PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : فكرة..مشهد..قصة.. والوجه الآخر للبشرية



القائدة ياندي
22-10-2012, 08:59
لا يعتبر البشر بشرا في كل مكان أو حتى في أي زمان
لا يمكن اعتبار البشر بشرا في الوقت الذي لم يولد البشر فيه
بل لا يمكن اعتبار البشر بشرا في أحلك لحظات البشرية وأشدها قاتمة ودموية
ولكن ما البشر؟
وما الجانب الآخر الذي لم يره أحد بعد






ابنتا الشمس



-أليس هذا مثيرا للسخرية؟
رفعت نظرها بتعب نحو محدثتها الشقراء التي جلست أمامها بهدوء رغم التعب والإرهاق اللذين نالا منها هي الأخرى, الصمت سيطر على المكان بالكامل قبل هذه الجملة مما دفعها لتثبت نظرها على رفيقتها منتظرة إتمام هذه الافتتاحية, فهي لا تعرف حتى الآن إن كانت ستكون افتتاحية نحس أم خير
-أي سخرية هذه؟
حولت نظرها نحو شريكتها لتقول بهدوء غلفته المرارة الساخرة
-أننا سنعدم بعد نصف ساعة
رسمت هذه الجملة ابتسامة واهنة على شفتيها لتقول
-من قال ذلك؟
وأسندت رأسها إلى الحائط خلفها لتحدق في السقف الأسود مردفة
-لن نكون أول من يعدم في العالم
-ولكن المشكلة ليست في أننا سنعدم
وحولت نظرها نحوه صاحبة العينين السوداوين مردفة
-بل كيف سنعدم؟
ابتسمت الصهباء بخفة مستمتعة تعليقا على هذه الجملة لتقول
-تحت الشمس
أجبرت هذه اللهجة التجهم على اعتلاء وجه رفيقتها لتقول
-أتظنين فعلا أن هذا أمر مثير للابتسام؟
-ألا يبدو هذا لكِ مبتذلا, فمن غير العدل فعلا أن نقتل أسفل مصدر الحياة الأساسي على الأرض, إن هذا حتى إجرام بحق البشرية
-ليس فعليا
رمقتها الشقراء ببرود لتقول
-أأنتِ عاقلة أم لا؟
-لا يمكنني أن أؤكد هذا الجواب
عند هذا قالت بسخرية
-توقعت هذا
وعقدت يديها على صدرها بتجهم مسندة ظهرها للحائط بجوار رفيقتها التي ثبتت نظرها على الأسود الذي انتشر حولها لتقول بهدوء عاد إلى صوتها
-ليست المشكلة في أننا سنموت اسفل الشمس, فعلى الأقل هذا من وجهة نظري لا يعتبر فعليا موتا سيئا مقارنة بغيره, ولكن المشكلة الحقيقية هي هل ستحتمل الشمس متابعة هذا المشهد؟
أعادت هذه الجملة الهدوء ليسيطر على ملامح الشقراء التي قالت بنبرة أكثر اتزانا وهدوئا
-لا أظنها قادرة على ذلك
-وهذا هو سبب قلقي الحقيقي, فهل تظنين أنها ستسامحنا على إجبارها على مشاهدة هذا المشهد؟
ضمت الفتاة قدميها لصدرها لتقول محدقة بالأرض
-كلا, بل إنها ستلعننا حتى نهاية الحياة, نحن من سيجبرها على مشاهدة فظائع البشرية ودوامتها الدموية الخانقة التي لا يدرك المرء بالضبط ما سببها, أو ما الذي يدفع البشر لسلوك هذ النهج المقزز, هذا الطريق المغطى بالدم البشري والرؤوس الميتة والجثث المتناثرة هنا وهناك
-إنه أمر واضح وضوح شمس تموز يا عزيزتي
رمقتها الشقراء بصمت فهي تعرف جيدا ما هو سبب ذلك, تعرفه جيدا ولكنها لا تريد أن تعترف به حتى لنفسها, لا تريد أن تخرج كلماته حتى بينها وبين نفسها, ولكن رفيقتها لم تكن كذلك, وقد برهنت على هذا من اليوم الذي خطت فيه قدميها داخل هذه الزنزانة, أدارت الصهباء نظرها نحو زميلتها لتقول
-إنهم يعشقون ذلك المنظر, يعشقون رؤيته والتمتع به, من قال يوما أن البشر هم ملائكة أنزلت إلى الأرض, إنهم شياطين خرجت إلى الأرض من الجحيم, إن كل ما يهمهم هو السيطرة على ما حولهم, الجميع دون استثناء, هل رأيتِ يوما بشريا يرغب بأن يعطي ما لديه لغيره؟, كلا جميعهم يريدون الحصول على ما لدى غيرهم لهم, هذه هي الطبيعة البشرية يا عزيزتي, هذه هي الفطرة التي ولدوا عليها والتي سيتبعونها حتى نهاية حياة آخر فرد منهم على هذه الأرض, لقد حاول الكثيرون أن يصلحوا هذا الوضع ولكن أتعرفين ماذا يقال؟
-لا يمكن إصلاح ما كسر
-بالضبط, من قال أننا نستطيع أن نصلح ما يجب أن نرميه في النفايات
-لا شيء, لا يمكننا أن نصلحه مطلقا, طالما قلت أنه يجب أن نصلحه ولكنني في كل مرة أصل إلى طريق مسدود, إن ما يحدث لا يجب إصلاحه بل القضاء عليه, إن على الجنس البشري بأكمله أن يجدد بالكامل
-وهل تعتقدين أن هذا لو حدث سيوجد جيل جديد بعيد عن هذه الطريق؟
-أتريدين الحق؟
-أجل
-لا, لن يوجد, فالبشر سيبقون بشرا للأبد, سيبقون موجودون في هذه الناحية, إن الشر يسري في عروقهم كما الدماء, وبدون الدماء سيموت الإنسان, وبدون الشر سيموت أيضا
هزت الصهباء رأسها موافقة لتقول بهدوء
-ألا يقال أن هذه هي سنة الحياة التي لا يمكن تغييرها
-ولكن هل نحن منهم؟
طرحت رفيقتها هذا السؤال بغصة بدت في صوتها لتجيبها قائلة
-أتعتبرين نفسكِ منهم؟
-لست أعرف بم يجب أن أعرف نفسي بالضبط
-ولكن أنا أنا أعرف
-ماذا؟
فأجابت بثقة هادئة
-لست منهم
-تقولنيها بكل ثقة وصراحة
-لأنها الحقيقة, كلتانا ليست من هذا العالم ولو أعطيتُ الخيار لما اخترت أن أكون هنا فعلا, عندما كنت في تلك القوقعة الصغيرة الخاصة بي كنت أعيش في عالم منعزل تماما, عالم آمن, عالم جميل, عالم وردي, عالم لم تشبه شائبة, ولكن بمجرد أن رفعت الغطاء لأرى ما خلفه عرفت جيدا أنني خارج الحياة
رسمت هذه الكلمات ابتسامة مرة على شفتي الشقراء لتقول
-عندما رفعت أول مرة الستار الذي فصل بيني وبين العالم أصبت بصدمة قوية, لم أتمكن حتى اليوم من استعياب هذه الطريقة في التعامل, هذه الانانية, هذه الوحشية, هذه الهمجية, ويصفون الحيوانات بها, إنهم فعلا يظلمون الحيوانات بهذه التسمية, لقد رغبت كثيرا بالعودة إلى قوقعتي الصغيرة تلك ولكن الأوان كان قد فات على ذلك فعلا, فقد علقت في هذا العالم وألصقت قدماي به دون طريقة للفرار, وها أنا الآن هنا أجهز نفسي لدفع ثمن رفعي للستار
أسندت رأسها للحائط محدقة في الظلام ليحل الصمت على المكان, لقد دخلتا إلى هذا العالم عن طريق الخطأ, ووجدتا نفسيهما في مكان ليس مكانهما, وجدتا نفسيهما في خانة لا يمكن أن يصنفا داخلها ولكنهما رغم ذلك استعملتا كأداتين ممتازتين فيه, تحرك صوت القفل ليفتح الباب مما دفع بهما لترفعا نظرهما نحوه حيث ستقر على عدد من الحرس وصل لسبعة يقودهم بثقة بزيه العسكري وملامحه المستعلية, رمق الشابتين باستحقار بدا على وجهه ليقول باشمئزاز
-هيا تحركا
نهضت الاثنتان عن الأرض دون كلمة اعتراض واحدة, فهما تعرفان جيدا أن لا إمكانية لأي كلام أو تصرف أحمق في غير موقعه, إنهما مقبلتين على الموت وليكن الموت رحيما كما يجب به أن يكون, أحاط الحرس بالميتتين ليقودهم هو بخيلاء وهو يسير بين الأروقة التي غصت بالزنازين المختنقة والتي احتوت بين جدرانها العديد من الاموات الأحياء, ولكن هذه المرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى بعيدا عن تلك الخرافة القديمة, تجاوز الوفد الرواق ليخرجوا إلى تلك القاعة التي استقرت في الأعلى, مساحة ثلاثمائة متر مربع استقرت في منتصفها منصة النطق بالحكم وأمامها تلك المقاعد التي صفت خصيصا لسماع النطق, تقدمت الاثنتان لتقفا أمام المنصة التي أخذ عليها القاضي مكانه, فيما أخذ مرشدهما العسكري مكانه على المقعد بجوار الباقين, انتشر الحرس في كل ناحية من المكان ناشرين الحماية ومؤمنيين هذه المسرحية الجميلة التي تدور على المسرح أمامهم, ثبت القاضي نظارته على عينيه وهو يلقي نظرة هادئة على الشابتين أمامه, ثياب ممزقة ومتسخة, بشرة شاحبة, ملامح مرهقة, جسد لم يعد ينقصه سوى الموت, راقبت الفتاتان القاضي أمامهما بصمت دون أي ذرة تردد وارتباك فهما قد جهزتا نفسيهما جيدا للحكم, وما هي سوى ثوانٍ حتى افتتح الرجل الجلسة قائلا
-إنكما تعرفان جيدا التهمة الموجة لكما صحيح؟
عند هذا أجابت الصهباء بهدوء
-لقد انتهت فائدة وجودنا على قيد الحياة
رسمت هذه الجملة الغضب على وجه الجميع فيما حافظ القاضي على هدوئه ليقول
-بل الخيانة
عند هذا قالت رفيقتها بسخرية
-خيانة حقيقتنا
فقال الرجل بهدوء
-لا يا آنستي بل خيانة الوطن
وهنا قالت باستهزاء
-أرجوك لا تدعني أضحك فجسدي متعب بما فيه الكفاية
-لن أدعك بالطبع, فقد اتخذ المجلس قرارا بالإجماع, وقد حكم عليكما بالإعدام
حافظت الفتاتان على الصمت مع هذه الكلمات التي دفعت بالجميع للنظر إليهما بسخرية وشماتة ومنهم من نظر بسرور لتحقق حلم طال انتظاره, أخذت الصهباء نفسا عميقا لتنظر إلى رفيقتها التي لم تكن تتوقع أن وقع هذه الكلمة سيكون قويا لهذه الدرجة, مدت يدها لتمسك بيد رفيقتها التي نظرت إليها بتوتر بدا في عينيها العسليتين لتبتسم مشجعة وما لبثتا أن التفتتا نحو الحضور الذين ازدادات ابتساماتهم اتساعا, ضغطت كل منهما على يد رفيقتها بقوة محاولة استجماع ولو ذرة من القوة علها تخوض هذه المواجهة الأخيرة بشرف وكبرياء, ومن بين الحضور نهضت تلك السيدة بهدوء بزيها العسكري الذي زاد من هيبتها وقوتها لتتقدم وتقف أمام الشابتين, نظرت الفتاتان إليها لتقول هي بهدوء ناقلة نظرها بينهما
-ألديكما كلمة أخيرة؟
هزتا رأسيهما نفيا دون كلمة إضافية فأشارت السيدة للحرس الذين تقدموا منهما ممسكين بتلك العصابات لتقول الصهباء بشك
-ألن ينفذ الحكم في الخارج؟
فأجابتها السيدة بهدوء
-كلا, سننفذ الأمر هنا
رسم هذا الجواب رغما عنها ابتسامة راحة على شفتيها دفعت بالاستغراب ليملأ ملامح قاتلتهما فيما تقدم الحراس ليعصبوا عينيهما, فعلى الأقل لقد أعفيت الشمس من مشاهدة هذه الجريمة.

القائدة ياندي
22-10-2012, 09:00
العين الثالثة





" الوضع ليس سيئا, الوضع ليس سيئا, الوضع ليس سيئا "
ترددت هذه الكلمات في رأسه بقوة كبيرة متتالية خلف بعضها البعض محاولة تثبيت هذه الفكرة في عقله ولكن بلا جدوى, يده ارتجفت رغم محاولاته المضنية للسيطرة على قبضته حول المصباح اليدوي الذي حمله بها, ورغم ذلك لم تمنع تلك المحاولات الارتعاش من الظهور جليا في حركات يده المتوترة, أخذ نفسا عميقا وهو يقف أمام تلك الشجرة للسيطرة على أعصابه, أدار عينيه هنا وهناك بتوتر شديد بدا في حركات بؤبؤه غير المتوازنة, ففي العادة لا يمكن لهاتين العينين أن ترتجفا قيد أنملة ولكنه هذه الليلة انقلب مئة وثامنين درجة, ابتلع رمقه بخوف لم يستطيع منع نفسه من الشعور به يجري في عروقه, والمشكلة الأكبر أن الصمت الذي لف المكان بأكملها زاد من القلق الذي انتابه, هو لم يكن من المفترض به أن يكون هنا, لم يكن يفترض به أن يقف في هذا المكان أسفل هذه الشجرة مجاهدا نفسه لألا يصاب بسكتة قلبية مبكرة, لم يكن من المفترض به أن يجد نفسه في هذا الموقف فجأة, مسح العرق الذي سال على جبهته بكف يده مبتلعا رمقه بتوتر عندما انتفض فجأة وهو يحس بذلك الصوت يهدر في المكان بقوة الرعد, قفز للخلف مرعوبا ليصدم بالشجرة خلفه ما دفع بقلبه ليتراكض بجنون وهو يحس بارتجاج هاتفه في جيبه الأيسر, كز على أسانه بقوة ملتقطا أنفاسه بتعب ليتمتم بغضب مرعوب
-اللعنة
مد يده ليخرج هاتفه الذي تابع الرنين محطما ما تبقى من سيطرته على أعصابه ليجيب قائلا
-مرحبا
وهنا تهادى لسمعه ذلك الصوت الأنثوي قائلا بهدوء
-مرحبا يا عزيزي
زادت هذه التحية الهادئة المفعمة بالأنوثة الخبيثة من الغضب الذي أحس به يسري في جسده بقوة ليصرخ بقوة محاولا تفريغ تلك الشحنة
-ما الذي تريدينه الآن؟ ها أنا قد أتيت كما قلتِ تماما لذا أين أنتِ بحق الجحيم؟
فأجابته بتلك اللهجة الهادئة نفسها
-لا داعي لكل هذه العصبية يا سيدي العزيز, فأنت من أقوى الرجال الذين عرفتهم في حياتي وأكثرهم هدوءا, لذا كيف انقلبت هكذا في ثوانٍ معدودة لتصبح مجرد طفل خائف وجد نفسه بعيدا عن أمه في السوق
-لا أريد سماع أي كلمة منكِ, لقد أتيت تماما كما طلبتِ والآن ما الذي تريدينه بالضبط؟
عند هذا أجابت بحزم
-اركض
رسمت هذه الكلمة الاستغراب على وجهه لتردف هي
-اركض بأسرع ما تستطيع ولكن إياك أن تطفئ الهاتف لأنك ستموت مباشرة وقتها
بدا التوتر في وجهه جراء هذه اللهجة فيما صرخت هي بقوة فجأة
-اركض
دون أن يفكر حتى في السبب ودون أن يعظي لنفسه ثانية لمعاينة هذا الأمر انطلقت قدميه من تلقاء نفسهما لتركضا, يركض؟ في هذا المكان؟ في هذا الجنون؟ إنه داخل أكبر غابة في المدينة! يركض؟, انطلقت قدميه مخترقتين الهواء وهما تركضان حين بدأ فعلا يستشف السبب الحقيقي لهذه الكلمة, فخلفه تهادى إلى سمعه تلك الأصوات لخطوات تركض خلفه, ليست خطوات شخص بل هم أشخاص, ابلتع رمقه برعب وهو يحس بهذا الوضع مألوفا فعلا فيما تهادى ذلك الصوت من خلال الهاتف إلى أذنه بهدوء
-أتريد أن تعرف بالضبط من يركض خلفك؟
وهنا قال بغضب تملك صوته بالكامل
-فلتذهبي للجحيم أنتِ وهو
ضحكت بخفة رن صداها في عقله بقوة مزيدا من الضغط الذي تصادم داخل عقله, توقف لدقيقة محاولا التقاط أنفاسه وهو يحس بالهدوء مرة ثانية ليحيط به, التقط أنفاسه وهو يدير نظره في المكان بلهفة وحذر فيما الهاتف على أذنه, هدوء كامل ولا أي صوت
-لِم توقفت يا عزيزي؟
-ما الذي تريدينه؟
-من قال أنني أريد شيئا؟ أتذكر أنت من يريد يا هذا
ابتلع رمقه بتوتر عندما عادت تلك الخطوات لتدور حوله من جديد, تقدم للأمام بتوتر وهو يحس بتلك القطرات الباردة تتبخر من على وجهه دون أن يرفع يده ليمسحها, نفسه تراكض بقوة وسط محاولات السيطرة عليه من جهة وتمالك المجهود الذي بذله للتو من جهة أخرى
-لا ضرورة لأن تكون حذرا لهذه الدرجة يا فتاي فأنت تعرف جيدا أن الأمور لا تسير بهذه الطريقة
انبثق ذلك الصفير في المكان فجأة ليتجمد مكانه وهو ينظر للأمام قائلا بتوتر
-لا يمكن أن تكوني جادة
-ولِم لا أكون؟
فصرخ بغضب
-لأن هذا هو الجنون بحد ذاته
انطلق ذلك السهم شاقا الريح من بين الأشجار ليمر من جانب وجهه مسببا خدشا في وجنته مستقر في الشجرة خلفه, بدا الجمود على ملامحه عندما أحس بقطرات الدماء تسيل من الجرج, رفع يده ليمسح ما على وجهه, نظر للقطرات الحمراء على أصابعه ليبتلع رمقه بتوتر شديد دفعه للالتفات إلى الخلف ببطء حيث استقر نظره على السهم المغروس في الشجرة, ذلك المشهد دفع برعشة لتعصف بجسده كادت أن توقع الهاتف من يده ولكنه بذل مجهودا جبارا ليبقي الجهاز في يده
-ألم تقل أنني مجنونة سابقا؟
فتح فمه ليتكلم ولكن لم يتمكن من النطق بحرف واحد, كل ما خرج من بين شفتيه كانت تأتأة خفيفة غير مفهومة دفعت بذلك الصوت الهادئ ليقول
-اركض
أدار نظره حوله وهو يستمع لذلك الأمر, المشكلة أنه غير قادر على التحرك من مكانه, قدميه كانتا مثبتتين على الأرض, ركبتيه ارتجفتا بشدة, جسده بأكمله سرت رعشة متوترة فيه دفعت بالرعب والخوف ليجمده مكانه, أدار نظره نحو الأصوات التي عادت لترتفع حوله من جديد محيطة به وهي تنتقل من هنا لهناك بين الأشجار المختبئة, تتابعت أنفاسه بلهفة وسرعة محاولا الحصول على أكبر كمية ممكنة من الهواء, فيما عاد الصوت الهادئ ليقول
-عليك ان تركض, لأنك إن كنت تريد الخروج من هنا حيا فيجب أن تركض, يجب أن تنطلق وتطلق العنان لقدميك, وإلا فلك كلمتي
شقت تلك الرصاصة الصمت بقوة برفقة أمرها الحازم الذي تكرر مرة ثانية بقوة أكبر
-اركض
هذا المزيج من القوة والأمر دفع بموجة من الأدرنالين لتتفجر داخل عروقه من اللا مكان, قدميه قفزتا للخلف فجأة مع انطلاق تلك الرصاصة الثانية لتغرس مكان وقوفه السابق, لهث بتوتر ولكن تلك الرصاصة الثانية انطلقت لتمر من داخل يده اليمنى التي قبضت على الهاتف مما دفع بقبضته لتخف ولكن صوتها قال بقوة
-لا تغلق الهاتف
هذا الأمر وتلك الرصاصة الثالثة التي انطلقت لتمر من بين قدميه دفعت به ليستسلم للأمر الموجه له مرة ثانية وانطلق في جولة جديدة محاولا الهرب
-فقط توقفي عن هذا
ولكنها قالت بهدوء
-لِم علي؟
فأجابها وهو يلهث بتعب بكلمات متقطعة
-إن هذا غير صحيح, ما تفعلينه غير صحيح, ستجدك الشرطة وستعاقبين ولن تنجي من العقاب
عند هذا قالت بسخرية
-شكرا للاهتمام ولكنني أستطيع تدبر الأمر
اجتاز تلك الشجرة عندما مر السهم أمام وجهه مباشرة, توقف فجأة ليتراجع خطوة للخلف ولكن السهم الثاني مر من حلف ظهره مما جعله يختبئ خلف تلك الشجرة, جثا على الأرض وهو يلهث بتعب
-هل استسلمت بهذه السرعة؟
-وما الذي تريدين مني أن افعله؟
-أرني قوتك التي تباهيت بها قبل يوم واحد, أم أنها اختفت ولا تظهر فقط إلا وحولك الحرس المدججون بالسلاح
عند هذا قال بسخرية
-وهل أنتِ الواقفة أمامي بعيدا عن السلاح, إنكِ محاظة بعصابة يا هذه
-صدق أو لا إنها عصابة صنعتها أنت, فكل فرد منها يرغب بأن يغرس رصاصة بين عينيك ولكنني أكبح جماحهم بصعوبة
وأضافت بمكر
-حتى الآن
ابتلع رمقه بتوتر وهو يتسمع لتلك الكلمة ليقول
-إنني مستعد أن أعطيكِ كل ما تريدين
-إنني أريد رؤيتك تبكي كطفل
هذه الكلمة دفعت بالكبرياء الذي عرف به لينتفض بقوة حيث قال باستعلاء
-تابعي الحلم
بثانية قلب الهدوء لفوضى عارمة انبثاق سيل الرصاص بكثافة شديدة من العدم موجها نحوه, أخفض جسده محيطا رأسه بيده وهو يستمع لرسل الموت التي تساقطت فوق رأسه, أغمض عينيه بشدة وجسده يرتجف فيما الهاتف على أذنه مستمعا لها
-أنا لا أحلم بل أنا على بعد خطوة واحدة من تحقيق هدفي
ساد الصمت على المكان بعد هذه الموجة ليعود الصمت القاتل مسيطرا على المكان, أزال يده عن رأسه وهو يقبض بالثانية على الهاتف, فحياته بأكملها أصبحت معلقة بهذا الجهاز الموضوع على اذنه, تسارعت أنفاسه بشدة وصلت إلى محدثته التي رسم هذا اللهاث الرضى على شفتيها بابتسامة ماكرة لتقول
-يبدو أنك لا تحب الظلام
رفع عينيه بتوتر مع هذه الكلمات لتتابع هي
-أتريد أن أضيء لك المكان؟
-ماذا؟
-ألا تريد أن أعيدك إلى النور من جديد بدل هذه الظلمة؟
كل خلية داخله صرخت بأجل ولكن شفتيه نطقتا بالعكس تماما
-لا
ابتسمت بخفة لتقول
-استمتع بها
توت.....توت......توت.....توت
تهادى هذا الصوت إلى عقله ببطء شديد رسم الجمود على عينيه اللتين تجمدتا مكانهما وهما مثبتتين أمامه, لقد اغلقت الخط, لقد انتهى كل شيء, ولكن كيف؟ كيف ستضيء المكان؟, بقي جالسا مكانه وذلك السؤال يتردد في رأسه, حتى أنه لم يتمكن من النهوض لأن قدميه لم تعودا قادرتين على حمله, يده بقيت مطبقة على الجهاز على أذنه حين انعكس ذلك اللون الأحمر على عينيه وهو يرى النيران تشتعل في كل ناحية حوله, الحرارة التي كان يحس بها يحرق جسده شاهدها مجسدة أمامه وكل شيء حوله يتحول للأحمر, أدار عينيه حوله دون أن يقف محاولا استيعاب هذا الوضع, فالنار تلتهم كل شيء حوله, الشجر والعشب والورق وكل شيء, فيما هو غير قادر على النهوض, صوت قوي في رأسه استحلفه بكل ما هو مقدس أن ينهض ويغادر ولكن جسده لم يتقبل هذا الأمر, لم يخضع جسده لأي أمر, فلأول مرة يصرخ عقله في ناحية وينفذ جسده في ناحية أخرى, لأول مرة لا يتفق هذين الاثنين على أمر واحد, لأول مرة يحس بنفسه تائهة بين جسده وعقله, لأول مرة يحس بأنه فعلا إنسان
-أليس هذا جميلا؟
انبثق صوتها إليه من جديد ولكنه لم يأتي من خلال الهاتف كما توقع, رفع عينيه للأمام ليجدها واقفة أمامه بهدوء, عينيها كانتا تنطقان بالانتقام وشفتيها انفرجتا عن ابتسامة منتصرة, ويدها قبضت على ذلك المسدس, راقبها بعجز أحس به يشل حتى لسانه لتقول هي
-لقد أتيت لأقول وداعا فأنا أدين بها لك
رفعت المسدس نحوه لتقول
-أهناك ما ترغب بقوله؟
عند هذا انحلت عقدة لسانه ليقول بذهول
-لماذا؟
فابتسمت بهدوء غامض لتقول
-عندما تقابله هناك في السماء سيخبرك
ودون أي حرف آخر ضغت على الزناد لتنطلق تلك الرصاصة مستقرة بالضبط بين عينيه راسمة عينا ثالثة لم ترى ولن ترى النور إلا هناك.

القائدة ياندي
22-10-2012, 09:01
هادئ وسريع


-أفعلا تعتقد هذا؟
طرح هذا السؤال وكوب الشراب بين يديه يتلألأ أسفل الضوء الأبيض الذي ملأ الغرفة من الثريا الفخمة التي زينت سقف المكتب, عينيه ثبتتا على الهدف الذي جلس أمامه, شخص عادي, بل أكثر من عادي, رفع كوبه ليرشف منه فيما رفع مستمعه نظره نحوه بهدوء ليقول
-ولِم تظنني أمزح؟
-ليس هذا هو مقصدي, ولكن كيف لشاب مثلك أن يذهب بتفكيره نحو تلك النواحي؟, أليس هذا معقدا عليك؟
الكلمات بذاتها لم تحمل شيئا معينا ولكن من ينظر للمقعد ذو العجلات الذي استقر عليه محدثه سيدرك أنها لم تكن برئية كما يفترض بها أن تكون, حافظ المحدث على هدوئه الذي لم يتمكن الزمن من سلبه إياه بعد ليقول
-بل إن هذا بالذات هو ما دفع بي للاتجاه نحو هذه النواحي
رشف المستمع من كوب الشراب بهدوء برهة قبل أن يقول
-إن ليس القتل بحد ذاته خطأ
-لا يمكن اعتبار القتل فعليا خطأ ولكن الطريقة التي يتم بها هي الخاطئة, ففي النهاية الإنسان يموت وموته بيد خالقه, ولكن كيف يموت؟ هذا هو السؤال الأهم
عند هذا أجاب المستمع بنبرة ساخرة
-بمجرد أن شخصا ما يريد قتل آخر, هكذا يموت
-لا, هذا هو الأمر الذي يجب أن يتم التوقف عنده
ورفع نظره نحو مستمعه مباشرة مردفا
-من أين أحضرت الحق لفعل ذلك؟
رسم هذا السؤال ابتسامة ماكرة ملأت شفتيه, رفع كوب الشراب ليرشف منه دون أن يأتي بحركة واحدة, إعتدل في جلسته على الأريكة وعينيه مثبتتين على محدثه ليقول
-أنا من اتخذ القرار
وهناعاد ليقول بهدوء
-ومن خولك الحق لاتخاذ هذا القرار؟
فأجاب بثقة
-أنا
-ومن خولك الصلاحية لذلك؟
-لا داعي لأن يخولني أحد, يكفي أنني أريد ذلك وفقط, لا ضرورة لأن أحصل على إذن أحد أو على قرار الموافقة من أحد, أنا أريد أن افعل ذلك لسببين
-وما هما؟
فرفع أصابعه ليقول رافعا الواحد تلو الآخر
-الأول لأنني أريد والثاني لأنني أستطيع
راقبه الشاب بصمت حتى أنهى شرب كوبه ليتركه على المنضدة الصغيرة أمامه ورفع عينيه نحو محدثه قائلا
-لِم تظن ولو لثانية واحدة أنك بهذا قد تغير رأيي؟
فأجابه بهدوء
-ومن قال أنني أريد أن أغيره؟
-هذا يعني انك مستعد للموت
-إنني أفتح ذراعي له منذ سنوات
راقبه بصمت لبرهة قبل أن تصدر عنه تنهدية متعبة قائلا
-إنك مجنون ولا أمل بإصلاحك
ابتسمالمحدث بهدوء فيما نهض رفيقه عن الأريكة وسط تلك المراقبة الهادئة التي راقبه المضيف بها, تقدم نحو المكتب الذي استقر عليه خنجر مذهب قديم موضوع في علبة خاصة, رفعه من العلبة وسط مراقبة ضحيته قبل أن يلتفت إليه قائلا
-يبدو هذا الخنجر ثمينا
-إنه هدية من والدي
-إنه ذوق عالٍ فعلا
سار ليتقدم نحوه حيث جلس على الطاولة التي استقرت أمام الشاب مباشرة, قلب الخنجر بين يديه وهو يحدق به فيما راقبته محدثه بهدوء ما سبب له على الرغم منه الضيق, رفع عينيه نحو الشاب الذي جلس بهدوء لم تشبه ذرة خوف أو توتر أو ارتباك واحدة ليقول باستغراب مرغم
-أأنت شجاع فعلا أم أنك تحاول أن تظهر بمنظر البطل في آخر لحظاتك؟
-لِم تقول هذا؟
-لأنني لم أرى شخصا من قبل يستقبل الموت بصدر رحب, خصوصا شاب ناجح وثري ووسيم مثلك
حافظ الفتى على هدوئه وعينيه مثبتتين على وجه مستمعه ليقول
-ومنذ متى كنت تهتم لمشاعر ضحاياك؟
رسمت هذه الجملة البرود على ملامحه وهو يقلب الخنجر بين يديه مراقبا إياه ليقول
-هذا ليس بالوضح الطبيعي في العادة
ابتسمت المحدث بهدوء ليرخي جسده على مقعده قائلا
-إنني أريد الموت وكفى
-وما السبب؟
فأجاب بنبرة هادئة بدت أقرب لسيمفونية عذبة
-لأن لا شيء يستحق الحياة لأجله, إنني لا أتحدث عن هذا المقعد فصدق أو لا لقد غدا لي أقرب صديق من كل من يحيط بي ولكن الأمر بطريقة أو بأخرى يدور حولي, لقد شهدت الخيانات والغدر بأم عيني, وسمعت الخطط بأذني, خطط تحاك للتخلص من مقعد عاجز لا أهمية ولا مكانة له, خطط تحاك من أقرب الناس إليك وأعزهم على قلبك, عندما تنظر فجأة لترى الناحية الأخرى من البشر تحس بقشعريرة قوية تدك حصونك بالكامل, عندما ترى الابتسامة اللطيفة تنقلب لغضب عارم, والكلمة العذبة تتحول لخنجر قاتل, وتلك المعاملة الحانية تصبح خيوط شبكة تحاك حولك تمهيدا لصيدك والنيل منك, عندما تنظر فعلا إلى أولئك أصحاب الوجهين يتراء لك مدى حقارة هذا الجنس الذي يعيش على الأرض, مدى النفاق والمراءاة المغروسة في نفوس البشر جميعا
هذه الكلمات دفعت بالهدوء ليعود ويملأ وجه القاتل مستمعا له حتى انتهى ليقول
-وهل تظن أن هذا شيء رأيته فقط؟
-لقد رأيته ولكنني لا أريد معاشرته
-إن كان كل شخص لا يريد معاشرة الآخرين بسبب هذه الأفكار لانقرض الجنس البشري قبل الديناصورات
-هذا لأن البعض لديه قدرة على المقاومة ولكن أنا استسلمت منذ زمن
-هذا ليس من شيمك عادة
-لقد سقطت القسطنطينية بعد سنوات من الحصار وأنا لست مدينة بل فرد, لقد قاومت طويلا وحان الوقت لأتحرر من هذه القيود التي تحيط بي كاتمة على صدري ونفسي, القيود التي تجعلني أكره نفسي فقط لكوني بشريا
-إن كنت أنت من يقول هذا الكلام, فماذا يفترض بي أن أقول؟
-أتعرف ما الفرق الوحيد بينك وبينهم؟
-ماذا؟
-أنت لديك وجه واحد
رمقه بدهشة لم يتمكن من إخفائها ليردف هو قائلا
-إن قلت أكرهك فستقول الكلمة لي وللجميع دون أي محاولة لإرضائي, وإن قلت أحبك فستقول الكلمة لي وللجميع دون أي محاولة لاستغلالي, ولكن أن تقول أحبك فيما أنت تكرهني وتتمنى قتلي بيديك فهذا هو ما لا يمكن احتماله
ساد الصمت مرة ثانية على المكان وذلك الحنجر ينتقل من يد ليد فيما راقبه المحدث قائلا
-ليس الموت بالأمر السيء كما تظن
وهنا رفع نظره نحوه قائلا
-حتى لو كان ممن لا صلاحية له
-بالنسبة لحالتي سأرحب به أيا كان السبب وأيا كان الفاعل لا يهمني هذا كثيرا, ولكن أتعرف ما المهم؟
رمقه الشاب باستفهام ليتابع هو
-الموت له معانٍ مختلفة يا عزيزي, فتارة هو الانتقال من حياة لأخرى ولكن تارة أخرى هو الطريق التي تقود من الحياة لتلك الأخرى, لا أحد يمكنه اكتشاف الطريقة المؤدية إلى تلك الكلمة بهذه السهولة, والسرعة التي تتحدث عنها غير موجودة, بل إن التلذذ بالقتل أصبح جزءا من هذه العملي حاليا, لم يعد هناك ما يسمى قتلا سريعا وهادئا ومريحا للضحية, لا بل القتل هو عذاب الموت, هو العذاب الذي أصبح الخبراء فيه يفوقون التوقعات, الموت ليس راحة يا فتى, بل هو عذاب, هو عذاب ما قبل الحياة الثانية
راقبه محدثه بهدوء قبل أن يقول
-وأنت ما تزال تنتهج هذه النظريات؟
-ليس فعليا ولكن حسب الطلب
-الطلب؟
هز رأسه إيجابا قبل أن ينهض قائلا
-أعتقد أنه قد حان الوقت لنغير الجو
وتقدم ليقف خلف المقعد دافعا إياه نحو الشرفة التي أطلت على الحديقة الخلفية, أوقف المقعد أمام السور محدقا في اللون الأخضر الذي اندمج مع الأزرق بلوحة فنية مبدعة, أسند جسده إلى السور محدقا في المنظر أمامه بصمت كحال رفيقه الذي ملأ رئتيه بطعم السماء قبل أن يكسر مستمعه الصمت قائلا
-أتغفر لي؟
هذه الجملة أجبرت الشاب على النظر نحوه فيما التفت هو إليه, جثا أمام مقعده محدقا في وجه ضحيته ليقول
-أم أن هذا سيكون خيارا بعيد الاحتمال؟
هذه الكلمات دفعت بابتسامة عذبة لتملأ شفتيه قائلا
-أنا لست مخولا لإعطائك إياها
-ولكنني أريدها منك قبل أي شخص آخر
-وهل هذا سيساعدك؟
هز رأسه إيجابا بصمت ليقول محدثه بهدوء
-أجل إذن, أغفر لك
راقبه بهدوء وذلك الخنجر يرتفع ليوضع مباشرة فوق قلب ضحيته ليقول
-هادئ وسريع
فأجابه بابتسامة لم تختفي
-هادئ وسريع
وكوخزة دبوس اخترق الخنجر قلبه ليشهق بضعف وما لبث أن تهاوى جسده على مستمعه, هادئا وسريعا, ترددت الكلمتين في رأسه بقوة وهو يحس بالدم الذي انساب من الخنجر يملأ قبضته, فيما كان رأس ضحيته ملقى على كتفه دون أن يسمع أي نفس, لقد تم الأمر كما اراد, بسرعة وهدوء, دون أي ألم ودون أي عناء, دون أي مقاوم ودون أن يحس حتى بالأمر, مجرد ضربة واحدة, ضربة يد خبيرة ومتمرسة, ضربة لم تخطئ هدفها قبل اليوم, هادئا وسريعا, هكذا كان يجب أن يتم الأمر, أخذ نفسا عميقا ليترك مقبض الخنجر وامسك بيديه جسد ضحيته ليعيد إجلاسه على مقعده, نظر إلى ملامحه التي لم تتغير باستثناء مسحة ألم خفيفة بدت في عينيه, مد يده ليغلق عينيه معيدا الهدوء إلى ملامحه, إن من يراه لن يظنه سوى نائم, نهض ليقف أمام جثة صديقه الميت وهو يراقبه, أيدعو له بالسلام؟ المشكلة أنه لا يعرف إن كان سيقبل منه هو؟, ولكن في النهاية هو لم يكن يريد سوى الموت, الموت بأبهى صوره وأحلى مناظره, الموت المريح الذي أصبح في هذا الوقت هبة لا تعطى لأي كان.

القائدة ياندي
22-10-2012, 09:03
البشرية كلمة لم يعرف لليوم مداها
كلمة لم تتمكن حتى هذه اللحظة من ترسيخ أقدامها
فما البشرية وما الهمجية؟
ما الحياة وما الموت؟
بل الأهم
ما الشر وما الخير؟؟؟؟؟؟.............


للحصول على هذه القصص بصيغةPDF زيارة الرابط التالي
http://www.4shared.com/u/8i9x7ILT/__online.html

Anna Augello
22-10-2012, 11:59
من اين جائت هذه القصة وانا لا اعلم؟
حجز حتى انهي قرأتها

Anna Augello
28-10-2012, 05:18
مرحبا ياندودي
كيف حالك؟ اتمنى بخير
ما هذااااا الابداع؟اسلوبك يمتعني كثيرااااا
عندما اقرأ اسمك اسرع لدخول القصة قبل ان اقرأ العنوان اصلا
حقا ما البشرية؟
لقداعجبتني هذه القصة
فقد وضفت الهمجية التي يتمتع بها البشر
وابشع الطرق التي يحكمون بها على امثالهم
قصة رااائعة حقااا
لكن لدي ملاحظة
"تابع الحلم" بالنسبة لي جملة خاصة بجواني واصدقائه فقد
لا تدعي شخص اخر يقولها فهي تعجبني فقط عندما يقولها جوان
الان الى اللقاء

القائدة ياندي
30-10-2012, 07:19
مرحبا ياندودي
كيف حالك؟ اتمنى بخير
ما هذااااا الابداع؟اسلوبك يمتعني كثيرااااا
عندما اقرأ اسمك اسرع لدخول القصة قبل ان اقرأ العنوان اصلا
حقا ما البشرية؟
لقداعجبتني هذه القصة
فقد وضفت الهمجية التي يتمتع بها البشر
وابشع الطرق التي يحكمون بها على امثالهم
قصة رااائعة حقااا
لكن لدي ملاحظة
"تابع الحلم" بالنسبة لي جملة خاصة بجواني واصدقائه فقد
لا تدعي شخص اخر يقولها فهي تعجبني فقط عندما يقولها جوان
الان الى اللقاء

هاي كوكو
كيفك
كل عام وانت بخير يا قمر
مبسوطة انه القصص عجبوك
وعلى كل بالنسبة للجملة
هادي خاصة فيي أنا :nevreness:
مرسي للمرور يا قمر
سلاااااااااااااااااااااااااااااااااام

kora girl
29-05-2013, 21:30
القصص فعلا روعة
حبيت كل وصفها
لأنه عنجد هادي هي البشرية
بااااي

مجوكـهـ
30-05-2013, 11:53
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ~
شلونج ؟ ان شاء الله تمام

القصة أو القصص القصيرة تلك ، أعجبتني حقاً
عندما انهيت ابنتتا الشمس
فكرت بأنها ستكون الأفضل بين الثلاث ، لكن ..
عندما قرأت العين الثالثة وجدت أنها تضاهيها الروعة
ففكرت بأن الاثنتان ستكونان أفضل من هاديء وسريع ..
لكن خاب ظني .. فثلاثتهن رائعات حقاً !

لقد أصبح العالم هكذا ! يحب مناظر الدماء ، يهوى القتل ويعشقه ..
ألا يظن كل من يقتل أنه في يوم ما سيحين دوره ؟!
حقاً عالم غريب جداً !!

في أمان الله ورعاتيه وحفظه

القائدة ياندي
31-05-2013, 13:45
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ~
شلونج ؟ ان شاء الله تمام

وعليكم السلام
هلا يا قمر

القصة أو القصص القصيرة تلك ، أعجبتني حقاً

مبسوطة إنها أعجبتك

عندما انهيت ابنتتا الشمس
فكرت بأنها ستكون الأفضل بين الثلاث ، لكن ..
عندما قرأت العين الثالثة وجدت أنها تضاهيها الروعة
ففكرت بأن الاثنتان ستكونان أفضل من هاديء وسريع ..
لكن خاب ظني .. فثلاثتهن رائعات حقاً !

مرسي كتير

لقد أصبح العالم هكذا ! يحب مناظر الدماء ، يهوى القتل ويعشقه ..
ألا يظن كل من يقتل أنه في يوم ما سيحين دوره ؟!
حقاً عالم غريب جداً !!

عالم بيحكمه البشر بطريقة ما راح يقدر حدا يفهمها في التاريخ كله

في أمان الله ورعاتيه وحفظه
مرسي للمرور
تحياتي

أمواج المحيط
03-06-2013, 11:22
السلام عليكم


ما شاء الله القصص الثلاث مذهلة
بوجه عام أعجبني الحوار والوصف ، كما أن لديكِ أسلوباً ساخراً أعجبني فهو يضيف حيوية وقوة إلى القصة
لكن طريقتكِ حين يتحدث شخصان تجعلني أدور وأتساءل أي واحد منهما هو الذي يتكلم كما في القصة الأولى والأخيرة
المقدمة جميلة ومثيرة للتفكير والتساؤل حول الشيء الذي تتحدثين عنه والواقع الذي نعيشه

القصة الأولى

ألا يبدو هذا لكِ مبتذلا, فمن غير العدل فعلا أن نقتل أسفل مصدر الحياة الأساسي على الأرض, إن هذا حتى إجرام بحق البشرية
ولكن المشكلة الحقيقية هي هل ستحتمل الشمس متابعة هذا المشهد؟
أعادت هذه الجملة الهدوء ليسيطر على ملامح الشقراء التي قالت بنبرة أكثر اتزانا وهدوئا
-لا أظنها قادرة على ذلك
تعجبت للحظة من وجهة النظر هذه ، إذ أظن أن معظم الناس سيتمنون الموت خارج الجدران ليشعروا ولو بقليل من الحرية بدلا من الموت في مكان كئيب!
لكنني سرعان ما تذكرتُ جريمةً أرى بأن الشمس لا تستطيع النظر إليها فقبِلتُ الفكرة

من قال يوما أن البشر هم ملائكة أنزلت إلى الأرض, إنهم شياطين خرجت إلى الأرض من الجحيم, إن كل ما يهمهم هو السيطرة على ما حولهم, الجميع دون استثناء
إن الشر يسري في عروقهم كما الدماء, وبدون الدماء سيموت الإنسان, وبدون الشر سيموت أيضا
إنهم ليسوا ملائكة ولا شياطين .. بل هم يختارون ما سيصبحون وهنا المشكلة!
لماذا يختار البشر أن يكونوا عنيفين .. دمويين .. وقساة في حين يمكنهم أن يكونوا طيبين؟

عندما كنت في تلك القوقعة الصغيرة الخاصة بي كنت أعيش في عالم منعزل تماما, عالم آمن, عالم جميل, عالم وردي, عالم لم تشبه شائبة
أتساءل عن المعنى الذي قصدتِه هنا .. اول ما خطر في بالي هو أنها تتحدث عن نفسها قبل أن تولد أصلا!

إنكما تعرفان جيدا التهمة الموجة لكما صحيح؟
عند هذا أجابت الصهباء بهدوء
-لقد انتهت فائدة وجودنا على قيد الحياة
رسمت هذه الجملة الغضب على وجه الجميع فيما حافظ القاضي على هدوئه ليقول
-بل الخيانة
عند هذا قالت رفيقتها بسخرية
-خيانة حقيقتنا
مذهلة!
أحب هذا الأسلوب الساخر

أخذت الصهباء نفسا عميقا لتنظر إلى رفيقتها التي لم تكن تتوقع أن وقع هذه الكلمة سيكون قويا لهذه الدرجة, مدت يدها لتمسك بيد رفيقتها التي نظرت إليها بتوتر بدا في عينيها العسليتين لتبتسم مشجعة وما لبثتا أن التفتتا نحو الحضور الذين ازدادات ابتساماتهم اتساعا, ضغطت كل منهما على يد رفيقتها بقوة محاولة استجماع ولو ذرة من القوة علها تخوض هذه المواجهة الأخيرة بشرف وكبرياء
في النهاية -رغم سخريتهما وآرائهما الغريبة- إلا أنهما طبيعيتان جداً
أحب الوصف الإنساني الواقعي .. بعيداً عن المبالغات المنمقة!


القصة الثانية

هو لم يكن من المفترض به أن يكون هنا, لم يكن يفترض به أن يقف في هذا المكان أسفل هذه الشجرة مجاهدا نفسه لألا يصاب بسكتة قلبية مبكرة, لم يكن من المفترض به أن يجد نفسه في هذا الموقف فجأة
وصف جميل وأسلوب بسيط ومؤثر

عند هذا أجابت بحزم
-اركض
رسمت هذه الكلمة الاستغراب على وجهه لتردف هي
-اركض بأسرع ما تستطيع ولكن إياك أن تطفئ الهاتف لأنك ستموت مباشرة وقتها
بدا التوتر في وجهه جراء هذه اللهجة فيما صرخت هي بقوة فجأة
-اركض


يركض؟ في هذا المكان؟ في هذا الجنون؟ إنه داخل أكبر غابة في المدينة! يركض؟
سؤال.. هل تكتبين قصص رعب؟

صدق أو لا إنها عصابة صنعتها أنت, فكل فرد منها يرغب بأن يغرس رصاصة بين عينيك ولكنني أكبح جماحهم بصعوبة
ذكرتني بفكرة لطالما خطرت في بالي بوصف طفولي
لو أن شخص ضرب 5 أشخاص (مثلا) إذا ضرب كلاًّ منهم ضربة .. فإن اجتمعوا عليه ورد كل واحد منه له الضربة فهو سيُضرب 5 ضربات!! :صمت:
أظنكِ فهمت المغزى من هذه المثال!

لماذا؟
فابتسمت بهدوء غامض لتقول
-عندما تقابله هناك في السماء سيخبرك
تجبرينني على التفكير!
العجيب أن هذا الغموض يزيد جمال القصة .. ما شاء الله

ودون أي حرف آخر ضغت على الزناد لتنطلق تلك الرصاصة مستقرة بالضبط بين عينيه راسمة عينا ثالثة لم ترى ولن ترى النور إلا هناك
عناوين قصصكِ ترتبط بشكل غريب مع معنى القصص .. مُبدعة!


القصة الثالثة
أعدتُ قراءة بداية القصة عدة مرات قبل أن أصل إلى النهاية حتى اتأكد انني لم أخلط بين صاحب كل جملة .. أرجوكِ اجعلي الوصف أسهل لأمثالي :ضحكة:

لا داعي لأن يخولني أحد, يكفي أنني أريد ذلك وفقط, لا ضرورة لأن أحصل على إذن أحد أو على قرار الموافقة من أحد, أنا أريد أن افعل ذلك لسببين
-وما هما؟
فرفع أصابعه ليقول رافعا الواحد تلو الآخر
-الأول لأنني أريد والثاني لأنني أستطيع
التفكير المرعب لمجموعة كبيرة من البشر!
أنا أريد .. انا استطيع!

وهل تظن أن هذا شيء رأيته فقط؟
-لقد رأيته ولكنني لا أريد معاشرته
-إن كان كل شخص لا يريد معاشرة الآخرين بسبب هذه الأفكار لانقرض الجنس البشري قبل الديناصورات
-هذا لأن البعض لديه قدرة على المقاومة ولكن أنا استسلمت منذ زمن
عكستِ هنا وجهة نظري تماماً!
لطالما قلتُ لنفسي أني استسلمت ويئست من هؤلاء البشر

هادئ وسريع
فأجابه بابتسامة لم تختفي
-هادئ وسريع
أحقاً هناك موت هادئ وسريع؟

الموت المريح الذي أصبح في هذا الوقت هبة لا تعطى لأي كان.
فعلاً.. ليس الجميع يحصلون على هذا الامتياز المسمى الموت المريح


قصصكِ رائعة .. أتمنى أن اقرأ لك المزيد بإذن الله
في حفظ الرحمن

القائدة ياندي
03-06-2013, 17:03
السلام عليكم

وعليكم السلام

ما شاء الله القصص الثلاث مذهلة
بوجه عام أعجبني الحوار والوصف

مرسي كتير على الكلام الحلو

كما أن لديكِ أسلوباً ساخراً أعجبني فهو يضيف حيوية وقوة إلى القصة

هادا صار جزء من أسلوبي في الفترة الأخيرة

لكن طريقتكِ حين يتحدث شخصان تجعلني أدور وأتساءل أي واحد منهما هو الذي يتكلم كما في القصة الأولى والأخيرة
المقدمة جميلة ومثيرة للتفكير والتساؤل حول الشيء الذي تتحدثين عنه والواقع الذي نعيشه

هو الواقع الي كتير بيحاولوا يهربوا منه

القصة الأولى

تعجبت للحظة من وجهة النظر هذه ، إذ أظن أن معظم الناس سيتمنون الموت خارج الجدران ليشعروا ولو بقليل من الحرية بدلا من الموت في مكان كئيب!
لكنني سرعان ما تذكرتُ جريمةً أرى بأن الشمس لا تستطيع النظر إليها فقبِلتُ الفكرة

حتى الشمس أصبحت غير قادرة أنها تتحمل فظاعات البشر الي بتصير أسفلها
وبتتمنى لو تنطفي وما تتابع المزيد


إنهم ليسوا ملائكة ولا شياطين .. بل هم يختارون ما سيصبحون وهنا المشكلة!
لماذا يختار البشر أن يكونوا عنيفين .. دمويين .. وقساة في حين يمكنهم أن يكونوا طيبين؟

لأنهم بطبيعتهم شياطين يا عزيزتي
شياطين وأشرار بالفطرة الي بيبتعدوا فيها عن الخير بكل الطرق الممكنة


أتساءل عن المعنى الذي قصدتِه هنا .. اول ما خطر في بالي هو أنها تتحدث عن نفسها قبل أن تولد أصلا!

إذا بدك الصراحة حتى أنا ما بعرف شو المعنى
لأني وأنا عم بكتب فيها كانت براسي فكرة معينة بس لما خلصتها اكتشفت أنها تغيرت بالكامل وفي النهاية قررت أترك الأمر للقارئ

مذهلة!
أحب هذا الأسلوب الساخر
في النهاية -رغم سخريتهما وآرائهما الغريبة- إلا أنهما طبيعيتان جداً
أحب الوصف الإنساني الواقعي .. بعيداً عن المبالغات المنمقة!

مبسوطة أنك حبيتها

القصة الثانية
سؤال.. هل تكتبين قصص رعب؟

مش بشكل أساسي
بس بيعتبر جزء كبير من رواياتي

ذكرتني بفكرة لطالما خطرت في بالي بوصف طفولي
لو أن شخص ضرب 5 أشخاص (مثلا) إذا ضرب كلاًّ منهم ضربة .. فإن اجتمعوا عليه ورد كل واحد منه له الضربة فهو سيُضرب 5 ضربات!! :صمت:
أظنكِ فهمت المغزى من هذه المثال!

بكل تأكيد

جبرينني على التفكير!
العجيب أن هذا الغموض يزيد جمال القصة .. ما شاء الله

مرسي كتير

عناوين قصصكِ ترتبط بشكل غريب مع معنى القصص .. مُبدعة!

العنوان جزء رئيسي في الرواية أو القصة
لأنه إن كان مميز فالرواية بأكملها مميزة وإلا العكس صحيح

القصة الثالثة
أعدتُ قراءة بداية القصة عدة مرات قبل أن أصل إلى النهاية حتى اتأكد انني لم أخلط بين صاحب كل جملة .. أرجوكِ اجعلي الوصف أسهل لأمثالي :ضحكة:

ما تستغربي
حتى أنا اضطريت إني أقرأها مئة مرة علشان أتأكد إني فهمت الي كتبتها كمان


التفكير المرعب لمجموعة كبيرة من البشر!
أنا أريد .. انا استطيع!

هادا التفكير بشكل جزء كبير من فلسفت في الرواية
وإذا بدك فعلا تعرفي شو يعني بدي وبقدر فبنصحك تقرأي الأسياد

عكستِ هنا وجهة نظري تماماً!
لطالما قلتُ لنفسي أني استسلمت ويئست من هؤلاء البشر

أنا رفعت الراية البيضاء من زمان

أحقاً هناك موت هادئ وسريع؟
فعلاً.. ليس الجميع يحصلون على هذا الامتياز المسمى الموت المريح

هو ميزة مش من حق الجميع
هادا أمر أكيد

قصصكِ رائعة .. أتمنى أن اقرأ لك المزيد بإذن الله

مرسي لإلك كتير

في حفظ الرحمن


مرسي على الرد المميز يا قمر
كتير حبينه واستمتعت فيه
تحياتي