سوريا حرّة
03-09-2012, 21:02
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1776029&stc=1&d=1351517745
http://i47.************/nx2s0p.jpg
كم كنتُ أكره أسئلة الصغار !
خاصة تلك المتعلقة بـ " ليش لون السما أزرء ؟؟ " أو " وين الجنة ؟ " أمّا أكثرها إزعاجاً على الإطلاق ...
" انتِ عجوز ؟ " مـــــــاذا ؟ بحق الله هذا لا يحتمل حقاً
و بالتأكيد لا ننسى الأسئلة المتعلقة بالذات الإلاهيّة ... تلك التي تخشى الإلحاد إن خضتَ بها مع أولئك الـ ...
و شاءت تقديرات الله أن أُلزم بالجلوس مع " الذئب " الذي يرتدي زيّ فتاة بالغة الجمال تقارب الرّابعة من عمرها بشعرٍ أشقر قصير و عينين بلون الياقوت الأزرق ( تركيبة ذاتُ أصولٍ تركيّة عميقة ) , كنتُ أظنُّ أنَّ أكبر نعمة أنعم الله بها عليّ هي نعمة العقل بعد الدّين , لكنني كنتُ مخطئةً تماماً لأن أكبر نعمة كنتُ أتقلّب فيها هي نعمة ... " أللَّاأخوت صغار " .
فأنْ أُأخذَ من أعمالي بالغة الأهمية لأغدو جليسة أطفالٍ تلعب بالمعجون ببلاهة , و تقيم حفلات الشاي لسيدات " باربي " رفيعات الشأن لهو كالجنون ... إن لم يكن الجنون بعينه .
و هذا كله بالتأكيد بكفة , و كميّة الشرّ التي تحتويها بكفّة ثانية تماماً حينما تبوحُ بكلَّ شيءٍ أفعله لخطيبي بصفتها أخته القلقة على مستقبله .
" نوراس بتمسك الريموت و على إديّا ... بئايا " شبس " . "
" نوراس بتطوّل عالكمبوتا - لا لم اخطأ هي فعلياً تطلق على الحاسوب هذا الاسم - "
" نوراس مبارح حرءت المطبخ و هي بتعمل " أندومي " و بعدين ... و بعدين راحت و اشترت أكل جاهز "
" نوراس بشعة بدون مكياج "
" نوراس فضائيّة "
" نوراس بتكرهك "
ما هذا ؟ إن الـ CIA لم تصل لهذا المستوى الاستخباراتي بعد ... هذه الشيطانة الصغيرة .
أتتني مرّة بشريكاتها بالجرم " دمى باربي و عدّة تحضير الشاي " و أنا في منتصف إحدى تصميماتي المهمّة و التي عليّ إرسالها صباحاً ( كانت الساعة حوالي السابعة مساءً ) , قالت لي بطريقتها اللطيفة التي تخفي من خلفها كلَّ شر الخليقة و هي تسبل عينيها الزرقاوين و كأنني سأخدع بـ " The dog face " كما يسميه الغرب :
" إفرا بدّا تعمل حفلة " ( إفرا للعلم إحدى دمى الباربي الكريهة خاصتها )
" واو عن جد مبروك , و إيش دخلي أنا ؟ "
" أعمليا معـ ... "
" لأ ... عندي شغل مش فاضية روجيدا روحي العبي لحالك "
" بس ... "
" حكيت لأ يعني لأ ... خلصنا بأى , ممكن تكبري شوي ؟ "
أعدت عينيّ نحو اللوح و تابعتُ بعد أن قلتُ متهكمة :
" زودتيّا , متى بيرجعوا مشان أروّح ؟ إشي بوجّع الراس "
قاسية ... ربما لكنني أخبرتكم أنها كانت تجربتي الأولى .
لم تقل صغيرتي كلمة بل ألقت بالدمى أمامي بهدوء و غادرت الصالة .
و هذا لم يكن من عادتها قط , ذهبتُ كي أطمأن عليها , كانت في غرفتها نائمة , الغطاء يغطي وجهها الذي ... لم تجف دموعه بعد .
أستأتُ قليلاً لكنها يجب أن تتعلم أن ليس كلُّ ما تتمناه يمكنها الحصول عليه , تلك الصغيرة مدللةٌ أكثر من اللّازم !!
* * *
استيقظتُ في الصباح على صوت سقطةٍ بالقرب من غرفتي , قمتُ على عجل و أتجهتُ نحو الصوت بحذر و في رأسي أعاود المرور على جميع الأبواب و النوافذ و الشرفات , و أتأكد من أنني أغلقتها البارحة .
دخلتُ المطبخ الذي أحسستُ أن الصوت أتى منه ...
و هالني و أفزعني ما رأتْ عيناي .
روجي تمسك بركبتها الدامية و تسحُّ دموعها على خديها الأزهرين دون أن تُصدِرَ أيّ صوت . لكنّ فزعي من رؤيتها كان أقلّ من فزعها برؤيتي , فقد هبتْ على قدميها و أخذت تسمح ركبتها و هي تبسم ابتسامة موجَعة و كأن ذاك الجرح الكبير مجرد خدشٍ لا خوف منه .
استفقت من ذهولي و أسرعت نحوها و أنا لا أعلم ما التصرّف المناسب الذي عليّ فعله : توبيخها , أم الإسراع في تضميدها , حتى أنني لا زلت أجهل معالم ما حدث حقاً .
أخذتُ منشفةً كانت معلقة على مقبض الفرن و لففتها على الركبة التي غرقت بالدماء كيفما اتفق , لم أستطع كتم غيظي أكثر فصرختُ بها :
" ليش بتعملي فيّ هيك ؟ "
لم ترفع عيناها حتى , لم تجادل كعادتها , لم تقل لي " حُلّة - حرّة - " , فقط صمتت و سمحت للدمع بمواصلة طريقه على وجهها المختنق .
* * *
جلستُ على كرسيّ الانتظار في المشفى و لم أكن قد أتصلتُ بأي أحدٍ بعد , نظرتُ إلى نفسي و إلى الدماء التي لازالت على ملابسى التي أزعجني أنني ألتقطت أغلاها حينما أردت الخروج لفرط تشتتي , و هاهي ملطخة بهذا الشكل المقرف و من المسؤول ؟
أحسست بغيظٍ شديد من هذا الوضع و عزمت على الاتصال مع أحدهم ليأتي و يعتني بها فهذا الأمر ... تخطى مرحلة الإزعاج بمراحل .
كنتُ على وشك ضغط زر الاتصال حينما لمعت تلك الصورة في بالي ...
" لحظة واحدة ... في المطبخ كان هناك كرسيٌّ , و روجي كانت ترتدي مئزراً , و بالقرب منها ... بالقرب منها "
و انفلتت عينايّ بالدموع هذه المرّة و لم تهدأ , حتى أنها و لشدتها جذبت ممرضتين لتهدأَتي ...
" كم أنني قاسية فعلاً ! "
* * *
دخلتُ غرفتها و ما إن لمحتني حتى غطت وجهها بالغطاء الأبيض , جلستُ بالقرب منها و قلت :
" ليش كنتِ بدك ترميهون ؟ "
لم تجب لكنني شعرت بتململها
" روجي ردّي عليّ ليش كنتي بدك ترمي لعبك ؟ ليش عملتي هيك ؟ "
لم تجب مجدداً فقلتُ و قد انهارت أعصابي بالكامل :
" روجي ... ليـ ... "
" بدي أكبر ... "
رفعتْ الغطاءَ عن وجهها و قالت :
" لما أكبر رح بتحبيني صح ؟... "
رأيتها و هي تمسح وجهها الغارق بالدموع بفوضويّة يائسة :
" بدي أكبر بسرعة "
و بعدها ...
لم تعد تلك الأسئلة تضايقني أبداً بل أصبحت أستفزّها لتسألني أكثر ,
و حفلات الشاي ... آآآه لقد أقمنا البارحة واحدة كبيرة على شرف ميرني ( باربي بشعة أخرى لن يتغيّر رأيي فيهن أبداً ) .
أصبحتُ أعرض على صغيرتي تصميماتي و نظل نضحك طويلاً على بعض التخيّلات التي تقولها .أصبحنا ... لا نفترق .
و ها هو الغد قد اقترب و روجيدا سيأتي أهلها , و أنا سأغادر ...
سأغادر تاركة فتاة ... جعلتني أَكبُر .
http://i47.************/nx2s0p.jpg
كم كنتُ أكره أسئلة الصغار !
خاصة تلك المتعلقة بـ " ليش لون السما أزرء ؟؟ " أو " وين الجنة ؟ " أمّا أكثرها إزعاجاً على الإطلاق ...
" انتِ عجوز ؟ " مـــــــاذا ؟ بحق الله هذا لا يحتمل حقاً
و بالتأكيد لا ننسى الأسئلة المتعلقة بالذات الإلاهيّة ... تلك التي تخشى الإلحاد إن خضتَ بها مع أولئك الـ ...
و شاءت تقديرات الله أن أُلزم بالجلوس مع " الذئب " الذي يرتدي زيّ فتاة بالغة الجمال تقارب الرّابعة من عمرها بشعرٍ أشقر قصير و عينين بلون الياقوت الأزرق ( تركيبة ذاتُ أصولٍ تركيّة عميقة ) , كنتُ أظنُّ أنَّ أكبر نعمة أنعم الله بها عليّ هي نعمة العقل بعد الدّين , لكنني كنتُ مخطئةً تماماً لأن أكبر نعمة كنتُ أتقلّب فيها هي نعمة ... " أللَّاأخوت صغار " .
فأنْ أُأخذَ من أعمالي بالغة الأهمية لأغدو جليسة أطفالٍ تلعب بالمعجون ببلاهة , و تقيم حفلات الشاي لسيدات " باربي " رفيعات الشأن لهو كالجنون ... إن لم يكن الجنون بعينه .
و هذا كله بالتأكيد بكفة , و كميّة الشرّ التي تحتويها بكفّة ثانية تماماً حينما تبوحُ بكلَّ شيءٍ أفعله لخطيبي بصفتها أخته القلقة على مستقبله .
" نوراس بتمسك الريموت و على إديّا ... بئايا " شبس " . "
" نوراس بتطوّل عالكمبوتا - لا لم اخطأ هي فعلياً تطلق على الحاسوب هذا الاسم - "
" نوراس مبارح حرءت المطبخ و هي بتعمل " أندومي " و بعدين ... و بعدين راحت و اشترت أكل جاهز "
" نوراس بشعة بدون مكياج "
" نوراس فضائيّة "
" نوراس بتكرهك "
ما هذا ؟ إن الـ CIA لم تصل لهذا المستوى الاستخباراتي بعد ... هذه الشيطانة الصغيرة .
أتتني مرّة بشريكاتها بالجرم " دمى باربي و عدّة تحضير الشاي " و أنا في منتصف إحدى تصميماتي المهمّة و التي عليّ إرسالها صباحاً ( كانت الساعة حوالي السابعة مساءً ) , قالت لي بطريقتها اللطيفة التي تخفي من خلفها كلَّ شر الخليقة و هي تسبل عينيها الزرقاوين و كأنني سأخدع بـ " The dog face " كما يسميه الغرب :
" إفرا بدّا تعمل حفلة " ( إفرا للعلم إحدى دمى الباربي الكريهة خاصتها )
" واو عن جد مبروك , و إيش دخلي أنا ؟ "
" أعمليا معـ ... "
" لأ ... عندي شغل مش فاضية روجيدا روحي العبي لحالك "
" بس ... "
" حكيت لأ يعني لأ ... خلصنا بأى , ممكن تكبري شوي ؟ "
أعدت عينيّ نحو اللوح و تابعتُ بعد أن قلتُ متهكمة :
" زودتيّا , متى بيرجعوا مشان أروّح ؟ إشي بوجّع الراس "
قاسية ... ربما لكنني أخبرتكم أنها كانت تجربتي الأولى .
لم تقل صغيرتي كلمة بل ألقت بالدمى أمامي بهدوء و غادرت الصالة .
و هذا لم يكن من عادتها قط , ذهبتُ كي أطمأن عليها , كانت في غرفتها نائمة , الغطاء يغطي وجهها الذي ... لم تجف دموعه بعد .
أستأتُ قليلاً لكنها يجب أن تتعلم أن ليس كلُّ ما تتمناه يمكنها الحصول عليه , تلك الصغيرة مدللةٌ أكثر من اللّازم !!
* * *
استيقظتُ في الصباح على صوت سقطةٍ بالقرب من غرفتي , قمتُ على عجل و أتجهتُ نحو الصوت بحذر و في رأسي أعاود المرور على جميع الأبواب و النوافذ و الشرفات , و أتأكد من أنني أغلقتها البارحة .
دخلتُ المطبخ الذي أحسستُ أن الصوت أتى منه ...
و هالني و أفزعني ما رأتْ عيناي .
روجي تمسك بركبتها الدامية و تسحُّ دموعها على خديها الأزهرين دون أن تُصدِرَ أيّ صوت . لكنّ فزعي من رؤيتها كان أقلّ من فزعها برؤيتي , فقد هبتْ على قدميها و أخذت تسمح ركبتها و هي تبسم ابتسامة موجَعة و كأن ذاك الجرح الكبير مجرد خدشٍ لا خوف منه .
استفقت من ذهولي و أسرعت نحوها و أنا لا أعلم ما التصرّف المناسب الذي عليّ فعله : توبيخها , أم الإسراع في تضميدها , حتى أنني لا زلت أجهل معالم ما حدث حقاً .
أخذتُ منشفةً كانت معلقة على مقبض الفرن و لففتها على الركبة التي غرقت بالدماء كيفما اتفق , لم أستطع كتم غيظي أكثر فصرختُ بها :
" ليش بتعملي فيّ هيك ؟ "
لم ترفع عيناها حتى , لم تجادل كعادتها , لم تقل لي " حُلّة - حرّة - " , فقط صمتت و سمحت للدمع بمواصلة طريقه على وجهها المختنق .
* * *
جلستُ على كرسيّ الانتظار في المشفى و لم أكن قد أتصلتُ بأي أحدٍ بعد , نظرتُ إلى نفسي و إلى الدماء التي لازالت على ملابسى التي أزعجني أنني ألتقطت أغلاها حينما أردت الخروج لفرط تشتتي , و هاهي ملطخة بهذا الشكل المقرف و من المسؤول ؟
أحسست بغيظٍ شديد من هذا الوضع و عزمت على الاتصال مع أحدهم ليأتي و يعتني بها فهذا الأمر ... تخطى مرحلة الإزعاج بمراحل .
كنتُ على وشك ضغط زر الاتصال حينما لمعت تلك الصورة في بالي ...
" لحظة واحدة ... في المطبخ كان هناك كرسيٌّ , و روجي كانت ترتدي مئزراً , و بالقرب منها ... بالقرب منها "
و انفلتت عينايّ بالدموع هذه المرّة و لم تهدأ , حتى أنها و لشدتها جذبت ممرضتين لتهدأَتي ...
" كم أنني قاسية فعلاً ! "
* * *
دخلتُ غرفتها و ما إن لمحتني حتى غطت وجهها بالغطاء الأبيض , جلستُ بالقرب منها و قلت :
" ليش كنتِ بدك ترميهون ؟ "
لم تجب لكنني شعرت بتململها
" روجي ردّي عليّ ليش كنتي بدك ترمي لعبك ؟ ليش عملتي هيك ؟ "
لم تجب مجدداً فقلتُ و قد انهارت أعصابي بالكامل :
" روجي ... ليـ ... "
" بدي أكبر ... "
رفعتْ الغطاءَ عن وجهها و قالت :
" لما أكبر رح بتحبيني صح ؟... "
رأيتها و هي تمسح وجهها الغارق بالدموع بفوضويّة يائسة :
" بدي أكبر بسرعة "
و بعدها ...
لم تعد تلك الأسئلة تضايقني أبداً بل أصبحت أستفزّها لتسألني أكثر ,
و حفلات الشاي ... آآآه لقد أقمنا البارحة واحدة كبيرة على شرف ميرني ( باربي بشعة أخرى لن يتغيّر رأيي فيهن أبداً ) .
أصبحتُ أعرض على صغيرتي تصميماتي و نظل نضحك طويلاً على بعض التخيّلات التي تقولها .أصبحنا ... لا نفترق .
و ها هو الغد قد اقترب و روجيدا سيأتي أهلها , و أنا سأغادر ...
سأغادر تاركة فتاة ... جعلتني أَكبُر .