بل قَد تكُونُ لَهُ نِدًا أقرَب للتغييبِ وكثرَة الشُرودِ.

أحبُّ ولكن لا أحبُّ ، ولا أرى.. من الحبِّ إلا طاهر الحبِّ والعذري ..
رأيت وكل الناس مثلي يرون ما.. يمرّ على العينين في أغلبِ الأمرِ..
يستخدم أسلوب الطباق السلبي في أحب ولا أحب , ولو تذوّق القارئ وتأمَل فيما يريد الكاتب إيصَالُه لوَجد فِي البيْتِ الثاني تَوضِحًا للأوّل
فيُشير بأنهُ يَرى مايَراه الناس في العَادَةِ إلا أنّ حَالَةَ الحُبِّ العَذرِي الطَاهِر قَد وَقَعَت وكَأنّهَا يدٌ خَفِيّة لامَسَتِ القلبَ بلا فِعلٍ مُباشِرٍ أو سَببٍ مُتجسّم غيرَ العفّة التِي تَرفَعُ المَرء درجاتٍ فِي دينِه ودُنيَاه ُفأيّ الإعْجَابِ وأيّ الوِدّ غيْر الودّ الذي تُنادِيه اسْتِقَامَة المبَادِئ وأيّ جَمَالٍ يَجْذبُ كجَمَال الخُلقِ ! فكمَا يُقال الطيّبُ للطَيّب والخّبِيثُ للخبيث , فموجبات الائتِلافِ هُنا مُشتركة بينَ الذِي رَأى والذي أبْدَى
ويؤكّدُ ذلِك البيتَ التالِي للكاتِب :
وما ظنّ مثلي إن رأى من حجابها.. سوى أنها نورٌ تلفّع في طهرِ..
خَاصَة فِي قَوْلِه ماظَنّ مِثلِي إن رَأى فِي حِجَابهَا أيّ المُشتَركُون فِي الخِصَالِ الحَمِيدَةِ الوَاضِعُون الأمُورَ فِي مَقامِهَا السَلِيم
وبِهّذا أحسَن الشَاعِر الرَبطَ بيْن أبيَاتِ نظمِهِ .
تلفّع تَعنِي تَغَطّى فكَما نقول تلفَّع الشَجرُ بالوَرَقِ أيّ اشتَمَل بهِ وتَغَطَى للدَلالَةِ عَلى الاحْتِشَام وفِيه تَشبِيه لهَا بالنُورِ أي الاسْتِقَامَة والصَوَاب .

فلا هي شمس في السما حين أقبلت.. ولا هي مسكٌ إن ظننت من العطرِ..
ولا هي وردٌ في نضارة لونهِ .. وليست بياقوتٍ وليست من الدرِّ..
يَسْتَخدِمُ الشَاعِر أسْلُوبَ المُبَالَغَةِ في نَفْيـِه في تَشْبيهِهَا فهي ليْسَت شَمْس حينَ تُقبِل فِي فَجْر يَطْرُدُ الظَلامَ ولا مِسْك ألا وَهُو أجوَدُ وأعْذبُ العُطورِ
وليسَت وَردَةٌ في قِمّة نَضارَتِهَا وازدِهَارِهَا ولا يَاقُوتٌ ونفى من بَعدِ اليَاقوتِ الدُرّ
وتكمن المُبالغة في أنّهُ اختَار أفضَلَ الأنْوَاعِ بلْ وأحْسَنَ الحَالاتِ للكَلِمَة المُرادِ التَشبيه بهَا
وهذا من جليل القول وبُلُوغ الوَصْفِ بالغَزَلِ مَبلغًا يَعنِي غَلبةِ المَمْدُوحِ فِي أجوَدِ مَا ذَكَر
همزة السَمَاءِ "السما" حُذفَت وهذَا من الضرورات الشعرية في قَصْرِ الممدُودِ .


ولما تبعتُ مشاعري وتبعتُها.. كأني بها فرِحت وفرّت من الذّعرِ ..
نجِدُ الصِياغَةَ في بدِيعِهَا فَفي "تَبِعْتُ مَشاعِري وتَبِعْتُها" فتِبعْتُ الأولَى هي الخُضُوعُ للمَشَاعِر والاسْتِجَابَة لَها وتبعْتُها فِي آخِر الشطْر أيْ سيْرًا خَلفهَا بالأقدَام .
أحِبّ أن أقتَرِحَ اسْتِبدَالَ الوَاوِ فِي "وفرّت" إلى فاء الدالّة على تتَابُع الأحدَاثِ "كأني بها فرِحت ففرّت من الذّعرِ" كذلك فمِنْ بعدِ أن أحسّتْ أنّه بهَا فَرِحٌ وتَتَبّعَها فرّتْ هِي مِن الذُعْر بحُكْم طَهَارتِهَا والفِرارُ يُعد استِشْهَاد غيْر مُباشِر يُوصِل فيه ِالكاتب مَعنى العَذريّة التِي سَبق وذَكرَها في الأبيَات السّابِقة .


تصبّرتُ عند الباب والجهدُ خائرٌ.. من الطّرقِ حتى كادَ ليليَ أن يسري..
تَصْويرٌ جَميل ترسُمُه الكَلِمات هُنا فمَا أن نَجَح فِي تتَبُعِها تَصَبّر عِند البَاب وكَلمَة تصبّرتُ فيها مِقدارُ مَشَقّتيْن , مَشَقّةُ التَتبّعِ والطَرْقِ ومَشَقّةُ دَعْوةِ النفسِ للصَبْرِ فهَذا هُو التصَبّر . وأثْنِي عَلى تَخّيُّرِ الشَاعِر للألفْاظِ المُعَبِّرة .
فكَانَ الجُهدُ "خائرًا" اسْم الفَاعِل مِن خَارَ أيْ ضعُفَ وانهزَمَ من الإجهَادِ .


أجيبي ولو بالصّمت لا تخذلينني .. وردّي لحيرانٍ هداهُ بلا عسرِ ..
ينتَقِلُ الشَاعِر لأسْلُوب المُخاطَبَةِ بعدِ المُتَكلِم , والخِطابُ هُنا لمُنَاجَاةِ الحَبِيبَة لا نِدَاءًا حقيقيًا بالأمْر فيَردفه كَلِمة بالصَمْت ورغم أن الصَمْتَ لايوصِلُ الصَوْت فإنّه مُناسبٌ للمُناجَاةِ فِي بدايَة البيْتِ
"لاتخذلينني" والصحيح هو لاتخذلينِي فالمُضارعُ مَجزُومٌ بحَذفِ النُونِ كَونُه مِن الأفعَال الخَمسَةِ التِي سَبقَها جازمٌ "لا الناهية" .

فلو كان من أمري لما كنتُ ههنا.. فلا تجزعي إنّ الهوى ليس من أمري..
فإني على الضراء جَلْدٌ وصابرٌ.. ولكن على عينيك ما طاعني صبري..
ثمّ ينهَى عَن الجزعِ وَالعتَب مِنها والعُذرُ هُوَ الهَوى والهَوى ليْسَ بيَدِ المَرءِ .
وهُنا يُبدِعُ في التعذّر للحَال فلم يَكُن يَومًا جَائِزًا مُحَاسَبةُ أحَدٍ عَلى مَالَمْ يَقتَرِفهُ مِن تِلقَاءِ نَفسِهِ
ثمّ يَعود بِبيْتٍ يدعمُ فيه ويُبرّر مَطَالِبَه بالنَهِي ويُشيرُ إلى أنّ لَه باعًا مِنَ الجلد والصَبرِ ولكنّ الصَبرَ فِي ذا الحَدثِ مَا طَاعَ وعَصَى أمَامَ جَبَرُوتِ العِشقِ
فَيَجمَع بيْنَ المُتَكَلّمِ والمُخاطَبِ .

وإني لأفْرَقُ إن بدا ليَ باكياً.. فكيف إذا أقبلتُ بالأعين الحمرِ..
رضيتُ لنفسي أن تَرِقّ لساعة.. عسى بعد عسرٍ من لظى الأسرِ لليسرِ..
عذرتُ صدوداً في هواها وجفوةً.. فمن ذا إذا قصّرتُ سارع في عذري ..

يكشف عن خِصال أخْرَى يَتمتَع بها مِن الرَأفَةِ وأنّهُ لا يَقْوَى أنْ يَرى بَاكِيًا فَيَشُدّ لمُؤَازَرتِه , وهُو الآنْ فِي هَمّ وحَالِ الباكِي فينتَظِرُ أنْ يَرُدّ لَهُ القَدرُ مَا قدّمَه ليَجِدَ مِنهَا مَاأعْطَى فِي حِينٍ مِن الرَأفَة
ثُم يُكرِرُ فِي البَيتِ الأخِيرِ خِصالُه وَكَمَا قد عَفَا وَأعذَر فأينَ لَهُ مِن عفوٍ وهل لَهُ بعذرٍ !

فبِرُؤيَتِي وتَذَوّقي أجِدُ فِي إعَادَةِ تَرتِيبُ البَيْتَيْن الأخيرَيْن مَزيدًا من التًسَلسُلِ بحَيثُ لايَفصِلُ بينَ البيتينِ الذَيْن تحَدّث فيهِمَا عَن خِصَالِهِ بالبيْتِ الذي أفصَح فِيه عَن آخِر السَبيل بالرجَاءِ وقَرارِه
فتكُونُ فِي آخِرِهَا:
فلو كان من أمري لما كنتُ ههنا.. فلا تجزعي إنّ الهوى ليس من أمري..
فإني على الضراء جَلْدٌ وصابرٌ.. ولكن على عينيك ما طاعني صبري..
وإني لأفْرَقُ إن بدا ليَ باكياً.. فكيف إذا أقبلتُ بالأعين الحمرِ..
عذرتُ صدوداً في هواها وجفوةً.. فمن ذا إذا قصّرتُ سارع في عذري ..
رضيتُ لنفسي أن تَرِقّ لساعة.. عسى بعد عسرٍ من لظى الأسرِ لليسرِ..

فيَحوِي البيْتُ الأخير عَلى خاتِمَة الأمَل المُرتَجَى ضامًا مزيجًا بديعيًا من الطِباق والجِناس فِي لَفظَيْ عُسْرٍ ويُسْر.

رضيتُ لنفسي أن تَرِقّ لساعة.. عسى بعد عسرٍ من لظى الأسرِ لليسرِ..
رَضِيْتُ لِنَفْسِيْ أَنْ تَرِقْقَ لِساْعَتِنْ - عَسَىْ بَعْ دَعُسْرنْمِنْ لَظَلْأَسْ رِلِلْيُسْرِيْ
//*/ //*/*/* //*/ //*//* - //*/* //*/*/* //*/* //*/*/*
فعول مفاعيلن فعُول مفاعلن - فعولن مفاعيلن فعول مفاعيلن
فيَكُونُ بِذلِك نَظْمُ القَصِيدَة يتّجِهُ للبحْرِ الطَويلِ


خِتًامًا
شَهِدْنَا تسَلسُلاً رائعًا في مُجريَات السَردِ للأبيَات وشمُول القَصيدة على الألْفَاظِ المُختَارَة بِعنَايَة لتُوصِل الشعُورَ لدَى القارئ في بَلاغَةٍ فخَالَطَتْ قوّة اللفظِ لُطفِ المتكَلّمِ وهذا بحَدّ ذاتِه إجادة فِي النَظْمِ والبيَان .
وكذا مِنْ بَعدِ احتِواء النصّ للخِصال الحمِيدَة التِي ذَكَرَهَا عن أطبَاعِه في الصَبر والجلد وترقيق النفس وبثّ الأمَل في الرؤيَة وأجدُ في ذَلِك ما دَعى الكَاتِبَ على تسْمِيةِ قَصيدَتِه بـ "حَيْرة حليمٍ"

فجُلّ التَقدِير لقَلَمِه الرَاقِي وحرفِه السَامِي









.

القصيدة بقلم : theboss911
النقد بقلم : الضوء المفقود

theboss911
09-05-2013, 11:17
الله ..

كأن الله اختار لي أن يكون ختام قصيدتي مسكاً ..

شكراً بقدر قدرك ..

والله أتمنى أن أقرأ كهذا النقد في جميع ما أكتبه ..

فـشكرا مجدداً ومع التحية ...

زين أبيها
28-06-2013, 10:18
ماشاء الله

شاعر

علمني :em_1f615: لأقارعك بقصيدة تجعل اي لفظ لغير الله ترف وقتي لا طائل من ورائه :e402:
عدت ^^

بيان وليد
30-06-2013, 16:55
رائعه جدا

النظرة الثاقبة
01-07-2013, 07:21
الله الله ..
انسكب البحرُ الطويل من بين يديك عذبًا , رقيقًا , عفيفًا
فبدى في ابهى حُلَّة , وأجملَ صورة
بوركتَ

theboss911
16-02-2014, 07:58
ماشاء الله

شاعر

علمني :em_1f615: لأقارعك بقصيدة تجعل اي لفظ لغير الله ترف وقتي لا طائل من ورائه :e402:
عدت ^^

ماكان لله فهو فوق رؤوسنا ، ولا شك بأن ما سواه عالة عليه ، ولكنها أهواء البشر فيما أباحه خالقهم العظيم ..

حييتِ ، ولو أنها جاءت متأخرة ..

^^"


رائعه جدا

وجودك فيها هو الأروع .. ^^


الله الله ..
انسكب البحرُ الطويل من بين يديك عذبًا , رقيقًا , عفيفًا
فبدى في ابهى حُلَّة , وأجملَ صورة
بوركتَ

لعلك السبب وراء هذا الرد المتأخر جداً ، فلم أنتبه للردود الجديدة إلا الآن ، يغفر الله لي ولكم جميعاً ..

ومن ذا الذي يستعذب الشعر دون إحساس مرهفٍ وذوقٍ رفيع ..

إشادتك وسامٌ أفتخر به ..^^

شكري وتحيتي ...

الصوت الحالم
23-03-2014, 17:41
سلام الله عليك و رحمته و بركاته

استمتعتُ بهذا النص الشاعري المنظوم جداً
لستُ أفهم في الشعر شيئاً لأنتقد أو أحلل

و لكنك نجحت في سلب شيئاً من عقلي جعلني أطرب بهذه القصيدة

بيتٌ فيها ذكرني بمثيل له في المعنى

تصبّرتُ عند الباب والجهدُ خائرٌ ..
من الطّرقِ حتى كادَ ليليَ أن يسري ..

يطابق بشكل ما هذا البيت من قصيدة إسماعيل باشا

طرقتُ الباب حتى كلَّ متني ... فلما كلَّ متني كلمتني

طاب شعرك و زاد قلمك تألقاً
بوركتَ أخي و أتمنى لك التوفيق